تقديم
يسعدني غاية السعادة وأنا أقدم لعنوان مجلة المنارة هذا، الذي يخصص لموضوع قضايا الضريبة أو “قضايا ضريبية” في جوانب هامة من مجالاتها وآلياتها وأدواتها بل وقضائها. والضريبة كموضوع مرجعي في التناول، تظل لها أكثر من دلالة؛ إن على المستوى التاريخي، باعتبارها أحد محددات بناء وتطور الدولة وضبط العلاقة بين هذه الأخيرة والمواطن؛ أو على المستوى السياسي، باعتبارها أحد محددات الفعل السيادي للدولة وأحد مبررات وجوده؛ أو على المستوى القانوني، باعتبارها أحد محددات التمظهر الزجري لآليات التحصيل الضريبي للسلطات العمومية؛ أو على المستوى المالي، باعتبارها أحد محددات التوريد التقليدي للموارد العمومية؛ أو على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، باعتبارها أحد محددات الآلية المنوط بها أمر الإسهام في تحقيق الشروط المتطلبة للتنمية المجتمعية.
أيضا، فإن تقديم عدد خاص بالشأن الضريبي يبقى له طبيعة خاصة ومميزة، لأن موضوعات باحثيه ستلامس فعلا كما سيطلع على ذلك القارئ الكريم، الجوانب الخاصة بأهمية الضريبة، وجبايات العقار الخاصة بها، والجانب المتعلق بتحصيلها، والتقنيات المدمجة لتدبيرها، وفعالية سياساتها، وكذا الجانب الخاص بالمنازعة في الضريبة ودور القضاء الإداري في هذا المجال. بمعنى، أن الأقلام التي ساهمت في هذا العدد، كانت وإلى أبعد الحدود موفقة في إحداث التكامل الممتع والجامع، لمن يريد أن يطلع على قضايا الضريبة في جانب كبير من تقاطعاتها ذات الطبيعة القانونية أو الاقتصادية أو الإدارية أو القضائية.
إن أسماء كل من “الحسين كتيف”، و”يونس مليح”، و”السعدية شنوف”، و”رشيدة عدي”، و”أحمد إفقيرن”، و”صديق الحطاب”، و”عبد الجبار المراكشي”، و”زكريا جواد”، و”نبيل الإدريسي الزكاري”، والتي أعرف بشكل خاص وقريب فيها كلا من اسمين عزيزين هما اسمي رشيدة عدي ويونس مليح، هي بالنسبة إلى نماذج موفقة ليس فقط للباحثين في مجال الضريبة وإشكالاتها، بل لمريدي هذه الأخيرة والمهتمين بشؤونها وقضاياها. هذه الشؤون والقضايا، التي لم تفتأ كل يوم تتطور وتعرف أكثر من مستجد في مختلف مسارات وتطورات الضريبة، والتي سيظل الاهتمام بها أكثر من مطلوب في كل مسعى لتحقيق الشروط المتطلبة للتنمية.
فلتكن هذه الباكورة العلمية، إضافة نوعية من قبل هؤلاء الباحثين الذين ذكرتهم بأسمائهم، والذين أكن لهم كل التقدير والمودة لأنهم أعطونا عملا متكاملا يهم “قضايا ضريبية” متعددة المجالات والأبعاد، وذات أهمية أكثر من مطلوبة بالنسبة للباحث والممارس والمواطن. ولتكن هذه الباكورة البحثية أيضا، إضافة نوعية مميزة لمنارة العرفان في مجال له أهميته وهو المجال الضريبي، والذي سيظل في حاجة إلى المزيد من الجهد العلمي والعملي، حتى نجعل من الضريبة الآلية المطلوب الاعتداد بها والتعامل معها أكثر للتكريس الفعلي لسلوك المواطنة والإرساء العملي لدولة الحق والقانون.
الدار البيضاء، يومه السبت 1 فبراير 2020
الدكتور سعيد جفري
أستاذ باحث بجامعة الحسن الأول- سطات