ظاهرة العنف المدرسي والإجراءات التأديبية ( قراءة قانونية في المذكرة الوزارية رقم 14/867)

قراءة في المذكرة الوزارية رقم 14/867 (في شان القرارات التأديبية ) سعيد حموتي

ظاهرة العنف المدرسي والإجراءات التأديبية

( قراءة قانونية في المذكرة الوزارية رقم 14/867)

 

ترتكز قراءتنا للمذكرة الوزارية رقم 14/867 الصادرة بتاريخ 17 اكتوبر 2014 الموافق (22  ذي الحجة 1435  ) في شأن القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الاقسام على :

  • تحليل المادة 29 من المرسوم رقم 2.02.376 بمثابة النظام الاساسي الخاص بالمؤسسات التعليمية[1] كما وقع تغييره وتتميمه.
  • الصلاحيات التي منحها المشرع للمجلس التعليمي لتحديد درجة العقوبة .
  • الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمة والمقتضيات المتعلقة بالتأديب .
  • التفسير الرسمي للعقوبة وتحديدها دون تحديد المخالفات المقابلة لها.

قبل الانطلاق في هذا العمل لابد في بداية الأمر أن نعطي نظرة حول الظروف الداعية إلى تطبيق هذه المذكرة أو أسباب نزولها إن صح التعبير.

إن ظاهرة العنف التي هي من أضداد الرفق لغة، واصطلاحا تعني اللوم والعتاب فنقول عنفه أي لامه وعاتبه، وهي في سياق آخر الأخذ بالقوة حين نقول اعتنف الأمر وهو يعني المغالاة في الشدة في مواضيع أخرى، وقد يضاف العنف إلى مجال من المجالات  ليصبح في تعريفه ضمن مجاله، من قبيل العنف الزوجي تعبيرا عن المعاملة القاسية للنساء المتزوجات أو العنف اللغوي كناية عن الكتابة النصية القوية التعبير والتي تخاطب الأفكار دون لبس أو تضمين.وفي كل الحالات فالعنف هو سلوك وليس موقف[2] وبالتالي يمكن تعديله،وعموما فالتعريف الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية” الاستعمال المتعمد للقوة ، سواء بالتهديد أو الاستعمال المادي الحقيقي ضد الذات أو ضد شخص أخرأو ضد مجموعة أشخاص أو ضد المجتمع، بحيث يؤدي (أو رجحان حدوث) إلى إصابة أو موت أو إصابة نفسية أو سوء النماء أو الحرمان”[3] بينما العنف المدرسي الذي نحن بصدد التعامل مع النصوص الخاص بمعالجته، فهو يعني السلوك العنيف والعدواني نحو شخص أو نحو أحد الممتلكات داخل حدود المدرسة [4] .    لقد رجحت عدة دراسات تفشي هذه الظاهرة إلى مجموعة من المشاكل منها :

أولا : مشاكل المجتمع

  • انتشار البطالة والفقر والجهل
  • أحياء مكتظة
  • شروط عيش منحطة
  • اكتظاظ السكان في هوامش المدن
  • تغير القيم
  • الفر دانية المفرطة
  • انتشار المخدرات والكحول

 

ثانيا : مشاكل العائلة

  • ضعف الروابط الأسرية
  • كثرة الطلاق
  • الدلال في التربية
  • غياب الأب في العائلة
  • عدوانية بعض الآباء

ثالثا : مشاكل مرتبطة بالمؤسسة التعليمية

  • ضعف المصداقية في المدرسة
  • نقص التكوين القانوني لبعض أفراد الهيئة التعليمية
  • صعوبة التواصل داخل المؤسسة التعليمية
  • نقص حماية العاملين بالمؤسسة
  • كبر نطاق المؤسسات التعليمية
  • اقتصار البنايات على الحجرات دون التفكير في الفضاء الأخضر
  • ضعف إطلاع الطاقم الإداري على القانون الإداري

2- مرجعيات المؤسسة التعليمية المغربية لنبذ العنف

أولا : المرجعية التربوية

تتلخص هذه المرجعية أساسا في الميثاق الوطني للتربية والتكوين[5]، من خلال دعوته الى إكساب المتعلم قيما وأخلاقا سامية من بينها:  

  • الاعتدال
  • التسامح والحوار
  • الوعي بالحقوق والواجبات
  • الانفتاح على واقعه
  • التأسي لعلاقات جدية

 

 

ثانيا : المرجعية القانونية المؤطرة لظاهرة العنف

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[6]

المادة 3 : لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة الشخصية؛

المادة 5 : لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الجنسية أو الحاطة بالكرامة؛

المادة 26: يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان كاملا، وإلى تعزيز احترام الإنسان، وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة…

  • الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل[7]

المادة 19 : تتخذ الدول الإطراف جميع التدابير التشريعية و الإدارية والاجتماعية و التعليمية الملائمة  لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال ، بما في ذلك الإساءة الجنسية.

  • الدستور المغربي[8]

لقد اعتنى الدستور المغربي بالحريات والحقوق الأساسية في باب كامل (الباب الثاني)وخصوصا الفصل 22 منه الذي جاء فيه ” لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف،ومن قبل أي جهة كانت،خاصة أو عامة”.

وفي الفقرة الثانية ” لا يجوز لأحد أن يعامل الغير ، تحت أي ذريعة ،معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية”.  

  • القانون الجنائي المغربي[9]

حيث افرد المشرع المغربي لجرائم الإيذاء والعنف عموما والموجهة ضد الأطفال خصوصا فصولا خاصة تحدد أنواع الجرائم والعقوبات المرتبطة بها [10]

  • المرسوم رقم 376-02-2بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي[11]

من جهة حدد اختصاصات الأطر الإدارية، وأوضح في الفقرة الأولى من الماد11 الباب الثاني ، على أن المدير يشرف على التدبير التربوي والإداري والمالي للمؤسسة … في إطار احترام النصوص التشريعية والتنظيمية والمذكرات والمناشير المصلحية الجاري بها العمل.

وفي يردف في الفقرة الثانية، بأنه يرأس مجالس المؤسسة، …ويتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتطبيق مقرراتها.

وفي المادة 15 والخاصة بدور الحارس العام للخارجية، يطالبه بتتبع أوضاع التلاميذ التربوية، والسيكولوجية،والاجتماعية، والصحية. ويضيف في الفقرة، تلقيه أي الحارس العام، تقارير بخصوص انضباط التلاميذ وعرض الغير المنضبطين منهم على مجالس الأقسام عند الاقتضاء.

ومن جهة ثانية، جاء في الفرع الثاني المادة 29 بمجالس الأقسام كهيئة ترفع لها تقارير التلاميذ الغير المنضبطين للنضر في حالاتهم، حيث جاء في الفقرة الأخيرة بما يلي: “…اقتراح القرارات التأديبية في حق التلاميذ غير المنضبطين وفق مقتضيات النظام الداخلي للمؤسسة”

  • المذكرات الوزارية[12]

والتي دعت كلها إلى تجنب استعمال  أي شكل من أشكال العنف الجسدي أو النفسي ضد التلاميذ ، وتشجيع الحوار داخل الفصول الدراسية لتجنب التلاميذ الوقوع في عدم الانضباط ، حيث أكدت المذكرة الصادرة في 9 يناير 2015[13] في الفقرة الثانية على ضرورة تجنيب التلاميذ كل سلوك عنيف لما له من عواقب وخيمة على صحته النفسية وما تعكسه من سلوكيات عدوانية.

  • مشروع النظام الداخلي للمؤسسات التعليمية

من المفروض في هذا المشروع أن يبلور توجيهات كل الوثائق المذكورة سلفا، من خلال تضافر جهود أعضاء مجلس تدبير المؤسسة التعليمية. لأنه هو الهيئة المنتخبة والتي لها صفة التشريع داخل المؤسسة.

بعدما فرغنا من التذكير بظروف نزل هذه المذكرة تسترعي انتباهنا مجموعة من الملاحظات، نجد من الواجب علينا ابدءاها لأنها ستكون محور مناقشتنا للمذكرة المطلوبة في التحليل.

الملاحظة الأولى : تتعلق بالمادة 11 والتي تتناول في الفقرة الثانية دور مدير المؤسسة التعليمية في ترأس مجالس المؤسسة المنصوص ليها في الفرع الثاني من مرسوم 2.02.376[14] ، واتخاذ الإجراءات والتدبير اللازمة لتطبيق مقرراتها، فالسيد المدير ينتمي إلى مجلس القسم  بصفته رئيسا  بموجب المادة 29 من نفس المرسوم وهو يصادق أو لا يصادق على مقترح المجلس، وعندما ينفض المجلس يكون لزاما عليه حسب المادة 11 اتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق مقررات هذه المجالس.

خلافا لما كان منصوص عليه في المرسوم  [15]2.72.117 وخاصة في الفصل 11 منه والذي كان صريحا في منح المدير سلطة ضبط النظام والتأديب.

 السؤال هنا يطرح، من هي الجهة التي يرفع لها مقترح مجلس القسم؟

الملاحظة الثانية : تتعلق بالمادة 15من نفس المرسوم أعلاه في الفقرة الرابعة يقوم الحارس العام للخارجية بتلقي التقارير بخصوص انضباط التلاميذ، وعرض غير المنضبطين منهم على مجالس القسم عند الاقتضاء.

فالملاحظة ألأولى تهم بصفة عامة الملقي بالتقرير الانضباطي للسيد الحارس العام.لأن الفاعلين متعددون داخل المؤسسة هذا من جهة والانضباط مفهوم واسع وفضفاض.

هذا إبهام يضاف إلى الأول ليبرهن على أن هناك ارتباك في  تنظيم عملية انضباط التلاميذ.

بعد ما أبدينا هذه الملاحظات سنشرع في تحليل مضامين المذكرة موضوع البحث والتي ابتدأت:

في الفقرة الأولى بالتذكير بالأساس القانوني الذي ارتكزت عليه في تذكيرها بمهام مجالس الأقسام، ونوهت بالعمل الذي تقوم به مجالس الأقسام في ضمان استتباب المناخ السليم للدراسة.

وفي الفقرة الثانية واصلت المذكرة في تعداد العقوبات التي يتم اتخاذها،بعد اصدارها حكما نهائيا على كل أعمال مجالس الأقسام“… العقوبات التي يتم اتخاذها…” وأقرنتها بتناسبية الفعل المرتكب، واستمرت في ترتيب العقوبات:

  • الإنذار
  • التوبيخ
  • الطرد المؤقت
  • الطرد النهائي

لتتراجع وتفتح إمكانية لمجلس القسم هذا، باقتراح على التلميذ تعويض العقوبة مقابل القيام بخدمة لصلح المجتمع المدرسي، وهنا لابد من الوقوف مع هذا الاقتراح لنناقش أسسه،- على المستوى السيكولوجي للتلميذ الذي يقوم بالفعل المخل داخل المؤسسة أمام المتمدرسين من مختلف المستويات والأعمار،بغض النظر على كون فعله الغير الانضباطي يرقى أو ينزل عند إحدى العقوبات التي عدده المشرع في المذكرة التي نحن بصددها-، ترى ما هي الانعكاسات السيكولوجية التي سيخلفها عدم العقاب على الفعل على باقي التلاميذ، وما هي ردود فعل التلميذ الذي يحس بأن القوانين داخل يمكن العبث بها دون رقيب.

لإعطاء فكرة عن التأديب داخل المؤسسات التعليمية سنعرج في دراسة مقارنة لمساطر التأديب بالمؤسسات التعليمية الفرنسية كما جاءت بها الدورية الوزارية رقم 111-2011 بتاريخ فاتح غشت 2011،  DGESCO -MEN   والخاصة تنظيم المساطر التأديبية بالاعداديات والثانويات والمؤسسات الجهوية للتعليم الملائم، إجراءات وقائية و بدائل للعقوبات.

حيث جاء في فقرتها الرابعة من التصدير ما يلي :” …أولا، لأن المؤسسات التعليمية هي مجال للتعلم والتربية،فكل عقوبة يجب أن تأخذ بعدا تربويا، ولكن لا يمكن أن تكون هناك عقوبة [تربوية] بما للكلمة من معنى إذا لم يتم تعريف وبوضوح التلاميذ بقواعد العيش الجماعي والتذكير بها إلى درجة استلهامها.

وهذه الفقرة تتناسب مع ما جاء في اختصاصا السيد المدير في المادة [16]11، وفي اختصاصات مجلس التدبير المادة 18 .

وميزت الدورية تميزا واضحا بين العقوبات المدرسية والعقوبات التأديبية:

  • العقوبات المدرسية( تتعلق على الخصوص بالمخالفات البسيطة للنظام داخل الفصل الدراسي أو داخل المؤسسة )وتكون عبارة عن إجراءات تربوية داخل الفصل الدراسي، يوقعها الأستاذ أو الأستاذة المعنية بالفصل الدراسي الذي وقعت فيه المخالفة، كما يمكن لشخص أخر  ينتمي للمؤسسة توقيعها .وهذه العقوبات لا يتم الإشارة لها في سجل التلميذ :ما أنها لا ترقى إلى درجة القرار الإداري،ولكن هناك ضرورة بإشعار الأولياء بوقوعها.
  • العقبات التأديبية( تتعلق بالمخالفات الجسيمة أو المتكررة لالتزامات التلاميذ وخاصة تجاه المدرسين أو ممتلكات المؤسسة) وتدون بالسجل الإداري للتلميذ.
  • وهذه العقوبات التأديبية محددة بموجب المادة 13 المرسوم رقم 533-2009 المتعلق بالإجراءات التنظيمية للمؤسسات التربوية بفرنسا[17] من مدونة التربية كما يلي
  • الإنذار
  • التوبيخ
  • إجراءات الإحساس بالمسؤولية
  • الطرد المؤقت من القسم
  • الطرد المؤقت من المؤسسة أو من أحدى مصالحها الملحقة
  • الطرد النهائي مم المؤسسة أو من أحدى مصالحها الملحقة

وبرجوعنا للمذكرة موضوع الدراسة نلاحظ أنها اعتبر عقوبة التوقيف سواء منه المؤقت أو النهائي عقوبة لا تربوية وعوضتها بعقوبات بديلة تجعل من الطفل يرتبط أكثر بالمؤسسة التعليمية من خلال استبدال العقوبات الـتأديبية التي كانت مجالس الأقسام تقترحها بعقوبة جديدة تتمثل في تقديم خدمات ذات النفع العام داخل المؤسسة.

إن السؤال الذي بات يطرح نفسه وبإلحاح أن هذا التلميذ المعاقب بأداء الخدمات الاجتماعية خارج أوقات دراسته، إما بالقيام:

  • تنظيف ساحة ومرافق المؤسسة ؛
  • إنجاز أشغال البستنة؛
  • القيام بأشغال داخل المكتبة كالتنظيف وترتيب الكتب والمراجع …؛
  • المساعدة في الأشغال المرتبطة بتقديم خدمات المطاعم والدا خليات؛
  • المساعدة في تحضير الأنشطة الرياضية.

كل هذه الإعمال التي تشعر بتحمل المسؤولية تتخللها مخاطر الإصابة الجسدية أو النفسية ، ففي هذه الحالة ما هي وضعية التلميذ القانونية؟، ومن سيساءل في حال وقوع المحضور؟، سواء سرقة من داخل المكتبة، أو تسمم غذائي داخل المطعم المدرسي، أو اختفاء وسيلة تعليمية باهظة الثمن، أو تعطيل جهاز الكتروني خلال كل الأعمال التي يقوم بها تلميذ، ليس ككل التلاميذ أنه تلميذ مشاغب معاقب، من جهة.

ومن جهة ثاني في ظل العدد الغير كافي للأطر الإدارية والخصاص الذي تعاني منه المؤسسات التعليمية فبعد معاقبة التلميذ بأعمال الإحساس بالمسؤولية من سيتولى تتبع انجاز هذه الأشغال هذا.

اننا حينما أقحمنا الدورية الفرنسية لم نرد أن نعزز فكرة عقوبة الفصل المؤقت أو النهائي للتلميذ المشاغب ,لكن لنبرز بان نظام التأديب المدرسي له دوره في جعل التلميذ يتعرف على أخطائه والعودة الى متابعة ألدراسة دون أن يكون قد انقطع عنها نهائيا خلال تأديته فترة العقوبة كما سنرى.

إن مدونة التربية بفرنسا  من خلال المادة R511-1[18] التي  جاء فيها  ما يلي : “… أن واجب التلميذ في التحصيل الدراسي يلزمه ب :

  • احترام التوقيت المدرسي
  • أن ينجز التلميذ كل واجباته المطلوبة من طرف مدرسيه
  • أن يحترم محتوى البرامج الدراسية
  • أن يلتزم بالامتثال لكل فحص طبي يطلب منه

وبعودتنا للدورية الوزارية – التي أوردناها لمقارعتها بما جاءت به المذكرة الوزارية 14-867-

نلاحظ أنها وضعت نظام للمتابعة للتلميذ في حالة التوقيف المؤقت أو النهائي من طرف المجلس التأديبي[19].

وفي هذا السياق نورد مقولة مشهورة للدكتور عاطف العسولي[20]” يخطئ من يظن أن العقاب يفيد في العلاج، حيث أن ضرره يكون أكثر من نفعه ” لذلك ينصح بعدم اللجوء إليه إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل، ونحن هنا لا نتكلم عن العقاب البدني بل نحن دائما بصدد عقوبة الحرمان من الفصل الدراسي أو من ارتياد المؤسسة التعليمية كعقوبة تربوية.

وحتى نكون قد أعطينا للموضوع ما يستحقه من اهتمام، نريد أن ننفتح أكثر على دول تماثلنا في المشاكل التربوية لنتعرف على نظامها الانضباطي داخل المؤسسات التعليمية. وقد اخترنا تونس كنموذج عربي للمقارنة.

يرتكز نظام التأديب المدرسي على منشور صادر عن ديوان وزير التربية والعلوم[21].

هذا المنشور يشير في المبادئ من جهة  إلى أهداف المدرسة التونسية، ويشيد بالأخلاق المرتفعة للتلميذ التونسي. وانضباطه ومقاومته الانحرافات.ومن جهة ثانية إلى الحزم في اتخاذ التدبير اللازمة لدعم تلك الفضائل ، ولمقاومة الانحرافات.

ويفرد لنظام التأديب بابا كاملا (الباب الرابع)حيث يصنف هذا النظام على أنه:

  • نظام احتياطي لا يتم اللجوء إليه إلا عند الحاجة؛
  • نظام متدرج في العقوبة التأديبية؛
  • نظام يعاقب على إصرار المخالف.

وقسم المنشور التأديب إلى :

أولا : نظام المذاكرة  التكميلية( أي القيام بواجباته الدراسية التي أخل بها)وتكون خارج أوقات الدراسة العادية.

ثانيا : نظام المحافظة على الآداب والسلوك؛

1عقوبات  يقررها السيد مدير المؤسسة تتراوح بين :

  • الإنذار.
  • التوبيخ.
  • التوقيف المؤقت من يوم إلى ثلاثة أيام.

2عقوبات يقترحها مجلس التربية أو مجلس القسم :

  • التوقيف من 4 أيام إلى 15 يوما.
  • الطرد النهائي.

3  عقوبات يقترحها مجلس التربية أو مجلس التأديب

-الطرد النهائي من جميع المعاهد،والمدارس الثانوية العمومية.

إن المشرع المغربي من خلال المرسوم رقم 376-02-2 لم يهتم كل الاهتمام بالنظام التربوي، في جانبه المتعلق بضمان حسن السير العادي للدراسة بالمؤسسات التعليمية. وهذا راجع في رأينا ربما إلى عدم مسايرة هذا المرسوم للتطور الحاصل في العقلية التلاميذية والأسرية، وعلى مستوى توسع الحريات العامة في البلاد ، والانفتاح الديمقراطي وصيانة الحقوق وحسن سير العمل داخل المؤسسات التعليمية، وكذا حماية أبنائنا من الانحرافات.  هذا كله يحتم مراجعة المرسوم السالف الذكر، والاهتمام أكثر بالمورد البشري المستقبلي، وتلقينه متطلبات المواطنة منذ صغره، وترسيخ فكرة الالتزام والواجب مقابل الحقوق، حتى نظمن مستقبلا آمنا لأبنائنا داخل مدارسنا ونجعل من الجميع يحترم ويقدر الأخر.

وكمساهمة منا  سوف نقدم تصورنا لنظام تأديبي استقيناه من التجربة الذاتية سواء في التدريس أو في الإدارة ، وكذا من خلال مجموعة من القراءات لأنظمة تأديبية، سواء لدول عربية أو أوروبية، بل وحتى آسيوية.

هذا التصور يدخل في باب تقديم البديل وليس الاقتصار فقط على الانتقاد من أجل الانتقاد. ويدخل تصورنا لنظام التأديب، كمرحلة أولى في نطاق الحد من الظاهرة ،( ظاهرة العنف المدرسي )حتى.وفي مرحلة ثانية العمل على توسيع دائرة النقاش حول الظاهرة لنصل بحلول واضحة. ولكن أرى أنه من الواجب إقرار نظام تأديبي يكون الجميع على معرفة تامة به (أولياء ، تلاميذ)

أول الملاحظات التي يجب العمل عليها على مستوى القطاع الحكومي المسؤول عن التربية الوطنية والتكوين المهني هي :

تعديل المرسوم 376-02-2  بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي،

  • بإضافة  فقرة تاسعة  في المادة 11 ،كالتالي   : يٍرأس المجلس التأديبي المنصوص عليه في المادة 29 مكرر، وله أن يصدر عقوبات محددة في نفس المادة دون الرجوع إلى هذا المجلس،
  • كم تحذف الفقرة الأخيرة من المادة 29 الخاصة بمجالس الأقسام والمتعلق باقتراح مجلس القسم لقرارات تأديبية.
  • إضافة المادة 29 مكرر الخاصة بمجلس التأديب كمجلس قائم بذاته عن المجالس الأخرى.
  • حذف الفقرة الأخيرة من المادة 30 والخاصة باجتماع مجالس الأقسام كمجالس تأديبية

ولإعطاء إيضاحات أكثر عن مقترحنا نورد التصور كالتالي :

المادة 29 مكرر( المجلس التأديبي)

ينشأ في كل مؤسسة تعليمية كما عددتها المادة 2 ،مجلسا تأديبيا.

تناط بهذا المجلس المهام التالية :

  • المشاركة في الأنشطة التربوية بالمؤسسة؛
  • تسليم المكافآت للتلاميذ المتفوقين في سلوكهم؛
  • البث في المخالفات التي يرتكبها التلاميذ عند إخلالهم بالنظام الداخلي للمؤسسة،ما عدى المخالفات التي ببث فيها المدير مباشرة؛

يتكون المجلس التأديبي من :

  • مدير المؤسسة بصفته رئيسا؛
  • مدير الدراسة في حالة توافر المؤسسة على أقسام تحضيرية؛
  • الأساتذة المنتخبون بمجلس التدبير؛
  • تلميذين منتخبين؛
  • ممثل المصالح المادية والمالية؛
  • ممثل عن المساعدين التقنين
  • الحارس العام المعني بقسم التلميذ المعني؛
  • رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ؛
  • الأستاذ أو الإداري المعني بالمشكل مع التلميذ (ولا يشارك في التصويت عن القرار)

اشتغال المجلس التأديبي :

  • يجتمع المجلس التأديبي بدعوة من المدير دوريا، مرتين في السنة للإطلاع على الحالة المعنوية للمؤسسة ( ويراسل مصالح النيابة بتقريرين ) التقرير الأول حول الحالة المعنوية للتلاميذ ،ويوجه إلى مصلحة الشؤون التربوية والتقرير الثاني حول الحالة المعنوية للموظفين العاملين بالمؤسسة ويوجه إلى مصلحة الموارد البشرية؛
  • ويمكن دعوته كلما اقتضت الضرورة للبث في المخالفات، على أن لا تتجاوز دوراته الأربع دورات في السنة ؛ ( في حالة التجاوز يحضر إلى جلسات المجلس، مسؤولان من مصالح النيابة ممثلان لمصلحة الموارد البشرية ومصلحة الشؤون التربوية)؛
  • يمكن مدير المؤسسة أعضاء المجلس من الاطلاع على ملف القضية ؛
  • يمكن للتلميذ أن يستعين بمدافع عنه يختاره من بين التلاميذ أو أحد موظفي المؤسسة؛
  • تكون اجتماعات المجلس سرية؛
  • بعد اقتراح العقوبة يتم التصويت سرا وفي حالة التعادل ترجح كفة جهة تصويت الرئيس؛
  • تدون جلسات المجلس في محاضر بسجل خاص؛
  • ترسل نسخة محضر اجتماع المجلس وجوبا إلى مصالح النيابة في اليوم الموالي للاجتماع؛

تصنيف العقوبات :

وتصنف حسب درجة المخالفة إلى ثلاث (3) درجات

  • عقوبات من الدرجة الأولى : يصدرها المدير كما جاء في الفقرة التاسعة من المادة 11 من التعديل أعلاه وهي : (1) الإنذار  و (2) التوبيخ.
  • عقوبات من الدرجة الثانية :
  • التوقيف المؤقت من يوم واحد إلى ثلاثة (3) أيام؛
  • التوقيف المؤقت من أربعة (4) أيام إلى ثمانية (8) أيام؛
  • عقوبات من الدرجة الثالثة :
  • التوقيف النهائي مع اقتراح التحويل من المؤسسة؛
  • التوقيف النهائي.

 

 

ملاحظة :

  • فيما يخص التوقيف المؤقت عن الدراسة يطالب التلميذ بإنجاز المطلوب منه من الواجبات في المنزل تحت إشراف العائلة لتقاسم المسؤولية مع المؤسسة التعليمية، حتى لا تضيع الدروس على التلميذ
  • بالنسب للعقوبات من الدرجة الثالثة تخطر النيابة بالمقترح (تحت شرط لا يمكن فصل أي تلميذ قبل سن 16 كاملة) وينتظر المجلس ثلاثة (3) أيام قبل البث النهائي في الطرد. نظرا لجسامة الفعل،

في الأخير تبقي هذه الاجتهادات فردية تحتاج دائما إلى تنقيح، وربما تكون فيها مغالاة تتطلب إعادة النظر في فحواها، كما يمكن أن تكون قد أصابت جانبا ، وأهملت آخر ، نتمنى جادين أن نأخذ بكلام المصطفي صلى الله عليه وسلم،وإن كان الحديث جاء في الحكم، فإنه يبقى مرتبطا دائما بحكم  ألمجتهد ،  من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ يثاب على اجتهاده  فاللهم  لا تحرمنا اجر المجتهد

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]  المرسوم رقم 376-02-2بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي، جريدة رسمية عدد5024 بتاريخ (14 جمادى الاولى1423)25يونيو 2002 كما تم تغييره وتتميمه،ص: 2126.

[2]  جان ماري دانكان “علم السياسة “ترجمة محمد عرب صاصيلا ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت 1997 ، ص 155،ص156.

[3]  التقرير العالمي حول العنف والصحة (2002) للمنظمة العالمية للصحة.

[4]  A ,Shilder   “السلوك العدواني” ترجمة ،بيروت ، ساحة الصلح للنشر ص:268

[5]  عبد الكريم غريب ومجموعة من المؤلفين  الميثاق الوطني للتربية والتكوين “قراءة تحليلية”، منشورات عالم التربية 2006 ،ص:ص:48 ،66

[6]  اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 217ألف د- 3 بتاريخ 10 دجنبر 1948

[7]  اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25/44 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 تاريخ بدء النفاذ: 2سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49

[8]  دستور المملكة المغربية، ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27شعبان 1432(29يوليوز2011) بتنفيذ ،ً الدستور، جريدة رسمية عدد 5964 بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،ص: 3600

[9]  ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 8جمادى الثانية 1382(26نونبر1962)بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة رسمية عدد 2640 بتاريخ 12محرم 1383(5يونيو 1963)،ص: 1253

[10]  الفصل 408-409-410-411 من القانون الجنائي المغربي مرجع سابق

[11] المرسوم رقم 376-02-2بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي، جريدة رسمية عدد5024 بتاريخ (14 جمادى الاولى1423)25يونيو 2002 كما تم تغييره وتتميمه،ص: 2126.

[12]  المذكرة الوزارية رقم 807-99 بتاريخ 23شتبر1999 ،حول ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية؛ والمذكرة الوزارية رقم 15-2 بتاريخ 9يناير 2015 ،  في شأن التصدي لظاهر العنف في الوسط المدرسي.

والمذكرة الوزارية رقم 15-2 بتاريخ 9يناير 2015 ،  في شأن التصدي لظاهر العنف في الوسط المدرسي.

[13]  المرجع السابق

[14] المرسوم رقم 376-02-2بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي، مرجع سابق

[15]  مرسوم 2.72.113 مثابة النظام الأساسي الخاص بالتعليم الثانوي، بتاريخ 25ذي الحجة1391(11يناير1972)،جريدة رسمية عدد3100 بتاريخ 29مارس1972،ص: 741.

[16] المرسوم رقم 376-02-2بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي، مرجع سابق

[17]  المرسوم رقم 533-2009 المتعلق بالإجراءات التنظيمية للمؤسسات التربوية بفرنسا  بتاريخ 15 ماي 2009 ، المجلد الخامس من مدونة التربية.

[18]  المرسوم رقم 533-2009 المتعلق بالإجراءات التنظيمية للمؤسسات التربوية بفرنسا  بتاريخ 15 ماي 2009 ، المجلد الخامس من مدونة التربية. المرجع السابق.

[19] Organisation des procédures disciplinaires dans les collège, Et les établissements régionaux d’enseignement adapte, mesure de préventions aux sanctions, NOR :MENE 1120336C ;circulaire N°2011-111du 1-AOUT 2011 ;MEN-DGESCO B3-3

[20]  د. عاطف العسولي، وسائل تربوية بديلة عن العقاب في المدارس،مجلة ينابيع ،العدد الرابع،2011،ص:48

[21]   القانون عدد 65 لسنة 1991، بتاريخ 29 جويلية 1991 ،المتعلق بالنظام التربوي .

ومنشور عدد 93-91 بشأن نظام التأديب المدرسي،بتاريخ 1 أكتوبر 1991، www.educativetn.blogspot.com  تاريخ الولوج 28 مارس 2015 على الساعة 22.15 .

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *