Site icon مجلة المنارة

قرار المحكمة الدستورية عدد 17/66 م د بتاريخ 23/12/2017 الموافق ل 4 من ربيع الثاني 1439

قرار المحكمة الدستورية عدد 17/66 م د بتاريخ 23/12/2017 الموافق ل 4 من ربيع الثاني 1439

أخشيو يوسف

بولهنا محمد

على غرار ما هو عليه الأمر في جل الدول الديمقراطية الحديثة، يشكل احترام تراتبية القواعد القانونية أهم الأسس التي ترتكز عليها دولة الحق و القانون في المغرب. و تحتل المبادئ الدستورية قمة هرم هذه القواعد القانونية، تتبعها في المرتبة الثانية القوانين التي تصدر عن البرلمان ثم النصوص التنظيمية التي هي من اختصاص رئيس الحكومة[1].

و يلعب القضاء الإداري و الدستوري دورا مركزيا في مراقبة احترام تراتبية هذه القواعد، حيث تتولى المحاكم الإدارية مراقبة ملاءمة النصوص التنظيمية للقوانين في إطار قضاء الشرعية في حين تسهر المحكمة الدستورية على مراقبة مطابقة النصوص التشريعية للقواعد الدستورية.

و في إطار هذا الاختصاص الموكول إلى المحكمة الدستورية بمقتضى الفصلين 132 و 133 من الدستور، قامت هذه الأخيرة بناء على الطلب الذي تقدم به 82 عضوا بمجلس النواب بالبت بمقتضى قرارها عدد 17/66 م د بتاريخ 23/12/2017 في مدى مطابقة بعض مقتضيات قانون المالية رقم 68.17 لسنة 2018 للدستور و يتعلق الأمر بالمواد 7 و8 و44 و49 و138 و180. 

و جاء قرار المحكمة الدستورية منتهجا في أسلوبه تقسيم مقتضاه في شقين خصص الأول للشكل و الثاني للموضوع.

المطلب الأول: شروط الإحالة و التنازل

تناولت المحكمة في الشق المتعلق بالشكل نقطتين اثنتين، الأولى عنونتها بالشروط المتطلبة للإحالة و الثانية خصصتها لسحب التوقيعات وطلب التنازل.

الفرع الأول: شروط الإحالة

تطرقت المحكمة لمقتضى الفصل 132 من الدستور متفحصة النصاب اللازم لقبول الإحالة وخلصت إلى توفر الخمس المشترط بتعدادها ل 81 عضوا بعد التأكد من تكرار توقيع أحد الأعضاء و خصمه من أصل عدد التوقيعات (82 عضوا)، حيث صار عدد التوقيعات هو 81. و هذا العدد يستوفي النصاب القانوني المطلوب حيث أنه بالرجوع إلى المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 47.11  المتعلق بمجلس النواب نجد أن عدد النواب حدد في 395 عضوا و بذلك فخمس مجموع أعضاء مجلس النواب هو 79 عضو وهو النصاب القانوني اللازم لإحالة رسالة الطعن بشأن مقتضيات قانون[2].

الفرع الثاني: رفض التنازل

و في موضوع النقطة الثانية من الشكل تعرضت المحكمة لمسألة سحب التوقيعات و طلب التنازل و مدى أثر ذلك على انعقاد البت و استمراره لصالح المحكمة، حيث ذكرت أن رئيس الفريق صاحب ملتمس الإحالة تقدم لديها بطلب للتنازل و اتبع طلبه برسالة مرفقة بتوقيعات 79 عضوا بمجلس النواب لسحب توقيعاتهم من لائحة التوقيعات المرفقة بالإحالة، لكن المحكمة قد قضت في ما يخص هذه النقطة برفض طلب التنازل. و قدمت لذلك تعليلا مقتبسا من مواد مختلفة تصدرته بذكر ما أسمته بقاعدة مدنية متمثلة في كون الحق في التنازل يقابله الحق في إقامة الدعوى و التي يقتصر إعمالها، أي القاعدة المدنية، على الدعاوى الشخصية الرامية إلى حماية الحقوق أو المراكز القانونية الفردية، و لا تطبق على إطلاقيتها في الدعاوى الموضوعية، لاسيما منها تلك التي ترمي إلى التحقق من التقيد بسمو الدستور (القول دائما للمحكمة)[3].

إن هذا الاقتباس يشوبه بعض العسر في ملائمته للغاية ( غاية تبرير واجب البت)، إذ نظن أن القاعدة المدنية المذكورة تقتضي العكس، وذلك بما مفاده أن الحق في إقامة الدعوى وهو الأصل هو الذي يقابله الحق في التنازل، و ليس العكس لأن الأولى أن نبدأ بالمبتدأ، و مؤدى هذه الإشارة، حتى و لو كانت تبدو يسيرة و ليس لها من شأن، أنه إذا قلنا أن الحق في التنازل يقابله الحق في إقامة الدعوى، معنى ذالك أننا بصدد التبرير للحق في الدعوى و ليس ما هو في الواقع الذي هو افتحاص مسألة الحق في التنازل وفي هذا إيحاء بالنقيض، وذلك ما دام أن بناء التعليل دائما ينحو نحوا استنتاجيا.

تضيف المحكمة أن طلب التنازل يرمي إلى وقف تفعيل و نفاذ المراقبة الدستورية مع ما ينطوي عليه ذلك من الحد من صلاحياتها في بسط نظرها على إحالة معروضة عليها و مستوفية لشروط قبولها.

وعرجت كذلك على ذكر ما وقفت عليه من خلو الدستور و كذا القانون التنظيمي من أي أساس قانوني يمكن الاستناد إليه من قبل الطرف المحيل أو المحكمة. و قد كان هذا أيضا موقف المجلس الدستوري الفرنسي حينما اعتبر أن النصوص التي تحدد مسطرة الطعن أمام المجلس لا تؤهل أي سلطة من السلطات التي لها حق الطعن للتنازل[4]. غير أن هذا الاستدلال الذي يستند على القراءة الحرفية لنص الدستور و النص التنظيمي للمجلس الدستوري بدا هشا بسبب قبول المجلس للتنازل في المنازعات الانتخابية، وذلك بالرغم من فراغ النص المنظم للانتخابات التشريعية من أي مقتضى يعالج هذه النقطة[5]. و هذا ما دفع المجلس الدستوري الفرنسي إلى اعتماد معيار آخر لتبرير رفض التنازل في حالات الطعن في دستورية القوانين و يتعلق الأمر بعدم سماح المقتضيات الدستورية و التنظيمية للسلطات المؤهلة للطعن أمامه بإعاقة تفعيل و نفاذ المراقبة الدستورية التي بدأها المجلس[6]. و ذلك على غرار الطعون التي تعتبر من النظام العام في القانون الزجري و التي تلزم القاضي بالبت فيها بغض النظر عن إرادة و وضعية الفاعلين[7].

و إذا كان المجلس الدستوري المغربي يستجيب أيضا لطلبات التنازل عن الطعون في منازعات الانتخابات التشريعية[8]، فإنه يرفض هذا التنازل كلما تبين له أن موضوع الطعن يمس النظام العام. و مثال ذلك، ما جاء في قراره رقم 09/762 بتاريخ 02/06/2009 الذي قرر فيه عدم قبول التنازل عن الطعن المقدم في مواجهة المطعون في انتخابهم لإثارتها مسألة أهلية أحد المطعون في انتخابهم، التي لها مساس بالنظام العام ،والتي لا يحق التقيد فيها بالإرادة الانفرادية للطاعن.

فيما يتعلق بإنهاء الإحالة الدستورية قبل البت فيها انطلاقا من الإرادة المنفردة لمقدميها، سلمت المحكمة أن عمل المشرع محاطا بمبدأ قرينة الدستورية و أن هذه القرينة يطالها الشك بمجرد الإحالة على المحكمة، و من ثم يصبح واجب عليها رفع الشك و التحقق من دستورية القانون المحال عليها.

لقد دفعت المحكمة بنقطة في غاية من الأهمية لما تمثله مسألة المبدأ و القرينة في القاعدة القانونية، و التي يفترض قيامها توفر شروط عدة لا يتسع المقام للتفصيل فيها، و جاءت بسبيل الشك لرفع هذه القرينة، لما حملت إجراء الإحالة محمل الباعث على الشك الذي يوجب تدخل المحكمة لتطمئن على دستورية موضوع الإحالة أو القضاء برده لمخالفته للدستور.

إذا كان مجرد حصول الشك يبقى من شأنه رفع قرينة الدستورية، ووجوب تفعيل المراقبة فإن هذا الشك حتى و إن تحقق لمجرد الإحالة، إلا انه يلزم استيفاء النصاب الدستوري و من ثم فإن مفهوم الشك وارتفاع قرينة الدستورية هاته قد لا يفيان بالغاية متى أعوزهما النصاب عند الإحالة.

وعليه، فإننا نلاحظ أنه رغم ما لهذه الدستورية من سمو و أولوية، فإن وجوب مراقبتها يبقى مكبل بالدستور نفسه. حيث أن الشك هذا الذي تطرقت إليه المحكمة قد يحصل حتى بإحالة لا تستوفي النصاب، خاصة إذا اقترب العدد من النصاب، و من ثم ترتفع القرينة التي ذكرتها المحكمة، الشيء الذي ينبغي أن يقوم مقام الموجب للمراقبة كما يستسيغه منطق حماية الأولويات، و الذي يستشف أثره من صياغة البناء التي طبعت تعليل المحكمة، إذ نلاحظ استعمالها لفعل الوجوب في مصدره ( يصبح عليها واجب رفع هذا الشك).

و من هنا يبدو أن هناك مرجعيات غاية في الأهمية لم يكتب لها أن ترتب في وثيقة الدستور، فالقرينة و الشك عند الإحالة و طبيعة الإحالة  في تشبيهها بالدعوى الموضوعية، كلها سخرتها المحكمة للدفاع عن الدستورية من خارج الدستور، مذكرة بعدم إغفالها البحث في الدستور نفسه، و في القانون التنظيمي عن ما يمكن الاستناد إليه فيما يتعلق بإنهاء الإحالة.

وأضافت المحكمة أن الإحالة الدستورية لطبيعتها و غايتها لا يوقفها و لا يحد من ممارستها التنازل الصادر عن مقدميها، إلا إذا كانت توقيعاتهم المتطلبة لنصاب  الإحالة على المحكمة الدستورية قد شابها عيب للرضا، أو تم وضعها دون إذن من صاحبها، أو كانت نتيجة خطأ مادي، و في ما عدا مثل هذه الحالات الاستثنائية، فإن المحكمة تصرح برفض التنازل.

 لقد استزادت المحكمة، دفاعا عن انعقاد واجب البت، بطبيعة الإحالة و الغاية منها لتبرير سلامتها من أثر التنازل، فليس للتنازل أن يوقف أو يحد من ممارسة المراقبة الدستورية بعد تسلم المحكمة لملتمس الإحالة. وما دامت المشروعية تقتضي أن الغاية في القانون لا تبرر الوسيلة. حيث أن الإحالة غير المستوفية للنصاب لا تمكن المحكمة من إنفاذ صلاحية المراقبة رغم ما لها من سلطان على إثارة الشك. وبذلك تكون المحكمة قد أخذت التعبير على إطلاقه.

لقد قدرت المحكمة أن الإحالة في حالات التوقيعات المعيبة بعيوب الرضا، أو الحاصلة نتيجة خطأ أو دون إذن من صاحبها، لا تنتج أثرها في وجوب البت.

وصرحت المحكمة جراء ذلك برفض التنازل، ولعل هذه الأخيرة تقصد عدم قبول التنازل، لان التنازل هو عمل أحادي الجانب و بمجرد تقديم طلب بصريح العبارة يروم التنازل عن طلب سبقه، فإن التنازل يكون قد وقع وتم، كما عاينته المحكمة بنفسها، و لا يبقى للمحكمة إلا أن تصرح بعدم إنفاذ أثره، ولا حجية له إن هي قدرت حجب أثره و إبطاله في مواجهتها.

و لقد أعقبت المحكمة قولها بصيغة تبدو أقرب إلى الصحيح، لما قالت “فضلا عن عدم الاعتداد بالتنازل” المقدم، لكن سرعان ما كررته في نفس الفقرة “مما يتعين التصريح برفضه”.

المطلب الثاني: البث في موضوع الإحالة

في الموضوع بتت المحكمة الدستورية في عدة مآخذ، نكتفي بمناقشة تلك المتعلقة منها بالمساس باستقلالية الجمعيات و بمبدأ تفريد العقوبات من أثر التضامن و بالحق في الملكية.

الفرع الأول: تقييد حرية الانضمام إلى الجمعيات

من أجل الحد من استغلال الجمعيات و التعاونيات السكنية كوسيلة للتهرب الضريبي و المضاربة العقارية، تم تضمين المادة الثامنة لقانون المالية للسنة المالية 2018 تعديلا للمادة 7 من المدونة العامة للضرائب يهم تغيير شروط إعفاء هذه التعاونيات و الجمعيات السكنية من الضريبة على الشركات. و إذا كانت المادة 7 من المدونة العامة للضرائب في صيغتها السابقة تتضمن شرطين يجب توفرهما في التعاونيات أو اتحاداتها كوحدات قانونية مستقلة عن أعضائها، من أجل الاستفادة من الإعفاء، فإن الصيغة الجديدة لهذه المادة تتضمن خمسة شروط، من بينها شروط يجب توفرها في المنخرطين أو المتعاونين أنفسهم و يتعلق الأمر ب:

و قد تم اعتبار هذه الشروط من طرف الطاعنين بمثابة تقييد لحرية الانضمام للجمعيات السكنية التي يكفلها الدستور طبقا للفصلين 12 و 29 منه.

غير أن المحكمة الدستورية و بالاستناد إلى الغاية من هذه المقتضيات، و التي تتمثل في الحد من استغلال الإعفاء الضريبي لغير الأهداف التي أحدث من أجلها، اعتبرت أن المقتضيات المذكورة لا تخالف الدستور.

و إذا كان منطوق القرار مبررا من حيث الباعث عليه، فإنه لا يخلو من إثارة بعض الملاحظات بالنظر إلى وظيفة المحكمة الدستورية في حماية الحقوق و الحريات الفردية[9]، المنصوص عليها في المقتضيات الدستورية. و نكتفي في هذا التعليق بمأخذين اثنين. يتعلق الأول منهما بعدم كفاية التعليل الذي استندت عليه المحكمة للقول بعدم مخالفة المواد المطعون فيها لمقتضيات الدستور، و يهم الثاني عدم إبداء تحفظات فيما يتعلق بتفسير مقتضيات المواد المذكورة.

القسم الأول: عدم كفاية التعليل

لقد اكتفت المحكمة الدستورية لتعليل قرارها بالاستناد على الغاية من وضع شروط تقييد الانضمام إلى التعاونيات و الجمعيات السكنية و المتمثل في الحد من حالات الاستفادة المتكررة، و استغلال الإعفاء الضريبي لغير الأهداف التي أحدث من أجلها. و يبقى هذا، في نظرنا، تعليل غير كاف باعتبار النتيجة التي آل إليها، ألا و هو تبرير تقييد حرية الانضمام إلى الجمعيات التي تعد من الحريات الأساسية التي يكفلها الدستور.

و بالنظر إلى كون تأسيس الجمعيات و الانضمام إليها يعد من الحريات الأساسية التي يكفلها الدستور بمقتضى الفصلين 12 و 29، ربما ما كان على المحكمة تبرير النتيجة المذكورة بالحصر على الغاية المنشودة، بل كان عليها  أيضا أن تبين تناسب القيود التي وضعها قانون المالية من أجل الانضمام إلى الجمعيات السكنية والهدف المعلن، ألا و هو الحد من حالات الاستفادة المتكررة و استغلال الإعفاء الضريبي لغير أهدافه. و لقد كان هذا ما أكدت عليه محكمة العدل الأوروبية، غير ما مرة، في قراراتها التي تحرص فيها على التحقق من أن المشرع حينما يفرض قيودا على ممارسة الحريات الأساسية، لا ينبغي له أن يقر أكثر مما هو ضروري لبلوغ الهدف المنشود[10].

و هكذا، فقد قضت محكمة العدل الأوربية في قرارها Lasteyrie du Saillant بأن القرينة المعممة و التلقائية للتهرب الضريبي المنصوص عليها في المادة 167 المكررة من المدونة العامة للضرائب بفرنسا ، تشكل مساسا غير متناسب بحرية الإقامة  (liberté d’établissement)المكفولة لفائدة رعايا دول مجموعة الاتحاد الأوروبي داخل مجموع تراب الاتحاد[11] . كما قضت نفس المحكمة في قرار آخر بأن الاقتطاعات عند المنبع على جميع الربائح (dividendes) الموزعة على الشركات غير المقيمة، يشكل تقييدا لحرية حركة رؤوس الأموال، حيث أنه بالنظر إلى التطبيق العام و التلقائي لهذا التدبير، فإنه لا يمكن تبريره بضرورة محاربة الغش و التهرب الضريبي[12].

و موازاة مع بيان تناسب المقتضيات المطعون في دستوريتها من عدمه و الهدف المنشود، لعله كان حريا بالمحكمة استحضار جميع المبادئ الدستورية التي يمكن الرجوع إليها بالمناسبة، و التوفيق بينها لتعليل قرارها تعليلا وافيا.

بناءا على ما سبق، فإننا نحبذ التذكير بالأهداف المتوخاة من تشجيع تأسيس الجمعيات و التعاونيات السكنية، و إعفائها من الضريبة على الشركات، ألا و هي التخفيف من تكاليف الحصول على السكن في إطار تضامني لفائدة ذوي الدخل المحدود، و هذا الهدف في حد ذاته يتماشى مع المبدأ الدستوري المنصوص عليه في الفصل31 من الدستور، الذي ينص على أن الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين و المواطنات على قدم المساواة من الحق في السكن اللائق.

و إذا كان الأمر كذلك، وجبت الإشارة إلى أن تأسيس جمعيات تهدف مساعدة أعضائها على الحصول على سكن لائق بثمن مناسب، ليس فيه ما يخالف الدستور. بل على العكس من ذلك، و كما ذكر أعلاه، فإن الهدف من تأسيس هذه الجمعيات هو تحقيق مبدأ دستوري المتمثل في ضمان الحق في السكن لكل المواطنين و المواطنات.

غير أن الحق في السكن اللائق و حرية تأسيس الجمعيات و الانخراط فيها، لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يصادم مبادئ دستورية أخرى، متحصنة بنفس القيمة القانونية، و يتعلق الأمر هنا بالعدالة الضريبية، و حرية المبادرة و المنافسة الشريفة. حيث أن استغلال الجمعيات و التعاونيات السكنية لأغراض المضاربة العقارية قد يشكل مساسا بهذه المبادئ الثلاث.

القسم الثاني: انعدام التحفظات على المقتضيات المراقبة

إن اعتبار حرية الانضمام إلى الجمعيات من الحقوق و الحريات الأساسية التي يقرها الدستور، يحتم على المحكمة الدستورية فرض رقابة ضيقة على كل مقتضى تشريعي يرمي إلى الحد منها، سواء من الناحية المنهجية أو فيما يأخذ بجوهرها[13].

فمن حيث المنهج الدستوري، فإن قواعد التفسير تحتم على القاضي الدستوري، من جهة، تفسير المبادئ التي أرساها الدستور على ضوء المبادئ الأخرى التي لها نفس القيمة القانونية، و بشكل لا يتعارض معها و، من جهة أخرى، تفسير الاستثناءات من هذه المبادئ تفسيرا ضيقا حتى لا يتم إفراغها من محتواها، و حتى لا يتم المساس بالأمن القانوني الذي توفره[14].

و بالموازاة، تقتضي المراقبة الدستورية الضيقة من حيث الجوهر، ألا تكتفي المحكمة بالإشارة في قراراتها إلى مخالفة المقتضيات التي تمت مراقبتها للدستور من عدمه، بل ينبغي منها أيضا القيام بتفسير المقتضيات التي تقر بأنها غير مخالفة للدستور في جوهرها، كلما تبين لها أن تطبيقها قد يِؤدي إلى الانحراف عن الهدف الذي أقرت من أجله، و ذلك باستعمال آلية التحفظات عند التفسير “réserves d’interprétation ” و التي لها وظيفة توجيهية للسلطة القضائية فيما يتعلق بمعنى المقتضيات التشريعية. و قد سبق لمجلس الدولة الفرنسي أن أكد في قراره عدد 34554 بتاريخ 15 ماي 2013 أن التحفظات عند التفسير التي يثيرها المجلس الدستوري بمناسبة إقراره مطابقة مقتضى تشريعي للدستور، تكتسي قوة الشيء المقضي به، و بالتالي فهي ملزمة للقاضي الإداري عند تطبيق و تفسير المقتضى المعني و أنه يتعين عليه تطبيقها تلقائيا عند الاقتضاء[15].

و بالرجوع إلى القرار الذي نحن بصدد دراسته، يتبين أن المحكمة لم تثر أي تحفظات حول تفسير المقتضيات المتعلقة بشروط الانضمام إلى الجمعيات السكنية. بل اكتفت بالتأكيد على أن الشروط التي تحددها الفقرة (ب) من المادة السابعة لا تعرقل حرية الانضمام إلى الجمعيات و التعاونيات السكنية، و لا تصادر الحق في الانضمام المكفول طبقا للفصلين 12 (الفقرة الأولى) و 29 (الفقرة الأولى).

غير أن القراءة الحرفية للمقتضيات المعنية يبين، بشكل لا لبس فيه، أن صياغتها تمنع بشكل صريح كل شخص خاضع للضريبة على الدخل برسم الدخول العقارية أو لرسم السكن و لرسم الخدمات الجماعية، أو سبق له أن انضم أكثر من مرة واحدة إلى جمعية أو تعاونية سكنية، تمنعه من الانضمام إلى جمعية أو تعاونية سكنية أخرى، و هذا يشكل تقييدا لحرية يكفلها الدستور، و الذي لم يشر في أي من مقتضياته إلى إمكانية الحد منها بواسطة قانون، بل اكتفى بالإحالة على القانون لتحديد شروط ممارسة حرية تأسيس الجمعيات. في حين أن الهدف المعلن لهذه المقتضيات، كما أكدت ذلك المحكمة الدستورية، هو منع الاستفادة المتكررة أو استغلال الإعفاء الضريبي لغير الأهداف التي أحدث من أجلها.

إن دور المحكمة الدستورية في حماية الأمن القانوني يحتم عليها تقييد المطلق من هذه المقتضيات سواء بإدخال تحفظات على تفسيرها، إما بالإشارة صراحة إلى أن هذه المقتضيات لا يمكن تفسيرها بأي حال من الأحوال على أنها تفرض شروطا تضيق حرية الانضمام إلى الجمعيات، أو الدعوة إلى إعادة صياغتها حتى يتماشى منطوقها مع الأهداف المسطرة. و لعله كان جديرا بالمحكمة التحقق من مدى التناسب بين الأهداف المعلنة للقانون، و القيود التي تم فرضها على حرية يكفلها الدستور.

و إذا كان الأصل أن قرارات المحكمة الدستورية تكتسي قوة الشيء المقضي به، فإنه يبقى للمحكمة الدستورية  فرصة ثانية، خلال مسطرة الدفع باستثناء عدم الدستورية من طرف الأفراد أثناء سير دعوى عمومية أمام محاكم المملكة، لمناولة هذه المقتضيات بالتفسير التوجيهي الذي يضمن احترام المقاصد الدستورية.

كما أن المحكمة الدستورية يمكنها أيضا من تلقاء نفسها إدخال تحفظات على تفسير هذه المقتضيات بمناسبة إحالة مقتضيات ترمي إلى إدخال تعديلات على المدونة العامة للضرائب، ذلك لأن المحكمة الدستورية غير مقيدة بفحص المقتضيات موضوع الإحالة فقط، حيث أن مدلول المادة132  من الدستور يقتضي أن المراقبة التي تمارسها المحكمة الدستورية تهم مجموع مقتضيات القانون المحال عليها[16]. و إذا كانت المحكمة الدستورية في الواقع العملي تكتفي بمراقبة المقتضيات التي تم الطعن في دستوريتها، فإن ذلك يأتي من باب حرصها فقط على عدم إضفاء الدستورية على المقتضيات التي لم تقم بفحصها[17].

و باستعمال هذا الحق يمكن للمحكمة الدستورية بسط رقابتها التلقائية على كل مقتضيات القانون المحال عليها حتي تلك التي لم تكن محل طعن . بل إن المجلس الدستوري الفرنسي ذهب إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر في قراره عدد  DC 271-89 بتاريخ 11 يناير 1990 أنه يتحتم على المجلس الدستوري أن يثير تلقائيا كل مقتضى في القانون المحال يتعارض مع القواعد و المبادئ ذات القيمة الدستورية[18].

كما أكد نفس المجلس أن كل تعديل تشريعي يقوم بتقليص الضمانات الدستورية يعتبر مخالفا للدستور، حيث أن أي تغيير للمقتضيات التشريعية يجب أن ينحو باتجاه تقوية هذه الضمانات و ليس تقليصها. و تأكيدا لهذا التوجه، اعتبر في قراره عدد 84-181DC بتاريخ 10 و 11 أكتوبر 1984 أنه لا يمكن تبني مقتضيات أكثر صرامة من تلك التي كانت سارية المفعول فيما يتعلق بالحريات العامة، إلا في حالتين: حالة وضعية تم اكتسابها بدون وجه حق، و الحالة التي يكون فيها تقليص الحريات ضروري لتحقيق أهداف دستورية[19].

و إذا كان المجلس الدستوري الفرنسي يعتبر أن القوانين العادية لها نفس القيمة القانونية و أنه لا توجد قاعدة دستورية تمنع إلغاء مقتضى تشريعي سابق بموجب مقتضى تشريعي جديد، فإنه يقر في المقابل بعدم إمكانية إلغاء مقتضى تشريعي قد يترتب عنه المساس بممارسة بحق أو حرية لهما قيمة دستورية[20].

الفرع الثاني: المساس بمبدأ تفريد العقوبات من أثر التضامن

رأت المحكمة أن مسألة الاعتماد في تقييم المحلات التي يتم تفويتها للأعضاء، عند مخالفة الشروط المنصوص عليها في المادة 7-1 ب على قيمة الملك التجارية في تاريخ البيع تروم عدم تمتيع الجمعيات و التعاونيات المعنية من نظام الإعفاء من الضريبة على الشركات، و هذا مما لا يثير جدلا من حيث حق الإدارة الضريبية في تدارك مستحقاتها.

لكن، و في معرض ردها على مسألة الذعائر و الزيادات من حيث أنها تجب على الجمعيات و التعاونيات السكنية، عللت المحكمة سلامة المقتضى باعتبار أن هذه الجمعيات و التعاونيات هي شخصيات اعتبارية  تتمتع بالأهلية و الاستقلال المالي عند الإخلال  بشروط الاستفادة من الإعفاء.

يبدو من خلال الدفع الذي أوردته المحكمة، ومن خلال الرد عليه أيضا، أن هذه الأخيرة أخذت هذا الدفع على حرفيته، رغم انه من البينة أن صاحب الدفع كان يروم أن يناقش مسألة التضامن  بين  الأعضاء، باعتباره استثناء من المبدأ الكامن في استقلالية الذمم ، و لا يتعلق الأمر  بتفريد العقوبة كما جاء في دفع الإحالة.

و الدليل على ذلك ما أوردته المحكمة في الفقرة المخصصة لهذا الدفع حيث أتى فريق الإحالة على شرح مقصوده من تفريد العقوبة لما استطرد قائلا أن العقوبات المذكورة تنصب على أعضاء الجمعية، و ليس على المستفيدين المخالفين لشروط الإعفاء  وحدهم،  بالنظر لطبيعة النظام التضامني.

وحيث أوردت المحكمة في قرارها: حيث إن المحكمة الدستورية، التي تعود إليها صلاحية التكييف القانوني السليم للطلبات المقدمة لها، فإنها تتقيد في ذلك بالمقصود منها لا بالصيغ و التعابير التي تأتي وفقها.

 ولقد قصرت المحكمة الدفع المتعلق بمسألة فرض الذعائر و الزيادات على التعاونيات و الجمعيات السكنية،  قصرته على الشق المعبر عنه من طرف فريق الإحالة بالمساس بمبدأ تفريد العقوبة، و نأت بجانبها المقصود بالدفع الذي ربطه الفريق بطبيعة النظام التضامني للتعاونيات، فلم تخض في الماهية الحقيقية للدفع الكامنة في مؤسسة التضامن، و التي دفع فريق الإحالة بكونها تحول دون تفريد العقوبة و جعلها بذمة المخالف المستفيد حصرا.

إن مناولة المحكمة لهذا الدفع كانت غير كافية في نظرنا، ذلك أنها عللت ردها بكون التعاونيات و الجمعيات السكنية هي شخصيات اعتبارية تتمتع بالأهلية القانونية و الاستقلال المالي، و كأن الدفع كان على نحو مدى توفر الجمعيات و التعاونيات السكنية على شروط الملزم بشريعة الضرائب و جزاءات مخالفتها. و ربما في هذا تعارض مع قول المحكمة بضرورة التقيد بالمقصود بالطلبات لا بالصيغ و التعابير التي تأتي وفقها.

إن شأن المراقبة الدستورية بأهليتها لفحص مشروعية القاعدة القانونية على أعلي مستوى بحيث تنتفى كل إمكانية لإعادة النظر و المراجعة، يجعل من قضاء هذه المحكمة قضاءا  بسلطة أعلى من  سلطة الشيء المقضي به، إضافة إلى كونه يهم شرائح عريضة من المواطنين بحكم تجرد النص القانوني مما يجعل معه الحرص على الإحاطة الشاملة و التفصيلية بكل جوانب المقتضيات موضوع الفحص أمر في غاية  من الأهمية من نواحي عدة، لا يتسع المجال لذكرها، بل يكفي أن نعلم  أن الخصم ليس شخصا طبيعيا أو اعتباريا، بل هو القانون الذي يفترض فيه التعبير عن الهوية و الوفاء بالقيم التي ينبني عليها الدستور نفسه.

إن عدم مناولة الموضوع في صلبه من شأنه أن يوحي بالتسليم بمشروعية إلزامية الجمعيات و التعاونيات في محل المخالف المستفيد، الشيء الذي يقر إدارة الضرائب على نحوها لمسلك التضامن بين أعضاء الجمعية و المتعاونين.

 و في غياب التبرير لهذا الإقرار غير اعتماد الشخصية الاعتبارية المستقلة قانونيا و ماليا،  فإننا نرى أن هذا إقرار ضمني لمبدأ التضامن.

إن القانون 112.12 المنظم  للتعاونيات يتناول في مقتضياته مبدأ التعاون بين الأعضاء  بما  يتوافق و  فلسفة المسؤولية  في  الإطار المؤسساتي،  ذلك أن المادة 32 منه تنص  ” لا تتجاوز مسؤولية الأعضاء مبلغ الحصص التي اكتتبوها .

و تنص المادة 22 من القانون المذكور على  أنه يظل العضو الذي لم يعد ينتمي إلى التعاونية لأي سبب من الأسباب،  ملتزما خلال 5 سنوات تجاه الأعضاء  الآخرين و الغير بجميع الديون و التعهدات التي أبرمتها التعاونية قبل خروجه منها، غير ان  مسؤوليته في هذا الشأن لا يمكن أن تتجاوز الحدود المنصوص عليها في المادة 32.

من خلال هذا المقتضى يتضح أن مبدأ المسؤولية في إطار التعاونية ينبني على أساس   التعاقدات و الالتزامات التي تدخل في إطار نشاطها المصرح به،  مما لا يسمح معه  بالتسليم  بإقرار هذه المسؤولية  بشكل مطلق دون التحقق من ظروفها و شروطها.

إن من شأن هذا المقتضى هو إقرار مسؤولية مادية جاهزة في حق متعاونين حسني النية،  و في حق تعاونية هي الأخرى لا يفترض لها المصلحة في ضم مستفيدين غير مؤهلين.  و لعل من شأن هذا النحو أن يشكل تفويضا تقنيا لمهام الرقابة الضريبية و ما فيه من تعدي كبير على مبادئ و مؤسسات قانونية  قائمة بذاتها في بناء حقوق الأفراد و الجماعات.

ولئن كان من المنفعة المباشرة سن مثل هذه التقيدات، إلا أنه يبقى من الحكمة أن تتسم القاعدة القانونية بالتجرد و الشمول، و أن لا يحمل القانون مراكز قانونية خاصة لتكاليف من اختصاصات السلطة الحكومية، كيف إذن لمتعاون ليس عضوا  بمجلس الإدارة أن يفترض له وزر في ما قد يتحايل به عضو من الأعضاء، لما في ذلك من مساس بمبدأ فردانية المسؤولية.

الفرع الثالث: المساس بحق الملكية

تنص الفقرة من المادة المذكورة على انه ” يمنع على مفتشي الضرائب المكلفين بالتسجيل أن يسجلوا عقودا أو محررات متعلقة بتعاونيات أو جمعية سكنية قي  حالة عدم إدلائها بقائمة محينة  للأعضاء المنخرطين فيها أو في حالة الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في المادتين 148 و 247-  XXVIIيؤاخذ فريق الإحالة على هذه الفقرة كونها تحرم المواطنين من حق الملكية المنصوص عليه في الفصل 35 من الدستور؛

لكن المحكمة قدرت ما يلي: حيث إنه، فضلا عن أن حق الملكية ليس حقا مطلقا، إذ يمكن للقانون أن يحد من نطاقه كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل 35 الدستور، فإن المرحلة التي تولت تنظيمها الفقرة الثالثة المذكورة، و المتعلقة بتسجيل العقود أو المحررات، لم تنتقل فيها بعد ملكية العقارات إلى  أصحابها للدفع بوجود مساس بحق الملكية؛

وحيث تبعا لذلك، فليس في البند الثالث  من المادة 138 ما يخالف الدستور.

إن ما جاءت به المحكمة في تقديرها لهذه المؤاخذة، لا يعبر عن ما قدمته بين يديها من كونها تتقيد في تكييف الطلبات بالمقصود منها لا بالصيغ و التعابير التي تأتي وفقها، ذلك أننا نقرأ في دفع فريق الإحالة ما يلي: حق الملكية المنصوص عليه في الفصل 35 من الدستور كما ورد أعلاه.

أن المحكمة  انصبت في تعليلها على مسألة إنتقال الملكية مقدرة، من تلك الزاوية،  أن فريق الإحالة يزعم أن امتناع التسجيل يحول دون انتقال الملكية، ربما لا يبدوا هذا واضحا من خلال صياغة المأخذ، ذلك أن حق الملكية مفهوم واسع، خاصة لما يتعلق الامر بدراسة حمايته الدستورية، ولا يقتصر فقط على حماية الملك كما يظهر لنا، على الأقل، من استنتاج المحكمة التي تصدت، بتناولها لفكرة إنتقال الملكية، إلى تحديد المالك أولا، مستنتجة أن الملكية لم تنتقل بعد ليحين الكلام عن حماية حق الملكية.

ذلك، فإنه يرجح على قراءتنا لهذا المأخذ، أن الدفع يرمي إلى ما مقصوده أن امتناع التسجيل هو من امتناع اتمام اجراءات البيع، خاصة و أن الأمر يعني عقودا شكلية متوقفة في أثارها على إجراءات التسجيل و الإشهار، و أن هذه الاستحالة الشكلية هي مانعة للمنخرط من الحصول على  تملك سكن، و من ثم جاز الدفع  بكون هذا المقتضى فيه مساس بحق دستوري، ألا و هو الحق في الملكية و قل الحق في الحصول على سكن لائق كما يوصي به الدستور في فصله 31 كل من الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية.


[1]  يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية بواسطة مراسيم و يفوض بعض سلطه إلى الوزراء الذين تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عنهم تسمية “قرارات” لتمييزها عن المقرارت الصادرة عن رئيس الحكومة. و تبقى للظهير مكانة خاصة في هرم القواعد القانونية في النظام القانوني المغربي.

[2]  للاستزادة حول شروط قبول الإحالة ، أنظر يحيى حلوي، المجلس الدستوري المغربي, دراسات و تعاليق(1994- 2017)، الرباط، دار السلام، 2017، الصفحات 328 – 369.

[3]  لقد سبق للمجلس الدستوري أن أكد ضمنيا أن الطابع الموضوعي للدعوى الدستورية يقتضي عدم قبول التنازل عن إحالة القوانين عليه حينما اعتبر في قراره رقم 2014/937  بتاريخ 2014/06/19 أن “إحالة القوانين على المحكمة الدستورية بغض النظر عن قبولها أو عدم قبولها – لا ترمي إلى تحقيق مصلحة خاصة بالجهة المُحيلة للقانون، بل تروم ضمان احترام مبدإ سمو الدستور الذي يعد، بموجب فصله السادس، من المبادئ الملزمة”, و استنتجت من ذلك أن” مآل القوانين المحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور من قِبل الجهات المحددة بالفقرة الثالثة من فصله 132 ، لا يمكن التقيد فيه بالإرادة المنفردة للجهة المُحيلة للقانون، الأمر الذي يتعين معه رفض طلب التنازل المذكور”,

[4]  M. Pascal JAN, L’accès au juge constitutionnel : modalités et procédures, Rapport rédigé par pour le deuxième Congrès de l’A.C.C.P.U.F, 2000.

[5] Ibid.

[6] Ibid.

[7] Ibid.

[8]  أنظر كمثال على ذلك القرار رقم 05/603 بتاريخ 08/03/2005 و القرار رقم 99/270 بتاريخ 26/01/1999.

[9]  إن العديد من فقهاء القانون الدستوري يعتبرون أن الوظيفية الأساسية للقضاء الدستوري هو حماية الحقوق و الحريات الفردية من مساس قد يطالها حتى من السلطة التشريعية ذاتها. أنظر في هذا :

GRAGO, Guillaume, Contentieux constitutionnel français, Paris, Puf, 2016.

[10] BLANLUET, Gauthier, « l’entreprise et la jurisprudence du conseil constitutionnel », Nouveaux Cahiers du Conseil constitutionnel, n° 49 (dossier : l’entreprise) – octobre 2015 – p. 29 à 41.

[11] CJUE, Hughes de Lasteyrie du Saillant c/ Ministère français de l’Économie, des Finances et de l’Industrie, 11 mars 2004, aff. C-9/02, point 52.

[12] CJUE Commission c/ Italie, points 58 à 64.

[13] AMELLER, Michel, « Principes d’interprétation constitutionnelle et autolimitation du juge constitutionnel », Exposé présenté à l’occasion d’une rencontre organisée à Istanbul en mai 1998 par l’OCDE, disponible sur le site institutionnel du conseil constitutionnel : https://www.conseil-constitutionnel.fr/sites/default/files/as/root/bank_mm/pdf/Conseil/principt.pdf.

[14] Ibid.

[15] GRAGO, Guillaume, op. cit., p. 109

[16] Pierre MAZEAUD, « Libertés et Ordre public », Exposé au nom du Conseil constitutionnel français à la Cour constitutionnelle d’Arménie, 2003, disponible sur le site institutionnel du Conseil Constitutionnel : https://www.conseil-constitutionnel.fr/node/1353/pdf.

[17] Ibid.

[18] GRAGO, Guillaume, op. cit., p. 419

[19] Ibid. p. 432

[20] Ibid.

Exit mobile version