مقدمة:
تنقسم العقارات في المغرب إلى عقارات محفظة وعقارات غير محفظة.ويرد على هذين النوعين إشكال يتعلق بأصل الملك[1]، إذ أن المالك لعقار أو لحق عيني على عقار، يلزمه أن يحصل على اعتراف بملكيته يتمثل في سند يخول له بمقتضاه أن ينسب الملك إلى نفسه، وأن يتصرف فيه بمختلف التصرفات المادية والقانونية، وأن يتخذه ضمانا، وأن يفوته للغير إذا أراد بمقابل أو بدونه.
ففي مجال العقارات غير المحفظة تتم الإجابة عن الإشكال المتعلق بأصل التملك عبر مجموعة من التقنيات مثل العقد والحيازة. وفي مجال العقارات المحفظة تتم الإجابة على الإشكال المذكور عبر تقنيات ترتبط بالتقييد على الرسوم العقارية.
وفي كلتا الحالتين تظهر إشكالات متعلقة بمدى نجاع تلك التقنيات في إظهار المالك الحقيقي والحد من دعاوى الاستحقاق وضمان استقرار المعاملات.
وإذا كان أصل الملك في العقار المحفظ يتم تحديده باللجوء إلى معاينة الرسم العقاري أو الشهادات والنسخ المنبثقة عنه[2] ، فإن تحديد الوثائق التي تشكل سندات للملك في العقارات غير المحفظة يعد أمرا صعبا من ناحية ماهية هذه الوثائق ومن ناحية طبيعتها.
ومن خلال الاستقراء ظهر لنا أن وثائق الملكية العقارية بالنسبة للعقارات غير المحفظة، إما أن تكون عبارة عن قرائن على الملك، أو أسبابا في نشأته تجسدها عقود التصرفات العقارية.
وتعد القرائن من ضمن وسائل الإثبات[3]؛وهي في مجال تملك العقارات تظهر عبر وثيقة الحيازة والحكم القضائي النهائي[4]، وكذلك رسم الإحصاء حسب الرأي الفقهي الراجح[5].
أما العقود فهي الأسباب الحقيقية للملكية ،وهي بذلك تعد أقوى من رسوم الحيازة أو الملكية أو الاستمرار التي ليست إلا قرائن على الملك أو مظهرا من مظاهره حسب المعتمد عند الفقهاء المسلمين[6]. وإطلاق العقود في مجال الملكية كان وما يزال ينصرف إلى عقود الأشرية والهبات[7] كنموذجين لجميع عقود المعاوضات والتبرعات.
ومن ضمن هذه العقود التي تشكل أسبابا للملكية – في نظرنا- نجد حاليا ذلك العقد الذي استحدثته مدونة الأسرة المتمثل في التدبير المشترك لأموال الزوجين المكتسبة بعد الزواج.
وقد آثرنا أن نقتصر في هذا المقال على دراسة هذا العقد المستحدث ، وذلك من خلال عنصر نظري يتضمن الحديث عن عقد تدبير الأموال المكتسبة كسند للملك ،وعنصر عملي يعنى بعرض نموذج للوثيقة المنصبة على هذا العقد في صيغتها المثلى التي تفضي إلى اعتبارها سببا من أسباب الملك. وبذلك سنقسم هذه الدراسة إلى مطلبين:
- المطلب الأول: عقد تدبير الأموال المكتسبة كسند للملكية العقارية.
- المطلب الثاني: توثيق عقد تدبير الأموال المكتسبة.
المطلب الأول
عقد تدبير الأموال المكتسبة كسند للملكية العقارية.
سنتطرق في هذا المطلب إلى مفهوم عقد تدبير الأموال المكتسبة بعد الزواج، وذلك لأنه نظام مستحدث في التشريع المغربي( فقرة أولى) وذلك لكي نخلص إلى القيود والاحترازات الواجب مراعاتها بمناسبة إبرام هذا العقد حتى يؤدي الدور المنوط به (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم تدبير الأموال المكتسبة في التشريع المغربي.
تنص المادة 49 من مدونة الأسرة في الفقرة الأولى والثانية على ما يلي:” لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.
يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج…”.
فهذه المقتضيات تتضمن أصلا واستثناء؛ فالأصل هو استقلال ذمة[8] كل واحد من الزوجين عن ذمة الآخر؛ وهي مسألة من صميم النظام العام.والاستثناء هو جواز اتفاق الزوجين في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج- سواء كانت رسمية أم عرفية- على تدبير الأموال التي سيكتسبانها أثناء قيام الرابطة الزوجية بينهما.
ونبدي مع بعض الفقه[9] على المقتضيات الواردة بالمادة 49 أربع ملاحظات ندونها كالتالي:
- إن العلاقة الزوجية مبنية على المكارمة بين الزوجين[10]، أما العلاقة المالية فهي مبنية على الأخذ والرد والمساومة والمشاحة لذلك وجب تمييز هذه العلاقة عن تلك.
- إن بدء العلاقة الزوجية وانتهاءها قد لا يتوافقان دائما من الناحية المنطقية مع بدء وانتهاء العلاقة المالية بين الزوجين، والتي قد لا تبدأ أثناء إبرام عقد الزواج مباشرة والتي قد تستمر بعد انتهائه.
- إن الوثيقة التي يتضمنها عقد الزواج والمخاطب عليها من جانب قاضي التوثيق هي وثيقة رسمية، أما الاتفاق المتعلق بتدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج ، فقد يضمن في وثيقة رسمية يحررها عدلان أو موثق، وقد يضمن في وثيقة عرفية يكتبها الطرفان أو ينوب عنهما الغير في ذلك.
- إن الزواج مؤسسة شرعية إسلامية يتم الاجتهاد في إطارها بالاعتماد على الفقه المالكي (المادة 400) ، أما الاتفاق المالي فهو عقد مدني يخضع للقواعد العامة المضمنة في قانون الالتزامات والعقود.
ولا علاقة لقاعدة التدبير المشترك لأموال الزوجية بما يعرف في بعض القوانين من إبرام عقود الزواج في إطار فصل الأموال أو الأموال المشتركة[11]،لأن المقتضى الجديد(الذي تضمنته المادة 49) يختلف تماما عما ذكر[12]، فتلك القوانين تبنت القاعدة كأصل، بينما تبناها المشرع كاستثناء[13].
وتأسيسا على ما سبق، فإن عقد التدبير المشترك لأموال الزوجية، وإن كان يخضع لسلطان الإرادة وللحرية التعاقدية في مختلف التشريعات،إلا أن حرية التعاقد المخولة للزوجين بمقتضى المادة 49 من مدونة الأسرة تختلف عن تلك الممنوحة للزوجين في ظل القانون المدني الفرنسي – مثلا-.
ذلك أنه من الناحية القانونية للزوجين الفرنسيين الحرية في تدبير أموالهما الأسرية، غير أن هذه الحرية مقيدة بنظام مالي معين حدده القانون لا يمكن للزوجين تجاوز أحكامه. أما حرية الاختيار الممنوحة للزوجين المغربيين فإنها حرية كاملة لا يحد منها إلا النظام العام والأخلاق الحميدة[14].
فهذا الاتفاق لا يحكمه في ظل التشريع المغربي إلا قاعدة “العقد شريعة المتعاقدين” التي تجد أساسها في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود[15] ، فهو اتفاق أو عقد مدني يخضع للأحكام العامة المضمنة بقانون الالتزامات والعقود،من حيث أركانه وشروط صحة تلك الأركان وبطلانه وإبطاله وتفسيره وترتيب مختلف آثاره؛ ويمكن للطرفين ألا يبرما هذا الاتفاق أصلا ، أو أن يعلقانه على شرط أو يربطانه بأجل.
وتكريسا لهذه القاعدة ، يمكن أن تتضمن وثيقة التدبير المشترك اتفاق الزوجين على أن ما قامت الزوجة بشرائه من منقولات منزل الزوجية، سواء كان من مالها الخاص أو صداقها وكذلك ما اشتراه لها زوجها يكون ملكا للزوجة[16]؛ أو اتفاقهما على أن ما قام الزوج بشرائه[17] بعد الزواج أو الدخول بالزوجة من ماله الخاص، يكون ملكا للزوج… أو اتفاقهما على كيفية تقسيم العائد المتأتي من عمل مشترك، وتحديد النسب التي تعود لكل واحد منهما.
إضافة إلى هذا بإمكان الزوجين الاتفاق على توسيع نطاق العقد المالي ليتجاوز مسألة تحديد ملكية الأشياء وتقسيمها إلى تنظيم وتوزيع الأعباء المالية التي تفرضها الحياة الزوجية، كأن ترضى الزوجة بتسليم زوجها راتبها الشهري من وظيفتها التي يتفقان على استمرارها فيها، أو أن يتنازل عن نفقتها ونفقة أولادها وتتولى هي ذلك من مالها. كما أن الزوج قد يرضى بأن يترك لها راتبها الشهري وينفق عليها أو عليها وعلى والديها أو أن يجعلها شريكة له في أمواله[18].
ومن ذلك أن يتزوج طبيب بطبيبة فيتفقان على أن مدخول أحدهما ينفق في الشؤون المعيشية للعائلة ومدخول الثاني يستثمر في مجال تجاري ما أو في غيره[19].
فهذا العقد عبارة عن إطار يتضمن إحصاء أموال كل واحد من الزوجين، وتوزيع مصاريف الحياة الزوجية وكذا نفقة الأولاد بالإضافة إلى تقرير القواعد التي يمكن أن تطبق عند إنهاء المعاشرة الزوجية[20].
ولما كان هذا الاتفاق إنما يتعلق بالتدبير[21] المشترك للأموال، فينبغي أن لا يشمل – في حالة السكوت- تلك الأموال الطارئة التي تخرج عن إطار التدبير، كالأموال الناتجة عن الإرث أو الوصية أو الهبة التي يتوصل بها أحد الزوجين، فهذه الأموال تبقى خارجة عن الاتفاق إلا إذا نص الطرفان صراحة على أن العقد يشملها، لأن هذه القاعدة ليست من النظام العام، بحيث يمكن الاتفاق على ما يخالفها[22].
الفقرة الثانية:القيود القانونية لوثيقة التدبير المشترك.
على خلاف باقي التشريعات … ( كالتشريع الفرنسي) جاء المشرع المغربي (بخصوص عقد التدبير المشترك) بنظام تعاقدي ذي مقتضيات عامة وفضفاضة، محددة في بضعة أسطر دون تحديد لمضمون وطبيعة العقد الذي يتمخض عن اتفاقات الزوجين في هذا الشأن[23].
كما أن المشرع المغربي لم يضع له أي شروط، حيث يمكن للزوجين الاتفاق حسب ما تمليه وتقتضيه مصلحتهما، فإرادتهما حرة في تحديد مضمون العقد ولا تكون ملزمة بصبه تحت عنوان عقد من العقود المسماة[24].
وتأسيسا على ما ذكر، وإزاء هذا الغموض التشريعي، ينبغي أن ترد وثيقة التدبير المشترك – سواء كانت عرفية أم رسمية- بشكل دقيق مفصل لا إجمال فيه ، وخاصة عند ذكر الأموال التي تخرج عن التدبير، وينبغي كذلك التفصيل والدقة بشأن التزامات الطرفين تجاه الأغيار، وبشأن الأمور التي تتطلب التفويض من أحد الزوجين للآخر والأمور التي لا تتطلب هذا التفويض.
ذلك أن هذا العقد-وإن كان مدنيا- فهو لا يخضع إلى تنظيم بمقتضى قانون الالتزامات والعقود أو غيره من التشريعات حتى يقال بأنه في حالة سكوت العقد فإن الطرفين يرجعان إلى القواعد المكملة، فلا توجد قواعد مكملة تخص هذا العقد لا في هذا الظهير ولا في أي تشريع مدني أو تجاري آخر.
نعم يمكن للطرفين أن يحددا نوع القواعد المكملة التي ينبغي الرجوع إليها بصفة صريحة ، فيمكن مثلا أن يتفقا على تطبيق أحكام الشياع الواردة في ظهير الالتزامات والعقود[25]، بما لا يتعارض مع طبيعة اتفاق تدبير الأموال المشتركة للزوجين.
ومع ذلك لا ينصح باللجوء إلى طريقة الإحالة على القواعد المكملة ، وذلك درءا للنزاع الناتج عن الاختلاف في التأويل،خاصة وأن العلاقة الزوجية تبنى على المكارمة والفضل لا على المشاحة والمحاجة.
ويزداد هذا الأمر تأكيدا إذا علمنا أن التدبير المشترك هو أشبه بالنظام منه بالعقد، ومن شأن النظام أن يكون مفصلا، كما هو شأن الأنظمة الداخلية لبعض الأشخاص المعنوية.
فإذا ورد هذا العقد مجملا[26] فينبغي عند النزاع أن يعتبر لغوا وعدما، ولا يحتج على هذا بأن إعمال العقود أولى من إهمالها، إذ أن عقد التدبير لا يعتبر ذا موضوع إلا أن يأتي على التفصيل الدقيق للمقتضيات المتفق عليها بين الزوجين ، فهو لا يشمل إلا تلك المقتضيات ، وذلك على غرار عقد الوكالة الخاصة التي لا تفيد ما تتضمنه إلا أن ترد عناصرها مفصلة في الوثيقة ، لأن تلك العناصر هي التي تشكل المادة القابلة للتطبيق[27] ، وذلك بخلاف الوكالة العامة[28] التي يمكن أن تأتي على الإجمال بحسب الأصل[29].
وتأسيسا على ما ذكر ، ينبغي على القاضي أو المحكمة[30] إذا ما وردت عليها وثيقة للتدبير المشترك محررة بطريقة مجملة أن تركن مباشرة إلى تطبيق مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 49 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي:” إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة “.
وكذلك ينبغي للعدول والموثقين[31] أن لا يعتبروا هذه الوثيقة المجملة أصلا من أصول التملك، وذلك بمناسبة تلقي وتحرير التصرفات العقارية.
كما ينبغي للمحافظين العقاريين أن لا يعتبروا وثيقة تدبير الأموال المشتركة المحررة بطريقة مجملة سندا لاكتساب الحقوق العينية ،فلا ينبغي أن يقيدوا هذه الحقوق على الرسوم العقارية.
نعم إذا حدث أن اعتمدت المحكمة أو المحافظ العقاري على وثيقة التدبير المشترك الواردة في صيغة الإجمال ، وذلك بطريق الغلط أو سوء التقدير عند الاجتهاد ، وتم بموجب ذلك تضمين الحكم أو الرسم العقاري ما يفيد اعتبار الوثيقة سببا للملك وأصلا له، فليس أمام العدل أو الموثق إلا أن يعتمدا على هذا الحكم أو الرسم العقاري كأصلين للملكية،وذلك لأنهما يطهران السبب الذي استندا إليه من العيوب التي شابته [32].
المطلب الثاني
توثيق عقد تدبير الأموال المشتركة.
من أجل بيان عملي لما قلناه سالفا بخصوص القيود والاحترازات التي تتعلق بعقد التدبير المشترك للأموال المكتسبة بعد الزواج ، آثرنا في هذا المطلب أن نورد نموذجا من الوثائق العدلية للوثيقة الإطار لهذا العقد(فقرة أولى) مع تحليل لبعض بنودها في إطار الرأي الذي تبنيناه سالفا(فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: إيراد نموذج لوثيقة تدبير الأموال.
نورد في هذه الفقرة نموذجا لوثيقة إطار لتدبير أموال الزوجين[33] المكتسبة بعد الزواج، وذلك ضمن الصياغة المفترض أن ينهجها العدول[34]، إذ لا ينبغي أن يقتصروا على كتابة وثيقة مجملة كالتي رأيناها سالفا، بل لابد أن تتضمن الوثيقة تفصيلا وتحديدا وفق ما دعونا إليه في الفقرة السابقة . وهكذا يمكن أن تكون صياغة الوثيقة على الشكل التالي[35] : ” أشهد الزوجان…المذكوران برسم زواجهما المؤرخ…أنهما اتفقا على (أن يدبرا بصفة مشتركة أموالهما المكتسبة بعد الزواج) بحيث إن ما يرزقانه من أموال خلال حياتهما الزوجية،من قليل الأشياء وكثيرها جليلها وحقيرها، العقار وغيره، دخلت في ملكيتهما عن طريق التوفير من عملهما أو عن طريق تبرع من التبرعات أو عن طريق الإرث أو عن أي طريق آخر (من طرق التفويت أو الانتقال الشرعي للملكية) يشكل في مجموعه أموال الأسرة وبيت زوجيتهما، ويكون على سبيل الشراكة في الشياع بينهما،وأنه إذا ادعى أحدهما حق ملكية شيء من الأشياء الحادثة بعد الزواج فلا تسمع دعواه فيها وإن أدلى بحجة كتابية مقبولة؛وأنه إذا التزم أحدهما بالتزامات مالية تجاه الغير وكانت تتعلق بمصالح أو بمقتنيات لفائدة بيت الزوجية، تحمل الطرف الآخر مسؤولية الوفاء بها (بنسبة كذا أو على سبيل التضامن أو الكفالة بعد تجريد المدين-أو عدم تجريده-) في حالة موافقته على الالتزام بها بطريقة قانونية، كما اتفقا على أن هذه الأموال المشتركة يتم تسييرها وتدبيرها واستثمارها تحت إشرافهما معا، وأنه إذا غاب أحدهما أو عاقه عائق عن ممارسة أعمال الإشراف على التسيير أو الاستثمار؛ فإن الحاضر منهما ينوب عن الآخر في ذلك،وأنه إذا تعلق الأمر بسحب الأموال النقدية من بنك أو أي مؤسسة مالية لهما فيها حساب مفتوح ، فإن للزوجين معا-انفرادا أو مثنى- الصلاحية في سحب أي مبلغ مالي؛إشهادا واتفاقا تامين مستمرين ما لم يتفقا فيما بعد على تعديلهما أو تغييرهما بنظام آخر، فإن أراد أحدهما إعادة النظر في الاتفاقية ورفض الآخر أو وقع طلاق أو تطليق بينهما أو فسخ لزواجهما أو حصلت وفاة لهما أو لأحدهما، قسمت أموالهما (هذه) عن طريق التصفية ووزعت بينهما على التساوي بينهما لا فضل لأحدهما على الآخر ]أو أثلاثا للزوجة الثلثان وللزوج الثلث أو العكس،أو أرباعا للزوج الربع وللزوج الثلاثة أرباع أو العكس، أو بحسب النسبة المائوية ، ك 20 أو 40 أو 50% [فإن تراجعا من ذلك يصار إلى عقد اتفاقية أخرى ولا تتجدد هذه بطريقة تلقائية؛ على أن يستحق اللاحق في السابق موتا ما ينوبه فيه بالإرث طبق الفريضة الشرعية المنصوص عليها في مدونة الأسرة عرفا قدره…”.
الفقرة الثانية: استخلاص بعض مقتضيات الوثيقة:
سنعمل في هذه الفقرة على شرح موجز لبعض بنود الوثيقة المسطرة أعلاه ، بما يخدم التوجه الذي ندعو إليه، والذي يقضي بأن الوثيقة ينبغي أن تأتي على التفصيل لا على الإجمال، وهذا بالرغم من أننا نعتبر أن الأصل في الوثائق أن تكون موجزة وخالية مما يعد فقها أو تشريعا. وهكذا فقد تضمنت الوثيقة بيانات يمكن إجمالها وتحليل ما فيها وفقا لما يأتي:
“أشهد الزوجان…المذكوران برسم زواجهما المؤرخ…أنهما اتفقا على (أن يدبرا بصفة مشتركة أموالهما المكتسبة بعد الزواج)”. ما أثبتناه بين القوسين غيرنا به العبارة الواردة في الأصل وهي:”أنهما اتفقا على أن ذمتهما المالية مشتركة” لأن هذه العبارة تتناقض مع ما سبق أن قلناه بأن استقلال الذمة المالية لكل واحد من الزوجين يعد أمرا من النظام العام لا تصح مخالفته –البتة- عن طريق الاتفاق. وهو ما أشارت إليه الفقرة الأولى من المادة 49 من مدونة الأسرة.
“بحيث إن ما يرزقانه من أموال خلال حياتهما الزوجية”. ركز النموذج على الأموال التي ستكتسب خلال الحياة الزوجية ، بما يتماشى مع حرفية المادة 49 بحيث أن ما يملكه الزوجان عن المدة السابقة لإبرام عقد الزواج، لا يدخل في هذه الاتفاقية ولا تشمله مقتضياتها، إذ يبقى لكل زوج أموال خاصة به؛ وحتى لا تبقى هذه الأموال معرضة لتهمة الاشتراك فيها، يمكن للمعني بالأمر التصريح بها أثناء الإشهاد على هذه الاتفاقية إذا لم يكن لديه ما يثبت تملكه لها عن الفترة السابقة لعقد الزواج؛ فإن كان لديه ما يثبت تملكه لها استغني عن تصريحه بها حين الإشهاد على الاتفاقية[36].
“من قليل الأشياء وكثيرها جليلها وحقيرها، العقار وغيره، دخلت في ملكيتهما عن طريق التوفير من عملهما أو عن طريق تبرع من التبرعات أو عن طريق الإرث”. نركز في هذا البند على شرح المقتضى المتعلق بالإرث ، فمن ورث من الزوجين في قريب له فإن الآخر يصبح شريكا له فيما ورثه إن اتفقا على ذلك صراحة في عقد التدبير المشترك، ولا يعترض على هذا بما تضمنته المادة 329 من مدونة الأسرة التـي تنـص على ما يلي:” أسباب الإرث كالزوجية والقرابة أسباب شرعية لا تكتسب بالتزام ولا بوصية، فليس لكل من الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو الموروث، ولا التنازل عنه للغير”. فهذه المادة تتحدث عن الحالة التي يتم التنازل فيها عن صفة الوارث كأن يقول شخص بأنه غير معني بالإرث من فلان وأنه لا ينبغي تقييده في رسم الإراثة ضمن الورثة أو أن فلان ليس قريبه،أو يتبرأ الأب من ولده فيدعو إلى إسقاطه من الإرث فيه،أما المقتضى الوارد في الوثيقة فمحله أن أحد الزوجين ثبتت له صفة الوارث وأنه لم يسقطها بل تنازل عن جزء مما نابه لفائدة الزوج الآخر، فذلك جائز على غرار من وهب أو تصدق، و لا يتنافى مع النظام العام.
“أو عن أي طريق آخر (من طرق التفويت أو الانتقال الشرعي للملكية)[37] يشكل في مجموعه أموال الأسرة وبيت زوجيتهما، ويكون على سبيل الشراكة في الشياع بينهما”. اختار الزوجان هنا نظام الشياع، وهو الأغلب، ويمكن أن يختارا نظاما آخر لتدبير الأموال كنظام القسمة سواء كانت استغلالية أم بتية، فيتفقان على أن كل الأموال المكتسبة تقسم بينهما بحيث يفرز نصيب كل منهما عن الآخر -إن أمكن- إما على سبيل البت أو الاستغلال، ويمكن أن يكون النظام مزدوجا بحيث يقتسمان العقارات ويبقيان على الشياع في المنقولات؛ فلا يوجد نظام واحد بل إن الأمر يرجع إلى إرادة الأطراف التي تظهر عبر الألفاظ الصريحة التي تبرز عن طريق رصانة الأسلوب وجمال الصياغة، ولذلك ندعو العدول إلى أن لا يتصدوا إلى كتابة هذه الوثائق إلا إذا كان بيان الطرفين مفصلا شافيا؛ أما النسج على المنوال فمحله تلك الوثائق التي لا تتضمن في العادة تفصيلات وشروطا، وليس محله ما كان خطره عظيما على الطرفين –في حالة الإجمال- كوثيقتنا هذه.
“وأنه إذا ادعى أحدهما حق ملكية شيء من الأشياء الحادثة بعد الزواج فلا تسمع دعواه فيها وإن أدلى بحجة كتابية مقبولة ؛ وأنه إذا التزم أحدهما بالتزامات مالية تجاه الغير وكانت تتعلق بمصالح أو بمقتنيات لفائدة بيت الزوجية، تحمل الطرف الآخر مسؤولية الوفاء بها (بنسبة كذا أو على سبيل التضامن أو الكفالة بعد تجريد المدين-أو عدم تجريده-) في حالة موافقته على الالتزام بها بطريقة قانونية”. نركز في هذا البند على مسألة وفاء أحد الزوجين في حدود النسبة المعينة بالعقد بما تحمل به الزوج الآخر ، وذلك إذا التزم بذلك صراحة[38]، فلا بد أن يتم بيان طريقة التحمل بالوفاء هل هي بالتقدير النسبي أو بالتضامن أو بالكفالة، و إذا تعلق الأمر بالكفالة، فلا بد أن يبين فيها مدى جواز الأخذ بشرط تجريد المدين من الزوجين أم لا، والذي مضمنه أن لا يصار إلى الأخذ من نسبة أموال الكفيل من الزوجين في الأموال المشتركة إلا بعد أن لا يبقى في ذمة الآخر أي مال من أمواله الخاصة أو المشتركة، ، فالتدقيق جد مهم في هذه المسائل، لأن الأمر يتعلق بالتزامات تثقل الذمة[39].
“…. فإن أراد أحدهما إعادة النظر في الاتفاقية ورفض الآخر أو وقع طلاق أو تطليق بينهما أو فسخ لزواجهما أو حصلت وفاة لهما أو لأحدهما، قسمت أموالهما (هذه) عن طريق التصفية ووزعت بينهما على التساوي بينهما لا فضل لأحدهما على الآخر ]أو أثلاثا للزوجة الثلثان وللزوج الثلث أو العكس،أو أرباعا للزوج الربع وللزوج الثلاثة أرباع أو العكس، أو بحسب النسبة المائوية ، ك 20 أو 40 أو 50% “. في هذا البند نركز على مسألة مهمة تتعلق بالطلاق والتطليق، فليس ضروريا- في نظرنا- أن لا تتم القسمة بين الزوجين بحسب النسب المذكورة في الوثيقة إلا بعد انحلال ميثاق الزوجية، فهذا هو ما يفهمه بعض العدول الذين يكتبون الوثيقة على الإجمال الذي رأيناه سابقا باعتبار أنها ليست عاملة إلا عند الطلاق والتطليق.
فقد يحدث أن يتفق الزوجان على قسمة ما اكتسباه بعد الزواج – بحسب النسب المذكورة بالوثيقة- بعد مرور مدة دورية محددة ، وذلك على غرار الشركات التي تحتفظ برأس المال وتقتسم الأرباح عند مرور المدة اللازمة، فتلك الأرباح تصير لأصحابها وتخرج عن ذمة الشركة.ألا ترى أن الشركاء في الشركة لا ينتظرون نهاية الشركة أو انفضاضها لسبب من الأسباب من أجل قسمة الأرباح.
وتأسيسا على ما ذكر، فإننا ندعو إلى تعيين النسبة سلفا في صدر الوثيقة بعبارة يفهم منها أن القسمة قد تأتي حال قيام الزوجية في فترة أو فترات معينة بحسب الاتفاق ، وذلك كأن يقال مباشرة بعد عبارة “على سبيل الشراكة في الشياع بينهما” الواردة في الوثيقة ما يلي :”وذلك بنسبة 50% للزوج و50% للزوجة…”، فهذا هو الأولى باعتبار أن كل واحد من الزوجين ينال حظه من الأموال المكتسبة مباشرة بعد الاكتساب الذي يلحق أحد الزوجين في ظل زوجية قائمة ، فيصبح هذا الحظ ملـكا له يتمتع به في فترة الزواج وبعدها ،وليس لازما أن يبقى المال مشاعا بين الزوجين إلا أن يتفقا على ذلك صراحة .
وبعبارة أخرى فالمسألة تتعلق بما اتفق عليه الزوجان، سواء انصب على الشياع أو القسمة. فإذا اتفقا على قسمة دورية في حال حياتهما الزوجية، فيعمل بها اختيارا أو جبرا بواسطة القضاء، وإن اتفقا على الشياع دون القسمة فلا يصار إلى هذه إلا بعد انحلال ميثاق الزوجية.
ومن جهة أخرى، ومن ناحية توثيقية صرفة تتعلق بهذا البند، فإنه انصب على آثار نصت عليها القواعد الآمرة فيطبقها القضاء سواء ذكرها الأطراف أم لا، والحال أن الوثائق إنما محلها التوثيق والشروط وليس الفقه أو التشريع اللذين لا ينبغي حشو الوثيقة بهما إلا في حالات الضرورة.
“ فإن تراجعا من ذلك يصار إلى عقد اتفاقية أخرى ولا تتجدد هذه بطريقة تلقائية؛ على أن يستحق اللاحق في السابق موتا ما ينوبه فيه بالإرث طبق الفريضة الشرعية المنصوص عليها في مدونة الأسرة …”. بخصوص مسألة الإرث الواردة في هذا البند ارتأينا أن نشرحها وفقا للمثال الآتي:
إذا اتفق الزوجان على أن لكل منهما في الأموال المكتسبة-ولو جاءت بطريق الهبة لأحدهما- نسبة 50% ثم مات هذا الزوج عن زوجته وكان قد خلف منها ابنا وبنتا، ولم يخلف من الإرث إلا منزلا وهبه عليه أخوه بعد الزواج فالزوجة والابن والبنت يرثون كل بحسب حظه الشرعي في نسبة 50% فقط في المنزل، لأن نسبة 50% الباقية تعد ملكا خالصا للزوجة سببه عقد التدبير المشترك. وهكذا فإن تصحيح الفريضة الشرعية يقضي بأن تكون السهام في المنزل كله كما يلي: للزوجة 27/48 سهما وللابن 14/48 سهما وللبنت 7/48 سهما وبحسب النسب المائوية فللزوجة %56,25 وللبنت % 14,58 وللابن 29,16 %.
خاتمة:
يرد عقد تدبير الأموال المكتسبة بعد الزواج في الدراسات القليلة التي تناولته ضمن آثار انحلال ميثاق الزوجية؛ وقد أثر هذا الموقف على طريقة صياغة هذا العقد من لدن العدول- بحسب ما اطلعنا عليه- إذ أنهم يوردون وثيقته مجملة تقتصر على ذكر ما يفيد اتفاق الزوجين على تدبير الأموال بطريقة مشتركة بنسبة معينة لكل واحد منهما[40]، فأصبحت هذه الصياغة تشكل عقدا نموذجيا[41] إما أن يتبناه الأطراف أو لا يتبنونه[42].
ومن جهة أخرى فقد أثر عدم تنظيم هذا العقد على الشك في طبيعته من طرف الباحثين، إذ قد يعتبره البعض عقدا ذا طبيعة شرعية ، وقد يعتبره البعض الآخر عقدا ذا طبيعة مدنية.
كما أفضى ذلك إلى الارتباك بخصوص الرجوع إلى القواعد المكملة له في حالة عدم تضمنه لشروط مخالفة لها؛ إذ يتم الاعتقاد للوهلة الأولى أن هذه القواعد تستقى من أحكام الشياع الواردة في قانون الالتزامات والعقود، على اعتبار أن نظام الشياع يعد الأقرب إلى هذا العقد.والحال أن هذا العقد يمكن أن ينصب على نظام آخر غير نظام الشياع كما هو شأن تلك الأنظمة الواردة في القانون المدني الفرنسي-التي ألمحنا إليها سالفا-.
ومن شأن الاعتماد على نظام من تلك الأنظمة الغربية دون مراعاة النظام العام المغربي أن يجعل من وثيقة التدبير وثيقة هجينة لا علاقة لها بالقانون المغربي ولا بالخصوصية الإسلامية.
فقد رأينا كيف أن اشتراك الذمة يعتبر من النظام العام في التشريع الفرنسي، بينما استقلال الذمة هو الذي يعتبر من النظام العام في التشريع المغربي. ولذلك فعقد التدبير المشترك يعد استثناء لا ينبغي أن يخالف النظام العام من جهة ، ولا ينبغي التوسع فيه من جهة أخرى؛ وإبراز هذا الاستثناء في الوثيقة يقتضي أن تتم الدقة والتفصيل والإحاطة في البنود المتعلقة على الخصوص بالالتزامات المشتركة وطبيعتها، وذلك مراعاة لقاعدة:”الأمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع ضاق”.
وأمام ندرة أو غياب المقررات القضائية التي من شأنها أن توضح هذا الغموض التشريعي، فلا يسعنا إلا أن ندعو المشرع إلى ضرورة تنظيم هذا العقد تنظيما مدنيا شاملا للموضوع بحيث يبين القواعد الآمرة والمكملة، وللشكل ببيان جهة ونوع القضاء المختص ومدى هذا الاختصاص، والكل في ظل رعاية عناصر المكارمة والمعاشرة بالمعروف والتسريح بالإحسان وعدم نسيان الفضل بين الزوجين.
قائمة المراجع المعتمدة
* أبو الشتاء بن الحسن الغازي الحسيني،التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة ومكتبة الأمنية، الرباط ، الطبعة الثانية 1995، الجزء الأول.
* احمد خرطة، صياغة العقود الرسمية والعرفية وفق القوانين المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، 2010.
* شهاب الدين القرافي، كتاب الفروق(أنوار البروق في أنواء الفروق)، دراسة وتحقيق مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية(محمد احمد سراج وعلي جمعة محمد) دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى 2001، المجلد4، الفرق 183، ص 1019.
* عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي،المجمع العلمي العربي الإسلامي، بيروت،1953-1954،الجزء 1.
* عبد السلام الهواري،شرح الهواري لوثائق بناني ، شركة القادريين ، فاس ، 1949.
* عبد الكبير العلوي المدغري، المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير، مطبعة فضالة ، الطبعة الأولى 1999.
* عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مكتبة دار السلام ،الرباط ،الطبعة الثانية 2010.
* العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،مطبعة كانا برينت، الرباط ،الطبعة الأولى 2009.
* العلمي الحراق،التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة ،مكتبة دار السلام، الرباط ،طبعة 2009، الجزء الثاني.
* محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1999.
* محمد أقـاش، النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة الأسرة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث: قانون الأسرة والطفولة،السنة الجامعية 2005- 2006.
* محمد القدوري. حيازة العقار وحيازة المنافع وأحكام المياه ودعاوى حماية الحيازة ، دار الأمان للنشر والتوزيع ، الرباط،الطبعة الأولى 2005.
* محمد الكشبور، الحقوق المالية للزوجين، مساهمة في الندوة الوطنية التي نظمتها جامعة عبد المالك السعدي بطنجة حول مدونة الأسرة يومي 20 و21 فبراير 2004.
* محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2006، الجزء الثاني: انحلال ميثاق الزوجية، ص 388-389.
* وزارة العدل المغربية،دليل عملي لمدونة الأسرة،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 1 .
*G.Cornu – Vocabulaire juridique – P.U.F- Paris- 1989- p 58
www.cherkaoui2006.maktoobblog.com/816067.
[1] – أصل الملك هو عبارة عن وثيقة أو سند يفيد نسبة العقار أو الحق العيني الوارد عليه إلى مالكه.
[2] – معرفة أصل الملك في العقارات المحفظة تنطلق من الإحاطة بما يتضمنه الرسم العقاري من بيانات،وقد يكون السبيل إلى ذلك إما القيام بالاطلاع على هذا الرسم العقاري بعين المكان ، وهو ما نصطلح على تسميته بالمعاينة المباشرة ؛ أو بواسطة الأنترنت عبر ولوج قاعدة بيانات إلكترونية مخصصة للاطلاع على ما يتضمنه هذا الرسم العقاري من معلومات ووثائق تخص أصحاب الحقوق، وهو ما نصطلح على تسميته بالمعاينة الإلكترونية، وقد يكون السبيل إلى الإحاطة بمندرجات الرسم العقاري مجرد الاطلاع على نسخة من هذا الرسم أو ما يسمى بالنظير، أو الاعتماد على ما تضمنته مجموعة من الشهادات المستخرجة منه مخصصة لإثبات الحقوق الواردة به.
[3] – ينص الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:”وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:
1)إقرار الخصم. =
= 2)الحجة الكتابية.
3)شهادة الشهود.
4)القرينة.
5)اليمين والنكول عنها”.
[4] – ” لما كانت القاعدة تقضي بأن الحكم يعتبر معلنا للحق الذي هو موضوع الدعوى،لا منشأ لذلك الحق ، فإن هذا يعني أن من حكم له بشيء يعتبر مالكا لذلك الشيء منذ وقوع السبب الذي اعتمد عليه المحكوم له عند المطالبة به، وأن الحكم إنما أعلن هذه الملكية ولم تنشأ بسببه”.
– محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1999، ص 346-347.
ومعنى ذلك أن الحكم القضائي النهائي الصادر في موضوع الملكية لا يعد سببا للملك، بل هو قرينة قاطعة على الملك لا يجوز دحضها بالدليل المعاكس؛ وفي ذلك ينص الفصل 453 من ق.ل.ع على ما يلي:”القرينة القانونية تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات.ولا يقبل أي إثبات يخالف القاعدة القانونية”.
ولذلك فقد نظم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بقوة الأمر المقضي التي تحظى بها الأحكام النهائية ضمن القرائن في الفصلين 451 و 452 من ق.ل.ع.
[5] – يعد رسم إحصاء المتروك – ضمن شروط معينة ومعايير محددة- أصلا من أصول الملك.
للاطلاع على هذا الموضوع انظر: العلمي الحراق،التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة ،مكتبة دار السلام، الرباط ،طبعة 2009، الجزء الثاني، ص 60 وما يليها .
[6] – تعد الحيازة في الفقه الغربي سببا للملك وليست مجرد قرينة على الملك ومظهرا من مظاهره ، ولذلك يشترط الفقه الغربي في الحيازة شرطين فقط؛ هما السيطرة الفعلية ونية التملك. وقد تأثر جل فقهاء القانون عندنا بهذه النظرة الغربية، أما التشريع فنجده من خلال مدونة الحقوق العينية مرتبكا ، فحينما عرف الحيازة وذكر آثارها فعل ذلك على أساس أنها سبب للملك، فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة 239:” تقوم الحيازة الاستحقاقية على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه”. وجاء في المادة 260 :” يترتب على الحيازة المستوفية لشروطها اكتساب الحائز ملكية العقار”، كما أنه ذكرها ضمن القسم الأول من الكتاب الثاني المعنون ب: أسباب كسب الملكية. ولكنه حينما ذكر شروطها استقاها من الفقه المالكي الذي سطر تلك الشروط بناء على اعتباره الحيازة قرينة على الملك ومظهرا من مظاهره وشاهدا عرفيا عليه، وهكذا جاء في المادة 240 من مدونة الحقوق العينية ما يلي:” يشترط لصحة حيازة الحائز:
1- أن يكون واضعا يده على الملك؛
2- أن يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه،
3- أن ينسب الملك لنفسه، والناس ينسبونه إليه كذلك؛
4- ألا ينازعه في ذلك منازع؛
5- أن تستمر الحيازة طول المدة المقررة في القانون؛
6- وفي حالة وفاة الحائز يشترط بالإضافة إلى ذلك عدم العلم بالتفويت”.
– وللاطلاع على الرأي الصائب في هذه المسألة الذي يقضي بأن الحيازة قرينة على الملك ومظهر من مظاهره انظر : محمد القدوري. حيازة العقار وحيازة المنافع وأحكام المياه ودعاوى حماية الحيازة ، دار الأمان للنشر والتوزيع ، الرباط،الطبعة الأولى 2005، ص 65 وما بعدها.
وهذا الرأي يجد سنده في الفقه المالكي؛ ذلك أن الحيازة المجردة – في هذا الفقه- لا تدل على الملك ولا تعتبر حجة ولا سندا للملك ما لم تكن مستندة إلى شراء أو هبة ونحو ذلك ؛ قال ابن عرضون: ” الذي جرى به العمل بفاس أن تنسخ رسوم الأصول (أي الرسوم المثبتة للتملك) فوق عقد الشراء، فإن لم تكن رسوم للأصول فاستمرار الملك (الحيازة)؛ويكتب في ذلك(في الوثيقة العدلية) ما نصه:”وبأن علم المشتري أن لا أصول إلا استمرار الملك فدخل على ذلك ورضي به.”…ولو لم يعلم بذلك المشتري إلا بعد العقد ولم يرض به لم يلزمه البيع فالرسوم(أي رسوم الهبات والأشرية والتفويت بعامة) على هذا أقوى من استمرار الملك وحده…”.
– انظر: أبو الشتاء بن الحسن الغازي الحسيني،التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة ومكتبة الأمنية، الرباط ، الطبعة الثانية 1995، الجزء الأول، ص 171.
[7] – من العقود الأخرى التي تعد أسبابا للملك وتعد رسومها مستندات كافية- بحسب الأصل- يمكن نقل الملكية بناء عليها نذكر عقود المناقلة والتولية والتصيير والإقالة والمغارسة والصلح والجعالة والاعتصار والنحلة.
لكن رسوم الأشرية والهبات وما شاكلها من رسوم التفويت عامة،وإن كانت تعتبر أصولا قوية في التملك…إلا أن إفادة هذه الرسوم للملك ليس على إطلاقه،إذ أنه ينبغي أن تستند هي نفسها إلى أصول تملك معتبرة، فالتفويتات المجردة عن هذه الأصول لا تفيد الملك ولا تدل عليه. =
= وهذا ما ذهب إليه الفقهاء والموثقون من أن “الشهادة بالابتياع (أو التفويت عامة) لا توجب ملكا ولكن توجب اليد (أي الحيازة)…لأن الشراء يكون من المالك وغيره…وقول الموثق اشتراه ممن كان بيده لا يفيد ملكية لبائعه لأن كونه بيده(أو في حيازته) أعم من كونه ملكا له والأعم لا إشعار له…”.
– عبد السلام الهواري،شرح الهواري لوثائق بناني ، شركة القادريين ، فاس ، 1949، ص 144.
وعليه، فإن مشرع مدونة الحقوق العينية وقع في الغلط عندما ذكر في الفقرة الثانية من المادة 3 ما يلي:”لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية”. ومحل الغلط هو إتيانه بحرف الواو بدل حرف أو، فقد كان عليه أن يقول “أو حاز”بدل “وحاز”.
[8] – الذمة -حسب جانب من الفقه الفرنسي- هي مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات حاضرة ومستقبلة.
Le patrimoine : « Ensemble des biens et des obligations d’une même personne(c’est-à-dire ses droits et charges appréciables en argent) de l’actif et du passif envisagé comme formant une universalité de droits, un tout comprenant non seulement ses biens présents, mais aussi ses biens à venir ».
– G.Cornu – Vocabulaire juridique – P.U.F- Paris- 1989- p 585.
وهي في الفقه الإسلامي ترادف أهلية الوجوب . يقول الأستاذ عبد الرزاق السنهوري في تعريفها:”الذمة في الفقه الإسلامي هي وصف شرعي يفترض الشارع وجوده في الإنسان ويصير به أهلا للالتزام، أي صالحا لأن تكون له حقوق وعليه واجبات، ولما كانت هذه الصلاحية التي ترتبت على ثبوت الذمة يسميها الفقهاء بأهلية الوجوب إذ يعرفون هذه الأهلية بأنها صلاحية الإنسان للحقوق والواجبات المشروعة…”.
– مصادر الحق في الفقه الإسلامي،المجمع العلمي العربي الإسلامي، بيروت،1953-1954،ج 1، ص 20.
وبالرغم من ذلك فإن بين الذمة وأهلية الأداء تمييزا دقيقا ذكره القرافي في الفرق 183 بين قاعدة الذمة وقاعدة أهلية المعاملة،قال القرافي:”وتحقيق التغاير بينهما أن كل واحدة من هاتين الحقيقتين أعم من الأخرى من وجه وأخص من وجه، فإن التصرف =
= يوجد بدون الذمة، والذمة توجد بدون أهلية التصرف…ويجتمعان معا…فالصبيان عندنا(يقصد المالكية) المميزون يصح بيعهم وشراهم ويقف اللزوم على إجازة الولي…واتفق الجميع على عدم الذمة في حقه…فهذا القسم حصل فيه أهلية التصرف عندنا…من غير ذمة له عند الجميع، وتوجد الذمة بدون أهلية التصرف كالعبيد فإنهم محجور عليهم لحق السادات…وتوجد أهلية التصرف والذمة معا في حق الحر البالغ الرشيد فإن له أهلية التصرف وله ذمة…”.
– انظر : شهاب الدين القرافي، كتاب الفروق(أنوار البروق في أنواء الفروق)، دراسة وتحقيق مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية(محمد احمد سراج وعلي جمعة محمد) دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى 2001، المجلد4، الفرق 183، ص 1019.
[9] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2006، الجزء الثاني: انحلال ميثاق الزوجية، ص 388-389.
[10] – والمكارمة بين الزوجين مستفادة من عدة آيات قرآنية، ومن ذلك ما يتعلق بالمعاشرة بالمعروف الواردة في قوله تعالى :
” وعاشروهن بالمعروف “ من الآية 19 من سورة النساء.
[11] – نظم القانون المدني الفرنسي –مثلا- أموال الزوجين وفق ما يلي:
– الشيوع القانوني للأموال La communauté légale ( المواد من 1400 إلى 1491).
– الشيوع الاتفاقي للأموال La communauté conventionnelle الذي تتم بمقتضاه مخالفة الشيوع القانوني باتفاقات خاصة بين الزوجين ( المواد من 1497 إلى 1527).
– نظام الأموال المنفصلة Régime de séparation des biens (المواد من 1536 إلى 1543).
– نظام الاشتراك في الأموال المكتسبة بعد الزواج Régime de participation aux acquêts ( المواد من 1569 إلى 1581).
– للاطلاع على شرح وتحليل تلك الأنظمة، انظر: الحسين الملكي ، قراء في المادة 49 من مدونة الأسرة المنظمة للأموال الأسرية: محدودية تفعيل النص القانوني على أرض الواقع، في الموقع الإلكتروني:
. www.cherkaoui2006.maktoobblog.com/816067
حسبما تم الاطلاع عليه بتاريخ : 02 يناير 2013.
[12] – وزارة العدل المغربية،دليل عملي لمدونة الأسرة،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 1، ص 44.
[13] – الهدف من سن هذا المقتضى هو عدم وقوع المرأة ضحية للثقة العمياء في زوجها الذي قد يتملك مواردها الاقتصادية المستقلة بدون وجه حق.
[14] – محمد أقـاش، النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة الأسرة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث: قانون الأسرة والطفولة،السنة الجامعية 2005- 2006، ص91.
[15] – ينص هذا الفصل على ما يلي:”الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”.
[16] – سواء تم الشراء بعد الدخول بها أو قبله بحسب ما يقع عليه الاتفاق.
[17] – يثبت الشراء لكل من الزوجين بفواتير الشراء وتاريخها.
[18] – عبد الكبير العلوي المدغري، المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير، مطبعة فضالة ، الطبعة الأولى 1999، ص: 79-80.
[19] – محمد الكشبور، م س ، ص 387-388.
[20] – محمد الكشبور، الحقوق المالية للزوجين، مساهمة في الندوة الوطنية التي نظمتها جامعة عبد المالك السعدي بطنجة حول مدونة الأسرة يومي 20 و21 فبراير 2004.
[21] – التدبير مثل أن يتفق الزوجان على أن مدخول أحدهما يصرف في شؤون المعيشة ومدخول الآخر يستثمر في التجارة.
[22] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، م س ، ص 388.
[23] – محمد أقاش، م س ، ص88.
[24] – محمد أقاش، م س ، ص91.
[25] – الفصول من 960 إلى 981.
[26] – إذا كان عقد التدبير المشترك مجملا فإنه عادة ما يأتي في الوثائق العدلية ضمن صيغة تشبه الصيغة التالية: “حضر لدى شهيديه الزوجان…المذكوران برسم الزواج المؤرخ في….وأشهدا أن كل أموالهما المكتسبة بعد الزواج تعد أموالا مشتركة بينهما بنسبة 50% لكل واحد بينهما…عرفا قدره…”.
وفي الوثائق العرفية أو الوثائق التي يكتبها الموثقون – بحسب ما اطلعنا عليه- تأتي وثيقة تدبير الأموال المكتسبة محررة ضمن بنود مفصلة تقتصر على ذكر المقتضيات التي ليست في حقيقتها إلا تذكيرا بالقواعد الآمرة المشتقة من المادة 49 أو من النظرية العامة للعقد المضمنة في قانون الالتزامات والعقود. ولا تأتي هذه الوثائق على ذكر النظام المالي المتفق عليه إلا في بند واحد لا ينتفي معه الإجمال، وهكذا يمكن أن يأتي البند ضمن الصيغة التالية:” يلتزم الزوجان بأن كل ما سيكتسبانه وانطلاقا من تاريخ هذا العقد من أموال نقدية أو عينية وعقارات ومنقولات أو غيرها أثناء قيام العلاقة الزوجية فستقسم بينهما بالتساوي لا فضل لأحدهما على الآخر“.
– انظر: احمد خرطة، صياغة العقود الرسمية والعرفية وفق القوانين المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، 2010، ص 179.
والعدول أو الموثقون أو الأطراف الذين يحررون العقد وفق إحدى الصيغتين أعلاه إنما ينطلقون من الظن بأن تطبيق مقتضياته لا يكون إلا عند الطلاق أو التطليق، والحال أنه يمكن أن يحدث نزاع بشأن تأويل مقتضياته إبان حياة زوجية قائمة، فقد يقترض الزوج من شخص مالا رجاء أن ينمي هذا المبلغ عن طريق مشروع تجاري يعود بالربح على الزوجين معا، فهل تعتبر الزوجة شريكته في هذا الالتزام لمجرد أن المشروع إذا نجح سيكسبهما معا أموالا مشتركة ؟ أم لابد أن يحدد في العقد ما يفيد التزامها صراحة؟
[27] – جاء في الفصل 891 من قانون الالتزامات والعقود ما يلي:”الوكالة الخاصة هي التي تعطى من أجل إجراء قضية أو عدة قضايا أو التي لا تمنح الوكيل إلا صلاحيات خاصة.
وهي لا تمنح الوكيل صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى القضايا أو التصرفات التي تعينها وكذلك توابعها الضرورية وفقا لما تقتضيه طبيعتها أو العرف المحلي”.
[28] – جاء في الفصل 893 من قانون الالتزامات والعقود ما يلي: “الوكالة العامة هي التي تمنح الوكيل صلاحية غير مقيدة لإدارة كل مصالح الموكل، أو هي التي تمنحه صلاحيات عامة غير مقيدة في قضية معينة.
وهي تمنح الصلاحية لإجراء كل ما تقتضيه مصلحة الموكل وفقا لطبيعة المعاملة وعرف التجارة، وعلى الأخص قبض ما هو مستحق له، ودفع ديونه، واتخاذ كل الإجراءات التحفظية، ورفع دعاوى الحيازة، (الدعوى التصرفية ) ورفع الدعاوى أمام القضاء على المدينين وحتى التعاقد الذي من شانه تحميل الموكل بالالتزامات في الحدود التي يقتضيها تنفيذ المعاملات التي كلف الوكيل بإجرائها”.
[29] – وقد قلنا : “بحسب الأصل” لأن الوكالة العامة بدورها لا تشمل بعض المقتضيات التي لم يذكرها الأطراف صراحة. ومن قبيل ذلك ما جاء في الفصل 894:”لا يجوز للوكيل، أيا ما كان مدى صلاحياته، بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة، ولا إجراء الإقرار القضائي ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى، ولا قبول الحكم أو التنازل عنه، ولا قبول التحكيم أو إجراء الصلح، ولا الإبراء من الدين، ولا تفويت عقار أو حق عقاري ولا إنشاء الرهن رسميا كان أم حيا زيا، ولا شطب الرهن أو التنازل عن الضمان ما لم يكن ذلك في مقابل الوفاء بالدين، ولا إجراء التبرعات ولا شراء أو تفويت لأصل تجاري أو تصفيته. ولا التعاقد على إنشاء شركة أو شياع، وكل ذلك ماعدا الحالات التي يستثنيها القانون صراحة”.
[30] – يطرح الاختصاص في عقد تدبير الأموال إشكالا كبيرا، فهل يختص قسم قضاء الأسرة بالحكم باقتسام الزوجين للأموال المكتسبة بعد الزواج وذلك في حالة التطليق ؟ وهل الإذن بالطلاق ينبغي أن يرد فيه ما يوجب اقتسام الأموال بالرغم من أن الإذن لا يعد طلاقا؟ وهل يضمن العدلان بوثيقة الطلاق مقتضيات ما جاء في ذلك الإذن إن قضى بقسمة الأموال بالرغم من أن وثيقة الطلاق تعد شرعية وليست مدنية؟ وهل يدخل نصيب المطلقة من الأموال المكتسبة في دائرة الحقوق الشرعية المترتبة عن الطلاق أو التطليق؟ وهل تمتد ولاية أقسام قضاء الأسرة إلى مقتضيات مدنية وتجارية أخرى مما يخرج عن موضوع الطلاق والتطليق؟ وإذا تم رفع دعوى تتعلق بعقد التدبير المالي إلى الغرفة المدنية بالمحكمة الابتدائية أو بالمحكمة الابتدائية المدنية(المحكمة المصنفة)، و رفع دعوى أخرى تتعلق بالتطليق إلى قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية أو بالمحكمة الابتدائية الاجتماعية(المصنفة) فهل يمكن إزاء ذلك الدفع بالإحالة الوارد في الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية بحسب ما ورد على هذا القانون من تتميمات أو تغييرات أو تعديلات؟ويتعلق بالاختصاص إشكالات أخرى من قبيل ما يرتبط بالقضاء الفردي أو الجماعي، وقيمة النزاع وغيرها.
ونحن نرى ، أمام ندرة أو انعدام المقررات القضائية في هذا المجال ، وخاصة قرارات محكمة النقض،أن قسم قضاء الأسرة لا يختص إلا بالتطليق أو الطلاق والحقوق الشرعية ( المالية) المتعلقة بهما، ولا يدخل ضمن اختصاص هذه الأقسام ما تعلق بالقضايا المدنية، ومنها تلك المنبثقة عن عقد التدبير المشترك.
[31] – ذكرنا الموثقين إلى جانب العدول، مع أن وثيقة التدبير المشترك لا تعتبر أصلا للملك إلا أن ترد على عقـار غـير محـفظ – بحسب شروط وتفصيلات ليس هذا موقعها- وذلك لأنه لا يوجد مانع يمنع الموثقين من تحرير العقود المتعلقة بالعقارات غير المحفظة في بعض الحالات الاستثنائية كتلك المنصوص عليها في الفصل 3-618 من قانون الالتزامات والعقود فيما يتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز،وفي المادة الأولى من القانون 00-51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار،وفي المادة الأولى من قانون 00-18 المنظم للملكية المشتركة.
– للمزيد من التفصيل في هذا الموضوع انظر: عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مكتبة دار السلام ،الرباط ،الطبعة الثانية 2010، ص 88 وما يليها.
[32] – إذا صدر حكم نهائي يقضي باستحقاق شخص (لعقار أو لحق عيني واقع عليه) فإن هذا الشخص يعتبر مكتسبا لذلك (العقار) أو الحق.ويمكنه أن يتصرف فيه…كما يمكن أن يطلب تحفيظه إن كان غير محفظ، ويستند في ذلك إلى الحكم النهائي الذي يغني عن كل ما يثبت حقه في كل ما حكم له به…
ومع أن الحكم القضائي النهائي في موضوع الملكية يعتبر معلنا للملكية وقرينة قاطعة عليها، لا منشأ لها ولا سببا فيها،إلا أن له آثارا لا يستهان بها في إفادة الملكية تجعلنا نعتبره أصلا قويا للتملك، ومن هذه الآثار نذكر أن الحكم يطهر ذلك السبب (الذي استند إليه) من العيوب التي كانت تشوبه ، بحيث لو فرضنا أن شخصا طالب بملكية…عقار، واستند في طلبه هذا إلى عقد شراء تشوبه عيوب تجعله باطلا، كأن يكون السبب غير مشروع، لكن ذلك لم يثر أثناء الدعوى، فصدر حكم نهائي باستحقاق المدعي لذلك(العقار) فإن ملكية هذا المحكوم له بذلك(العقار) تصبح متطهرة من ذلك العيب، لأن ملكيته أصبحت تستند إلى ذلك الحكم النهائي لا إلى ذلك العقد الذي كان سببه غير مشروع.
انظر : محمد ابن معجوز، م س، ص 346-347.
=
= هذا بالنسبة للحكم القضائي، أما الرسم العقاري فنستشف خاصية التطهير التي تميزه من خلال الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري حسبما غير وتمم بمقتضى المادة الأولى من قانون رقم 07-14 الذي ينص على ما يلي : “إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة”.
[33] – إيراد الوثيقة هنا لا يعني أننا ندعو الزوجين إلى إبرام عقد التدبير المشترك، فالزواج ميثاق غليظ يبنى على الفضل والمكارمة والمودة والرحمة ويسمو على العقود المدنية التي تبنى على التفاوض والمشاحة ، وعوضا عن هذا العقد يمكن للزوجين رعاية لمقاصد الشريعة من الزواج وإقرارا بالفضل بينهما أن يهب الغني منهما على الفقير أو أن يبرما شركة تجارية بينهما في إطار التشريع المتعلق بالشركات لا في إطار عقد التدبير المشترك . وأيضا يمكن للمحاكم عند الفصل بين الزوجين ، أن تسير في إطار القواعد العامة التي يتضمنها ق.ل.ع وفي إطار المذهب المالكي مع مراعاة قواعد المساواة والعدل والمعاشرة بالمعروف كما هو منصوص عليه بالمادة 400،ومن تلك القواعد ما يعرف بمفهوم الكد والسعاية الذي يجري عليه العرف في بعض المناطق بالمغرب.
[34] – وقد قلنا : ” من المفترض أن ينهجها العدول…” لأن الغالب أن العدول يكتبون هذه الوثيقة بصفة مجملة لا ينبغي الاعتداد بها – في نظرنا- أو لا يكتبونها أصلا.
[35] – انظر : العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،مطبعة كانا برينت، الرباط ،الطبعة الأولى 2009،ص 196-197. وما بين القوسين من كلامنا، وما بين المعقوفتين من كلام المؤلف .
وقد أورد المؤلف شرحا لبنود الوثيقة بكتابه: التوثيق العدلي ، م س، ص 201 وما بعدها.
[36] – العلمي الحراق، التوثيق العدلي، م س، ص 204.
[37] – أضفنا ما بين القوسين احترازا من أن تشمل الأموال المكتسبة ما وصل إلى الزوجين بطريق غير شرعي كالعقارات المغتصبة،أو التي انبنت ملكيتها على التدليس أو الغش.
[38] – فلا تطبق هنا قاعدة الغرم بالغنم إلا إذا تم النص على فروعها صراحة.
[39] – هذا بالإضافة إلى صعوبة العثور على قواعد مكملة واضحة يرجع إليها عند عدم ورود ما يخالفها بالعقد. وهذا يعيق مهمة القضاء في حالة عدم التفصيل، ويجعله غير متأكد من رعاية مصالح الطرفين وما ذهبت إليه إرادتهما المشتركة.
[40] – جرى العمل على تحديد هذه النسبة في النصف في الغالب- بحسب ما اطلعنا عليه -.
[41] – ولسنا هنا ضد العقد النموذجي، بل نحن ندعو إلى سيادة عقود نموذجية متعددة مفصلة بحسب الحالات الممكنة ،و ننصح العدول والموثقين والأطراف بتبني النموذج الذي يناسبهم مع إمكانية إدخال التعديلات المناسبة عليه، فهذه طريقة حضارية في إنشاء الوثائق تؤدي إلى التريث قبل العقد والاطمئنان بعده.
[42] – وكلما هم العدل ببيان أوجه العقد وتشعيباته للأطراف – إن كان على علم بها- إلا وتجد الزوج ينكص في الغالب ويتراجع، ولذلك فالزوجة تقـنع بأن يرد العقد بصيغة مجملة حتى تضمن الحكم لها بالنسبة المعينة عند الطلاق أو التطليق.