مهنة التوثيق العصري
د. حفيظ بوفوس
دكتور في القانون الخاص
مقدمة
يشهد المجتمع المغربي تطورا كبيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والقانوني مما جعل العلاقات التي تربط بين الأفراد تتعدد وتتنوع ومن أجل حفظ هده الحقوق والعلاقات وتوثيقها حتى تكون مطابقة للقانون وكدا الحفاظ على استقرار المعاملات كان لا بد من وجود مؤسسة لها دراية بهذا الشأن تسهر على ضبط الأمن التعاقدي بين الأفراد وهي مؤسسة التوثيق هده الأخيرة التي تعرف ازدواجية من حيت التنظيم حيت هناك توثيق يمارسه العدول في إطار ما يسمى بخطة العدالة، وأخر يسمى توثيق عصري يمارسه الموثقون العصريون[1].في إطار مهنة حرة ووفقا للشروط وحسب الاختصاصات المقررة لهم في القانون.
وترجع جذور التوثيق في المغرب إلى الشريعة الإسلامية حيث اهتمت هده الأخيرة بالكتابة والتوثيق مند زمن بعيد غايتها في دلك المحافظة على حقوق وأموال الأفراد إلا أن التوثيق بمعناه الحالي والمعروف بالتوثيق العصري لم يعرف بالمغرب الا مع الحماية الفرنسية التي كانت تتولى شؤون المغرب حيث كان التوثيق الفرنسي هو المرجعية الأساسية له إذ أن ظهير 1925 المنظم للتوثيق العصري كان قد تم أخذه عنه القانون الأساسي الفرنسي الذي يطلق عليه قانون 25 “فانتوز” السنة الحادية عشرة الصادر بتاريخ 16 ماي 1803 [2] لدا فالتوثيق العصري في المغرب مرتبط بنظام الحماية الفرنسية من خلال الظهير السابق الذي جاء كرد فعل عن امتناع ورفض العدول المغاربة توثيق المعاملات التي يقوم بها الفرنسيين لاسيما فيما يخص العقارات , وجاء كذلك نتيجة أهداف وخلفيات تروم تسهيل مأمورية الاستيلاء والسيطرة على ثروات الدولة وتيسير عملية استقطاب المعمرين ونهب عقارات الفلاحين المغاربة بأثمنة بخسة وكذلك من أجل إطفاء نوع من الصفة الشرعية على الأعمال التي تقوم بها وتبعدها عن كل الشبهات[3].
غير أن النقص الذي كان يعتري هذا الظهير وكدا عدم مواكبته للمستجدات إذ أن مقتضياته لا تتلاءم الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب إضافة إلى ما كان يشوب أحكامه من قصور وجمود وعدم خضوعها للتعديل كما يوصف بالقانون الاستعماري فيما يخص روحه ومنشئه المخالف للنظام العام المغربي كل هدا أدى إلى صدور قانون جديد تحت رقم 32.09 ظهير شريف رقم 1.11.179 في 22 نونبر 2011 الذي ينظم مهنة التوثيق، ويضبط المعاملات التوثيقية بعد طول انتظار بهدف مواكبة المستجدات التشريعية والاقتصادية والسياسية التي عرفها المغرب بعد الاستقلال وفي إطار كذلك المقاربة الشمولية لإصلاح منظومة العدالة وكذلك بهدف عصرنة المهنة وإدماجها ضمن المسار التنموي.
وتكمن أهمية التوثيق فيما لهدا الأخير من دور فاعل من جميع نواحي الحياة إذ أنه من الناحية الاجتماعية يساعد على تعزيز الاستقرار والثقة بين الأفراد ويرفع عنهم كل نزاع أو خلاف بشأن الالتزامات التي تبرم بينهم وكذا إثباتها إذ أن الكثير من الخصومات المطروحة أمام المحاكم يكون سببها في الغالب عدم توثيقها , كما أنه يقوم باكتشاف العقود والوثائق الفاسدة ما دام أن الموثق مؤهل وذو تكوين قانوني مهم حيث بمجرد إدلاء الأطراف بوثائقهم أمامه يكون ملزما بتقديم لهم النصح والإرشاد القانوني كما يقوم بإبرام التصرف وفق الشكل القانوني المطلوب حتى ينتج أثاره[4].
هذا إلى جانب أهمية اقتصادية حيث تشكل مؤسسة التوثيق ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني وتساهم في تطويره ومن تجليات هذه الأهمية الحفاظ على الأموال والحقوق من الضياع ما دام أنها مقيدة بعقد رسمي لا يستطيع أي من الأطراف تغييره كما يسهل عمل الموثق كذلك التداول القانوني للأموال وبالتالي تحريك دواليب الاقتصاد وكلما شاب هده المؤسسة عيب أو غير ذلك فإنه يزعزع الثقة بين الأفراد فيما يخص التداول والاقتراض كما يشجع الموثق من خلال عمله كذلك الاستثمار لأن هدا الأخير يحتاج إلى توثيق متطور ومواكب للمستجدات الاقتصادية المعاصرة[5].
وتأسيسا على ما تقدم تثار مجموعة من التساؤلات المحورية هي :
ما هي ضوابط الانخراط في مهنة التوثيق؟
ما هي شكلية تلقي العقود من طرف الموثق؟
ما هي التزامات الموثق والمسؤولية المترتبة على عاتقه عند الإخلال بهذه الالتزامات؟
ولمعالجة هذه التساؤلات سنعتمد منهجا تحليليا مقارنا وذلك وفق التصميم الآتي
الفصل الأول: ولوج مهنة التوثيق العصري
الفصل الثاني: التزامات الموثق ومسؤوليته
الفصل الأول:ولوج مهنة التوثيق العصري
تعتبر مهنة التوثيق من أهم المهن القانونية على الإطلاق في الوقت الحاضر, وذلك لما أصبحت تلعبه هذه الأخيرة من دور كبير في تشجيع الاستثمار بشكل عام وفي استقرار المعاملات بشكل خاص، سواء المدنية أو التجارية منها، وذلك بالنظر إلى الرسمية التي يضفيها الموثق على المحررات الصادرة عنه، والتي تجعل وظيفته أقرب ما تكون وظيفة عمومية، وذات علاقة وطيدة بالنظام العام، مما يستدعي من المشرع، ووعيا منه بهذه الأهمية، تقنين هذه المهنة وتنظيم كيفية الولوج إليها عن طريق تحديد مجموعة من الشروط المتطلبة في المترشح والإجراءات الواجب استيفاءها قبل تعيينه وحقوق واختصاصات هؤلاء. ثم إضفاء الصفة الرسمية على المحررات الصادرة عن هؤلاء، وإعطاءها قوة ثبوتية مقارنة بالمحررات العرفية.
وبناء عليه سنخصص المبحث الأول من هذا الفصل لمناقشة الشروط والإجراءات الواجبة لولوج مهنة التوثيق، على أساس أن نخصص المبحث الثاني لمناقشة المحرر الرسمي وحجيته.
المبحث الأول: تعيين الموثق وحقوقه واختصاصاته
لقد سبقت الإشارة إلى أن مهنة التوثيق ذات أهمية بالغة في الوقت الحالي، وذلك لما تلعبه من دور هام في استقرار المعاملات، وبالتالي تعلقها أيضا بحقوق المواطنين، كل هذه الأسباب جعلت المشرع يقرر مجموعة من الشروط الواجب استيفاءها من طرف المترشح لمهنة التوثيق العصري، والتي يجب توفرها فيه تحت طائلة عدم قبوله، ومن هذه الشروط ما هو متعلق بالكفاءة العلمية للمترشح، ومنها ما هو متعلق بشخصه، ثم ما هو متعلق بالجانب الأخلاقي، كما اقر أيضا مجموعة من الإجراءات الواجب استيفاءها قبل تعيين الموثق. هذا فضلا عن تحديد اختصاصاته وحقوقه.
المطلب الأول: شروط وإجراءات ولوج مهنة التوثيق العصري
وعيا من المشرع بأهمية التوثيق في تشجيع الاستثمار واستقرار المعاملات بشكل عام، قرر لمزاولة هذه المهنة مجموعة من الشروط الواجب توفرها في المترشح والتي تهم الجانب الشخصي للمترشح والجانب العلمي والجانب الأخلاقي. هذا فضلا عن استيفاء مجموعة من الإجراءات قبل تعيينه بشكل نهائي.
الفقرة الأولى: شروط ولوج مهنة التوثيق العصري
لقد تناولت هذه الشروط المادة 3 من القانون 32.09 وحددتها في عشرة شروط، تتنوع بين ما هو مرتبط بشخص الموثق من حيت جنسيته وسنه وقدراته البدنية، وبين ما هو مرتبط بكفاءته العلمية حيت اشترط المشرع الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق بالمغرب، واجتياز مباراة لاختبار الكفاءة العلمية للمترشح، ومنها هو مرتبط بالجانب الأخلاقي للمترشح.
أولا: الشروط المتعلقة بشخص المترشح
تتمثل هذه الشروط في تحديد جنسية المترشح، والحد الأدنى والأقصى من حيث السن الواجب توفره في المترشح، ثم من حيث القدرات البدنية للمترشح.
1_ سن المترشح
تنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون 09.32، على أنه يجب أن يكون المترشح:
3″_ بالغا من العمر ثلاثة وعشرين سنة ميلادية كاملة، على أن لا يتجاوز خمسة وأربعين سنة، باستثناء الفئات المذكورة في المادة الثامنة بعده.”
وبناء عليه، يلاحظ أن المشرع قد حدد الحد الأدنى للسن في 23 سنة ميلادية كاملة، وحدد الحد الأقصى في 45 سنة، بالنسبة للأشخاص العاديين، أما إذا تعلق الأمر بالأشخاص الواردين في المادة 8[6] فإنه يشترط في كل المترشحين الوارد ذكرهم في هذه المادة أن لا يتجاوز سنهم 55 سنة وقت الترشح.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد خفض في الحد الأدنى للسن بالنسبة للطائفة العادية، مقارنة بالقانون الملغى الذي كان يحدد الأدنى للسن بالنسبة للمترشح في 25 سنة كاملة، وهو ما كان منتقدا لدى بعض الفقه، نظرا لكون سن المتخرجين في صف الإجازة تتراوح أعمارهم في الغالب بين 21 سنة و22 سنة، وبالتالي ليس معقولا إلزامهم بالخضوع للبطالة لسنوات قبل الانخراط في التوثيق.[7]
2_ جنسية الموثق
ينص المشرع في المادة 3 على أنه يجب على المترشح أن يكون: ” مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية المشار إليها في قانون الجنسية المغربية.”
وعليه، يجب أن يكون المترشح مغربيا، حاملا للجنسية المغربية، مع مراعاة ما تقتضيه الأهلية في قانون الجنسية المغربي، ذلك أنه إذا كانت الجنسية الأصلية تخول لصاحبها مطلق الحقوق المدنية والوطنية باستثناء تلك التي وقع التجريد منها أو الحرمان منها، لمدة معينة عند اقتراف فعل جرمي، فإن اكتساب الجنسية كما هو معلوم قد يكون مقيدا أحيانا بعدم ممارسة بعض المهام أو الحقوق لمدة معينة، وبالتالي كان لا بد من هذا التذكير من طرف المشرع.[8]
3_ القدرة البدنية اللازمة لممارسة المهنة
يشترط في المترشح أيضا بناء على الفقرة الخامسة من المادة 10 أن يكون متمتعا بالقدرة اللازمة لممارسة المهنة مثبتة بشهادة طبية صادرة عن مصالح الصحة التابعة للقطاع العام،
ويقصد بالقدرة البدنية قدرة المترشح الجسمانية من سمع وبصر وحركة على أداء وظيفته كموثق، دون تعطيل أو عرقلة لمصالح المواطنين.
4_ التمتع بالحقوق الوطنية والسلوك الحسن
يقصد بالحقوق الوطنية، حق تولي الوظائف العمومية والحق في أداء الخدمات العمومية وحق
الترشح وحق أداء الشهادة وحق الانخراط في الجيش وحمل السلاح دفاعا عن الوطن.
ومعلوم أن كل مغربي بلغ سن الرشد يكون متمتعا بحقوقه بقوة القانون إلى أن يصدر عليه حكم يقضي بتجريده من هذه الحقوق كلا أو بعضا.
أما الحقوق المدنية، فهي الحقوق التي يلزم تبوثها للمواطنين كي يمارسوا نشاطهم العادي في الجماعة ومن هذا القبيل حق الشخص في الحياة وحقه في حرية العقيدة وحقه في العمل إلى غير ذلك. وهذه الحقوق تختلف جذريا عن الحقوق السياسية في كونها ثابتة لجميع الأشخاص دون تمييز بسبب جنسهم.
وتجدر الإشارة إلى أن شرط المروءة والسلوك الحسن الوارد في الفقرة الرابعة من المادة 3 كشرط أخلاقي يجب توفره في المترشح، ينضوي تحته مختلف الشروط الأخرى المتعلقة بأخلاق المترشح وهي من الفقرة السادسة إلى المادة التاسعة، التي تتعلق بارتكاب الجنح والجنايات ومختلف الأخطاء المهنية والعقوبات التأديبية.
ومما جاء في الفقرة السادسة من المادة 3 من القانون 32.09 ، أن يكون الشخص غير محكوم عليه من أجل جنحة أو جناية، باستثناء الجنح غير العمدية إلا إذا رد إليه اعتباره، ويلاحظ أن المشرع قد ميز بين الجرائم العمدية التي جعلها حائلة بين المرشح وبين مهنة التوثيق، إلا إذا رد اعتباره، وبين الجرائم غير العمدية التي لا تأثير لها و لا تمنع مرتكبها من ولوج المهنة.
كما اشترطت الفقرة السابعة على أنه يجب أن يكون المرشح غير صادرة في حقه في إطار الوظيفة العمومية أو المهن الحرة، عقوبة نهائية تأديبية أو إدارية بالإقالة أو التشطيب أو العزل أو سحب الإذن أو الرخصة، وهو الشرط الذي لاحظ بعض الفقه أنه يحتاج إلى مرونة أكبر ليسمح بإعادة مرتكبي المخالفات التأديبية الماسة بشرف المهنة في المجتمع، إذ لا يستقيم تمكين صاحب السوابق الجنائية والجنحية من رد اعتباره ومنع ذلك عن مرتكب مجرد مخالفة تأديبية[9].
ثانيا: الشروط المتعلقة بالكفاءة العلمية للمترشح
تتمثل هذه الشروط أولا في الحصول على شهادة الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق بالمغرب، واجتياز مباراة الانخراط في المهنة قصد اختبار المترشحين.
1_ التوفر على الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق بالمغرب
بموجب الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون 32.09 يجب أن يكون المترشح حاصلا على الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق بالمغرب، أو ما يعادلها. وبالتالي فكل شخص يحمل يتوفر على شهادة الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها يكون مستوفيا لهذا الشرط ويحق له أن يترشح لمهنة التوثيق العصري.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن بعض الفقه إعتبر أن صيغة المادة الثالثة من القانون المذكور فيه إجحاف بحق عدة أطراف وإقصاء لهم بغير سبب رغم أن تكوينهم العلمي أقرب استجابة لحاجيات التوثيق وأنسب ومنهم:
_ خريجو مسالك القانون بكليات متعددة التخصصات المغربية.
_ خريجو كليتي الشريعة التابعتين لجامعة القرويين، وعليه، يستحب تعديل الفقرة الثالثة أعلاه على الشكل التالي: ” أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في القانون الخاص من إحدى كليات الحقوق المغربية، أو الإجازة في الشريعة من إحدى الكليات التابعة لجامعة القرويين أو ما يعادلها.” فذلك سيكون أشمل.
2_ اجتياز مباراة الانخراط في مهنة التوثيق
يجب على المترشح بعد استيفاء جميع الشروط المنصوص عليها في المادة الثالثة السالفة الذكر، التقدم لاجتياز مباراة الانخراط في المهنة وذلك قصد اختبار كفاءته العلمية والأخلاقية، وذلك بموجب المادة العاشرة.
ويحدد نص تنظيمي نظام المباراة التي يجب على الجميع اجتيازها باستثناء الأشخاص الواردون في المادة 8 والذين تم إعفاءهم بمقتضى القانون من اجتياز المباراة.
الفقرة الثانية: اجتياز التمرين
تنص المادة 6 من القانون 32.09 : يقضي الناجح في المباراة المنصوص عليها في المادة 3 أعلاه فترة تمرين مدتها أربع سنوات.هذا ويعد هذا التمرين الذي يخضع له المترشح لمهنة التوثيق العصري، ذا أهمية بالغة في تأطيره وتأهيله لمزاولة مهامه، وقد تولت المادة 6 تحديد مدته ومكان إجراءه.
أولا: أهمية التمرين
يكسب التمرين وأشغال التدريب في المهن الحرة المترشحين لمزاولتها مهارات عالية، واطلاعا واسعا على تقنيات العمل وكيفيات التصرف في الوقت المناسب وبالشكل اللائق، مما يؤهل الموثق للاضطلاع بمهامه كناصح للأطراف ومستشار أمين ومحرر الوثائق الدالة على العقود أيضا، فالتمرين بهذا الاعتبار ليس إلا توظيفا لترسانة المعلومات النظرية التي تلقاها المرء في دراسته أو من خلال الاتصال والتعامل مع الكتب وأجهزة التلقين المختلفة.
والتمرين الذي يجتازه المقبل على مهنة التوثيق العصري يتحدد في الاتصال ببعض الإدارات التي يتوقف عمله على موافاتها وخاصة من ذلك المحافظة العقارية وإدارة الضرائب والمحاكم بكل أصنافها وغير ذلك من المرافق الضرورية لعمل الموثق. وبالتمرين يتمكن المترشح من الاطلاع على مجمل الوثائق ونسخها ومعلوماتها وتفاصيلها وكيفيات ملئها واستخراجها وفق تعليمات الموثق صاحب المكتب الذي يشرف على التمرين ويؤطره. كما يمكن هذا الأخير المتمرن من استقبال الزبناء وطلب المعلومات منهم والتأكد من هويتهم وصياغة العقود وقراءتها على المتعاقدين وحضور كل المراحل فالمرشح المتمرن يجوز له في إطار التمرين مساعدة الممرن خلال جميع مراحل التي تجتازها الوثيقة منذ بدء المفاوضات بشأنها إلى حين الإشهاد عليها والتوقيع على صحتها وانبثاق رسميتها، وهو الإجراء الذي يختص به الموثق صاحب المكتب وحده دون غيره.[10]
ثانيا: مدة التمرين وحالات الإعفاء منه
تتحدد مدة التمرين حسب المادة 5 في أربع سنوات، يتم قضاء السنة الأولى بمعهد التكوين المهني للتوثيق، وثلاث سنوات بمكتب موثق، ويخضع المتمرن قصد تعيينه لاختبارات وامتحان مهني في آخر المرحلة يجتازه المترشح، وكل شخص رسب في الامتحان المهني لا يمكن تمديد فترة التمرين لصالحه لأكثر من أربع مرات تستغرق كل واحدة منها سنة واحدة.
هذا ويعفى الأشخاص الواردون في المادة 8 من كامل المدة، إذ يقضون فترة تمرين تطبيقي بأحد مكاتب التوثيق لمدة سنة كاملة وذلك بعد اجتيازهم اختبارا.
أما فيما يخص الموثقون الذين انقطعوا عن ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز 10 سنوات بسبب لا علاقة له بما يمس شرف المهنة كالمرض أو أداء خدمة عمومية، فإنه يعفى من المباراة والتمرين والاختبارات على أساس أن لا يتجاوز مدة الانقطاع المحددة في 10 سنوات ، وإلا يلزم بقضاء فترة تدريب لمدة سنة بأحد مكاتب التوثيق، قبل العودة إلى ممارسة المهنة من جديد.
الفقرة الثالثة: إجراءات التعيين وحالات التنافي
يكتسب المترشح المتمرن صفة موثق التي تؤهله لفتح مكتب للتوثيق فور النجاح في الامتحان المهني، غير أنه لا يستطيع مباشرة مهامه إلا بعد أداء اليمين القانونية وتعيينه من طرف رئيس الحكومة، هذا فضلا عن احترام حالات التنافي المنصوص عليها قانونا.
أولا: أداء اليمين القانونية
تنص المادة 13 من القانون 32.09 :” يؤدي الموثق بعد تعيينه وقبل الشروع في مهامه، اليمين التالية:
أقسم بالله العظيم أن أؤدي بأمانة وإخلاص المهام المنوطة بي وأن أحافظ على السر المهني واحترام كل الواجبات التي تتطلبها المهنة.”
ويؤدي الموثق اليمين أمام محكمة الاستئناف في جلسة خاصة يرأسها الرئيس الأول بحضور الوكيل العام للملك وكذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المرشح. وبعد أداء اليمين يضع الموثق توقيعه الكامل بكتابة الضبط لدى محكمة الاستئناف التي يعين بدائرة نفوذها، وهي شكلية أساسية[11] لأنها وسيلة للتأكد يرجع إليها عند الحاجة اعتبارا لجسامة المهام الموكولة للموثق الذي يعطي طابع الرسمية للعقود والمعاملات، كما أنها وسيلة يستعين بها الرئيس الأول الذي يصادق على الإمضاء عند الحاجة طبقا للمادة [12]56 بعده.
ثانيا: حالات التنافي
بعد استكمال جميع الشروط وأداء اليمين القانونية ووضع التوقيع لدي كتابة ضبط محكمة الاستئناف المعين بدائرة نفوذها الموثق، يجب عليه مراعاة حالات التنافي المنصوص عليها بموجب المادة 4 و5 من القانون 32.09 .
فضمانا للاستقلال والتجرد والنزاهة الواجبة على الموثقين، يمنع عليه إلى جانب مهنته كموثق مزاولة المهن المنصوص عليها في المواد المذكورة وهي جميع المهن ذات الصلة بالقضاء والإدارة، التعاطي لأي نوع من أنواع التجارة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر باستثناء التوقيع على الأوراق التجارية لأغراض مدنية، وكذلك كل عمل يؤدى عنه أجر باستثناء النشاطات العلمية والأدبية والثقافية والفنية، وذلك تحت طائلة تعرضه لعقوبات تأديبية في حالة ثبوت وقوعه في حالة التنافي.
المطلب الثاني: اختصاصات وحقوق الموثق
تتمثل وظيفة الموثق بشكل أساسي في تلقي الاشهادات وإضفاء الرسمية على عقود الأطراف وتعاملاتهم في نطاق اختصاص إقليمي ونوعي محدد يحكمه القانون، وذلك مقابل مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها هذا الأخير والتي يعتبر من بين أبرزها حقه في الأجرة.
الفقرة الأولى: اختصاصات الموثق
من المعلوم أن الموثق في إطار ممارسة مهنته يكون مقيدا باختصاص إقليمي محدد واختصاص نوعي محدد أيضا.
أولا: الاختصاص الإقليمي للموثق
يمارس الموثق مهامه بموجب المادة 12 بمجموع التراب الوطني شريطة أن يكون ذلك تلقي العقود
وتوقيع الأطراف داخل مكتبه، وألا يقوم بذلك خارج المكتب إلا استثناء وبعد إذن رئيس المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المعين بدائرتها.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص المكاني للموثق لم يعد محصورا في دائرة نفوذ المحكمة المعين بدائرتها، بل أصبح من حقه ممارسة مهامه بمجموع التراب الوطني وذلك مع مراعاة الشروط الواردة في المادة 10.
هذا ولا شك أن حصر الاختصاص المكاني للموثق في دائرة نفوذ المحكمة المعين فيها، هدفه ضمان انتشار عادل ودفع المترشحين الجدد إلى اختيار مناطق لا تعرف أي موثق أو تشكو خصاصا ملحوظا. إلا أن الرد على هذا الطرح كان قويا ولم يقبل هذا المقترح بعلة أن التوثيق هو مجال تلعب فيه الثقة دورا أساسيا، فاختيار من يشهد أو يحرر المعاملة أمر له اعتباره والزبناء لا يحكمهم الارتياح إلا لمن يعرفونهم ويثقون فيهم،[13] ولذلك تم الإبقاء على حرية ممارسة المهنة بجميع تراب المملكة تحت القيود الواردة في المادة 12.
ثانيا: الاختصاص النوعي
يقصد بالاختصاص النوعي أن يكون الموثق مختصا بنوع الورقة التي يحررها وألا يوجد مانع قانوني يحول دون مباشرته لتلقيها بحيث إذا نزع منه الاختصاص وقت تحرير الورقة وهو عالم بذلك كانت ورقته باطلة كمحرر رسمي إلا أن يكون الأطراف حسني النية.[14]
وفي هذا الصدد تنص المادة 35 من القانون 32.09 على أنه: ” يتلقى الموثق _ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك_ العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء الطابع الرسمي عليها ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وبتسليم نظائر ونسخ منها.”
الفقرة الثانية: حقوق الموثق
يتمتع الموثق أثناء مزاولة مهامه بمجموعة من الحقوق المستوجبة له، والتي تتلخص في الحق في الأجرة كحق أساسي، الحق في التوقف عن العمل أو التغيب أو الانتقال، ثم حق المشاركة بين الموثقين.
أولا: الحق في الأجرة
يؤطر هذا الحق المادة 15 و16 من القانون 32.09 وهكذا بعد أن كان الموثق في إطار القانون السابق موظفا عموميا يتلقى راتبا سنويا يتحدد في 600 درهم ، إلا أنه في إطار القانون 32.09 لم يعد موظفا عموميا وبالتالي يقتصر حقه في الأتعاب دون الراتب السنوي، وذلك بصريح المادة 15، التي نصت على أنه للموثق الحق في الأتعاب يحدد مبلغها وطريقة حسابها بنص تنظيمي، كما أضافت المادة 16 المتابعة التأديبية بحق كل موثق يتقاضى أكثر من اتعابه وما أداه لفائدة الزبون، الأمر الذي حدا ببعض الفقه يرى أنه كان حريا بالمشرع أن ينص أيضا على المساءلة الجنحية فضلا عن المتابعة التأديبية خصوصا إذا وصل الأمر غلى حد النصب على الزبون تماشيا مع قواعد المسؤولية الجنائية وحماية لحقوق الزبناء وشرف المهنة والمهنيين.[15]
ثانيا: الحق في التوقف عن العمل أو التغيب أو الانتقال
يحق للموثق العصري أن يتوقف عن العمل أو أن يتغيب عنه إذا اقتضت ظروفه ذلك، كما يحق له المشاركة أيضا مع الموثقين الآخرين.
1_ حق الموثق العصري في التوقف عن العمل
بموجب المادة 18 من القانون 32.09 يحق للموثق إذا انتابه عارض أو مرض حال دون ممارسته مهنته، أن يلتمس من الرئيس الأول في حالة لمحكمة الاستئناف المعين بدائرة نفوذها، اعتباره في حالة انقطاع مؤقت عن ممارسة المهنة، ويعين الرئيس الأول في حالة الموافقة موثقا آخر للنيابة عنه، وذلك بعد أخد رأي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التابع لها ورأي المجلس الجهوي للموثقين.
ويلاحظ أن المشرع استعمل عبارة فضفاضة فيما يخص سبب التوقف عن العمل، تتمثل في “إذا انتابه عارض” التي يمكن أن تشمل كل ما يمكن أن يحول دون ممارسة مهام الموثق بغض النظر عن أو لويتها أو جسامتها، كما أو قف ذلك أيضا على إذن رئيس محكمة الاستئناف التابع لها، ورأي الوكيل العام للملك في تعيين بديل عنه.
2_ حق الموثق العصري في التغيب
نصت المادة 17 من القانون 32.09 على أنه يمكن للموثق التغيب عن مكتبه لمدة لا تتجاوز 15 يوما شريطة إشعار المجلس الجهوي للموثقين بذلك، وإذا كان الموثق مضطرا للتغيب[16] أكثر من 15 يوما عين الرئيس الـأول لمحكمة الاستئناف بناء على ملتمسه موثقا آخر للنيابة عنه بصفة مؤقتة.
3_ حق الموثق العصري في الانتقال
نصت المادة 21 على أنه يحق للموثق العصري طلب الانتقال وتغيير مقر عمله ، وذلك بقرار للوزير الأول بناء على اقتراح من وزير العدل بعد إبداء اللجنة المنصوص عليها في المادة 11 رأيها في الموضوع، وقد أحالت نفس المادة على صدور مقرر تنظيمي في تحديد شروط الانتقال هذا وقد كان الفصل 18 من ظهير 1925 يرهن إمكانية الانتقال بتقديم طلب وانتظار رأي اللجنة المنصوص عليها في الفصل 15 من نفس الظهير.
ثالثا: حق المشاركة بين الموثقين
تعتبر المشاركة بين الموثقين من المضامين الجديدة التي جاء بها القانون 32.09 في إطار إعادة هيكلة المهنة وتنظيمها، إذ بناء على المادة 59 يحق لموثقين أو أكثر إبرام عقد أو أكثر إبرام عقد مشاركة في الوسائل اللازمة لممارسة المهنة وإدارة تسيير المكتب إذا كانوا معنيين في نفس الدائرة الترابية لمحكمة الاستئناف المعين بدائرتها، وتتم هذه المشاركة بناء على نفس المادة بعقد نموذجي يضعه المجلس الوطني يتضمن شرط الاستقلال المهني والتقيد بالسر المهني.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الشكلية المطلوبة هنا هي شكلية انعقاد وإثبات وذلك بدليل أن الفصل
61 ينص على أنه إذا لم يبث وزير العدل في الطلب داخل أجل 3 أشهر من توصله به يصبح العقد نافذ المفعول.
هذا ويجب تسليم نظائر عقد المشاركة لكل من وزارة العدل والمجلس الجهوي والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف المعين بدائرتها الموثق، والوكيل العام للملك لديها. وإذا كان هذا الحق مسلما به إلا أنه يحق لوزير العدل تعديل هذا الاتفاق إذا اعتبره منافيا لقواعد المهنة، وينتهي عقد المشاركة حسب المادة 63 إما بإنها المدة المحددة لها في العقد أو بوفاة الشركاء أو التشطيب عليهم ولم يبق إلا شريك واحد وإما باتفاق الشركاء أو بواسطة مقرر قضائي.
المبحث الثاني :المحررات الصادرة عن الموثق و حجيتها
تتلخص المهام الأساسية للموثق العصري، في إضفاء الرسمية على المحررات و هو ما يكسبها الحجية ،و عليه فإننا سنتناول في هذا المبحث المحررات الرسمية في المطلب الاول و حجية المحررات الرسمية في المطلب الثاني.
المطلب الأول: المحررات الرسمية
يختص الموثق العصري بصفة اساسية بإضفاء الرسمية على العقود الناشئة بين الاطراف ،وذلك ضمانا للشرعية لاتفاقاتهم و ضبطا قانونيا لتعاملاتهم، و للحديث عن المحررات الرسمية ،فان تقسيم هذا المطلب الى فقرتين نخصص الاولى لمفهوم الورقة الرسمية و الفقرة الثانية للبيانات الورقة الرسمية .
الفقرة الأولى: تعريف الورقة الرسمية
عرف المشرع المغربي الورقة الرسمية بما يلي “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، و ذلك وفق الشكل الذي يحدده القانون .
و يكون المحرر رسمي كذلك:
1-الاوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم .
2- الاحكام الصادرة من المحاكم المغربية و الاجنبية ،بمعنى ان هذه الاحكام يمكنها قبل صيرورتها واجبة التنفيذ و تكون حجة على الوقائع التي تبنتها[17].
و تجدر الاشارة الى ان المشرع المغربي في القانون رقم 32.09 المنظم للمهنة التوثيق العصري، نص على ان التوثيق العصري مهنة حرة. [18]و لم تعد بذلك للموثق صفة الموظف العمومي كما كان عليه الحال في ظهير 4 ماي 1925 ، و لعل ما جعل المشرع المغربي يتدخل في ازالت هذه الصفة الانتقادات الموجهة من طرف الفقه بشان منح صفة الموظف العمومي للموثق. لكونها تتناقض و الاحكام المسطرة في الفصل 2 من قانون الوظيفة العمومية[19]
الفقرة الثانية: بيانات المحررات الرسمية
ما من محرر توثيقي إلا و يحتوي على نوعين من البيانات،بيانات شكلية و هي التي تظفي الصفة الرسمية على المحرر و كل اخلال بأحد هذه البيانات يفقدها الصفة الرسمية ،وبيانات موضوعية تخص موضوع المحرر.
اولا: البيانات الشكلية للمحررات الرسمية
نص المشرع المغربي في المادة 36من قانون مهنة التوثيق، بضرورة تضمين المحرر الرسمي مجموعة من المقتضيات و في حالة تخلفها لا يعدو كونها محرر عرفي فاقدا للصفة الرسمية و تتمثل هذه البيانات في:
– التأكد من هوية الاطراف و اثباتها في المحرر، و تشمل الاسم الكامل للأطراف بما في ذلك اسم الاب و الام و كذا باقي الموقعين .
-موطن الاطراف المشار اليهم في المحرر.
-تاريخ و مكان ازدياد و مراجع الوثيقة الرسمية، التي استند عليها لإثبات هويتهم و حالتهم
العائلية مع النظام المالي للزوج بالنسبة للأطراف عند الاقتضاء[20] .
بالإضافة الى بعض البيانات الاخرى التي اوجبها القانون و التي يجب على الموثق مراعاتها عند كتابة المحرر او عند توثيقه حتى تتكامل للمحرر عناصره اللازمة، لاعتباره محررا رسميا صحيحا و خاليا من اي عبث شكلي ينال من اثر هاو قوته في الاثبات[21]و تشمل:
- الاسماء الكاملة لأطرافها مع توقيعاتهم الى جانب توقيعات كل من الترجمان و الشهود ان وجدوا ،مع توقيع الموثق و خاتمه .
و يترتب عن اي اخلال لهذه الشروط بطلان المحرر اي ان الوثيقة تفقد كل حجيتها و قوتها كوثيقة رسمية.
- بالإضافة الى ذلك اوجبت المادة 43ان تكون كل صفحات العقد موقعة من لدن الاطراف مع تاريخ التوقيع، و على الوثائق التأشير على كل صفحة و تاريخ و ساعة توقيع الأطراف، و يكتب ذلك بالحرف و الارقام من اجل ضبط التوثيق.وإذا كان احد الاطراف لا يحسن التوقيع فيجب ان يضع بصمته و يشهد الموثق عليه بذلك ، وإذا تعذر عليه وضع بصمته كذلك فلابد من الاشهاد بواسطة شاهدين وفق الشروط الواردة في المادة 32[22]من قانون 32.09.
و اعتبارا لما لتوقيعات من اهمية فقد ثم التأكيد على ان البطلان هو مصير كل صفحة لم توقع ،دون الصفحات الموقعة الاخرى و التي لا يطالها البطلان.[23]
ثانيا: البيانات الموضوعية للمحرر الرسمي
تتمثل البيانات الموضوعية البيانات في أملاءات اطراف المحرر، او البيانات المدرجة في محرر ثم احضره من طرف الاطراف للموثق ليضفي عليه الصبغة الرسمية و ذلك كتحديد نوع العقار و مساحته و تحديد نوعية العقد هل هو اقرار فردي كالوصية مثلا او هبة او صدقة، والثمن في عقد البيع هل ثم قبضه ام لم يتم القبض،هذه كلها تدخل ضمن البيانات الموضوعية و التي لا دخل للموثق فيها، غير انه مع ذلك يتولاها بالنظر و المراجعة حتى يطمئن الى عدم مخالفتها للقوانين و التشريعات الجاري بها العمل ،ويكتفي بتوجيه النصح للأطراف العقد دون ادنى تدخل من جهته[24].
المطلب الثاني حجية المحررات الرسمية
تظهر اهمية الاثبات بالكتابة عندما يكون الافراد بصدد ابرام معاملة قانونية تفرض التزامات بين الاطراف، و لا تقتصر هذه الاهمية فقط على مستوى الاثبات فقط ،لكن حجية المحررات الرسمية تبرز في مرحلة التنفيذ كذلك و عليه سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتيت نخصص الفقرة الأولى لحجية المحرر الرسمي على مستوى الإثبات الفقرة الثانية حجية المحرر الرسمي على مستوى التنفيذ.
الفقرة الأولى: حجية المحرر الرسمي على مستوى الإثبات
سنتناول في هذه الفقرة حجية الورقة الرسمية بين الأطراف (أولا) وكذا في مواجهة الغير (ثانيا) ثم حجية المحرر الإلكتروني (ثالثا).
أولا: حجية المحرر الرسمي بين الأطراف
استنادا إلى الفصل 420 من قانون الالتزامات والعقود[25] فإن المحررات الصادرة عن الموثق تعتبر حجة قاطعة على حصول التعاقد بحيث لا يمكن لأحد الأطراف إنكار ما جاء فيها من جهة التوقيعات أو المحتويات المتعلقة بالعقد[26]، كما أن المحرر الرسمي الصادر عن الموثق هي أيضا في الأمور التي يثبت الموظف العمومي (الموثق) وقوعها إذا ما أو رد في المحرر الرسمي طريقة وكيفية توصله بمعرفتها، أي جميع البيانات التي يدركها الموثق بالسمع أو البصر ويضمنها في الوثيقة.
بحيث تكون لها حجية في الإثبات، وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أي أثر، وفي هذا الصدد صدر عن محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 5 ماي 1936 تؤكد على أن المحررات الموثقة تكتسي حجة قاطعة لحد الطعن فيها بالزور فيما يخص الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموثق
بحصولها في محضره وتحت سمعه وبصره[27].
وعليه فإن البيانات المبينة في المحرر في حضور الموثق في حدود مهمته تكون لها حجية رسمية ولا يمكن الطعن في صحتها إلا بسلوك مسطرة دعوى الزور الفرعي وفق مقتضيات قانون المسطرة المدنية، وبمفهوم المخالفة فإن البيانات التي ضمنت في العقد وفي غياب الموثق لا تكتسب الحجة الرسمية وإنما تبقى لها فقط حجية عادية ويمكن إثبات مخالفتها بجميع وسائل الإثبات العادية، وهو ما أكده القضاء المغربي[28].
ثانيا: حجية المحرر الرسمي في مواجهة الغير
إن حجية الورقة الرسمية تكتسي نفس الأثر بالنسبة للغير حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل 419 من ق.ل.ع بالقول ” إن الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير…” مما يفيد أن هذا الأخير لا يستطيع إنكار ما تضمنه المحرر من بيانات رسمية بين سلوك نفس الطريق الذي يلزم الأطراف اتباعه للوصول إلى هذا التكذيب وهو مسطرة الزور الفرعي.
غير أنه إذا وقع الطعن في الورقة بسبب إكراه أو احتيال أو تدليس أو صورية أو خطأ مادي فإن المشرع منح للغير إمكانية اثبات ذلك بواسطة الشهود وكذا القرائن دونما القيام بدعوى الزور[29]، ونورد مثال على ذلك بأنه إذا حصل وأن باع شخص مدين منزلا بتوثيق رسمي وادعى الدائن بأن هذا البيع الرسمي لم يصدر من مدينه ليتمكن بذلك من تنفيذ حقه على الدار المبيعة، فإن والحالة هاته لا يستطيع إنكار ما ورد في المحرر الرسمي من بيانات قام بها الموثق في حدود مهنته أ ووقعت من ذوي الشأن بحضوره كصدور البيع من المدين إلا أن يدعي الزور، لأن حجية وثيقة البيع الرسمية حجة ثابتة وقاطعة عل الغير الذي هو الدائن في هذا الفرض مثل ما هي حجة على المدين ( البائع) وعلى المشتري.
غير أن الدائن ( الغير) يستطيع في هذا الفرض إنكار البيع في ذاته الذي أثبته الموثق دون مساس أو تعرض لأمانة هذا الموثق وصدقه ولك بادعاء صورية البيع الصادر من مدينه ويتمتع في ذلك بحرية
الاثبات[30].
ثالثا: حجية المحرر الالكتروني الرسمي على ضوء أحكام قانون 53.05
نتناول في هذا العنصر تعريف المحرر الالكتروني الرسمي ثم نعرج على القوة الثبوتية للمحرر الالكتروني الرسمي.
1 – المحرر الالكتروني الرسمي
المحرر الالكتروني الرسمي هو الذي يستلزم توفر الشروط المنصوص عليها في الفصلين 417.1 و 417.2. من ق.ل.ع ، ومن تم فإنها :
- تعرف بالشخص الذي صدرت عنه
- تكون معدة ومحفوظة وفق شروط تضمن تماميتها
- تحمل توقيعا مؤمنا
- تحمل تاريخا ثابتا ناتجا عن التوقيع الالكتروني المؤمن
- أن يوضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق.
وإذا كانت الوثيقة الرسمية هي التي يتلقاها الموثق في مكان إبرام العقد، أي أن هذا الأخير يتولى مهمة الإشراف والمصادقة على تعبير الأطراف عن إرادتهم على التصرف،وبالتالي يتحمل المسؤولية عما شهد به من وقائع[31].
فإن الوثيقة الالكترونية فتتميز بكونها محررة بلغة رقمية وتقرأ على الشاشة وتفترض الفصل الالكتروني للمعطيات لوجود مسافة بين المتعاقدين وهو ما يخلق إشكالات على المستوى العملي، حيث يصعب تصور الحضور المادي للموثق في المجال الالكتروني، ذلك أن العقد الالكتروني إنما استلزمته الحاجة بناء على سرعة المعاملات التجارية غير أنه في الوقت نفسه إذا تصورنا الحضور افتراضي ومعنى ذلك أن معاينته تكون افتراضية لوضع التوقيع الالكتروني وهو ما يتطلب معدات تقنية وبرمجيات متطورة جدا توفر مجالا لتلاقي الموثق بالأطراف على شبكة الانترنيت على غرار منتديات النقاش، وهي إمكانية غير
متاحة حاليا للموثقين في أغلب البلاد المتقدمة وبالأحرى في بلادنا[32].
كما أن مهمة الموثق في إطار المحرر الالكتروني تقف عند وضع التوقيع على الوثيقة ولا تمتد تلك الصلاحية لإلى مراقبة مضمونها والاشهاد على صحة الإرادة بالموافقة عليها من لدن المتعاقد، وبعبارة أوضح فإن نص الفقرة 2 من الفصل 417 .2 ينص على أن مهمة الموثق لا تطالا موضوعات المحرر، وإنما تقتصر على توقيع الأطراف فقط.
2 – حجية المحرر الالكتروني الرسمي
أرسى المشرع المغربي في الفصل 2-1 من قانون الالتزامات والعقود معادلة بين المحررات الورقية وبين الوثائق المثبتة على دعامة إلكترونية، وبالتالي فإن المحرر الالكتروني تكون له نفس الحجية التي يكتسبها المحرر الورقي، غير أن الإشكال المطروح في حالة تعارض المحرر الكتابي الرسمي مع المحرر الالكتروني الرسمي.
هنا نعتقد أن الأصل هو الأخذ بالمحرر الكتابي ذلك أن المشرع المغربي استعمل عبارة يمكن إعداد هذا المحرر وحفظه بشكل الكتروني، وعليه فإن الأخد بالمحرر الالكتروني استثناء من القاعدة.
الفقرة الثانية: حجية المحرر الرسمي من حيث التنفيذ
اعترفت بعض التشريعات المقارنة للمحررات الرسمية بحجية التنفيذ على أساس أنها سندات تنفيدية تخول لأصحابها اللجوء مباشرة لتنفيذ ما يحتويه المحرر الرسمي دونما للحاجة إلى استصدار صيغة تنفيذية من طرف القضاء,
حيث نجد الفصل 25 من قانون فانتوز الفرنسي قد أجاز للموثق تسليم الصور التنفيذية وكذلك القانون المصري حيث تنص المادة 2 من قانون التوثيق المصري على أن مكاتب التوثيق تقوم بوضع
الصيغة التنفيدية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيد[33].
أم اموقف المشرع المغربي نجده لم يأخد لفكرة السندات التنفيذية كقاعدة عامة في قانون المسطرة المدنية وحتى وإن وجدت سندات التنفيذ فإنها تكون بمقتضى نصوص خاصة.
غير أن السندات الرسمية لا تخلو من امتيازات في مجال التنفيذ خاصة ما يتعلق بالتنفيذ المعجل، حيث أن الفصل 147 من ق.م.م نص في فقرته الأولى على ما يلي ” يجب أن يأمر بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف دون كفالة إذا كان هنالك سند رسمي أو تعهد معترف به أو حكم سابق ” .
كما أن حامل الورقة الرسمية يكون من حقه رفع دعوى مسطرة الأمر بالأداء أمام القضاء التجاري إذا تعلق الأمر بمعاملة تجارية طبقا للمادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.[34]
الفصل الثاني: التزامات ومسؤولية الموثق العصري
سوف نقوم من خلال هدا الفصل التطرق للإلتزامات المهنية للمموثق العصري في المبحث الأول على ان نخصص المبحث الثاني لمسؤولية هدا الأخير في حالة الإخلال بها.
المبحث الأول:الالتزامات المهنية للموثق العصري
سوف نحاول من خلال هذا المبحث التطرق لالتزامات الموثق العصري وذلك من خلال مطلبين سوف نخصص الأول للإلتزامات المهنية الملقاة على على عاتق الموثق العصري قبل وأثناء تحرير المحرر ،والثاني للالتزامات هذا الأخير بعد تحرير المحرر وتوقيعه .
المطلب الأول :التزامات الموثق العصري قبل و أثناء تحرير المحرر
تختلف التزامات الموثق العصري بإختلاف المراحل التي يمر منها تحرير المحرر وتوقيعه ، والتي يمكن تحديدها في مجموعة من الاجراءات القبلية لتحرير وتوقيع المحرر والتي تضفي على هذا المحرر صفة الرسمية ،والتي يتعين على الموثق العصري القيام بها قبل وأثناء تحرير المحرر ،والتي سوف وبالتالي سنتطرق لهذه الالتزمات من خلال الفقرتين المواليتين حيث سوف نخصص الأولى لالتزامات الموثق العصري قبل تحرير المحرر والثاني لالتزاماته أثناء تحرير المحرر .
الفقرة الأولى :التزامات الموثق العصري قبل تحرير المحرر
عند استلام الموثق للوثائق العملية التي يتهيئ بمباشرتها ،يصبح الموثق العصري ملزما بالتثبت ودراستها والتحقق من مطابقتها للقانون وكذا من هوية وأهلية الأطراف (أولا) وقبل القيام بهذه المهام يتوجب عليه القيام بمجموعة من الإجراءات (ثانيا)وبعد ذلك يصبح الموثق ملزم بتقديم النصيحة للأطراف وأن يعلمهم بمدى التزامهم ويبين لهم الاحتياطات والوسائل التي تتطلبها أويمنحها لهم القانون لضمان تنفيذ ارادتهم بغرض اضفاء الأمن على المعاملات (ثالثا).
أولا :التزام الموثق العصري بالتحقق من من هوية الأطراف وأهليتهم ومطابقة المدلى بها للقانون
لقد ألزم المشرع المغربي وتحث مسؤوليته الشخصية أن يتحقق من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتعاقد والمقصود بها الالتزام ،هو التأكد من صفة المالك وعلى أحقيته في الإرث ،إذا تعلق الأمر بإراثة وحظوظه في الإرث ،فإذا كان أحد المتعاقدين ناقص الأهلية فيجب التحقق من كون نائبه يتوفر ترخيص بذلك .[35]
ويجب على الموثق كذلك أن يتحقق من عقد الوكالة في حالة التعاقد بواسطة وكيل من خلال التحقق من صلاحيتها ومطابقتها للمقتضيات القانونية وحدود هذه الصلاحيات الممنوحة من طرف الموكل شخصا ذاتيا كان أو معنويا .[36]
ويطرح هذا الإلتزام صعوبات كبية من الناحية العملية بحيث مثلا قد يلجأ البائع الى الإدلاء ببطاقة تعريف أو أية وثيقة ادارية أخرى مزورة ليثبت هويته .
وهنا يصعب اتشكيك في مصداقية هذه الوثيقة من الناحية الشكلية نظرا لتطور التقنيات الحديثة المستعملة في الجرائم الالكترونية .
ولقد الزمت أيضا المادة 37 من القانون 32.09،الموثق بأن يتأكد ويتثبت من من صحة الوثائق
دون تمييز فلم تستثني المادة 37 من من القانون,09 ،32 المنظم لمهنة التوثيق العصري، وثيقة دون أخرى
ثانيا :قيام الموثق العصري بالاجراءات القبلية لتحرير المحرر
يحرص الموثق العصري على الحصول على جميع المعلومات الشخصية للبائع وعلى المعلومات المتصلة بالشئ المبيع من الناحية القانونية ، وذلك من أجل تكوين تصور مبدئي لشكل العقد الذي سيعتمده وطبيعة البيانات الواجب تضمينها فيه.
فأول ما يقوم به الموثق العصري قبل تحرير عقد متعلق بالمجال العقاري مثلا هو التأكد من صيغته القانونية وهل هو عقار محفظ أم غير محفظ وهذا يدخل ضمن الالتزامات المهنية للموثق اتجاه الزبائن وذلك بتبصيرهم بالوضعية القانونية للعقد.[37]
ولحصول الموثق على هذه المعلومات ،فهو يقوم بمجموعة من الاجراءات القبلية ،تختلف عن هذه الأخيرة بنوع المعاملة التي يتهيأ الموثق لإنجازها .فمثلا اذا تعلق الأمر بعملية عقارية ،فالأمر يستوجب على الموثق أن يلتجئ الى المحافظة العقارية قصد الحصول على المعلومة الشخصية للمالك .حيث يقوم باستخراج شهادة عقارية من المحافظة العقارية التي يوجد العقار بدائة نفوذها بحيث يتبين له اما خلو العقار من التكاليف والرهون أو أنه مثقل برهون وتحملات ما يجعل الموثق على دراية تامة بوضعية العقار.
ثالثا:التزام الموثق العصري بتقديم النصح للأطراف
يقصد بلتزام الموثق بنصح الأطراف المتعاقدة هو قيامه أثناء التعاقد بإطلاعهم على مضمون العقد وآثاره وأن يبين لهم بوضوح نطاق التزاماتهم وحقوقهم .[38]
ويتعين على الموثق قبل الشروع في في عملية التوقيع على العقد اطلاع الأطراف على كل ما يعلمه بخصوص موضوع عقدهم ،وأن يوضح لهم الأبعاد والآثار التي قد تترتب عن تعاقدهم من الناحية
القانونية .[39]
ويجد هذا الإلتزام أساسه في المادة 37 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق حيث تنص الفقرة الثانية من هذه المادة :
“يجب على الموثق اسداء النصح للأطراف… “
وتتعدد الأشكل التي من خلالها يقدم الموثق العصري النصح والإرشاد للأطراف المتعاقدة .فقد يدرج الموثق الموثق العصري هذه النصائح في صلب العقد الرسمي أو قد يقدمها لزبونه في شكل بحث أو تحري مثال التحري حول عقار والتأكد من حالته الطبوغرافية وكذا الجبائية والقانونية ، أي من حيث سلامة العقار من الرهون والتكاليف والتأكد من أنه غير مثقل بتخملات أخرى .وبذلك وجب على الموثق أن يطلع المشتري بكل ما يعرفه حول العقار وأن يبين له الآثار التي قد تترتب في حالة شراء هذا العقار .
الفقرة الثانية :التزام الموثق باحترام قواعد تحرير العقود الرسمية
الزم القانون الجديد 32.03 المنظم لمهنة التوثيق ،الموثق العصري باحترام القواعد الموضوعية المتعلقة بتحرير العقود الرسمية فإشترط خلوها من كل بياض أو ثغرات ووضع أحكام خاصة بالكلمات المراد تشطيبها أو اضافتها وعموما فالمشرع المغربي حث الموثقين على احترام هذه القواعد والتي يمكن تصنيفها الى قواعد موضوعية (أولا ) وقواعد شكلية (ثانيا).
أولا:القواعد الموضوعية لتحريرالعقد الرسمي
تدخل المشرع المغربي لفرض قواعد وضوابط موضوعية على الموثق أثناء تحرير العقد الرسمي وأي تجاوز لأحدها قد يحمه المسؤولية ،وهذخه القزاعد متعلقة بمجال تخصص الموثق وكذا ضرورة التنصيص على التاريخ ومكان انشاء العقد الرسمي ،فالإختصاص الموضوعي للموثق يتمثل في توثيق المعاملات التي لها علاقة بـــــ :[40]
- عقود القانون القانون الدولي الخاص .
- عقود التأسيس والتسسير القانوني للشركات وتعديل نظامها الأساسي .
- العقود التجارية والبنكية
- العقود المتعلقة بالعقار سواء كان محفظا أو غير محفظ أو في طور التحفيظ.
فالإختصاص النوعي يفرض على الموثق تحرير العقود التي لها علاقة بالإختصاصات السالفة الذكر للبيانات التي تخرج عن نطاق اختصاصه الموضوعي وعن طبيعة عمله.[41]
اما بالنسبة للإختصاص الترابي أو الإقليمي للوثق العصري فقد ألزمه المشرع بممارسة مهامه في نطاق مكاني محدد،يتم تحديده بقرار من وزير العدل وذلك بعد إبداء اللجنة المنصوص عليها في المادة 11[42] فالموثق ملزم بمزاولة مهامه بالمكان الذي حدده له القرار وعدم مخالفته وإلا عرض عقوده المبرمة خارج إختصاصه الإقليمي للبطلان،أما القعدة الموضوعية الأخرى التي ألزم بها المشرع الموثق العصري فتتمثل في ضرورة التنصيص على تاريخ ومكان إبرام العقد الرسمي فصحة هذه العقود لاتتوقف على إختصاص الموثق موضوعيا وترابيا فحسب بل يجب عدم إغفال ذكر التاريخ لما له من أهمية بإعتباره من شروط صحة العقد الرسمي وهذا ما نصت عليه المادة 43 من قانون 32.09 ،وبالإضافة إلى التاريخ يجب على الموثق إحترام إختصاصه المكاني وذكر مكان إنشاء العقد في جميع العقود الصادرة عنه وذلك ما نصت عليه المادة 12 من قانون التوثيق العصري الجديد”يمارس الموثق مهامه بمجموع التراب الوطني غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع الأطراف خارج مكتبه.
ثانيا:القواعد الشكلية الواجب التقيد بها أثناء صياغة المحرر
عند صياغة الموثق العصري للعقد الرسمي فإنه يتقيد بمراعات مجموعة من الشكليات والتي تشكل مجموعة من القواعد والتي لها أهميتها في منح العقد الصفة الرسمية،زمن هذه القواعد الشكلية أسلوب العقد ولغة تحريره،فبالنسبة لأسلوب العقد يجب أن يكون سليما[43].يفرغ إرادة المتعاقدين بدقة في صلب العقد الرسمي،ويقل المعنى الصادر عنهم في مثن العقد وذلك للحيلولة دون الوقوع في نزاعات بسبب عيب في الأسلوب،سواء لعدم دقته أو غموضه.
أما بالنسبة للغة العقد فإن القانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق العصري وخاصة المادة 42 منه
ألزمت الموثق بتحرير العقود باللغة العربية كقاعدة عامة،ما لم يختر الأطراف تحريرها بلغة أخرى[44].
المطلب الثاني:إلتزامات الموثق العصري بعد تحرير المحرر
يكون الموثق العصري قبل توقيع المحرر ملزم بالقيام بمجموعة من الإجرائات والتي تتطلب منه حرص و تدقيق بغية جمع أكبر عدد من المعلومات الضرورية حول العملية التي بصدد إنجازها.وهذا يدفع الموثق لتحرير محرر وفق الشكل المطلوب قانونا مع تضمينه جميع البيانات الضرورية.ولكن بمجرد قرائته من طرف الموثق على أطراف العقد وإتفاقهم على جميع بنوده وشروطه الخاصة والعامة وتوقيعهم عليه يصبح الموثق ملزما كذلك بوضع توقيعه.وبالتالي إضفاء الرسمية.وبذلك سوف نحاول التطرق لهذه العملية من خلال مرحلتين الأولى قبل وبعد توقيع المحرر (الفقرة الأولى)والثانية للقيام بالإجرائات البعدية لتوقيع المحرر(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:إلتزامات الموثق العصري قبل وبعد توقيع المحرر
سوف نحاول من جلال هذه الفقرة التطرق إلى مجموعة من الإلتزامات التي تتبع مباشرة تحرير العقد وفق الشكل المتطلب قانونا.ألا وهي التوقيع (أولا)وبعد التوقيع يلتزم الموقع بعدم إفشاء المعلومات التي توصل بها وعدم إفشائها أثناء مباشرته لمهامه من جهة وكذلك الإلتزام بتأمين المبالغ المالية المودعة لديه من جهة ثانية كما عليه الإحتفاظ بأصول العقود والوثائق وأن ييسر للمتعاقدين الحصول على نسخ ونظائر منها(ثانيا).
أولا:إلتزامات الموثق العصري قبل توقيع المحرر
يلتزم الموثق العصري بأخد توقيع الأطراف وبتوقيع العقد الرسمي ويعتبر هذا اإلتزام من بين الإلتزامات المهنية التي تأتي مباشرة بعد تحرير العقد بالشكل القانوني والملائم لإتفاق الأطراف وقرائته من طرف الموثق العصري على الأطراف والشهود إن وجدوا.وذلك بعد مناقشة مضامينه. وما يميز هذه المرحلة من العقد الرسمي هو حضور الأطراف والموثق بمجلس العقد [45] فبمجرد توقيع الأطراف المتعاقدة على العقد وكذلك توقيع الموثق عليه يكون بذلك العقد قد أضفيت عليه الصفة الرسمية[46]
ثانيا:إلتزامات الموثق العصري بعد توقيع العقد
هناك عدة إلتزامات تقع على عاتق الموثق العصري والتي تلي مباشرة توقيعه على العقد والتي يكتسي أهمية خاصة ومن بين هذه الإلتزامات نجد أنه على الموثق العصري كتمان السر المهني ويجد هذا الإلتزام أساسه في فكرة النظام العام وبالتالي لا يجب الإتفاق على مخالفة هذا الإلتزام [47]
وقد نص كذلك المشرع في المادة 24 من قانون رقم32.09 على واجب كتمان السر المهني بالنسبة للموتقين والأجراء والمتمرنين لديهم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك
كما أن الموثقين العصريين ملزمين بتأمين المبالغ المالية المودعة لديهم من أجل حماية حقوق الأطراف والأغيار.بمن فيهم حقوق الدولة بحيث اعتبرهم القانون من بين الجهات الموكول لها قانونا الاحتفاظ بالودائع.كما أن الموثقون العصريون ملزمون بالمحافظة على العقود وتسليم النظائر والنسخ، وذلك بالاحتفاظ على عقود ووثائق المتعاقدين وتيسير حصولهم على نسخ ونظائر منها، وللإشارة فإن هذا الاختصاص منعدم لدى محرري العقود العرفية[48].
الفقرة الثانية: التزام الموثق بالقيام بالاجراءات البعدية لتوقيع العقد الرسمي
سوف تتم مناولة هذه الفقرة من خلال نقطتين نتناول في الأولى المسطرة التبعة في تسجيل العقود الرسمية ، ثم في النقطة الثانية مسطرة تطهير العقارات من الضرائب ، وهي من بين الالتزامات الملقاة على عاتق الموثق بعد توقيع العقد الرسمي.
أولا: المسطرة المتبعة في تسجيل العقود الرسمية
إن أغلب العقود التي يحررها الموثق العصري تخضع لعمليات التسجيل التي يقوم بها مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل وذلك منأجل أداء واجبات التسجيل النمستحقة للدولة على هذه العقود بهدف محاربة التهرب الضريبي على العقود التي تقوم بها الأطراغف المتعاقدة[49].
وينقسم التسجيل إلى نوعين : القسم الأول هو التسجيل الإجباري والذي تخضع له جميع الاتفاقات وكيفما كان شكل العقد المثبت لها والتي تخضع وجوبا لإجراءات وواجبات التسجيل ومو كانت بسس ما يشوبها من عيب شكلي عديم ةالقيمة، والمذكورة على سبيل الحصر في الفقرة الأولى من المادة 127 من مدونة التسجيل والتمبر ومن ضمن هذه العقود العقود الرسمية التي ينجزها الموثقون.
أما القسم الثاني هو التسجيل الإختياري بحيث يمكن تسجيل العقود الغير مشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 127 من نفس القانون إذا طلب ذلك أطراف العقد أو أحدهم
ثانيا:مسطرة تطهير العقار من الضرائب
تعتبر مسطرة تطهير العقار من الضرائب من أكثر الإلتزامات التي تزيد من أعباء التوثيق العصري،وذلك نظرا للمسطرة الطويلة والمعقدة التي تتصف بها هذه المسطرة.وأداء الضريبة هو إلتزام ملقى على عاتق البائع لأنه ملزم بتسليم المبيع مطهرا من كل الديون و الضرائب[50].
وبعد أداء البائع للضرائب الواجبة وتأكد الموثق من أداء البائع لجميع واجباته يقوم بتحويل الملف إلى القباضة التابع لها العقار قصد الحصول على شهادة الأداء الضريبي والتي هي بمثابة إبراء من الدين
الضريبي المتعلق بالعقار المبيع.[51]
ثالثا:مسطرة تقييد العقود الرسمية
كشفت الممارسة العملية لمهنة التوثيق ان أغلب العقود التي يحررها الموثق العصري تهم المجال العقاري سواء كانت في إطار تفويتات عقارية أو رهون أو غيرها من التصرفات القانونية.وقد نصت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية[52]على أنه يجب أن “تحرر-تحت طائلة البطلان- جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر تابث التاريخ منجز من لدن محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص بخلاف ذلك…”
ومن خلال قراءة هذه المادة يتضح أنها منحت الإختصاص للموثق العصري بتوثيق جميع العقود المتعلقة بالعقارات سواء كانتمحفظة أو غير محفظة.وذلك بغية توثيق العقود على أساس سليم ومتين من أجل أن تتخد صفة الرسمية
وعليه يقوم الموثق بتصفية الديون المترتبة عن العقار وبعد دلك تقييد العقد بالرسم العقاري ثم تسليم ثمن بيع العقار أو ما تبقى منه للبائع وبالتالي يصبح المشتري ممتلكا للعقار[53]
المبحث الثاني: مسؤولية الموثق العصري
تعتبر مهنة التوثيق العصري من المهن الحرة التي يقوم بها موثق، بحيث يظطلع بهذا الأخير القيام بمجموعة من المهام التي تدخل في اختصاصاته كما تطرقنا إليها في المبحث الأول، غير أنه تقوم مسؤولية الموثق إذا صدر عنه عملا غير مشروع ترتب عنه ضرر للغير، فيرتب القانون جزاءا قانونيا على هذا العمل الذي قد يكون تعويضا إدا كان ينس مصلحة الفرد فقط وقد يكون عقوبة إذا يمس مصالح المجتمع وتتخذ مسؤولية الموثق العصري إما مسؤولية مدنية أو تأديبية أو جنائية وهذا ما سنقوم بدراسته في هذا المبحث بنوع من التفصيل وذلك بتقسيمه إلى (مطلب أول) المسؤولية المدنية والتأديبية للموثق على أن نخصص (المطلب الثاني) المسؤولية الجنائية.
المطلب الأول: المسؤولية المدنية والتأديبية للموثق العصري
سنخصص هذا المطلب للحديث عن المسؤولية المدنية والتي بدورها تنقسم إلى عقدية وتقصيرية هذا في (الفقرة الأولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية) للمسؤولية التأديبية.
الفقرة الأولى: المسؤولية المدنية للموثق العصري
المسؤولية المدنية بمعناها العام هي الالتزام الذي يفرضه القانون على المخطئ نحو من أصابه الضرر، ويستوي أن يكون هذا الضرر الذي لحق الغير ناتجا عن خطأ ارتكبه المتسبب فيه شخصيا أو نتج عن الخطأ الذي ارتكبه الأشخاص الذين يسأل عنهم مدنيا[54].
التساؤل المطروح في هذا الصدد هو ما هي طبيعة مسؤولية الموثق العصري هل هي عقدية أم تقصيرية ؟ خصوصا إذا أخدنا بعين الاعتبار أن التزامات الموثق العصري تجد أساسها في قانون 32.09[55] المنظم لمهنة التوثيق العصري والتي لا دخل للأفراد في تقريرها، ومن هذا المنطلق يمكن دراسة المسؤولية المدنية للموثق العصري في نقطتين تتمثل الأولى في المسؤولية العقدية و النقطة الثانية في المسؤولية التقصيرية.
أولا: المسؤولية العقدية للموثق العصري
غني عن البيان أن المسؤولية تتطلب أركان لقيامها وهي المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، بحيث نجد بأن المسؤولية العقدية للموثق العصري أثارت جدلا كبيرا في صفوف الفقه، فقد اتجه بعض الفقه إلى نفي وجود عقد يربط بين الموثق وزبونه[56]، واستقر اتجاه ثاني على الإقرار بوجود رابطة عقدية بين الموثق وزبونه.
غير أن الجانب الذي ذهب إلى أن علاقة الموثقين بزبنائهم هي علاقة تعاقدية أخدين بعين الاعتبار أن المشرع نفسه كيف العلاقة بين أرباب المهن الحرة والزبائن على أساس العقد ناهيك عن أن الزبون لما يتوجه إلى مكتب الموثق العصري يعتبر قابلا للإيجاب الموجه من طرف هذا الموثق للجمهور وبانعقاد هذا القبول يتم العقد كامل الشروط والأركان محدد الالتزامات سلفا من طرف المشرع.
وهكذا يخلص هذا الرأي الفقهي إلى أن العلاقة التي تجمع الموثق بالأطراف علاقة تعاقدية لا مجال لتطبيق مقتضيات المسؤولية التقصيرية[57] .وفي هذا الصدد توجد مجموعة من النظريات التي تذهب إلى اعتبار العلاقة بين الموثق والزبون علاقة تعاقدية، ومن هذه النظريات نظرية العقد المسمى، حيث أن الموثق يرتبط بزبنائه بأعمال مهنية مقابل مبالغ يتقاضاها منهم تسمى أتعاب للعلاقة في ظاهرها تعاقدية تبادلية بين الطرفين، وفي حال عدم تنفيذ أحدهما لموجباته تترتب عليه مسؤولية تعاقدية[58].
وفي هذه النظرية أي التعاقدية أكد بعض الفقه بأن العلاقة بين الموثق وزبونه يشكل عقد مقاولة [59] رافضين بهذه الطريقة رابطة التبعية بين الموثق والزبون[60]، ويتمثل ذلك بأن الموثق يبذل جهدا يتمثل في تحرير عقد وتقديم كافة التوضيحات والنصائح والإرشادات مقابل أتعاب بدون أية علاقة تبعية بين الأطراف.
ثانيا:المسؤولية التقصيرية للموثق العصري
بعد الحديث عن المسؤولية العقدية للموثق العصري وتعرفنا على مجموعة من الآراء المتناقضة فيما بينها، وفي هذه النقطة سنحاول تسليط الضوء على المسؤولية التقصيرية بنوع من التفصيل، بحيث نجد بأن مسؤولية الموثق العصري تنشأ عن مخالفته للقانون وبقيامه بعمل غير مشروع وإخلاله بالتزاماته[61]، ومن هذا المنطلق يسأل الموثق العصري أمام زبنائه خارج العمل التعاقدي، وبالتالي فإن مسؤولية الموثق العصري لا تقتصر فقط على فعله الشخصي كما هو منصوص عليه في الفصل 77[62] و78[63] من قانون الالتزامات والعقود، وإنما تتعدى ذلك لتشمل فعل معاونيه والمتمرنين لديه طبقا للفصل
85 من ق.ل.ع، نفس الشيء كذلك تم التنصيص عليه في المادة 26 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق.
ومن هذا المنطلق يمكن الحديث في هذا الصدد على أساس المسؤولية التقصيرية وكذا عن أركان قيامها.
1 – أساس المسؤولية التقصيرية للموثق العصري
يرى اتجاه من الفقه على أن علاقة الموثق العصري بزبونه يجب أن تبعد تماما عن العقد وأن تخضع لقواعد المسؤولية التقصيرية[64]، إذ يرى هذا الاتجاه بأن تلك المسؤولية هي خطأ تقصيري يتمثل في الإخلال بواجب قانوني هذا ما يبعدها عن العلاقة التعاقدية، وبالتالي يعتبر واجب الموثق ذو طبيعة خاصة، فهو يلتزم بتكريس خدماته ومعارفه المهنية لتحرير عقد فاعل مع تقديم النصح والإرشاد للأطراف، بمعنى يكون التزامه هنا بتحقيق نتيجة، وبما أن التزام الموثق العصري التزام بتحقيق نتيجة فإن المسؤولية لا يمكن أن تكون إلا تقصيرية، مادام الزبون مكلف بإثبات عدم تحقيق النتيجة الواجبة من قبل الموثق العصري[65].
2 – مسؤولية الموثق العصري التقصيرية عن فعل الغير
وكما سبقت الإشارة إليه فإن مسؤولية الموثق العصري لا تقف عن مسؤوليته الشخصية عن أعماله لكن تمتد لتشمل معاونيه وذلك طبقا للفصل 85[66] من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه ” لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته …”، هذا ما أكده كذلك القانون المنظم لمهنة التوثيق في المادة 26 التي جاء فيها:
” يتحمل الموثق مسؤولية الأضرار المترتبة عن أخطائه المهنية والأخطاء المهنية للمتمرنين لديه، وأجرائه وفق قواعد المسؤولية المدنية…”.
يظهر من منطوق المادة بأنها تؤكد لمبدأ عام هو مسؤولية الموثق المدنية عن أخطائه المهنية وعن أخطاء التابعين له من متمرنين وأجراء وذلك وفق قواعد المسؤولية المدنية، والمقصود هنا بالأخطاء هي كل إهمال أو تأخر عن الإنجاز المترتب عنه أضرار، أو كل غلط في الحساب أو التحرير إلى غير ذلك مما قد يعرض مصالح الأطراف للضرر وتضيع بسببها الحقوق وبالتالي يتكبد الأطراف مصاريف أكثر مما هو متخيل[67].ولقيام هذه المسؤولية لابد من توفر مجموعة من الشروط من بينها:
- وجود علاقة تبعية بين التابع و المتبوع أي بين الموثق العصري ومن تحت عهدته، والتبعية سواء كانت اقتصادية أو قانونية.
- ارتكاب التابع عملا غير مشروع أو اقتراف خطأ سبب ضررا للغير
- صدور خطأ التابع حال تأديته وظيفته أو بسببها
- وجود النص التشريعي بخصوص هذا الشرط
من خلال ما سبق فإن المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير هي مسؤولية استثنائية تهدف إلى ضمان مصلحة المتضرر في الحصول على التعويض ولا يمنع ذلك من مسائلة التابع إذا ثبت خطئه ولا
يحول دون رجوع المتبوع عليه فيما دفعه[68].
ونلاحظ من منظورنا المتواضع أن مسؤولية الموثق تكون تقصيرية وذلك نظرا لأن العلاقة التي تجمع بين الموثق وزبونه لا يمكن أن نصطلح عليها عقد ولو أن الموثق يقوم بعمل مقابل أتعاب وما يؤكد ذلك ما تم التنصيص عليه في القانون 32.09 المتعلق بمهنة التوثيق وخاصة في المادة 26 منه والأمر لا يقف عند هذا الحد بل هذه المسؤولية تتعدى ذلك لتصل إلى أفعال معاونيه.
3 – أركان المسؤولية المدنية للموثق عن أخطائه المهنية
غني عن البيان أن مسؤولية الموثق المدنية لا تخرج عن القواعد العامة المنظمة للمسؤولية المدنية وهي الواجبة التطبيق في حال الخطأ المهني للموثق العصري والتي تقوم على أركان ثلاثة وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية ويمكن الحديث عن هذه الأركان باقتضاب على الشكل التالي:
الخطأ المهني هو ذلك الخطأ الذي يرتكبه أصحاب المهن الحرة أثناء ممارستهم لمهنهم لخروجهم عن السلوك المألوف، وذلك بعدم احترام أخلاقيات المهنة، ويقع ذلك عن طريق إهمال فادح لبعض القواعد المنظمة لقانون مهنة التوثيق العصري 32. 09 أي عدم اتخاذ كل إجراءات اليقظة والحذر لتحقيق العمل بكل أريحية.
مثال كأن يقوم الموثق بإغفال بعض البيانات في العقد أو إهمال الأسماء الشخصية لأحد المتعاقدين أثناء تحرير العقد.
هو الأذى الذي يصيب الشخص في حق أو في مصلحة، وبالتالي فقد يكون الضرر مادي أو معنوي، فالأول هو الذي يصيب الشخص فيما فاته من كسب، أما الثاني هو الضرر الذي يصيب الشخص في شعوره وكرامته ونفسيته، فعندما يقوم الموثق بإفشاء السر المهني فالمتضرر له كامل الحرية في المطالبة بالتعويض.
يجب أن تكون العلاقة السببية بين الفعل الضار والضرر علاقة مباشرة حتى تتقرر المسؤولية، والمشرع كان واضحا في هذه المسألة بارتكازه على الخطأ المنتج للضرر بطريقة مباشرة، ويقع عبء إثبات العلاقة السببية على الطرف المتضرر وذلك طبقا للفصل 399 من ق.ل.ع الذي ينص على أن “إثبات الالتزام على مدعيه”.
الفقرة الثانية: المسؤولية التأديبية للموثق العصري
تقوم المسؤولية التأديبية للموثق العصري كلما أخل بالتزامات مهنية أو سلك طريق خارج عن منحى مهنته أو خالف حكما من أحكام القانون المنظم لها، ويمكن دراسة المسؤولية التأديبية للموثق العصري في (أولا) خصوصية تأديب الموثق العصري (ثانيا) العقوبات التأديبية للموثق.
أولا: خصوصية تأديب الموثق العصري
بالرجوع إلى قانون مهنة التوثيق32.09 وخاصة في المادة 73 منه تنص على أنه:
“يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل موثق خالف النصوص القانونية المنظمة للمهنة أو الاستقامة أو التجرد أو الأخلاق الحميدة أو أعراف وتقاليد المهنة…”.
يستخلص من هذه المادة بأنها تذكر بمبدأ التأديب الذي يخضع له الموثق العصري عن كل إخلال بواجباته المهنية والتي تستتبعها صدور عقوبات في حقه حالة ما إذا أخل بواجباته أو خالف النصوص القانونية المنظمة للمهنة، وقد أحسن المشرع صنعا عندما أضاف احترام الأعراف والتقاليد، وهذا ما يستشف من المادة 2 من قانون 32.09 التي تنص على أنه “يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والنزاهة والتجرد والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة.
أما عن الجهة الموكول لها تحريك مسطرة تأديب الموثق العصري فإذا كان قانون 1925 لم يذكر الجهة الموكول لها تحريك مسطرة التأديب بتفصيل، فإن قانون 32.09 حدد بتفصيل الجهة الموكول لها تحريك هذه المسطرة وذلك ما نصت عليه المادة 79 من القانون السالف الذكر، هذه المادة جاءت لتفسح المجال لإشراك المهنيين في تدبير الشأن التأديبي، وذلك بإلزامية استشارة وأخذ رأي المجلس الجهوي في كل شكاية توصل بها الوكيل العام للملك أو بلغت إلى علمه أو وضع يده عليها، كما أن للمجلس الجهوي الحق والصلاحية كلما تلقى شكاية أو وضع اليد عليها إخلال أن يرفع الأمر إلى الوكيل العام مع ملتمس في الموضوع[69].
يتعرض الموثق العصري للعقوبات التأديبية في حالة إخلال بالتزاماته، وهذ العقوبات تم التنصيص عليها في المادة 75 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق العصري والتي يجب احترامها والتي جاءت بالترتيب في القانون على الشكل التالي:
يعد الإنذار وسيلة بيد السلطة المكلفة بالتأديب وذلك باعتبارها العقوبة التأديبية الأولى التي يمكن أن يتعرض لها الموثق تعتبر أخف عقوبة على أساس إصلاح سلوكه المهني، غير أنه إذا كرر نفس السلوك سيخضع لعقوبات أشد.
يقصد به استهجان أو استنكار السلوك أو العمل المهني الذي قام به الموثق بمخالفته للواجبات المكلف بها وتأنيبه عن العمل الذي قام به لتجتب العودة إليه مجددا.
3– التوقيف عن العمل لمدة لا تتجاوز سنة:
تعتبر هذه العقوبة من أقصى العقوبات التي لا تأدي إلى الطرد النهائي بل مؤقتا، وبالتالي فهذه العقوبة تهدد مصالح الموثق سواء الوظيفية أو المالية بحيث لا يتقاضى أي أجر مما يؤثر على ذمته المالية.
تعتبر هذه العقوبة من أشد العقوبات التي تتخذ في حق الموثق وذلك بعزله عن عمله بشكل نهائي، ومن شأن هذا العزل أن يؤثر سلبا على الموثق أو على أسرته.
وقد قرر المشرع إنزال عقوبات بالنسبة للحالات الثلاث الأولى كالحرمان من الحق في الترشيح لعضوية المجلس الوطني والمجالس الجهوية للموثقين أو التصويت في الانتخابات المتعلقة بها وذلك لمدة لا تتجاوز 5 سنوات.
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للموثق العصري
المسؤولية الجنائية لها علاقة بالنظام العام، إذ أن مخالفة هذه المهام تستتبع جزاء قد يكون عقوبة حبسية أو سجن أو تدبير وقائي وكما هو معلوم أن الموثق العصري وكباقي المواطنين يمارس مهنة بحيث قد يصيب أو يخطأ الأمر الذي لا يستبعد إقدامه على القيام بارتكاب أفعال إجرامية سواء خارج مهنته أو أثناء تأدية مهامه أو بمناسبتها.
ولدراسة المسؤولية الجنائية للموثق سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في الأولى أساس المسؤولية الجنائية للموثق العصري على أن نخصص الفقرة الثانية لمظاهر المسؤولية الجنائية للموثق العصري.
الفقرة الأولى: أساس المسؤولية الجنائية للموثق العصري
إن الدور الهام الذي يقوم به الموثق في ضبط واستقرار المعاملات بين الأفراد وكذا تحقيق الأمن التعاقدي بينهم يستوجب أن يتحلى هذا الموثق بعدة صفات ومبادئ معينة، لدى ففي حالة ارتكابه لجرم أثناء ممارسة مهامه كما هو الشأن مثلا بالنسبة لتزوير وثيقة قانونية يؤدي إلى قيام مسؤوليته الجنائية[70]، والأساس القانوني لهذه المسؤولية إذن هو نوعية الخطأ التوثيقي الصادر منه أثناء ممارسة المهنة حيث تثار هذه المسؤولية كلما خالف قاعدة قانونية أمرة بمناسبة تأديته لمهنته يعاقب عليها جنائيا كما هو منصوص عليها مثلا في المادة 90 من القانون 32.09 حيث يعاقب بعقوبات حبسية من سنتين إلى أربع سنوات وكذا غرامة مالية من 20.000 إلى 40.000 درهم مع مراعاة العقوبات التأديبية التي تطبق كذلك في هذا الإطار بالنسبة لكل موثق يقوم بالاستقطاب غير المشروع للزبناء كمثال السمسرة لجلب الزبناء.
والخطأ الذي يصدر عن الموثق بحكم الطبيعة الخاصة والمعقدة لمهنة التوثيق العصري قد تختلف فيما بينها من حيث تكييفها وكذا العقوبة التي نشأ عنها، وبالتالي الخطأ الجنائي للموثق غالبا ما يكون مصدره الإخلال بأحد الالتزامات المهنية المنصوص عليها في مهنة التوثيق العصري بموجب القانون 32.09 ، وهذا الخطأ قد يكون عمديا أي يأتيه الموثق بكل حرية واختيار، وخطأ غير عمدي ينشأ دون نية إحداث الضرر بمعنى نتيجة إهمال أو تقصير.
وبالتالي فالخطأ الجنائي العمدي الذي يرتكبه الموثق خلال مزاولته لمهنة التوثيق أو بمناسبتها هو الذي يشكل أساس مسؤوليته الجنائية[71].
الفقرة الثانية: مظاهر المسؤولية الجنائية للموثق العصري
تتمثل مظاهر المسؤولية الجنائية للموثق العصري تلك المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي التي تحدد الأفعال التي يجرمها المشرع التي يحدد لها مجموعة من العقوبات[72].
بالإضافة إلى ما سبق فإن المشرع أورد عدة نصوص عقابية تتعلق بأفعال الموثق الغير المشروعة والمسؤولية الجنائية للموثق تقوم على أساس الخطأ والخطأ يكون على نوعين كما تم الإشارة إليها في الفقرة الأولى فلا بأس من إعادتها ، وهي الخطأ العمدي والخطأ الغير العمدي، فالأول يتمثل في كل الأفعال الإجرامية التي يرتكبها الموثق عن بينة واختيار ولقد أورد القانون الجنائي مجموعة من الجرائم التي تستتبع قيام المسؤولية الجنائية للموثق، والتي تتمثل في جريمة الاختلاس ، التزوير، إفشاء السر المهني وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذه الفقرة.
تطرق المشرع المغربي لهذه الجريمة في الفصل 241 من القانون الجنائي إذ جاء فيه مايلي:
” يعاقب بالحبس من خمسة إلى عشرين سنة وبغرامة مالية من خمسة ألاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقود أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها…”.
فإذا كانت الأشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن مائة ألف درهم، فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ألفين إلى خمسين ألف درهم”.
فإذا أمعنا النظر في هذا الفصل يتضح بأن الموثق عندما يرتكب أي فعل من هذه الأفعال المذكورة سواء الاختلاس التبديد ، الاحتجاز الاخفاء[73] للأموال سواء العامة أو الخاصة فإن تثار في هذا الصدد مسؤوليته الجنائية.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا تقوم هذه الجريمة بتوفر الركن القانوني و المادي بل لابد من توفر الركن المعنوي الخاص والعام، فالأول يتمثل في العلم والإرادة ، فيجب أن يعلم بأن الأموال المختلسة هي ملك للدولة أو للغير كما يجب أن تكون عنده الإرادة في اختلاس تلك الأموال والاستيلاء عليها.
ثانيا: جريمة إفشاء السر المهني
تعتبر المحافظة على أسرار الزبناء من أبرز الالتزامات التي يتحملها الموثق ولعل تخصيص المشرع
لفصل خاص للسر المهني يعتبر من إيجابيات القانون الجديد المنظم لمهنة التوثيق.
والموثق العصري عندما يقوم بإفشاء أسرار زبناءه يتم مساءلته جنائيا، وقد نصت المادة 24 من قانون 32.09 لتؤكد هذا الالتزام إذ نصت على أنه ” يلزم الموثق بالمحافظة على السر المهني ما عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ويقع نفس الالتزام على المتمرنين لديه وأجرائه”، وهذا ما هو منصوص عليه كذلك في المادة 25 من نفس القانون[74].
بالإضافة إلى أن المشرع المغربي بموجب الفصل 446 من القانون الجنائي نص على الأشخاص الملزمين بكثمان السر المهني والذي لم يقم بحصر هذه الأشخاص وإنما على سبيل المثال ” … كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة ” ويدخل المؤقت في زمرة هذه الأشخاص بحيث يعاقب كل مخالف بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.
هذه الجريمة كذلك لابد من توفر أركانها فالركن الخاص هي الصفة والمادي هو القيام بالإفشاء للأسرار، والركن المعنوي يكفي فيه توفر القصد الجنائي العام الذي يتوفر في العلم والإرادة.
ينص الفصل 249 من ق.ج على أنه” يعد مرتكب للغدر ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة ألاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق، سواء الّإدارة العامة أو الأفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة، تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم”.
فالهدف من وضع الفصل يتمثل في حماية الثقة في الدولة ومرافقها، وبالنظر إلى مهام الموثق القيام بتحصيل الرسوم المستحقة لفائدة الدولة، فإن هذه الجريمة تقوم عندما يقوم الموثق بالمطالبة برسوم غير تلك التي يفرضها القانون أو بأتعاب تفوق تلك التي يقررها القانون[75].
وتقوم هذه الجريمة بتوفر الأركان التالية:
- فالركن الخاص الذي هي الصفة تشترك فيها هذه الجرائم.
- الركن المادي يتحقق عندما يقوم الجاني بنشاط إجرامي يتمثل في طلب أو تلقي أو فرض لأمر بتحصيل رسوم أو من في حكمها بطريقة غير مشروعة، كأن تكون تلك الرسوم غير مستحقة بالمطلق.
- الركن المعنوي يتمثل في أنه يجب أن يعلم الجاني بأن المبلغ الذي يطلبه أو يتلقاه غير مستحق أو يزيد على ما هو مستحق.
من الجرائم التي قد يرتكبها الموثق والتي تثير مسؤوليته الجنائية، جريمة التزوير إذ عرفه المشرع المغربي بأنه ” تزوير الأوراق مو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون “[76].
ويكمن الهدف في تجريم التزوير الذي يرتكبه الموثق ليس فقط الحيلولة دون تغيير الحقيقة كفكرة مجردة بل إن الهدف أكثر من ذلك وأسمى وهو تحقيق الأمن القانوني للأطراف عن طريق حماية الأدلة في الإثبات ومختلف المحررات التي ينجزها الموثقون[77].
وكما هو معلوم أن جريمة التزوير كباقي الجرائم لابد من توفر أركان لقيامها والتي تتمثل في:
- الركن الخاص: وهو الصفة أي يجب أن يكون الفاعل موضفا عموميا أو قاضيا أو موثقا أو من العدول وما يهمنا هو الموثق في هذه الجريمة.
- الركن المادي: يتمثل الركن المادي في جريمة التزوير في تغيير الحقيقة في محرر رسمي، استعمال وسائل معينة حددها القانون الجنائي في عملية التزوير بالإضافة أن يحدث تغيير الحقيقة في محرر رسمي ضررا.
والتزوير الذي يعنينا في هذا الصدد هو الذي يرتكبه الموثق أثناء قيامه بمهامه الذي من شأنه أن يثير مسؤوليته الجنائية، والتزوير يمكن أن يكون ماديا كما هو منصوص عليه في الفصل 352 [78] من ق.ج،
والتزوير المعنوي الفصل 353 [79].
- الركن المعنوي : باعتبار التزوير من الجرائم العمدية يتعين توفر الركن المعنوي العام الدي يتمثل في العلم والإرادة وكذالك الراكن المعنوي الخاص.
ونظرا للأهمية التي تكتسيها المحافظة على سلامة المحررات والعقود المنشأة من طرف الموثقين فقد شدد المشرع بخصوص هذه الجريمة باعتبارها من الجرائم من النظام ضد النظام العام والذي اعتبر العقوبة هي السجن المؤبد.
الخاتمة
لا شك أن القانون 32.09 قد أتى بمجموعة من المستجدات في ما يخص تنظيم مهنة التوثيق العصري ،إلا أنه قد أغفل مجموعة من الجوانب لم يحكم فيها التنظيم ومنها ما يتعلق بصفة المروءة والسلوك التي ينص عليها والواردة في المادة الثالثة من وهذه الصفة يتم اثباتها بشهادة عدم السوابق وإذا أخذنا بعين الاعتبار طريقة الحصول على هذه الشهادة والتي تتميز بدورها بعدم الدقة ،ولذلك لا يمكن أن تفيد المغزى منها ألا وهو التأكد من مدى مروءة وسلوك شخص الموثق العصري لاسيما وأن هذه الصفة محل اعتبار في أداء المهام المنوطة بالموثق العصري .
كما أن صفة الأخلاق الحميدة المنصوص عليها في نفس المادة السالفة الذكر لم يحددها المشرع بشكل دقيق ويؤول تقديرها لسلطة وكيل الملك ،الذي يمكن أن يبث في شكاية مقدمة من طرف الزبون ضد الموثق علما أن هذه الشكاية قد تكون كيدية .
ومن جهة أخرى نرى أن تنصيص المادة السادسة على اعفاء بعض الفئات من المحافظين على الأملاك العقارية ومفتشو الضرائب من المباراة ،فيه نوع من خرق لمبدأ تكافئ الفرص الذي يضمن
الشفافية في الولوج الى مهنة التوثيق .
[1] محمد الربيعي الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم الطبعة الأولى أكتوبر 2008 المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ص 5 .
[2] عبد المجيد بوكير التوثيق العصري المغربي الطبعة الثانية 2010 ص 32.
[4] سيدي محمد كمال مشيشي، الالتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة الاخلال بها، رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2010 ،2011. ص 18 .
[5] كمال مشيشي م س ص ص 20 وما بعدها
[6] _ تنص المادة 8 على أنه:
” يعفى من المباراة:
_ المحافظون على الأملاك العقارية الحاصلون على الإجازة في الحقوق والذين زاولوا مهامهم بهذه الصفة لمدة لا تقل عن عشر سنوات، بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
_ مفتشو الضرائب المكلفون بالتسجيل الحاصلون على الإجازة في الحقوق والذين زاولوا مهامهم بهذه الصفة لمدة لا تقل عن عشر سنوات، بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
_ قدماء القضاة من الدرجة الأولى على الأقل الحاصلون على الإجازة في الحقوق بعد قبول استقالتهم أو بعد إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
_قدماء المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى الحاصلون على الإجازة في الحقوق بعد قبول استقالتهم .
_ الأساتذة الجامعيون الحاصلون على الدكتوراه في الحقوق والذين مارسوا بهذه الصفة لمدة لا تقل عن خمسة عشر سنة وذلك بعد قبول استقالتهم او إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي…….”
[7] _ عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، الطبعة الثانية 2010، صفحة 51.
[8] _محمد ليديدي، مهنة التوتيق، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونينة، مطبعة إليت، 2012. صفحة 17.
[9] _ عبد المجيد بوكير، مرجع سابق، صفحة 54.
[10] _ عبد المجيد بوكير، مرجع سابق، صفحة 57.
[11] _ لديدي، مرجع سابق، 37
[12] _ تنص المادة 56 من القانون 32.09 على أنه:
“يخضع توقيع الموثق المراد الإدلاء به خارج أرض المغرب لإجراء التصديق من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف المعين بدائرة نفوذها أو من ينوب عنه ما لم تنص الاتفاقيات على مقتضيات مخالفة لذلك.”
[13] _ لديدي، مرجع سابق، صفحة 86.
[14] _ عبد المجيد بوكير، مرجع سابق، صفحة 86.
[15] _ عبد المجيد بوكير، مرجع سابق، صفحة 159.
[16] _ لكن يبدوا أن الموثقين العصريين، يتغيبون عن مقرات عملهم دون ترخيص وفق الكيفية المومأ إليها قبلا صار أمرا راسخا, الأمر الذي إضطرت معه وزارة العدل الوصية على القطاع إلى تعميم رسالة دورية تحت عدد 2.1400 بتاريخ 16 يناير 1987، على السادة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف تحضهم فيها على إثارة انتباه الموثقين العصريين، إلى ضرورة احترام مسطرة الترخيص وتعيين من يخلفهم قبل التغيب طبقا لمقتضيات الفصل 19 من الظهير السابق ل 19225.
_ عبد المجيد بوكير، مرجع سابق، صفحة 173.
[17] _ أنظر الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود
[18] _ المادة 1 من قانون 09.32
[19] _ أنظر الفصل 2 من قانون الوظيفة العمومية.
[20] _ محمد ليديدي، مرجع سابق، صفحة66.
[21] _ أحمد خرطة، قانون التوثيق العصري، الطبعة 2005، مكان الطبعة غير مذكور، صفحة 59
[22] _ الفقرة 4 من المادة 43. من قانون 32.09.
[23] _ محمد ليديدي، مرجع سابق، صفحة 74.
[24] _ أحمد خرطة، مرجع سابق، صفحة 57.
[25] راجع الفصل 420 من قانون الالتزامات والعقود.
[26] – عبد المجيد بوكير.مرجع سابق.ص 103.
[27] – نفس المرجع. ص 103.
[28] -قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ23 ماي 1939، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد832 ص 219،نقلا عت نور الدين العرج.
[29] – الفقرة 2 من الفصل 419 من ق.ل.ع.
[30] – عبد المجيد بوكير. مرجع سابق. ص104.
[31] – العربي جنان. التعاقد الالكتروني في القانون المغربي. الطبعة الأولى 2010 . مطبعة الوراقة الوطنية .مراكش.ص 110 .
[32] – العربي جنان. مرجع نفسه.ص111.
[33] – ينص الفصل 280 من قانون المرافعات المصرية على ما يلي ” لا يجوز التنفيد الجبري إلا بسند تنفيدي اقتضاءا لحق محقق الوجود ومعين المقدار حال الأداء وسندات تنفيدية هي الظاحكام والأوامر والمحررات الموثقة …”
[34] – قانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية.الصادر بتنفيد الظهير الشريف رقم 65.97 الصادر بتاريخ 12 فبراير 1997.
-سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 27[35]
-سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 27[36]
-محمد الربيعي ،الأحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم ، دارسة على ضوء قانون التوثيق العصري ،م س ،ص 78.[37]
محمد الربيعي ،الأحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم ،دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتوثيق العصري ،ص ،71-[38]
– سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص32 [39]
[40]-أنظر المادة 35 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق العصري .
[41]-الأحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم ، دارسة على ضوء قانون التوثيق العصري ،م س ،ص62 .
[42]-بخصوص اللجنة أنظر المادة 11من القانون رقم 32.09المنظم لمهنة التوثيق العصري
[43]– سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 43
– سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 45[44]
سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 35[45]
سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 36[46]
– [47] محمد الربيعي.حماية السر المهني في مجال التوثيق.مقال منشور بمجلة الإشعاع الصادر عن هيئة المحامين بالقنيطرة.العدد33سنة 2008.ص95و96.
[48] – محمد الربيعي، حماية السر المهني في مجال التوثيق، مرجع سابق، ص92.
[49] – محمد الربيعي،حماية السر المهني في مجال التوثيق، مرجع سابق، ص86.
– سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 74[50]
– سيدي محمد كمال مشيشي.م س.ص 75[51]
-الظهير الشريف رقم 1.11.178 الصادر بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 الموافق ل22نوفمبر بتنفيذ القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية[52]
التوثيق العصري المغربي.م.س.ص263–عبد المجيد بوكير[53]
[54] – المختار بن احمد العطار. الوسيط في القانون المدني. مصادر الالتزام. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. الطبعة الثانية 2007 . ص 275.
[55] – ظهير شريف رقم 1.11.179 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 هــ الموافق ل 22 نوفمبر 2011 بتنفيذ القانون رقم 32.09 المتعلق بنهنة التوثيق، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432( 24 نوفمبر 2011..
[56] – د. محمد خيري. مهنة تحرير العقود. مقال مشار إليه في كتاب عبد المجيد بوكير. ص 214.
[57] – عبد المجيد بوكير. مرجع سابق. ص 215,216.
[58] – سيدي محمد كمال مشيشي. مرجع سابق.ص88.
[59] – عقد المقاولة هو عقد بمقتضاه يلتزم شخص بعمل معين لحساب شخص أخر في مقابل أجر دون أن يخضع لإشرافه أو إدارته.
[60] – عبد المجيد بوكير. مرجع سابق. ص 215.
[61] – الحسني عبد المطلب. المسؤولية المهنية للموثق العصري. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص . كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. جامعة القاضي عياض مراكش. سنة 2010.2011. ص15.
[62] – “كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ، ومن غير أن يسمح به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر”
[63] – كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر…”
[64] – عبد المجيد بوكير. مرجع سابق. ص215.
[65] – سيدي محمد كمال مشيشي. مرجع سابق. ص 96.
[66] – “لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الاشخاص الذين هم في عهدته …”
[67] – محمد ليديدي. مهنة التوثيق. ص 50.
[68] – سيدي محمد كمال مشيشي. مرجع سابق. ص 106.
[69] – مدمد ليديدي. مرجع سابق. ص 120.
[70] – هناك نظريتان أو مدهبان في إطار تحديد أساس المسؤولية الجنائية ، الأول تقليدي ويرى أن الانسان له الحرية والاختيار بما يأتيه من الأفعال وبالتالي فالإدراك والتمييز هو أساس المسؤولية الجنائية، أما الاتجاه الثاني فإن يرى أن الانسان غير مخير أي أنه مجبر على ارتكاب الأفعال دون أي دخل للإرادة مثلا (عوامل خلقية ، الظروف الاقتصادية …).
[71] – محمد كمال مشيشي.ص 122وما بعدها.
[72] – د محمد الأمين. المسؤولية الجنائية للموثق . مجلة القبس المغربية. نظام التوثيق بالمغرب العدد الخامس يوليوز 2013. ص36.
[73] – الاختلاس: يتحقق بتصرف الجاني في الشيء المسلم إليه بسبب وظيفته تصرف المالك نفسه.
– التبديد: يقصدبه تصرف الجاني في الشيء الموجود في حيازته بمقتضى وظيفته تصرفا ماديا أو قانونيا كأنه صاحب هذا الشيء
– الاحتجاز: هو أن يتم إبقاء الشيء المؤتمن عليه تحت يد الموظف مع وجود نية اختلاسه أو تبديده
– الإخفاء: يقصد به إخفاء الجاني الأشياء المودعة لديه بمقتضى وظيفته أو مهمته والادعاء بعدم وجودها.
[74] “يمنع على الموثق تسليم مستندات أو ملخص منها لغير من له الحق فيها”
[75] – محمد الأمين. مرجع سابق. ص 38.
[76] – الفصل 351 من القانون الجنائي المغربي.
[77] – محمد الأمين. مرجع سابق.ص 45.
[78] – وضع توقيعات مزورة
– تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع
– وضع أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص بأخرين
– كتابة إضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية بعد تمام تحريرها أواختتامها.
[79] – إما بكتابة اتفاقات تخالف رسمه أو ما أملاه الأطراف المعنيون
-إما بإثبات صحة وقائع يعلم أنها غير صحيحة
– إما إثبات وقائع على أنها اعتراف بما لديه أو حدثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك
إما بحدف أو تغيير في التصريحات التي يتلقاها.