مساهمة مبدأ الحيطة في تطوير القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية-دراسة مقارنة-

مساهمة مبدأ الحيطة في تطوير القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية- دراسة مقارنة

The contribution of the precautionary principle in developing  the traditional rules of civil liability-a comparative study-

البعبيدي سهام

El Babidi Siham

باحثة بسلك الدكتوراه- جامعة محمد الخامس

كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية السويسي، الرباط

[email protected]

الملخص:

ظهر مبدأ الحيطة لأول مرة في معاهدة ريو حيث نص عليه (المبدأ 15):

” عندما تكون هناك تهديدات بوقوع أضرار جسيمة أو لا رجعة فيها، و الافتقار إلى اليقين العلمي الكامل لا يمكن أن يكون مبررا لتأجيل اعتماد تدابير فعالة لمنع التدهور البيئي.”

و قد تم تطبيقه في القانون الدولي من أجل ضمان حماية واسعة للبيئة، كما تم تمديده  إلى المجال الاستهلاكي  باعتباره من أهم الضمانات التي ستتيح الحماية للمستهلك من الأخطار ذات الطابع الاستهلاكي، حيث يوجه بدرجة أولى نحو المخاطر ذات الطابع الجسيم و الغير متيقن علميا منها و التي تهدد صحة و سلامة المستهلك.

إن تطبيق مبدأ الحيطة من شأنه المساهمة في تطوير القواعد التقليدية للمسؤولية، من خلال الارتقاء بالنظام القانوني التقليدي نحو نظام جديد لمسؤولية عالمية هي المسؤولية الوقائية القائمة على الحيطة.

الكلمات المفاتيح : مبدأ الحيطة- خطر – عدم اليقين العلمي- مسؤولية وقائية- أضرار جسيمة

Abstract :

the precautionary principle has been formulated for the first time in the rio declaration      (principle 15) :

 ‘’In order to protect the environment, the precautionary approach shall be widely applied by States according to their capabilities.  Where there are threats of serious or irreversible damage, lack of full scientific certainty shall not be used as a reason for postponing cost-effective measures to prevent  environmental degradation.’’

 it has been applied in internationnal law in order to garantie the environmental protection.   Besides, the precautionnary principle will also provide the consumer protection by addressing uncertain and irriversible risks in particular the risks that affect the health and safety of consumers.

Finally, the application of ”the precautionnary principle” will  develop the traditional rules of civil liability, it will guide the development of  the new civil responsability reforms which plan to bring the global ” Preventive responsibilty” based on precaution.

Key words : precautionnary principle-serious dammage – risk- the absence of scientifique certainty- preventive responsibility- irreversible dammage

مقدمة :

إن التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و التكنولوجية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة الماضية، خاصة في ظل التطور الصناعي المذهل الذي مس مختلف جوانب الحياة الإنسانية، دفع مختلف التشريعات الحديثة إلى البحث عن آليات جديدة و فعالة إلى جانب القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية، وذلك من أجل مواكبة الاستعمال المكثف للوسائل التكنولوجيا التي أصبحت في ظل تزايد احتياجات الإنسان  بمثابة نمط جديد للعيش، و أيضا بغية التقليل من حدة المخاطر المترتبة عن ممارسة بعض الأنشطة الإنسانية المعاصرة. و التي أصبحت تعتمد في مجملها على الاستعمال المكثف للآلات  والتقنيات الحديثة مع ما يترتب عن ذلك من تضاعف و تزايد مستمر للأضرار الناتجة عن هذا الاستعمال[1].

إن هاته العوامل شكلت دافعا مهد للانتقال تدريجيا من المسؤولية القائمة على عنصر الضرر إلى الخطر، فإذا كانت المسؤولية التقصيرية الشخصية تقوم على عنصر الخطأ و المسؤولية الموضوعية تقوم على عنصر الضرر، فإننا اليوم أمام هذا الكم الهائل من التطورات نؤسس لمسؤولية جديدة هي المسؤولية الاحتياطية-الاستباقية القائمة على عنصر الخطر.

فالأزمات التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة بعد ظهور مسحوق العظام الذي تسبب في ظهور مرض جنون البقر و فضيحة الدم الملوث بفيروس السيدا… و ما صاحبهما من غضب عارم في الأوساط الشعبية، أظهرت أن تطور التقنيات والعلوم البيولوجية تسبب في ظهور مخاطر جديدة غير تلك التي كانت مألوفة[2]،  بحيث لم تعد تكفي الحلول القانونية المتواجدة لمواجهتها.

لذلك يمكن القول، أن هذه المخاطر كانت سببا رئيسيا لإيلاء اهتمام كبير بحماية الفرد من أجل وقاية أفضل من مخاطر الأنشطة الصناعية و المواد و المنتجات التي تشكل تهديدا حقيقيا على بيئته و صحته و سلامته. و بهذا أصبح مبدأ الحيطة من أهم المبادئ المطبقة في التشريعات المقارنة في ضوء التوجهات الحديثة التي تتجه نحو المسؤولية الوقائية الاستباقية، ويعتبر مبدأ الحيطة من الآليات الحمائية ذات الوظيفة الوقائية خاصة عندما يتعلق الأمر بأضرار محتملة غير مؤكدة و ذات طابع جسيم و لا رجعة فيه.

إن فلسفة مبدأ الحيطة باعتباره آلية  متوازنة و مساعدة لإدارة المخاطر الاحتمالية و ما قد ينتج عنها من أضرار مستقبلية، يجعلنا نتساءل حول ماهية هذا المبدأ و الآثار التي يرتبها على القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية؟

و من أجل معالجة هذا الموضوع، فإننا سنعتمد التصميم التالي :

المبحث الأول : الفلسفة القانونية لمبدأ الحيطة

المبحث الثاني : تأثير مبدأ الحيطة على القواعد التقليدية للمسؤولية   

المبحث الأول: الفلسفة القانونية لمبدأ الحيطة

يذهب البعض إلى القول بأن مبدأ الحيطة قد ظهر لأول مرة في القانون الألماني تحت تسمية Vorsorgeprinzip التي تعني الوقاية و ذلك بمناسبة التعاون التشريعي حول التلوث الجوي لسنة 1970[3]

غير أن ظهوره الفعلي تكرس على المستوى الدولي من خلال المعاهدات و الاتفاقات الدولية المتعلقة بالقضايا البيئية.

 و سنتطرق في هذا المحور لماهية مبدأ الحيطة (المطلب الأول)، على أن نتناول شروط تطبيقه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية مبدأ الحيطة

إن الحديث عن ماهية أي موضوع قانوني، يتطلب أولا الوقوف على تعريفه (أولا)، ثم تمييزه عن المفاهيم المشابهة (ثانيا).

أولا : تعريفه

إذا كانت الحيطة في اللغة بمعنى الاحتياط؛ فإنه يمكن تعريفها اصطلاحا بما يعرف به الاحتياط ومن ثم تكون الحيطة :

استعمال ما فيه الحياطة أي الحفظ وذلك بأخذ الأمور بالأحزم والثقة.

للاستزادة: انظر صفات: الحذر- الوقاية- اليقظة- الخوف- الخشية[4].

أما قانونا فيعتبر إعلان ريو أحد أهم المواثيق الدولية التي تناولت مبدأ الحيطة، بل هناك من يعتبر هذا المبدأ و تطبيقه على الساحة الدولية، يعود إلى هذا الإعلان[5]، و هذا ما يتضح من خلال المادة 15 التي أقرت هذا المبدأ و عرفته كما يلي[6] :

” عندما تكون هناك تهديدات بوقوع أضرار جسيمة أو لا رجعة فيها، والافتقار إلى اليقين العلمي الكامل لا يمكن أن يكون مبررا لتأجيل اعتماد تدابير فعالة لمنع التدهور البيئي.”

و قد انتقل مبدأ الحيطة من القانون الدولي إلى التشريعات الحديثة، على غرار التشريع الفرنسي الذي يمكن القول أنه كان سباقا لتبني هذا المبدأ بمقتضى القانون 101-95 المؤرخ ب 2 فبراير [7]1995 المتعلق بدعم حماية البيئة.

 و نظرا لغياب أي تعريف واضح[8] و دقيق لهذا المبدأ الذي يتسم بالغموض إذ كثيرا ما يتم استخدامه بطريقة عشوائية،  فقد حاول قانون بارنييه لسنة 1995 وضع تعريف لمبدأ الحيطة كما يلي :

”غياب اليقين العلمي على ضوء المعرفة العلمية الحالية و التكنولوجية، لا يجب أن يؤجل تبني تدابير فعلية و متوازية قصد الوقاية من أضرار جسيمة و انعكاسية للبيئة  و بتكلفة مقبولة اقتصاديا”.

كما تم تسجيل مبدأ الحيطة في ميثاق البيئة الدستور) فبراير 2005 (، و بالتالي تم تثبيت مبدأ الحيطة من خلال ( المادة5)، إلى أعلى مستوى من التسلسل الهرمي للقواعد القانونية حيث نصت المادة الخامسة في محاولة لتعريفه على أنه :

 ”عندما يمكن تحقيق إصابات لم يتمكن من التنبؤ بها على أساس الحالة الراهنة للمعرفة العلمية المحدودة، و التي تؤثر تأثيرا خطيرا على نحو لا رجعة فيه للضرر على البيئة، فإن السلطات العامة تسهر من خلال تطبيق مبدأ الحيطة على تنفيذ إجراءات تقييم المخاطر و اتخاذ تدابير مؤقتة و متناسبة لتجنب وقوع إصابات”.[9]

كما أقره المشرع الجزائري في القانون رقم 10-03 المؤرخ في 19 يوليو 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، حيث جاء في المادة 3 من هذا القانون :

”… يجب بمقتضاه ألا يكون عدم توفر التقنيات نظرا للمعارف العلمية و التقنية الحالية، سببا في تأخير اتخاذ التدابير الفعلية و المناسبة للوقاية من خطر الأضرار الجسيمة المضرة بالبيئة، و يكون ذلك بتكلفة اقتصادية مقبولة.”

و قد عرفه كل من الفقيهين: Geneviére VINEY et Philipe KOURILYSK بأنه :

” اتخاذ قرار من قبل أشخاص عامة أو خاصة يتضمن إجراءات خاصة بنشاط أو منتوج يعتقد بشأنه أنه من المحتمل أن يشكل خطر و يسبب ضرر للصحة العامة أو سلامة الأجيال الحالية أو القادمة أو للمستهلك و حتى البيئة[10].”

و بما أنه لا يوجد تعريف شامل و موحد لمبدأ الحيطة، حيث أننا باستقراء مختلف النصوص القانونية    و الآراء الفقهية التي تناولت هذا المبدأ، نجدها اقتصرت فقط على ذكر الشروط التي ينبغي تحققها من أجل تطبيقه دون إعطاء تعريف جامع مانع له ، فإننا نستخلص أن مبدأ الحيطة[11] مفهوم ذو خصوصية يمكن تجسيدها في خمسة عناصر أساسية هي كالتالي :

أولا : إنه يتعلق بمخاطر جديدة غير مثبتة بشكل مؤكد، يعني غير مؤكدة أو محتملة. حيث أن إقرار هذه المخاطر يكون بشكل حاسم، فمبدأ الحيطة لا يمكن إعماله في مواجهة مجرد تخوف غير منطقي أو غير عقلاني. بل يجب أن يكون الخوف منطقيا يتعلق بأضرار مستقبلية خطرة/ جسيمة أو لا رجعة فيها و لو كان هناك جهل بالأسباب.

ثانيا : إنه لا يتعلق فقط بالحاضر، و إنما يشمل حتى المستقبل. هو مبدأ للأجيال القادمة كما للأجيال الحالية. و هذا مطلب -حسب البعض-  يدعو إلى نهج مسؤولية جماعية و عامة.

ثالثا : إنه لا يتعلق بأي خطر كيفما كان نوعه كما يدعي البعض، بل إنه موجه بالأساس للأخطار “الجسيمة” أو التي “لا رجعة فيها”, و بالتالي فمبدأ الحيطة يتطلب إتباع مجموعة من الإجراءات لتقييم المخاطر : التتبع، القيام بدراسات علمية، المراقبة أو الرصد…

رابعا : يقر بضرورة اتخاذ تدابير مؤقتة و مناسبة لمواجهة الأضرار التي تقبل التدخل. أما المنع فما هو إلا تدبير محدود من التدابير المؤقتة و القابلة للتعديل بناء على المعارف المستجدة.

خامسا : غالبا ما يتم اللجوءلتطبيقه تحت تسمية “تدبير المخاطر” حيث يتوقف على تدخل السلطات العامة  ( السياسية، القانونية، و الإدارية…).

ثانيا: تمييزه عن الوقاية    The prevention principle / Principe de prévention

يتم في الكثير من الأحيان الخلط بين مبدأ الحيطة principe de précaution و مبدأ الوقايةprincipe de prévention ، حيث يتم استخدامهما كمفهومين مترادفين نظرا للتقارب الكبير بينهما، و الحال أن ذلك أمر غير صحيح نظرا لأنهما يختلفان [12] في مجموعة من النقط لعل أهمها ما يلي:

  • أن مبدأ الحيطة يعتبر من المفاهيم المستحدثة التي تقوم على أساس 0 خطر أي مواجهة المخاطر المشكوك فيها (المحتملة) نظرا للافتقار إلى اليقين العلمي المطلق حول جديتها و جسامة الأضرار المترتبة عنها، و بذلك يكون اعتماد مبدأ الحيطة بمثابة الممارسة الفعلية للحذر بصدد المخاطر الجسيمة التي لا تتوفر أدلة قاطعة على جديتها على ضوء المعرفة العلمية الحالية، و التي يمكن أن تسبب أضرارا لا رجعة فيها إذا ما تحققت مستقبلا، و بالتالي فإنه يقوم على عدم توفر اليقين العلمي على ضوء المعرفة العلمية المتوفرة و غياب العلاقة بين الأسباب و النتائج.
  • أما مبدأ الوقاية، فيعتبر أعم و أشمل من مبدأ الحيطة، فداخل الوقاية نجد الحيطة، الذي يعتبر من أهم المبادئ المكونة للمسؤولية الوقائية خاصة في الشق المتعلق بالمخاطر غير المؤكدة علميا. كما سبق و أشرنا فإن التطورات التكنولوجية (استخدام التكنولوجيا المتقدمة في تطوير العلوم البيولوجية، الاستنساخ، استعمال التقنيات المتناهية الصغر، تقنيات النانو…) دفعت بمختلف التشريعات الحديثة إلى تجاوز المفاهيم التقليدية للمسؤولية المدنية القائمة على عنصر الخطأ و الضرر، نحو تبني مفاهيم حديثة للمسؤولية، تقوم بدرجة أولى على محاولة استباق الخطر قبل وقوعه من جهة و اعتماد تدابير لمواجهته في حالة وقوعه من جهة أخرى.  و هذا ما يبدو جليا من خلال إقرار المسؤوليتين النووية و البيئية. و لعل أهم ما يميز الوقاية هو أنه يطبق بصدد المخاطر المؤكدة علميا، حيث يتم اللجوء إلى اعتماد تدابير وقائية-استباقية لتجنب أو تقليص الأضرار المرتبطة بمخاطر معروفة. 

و من هذا المنطلق يمكن القول أن اعتماد مفهوم الوقاية من شأنه الاقتصار فقط على الدور العلاجي المتمثل في (تكلفة إصلاح الضرر)، في حين أن الدور البارز للحيطة هو المنع الذي يجد سنده في الشك و التخوف من المستقبل لدرجة  أصبح هذا المبدأ في نظر البعض يشكل تهديدا على تطور العلوم و التكنولوجيا.

و بهذا فأهم ما يميز الحيطة عن الوقاية هي المعرفة العلمية، و بذلك فالمفهوم التقليدي للمسؤولية الوقائية الذي  يقوم على التكلفة و الموازنة بين المنافع و الأضرار، و التقليص من حجم الأضرار المؤكدة لم يعد يساير التطورات التكنولوجية التي تمخض عنها تهديدات بظهور مخاطر جديدة و متنوعة يستحيل الإحاطة بها كلها وتدارك الأضرار الناتجة عنها، الأمر الذي أصبح يستدعي إيجاد نمط جديد لمواجهة هذه الأخطار و هو ما يسعى إليه مبدأ الحيطة.

المطلب الثاني : شروط تطبيق مبدأ الحيطة

تتحدد عناصر مبدأ الحيطة أو كما يسميها بعض الفقه القانوني شروط تطبيق هذا المبدأ في ثلاثة عناصر رئيسية، تتجسد في غياب اليقين العلمي، و أن يتعلق الأمر بخطر جسيم لا رجعة فيه ، بالإضافة إلى شرط أخير اختلف حول ضرورة توفره و هو المتعلق بالتناسب بين الخطر و مقدار التكلفة، و الذي لن نتطرق إليه في هذه المناسبة حيث سنقتصر على الشرطين السابقين.

أولا: غياب اليقين العلمي L’absence de certitude scientifique

يشار لفكرة الشك العلمي بصيغ متعددة منها عدم توافر اليقين العلمي[13]، أو الافتقار إلى اليقين العلمي،  و أيضا عدم التيقن العلمي، أو غياب اليقين العلمي، أو عدم توفر التقنيات، أو عدم التأكد[14].

و مفاد هذا الشرط أنه لا يتم اللجوء إلى اعتماد مبدأ الحيطة أو كما يفضل البعض تسميته بالمنهج التحوطي إلا عند عدم توفر الأدلة العلمية الكافية بناء على المعرفة العلمية الحالية، التي من شأن توفرها أن يقدم معطيات كافية حول الخطر و حجم الضرر المحتمل.

و لا نقصد بغياب المعرفة العلمية، الاقتصار على منطقة معينة بذاتها بل يجب حتى يتم إعمال مبدأ الحيطة أن تكون المعرفة العلمية العالمية الحالية لا تتوفر على أدلة يقينية بشأن الخطر و آثاره المحتملة الوقوع.

و الواقع أن مبدأ الحيطة يمثل أحد الحلول غير التقليدية و يشكل استثناء على قاعدة تبعية القانون للتقدم العلمي و التكنولوجي، فلم ينشأ هذا المبدأ كرد فعل للتطورات العلمية و ما نتج عنها من أنشطة كثيفة تؤدي إلى حدوث آثار بيئية ضارة و تحتاج إلى التنظيم القانوني لمنع وقوعها، و إنما نشأ على العكس من ذلك لكي يتدارك غياب اليقين أو الدليل العلمي فيما يتعلق بهذه الآثار[15].

  ثانيا: وجود خطر يهدد بوقوع ضرر جسيم أو لا رجعة فيه Risque de dommages graves ou irréversibles

لا يكفي لتطبيق مبدأ الحيطة أن يكون هناك غياب لليقين العلمي فيما يتعلق بالأضرار التي يخشى وقوعها[16]، و إنما يتم تطبيق هذا  المبدأ  في مواجهة الأخطار الغير مؤكدة و التي تكون على درجة معينة من الجسامة، فلا يكفي الخطر البسيط للقول بتطبيق هذا المبدأ[17].

لذلك فإننا عندما نتحدث عن عنصر الخطر، نقصد به في هذا الصدد أن يكون خطرا احتماليا و غير مؤكد.

و بالتالي، نستبعد من هذه الطائفة المخاطر التي تترتب عنها أضرار تحتمل تقدير التعويض المناسب  حيث يتوفر في شأنها اليقين العلمي، في مقابل الإبقاء على المخاطر أو الأخطار التي يغيب في شأنها مثل هذا اليقين و التي تدخل في نطاق تطبيق مبدأ الحيطة.

بالإضافة لضرورة أن يكون الضرر المحتمل و الذي يهدد بالوقوع، جسيما و لا رجعة فيه أي غير قابل للإصلاح .

المبحث الثاني: تأثير مبدأ الحيطة على القواعد التقليدية للمسؤولية   

إن إدراج أغلب التشريعات الحديثة على غرار التشريع الفرنسي و الجزائري  لمبدأ الحيطة في صلب النظام القانوني للمسؤولية، نتج عنه إعادة تكييف عناصر المسؤولية التقليدية (المطلب الأول) بما يتوافق و الفلسفة القانونية لهذا المبدأ، إضافة  لقواعد التعويض التي لم تسلم هي الأخرى من التأثر بمبدأ الحيطة ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: تكييف عناصر المسؤولية التقليدية في ضوء مبدأ الحيطة

سنتطرق في هذا المطلب لتكييف عنصر الضرر وفق فلسفة الحيطة (أولا) ، ثم تأثير المبدأ على المفهوم التقليدي لرابطة السببية (ثانيا).

أولا: تكييف عنصر الضرر وفق فلسفة الحيطة

 عرف المشرع المغربي الضرر من خلال الفصل 98 من ق.ل.ع بأنه تلك الخسارة التي لحقت المدعي و المصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرار به، و كذلك ما حرم منه من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل.

و إذا كان من المسلم به فقها و تشريعا أن الضرر لا يقبل التعويض إلا إذا توفرت فيه مجموعة من العناصر، حيث ينبغي أن يكون مباشرا بمعنى أن يكون ناتجا مباشرة عن  الخطأ  وهو الأمر الذي أكد عليه المشرع المغربي في الفصل 77 من ق.ل.ع ، حيث تزداد قيمة هذا الشرط أكثر في المسؤولية الشخصية القائمة على عنصر الخطأ التي تربط تحقق الضرر بارتكاب شخص معين لخطأ ما ، أما المسؤولية الموضوعية كما هو معلوم فإنها تكتفي فقط بتطلب حدوث الضرر للضحية بشكل مباشر دون الحاجة لربطه  بالخطأ التقصيري على غرار المسؤولية البيئية، بالإضافة لضرورة تحقق شروط أخرى في الضرر، حيث ينبغي أن يكون هذا  مشروعا، محققا و حالا.

و إذا كان شرطي المشروعية و أن يكون الضرر مباشر لا يتعارضان بأي شكل مع الفلسفة القانونية لمبدأ الحيطة، فإن الحديث عن شرط تحقق الضرر يبدو للوهلة الأولى متناقضا مع إعمال الحيطة، حيث أن هذه الأخيرة كما سبق ذكره لا تعنى إلا بالمخاطر غير المؤكدة علميا و بالتالي بالأضرار الاحتمالية غير المحققة حالا و التي لا يوجد ما يؤكد تحققها مستقبلا.

بمعنى أن الضرر المقصود هنا هو الضرر الاحتمالي، الذي لم يقع و لا يوجد ما يؤكد أنه سيقع، و غاية الأمر أن يحتمل وقوعه و عدم وقوعه، و تتفاوت درجة هذا الاحتمال قوة و ضعفا[18].

و بالتالي، فإن تكييف الضرر في ظل فلسفة الحيطة يدعو إلى ضرورة إلحاق الضرر الاحتمالي  بطائفة الأضرار التي تترتب عنها مختلف الآثار القانونية للمسؤولية، شريطة أن يكون هذا الضرر الاحتمالي جسيما و غير قابل للإصلاح.

بمعنى أن المسؤولية الناشئة عن اعتماد نهج الحيطة عبارة عن مسؤولية قائمة و مؤسسة بدرجة أولى على عنصر الخطر[19]، حيث أن هذا الأخير بدوره غير مؤكد و غير معروف. إضافة إلى كونها تقوم على التخوف من مجابهة أضرار احتمالية جسيمة غير قابلة للاسترداد قد تتحقق و قد لا تتحقق.

ثانيا: التوسيع من رابطة السببية

تعتبر رابطة السببية بين الفعل الضار و النتيجة من أهم الشروط التي اعتبرها الفقه  والتشريع ضرورية للقول بقيام المسؤولية، و لا يختلف الأمر سواء تعلق بالمسؤولية الشخصية الخطئية أم بالمسؤولية الموضوعية القائمة على عنصر الضرر.

و المقصود بالعلاقة السببية حسب بعض الفقه، هو أنه لا يكفي من أجل قيام المسؤولية التقصيرية حصول ضرر لشخص معين و وقوع خطأ من جانب شخص آخر، بل لا بد من أن يكون هذا الخطأ هو السبب المباشر في حدوث الضرر و إلا انعدمت المسؤولية التقصيرية[20].

كما أنه بالرجوع لقانون الالتزامات و العقود المغربي نجده نص في الفصل 77 على ما يلي:

” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة و اختيار، و من غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر…”

كما نجد الفصل 78 من نفس القانون ينص على :

” كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط و لكنبخطإه أيضا،    و ذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر…”

بما يستشف معه أن المشرع المغربي و على غرار باقي التشريعات اشترط لقيام المسؤولية التقصيرية مستجمعة لكافة أركانها ضرورة وجود رابطة سببية بين الفعل الضار و الضرر، لا بل ضرورة أن تكون هذه الرابطة  واضحة ، ثابتة و لا لبس فيها.

غير أن اعتماد مبدأ الحيطة كمفهوم حديث للمسؤولية من شأنه أن يقلب مختلف الموازين، حيث أن هذا المبدأ لا يعمل به إلا بصدد المخاطر غير المؤكدة علميا كما سبقت الإشارة لذلك، بمعنى أن العلاقة السببية التي يجب أن تكون بين الخطأ و الضرر- و في هذه الحالة نقصد العلاقة بين الخطر و الضرر المحتمل – غير ثابتة يقينيا و بالتالي فإنها علاقة نسبية لا يتيسر إثبات وجودها.

و في هذا الصدد يذهب أحد الباحثين إلى القول: ”… و يعتبر الفقه أنه إذا كان من غير المعقول اشتراط يقين مطلق عن غياب ضرر محتمل، قبل الترخيص لمزاولة نشاط ملوث، فإنه لا يقبل بعد ذلك اشتراط يقين مطلق في العلاقة السببية من خلال توسع القاضي في قبول المؤشرات و القرائن المادية، و يكفي بإقامة احتمال كافي للسببية، و بذلك يصبح اليقين المشترط في العلاقة السببية نسبيا…[21]

و بالتالي فإن إعمال مبدأ الحيطة من شأنه التوسيع من المفهوم التقليدي لرابطة السببية حيث عوض أن تكون علاقة مباشرة و ثابتة بين الأخطار و الأضرار، ستصبح مجرد علاقة احتمالية و نسبية يعود للقاضي السلطة التقديرية في الاستدلال عليها بمختلف القرائن القانونية و الظروف الواقعية.

و لعل أبرز مثال على ذلك، هو ما عرفه القضاء الأوروبي بمناسبة قضية مرض جنون البقر، حيث

أصيبت الماشية ببريطانيا بهذا المرض و في ظل عدم وجود يقين علمي آنذاك حول الأسباب المباشرة لحدوث هذا المرض تم التوسع في علاقة السببية حيث اشتبه أن الإصابة بهذا المرض جاءت نتيجة إطعامها مواد ملوثة ناتجة عن مزج الطحين الحيواني بمسحوق عظام حيوانات نافقة.

المطلب الثاني: تأثير مبدأ الحيطة على قواعد التعويض

يعتبر التعويض الأثر البارز المترتب عن ثبوت المسؤولية المدنية يوجه عام، إذ عن طريقه يتم جبر ما أصاب الآخرين من ضرر[22].

و لما كان تطور الأنشطة الإنسانية المعاصرة قد أسفر عن تهديدات بمخاطر جديدة، فإن قواعد التعويض التقليدية و إن كانت كافية لتغطية الأضرار المؤكدة، فإنها لا تكفي لتغطية الأضرار الاحتمالية.

أولا: التعويض الاحتياطي للضرر

يعتبر مبدأ الحيطة  مبدءا وقائيا قبل أن يكون مبدءا تعويضيا، يهدف أساسا إلى الاحتياط أمام أخطار غير معروفة ، حيث أنه قبل أن يتم اللجوء إلى تعويض الضرر يتم اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية على غرار المنع المؤقت للنشاط أو السحب المؤقت للسلعة أو المنتوج اجتنابا لوقوع الضرر المحتمل.

غير أن تطور مفهوم الضرر في ظل بروز الضرر الايكولوجي الذي بات يهدد الصحة و السلامة ، نتيجة التصنيع اللامتناهي و استعمال المواد الكيماوية و استخدام الطاقة البترولية، الذرية في كل النشاطات(خدمات صناعة طب)[23]، طرح مجموعة من المشاكل القانونية تتعلق بطبيعة التعويض الممكن للأضرار الاحتمالية؟

و يمكن القول أن طبيعة هذه الأضرار الاحتمالية  تفرض ضرورة توزيع التعويض عنها في ظل اعتماد مبدأ الحيطة إلى تعويضين، حيث يتم في البداية الاقتصار على التعويض الاحتياطي للضر مادام أن هذا الأخير لم يتحقق بعد لكن المؤشرات العلمية الحالية لا تؤكد كما لا تنفي إمكانية تحققه، و تعويض نهائي يتم إقراره عند تحقق الضرر. و على هذا الأساس يعتبر التعويض الاحتياطي بمثابة الجزاء الردعي لعدم مراعاة مبدأ الحيطة، إذ من شأنه التأثير على تصرفات المقاولين أصحاب المشاريع ذات المخاطر المستقبلية على البيئة[24]، حيث يظل هؤلاء مسؤولين إلى غاية تحقق النشاط الضار و اكتمال نتائجه.

و في هذا الصدد يقول الأستاذ الشرقاوي موضحا:

”…إن أهمية تعويض الضحية، دفعت العديد من التشريعات إلى التفكير في خلق آليات جديدة لضمان تعويض بعض الفئات…من أهم هذه الآليات ما يعرف بصناديق الضمان، التي لا تضمن المتضرر إلا بشكل احتياطي..”

و يضيف الأستاذ:

”… من جهة أخرى، فإنه بالنظر لطبيعة بعض المخاطر الدولية، فقد تم إحداث صناديق دولية لتأمين تعويض الأضرار الناتجة عن مثل هذه المخاطر، كما هو الشأن بالنسبة للصندوق الدولي للتعويض عن الأضرار الناتجة عن التلوث البحري بسبب النفط، الذي تم إحداثه بمقتضى اتفاقية بروكسيل لسنة 1971[25]”.

و في هذا الصدد نجد المشرع المغربي قد نص في المادة 60 من القانون 11.03 المتعلق بحماية   و استصلاح البيئة على ما يلي :

” ينشأ صندوق وطني خاص بحماية و استصلاح البيئة و يحدد بموجب نص تطبيقي الإطار القانوني لهذا الصندوق و مهامه و موارده و نفقاته [26]

و بالتالي، فإن الطبيعة الاحتمالية للضرر تفرض على القاضي أن يجعل التعويض الأولي بمثابة ضمان احتياطي للضحية و ردعي لمرتكب النشاط الضار نظرا لمخالفته و عدم احترامه للمبدأ الوقائي-الحيطة- و ذلك بتقييم الآثار الضارة للنشاط أو المنتوج بطريقة تقريبية.

ثانيا: التعويض النهائي لتحقق الضرر

إذا كان التعويض الاحتياطي للضرر في ظل مبدأ الحيطة، يعتبر بمثابة تقدير جزافي ردعي يرجع للسلطة التقديرية للقاضي، حيث يقوم هذا الأخير بتقييم الخطر وتكييف الضرر المحتمل حدوثه بطريقة تقريبية.

فإن التعويض النهائي يقتضي ضرورة تحقق الضرر، حيث أن هذا الأخير ينتقل من كونه مجرد ضرر احتمالي غير مؤكد الوقوع  ليصبح ضررا حالا و محققا تطبق عليه مختلف القواعد العادية للمسؤولية، ما عدا الاستثناءات التي سبق لنا الإشارة إليها.

و بالتالي فإن التعويض النهائي يقضي بضرورة التعويض الكامل  للضرر، حيث يشمل مختلف الأضرار المادية و الجسمانية و المعنوية التي أصابت الضحية، و الأضرار التي كان يجب توخي الحيطة  و الحذر لتلافي وقوعها.

كما يدعو اعتماد مبدأ الحيطة في تقدير التعويض، القاضي إلى تحديد مدة زمنية معينة أمام المتضرر لإمكانية المطالبة بتعويض تكميلي في حالة تفاقم الضرر و تزايد آثاره.

خاتمة :

إن الطبيعة المتغيرة للأضرار جعلت من مبدأ الحيطة شكلا و منهجا جديدا لإدارة المخاطر، تنبع أهميته من محاولة السيطرة على المخاطر التي تهدد سلامة الإنسان و صحته و بيئته، لاسيما في ظل الارتفاع المهول للكوارث التي يشهدها العالم نتيجة تطور العلوم و الصناعة و تزايد الإقبال  و التهافت على استخدام الطاقة النووية بغض النظر عن تبعاتها الخطيرة.

إن مبدأ الحيطة اليوم يشكل حجر الزاوية في بناء معالم المسؤولية الوقائية، على اعتبار أن الأضرار الايكولوجية الخطيرة ( ظاهرة الاحتباس الحراري، ثقب الأوزون، تلوث الماء و الهواء،  …) و كذا الأضرار الصحية  (الأمراض المستعصية المنتشرة الناجمة من النظام الغذائي الصناعي )، لا يمكن تمريرها من دون محاسبة، فكما يذهب المفكر هانس جوناس في كتابه مبدأ المسؤولية، فإنه لا يمكن التملص من المسؤولية في مواجهة الأجيال القادمة من خلال تسجيل هذه الأضرار ضد مجهول و إنما يلزم أن يتحمل الجميع المسؤولية كل بقدر مساهمته فيها.

و بالتالي فإن الأخذ بمبدأ الحيطة لن يتأتى إلا من خلال إقرار قيمته القانونية و ذلك بتفعيله  على المستوى الواقعي و إقرار آليات لتدعيم  تطبيقه (إسناد مهمة تدبير المخاطر لأجهزة معينة)، على اعتبار أن هذا المبدأ هو بمثابة أداة تملكها  السلطة العامة في الدولة تخولها إدارة و تدبير المخاطر المحتملة ذات الطبيعة الجسيمة على الإنسان و بيئته.

كما لا ينبغي حصر تطبيق مبدأ الحيطة على الأضرار البيئية فقط و إنما ينبغي تمديده إلى المجال الاستهلاكي و بشكل خاص لكل ما يتعلق بشروط صحة و سلامة المستهلك و أمنه الغذائي.


[1] عبد الرحمان الشرقاوي- القانون المدني : دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي, الطبعة الأولى 2015 ص 11 و ما بعدها.

[2] عمارة نعيمة، مبدأ الحيطة و مسؤولية المهنيين- رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص- جامعة أبو بكر بلقايد-تلمسان كلية الحقوق- الموسم الجامعي 2013-2014 ص 4.

[3] Didier Bourguignon : Le principe de précaution :Définitions, applications et gouvernance/ Service de recherche du Parlement européen. p 4 – 2015.

[4] http://www.islambeacon.com/m/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%B7%D8%A9

تاريخ زيارة الصفحة : 6 أبريل 2019 على الساعة 15:00

[5]  حميداني محمد- المسؤولية المدنية البيئية في التشريع الجزائري و المقارن نحو مسؤولية بيئية وقائية. دار الجامعة الجديدة، 2017 ص 146.

[6] PRINCIPE 15 prévoit que : « pour protéger l’environnement, des mesures de précaution doivent être largement appliquées par les Etats selon leur capacités. En cas de risque de dommages graves ou irréversibles , l’absence de certitudes scientifique absolue ne doit pas servir de prétexte pour remettre à plus tard l’adoption de mesures effectives visant à prévenir la dégradation de l’environnement »

[7] La loi 95-101 , dite loi Barnier( Article L110-1) prévoit que : « le principe de précaution , selon lequel l’absence de certitudes, compte tenu des connaissances scientifiques et techniques du moment, ne doit pas retarder l’adoption de mesures effectives et proportionnées visant à prévenir un risque de dommages graves et irréversibles à l’environnement à un cout économiquement acceptable . »

[8] Selon le professeur Olivier Godard :’’ la compréhension du principe de précaution souffre d’une confusion persistante malencontreuse, paradoxalement entretenue en dépit des efforts de clarification  de la doctrine…’’

Olivier Godard : comment organiser l’expertise scientifique sous l’égide du principe de précaution ; Cahier n° 2003-024 .

[9]  ‘’ Lorsque la réalisation d’un dommage bien qu’incertaine en l’état des connaissances scientifiques, pourrait affecter de manière grave et irréversible l’environnement, les autorités publiques veilleront, par application du principe de précaution, et dans leurs domaines d’attribution, à la mise en œuvre de procédures d’évaluation des risques et à l’adoption de mesures provisoires et proportionnées afin de parer à la réalisation du dommage ».

Olivier GODARD : le principe de précaution doit-il être interdit de  la charte de l’environnement ? Cahier n° 2004-015 , école polytechnique,  Juin 2004 p 3.

[10] Olivier SAUMON : la responsabilité des autorités publiques et le principe de précaution, UIA, Sofia, France,2014 P 4

  • أنظر سناء خميس- مبدأ الحيطة و دوره في حماية المستهلك، ص85 مقال منشور بالبوابة الالكترونية : www.asjp.cerist.dz تاريخ التصفح : 10 مارس 2019 على الساعة 15:00

[11] The precautionary principle provides guidance for governance and management in responding to incertainty. It provides for action to avert risks of serious or irreversible harm to the environnement or human health in the absence of scientific certainty about harm.

 Rosie COONEY : The precautionary principle in biodiversity conservation and natural resource management ; the world conservation union 2004 p 1.

[12]  وفي هذا الصدد يذهب أحد الباحثين في تمييزه بين مبدأ الوقاية و مبدأ الحيطة إلى القول: ”…بالعودة إلى أوجه التمايز الحاصل بين مبدأ الوقاية ومبدأ الحيطة نجد أن هذه الأخيرة لم تظهر وفق مكتسبات علمية وإنما ظهرت بهدف محاولة سد الفراغ لغياب الأمان العلمي، وأن المبدأ في حد ذاته هو دائماً في تطور مستمر ومحتواه سيتغير وفق التطورات العلمية المحققة، لذا وجوده وقتي ومهدد بالزوال بمجرد ما ينوب عن عدم اليقين، اليقين المطلق، حينئذ علينا بالرجوع إلى المثال التقليدي للوقاية. فالتردد يعد بمنزلة الخاصية الأساسية التي تميز مبدأ الحيطة عن مبدأ  الوقاية.”’ انظر يوسف عزوزي- أي دور لمبدأ الوقاية في تعزيز فرص الاستدامة البيئية، ص 108.

[13]  و هو ما تمت الإشارة إليه في المبدأ 15 من إعلان ريو ”… لا يستخدم الافتقار إلى اليقين العلمي الكامل…”، كما نصت عليه أيضا اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغيرات المناخية في المادة 03/03 على انه: ”… لا ينبغي التذرع بالافتقار إلى يقين علمي قاطع…”

[14]  مجموعة باحثين-  نحو قانون خاص للوقاية من التصحر و مكافحته- سلسلة إصدارات مخبر البحث “القانون الخاص المقارن”- مطبعة دار الكتاب العربي، 2016 ص 235.

[15]  حميداني محمد- المسؤولية المدنية البيئية في التشريع الجزائري و المقارن نحو مسؤولية بيئية وقائية- دار الجامعة الجديدة، طبعة 2017 ص 156.

[16]  حميداني محمد، مرجع سابق ص 157.

[17] عمارة نعيمة، مرجع سابق ص 155

  [18]  عبد الرحمان شرقاوي، مرجع سابق ص 103.

[19]  ترى الباحثة أن المقصود بالخطر الاحتمالي: ” يمثل أضرارا يتوقع حصولها، فهي تتضمن كل المخاوف و التهديدات التي من الممكن أن تكون حقيقية أو من الممكن افتراض حدوثها كالأخطار الإيكولوجية التي تهدد البيئة البشرية، أو المنتجات أو الخدمة لعدم سلامتها الاستهلاكية..” 

انظر نعيمة عمارة، الاتجاه نحو التأسيس للمسؤولية المدنية على أساس الحيطة، دفاتر السياسة و القانون- العدد التاسع- جوان 2013 ص 182.

[20]  عبد الرحمان الشرقاوي، م.س- ص 119

للتوسع أكثر انظر :

Christophe Quézel-Ambrunaz : essai sur la cusalité en droit de la responsabilité civile ; Edition Dalloz , 2010 p15

[21]  محمد حميداني، م.س- ص 171

[22]  عبد الرحمان الشرقاوي، م.س- ص 301

[23]  علي فيلالي- تطور الحق في التعويض بتطور الضرر و تنوعه- حوليات جامعة الجزائر1 – العدد 31- الجزء الأول ص 29

[24]  حميداني محمد، م.س- ص 170

[25]  للتوسع أكثر انظر:

عبد الرحمان الشرقاوي، م.س-  ص 393 و ما بعدها.

[26]  القانون 11-03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة الصادر بتنفيذه  الظهير الشريف رقم 1.03.59 صادر في 10 ربيع الأول 1424 الموافق ل 12 ماي 2003.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *