Site icon مجلة المنارة

معالم تنظيم الحق في النسيان الرقمي في التشريع المغربي

معالم تنظيم الحق في النسيان الرقمي في التشريع المغربي

Milestones in the organization of the right to digital oblivion

 In Moroccan legislation

إعداد الباحث: أمين الخنتوري                                                             By: Amin Al-Khantori  

الصفة : باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص

           جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس.

Adjective: PhD researcher specialty specialty in private law

           Sidi Mohammed bin Abdullah Fez University.

البريد الالكتروني : amine.elkhantouri@usmba.ac.ma

الملخص:

يعد الحق في النسيان الرقمي من الحقوق المستجدة التي فرضها التطور التكنولوجي إذ أصبح مطلبا مشروعا في مواجهة تنامي عملية تجميع وتخزين ومعالجة البيانات المرتبطة بالحياة الخاصة للأفراد، إذ أن مفاد هذا الحق هو أن تبقى هذه البيانات الخاصة في منأى عن الاطلاع العام ما دام أنها لا ترتبط بالمصلحة العامة أو الحياة العامة.

وبذلك تأتي هذه الدراسة لغاية إبراز مدى تأثر التشريع المغربي بمضمون هذا الحق، وذلك من خلال محاولة استجلاء أهم المضامين التي تهم حق الأفراد في دخول بياناتهم الخاصة طي النسيان الرقمي في التشريع المغربي وتقييم مدى فعالية هذه المضامين في ظل تنوع   مجال تطبيق فكرة الحق في النسيان الرقمي .

Summary:

The right to digital oblivion is one of the emerging rights imposed by technological development, which has become a legitimate requirement in the face of the growing process of collecting, storing and processing data related to the private life of individuals, as the benefit of this right is that such private data should be kept out of public access as long as it is not related to the public interest or public life.

This study is aimed at highlighting the extent to which Moroccan legislation is influenced by the content of this right, by trying to clarify the most important contents that concern individuals the right to enter their private data into digital oblivion in Moroccan legislation and to assess the effectiveness of these contents in light of the diversity of the field of application of the idea of the right to digital oblivion.

الكلمات المفتاحية :الحق، النسيان الرقمي ، البيانات الشخصية ، الحياة الخاصة.

Mots clés: droit, oubli numérique, données personnelles, vie privée.

مقدمة:

يوصف العصر الذي نحيا بعصر التقنية وعصر وسائل معالجة ونقل المعلومات التي بدت المحدد الاستراتيجي للبناء الثقافي والنماء الاقتصادي، وقد برز في فضاء التقنية وسائل كثيرة  من بينها الحاسوب كأداة للتحكم بالمعلومات وتجميعها ومعالجتها واختزانها واسترجاعها ونقلها،[1] وفي ظل هذا التطور ومع انتشار شبكة الانترنت في جميع بقاع العالم، حيث غدا مجتمع الانترنت الأكبر من حيث المساحة والسكان، فقد أكدت الإحصائيات أن هناك 2.5 مليار مستخدم للفيس بوك على الصعيد العالمي نشط شهريا اعتبارا من 31 دجنبر 2019، وفي جميع أنحاء العالم هناك 1.66 مليار مستخدم نشط يوميا[2]، كما أكدت إحصائيات صادرة عام 2018 على وجود أكثر من نصف سكان العالم على الانترنت[3]، وقد وصل عدد الأشخاص الذين يستخدمون الأنستغرام « intégrâmes » إلى 200 مليون مستخدم وإلى أكثر من مليار على الواتساب ويتجاوز حجم البيانات التي تنتج عن هذا الاستخدام قرابة 2.5 “اكسابايت exabyte” في الدقيقة الواحدة تقريبا[4]، ومع مرور الوقت أصبح الحاسوب بمثابة الصندوق المخزن للمعلومات الشخصية للأفراد.[5]

هذا وقد تزامن الانتشار الواسع لاستخدام الانترنت مع ظهور الحديث في العديد من الدول الغربية عن مخاطر جمع وتخزين وتبادل ونقل البيانات الشخصية ومخاطر التكنولوجية المعلوماتية في ميدان المساس بالخصوصية والحريات العامة، وانتشار الحديث عن الخطر الكبير الذي يهدد الحرية الشخصية بسبب قدرة هذه التكنولوجيا على تخزين المعلومات المتعلقة بالأفراد واستغلالها في غير الأغراض التي تخزن من أجلها[6]،حيث أصبح من السهل جمع وتخزين واسترجاع وتحليل كميات هائلة من البيانات الشخصية التي تتم معالجتها من قبل المؤسسات العامة وشبه العامة وكذا شركات الخواص، بل أصبح من الممكن نقل هذه المعطيات خارج حدود الدولة المعنية بالمعالجة بتكاليف زهيدة، الشيء الذي يسفر عن العديد من الأضرار، ويخلف العديد من الأثار السلبية على شخصية الأفراد وعلى المجتمع بشكل عام [7].

إضافة إلى ظهور ما أصبح يعرف ببنوك المعلومات وهي تكوين قاعدة بيانات تفيد موضوع معينا وتخدم غرضا معينا وتتم معالجتها بواسطة أجهزة الحاسوب الإلكترونية لإخراجها في صورة معلومات تفيد مستخدمين مختلفين[8]، مما أدى إلى تنامي مخاطر جمع البيانات وتخزينه بطريقة غير مشروعة أو إساءة استخدامها عبر تعقب الأثار الالكترونية لمستخدمي وزوار المواقع والشبكات على الانترنت.

ومن أجل تجاوز هذه التداعيات السلبية لتطور المنظومة المعلوماتية ظهرت العديد من التشريعات لغرض حماية البيانات الشخصية للأفراد[9]، فبالرجوع إلى القانون الفرنسي نجده قد أرسى من خلال قانون المعلومات والحريات[10]، ضوابط خاصة لحماية البيانات الشخصية ، حيث أخضع كافة عمليات معالجة البيانات الشخصية لموافقة صاحبها وإعطائه حق الولوج  إليها، وتعديلها ساعة يشاء، كما ألزم الشخص الذي يقوم بمعالجة البيانات الشخصية بوجوب محوها بعد مرور مدة المعالجة المعقولة، لتتبنى بعد ذلك عدة تشريعات عربية نفس النهج[11]، أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد نظم الحماية القانونية للبيانات الشخصية من خلال قانون 08:09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

هذا ومع دخول القوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية حيز الوجود برزت فكرة الحق في النسيان الرقمية كأحد المبادئ الأساسية لضمان خصوصيات الأفراد الرقمية.

ويعتبر الحق في النسيان الرقمي كما سنرى بأنه ذلك الحق الذي يسمح للشخص الذي وجد نفسه وبياناته في متناول العموم، بأن يطالب بتفعيل حق نسيان بياناته الشخصية ومعارضة إعادة نشرها في المستقبل بعد مرور المدة المعقولة او المحددة من طرف الشخص المسؤول عن المعالجة.

إن التنظيم القانوني للحق في النسيان الرقمي هو إقرار من طرف المشرع بحق الفرد في الحفاظ على خصوصياته، من جهة أولى، كما يعني من جهة ثانية إقرارا بحق الدولة في الاطلاع على هذه البيانات، ومعالجتها ضمن إطار قانوني محدد وواضح بما يسمح للسلطات المختصة بمنع وقوع أعمال مخلة بالأمن والنظام وخصوصيات الأفراد، وملاحقة ومعاقبة مرتكبيها.

ويجد الحق في النسيان الرقمي أهميته في ظل تطور الشبكة الرقمية، حيث بات يشكل ضرورة حتمية وفق المعادلة الحديثة  التي تطالب بضرورة النسيان الرقمي مقابل الذاكرة الرقمية الأبدية المتوفرة على الشبكة.

ومن الثابت أيضا أن البيانات الشخصية أصبحت مرتكزا أساسيا لبناء القرار الإداري والأمني الهادف إلى إدارة الشأن العام، وتحقيق الاستقرار ورفاه الشعوب، من هنا تعتبر البيانات الشخصية مادة أساسية للعمل في مختلف أجهزة الدولة  والقطاعات الأمنية، حيث تدار الأحوال الشخصية والممتلكات العقارية والاستثمارات، والشؤون الاجتماعية، والصحية، والتعليمية  والأمنية، بما يؤمن أمن المواطنين  ويحافظ على أمن الدولة[12]، كما أن هذه البيانات تحولت إلى مرتكز للاقتصاد الرقمي، وإلى سلعة ذات قيمة اقتصادية، وإلى جزء من عناصر المؤسسات التجارية، بما جعل بيانات مستخدم الانترنت، الذي هو أي مواطن،[13]  تتحول إلى مادة أولية في تحقيق إنتاجية الشركات المختلفة.[14] هذا ما خلق نوع من التهافت على جمع بيانات الأفراد من طرف المؤسسات والشركات التجارية نتيجة الانتشار الواسع لاستخدام شبكة الانترنت.

كما أن مستخدمي شبكة الانترنت والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يقومون بمجموعة من الأنشطة باستخدام بياناتهم الشخصية سواء كان ذلك عن علم أو عن غير علمهم، فهذه البيانات الشخصية يمكن أن تكون محل استخدام غير مشروع من طرف أشخاص طبيعيين أو مؤسسات أو مواقع إلكترونية، مما يشكل تهديدا صريحا لخصوصياتهم وحقهم في نسيان بياناتهم الشخصية على الأنظمة المعلوماتية، هذا ما عجل بظهور الحاجة إلى ضرورة تبني مبدأ جديد يتمثل في حق كل شخص في أن يبقي بياناته الشخصية بعيدة عن أنظار العموم، وهو ما عجل بظهور مفهوم قانوني جديد ألا وهو الحق في النسيان الرقمي.

ومن هذا المنطلق يمكن صياغة الإشكالية الرئيسية التي يبنى عليها الموضوع على النحو الآتي: كيف نظم المشرع المغربي مضمون فكرة الحق في النسيان الرقمي ؟

هذا ومن أجل دراسة هذا الموضوع ارتأيت تقسيمه على النحو الآتي :

المبحث الأول : البناء المفاهيمي والدلالي للحق في النسيان الرقمي

المبحث الثاني : التنظيم القانوني للحق في النسيان الرقمي

المبحث الأول : البناء المفاهيمي والدلالي للحق في النسيان الرقمي

من أجل دراسة موضوع الحق في النسيان الرقمي باعتباره حقا مستجدا وجدته التقنية المعلوماتية والربط بالشبكة العنكبوتية فلابد من تحديد ماهيته وتأصيل معالم نشوئه ومظاهر تطوره (المطلب الأول) وكذا تحديد الطبيعة القانونية مع إبراز علاقته وبشكل واضح مع الخصوصية الرقمي للأفراد (المطلب الثاني).

المطلب الأول : ماهية الحق في النسيان الرقمي

يعتبر الحق في النسيان الرقمي أو المسح أو التراجع أو التجاهل، أو حتى محو وإزالة الذكريات والابتعاد بشكل خاص عن الأفكار المثيرة للقلق،[15] هو طبيعة  بيولوجية وصفة ملازمة للإنسان أوجدها الله تعالى لمساعدة الإنسان على تجاوز الماضي السيئ والاستمرار في الحياة بشكل طبيعي، لهذا كان لزاما أن يتم تبني هذه الخاصية البشرية كمبدأ أساسي في التعامل مع الذاكرة الرقمية التي لا تعرف طريقا إلى النسيان التلقائي.  

الفقرة الأولى : تعريف الحق في النسيان الرقمي

لقد اختلف الفقه في تحديد مفهوم الحق في النسيان الرقمي، فمنهم من ضيق من نطاقه حيث يعرفه على أنه :”الحق الذي يمنح للأشخاص الوسائل القانونية التي تمكنهم من الحصول على حقهم في النسيان عبر الانترنت وذلك من خلال الحد من الاحتفاظ بالبيانات الرقمية الشخصية وإمكانية إلغائها[16]، وهذا التعريف الضيق يجد سنده أيضا في المادة السادسة من قانون المعلوماتية والحريات الفرنسي الصادر بتاريخ 6 يناير 1978 والذي فرض بعض القيود على المسئول في معالجة البيانات الشخصية لأفراد منها الأمانة والمشروعية وعدم الاحتفاظ بها لمدة تتجاوز الغرض الذي جمعت لأجله[17] وهو نفس التوجه الذي ذهب إليه المشرع المغربي من خلال مقتضيات قانون 08.09 كما سنرى بعده.

فالحق في النسيان الرقمي حسب هذا التوجه هو مكنة الفرد لمراقبة بياناته الشخصية والتحكم في  هويته الرقمية من خلال السماح له بالاطلاع عليها وتصحيحها أو محوها في بعض الحالات،[18] هذا وقد تعرضت  التعريفات الضيقة  للانتقاد كونها لم تحط بالمضمون الشامل لهذا الحق حيث اقتصرت على الاحتفاظ بالبيانات عبر شبكة الانترنيت وأهملت الاحتفاظ بأنظمة التخزين الإلكترونية، هذا بالإضافة إلى عدم تطرقها للبيانات التي يمكن محوها من الذاكرة والمدة الزمنية التي يتوجب فيها محو بيانات المستخدمين[19].

بينما جانب من الفقه نجده قد وسع من مفهوم هذا الحق في تعريفه، بحيث اعتبره بأنه التزام مسؤول معالجة البيانات الخاصة بالأشخاص بالمحافظة عليها وضمان حقهم بالمطالبة بحذفها بعد انتهاء الغرض منها لحماية المستخدم من ماضيه،[20] وبذلك يكون هذا التعريف أكثر دقة وضمانا لحق الأفراد في دخول بياناتهم الشخصية طي النسيان لما يحتويه من إلزام المسؤول عن المعالجة بإعدام هذه البيانات بعد الانتهاء من استخدامها.

الفقرة الثانية: نشأة وتطور فكرة الحق في النسيان الرقمي

إن الحق في النسيان الرقمي من الأفكار القديمة التي ظهرت منذ ستينيات القرن الماضي[21] وقد برزت معالم هذا الحق أيضا مع المادة الثامنة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لسنة 1950 والتي نصت على احترام الحق في الحياة الخاصة، كما نصت المادة السابعة من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي، والتي ركزت بدورها على مبدأ الحق في احترام ”الحياة الخاصة والعائلية وحماية البيانات الشخصية” بوصفها واحدة من الحقوق الأساسية الكبرى المرتبطة بحقوق الإنسان[22].

هذا وقد تطورت فكرة الحق في النسيان الرقمي مع تطور التكنولوجية الرقمية، وما فرضه الواقع التقني من إمكانية الاحتفاظ بالبيانات الشخصية لمدة زمنية  غير معلومة يستحيل محوها من المنظومة الافتراضية ببساطة، وبالتالي ضرورة إتلاف وإعدام المعطيات الشخصية بعد الحصول على الغاية من معالجتها أو انتهاء مدة حفظها.

وبذلك فقد حظي الحق في النسيان الرقمي باهتمام  بالغ من قبل التشريعات الأوربية، فقد كرسه المشرع الفرنسي في الفصل 28 من قانون 17-78 المتعلق بالحريات والمعلوميات، حيث نص على أنه «لا يمكن الاحتفاظ بالمعطيات لمدة تتجاوز تلك المحددة بالتصريح أو مطلب الترخيص إلا إذا وافقت اللجنة الوطنية الإعلامية والحريات على ذلك[23].

وقد ازدادت وثيرة المطالبة بهذا الحق من طرف دول الاتحاد الأوربي، خلال العقد الأخير من القرن الماضي، نتيجة تنامي المد الحقوقي، وانخراط المجتمع في تبني المضامين الحقوقية الجديرة بالحماية، ضمن الحقوق المقررة للبشرية، ومن بنيها الحق في النسيان[24].

لكن هذا  الحق عرف ظهورا واسعا بعد صدور قرار المحكمة الأوربية بتاريخ  13 ماي 2014 في حق شركة «غوغل Google”، وقد أكد هذا الحكم أنه ووافقا لشروط معينة، يحق للشخص الطبيعي أن يطلب من محرك البحث إزالة روابط من قائمة النتائج تشير إلى صفحات تحتوي على بياناته الشخصية بمجرد إدخال اسمه فيها[25].

فضلا عن ذلك فقد أكد هذا القرار على أن الشخص عليه أن يتقدم بطلبه في المقام الأول إلى مقدم خدمة محرك البحث الذي يتوجب عليه النظر في طلب رفع اسمه من عمليات البحث على النحو الواجب على أساس موضوعي، وفي حالة عدم الاستجابة لطلبه فإن السلطة الإشرافية أو القضائية في الدولة العضو يجب عليها تحديد التدابير التي ينبغي اتخاذها[26].

على إثر ذلك تنامى الاهتمام التشريعي بالحق في النسيان الرقمي حيث أنه ومنذ تنفيذ اللائحة العامة لحماية البيانات تم تعزيز الحق في النسيان عبر إرساء الحق في المحو أو المسح من خلال مقتضيات المادة 17 من اللائحة العامة الأوربية[27]. حيث نصت هذه الأخيرة على أنه يجوز لصاحب البيانات المطالبة بالحق في النسيان أو بالحق في أن يحجب جميع البيانات الشخصية المتعلقة به أو بها دون تأخير غير مبرر ويتعين على المشغل مسح البيانات المعنية في الإبان عند وجود أي من الأسباب المذكورة في هذه الأحكام”[28]. وتتمثل أسباب المسح حسب المادة 17 في ما يلي :

وبهذا يكون للمشرع الأوروبي قصب السبق في تنظيم الحق في النسيان الرقمي انتصارا وحماية للحق في الحياة الخاصة للأفراد التي ينبغي أن تبقى سرية وفي منأى من أنظار العموم.

المطلب الثاني: المدلول القانوني للحق في النسيان الرقمي وحدود ممارسته

لقد اختلفت الآراء الفقهية حول تحديد الطبيعة القانونية للحق في النسيان الرقمي بين ما إذا كان يدخل ضمن عناصر الحياة الخاصة أم لا (الفقرة الأولى). كما أن حدود تطبيق وممارسة الحق في النسيان الرقمي عرفت بعض التجاذبات بمناسبة تقاطعها مع حماية بعض الحقوق والحريات الأساسية كما سنرى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : المدلول القانوني للحق في النسيان الرقمي

إن النسيان هو سمة طبيعية بيولوجية لصيقة بالإنسان، سنها الله تعالى في طبيعته البيولوجية من أجل تجاوز الماضي السيء والمضي قدما نحو المستقبل، وبهذا فهو ظاهرة بيولوجية مرتبطة بذاكرة البشر والتي بسبب مرور فترة زمنية محددة تتجاهل التفاصيل المرتبطة بأي معلومة، غير أنه وعلى نقيض ذلك فإن الذاكرة الرقمية لا تمتاز بهذه الخاصية [29]، فإزالة البيانات والمعطيات تتطلب ضرورة وجود سند قانوني يكرس هذا الحق.

وبهذا يكون الحق في النسيان آلية ضرورية لحماية حرية التعبير وحرية التراجع عن الرأي وحرية الانسلاخ عن نظام شبكات الانترنت، وحق الشخص المعني في السيطرة على معطياته الشخصية وحياته الخاصة، وحقه في تغير وحذف كل معلومة كيف ما كان نوعها ودعامتها على شبكة الأنترنت[30]، غير أن الطبيعة القانونية لهذا الحق قد عرفت خلافا فقهيا، خاصة بعد صدور حكم حول ما يعرف بقضية “لاندور” l’affaire Landru[31]، وقد انبثق عن هذا الخلاف اتجاهين فقهيين بين من يقول بأن الحق في النسيان الرقمي هو حق مرتبط بالحياة الخاصة وعنصرا من عناصرها، وبين من يرى بأن الحق في النسيان الرقمي هو حق مستقل عن الحياة الخاصة، وسنتعرف على ذلك من خلال النقطتين المواليين.

أولا : الحق في النسيان الرقمي هو حق مرتبط بالحياة الخاصة : يؤكد الرأي الفقهي المؤيد لهذا التوجه، أن مفهوم الحق في النسيان الرقمي يتسع ليشمل كافة العناصر الشخصية حتى لو كانت بيانات عامة على اعتبار أن ما كان عاما من بيانات ثم نشرها في السابق سيكون ضمن الحياة الخاصة في المستقبل أو بمعنى آخر ستصبح من قبيل الأسرار في المستقبل ومن ثم تدخل في طي نسيان صاحبها،[32] نظرا لمرور فترة زمنية عليها، وإن تم الإعلان والكشف عن تلك الأسرار فإن ذلك يعد انتهاكا واعتداءا واضحا على الحياة الخاصة للأشخاص وهذا مجرم قانونا[33]، ولا يعتبر لحق في النسيان مستقل عن الحق عن الحياة الخاصة، إلا بالنسبة لوقائع الحياة العامة، إذ لا يمكن حمايتها عن طريق وسائل حماية الحق في الحياة الخاصة[34].

هذا وقد تبنى القضاء الفرنسي هذا التوجه عندما قضت محكمة باريس الابتدائية في الحكم الصادر في 5 فبراير  2012 في القضية التي تتلخص وقائعها في وجود مقطع فيديو قديم حدد فيه هوية المشتكي بسبب قيام شخص مجهول الهوية بنشر هذا المحتوى في مواقع إباحية، وقد ظهر لها من خلال نتائج محرك البحث Google، مما ألحق ضررا بحياتها وعملها، فطالبة محرك البحث Google بإلغاء فهرسة المحتوى، ورفض هذا الأخير لكون أنه ليس لديه صلاحية إدارة المحتوى، في حين رأت المحكمة أن محرك البحث Google  شارك في هذا الضرر وبررت قرارها بأن المشتكية لها الحق في أن تنسى ما مضى من حياتها[35].

بالإضافة إلى ذلك نجد أن حكم المحكمة الأوربية رقم C-131-12 المشار إليه هو الآخر أكد في حيثياته بأن الحق في النسيان الرقمي يعتبر مشمولا بالحق في الحياة الخاصة.[36]

بالإضافة إلى أن التوجه القضائي الفرنسي هو الأخر يخضع حماية الحق في النسيان الرقمي لمقتضيات المادة 9 من القانون المدني الفرنسي،[37] والتي تهم الحماية القانونية للحق في الحياة الخاصة، ما يعني أنه يعتبره عنصرا من عناصر الحياة الخاصة.

ثانيا : الحق في النسيان الرقمي هو حق مستقل عن الحياة الخاصة : يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الحق في النسيان الرقمي لا يدخل ضمن عناصر الحق في الحياة الخاصة، بل يعد حقا مستقلا عن الحقوق الأخرى على الرغم من تصور تطابقهما معا في حالة عدم موافقة صاحبها، ولكنهما يختلفان من حيث البعد الزمني فالحق في الخصوصية لا يقتصر فقط على الوقائع الحديثة، بل يشمل الوقائع التي مر عليها زمن طويل، وهذا ما يقتصر عليه فقط الحق في النسيان بصورة عامة، ومن حيث الطبيعة فإن الحق في النسيان أكثر اتساعا من الحق في الحياة الخاصة، فالأول تدخل ضمنه الوقائع والأحداث بكافة أشكالها عامة كانت أم خاصة أم سرية،[38] على عكس الحياة الخاصة التي لا تتعلق بالوقائع أو الأحداث العامة لأن صفة الخصوصية في مثل هذه الحالة تعد غير متوافرة لنشرها مسبقا على الجمهور سواء كانت بموافقة صاحبها أو كانت لأسباب ترتبط بالمصلحة العامة كالحقائق المتعلقة بالجرائم والقضايا والأحداث التاريخية أو غير ذلك مما ينصب على حق الجمهور بالمعرفة.[39]

ويرى جانب من الفقه الفرنسي،[40] أن الحق في النسيان نابع بصفة أساسية من المادة الثامنة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وكذلك من المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو الذي يسمح لشخص الذي لا يكرس حياته لنشاط عام بأن يفرض السرية والهدوء اللازمين لتطور شخصيته وعدم عرقلته في ذلك.

وأخيرا مما يؤيد استقلال الحق في النسيان الرقمي عن الحق في الحياة الخاصة، أن المشرع الفرنسي أفرد حكما مستقلا في المادة 35 من قانون الصحافة الصادر في 29 يوليوز 1881 والمعدل بالأمر الصادر في 6 ماي  1944[41]، حيث تقضي بعدم جواز إثبات وقائع القذف إذا مضى عليها عشر سنوات، كما تقرر وبشكل مستقل في بند ثاني أنه لا يجوز أيضا إثبات الوقائع المتعلقة بالحياة الخاصة، فهذا التمييز الذي أبرزه الفصل 35 بين كل من وقائع القذف والحياة الخاصة دليلا قاطع على وجود نوع من الاستقلالية بين كل من الحق في النسيان والحق في الحياة الخاصة.

الفقرة الثانية: حدود ممارسة الحق في النسيان الرقمي

يتحدد مجال ممارسة الحق في النسيان الرقمي في ما يتعلق بالأثر الالكترونية أو الذكريات الرقمية، ويقصد بالأثر الرقمية كل المعلومات المتعلقة بنشاط الشخص خلال استخدامه لنظام معلوماتي أو وسيلة الكترونية مهما كان نوعها (مدونات، مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، مواقع التجارة الالكترونية، محركات البحث..) يكون من شأنها أن تساهم في تحديد هويته الرقمية.[42]

غير أنه يرى البعض أن هذا الحق في طلب إلغاء المحتوى الالكتروني المتعلق بالشخص يقتصر على الحالات التي يكون فيها المحتوى غير دقيق أو ناقص أو مفرط، أو غير ذي صلة، في حين يرى البعض الآخر أنه حق مطلق يسمح للشخص في أن يطالب دائما بمسح ما يتعلق به وبشخصه على الشبكة العنكبوتية دونما أي تمييز، فيما يحذر جانب أخر من أن هذا الحق قد يسمح للحكومات بطلب إلغاء المحتوى الالكتروني المتعلق بقضايا الفساد كالأخبار والوثائق المتصلة بتلك القضايا،[43]

 هذا وقد يعترض البعض على هذا الحق بأنه يهدد مبدأ حرية الرأي والتعبير، وهذا أمر غير صحيح مادام أن الحق في النسيان يقتصر فقط على ما يضعه المستخدم من بياناته الشخصية على الانترنت، دون أن يمتد إلى أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلام والمرتبط بالمصلحة العامة.

إلا أن المادة 17 من اللائحة العامة الأوربية وضعت قيود على ممارسة الحق في النسيان، حيث اعتبرت أنه لا يجوز ممارسة هذا الحق إذا كان الأمر يتعلق بممارسة حرية التعبير أو لتنفيذ موجب قانوني أو بهدف المصلحة العامة أو من قبل السلطة العامة أو لأغراض الأرشيف لأهداف المصلحة العامة أو البحث العلمي أو التاريخي أو لأهداف إحصائية أو لممارسة حق الدفاع القانوني.

وفي نفس السياق وتجسيدا لهذا التوجه نصت المادة الخامسة من قانون الصحافة المغربية رقم 88.13 على أن “سرية مصادر الخبر مضمونة ولا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي وفي الحالات التالية:

– القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الخارجي والداخلي.

– الحياة الخاصة للأفراد مالم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة”

وبهذا فإن البيانات الشخصية للأفراد والتي تكون لها علاقة بالحياة العامة أو المصلحة العامة لا يمكن أن تخضع لضمانات الحق في النسيان الرقمي.

وفي الأخير وجبت الإشارة إلى أن تطبيق الحق في النسيان الرقمي لا يقتصر فقط  على البيانات  ذات الطابع الشخصي  المعالجة أليا، بل يجد أساسه أيضا في كل مكونات الحياة الخاصة للأفراد، سواء تعلق الأمر ببيانات الحالة المدنية [44]، أو الحق في الصورة أو المعلومات المرتبطة بصحة الأفراد أو تلك الرابطة بالعلاقة الحميمية  والى غير ذلك من العناصر الأخرى.

المبحث الثاني: التنظيم القانوني للحق في النسيان الرقمي

إن تخزين أو تجميع البيانات الشخصية للأفراد لمدة غير محددة يمكن أن يشكل انتهاك لخصوصياتهم مع مرور الزمن، لهذا يبقى تكريس الحق في النسيان الرقمي مطلبا أساسيا لحماية المعطيات الشخصية.

والمشرع المغربي وإن كان لم ينص صراحة على الحق في النسيان الرقمي إلا أنه نظم مضمون هذا الحق من خلال مجموعة من النصوص التشريعية (المطلب الأول) كما أنه خول آلية مؤسساتية تتمثل في اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية لها أدوار طلائعية مهمة في مجال حماية وتجسيد الحق في النسيان الرقمي في ظل التطور التكنولوجي (المطب الثاني)

المطلب الأول: المرتكزات التشريعية للحق في النسيان الرقمي في القانون المغربي

يمكن إبراز هذه المرتكزات التشريعية التي خص بها المشرع الحق في النسيان الرقمي ولو بصفة ضمنية، من خلال استجلاء مواطن التأطير التشريعي لهذا الحق في مضامين مختلف النصوص القانونية (الفقرة الأولى) وكذا تحديد أوجه الحماية القانونية لهذا الحق سووا جنائية كانت أم مدنية (الفقرة الثانية).

 الفقرة الأولى: تأصيل مضمون فكرة الحق في النسيان الرقمي في التشريع المغربي  

بالرغم من أن المشرع المغربي لم يكرس الحق في النسيان بصفة صريحة إلا أن مضمون هذا الحق يجد أساسه في مجموعة من المقتضيات القانونية، انطلاقا من دستور 2011 الذي أكد في فصله 24 على حماية الحق في الحياة الخاصة للأفراد وعدم انتهاكه، ولا يجوز بأي شكل المساس بهذا الحق إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون فيما أن الحق في النسيان الرقمي يرتبط أساسا بالبيانات الشخصية، فإن اهتمام المشرع الدستوري بالحياة الخاصة للأفراد، هو في حد ذاته تكريس غير مباشر للحق في النسيان الرقمي لمعطياتهم الشخصية على اعتبار أن هذه الأخيرة، تعد عنصرا من عناصر الحق في الحياة الخاصة.

هذا ويجد الحق في النسيان الرقمي مضمونه أيضا في مقتضيات القانون رقم 53.05 والمتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية،[45] حيث اشترطت المادة 21 منه على مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية أن يتوفروا على بعض الشروط التقنية والتي تهم بالأساس الحق موضوع البحث وهو:

– القدرة على المحافظة عند الاقتضاء بشكل الكتروني على جميع المعلومات المتعلقة بالشهادة الالكترونية التي قد تبدو ضرورية لإثبات التصديق الالكتروني أمام القضاء بشرط أن تضمن نظم المحافظة على الشهادات الالكترونية.

– إن إدخال المعطيات وتغيرها لا يسمح بهما إلا للأشخاص المرخص لهم لهذا الغرض من لدن مقدم للخدمة.

– أن اطلاع العموم على شهادة الكترونية لا يتأتى دون الموافقة سابقة من صاحب الشهادة.

-أنه بالإمكان كشف أي تغيير من شأنه أن يخل بسلامة النظام.

هذا وقد أكدت المادة 24 أيضا من قانون 53.05 على أنه “يجب على مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية أن يحافظوا على معطيات إنشاء الشهادة..”

كما أن مؤدي خدمة التصديق الالكتروني كغيره من المتعاملين في مجال البيانات ذات الطابع الشخصي يكون ملزم بالمحافظة على سريتها،[46] والالتزام بإبرام عقد تأمين لتغطية الأضرار.[47]

وبهذا يكون المشرع قد حافظ على حق الأشخاص المؤدى لهم خدمة التصديق الالكتروني في أن تدخل بياناتهم الشخصية في طي النسيان الرقمي، من خلال اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على سريتها بعيدا عن أنظار العموم.

فضلا عن ذلك وبالرغم من أن المشرع المغربي لم يستعمل مصطلح الحق في النسيان الرقمي بصريح العبارة، إلا أنه قد نظم مضمون هذا الحق في المادة الثالثة من قانون  08.09 المشار إليه سلفا، حيث نصت هذه المادة على أنه “يجب أن تكون المعطيات ذات الطابع الشخصي:

3- محفوظة وفق شكل يمكن من التعرف على الأشخاص … طوال مدة لا تتجاوز المدة الضرورية لإنجاز الغايات التي تم جمعها ومعالجتها لاحقا من أجلها” .

ومؤدى ذلك أنه لا يجوز جمع أو تخزين البيانات الشخصية إلا لمدة مؤقتة تتناسب مع الغرض المشروع من جمع هذه البيانات،[48] فضلا عن حق كل مستخدم في السيطرة على معلوماته الشخصية التي يقوم بوضعها على الانترنت موضوع المعالجة كما سنرى فيما بعد.

هذا ويشترط في البيانات ذات الطابع الشخصي سواء أكانت بيانات عادية أو بيانات حساسة كي تكون محلا للحماية القانونية ومجالا للحق في النسيان الرقمي، أن تخضع لعملية معالجة مهما كان شكلها، كالجمع أو التخزين أو التعديل أو الاسترجاع أو المراجعة أو الحجب أو المحو أو الإلغاء وبأي وسيلة كانت، ويكون مسؤول المعالجة شخص طبيعيا أو معنويا يحدد أغراض المعالجة.

هذا وقد أكد المشرع المغربي من خلال قانون 08.09 أيضا على ضرورة الاحتفاظ بالبيانات الشخصية للأفراد لمدة محدودة غير أن هذه المدة لا تخضع لنظام قانوني موحد[49]، فمثلا في التشريع الفرنسي، تبنى قانون المعلوماتية والحريات معيار “المدة المعقولة” حيث وضع ضابط مفاده أن يتم حفظ البيانات خلال مدة تتناسب مع الغرض من معالجتها،[50] هذا وقد أكدت أيضا خطة فرنسا الرقمية لسنة 2012 على ضرورة وضع حل موحد على الصعيدين الأوربي والدولي مؤداه تحديد حد أقصى لمدة حفظ البيانات الشخصية التي تحتفظ بها محركات البحث [51].

وفي ختام هذه الفقرة يمكن القول على أن التشريع المغربي وإن كان لم يتطرق بشكل مباشر للحق في النسيان الرقمي، إلا أن أي مقتضى يهم حماية المعطيات الشخصية للأفراد هو تكريس ضمني لهذا الحق، وذلك عبر إخضاع عمليات جمع البيانات الشخصية وتخزينها وحفظها باستخدام الحواسب الآلية والتخلص منها بعد مرور وقت معين لضوابط وقيود محددة، لأن أي إخلال بهذه المقتضيات إلا ويخرق حق الأفراد في أن تدخل جميع بياناتهم الشخصية ما لم تكن مرتبطة بالمصلحة العامة في طي النسيان الرقمي، وذلك يشكل اعتداء على  الحق في الحياة الخاصة للأفراد بصفة عامة.

الفقرة الثانية: الحماية التشريعية للحق في النسيان الرقمي

إن المخاطر التي تحيط بالحق في النسيان الرقمي تأتي نتيجة إخلال القائم بمعالجة البيانات الشخصية بالتزاماته التي فرضها قانون 08:09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وبهذا نجد أن المشرع المغربي قد أقر حماية جنائية لحق الأفراد في دخول بياناتهم الشخصية في طي النسيان الرقمي وذلك من خلال سياسة التجريم والعقاب المعتمدة في قانون 08:09 (أولا) بالإضافة إلى تكريس حماية مدنية تجد أساسها في قواعد المسؤولية التقصيرية (ثانيا).

أولا : الحماية الجنائية للحق في النسيان الرقمي

تتمثل الحماية الجنائية للحق في النسيان الرقمي عبر سياسة التجريم والعقاب الذي تبناها المشرع في إطار قانون 08.09 ويمكن إجمال هذه الحماية التي لها صلة بشكل كبير بالحق في النسيان الرقمي في الجوانب التالية :

        ه) محفوظة وفق شكل يمكن من التعرف على الأشخاص المعنيين طول مدة لا تتجاوز المدة الضرورية لإنجاز الغايات التي تم جمعها ومعالجتها لاحقا من أجلها…”.

كما أكدت نفس المادة على أنه وبناء على طلب من المسؤول عن المعالجة وإذا كانت ثمة مصلحة مشروعة، يمكن للجنة الوطنية أن تأذن بحفظ المعطيات ذات الطابع الشخصي لغايات تاريخية أو إحصائية أو علمية بعد المدة المشار إليها.

ويجب على المسؤول عن المعالجة أن يسهر على احترام أحكام المادة الثالثة وذلك تحت مراقبة وتتبع اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، هذا وبمجرد انتهاء المدة المحددة لحفظها سواء من خلال التصريح أو الترخيص أو بالقوانين الخاصة أو في صورة تحقق الغرض الذي جمعت من أجله أو إذا لم تعد ضرورية  لنشاط المسؤول عن المعالجة، فإنه ينبغي على هذا الأخير أن يعدم هذه المعطيات الشخصية وفي حالة عدم القيام بذلك تلقائيا جاز للشخص المعني بالأمر تقديم شكاية بذلك إلى اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية،[52] وعلى هذا الأساس يكون المسؤول عن معالجة البيانات ملزم بشكل دوري بمراجعة هذه البيانات التي تم تخزينها بحيث يقوم بإلغاء كل البيانات التي تم تحقيق الغاية من وراء جمعها [53].

ومن هذا المنطلق فإن المشرع المغربي قد جرم أي مخالفة لشروط الاحتفاظ المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون 08.09، حيث نصت المادة 55 من نفس القانون على أنه “يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 20000 درهم به 200000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط:

ويعاقب بنفس العقوبة كل من قام لأغراض أخرى غير تاريخية أو إحصائية أو علمية بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي تم الاحتفاظ بها بعد المدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه.

ويتحقق الركن المادي في جريمة الاحتفاظ بالبيانات الشخصية لمدة تتجاوز  الحد المصرح به، في قيام الجاني بحفظ البيانات الشخصية في نظامه الإلكتروني، وفي هذه الحالة يفترض أن يكون تجميع المحتوى وحفظه قد تم بطريقة مشروعة بصرف النظر عن طبيعة تلك البيانات في ما لو كانت حساسة أو عادية[54]، أما بالنسبة للركن المعنوي لهذه الجريمة يتحقق مع علم الجاني  بأن الأفعال التي يأتيها تشكل جمعا وتخزينا غير مشروع للمعطيات الشخصية، وأن التنافي مع الغايات من المعالجة أو استمرار حفظ البيانات الشخصية رغم تجاوز المدة القانونية المحددة لما يعد معالجة غير مشروعة، وتوجه الإرادة إلى اقتران هذه الأعمال [55].

والقصد الجنائي المتطلب في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة، والعلم بمعنى أن الجاني يعلم بأنه يحتفظ ببيانات ذات طابع شخصي وأن مدة الاحتفاظ المصرح بها قد  تجاوزت فترة انتهاء الغرض الذي تمت من أجله المعالجة، والإرادة تعني توجه إرادة المعالج نحو استمرار الاحتفاظ[56].

هذا وقد حدد المشرع المغربي لهذه الجريمة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة من 20000 درهم إلى 200000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

بالإضافة إلى ذلك فقد منح المشرع للجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي سلطة بإزالة البيانات الشخصية التي تكون محلا للجريمة، وكذا مراقبة هذا الإجراء الذي قد يتقاعس المعني بالأمر عن تنفيذه، بالإضافة إلى تقرير بعض العقوبات الأخرى كالمصادرة والمحو والإغلاق والحرمان وغيرها[57].

وبهذا فإن الإخلال بواجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين حماية البيانات الشخصية يكون محل جريمة طبقا للمادة 58 من قانون 08.09، والتي جرم من خلالها المشرع إقدام الجاني على معالجة معطيات الأفراد الشخصية دون وضع تدابير السلامة المتخذة من طرف القائم بالمعالجة، غير أنه إذا اتخذ هذا الأخير التدابير الكفيلة بحماية المعطيات وحصل أن تم الاعتداء عليه بالرغم من ذلك، فهنا لا يمكن مساءلة المسؤول عن المعالجة مادام أنه التزم بتوفير الوسائل اللازمة لذلك.

هذا ووجبت الإشارة أيضا إلى أن المشرع الفرنسي على خلاف المشرع المغربي قد جرم صراحة إفشاء البيانات سواء تم ذلك بقصد أي بتوفر عنصري العلم والإرادة أم عن طريق الخطأ وذلك بالإهمال وقلة الاحتياط.[59]

لهذا نجد أن المشرع المغربي وانتصارا لحق الأفراد في أن تدخل بياناتهم في طي النسيان الرقمي، قد أعطى للمستخدمين أو الأشخاص أصحاب البيانات بأن يطلبوا مسح هذه البيانات وفق حالات معينة حددها المشرع في المادة الثامنة من قانون 08.09 على أنه “يحق للشخص المعني بعد الإدلاء يما يثبت هويته أن يحصل من لدن المسؤول عن المعالجة على ما يلي:

هذا وفي حالة الرفض أو عدم الاستجابة للطلب داخل الأجل المذكور يحق للمعني بالأمر إيداع طلب تصحيح لدى اللجنة الوطنية،[62] التي تكلف أحد أعضائها للقيام بكل التحقيقات التي ترى فائدة فيها والعمل على إجراء التصحيحات اللازمة في أقرب الأجل، ويجب إبقاء المعني بالأمر على اطلاع بمآل طلبه، كما أنه ينبغي عند تقديم الشخص طلبا يستهدف تصحيح أو حذف معطيات تخصه فإنه يتعين على المسؤول عن المعالجة أو اللجنة الوطنية إخباره كتابة بالتدابير المتخذة،[63] هذا ويحق للوارث أيضا المطالبة بتصحيح أو حذف البيانات الشخصية التي تخص الفقيد شريطة إثبات صفته كوريث[64].

ثانيا: الحماية المدنية للحق في النسيان الرقمي

تتجسد الحماية المدنية للحق في النسيان الرقمي من خلال قواعد المسؤولية التقصيرية انطلاقا من مقتضيات الفصلين 77 و 78 من ق ل ع، حيث أنه يمكن أن تتحقق مسؤولية المسؤول عن معالجة البيانات الشخصية وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية عند الإخلال بالتزام قانوني غير عقدي يفرضه عليه المشرع من خلال القانون رقم 08.09، وذلك انطلاقا من قاعدة أن كل من ارتكب خطأ تسبب في إصابة الغير بضرر، فإنه يلتزم بتعويض هذا الغير المضرور، استنادا إلى القاعدة الفقهية التي تقول أن الضرر يزال وخير سبيل لإزالته التعويض.

 هذا ويعرف الخطأ حسب مقتضيات المادة 78 من ق ل ع بأنه ” الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر”

وبهذا فإن أي إخلال من طرف المسؤول عن معالجة البيانات الشخصية بالتزاماته القانونية إلا ويكون مرتكب خطأ تقصيري، أساسه معالجة البيانات الشخصية بطريقة غير مشروعة من شأنها المساس بحق الأفراد في النسيان الرقمي لخصوصياتهم على الانترنيت وبنوك المعلومات.

ومن ثم يلتزم المسؤول عن تعويض من تمت معالجة بياناته إذا ترتب عن أعمال المعالجة المخالفة للقانون، إصابة صاحب البيانات بضرر انتهاك حقه في أن تدخل بياناته في طلب النسيان الرقمي.

هذا ويجب الإشارة إلى أن الخطأ التقصيري المرتكب من طرف المسؤول عن المعالجة والذي يمكن أن يشكل انتهاك للحق في النسيان الرقمي، من الممكن أن يأخذ صورا عديدة من بينها،

-انتهاك معالج البيانات الشخصية لحقوق المعني بالأمر على بياناته[65]

-عدم تأمين البيانات الشخصية أو إفشاء البيانات أو عدم الالتزام بالإعلام[66]

– عدم تمكين صاحب البيانات من الاطلاع عليها[67]

– معالجة البيانات الشخصية على الرغم من اعتراض من تخصه البيانات[68]

-عدم قيام معالج البيانات بإلغاء أو تعديل البيانات على الرغم من توفر شروط ذلك[69]

وفي ختام هذه الفقرة أقول بأن توسيع نطاق الحماية للبيانات الشخصية للأفراد (جنائية، مدنية) هو يخدم وبشكل مباشر الحق في النسيان الرقمي، هذا الأخير الذي أصبح من الواجب تكريسه دستور كغيره من الحقوق الدستورية الأخرى، وذلك في ظل التطور التكنولوجي والتقني العميق الذي تعرفه المنظومة المعلوماتية اليوم ومدى تأثيرها على حماية البيانات الشخصية للأفراد.

المطلب الثاني: الآلية المؤسساتية لضمان تطبيق الحق في النسيان الرقمي

تتجلى الضمانة المؤسساتية لحماية الحق في النسيان الرقمي في إحداث لجنة وطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (الفقرة الأولى)، تتولى ممارسة دور الرقابة على المسئول عن معالجة البيانات الشخصية بما يخدم حقوق الأفراد في حماية بياناتهم الشخصية المعالجة وبالتالي ضمان الحق في النسيان الرقمي في مختلف تجلياته (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إحداث لجنة وطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي

لقد نصت المادة 27 من قانون 08.09 على أنه “تحدث لدى الوزير الأول لجنة وطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية (اللجنة الوطنية) تكلف بأعمال أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه والسهر على تنفيذه..”

هذا وتتألف اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية من 7 أعضاء :[70]

-رئيس يعينه جلالة الملك

– 6 أعضاء يعينهم أيضا جلالة الملك باقتراح من:

– الوزير الأول

– رئيس مجلس النواب

– رئيس مجلس المستشارين

وتحدد مدة العضوية في اللجنة الوطنية في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

       ويتم اختيار أعضاء اللجنة لمراقبة مدى حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من بين شخصيات القطاع العام أو الخاص والمؤهلين، إضافة إلى ضرورة امتلاك كفاءة في الميادين القانونية والقضائية ومجال الحريات الفردية والمجال الرقمي[71].

ولقد جعل المشرع المغربي من اللجنة الوطنية استحداثا قانونيا لا يخضع للتسلسل الإداري التقليدي، مما يمكن معه القول بأنها تصنف ضمن هيئات الحكامة والتقنين المنصوص عليها دستوريا[72].

وعلى غرار ذلك يرى بعض الفقه المغربي،[73] بأن اللجنة الوطنية هيئة إدارية مستقلة تصدر قرارات شبه إدارية وشبه قضائية وأيضا استشارية.

وفي هذا الصدد فإن استقلال هذا الجهاز هو ضمانة أساسية للتطبيق السليم للحق في النسيان الرقمي للأفراد، فالاستقلالية تمنحها هامش كبير من الحرية والمسؤولية في تفعيل أدوارها الرقابية القانونية في معالجة المعطيات الشخصية، مما ينعكس بشكل إيجابي على ضمان الحق في النسيان الرقمي كما سنرى في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: دور اللجنة الوطنية في حماية الحق في النسيان الرقمي

لقد كانت للمشرع المغربي من وراء إحداث اللجنة الوطنية بموجب القانون رقم 08.09 رؤية مفادها فرض احترام الحياة الخاصة والحريات الفردية والجماعية، تماشيا مع أهداف القانون المحدث لها والذي يسعى إلى إقرار الضمانات الكفيلة بحماية كل شخص تكون معطياته الشخصية موضوع معالجة آلية الكترونية أو يدوية[74].

هذا ويستقرأ دور هذه اللجنة الوطنية في ضمان التطبيق السليم للحق في النسيان الرقمي في السلطات القانونية المخولة لها، سواء تعلق الأمر بالسلطات القبلية للمعالجة، أو تلك السلطات المخولة لها بعد انتهاء المعالجة عند وقوع أي إخلال من المسؤول عن المعالج بالتزاماته.

3-مواكبة المؤسسات والشركات التي تستعمل المعطيات ذات الطابع الشخصي للقيام بأنشطتها لملائمة هذه الأخيرة مع أحكام قانون رقم 08.09.

وفي ختام هذا المطلب أقول بأن اللجنة  الوطنية اليوم أصبح لها من الأليات ما يمكنها من ضمان الحماية لخصوصية الأفراد الرقمية، ليس فقط أمام المعالجة غير المشروع للبيانات الشخصية من طرف المؤسسات العامة والخاصة، بل أيضا ضد أي اعتداء حاصل من طرف المواقع الإلكترونية أو على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.

خاتمة:

إن التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وما استتبعه من سرعة انتشار الانترنت، سهل من سرعة تدفق البيانات والمعطيات الخاصة بالأفراد على الشبكات العنكبوتية وتجميعها وتخزينها واستحضارها رغم مرور فترة زمنية على نشرها، فهذا الأمر جعل من قداسة ومكانة الحق في الحياة الخاصة للأفراد على المحك، هذا ما دفع بنا إلى البحث عن مدى تكريس المشرع المغربي لحق الأفراد في دخول بياناتهم في طي النسيان الرقمي حماية لحقهم في الخصوصية الرقمية، هذا وقد توصلت من خلال هذه الدراسة إلى بعض النتائج التي يمكن إجمالها في ما يلي:

هذا وقد ارتأيت من خلال هذه الدراسة إلى أن أخلص لبعض الاقتراحات التي من شأنها تجويد النص التشريعي المغربي وضمان حقوق الأفراد في تكريس حقهم في  النسيان الرقمي على مختلف المجالات، وهذه الاقتراحات هي كالتالي:

لائحة المراجع

          الكتب:

     القوانين والمواثيق الدولية:

    المقالات :

اللائحة العامة الأوربية عدد 679 / 2018 (RGPD)

    المواقع الإلكترونية :

    الأطروحات والرسائل:

الكتب:

الأطروحات والرسائل:

التقارير:


[1]  محمود محمد حسن المرزوقي، جرائم الحاسب الآلي، مركز الدراسات القانونية والقضائية، قطر، السنة غير مذكورة، ص 2.

[2]  Investion f6. Com/investor-news/pressielease.delails/2020facebookreport,fourth-quarter-and-Full-/Year2019-resultats/defautaspx)

[3]  https://wearessocial.com/blog/2018/01/global-digital-report2018.

[4]  منى الأشقر جبور، محمود جبور، البيانات الشخصية والقوانين العربية الهم الأمني وحقوق الأفراد، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان،  2018، ص 12.

[5]  لقد أصبحت الشبكات المعلوماتية مستودعا خطيرا للكثير من أسرار الإنسان التي يمكن الوصول إليها بسهولة وسرعة لم تكن متاحة في ظل سائر وسائل الحفظ التقليدية فأصبحت بنوك المعلومات أهم واخطر عناصر الحياة الخاصة للإنسان في العصر الحديث. أنظر نور الدين شكردة، منازعات التكنولوجيا المعلوماتية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، ص 44.

[6]  بولين أنطونيوس أيوب، الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية، دراسة مقارنة، منشورات حلبي الحقوقية، لبنان الطبعة الأولى، سنة 2009، ص 26.

[7]عبد المجيد كوزي، الحماية القانونية للبيانات والمعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة 2014/2015، ص 7و 6.

[8]  مارية بوجداين، مريم آل سيدي الغازي، من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية الرقمية، مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، العدد الثالث، ص 64.

[9]  يرى بعض الفقه بأن البيانات الشخصية هي تلك المتعلقة بالحماية الخاصة للفرد كتلك الخاصة بحالته الصحية والمالية والمهنية والوظيفية والعائلية، أنظر أسامة عبد الله قيد، الحماية الجنائية للحياة الخاصة وبنوك المعلومات، دار النهضة العربية القاهرة، السنة 1988، ص 85.

[10] La loi informatique et libertés, n° 78 – 17 du 6 janvier  1978 .

[11]  المشرع التونسي، القانون الأساسي عدد 63. 27 يوليوز 2004 يتعلق بحماية المعطيات الشخصية .

 المشرع الجزائري ، قانون رقم 07/18 مؤرخ في 10 يونيو 2018 يتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي، ج.ر.ج.ج عدد 34 صادر في 10 يونيو 2018.

[12]  منى الأشقر جبور، السيبريانية هاجس العصر، المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، جامعة الدول العربية، السنة غير مذكورة ، ص 120.

[13]  Rapport « clin et colin : dans toute application en ligne, l’utilisation et actif et son activité, peut être captée sous la forme de données, les données sont un flux essentiel qui irrigue l’ensemble de l’économie numérique http://www.economie. Gov.fr/filles) Rapport fiscale jus-numérique – 2013 PDF.

  أورده، منى الأشقر جبور، م  س، ص 120.

 [14]  منى الأشقر جبور، م س، ص 120.

[15] Libin louis, le droit a l’oubli numérique-quelle paramètre territorial, master droit des affaires, université de liège Belgique, 2011, p 21.

[16] Marion Barbezieux, le droit à l’oubli numérique bilan et perspectives, édition universitaires européennes 2016, deutschband / Allemagne, p 1213.

[17]  أنظر قانون رقم 78-17 الفرنسي المتعلق بالمعلوماتية والحريات.

[18]  بوخلوط زين، الحق في النسيان الرقمي، مجلة المفكر، العدد الرابع عشر، السنة غير واردة، ص 551.

[19]  معاد سليمان الملا، فكرة الحق في الدخول في طي النسيان الرقمي في التشريعات الجزائية الإلكترونية الحديثة، دراسة مقارنة في التشريع العقابي الفرنسي والتشريع الجزائي الكويتي، ملخص خاص العدد 3، الجزء الأول، ماي  2018، شعبان 1439 هـ، ص 119.

[20] Etienne Quillet, le droit à l’oubli numérique sur les réseaux sociaux, Master de droits de l’homme et droit humanitaire, dirigé par Emmanuel Decaux, année universitaire 2011, université panthéon Assas,p2

[21]  معاذ سليمان الملا، فكرة الحق في الدخول في طي النسيان الرقمي في التشريعات الجزائية الإلكترونية الحديثة، دراسة مقارنة بين التشريع العقابي الفرنسي والتشريع الجزائي الكويتي ملحق خاص، العدد 3 الجزء الأول ماي 2018، ص 117.

[22]  عبد المجيد كوزي، م س، ص 142.

[23] Lipovetsky (s) : Yayou – Fauvet (A), le devenir de la protection des données personnelles sur internet, Gazette de Partis, septembre 2001, p 1382.

[24]  عبد المجيد كوزي، م س، ص 143.

[25] للاطلاع أكثر أنظر، العيش الصالحين محمد، تعليق حول حكم محكمة العدل الأوربية، الصادر في 13 ماي 2014، بشأن الحق في اعتبار بعض الوقائع في طي النسيان، مجلة معهد دبي القضائية، مج 3، ع5، الإمارات ، 2015، ص169 وما يليها.

[26] العيش الصالحين محمد، م س، ص 171

[27] اللائحة العامة الأوربية عدد 679 / 2018 (RCPD) ، متاحة على الموقع التالي : https://mdrscenter.com

[28] أنظر الفقرة الأولى من المادة 17 من اللائحة العامة الأوروبية لحماية المعطيات الشخصية (RGPD)

[29]  بوزيدي أحمد ، الحق في الدخول في طي النسيان الرقمي كآلية لحماية الحق في الحياة الخاصة، مقال على مجلة صوت القانون، المجلد السادس، العدد 2/ نونبر 2019، ص : 1246.

[30]  عبد المجيد كوزي، م س، ص 147 و ص148 .

[31]  تتلخص وقائع القضية في أن هناك فيلما سنيمائي تعرض لحياة أحد المشاهير المجرمين، الذي كان على علاقة غرامية بإحدى السيدات وهي Fernande Segnet ، وقد لجأت هذه السيدة إلى القضاء بدعوى أن المجرم قد مات منذ سنين عديدة، وإنما أصبحت في مقتبل العمر، توارت عن الأنظار ودخلت في حلقة النسيان، وأن عرض مثل هذا الفلم أعاد ماضيها إلى الذكرى، إلا أن القضاء رفض دعواها على أساس أنها قد لجأت هي اصلا إلى نشر ذكرياتها و ذكرت هذا المجرم، وكانت تسعى إلى نشر مذكرات أخرى، وهذا دليل على أنها كانت حريصة على إسدال ستار النسيان على هذه الحقيقة من تاريخها، وقد استأنفت الحكم الصادر في الدرجة الأولى بتاريخ 4أكتوبر 1965، إلا أن قرار الاستئناف قد أيد الحكم الأول وذلك في 15 مارس 1967.

D 1967 , somme 78 JCP 1967 II 15107.

أورده صفية بشاتن، الحماية القانونية للحياة الخاصة دراسة مقارنة، أطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية  تيزي وزوو، الجزائر، ص 284.

 [32] أيمن عبد الله فكري، جرائم نظام الحاسوب، (دراسة مقارنة) دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 2007، ص 89.

[33]  بولين أنطونيوس أيوب، م س، ص 209.

[34]  صفية بشاتن، م س، ص 287.

[35] Tribunal de grande instance de paris, 15février 2012

أورده معاد سليمان الملا، م س، ص 123.

[36] Arrêt de cour, (grand chambre), 13mai 2014.

أورده الصالحين محمد العيش، تعليق حول حكم محكمة العدل الأوربية الصادر في 13 ماي 2014، م س، ص 109.

[37]  نصت المادة  9 من القانون المدني الفرنسي على أنه “لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة”.

[38]  محمد الشهاوي، الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة، طبعة 2005، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 218.

[39]  معاذ سليمان الملا، م س، ص 124.

[40]  انظر صفية بشاتن، م س، ص : 284.

[41] D’art 35 de cette loi , alinéa 3 (amendée par l’ord ou 6 mai 1944) stipule : « la vérité des faits diffamatoire peut toujours être prouvée saufs.

a-lorsque l’imputation concerne de la vie privée de la personne

b-Lorsque l’imputation se réfère à des faits qui remontent à plus de dix années.

[42]  بخلوط الزين، الحق في النسيان الرقمي، مقال مدرج بمحلة المفكر، العدد الرابع عشر، جامعة باجي مختار، الجزائر، ص 552.

[43]  عبد الناصر زياد هياجه، الميراث الرقمي، المفهوم والتحديات القانونية، مقال على المجلة الدولية للقانون، جامعة قطر، كلية القانون، الدوحة، 2015، ص 4.

[44]    لقد أكدت المادة العاشرة من قانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية والمنفذ بظهير رقم 1.02.239 الصادر في 7نونبر 2002 على أنه ” يكون ضباط الحالة المدنية وموظفوها مسؤولين طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية عن الأضرار اللاحقة بالغير نتيجة إخلالهم بضوابط الحالة المدنية أو بسبب أخطائهم المهنية الجسيمة “، وبهذا تعد العناصر المتعلقة بالحالة المدنية جزءا من الحياة الخاصة لا يجوز أن يطلع عليها العموم شأنها شأن باقي البيانات الشخصية المعالجة أليا طبقا لمقتضى القانون 08.09

 [45] المنفذ بظهير رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007).

[46]  انظر المادة 24  من قانون 53.05.

[47]  لقد أكدت المادة 22 من المرسوم رقم 2.08.518 المتعلق بتطبيق قانون 53.05، على وجوب اشتمال دفتر التحملات على وثيقة أو وثائق التأمين المبرمة لتغطية المسؤولية المدنية عن تقديم خدمات المصادقة، ويرجع سبب ذلك إلى ضرورة تأمين الأضرار الممكن حدوثها نتيجة للأخطاء المرتكبة من مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية أثناء أدائهم لمهامهم.

[48]  وذلك على اعتبار أن عدم احترام تلك الضوابط لتخزين ومعالجة المعطيات الشخصية من شأنه أن يمس بالحريات الفردية والحياة الخاصة.

أنظر عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني لحماية التجارة الالكترونية، الكتاب الثاني، الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية، دار الفكر الجامعي الإسكندرية 2002، ص 24

[49]  أنظر المادة 3 من قانون 08:09.

[50]  أنظر المادة 8 من قانون المعلومات والحريات رقم 78-17 سنة 1978.

[51]  خطة فرنسا الرقمية 2012، الصفحة 38 متاحة على الموقع التالي :

www.francenumérique2012.Fr

أنظر المادة 28 من قانون 08.09.  [52]

[53]  سامح عبد الواحد التهامي، ضوابط معالجة البيانات الشخصية، دراسة مقارنة بين القانون الفرنسي والقانون الكويتي، مقال بمجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة غير مذكورة، ص 408.

[54]  معاذ سليمان الملا، م س، ص 139.

[55]  حسن الحافظي، الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخصي في التشريع الوطني والاتفاقيات الدولية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة مولاي إسماعيل كلية الحقوق مكناس، 2016-2017، ص  165.

[56]  معاد سليمان الملا، م س، ص 140.

[57]  انظر المادة 30 من قانون 08.09 وكذا المواد 49 وما يليها من مقرر الوزير الاول رقم 3.33.11 المتعلق بالنظام الداخلي للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي .

[58]  انظر المداولة عدد 2015/108 بتاريخ 14/07/2015 المتعلقة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي من طرف الأحزاب أو اتحاداتها أو تحالفاتها والمنظمات المهنية والنقابية والمنتخبين أو المرشحين لوظائف منتخبة لغرض التواصل السياسي، صادر عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية للمملكة المغربية، المادة 9، ص 7.

[59]  وقد أفراد المشرع هذه الجريمة بصورتين هما:

    – تلقي أو حيازة البيانات الشخصية  سواء بقصد تصنيفها أو نقلها أو معالجتها

    – فعل إفشاء البيانات الشخصية إلى شخص غير مختص، أو ليس ه لصفة القانونية

تم الاطلاع عليها

أنظر المادة 43 من قانون المعلوماتية والحريات الفرنسي المشار إليه سلفا.

[60] معاذ سليمان الملا، م س، ص 13.

[61]  كما أن عدم احترام واجب إخبار الشخص المعني بالمعالجة يعد تعديا على الحقوق الشخصية للفرد، باعتبار أن الموافقة الصريحة لا تكون قائمة إلا إذا صدرت على بينة قانونية تؤكد رضى الشخص المعني بالمعالجة انظر عبد المجيد كوزي، الحماية الجنائية للمعطيات في المجال المعلوماتي، المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، العدد 2016، ص 123.

[62]  فيما يتعلق بالبيانات الشكلية لهذا الطلب وكيفية تقديمه، انظر المادة 40 من مرسوم رقم 2.09.165 والمتعلق بتطبيق القانون رقم 08.09.

[63]  المادة 41 من المرسوم التطبيقية رقم 165-09-2

[64]  انظر المادة 42 من المرسوم التطبيقي رقم 165-09-2

[65]  أنظر المواد 5،4،54،55 من قانون رقم 08.09

[66] أنظر المواد 23،24،58 من قانون رقم 08.09

[67]  أنظر المواد 6، 7 من قانون رقم 08.09

[68]  أنظر المواد 9، 59 من قانون رقم 08.09

[69]  أنظر المادة 8 من قانون رقم 08.09

[70] أنظر المادة 32  من قانون رقم 08.09

[71]  المادة 3 من مرسوم رقم 2.09.165 صادر في 21 ماي 2009 لتطبيق القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، الجريدة الرسمية رقم 18.5744 يونيو 2009.

[72]  ينص الفصل 159 من دستور 2011 “تكون الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة وتستفيد من دعم أجهزة الدولة، ويمكن للقانون أن يحدث عند الضرورة، علاوة على المؤسسات والهيئات المذكورة بعده، هيئات أخرى للضبط والحكامة الجيدة”

[73]  أنظر عبد المجيد كوزي، م س، ص 243.

[74]  عبد المجيد كوزي، م س، ص 214.

[75]  انظر المادة 27 من قانون 08.09

[76]  انظر المادة21 من قانون 08.09

[77]  انظر المادة 43 من قانون 08.09

[78]  تنص المادة 51 على أنه ” دون الإخلال بالعقوبات الجنائية، يمكن للجنة الوطنية حسب الحالات وبدون أجل سحب توصيل التصريح أو الإذن إذا تبين بعد إجراء المعالجة موضوع التصريح أو الإذن المنصوص عليهما في المادة 12 من هذا القانون، أن هذه المعالجة تمس بالأمن أو بالنظام العام أو منافية للأخلاق أو الأدب العامة”.

[79]  انظر المادة 28 من قانون 08.09

[80]  انظر المادة 30 من قانون 08.09

[81]  انظر المادة 28 من قانون 08.09

Exit mobile version