مكانة الوضع المتقدم ضمن سيرورة العلاقات المغربية الأوروبية
لخضرمحمد
دكتوراه في القانون الدول الاقتصادي والأوروبي،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
جامعة القاضي عياض –مراكش.
ملخص:
إن مضمون الوضع المتقدم، ما هو إلا تجميع لمختلف مقتضيات التعاون السابقة، وهي اتفاق الشراكة الأورومتوسيطية ومخططات عمل سياسة الجوار، بالإضافة إلى بعض المستجدات القليلة. ومن الناحية الشكلية، فإن هذا الوضع لم يلغ هذه الآليات أو السياسات السابقة، بحيث ظل اتفاق الشراكة الإطار القانوني الذي يكفل له صفة الإلزام. أما مخططات عمل سياسة الجوار، والوثائق المنشئة للوضع المتقدم (إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به، وإعلانات مجلس الشراكة ) فهي مجرد وثائق سياسية توجيهية. وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن ثماني سنوات على بداية العمل بالوضع المتقدم، فمازال اللبس والغموض يكتنفان قراءة مضمونه وشكله من خلال خيار: ” أكثر من الشراكة، أقل من العضوية”.
الكلمات المفاتيح: الوضع المتقدم، مبدأ التمايز، السياسة الأوروبية للجوار، أقلمن الشراكة أكثر من العضوية، الفضاء الأوروبي، المكتسب التشريعي الأوروبي ، الفضاء الاقتصادي الأوروبي، الحوار السياسي المعزز.
Summary
The content of the Advanced Status is only a compilation of the previous dispositions of the Euro-Mediterranean Partnership Agreement Co-operation , in addition to the Neighborhood Policy Action Plans, and a few new resolutions. Formally, this situation did not abolish these mechanisms or former policies, so that the Association Agreement remained the legal framework to ensure its binding status. The Neighborhood Policy Action Plans and the documents establishing the advanced status (Luxembourg Declaration and its accompanying documents, and the Partnership Council declarations) are merely policy guidance documents. Although more than eight years have elapsed since the introduction of the advanced mode, ambiguity and misconceptions continue to rendre the intrepertation of its content and form unachievable via the option : “More than partnership, less than membership”.
Key words: advanced status, principle of differentiation, European Neighborhood Policy, more than partnership, less than membership, the Eurozone, the European legislative Attainment, the Economic Eurozone, promoted political dialogue.
تقديم
تميز المغرب ضمن صيرورة([1]) العلاقات المغربية الأوروبية، بريادته في المشاركة في المبادرات الأوروبية الثنائية والإقليمية للعلاقات الخارجية مع “أوروبا الموحدة”([2]). وفي سنة 2008 تم الاعلان عن الوضع المتقدم كشكل من أشكال التعاون الخارجي المبتكرة في العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبية؛ ليعكس تميز العلاقات المغربية الأوربية وتطورها ، وفق “خيار أقل من الشراكة، أكثر من العضوية”. وقد أثبت طلب المغرب من الاتحاد الأوروبي، تطوير علاقاتهما الثنائية ضمن وضع متقدم، اقتناعه بتقدم علاقاته مع الاتحاد الأوروبي وتميزها عن باقي علاقاته مع الدول الشريكة الأخرى. فقد بات المغرب يتطلع إلى أن تربطه بالاتحاد الأوروبي علاقة تكون أكثر من الشراكة، وأقل من العضوية، لاسيما بعد إقرار جميع شركاء الجوار الأوروبي بالفشل الذريع لكل من الشراكة الأورومتوسطية وسياسة الجوار، اللتين لم تحققا ما كان ينتظر منهما سواء بالنسبة للمغرب كدولة تتطلع إلى الاستفادة من الاتحاد الأوروبي كقوة عظمى، أو بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي هو الآخر أصبح يرى في سياسة الجوار سياسة عاجزة عن تلبية طموحاته في المنطقة، وذلك بعد أن زادت حدة التحديات الأمنية، والاقتصادية، مع رغبة الاتحاد الأوروبي في إبعاد أي منافس له في المنطقة، هذه الرغبة التي تبقى الدافع الأساسي في تغيير استراتجيته نحو الجوار.
وعلى غرار المواقف التي واكبت عقد الاتفاقات السابقة، اعتبر الطرفان هذا الوضع المتقدم منعطفا مهما واستثنائيا في تطوير العلاقات بينهما، وفق خيار “أكثر من الشراكة، أقل من العضوية”، أو”كل شيء ماعدا المؤسسات” أي: أن هذا الوضع يمنح المغرب، من الناحية النظرية، إمكانية الانضمام لمؤسسات الاتحاد الأوروبي والاستفادة من السياسات والبرامج الأوروبية، باستثناء استفادته من الصفة التقريرية فيها. ومن خلال مقارنة الوضع المتقدم باتفاق الشراكة ومخطط عمل سياسة الجوار، تمت محاولة الإجابة على السؤال المدخل للوقوف على محتوى وشكل هذه العلاقة الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ما الذي يميز الوضع المتقدم عن باقي أشكال التعاون السابقة بين الطرفين ؟
إن هذه الدراسة القانونية التحلية هي محاولة من أجل الإجابة على هذا السؤال الإشكالي من خلال التصميم التالي:
الفصل الأول: أهم قضايا الوضع المتقدم ومستجداته
الفصل الثاني: محتوى ومضمون التعاون الاقتصادي والإنساني في الوضع المتقدم
الفصل الأول: أهم قضايا الوضع المتقدم ومستجداته
للحوار الساسي في الوضع المتقدم طبيعة مزدوجة فهو آلية عملية ومجال للتعاون، حيث نصت الوثيقة المرفقة في المجال السياسي على عدة محاور منها المحور الذي خصص للحوار السياسي في حد ذاته، والمسمى بالحوار السياسي الاستراتيجي، إضافة إلى محاور أخرى شملت التعاون الأمني والتعاون القضائي، والتعاون في مجال حقوق الإنسان (المبحث الأول). أما فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي والمالي فتعد مجالات أساسية تطورت بشكل متسارع منذ اتفاق الشراكة الأورومتوسطية، وفي جميع مجالات التعاون فإن الوضع المتقدم كشف أيضا مفارقات العلاقات المغربية الأوروبية (المبحث الثاني).
المبحث الأول: تعزيز الحوار السياسي
يكتسي الحوار السياسي في الوضع المتقدم، طبيعة مزدوجة في جانبها الأول، فهو آلية للتفاوض وتدبير العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وبهذا المعنى فللحوار السياسي بعدا أفقيا([3]) (المطلب الأول).أما بالنسبة للجانب الثاني، فهو موضوع للتعاون يشمل العديد من المحاور كحقوق الإنسان والديمقراطية…الخ، وهي محاور، بالإضافة إلى مجال الدعم المالي، تكرس سياسة الاتحاد الأوروبي في استخدام مشروطية حقوق الإنسان والتحفيز المالي من أجل دفع المغرب، وباقي الدول الشريكة، إلى الانخراط في المبادرات والسياسة الأوروبية الموجهة لمنطقة جنوب المتوسط (المطلب الثاني).
المطلب الأولى: الحوار السياسي الاستراتيجي كآلية
اتصف الحوار السياسي في الوضع المتقدم بالبعد الاستراتيجي المٌؤسس، بمقتضى الاتفاق بين الطرفين، منذ اتفاق الشراكة (الفقرة الأولى)، وببعده ” الحواري والتشاوري” من خلال بروز وتطور الحوار السياسي المعزز (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الحوار السياسي كآلية تفاوض
ظل المغرب رائدا في تبني المبادرات الأوروبية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط ([4]). وفي عهد الملك محمد السادس أخذ الحوار السياسي يتطور تدريجيا بين الطرفين بعد خطاب جلالة الملك، الذي طالب فيه بمنح المغرب وضعا متميزا تقديرا لتميز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي([5]). ومنذ السنوات الأولى التي تلت الطلب المغربي، عمل هذا الأخير على مواصلة مفاوضاته في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتكثيف الحوار مع الدول الأوروبية الأعضاء في الجنوب المتوسطي المنافسة للمغرب داخل السوق الأوروبية.وقد تطورت العلاقات المغربية الأوروبية بشكل ملحوظ، في مجال الإصلاحات التشريعية منذ التوقيع على مخطط عمل سياسة الجوار سنة 2004، الذي دخل حيز التنفيذ في بداية سنة 2005 لمدة محددة في 5 سنوات على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف([6]). فيما عرفت السنوات الأولى من العلاقات المغربية الأوروبية، ضمن سياسة الجوار الأوروبية، انتظاما في الحوار السياسي على مستوى اللجن ومجموعات العمل التي وضعتها اتفاقية الشراكة، وخاصة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان والديمقراطية والحكامة. إذ تعددت الزيارات واللقاءات بين الطرفين، غلب عليها البعد التقييمي لمدى تقدم المغرب في الإصلاحات التي يطالبه بها الاتحاد الأوروبي. واستمر تطور الحوار السياسي بين الطرفين في إطار اتفاقية الشراكة وسياسة الجوار، إذ دخل الطرفان بذلك مرحلة التفاوض بشأن عدة اتفاقيات قطاعية منذ سنة 2003، شكلت جوهرا وركنا أساسيا في محتوى الوضع المتقدم([7]). وتزامن هذا التطور في العلاقات المغربية الأوربية مع تفعيل الاتحاد الاوربي للوثائق المرجعية لسياسة الجوار، حيث عقد الاتحاد مع البلدان الشريكة خطط عمل في إطار سياسة الجوار ثلاثية السنوات، تم تكييفها مع الوضع الخاص لكل شريك وتتضمن إجراءات مشتركة مصحوبة بأدوات مالية، وهذا ما يحسد مبدأ التمايز في مجال سياسة الجوار الأوروبية، وقد كان المغرب البلد الأكثر تقدما على هذا المستوى([8]).
ونتيجة لهذه الجهود المغربية الدالة على رغبة المغرب في تعميق التعاون مع الاتحاد الأوروبي، انعقد مجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في يوليوز2007، حيث تقرر الدخول في حوار معمق من أجل تطوير العلاقات المغربية مع الاتحاد الأوروبي. وذلك على ضوء طلب المغرب الراغب في الاستفادة من وضع متقدم في علاقته مع الاتحاد الأوروبي. وقد انبثق عن هذا الاجتماع إحداث فريق عمل خاص مغربي أوروبي توصل بعد ثلاث جولات تفاوضية إلى بلورة مشروع وثيقة مشتركة، في شكل إعلان الوضع المتقدم المرفق بوثيقة مشتركة (Document conjoint)، وصفت بكونها خارطة الطريق، خلال الدورة السابعة لمجلس الشراكة المغربي الأوروبي المنعقد في 13 أكتوبر 2008 باللكسمبرغ. ومباشرة بعد إعلان الوضع المتقدم، انعقدت الدورة الخامسة للحوار السياسي المعزز بالرباط في 5 يناير سنة 2009، وتباحث فيها الطرفان إمكانيات تطوير آليات التنسيق والتشاور من أجل إعطاء بعد ملموس للوضع المتقدم. بعد ذلك تم عقد أول قمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في غرناطة في مارس 2010([9]).
ولم يشكل تطوير الحوار السياسي مع المغرب استثناء يعكس عمق ومتانة العلاقات الثنائية، التي ما فتئ الطرفان يؤكدان عليها، وإنما أتى في سياق تعزيز الحوار السياسي في إطار سياسة الجوار، حيث عمل الاتحاد الأوروبي على تنشيط الحوار الأورومتوسطي، بعقد مجموعة من الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية مع دول الجوار منذ سنة 2007. كما عمل على تكثيف التعاون البرلماني، وتعزيز التمثيلية الدبلوماسية في جميع البلدان الشريكة لسياسة الجوار الأوروبية([10]). غير إن العلاقات المغربية الأوروبية تطورت بشكل ملموس ومغاير، منذ بدء الشروع في الأعمال التحضيرية للوضع المتقدم، هذا ما دفع العديد من الباحثين المهتمين، إلى اعتبار البعد السياسي لالتزامات الطرفين في الوضع المتقدم، هي التي تميزه عن المبادرات والبرامج التي بدأت في السابق، ذلك لأنهما أوليا للحوار السياسي والاستراتيجي أهمية قصوى([11]). ويشمل الحوار السياسي جميع مجالات التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي، رغم تضمنه في محور خاص به في الوثيقة المرفقة. أما وثيقة الإعلان المتقدم، فقد حددت في الفقرة الثانية التوجهات العامة للحوار السياسي الاستراتيجي بالربط بين العلاقات الثنائية للمغرب، ودوره “الفعال” في دعم المبادرات الأوروبية بالمنطقة الأورومتوسطية.
وهكذا، انطلق الحوار السياسي المتطلع إلى الوضع المتقدم، والذي أثمر منح الاتحاد الأوروبي المغرب “وضعا متميزا” دون باقي الدول الشريكة. وقد أخذ التعاون في مجال الحوار السياسي بين الطرفين في إطار الوضع المتقدم وضعا مزدوجا، كمجال للتعاون وكآلية للتفاوض؛ فالوضع المتقدم يهدف إلى إنشاء آليات لتعزيز التعاون والحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، من خلال تعزيز دور المؤسسات المشتركة. وكذلك، اهتمت اتفاقية الشراكة بمأسسة وتنشيط الحوار السياسي بين الطرفين. وتكمن مهمة هذه المؤسسات في فض كل الخلافات التي من الممكن أن تقع بين الطرفين، في تنفيذ وتطوير العمل في المحاور المعتمدة في اتفاق الشراكة، والرفع من مستوى التشاور والتفاهم حول القضايا الدولية.
وقد أتت سياسة الجوار الأوروبية لتعمل على تقوية وتعميق بنود اتفاقية الشراكة، من خلال تأكيدها على مأسسة الحوار السياسي، الذي تم دعمه بالحوار السياسي المعزز، بشكل يمكن من تطوير التعاون في المجالات السياسية والأمنية ومحاربة الإرهاب والهجرة؛ والتحرير التجاري والانفتاح الاقتصادي، وهي المحاور التي استهدفتها سياسة الجوار كأولويات لتطوير العلاقات مع الدول الشريكة. ويتضمن الجدول التالي تطور محاور الحوار السياسي في مستواها الوظيفي:
جدول رقم (1): أهم تطورات الحوار السياسي منذ اتفاق الشراكة إلى الوضع المتقدم
المجال | اتفاقية الشراكة([12]) | سياسة الجوار([13]) | الوضع المتقدم([14]) |
الحوار السياسي | وضع إطار ملائم للحوا ر السياسي بهدف الرقي العلاقات بين الطرفين في شتى المجالات. الرفع من مستوى التفاهم والتشاور حول القضايا الدولية؛ احترام مصالح ومواقف الطرفين. | الارتقاء وتكثيف التعاون السياسي من خلال الحوار السياسي المعزز. تعزيز المؤسسات المكلفة بتقوية الممارسة الديمقراطية ودولة القانون. دعم التعاون الأورومتوسطي في إطار سياسة الجوار؛ و “اتحاد المغرب العربي”. | مأسسة الحوار السياسي:(قمم سنوية بين السلطات العليا للطرفين، لقاءات تشاورية بين كبار الموظفين). مشاورات اجتماعية بين الطرفين في إطار المحافل الدولية وعلى هامش الاجتماعات الوزارية للمجلس الأوروبي. اجتماعات منظمة في إطار الحوار السياسي المعزز. مشاركة المغرب في اجتماعات اللجن ومجموعات العمل لمجلس الاتحاد الأوروبي. |
من خلال الجدول أعلاه يتأكد، أن الوضع المتقدم قد حافظ على التراكم المسجل سابقا مع مستجدات محدودة شملت مأسسة هذا الحوار السياسي، أهمها قمة سنوية بين السلطات العليا للطرفين، لقاءات تشاوريه بين كبار الموظفين. ولم يرد هناك تحديد لمعنى الحوار السياسي الاستراتيجي. غير أنه عمليا يتحدد في الدور الذي يقوم به كآلية للتفاوض وتطوير التعاون، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في السابق، وهو بذلك يشكل بعداً أفقيا، والحوار هنا لا يتوقف عند تناول الخطابات السياسية المحضة، وإنما يخوض عمليا في التفاوض والوصول إلى التسويات الممكنة وتطبيقها على الأرض.
وبالتالي، فإن الحوار الاستراتيجي، واستنادا لتاريخ العلاقات الثنائية، يحيل أكثر على الخطط والتكتيكات التفاوضية الظرفية، أكثر منها الخوض في المسائل الاستراتيجية البعيدة المدى، المتمثلة في الإشكالات المعقدة العميقة، والتي تتطلب أسسا ومواقف جريئة ومصداقية ووضوح في معالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومن تم فقد تعددت مجالات الحوار السياسي، فبالإضافة إلى الحوار العام الذي يتم من خلال المؤسسات المعتمدة، نجد هناك حوارا معززا، حوار اجتماعيا، حوارا اقتصاديا، وحوارا حضاريا وثقافيا. وقد اهتم الوضع المتقدم بالحوار السياسي بوصفه مدخلا للتعاون، ولتطوير العلاقات الثنائية في شتى المجالات حيث يسعى الطرفان إلى تمتين الحوار السياسي في أبعاده الثنائية والجهوية والدولية. وذلك لأن الحوار السياسي هو الأداة التي ستمكن من تطوير التعاون في إطار الوضع المتقدم، وإعطائه محتوى لتحويله من مجرد إعلان نوايا إلى اتفاقية ملزمة محددة الآثار، والمسؤوليات المترتبة عنها، حيث أن هذا الوضع يبقى إلى حدود الساعة بدون محتوى واضح الأمر الذي سبق التأكيد عليه بنفس التعبير في الفقرة 2 من إعلان الوضع المتقدم، وفي النقطة 7 من الوثيقة المرفقة بهذا الإعلان. وكذلك أخذ التعاون في مجال الحوار السياسي بين الطرفين في إطار الوضع المتقدم وضعا مزدوجا، فمن جهة هناك الحوار السياسي المعزز([15])، ومن بين وظائفه تعميق النقاش، والوصول إلى تسويات في الأمور العالقة من القضايا الحساسة، ثم الحوار المؤسساتي الذي يعمل الطرفان من خلاله على تطوير التعاون في المجالات ذات البعد التقني، حيث يهدف الحوار السياسي بنوعية إلى مواصلة المفاوضات بين الطرفين من أجل إعطاء وضع محدد للوضع المتقدم، وتطوير محتواه.
الفقرة الثانية: مضمون الحوار السياسي المعزز
يعد الحوار السياسي المعزز أحد مكونات الحوار السياسي الاستراتيجي، حيث نصت الوثيقة المرفقة في النقطة 4 من هذا المحور الأخير على أن” ضمان انتظام اجتماعات الحوار السياسي المعزز، وبرمجة اجتماعات موضوعاتية بين المغرب والاتحاد الأوروبي (الكتابة العامة للمجلس/ المفوضية)”؛ بينما أشارت الفقرة 8 من إعلان اللكسمبرغ إلى الحوار المعزز في هذه المادة التي ركزت على مشاركة المغرب في السياسة الأوروبية للأمن والدفاع، حيث أكدت على “الحوار السياسي المعزز، الذي تنعقد اجتماعاته على فترات منتظمة، هو إطار ممتاز لتعزيز التعاون و”التفاهم المتبادل”. ولم يتم العثور في أدبيات التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي على تعريف قانوني أو فقهي للحوار السياسي المعزز المعتمد في إطار سياسة الجوار الأوروبي.
ومن خلال البيانات الصادرة عن الطرفين بمناسبة انعقاد دورت الحوار السياسي المعزز، يمكن تعريف الحوار السياسي المعزز كفضاء للنقاش والحوار، وللتشاور والتقييم، وهو يشكل بذلك فرصة لتعميق النقاش في الأمور التي مازالت عالقة بين مسؤولي الطرفين، وتقريب وجهات النظر فيها قبل أن يتم اعتمادها في إطار الأجندة الرس
مية للمفاوضات، والحوار السياسي المعمق أو الحوار السياسي الاستراتيجي مازال مستمرا بشكل موازي لمؤسسات
الوضع المتقدم. ويتم الحوار السياسي المعزز بين المغرب والاتحاد الأوروبي في إطار اللقاءات التشاورية بين الطرفين على مستوى رئاسة الاتحاد الأوروبي، والمشاورات السياسية مع الأمانة العامة لمجلس الاتحاد الأوروبي، وأيضا في إطار حوار دائم ومنتظم بين الطرفين من خلال دوارات سنوية، واجتماعات أخرى بين كبار الموظفين. وقد تم فٌتح الحوار السياسي المعزز جهويا، غير إنه تطور فعليا على الصعيد الثنائي، حيث كان المغرب أول دولة عربية عملت على الانخراط في هذا الحوار في إطار سياسة الجوار. فيما قام الحوار السياسي المعزز على أساس التدابير التالية([16]):
- تعزيز التعاون السياسي والجهود الإقليمية والدولية لتسوية النزاعات؛
- دعم الدول الشريكة في الانخراط التدريجي في السياسة الأوروبية للأمن المشترك؛
- تنشيط الحوار غير الرسمي، وتعزيز التمثيلية الدبلوماسية في جميع دول سياسة الجوار الأوروبية.
وبالإضافة إلى الحوار السياسي العام، فهناك حوار اقتصادي وآخر اجتماعي، تم التنصيص عنهما من طرف اتفاق الشراكة، حيث نصت المادة 44 الفقرة (أ) من اتفاق الشراكة على أن يشمل الحوار السياسي المنتظم بين الطرفين كافة مجالات سياسة الاقتصاد الكبرى، تبادل المعلومات وأنشطة الاتصال، أعمال الاستشارة والخبرة والتكوين، تنفيذ الأعمال المشتركة، المساعدات التقنية والإدارية والتنظيمية. أما بخصوص الحوار الاجتماعي، فد نصت المادة 69 على أن “يتم إرساء حوار اجتماعي بين الطرفين يشمل كل موضوع يكتسي أهمية بالنسبة إليهما”. فيما استمر العمل بهذين الحوارين بين الطرفين سواء في إطار اللجن الفرعية المنبثقة عن مجلس الشراكة أو في إطار لقاءات ومفاوضات خاصة، في حين تطور الحوار الاقتصادي ليدخل مجال الحوار المعزز، بدل أن يخضع لمقتضيات اتفاق الشراكة الملزمة للطرفين. أما الوضع المتقدم فلم يشر بوضوح إلى الحوار الاقتصادي والحوار الاجتماعي.
لذلك فإن الحوار في الوضع المتقدم يعتبر في الحقيقة ديناميكية أفقية، نظرا للطبيعة العامة والتوجيهية لهذا
الوضع. فهذه الطريقة التي تم التعامل بها مع الحوار تؤكد المهمة التي أوكلت له في ترجمة التوجهات والمحاور العامة
للوضع المتقدم، في شكل ومضمون خاصين، أو من خلال برامج العمل السنوية والمتعددة السنوات، مثل برنامج عمل تنفيذ الوضع المتقدم…الخ.
المطلب الثاني: الحوار السياسي كمجال للتعاون
لم يرد الحوار السياسي كمجال للتعاون بهذه الصفة في الوثائق المنشئة للوضع المتقدم، وإنما تم اعتباره كذلك لكونه يتضمن أنشطة ومحاور تعاون في مجالات ذات صلة بالحوار السياسي، مثل المجال البرلماني والحزبي والأمني والقضائي (الفقرة الأولى).
أما حقوق الإنسان، وإن كانت بطبيعتها تتموقع في صلب الحوار السياسي، فإنها كذلك مجالا وقضية ذات تأثير بالغ الأهمية على مجال العلاقات الثنائية، لا سيما حينما يتعلق الأمر بالاستخدام الأوروبي لها، كما تعكسه مشروطية حقوق الإنسان والديمقراطية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: في مجال التعاون البرلماني والحزبي، والأمني، والقضائي
إن الربط بين الحوار السياسي والتعاون في مجال البرلماني والحزبي، والأمني، والقضائي، وحقوق الإنسان ينبع من مركزية هذه المجالات التي ترتبط بالمرجعية والخصوصية الحضارية، ومن تم بمجالات تتطلب تعميق الحوار السياسي. لكن مع مواكبة هذا الحوار بمجموعة من التدابير والأنشطة، تبرز مكانة هذه المحاور كمجالات للتعاون المشترك كذلك، ويمكن ملاحظة ذلك من الجدول التالي:
جدول رقم (2) : أهم تطورات التعاون في المجال السياسي بين المغرب والاتحاد الأوروبي منذ اتفاق الشراكة إلى الوضع المتقدم
المجال | اتفاق الشراكة 1996 | برنامج عمل سياسة الجوار 2004 | إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به 2008 |
البرلماني والحزبي | دعم القنوات الدبلوماسية والإعلام. | تبادل التجارب والخبرات، فيما يخص الإطار التنظيمي للأحزاب السياسية؛ تقوية القدرات الإدارية، خاصة دعم تنفيذ قانون الالتزام بتعليل المقررات | إنشاء لجنة برلمانية مشتركة بين الطرفين؛ تبادل التجارب، والخبرات بين الأحزاب السياسية. |
الأمن | السعي إلى تقوية الأمن والاستقرار بالمنطقة ؛ مكافحة تبييض الأموال و المخدرات. | القضايا الإقليمية والدولية وتقوية الحوار السياسي والتعاون في السياسة الخارجية والأمن على المستويين الثنائي والجهوي؛ مواصلة تطوير التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وحماية اللاجئين وفق المعاير الدولية؛ وقبول عودة المهاجرين المغاربة وترحيل المهجرين من دول ثالثة. | مشاركة المغرب في السياسة الأوروبية للأمن والدفاع توقع التوقيع على اتفاقية العودة قبول المهاجرين؛ ولوج المغرب إلى وكالات الأمن الأوروبية وعمليات إدارة الأزمات: |
القضائي | ———– | تعزيز الولوج إلى مرفق العدالة: تبسيط المساطير وتقليص آجال التقاضي، دعم تنفد مدونة الأسرة؛ دعم المخطط الوطني لإصلاح الإدارة السجنية وظروف الاعتقال؛ تبادل المعلومات حول التشريع بخصوص المعاهدات والآليات الدولية، ودعم تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للتعاون القضائي؛ وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة؛ تتبع تنفيذ نتائج اللجنة الفرعية المشتركة للعدالة والأمن حول عمليات تدبير الحدود وتسريع تنفيذ محاور برنامج ميدا بشأن مراقبة الحدود؛ تعزيز التعاون في مجال مكافحة لجريمة المنظمة (بما في ذلك تهريب البشر). | وضع أجندة لتحيين وتنسيق التعاون القضائي؛ دعم مشروع تطوير الإطار التشريعي والمؤسساتي المغربي للجوء، بدء التعاون العملي في إعادة تأهيل السجناء؛ الانضمام التدريجي للمغرب إلى اتفاقيات مجلس أوروبا؛ إبرام اتفاق التعاون بين المغرب وأوروجست؛ التعاون في تنفيذ الميثاق الوطني في مجال العدل؛ مواصلة التوقيع على اتفاقيات التعاون القضائية خاصة مع الدول الأعضاء؛ إصلاح القضاء ومحاربة الفساد. |
وقد ارتبط التعاون في المجال البرلماني والحزبي، والأمني والقضائي، وحقوق الإنسان بالحوار السياسي، ليس فقط بحكم جوهرها السياسي، وإنما لكونها مجالات حساسة ترتبط بشكل مباشر بسيادة وهوية الدولة. وفيما يلي تحديد مكانة هذه المجالات في الوضع المتقدم:
التعاون البرلماني والحزبي
لقد اتسم الحوار والتعاون السياسي في إطار اتفاقية الشراكة بنوع من الغموض وعدم التدقيق، ومع ذلك فإنه عمل على مأسسة الحوار السياسي عبر مجلس الشراكة، ولقاءات كبار الموظفين واللجان الفرعية. ولم يول اتفاق الشراكة أهمية ذات بال للتعاون البرلماني والحزبي، أما مخطط عمل سياسة الجوار الأوروبية فتم فيه التأكيد على دعم الديمقراطية وسيادة القانون، من خلال تبادل التجارب والخبرات، فيما يخص الإطار التنظيمي للأحزاب السياسية وتقوية قدراتها التنظيمية. أما الوضع المتقدم فقد أعطى للتعاون البرلماني والحزبي شكلا أكثر قوة، من خلال إنشاء لجنة برلمانية مشتركة، وكذلك دعم اللقاءات الحزبية بين الطرفين. وهكذا، فإن التعاون البرلماني والحزبي هو أيضا تطور ضمن الآليات السابقة في إطار الحوار السياسي، الذي انطلق مع اتفاقية الشراكة، ثم مخطط عمل سياسات الجوار، وفي إطار الدبلوماسية البرلمانية والمدنية مثل جمعية الصداقة المغربية الأوروبية…إلخ.
ب-المجال الأمني:
لقد ربط إعلان الوضع المتقدم بين أهمية التعاون متعدد الأطراف الأفقي الثلاثي جنوب -جنوب -شمال، من خلال تفعيل آليات التعاون المتعدد الأطراف، مثل اتحاد المغرب العربي، الاتحاد من أجل المتوسط (الفقرة 7من إعلان الوضع المتقدم)؛ وبين التطور الحاصل في التعاون الثنائي المغربي الأوروبي في إطار السياسـة الخارجية للأمن والدفاع (المواد 8 و9 و10 من إعلان الوضع المتقدم). وشكلت اتفاقية الشراكة قفزة نوعية على مستوى توسيع مجالات التعاون، وليس على مستوى النتائج المحققة، لتشمل بذلك الجوانب الأخرى وعلى وجه الخصوص، تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة المتوسطية والمغاربية، بالإضافة إلى التأكيد على محاربة التهريب والمخدرات وتبييض الأموال…الخ.
وجاءت سياسة الجوار الأوروبية أكثر قوة في تبني القضايا الأمنية بسبب “المخاوف الأمنية”([17]) التي أصبحت تتوغل في المنطقة الأورومتوسطية بأكملها، حيث بدأ الاتحاد الأوروبي أكثر جدية في التعاطي مع الملف الأمني، لما له من أهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وبدوره لم يستثن الوضع المتقدم الاهتمام الأمني، بل شكل هذا الجانب أحد أهم المجالات التي عرفت مستجدات ذات تطور ملحوظ، فقد تضمن إمكانية مشاركة المغرب في عمليات السياسة الأوروبية للدفاع المشترك، وولوجه العديد من المؤسسات الأمنية. وعلاوة على المبادئ العامة المتعلقة بالأمن والاستقرار بمنطقة المتوسط وشمال وجنوب إفريقيا، والدور المحوري للمغرب في التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي، أشارت الوثيقة المرفقة على أن هذا الجانب سيمكن كل من المغرب والاتحاد الأوروبي من التصدي المشترك والصارم لجميع القضايا الأمنية التي تؤثر على الأمن الإقليمي مع التأكيد على أهمية أن يتم ذلك مع احترام وحماية حقوق الإنسان.
ويعتبر مفهوم الأمن الاستراتيجي من المستجدات المتميزة في الوضع المتقدم، ليس من حيث المضمون، ولكن أيضا من حيث الأهمية التي أصبحت توكل إليه، في دعم التعاون مع الدول المؤثرة في المنطقة والاتحاد الأوروبي. وقد عكست ديباجة الوثيقة المرفقة بوضوح الاستراتيجية الأوروبية المتبعة، المبنية على اعتماد التدرج في تطوير التعاون مع دول الجوار، بشكل يضمن مردودية وفعالية أكثر إلى الحد الأقصى الممكن، حيث نصت على: “أن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، التي بدأت في إطار اتفاقية الشراكة وسياسة الجوار الأوروبية، مكنت من تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية، وتطور مهم للتبادلات الثقافية والإنسانية. هذه الشراكة أصبحت أيضا تعالج الآن المجالات الاستراتيجية، المتعلقة بالأمن الجماعي. إن الاتحاد الأوروبي يرحب بجهود المغرب في مكافحة التطرف. ويؤكد الاتحاد على عزمه تطوير التعاون مع المغرب في مجال منع ومكافحة التطرف في أوروبا، وعلى أهمية تطوير التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وبلدان منطقة الساحل والصحراء، من أجل مكافحة أكثر فعالية ضد الشبكات الإرهابية” (الفقرة 22 من إعلان الوضع المتقدم).
وإن كان اتفاق الشراكة الأورومتوسطية وإعلان برشلونة، قد تضمن مقتضيات تتعلق بالأمن والاستقرار بالمنطقة، همت الحوار السياسي على وجه الخصوص(الفصل الأول المواد من 3 إلى 5)، فإنها لم تأخذ بعدا حقيقيا وفعليا إلا مع الحرب على الإرهاب، في التعاون مع الدول الأعضاء في إطار مخطط عمل سياسة الجوار 2004. وقد تضمن هذا الأخير، مقتضيات مهمة تتعلق بالتعاون في مجال الإرهاب، إذ ورد فيه ذكر كلمة إرهاب 17 مرة، وحين ترتيب محاور التعاون بين الطرفين، تم إدراج التعاون في مجال محاربة الإرهاب في المرتبة الثانية، بعد الإصلاحات التشريعية وتطبيق المقتضيات الدولية في مجال حقوق الإنسان. وقد استجاب مخطط عمل سياسة الجوار إلى الظرفية التي كانت سائدة آنذاك، والتي تلت السنوات الأولى لأحداث 11 شتنبر 2001، حيث ركز هذا المخطط على القضايا الإقليمية والدولية والتعاون في مجال العلاقات الخارجية؛ وفي مقدمتها تدبير الأزمات والحد من النزاعات([18]) ومواصلة تطوير التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وذلك من خلال: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال منع ومكافحة الإرهاب- في خطة العمل هذه التي سيتم تطويرها داخل اللجان الفرعية ذات الصلة- تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1267-1299 و1373-1301، عبر تصديق وتنفيذ جميع الاتفاقات والبروتوكولات الدولية المناسبة المتعلقة بالإرهاب، تبادل وجهات النظر والمعلومات والخبرات، تنفيذ التشريعات المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، ضمان احترام حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب؛ التعاون في مجال مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل وفق قرار مجلس الأمن رقم1540/04 مع الحرص على التطبيق الكامل للمخطط الوطني للالتزامات الدولية الجاري العمل به، وتشجيع الإدماج والملائمة مع باقي الآليات الدولية في مراقبة الأسلحة وأنظمة الصادرات ومحاربة التجارة غير المشروعة، تشجيع الأحكام ذات الصلة بالشراكة السياسية والأمنية لإعلان برشلونة، ولا سيما تلك المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، بطريقة متوازنة ومتدرجة. ونتيجة لذلك، جاء هذا المخطط بمثابة أجرأة لسياسة الجوار الجديدة، تعكس الأهمية المعطاة للبعد الأمني وحماية الاتحاد الأوروبي من الإرهاب والمخاطر الأمنية، إذ زكى مكانة البعد العملي للتعاون المغربي الأوروبي الأمني في إطار السياسة الأوروبية للأمن والدفاع، وفي محاربة الإرهاب في صلب الحوار السياسي([19]).
ج- المجال القضائي
إن اتفاقية الشراكة لم تتطرق لهذا الملف، وكان غائبا في بنودها. أما مخطط عمل سياسة الجوار فركز على دعم مجال الحكامة والفعالية القضائية وتعزيز الولوج إلى مرفق العدالة بالمغرب. غير أن اتفاق الوضع المتقدم أعطاه أهمية بالدعوة إلى مواصلة التوقيع على اتفاقيات التعاون القضائي، وبالخصوص مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، علاوة على التأكيد على إصلاح المنظومة القضائية ومحاربة الفساد .وقد تضمن الوضع المتقدم مقتضيات، غير مسبوقة في مجال التعاون القضائي، وهذه المقتضيات تعتبر تكميلية لتلك المتعلقة بالجانب الأمني. وبذلك فإن الاتحاد الأوروبي يعمل على خلق فضاء قضائي موازي لفضاء التعاون الأورومتوسطي، بعيدا عن التعاون الدولي في إطار هيئة الأمم المتحدة، وهو إطار شبيه بالاستراتيجية الأوروبية، بحيث يكون الإطار المتعدد الأطراف، إطارا جامعا وموحدا للسياسات القضائية حول الفضاء الأوروبي للعدل، الذي يعمل على ضمان وحماية التعاون الأورومتوسطي الذي يجمع الدول حول السوق الداخلية الأوروبية، في حين تكون الاتفاقيات الثنائية أداته الفعلية.
الفقرة الثانية: في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية
يفرض الاتحاد الأوروبي شرط ضمان وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية([20]) كبند مسبق في اتفاقات الشراكة والتعاون مع دول ثالثة. وتبعا لالتزام الدول الشريكة بهذا الشرط، يتحدد موقف الاتحاد الأوروبي، إما بالاستمرار في تعزيز التعاون أو تعليقه. وإن هذا التوجه الأوروبي، الذي عرف بمشروطية حقوق الإنسان، سيحضى بأولوية خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بالموازاة مع تكريسه للمقاربة المعيارية الإقليمية المتمركزة حول مفهوم القوة الناعمة، فقد عكف الاتحاد من أجل ذلك للعمل على نقل المعايير الأوروبية إلى دول الجوار، مستند في ذلك على سياسة الدعم المالي والتقدم في تبني الإصلاحات الاقتصادية، والمشروطية الحقوقية والسياسية
(حقوق الإنسان، والديمقراطية) ([21]).
والملاحظ أن اتفاقية الشراكة تجاهلت حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، مقابل الاهتمام الذي حظيت به الحقوق السياسية والديمقراطية، إذ جعلتها أساسا للشراكة. فقد ورد في ديباجة الاتفاقية ما يلي:” واعتبارا منهما للأهمية التي يوليها الطرفان لاحترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة لاحترام حقوق الإنسان والحريات السياسية والاقتصادية التي تٌشكل أساسا للشراكة”. وقد أبقى الاتحاد الأوروبي على نفس استراتيجيته في التعاون في مجال حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها دوليا، حيث سبق للاتحاد الأوروبي أن اعتمد عمليا مشروطية حقوق الإنسان، من خلال ربطه مواصلة العمل ببرنامج الدعم في إطار برنامج ميدا، بمدى احترام الدول لمبادئ حقوق الإنسان ودولة القانون، الشيء الذي سبق التنصيص عليه في اتفاقية الشراكة. وفي إعلان الوضع المتقدم دعا الاتحاد الأوروبي المغرب إلى الالتزام الفعلي بالديمقراطية وحقوق الإنسان. بعد أن أشاد بالتقدم الحاصل في هذا المجال. وخصصت الوثيقة المرفقة لهذا المجال محاور خاصة، في إطار الحوار السياسي.
وعلى نفس النهج سار الاتحاد الأوروبي، في تعزيز مشروطية حقوق الإنسان في إطار برنامج عمل سياسة الجوار 2004، الذي يعد مرحلة تمهيدية لتعميق وتوسيع مجال هذه المشروطية في إطار الوضع المتقدم. كما يتجلى من خلال الجدول أسفله، حيث تبين منه أن الوضع المتقدم ألزم المغرب بمواصلة الإصلاحات التشريعية المتعلقة بحقوق الإنسان، إذ تضمن مجموعة من المقتضيات؛ مسجلا بذلك رفع مجال حقوق الإنسان إلى درجة حاسمة، شملت الجوانب التي تميز التعامل بشأنها بالمرونة والتساهل. ويأتي ذلك في إطار تجاوز المرحلة الأولى التي انطلقت منذ اتفاق الشراكة، وتعززت خلال مخطط عمل سياسة الجوار، حيث يلاحظ أن المحاور والأنشطة التي تبناها هذا المخطط أتت مرتبطة بصيغ تدل على طبيعتها المرحلية مثل تعزيز أو تقوية فتح حوار، دراسة إمكانية انضمام…الخ. بينما وردت في الوضع المتقدم بصفة مؤكدة مثل انضمام المغرب إلى…، إنهاء الحوار…الخ.
المجال | اتفاق الشراكة 1996 | برنامج عمل سياسة الجوار 2004 | إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به 2008 |
حقـــــــوق الإنسان | التزام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان كأساس للشراكة بين الطرفين. استلهام الطرفان لسياساتهما من احترامهما المرجعية الكونية لحقوق الإنسان والديمقراطية. | مان وحماية الحريات الأساسية طبقا للمعاير الدولية لحقوق الإنسان؛ ودارسة إمكانية انضمام أو مصادقة المغرب على مقتضيات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. حرية التجمع والتعبير: تنفيذ تبادل الخبرات بشأن إصلاح مدونة الصحافة؛ تعزيز التعاون ودعم قانون تحرير مجال السمعي البصري. الرفع من مستوى حماية حقوق المرأة والطفل: تطبيق مدونة الأسرة، محاربة التميز والعنف ضد النساء عبر تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء؛ دعم دور المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية (الفصل 71 من اتفاق الشراكة). | الانضمام التدريجي للمغرب إلى اتفاقيات المجلس الأوروبي في مجال حماية الحقوق الأساسية والانفتاح على المشاركة في مؤسسات هذا المجلس على غرار الدول غير المنضمة للمجلس الأوروبي. تقوية الحوار والتعاون في مجال محاربة العنصرية والعداء للأجانب. مواصلة التعاون لمصاحبة الاستراتيجية الوطنية في مجال حقوق الإنسان، والتعاون ضمن الاستراتيجية الوطنية للمساواة؛ المساندة الأوروبية للإصلاح التشريعي في مجال حماية النساء من العنف. المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، والتعاون من أجل تكييف التشريعات مع معاهدات لأمم المتحدة الخاصة بالأشخاص المعاقين والأطفال، ومن أجل تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بما في ذلك قضية الإصلاح الدستوري، سيما مسألة إعادة توزيع السلط. |
وهكذا، فخلال السنوات التي سبقت إعلان الوضع المتقدم، أشاد الاتحاد الأوروبي كثيرا بالتقدم المسجل بالمغرب في مجال حقوق الإنسان، خاصة على مستوى الديمقراطية والحريات السياسية، حيث ما فتئ يستند بالتقدم الحاصل بالمغرب في هذا المجال، ليدخل التعاون بين الطرفين المرحلة الثانية والتي تستهدف المجالات التي مازالت عالقة ليدخل عقبها مرحلة أخرى من الضغوط بشأن عدم احترام حقوق الإنسان، تشمل قضايا شائكة مكلفة ماليا وسياسيا. فما ورد في الوضع المتقدم هي محاور عامة، تبرز أكثر من خلال التقارير التقييمية السنوية الصادرة عن المفوضية الأوروبية (تقارير التقييم السنوي لبرامج العمل والتقارير المرجعية لسياسة الجوار في مجملها).
وهي منهجية تعكس التوجه الأوروبي إلى إجبار المغرب، وفقد مبدأ التدرج، على تبني كامل لمقتضيات حقوق الإنسان الكونية (من وجهة النظر الأوروبية)، وحرمانه من حقه في التحفظ المعمول به في القانون الدولي ([22]).
وقد شملت عبارة حقوق الإنسان تقريبا جميع مجالات التعاون بشكل أفقي، حيث أنها تتخذ بعدا سياسيا ومعياريا وشرطا أساسيا لمواصلة التعاون في إطار الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي؛ وإن لم يتم التنصيص على ذلك صراحة. وإن جرت العادة على أن يتم التنصيص في ديباجة الاتفاقات أو الوثائق السياسية بين الطرفين على أهمية حقوق الإنسان، وحوار الحضارات، والتعاون بين الشعوب، والقيم المشتركة، فإنها في الوثائق المنشئة للوضع المتقدم لم تتبع نفس النهج، وتم الحديث عنها في صلب الوثيقة، حيث تم التأكيد على التقدم الحاصل من طرف المغرب في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 16 من إعلان للوكسمبورغ)، إذ حث الاتحاد الأوروبي المغرب على القيام بمزيد من الإصلاحات من أجل تحقيق دولة الحق والقانون، وأصر على الالتزام بضمان وحماية حقوق الإنسان، وفي ذلك طلب من المغرب اتخاذ مجموعة من التدابير في هذا الشأن، كما ورد ذلك في الجدول أعلاه، ومنها تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، إصلاح نظام العدالة، ضمان وحماية الحريات الفردية…الخ (الفقرة 17 من إعلان الوضع المتقدم).
وقد عبر الاتحاد الأوروبي عن دعمه لعملية إعداد استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، والمبادرات الأخرى خاصة تلك المتعلقة بدعم حقوق النساء (المادة 15 من إعلان الوضع المتقدم). وكذلك، اتبع الاتحاد الأوروبي نفس المنهجية في التعاطي مع المغرب في قضايا حقوق الإنسان، من خلال التأكيد على التطور الحاصل (التحفيز) ودعوته إلى مزيد من الإصلاحات(المشروطة)، وقد نصت الوثيقة المرفقة على أهم المحاور العملية في مجال التعاون في حقوق الإنسان(ينظر الجدول أعلاه)، تنصب جميعها في تبني القيم والمعايير الأوروبية في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، تحديدا ‘نزاهة” الانتخابات والتي أصبحت تشكل “هاجسا” للاتحاد الأوروبي بعد الربيع العربي، وتجلت واضحة في مراجعة سياسة الجوار سنة 2011، التي قامت على مركزية مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
أما المجالات التي شهدت تطورا ملموسا في اطار الوضع المتقدم فتتعلق اساسا بفتح مجال لمشاركة المغرب في السياسة الاوربية للأمن والدفاع المشتركة، وكذا في الوكالات والمعاهد الامنية الأوروبية، مثل المعهد العالي لمحاربة الجريمة، برنامج تنمية ميكانيزمات مراقبة الحدود، مشاركة المغرب في عمليات تكوين ودورات، المدرسة الأوروبية للشرطة (CEPOL)، إنشاء اتفاق تعاون بين المغرب والمدرسة الأوروبية للشرطة، وضع اتفاق تعاون بين المغرب والمكتب الأوروبي للشرطة (EUROPOL) الوكالة الأوروبية لأمن الطيران (EASA، والتأسيس لحوار في مجال محاربة المخدرات؛ والبدء بعمليات تعاون مع المرصد الأوروبي للمخدرات؛ (EMCDDA)…الخ.
المبحث الثاني: محتوى ومضمون التعاون الاقتصادي والإنساني في الوضع المتقدم
عمل الوضع المتقدم على تكريس الاهتمام السابق بالتعاون في المجالين الاقتصادي والمالي؛ فعلى المستوى الاقتصادي هدف إلى تحقيق التقارب بين الأنظمة القانونية المغربية والأوروبية، بغية خلق فضاء اقتصادي مشترك ، على غرار الفضاء الاقتصادي الأوروبي، باعتبار أنه من الممكن على المدى المتوسط، أن يشكل الإطار الجديد الذي تسعى إلى بلوغه العلاقات المغربية الأوروبية (المطلب الأول).
أما التعاون الإنساني، فقد اقتصر على دعم الأنشطة الثقافية والتبادل الثقافي والتعاون المشترك بين الفاعلين المدنيين والترابين.فيما اهتم التعاون المالي بالاستخدام الأمثل للآليات المالية الأوروبية وتوسيع مجالها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعاون الاقتصادي والقطاعي
يستمر المجال الاقتصادي في تشكيل النواة الصلبة في العلاقات المغربية الأوروبية. غير إنه ومنذ إعلان برشلونة الذي أدخل العلاقات المغربية الأوروبية ضمن مجال ثنائي وإقليمي أوسع، من خلال الشراكة الأورومتوسطية، وما تلاها من سياسة أوروبية كسياسة الجوار “وسياسة الوضع المتقدم”، وسياسة الجوار المعدلة، والتي سيطر عليها الهاجس الأمني والصراع / الحوار الثقافي الحضاري، فإن هذه الجوانب على الرغم من أهميتها، تظل من الثوابت أو من المتغيرات التابعة، لكون جوهر المسالة يكمن في آخر المطاف تعزيز وتعظيم التواجد الأوروبي، وحماية مصالحه الاقتصادية الضامنة لحياة الرفاه والتماسك الأوروبيين (الفقرة الأولى).
ونظرا لما أصبح للشبكات والتشبيك القطاعي في مجالات حيوية بالنسبة للاقتصاد المعولم، في مجالات النقل واللوجستيك، والطاقة (الامداد الطاقي خاصة الغاز والنفط)…الخ، فقد ركز الوضع المتقدم على ربط المغرب بالشبكات القطاعية الأورومتوسطية، كالكهرباء والاتصالات…الخ. وبذاك، فقد برز مفهوم التشبيك القطاعي بشكل أوضح مع الوضع المتقدم( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التعاون الاقتصادي
يعكس التعاون الاقتصادي في إطار الوضع المتقدم أهمية تعميق وتوسيع مجال التعاون الأوروبي المغربي، في اتجاه تجاوز اتفاق الشراكة ومخططات عمل الجوار. ففي الوقت الذي نص الوضع المتقدم على تطوير التعاون الثنائي في مجالات معينة، كانت المفاوضات الجارية بشأنها قد قطعت أشواطا مهمة. ولم ترتبط انطلاقتها بالوضع المتقدم، ففي الجانب الفلاحي، على سبيل المثال، تمت المفاوضات الجديدة التي بدأها الجانبان في عام 2006 على أساس خارطة الطريق الزراعية التي صدرت على إثر توصيات المؤتمر الأورومتوسطية لوزراء الخارجية المنعقد في اللكسمبرغ في 31 ماي 2005.
ففي السنوات الأربعة السابقة على الإعلان عن الوضع المتقدم، عرفت العلاقات الاقتصادية ديناميكية خاصة في شتى المجالات،
بحيث كان الهدف هو تهيئة جو ملائم للإعلان عن هذا الوضع، عبر تجاوز العديد من النقط الخلافية أو تعليقها إلى حين. وفي هذا السياق، انطلقت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي، والمغرب والدول الشريكة المتوسطية الأخرى ابتداء من سنة 2006، والتي تتوخى التحرير التدريجي للمنتجات الفلاحية والصيد البحري الطازجة والمحولة. وفي نونبر2005، أعلن الاتحاد الأوروبي رسميا قراره فتح المفاوضات الزراعية مع المغرب والدول المتوسطية الشريكة، بينما كان من المتصور أن تدخل خارطة الطريق حيز التنفيذ مع بداية سنة 2007 وفقا لعدة اعتبارات([23]).
أما فيما يخص الخدمات، فقد نص اتفاق الشراكة في الباب الثالث، المتعلقة بحق الإنشاء والخدمات، على أن تحرير التجارة في قطاع الخدمات سوف يتبع نهجا تدريجيا.أما المفاوضات حول الوضع المتقدم مع المغرب فانطلقت المفاوضات بين الطرفين منذ سنة 2008، هذه المفاوضات الثنائية التي ما تزال مستمرة. وجدير بالذكر، أن اتفاق الشراكة لم يتضمن قطاعات خدماتية خارج إطار الالتزامات التي تعهد بها كل طرف في إطار اتفاقية الجات (المادة 53 و58 من اتفاق الشراكة).
لكن الاتحاد الأوروبي عبر عن استعداده في مفاوضات جولة الدوحة (2001) عن تقديم تنازلات تخص القطاعات الجديدة التي دخلت أجندة المفاوضات([24]). ويرجع ذلك لكون الاستثناءات في إطار الجات محدودة في الوقت، إذ أنها لا تستمر أكثر من 10 سنوات؛ ومفتوحة للمراجعة والتعديل([25]).
ومما تجدر الإشارة إليه أيضا، أن اتفاق الشراكة قد اهتم كثيرا بالتوازنات الماكرو اقتصادية، وذلك من خلال تركيزه على دعم سياسة التقويم الهيكلة الهادفة إلى تحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية المادة 76). وتنسيق التعاون بشأن التعاطي مع المشاكل الماكرو اقتصادية من خلال الحوار الاقتصادي (المادة 77). بينما أولى الوضع المتقدم اهتماما في غاية الأهمية للتعميق وتوسيع مجال التحرير الاقتصادي، واعتماد المغرب للمكتسب التشريعي، ليتضح أن المغرب مطالب بالقيام بمزيد من الإصلاحات التشريعية لتقريب التشريع المغربي من نظيره الأوروبي، ليتمكن من ولوج السوق الداخلية للاتحاد، عبر تبني المعايير الأوروبية في المجال الاقتصادي والتجاري، وهي العملية الجارية منذ زمن في إطار الفصل 51 من اتفاقية الشراكة، ومتواصلة حاليا في إطار برنامج إنجاح الوضع المتقدم، وبرنامج عمل تنفيذ الوضع المتقدم.
ويوضح الجدول أسفله أن التعاون الاقتصادي، في إطار الوضع المتقدم هو امتداد لمسلسل إصلاح تشريعي في الأساس ابتدأ مع اتفاقية الشراكة، والتي اهتمت، بالإضافة إلى التحرير التدريجي للتجارة بخلق منطقة للتبادل الحر في أفق سنة 2012، وخلق حوار اقتصادي بين المغرب والاتحاد الأوروبي بغية تعميق التشاور والتفاهم حول القضايا الاقتصادية التي تهم الجانبين، بالإضافة إلى تمكين المنتجات المغربية من الولوج إلى السوق الأوروبية، وكذلك دعم التعاون الإقليمي، وتعميق التعاون في المجالات القطاعية؛ إذ أن المغرب يعمل من أجل مزيد من التكامل بين مختلف السياسات القطاعية بهدف الرفع من وثيرة العرض التصديري.
المجال | اتفاق الشراكة 1996 | برنامج عمل سياسة الجوار 2004 | إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به 2008 |
الاقتصادي والمالية العامة | حرية تنقل البضائع: خلق منطقة التبادل الحر؛ تفكيك الرسوم الجمركية وفق جدولة زمنية تلزم المغرب بإزالة كل الحواجز الجمركية تدريجيا في أفق سنة 2010: المنتجات الصناعية: التحرير التدريجي للتجارة السلع الصناعية في إطار منطقة التبادل الحر؛ المنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري: تحديد قائمة المنتجات الفلاحية المشمولة بالاتفاق؛ تحديد النظام الجمركي المتبع في تحرير المبادلات التجارية بين الطرفين؛ تحرير أوسع لمبادلات من المنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري؛ احترام الملائمة مع مقتضيات منظمة التجارة العالمية: مثل مكافحة لإغراق، خاصة على مستوى الدولة الأولى بالرعاية وعدم التمييز في المعاملة الوطنية. حق إقامة الشركات والخدمات: ضمان الحق في إقامة شركات في أراضي الطرف الآخر وعلى العمل بمبدأ الدولة الأولى بالرعاية بشكل متبادل وفقا لمقتضيات منظمة التجارة العالمية؛ مباشرة عملية تحرير قطاع النقل البحري الدولي؛ العمل ببعض الاستثناءات في مجال الخدمات على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية. المدفوعات ورؤوس الأموال والمنافسة ومقتضيات اقتصادية أخرى: حرية تنقل رؤوس الأموال والفوائد في إطار القوانين؛ الترخيص بتسديد المدفوعات الجارية المتعلقة بالمعاملات الجارية بواسطة عملة قابلة للتحويل. ضمان وحماية المنافسة وحقوق الملكية الفكرية والصناعية والتجارية ؛ دعم المغرب من أجل إبرام اتفاقات بشأن الاعتراف المتبادلة بأنظمة الشهادات بالمطابقة؛ التعاون الاقتصادي: تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك ودعم جهود المغرب من أجل تحديث اقتصاده. | التوازنات الاقتصادية الكبرى: تعزيز التقدم في تحسين المؤشرات الاقتصادية الكبرى لفائدة النمو والتنمية، تعزيز تدبير ومراقبة المالية العامة وتعزيز التنسيق بين الجانبين؛ حركية رؤوس الأموال: تنفيذ الالتزامات الواردة بالباب الثاني من اتفاق الشراكة المتعلقة بالجانب التجاري (حرية تنقل السلع)؛ الجمارك: تحديث النظام الجمركي، وملائمة التشريعات الجمركية المغربية مع المعايير الدولية والأوروبية. حق التأسيس وقانون الشركات والخدمات: توسيع نطاق اتفاقية الشراكة لتشمل حق تأسيس الشركات من طرف واحد في أراضي الطرف الآخر على أساس المادة 31 من اتفاقية الشراكة؛ العمل من أجل التقارب مع المبادئ الأساسية لقواعد ومعايير قانون الشركات الدولية والأوروبية. الخدمات: التحرير التدريجي لها وفتح المفاوضات الثنائية على أساس المادة 31 من اتفاقية الشراكة و ال 5 من اتفاقية الجات. الضرائب:وضع وتنفيذ نظام للضرائب والمؤسسات الجبائية بما يتماشى مع المعايير الدولية والأوروبية في برنامج الإصلاح الضريبي. سياسة المنافسة: اعتماد أحكام لتنفيذ الفقرة 36 من اتفاقية الشراكة وتعزيز تنفيذ قواعد المنافسة، وتطوير التشريعات وآلية المراقبة وملائمتها مع تلك المعمل بها من طرف الاتحاد الأوروبي. دعم اندماج مشاركة المغرب في السوق الداخلية، عبر تقريب التشريع المغربي من نظيره الأوروبي (المرحلة الأولى). حماية المستهلك: التعاون من أجل تطوير وتنفيذ القوانين. حقوق الملكية الفكرية والصناعية: ضمان مستوى من الحماية مماثلة لتلك المعمول بها على صعيد الاتحاد الأوروبي. المشتريات العامة: وضع شروط لفتح مجال المنافسة في الصفقات. الإحصائيات: مواصلة تقريب الأساليب الإحصائية. | إنشاء فضاء اقتصادي مشترك بين المغرب والاتحاد الأوروبي مستنبط من الفضاء الاقتصادي الأوروبي: تقريب الإطار التشريعي المغربي من المكتسب الجماعي الأوروبي؛ إبرام اتفاق التبادل الحر شامل والمعمق في مجالات الصفقات العمومية، تسهيل ولوج المنتجات الصناعية وملائمة التشريع والمعايير الأوروبية، حركية رأس المال والمدفوعات، تدابير الصحة النباتية والحيوانية، حقوق الملكية الفكرية والصناعية، سياسة المنافسة، حماية المستهلك الجمارك وتسهيل التجارة، التجارة والتنمية المستدامة، آليات الإخطار والتشاور السريع بشأن التجارة والاستثمار…الخ؛ التعاون الاقتصادي والاجتماعي (ينظر الجدول الموالي) إبرام اتفاق للتجارة الحرة الشامل والمعمق انضمام المغرب إلى الشبكات الأوروبية والتعاون القطاعي (ينظر الجدول الخاص بالتعاون القطاعي). |
في الواقع، فإن مسلسل التحرير قد انطلق مع اتفاقية الشراكة، وتعزز في إطار خطة العمل للجوار بين المغرب والاتحاد الأوروبي. كما أن هناك جزء آخر وافقت المجموعة الأوروبية على التفاوض عليه، ويتعلق الأمر باتفاق التجارة الحرة من خلال تعميق ودمج الزراعة والخدمات، وليس الاقتصار فقط على المنتجات المصنعة، مثل اتفاقية التجارة الحرة والتي دخلت حيز التطبيق سنة 2000 (الفترة الانتقالية انتهت سنة 2012). وهناك أيضا حرية تنقل رؤوس الأموال، “والتواجد المؤقت” الأشخاص الطبيعيين لأغراض تجارية. وزيادة على ذلك، تم تشجيع الحوار الاقتصادي بين الشريكين انطلاقا من إنشاء “المنتدى الاقتصادي الأورومغربي”([26]).
الفقرة الثانية: التعاون القطاعي
تميز التعاون القطاعي في الوضع المتقدم بالمكانة الخاصة التي نالها جانب التشبيك، وتوسيع وتعميق مجال اندماج المغرب في الشبكات الأوروبية والأورومتوسطية للنقل والطاقة والاتصال…الخ، وتقريب مستوى البنيات التحتية والمعمارية بالمغرب من نظيرتها المعمول بها على الصعيد الأوروبي، بعد أن تطور التعاون في هذا المجال وفق مقاربة تدريجية، منذ اتفاق الشراكة الأورومتوسطية. وقد تضمن اتفاق الشراكة أحكاما تٌهيكل جل مناحي التعاون الاقتصادي، في حين عمل مخطط عمل سياسة الجوار والوضع المتقدم على تعزيز وتعميق درجة التعاون، واقد كان من الممكن إنجاز ذلك من خلال مشاريع وبرامج التعاون المشتركة، ونفس الشيء يسري على التعاون القطاعي.
وفي نفس الاتجاه، فقد أعطى الوضع المتقدم نفس الاهتمام الذي لقيه المجال الاقتصادي في اتفاقية الشراكة وسياسة الجوار، من خلال التركيز على التعاون القطاعي (الطاقة والنقل والمياه والبيئة، والزراعة…الخ)([27]). وكذلك نص هذا الوضع على تعزيز التعاون القطاعي، وبالأخص تعزيز انخراط المغرب في الشبكات الأوروبية للنقل واللوجستيك والطاقة، كما يعكس الجدول أسفله. وكذلك طرح الوضع المتقدم تعميق وتوسيع مجال تحرير المبادلات التجارية في جميع المجالات، من خلال الاتفاقات القطاعية (الفلاحة والصيد البحري…الخ)، وخصوصا في إطار اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، وفي هذا الصدد، نص إعلان قرطبة على غرار وثيقتي الوضع المتقدم الأخيرتين، على أن الجانبين قد أكد التزامهما في نهاية المطاف بخلق فضاء اقتصادي مشترك، يتميز بدرجة عالية من التكامل الاقتصادي والملائمة مع معايير الاتحاد الأوروبي، اعتمادا على تقريب التشريع المغربي من المكتسب الجماعي الأوروبي، وإبرام اتفاقية التبادل الشامل والمعمق، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي، وانضمام المغرب إلى الشبكات الأوروبية والتعاون القطاعي(المجال الاستراتيجي الخامس من الوثيقة المرفقة).
ويتبين أن التعاون الاقتصادي لم يتضمن مقتضيات فارقة ومهمة، وإنما حافظت أكثر الجوانب فيه على وثيرة التطور المرسوم لها، منذ اتفاقية الشراكة. فقد هدف الوضع المتقدم إلى تعزيز وتعميق مجال التعاون القائم في إطار اتفاق الشراكة وسياسة الجوار، حيث أكدت الوثائق المؤسسة لهذا الوضع على مقتضيات متشابهة، بهذا الشأن، إذ اتضح جليا الطبيعة التراكمية للوضع المتقدم، فعلى سبيل المثال، وفيما يتعلق بالتجارة، ركزت اتفاقية الشراكة على تحرير التجارة والمبادلات التجارية عن طريق التفاوض بشأن تخفيض الرسوم. أما سياسة الجوار الأوروبية، فذهبت أبعد من ذلك، داعية إلى التكامل الاقتصادي، والتقارب التشريعي في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية”([28]).
والملاحظ أن التعاون الاقتصادي والقطاعي، ظل معزولا عن البعد الاجتماعي، بحث لم يول المكانة المطلوبة لقضايا التشغيل وإشراك الفاعلين المحليين، فمثلا قطاع السياحة الذي يتوفر على مؤهلات سياحية، في المجال القروي والجبلي، واعدة تحتاج إلى التثمين من خلال إنعاشها وتأهيلها ودعم مبادرات قاعدية محلية (تأهيل فضاءات السدود إحياء المطبخ المحلي وتوظيفه في خدمة السياحة المحلية، دعم و تقوية قدرات المستثمرين والعاملين في السياحة القروية عن طريق التكوين، وإحداث مجمعات للصناعة التقليدية ومحطات لعرض وبيع منتوجات الصناعة التقليدية المحلية…الخ. وعليه، فقد تضمن الوضع المتقدم مقتضيات عامة تفتح المجال لتقوية التعاون الثنائي في المجال الاجتماعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لاسيما فيما يخص تقريب التشريع الاجتماعي المغربي من نظيره الأوروبي، حيث تكمن أهمية تعزيز التعاون بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي ونظيره الأوروبي، وتقوية التعاون في مختلف مجالات التشغيل، في حين لم يعط الوضع المتقدم لسياسة التشغيل الأهيمة اللائقة بها .
ويعطي الجدول أسفله صورة واضحة عن التعاون في المجال الاجتماعي والعلمي والإنساني من خلال مقارنة بين بنود اتفاقية الوضع المتقدم، والاتفاقيات التي سبقته المتمثلة في اتفاقية الشراكة وسياسة الجوار الأوروبية.
المجال | اتفاق الشراكة 1996 | برنامج عمل سياسة الجوار 2004 | إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به 2008 |
التعاون القطاعي | الصناعة: تشجيع التعاون بين الفاعلين الصناعيين للطرفين والتقريب بين الشركات؛ تعزيز هيكلة قطاع الصناعة؛ تشجيع المبادرات الحرة، تتمين الموارد البشرية ومقومات المغرب الصناعية، تسهيل الاستفادة من القروض بغية تمويل الاستثمارات. الفلاحة والصيد البحري على مستوى: هيكلته وتحديث القطاعين، تنويع المنتجات والمنافذ الخارجية، لتعاون في المجال الصحي والصحة الزراعية والتقنيات الزراعية. النقل خاصة: هيكلته وتحديت القطاع، تطبيق مواصفات التسيير المماثلة في أوروبا، التحديث التدريجي لظروف العبور البرية والجوية. تعزي التعاون في مجال الطاقة: الطاقة المتجددة، المحافظة على الطاقة، تحديث وتطوير شبكات الطاقة؛ السياحة: تطوير الإدارة وجودة الخدمات، تطوير أساليب التسويق، تنمية سياحة الشباب. الجمارك: ضمان احترام الأنظمة التجارية، تنظيم المبادلات، تبسيط المراقبة الجمركية. البيئة: وقاية البيئة والمحافظة عليها، تحسين نوعية التربة والمياه، مخلفات التنمية (الصناعية)، مراقبة التلوث البحري والوقاية منه. | دعم المغرب في إصلاح وتقوية قطاعات: النقل، البريد والاتصالات الطاقة تكنولوجيا المعلومات ومجتمع المعرفة والبيئة والبحث العلمي والتكنولوجي. التعاون الجهوي في إطار المشاريع والشبكات القطاعية الأورومتوسطية في: مجالات النقل والطاقة وبالأخص في مجال الكهرباء؛ الاتصالات خاصة عبر الأقمار الصناعية (نظام كليليو)؛ تعزيز تسبيك البنيات التحتية للنقل المغاربية ومشروع الربط القاري عبر جبل طارق؛ دعم دور المغرب في تأمين التموين الطاقي بالمنطقة وقدرات التخزين الطاق بالمغرب؛ البيئية: تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق الدول في مجال حماية البيئة. | مشاركة المغرب في السياسات القطاعية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي: (الطاقة والنقل والمياه والبيئة والزراعة الصيد البحرية…). الفلاحة والصيد البحري: مراعاة حساسية القطاع الفلاحي خاصة على مستوى التشغيل؛ دعم الشراكة بين المهننين إنشاء نظام مشترك للاعتراف المتبادل بالمؤشرات الجغرافية في إطار اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق؛ دعم تدريجي للقطاع الفلاحي بما ينسجم ويدعم استراتيجية “المخطط الأخضر”؛ التعاون في إطار الاستراتيجية البحرية المتوسطية ؛ تعزيز البحث عن فرص استثمارية جديدة وتوقية التعاون في مجال الوقاية الغذائية والصحة النباتية والحيوانية؛ مجال النقل: دعم التعاون في مجال البنية التحتية، والخدمات النقلية خاصة تعزيز ربط المغرب بالشبكات الأوروبية. الطاقة: الدمج الكامل للسوق المغربية للطاقة في السوق الأوروبية، تقوية البنية التحتية المغربية الخاصة بالربط بشبكات الطاقة والغاز الرابطة بين الجنوب والشمال للمتوسط. المجال المعدني: الدراسات والأبحاث المشتركة وتبادل الخبرات والدعم التقني الأوروبي لفائدة المغرب؛ البيئة: دعم التعاون المشترك ملائمة التشريع المغربي من نظيره الأوروبي، تعزيز الحوار بشأن التغيرات المناخية والتعاون مع الوكالةالأوروبية للبيئة؛ الماء: دعم أوربي للمغرب من أجل تنفيذ استراتيجية تنمية قطاع الماء. تكنولوجيا المعلوميات والتواصل: دعم المغرب من أجل وضع آلية لتعزيز حماية الأنظمة المعلوماتية، وحماية البنيات التحتية الاستراتيجية، تمكين المغرب من تطوير رقمنة المعاملات وفي المعايير والمواصفات الدولية. |
وعليه، فإن التوجه والمقاربة العامة المتبعة من طرف الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى إدماج بنيات الإنتاج والبنيات الأخرى المرافقة والمؤطرة لها، في مرتفعة، ووثيرة سريعة عما سبق، كما يتبين ذلك من خلال تطور ديناميكية التعاون القطاعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، منذ اتفاق الشراكة إلى الوضع المتقدم. وتبعا لذلك يعطي الأولوية للميكانيزمات الإدماجية الكلية للاقتصاد المغربي في السوق الأوروبية بدل إدماج الفئات الاجتماعية الهشة في الدورة الاقتصادية، بشكل إيجابي من خلال تمكينها من الإمساك بآليات انتاج وتوزيع الثروات. وقرين ذلك تم اٌستخدام التعاون الإنساني والدعم المالي للتغطية عن المشاكل الحقيقية بحيث تم التركيز في هذا الصدد على الطابع الاحتفالي والفرجوي للبعد الإنساني، وعلى الطابع الإغرائي للدعم المالي.
المطلب الثاني: التعاون الإنساني والمالي
إطار المحيط الأوروبي بشكل أكثر قوة، وبدرجة
في الوقت الذي برز فيه البعد الاجتماعي والإنساني كعامل أساسي، في بروز ظواهر اجتماعية سلبية مثل العنف، ارتفاع الجريمة العابرة للحدود، فهذا البعد الذي يسهم بشكل فعال في توفير مناخ الاستقرار والتعايش بين الدول والشعوب، دام ضمن مجال استراتيجية التعاون الخارجية الأوروبية، وبالأخص مع دول جنوب المتوسط، حبيس إطار السياسات المتعلقة بالهجرة والتشغيل، حيث يعمل الاتحاد الأوروبي على تضييق مجال ولوج اليد العاملة إلى السوق الأوروبية. وفي مقابل ذلك، يولي أهمية إلى الإجراءات والتدابير، على حساب الخيارات والمبادئ الموجهة للمبادرات الحقيقية. ومن تم يبرز الربط بين التعاون الاجتماعي والإنساني (الفقرة الأولى) والتعاون المالي حيث يتميز التعاون المالي ببعد أفقي يرتبط بجل مجالات التعاون الأخرى(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التعاون الاجتماعي والإنساني والمالي ومفارقات الوضع المتقدم
يشكل الملف الإنساني أحد الميكانيزمات الأساسية في إطار التعاون الأورو مغربي، بالنظر اليه كمحدد ومعيار أساسي في نجاح أو فشل السياسة المتبعة من طرف دولة ما. وقد حرص المغرب في تعاونه مع الجانب الأوروبي على الاستفادة من الخبرات الأوروبية في المجال الاجتماعي والإنساني، فالتعاون في المجال الإنساني هو بمثابة المرآة التي تعكس مدى نجاعة أو فشل السياسة العامة المتبعة من طرف الدولة، بما فيها الجانب المتعلق بالتعاون الخارجي. وقد أكد المغرب والاتحاد الأوروبي في إعلان اللكسمبرغ على أهمية الجهود التي بذلها المغرب، والتي بدأت تعطي ثمارها في مجالات الفقر والتنمية البشرية، التعليم والصحة والثقافة…إلخ، وطالب الاتحاد من المغرب بذل المزيد من الجهود لتحسين المؤشرات الاجتماعية (المادة 12)، ومواصلة الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، وخاصة التعليم والتكوين المهني والصحة (المادة 23)، وأبدى الاتحاد الأوروبي اهتمامه بدعم تعزيز مسلسل اللامركزية عبر عمليات التوأمة (المادة 14)، ويعد الجانب الاجتماعي هو الآخر عنصرا أساسيا ضمن نسيج التعاون الأورو مغربي، في إطار الوضع المتقدم، حيث يهدف المغرب إلى الاستفادة من الأوروبيين في هذا المجال.
حدد الوضع المتقدم مجموعة من الخطوات للتعاون، حسب التصريح المشترك، فإن المغرب والاتحاد الأوروبي يجددان التأكيد على تمسكهما بترسيخ الحقوق الاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة، منوهين في هذا السياق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب ومساهمتها في تحقيق تنمية بشرية مستدامة، وبلوغ أهداف الألفية للتنمية في أفق 2015.
غير أنه وتبعا للممارسة العملية، فإن هذا الجانب يتمركز على التعاون المشترك في قضايا المهاجرين. فإذ كانت مقتضيات الوضع متعددة وعامة، فإن البعض منها وكما يتحلى ذلك من خلال صياغته، يحظى بأهمية خاصة، هذه الأهمية التي اتضحت أكثر في الوثائق التنفيذية خاصة برنامج عمل تنفيذ الوضع المتقدم، وبرامج التعاون الثنائية المتعددة الأطراف التي تستهدف، من خلال مشاريع قطاعية في الغالب، جوانب تحضي بالأولوية في التعاون بالنسبة للطرفين وبالأخص بالنسبة للاتحاد الأوروبي الطرف القوي في معادلة التعاون لما له من قدرة على التحكم في القرار في مثل هذه البرامج ذات الصلة بمجالات التعاون المعتمدة في إطار العلاقات التعاون الأوروبية مع دول ثالثة، على المستويين الإقليمي والثنائي. وفيما يلي يعكس الجدول أسفله تطور مضمون التعاون الإنساني من اتفاق الشراكة إلى الوضع المتقدم، حيث ساهمت الانتقادات الموجهة لاتفاق الشراكة بشأن ضعف الاهتمام بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعمال، الشيء الذي عمل الاتحاد الأوروبي على تداركه من خلال سياسة الجوار والوضع المتقدم، في حين لم يعط الوضع المتقدم لسياسات التشغيل الأهمية التي تستحقها.
المجال | اتفاق الشراكة 1996 | برنامج عمل سياسة الجوار 2004 | إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به 2008 |
الإنساني والاجتماعي | التعاون الاجتماعي الإنساني: خلق حوار منتظم بين الطرفين حول القضايا الاجتماعية؛ تحقيق المساواة وتنمية روح التسامح والقضاء على التمييز؛ الرقي بدور المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إنجاز برامج صحية خاصة بالمرأة والطفل؛ الرفع من مستوى الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية؛ خلق مجموعة عمل تهدف إلى تقييم وتنفيذ الأحكام الاجتماعية الواردة في الاتفاق. الهجرة: تحسين وضعية المهاجرين؛ تقليص الهجرة من خلال خلق فرص شغل في منابعها. | تعزيز التعاون الاجتماعي الإنساني: تقوية البرامج المجتمعية إقامة حوار بناء حول قضايا التأشيرات؛ والحد الفقـر والهشاشة؛ تحسين الخدمات الصحية، تقريـب التشريعات المغربية بالمعايير الأوروبية في المجال الاجتماعي. التعاون الثقافي: تعزيز الحوار بين ثقافي عبر دعم تعلم اللغات ونشر الثقافة المغربية بالاتحاد الأوروبي، تشجيع خلف فضاء ثقافي مشترك؛ رفع مستوى مشاركة المغرب في برامج التعاون الثقافي الأورومتوسطية؛ تنسيق الحوار في إطار اليونسكو، خلق محيط ملائم للتعاون وتبادل المنتجات الخدمات الثقافية والسمعية البصرية. التعاون اللامركزي والمدني: متابعة تعزيز اللامركزية | تأسيس حوار بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمؤسسات الأوروبية المختصة بما فيها الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية. وتعزيز التعاون بين ديوان المظالم والوسيط الأوروبي. تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات وخلف فضاء ثقافي مغربي مشترك، متابعة الحوار بين المنظمات غير الحكومية من كلا الجانبين؛ من أجل تعزيز ودعم عمل الفاعلين الجمعويين المغاربة. الهجرة: التعاون في تنفيذ نهج مقاربة شاملة في مجال الهجرة؛ تدعيم مكتسبات الجالية المغربية بدول الاتحاد الأوروبي؛ التعاون في مجال تنظيم الهجرة المنظمة وتيسير حركة تنقل الأشخاص ومكافحة الهجرة غير التشريعية. تعزيز التعاون المدني: تشجيع شبكات التبادل والتشاور دعم التعاون اللامركزي والشراكة، والتعاون بين الفاعلين بالنسبة للطرفين: تشجيع التقارب بين ممثلي السلطات الإقليمية والمغاربية ونظرائهم الأوروبيين؛ تعزيز ديناميكية الجهوية والتعاون عبر الحدود. |
التربية والتكوين | التربية والتكوين: شجيع ولوج الفتيات التعاون العلمي والتقني والتكنولوجي: دعم الولوج المغرب لبرامج البحث والتطور التكنولوجي؛ وشبكات التعاون اللامركزي، وتطوير الاتصالات عن بعد وتكنولوجيا الإعلام. | التواصل بين الشعوب (التعليم والتكوين والرياضة). تحسين أنظمة التربية والتكوين المهني عبر تقريب المغرب من الفضاء الأوروبي للتعليم العالي؛ وتعزيز نظام الحكامة وجودة التعليم تسريع اندماج المغرب في الفضاء الأوروبي للبحث والبرامج الإطارية الجماعية. | تعزيز القدرات البحثية في الجامعات ومراكز البحوث التكنولوجي والصناعي المغربي في اتجاه انضمام المغرب إلى الفضاء الأوروبي للبحث الأوروبي: تعزيز عمليات ملائمة إصدار الشهادات، و التنمية الأكاديمية، مع إبلاء اهتمام خاص لتعزيز تعلم اللغة؛). دراسة إمكانية فتح دورات للمسئولين المغاربة من خدمات المفوضية الأوروبية. تطوير التعاون لتنمية القدرات المغربية في ميادين البحث العلمي والتكنولوجي والصناعي، والتكوين في مجال السياسات الأوروبية. |
لقد ركز الوضع المتقدم وقبله مخططات عمل سياسة الجوار كثيرا على ضمان وحماية حقوق العمال وشروط عملهم، وأهمية التنسيق المغربي الأوروبي، وبالأخص اعتماد المعايير الأوروبية والدولية، في حين كانت اتفاقية الشراكة قد ركزت كثيرا على المعاملة بالمثل، وترك التفاصيل للحوار الاجتماعي والاقتصادي بن الطرفين، كآلية تحدد مضمون وشكل ودرجة التعاون بينهما في هذا المجال([29]).
ويمكن القول أنه، في غياب سياسة اجتماعية أوروبية محددة، فإن التعاون الاجتماعي يتم من خلال اتفاقات التعاون الثنائية بين المغرب والدول الأعضاء، أما خريطة الطريق المرفقة بالوضع المتقدم فتوخت تحقيق التدابير التالية:
دعم قدرات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية(OMPIC) في إصدار براءات اختراع وطنية واستكشاف إمكانية للتوقيع على اتفاق المصادقة (Accord de validation) بين المغرب والمكتب الأوروبي للبراءات؛
تعزيز الحوار والتعاون في مجال التشغيل والعمل اللائق والشؤون الاجتماعية، سيما في مجالات المساواة بين الجنسين (مقاربة النوع)؛
تشجيع مهارات التأقلم والتأهيل، بالنظر إلى تغيٌر سوق العمل وعولمة الاقتصاد، وعمالة الأطفال؛
إنشاء الإطار المؤسساتي لسوق العمل من أجل تطوير سياسات التشغيل والسياسات الاجتماعية، خاصة على مستوى الحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي بالمغرب، مع مراعاة الخطوط العريضة لاستراتيجية التشغيل الأوروبي، وإطار عمل المؤتمر الوزاري الأورو متوسطي بشأن التشغيل في مراكش في نوفمبر2008؛
تطوير تدابير فعالة في مجال التشغيل، وخدمات التوظيف العامة ورصد سوق العمل، والاستثمار في رأس المال، والحماية والاندماج الاجتماعي وقانون العمل والعلاقات الاجتماعية في مكان العمل، إقامة تعاون بين الاتحاد الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية ونظيرتها في المغرب (المجلس الاقتصادي والاجتماعي)
إن المجال الإنساني، شأنه شأن باقي المجالات الأخرى، قد اتبع نفس النهج في التطور، حيث احتفظ الوضع
المتقدم بالخطوط العريضة لما سبقه، مع بعض الإضافات أهمها التأكيد على خلق فضاء ثقافي مشترك، وانخراط المغرب في الفضاء الأوروبي للتعليم العالي والفضاء الأوروبي للبحث العلمي، وإشراك فاعلين جدد وتشجيع الحوار
والتعاون بين المجتمعات المدنية وزيادة مشاركة الجهات الفاعلة غير الحكومية في الشراكة بين الاتحاد الأوروبي
والمغرب. إلا أنه وحتى مع الوضع المتقدم، فإن التعاون في المجال الإنساني بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لم يشهد تطورا محسوسا، بحيث لم يتضمن مقتضيات مهمة، أثبتت فعاليتها على الصعيد الاتحادي، وعلى رأسها دعم الجهوية في إطار سياسة التضامن الأوروبية. وذلك لكون الوضع المتقدم في المجال الإنساني تناول قضايا طرفية، مثل دعم إعداد مشروع الجهوية الموسعة الذي يموله الاتحاد، والتأكيد على مبادئ عامة وتدابير إجرائية، كان
معمول بها منذ زمن، كتمكين المغاربة في الخارج من الاستفادة من الخدمات العمومية في إطار تام من المساواة مع نظرائهم الأوروبيين، وحمايتهم من أن يكونوا ضحية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها أوروبا، في وقت بدأت بعض الدول الأوروبية تتراجع عن التزاماتها تجاه حقوق المهاجرين.
لقد كشف تطور مسلسل التعاون بين الطرفين في المجال السياسي والإنساني عن ضعف المشروعية الشعبية([30]) للعلاقات القائمة بين الطرفين، ولهذا حاول إعلان الوضع المتقدم تدارك هذا النقص، بدعم الاهتمام بهذا المجال، غير أنه وبالرغم من كل هذه البنود والتوصيات التي حملها الوضع المتقدم، فإن ذلك لم يؤد إلى تطوير الجانب الإنساني بالشكل الذي كان يرغب فيه المغرب، حيث تم التركيز بشكل كبير على حقوق الإنسان والهجرة -هذين الملفين يشكلان لدى الاتحاد الأوروبي آليات للضغط على الدول لتمرير السياسات الأوروبية، بما يخدم مصالحه في شتى المجالات- والدليل على ذلك أن التعاون المغربي الأوروبي، في مساره الطويل، فشل في تحقيق المتوخى منه بالنسبة لحرية تنقل الأشخاص و التعاون في التعليم الجامعي والبحث العلمي…الخ. وكذلك بالنسبة للتعاون في التبادل الثقافي والإنساني والمجتمع المدني، الذي ظل مهمشا، حيث تضمن اتفاق الشراكة مادة وحيدة حثت على تعزيز التعاون الثقافي من خلال إرساء شروط الحوار الثقافي الدائم، واعتماد برامج مشتركة للتنشيط والتبادل الثقافي في مختلف المجالات (المادة 64)، وهو نفس المضمون الذي تبنته مختلف السياسات وبرامج التعاون اللاحقة (مخططات عمل سياسة الجوار، الوضع المتقدم، التعاون الإقليمي)، بحيث تخضع هذه المجالات في معظمها لاستراتيجيات الدول الأعضاء، المتمثلة أساسا في أنشطة المراكز الثقافية وبالأخص الفرنسية. وقد اقتصر التعاون الثنائي مع الاتحاد الأوروبي على تطوير المراكز الثقافية في مختلف المناطق، وترميم بعض المنشئات التاريخية، من خلال مجموعة من المشاريع الصغيرة، في إطار برنامج أوروميد للتراث الثقافي، حيث ظلت مشاركة المغرب متميزة.
الفقرة الثانية: التعاون المالي ومفارقات الوضع المتقدم
إن الربط بين التعاون المالي ومفارقات الوضع المتقدم لا يعني أن هذه الاخيرة تبرز فقط من خلال الدعم المالي، ولكن بالنظر إلى أن الدعم الأوروبي، وخاصة أداته الفعالة المتمثلة في الدعم المالي يفقد كل مقوماته، حينما يتعلق بقضايا حساسة وحاكمة في واقع وآفاق تطور العلاقات المغربية الأوروبية
الدعم المالي الأوروبي للمغرب من خلال الوضع المتقدم
يعد الدعم المالي الآلية القوية التي يستغلها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لتمرير سياساتهم، وقد حدد بوضوح اتفاق الشراكة الغاية من الدعم المالي المتمثلة في المساهمة في التقليص من حدة التداعيات الاجتماعية، التي تترتب عن العمل بمنطقة التبادل الحر الأورومتوسطية بين الطرفين، وكذلك المساهمة في تحقيق أهداف الاتفاقية ([31]).كما يصنف المغرب من الدول التي لها دخل متوسط، مما يجعله يستفيد من المساعدات الإنمائية، بغية تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في أفق 2015.
وهكذا أعطت اتفاقية الشراكة أهمية للمساعدات المالية، عبر تخصيص الباب الثالث للتعاون المالي. أما سياسة الجوار فقد أكدت على تقديم دعم مالي إضافي للمغرب، من أجل مساعدته على تنفيذ بنود اتفاقية الشراكة، وخطة العمل لسياسة الجوار في جميع المجالات، ونصت المادة 38 والأخيرة من إعلان الوضع المتقدم على أن المغرب يعد أول بلد مستفيد من المساعدة المالية الممنوحة من طرف الاتحاد الأوروبي، ونصت الوثيقة المرفقة على أهمية الدعم المالي في تعميق الإصلاحات المعتمدة في إطار الوضع المتقدم، خاصة في المجال الاقتصادي، وعلى أهمية استمرار مستوى التعامل في إطار البرمجة المالية الجارية المحددة للفترة 2007 – 2010.
كما أكدت هذه الوثيقة على مواصلة استفادة المغرب من جميع الآليات والبرامج الأخرى، التي تم وضعها من طرف الاتحاد الأوروبي في إطار سياسة التعاون الخارجي. أما الوثيقة المرفقة بالوضع المتقدم، فقد أكدت على أن الاستفادة المالية للمغرب من ميزانية الاتحاد الأوروبي، في إطار الوضع المتقدم ستبتدئ مع مطلع سنة 2014 في إطار ميزانية الاتحاد 2014- 2020، مؤكدة أيضا على أهمية الرفع من الإمكانيات المتوفرة في إطار البرمجة المالية 2011- 2012، ودعت الوثيقة المرفقة الفريق العامل إلى تعميق التفكير المشترك من أجل تحديد آلية مالية جديدة، تمكن المغرب من الوصول إلى الوسائل المالية الجماعية الملائمة، بناء على المنطق الذي ينظم السياسة الجهوية والتماسك الاجتماعي للاتحاد الأوروبي”([32]).
جدول رقم (6): تطور التعاون الاقتصادي المغربي الأوروبي في المجال المالي على ضوء الوضع المتقدم
المجال | اتفاقية الشراكة | سياسة الجوار | الوضع المتقدم |
المالي | تخصيص دعم مالي إلى المغرب بهدف تنفيذ أهداف الاتفاق والمتمثلة في: الاقتصاد، تطوير البنيات التحتية الاقتصادية؛ تشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل، متابعة تنفيذ السياسات والبرامج الاجتماعية، الرفع من مستوى الصناعة وإعادة هيكلتها؛ دعم مجالات الأمن، العدالة، البيئة والتلوث…الخ. | منح مساعدات إضافية للمغرب لتنفيذ بنود اتفاقية الشراكة في جميع المجالات؛ تحقيق بنود خطة عمل سياسة الجوار، فتح آفاق جديدة للتعاون عبر الحدود بين المغرب والاتحاد الأوروبي. | تعزيز الدعم المالي القائم في إطار الآليات المعمول بها. تمكين المغرب من إمكانيات ووسائل تمويلية ملائمة خلال سنة 2014،ودراسة إمكانية توسيع استفادة المغرب من ميزانية الاتحاد الأوروبي. |
ويظهر أن المجال الاقتصادي أخذ بعدا جيوستراتيجيا ومعياريا مع الوضع المتقدم، وذلك من خلال التأكيد على أهمية المغرب كفاعل اقتصادي وتجاري في منطقة المتوسط وإفريقيا. وكذلك من خلال الأهمية التي أعطيت لتعزيز التعاون المغربي الأوروبي، في إطار تبني المغرب للمكتسب التشريعي الأوروبي، وما يتطلبه ذلك من ملائمة بين البنيات الاقتصادية، والضوابط القانونية والفنية المنظمة لها. وبالتالي إن المقتضيات العامة والفضفاضة، والتي تمكن الاتحاد الأوروبي من الدفع في اتجاه مزيد من المبادرات والاتفاقية المجزئة للوضع المتقدم، ليس فقط في المجالين الاقتصادي والتجاري؛ وإنما أيضا في باقي المجالات، حيث تبرز الطبيعة المركبة والمعقدة للوضع المتقدم في الشكل والمضمون والمقاربة. أما بخصوص التتبع، فقد ورد في المجال السابع والأخير من الوثيقة المرفقة، التي اعتبرت أن المقتضيات الواردة في اتفاق الشراكة تمثل خريطة طريق التي يجب تنفيذها، خلال السنوات القادمة من طرف مختلف مجموعات العمل المختصة والفرعية المنبثقة عن اتفاق الشراكة الأورومتوسطية، كما تم تكليف الفريق العامل بضمان الملائمة بين خريطة الطريق (الورقة المرفقة) و”الوضع المتقدم” وتقديم تقرير بذلك إلى مجلس الشراكة المقبل.
وقد نصت الوثيقة المرفقة على نفس المقتضيات في المحور الاستراتيجي الثالث من هذا المخطط تقريبا مع اختلاف بسيط، إذ أكدت على أن خطة العمل هي وثيقة توجيهية للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، يمكن تعديلها بشكل منتظم أو تحينها لتحقق التقدم فيما يخص إنجاز أولوياتها. وفي الواقع، فإن آليات التقييم والتتبع الحقيقة هي التي تتم من خلال الآليات الأوروبية المرجعية، وفي إطار الآليات الخاصة بكل مشروع أو مبادرة على حدة، التي تتم بالأخص تحت إشراف المفوضية الأوروبية، والبرلمان الأوروبي، في حين يبقى للدول الشريكة في الغالب دور إجرائي تنفيذي، وآخر استشاري إشراكي. وعلى الرغم من أهمية البعدين الأمني الجيوستراتيجي، والإنساني الثقافي، يبقى التعاون الاقتصادي النواة الصلبة في التعاون بين الطرفين. فرغم أن الأبعاد الأمنية والحقوقية والثقافية تتأثر كثيرا بالظرفية التاريخية، فإن التعاون الاقتصادي بطابعه البنيوي، الذي يتغير في الشكل وحتى في المضمون، ثابت أكثر في المبادئ المؤطرة له في إطار العلاقات الدولية؛ اعتبارا لما سبق ذكره من دوافع أوروبية من أجل الإبقاء على النفوذ الاقتصادي الأوروبي وتعزيز في المنطقة.
وإجمالا، فإن المقارنة بين مقتضيات الوضع المتقدم ومحاور التعاون المحددة في اتفاق الشراكة والمستمدة من إعلان برشلونة([33])؛ تبرز أن المحاور الأساسية لاتفاق الشراكة، مازالت تشكل نواة التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث وردت بصيغ مفتوحة على إمكانيات تطويرها من خلال الحوار السياسي، بالارتكاز على الدور الذي أوكل لمجلس الشراكة في هذا الشأن. ومن المثير للانتباه، إنه حينما ينظر إلى مقتضيات التعاون المغربي الأوروبي في شتى المجالات، وعبر مختلف الاتفاقيات ومبادرات ومخططات التعاون، يبدو أن كل شيء يحدث بالمغرب ينبثق عن هذا التعاون أي: أن ديناميكية الاقتصاد والمجتمع بالمغرب مرتبطة بعلاقاته مع أوروبا. لكن حينما ينظر إلى الواقع العملي، يتجلى أن الأمر يتعلق بالسياسة العمومية المغربية والنسق السياسي المتحكم في صنع القرار المغربي الأوروبي المشترك، حيث يبرز التأثير الأوروبي في توجيه السياسة العمومية المغربية لتتلاءم مع مثيلاتها الأوروبية. وفي هذا الخصوص، أكدت الوثيقة المرفقة على أن الأخيرة هي بمثابة خريطة الطريق، عمل الطرفان على تبادل المقترحات بشأنها، فيما تولى الفريق التقني على صياغتها في هذه الوثيقة. وفي هذا الصدد، فقد ورد في مقدمة مخطط عمل سياسة الجوار لسنة 2004 المغرب- الاتحاد الأوروبي، أن ” مخطط العمل يعبر عن ترسانة شاملة من الأولويات في مجالات تدخل ضمن الأفاق المحددة في إطار اتفاق الشراكة لذي يعكس مجموعة شاملة من الأولويات الحكومة المغربية”([34])، وهي نفس المجالات التي حضت باهتمام الوضع المتقدم.
وهكذا، فمن خلال المقارنة بين اتفاق الشراكة ومخطط عمل سياسة الجوار، يتضح أن المشكل لا يكمن في الشكل أو حتى في المضمون، فمثلا بخصوص التعاون في المجال القطاعي ركز الوضع المتقدم على أهمية التعاون المشترك على مستوى الربط بين شبكات الاتصال والمواصلات والطاقة والتشبيك، وفي الواقع فهذا الآمر ورد أيضا في اتفاق الشراكة، فقد نصت المادة 65 الفقرة- أ على التالي: “إعادة هيكلة وتحديث البنيات التحتية الطرقية والسككية والمرفئية وتلك المتعلقة بالمطارات، ذات المصلحة المشتركة، والتي ترتبط بأكبر محاور الاتصال الأوروبية”، نفس المقتضيات وردت أيضا في مخطط عمل سياسة الجوار، وفي والوضع المتقدم؛ أما الاختلاف فهو حاصل فقط على شكل الصياغة والتركيب اللغوي، لكن مختلق الصياغات المعتمدة تبقى عامة وقابلة لتأويلات عديدة. لذلك، فإن العلاقات المغربية الأوروبية، ليست في حاجة أكثر إلى آليات وأشكال جديدة (وضع متقدم أو غيره) إنما هي في حاجة إلى الفاعلية التي تعكسها إرادة قوية وصادقة في التعاون المشترك، وخاصة بالنسبة للجانب الأوروبي الذي يملك من المؤهلات والوسائل ما يجعله قادرا على تطوير علاقات تعاون، وفق مقاربة شاملة ومندمجة تراعي التعامل والتفاعل بين جل القطاعات والفاعلين؛ مما سيساعد على إعطاء دفعة حيوية قوية لهذه العلاقات” المتميزة”.
لكن المقارنة بين الوثائق الثنائية غير كافية، دون المقارنة مع الوثائق المرجعية الأوروبية لإعلان برشلونة وسياسة الجوار والاتحاد من أجل المتوسط([35])، بالإضافة إلى عدة مبادرات واستراتيجيات وبرامج قطاعية وموضوعاتية. وبالتالي، يصعب فهم ديناميكية العلاقات المغربية الأوروبية، دون الخوض في الحسابات الجيوستراتيجية الفرنسية، ففرنسا التي استشعرت بعد نهاية القطبية مدى تراجع نفوذها الدولي، شرعت في العمل على استرجاع مكانتها التاريخية في إفريقيا([36]). ويرى حسن مصدق، أن نهاية القطبية قد رفعت الغطاء عن الخلافات الأوروبية الأمريكية، على خلاف ما يحاول الطرفان إظهاره؛ مسجلا بذلك: “أن العلاقات الغربية فيما بينها والتي تظهر لنا في غالب الأحيان أنها في انسجام مطلق حول قضايا مشتركة، والحال أنها علاقات متوترة كما تجلت في خطابات المسؤولين السياسيين، حيث يقول هنري كيسنجر: “من هنا فصاعدا لن تكون الأمور كما كانت عليه بين فرنسا والولايات المتحدة”؛ أما دونالد رامسفلد، فيقول بوضوح: “من ليس معنا فهو ضدنا”. وقد لخص هذا الباحث هذه الخلافات في المجالات التالية ([37]). وتبعا لذلك فإن الوضع المتقدم ذو طبيعة معقدة وتراكمية، حيث إنه في الأخير يجسد طبيعة العلاقات المغربية الأوروبية في بعدها الثنائي، لكن مع التركيز على البعد الجيوستراتيجي للدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه المغرب إلى جانب الاتحاد الأوروبي في إطار التعاون المتعدد الأطراف، وبالأخص في شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، على حساب التكامل المغاربي وحل قضية الصحراء لأن الوضع المتقدم لم يول لهذين القضيتين المرتبطتين ما يستحقانه باعتبارهما مدخلا لابد من معالجة من اجل تحقيق التنمية المنشودة بمنطقة جنوب المتوسط.
لقد بات من المسلم به لدى الجميع أن اتحاد المغرب العربي يشكل أساسا ومدخلا لتنمية منطقة شمال إفريقيا. كما يؤكد ذلك الاتحاد الأوروبي باستمرار. لكن الوضع المتقدم لم يعكس ذلك، ونفس الشيء يسري على الاستراتيجية الأوروبية المتعلقة بدعم التعاون المغاربي المشترك. وقامت دعوات تفعيل العمل المغاربي المشترك الجديدة على أسس حسابية رقمية([38]) للتكلفة الاقتصادية والأرباح المهدورة، على عدم تفعيل اتحاد المغرب العربي، حيث برهنت عدة دراسات على الآثار الإيجابية للاندماج المغاربي. وحتى مع تعديل سياسة الجوار. ومع التحولات التي عرفتها المنطقة مع الربيع العربي، ارتفعت حدة المطالب الشعبية والرسمية المؤسسة بدورها على تكلفة عدم التعاون في إطار مغاربي ، تتبنى الخيار الشعبي في بناء المغرب العربي المؤسس على الحرية والديمقراطية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن الاختلاف السياسي، لا يغير من العلاقات المتميزة بين الشعوب، وبصفة خاصة بين المغرب والجزائر ([39]). لكن كل هذه الجهود تظل محدودة.
بعض مفارقات الوضع المتقدم
وتبقى قضية الصحراء اختبارا حقيقا لإثبات صدقية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في إعطاء دفعة قوية ومتميزة للعلاقات الثنائية مع المغرب في سياق الوضع المتقدم، حيث إن الاتحاد والدول الأعضاء ملزمون بدعم “عضو متميز” في الاتحاد الأوروبي. ويرى البعض أن إقحام ملف الصحراء ضمن الوضع المتقدم خطوة مهمة في حد ذاتها. وذلك بعد المجهودات التي قامت بها كل من الجزائر والبوليساريو وجنوب إفريقيا من أجل استثناء الصحراء من اتفاقية الوضع المتقدم، واللتين كانتا مدعومتين من طرف البرلمان الأوروبي، ومن طرف بعض الجمعيات، والتيارات السياسية (خاصة الشيوعية)، التي تدعم البوليساريو، انطلاقا من خلفيات إيديولوجية ومصلحية. وبالتالي فإن الوضع المتقدم لا يقدم جديدا للمغرب بشأن قضيته الأولى، والتي ترهن مسار التنمية والأمن بالمنطقة المغاربية ككل، حيث تضمنت وثيقة إعلان اللكسمبرغ، وبعدها إعلان قرطبة نفس المواقف السابقة المعلنة من طرف الاتحاد الأوروبي، الذي يحاول اعتماد الحياد بين الأطراف المعنية، رغم تأكيده على أهمية المقترح المغربي بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية([40]).
وبصفة عامة، وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه مقتضيات فارقة في العلاقات المغربية الأوربية، طغت نفس المجالات التقليدية على التعاون الثنائي في إطار الوضع المتقدم، وفي هذا الصدد اعتبر يحيى اليحياوي أن هذه المجالات: “هي كلها مستويات وردت بصيغة عامة وهلامية، باتفاق لوكسمبورغ، لكن الوارد أنها ستدقق في إطار لجن وهيئات، وربما سيتم خلق أطر خاصة لذلك، بجهة ضمان تصريف مضامين ذات الاتفاق وجدولة ذات التصريف بالآماد الزمنية، ووضع طرق وآليات لذات التصريف”([41])، وأضاف أن “معظم ما يبيع المغرب ويشتري، تذهب للاتحاد الأوروبي وتأتي منه، خدمات وسلع ويد عاملة، وخبرات، وتيارات سياحية ومصادر تمويل، واستثمارات مباشرة أو مشتركة، وما سواها. بالتالي، فإنه يعمد إلى إدماج كثافة كل ذلك بمنظومة متقدمة، أو بامتيازات ثابتة وقارة، لكلا الطرفين، إنما هو من صلب تحصيل المحصل”([42]).
وفيما يخص الانتقادات الموجهة للمغرب التي ترى في الدعم المالي الأوروبي عملية تحفيز أو “شراء” الإصلاحات والولاء المغربي لأوروبا؛ فإن تقريرا لوزارة المالية المغربية، قد أجاب عن ذلك بشكل ضمني، حينما أشار إلى أنه، “رغم محدودية الدعم الأوروبي لبلادنا، فالبرنامج الإرشادي للمغرب يندرج في إطار التوجهات الكبرى والإصلاحات التي التزمت بها الحكومة المغربية”([43]). أما بخصوص مشاركة المغرب في الوكالات والبرامج الامنية، يلاحظ أنها اقتصرت على الوكالات ذات البعد الأمني، في حين أن الانتقال إلى وضع متقدم يمكن المغرب من الانضمام إلى وكالات الاتحاد الأخرى، هذه الأخيرة المكلفة بمساعدة البلدان الأعضاء على تنفيذ بعض السياسات الداخلية الاتحادية ([44]). وفي الجانب المؤسساتي، فإن الوضع المتقدم لم يضف جديدا مهما فيما يخص العمل المؤسساتي الرسمي، باستثناء لقاء القمة الرئاسية وفي الواقع، يهدف الوضع المتقدم إلى إعطاء آفاق أكثر طموحا لاتفاقية الشراكة، بما في ذلك فتح المجال أمام لاعبين جدد، مثل التعاون القائم بين البرلمان المغربي والبرلمان الأوروبي، وبين المجلس الاقتصادي المغربي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، واللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمان الأوروبي ونظيره المغربي التي تأسست في ماي 2010″([45])…الخ .
خاتمـــــــــــــة
لقد عكس الوضع المتقدم طبيعة العلاقات، التي تطورت بين المغرب والاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقية الشراكة ومخططات عمل سياسة الجوار الأوروبية، حيث ظل المغرب يتقدم بمقترحات لتعزيز التعاون الثنائي، وفي هذا الصدد تم عقد العديد من المبادرات والاتفاقيات القطاعية، توجت بمنح المغرب وضعا متقدما، والذي لم يأت بمستجدات مهمة، وإنما كان بمثابة حوصلة للتقدم الحاصل في العلاقات الثنائية مع بعض الإضافات المحدودة، دون شكل قانوني واضح.
وبالتالي فإن الوضع المتقدم ليس اتفاقية شراكة جديدة، بديلا للاتفاقيات السابقة، بل هو بيان سياسي يهدف إلى تنسيق الآليات المؤسساتية والمالية لإعطاء طموح وآمال أكثر للعلاقات الثنائية بين الطرفين. وفي الواقع، فقد تضمن الوضع المتقدم من الناحية النظرية، عدة محاور للتعاون تعطي الانطباع بأن المغرب، في إطار هذا الوضع ، سيتمكن من حل جميع معضلاته، وسيلتحق قريبا بركب الدولة المتقدمة. أما من الناحية الإجرائية، فإن الوضع المتقدم ما هو إلا استدامة لبنود وتوصيات تضمنها اتفاقية الشراكة ومخططات عمل سياسة الجوار الأوروبية، في مضامين نظرية توحي بقيام علاقات تعاون حقيقية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. بينما الواقع يؤكد على أن الأمر يتعلق بمفهوم جديد للسياسة الأمنية الأوروبية، برؤية وصياغة جديدتين وشاملتين لكل المجالات، تهدف إلى توسيع المجال السياسي للحدود الأوروبية من خلال إدماج دول المحيط في الفضاء الأوروبي، هذه الأخيرة التي ستتولى إدارة الحدود مع الاتحاد، دون أن تكون دولا أوروبية.
([1]) إنه في كثير من الحالات يتم الخلط بين مفاهيم قريبة في اللفظ، ولكنها في المعنى مختلفة مثل السيرورة والصيرورة، والكينونة، هذه الأخيرة تعني بدء الوجود، بحيث أنه من اللازم لكل شيء موجود من مسار زمني لوجوده، ويطلق على ما ألت إليه هذه السيرورة بالصيرورة، وبين السيرورة والصيرورة تحدد كونية هذا الشيء.
[2] هذه العلاقات التي انطلقت منذ بداية الستينيات في سياق تعاقدي للتعاون ضمن السياسة المتوسطية الشاملة (1972-1992)، بعقد اتفاق تجاري تفضيلي سنة 1969. وتوالت السنوات بعد ذلك، لتؤكد العلاقة المغربية الأوروبية ترسخها من خلال اتفاقية الشراكة والتعاون لسنة 1976، التي أضافت البعد الاقتصادي لتصبح العلاقات المغربية الأوروبية ثنائية الأبعاد تجارية واقتصادية. بعد ذلك أتت اتفاقية الشراكة الأورومتوسيطة لسنة 1996، هذه الأخيرة أعطت للعلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي صبغة ونفسا، اعتبرا جديدين، وذلك في إطار سياسة التعاون الشامل، التي انطلقت مع السياسة المتوسطية المتجددة (1992-1996)، سميت فيما بعد بالشراكة الأورومتوسطية التي تبلورت ضمن إطار إقليمي (عملية برشلونة أو مسلسل برشلونة) كإطار متعدد الأطراف، وتفردت هذه الاتفاقية بإضافة البعد الثقافي لتصبح بذلك العلاقات المغربية الأوربية متكاملة الأبعاد، هذه الأخيرة التي استبدلت بسياسة الجوار الأوروبية اسنة 2004 كبديل لفشل مسلسل برشلونة، حيث كان المغرب من بين الدول الأولى التي صادقت على مخطط عمل سياسة الجوار الثنائية سنة 2005. وضمن نطاق السياسة الأور ومتوسطية، وسياسة الجوار تطورت العلاقات المغربية الأوروبية في شكل وضع متقدم، مٌنح من طرف الاتحاد الأوروبي للمغرب منذ سنة 2008. فميا تستمر المبادرات الإقليمية الأوروبية في التجدد بعد الإعلان عن سياسة الجوار المعدلة سنة 2011.
[3] تنص المادة 4 من اتفاقية الشراكة على ما يلي: “يشمل الحوار السياسي كافة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بالنسبة للطرفين، وخاصة الشروط الملائمة لضمان السلام والأمن والتنمية الإقليمية ، وذلك بدعم جهود التعاون لاسيما المغاربية”.
[4] راجع:
Qouyd (Siham), « Relation Maroc-Union européenne : Evolution historique et répercutions socio spatiales », thèse de doctorat, Université De Cergy-Pontoise, 2008, p19.
[5] فبعد أشهر من الطلب المغربي، انعقد مجلس الشراكة الأول في أكتوبر2000، ونص في بيانه الختامي على تأكيد الطرفين على أهمية التطور الحاصل في تفعيل إجراءات تنفيذ اتفاق الشراكة، وعلى أهمية تطوير هذا الأخير “في اتجاه شراكة طموحة ومثمرة”، وبالخصوص الدعوة إلى توسيع وتعميق علاقات الاتحاد الأوروبي مع دول البحر الأبيض المتوسط في إطار اتفاقيات الشراكة، والحوار المعزز المواكب لسياسة الجوار الأوروبية. وكان المغرب من الدول الأولى الموقعة على مخطط عمل سياسة الجوار، حيث يعد من البلدان السباقة التي تجمعها مع الاتحاد الأوروبي هيئة دائمة للحوار السياسي المعزز، مستمرة في التطور، على ضوء التطور الداخلي الجاري في الاتحاد الأوروبي، خاصة عبر سياسة توسع الاتحاد ومن خلال سياسة التعاون الخارجي.
([6])فعلى المستوى المتعدد الأطراف، شكل اجتماع وزراء الخارجية في تامبيري 2006 محطة مهمة، ساعدت على إنشاء فضاءات للحوار والتعاون على المستوى الإقليمي في جل المجالات، والذي رحب فيه الاتحاد الأوروبي بما اعتبره المساهمات الكبيرة للمغرب في الشراكة، خاصة على مستوى الهجرة. كما أشادت المفوضية الأوروبية في تقريرها السنوي لسنة 2006 المتعلق بتقييم مستوى التعاون مع المغرب في القضايا الجهوية والدولية، والأمن ومنع الصراعات، وإدارة الأزمات…الخ بمستوى العلاقات الثنائية مع المغرب؛ مؤكدة على أن لهذا الأخير مشاركة متميزة في مبادرات التعاون، حيث يشارك بنشاط في المناقشات حول السياسة الخارجية للأمن والدفاع. ويعتبر المغرب أول دولة جنوب المتوسط تشارك في العمليات العسكرية للاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك، وكان أيضا من أول الدول التي انخرطت في الحرب على الإرهاب، وفي عملية أليتيا التي قادها= =الاتحاد الأوروبي في يوغسلافيا السابقة. ويتميز المغرب بنشاطه إلى جانب الاتحاد الأوروبي في مختلف مبادرات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف أو في إطار مجموعات أو تكتلات فرعية، مثل منتدى البحر المتوسط “5 +5”. وقد توجت هذه الديناميكية الحوارية بصدور إعلان اللكسمبرغ والوثيقة المرفقة به واللذين سميا بإعلان الوضع المتقدم.
[7]ومن بين هذه الاتفاقات يذكر: اتفاقية للتعاون العلمي والتكنولوجي(2003)، اتفاق السماء المفتوحة (2006)، الاتفاق على جوانب معينة من الخدمات الجوية (الاتفاق الأفقي 2006)، اتفاق غاليليو (2006)، اتفاق الصيد البحري (2005 دخل حيز النفاذ في 28 فبراير 2007)، البيان المشترك للطاقة (2007)…الخ.
[8] يراجع:
Bouzalgha (Karim), « Maroc- Union Européenne: Vers un statut avancé », mémoire Master, Droit des Relations Economiques Internationales, université de Cergy Pontoise, Année 2007/2008, p8.
[9] يراجع:
Commission Européenne la Haute Représentante de l’Union Européenne pour les affaires étrangères et la politique de sécurité, « document de travail conjoint des services mise en œuvre de la Politique Européenne de Voisinage en 2010 rapport pays : Maroc », {COM(2011) 303}, p 4.
[10] قصد مزيد من التفاصيل، يرجى الرجوع إلى:
Communication de la Commission au Conseil et au Parlement Européen, Relative au Renforcement de la Politique Européenne de Voisinage, Bruxelles, le 4.12.2006 COM (2006)726 final.
[11] يراجع:
Jaidi (Larbi), Alaoui (Nezha), « Le Statut avancé » Maroc/UE quelle valeur ajoutée à la PEV ? », Op, cit, p 42
[12] يراجع:
Accord euro-méditerranéen établissant une association entre la communauté européenne et leurs Etats membres d’une part et le Royaume du Maroc d’une autre part, https://www.gisti.org/IMG/pdf/accord_ce-maroc_1996-02-26.pdf
[13] ينظر:
Plan d’action UE/Maroc 2004, http://www.eeas.europa.eu/archives/delegations/morocco/documents/eu_morocco/ plan
[14] ينظر
Déclaration du statut avancé et Document conjoint UE-Maroc sur le renforcement des relations bilatérales / Statut Avancé, respectivement sur les liens :
morocco/4330/document-conjoint-ue-maroc-sur-le-renforcement-des-relations-bilaterales-statut-avance_fr, 30/06/2019 – 12:04, http://www.statut-avance.com/laccord, 30/06/2016 – 19:04
[15] واصل الاتحاد الأوروبي والمغرب حوارهما السياسي (الدورة السادسة والسابعة من الحوار السياسي المعزز)، وعقد اجتماعين للجنة البرلمانية المشتركة بينهما، كما عززا تعاونهما في المنظمات الدولية ومن ضمنها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة…الخ. للمزيد من التفاصيل يراجع: MEMO/12/XXX Bruxelles, 15 mai 2012, PEV Rapport de suivi 2011- Maroc, p 2
[16] يراجع:
Commission des Communautés Européennes, Communication de la Commission au Conseil et au Parlement européen relative au renforcement de la politique européenne de voisinage, COM (2006)726 final Bruxelles, le 4.12.2006 ,
[17] وهي مخاوف مصطنعة، في جزء كبير منها، أو تم تضخيمها لأهداف غير معلنة، كما سيتضح في الفصل الثاني من القسم الثاني الخاص بالتعاون الأمني والجيوستراتيجي.
[18] وشمل الأنشطة التالية: تعزيز الحوار السياسي والتعاون بين الطرفين في مسائل السياسة الخارجية والأمن، ومواصلة الحوار السياسي المعزز على المستويين الداخلي والإقليمي؛ تعزيز التنسيق والفعالية الدبلوماسية في مواجهة الأخطار الأمنية المحدقة بالطرفين؛ تقوية الحوار السياسي المنتظم حول مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل؛ المشاركة عند الاقتضاء في أنشطة التكوين المتعلق بالوقاية من الصراعات وتدبير الأزمات والكوارث الطبيعية والحماية المدينة، مع إمكانية المشاركة في التداريب والعمليات المدنية والعسكرية السلمية التي تنظم من طرف الاتحاد الأوروبي؛ تبادل الرؤى حول الميثاق الأورومتوسطي للسلم والاستقرار والمشاركة في الجهود الأممية لضمن الأمن والسلم الدولي.
[19] يراجع:
Plan D’action, UE/Maroc, 2004, p 2 et Suite
[20] للمزيد من التفاصيل عن خلفيات ودافع التعاون المغربي الأوروبي في هذا المجال، ترجى العودة إلى المبحث المخصص سابقا لدراسة هذا الجانب.
[21] يراجع: Synthèse de la Législation Européenneعلى الرابط التالي: http://eur-lex.europa.eu/legal- content /FR/TXT/?uri=URISERV%3Al33501 Dernière modification 17.10.2016; 23h45.
[22] وفي الغالب ما تركز هذه التقارير على مقتضيات تتعلق بممارسة حقوق الإنسان أكثر من تقييم التعاون في المجالات المشتركة، مثل الانضمام إلى البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية حقوق الإنسان الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها؛ وإنهاء خطة العمل الوطنية في مجال حقوق الإنسان وتقديم الدعم لتنفيذها؛ تعزيز الحوار حول حقوق الإنسان على جميع المستويات، بما في ذلك في إطار هيئة الإنصاف والمصالحة؛ تقوية الحقوق الثقافية واللغوية لجميع مكونات الشعب المغربي؛ الاستمرار في إطلاح التشريع الجنائي من أجل وضع تعريف للتعذيب وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة؛ ضمان تنفيذ القانون المتعلق بحرية تكوين الجمعيات والتجمع، وفقا للأحكام المحددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسات العمومية في هذا المجال؛ تبادل التجارب والخبرات لتطور قانون الصحافة؛ دعم القانون الجديد المتعلق بتحرير القطاع السمعي البصري والتعاون في هذا المجال؛ تطبيق الإصلاحات الأخيرة من قانون الأسرة والتصدي للتمييز والعنف ضد المرأة، وتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء؛ تقوية حقوق الطفل بتطبيق اتفاقية حقوق الطفل؛ تعزيز دور المرأة في التطور الاقتصادي والاجتماعي، وحماية النساء الحوامل في أماكن العمل، وبدء حوار حول الحقوق الاجتماعية الأساسية ومعايير العمل الأساسية في إطار تحليل الوضعية وتحديد التحديات والتدابير الممكنة، بناء على إعلان منظمة العمل الدولية لعام 1998؛ التصديق على ميثاق المحكمة الدولية الجنائية، ضمان وحماية الحريات الدينية الفردية، وإسقاط التحفظات على بعض الاتفاقيات الدولية والتصديق على البعض الآخر. وكنموذج عن هذه التقارير يمكن الرجوع إلى Commission Européenne, document de travail conjoint, Mise en œuvre de la politique européenne de voisinage en 2010, Rapport pays : Maroc {COM (2011) 30.}
[23] يستحسن الرجوع إلى:
Jaidi (Larabi), Martin (Ivan), « Comment Faire Avance le Statut Avance UE-Maroc ? », Document IE MED, Mars 2010 p 51 et 52
[24] ينظر:
Conseil National du Commerce Extérieur Négociations entre le Maroc et l’Union Européenne relatives à la libéralisation du commerce des services et du droit d’établissement www.cnce.org.ma
[25] ينظر:
Jaidi (Larabi), Martin (Ivan),op, cit, p 53.
Ivan (Martin), « Les Autorités locales dans le Statut avancé UE-Maroc” Édition : Fonds Andalou des Municipalités pour la Solidarité International – FAMS” Document de travail Forum d’Autorités Locales UE-Maroc Cordoue, Document de travail 2-3 mars 2010,p3 et suite.
[27] لقد نص اتفاق الشراكة على مقتضيات مشابهة تخص تعزيز البنيات التحتية والإنتاجية والتسويق والتوزيع والتجارة الخارجية، مستندا في ذلك على مبدأ التقريب التشريعي من المكتسب الأوروبي في مجالات الفلاحة والصيد البحر (المادة 54)، النقل المادة (55)، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (المادة 56)، الطاقة (المادة 57)، السياحة (المادة 58)، الجمارك (المادة 59) الإحصاء (المادة 60)، تبييض الأموال (المادة 61)، مكافحة المخدرات (المادة 62).
[28] للمزيد من الاطلاع يراجع:
Pellissie (Jean-Pau), «La politique européenne de voisinage : nouvelles ambitions et nouveaux instruments », IAM de Montpellier, Options Méditerranéennes, Sér. A / n°71, 2006, p 34.
([29])تضمنت اتفاقية الشراكة عدة تدابير بخصوص منع وجود أي تمييز على أساس الجنسية يتعلق بظروف العمل والأجور والإقالة، بما في ذلك العمال المؤقتين (المادة 64). وكذا في مجال الحماية الاجتماعية، بالنسبة للعمال وأفراد عائلاتهم، حيث يغطي نظام الحماية المرض والأمومة والعجز والشيخوخة والمعاش واستحقاقات الحوادث والأمراض المهنية، ومنح الوفاة، وإعانات البطالة وفوائد الأسرة (المادة 65). ويشمل هذا النظام مواطني الطرفين المقيمين أو العاملين بطريقة مشروعة في بلد الإقامة (المادة 66). ولا تمس التزامات الطرفين بالحقوق والواجبات المترتبة عن الاتفاقات الثنائية التي تربط المغرب بباقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلا في الحالات التي تمنح امتيازات إضافية للمستفيدين منها (المادة 68). أما مهمة تنفيذ وتطوير نظام الحماية فقد أوكلت لمجلس الشراكة (المادة 67)، وإلى آلية الحوار الاجتماعي الذي يهتم بالإضافة إلى شروط إقامة العمال ونظام الحماية الاجتماعية بقضايا الهجرة والهجرة السرية والحوار الثقافي (المادة 69). ويتم الحوار وفق إجراءات مشابهة لتلك المنصوص عليها في الفصل الأول (المادة 70). كما حث اتفاق الشراكة على إنشاء مجموعة عمل يجب أن تضمن تقييم وتنفيذ الأحكام الاجتماعية الواردة في الاتفاق (المادة 73). كما نص اتفاق الشراكة على الأعمال والأنشطة المعتمدة لدعم التعاون الاجتماعي وتقليص ضغط الهجرة من خلال إنجاز مشاريع تنموية في الأماكن المصدرة للمهاجرين وإعادة المهاجرين غير الشرعيين، وتعزيز دور المرأة وانخراطها في التنمية الشاملة وإنجاز برامج صحية خاصة بالمرأة والطفل، وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وتشيع برامج التبادل والترفيه الشبابي المشتركة (المادة 73). كما تضمن الاتفاق عدة أنواع من الأدوات اللازمة لتحقيق الهداف من الاتفاقية خاصة إقامة حوار اقتصادي واجتماعي، وتعزيز الإطار التنظيمي (المادة 44)، وفي المجال الاجتماعي نص اتفاق الشراكة على إنشاء مجموعة عمل يجب أن تضمن تقييم وتنفيذ الأحكام الاجتماعية الواردة في الاتفاق (المادة 73).
[30] أكثر من ثمانية من أصل عشرة من الجزائريين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي لديه علاقة جيدة مع بلادهم، وهو رقم أعلى بكثير مما سجل في البلدان الأخرى المتوسطية الشريكة. ويود الجزائريون أيضا في أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا أكثر أهمية في بلدهم في مختلف المجالاتCentre d’information pour le) voisinage européen, Baromètre du voisinage de l’UE -Fiche d’information sur l’Algérie, automne 2012 ). وأكثر من ثلاثة أرباع المغاربة يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي شريك رئيسي لبلدهم، وهو أيضا رقما مهم على مستوى البلدان الأخرى المتوسطية الشريكة. وكذلك يود المغاربة في أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا أكثر أهمية في بلدهم في مختلف المجالاتCentre d’information pour le voisinage européen, Baromètre du) (voisinage de l’UE–Fiche d’information sur le Maroc, Automne 2012, http://www.enpi-info.eu. ويلاحظ من خلال نتائج هذا الاستطلاع للرأي مدى التقارب بين المغاربة والجزائريين (80% من الجزائري و75% من المغاربة) في النظر إلى علاقات بلادهم مع الاتحاد الأوروبي، وذلك رغم السياسة الجزائرية التي ما زالت تستثمر في توظيف الإرث التاريخي في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
([31])لقدد حددت المادة 75 من اتفاق الشراكة الأورومتوسطية الغاية من الدعم المالي الأوروبي لفائدة المغرب والمتمثلة في المساهمة بشكل كامل في تحقيق أهداف هذه الاتفاقية، كما نصت على طريقة تنفيذ التعاون المالي للمغرب، الذي يتم حسب الطريقة وبالوسائل المالية المناسبة التي تحدد بالاتفاق بين الطرفين من خلال الأدوات الأكثر ملائمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار الاجتماعية على الاقتصاد المغربي من التأسيس التدريجي لمنطقة تجارة حرة، ولا سيما من حيث تطوير وإعادة هيكلة الصناعة والسياسات و مصاحبة القطاعات الاجتماعية (المادة 75).
([32]) للمزيد من الاطلاع يراجع: جانب الدعم المالي من الوثيقة المرفقة لإعلان الوضع المتقدم.
([33]) لقد وردت مجالات التعاون في إعلان برشلونة موزعة على المحاور التالية وهي: التعاون السياسي والأمني: توفير الأمن والاستقرار بمنطقة المتوسط، مشروطية حقوق الإنسان، محاربة الهجرة السرية وتهريب المخدرات والجريمة العابرة للحدود؛ التعاون الاقتصادي والمالي: خلق منطقة التبادل الحر تلغي الرسوم الجمركية، اندماج المغرب في الفضاء الأوروبي، دعم مالي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية؛ التعاون الثقافي والاجتماعي: تشجيع الحوار والتبادل الثقافي ودعم الفاعلين المدنيين، المبادرات الثقافية المشتركة.
([34]) وفيما يلي أولويات التعاون كما وردت في مخطط عمل سياسة الجوار: متابعة الإصلاح التشريعي وتطبيق الأحكام الدولية في مجال حقوق الإنسان؛ الحوار السياسي المعزز في مجالات السياسة الخارجية للأمن المشترك (PESC) والسياسة الأوروبية للأمن والدفاع (PESD)؛ تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب التفاوض على اتفاق تحرير التجارة في مجال الخدمات؛ تطوير بيئة ملائمة للاستثمار الأجنبي المباشر والنمو والتنمية المستدامة؛ التعاون في إطار السياسة الاجتماعية بهدف الحد من الفقر والهشاشة وخلق فرص العمل؛ تقديم الدعم لنظام البحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات كعوامل حاسمة في التنمية الاقتصادية؛ الإدارة الفعالة للتدفقات الهجرة، بما في ذلك التوقيع على اتفاق إعادة القبول مع اتحاد الأوروبي وتسهيل حركية الأشخاص وفقا للمكتسب الجماعي الأوروبي، لا سيما من خلال بحث إمكانيات التخفيف من إجراءات الحصول على تأشيرات الإقامة القصيرة لفئات معينة من الأشخاص؛ تطوير قطاع النقل على أساس السلامة والأمن فضلا عن تعزيز البنى التحتية الوطنية والإقليمية والربط مع شبكة النقل عبر أوروبا (TEN-T)؛ تطوير قطاع الطاقة بما في ذلك الترابط والبنية التحتية في الأكثر أمانا الظروف والقدرة التنافسية والجودة واندماج سوق الكهرباء المغربي في سوق الكهرباء الأوروبي. يراجع: 2004Plan d’action UE/Maroc 2004, op, cit, p2.
Ivan (Martin), « La coopération Europe –Méditerranée: état des lieux fiche de divulgation» », Euromed, n°2009/1 Commission Méditerrané et Gouvernement Locaux Unis- Septembre 2009, p23.
([36]) لقد كانت فرنسا تملك حوالي 100 قاعدة عسكرية في القارة خلال السنوات الموالية للاستقلال، لكن هذه القواعد تراجعت لتصبح 6 فقط، نظرا للتكلفة المتطلبة لتواجدها، وأيضا للتطور الحاصل في بعض الدول الإفريقية. وتراجع عدد اتفاقيات التعاون العسكرية التي كانت تربط فرنسا بالعديد من الدول الإفريقية، فأصبحت محصورة في 8 دول وهي الكاميرون، إفريقيا الوسطى، الكابون، السنغال، توغو، جزر القمر، كوت ديفوار، جيبوتي. للمزيد من التفاصيل يراجع: رأفت (أجلال)، “السياسة الفرنسية في إفريقيا جنوب الصحراء، السياسة الدولية”، عدد 145، يوليو 2001.
[37] يراجع: مصدق (حسن)، “أبعاد الصراع الفرنسي الأمريكي حول المغرب العربي والشرق الأوسط وإفريقيا”، دفاتر وجهة نظر، ط 1، 2005، ص 12.
[38] يراجع عزام (محجوب)، “التكلفة الاقتصادية لتأخير التكامل المغاربي”، مركز الجزيرة سلسلة أوراق الجزيرة عدد 22 2008 ص 40-42.
[39] ينظر:
Martin (Louis) et autres, « Maroc UE du Maghreb Arabe et l’intégration régionale », Commission Européen EURO MESCO Paper, mai, 2008, p 67 et suite.
[40] للمزيد من التفاصيل ينظر: ولد السالك (ديدي)، “فرص نجاح المبادرة المغربية لتسوية النزاع في الصحراء الغربية”، المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية على الرابط التالي:
14 h 00.،13/17/ 2015؛http://www.cmesmr.org/etudes/10-2012-11-25-15 28-26.html
[41] ينظر: اليحياوي (يحيى)، “عن الوضع المتقدم مع أوروبا”، مقالات رأي (وجهة نظر)، الجزيرة نت، 17/04/2014.
[42] نفس المرجع السابق.
[43] ينظر:
Ministère des finances Marocaine, «Les relations du Maroc avec l’Union Européenne du partenariat au statut avancé », novembre 2007, p12.
[44] للمزيد من التفاصيل يراجع:
Royaume du Maroc Direction des Etudes et des Prévisions Financières, « Les relations du Maroc avec l’Union européenne : du partenariat au statut avancé », 2007.
[45] يراجع:
Senat français, rapport d’information, n° 100 (2013-2014), «La politique méditerranéenne de l’Union européenne après le printemps arabe: les cas du Maroc et de la Tunisie », fait au nom de la commission des affaires européennes, Bourzai (Bernadette) et autres sénateurs, 24 octobre 2013, p 2.