تطرح قضية السياسةالمغربية في مجال حقوق الإنسان على ضوء ملائمة التشريع الوطني مع المواثيق الدولية ذات الصلة ،العديد من التساؤلات التي تقتضي رصد الآليات القانونية المتوفرة في النظام القانوني المغربي بغية الدفع بمسار ملائمة التشريع الوطني مع التشريع الدولي،كما تثير هذه الملاءمة عدة إشكاليات، أبرزها الحسم عمليا في طبيعة الإصلاحات القانونية ذات الأولوية وإيجاد الآليات الكفيلة بإنفاذ مهمة الملاءمة، كأكبر ورش حكومي يرتبط فيه المجال القانوني بالشق الحقوقي، فضلا عن الالتزام عمليا بالإسقاطات القانونية و السياسية المترتبة عن ذلك([1]).وقد تم إقرار الإصلاحات التشريعية استجابة لمتطلبات الواقع و التطور الذي عرفته الحقوق والحريات، والمحكوم باعتبارات يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي، والدولي بالوطني([2]).
وقد عمل المشرع المغربي على إثراء مجاله القانوني بترسانة من الاتفاقيات الدولية، قدرت بما يعادل 25 اتفاقية دولية تهم مجال حقوق الإنسان([3])، بغية ترجمة الالتزام الذي أورده في ديباجة دستور 1992 و 1996 و2011،إلى واقع ملموس يفسر الانخراط الفعلي للمغرب في سياق القانون الدولي، وتقييم انشغالات كل من المنتظم الدولي والسلطات الوطنية([4]).
لذلك عندما أقر المغرب دستوريا تمسكه بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، فقد عمل المشرع مباشرة على اتخاذ تدابير تشريعية داخلية بهدف تسهيل إعمال هذه الحقوق والحريات الأساسية في إطار عملية المراجعة الجارية للقوانين لتحقيق إدماج أحسن لكثير من مقتضيات المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، منها ما يتعلق بالقانون المنظم للسجون ومدونة الأسرة وقانون الحريات العامة…الخ، فكان لهذا الإدماج بعض الآثار،هذا ما سنحاول مناقشته وتحليله في هذا المقال من خلال المحاور الآتية :
المحور ألأول:المسطرة المتبعة بخصوص الملائمة
المحور الثاني:تحديد الجهة المختصة بإحالة مشاريع النصوص والقوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان
المحور الثالث :آثار إدماج الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في القانون الوطني المغربي
خاتمة
المحور ألأول:المسطرة المتبعة بخصوص الملائمة
تثير مسألة ملاءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان جملة من التساؤلات، التي تقتضي تحديد الآليات والمساطر المعتمدة، بهدف إدماج هذه الاتفاقيات في النظام القانوني المغربي بعد المصادقة عليها، ذلك أن المعطى المشترك بين هذه الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، هو تحميلها الدول الأطراف اتخاذ كافة التدابير التشريعية والإجراءات الإدارية والقضائية وغيرها، بغية تفعيل الحقوق التي تتضمنها، وإضفاء طابع الحماية اللازمة عليها([5]).
وفي نفس السياق، عهد إلى اللجان الأممية المنبثقة عن هذه الاتفاقيات الدولية، فحص وتتبع التقارير الحكومية الدورية الصادرة عن الدول الأطراف، بشأن الإجراءات المتخذة على المستوى التشريعي والإداري والقضائي، مع توضيح التقدم المحرز في مقابل النقائص والتعثرات المسجلة على المستوى الداخلي([6]).
وفيما يخص الجانب ألمسطري ومنهجية العمل المعتمدة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بشأن ممارسة صلاحياته في مجال دراسة مشاريع الاتفاقيات الدولية والنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحقوق الإنسان، نجد المجلس قد ميز على مستوى المسطرة بين نوعين من الملائمة القبلية والبعدية([7]).
ــ الملائمة القبلية:
وتنص على دراسة مشاريع الاتفاقيات الدولية ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مما يستلزم إحالة هذه المقترحات والمشاريع على المجلس بغية النظر في ملاءمتها للأوفاق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها، وتجد هذه الصلاحية سندها المرجعي في النقطتين 4 و 5 من المادة 2 من الظهير الشريف رقم 1.00.350، الصادر بتاريخ 10/04/2001 ([8])، الذي أسند إلى المجلس بعض المهام:
– “بحث ملائمة النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، والتي تم نشرها واقتراح التوصيات المناسبة في هذا الشأن.
– تشجيع مواصلة مصادقة المملكة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان أو الانضمام، والقيام بدراسة مشاريع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحقوق الإنسان المحالة عليه”.
فمن المعلوم، أن هاتين النقطتين تندرجان على خلاف ظهير 20 أبريل 1990([9])، ضمن مستجدات ظهير 10 أبريل 2001، إلا أنه تثار مجموعة من التساؤلات أبرزها ما هي المسطرة المتبعة من قبل المجلس في بحث مدى ملاءمة القانون الوطني للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ وما هي الجهة المخولة لها صلاحية إحالة هذه المشاريع إلى المجلس؟
– مشاريع النصوص ذات الصلة بحقوق الإنسان:
حاول المجلس الاستشاري معالجة إشكالية المفهوم على ضوء مصادر حقوق الإنسان التي يمكن تلخيصها في مستويين، مستوى دولي ومستوى وطني، فالمستوى الأول، يحيل إلى مجموعة الإعلانات والمبادئ والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها والمنشورة في الجريدة الرسمية، سواء تعلق الأمر باتفاقيات عامة([10]) أو باتفاقيات متعلقة بفئات محددة([11])، أو باتفاقيات خاصة([12]).
أما المستوى الثاني، فالمقصود بمشاريع النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان، مشاريع و مقترحات القوانين على حد سواء، ومشاريع مراسيم القوانين، ومشاريع المراسيم، إضافة إلى المبادئ التشريعية الإسلامية كأحد مصادر القانون، وأخيرا الدستور كأسمى القوانين، الأمر الذي يمد جسور التكامل بين المستويين الوطني والدولي عبر آلية الملاءمة، التي تستهدف جعل التشريعات الوطنية مواكبة للمعايير الدولية المعتمدة في مجال حقوق الإنسان، وذلك بإصلاح الترسانة التشريعية المحلية، في أفق جعلها تستجيب لإشكالات وقضايا السياسة الحقوقية.
المحور الثاني: تحديد الجهة المختصة بالنظر في مشاريع النصوص والقوانينذات الصلة بحقوق الإنسان
ــ الملائمة البعدية:
تقوم على دراسة النصوص التشريعية والتنظيمية السارية المفعول، وفق برنامج عمل ثلاثي الأبعاد، تسهر عليه مجموعة عمل دراسة التشريعات والسياسات العمومية بالمجلس الاستشاري، ويتعلق الأمر ب:
– برنامج عمل تحت الطلب.
– برنامج عمل على المدى القصير (من سنة إلى سنتين).
– البعد الثالث: برنامج عمل على المدى المتوسط (من سنتين إلى خمس سنوات).
وهذه الجدولة الزمنية تندرج ضمن الإطار العام لمهام المجلس الاستشاري في التصدي لدراسة وتدقيق التشريعات والسياسات العمومية، وفق منظور حقوقي يستحضر ضمن أولوياته ملاءمة القانون الداخلي مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ورصد حالة التصديق وانضمام المغرب إلى المعاهدات.
وتجدر الإشارة، إلى أن موضوع الملاءمة يشكل أحد الانشغالات الأساسية للمجلس الاستشاري في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق مقاربة شمولية لاتختزل في البعد القانون وحده، بل تأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد الأخرى([13]).
الخلاصة الأولية، تقودنا إلى التأكيد على ضرورة تحيين الترسانة القانونية كأحد المداخل العملية للملائمة، وذلك لمواكبة التطور الذي سجله المغرب خلال العقد الأخير في مجال حقوق الإنسان، سواء تعلق الأمر بالالتزام بأحكام المواثيق الدولية ذات الصلة، أو بمسلسل الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية الضامنة لاحترام الحقوق والحريات الأساسية. وتتفرع عن هذه الخلاصة من الناحية المسطرية، أهمية مختلف النصوص القانونية موضوع الملاءمة، وتحديد آلية التدخل، هل هي تشريعية أم تنظيمية؟ مع تبيان هل يتعلق الأمر بإلغاء نص أو إدخال تعديلات عليه لضمان الانسجام، من جهة أولى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها، وتلافي تضارب التشريعات الوطنية فيما بينها من جهة ثانية؟.
ولعل الإطار الأمثل لإنجاح عملية الملائمة والسهر على مواكبة تحيين التشريع المغربي، يكمن في تضافر جهود عدة جهات حكومية، وبرلمانية، ومؤسسات وطنية، وهيئات المجتمع المدني ذات الصلة بالموضوع.
ــ تحديد الأولويات في مجال الملائمة
من الملاحظ أن المغرب قام بعدة مجهودات لمواكبة التطورات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وذلك من خلال القيام بمراجعة أنظمته القانونية، وملائمة تشريعاته الوطنية مع الآليات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان وكرامته. إلا أن الصعوبات التي ترتبط بتحديد الأولويات في مجال الملائمة مردها أنه مازال مطروحا على الدولة المغربية مراجعة تشريعاتها الداخلية، باعتماد الإصلاحات والتعديلات اللازمة والعمل على توفير ما يتضمن للمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها. إدماجا أحسن في القانون الداخلي. فضلا عن غياب أية حصيلة رسمية أو غير رسمية بشأن عدد النصوص التي تستدعي ملاءمتها مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
-إصلاح مدونة الحريات العامة :إن الأمر يتعلق بإصلاح قانون تأسيس الجمعيات وقانوني التجمعات العمومية والصحافة، التي تم إعداد وإصدار ثلاثة ظهائر بشأنها في 15 نونبر 1958([14])، وتكمن أهمية إصلاح مدونة الحريات العامة نظرا لصدورها قبل صدور أول دستور للمملكة سنة 1962، وقبل صدور النظام الأساسي للمملكة سنة 1961([15])، وهي مفارقة كبرى عرفها المغرب على غير المألوف في التجارب الدولية، فالمفروض هو التأسيس للمداخل الكبرى، ودسترة الإطار العام الذي تتفرع عنه بعد ذلك باقي التفصيلات([16]).
وقد سجل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مستوى الحريات العامة أهمية، إغناء المنظومة القانونية بمقتضيات أصلية أو شروط تنظيمية المؤسسة للحق في تأسيس الجمعيات، و التجمعات وتعزيز دور الصحافة كرافد من روافد توطيد الديموقراطية([17]).
– قانون الجمعيات:إن الحركية التي يعرفها مجال الحريات العامة في شقه المتعلق بقانون تأسيس الجمعيات([18])، تقتضي الوقوف على مقتضيات هذا القانون ودوره في تكريس ثقافة حقوق الإنسان التي تتلاءم مع التزام المغرب بالمرجعية الدولية، وما يواكبها من اتخاذ التدابير والترتيبات المؤسساتية والتشريعية والقضائية الناتجة عن ذلك.
وتتجلى أهم المستجدات التي همت قانون الجمعيات في جعل سلطة وقف أو حل الجمعيات بيد القضاء، وهذا ما تذهب إليه المادة 7 من القانون رقم 75.00 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات([19]).
وقد تمت ملاءمة القانون رقم 00-75 مع الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري([20])، وارتباطا بمجال الجمعيات والمنظمات، أكدت هذه الأخيرة على ضمان حق كل إنسان دون تمييز في المساواة أمام القانون، لاسيما بصدد التمتع بالحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الاجتماعات السلمية أو الانتماء إليها، وفي المقابل تشجب جميع التنظيمات القائمة على تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية أو العنصرية بل تعاقب الاشتراك فيها.
وانسجاما مع أهمية الإقرار بضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية، لا يمكن للمغرب أن يبقى بمنى عن المرجعية القانونية الدولية ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير بجميع أشكاله، وحرية الاجتماع وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية أو سياسية.
إضافة إلى حجم التعديلات الجوهرية التي عرفتها قوانين الحريات العامة، والمتمثلة أساسا في إمكانية الاعتراف للجمعيات –باستثناء الأحزاب السياسية- بصفة المنفعة العمومية بمقتضى مرسوم عوض ظهير، كما ورد في النص القديم، فضلا عن توسيع المشرع الإمكانيات المالية للجمعيات، بالتنصيص على حقها في تلقي مساعدات أو إعانات.
وقد هم التعديل كذلك، إجراءات التصريح بالجمعيات بالنص على تقديم تصريح واحد إلى جهة واحدة (السلطة الإدارية المحلية)، ومن المستجدات التي جاء بها التعديل هو التزام الإدارة بالتسليم الفوري لمقدمي التصريح لوصل مؤقت مختوم ومؤرخ، على أساس أن يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما.
واستنادا إلى ما سبق، فإن مسألة التصريح تتأرجح بين النظامين الوقائي والجزري([21]) ،إلا أن هذا التصريح تزداد أهميته عندما يصبح شرطا لازما، كما هو الشأن في تأسيس الجمعيات.
وفي المقابل، هناك قراءة لمجال حقوق الإنسان والحريات العامة في المغرب، خاصة في الشق المتعلق بتأسيس الجمعيات، يؤكد على سمة التناقض بين التزامات المغرب عند التصديق على المواثيق الدولية ذات الصلة، وما أقره الدستور من احترام لحقوق الإنسان كما هي متفق عليها عالميا، وما كرسته التشريعات الداخلية، وبين الممارسات المشوبة بكافة التجاوزات والتعسفات، والتي أفرغت حمولات القواعد الدولية من أية قيمة قانونية أو عملية([22]).
وتستمد الضمانات القانونية المتعلقة بالحريات العامة مرجعيتها من التزام الحكومة المغربية باحترام حقوق الإنسان، لاسيما حريتي التجمع والتعبير، في إطار إعلان برشلونة بتاريخ 28/11/1955 واتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي، الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح مارس 2000، ومن الضمانات القانونية أيضا الارتباط بالإصلاح التنظيمي الذي عرفه الحق في حرية الاجتماع العمومي، صدور منشور للوزير الأول بشأن استعمال القاعات العمومية من طرف الجمعيات و الأحزاب مع إقرار التسهيلات والضمانات القانونية التي يمكن أن تنفذها الدولة بدءا بالتشريعات المكرسة للحريات العامة والحقوق، وفي مقدمتها ظهائر 15/11/1958، مرورا بحمولات الدساتير المتعاقبة خاصة دستوري 1992 و 1996، وانتهاء بمقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وعرفت الحريات العامة وحقوق الإنسان في ضوء ملاءمتها مع المواثيق الدولية ذات الصلة في التجربة المغربية، تطورا هاما منذ 1958، سواء على المستوى التشريعي أو القضائي أو المؤسساتي، وإن كانت السلطات الإدارية على مستوى الممارسة الفعلية محكومة بفلسفة الضبط الأمني([23]).
و ترجيح إعمال مفهوم النظام العام على حساب التجمعات العمومية، الأمر الذي يطلب مزيدا من الإصلاحات التشريعية من أجل تدعيم دولة الحق والقانون، وإرساء ثقافة حقيقية في مجال الحقوق والحريات([24]) من خلال دستورها، بغية ضمان حمايتها ضد أوجه تجاوزات السلطة التنفيذية، فضلا على تخويل القضاء الوطني سلطة الرقابة اللاحقة للحد من كل شطط في استعمال السلطة يطال قانون التجمعات العمومية.
وفي نهاية هذا التحليل، من الأهمية بمكان التأكيد على الضمانات القانونية المتعلقة بالحريات العامة التي أقرتها الشبكة الأوربية المتوسطية لحقوق الإنسان([25]) في توصياتها القاضية بالإبقاء على نظام التصريح الجاري به العمل، خاصة فيما يتعلق بحرية تأسيس الجمعيات وحرية الصحافة والنشر، لأن استبداله بنظام الترخيص من شأنه أن يتعارض شكلا ومضمونا، مع الالتزامات ذات الصلة بحقوق الإنسان التي تقع على عاتق الدولة المغربية على المستويين الإقليمي والدولي، إضافة إلى وضع ضمانات مماثلة لتلك المعمول بها في البلدان الديموقراطية، من اجل ممارسة حرية التجمع العمومي والتظاهر.
كما دعت الشبكة إلى اعتماد مقاييس موضوعية في الاعتراف بالمنفعة العامة للجمعيات، لما لها من أهمية بالغة للنهوض بالعمل الجمعوي، وينبغي أن يكون رفض هذا الاعتراف معللا وقابل للطعن أمام القضاء.
وفي الأخير، يبقى معطى إصلاح القضاء، لاسيما في الاتجاه الذي يعزز استقلاله أحد المداخل الأساسية لتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، وإقرار أهمية قصوى لحماية الحريات العامة.
ــ القوانين المتعلقة بحقوق الطفل : صادق المغرب على الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان([26])، بموجب الظهير الشريف رقم 4-93-4 المؤرخ في 14 يونيو 1993، وقد تزايد الاهتمام الدولي بحماية الأطفال من أشكال العنف والإهمال و الاستغلال، وتكريس الظروف الملاءمة لمصلحتهم الفضلى.
وإعمالا لملاءمة ما تنص عليه الاتفاقية المذكورة([27])، وانسجاما مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بعدالة الأحداث، أقر قانون المسطرة الجنائية الجديد جملة من التدابير منها:
– إحداث أجهزة خاصة بالأحداث:
إنشاء شرطة قضائية خاصة بالأحداث (المادة 19)، وهيئات قضائية مكلفة أيضا بالأحداث (م462)، تتمثل في قاضي الأحداث وغرفة الأحداث بالنسبة للمحاكم الابتدائية، والمستشار المكلف بالأحداث، والغرفة الجنحية للأحداث وغرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث بالنسبة لمحاكم الاستئناف.
إن إحداث هذه الأجهزة الخاصة بالأحداث من طرف المشرع المغربي يستهدف ملاءمة القوانين الداخلية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة([28])، وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث المعروفة بقواعد بكين([29]).
– الحماية الجنائية للطفل:تمتد أوجه الحماية الجنائية المكرسة لفائدة الطفولة لتشمل الجانبين الموضوعي والمسطري، كما أنها تمتد لإقرار سياسة وقائية تستهدف في المقام الأول المصلحة العامة للحدث لتفادي الإضرار به إعمالا لمقتضيات قواعد بكين (المواد 8 إلى 10)، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وقد أقر قانون المسطرة الجنائية لضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث، بأن يحتفظ بالحدث المتهم في مكان مخصص للأحداث تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة، مع اتخاذ كافة التدابير لتفادي إيذائه، ولا يعمل بهذا الإجراء إلا إذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى رعايته، أو إذا اقتضت الضرورة البحث أو سلامة الحدث كذلك، وخاصة بعد موافقة النيابة العامة.
واستنادا للمادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل، عمد المشرع المغربي في إطار ملاءمة قوانينه الداخلية، إلى رفع سن الرشد الجنائي من 16 إلى 18 سنة، كما كرس أيضا مجموعة من المقتضيات المنصوص عليها ضمن قاعدة بكين (م 8-10-و 13)، واتفاقية حقوق الطفل لإضفاء مزيد من الحماية الجسدية والنفسية للحدث عبر إقرار فصل قضايا الأحداث عن قضايا الراشدين (م 461)، ومنع نشر أي بيانات عن جلسات الهيئات القضائية للأحداث (م 466) سجلات الأحداث (م 505)، وفرض السرية على السجل العدلي للأحداث (م 506)، وإصدار أمر قضائي بإيداع الحدث المجني عليه لدى شخص جدير الثقة أو جمعية …(م 510).
– حقوق الطفل في ظل قضاء الأسرة : تتخذ الدول الأطراف كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملاءمة لإعمال الحقوق المعترف بها في اتفاقية حقوق الطفل([30])، وقد شرعت وزارة العدل منذ دجنبر 2003 في تأثيث الخريطة القضائية المغربية بأقسام لقضاء الأسرة ضمن تركيبة المحاكم الابتدائية، وقد أكد الخطاب الملكي بخصوص مدونة الأسرة الجديدة بأنه مهما تضمنت من عناصر الإصلاح، فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل وعصري وفعال …([31]).
وبالرجوع إلى مدونة الأسرة، فنجد أنه تم تخويل الحضانة، بغية حماية مصلحة الطفل للأم ثم للأب، فإن تعذر ذلك فللقاضي أن يقرر إسنادها لأحد الأقارب الأكثر أهلية، كما يهم الجانب الحمائي للطفل حقه في النسب في حالة عدم توثيق عقد الزوجية، حيث تعتمد المحكمة في سماح دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة …([32]).
أما فيما يتعلق بالتدابير الحمائية للأطفال في وضعية صعبة، فخص المشرع من خلال ملاءمة تشريعاته الداخلية مع القواعد الدولية بالأشخاص المعاقين، والتي تجسدت في القانون رقم 81-05 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر، والقانون رقم 92-07 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، والقانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات .
كما أن مدونة الأسرة، أولت للطفل المعاق رعاية خاصة([33]) عن طريق إقرار تمتعه بمجموعة من الحقوق، وخاصة منها التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته، قصد تسهيل إدماجه في المجتمع([34]).
أما على مستوى القانون الجنائي، فقد أفرد مقتضيات جديدة تهم الأشخاص المعاقين، من خلال جريمة هتك عرض شخص معاق أو محاولته ارتكابها (الفصل 484 و 486)، إضافة إلى تجريم التمييز بين الإعاقة، حالة الامتناع عن تقديم منفعة أو عن أداء خدمة أو رفض تشغيل (ف 431 ).
وبالتالي، يمكن القول على الرغم أن هذه المستجدات التشريعية، فإن هذه الأخيرة لا تغطي الواقع الحالي للرعاية الاجتماعية للمعاقين، الذي لا يزال بعيدا عن متطلبات المقتضيات الدولية ذات الصلة كما أن التصديق النوعي للمغرب على اتفاقية حقوق الطفل، يلزم الدولة بمراجعة تشريعاتها من أجل ملاءمتها مع مقتضيات هذه الاتفاقية، فضلا عن التقيد بأحكامها عن طريق تقديم تقارير دورية([35])، إلى لجنة حقوق الطفل عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة من أجل إبراز التقدم المحرز في تكريس الحقوق والعوائق التي تحول دون الوفاء بالالتزامات المتعهد بها.
المحور الثالث : آثار إدماج الاتفاقيات الدولية في القانون الوطني المغربي
1ــ على المستوى القانوني:
إن الإدماج القانوني لإتفاقيات حقوق الإنسان المصادق عليها، يضفي على التشريع الوطني خاصيتي الإلزامية والعالمية، على اعتبار أن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تهم كل الشعوب أفرادا وجماعات، ومن تم فالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الجنائي، وقانون التجارة الدولية… الخ، هي بمثابة قوانين للتنسيق أو لتوحيد ممارسات الدول الأطراف التي تتعهد بالتزام ما تقتضيه هذه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، عبر اتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية والقضائية بغية الدفع بامتداد حمولة هذه الاتفاقيات والمواثيق إلى القوانين الوضعية.
وكنتيجة لهذا الإدماج والامتداد، تبنى الدستور المغربي في ديباجته ما يفيد التزام المغرب بالمعاهدات والمواثيق الدولية[36]، مؤكدا تشبته بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا داخل المجتمعات كافة، بحيث لا يمكن للإنسان ضمان حياته وحريته وكرامته من دونها.
وإذا كان الإدماج التشريعي للاتفاقية الدولية من شأنه أن يجعل منها الوسيلة المثلى لتنظيم العلاقات المتبادلة بين الدول الأطراف، فإن ذلك لن يتحقق على المستوى الداخلي دون إعمال الاتفاقية كجزء من القوانين الوطنية فور التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، خاصة أن أية دولة تحترم الاتفاقيات الدولية عامة، وتلك المعنية بحقوق الإنسان تحديدا، من خلال ملاءمة التشريعين الداخلي والدولي، هي دولة التقدم والديمقراطية وسيادة القانون، ذلك أن الدول الأطراف تلتزم بمقتضى التصديق أو الموافقة أو الانضمام بتنفيذ المعاهدات على مستوى القضاء الوطني لتحقيق الأهداف التي ترمي إليها، فإقرار حقوق الإنسان والحريات الأساسية في التشريعات الوطنية وصياغتها في قواعد قانونية داخلية وخاصة القواعد الدستورية، ليس كافيا في ظل غياب ضمانات قضائية حمائية.
وبناءا عليه، فإن المصادقة أو الانضمام إلى اتفاقية دولية لحقوق الإنسان هو قرار سياسي محكوم بالاستراتيجية العمومية التي تنظم المجال الحقوقي، وبالتالي فإن الإدماج القانوني لهذه الاتفاقيات يظل محكوما بالضوابط والمرتكزات البنيوية التي يقوم عليها الحقل السياسي المغربي.
2ـــ على المستوى السياسي: تنص المادة 27 من اتفاقية فيينا، والتي صادق عليها المغرب([37])على أنه: “لا يسوغ لأحد الأطراف الاتفاقية أن يتمسك بمقتضات قانونه الداخلي ليتحلل من الالتزام بها”، والاتجاه السياسي العام ينحو إلى احترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وهو الموقف الذي يسير في نفس المنحى الذي اتخذته بعض التشريعات والاجتهادات القضائية المغربية بشأن ترجيح هذه المعاهدات على القانون الداخلي.
ومن النتائج القانونية كذلك عن الإدماج القانوني للاتفاقيات الدولية، التأكيد على أن احترام هذه الاتفاقيات أمر يعلو إرادة الدولة المتعاقدة، حيث تنص المادة 26 من اتفاقية فيينا([38]) المشار إليها أعلاه، على أن “كل معاهدة نافذة تكون ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية”.
تختلف المقاربة السياسية للإدماج التشريعي الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من دولة إلى أخرى حسب درجة انفتاحها على الآليات الأممية، التي تنص عليها هذه الاتفاقيات، فالمغرب على سبيل المثال اعتمد أساليب تكتيكية([39])، كتأخير نشر بعض الاتفاقيات المصادق عليها في الجريدة الرسمية أو التحفظ على بعض بنودها، لتوفير مساحات إضافية للنظام السياسي تمكنه من تقييم وتتبع هذه الاستراتيجية والتحكم في مسارها، من جهة، ومن جهة ثانية الحفاظ على النسق المعياري الذي انتظمت حوله السياسات العمومية في مجال حقوق الإنسان.
ويبدو أنه من الصعوبة بمكان فصل السياسي عن القانوني في عملية رصد آثار الإدماج التشريعي للاتفاقيات الدولية، على اعتبار أن حركية التعديلات التي همت القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أكدت خضوع القانون لمنطق سياسة الدولة وأهدافها الاستراتيجية لتفادي أي مساس بالأسس الإيديولوجية التي تقوم عليها سلطتها.
يمكن القول،على أن أبرز تجليات تداخل السياسي بالقانوني تتمثل في آلية التقارير الحكومية الدورية التي ألتزم المغرب بتقديمها إلى اللجان الحقوقية الأممية المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، وذلك بهدف تبيان الاندماج في النظام الدولي لمراقبة إعمال المواثيق الدولية، فضلا عن رصد تطورات الأداء الحقوقي العام من خلال الرد على التقارير الموازية التي تتقدم بها المنظمات الحقوقية غير الحكومية.
وفي إطار الحركية التي شهدها المغرب في مجال الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تصديقا وملائمة، ونشرا بالجريدة الرسمية ،وتفعيلا لتوصيات اللجان الأممية المنبثقة عن هذه الاتفاقيات والتي ما فتئت تطالب المغرب بمناسبة مناقشة تقاريره الحكومية الدورية ببذل المزيد من الجهود لملائمة تشريعاته الداخلية ورفع تحفظاته .
وفي هذا الصدد أقرت اللجنة الوزارية المكلفة بالحريات العامة وحقوق الإنسان في اجتماعيها المنعقدين على التوالي بتاريخ 21 فبراير2005 و27 يونيو 2006، رفع التحفظات عن بعض الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان .وهذا ما أكده الوزير الأول في تصريحه بشان حصيلة العمل الحكومي([40])،رفع جل التحفظات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي سبق ان صادق عليها المغرب أو انضم إليها، ويتعلق الأمر بالاتفاقيات التالية:
– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة([41])، وموازاة مع سياق دولي يحث حكومات الدول الأطراف في الاتفاقية المذكورة، ومن ضمنها المغرب على رفع تحفظاتها ، فقد ذهب المجتمع المدني في نفس المنحى، من خلال إثارته بواعث القلق اتجاه التحفظات والإعلانات التفسيرية التي تنتقص من حقوق المرأة، وفي ظل هذين المتغيرين الدولي والوطني،أعلنت الحكومة المغربية بتاريخ 08 مارس 2006 رفع التحفظات ذات الصلة بحقوق المرأة.
– وبخصوص الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،واستنادا إلى مقتضيات المادة 14 من هذه الاتفاقية، أعلنت الحكومة المغربية اعترافها باختصاص لجنة القضاء على التمييز العنصري في استلام ودراسة الرسائل الصادرة عن الأفرادأو الجماعات التابعين لولاية الدولة، والذين يدعون انهم ضحايا انتهاك من جانبها، لأي حق من الحقوق المقررة في هذه الاتفاقية ،وأنهم تعرضوا لهذا الانتهاك في تاريخ لاحق لتاريخ إيداع هذا الإقرار لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
– اتفاقية التعذيب وغيره من ضروب المعاملات والعقوبات القاسية أو اللاانسانية أو المهنية،وقد أودعت الحكومة المغربية بتاريخ 19/10/2006 لدى الأمين العام للأمم المتحدة إخطار كتابيا مفاده الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب، استنادا للمادة 22 من الاتفاقية ذات الصلة في تسلم ودراسة البلاغات الواردة من طرف أفرادأو لفائدتهم، والتابعين لولايتهم القانونية ويدعون أنهم ضحايا لانتهاكات دولة طرف لأحكام الاتفاقية، وذلك في تاريخ لاحق لتاريخ الإيداع المشار إليهأعلاه. وفي هذا السياق أعلن المغرب رفع التحفظ الوارد على المادة 20 من الاتفاقية أعلاه، والمتعلق باختصاص لجنة التعذيب لإجراء تحقيق بشان الانتهاكات([42]).
– وعلى مستوى اتفاقية حقوق الطفل:أعلنت الحكومة المغربية رفعها لتحفظها المتعلق بمقتضيات المادة 14 من الاتفاقية المذكورة، وذلك باستبداله بإعلان تفسيري على ضوء الدستور([43]) وباقي قواعد القانون الداخلي خاصة الفصل السادس من الدستور والمادة 54(الفقرة 6) من القانون رقم 03. 70 بمثابة مدونة الأسرة[44].وبهذا الإعلان يؤكد المغرب تشبته بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا والتزامه بأهداف الاتفاقية.
كما أعلن المغرب عن سحبه لتصريحه الوارد على المادة 15(الفقرة 4) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي تنص على “منح الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم”([45]).
وعليه تندرج دينامية مراجعة التحفظات والتصريحات ،في السعي إلى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وفي إطار جهود الحكومة المغربية لدعم الفضاء الحقوقي بما يكفل توسيع مجال الحريات العامة ويضمن الارتقاء بثقافة حقوق الإنسانإلى مصاف بناء مجتمع حداثي، يولي ضمن أهدافهالإستراتيجية استكمال منظومته الحقوقية وملائمة تشريعاته الداخلية مع الاوفاق الدولية، علما أن الدستور الجديد للمملكة المغربية عمل على تكريس مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، كما أفرد بابا خاصا بالحقوق والحريات الأساسية وهذا من شأنه أن يسهم في تحسين الوضعية الحقوقية في المغرب.
خاتمــــة
يمكن القول على سبيل الختم، على أن ميزة القانون المغربي، كونه يحتل موقعا متقدما على واقع المجتمع، مما يفرض العمل على تطبيق القانون وليس تغييره، ولتفادي أطروحة تهميش القانون بالمغرب، ولإتساع الهوة بين النص القانوني وحركية المجتمع، ينبغي أن تعمل الملاءمة على تثبيت هذه الحركية من خلال تقنية ربط الحق بالقانون، وتكريس سياسة حقوقية إجرائية تتمحور حول التكيف مع الخطاب الحقوقي الكوني في أفق استيعابه داخل سياقات سوسيو-اقتصادية، تستجيب لانتظارات المجتمع وتنحو إلى صياغة توازنات جديدة داخل الحقل السياسي.
[1]– غفور دهشور: “ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، واجب الإقرار دستوريا بضرورة الملاءمة والمطابقة”، جريدة الصحيفة، العدد 97، بتاريخ 29و30 يناير 2003، ص: 10.
[2]– يذهب ستانلي هوفمان خبير العلوم السياسية بجامعة هارفارد على أنه: “اذا كان المرء يؤمن بقيم الليبرالية، فلا يكفي أن يطبقها في وطنه فقط، وإذا أراد المرء أن ينشأ نظاما عالميا قادرا على الحياة، فإن حقوق الإنسان لابد أن توضع في الحسبان، إذ أن للحكومات طريقة تثير القلق بربط سياساتها العمومية في الداخل بسلوكها على مستوى الخارج”، إذ ليس من الواضح تماما أن الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان داخليا ستكون بالضرورة عدوانية في سياستها الخارجية.
أنظر: دافيد فورسايث: حقوق الإنسان والسياسة الدولية، ترجمة: محمد مصطفى غنيم: الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، الطبعة الأولى بالعربية، السنة 1993، ص: 50و51.
[3]– Chaouki Serghini: Le Maroc et les règles internationales des droits de l’homme, in le Maroc et les droits de l’homme : position, réalisations et perspectives : édition l’Harmattan 1994, p : 286
[4]– أحمد ادريوش: الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الداخلي، تأملات حول إشكالية المطابقة، الملاءمة والتقريب، منشورات مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، الطبعة الأولى 2002.، ص: 11.
[5]– ويتعلق الأمر ب:
– العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 2).
– العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 2).
– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ظروف المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية (م 2).
– اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري (المادتين 2 و 7).
– اتفاقية حقوق الطفل (المادة 4).
– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المادتين 2 و 3).
[6]– Hamid Rbii : Droits de l’homme et souveraineté : réflexions sur le cas du Maroc in : droits de l’homme : souveraineté, publications REMLD, thèmes Actuels N° : 37. année : 2002, p : 35.
[7]– أنظر التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2004، منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يوليوز 2005، ص: 61-62.
[8]– الظهير الشريف رقم 1.00.350 الصادر في 10 أبريل 2001 والمتعلق بإعادة تنظيم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
[9]– يتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1.90.12 المحدث للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في صيغته الأولى ورغم غياب نص صريح يخول للمجلس دراسة مشاريع النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان، فقد استقر اجتهاده على دراسة بعض المشاريع كمشروع قانون المسطرة الجنائية، بعدما اقترح على جلالة الملك إحالة المشروع عليه للنظر فيه.
[10]– كالعهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية …
[11]– كاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين …
[12]– كالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم …
[13]– التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2004، منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مرجع سابق ذكره، ص: 62-63.
[14]– التقرير الاستراتيجي للمغرب 2001-2002، مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، منشورات أبحاث، العدد السابع، السنة 2001-2002، ص: 114.
[15]– من بين الحقوق التي تضمنها هذا القانون نجد:
– واجب الدولة في صيانة كرامة الأفراد وضمان الحريات العامة.
– واجب الدولة في ضمان التعليم في إطار توجه وطني عربي وإسلامي وبناءا على حاجيات المجتمع وما يتطلبه من تكوين تقني ومهني وعملي.
– حق اللجوء إلى المحاكم وضمان العدالة عن طريق إقرار مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء…
– المساواة في الحقوق والواجبات.
– إقرار نظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية تنمية الإنتاج وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين…
[16]– علي كريمي:” حقوق الإنسان والحريات العامة بالمغرب بين طموح التغيير وإكراه الظروف السياسية”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 37 ، الطبعة الأولى، السنة 2002، مرجع سابق، ص: 54-55.
[17]– التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان لسنتي 2005و2006، مرجع سابق، ص: 101-102.
[18]– الظهير الشريف رقم 376، 58. 1 الصادر في جمادى الأولى 1378 الموافق ب (15 نونبر 1958) المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما تم تتميمه وتعديله فيما بعد، وخاصة بموجب القانون الجديد رقم 75.00 الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 206-02-1 بتاريخ 12 جمادى الأولى 1423 ل(23يوليوز 2002).
– أنظر الجريدة الرسمية، عدد 5046 بتاريخ 10 أكتوبر 2002، ص: 2892.
[19]– المادة 7 من القانون رقم 75.00 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات تنص على أنه: “تختص المحكمة الابتدائية… في طلب حل الجمعية إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون، وذلك بطلب من كل من يعنيه الأمر أو بمبادرة من النيابة العامة”.
[20]– اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق للقرار 2106 ألف (د- 20) بتاريخ 21 دجنبر 1965، ودخلت حيز التنفيذ على المستوى الدولي بتاريخ 04 يناير 1969 طبقا لمقتضيات المادة 19 من الاتفاقية قام المغرب بالتوقيع على هذه الاتفاقية بتاريخ 18 شتنبر 1967 مع تسجيل تحفظ وتصريح بشأنها.
[21]– رقية المصدق ،: حقوق الإنسان بالمغرب –دراسة في القانون العام المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، السنة 1994، ص: 111.
[22]– علي كريمي: حقوق الإنسان والحريات العامة بالمغرب، مرجع سابق ذكره، ص: 135.
[23]– علي كريمي ، مرجع سابق ذكره، ص: 153.
[24]– أربعون سنة من الحريات العامة بالمغرب 1958-1998، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد الثامن عشر، السنة 1999.
[25]– الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان هي شبكة لمنظمات حقوق الإنسان في أكثر من عشرين بلدا من المنطقة الأورو-متوسطية، وتم تأسيسها في يناير 1997، استجابة لإعلان برشلونة المؤرخ في 28/11/1995 ومبادرة من منظمات عاملة في مجال حقوق الإنسان وفقا للأهداف التالية:
– دعم المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والتعريف بها في الدول الشريكة، وذلك كمنا تتجلى في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
– دعم تطوير المؤسسات الديموقراطية والترويج لسيادة القانون وحقوق الإنسان وتعزيز دور المجتمع المدني في المنطقة الأورو-متوسطية.
– تعزيز وتنسيق جهود أعضاءها في رصد التزام الدول الشركاء بمبادئ إعلان برشلونة القاضية بالتصرف وفقا لميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعمل على تطوير الديموقراطية وحكم القانون في أنظمتهم السياسية واحترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، ومن ضمنها: حرية التعبير وحرية التجمع…
Voir à ce propos : http :/www.euromedrights.net /arabic/main.html.
[26]– دخلت اتفاقية حقوق الطفل التي تم إقرارها من طرف الجمعية بقرار 44/25 المؤرخ في 20/1/1989، حيز التنفيذ النقاد على المستوى الدولي بتاريخ 2/9/1990، طبقا للمادة 49، وقد تم نشرها بعد مصادقة المغرب عليها بالجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 19/12/1996 طبقا لظهير النشر رقم 362-93-1 بتاريخ 21/11/1996.
[27]– المادتين 37 و 40 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
[28]– المادة 40 من نفس الاتفاقية.
[29]– تنص هذه القواعد، على ضرورة توفير تدريب متخصص لضباط الشرطة الذين يتعاملون مع قضايا الأحداث، فضلا عن عدم إعمال إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة .
[30]– انظر: المادة 4 من اتفاقية حقوق الطفل.
[31]– انظر:الخطاب الملكي بتاريخ 10 أكتوبر 2000، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية البرلمانية السابعة.
[32]– انظر :المادة 16 من مدونة الأسرة.
[33]– المادة 54 من مدونة الأسرة.
[34]– من مستجدات مدونة الأسرة باعتبارها كنتاج تشريعي لمرحلة متطورة يتداخل فيها التأثيرين الداخلي والخارجي، وتنحو إلى إنصاف المرأة وصيانة كرامة الرجل وحماية حقوق الأطفال، لذكر:
– جعل الولاية بيد المرأة الراشدة واعتبارها مؤهلة قانونا لإبرام عقد زواجها.
– رفع سن الزواج من 18 سنة وتوحيده بين الجنسين.
– حماية الأطفال فيما يتعلق بسنهم.
– إقرار حق المرأة في الثروة التي تكون قد تراكمت خلال الحياة الزوجية.
[35]– المادة 44 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ديباجة الدستور المغربي 2011.[36]
[37]– صادق المغرب على اتفاقية فيينا لسنة 1969 بتاريخ 26 شنبر 1972.
[38]– بيينت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الأحكام التي تنظم على الصعيد الدولي التزام الدول تجاه بعضها البعض بمقتضى معاهدات، وهي اتفاقية جماعية أبرمت في نطاق الأمم المتحدة، ووقع ممثلو الدول عليها في 23 ماي 1969، ودخلت حيز التنفيذ في 27 يناير 1980.
[39]– محمد بنيس، مرجع سابق ذكره، ص: 410.
[40]– منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ،التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان وحصيلة عمل وافاق المجلس برسم سنة 2004،السنة 2005،ص:46.
[41]– صادقت على هذه الاتفاقية أو انضمت إليها 178 دولة، بينها 14 دولة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .
[42]-Nations Unies ;C.N.1027.2006.Treates – 7 (Notification dépositaires du 24 janvier 2007) .
– انظر أيضا مذكرة وزيري العدل و الداخلية الموجهة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ،بتاريخ 16 يوليوز 2004 والمسجلة لديه تحت رقم 524 والمتعلقة برفع التحفظ عن المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب ،وارد ضمن :دليل عملي لمناهضة التعذيب،التشريع، الآليات، الاجتهاد القضائي والطب الشرعي: التجربة المغربية، منشورات مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان،الطبعة الأولى 2005،ص:24-25.
[43]– ينص الفصل السابع من الدستور المغربي 2011على أن :”الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية”
[44]– تنص الفقرة 6 من المادة 54 من القانون رقم 03.70 على أن:”للأطفال على أبويهم حق التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم “.
[45]– انظر: التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان لسنتي 2005-2006، مرجع سابق ذكره، ص:122.