Site icon مجلة المنارة

لشرق الأوسط بين الخلاف الأمريكي والتوافق الروسي إيران أنموذجا.

 

الشرق الأوسط بين الخلاف الأمريكي والتوافق الروسي إيران أنموذجا.

the Middle East between the US dispute and the Russian consensus Iran as a model.

زكاغ  جمال: zougagh jamal

طالب باحث بسلك الدكتوراه السنة الثالثة.

تخصص: القانون العام

شعبة: العلاقات الدولية

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الاول بوجدة- المغرب.

Gmail : jzougagh1987@gmail.com

 

أدت مجموعة من العوامل الى تفاقم الازمات في الشرق الاوسط، مما ادى للتدخل الامريكي في المنطقة  وأصبح العمل على هذه العوامل سمة اساس السياسة الامريكية لإدارة أزمات الشرق الاوسط، ومن بينها الأزمة النووية الايرانية التي تشكل في نظر الولايات المتحدة تهديد واضح لأمنها ونفوذها في المنطقة، إذ يرى صناع القرار في السياسة الخارجية الامريكية أن امتلاك ايران للأسلحة النووية يشكل خطرا قائما يهدد مصالحها الاقليمية، ولهذا فإن الهاجس الايراني يتبوأ اعلى درجات اولويات اهتمام السياسة الامريكية، محاولة في ذلك خنق هذا  الطموح الايراني.

على غرار هذه التوترات التي تعرفها المنطقة، بدأ التقارب الروسي الايراني وأصبحت روسيا في ضل  تلك التطورات مدفوعة للحضور بقوة  في المنطقة، لمواجهة الازمات التي تحدق بالشرق الاوسط باعتبارها كفاعل دولي يستطيع ان يوازن الدور الامريكي في المنطقة.

كلمات مفتاحية: الشرق الاوسط، السياسة الامريكية، التوافق الروسي، التقارب الاستراتيجي.

Agroup of factors exacerbated the crises in the Middle East, which led to American intervention in the region, and work on these factors has became a main feature of the American policy for managing Middle East crises, among them the Iranian nuclear crisis, which in the eyes of the United States poses a clear threat to its security and influence in the region.

Policymakers see in US foreing policy that Iran’s  possession of nuclear weapons poses a persistent threat to its regional interests, and for this reason, the Iranian obsession is the highest priority of US policy attention, trying to stifle this Iranian ambition.

Similar to these tensions in the region, the Russian-Iranian rapprochement began, and Russia became in the light of these developements driven to attend  strongly in the region, to confront the crises that beset the Middle East as an international actor that can balance the American role in the region.

Key words : Middle East, American Policy, Russian compatibility, Strategic convergence.

 

مقدمة عامة

عرفت العلاقات الدولية تنافسا كبيرا بعد الحرب الباردة، وذلك بغية تحقيق المصالح الخاصة  للدول، فالخاصية المميزة لتلك العلاقات بين الدول هي استخدام القوة، وهذه هي النظرة الواقعية للعلاقات الدولية المهيمنة على الفكر الاستراتيجي  الدولي[1] وتعد الولايات المتحدة كدولة تفرض هيمنتها على العالم وتحاول إعادة هندسة البناء الدولي[2].

تعتبر منطقة الشرق الاوسط من بين المناطق التي دأبت إليها أمريكا لتحقيق أهدافها ولاسيما بعد التحول الذي حصل في النظام الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة، باعتبارها منطقة تتمتع بأهمية جيوسياسية كبيرة مقارنة بباقي دول العالم مما دفع بالولايات المتحدة لبسط نفوذها على المنطقة، وسيطرتها  على مجريات التحولات الاقتصادية  والاستراتيجية  فيها، وجاء هذا التواجد الأمريكي في المنطقة نتيجة توفرها على ثلاثة عوامل رئيسية تتجلى في الموقع الجغرافي والاستراتيجي للمنطقة، والثروة النفطية التي تمتلكها، إضافة الى كون المنطقة تشكل البطن الرخو في النظام العالمي[3].

إن المساعي الأمريكية للهيمنة على الشرق الأوسط، ترجع وبالأساس الى خشيتها من انضمام بعض دول المنطقة الى النادي النووي[4]،  ومن بينها إيران التي تعتبر مصدر تهديد وقلق للولايات المتحدة في المنطقة ولأمن إسرائيل[5] كما انها في نظر امريكا دولة تزعج كثيرا من القوى الإقليمية والدولية في ارتباطها بتكريس حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط خدمة لأجندات خاصة تدعم التمدد والهيمنة عبر السبل الناعمة والخشنة أيضا[6].

على غرار التدخل الامريكي في الشرق الاوسط والخلاف مع بعض الدول الإقليمية التي تعتبر مهددة لمصالح امريكا الحيوية، أدركت روسيا حقيقة  هذا الخلاف الأمريكي الإيراني ونتائجه السلبية واستغلت ذلك لاستعادة أمجادها كدولة تستطيع أن توازن الدور الأمريكي في الشرق الاوسط[7].

إن التدخل الروسي في الشرق الأوسط جاء عبر سوريا البوابة الشمالية للمنطقة ومفتاح الاستقرار الروسي، وجاء أيضا عبر إيران البوابة الشرقية للشرق الأوسط في ضل التقارب الاستراتيجي  بين البلدين لحماية المصالح الروسية في المنطقة[8].

ان هذه المنطقة المحفوفة بهذه الدوائر الجغرافية المتقاربة تزداد أهمية بالنسبة لروسيا وخصوصا مع التواجد الأمريكي في أطرافها، كما أن التوجه السياسي الروسي في الشرق الأوسط انطلق من محددات عديدة تمكنه من إثبات وفرض  الوجود  الروسي في المنطقة، ومن بين هذه المحددات عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، وعضويتها في  الرباعية الدولية، ويأتي  تواجد روسيا في  الشرق الاوسط كنتيجة لتوطيد التقارب بين حلفاءها في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز الدور الروسي في المنطقة، ومجابهة التواجد الامريكي في الشرق الاوسط، وهذا الواقع تم تأكيده من خلال تدخلها في أزمات المنطقة  وبالأحرى الازمة السورية، بالإضافة الى انضمامها لأزمة البرنامج النووي الايراني[9] الذي يعتبر اساس الخلاف مع الولايات المتحدة الامريكية ومصدر ازعاج بالنسبة لها وخطر يهدد مصالحها  في الشرق الاوسط ولهذا تم منح هذه الازمة اعلى درجات الاهتمام في السياسة الخارجية الامريكية لكونها تمثل بحسب تعريف كيسنجر للازمة الحالة التي قد تسبق “الانفجار” المتمثل في فرض ايران نفسها دولة نووية في الشرق الاوسط، وهذا ما جعل امريكا تتدخل لخنق هذا الطموح الايراني[10].

انطلاقا من هذه التوترات والخلافات  التي تعرفها المنطقة،  اعتمدنا الاشكالات التالية:

ماهي العوامل المساهمة في تعميق الصراع في الشرق الاوسط؟ وماهي تجليات الخلاف الامريكي الايراني؟ وما مدى مساهمة هذا الخلاف في التقارب الروسي الايراني؟

بالموازاة مع هذه الاشكالات المطروحة ارتأينا  الى تقسيم هذه الدراسة الى ثلاثة محاور رئيسية، فقد أشرنا في المحور الاول الى عوامل الصراع في الشرق الاوسط، و في المحور الثاني تحدثنا عن امريكا وايران والخلافات المستمرة، وفي المحور الثالث والاخير تطرقنا للتوافق الروسي الايراني وفق التقارب الاستراتيجي.

 

 

عوامل الصراع في الشرق الأوسط.

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق التي تلعب دورا كبيرا في العلاقات الدولية، فبعد أن كانت أوروبا مكانا للصراعات الدولية أثناء الحرب الباردة، انتقل ذلك وبحكم مجموعة من العوامل إلى الشرق الأوسط الذي أصبح يعاني تشرذما وتضاربا داخليا، الأمر الذي أتاح لأمريكا التدخل في شؤون المنطقة انطلاقا من تلك العوامل التي شكلت بيئة ملائمة لنشوء تلك الأزمات في الشرق الأوسط[11]، وسأحاول التطرق في هذا المحور إلى ثلاث عوامل أساسية المتمثلة أساسا في العامل الجيوثقافي والعامل الجيواقتصادي، والعامل الأمني.

1-دور العامل الجيو ثقافي في تسييد النزاع الشرق أوسطي.

تتميز منطقة الشرق الأوسط عن باقي المناطق بتلك الخصائص الجيو ثقافية المستوحاة من العمق التاريخي الذي تمتلكه المنطقة، ومع ظهور وانتشار الحضارة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، أصبح هذا الأخير، يشكل سلطة سياسية واحدة باعتباره إقليميا جغرافيا للمسلمين[12]، وعلى إثر ذلك بدأ المنظور الغربي يتجسد أكثر لهذا التجمع الجغرافي في المنطقة حيث اعتبره انعكاسا لتلك الوحدة الجيو ثقافية مما ولد انطباعات لدى الغرب أدت إلى توسع استعماري أدى إلى تفكك جيو ثقافي في المنطقة، تجلى في ظهور الدول القومية وإفشال التكامل الإقليمي، إذ أصبح يفرض على كل دولة قومية هوية خاصة ومصادر تاريخية لصياغة مشروعها[13].

بالرغم من هذا التمزق الثقافي الذي عرفته المنطقة يبقى الدين الإسلامي كموروث ثقافي وكعامل بين معظم شعوب المنطقة حتى اعتبرت بعض الدراسات أن مصطلح الشرق الأوسط ما هو إلا تفريغا لمصطلح أكثر اتساعا هو العالم الإسلامي[14]، وفي إطار المقاربة التي تعتمدها السياسة الأمريكية في نظرتها للمنطقة إلى وجود انقسامات في العالم الإسلامي، فهي تعمل على تشجيع هذه الانقسامات لإضعاف قدرة العالم الإسلامي لكي لا يصبح قوة واحدة تواجه السياسة الأمريكية[15].

إن الهاجس الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية بدأ مع بروز الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط

منذ نجاح الثورة الإيرانية لسنة 1979، وتعزز هذا الهاجس أيضا بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001، التي أعطت درسا للأمريكيين يتجلى في أن بعد المسافة عن مناطق النزاع لا تعني عدم التعرض للمخاطر[16]، وهذا ما دفع أمريكا إلى إنشاء استراتيجيات تتعامل بها مع الشرق الأوسط على أنه مفرخة الإرهاب محاولة الربط بين “الإرهاب” والتشدد الإسلامي والعنف السياسي.

إن النظرة الأمريكية للمنطقة جوبه بنظرة مستهجنة من شعوب الشرق الأوسط، وأعادت إلى الأذهان عقلية المؤامرة التي تحاك من قبل أمريكا على الدوام للمنطقة وشعوبها مما عقد الأوضاع الراهنة، بل وساهم في نشوء أزمات استعصت على الحل على اعتبار أن كل طرف يواجه الطرف الآخر، مما دفع بالولايات المتحدة إلى تطوير رؤيتها للإرهاب في الشرق الأوسط ومحاربته عن طريق العمليات العسكرية الوقائية وبناء التحالفات لمواجهة الخطر الإرهابي[17].

2-أهمية الأطماع الاقتصادية في زيادة الصراع الشرق أوسطي.

على غرار العامل الجيو ثقافي الذي يعتبر من العوامل التي جعلت من منطقة الشرق الأوسط محل اهتمام الدول الغربية، نجد أيضا العامل الجيو اقتصادي الذي يعد عاملا استراتيجيا وحاسما بالنسبة للمنطقة، بحيث تتوفر تلك المنطقة على زخم هائل من الموارد الطاقوية وعلى رأسها النفط، إذ تنتج تلك المنطقة النفط بنسب عالية، كما تتوفر على أكبر احتياطي في العالم يصل إلى 64% مقارنة بالدول الأخرى، مما أعطى للمنطقة أهمية جيوإستراتيجية وجعلها  منطقة تمركز وتنافس بين القوى الدولية الكبرى ومكان للصراعات والتصادمات من أجل تحقيق أهدافهم[18].

إن تلك الصراعات والمنافسة في الشرق الأوسط بين الدول الكبرى يجعل من الدول النفطية دول مبعثرة في المنطقة، وتعيش أسوأ حالاتها بسبب العلل الاقتصادية التي تشكل ما يسمى بلعنة الموارد، على عكس بعض الدول العربية التي تعيش أكثر سلاما وهذا راجع إلى عدم توفرها على الثروة النفطية، مما يجعلها بعيدة عن الصراعات والتجاذب[19].

تتميز منطقة الشرق الأوسط بأهمية اقتصادية بالغة مما جعل الدول الغربية تتدافع نحو

المنطقة وخصوصا الولايات المتحدة والتي عززت تواجدها مع  بداية الحرب الباردة، التي منحت لها الفرصة للتدخل في شؤون الشرق الأوسط وتوسيع النفوذ الأمريكي للحفاظ على المصالح النفطية[20].

إن التواجد الأمريكي جاء بمبرر الحفاظ على استقرار المنطقة، لأن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط يؤدي إلى تفكك اقتصادي عالمي، وهذا التمزق يشكل تحديا للسياسة الأمريكية في المنطقة ويقلل من منافستها للقوى العالمية الأخرى في الميدان الاقتصادي الذي يعتبر النفط محركه الأساسي، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعتمد على نفط منطقة الشرق الأوسط لأنه كان يلبي أكثر من52% من احتياجاتها النفطية، مما يدفعنا للقول بأن الشرق الأوسط كان منبع أمريكا ولا زال محض اهتمامها[21].

إضافة إلى الأهمية الاقتصادية التي تتميز بها المنطقة مند بداية القرن العشرين، نجد أيضا أهمية أخرى، وهي الأهمية الاستراتيجية، والمتمثلة أيضا في مسألة النفط، إذ يعتبر نفط المنطقة موردا تعتمد عليه بعض القوى الدولية الكبرى كالصين…، مما يمنح للولايات المتحدة الأمريكية التحكم في نمو تلك القوى عبر هيمنتها على نفط المنطقة وهذا ما يدفعنا للقول بأن نفط الشرق الأوسط شريك أساسي في تحديد استراتيجية الولايات المتحدة بسبب تزايد الطلب الدولي على نفط المنطقة، والذي قدره الخبراء في مجال الطاقة أنه بحلول 2040 سيتم تصدير 37 مليون برميل يوميا[22].

إن استمرار التواجد الأمريكي في المنطقة لم يكن مرتبطا بالنفط فحسب، لأن الولايات المتحدة لديها اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة وبالخصوص النفط الذي ارتفعت نسبة إنتاجية من 35% إلى 52% سنة 2013، ومن خلال هذه النسبة فإن الولايات المتحدة قد تصل إلى درجة تستطيع أن تنتج أكثر مما تستورد[23]، وعلى الرغم من هذا الإنتاج فإن أمريكا لا زالت تستورد من أجل البقاء في الشرق الأوسط باعتباره منطقة استراتيجية تتيح لها القيام بدور استراتيجي لضبط نمو الدول التي تعتمد على نفط الشرق الأوسط[24].

 

 

3-تحكم العامل الأمني في الصراع الشرق الأوسطي

يعتبر العامل الأمني في الشرق من بين الأهداف التي تسعى أمريكا لتحقيقها والحفاظ عليها، وتعد حماية إسرائيل من التهديدات التي تأتي من الشرق الأوسط من بين الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا فإنها على استعداد للتضحية من أجل توفير الأمن والحماية لإسرائيل، لأن المصالح الأمريكية مرتبطة ومتداخلة مع مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط، فضمان أمن هذه الأخيرة لم يكن وليد السنوات أو العقود الأخيرة، وإنما التزاما مستمرا من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ووفاء به، وفي هذا الصدد قال ريتشارد  نيكسون الرئيس الأمريكي السابق لغولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية سابقا خلال زيارتها لواشنطن في 31/10/1973″ إن الهدف الرئيسي لأمريكا في الشرق الأوسط هو تأمين الحدود الآمنة لإسرائيل.” كما أشار قائلا، “إن إحدى الأولويات التي تنطلق منها السياسة الأمريكية هي التزامنا الأخلاقي الشديد نحو المحافظة على إسرائيل”[25].

للدلالة على تصريحات نيكسون المتعلقة بأمن إسرائيل، يؤكد ذالك ريتشارد ميرفي مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية في محاضرة ألقاها في مارس 2000  بنادي  دبي للصحافة حين أشار في هذه المحاضرة قائلا، “المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط تتجلى في أمرين رئيسيين: أولهما ضمان الوصول إلى مصادر الطاقة وثانيهما ضمان أمن إسرائيل”، مما يؤكد لنا أن أمن اسرائيل في المنطقة يعتبر هدفا محوريا للولايات المتحدة الأمريكية[26].

إن هذا السجال التاريخي الحافل بالالتزامات التي قدمتها الإدارة الأمريكية لحماية وضمان أمن إسرائيل والذي يحظى بالاستمرارية، لأنه يعتبر محددا للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط ويشكل أيضا استثمارا استراتيجيا إضافة إلى العامل النفطي باعتبار هذان العاملان من أولويات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط[27].

تشكل التهديدات في الشرق الأوسط خطرا  على مصالح الولايات المتحدة الامريكية ولهذا نجد أمريكا تدفع في اتجاه إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على الرغم من أن الوصول إلى

تسوية بين الطرفين يعد من أصعب الأمور وأعقدها على الإطلاق[28].

في إشارة إلى ذاك فإن الولايات المتحدة ترى أن هذا الصراع ينعكس بشكل سلبي على أهدافها في المنطقة على الرغم من أنه ليس التحدي الوحيد ولكنه يعد من أكبر المعضلات التي تولد مشاعر الآلام التي تستغلها الجماعات المتطرفة لتأجيج الصراع، لهذا فإن الدفع  الأمريكي في اتجاه عملية السلام هو البحث عن استقرار المنطقة الذي يجعل المصالح الأمريكية بعيدة عن الاضطرابات ويجعل من إسرائيل القوة الأكبر في المنطقة والقادرة على العيش في جو من العداء التاريخي[29].

إن تحقيق بيئة للسلام في نظر الولايات المتحدة الأمريكية يقلل من الاعمال العدائية، ويقوض الحركات المتطرفة التي تهدد أمن أمريكا وأمن حلفائها، كما يمكن لها أن تلعب دورا في خلخلة موازين القوى في المنطقة وتحول الشرق الأوسط إلى ساحة للمواجهة في ظل بقاء أزمة الملف النووي الإيراني مفتوحة لعدة احتمالات، ومن خلال ذلك يرى صناع القرار الأمريكي أن المنطقة تعج بالأحقاد ومن الصعب الوصول للتسوية ، ولذلك يركزون على التخفيف من التوترات لكسب الوقت لحين إنضاج الأوضاع التي قد تؤدي إلى التسوية[30].

من خلال إمعاننا يتبين بأنه مسألة السلام في الشرق الأوسط وبحسب الرؤية الأمريكية فهي مرتبطة بشكل أساسي بمفهوم الأمن، وهذا يتحقق بناء على تغيير المنطقة، لذلك نجد الولايات المتحدة تقوم بدعم إسرائيل من الناحية الأمنية، والسلام الذي تهدف إليه في الشرق الأوسط لن يكون من ضمن أولويتها ما لم يكن ضمن سياستها الهادفة إلى الهيمنة الدولية[31].

II-أمريكا وإيران والخلافات المستمرة.

إن الخلافات الأمريكية الإيرانية ليست وليدة اللحظة، ولكنها نشأت منذ ثلاثة عقود، وهذه الخلافات ترجع بالأساس في المنظور الأمريكي إلى التحركات الإيرانية سواء من حيث برنامجها النووي، أومن حيث توجهاتها المعادية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ولمناقشة تلك الخلافات، سأقوم بالتطرق إلى المنظور الأمريكي لإيران (1)، وأهمية القوة الذكية في التعامل الأمريكي مع إيران (2)، ثم تطورات السياسة الأمريكية تجاه إيران في الفلسفة الترامبية (3).

1-إيران في المنظور الأمريكي

تعتبر إيران مصدر قلق وإزعاج للدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1978، ومنذ ذلك الوقت والإيرانيون يعلنون معادتهم لأمريكا وأبدو رغبتهم في مواجهتها في الشرق الأوسط، لهذا فإن علاقة البلدين لم تكن خالية من المشاكل[32].

إن هذا الخلاف والعداء الطويل الأمد يتجلى في نظر الولايات المتحدة في عرقلة إيران للمشاريع الأمريكية في الشرق الأوسط، والمتمثلة أساسا في قضية النفط والحفاظ على الوجود الإسرائيلي، ومحاربة الإرهاب، ومنع امتلاك الدول الإسلامية الأسلحة النووية، وكل هذه الأهداف التي تريد أمريكا تحقيقها فهي تهدف بالأساس إلى تحقيق هدف رئيسي وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، في خطاب ألقاه في احتفال للبحرية الأمريكية في فلوريدا في 13 فبراير 2003 حيث قال” نرغب أن نكون بلد فوق الجميع”[33].

انطلاقا من تلك الأهداف التي تعتبر سبب الخلافات فإن إيران من حيث النفط تعتبر من المنتجين الأوائل في العالم، كما تحتل المرتبة الثالثة من احتياطي النفط بنسبة فارق 10%  عن المملكة السعودية، مما يمنح لها فرصة الاستقواء الاقتصادي في الشرق الأوسط[34]، كما تطل بشواطئها على الخليج فيمكن لها تهديد ناقلات النفط في منطقة الخليج، وتهديد الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر من الخطوط الرئيسية الأمريكية في المنطقة، أما الهدف الثالث بالنسبة لأمريكا يتجلى في مكافحة الإرهاب، والموقع الجغرافي لإيران المطل على أفغانستان والعراق يشكل عامل قلق بالنسبة لأمريكا التي تخوض حروبا مع الحركات الجهادية، التي تجعل من العراق وأفغانستان ملاذا آمنا لها لإغراق الجيوش الأمريكية وتكبيدها خسائر مادية وبشرية هائلة.

أما الهدف الرابع تحاول من خلاله منع الدول الإسلامية من الحصول على التكنولوجيا النووية ومن بين تلك الدول إيران كي لا يستثمر هذا السلاح في دعم مواقع المسلمين التفاوضية من جهة، ومن جهة أخرى لضمان استمرارية التفوق العسكري الإسرائيلي[35].

استنادا إلى ما سبق فإن إيران تعتبر العنوان الأبرز على الأجندات الأمريكية في الشرق الأوسط وهذا ما يقلق الإيرانيين، فأمريكا ومنذ الحادي عشر من سبتمبر تعمل جاهدة على خلق نظام عالمي جديد، تريد من خلاله رسم خارطة منطقة الشرق الأوسط من خلال إنشاء تحالفات في المنطقة تمرر مشاريعها وتضمن بقاءها، وهو ما بادرت إليه إيران كخطوة استباقية من خلال فتح تحالفات جديدة مع  بعض الدول وعلى رأسها  روسيا، وهذا ما سنتحدث عنه بتفصيل في المحور الثالث من هذا المقال  كما فتحت أيضا علاقات مع بعض دول المنطقة لتقويض التغلغل الأمريكي في المنطقة، وعدم منحها فرصة تغيير الخريطة السياسية للمنطقة[36].

2-القوة الذكية الأمريكية كآلية من آليات التعامل مع إيران

تعتبر القوة الذكية من بين الأفكار التي جاءت بها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بحيث عبر من خلالها على تعامله مع أعداء أمريكا عن طريق الانفتاح على الحوار، وبالأحرى التعامل مع الإيرانيين، عكس تعامل سلفه الذي رفض التعامل مع الشيطان[37].

بحيث أشار الرئيس أوباما قائلا، “إنني لن ألتقي مع أصدقائنا فقط ، لكن أيضا حتى مع أعدائنا لأنني أتذكر قول الرئيس جون كينيدي عندما قال “لن نتفاوض بدافع الخوف، لكن من الضروري ألا نخشى التفاوض”، بحيث اعتبر الرئيس أوباما  الديبلوماسية أمر مهم لإعادة بناء علاقة أمريكا بباقي الدول للحفاظ على مصالحنا، وأكد أن الاعتماد على القوة العسكرية ورفض التعامل مع الأعداء يحدث ضررا بالغا بمصالحنا ومكانتنا العالمية، وهذا ما حدث أثناء غزونا للعراق، حيث  تصور العالم الولايات المتحدة الأمريكية دولة أعلى من المعايير والأعراف الدولية، ولهذا خلص إلى نتيجة مفادها أن الخيار العسكري مع الدول المارقة كإيران، لا يحقق أهدافنا إلا في حالة التهديد الفعلي وليس التهديد القائم على المناورات الكلامية[38].

تعتبر إدارة الرئيس السابق أوباما من بين الإدارات التي تصغي لمراكز البحوث ولا تتجاهل أفكارهم فيما يتعلق بإيران، فقد قدم معهد واشنطن مجموعة من التوصيات للتعامل مع إيران وهي كالآتي:

*منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية: إلى جانب الخيار الديبلوماسي، يجب تقديم تسوية نووية مع التوضيح للعالم أن عدم قبول تلك التسوية يعني المضي قدما في الحصول على أسلحة نووية، مما يفتح المجال في الإبقاء على استراتيجية الوقاية الأمريكية وكسب الثقة الدولية بسياسة الوقاية مما يمنح لأمريكا شن هجمات مدمرة.

*تعزيز التحالفات في المنطقة: من خلال تلك التحالفات وفي سبيل الحفاظ عليها ينبغي لأمريكا أن تراقب الأفعال الإيرانية التي تستدعي التدخل الأمريكي.

*الضغط الاقتصادي: يأتي هذا الضغط من خلال استهداف القطاعات المالية ومحاصرة الحرس الثوري الإيراني[39].

*دعم الديمقراطية في الداخل الإيراني: تعتبر الولايات المتحدة إيران دولة مستقلة، فهي تقوم على تعزيز الديمقراطية ضد الديكتاتورية، لذلك قامت بدعم المحتجين بعد انتخابات يونيو 2009 من خلال شبكات المعلومات الدولية (الأنترنت) وموقع التواصل الاجتماعي تويتر، والقيام بفتح سفارة افتراضية للتواصل مع الشعب الإيراني لاستقطابه[40].

بناءا على تلك القوة الذكية، فإن الإدارة الأمريكية لجأت إلى خطة منسجمة ومتوازنة مبنية على ثلاثة خطوط:

1-الخط الأول: يتجلى في دعم الجماعات المسلحة كمنظمة مجاهدي خلق وعرب الأهواز واللعب على وتر الحرب النفسية.

2-الخط الثاني: يتجلى في دعم الشخصيات السياسية المعارضة من داخل إيران لكسر أركان النظام وفقدان الثقة فيه.

3-الخط الثالث: يقوم على دعم شبكات شبابية وإعلامية وافتراضية على الأنترنت لتشويه سمعة النظام وبث إشاعات لتوسيع الفجوة بينه وبين الشباب[41].

من خلال تلك الخطوط التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية لتوظيف القوة الذكية في الداخل الإيراني تبين لها أن إيران بين خيارين وهما كالآتي:

1-التوظيف الناعم: يعد هذا الخيار من بين الخيارات التي اعتمدتها الولايات المتحدة تجاه إيران لتفكيكها من الداخل، فقد لجأت إلى التواصل مع الشباب الإيراني عبر مواقع التواصل الاجتماعي باللغتين الفارسية والإنجليزية ومنح الفرصة للشباب لمن أراد الدخول للولايات المتحدة لأغراض إنسانية (دراسة، العلاج…) مما يشكل إحراجا للنظام، كما تسعى أمريكا عبر القنوات الفضائية الناطقة بالفارسية أن تقدم نفسها أنموذجا يحتذى به في مجال حقوق الإنسان وكل ما يلفت النظر إلى إمكاناتها الاقتصادية والثقافية، بغية الوصول إلى الإقناع وبالتالي الاستقطاب[42].

أما بالنسبة للخيار الثاني يتجلى في الخيار الخشن، الذي يعتبر خيار الضرورة وهو الخيار العسكري الذي تلجأ إليه الولايات المتحدة عندما تتأكد من حصول إيران على أسلحة نووية، وهو ما يتنبأ به متخصصون في الشأن الإيراني، والتحرك لاتخاذ القرار مسألة تتطلب دراسة لأن المنطقة حساسة.

على الرغم من الاستخدام الذكي تجاه إيران، فإن الأداء الاستراتيجي الأمريكي ومنذ عقود مضت، يعتبر القوة العسكرية هي الحاسمة مع الملف الإيراني أو منح حلفاء أمريكا، وبالأخص إسرائيل الفرصة للقيام بتلك العملية إن سمحت البيئة الدولية بذلك، لكن الكيفية تحتاج إلى تخطيط عميق لأن الحرب لها تداعيات على المنطقة، ويمكن أن تدخل أمريكا في أزمات يصعب الخروج منها، لهذا فإن أمريكا محتفظة بالخيار الخشن مع إصرارها في  نفس الوقت على خلق عدو في الشرق الأوسط يهدد دول الخليج لإبقائها على ضرورة الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية[43].

3- السياسة الأمريكية تجاه إيران في الفلسفة الترامبية.

اقتصر برنامج الرئيس الأمريكي ترامب أثناء حملته الانتخابية على مجموعة من الأمور من بينها الملف الإيراني الذي اعتبره من الأولويات التي ينبغي التعامل معها، وعبر الرئيس ترامب عن رفضه المطلق للاتفاق النووي الموقع من قبل الإدارة الأمريكية السابقة ووصفها بقولها بأنها أغبى صفقة على الإطلاق”. واتخذ الرئيس ترامب مجموعة من الخطوات للتعامل مع الملف الإيراني واستهلها بالانسحاب من الاتفاق النووي.

1-الانسحاب من الاتفاق النووي: أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في 16 ديسمبر 2017 عن استراتيجية الأمن القومي المطلوبة من كل إدارة جديدة منذ 1986، مما جاء فيها، “إن الدولة الإيرانية أشعلت الصراعات الإقليمية التي عرفها الشرق الأوسط وغياب الأمن والاستقرار في تلك المنطقة أدى إلى تأثير إيران على الدول المجاورة، كما توسع نفوذها وتأثيرها مع ظهور تنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق، كما استغلت أيضا الصفقة الكارثية التي عقدتها مع إدارة باراك أوباما، ومنحت للإرهاب السيطرة على مجموعة  من الأراضي في الشرق الأوسط[44].

إن استراتيجية الرئيس ترامب لم تتوقف عند هذا الحد فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى العقوبات الاقتصادية، وهذا ما أكده من خلال إعلانه في كلمة له من البيت الأبيض في 8 ماي 2018 قائلا “من الواضح اننا لا نستطيع  منع ايران من تصنيع قنبلة نووية بهذا الاتفاق ذو البنية الضعيفة ، ولهذا هناك خلال بجوهر هذا الاتفاف النووي مع ايران، ونعلم جيدا ما الذي سيحدث اذا لم نفعل شيئا” كما  لوح في كلمته ايضا  بفرض عقوبات اقتصادية على اعلى مستوى على ايران وهدد الدول التي تساند ايران في مشروعها النووي بنفس العقوبات من قبل الولايات المتحدة الامريكية[45].

2- فرض  العقوبات الاقتصادية: إن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس ترامب على إيران حددها في مرحلتين، فالمرحلة الأولى بدأت انطلاقا من 6 غشت 2018 تضمنت المساس بالقنوات المصرفية  الإيرانية من خلال خطر التعامل بالدولار الأمريكي عبر هذه القنوات بالإضافة إلى منع بيع وشراء العملة الإيرانية (الريال) خارج البلاد، وحضر البرمجيات ذات الاستخدامات الصناعية، وحضر صفقات الطيران، وإيقاف تجارة المعادن الصناعية مثل الحديد والألومنيوم، ومنع جميع التعاملات بالذهب والمعادن النفسية، أما بالنسبة للمرحلة الثانية فدخلت حيز التنفيذ في 3 ماي 2019 والتي استهدفت أهم شيء في البلاد، وهو قطاع الطاقة المتعلق بمنع تصدير النفط الإيراني الذي يعتبر من  بين المنافذ الاقتصادية الرئيسية التي تعتمد عليها الدولة[46].

على غرار الرئيس ترامب الذي فرض تلك العقوبات تقدم وزير خارجيته بإعلان خطة جديدة وحث من خلالها إيران على الالتزام بها لتجنب العقوبات.

3-خطة وزير الخارجية الامريكي بومبيو لإيقاف النفوذ الإيراني:

تحدث وزير الخارجية الأمريكي في خطاب ألقاه في معهد هيرتيغ بواشنطن بتاريخ  21 ماي 2018،

بشكل واسع على إيران، مما جاء في خطابة، أن إيران استغلت الاتفاق المبرم في 2015 لتأجيج الصراع في الشرق الأوسط، ووسعت نفوذها من خلال الأموال التي حصلت عليها من الاتفاق وقامت بدعم حزب الله، والحوثين ، وغيرهم ولهذا جاء وزير الخارجية بخطة تتضمن مجموعة من الشروط، طالب إيران بتنفيذها لتخطي العقوبات المفروضة، وهي كالآتي:

*يجب على إيران وقف تخصيب اليورانيوم وعدم معالجة البلوتونيوم من جديد وإغلاق مفاعلها للماء الثقيل.

*منح الوكالة الدولية مراقبة كل المحطات النووية العسكرية منها وغير العسكرية.

*وقف إنتاج الصواريخ الباليستية ووقف تطوير وإطلاق الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية.

*إطلاق سراح مواطني أمريكا والدول الحليفة المحتجزين بناء على تهم زائفة أو المفقودين في إيران.

*وقف دعم المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط منهم حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي.

*احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية وتسريحها.

*إنهاء دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن.

*الانسحاب من سوريا وسحب جميع القوات التي تشرف عليها.

*التوقف عن دعم حركة طالبان وغيرها من الإرهابيين في أفغانستان والمنطقة.

*التوقف نهائيا عن دعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والشركاء المتشددين في أنحاء العالم.

*إيقاف تصرفاتها التي تهدد جيرانها فمنهم حلفاء أمريكا، والتهديد الذي يشمل إسرائيل والقضاء عليها وكذلك إطلاق الصواريخ على السعودية والإمارات وتهديد الملاحة والهجمات الإلكترونية[47].

III-التوافق الروسي الإيراني وفق التقارب الاستراتيجي

يعتبر الشرق الأوسط منطقة محفوفة بالتوترات والخلافات، مما جعل العلاقات الروسية الإيرانية المحكومة بعدة عوامل متعلقة بما هو جيو سياسي وما هو استراتيجي، تلجأ إلى التقارب الاستراتيجي لحماية مصالحهما عن طريق الانخراط في التطورات التي تعرفها المنطقة، ولمناقشة تلك العلاقات الثنائية بين البلدين سأتحدث عن إيران كبوابة روسيا في الشرق الأوسط، ثم أنتقل للحديث عن الأزمة السورية ومسار العلاقات الثنائية.

  1-إيران بوابة روسيا في الشرق الأوسط.

تعتبر روسيا إيران ممرا رئيسيا في الشرق الأوسط لتوسيع مجالها، وشريكا استراتيجيا مؤثرا في العلاقات الدولية في المنطقة يمنح لها الانخراط في التطورات التي يعرفها الشرق الأوسط باعتباره اقليما حيويا تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وهو ما دفع بالإيرانيين للتحالف والشراكة مع روسيا لمنافسة السياسة الأمريكية اقليميا، وهذا ما صرح به رئيس مجلس النواب الإيراني لنظيره الروسي حينما قال “إن القوتين الاستراتيجيتين إيران وروسيا تستطيعان الحد من توسيع الهيمنة الأمريكية”.

تعد إيران دولة راعية وحاضنة للسياسة الروسية في الشرق الأوسط من خلال مواجهتها للمؤامرة السعودية الأمريكية تجاه روسيا في سوريا، كما وقفت أيضا في وجه المخطط الخليجي الأمريكي المتعلق بالنفط (انخفاظ سعر النفط) لإضعاف الاقتصاد الروسي للنيل من روسيا والضغط عليها للتراجع عن مواقفها تجاه الأزمة السورية والملف الإيراني الذي يعتبر مركز الخلافات مع الغرب[48].

إن مسألة الملف النووي الإيراني التي تعتبر من بين القضايا التي أدت للتوافق والشراكة مع الروس وهو ما صرح به أحد المسؤولين الروس حينما قال، “لا يوجد بلد يرغم روسيا على التخلي على التزاماتها النووية تجاه إيران”، مما يشجع إيران ضمنيا على الاستمرار في أنشطتها النووية، بالإضافة إلى إشرافها على بناء بعض المحطات النووية في إيران وحينها قال وزير الخارجية سيرغي لافروف “ولا أحد حتى أمريكا ينكر حقنا في الاستمرار في بناء محطة الوقود النووية في بوشهر”، مما يبين أن روسيا تقف كسد منيع للسياسة الأمريكية تجاه الملف الإيراني بالإضافة إلى مواجهة تلك السياسة بالتنديد والاحتجاج على العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، في حين تجد روسيا نفسها في مرمى الانتقادات العربية وبالأحرى الخليجية على سياسة روسيا الداعمة لإيران، وشرعت تلك القوى الخليجية في التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء الدور الروسي في المنطقة[49].

إن ردود الأفعال الخليجية تجاه العلاقات الإيرانية الروسية لم تتوقف عند الانتقادات والتحالف مع الولايات المتحدة فحسب، بل لجأت لخيارات أخرى للحد من آثر العلاقات الروسية الإيرانية فالأول يتجلى في تعزيز علاقات دول الخليج بالدول الغربية، مع انضمامها لقضية رفض التدخل الروسي في أوروبا وخاصة أوكرانيا، وإيقاف التعاملات في جميع المجالات سواء منها التجارية أو العسكرية، لكن في حالة فشل هذا الخيار واستمرت العلاقات الروسية الإيرانية بهدف منح إيران دورا مهيمنا في الخليج فإن دول الخليج تفضل اللجوء لخيار آخر يمنح لروسيا إغراءات اقتصادية تتمثل في التعاون في مجال الطاقة والنفط باعتبار الخليج وروسيا مصدر من مصادر النفط، واستيراد الأسلحة لتعويضها خسارة السوق الإيرانية[50].

إن السياسة العقلانية التي اتبعتها دول الخليج القائمة على المساومات والإغراءات لمنع التقارب الروسي الإيراني، عرفت برودة وتراجعا بسبب التحالفات الغربية الخليجية التي تخطط لإضعاف جميع الأدوار في المنطقة، وهذا ما عزز من العلاقات الروسية الإيرانية.

2-الأزمة السورية ومسار العلاقات الثنائية.

تشهد العلاقات الروسية الإيرانية حالة من التغيير خصوصا مع ظهور الأزمة السورية، متجاوزين في ذلك العداء التاريخي بين البلدين، وتحمل تلك العلاقات اليوم تطورا قائما على المصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين[51].

أصبحت روسيا وفي ظل هذا التطور في العلاقات بين البلدين مدفوعة للحضور بقوة في الشرق الأوسط لمواجهة التحديات التي تعرفها المنطقة وخصوصا مع وصول بوتين لسدة الحكم سنة 2012 والذي جاءت ولايته مع مجموعة من الأزمات في الشرق الأوسط من بينها موجات الثورات العربية، والتهديدات الإرهابية، والأزمة السورية التي تعتبر كمحدد رئيسي للدور الروسي في المنطقة[52].

إن التطورات التي يعرفها الشرق الأوسط وخصوصا مع تفاقم الأزمة السورية، أصبح يفرض على روسيا ضرورة التدخل العسكري لدرء المخاطر ومجابهة الأزمات التي تحدق بسوريا باعتبارها حليف مهم لروسيا وركيزة أساسية في الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط وموطئ القدم الأكثر أهمية في المنطقة، مما دفع بروسيا للوقوف ندا للمؤامرات الخارجية ضد سوريا ومنع أي تدخل عسكري في سوريا أو فرض العقوبات عليها[53].

على غرار ذلك فإن التواجد الروسي في المنطقة، ومع بروز الأزمة السورية، بدأ التقارب بين البلدين باعتبار إيران في نظر روسيا دولة مهيئة للتصدي لأي عدوان خارجي على سوريا ومنسجمة مع التحركات الروسية في مجريات الملف السوري، مما زاد من تقوية الشراكة بين البلدين وجعل العلاقات في تصاعد[54].

إن انحياز إيران للدور الروسي في سوريا منح الثقة الكاملة لروسيا للتعويل على إيران لدعم نظام الأسد ومواجهة أي موجة خارجة تمس الأراضي السورية كما اعتبرت إيران روسيا القوة الوحيدة التي تدافع عن الدولة السورية، مما دفع بالتقارب أكثر فأكثر بين روسيا وإيران من أي وقت مضى[55].

إن تطور العلاقات وتغييرها والشراكة بين البلدين لا تقف عند العامل السوري أو عند ما هو صناعي أو ما يتعلق بمقتضيات السلاح من روسيا فحسب، بل يتخطى ذلك إلى ما هو استراتيجي لحماية مصالح ومكاسب البلدين في الشرق الأوسط،  بالإضافة إلى ذلك فإن روسيا تجد في إيران دولة ذات مسار تاريخي مناهض للولايات المتحدة في المنطقة مما يفتح المجال للحضور الروسي في المنطقة بالرغم من أن روسيا مهددة استراتيجيا، فالأول يتجلى في تمديد حلف الناتو والثاني يتعلق بتهديدها من التنظيمات الإسلامية، على إثر تدخلها في شؤون بعض الدول الإسلامية والتضييق عليها، كم اننا نجد ايران تعيش نفس التهديدات وتشارك روسيا نفس المخاوف، فالتهديد الاول يأتي من بعض التيارات الإسلامية باعتبار إيران دولة مخالفة عقائديا والثاني يتعلق بالعقوبات الأمريكية الاقتصادية المفروضة على عدة قطاعات وهذا سبق لنا الحديث عنه[56].

يتضح مما سبق أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو الصعود بدل الهبوط بفعل بعض المحددات في المنطقة والتهديدات التي تتلقاها الدولتين مما أدى إلى تحويل التقارب إلى شراكة استراتيجية لحماية

المصالح ودرء المخاطر.

خاتمة عامة.

عرفت منطقة الشرق الاوسط  في السنوات الاخيرة عدة مشاكل ومتاعب بسبب موقعها الجغرافي وعاملها الجيوإقتصادي الذي يميزها عن باقي المناطق ، مما ادى الى فشل معظم محاولات التنمية والرقي في جميع المجالات،  وجعل المنطقة  تتراجع على المستوى الدولي وخاصة في ضل النظام الدولي الجديد الذي تتزعمه امريكا في الشرق الأوسط، إذ تحاول من خلاله بسط نفوذها على المنطقة خشية من انضمام بعض دول المنطقة ومن بينهم ايران الى مصاف الدول النووية، وتحولها الى قوة اقليمية مؤثرة في المنطقة، ومهددة لأمنها ، وخاصة الامن القومي الخليجي وأمن اسرائيل الذي يعتبر عاملا رئيسيا في سياسة الولايات المتحدة، مما ادى الى سياسة توسيع النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط ، وتكريس سياسة الانخراط في ازمات المنطقة وتسريع عملية الخروج الآمن منها عبر استخدام مجموعة من الآليات ومن بينها آلية القوة الذكية  لمواجهة ازمات الشرق الاوسط، ومن بينها أزمة البرنامج النووي الايراني الذي تهدف  من خلاله ايران الى  تطوير التكنولوجيا النووية التي تعتبرها امريكا معوقا اكبر للمشاريع الامريكية في المنطقة، ومن هنا يمكن لنا أن نتساءل لماذا تعتبر امريكا ايران دولة تهدد مصالحها في المنطقة؟  وهل يمكن لنا ان نعتبر التواجد  الامريكي في المنطقة عائقا امام التطور والرقي؟ والى متى يبقى هذا التواجد  في المنطقة لخنق طموح  الدول التي تسعى للحصول على التكنولوجيا المتطورة ؟

على اثر هذه الأحداث  والخلافات والتحولات التي تعرفها المنطقة بدأ الزحف الروسي ايضا نحو المنطقة في اطار الشراكة الاستراتيجية مع ايران، لتكريس مبدأ التقارب بين البلدين من جهة وتعزير التواجد الروسي في المنطقة لحماية المصالح الروسية من جهة أخرى، ويأتي هذا التواجد الروسي في ضل الحفاظ على مبدأ التوازن الدولي في الشرق الاوسط، من خلال الانخراط في منظومة العلاقات الامريكية الشرق اوسطية.

ان التدخل الروسي في شؤون الشرق الاوسط يأتي في إطار استعادة الهيبة الروسية في المنطقة من جانب وللوقوف في وجه السياسة الامريكية الرامية الى ابعاد الدور الروسي  المنافس لها في المنطقة من جانب آخر.

ان التنافس الامريكي الروسي في الشرق الاوسط، ناتج عن اختلاف المصالح بينها، فأمريكا تخشى من الاستحواذ الروسي على المنطقة، وبسط هيمنتها عليه واستعادة نفوذها السابق، كما ان روسيا تحرص على ان لا تؤثر السياسة الامريكية في المنطقة على مصالحها المرتبطة بالدول المناوئة للسياسة الامريكية في الشرق الأوسط.

[1] – حذفاني نجيم ،العلاقات الصينية الامريكية بين التنافس والتعاون فترة ما بعد الحرب الباردة،(دراسة ماجستير)، جامعة الجزائر3 ، 2011 ، ص 60.

[2] -عودة العضايلة عبد الله فلاح ، التنافس الدولي في آسيا الوسطى ،( 1991- 2010 )(دراسة ماجستير)جامعة الشرق الاوسط،2011،ص 8.

[3] –   – الجبوري سامر سلمان، التنافس الامريكي الروسي في الشرق الاوسط-الازمة  السورية أنموذجا– ، دار الرافدين، بيروت، لبنان 2018،الطبعة الاولى، ص، ص،67 ،68.

[4] – المرجع نفسه،ص،69.

[5] -Boniface pascal ,la géopolitique :   les relations internationales, Edition Eyrolles,paris,2011,p.83.

[6] -Lagrini Driss,  the future of the  Iranian  nuclear File post-trump, International Institute for Iranian Studies , Riyadh ,2019, p.1.

[7] – المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، التوازنات والتفاعلات الجيوستراتيجية والثورات العربية ،2012، ص، 4.

[8] – سلامة عبد الغني ، السياسة الروسية في الشرق الاوسط،  الحوار المتمدن ، 13 ابريل 2011، (تاريخ الدخول على الموقع :  7 ماي  2020)

http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=254815&r=0

[9] – الجبوري سامر سلمان، التنافس الامريكي الروسي في الشرق الاوسط-الازمة  السورية أنموذجا– مرجع سابق، ص،73.

[10] – التامر عبادة محمد، سياسة الولايات المتحدة وإدارة الازمات الدولية(ايران-العراق-سوريا-لبنان أنموذجا) المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،بيروت،2015،الطبعة الاولى، ص،ص،196،197.

[11] -التآمر عبادة محمد ، سياسة الولايات المتحدة وإدارة الأزمات الدولية، إيران، العراق، سوريا، لبنان، أنموذجا. مرجع سابق، ص،103.

[12] – أوغلو احمد داود، العمق الاستراتيجي، موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010، الطبعة الرابعة، ص،361-363

[13] -المرجع نفسه، ص،364.

[14] -التآمر عبادة محمد ، مرجع سابق، ص، 99-100.

[15] – زكريا فريد، عالم ما بعد امريكا، ترجمة بسام شيحا، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت ،2009 ،الطبعة الاولى، ص 33.

[16] -التآمر عبادة محمد ، مرجع سابق ، ص100.

[17] – المرجع نفسه، ص 101.

[18] -بلعيشة محمد، مداني ليلى، بوكابوس وفاء، كلاليش تسعديت، “وآخرون”،  الثقل الأسيوي في السياسة الدولية محددات القوة الأسيوية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، برلين،  2018، الطبعة الاولى،  ص،32.

[19] – روس مايكل ، نقمة النفط، كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم، ترجمة محمد هيثم نشواني، منتدى العلاقات العربية والدولية، قطر، 2014،الطبعة الاولى،  ص، 27.

[20] -برادلي تاير، السلام الأمريكي والشرق الأوسط، المصالح الاستراتيجية الكبرى لأمريكا في المنطقة بعد 11 أيلول، ترجمة عماد فوزي شعيبي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت،2004، الطبعة الاولى ، ص 8.

[21] – التآمر عبادة محمد ، سياسة الولايات المتحدة وإدارة الأزمات الدولية، مرجع سابق، ص،120.

[22] -المرجع نفسه، ص،123.

[23] -مورفي ريتشارد، قبلان مروان، ابو ارشيد اسامة، فريحات ابراهيم، “وآخرون” العرب والولايات المتحدة الأمريكية، المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2017، الطبعة الاولى، 172.

[24] -التامر عبادة محمد ، مرجع سابق، ص124.

[25] -الشمري مصطفى ، عسكرة الخليج، الوجود العسكري الأمريكي في الخليج، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2013، الطبعة الأولى،  ص،169.

[26] -المرجع نفسه، ص، 172.

[27] -التآمر عبادة محمد ، مرجع سابق، ص 125.

[28] -للإطلاع على عدم الوصول إلى تسوية بين الطرفين، تراجع في هذا الصدد أولبرايت مادلين ، الجبروت والجبار، تأملات في السلطة والدين والشؤون الدولية، ترجمة الأيوبي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2007، الطبعة الأولى،  ص، 119-136.

[29] -التآمر عبادة محمد ، مرجع سابق، ص126

[30] – المرجع نفسه، ص128-129.

[31] -المرجع نفسه، ص129.

[32] -دالدر أيفو ، نيسوتو نيكول ، غردون فيليب ، هلال الأزمات الاستراتيجية الأمريكية الأوربية حيال الشرق الأوسط الكبير، ترجمة حسان البستاني  الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت لبنان، 2006،الطبعة الاولى، ص،6.

[33] -طالب محمد حميد، العلاقات الأمريكية الإيرانية توافق أم تقاطع ، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة ، 2016، الطبعة الاولى، ص،163.

[34]-chauprade Aymeric   ,chronique du choc des civilisation , du 11septembrt au printemps arabe actualité ,analyses géopolitique er cartes pour comprendre le monde ,Edition chronique,2013,p,79.

[35] -طالب محمد حميد، العلاقات الإيرانية الأمريكية توافق أم تقاطع، مرجع سابق، ص 163

[36] – المرجع نفسه، ص 164

[37] -ودوورد بوب ، حروب أوباما: الصراع بين الإدارة المدنية ووزارة الدفاع الأمريكية، ترجمة هاني تابري ، دار الكتاب العربي، بيروت، 2011، ص،58.

[38] – الهرمزي سيف ، مقتربات القوة الذكية الأمريكية كآلية من آليات التغيير الدولي، الولايات المتحدة أنموذجا،  المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2016، الطبعة الاولى، ص، 272

[39] -المرجع نفسه، ص، 273-274.

[40] – ناي جوزيف ، الدبلوماسية الجديدة في ترسانة القوة الذكية، صحيفة الاقتصادية، 14/02/2010، زيارة الموقع،1 ماي 2020.

الرابط كالاتي:https // www.aleqt.com/2010/02/14/article_349292.html.

[41] – مركز قيم للدراسات، رؤية الإمام الخميني في مواجهة الحرب الناعمة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية ، بيروت، 2011، الطبعة الاولى،  ص22-23.

[42] -الهرمزي سيف ، مرجع سابق، ص،276.

[43] -المرجع نفسه، ص278-279-280.

[44] – النداوي خضير عباس ، العلاقات الإيرانية الأمريكية: المتغيرات والمسارات، مركز الجزيرة للدراسات 6 ماي 2019، تاريخ زيارة الموقع 1 ماي 2020 ، ص،3، الرابط https :// studies .aljazeera.net/ar/reports/2019/05/190506090838365.html   :

[45] -الرئيس ترمب يعلن الانسحاب من الاتفاق النووي ويلوح بعقوبات اقتصادية، موقع القناة الفضائية CNN  بالعربية، 8 ماي 2018، تاريخ الدخول للموقع 1 ماي  2020، الرابط

https// arabic.CNN.COM/middle-east/2018/05/08/congress-pence-nuclear-deal

[46] -النداوي خضير عباس ، مرجع سابق، ص 4.

[47] -U.S .Departement of state .after the deal :A new iran  strategy speech Mike pompeo  secretary of state, the heritage  fondation,washington,DC,May,21,2018.

It is  Available at  https:// www.state.gov/secretary/remarks/2018/05/282301.htm.

[48] -نعمة كاظم هاشم ، روسيا والشرق الأوسط بعد الحرب الباردة فرص وتحديات، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2016 الطبعة الأولى، ص، ص، 127، 128.

[49] -المرجع نفسه، ص،129.

[50] -المرجع نفسه، ص، ص، 131-132.

[51] -الصمادي فاطمة ، إيران وروسيا: شركة أم تحالف استراتيجي، مركز الجزيرة للدراسات، 18 ماي، 2016، تاريخ الدخول للموقع 2 ماي 2020، ص 14. الرابط  كالاتي:www.aljazeera.net/ar/reports/2016/05/160518084645471.html

[52] -ادريس محمد السعيد ، تحالف الضرورة بين إيران وروسيا، جدل التفاعل بين الفرص والتحديات، مجلة الدراسات الإيرانية ، العدد3، يونيو 2017، ص،39.

[53] -الجبوري سامر سلمان ، التنافس المريكي الروسي في الشرق الأوسط، الأزمة السورية أنموذجا، مرجع سابق ص،117.

[54] -قلعجية وسيم خليل ، روسيا الأوراسية  زمن الرئيس فلا ديمير بوتين، الدار العربية، للعلوم ناشرون، بيروت،2017، الطبعة الثانية،  ص 352.

[55] -ادريس محمد السعيد ، مرجع سابق، ذكره، ص41.

[56] -المرجع نفسه، ص41.

Exit mobile version