السيرة الذاتية
- الاسم الشخصي: إدريس DRISS
- الاسم العائلي: مسعودي MESSAOUDI
- أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط
- باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون الجنائي والعلوم الجنائية
- محامي متمرن بهيئة المحامين بالقنيطرة
- عنوان المقال : ظروف التشديد في الجريمة
- البريد الإلكترون: maitredrissmessaoudi@gmail.com
- رقم الهاتف: 0613609972
مقـــــــــــــدمة
ظهرت الجريمة بظهور أولى طلائع البشرية، وعاصرت الإنسان منذ فجر التاريخ، لقوله تعالى بسم الله الرحمان الرحيم ” وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ“[1]. وبعد بروزها لم يخل منها زمن أو عصر، ولم تسلم منها حقبة أو دهر، فشكلت منذئذ مجالا خصبا للدراسة والتدريس، والبحث والتمحيص، أملا في فهمها، وسبر أغوارها، وحل ألغازها، والحد من تناميها وتكاثرها، فاستقر الرأي منذ أجل غير قصير أن لها أركانا، وعناصر يجب توفرها للقول بوقوعها وتحققها قانونا لأجل معاقبة فاعلها، غير أن هذه الجريمة قد تحاط بها بعض الظروف تكون معدلة للعقوبة. وتعتبر هذه الظروف كل ما يحيط بالجريمة، فهي عناصر تبعية تفترض وجود الواقعة الأساسية المكونة للجريمة بكامل عناصرها التكوينية، ويختلف ظرف الجريمة عن ركنها بحيث تخلف هذا الأخير يعني ألا يوصف الفعل أو الامتناع بأنه جريمة، أما الظرف فإن وجوده أو عدمه لا يؤثر في الوجود القانوني للجريمة، ويترتب على تحققه زيادة أو نقص في جسامة الجريمة مما يستوجب تشديد المسؤولية الجنائية أو تخفيفها[2].
والظروف باعتبارها عناصر عرضية أو ثانوية قد تتعلق بالركن المادي أو المعنوي، إلا أنها لا تدخل في البناء القانوني الذي يشمل على الحد الأدنى من العناصر الأساسية لوجود الجريمة، ومن ثم يتبين أن الظروف تمتاز بخاصيتين أساسيتين:
الأولى : أنها لا تدخل في تكوين الجريمة، فهي مجرد وعاء حسب المدلول اللغوي يؤثر في مقدار الشيء دون جوهره، فهي تتعلق بالكم دون الكيف.
والثانية : أنها ذات أثر معدل، سواء بالنسبة للجسامة المادية للجريمة أو للخطورة في شخصية الجاني مما يستوجب المغايرة في الجزاء الجنائي الواجب التطبيق، ومن ثم فهي تنال بالتشديد أو التخفيف أو الإعفاء من المسؤولية الجنائية أو تحديد نوع من التدبير الملائم لمقدار الخطورة الكامنة في شخصية الجاني، وهذا ما سوف نقوم بدراسته من خلال المبحثين التاليين:
المبحث الأول: تقسيم الظروف المشددة.
المبحث الثاني: آثار الظروف المشددة.
المبحث الأول: تقسيم الظروف المشددة
تعتبر الظروف المشددة جميعها ظروفا مشددة قانونية أي مصدرها القانون ضمانا لحقوق المواطنين، وإعمالا لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، حيث يلتزم بها القضاء و يمتنع عليه القياس عليها أو تقرير ظروف مشددة أخرى غير تلك التي نص عليها القانون صراحة. وتنقسم الظروف حسب نطاق تطبيقها إلى ظروف عامة وأخرى خاصة ( المطلب الأول)، وتنقسم حسب طبيعتها إلى ظروف مادية وأخرى شخصية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: ظروف مشددة عامة وخاصة
تنقسم ظروف الجريمة من حيث المدى المحدد لها إلى ظروف عامة وأخرى خاصة، فالظروف العامة هي التي تشمل جميع الجرائم (الفقرة الأولى)، أما الظروف الخاصة فلا تحدت أثرها إلا إذا تعلقت بطائفة معينة من الجرائم (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الظروف المشددة العامة
الظروف المشددة العامة هي تلك التي يقررها المشرع ويحددها على سبيل الحصر بحيث ينصرف أثرها في تشديد العقاب إلى جميع الجرائم أو عدد كبير غير محدد منها، ومن أهم أمثلتها نظام العود إلى الإجرام كظرف شخصي عام مشدد للعقاب، وكذلك حالة تعدد الجرائم[3].
فالمشرع المغربي شأنه في ذلك شأن مختلف بعض الدول[4] لم ينص على نظرية عامة للظروف المشددة في القسم العام من القانون الجنائي، وإن كان قد أتى بحالة عامة أجاز بموجبها للقاضي تشديد العقوبة وهي حالة العود (أولا)، وكذلك حالة التعدد (ثانيا).
أولا : حالة العود فالعود بمعناه اللغوي “الانتكاس”، وهو الحالة التي يوجد فيها الشخص عندما يرتكب جريمة جديدة بعد أن يكون قد صدر في حقه حكم غير قابل للطعن من أجل جريمة سابقة، وهذا ما أكدته بعض الاجتهادات القضائية [5].
والمشرع الجنائي قد اعتبر العود للجريمة ظرفا من الظروف التي يؤدي تحققها إلى رفع العقوبة عن الحدود العادية المقررة للجريمة الأولى التي لم تفلح في ردعه وإصلاحه بإبعاده كليا عن طريق الجريمة مما يتحتم معه التشديد في مواجهته لتوقي الخطورة الإجرامية الكامنة فيه ( الفصول 155 و 156و 157).
كما أن العود أنواع يتبين ذلك من خلال النصوص التي تقرر كيفية إعمال العود ورفع العقوبة بالنسبة لمختلف أنواع الجرائم، فهو إما عود دائم لا يتوقف إعماله على مدة معينة ( الفصل 155 من القانون الجنائي)، وإما مؤقت بحيث يلزم أن لا تمر مدة زمنية على الإدانة السابقة ( الفصل 156 – 157 – 159 من القانون الجنائي).
وهو قد يكون خاصا يستوجب أن تكون الجريمة المرتكبة مماثلة للجريمة المدان عنها سابقا (الفصل 157 من القانون الجنائي)، كما قد يكون عاما لا يستوجب تلك المماثلة (الفصلين 155 و 156 من القانون الجنائي)[6].
و يتحتم لوجود حالة عود توفر الشرطين الآتيين :
الشرط الأول : يجب أن يكون الأمر متعلقا بحكم زجري حائز لقوة الشيء المحكوم به بمؤاخذة وعقاب شخص معين للقول بأن نفس الشخص يوجد في حالة عود عندما يرتكب جريمة تالية لصدور الحكم القاضي بإدانته وعقابه، والحكم كما سبق يقتضي أمرين:
الأمر الأول: صدور حكم جنائي غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن العادية وغير العادية.
والحكم الجنائي بالمعنى السابق ينبغي كذلك أن يكون صادرا من محكمة جنائية مغربية، أو صادر عن قضاء جنائي أجنبي إذا كان هذا الحكم من أجل جناية أو جنحة عادية يعاقب عليها كذلك في القانون المغربي[7]، كما أن المحكمة المغربية المصدرة للحكم الجنائي لا يلزم فيها أن تكون محكمة عادية، بل يجوز أن تكون محكمة استثنائية[8].
الأمر الثاني: وهو أن يكون الحكم الحائز لقوة الشيء المحكوم به قاضيا بالعقوبة، وهذا الشرط غير واضح من صياغة (الفصل 154 من القانون الجنائي) لحد أن البعض اشترط فقط أن يكون الحكم صادرا بالإدانة وبغض النظر عن الجزاء المحكوم به.[9]
الشرط الثاني: ارتكاب الشخص لجريمة بعد صدور حكم سابق يقضي بعقابه لكي يعتبر الشخص الذي حكم عليه بعقوبة في حكم حائز لقوة الشيء المحكوم به في حالة عود يلزم أن يرتكب إحدى الجرائم ( جنائية كانت أم جنحة أم مخالفة ) وفق الشروط الواردة في (الفصول 155 و 156 و157 و 159)[10]، وبقى أن نشير هنا إلى أنه لا علاقة لاستيفاء عقوبة الجريمة المحكوم بها في حكم سابق مكتسب لقوة الشيء المحكوم به بتحقيق حالة العود مبدئيا، إذ يكفي ارتكاب جريمة تالية لصدور الحكم النهائي القاضي بالعقوبة في مواجهة الفاعل لقيام العود حتى ولو كانت العقوبة الأولى لم تنفذ بعد – أو لن تنفذ – على الفاعل لسبب من الأسباب.
ثانيا : حالة التعدد إن المشرع المغربي من خلال (الفصلين 118و 119 من القانون الجنائي) أنه استعمل لفظ “تعدد” ولفظ “متعددة” فقارن هذه بوصف الجريمة وتلك بجسامتها، فتحدث عن الأوصاف القانونية للفعل الواحد، وعن تعدد الأفعال المجرمة المرتكبة من طرف شخص واحد، وهو بذلك يميز بين نوعين من التعدد يسمى الأول تعددا صوريا أو معنويا (أولا)، ويسمى الثاني تعددا ماديا أو حقيقيا (ثانيا).
النوع الأول : التعدد الصوري
فالتعدد الصوري يتحقق في الحالة التي يكون فيها الفعل الواحد ممكن وصفه بعدة أوصاف، كمن يستعمل تهديدا لكي يحصل على القيام بعمل أو الامتناع من موظف حيث يوصف فعله حينئذ بأنه يشكل جرائم الارتشاء( الفصل251)، والتهديد (الفصل 427 )، وإهانة موظف عمومي (الفصل 263 ق ج) .
والذي يظهر من المثال السابق – وغيره كثير- أننا لا نواجه تعددا حقيقيا للجرائم، لأن الفعل الواحد يقبل فقط أوصافا قانونية متعددة بتعدد النصوص التي يظهر بأن الفعل يشكل خرقا لها، لذلك قيل بأن هذا النوع من التعدد هو تعدد صوري (أي غير حقيقي) أو معنوي، أما حكم هذا النوع من التعدد فقد تضمنه (الفصل 118 من القانون الجنائي) الذي ينص على أن” الفعل الواحد الذي يقبل أوصافا متعددة يجب أن يوصف بأشدها”.
إذن فالمشرع المغربي في التعدد الصوري قرر إعطاء الوصف الأشد للفعل الذي يقبل أوصافا جنائية متعددة، وعليه في المثال السابق يكون المهدد للموظف مسؤولا عن جريمة الرشوة باعتبارها أشد وصفا من ممارسة التهديد أو إهانة موظف عمومي.
النوع الثاني : التعدد الحقيقي
فالتعدد الحقيقي أو المادي للجرائم يتحقق طبقا (للفصل 119 من القانون الجنائي) عندما يرتكب الشخص جرائم متعددة في آن واحد، أو في أوقات متوالية دون أن يفصل بينها حكم غير قابل للطعن[11].
وقد كان إتباع المنطق بمقتضى ضم العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة قانونا لكل جريمة من الجرائم التي اقترفها الفاعل، إلا أنه بالرجوع إلى الفصول التي عالج فيها المشرع المغربي أحكام التعدد الحقيقي للجرائم، نجده قد اتبع هذا المنطق جزئيا فقط فطبقه بالنسبة للعقوبات المالية والإضافية وللعقوبات إذا كانت الصادرة عن المخالفات وأخيرا بالنسبة للتدابير الاحتياطية، أما العقوبات السالبة للحرية الصادرة عن الجنايات والجنح فإن المشرع اتبع بالنسبة لها – مبدئيا – قاعدة عدم الضم، ويرجع ذلك وبدون شك إلى أنه قدر بأن العقوبات السالبة للحرية لا فائدة من تعددها بتعدد الجرائم – جنايات أو جنحا – مادام في الإمكان إصلاح الجاني ( أو الجانح) بتطبيق عقوبة واحدة سالبة للحرية في حقه تقابل عقوبة الجريمة الأشد[12].
الفقرة الثانية: الظروف المشددة الخاصة
الظروف المشددة الخاصة هي تلك الظروف المنصوص عليها في مواضيع متفرقة من القسم الخاص من القانون الجنائي، بحيث تلحق كل واحدة منها بجريمة واحدة بذاتها حددها القانون أو عددا محدودا من الجرائم فلا يتعدى حكم هذه الجريمة إلى جريمة أخرى.
ولما كانت هذه الظروف تفتقد إلى الخضوع لقواعد عامة تنتظم تطبيقها، فإن دراستها التفصيلية تخرج عن إطار النظرية العامة للقواعد الجنائية الموضوعية سواء في جانبها الخاص بالجريمة أو في جانبها الخاص بالجزاء.
وتتم دراسة هذه الظروف تفصيلا في نطاق القسم الخاص من القانون الجنائي حيث يتم بيان الأحكام الخاصة بكل جريمة؛ أركانها عناصرها وظروفها وأسباب الإعفاء من العقاب إن وجدت[13].
والظروف المشددة الخاصة قد تتعلق بالحالة النفسية للجاني أو بصفة فيه، كما هو الحال بالنسبة لظرف سبق الإصرار والترصد، عندما يدل الترصد على وجود سبق الإصرار (الفصل 394 من القانون الجنائي)، والظروف المستمدة من كون السارق أحد العاملين في المكان الذي وقعت فيه السرقة “صفة العامل أو الخادم”، أو ارتكابه للسرقة قصد الإضرار بمتبوعة “رب العمل أو المخدوم”، حتى ولو وقعت الجريمة في غير مكان العمل أو الخدمة ( الفصل 509 من القانون الجنائي).
كما تتعلق الظروف المشددة الخاصة بظروف وملابسات ارتكاب الجريمة أو كيفية تنفيذها، كظرف الكسر والتسلق أو حمل السلاح أو الإكراه أو ظرف الليل أو ظرف التعدد في جريمة السرقة (الفصل 510 من القانون الجنائي)، وقد يتعلق الظرف المشدد الخاص بوسيلة ارتكاب الجريمة كما في حالة ارتكاب جريمة القتل العمد باستخدام المواد السامة (الفصل 398 من القانون الجنائي)، بل قد يتعلق الظرف المشدد الخاص بصفة في المجني عليه ذاته، مثال ذلك وقوع جريمة القتل على أحد أصول الجاني، وأخيرا فقد يتعلق الظرف المشدد الخاص بالنتيجة الجسيمة التي تترتب على الجريمة حتى ولو كانت هذه النتيجة غير مقصودة من الجاني أو من الجناة في حالة تعددهم، مثال على ذلك حدوث الوفاة أو العاهة المستدامة نتيجة للضرب أو الجرح ( الفصل 402 و 403).
المطلب الثاني : الظروف المشددة المادية والشخصية
تنقسم ظروف الجريمة بحسب طبيعتها إلى ظروف مادية تتعلق بعنصر من عناصر الركن المادي للجريمة (الفقرة الأولى)، وأخرى شخصية تقترن بالركن المعنوي للجريمة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الظروف المشددة المادية
يعتبر الظرف المادي المشدد هو ما كان خارجا عن شخص الجاني ومتعلقا بالجانب المادي للجريمة فيجعله أشد خطرا مما لو تجرد من هذا الظرف، حيث يفترض ازدياد خطورته وقوام هذا الجانب هو الفعل والنتيجة والعلاقة السببية بينهما، ويترتب عن ذلك أن الظرف المادي قد يتصل بالفعل ويفترض زيادة في مقدار خطورته على نحو يجعله أكثر خطورة، وقد يرجع ذلك إلى استعمال وسيلة معينة تزيد من جسامته، وقد يرد إلى ارتكابه في مكان معين أو إلى وقوعه في زمان معين، وقد يتصل الظرف المادي بالنتيجة فيفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل[14]، وقد أوردت بعض التشريعات سواء العربية[15] أو المقارنة[16] بنصوص صريحة في صلب تشريعاتها تعريفا للظرف المادي.
من خلال ما تقدم يتبين أن الظروف المادية تتعلق بالفعل الإجرامي من جهة (أولا)، أو قد تتصل بالنتيجة الإجرامية المترتبة على الجريمة من جهة أخرى (ثانيا).
أولا : الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي
في الواقع أنه إذا تعلق الظرف المادي المشدد بالفعل الإجرامي فهو يفترض كما سبق أن أوضحنا تغييرا في مقدار خطورته على نحو يجعله أكثر خطورة، وقد يرجع ذلك إلى استعمال وسيلة معينة أو ارتكاب الفعل في مكان معين أو وقوعه في زمن معين:
- الوسيلة : بلا شك أنه إذا كان من الضروري تحديد عناصر السلوك الإجرامي الذي يخضع للعقاب تحت وصف ما من أوصاف القانون سواء بوصفه جريمة تامة أو شروعا، أو بوصفه فعلا أصليا أم اشتراكا، فإنه لا يعد من هذه العناصر بحسب الأصل وسائل هذا السلوك كالقتل العمد مثلا سواء ارتكب بسلاح ناري أو بسكين أو بالخنق وما إلى ذلك، وإنما استثناء من هذا الأصل قد يدخل المشرع في الاعتبار وسيلة السلوك الإجرامي فيجعل منها عنصرا في الجريمة، فما يتعلق في هذا الأمر فهناك نصوص عديدة في القسم الخاص من قانون الجنائي قد اعتبرت وسيلة ارتكاب النشاط ظرفا مشددا خاصا يلحق أو يقترن ببعض الجرائم، كمثال على ذلك (الفصل 398 من القانون الجنائي)[17] المتعلق بجريمة التسميم، حيث شدد العقوبة في هذه الجريمة ورفعها إلى الإعدام[18]، نظرا لما تنطوي عليه هذه الوسيلة من خطورة وغدر وخيانة لأنه بلا شك أن القتل بالسم إنما يعد سهل التنفيذ وصعب الإثبات.
- المكان : لا يهتم القانون في الواقع بمكان ارتكاب الجريمة بحيث لا يعده من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل، وإنما استثناء من هذا الأصل قد يدخل المشرع في الاعتبار مكان ارتكاب السلوك الإجرامي فيجعل منه عنصرا في الجريمة، وقد يشترط ذلك صراحة كما فى جريمة السرقة مثلا، فالمشرع المغربي من خلال (الفصل 509 من القانون الجنائي) يلاحظ اتجاهه إلى تشديد عقوبة جريمة السرقة[19] التي تقع على المنزل أو الدار أو الشقة، ويرجع ذلك في الواقع إلى ما للمسكن من حرمة يجب احترامها وصيانتها، فالجاني الذي لا يكتفي بالاعتداء على مال الغير باختلاسه بل وينتهك حرمة مسكنه متوقعا أن يجد به سكانا، ولكن ذلك لم يوهن من عزيمته بل يريد مقاومتهم مما يقترن بما سبق من اعتداء ثالث على الجسم[20].
- الزمان: لا يهتم القانون الجنائي عادة بزمان ارتكاب الفعل المجرم، ولا يعتبره عنصر من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل، وإنما استثناء من هذا قد تدخل المشرع واعتبر زمان ارتكاب الفعل الإجرامي ظرفا من ظروف التشديد، كما جاء ذلك في (الفصل509 من القانون الجنائي) الذي يعتبر عنصر الليل ظرفا مشددا في جريمة السرقة، فظرف التشديد هذا يرجع بالأساس إلى سهولة ارتكابها في ذلك الزمان، وفرار الجاني مستغلا بذلك جنح الظلام، فضلا عن الصعوبة التي يجدها المجني عليه في ذلك الوقت في حماية ماله والدفاع عن نفسه وطلب النجدة مع تعذر ضبطه والتعدي عليه، فهو إنسان خطر بلا شك إذ يستغل تلك الظروف السابقة، وغالبا ما يعقد العزم على استخدام العنف مستغلا الظلام إذ اقتضت السرقة ذلك، ولذلك فهو بلا شك إنما يستحق تشديد العقوبة، مما جعله المشرع بذاته من موجبات التشديد دون الحاجة إلى أن تقترن به ظروف أخرى[21].
ثانيا : الظروف المادية المتصلة بالنتيجة الإجرامية المترتبة على الجريمة
إذا تعلق الظرف المادي المشدد بالنتيجة الإجرامية فإنه يفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل، كما أنه قد يكون لموضوع النتيجة الإجرامية قيمة في ذاته بحيث لا تستوي نتيجة تحققت فيه وأخرى تحققت في غيره:
- ازدياد جسامة النتيجة الإجرامية كظرف مشدد
قد يرى المشرع أن من طبيعة بعض الجرائم اختلاف جسامة النتيجة المترتبة عليها من حالة لأخرى فينص على اعتبار مقدار تلك الجسامة ظرفا مشددا يلحق بالجريمة ويشدد عقوبتها كمثال على ذلك (الفصول 400 و 401 و 402 ثم 403 من القانون الجنائي)[22]، تبين لنا هذه الفصول كيف أن المشرع قد اتجه إلى تشديد عقوبة جريمة الضرب أو الجرح العمد، إذا كان الضرب أو الجرح صادرين عن سبق إصرار وترصد، وذلك إذا ترتب عليهما حدوث عاهة مستديمة على النحو الوارد به، ولو لم يتوقع الجاني وقت ارتكاب الفعل حدوت تلك النتيجة الجسيمة، مكتفيا بتوقعه وإرادته النتيجة الأقل جسامة التي نالت جسد المجني عليه أول الأمر، ثم أفضت إلى تلك العاهة المستديمة معتبرا تلك النتيجة الجسيمة ظرفا مشددا لجريمة الضرب أو الجرح العمد.
- موضوع النتيجة الإجرامية كظرف مشدد
يشترط القانون بالنسبة لبعض الجرائم أن يكون موضوع النتيجة الإجرامية شيئا أو شخصا معينا تتوفر فيه صفة معينة في موضوع النتيجة الإجرامية من أجل تشديد العقوبة، وكمثال على ذلك ( الفصل 263 من القانون الجنائي ) الذي يشدد العقوبة في جريمة القذف إذا وقع في حق موظف عام، ويرجع ذلك بلا شك إلى رغبة المشرع في أن يكفل للأشخاص الذين يقومون بمباشرة الأعمال العامة قدرا من الأمان والطمأنينة في أداء عملهم حتى يقوموا بها على أكمل وجه نظرا لحساسية المركز الذي يتولونه.
الفقرة الثانية : الظروف الشخصية المشددة
تعتبر الظروف الشخصية المشددة[23] هي تلك الظروف التي تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة، و لها أربع صور؛ الأولى تفترض ازديادا في خطورة إرادته الجنائية، والثانية تفترض صفات معينة يرى القانون أن توفرها لديه يعني الخطورة الكامنة في شخصه، والثالثة تتمثل في البواعث التي تدفعه إلى ارتكاب الجريمة مما يؤثر في الواقعة الإجرامية، والرابعة تفترض علاقة معينة تربط بين الجاني والمجني عليه.
بالإضافة إلى تلك الصور فهناك بالطبع ظرف العود الذي يتعلق بشخص الجاني، والذي سبق لنا أن أوضحنا أنه قد يعد من قبيل الظروف المشددة العامة، وعلى هذا الأساس سوف نقوم بدراسة هذه الفقرة من خلال الإرادة الجنائية للجاني(أولا)، ثم صفة الجاني(ثانيا)، إضافة إلى الباعث(ثالثا)، وعلاقة الجاني بالمجني عليه(رابعا)
أولا : الإرادة الجنائية للجاني
يمكننا تعريف الإرادة بأنها نشاطا نفسيا يصدر عن وعي وإدراك يتجه إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة فنفترض عندئذ علما بالغرض المستهدف، وبالوسيلة التي يستعان بها لتحقيق ذلك الغرض، وتلك الإرادة تعد عنصرا لازما في الركن المعنوي أيا كانت صورته فلا يسأل الشخص عن نشاطه ونتيجته إلا إذا كان هذا النشاط تعبيرا عن إرادته، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة عمديه أو غير عمدية، إيجابية أو سلبية[24]. و في ضوء ذلك اتجهت معظم التشريعات الجنائية المعاصرة إلى تقسيم القصد من حيث درجته إلى نوعين: قصد عادي أو بسيط وقصد مع سبق الإصرار.
وقد بني هذا التقسيم على مدى تغلغل النشاط الذهني في إرادة الفاعل إذ مما لا شك فيه أن من يصمم على الجريمة وينفذها بعد أن يفكر فيها تفكيرا هادئا أتاح له أن يقدر ما يترتب عليها من أضرار ومخاطر سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمجني عليه، إنما تكشف جريمته عن شخصيته في حالتها الطبيعية وعن مقدار ما تنطوي عليه من خطورة بينما من يرتكب جريمته تحت تأثير انفعالات قوية فقد أخرجته هذه الانفعالات عن طبيعته وأظهرت خطورة تجاوز ما تنطوي عليه شخصيته[25].
وقد ذهب المشرع المغربي إلى اعتبار سبق الإصرار مجرد ظرف مشدد خاص يلحق ببعض الجرائم في القسم الخاص من القانون الجنائي[26]. وكمثال على ذلك (الفصل 393 من القانون الجنائي) الذي ينص على أن ” القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد يعاقب بالإعدام”، وبالتأمل في هذا النص يبدو بلا شك اتجاه المشرع إلى تشديد عقوبة جناية القتل العمد، وذلك عند ارتكابها مع توفر ظرف سبق الإصرار ويرجع ذلك في الواقع إلى أن المشرع قد قدر أن من يقدم على تنفيذ جريمة وهو هادئ النفس مقدر كل الاحتمالات عالما بما يترتب عليها من ضرر بالغير وبما يلحقه من عقاب هو أكثر خطورة ممن يقدم على فعله وهو واقع تحت تأثير انفعالات قوية لا تمكنه من تقدير الاحتمالات المختلفة للأمر.
ثانيا : صفة الجاني
في الواقع فإن من يسأل عن جريمة معينة قد تزداد خطورته على المجتمع أو تقل بتوفر صفات معينة لديه تفترض إخلالا بواجب التزم به وحده أو خيانة لثقة وضعت فيه دون سواه أو إساءة لسلطة خولت له وحده.
والمشرع قد اتجه إلى اعتبار صفة الجاني مجرد ظرف مشدد خاص تلحق ببعض الجرائم، وكمثال على ذلك الفقرة الأخيرة من(الفصل 509 من القانون الجنائي) التي تشدد السرقات التي تحصل من الخدم بالأجر، والهدف من تشديد هذه العقوبة راجع بالأساس إلى إخلال الجاني بواجب الأمانة التي يجب اتصافه بها ونكرانه للجميل وإلى استغلاله الثقة الموضوعة فيه من قبل المخدوم أو رب العمل، تلك الثقة التي تتمثل بأن يترك في متناول يديه جانبا من أمواله حتى يمكنه القيام بأداء أعماله، وما يترتب على ذلك من عدم احتراس المخدوم أو رب العمل قبلهم مما يسهل له فعل السرقة[27].
ثالثا : الباعث
إذا افترضنا أن مجرما اتجه إلى ارتكاب فعل اختيارا قاصدا به تحقيق نتيجة كالاستيلاء على مال الغير أو إزهاق روح الغير، فما الذي دفعه إلى طلب هذه النتيجة؟
في الواقع فإن الإجابة على ذلك التساؤل تكمن إلى ما يسميه الشراح الجنائيون بالباعث على الجريمة، ويعتبر هذا الأخير بأنه العامل النفسي الذي يحمل الشخص على توجيه إرادته الإجرامية إلى تحقيق نتيجة، فهو يمثل القوة المكونة للإرادة ثم القوة الدافعة لها حتى تتحقق النتيجة، ولا علاقة له بتكوين القصد الجنائي الذي يقوم على إرادة تحقق واقعة بغض النظر عن البواعث المحركة للسلوك، كما أنه لا أثر له على تكوين الجريمة قانونا[28].
إنما ينظر إلى البواعث عند تقدير العقاب فقط بمقتضى سلطة القاضي التقديرية حيث يشدد العقوبة ويرفعها إلى حدها الأقصى عندما يتبين له أن الباعث على ارتكاب الجريمة مثلا كان ذميما أو دنيئا أو شريرا…..إلخ.
فيما يخص البواعث في القانون الجنائي نجد بعض النصوص في أجزاء متفرقة من القسم الخاص من القانون الجنائي قد اتجهت إلى اعتبار ارتكاب الجريمة بباعث معين مجرد ظرف مشدد خاص يلحق ببعض الجرائم، كمثال على ذلك (الفصل 392 في فقرته الأخيرة) التي جاء فيها ” إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة”، من خلال قراءة هذه الفقرة يتضح اتجاه المشرع إلى تشديد عقوبة جناية القتل العمد برفعها إلى الإعدام، وذلك عند ارتكابها بدافع ارتكاب أي جنحة او مساعدة مرتكبها على الهروب أو التخلص من العقوبة على النحو الوارد به، ويرجع ذلك في الواقع إلى خطورة الجاني واستهتاره بأرواح الناس، بحيث أنه لم يتردد في ارتكاب جريمة القتل من أجل اقتراف جرائم أخرى أو الفرار من عقوبتها.
رابعا : علاقة الجاني بالمجني عليه
لا نجد نصا يقر اعتبار وجود علاقة معينة تربط بين الجاني والمجني عليه ظرفا عاما مشددا، ولكننا نجد نصوصا عديدة في القسم الخاص من القانون الجنائي قد اتجهت إلى اعتبار وجود علاقة معينة تربط الجاني بالمجني عليه مجرد ظرف خاص يلحق ببعض الجرائم، (فالفصل 396 من القانون الجنائي) مثلا ينص على أنه “من قتل عمدا أحذ أصوله يعاقب بالإعدام”، إضافة إلى (الفصل487 من القانون الجنائي)، من خلال ما تقدم فقد اتجه المشرع إلى تشديد العقوبة، وذلك في حالة وجود علاقة معينة تربط بين الجاني والمجني عليه وتتمثل في كون الفاعل من أصول المجني عليه.
ويرجع ذلك في الواقع إلى سهولة ارتكاب الجريمة بحكم اتصال الجاني بالمجني عليه بالإضافة إلى عنصر الثقة الموجود بين الجاني والمجني عليه، فضلا عما تدل عليه هذه الجريمة من وحشية بالغة ومخالفة للطبيعة البشرية فكان لابد من هذا الجزاء الرادع حتى يرتدع الغير[29].
المبحث الثاني : آثار الظروف المشددة
بعد أن انتهينا من بيان تقسيم الظروف المشددة موضحين أنواعها وأوصافها المختلفة سنتعرض الآن إلى بيان أثر تلك الظروف المشددة- سواء كانت عامة أو خاصة، مادية أم شخصية على عقوبة الجريمة وطبيعتها القانونية ( المطلب الأول )، وكذا بيان أثرها على سائر المساهمين في جريمة واحدة، وذلك إذا افترضنا توافر حالة مساهمة جنائية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: آثار الظروف المشددة على عقوبة الجريمة وطبيعتها
إن الظروف المشددة، مادية كانت أم شخصية محددة في القانون على سبيل الحصر، بالنسبة لجرائم معينة من جنايات وجنح حيث تشدد العقوبة وترفعها عن الحد الأقصى المقرر لها قانونا ( الفقرة الأولى)، مما يترتب عليه تغيير في طبيعتها القانونية ( الفقرة الثانية )، هذا التأثير يختلف من جريمة إلى أخرى، ومن ظرف إلى آخر، حسب تقدير المشرع لأهمية الظروف المشددة ومدى تأثيرها على جسامة الجريمة، ودلالتها على خطورة الجاني.
الفقرة الأولى : أثر الظروف المشددة على عقوبة الجريمة
بإطلاعنا على نصوص القانون الجنائي المغربي، يتضح لنا من أول وهلة اتجاه مشرعنا إلى معالجة آثار الظروف المشددة على عقوبات الجرائم التي تقترن بها، في القسم الخاص من القانون الجنائي بمناسبة النص على الجرائم وعقوباتها باستثناء تأثير حالة العود وتعدد الجرائم اللذين عالجهما المشرع في القسم العام، ورتب عنهما أحكاما عامة لتشديد العقوبة تسري على كافة الحالات التي يتحققان فيها.
I-اثر الظروف الخاصة على عقوبة الجريمة
إن ظروف تشديد الخاصة تؤثر على عقوبة الجريمة وذلك إما بالرفع من مقدارها دون تغيير نوعها، أو رفعها إلى عقوبة أخرى من نوع أخر، وإما مضاعفتها، أو تطبيق عقوبة جريمة أخرى أشد.
1 – التغيير من كمية ومقدار العقوبة فقط مع إبقائها على نفس نوع العقوبة الأصلية
بمعنى تغليظ عقاب الجريمة مع الإبقاء على نوع عقوبتها والاكتفاء بالارتفاع بمقدارها فقط[30]، كما هو الأمر بالنسبة( للفصل 400 من القانون الجنائي) الذي يشدد عقوبة جنحة الضرب أو الجرح أو الإيذاء أو العنف العمد، فيرفعها من الحبس الذي يتراوح بين شهر واحد وسنة وغرامة من 200 درهم إلى 500 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، إلى عقوبة الحبس الذي يتراوح بين 6 أشهر وسنتين وغرامة من 200 درهم إلى 1000 درهم في حالة ما إذا اقترن بهذه الجريمة سبق إصرار وترصد أو استعمال سلاح[31] .
فالمشرع هنا وكنتيجة لاقتران الجريمة بسبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح، رفع من مقدار العقوبة فقط، دون أن يستبدلها بعقوبة أخرى أكثر شدة.
2 – استبدال العقوبة الأصلية للجريمة، نتيجة اقترانها بظرف مشدد، بعقوبة أخرى جديدة أشد من نفس نوعها
كما هو الحال مثلا في (الفصول 392، 393، 396 و397 من القانون الجنائي المغربي)، التي تشدد عقوبة جناية القتل العمد، فترفعها من السجن المؤبد، المقرر لها في الأصل حسب الفصل 392 إلى عقوبة الإعدام إذا اقترنت بسبق الإصرار والترصد، أو إذا سبقته أو صاحبته أو أعقبته جناية أخرى، أو إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة، أو قتل أحد الأصول أو القتل عن طريق التعذيب والأعمال الوحشية.
فالمشرع في هذه الحالة وكتأثير لأحد ظروف التشديد المذكورة أعلاه، استبدل عقوبة القتل العمد البسيط والتي هي السجن المؤبد، بعقوبة أخرى أشد منها وهي الإعدام، مع الحفاظ والإبقاء على نفس النوع ( كل من السجن المؤبد والإعدام: عقوبة جنائية).
3 – رفع العقوبة إلى عقوبة جديدة أشد من نوع آخر مخالف لنوع العقوبة المقررة أصلا للجريمة
كما هو الشأن بالنسبة (للفصل 507 من القانون الجنائي المغربي)، الذي يشدد عقوبة جنحة السرقة البسيطة، فيرفعها من الحبس الذي يتراوح بين سنة و5 سنوات وغرامة من 200 درهم إلى 500 درهم المقررة لها حسب الأصل في (الفصل 505 من القانون الجنائي المغربي)، إلى عقوبة السجن المؤبد، إذا ارتكبت بحمل السلاح سواء كان ظاهرا أو خفيا[32]، أو (الفصل 509من القانون الجنائي) الذي يرفعها إلى السجن بين 10 و20 سنة عند استعمال السارق للعنف أو التهديد به، أو التزي بغير حق بزي نظامي أو انتحال وظيفة من وظائف السلطة أو ارتكاب السرقة ليلا، أو ارتكابها بواسطة شخصين أو أكثر أو استعمال التسلق أو الكسر من الخارج، أو نفق تحت الأرض أو مفاتيح مزورة أو كسر الأختام أو استعمال السارق لناقلة ذات محرك لتسهيل السرقة أو الهروب، أو إذا كان السارق خادما أو مستخدما بأجر وارتكب السرقة في منزل مخدومه أو في مكان آخر ذهب إليه صحبة مخدومه[33].
فالمشرع هنا رفع عقوبة جريمة السرقة البسيطة عندما اقترنت بظرف من ظروف التشديد من الحبس بين سنة و5 سنوات – وهي عقوبة جنحة- إلى السجن المؤبد أو السجن بين 10 و 20 سنة، وهما عقوبتان جنائيتان وبالتالي ثم تغيير نوع العقوبة.
4 – مضاعفة العقوبة المقررة للجريمة في صورتها البسيطة عند اقترانها بالظرف المشدد[34]
وهو ما يستفاد من (الفصل 434 من القانون الجنائي المغربي) الذي يشدد عقوبة جريمة القتل غير العمدي، من الحبس من 3 أشهر إلى 5 سنوات وغرامة من 250 درهم إلى 1000 درهم إلى الضعف إذا كان الجاني قد ارتكب جريمته وهو في حالة سكر أو كان قد حاول التخلص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها، وذلك بفراره عقب وقوع الحادث أو بتغيير حالة مكان الجريمة أو بأية وسيلة أخرى.
5 – تشديد عقوبة الجريمة الأصلية عند اقترانها بظرف مشدد بتطبيق عقوبة جريمة أخرى أشد[35]
كما هو الحال بالنسبة (للفصل 252 من القانون الجنائي المغربي) الذي يتجه إلى تشديد عقوبة جريمة الرشوة أو استغلال النفوذ فينص “إذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو القيام بعمل يكون جناية في القانون، فإن العقوبة المقررة لتلك الجناية تطبق على مرتكب الرشوة أو استغلال النفوذ ” .
وكذلك الأمر بالنسبة (للفصل 253 من القانون الجنائي المغربي) الذي ينص على أنه” إذا كانت رشوة أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين أو قضاة المحكمة، قد أدت إلى صدور حكم بعقوبة جناية ضد متهم فإن هذه العقوبة تطبق على مرتكب الرشوة”.
6 – تشديد العقوبة السالبة للحرية فقط دون الغرامة عند اقتران الجريمة بظرف مشدد
كما هو الحال بالنسبة للفصل 263 من القانون الجنائي المغربي الذي يتجه إلى تشديد عقوبة جريمة إهانة واحد أو أكثر من رجال القضاء من الحبس من شهر إلى سنة و غرامة من 250 درهم إلى 5000 درهم إلى الحبس من سنة إلى سنتين وغرامة من 250 درهم إلى 5000 درهم، إذا وقعت الإهانة أثناء الجلسة.
II-اثر الظروف العامة على عقوبة الجريمة
سنطرق هنا إلى أثر كل من حالة العود وتعدد الجرائم على العقوبة، موضحين كيف تشدد عقوبة الجريمة في حالة توفر هذين الظرفين:
1– أثر العود على عقوبة الجريمة
إن كان العود إلى الجريمة لا يعدو كونه ظرفا من الظروف الشخصية المشددة للعقوبة، فإن المشرع قد تعرض له استقلالا وأفرد لكيفية تشديد العقاب في حالة تحقق هذا الظرف أحكاما تغاير الأحكام التي سار عليها في تشديد العقاب نتيجة لتوافر الظروف المشددة الخاصة، ذلك أن المشرع بالنسبة لهذه الأخيرة حدد كيفية تشديد العقوبة بالنسبة لكل جريمة على حدى في النص المقرر للظرف المشدد، أما بالنسبة لرفع العقاب وتشديده بسبب تحقق حالة العود فإنه أتى بأحكام عامة لرفع العقوبة[36] تسري على كافة الحالات التي يتحقق فيها العود إلى الجريمة على التفصيل الآتي:
الحالة الأولى: المنظمة بالفصل 155 من القانون الجنائي المغربي
و بمقتضاها فإنه من سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به، ثم ارتكب جناية ثانية من أي نوع كان يعاقب:
أ – بالإقامة الإجبارية مدة لا تتجاوز 10 سنوات، إذا كانت العقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هي التجريد من الحقوق الوطنية.
ب – بالسجن من 5 إلى 10 سنوات إذا كانت العقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هي الإقامة الإجبارية.
ج – بالسجن من 10 إلى 20 سنة إذا كانت العقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هي السجن من 5 إلى 10 سنوات.
د – بالسجن من 20 إلى 30 سنة إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هو 20 سنة سجنا.
هـ – بالسجن المؤبد إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هو 30 سنة سجنا.
ح – بالإعدام إذا كانت الجناية الأولى قد عوقب عليها بالسجن المؤبد، و كانت العقوبة المقررة قانونا للجناية الثانية هي أيضا السجن المؤبد.
الحالة الثانية: المنظمة بالفصل 156 من القانون الجنائي المغربي:
وبمقتضاها فإن من سبق الحكم عليه من أجل جناية بعقوبة الحبس لمدة تزيد عن سنة بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به، تم ارتكب قبل مضي 5 سنوات من تمام تنفيذ العقوبة أو تقادمها، جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس، فإنه يحكم عليه وجوبا بالحد الأقصى لتك العقوبة، كما يجوز أن تبلغ العقوبة إلى ضعف الحد، و يجوز علاوة على ذلك أن يحكم عليه بالمنع من الإقامة من 5 إلى 10 سنوات.
الحالة الثالثة: المنظمة بالفصل 157 من القانون الجنائي المغربي:
وبمقتضاها يكون من سبق الحكم عليه من أجل جنحة بعقوبة الحبس بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به ثم ارتكب جنحة مماثلة قبل مضي 5 سنوات من تمام تنفيذ تلك العقوبة أو تقادمها، وجب الحكم عليه بعقوبة حبسية لا تتجاوز مدتها ضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الثانية.
وقد حدد الفصل 158 من القانون الجنائي المغربي الجرائم التي تعد جنحا مماثلة لتقرير العدد.
الحالة الرابعة: المنظمة بالمادة 159 من القانون الجنائي المغربي:
و بمقتضاها فإن من سبق الحكم عليه من أجل مخالفة تم ارتكب نفس المخالفة خلال فترة اثني عشر شهر من النطق بحكم الإدانة الذي صار حائزا لقوة الشيء المحكوم به، يعاقب بعقوبات العود المشددة طبقا لمقتضيات الفصل 611 من القانون الجنائي.
وبالرجوع للفصل 611 نجد أن المخالفين الذين سبق الحكم عليهم بالعقوبة بحكم غير قابل للطعن من أجل مخالفة مماثلة خلال مدة 12 شهرا السابقة على ارتكاب المخالفة يعتبرون في حالة العود ويعاقبون على النحو التالي:
أ – في حالة العود بالنسبة إلى المخالفات المعاقب عليها في الفصل 608 يجوز أن ترفع عقوبة الاعتقال والغرامة إلى الضعف.
ب – في حالة العود بالنسبة إلى المخالفات المعاقب عليها في الفصل 609 يجوز أن ترفع عقوبة الغرامة إلى 200 درهم، ويجوز أن يضاف إليها عقوبة الاعتقال مدة لا تتجاوز ستة أيام[37].
2– أثر تعدد الجرائم على العقوبة
بالنسبة للتعدد الصوري، قرر المشرع إعطاء الوصف الأشد للفعل الذي يقبل أوصافا جنائية متعددة أما بالنسبة للتعدد الحقيقي الذي يتحقق عندما يرتكب الشخص جرائم متعددة في آن واحد، أو في أوقات متوالية دون أن يفصل بينها حكم غير قابل للطعن، فإن المشرع اتبع في حالات معينة قاعدة ضم العقوبات وفي حالات أخرى أخذ بقاعدة عدم ضم العقوبات[38].
أ – الحالات التي أخذ فيها المشرع بقاعدة ضم العقوبات:
- العقوبة المالية: جاء في (الفصل 121 من القانون الجنائي) ” تضم العقوبات المالية سواء كانت أصلية أم مضافة إلى عقوبة سالبة للحرية إلا إذا قرر الحكم خلاف ذلك بعبارة صريحة”.
إذا فالمحكوم عليه بعدة عقوبات مالية أصلية أو إضافية، عليه أن ينفذها جميعا ما عدا إذا ارتأت المحكمة خلاف ذلك مراعاة منها لبعض الظروف.
- العقوبات الإضافية والتدابير الوقاية: جاء في (الفصل 122 من القانون الجنائي) “في حالة تعدد الجنايات أو الجنح تضم العقوبات الإضافية وتدابير الوقاية، ما لم يقرر الحكم خلاف ذلك بنص معلل، إلا أن التدابير الوقائية التي لا تقبل بطبيعتها أن تنفذ معا في نفس الوقت يراعى في ترتيب تنفيذها مقتضيات الفصل 91 من القانون الجنائي”.
والفصل 91 يقضي بما يلي : “إذا صدر على نفس الشخص عدة تدابير وقائية غير قابلة للتنفيذ في آن واحد فإنه يتعين على المحكمة التي أصدرت آخر تدبير أن تحدد الترتيب الذي يتبع في التنفيذ إلا أن الإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية أو الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج ينفذان معا قبل غيرهما”.
- العقوبات الصادرة في المخالفات : جاء في (الفصل 123 من القانون الجنائي) “ضم
العقوبات لزومي دائما في المخالفات”، وعليه تكون العقوبات الصادرة في المخالفات قابلة دوما للضم سواء كانت صادرة بالاعتقال أو كانت بالغرامة.
ب – الحالات التي أخذ فيها المشرع بقاعدة عدم ضم العقوبات:
عالج المشرع هذه الحالات في المادة 120 من القانون الجنائي حيث جاء فيه ” في حالة تعدد جنايات أو جنح إذا نظرت في وقت واحد أمام محكمة واحدة يحكم بعقوبة سالبة للحرية لا تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر قانونا لمعاقبة الجريمة الأشد.
أما إذا صدر بشأنها عدة أحكام سالبة للحرية، بسبب تعدد المتابعات فإن العقوبة الأشد هي التي تنفذ.
غير أن العقوبات المحكوم بها، إذا كانت من نوع واحد جاز للقاضي بقرار معلل أن يأمر بضمها كلها أو بعضها شرط أن لا تتجاوز الحد الأقصى المقرر في القانون للجريمة الأشد”
في نهاية هذه الفقرة نشير إلى أن المشرع اقتصر على بيان تأثير الظروف المشددة على العقوبة الأصلية فقط، دون العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية باستثناء ظرف تعدد الجرائم الذي يبين أثره على العقوبات الإضافية والتدابير الوقاية.
لكن بالرجوع إلى المبادئ القانونية العامة، نجدها تحصر آثار التشديد في حدود ما نص عليه القانون، فإذا كان قد قصره على العقوبات الأصلية فإن ذلك يعني أنه لا تأثير له على ما عداها، وهذا القول صحيح بالنسبة للتدابير الوقائية والعقوبات الإضافية التكميلية [39] .
أما صحته بالنسبة للعقوبات الإضافية التبعية[40] فمشروطة بأن لا يكون ظرف التشديد قد غير من العقوبة الأصلية المقررة للجريمة واستبدلها بعقوبة أصلية أخرى تتبعها عقوبات إضافية تبعية، لم تكن تتبع العقوبة الأولى وعندئذ يكون تأثير ظرف التشديد على العقوبة الإضافية التبعية هو من خلال تأثيره على العقوبة الأصلية[41].
الفقرة الثانية : أثر الظروف المشددة على طبيعة الجريمة
إن البحث عن أثر الظروف المشددة على طبيعة الجريمة يشكل بالنسبة للباحثين في مجال القانون أهمية كبرى، لما قد يترتب عن ذلك من نتائج قانونية هامة، تتعلق بمدد التقادم، أي المدة المسقطة للدعوى أو العقوبة حيث أنه من المعلوم أنها تختلف عما إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة، وكذلك فيما يتعلق بالاختصاص هل يظل للمحكمة الابتدائية أم ينتقل لمحكمة الجنايات، وما يترتب على ذلك من آثار[42].
تجدر الإشارة إلى أنه عندما تشدد العقوبة، نتيجة اقتران الجريمة بظرف من ظروف التشديد عاما كان أو خاصا، ماديا أم شخصيا، إلى عقوبة جديدة تدخل في نفس نوع العقوبة الأصلية المقررة للجريمة حسب الأصل، كأن تشدد العقوبة الجنحية إلى عقوبة جنحية أشد منها، فإن الأمر هنا لا يطرح أي إشكال طالما أن العقوبة بقيت من نفس النوع، وبالتالي لا أثر هنا لظرف التشديد على طبيعة الجريمة مادام أن العقوبة لم تتغير، وللتوضيح أكثر سنأخذ (الفصل 434 من القانون الجنائي) الذي يرفع العقوبة عن الجروح بغير عمد، من الحبس ما بين شهر واحد وسنتين وغرامة ما بين 200 درهم و500 درهم إلى الحبس ما بين شهرين وأربع سنوات وغرامة مابين 400 درهم و1000 درهم إذا كان الفاعل في حالة سكر أو حاول التخلص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها ، وذلك بفراره عقب وقوع الحادث، أو بتغيير حالة مكان الجريمة أو بأية وسيلة أخرى[43].
من خلال هذا الفصل –أي الفصل 434 من القانون الجنائي المغربي- يتبين أن طبيعة جريمة الجرح بغير عمد لم تتغير وإنما بقيت جنحة طالما أن العقوبة هي جنحية[44]، أي لم تتغير طبيعتها القانونية إلى نوع آخر من أنواع الجرائم، وبالتالي تظل خاضعة لمدة التقادم في الجنح ولاختصاص المحكمة الابتدائية، كما هي قبل اقترانها بظرف التشديد.
وإذا كان تشديد العقوبة إلى عقوبة جديدة من نفس النوع نتيجة اقتران الجريمة بظرف من ظروف التشديد لا يطرح أي إشكال بخصوص أثر هذا الأخير على طبيعة العقوبة، فإن الأمر على النقيض حينما يتجه المشرع إلى تشديد عقوبة الجريمة عن طريق إحلال عقوبة الجناية محل عقوبة الجنحة المقررة لها بحسب الأصل، وذلك عند اقترانها ببعض الظروف المشددة مادية كانت أم شخصية، فهل تتغير طبيعة الجريمة بعد تشديد العقوبة على النحو السابق فتصبح جناية بدلا من جنحة مع ما يترتب عن ذلك من خلال إخضاعها لمدد التقادم في الجنايات، ولإختصاص محكمة الجنايات، أم تظل كما هي جنحة بحسب الأصل على الرغم من تشديد العقوبة إلى عقوبة الجنايات؟ قبل إعطاء الجواب على ذلك نوضح التساؤل المطروح نسوق الأمثلة التالية:
المثال الأول : شخص يرتكب سرقة بسيطة فتحكم عليه المحكمة بسبب تحقق شروط العود في حقه – أي سبق صدور حكم عليه من أجل ارتكابه لجريمة نصب- بتسع سنوات سجنا، ففي هذه الحالة نلاحظ بأن المحكمة حكمت على المتابع –تطبيقا للفصل 157- [45] بعقوبة جنائية، في حين وكما هو معلوم فإن عقوبة السرقة البسيطة هي عقوبة جنحية فقط لأن حدها الأقصى لا يتعدى خمس سنوات، فهل انقلبت في هذه الحالة جريمة السرقة البسيطة إلى جناية السرقة الموصوفة بسبب توافر العود إلى الجريمة في حق الفاعل لها؟[46]
المثال الثاني: شخص يرتكب جريمة سرقة ليلا، فتحكم عليه المحكمة بست سنوات سجنا –حسب الفصل 510 من القانون الجنائي المغربي- [47] فهل تعتبر هذه السرقة جناية أم جنحة؟
من المعلوم أن السرقة البسيطة جنحة يعاقب عليها المشرع بالحبس من سنة إلى خمس سنوات لكنها إذا اقترنت ببعض الظروف المشددة فإن عقابها يشدد، وهذه حال نازلتنا التي حكمت فيها المحكمة بست سنوات سجنا طبقا للفصل 510 من القانون الجنائي الذي عاقب فيه المشرع السرقة إذا وقعت ليلا بالسجن من خمس سنوات إلى عشر.
أن التساؤلين المطروحين يجيبنا عليهما المشرع في (الفصلين 112و113 من القانون الجنائي المغربي) حيث جاء في الفصل 112 ” لا يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب تخفيف أو حالة العود”، وكما نص في الفصل 113 ” يتغير نوع الجريمة إذا نص القانون على عقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب ظروف تشديد”.
ففي المثال الأول يعتبر الشخص مرتكبا لجنحة السرقة وليس لجناية السرقة، ولا تنقلب جريمته بسبب العود إلى جناية، ويترتب على ذلك أن المحكمة الابتدائية هي المختصة في الفصل في الجريمة الأولى.
أما في المثال الثاني فالسارق يعتبر مرتكبا لجناية السرقة الموصوفة وليس جنحة السرقة، لاقترانها بظرف مشدد وهو ارتكابها ليلا، وبالتالي تنقلب الجريمة المرتكبة بسبب اقترانها بأحد أسباب التشديد إلى جناية.
والأمثلة على انقلاب جنحة إلى جناية بسبب توافر ظروف التشديد كثيرة في القانون المغربي، ونذكر على الخصوص جريمة هتك عرض قاصر يقل عمره عن 15 سنة بدون عنف والتي تعتبر جنحة تعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات حسب (الفصل 484 من القانون الجنائي المغربي)، حيث تنقلب إلى جناية إذا كان هتك العرض مقرونا بالعنف طبقا للفصل( 485 من القانون الجنائي المغربي). ويترتب على انقلاب الجنحة إلى جناية بعض الآثار سواء على المستوى الموضوعي أو على المستوى الشكلي.
فعلى المستوى الشكلي ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات وليس للمحكمة الابتدائية، أما على المستوى الموضوعي فإن المحكمة الجنائية لا يمكنها الحكم بوقف تنفيذ العقوبة طبقا (للفصل 55 من القانون الجنائي)[48]، لأن العقوبة إذ ذلك عقوبة جنائية وليست عقوبة جنحة كما أن تمتيع المتهم بظروف التخفيف يسرى عليه (الفصل 147 من القانون الجنائي )، الذي ينظم كيفية النزول في العقوبات الجنائية، وليس (الفصل 149 من القانون الجنائي) الخاص بالعقوبات الجنحية[49].
المطلب الثاني: أثر الظروف المشددة على مسؤولية المساهمين
قد تقع الجريمة من جان واحد أو جناة متعددين وعند تعدد الجناة في الجريمة الواحدة تقوم حالة المساهمة الجنائية، وهي بهذا النحو تقوم على ركنين هما: تعدد الجناة و وحدة الجريمة، فلا قيام إذن لحالة المساهمة الجنائية إذا كان الجاني واحدا أي إذا تحققت الجريمة بسلوك شخص واحد، كما لا تقوم هذه الحالة إذا تعدد الجناة وكانت جرائمهم متعددة، بحيث لابد أن يؤدي سلوكهم إلى نتيجة إجرامية واحدة وأن تجمع بينهم رابطة معنوية قوامها توافر العلم لدى كل منهم بالأفعال التي يرتكبها غيرهم.
في الواقع فإن قيام حالة المساهمة الجنائية على هذا النحو السابق تثير مسائل دقيقة متصلة بسياسة التجريم والعقاب، فقد تقترن بالجريمة ظروف مادية أو شخصية مشددة من شأنها تشديد العقوبة المقررة لها وحينئذ يثار التساؤل عن أثر تلك الظروف على مسؤولية سائر المساهمين في الجريمة فهل تكون مسؤولية الجميع واحدة وعلى قدم المساواة فيما بينهم أم على العكس ألا تكون هذه المسؤولية واحدة طالما أن الأدوار التي قاموا بها ليست على قدم المساواة من ناحية كشفها عن مدى خطورة أصحابها؟[50]، كما قد يتوافر لدى أحد المساهمين ظرف شخصي مشدد من شأنه تشديد العقوبة المقررة له، وهذا ما سوف نراه في هذا المطلب والذي سنتناول فيه أثر الظروف المادية على المساهمين (الفقرة الأولى)، ثم أثر الظروف الشخصية المشددة على المساهمين (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أثر الظروف المادية على المساهمين
الظروف المادية كما سبق أن ذكرنا من قبل إنما تتصل بذات الجريمة لا بشخص الفاعل كالكسر والتهديد في السرقة وحمل السلاح (الفصول 507 و 509 و 510 من القانون الجنائي المغربي)، والترصد في الجريمة القتل (المادة 393 من القانون الجنائي المغربي)[51]، إلى غير ذلك من الظروف المادية المشددة مثلا كسر باب منزل في جريمة السرقة إذا ارتكبه أحد الفاعلين دون بقية المشاركين والمساهمين، فهل يسري عليهم هذا الظرف المشدد جميعا أم يتحمله فقط فاعله الذي أثاره؟
في الواقع إن هاته التساؤلات الهامة لم يكن الرد عليها بالأمر الهين، بل اختلفت الاتجاهات التشريعية كما سيتضح فيما بعد.
إذا تتبعنا التشريعات المقارنة فيما يتعلق بالظروف المشددة على الفاعل والشريك لوجدانها تنقسم إلى اتجاهين :
الاتجاه الأول: يستلزم علم الفاعل والشريك بالظرف المادي المشدد حتى يسري عليهما، ويتمثل ذلك النوع من التشريعات في القانون الاسباني لسنة 1944 حيث نجده قد نص في المادة 60 منه على أن الظروف المادية يمتد أثرها إلى جميع المساهمين بشرط أن يكونوا عالمين بها، وكذلك القانون البلغاري الذي نص في المادة 19 منه على أن الشريك يسأل عن الوقائع التي تدخل في تكوين الجريمة أو تشدد عقوبتها متى كان عالما بها.
كما يتطلب أيضا القانون الانجليزي علم الشريك بالظرف المادي حتى يسري عليه، فهو لا يمد أثر الظرف المشدد الخاص بحمل السلاح مثلا إلى الشريك إلا إذا كان عالما به[52].
كما ينص القانون التركي أيضا في المادة 61 منه على أنه إذا تغير وصف الجريمة بسبب وقائع مشددة تقترن بالفعل فإن الشركاء يسألون عن العقوبة المشددة متى ثبت عملهم بتلك الوقائع، وهذا الاتجاه قصر مسؤولية كل مساهم في الجريمة على القدر الذي علم به وأراده وارتضاه، بحيث لا يسأل أي شخص عن ظروف مادية مشددة إلا بالقدر الذي ألم به واتجهت إليه إرادته تحقيقا للاتجاه الحديث في تفريد العقاب ومساءلة كل مساهم في الجريمة طبقا لإذنابه الشخصي، وهذا الاتجاه يتفق مع توصيات المؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات الذي انعقد في أثينا في المدة بين 26/9 و 2/10 سنة 1957 حيث قرر “بأنه لا يسأل المساهمون ولا يكونون بالتالي محلا لأي جزاء إلا إذا ثبت علمهم بأن العناصر المكونة للجريمة أو المشددة لها سوف تتم بواسطة أحدهم أو عن طريق الجميع”[53]، وعلى ذلك تطلب المؤتمر العلم بالظروف المادية حتى تسري على سائر المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أم شركاء[54].
الاتجاه الثاني : لا يستلزم علم المساهم والشريك بالظرف المادي المشدد حتى يسري عليه ويتمثل هذا النوع من التشريعات في القانون الايطالي حيث نجده قد نص في المادة 118 منه على أن ” الظروف المشددة أو المخفضة للعقوبة تسري إذا كانت مادية على كافة المساهمين في الجريمة ولو لم يكن العلم بها متوافرا لديهم أجمعين”[55]، وبنظرة فاحصة لهذا الاتجاه يتبين لنا من أول وهلة أنه قد عالج الظروف المادية المشددة معالجة موضوعية حيث أنه لم يتطلب علم المساهمين بها لكي تسري عليهم.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العقوبات الإيطالي تعقيبا على ذلك أنه لما كانت الظروف المشددة لا تعتبر من العناصر الأساسية في الجريمة بل هي عناصر عارضة تلحق بالجريمة وترتبط بها برابطة السببية، فهي لا تؤثر في أساس الجريمة بل في جسامتها وعقوبتها وبناءا على هذا الفارق بين طبيعة الظروف وطبيعة العناصر المكونة للجريمة يسهل تبرير اختلاف العنصر المعنوي المطلوب لوجودها، وأن من يساهم أو يشارك في فعل غير مشروع عن علم وإرادة يجب أن يتحمل جميع النتائج والآثار المترتبة على سلوكه ولا تقتصر مسائلته عن المخاطر والآثار التي تتعلق بالنتيجة فقط، بل وكافة الأوصاف التي تقترن بسلوكه، وأيضا أنه يصعب في أغلب الحالات إثبات علم المساهمين بالظروف.
وهذا الاتجاه هو الذي تبناه المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من الفصل 130 بقوله “أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة والتي تغلط العقوبة أو تخفضها، فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لجميع المساهمين أو المشاركين في الجريمة ولو كانوا يجهلونها”، وبهذه الفقرة يكون المشرع المغربي قد نص صراحة على تحمل المساهم والشريك تبعية تلك الظروف المادية المشددة وبالتالي يجازيان بالعقوبة المشددة مثل الفاعل الأصلي للجريمة، مما يعاب على هذا الاتجاه أنه أخل بمبدأ مساءلة كل مساهم طبقا لإذنابه الشخصي.
الفقرة الثانية: أثر الظروف الشخصية المشددة على المساهمين
إن الظروف الشخصية المشددة للجريمة التي قد تتوافر لدى الفاعل، هل يسري أثرها المشدد على المساهمين والمشاركين مع الفاعل الأصلي الجريمة، وما يترتب على ذلك من تشديد العقوبة المقررة لكل منهما أسوة بالفاعل الأصلي الذي تتوافر لديه هذه الظروف؟ أم أن هذه الظروف تسري فقط بالنسبة لمن تتوافر فيه؟ هذا ما سوف نقوم بمعالجته من خلال التطرق إلى نوعين من التشريعات، وذلك على الشكل التالي:
الاتجاه الأول : يجعل كل مساهم في الجريمة- سواء كان فاعلا أو شريكا – مستقلا بظروفه الشخصية المشددة بحيث يسري أثرها المشدد عليه وحده فقط، ولا يتأثر بها المساهمون الآخرون معه في الجريمة، مما يترتب عليه أن تظل العقوبات المقررة لهم من دون تعديل حيث لم تتوافر في حقهم تلك الظروف الشخصية، بينما تشدد عقوبة المساهم الذي تتوافر في حقه تلك الظروف الشخصية المشددة، وإذا تتبعنا التشريعات التي تنتمي إلى هذا الاتجاه لوجدناها عديدة، فمنها مثلا القانون الألماني حيث نجده ينص في المادة 50 منه على أنه “إذا ساهم أشخاص في فعل عوقب كل منهم على أساس خطئه دون اعتبار لخطأ غيره ممن ساهموا معه في ذلك الفعل وإذا قرر القانون أن بعض الصفات تؤدي إلى تشديد العقوبة أو تخفيفها أو استبعادها فإنها تنتج هذا الأثر بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتوافر لديه دون غيره”.
وتطبيقا لذلك فإذا كان أحد المساهمين في الجريمة معتادا على الإجرام طبقا للمادة 120 من قانون العقوبات الألماني اقتصر تشديد العقوبة عليه وحده دون غيره من المساهمين[56].
كما ينص القانون اليوناني في المادة 49 منه على أن:” الظروف التي تشدد أو تخفف أو تمنع العقوبة لا تأخذ في الاعتبار إلا بالنسبة لمن توفر لديه”.
وأيضا ينص القانون الاسباني في المادة 60 منه على عدم امتداد أثر الظروف الشخصية المتعلقة بأحد المساهمين إلى غيره”، والقانون السويسري في المادة 26 منه على أن “العلاقات والصفات والظروف الشخصية الخاصة التي تؤدي إلى التشديد أو التخفيف أو الإعفاء من العقوبة لا تؤثر إلا في صاحبها سواء كان فاعلا أو محرضا أو شريكا”. وهذا الاتجاه التشريعي هو الذي سلكه المشرع المغربي من خلال الفقرة الأولى من الفصل 130 التي تنص على أنه “ولا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف أو إعفاء من العقوبة إلا بالنسبة لمن تتوفر فيه”، حيث أن لهذه الظروف صفة شخصية بحتة فهي ليست من عناصر الجريمة، ولا تأثير لها تبعا لذلك على وضعها ودورها منحصر في تحديد مقدار جدارة صاحبها في العقاب[57].
الاتجاه الثاني : حيث تتجه بعض التشريعات إلى النص صراحة في صلب قانون العقوبات الخاص بها على أن بعض الظروف الشخصية المشددة هي فقط التي تنتقل من المساهم الذي تتوافر في حقه إلى المساهمين الآخرين سواء أكانوا يعلموا بها أم لا، ومن هذه التشريعات قانون العقوبات الايطالي حيث نجده قد نص في المادة 118 في فقرتها الثانية على أن:” الظروف الشخصية المشددة أو المخفضة التي لا تكون شخصية بحتة ومتعلقة بشخص الجاني والتي تسهل تنفيذ الجريمة يسأل عنها جميع المساهمين حتى إذا كانوا يجهلونها ويقتصر أثر الظروف الشخصية الأخرى سواء كانت مشددة أو مخففة للعقوبة على من تتعلق به هذه الظروف”، وهكذا يتضح لنا كيف أن المشرع الايطالي قد اتجه في تلك الفقرة عند تنظيمه لأثر الظروف الشخصية المشددة إلى إلغاء أي تفرقة بين المساهمين في الجريمة، فهو لم يفرق بين ما إذا كان المساهم الذي يمتد الأثر إليه فاعلا أم شريكا.
فكما تسري آثار تلك الظروف من فاعل إلى فاعل آخر يجوز أن تسري كذلك من فاعل إلى شريك بل يجوز أن تمتد أيضا من شريك إلى فاعل، وذلك على اعتبار أن الفاعل والشريك في القانون الايطالي يساوي بين الفاعل والشريك بدون أي تفرقة بينهما [58]، كما يلاحظ من نفس الفقرة أن المشرع الايطالي يفرق بين الظروف اللاصقة بشخص المتهم (أي الظروف الشخصية البحتة) مثلا العود حيث يستقل كل مساهم بظروفه الشخصية البحتة وتقتصر على من توافرت في شخصه، ولا يمتد أثرها إلى سائر المساهمين في الجريمة.
أما الظروف الشخصية الأخرى التي تمتد إلى سائر المساهمين في الجريمة علموا بها أم لم يعلموا[59] متى كان من شأنها تسهيل ارتكاب الجريمة، فلو أن طبيبا ساعد فردا عاديا في ارتكاب جريمة إجهاض، فإنه وفقا لتلك الفقرة من (الفصل 118 من القانون الجنائي الإيطالي) تعد صفة الطبيب ظرفا شخصيا من شأنه أن يسهل تنفيذ الجريمة، فيسري التشديد المترتب عليه حتى على الشخص العادي الذي تم الإجهاض على يديه وحتى ولو لم يكن عالما بتلك الصفة حيث أن القانون الايطالي كما سبق أن أوضحنا لم يتطلب العلم بذلك الظرف الشخصي حتى يسري على المساهمين.
والقضاء المغربي خرج عن القاعدة السابقة التي تقول بان الظروف الشخصية تسري فقط على من توافرت فيه، وذلك من خلال جريمة الخيانة الزوجية، التي تعتبر فيها الصفة الزوجية طرفا مشددا يغير من وصف الجريمة من الفساد إلى الخيانة الزوجية، ويسرى هذا ظرف على كافة المشاركين بحيث جاء في احد قرارات المجلس الأعلى المؤرخ في 2 نوفمبر 1967 (مجلة القضاء والقانون عدد93-ص129) قرر أن المشارك مع أحد الزوجين في جريمة الخيانة الزوجية تطبق علية عقوبة هذه الأخيرة لا عقوبة جريمة الفساد المخففة المنصوص عليه في (الفصل 490 من القانون الجنائي)، وذلك لثبوت أن هذا الشريك كان على علم بان المرأة التي اشترك معها متزوجة.
وهذا الحكم يثير الملاحظات التالية
-أن اعتبار احد المساهمين في الخيانة الزوجية مشاركا لمجرد أن الأخر متزوج لا يبدو متفقا مع المعيار الذي وضعته المادتان( 128 و129 من القانون الجنائي ) لكل من المساهم و المشارك
-أما الصفة الزوجية التي يتصف بها احد المشاركين باعتبار تغير من وصف الجريمة كما ذكرنا إما أن نعتبرها طرفا شخصيا فلا يسري مفعولها إلى غير من توافرت فيه، وإما أن نعتبرها ملحقة بالظروف العينية، وفي هذه الحلة يسري مفعولها إلى جميع المساهمين والمشاركين ولو كانوا يجهلونها، كما تؤكد ذلك صراحة الفقرة الأخيرة من (الفصل 130 ق ج م)، ولذلك يبدو غير مفهوم الشرط الذي وضعه المجلس الأعلى سابقا وهو العلم بان الطرف الأخر متزوج.
وهذا النوع من الظروف يسمى في الفقه بالظروف المختلطة فهي شخصية من حيث أنها لصيقة بشخص الجاني وموضوعية من حيث تغير وصف الجريمة.[60]
خاتمة
ما يمكن الخروج به من خلال بحثنا في هذا الموضوع هو أن ظرف التعدد لا يعتبر طرفا مشددا في العقوبة في نظرنا الشخصي بخلاف ما جاء به اغلب الفقه، لان الظرف المشدد هو الذي يرفع العقوبة عن حدها الأقصى المحدد لها قانونا، أما فيما يخص تطبيق عقوبة الجريمة الأشد في حالة تعدد الجرائم، فهذا فيه تسامح من طرف المشرع لأنه يحي إلى عدم المعاقبة على باقي الجرائم الأخرى.
وأيضا يشجع الجناة على ارتكاب الجرائم في حالة ارتكاب جريمة معاقب عليها بعقوبة اشد إلى ارتكاب جرائم أخرى اقل منها في العقوبة لأنه يعلم مسبقا انه لن تطبق عليه إلا عقوبة الجريمة الأولى.
مثلا شخص يرتكب جناية معاقب عليه بالسجن من 5الى 10 سنوات، ثم بعد ذلك يرتكب جرائم مثل السرقة البسيطة والاغتصاب… الى غير ذلك من الجرائم معاقب عليها اقل من 5سنوات فإنه لا يعاقب إلا على الجريمة الأولى.
[2] راجع بشأن معيار التفرقة بين الركن والظرف أمال عبد الرحيم عثمان: النموذج القانوني للجريمة، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية س 14، العدد الأول يناير 1972 فقرة 42، ص 265 و 268.
[3] إلى جانب ذلك تحدد بعض التشريعات العربية أسباب و ظروف عامة أخرى تؤدي إلى تشديد العقوبة، فالمادة 113 من قانون جزاء سلطنة عمان تنص على أن تشدد العقوبات في الحالات المحددة قانونا، و تشدد على الأخص :
- إذا كان الفاعل مما نظم أمر المساهمة في ارتكاب الجريمة أو دار عمل من اشتركوا فيها.
- إذا أوجد الفاعل نفسه قصدا في حالة تسمم بالمسكرات او بالمواد المحذرة بغية ارتكاب الجريمة.
- إذا توفرت في ظروف الجريمة أو في ظروف مرتكبها حالات تدعوا للتشديد في معاقبته و من ذالك الدافع الشائن
– المادة 102 من قانون العقوبات الاتحاد لدولة الإمارات العربية المتحدة.
[4] هناك تشريعات تنص على ظرف واحد في قسمها العام (العود) من بين هذه القوانين القانون البلجيكي والروماني والتركي والايطالي…
[5] لا تثبت حالة العود بمجرد ارتكاب جرائم حررت بشأنها محاضر ووقع الاعتراف بارتكابها وإنما تثبت بالأحكام
الصادرة بالعقوبة عن هذه الجرائم متى كانت حائزة لقوة الشيء المقضي به ولما كان الملف لا يتوفر على ما يفيد أن المدان كانت له سوابق قضائية بهذا المعنى فإن المحكمة لم تكن في حاجة إلى مناقشة حالة العود واتخاذ موقف منها” قرار جنائي عدد 7043 بتاريخ 9 أكتوبر 1986 مجلة القضاء والقانون عدد 138 ص 293.
[6] العلمي عبد الواحد: المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي- طبعة جديدة- 1999 ص 354 و 355.
[7] المادة 716 من قانون المسطرة الجنائية المغربية الجديدة
[8] للتوسع في هذه النقاط راجع العلمي عبد الواحد: المرجع السابق، ص 256.
[9] عبد الواحد العلمي: مرجع سابق، ص362 .
[10] عبد الواحد العلمي: مرجع سابق، ص 362.
[11] يلاحظ أنه لو وقع الفصل بحكم في إحدى الجرائم التي يتحقق بها التعدد فقد نواجه حالة من حالات العود للجريمة.
[12] عبد الواحد العلمي: المرجع السابق، ص 362.
[13] مصطفى فهمي: جوهر تفريد العقوبة في القانون الجنائي، دار النهضة العربية، ط 2002، ص 28.
[14] هشام أبو الفتوح: النظرية العامة للظروف المشددة، الهيئة المصرية للكتاب، ط 1982 ص 105.
[15] يعبر عنها القانون الجزائري في المادة 44 ق ع بأنها “الظروف اللصيقة بالجريمة، وكذلك المشرع المغربي في الفصل 130 من القانون الجنائي “الظروف المتعلقة بالجريمة”
[16] القانون الايطالي للعقوبات “تعد ظروفا موضوعية تلك التي تتعلق بطبيعة ونوع ووسائل وموضوع وزمان ومكان الفعل أو تتعلق بأي صفة أخرى فيه، وتعد كذلك الظروف التي تتعلق بجسامة الضرر أو الخطر أو بالأحوال والصفات الشخصية للمجني عليه.
[17] الفصل 398 من القانون الجنائي: “من اعتدى على حياة شخص بواسطة مواد من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أم آجلا أيا كانت الطريقة التي استعملت أو أعطيت بها تلك المواد وأيا كانت النتيجة، يعد مرتكبا لجريمة التسميم ويعاقب بالإعدام”.
[18] يقصد بالسم في الواقع كل مادة أيا كان شكلها أو مصدرها سواء كانت صلبة أو سائلة أو غازية أو كانت نباتية أو حيوانية أو معدنية، متى امتصها جسم الإنسان وأثرت في أنسجته تأثيرا كيميائيا من شأنه أن يؤدي إلى وفاته.
[19] للتوسع أكثر في الموضوع راجع عبد الحفيظ بلقاضي: القانون الجنائي القسم الخاص، مطبعة الكرامة ط2003 ، ص 171 و 172 .
[20] ذ توفيق محمد الشاوي: جرائم الأموال – السرقة والنصب وخيانة الأمانة والجرائم الملحقة بها -، دار الكتاب العربي، ط 1951، ص65.
[21] ذ محمد إبراهيم زيد: قانون العقوبات المقارن –القسم الخاص-، منشأة المعارف بالإسكندرية، ط 1974، ص 477.
[22] أنظر العلمي عبد الواحد: القانون الجنائي المغربي القسم الخاص، الطبعة 2000، ص من 266 إلى 276.
[23] الفصل 125( ق ج) ينص على أنه ” تشدد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم ينتج عن ظروف متعلقة …. أو بإجرام المتهم”
[24] هشام أبو الفتوح :المرجع السابق، ص 156 و 157.
[25] محمود نجيب حسني: الموجز في شرح قانون العقوبات القسم العام، دار النهضة العربية، ط 1966، ص 564.
[26] هناك من التشريعات من يعتبر سبق الإصرار ظرفا مشددا عاما منها قانون العقوبات البرتغالي.
[27] هشام أبو الفتوح: المرجع السابق ص 171.
[28] محمود مصطفى: نموذج قانون العقوبات، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، الطبعة الأولى 1976، ص 33.
[29] محمود نجيب حسني: دروس في قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، بند 387 ، ص 348.
[30] محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات اللبناني، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثالثة، ص 1120
[31] الفصل 400 من القانون الجنائي المغربي
[32] راجع الفصل 507 من القانون الجنائي المغربي.
[33] راجع الفصل 509 من القانون الجنائي المغربي.
[34] هشام أبو الفتوح: المرجع السابق، ص 256.
[35] هشام أبو الفتوح: مرجع سابق، ص 257.
[36] راجع المواد 155 و 156 و 157 و 159 من القانون الجنائي المغربي.
[37] راجع الفصل 609 من القانون الجنائي المغربي.
[38] عبد الواحد العلمي: القانون الجنائي المغربي القسم العام، المرجع السابق، ص 363.
[39] هي عقوبات لا يمكن تنفيذها إلا إذا حكم بها القاضي في الحكم الصادر بالإدانة ولا تتبع الحكم بالعقوبة الأصلية وجوبا بقوة القانون ودون ما حاجة إلى النطق بها.
[40] هي عقوبات تتبع الحكم بالعقوبة الأصلية وجوبا وبقوة القانون ودون ما حاجة إلى النطق بها في الحكم الصادر بالإدانة وهذه العقوبات هي: الحجر القانوني والتجريد من الحقوق الوطنية والحرمان النهائي من الحق في المعاش.
[41] محمود نجيب حسني: مرجع سابق، ص 1123.
[42] هشام أبو الفتوح مرجع سابق، ص 257.
[43] راجع الفصلين 433 و 43 من القانون الجنائي المغربي.
[44] راجع الفصل 111 من القانون الجنائي المغربي.
[45] راجع الفصل 157 من القانون الجنائي المغربي.
[46] عبد الواحد العلمي: المرجع السابق، ص 368.
[47] راجع الفصل 510 من القانون الجنائي المغربي.
[48] الفصل 55 من القانون الجنائي المغربي.
[49] عبد الواحد العلمي: مرجع سابق ، ص 370.
[50] هشام أبو الفتوح: مرجع سابق، ص 205.
[51] راجع المواد 509 و510 و392 من القانون الجنائي.
[52] أحمد على المجدوب: الظروف و أثرها على عقوبة المحرض، المجلة الجنائية القومية، المجلد الخامس عشر، مارس 1972، العدد الأول، ص 48.
[53] راجع ذ محمود مصطفى: أصول العقوبات في الدول العربية، بدون طبعة، وبدون دار النشر، ص 94.
[54] راجع رمسيس بهنام: مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، السنة التاسعة 1959- 1960 العدد 1،2 مطبعة جامعة الإسكندرية.
[55] من المعلوم أن القانون الايطالي الصادر في 1930 قد ألغى التفرقة بين المساهم والشريك وأطلق على كل منهما لقب المساهم في الجريمة.
[56] راجع هشام أبو الفتوح: المرجع السابق، ص 265.
[57] إيهاب عبد المطلب و سمير صبحي : القانون الجنائي المغربي في ضوء الفقه و أحكام المجلس الأعلى المغربي و محكمة النقض المصرية – الجزء الأول، الطبعة 2010، ص520.
[58] هشام أبو الفتوح: مرجع سابق، ص 311 و 312.
[59] هشام أبو الفتوح: مرجع سابق ص 211و 212 و349و 350.
[60] احمد الخمليشي: شرح القانون الجنائي القسم العام، الطبعة الأولى 1985،بدون دار النشر، ص 208.