Site icon مجلة المنارة

ضمانات المقاولة أمام لجان التحكيم العامة

ضمانات المقاولة أمام لجان التحكيم العامة

عواطف بلخضر

باحثة في صف الدكتوراه

قانون الأعمال والاستثمار

بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

جامعة محمد الأول

وجدة

تعتبر وساطة اللجان الضريبية من أهم الضمانات المخولة للملزم في التشريع المغربي أمام الامتيازات والسلطات المخولة للإدارة الجبائية في إطار قيامها بمراقبة وتصحيح إقرارات الملزمين[1]. ويساهم الطعن أمام هذه اللجان في خلق توازن بين امتيازات الإدارة الضريبية وحقوق الملزمين وقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا بتاريخ 29 يناير 1969مايلي: “بأن المقصود من إحداثها منح الملزمين ضمانات إضافية تتمثل في اختيار وتقدير واقعية من شأنها أن تساعد على تحديد أسس الضريبة من قبل هيئات إدارية…”[2].

ويمكن القول بأن الهدف من إقرار مرحلة الطعن أمام اللجان الضريبية يتمثل في الإبقاء على الحوار بين الملزم والإدارة الضريبية قصد تخفيف العبء على القضاء وتكريس حقوق الخاضع بإيجاد حل ودي وإداري للنزاع وضمان حسن سير الدعوى القضائية عند الاقتضاء من جهة أخرى.

ونظرا لأهمية هذه اللجان سواء اللجنة الوطنية أو المحلية كمرحلة وسطى بين المنازعة الإدارية والقضائية[3]، وكأداة لحماية الخاضعين للضريبة من تعسفات الإدارة الضريبية فإننا سنتطرق لتشكيلة هذه اللجان التحكيمية واختصاصها مبررين في نفس الوقت مظاهر حماية المكلفين وسوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين،نتناول في المطلب الأول التظلم أمام اللجان المحلية وفي المطلب الثاني التظلم أمام اللجان الوطنية.

المحور الأول: التظلم أمام اللجان المحلية

تحتل اللجنة المحلية مكانة متميزة في مختلف التشريعات الضريبية المعاصرة، وتلعب هذه اللجنة دورا هاما في إيجاد حل للخلافات التي تنشأ بين طرفي المنازعة الجبائية المحلية عبر ضمان استمرارية الحوار بينهما، ذلك أن جل القوانين الجبائية المنظمة لعمل هذه اللجان تصب في اتجاه تدعيم الضمانات المخولة للملزمين، لترسيخ آليات التواصل الفعال مع الإدارة الجبائية المحلية وإيجاد الحلول الملائمة والتوافق حولها دون الاضطرار إلى اللجوء إلى المنازعة أمام القضاء، وتساهم في حماية حقوق الملزم وضمان مراقبة الإدارة الجبائية المحلية بالتأكد من مدى احترامها للضوابط المنظمة لعملها، بالإضافة إلى إشراك الملزم في العمليات الجبائية وضبط فعله اتجاه الجباية المحلية من جهة أخرى[4]، وتتوخى دراسة هذا النوع من اللجان توضيح مختلف القواعد والمساطر التي تنظم طريقة عملها حيث سنتطرق في الفقرة الأولى لتكوين اللجان المحلية وفي الفقرة الثانية لاختصاص هذه الأخيرة.

الفقرة الأولى: تكوين اللجان المحلية

يهدف المشرع المغربي من وراء إحداث محور يتعلق بالمنازعات الجبائية المحلية إلى ضمان توازن عادل ومنصف بين الملزم والإدارة الجبائية المحلية، وتعد اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إحدى الجهات التي يمكن للملزم أن يلجأ إليها للمنازعة حول الضريبة المفروضة عليه[5].

وتتكون هذه اللجنة حسب المادة 225 من المدونة العامة للضرائب من:

يرأس اللجنة المحلية لتقدير الضريبة قاضي يتم اختياره من الهيئة القضائية. ويشكل وجود قاض ضمن تشكيلة اللجنة المحلية ضمانة أساسية لعمل هذه الأخيرة ضمن إطار قانوني سليم، ويكفل مجموعة من الضمانات للمكلفين بالضريبة ويساهم في تفعيل دورها باعتبارها هيئة بديلة لتسوية النزاعات الضريبية.وأن رئاسة هذه اللجنة من طرف قاضي يضمن استقلاليتها وحيادها[6]، كما أنه يخفف من حدة المشاكل التي تعترض عملها والمتمثلة في صعوبة التمييز بين المسائل القانونية والواقعية.وقدكانت هذه المهمة تستند إلى قاضي يتم تعيينه من قضاة المحكمة الابتدائية، وبعد دخول قانون المحاكم الإدارية حيز التطبيق تم إسناد رئاسة اللجنة المحلية لقاض من المحاكم الإدارية.وقد أعطى هذا الأمر انطلاقة أخرى ونفسا جديدا للجان المحلية في سبيل ترسيخ عملها المهم والحيوي في حماية مصالح الملزمين، وتحقيق نوع من التوازن بين الإدارة الضريبية والملزمين، المساهمة في التقليص بشكل كبير من حجم المنازعات التي تعرض على القضاء الإداري، غير أن إسناد رئاسة اللجان المحلية لقضاة من المحاكم الإدارية بعد هذه اللجان من الملزمين نظرا لعدم وجود المحاكم الإدارية في كل عمالة أو إقليم ، ثم إن هذا الإسناد من شأنه أن يؤدي إلى البث في الملف مرتين إذا رفع النزاع أمام المحاكم الإدارية من جهة أخرى[7].

يمثل السلطة المحلية الواقع مقر اللجنة بدائرة اختصاصها، ويعتبر تواجده ضمن تشكيلة اللجنة ظاهرة فريدة يختص بها التشريع المغربي مقارنة بنظيره الفرنسي[8].

ويلعب هذا العضو حسب بعض الباحثين دورا مهما بالموازنة بين تضارب ثلاث مصالح وهي المصلحة الخاصة للملزم والمصلحة العامة الوطنية التي تمثلها الإدارة الضريبية والمصلحة العامة المحلية المتمثلة في حماية استقرار النسيج الاقتصادي والاجتماعي للعمالة أو الإقليم[9].

يمثل الإدارة الضريبية في اللجنة المحلية لتقدير الضريبة رئيس المصلحة  المحلية للضرائب أو ممثله الذي يقوم بمهمة الكاتب المقرر، وهذا التمثيل يستمد قوته من القانون لما يتوفر عليه ممثل هذه المصلحة من تجربة في المسائل التقنية، بالإضافة إلى أن هذه اللجنة تعتبر طرفا أساسيا في النزاع الضريبي تمكنها من الدفاع عن مصالح الإدارة الضريبية، بحيث أن وجود موظف ملم بالعمل الضريبي ضمن تركيبة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من شأنه أن يحد من الآثار السلبية لعدم وجود قضاة متخصصين في المجال الضريبي كرؤساء هذه اللجنة، كما أن من شأنه أن يضمن التوازن داخل هذه الأخيرة، غير أن الملزم يعتبر الطرف الضعيف ويجد نفسه أمام خبرة ممثل إدارة الضرائب، وهذا ما يستوجب دراية كبيرة بالمادة الضريبية من طرف ممثل الملزمين[10]، فوجود ممثل الإدارة الضريبية بين أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة كمقرر لها أو كممثل للإدارة أو كمدافع يعتبر وجودا قويا، ولا يقف دور رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله عند هذا الحد بل يتعداه  إلى تنظيم عمل اللجنة بقيامه بإعداد لملف كامل للقضية في نسخ تكفي لأعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ويسلم إحداها لرئيسها وعند انعقاد الجلسة يقوم بدور المقرر بحيث يحرر محضر الجلسة المفتوح لكل ملف على حدة.

يعتبر الخاضع للضريبة ممثلا في إطار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، فوجود ممثل عن الملزمين في تشكيلة اللجان المحلية ضمانة فعالة بالنسبة لهم في مواجهة كل القرارات التحكيمية التي قد تتخذها هذه اللجان.

ويتم تعيين ممثلي الخاضعين للضريبة وفقا للشروط التالية[11]:

يعين عامل العمالة أو الإقليم المعني بالأمر الممثلين الرسميين ومثل عددهم من الممثلين الاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا لفروع النشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو الفلاحي، المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة وكل من رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات وغرفة الصناعة التقليدية وغرفة الفلاحة وغرفة الصيد البحري قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدأ من خلالها مهام الأعضاء المعنيين في حضيرة اللجنة المحلية.

يعين عامل العمالة أو الإقليم المعني بالأمر، الممثلين الرسميين ومثل عددهم من الممثلين الاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا، المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعنيين في حظيرة اللجنة المحلية.

ويباشر تعيين الممثلين الخاضعين للضريبة التابع للفرع المهني الاكثر تمثيلا النشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو الفلاحي أو ممثل المهن الحرة، قبل فاتح يناير من السنة التي تبتدئ خلالها مهامهم في حظيرة اللجنة المحلية.

ومن حسنات ما قام به المشرع الضريبي المغربي، أنه حرص على ضرورة تواجد ممثل الملزمين حتى في الحالة التي يتأخر أو يستحيل فيها تعيين ممثلين جدد، حيث أن انتداب الممثل الذي تنتهي فترة انتدابه يمدد لمدة لا تتجاوز ستة أشهر بينما كانت في القانون القديم محدودة في ثلاثة أشهر.

الفقرة الثانية: اختصاص اللجنة المحلية وكيفية اشتغالها

خول المشرع الضريبي المغربي للجنة المحلية مجموعة من الاختصاصات سنحاول التطرق إليها، بالإضافة لكيفية اشتغال هاته اللجنة.

تتكرس الضمانات المخولة للملزم من خلال اللجان المحلية لتقدير الضريبة بواسطة الاختصاصات الموكولة لها، حيث عمل المشرع المغربي على توسيع نطاق الطعن أمامها في

مجال المنازعة الضريبية إلى نوعين من المهام، أحدهما محلي والآخر نوعي[12].

ويتحدد الاختصاص المكاني أو الترابي للجان المحلية لتقدير الضريبة بمكان فرض الضريبة الذي يدخل في دائرة نفوذها، ففي الضريبة على الشركات مثلا يعود الاختصاص للجنة التي يوجد بدائرتها موقع مقر الشركة الاجتماعي كما يمكن أن تكون لجنة موقع مؤسستها الرئيسية[13].

وبالرجوع إلى المادة 225 من المدونة العامة للضرائب نجد بأن اللجان المحلية لتقدير الضريبة تختص بالمسائل الواقعية لا القانونية، ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى بأنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية، والإشكال المطروح هنا هو كيفية التمييز بين المسائل القانونية والمسائل الواقعية أثناء بث اللجان في المنازعات المعروضة أمامها، ويعتبر هذا الإشكال المتمثل في صعوبةالتمييز بين المسائل الواقعة والقانونية لحصر اختصاص اللجان الضريبية هي من أعقد المشاكل الجبائية التي لا تواجه فقط اللجان الضريبية بل تواجه الفقه والقضاء الإداري أيضا[14].

وأمام صعوبة التمييز بين ما يعتبر من مسائل الواقع وما يعتبر من وسائل القانون، يمكن أن تختص اللجان المحلية لتقدير الضريبة بالفصل في النزاع الضريبي الذي يعرض عليها دون تمييز بين ما يعتبر من قبيل الواقع وبين ما يعتبر تفسيرا للقانون. ويرجع ذلك إلى أنه إذا كانت هناك أمور ترتبط بتأويل مقتضيات قانونية واستبعدتها اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، وأصدرت قرارها فقط فيما اعتقدته من اختصاصها أي فيما يتعلق بالمسائل الواقعية، فإن قرارها يكون معيبا قانونيا باعتبار أنها جزأت الطعن المقدم لها وفصلت فيه جزئيا، وبالتالي فالنزاع لازال قائما على الأقل في الجزء المتعلق بتفسير القانون، كما أن العمل على تجزئة النزاع إلى جزئين أحدهما خاص بالناحية الحسابية حيث سيتم عرضه على ثلاثة درجات وهي اللجان الضريبية ومحكمة الدرجة الأولى ثم محكمة الدرجة الثانية، في حين أن ما يتعلق بالجانب القانوني سيعرض على درجتين فقط أي محكمة الدرجة الأولى والدرجة الثانية[15].

فبعدما كانت السلطة التقديرية تمارس من طرف الإدارة الضريبية أصبحتهذه السلطة إلى اللجان المحلية التي تحدد طبيعة النزاع المعروض عليها، أي ما إذا كان يدخل أو لا يدخل في اختصاصها، ويعتبر إلزام الإدارة الضريبية بالاستجابة لطلب الخاضع للضريبة بعرض النزاع على اللجنة المحلية من أهم الضمانات التي جاء بها الإصلاح الجبائي[16].

وينبغي أن يوجه هذا الطلب إلى مفتش الضرائب الذي توجد المقاولة في دائرة نفوذه الترابي، وأن يتضمن كافة البيانات التي تمكن المقاولة من تدعيم موقفها لدى اللجنة عند اجتماعها، بحيث تجتمع هذه الأخيرة ثم تبت في الأمر بصورة صحيحة إذا حضرها الرئيس واثنان من أعضائها، ويتم التداول بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين وإن تعادلت رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.ويجب أن تكون مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة مفصلة ومعللة ويبلغها مقررو هذه اللجان إلى الطرفين خلال الأربعة أشهر الموالية لتاريخ صدورها، ويمكن للجنة المحلية أن تستعين بخبير أو خبيرين متى عرضت عليها مسائل تقنية، ويعتبر رأي الخبير استشاريا. وتشكل إلزامية تفصيل وتعليل مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة حماية هامة تتمتع بها المقاولة في هذه المرحلة من النزاع[17]، ويمكن أن تكون هذه المقررات موضوع طعن سواء من طرف الإدارة الضريبية إذا انخفض الأساس الضريبي الذي حددته اللجنة عن الأساس الذي بلغته الإدارة بصورة جد واضحة، أو إذا تجاوزت اللجنة اختصاصها وبتت في مسائل تتعلق بتفسير القانون، أو من طرف الملزم إذا لم تقم اللجنة بالاستجابة لمجمل طلباته، ولكن لا يمكن تقديم الطعن في  آن واحد أمام المحاكم وأمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة.

وعلاوة على ما سبق، ندعو المشرع الضريبي المغربي إلى التنصيص على رئاسة اللجنة من طرف رئيس المحكمة الإدارية شريطة الزيادة في عدد المحاكم الإدارية وتمكينها من صلاحيات النظر في المسائل القانونية وكذا الواقعية كما هو معمول به في العديد من التشريعات كالتشريع المصري مثلا، بالإضافة إلى توعية الملزمين بدور اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، فإدراك الملزم لهذه المرحلة وأهميتها سيرفع حتما من نسبة اللجوء إليها، وبالتالي تجاوز الوضعية الراهنة لمكانة اللجنة[18].

المحور الثاني: التظلم أمام اللجان الوطنية

أحدثت منذ سنة 1989 لجنة دائمة تختص بالنظر في الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجان المحلية لتقدير الضريبة، وتسمى باللجنة الوطنية للطعون الضريبية[19]، وتعتبر هذه الأخيرة درجة استئنافية بالنسبة للمقررات الصادرة عن اللجان المحلية، وتهدف بالأساس إلى تحقيق نوع من الفعالية في عملها والتمكن من مراقبة قرارات اللجان المحلية ومدى مطابقتها للقانون.

وقدنظم المشرع الضريبي المغربي هذه اللجنة في المادة 226 من المدونة العامة للضرائب، وللتعرف لما توفره هذه اللجنة من ضمانات للمقاولة سنتطرق لتكوين هذه الأخيرة في الفقرة الأولى ولاختصاصها وطريقة عملها في فقرة ثانية.

الفقرة الأولى: تكوين اللجنة الوطنية

منح المشرع الضريبي المغربي كضمانة إضافية للملزم إمكانية الطعن في المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أمام اللجنة الوطنية، وتختلف هذه الأخيرة عن اللجنة المحلية من حيث كونها لجنة دائمة، ومن حيث تكوينها وتركيبتها والاختصاصات الموكولة لها.

ومن ثم فإن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية تخضع للسلطة المباشرة للوزير الأول، وتتألف حسب المادة 226 من المدونة العامة للضرائب من قضاة وأعضاء ممثلين للإدارة الضريبية.

تتألف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية من سبعة قضاة منتمين إلى هيئة القضاة يعينهم الوزير الأول باقتراح من وزير العدل.

ب- الأعضاء الممثلين للإدارة الضريبية

يمثل الملزمين أمام اللجان الوطنية مائة شخص من ميدان الأعمال، يعينهم رئيس الحكومة لمدة ثلاث سنوات بصفتهم ممثلين للخاضعين للضريبة، بناء على اقتراح مشترك لكل من الوزراء المكلفين بالتجارة والصناعة التقليدية والصيد البحري والوزير المكلف بالمالية.

ويختار هؤلاء الممثلون من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا المزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خدماتيا أو حرفيا أو في الصيد البحري والمدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة وكل من رؤساء غرف الفلاحة وغرف الصيد البحري، وذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعينين في حظيرة اللجنة الوطنية[20].

وفي حالة ما إذا طرأ تأخير على تعيين الممثلين الجدد أو حال عائق دون ذلك، وقع تلقائيا تمديد انتداب الممثلين المنتهية مهامهم لفترة لا تتجاوز ستة أشهر.

ولا يمكن لأي ممثل من ممثلي الخاضعين للضريبة أن يحضر اجتماع اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة عندما يعرض عليها نزاع سبق أن نظر فيه في حظيرة لجنة محلية لتقدير الضريبة.

والملاحظ فيما يتعلق بتركيبة اللجنة الوطنية أن جميع أعضائها يتم تعيينهم من طرف الوزير الأول أي السلطة التنفيذية، مما قد يؤثر على استقلاليتهم، ويعاب على هذه اللجنة أيضا أنها لم تشترط في ممثلي الملزمين أدنى معرفة بالأمور القانونية أو الاقتصادية أو المحاسبية قد يسبب هذا عدم التوازن بين مستواهم ومستوى ممثلي الإدارة الضريبية الذين اشترط فيهم المشرع أن يكونوا مؤهلين في ميدان الضرائب أو المحاسبة أو القانون أو الاقتصاد وأن تكون لهم على الأقل رتبة مفتش.

الفقرة الثانية: اختصاص اللجان الوطنية وكيفية عملها

لاحظ بعض الفقه أن اهتمام المشرع الضريبي بتدعيم ضمانات المكلف أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون التي تتعلق بالضريبة فاق ما قام به في هذا الاتجاه بالنسبة للجان المحلية لتقدير

الضريبة. ويعتبر نطاق اختصاصها أحد أهم النقط التي شملها هذا الاهتمام[21].

وتختص اللجنة الوطنية بالنظر في الطعون الضريبية المرفوعة ضد مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة.وقد خول المشرع للملزم أيضا حق رفع طعنه مباشرة إلى اللجنة الوطنية وذلك على عكس اللجنة المحلية حيث توجه الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجان المحلية من طرف الملزم أو الإدارة إلى رئيس اللجنة الوطنية خلال 60 يوما من تاريخ التبليغ.

ويعهد رئيس اللجنة إلى الموظفين الملفات قصد البحث فيها، ويوزع بعد ذلك الملفات على اللجان الفرعية التي تجتمع بمسعى من رئيس اللجنة ثم يقوم الكاتب المقرر باستدعاء أعضاء اللجنة قبل التاريخ المحدد للاجتماع بما لا يقل عن خمسة عشر يوما، ثم يخبر الكاتب المقرر اللجنة الوطنية الطرفين بتاريخ انعقاد اجتماعها قبل حلول موعده بما لا يقل عن ثلاثين يوما.

وتعقد كل لجنة فرعية العدد اللازم من الجلسات وتستدعي وجوبا ممثل أو ممثلي الخاضع للضريبة وممثل أو ممثلي إدارة الضرائب المعنيين لهذا الغرض قصد الاستماع إليهما كل على حدة أو هما معا إما بطلب من أحدهما أو كلما ارتأت ضرورة هذه المواجهة، ويمكن أن تصنف اللجنة الفرعية فيما يخص كل قضية خبيرا أو خبيرين موظفين أو غير موظفين يكون لهما صوت استشاري. ولا يجوز لها في أي حال من الأحوال أن تتخذ مقرراتها بحضور الممثل الخاضع للضريبة أو وكيله أو ممثل الإدارة أو الخبيرين.

ومن أهم ما نص عليه المشرع الضريبي المغربي بخصوص عمل اللجنة الضريبية، إلزامية تعليل قراراتها حيث نص بشكل صريح على ضرورة تعليل وتفصيل مقررات اللجان الفرعية، وهذه تعتبر ضمانة مهمة جدا بالنسبة للملزم يستطيع من خلالها معرفة الأسس التي على أساسها بنت اللجان الضريبية مقرراتها.وبعد أن تصدر مقررات اللجان الفرعية مفصلة ومعللة يبلغها القاضي الذي يشرف على سير اللجنة إلى الطرفين خلال الأربعة أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر. ويجب أن تبت اللجنة داخل أجل إثني عشر شهرا يبتدئ من تاريخ تسلمها المطالبات والوثائق من الإدارة وبالتالي فإن المشرع عمد إلى تقييد أعمال اللجنة الوطنية من حيث المدة  الزمنية التي يمكن أن تفصل بين تاريخ تقديم الطعن إلى اللجنة الوطنية وإصدار قرارها.وإذ لم تتخذ اللجنة مقررها بعد انصرام الآجال المحدد في 12 شهرا، فإنه لا يجوز إدخال أي تصحيح على إقرار الخاضع للضريبة بصورة تلقائية بسبب عدم الإدلاء بالإقرار أو بسبب الإقرار الغير التام.

غير أنه في حالة إعطاء الخاضع للضريبة موافقته الجزئية على الأسس المبلغة من لدن إدارة الضرائب أو في حالة عدم تقديمه لملاحظات على أسباب التصحيح المدخلة من طرف الإدارة يكون الأساس المعتمد لإصدار الضرائب هو الأساس الناتج عن تلك الموافقة الجزئية وأسباب التصحيح المذكورة.

ويبدو لنا من خلال المادة 226 من المدونة العامة للضرائب أن المشرع المغربي أقر مجموعة من الضمانات بالنسبة للخاضع للضريبة بصفة عامة والمقاولة بصفة خاصة وذلك على مستوى تركيب اللجنة وطريقة عملها، إلا أن هذه الضمانات تبقى محدودة وغير كافية وذلك لعدة أسباب منها عدم توفر اللجنة الوطنية على ميزانية خاصة بها، مما يجعلها غير مستقلة، ويعين القضاة من طرف السلطة التنفيذية، وعدم اشتراط مستوى معين في ممثلي الخاضعين للضريبة عكس ممثلي الإدارة الضريبة.

ولتجاوز هذه المشاكل وبالتالي ضمان فعالية اللجنة الوطنية، يجب أن يتوفر مستوى معرفي وتقني في المجالات المرتبطة بالنزاعات الضريبية في ممثلي الخاضعين للضريبة ومنح اللجنة الوطنية استقلالا ماليا وإداريا، وإحداث ملحقات لها على مستوى الجهات أيضا.

وكخلاصة يمكن القول بأن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة تعتبران إحدى أهم الضمانات التي خولها المشرع الضريبي المغربي للخاضع للضريبة بصفة عامة والمقاولة بصفة خاصة أمام السلطات التي تتمتع بها الإدارة الضريبية أثناء ممارستها لمهامها من مراقبة وتصحيح إقرارات الملزمين، خصوصا وأن رئاستها أسندت إلى هيئة القضاء باعتبارها هيئة مستقلة وهذا الأمر يمنح الثقة والاطمئنان في نفوس الملزمين، كما أن اللجان الضريبية تعتبر أداة فعالة لتسوية النزاعات المعروضة عليها وتمنح للمقاولة مجموعة من الضمانات قد تساعدها في الكثير من الأحيان على حل نزاعه في هذه المرحلة دون اللجوء إلى المرحلة القضائية لاستكمال نزاعه أمام المحاكم الإدارية.


[1] – Fatima Rafi : « le contentieux de l’imposition dans la phase administrative cas des commission fiscales » mémoire pour l’obtention du diplôme des études supérieures approfondies en finances publiques. Facultés des sciences juridiques économiques et sociales Ain Chock Casablanca 1999-2000, p : 8.

[2] – Décision de la cours suprême à date du 29 janvier 1969 qui stipule que : « le sens de l’avènements de ces commissions est de donner des garanties professionnelles aux contribuables et de choisir un des points réalistes qui aideront à déterminer la base de l’impôt par des instances administratives » cité par BILAL ETBER « les garanties offertes aux contribuables en matière d’assiette fiscale Mémoire pour l’obtention du master en droit public master des contentieux publics. Université sidi Mohamed ben ABDELLAH. Faculté des sciences juridiques, économiques et sociales Fès, année universitaire : 2008-2009, p : 27. 

[3] – YahyaAissoui : « le recours devant les commissions fiscales »Revue Marocaine des contentieux N°5-6, Année 2007, p : 113.

[4]– كريم لحرش: “النظام الجبائي المحلي المغربي”، مرجع سابق، ص: 124.

[5]– أيوب الجرموني: “التبليغ في مسطرة تصحيح الضرائب بين النص القانوني والاجتهاد القضائي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، الرباط، أكدال السنة الجامعية 2015-2016، ص: 64.

[6]– الحسين باريش: “ضمانات المسطرة الإدارية غير القضائية للملزم بالضريبة”، مداخلة نشرت بندوة القضاء الإداري وحماية النشاط الاقتصادي التي انعقدت يوم 17 ماي 1996، جامعة القرويين منشورات كلية الشريعة بأكادير، سلسلة ندوات ومحاضرات عدد 1، ص: 74.

[7]– عبد القادر تيعلاتي: “النزاع الضريبي في التشريع المغربي”، دار الأحمدية للنشر، الطبعة الثانية، لسنة 2001، ص 92.

[8]– محمد شكيري: “القانون الضريبي المغربي”، دراسة تحليلية ونقدية، منشورات المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 59، الطبعة الثانية محينة ومنقحة 2005، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ص 580.

[9] – bilal ETBER HARSI : op.cit, page 29.

[10]– كريم لحرش: شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 181.

[11]– المادة 225 من المدونة العامة للضرائب.

[12]– إبراهيم الكرناوي: التعريف باللجنة المحلية لتقدير الضريبة والمسطرة المتبعة أمامها للبث في المنازعات الضريبية، عمل جماعي تحت عنوان المنازعة الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2007، ص 293.

[13]– عبد القادر تعلاتي: مرجع سابق، ص 95.

[14]– عزيزة هنداز: المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، لسنة 2011، ص 139.

[15]– كريم لحرش: شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص: 186.

[16]– حماد الطيبي: مرجع سابق، ص 43

[17]– المادة 225 من المدونة العامة للضرائب.

[18]– المحجوب الدربالي: المنازعات الجبائية المحلية في ضوء المستجدات القانونية وآخر الاجتهادات القضائية، الطبعة الأولى، لسنة 2015، ص 84.

[19]– الحسن الكاسم: اللجنة الوطنية للطعون الضريبية: الاختصاص والمسطرة والقرارات الصادرة عنها، مساهمة في الندوة الوطنية حول موضوع الإشكاليات القانونية والعملية في المجال الضريبي، مجلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، سنة 2011، ص 96.

[20]– المادة 226 من م ع ض.

[21]– محمد مرزاق وعبد الرحمان أبليلا: مرجع سابق، ص 81.

Exit mobile version