سياسة التعمير بين إشكالية العقار وتعدد المتدخلين

سياسة التعمير بين إشكالية العقار وتعدد المتدخلين

إعداد: فتح الله مجاد

باحث في سلك الدكتوراه

جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

 

عرف المغرب كباقي المجتمعات المعاصرة ظاهرة التعمير في بداية القرن العشرين نتيجة النمو الديموغرافي والعمراني السريعين، لكن ذلك لا يلغي التنظيم الذي كانت تعرفه بعض المدن المغربية العتيقة، حيث أحيطت المدن بالأسوار وتمحورت حول المسجد والسوق المركزي وتميزت بوجود العديد من الأحياء الوظيفية المتخصصة وخاصة في الصناعات اليدوية والتجارة.

ويبقى إعطاء تعريف محدد للتعمير ليس بالأمر السهل، نظرا لاختلاف المقاربات والزوايا المعتمدة في تحديد مفهومه. وهكذا يعرفه الفقيه أوبي (J.M.auby): “بأنه مجموعة من الإجراءات التقنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تساعد على تطوير المجتمعات بشكل منسجم وعقلاني وإنساني[1]“.

ونظرا للتطور السريع الذي عرفه النمو الديموغرافي فإنه تم تسجيل حاجيات ضخمة في مجال السكن والخدمات العمومية والتجهيزات الأساسية فضلا عن خلق فرص العمل والتشغيل سواء للساكنة الحضرية أو القروية.

ولسد الحاجيات المذكورة لعب العقار دورا مهما في توفير الأرضية الأساسية التي تنطلق منها مختلف المشاريع العمومية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياحية والعمرانية…وذلك من خلال توفير الأوعية العقارية الضرورية لإحداث وإقامة المشاريع والبنيات التحتية المهيكلة للمجال.

إضافة الى الدور الحيوي الذي يلعبه العقار في منظومة التنمية، فإنه هو وسيلة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني، وبالتالي فالعقار يساهم بدور فعال في تنفيذ السياسات العمومية الرامية إلى تحسين ظروف عيش المواطنين ومحاربة الفقر والإقصاء، كما يساهم في الحركية التنموية، فلا يمكن تصور نجاح أي سياسة عمومية دون ضبط مجال العقار وتنظيم استعمالاته في مجال التعمير والتهيئة والتخطيط العمراني بغية ضبط النمو والتوسع الحضري.

وفي هذا الإطار، عملت الدولة على تنظيم المجال من خلال إصدارها لمجموعة قوانين من بينها ظهير 16 أبريل 1914[2] المتعلق بتصفيف الأبنية والتصاميم الموضوعة لتهيئة المدن وتوسيع نطاقها وظهير 14 يونيو1933 المتعلق بالتجزئات العقارية مرورا بظهيري 1952و1953[3] المتعلقين على التوالي بالتعمير وبالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات واللذين تم نسخهما على التوالي بقانوني 12-90 المتعلق بالتعمير[4] و25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات[5] إضافة إلى ظهير 25 يونيو 1960 بشأن تنمية التكتلات القروية، الذي يعد أول نص يصدر بعد الاستقلال في ميدان التعمير بخصوص التجمعات القروية.

وبعد ذلك وجد المغرب نفسه، مضطرا لإيجاد آليات قانونية مضبوطة لتجاوز مشاكل تنظيم المجال الحضري، تجلت في إصدار قانون 12-90 وقانون 25-90 اللذان خولا للمجالس الجماعية صلاحيات تقريرية في تنفيذ ومراقبة وثائق التعمير والسهر على فرض احترام مقتضياتها. كما صدر مؤخرا القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء[6].

هذه التشريعات في مجموعها استهدفت ضبط الظاهرة العمرانية من خلال القواعد المرتبطة بتنظيم المجال الترابي، فتكريس سياسة المراقبة والمتابعة جاءت بهدف منع المخالفات في ميدان التعمير والبناء وبالاعتماد على الآليات القانونية وأيضا على دور السلطات الإدارية والقضائية. وتنظيم اختصاصات الهيئات المتدخلة إلى جانب الدولة والمؤسسات المتخصصة الأخرى في ميدان التعمير.

هذا إضافة إلى إصدار مجموعة من القوانين المرتبطة بالمجال والعمران خاصة تلك المتعلقة بالعقار الذي اعتبر أساس كل دراسات التعمير، وهو الذي يتحكم عمليا في التعمير لكونه يعتبر بمثابة مادته الأولية. وتبين مختلف التجارب أن الجانب العقاري يعتبر حجر الزاوية بالنسبة للمشاكل المتعددة التي تثيرها مختلف تدخلات الدولة في مجال التوسع العمراني والتخطيط الحضري.

ويظهر جليا أن الموضوع يكتسي أهميته من خلال المشاكل التي أضحت تطرحها مسألة إدارة وتدبير المجال في ظل تعدد وظائفه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة، والإكراهات الناجمة عن النمو الديموغرافي السريع والهجرة القروية والفقر والتمدن السريع والتناقضات المجالية من جهة أخرى.

وانطلاقا من الأهمية السالفة الذكر، سنتناول الموضوع وفق المنهج الوصفي التحليلي الذي يعد من أكثر مناهج البحث الاجتماعي استعمالا نظرا لمدى ملاءمته مع الواقع الاجتماعي وخصائصه.

وتماشيا مع هذا المنهج فإن الإشكالية التي سنعالجها في إطار هذا الموضوع يمكن صياغتها على الشكل التالي: إلى أي حد يمكن أن تتأثر سياسة التعمير بإشكالية العقار وتعدد المتدخلين فيها؟

للإحاطة بالإشكالية المطروحة، سنتناول الموضوع من خلال الفصلين التاليين: الأول يتمحور حول سياسة التعمير وإكراهات السياسة العقارية، والثاني يتعلق بسياسة التعمير وإشكالية تعدد المتدخلين.

 

 

 

 

 

الفصل الأول: سياسة التعمير وإكراهات السياسة العقارية

يحيل مفهوم السياسة العقارية إلى مجموع التدابير التشريعية والتنظيمية والآليات التدبيرية الهادفة إلى تنظيم استعمال الأراضي بكافة أصنافها، والتحكم في التخطيط العمراني والحضري والبيئي، وتعبئة العقار لإنجاز المشاريع التنموية في مختلف المجالات، والإسهام في ضبط السوق العقارية للحد من المضاربة، وتيسير الولوج إلى العقار وفق مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، كل ذلك في استحضار لمبدأي الأمن والعدالة العقاريين[7].

والمحلل لوضعية الهياكل العقارية من ناحية تأثيرها في العملية التنموية يجد بأن العقار يعاني بشكل عام من مشاكل تجعل منه عائقا للتنمية، بدل أن يكون أداة من أدواتها، فإذا كان العقار يعتبر أساس كل تنمية اقتصادية واجتماعية، ومنطلق أي مشروع كيفما كان نوعه، فإن تعدد هياكله وأنظمته، وتنوع القوانين المطبقة عليه، تجعله يفقد القوة الضمانية والائتمانية المسهلة لوسائل التمويل الضرورية للاستثمار، وكذا لحرية تداوله في السوق العقارية الموفرة لشروط إعادة توظيفه وهيكلته التلقائية[8].

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى وجود جملة من الاختلالات والإكراهات التي تعيق اضطلاع العقار بدوره في التنمية، سواء على مستوى ضبط البنية العقارية وتأمين الوعاء العقاري وتصفية وضعيته القانونية والمادية، أو على مستوى استعماله وتعبئته[9].

ولأجل ذلك سنحاول من خلال مبحث أول تناول واقع السياسة العقارية ومدى ارتباطها بالتعمير، على أن نتطرق في مبحث ثاني إلى السياسة العقارية كأساس للتخطيط الحضري والتنمية العمرانية.

المبحث الأول: واقع السياسة العقارية ومدى ارتباطها بالتعمير

إن العلاقة الجدلية التي تربط العقار بالتعمير على اعتبار أن العقار المادة الأساسية التي توضع عليها المشاريع العمرانية، تجعل التعمير الأداة القانونية الناجحة في تسخير العقار خدمة للتنمية.

غير أن هذه العلاقة تواجهها عدة صعوبات والتي يطرحها العقار في ارتباطه بالتدبير العمراني، وهي تكمن أساسا في تعقد المقتضيات القانونية، التي تؤطر التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والبناء فضلا عن تعدد الأنظمة العقارية وصعوبة تجنيد معظمها لفائدة التعمير، هذا التنوع، وتعدد الجهات المتدخلة في تدبيره، أفرز بدوره جملة من الإكراهات والاختلالات والقيود التي تعيق تصفية الوضعية القانونية للعقار وتنظيم تداوله واستعماله وإدماجه في التنمية[10].

ولكشف تأثير السياسة العقارية بالمغرب في التعمير والتنمية العمرانية سنتطرق في المطلب الأول للسياسة العقارية بين تعدد الأنظمة وازدواجية التقسيم على أن نخصص المطلب الثاني لدراسة تعقد وجمود المساطر الإدارية المتعلقة بهذه السياسة.

المطلب الأول: السياسة العقارية بين تعدد الأنظمة العقارية والازدواجية

بقي الوعاء العقاري المغربي يعاني من مشاكل متعددة بسبب الأنظمة المتعاقبة عليه، الشيء الذي نتج عنه عدم توحيد الهيكلة العقارية من ملكية الأحباس، وملكية الأراضي الجماعية، والملكية العقارية العامة والخاصة للدولة وكذا التقسيمات السارية عليها بوجود عقارات محفظة وأخرى غير محفظة، وهو تنوع أدى إلى تعدد القوانين المطبقة، بل وتداخل نصوصها أحيانا.

وإذا تفحصنا النظام العقاري المغربي فإننا سنجده نظاما مزدوجا في هيكله، ومتنوعا في تركيبه، إذ يوجد نظام خاص بالعقارات غير المحفظة والذي أصبح يخضع لأحكام مدونة الحقوق العينية[11]. وهناك نظام العقارات المحفظة وهو نظام الشهر العيني المنظم بواسطة قانون التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت 1913. كما وقع تعديله بمقتضى القانون 07-14[12]، وظهير 2 يونيو 1915 المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة الذي ألغي بمقتضى القانون رقم 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية[13].

وإلى جانب هذه الازدواجية نجد تنوعا في طبيعة الأملاك الموجودة حيث نجد الأنواع الآتية: الأملاك العامة، الأملاك الخاصة للدولة، أملاك الخواص، أو أراضي الملك وهي إما محفظة أو في طور التحفيظ، أو غير محفظة، الأراضي الجماعية، أراضي الأوقاف، أراضي الكيش (الجيش)، …الخ[14].

ومراعاة لهذا التنوع والتعدد، يمكن تقسيم هاته الأنواع إما بالنظر إلى طبيعتها والأنظمة القانونية التي تخضع لها (الفقرة الأولى) وإما بحسب خضوعها لنظام التحفيظ العقاري وعدمه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب

يتميز النظام العقاري المغربي بتنوع هياكله، فإلى جانب الملكية الخاصة التي تشكل حوالي 75% من الوعاء العقاري الوطني، نجد أملاك الدولة العامة والملك الخاص للدولة، والملك الغابوي، وأملاك الجماعات الترابية، والأراضي السلالية، وأراضي الجيش والأملاك الوقفية[15].

ويمكن القول أن هذه الأنظمة تطرح العديد من الإشكاليات التي تقف في وجه تطور العقار وذلك أن النظام العقاري المغربي نظام متنوع بطبيعته إلا أن طريقة تدبيره تنطوي على مجموعة من الإكراهات التي تؤثر على تأمين الوضعية القانونية لهذه الأنظمة العقارية المتعددة، وتعبئتها وإدماجها في التنمية.

وقد أفرز تطور النظام العقاري مجموعة من الأنظمة تتضارب اتجاهات الباحثين بخصوص تحديد عددها[16]، هذا التنوع أدى إلى تشتت الترسانة القانونية المنظمة للعقار وتعدد بنياته ومظاهره وأبعاده، فقد يكون العقار ثابتا كما يكون متنقلا، وقد يكون عاما كما قد يكون خاصا، وقد يكون في ملكية الدولة كما يكون في ملكية الأشخاص، وقد يكون عقارا بريا وغابويا، وقد يكون قابلا للتصرفات كالملك الخاص، وقد يكون مقيدا كالأحباس الأوقاف[17]، الشيء الذي زاد من صعوبة تدبيره وتسخيره لخدمة مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مما يقتضي جمعها في مدونة شاملة لكل الأنظمة.

وفي هذا الصدد، يمكن القول أن تنظيم الملكية يخضع لعدة جهات إدارية، وهذا التعدد في الجهات المهتمة بشؤون العقار ينعكس سلبا على وضعية العقارات في المغرب ويحول دون ايجاد سياسة عقارية موحدة، كما أن جميع هذه العقارات تنقسم من حيث خضوعها لنظام التحفيظ العقاري إلى عقارات محفظة وأخرى غير محفظة وهذا ما سنتطرق إليه في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: ازدواجيه النظام العقاري المغربي

إذا تأملنا النظام العقاري بالمغرب، لابد وأن نلاحظ كونه يعرف ثنائية أو ازدواجية تتمثل في وجود عقارات غير محفظة خاضعة لمقتضيات الفقه المالكي وبعض قواعد قانون الالتزامات والعقود إلى حين صدور مدونة الحقوق العينية وأخرى محفظة خاضعة بالأساس لظهير 9 رمضان 1331 الموافق 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري المعدل والمتمم حاليا بمقتضى القانون 07-14 وظهير 19 رجب 1333 الموافق 02 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة.

وأمام تعدد البنيات العقارية، احتل العقار غير المحفظ مكانة بارزة في مختلف المشاريع التنموية، ووسيلة لضمان السلم الاجتماعي، لكن وكما هو معروف فضمان قيام العقار بالمهمة المنوطة به يتطلب صيانة حق الملكية لتسهيل التعامل في العقار سواء فيما يتعلق بتفويته وبيعه أو نقل ملكيته[18].

ونتيجة لضعف الضمانات التي يمنحها هذا النظام فإن المؤسسات المالية المقرضة أصبحت تتخذ الحيطة والحذر من جانبها كلما تعلق الأمر بعقار غير محفظ.

ولعل الإكراهات المرتبطة بالعقار غير المحفظ من جهة، وضعف الرصيد العقاري من جهة أخرى، جعل المشرع يفكر في إدماج هذه العقارات غير المحفظة في صلب التنمية للتخفيف والحد من أزمة السكن[19]. بإصدار قانون الملكية المشتركة 00-18، إلا أن هذا لا يخلو من تضارب الآراء والاجتهادات القضائية حول القانون الواجب التطبيق في حالة نشوء نزاعات بشأنه[20].

ولقد دفعت كل هذه المعيقات بالمشرع إلى الأخذ بنظام موازي أكثر دقة وإحكاما، يكفل للملكية العقارية وضعا قانونيا مستقرا ومبنيا على أسس علمية ومنطقية، وهو نظام التحفيظ العقاري.

ويشكل العقار المحفظ الأرضية الأساسية لانطلاق المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية المنتجة، وأداة لتحقيق الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي، بالنظر إلى الدور الفعال الذي يقوم به على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، غير أن اضطلاع العقار بهذه المهمة يتوقف على وجود إطار قانوني يوفر للملكية العقارية أرضية صلبة تمكن الجميع من التعامل بكل ثقة واطمئنان[21]. وذلك بخلاف الرسوم العدلية التي غالبا ما يشوبها الغموض أو التشكك بالنسبة للعقارات غير المحفظة.

ويؤدي نظام التحفيظ العقاري إلى استقرار الملكية العقارية وإلى خلوها من النزاعات المترتبة عن الحيازة، وتقادم الحقوق، والترامي على ملك الغير. كما يساهم هذا النظام في إرساء الدور الاقتصادي للعقار عندما يوفر الأرضية العقارية الثابتة والصالحة لجلب الاستثمار وتشجيع الإنتاج وإنشاء الثروات وإدماج العقارات في التنمية الوطنية الشاملة وتوفير الشغل والسكن بوجه خاص.[22]

هذا، وبعد التطرق إلى العقار بين تعدد الأنظمة والازدواجية، لا بد من الوقوف على مدى جمود هذه الأنظمة وتعقد المساطر الإدارية المنظمة لواقع السياسة العقارية وعلاقتها بالتنمية العمرانية.

المطلب الثاني: جمود الأنظمة وتعقد المساطر الإدارية المتعلقة بها

إن التشريعات العقارية الجاري بها العمل أدت واجبها وأصبحت لذاتها تشكل إكراهات صلبة على تحقيق التنمية بجميع صورها بدليل بطء مسطرة التحفيظ وكثرة إجراءاته وتعقيدها والركون إلى مسطرة التقاضي العادية في المسطرة المدنية عند وجود تعرض على مطلب التحفيظ وجمود الرسوم العقارية من جراء عدم التحيين وازدواجية النظام العقاري وعدم استقرار الملكيات العقارية[23].

إذا فإلى أي حد ساهم جمود الأنظمة العقارية وقدمها (الفقرة الاولى) وكذا طول المساطر الإدارية وتعقدها (الفقرة الثانية) في شل عملية التعمير وإعاقتها.

الفقرة الاولى: جمود الأنظمة العقارية وقدمها

إن الكيفية التي يتم بها الانتفاع بالعقار في أي بلد تنعكس إلى حد بعيد على مستوى هذا البلد، وترهن مصيره اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا أيضا، واليوم لم يعد مجرد وجود قواعد منظمة للعقار كافيا لجدب الاهتمام به في العمليات الاستثمارية، بل أصبح المهم أكثر هو مدى وضوح هذه القواعد ودقتها[24].

وفي إطار تشخيص وضعية البنية العقارية بالمغرب، فإن أول ملاحظة يمكن تسجيلها تتمثل في قدم الترسانة القانونية المطبقة على الملكية العقارية وتداخلها، مع ما يتبع ذلك من أوضاع قانونية متشابكة ومعقدة. كما أن تشتتها يخلق حالة من الفوضى القانونية تنتج عنها حالة الارتباك لدى الفاعلين الاقتصاديين، تؤدي إلى إحجامهم عن المبادرة والاندفاع نحو الاستثمار في العقار. مما يؤدي إلى سيادة جو من الركود ينعكس سلبا على وتيرة الدورة الاقتصادية، وبالتالي تعطيل عجلة النمو.

ويمكن القول أن الأنظمة العقارية بالمغرب بقيت بعد صدور مدونة الحقوق العينية كما كانت من قبل، سواء من حيث ازدواجية النظام بين محفظ وغير محفظ أو من حيث تعدد الهياكل العقارية الذي يؤكد أن استمرارها لا يشكل أي ضرر شريطة تحديث المنظومة القانونية المؤطرة لها بما يؤهلها للانخراط في التنمية الاقتصادية والمجالية[25] وتجميع نصوصها بما يضمن وحدة المرجعية.

وبالإضافة لتشتت وقدم النصوص القانونية المنظمة للعقار، يواجه تسخير الرصيد العقاري في العملية التنموية إشكالية تعقد المساطر الإدارية، فأين تنحصر هذه الإشكالية وأين تتجلى مظاهرها؟

الفقرة الثانية: تعقد المساطر الإدارية لولوج العقار

لكشف تعقد مساطر الولوج للعقار لا بد من الإشارة إلى المعطيات المتعلقة بالتشريعات التي تحد من التصرف في العقار، وطغيان طابع الشياع على الملكية العقارية وبطء مسطرة الخروج منه.

وفي سياق اختلاف المرجعية التشريعية للتصرف في العقار، نرى أنه قبل عهد الحماية، كان يخضع لقواعد الفقه الإسلامي طبقا للمذهب المالكي، ومن تم كانت هناك وحدة في المرجعية التي يعتمد عليها القاضي لإصدار أحكامه، بالرغم من التنوع الموجود داخل المرجعية الموحدة.

تم ما لبث أن بسطت عليه الحماية سلطتها، مستقدمة معها ترسانة من القوانين ذات المرجعية اللاتنية، فنتجت عن ذلك ازدواجية في مرجعية القواعد القانونية المنظمة للعقار، بين مرجعية الفقه الإسلامي ومرجعية القانون اللاتيني. كما تعددت الأنظمة العقارية، حيث انضاف نظام عقاري جديد هو نظام العقار المحفظ إلى الأنظمة العقارية التي كانت موجودة قبل مجيء الاستعمار.

ورغم حصول المغرب على استقلاله، لم تفلح محاولة توحيد المرجعية، حيث فشلت مبادرة تقنين أحكام الفقه الإسلامي في شتى المجالات، بينما ظل العقار رهين ازدواجية المرجعية وتعدد الأنظمة.[26]

أما فيما يخص طغيان طابع الشياع على الملكية العقارية، فأضحت وضعيته لا تتوافق وطموحات الأفراد، لأجل ذلك منح الفقه والقانون لكل شريك حق المطالبة بقسمة المال المشاع وتمكينه من حصته، ولا حق لباقي الشركاء في إرغامه على البقاء معهم في حالة الشياع أو بيع حصته وحده لأن النصيب الشائع غالبا ما لا يجد إقبالا عليه من طرف المشتري الذي يتهرب من ضرر الشركة[27].

ويتبين أن نظام الملكية الشائعة يطرح صعوبة كبيرة على مستوى تدبير العقار. ذلك أنه يتطلب من المالك على الشياع الراغب في إنجاز مشاريع استثمارية الحصول على موافقة مجموع الشركاء وإلا أصبح تصرفه بمثابة مغامرة، وهو الشيء الذي لا يسمح بإدماج هذا النوع من العقار في مسار التنمية.

وللتخفيف من سلبياته وتيسير سبل الخروج من حالة الشياع بالقسمة والتفويت للعقار الشائع ملكيته بين عدة أفراد[28]، يستحسن التشجيع على القسمة بتبسيط إجراءاتها، والسرعة في البث فيها، والتخفيف من تكاليفها، والتشجيع على تحفيظ الأملاك الشائعة بمساطر أبسط وأسرع[29].

ويمكن القول أنه رغم الاكراهات والاختلالات المرتبطة بتدبير العقار فإن هذا الأخير شكل اللبنة الأساسية للتخطيط الحضري والتنمية العمرانية.

المبحث الثاني: السياسة العقارية كأساس للتخطيط الحضري والتنمية العمرانية

بعد تشخيص واقع السياسة العقارية بالمغرب آنفا، لا بد من الإشارة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه السياسة في إنجاح التخطيط الحضري والتنمية العمرانية.

ومن أجل الوقوف على ذلك سنتطرق إلى مدى مساهمة بعض الأنظمة العقارية في عملية التعمير من خلال سرد بعض الآليات المستعملة لتوفير العقار في مطلب أول، على أن نخصص المطلب الثاني لاقتراح بعض التدابير والإصلاحات اللازمة للتنمية العمرانية.

المطلب الأول: آليات توفير العقار لدراسات التخطيط الحضري

إذا كانت سياسة التعمير ترتكز على الملكية العقارية وتعتبرها رصيدا عقاريا هاما يجب تنميته وتوزيعه بين أفراد الجماعة بطريقة عادلة، فإن توفير الأراضي اللازمة، في الوقت المناسب والمكان المناسب، يطرح عدة إشكاليات كما أن الطلب على الأراضي أصبح يعرف تزايدا ملحوظا، وذلك ليس فقط بسبب ارتفاع نسبة التمدن، ولكن أيضا بسبب تطور العادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية[30].

وفي هذا السياق، تحتاج دراسات التخطيط الحضري لمجموعة من الآليات لتوفير العقار باعتباره لبنة أساسية لقيام أي مشروع استثماري، سواء عن طريق إعادة تكوين الرصيد العقاري أو الحد من المضاربة العقارية ومراقبة السوق العقارية والحد من الفوضى التي يمكن أن تنشأ على مستوى الأثمنة.

الفقرة الأولى: إعادة تكوين الرصيد العقاري لإدماجه في التخطيط الحضري

إذا كان التعمير هو مجموعة من العمليات والتدخلات التي تقوم بها الدولة بهدف تنظيم المجال، فإن مثل هذه العمليات تحتاج إلى رصيد عقاري كافي[31].

كما أن عملية توفير الرصيد العقاري لضمان تخطيط محكم يعتبر حجر الزاوية في أية تنمية حضرية، بيد أن التخطيط لا يمكن أن تقوم له قائمة دون التوفر على الأراضي التي سيطبق عليها، علما أن عملية توفير الوعاء العقاري تصطدم بمجموعة من الإكراهات المرتبطة بالملكية والنظام العقاري.

لذا فإن جل الدول تعمل على وضع سياسة عقارية تهدف إلى تجاوز المشاكل العقارية وتوفير الأراضي اللازمة لتوسيع المدارات الحضرية. على اعتبار أن هناك علاقة متينة بين السياسة العقارية والتعمير، حيث لا يمكن التخطيط للتوسع العمراني في غياب التخطيط للتحكم في المسألة العقارية[32].

ولتبني استراتيجية جديدة لتدبير العقار وجعله في خدمة التنمية ينبغي أن يتم ذلك في إطار مقاربة شمولية تعيد النظر في الوسائل المتاحة للدولة في تكوين رصيدها العقاري، هذا الرصيد الذي لم يعد يستجيب لمتطلبات التوسع العمراني والحضري الذي يعرفه المغرب وبالتالي يتعين إعادة النظر في الآليات المساهمة في تكوين الملك الخاص للدولة ويمكن إجمالها في عملية تثمين هذا الملك وتصفية وعائه عن طريق الاقتناء تم ممارسة حق الشفعة ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة. وتصفية الوعاء العقاري للأنظمة العقارية الأخرى عن طريق تمليك العقارات الجماعية مثلا ورفع الوصاية عنها.

بالإضافة إلى آليتي تثمين الملك الخاص للدولة وتمليك أراضي الجماعات السلالية، لابد من الإشارة إلى تصفية الوعاء العقاري والحد من المضاربة العقارية.

الفقرة الثانية: الحد من المضاربة العقارية وتسهيل الولوج إلى السكن

إن النمو الديمغرافي والهجرة القروية وما يتولد عنهما من حاجيات للسكن والأراضي الصالحة للبناء، وتفشي المضاربة العقارية أدى إلى خلق حالة من عدم التوازن في العرض والطلب على العقار، الأمر الذي نتج عنه تفاقم مشاكل أخرى لها علاقة مباشرة بهذه الوضعية كالمباني العشوائية وأحياء الصفيح، وانعدام الوسائل الصحية والتجهيزات الأساسية أي بشكل أعم أدى إلى تعمير فوضوي.[33]

والملاحظ أنه بالإضافة للمعوقات الطبيعية التي قد تعرقل توسع بعض المدن، نجد في الغالب نقصان في الأراضي الصالحة للبناء، فهي منعدمة أو مجمدة لأغراض المضاربة أو تابعة لملكيات عمومية أو أنظمة عقارية أخرى يصعب الحصول عليها أو يطول أمد اقتنائها نتيجة بطء وتعقيد المسطرة، الأمر الذي يغدي المضاربة العقارية ويشكل عرقلة للتنمية الحضرية[34].

وقد ترتب عن الوضعية تراجع العقارات الممكن تعبئتها عمرانيا في عدد من جهات المملكة، مما يؤثر على السوق العقارية ويشجع على المضاربة الضارة ويعرقل التنمية العمرانية[35].

إن هاجس الحد من المضاربة العقارية وتوفير العقار يحتل مكانة هامة في كل المشاريع السكنية والتجهيزات الأساسية والمرافق الاجتماعية، حيث تتدخل الدولة في مجال السكن من خلال جملة من البرامج التي تهدف إلى محاربة السكن غير اللائق وتكثيف العرض السكني وتنويعه وتحسين ظروف السكن، وضبط السوق العقارية[36].

إذا في ضل وجود هذه الإكراهات لا بد للدولة أن تتدخل باتخاذ تدابير لتجاوزها والحد من نتائجها والنهوض بسياسة التعمير وتحقيق التنمية العمرانية.

المطلب الثاني: التدابير العقارية اللازمة للتنمية العمرانية

إن المسالة العقارية تحدد بشكل كبير مستقبل التخطيط الحضري مادام هذا التخطيط لا يمكن أن تقوم له قائمة دون التوفر على الأراضي التي سيطبق عليها. ذلك أن هناك علاقة متينة بين السياسة العقارية وسياسة التعمير. ولا يمكن التخطيط للتوسع العمراني بمنأى عن المسألة العقارية. كما لا يمكن أن تؤتي سياسة التعمير أكلها إلا إذا كانت الدولة تتوفر على ما يكفي من الأراضي، وبشكل عام لا يمكن أن نتحدث عن سياسة عقارية ناجحة إلا إذا كانت هذه الأخيرة تستجيب لتوجهات المخططين في المجال الحضري[37].

وبالتالي فإن تنظيم المجال العمراني رهين باستعمال المجال العقاري، وتعتبر وثائق التعمير إطارا قانونيا للتخطيط وأداة أساسية لاستغلال الأراضي الحضرية وضمان حسن استعمالها على المدى القريب والبعيد. إذن إلى أي حد يمكن أن يؤثر البعد العقاري في دراسات التعمير؟ وماهي التدابير التي اعتمدها المغرب لتوفير الظروف الملائمة لإدماج العقار في دواليب سياسة التعمير (الفقرة الأولى) وما الجدوى من التكامل بين العقار والتعمير لإنجاح التخطيط الحضري وتحقيق التنمية العمرانية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: استحضار البعد العقاري في دراسات التعمير

ويعتبر العقار عنصرا استراتيجيا في مجال التنمية وركيزة أساسية في إعداد التراب الوطني، وعليه تتوقف كل تطلعات المخططات والسياسات العامة، واعتبارا للتحديات المطروحة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية التي تتجلى في تهييئ المجال، فإن الطلب على الأرض يبقى في ارتفاع مستمر الشيء الذي يتطلب نهج سياسات ذات أبعاد مستقبلية منبثقة من عقلنة الموارد المتاحة وتدبير المجالات الحضرية[38].

كما أن التعمير الذي يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتوقف على ثلاثة عناصر هي تخطيط حضري فعال وسياسة عقارية فعالة لخدمته وهما معا يرتكزان على اعتمادات مالية مجندة من طرف الدولة والجماعات المحلية بل وأيضا الفاعلون العموميون المهتمون بقطاع التهيئة والسكنى[39].

ويعد مجال التعمير أحد المجالات الواسعة التي يمنح فيها المشرع المغربي صلاحيات هامة للوزارة الوصية على المستوى المركزي والمحلي وكذا للجماعات المحلية، من منطلق تنمية المجال العقاري والسكن، وهو مجال واسع ذو ارتباط كبير بمختلف الفضاءات القطاعية الترابية والعمرانية وغيرها[40].

ومن أجل الوصول إلى التعمير المنتج الذي يمكن من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية، يجب العمل من جهة على تخطيط حضري فعال منبثق من وثائق مدروسة بكيفية عقلانية ومنصفة، آخدة بعين الاعتبار التنمية المستدامة، ومن جهة أخرى التوفر على سياسة عقارية ناجعة كفيلة بالحد من المضاربة العقارية التي تؤثر سلبا على الاستثمار ولا يساير ارتفاع قيمتها نسبة النمو الاقتصادي للبلاد[41].

إذا في إطار العلاقة المتلازمة بين العقار والتعمير هل يمكن التساؤل حول وجود تكامل بينهما؟

الفقرة الثانية: تفعيل التكامل بين العقار والتعمير في خدمة التنمية العمرانية

إن نجاح سياسة التعمير رهين بسياسة عقارية واضحة المعالم والمرامي من جهة وسياسة للتدبير العمراني تترجم توجهات التخطيط المجالي وتستحضر المقاربة العقارية بشتى أبعادها[42].

والواقع أن العلاقة التي تربط التعمير والعقار بالتنمية هي علاقة متداخلة تتبادل التأثير والتأثر[43]، ومما لا شك فيه أن العقار يتحكم عمليا في التعمير لكونه يعتبر بمثابة مادته الأولية حيث بينت مختلف التجارب أن الجانب العقاري يعتبر حجر الزاوية بالنسبة للمشاكل المتعددة التي تثيرها مختلف تدخلات الدولة في مجال التخطيط والتدبير العمرانيين[44].

ويشكل العقار بدون شك عنصرا رئيسيا في مجال التنمية العمرانية واعتبارا للتحديات التي تعرفها بلادنا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ونظرا للتزايد المفرط للطلب على الأرض فإنه بات من الضروري إعادة النظر في بعض القوانين المتبعة في اتجاه خلق انسجام وتكامل بين العقار والتعمير[45].

وتبعا لذلك يظهر جليا أن هناك ارتباط عضوي بين المسألة العقارية وسياسات التعمير ذلك أن هذه الأخيرة هي التي تعمل على وضع الإطار المناسب لتوزيع السكان، وتخطيط لتهييئ مجال نشاطهم الاقتصادي والاجتماعي، وتحدد البنيات الأساسية والوسائل الكفيلة بتطوير مختلف المناطق الحضرية خاصة تلك التي تعرف توسعا كبيرا[46].

ومجمل القول، فإنه لخدمة التعمير وتحقيق تنمية عمرانية، لابد من تبني التدابير والإصلاحات العقارية المتعلقة بتحصين الملكية العقارية وإعادة تكوين الرصيد العقاري وذلك بتقوية نظام التحفيظ العقاري وتتميمه والتخفيف من كلفته، وتحقيق الأمن العقاري من خلال تقوية النظام القضائي باعتماد الوسائل البديلة لفض النزاعات مع العمل على تصفية الوعاء العقاري المتوفر لإعادة تكوين رصيد عقاري مهم وإدماجه في دراسات التعمير والتخطيط الحضري بشكل خاص وفي العملية الاستثمارية بشكل عام.

لكن رغم ما يمكن أن يتحقق من تكامل بين السياسة العقارية وسياسة التعمير، فان نجاح هذه الأخيرة رهين بوضوح اختصاصات المتدخلين فيها والتنسيق الجيد بينهم والانخراط الفعلي لجميع الفاعلين المحليين.

الفصل الثاني: سياسة التعمير وإشكالية تعدد المتدخلين فيها

من الطبيعي أن تعدد وتنوع البنية العقارية كان له أثر على عملية ضبط المجال العقاري وتنظيمه على المستوى المؤسساتي من حيث الجهات الرسمية المتدخلة في تدبير وضبط المجال العقاري[47].

وترتبط بهذه الوضعية جملة من الإكراهات والاختلالات المرتبطة بآليات ومساطر تدبير العقار العمومي. ذلك أن تعدد الجهات المؤسساتية المتدخلة في تدبير الملك العمومي منبثق من الأنظمة العقارية المكونة لهذا الملك، مما يطرح إشكالية التنسيق والالتقائية بين هذه الجهات المدبرة، وعدم توحيد الرؤية بخصوص كيفية ضبط هذه الأملاك وتنظيم استعمالها وتعبئتها[48].

والجدير بالذكر، أن العقار هو الفعل الأكثر سلبا بسبب تعقيد المساطر الراجع إلى تعدد المتدخلين. بل إن بعضهم، وبالرغم من التفويضات التي يتوفرون عليها في هذا المجال يجدون صعوبات في وضع الأملاك العقارية الخاصة بالدولة رهن إشارة المستثمرين[49] وبالأحرى تلبية متطلبات التعمير.

وإلى جانب تعدد المتدخلين في السياسة العقارية الذي يزيد في آجال اتخاذ قرارات تسخيره لمشاريع الاستثمار وإدماجه في التنمية، تعرف كذلك سياسة التعمير تدخل مجموعة من الأطراف وتنوع اختصاصاتها سواء على مستوى إعداد وثائق التعمير أو على مستوى التسيير الحضري والتدبير العمراني.

ولتوضيح إشكالية تعدد المتدخلين في سياسة التعمير سنحاول معالجتها من خلال نقطتين رئيسيتين الأولى تتعلق بتنوع المتدخلين أثناء عملية إعداد وثائق التعمير والثانية تتجلى في حضور هذا التعدد وعدم وضوح حدود الاختصاصات في عملية التدبير العمراني وزجر المخالفات.

المبحث الأول: تعدد المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير

يحدد القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير[50] في قسمه الأول وثائق التعمير، مع توضيح نطاق تطبيقها ومحتواها وآثارها، والمراحل الهامة للمصادقة عليها، وهذه الوثائق تهم أساسا مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة وتصميم التنطيق.

وما يؤخذ على هذا القانون أنه ترك للإدارة المكلفة بالتعمير، السلطة الواسعة في إعداد هذه الوثائق، مع إعطاء المجالس الجماعية الدور الاستشاري فقط، علما بأنها هي المعني الرئيسي بتنفيذها، الشيء الذي يطرح عدة مشاكل تتمثل في عدم ملائمة هذه الوثائق للواقع. كما أن تعدد المتدخلين في إعدادها، يؤدي إلى البطء في المصادقة عليها والتي تتجاوز عشر سنوات من الدراسة في بعض الأحيان.

هذا، فضلا عن تعدد المتدخلين في التنفيذ وإشكالية ما يطلق عليه بالرأي المسبق والانفرادي للوكالة الحضرية في دراسة الوثائق المذكورة، والذي أثار مجموعة من الخلافات بين المتدخلين الآخرين.

ولتوضيح مدى تنوع المتدخلين في مسطرة إعداد وثائق التعمير سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين سنخصص الأول لتعدد المتدخلين وغياب التنسيق بينهم أثناء إعداد وثائق التعمير المستقبلي والثاني لتنوع مهمة المكلفين بإعداد وثائق التعمير التنظيمي وعدم وضوح اختصاصاتهم.

المطلب الأول: تعدد المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير التوجيهي أو المستقبلي

يعتمد التخطيط العمراني على نوعين من وثائق التعمير الأول يعرف بالوثيقة التوجيهية أو المستقبلية كتجسيد فعلي للتخطيط الاستراتيجي على مستوى التخطيطات العامة للتهيئة وتتجلى في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية والثاني يسمى بالوثائق التنظيمية والتي يمكن تسميتها بالتخطيطات الإجرائية لاستعمال الأراضي والتجهيزات والمرافق العمومية التي سيتم إنجازها وتشمل ثلاث وثائق وهي تصميم التنطيق وتصميم التهيئة وتصميم النمو[51].

وتعرف وثائق التعمير التوجيهي أو المستقبلي تدخل مجموعة من الهيئات والمؤسسات الإدارية سواء أثناء إعدادها (الفقرة الأولى) أو أثناء تنفيذها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية[52]

يتجلى التعمير التوجيهي أو المستقبلي في المخطط التوجيهي للتنمية العمرانية الذي يعتبر وسيلة لدراسة المجال الحضري وضواحيه دراسة شمولية ومستقبلية، وبالتالي تعمل على رسم الصورة العامة التي سيأخذها المجال مستقبلا، حيث تستغرق مدة سريانها 25 سنة[53]. كحد أقصى تستوجب ترابط مكوناتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وبضرورة التنسيق بين مختلف المتدخلين[54]

وقد يصطدم المخطط التوجيهي أيضا بالواقع المتشعب والمعقد للعقارات والأراضي التي ينظمها قانون خاص وهذا يصعب من مأمورية القائمين على إعداد وتنفيذ وثائق التعمير بصفة عامة وعلى وجه الخصوص المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية لأنه الوثيقة الأولى التي تتعرض لهذه المتناقضات من جهة أما من جهة ثانية فإن افتقار الدولة والجماعات المحلية للعقارات الضرورية يزيد الأمر تعقيدا.

وﺘﻌـﻭﺩ صلاحية ﺇﻋﺩﺍﺩ المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية إلى الوزارة المكلفة بالتعمير، استنادا إلى مقتضيات المادة الثالثة من المرسوم[55] التطبيقي  للقانون 12-90 المتعلق بالتعمير، والتي تنص على  أنه “ﻴﺘﻡ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻤﺸﺭﻭﻉ المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بمسعى من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وبمساعدة الجماعات المعنية والمجموعات الحضرية في حالة وجودها، إلا أن هذا لا ينفي تدخل أجهزة أخرى في هذه المسطرة كما هو الحال بالنسبة للوكالات الحضرية التي تتمتع بمجموعة من الاختصاصات على مستوى مسطرة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.

الفقرة الثانية: تنفيذ المخطط التوجيهي للتنمية العمرانية

تتسم التوقعات المبرمجة في تنفيذ المخطط التوجيهي للتنمية العمرانية بالبطء وعدم الإنجاز في الوقت المطلوب، نتيجة صعوبات تدبير التعمير سواء على مستوى إعداد وثائق التعمير أو الترخيص أو المراقبة، مما حال دون أداء المدينة لوظائفها التنموية.

كما أن تأثير مجموعة من العوامل بشكل سلبي على سياسة التنمية الحضرية التي تنهجها الدولة، وعرقلة العديد من المخططات التوجيهية الطموحة التي يراد تحقيقها على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، ينضاف إلى تنوع المهام المنوطة بالمكلفين بالإعداد وغياب التنسيق وتداخل الاختصاصات بين كل الفاعلين في ميدان التعمير، أدى إلى تعثر الجهود المالية والبشرية، وبالتالي تعثر الاستثمارات وعدم إنجازها في الوقت المطلوب وفق ما هو مسطر بالمخططات التوجيهية للتنمية العمرانية.

هذا باختصار ما تتميز به الجهات المكلفة بإعداد وتنفيذ الوثيقة التوجيهية المستقبلية فماذا عن المتدخلين في إعداد الوثائق التنظيمية؟

المطلب الثاني: تنوع المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير التنظيمي

يقصد بالتعمير التنظيمي كمقابل للتعمير التقديري، تلك الوثائق التعميرية التي يتم استعمالها من أجل التخطيط الحضري والعمراني لكي تظهر من خلالها حقوق والتزامات الأفراد ملاك الأراضي ولكي يعلم المواطنون بالتجهيزات والمرافق العامة التي سيتم إنجازها وأين ستنجز[56].

ويشتمل التعمير التنظيمي على ثلاث وثائق وهي تصميم التنطيق وتصميم التهيئة وتصميم النمو.

الفقرة الأولى: تصميم التنطيق[57]

يعرف تصميم التنطيق بأنه تصميم مؤقت ومرحلي يتم بواسطته ملئ الفراغ بين المخطط التوجيهي للتنمية العمرانية ومجيء تصميم التهيئة هذا الأخير هو الذي ينشأ علاقة مباشرة بين القانون والمواطنين في المناطق الحضرية.

ويلاحظ أن تصاميم التنطيق التي تعد لتقوم بوظيفة تدوم سنتين تصبح بعدها لاغية وليس لها أي مفعول اتجاه الإدارة أو الغير، خصوصا إذا ما علمنا أنه لا مبرر لإعدادها إلا إذا كانت الرقعة الأرضية لا تتوفر على تصميم تهيئة، ونتيجة لذلك يكون من اللازم اللجوء إلى تصاميم التنطيق لتنظيم مرحلة انتقالية وتمكين المواطنين من القيام بأعمال تتعلق بالعمران في انتظار إعداد تصميم التهيئة المرتقب.

ويلاحظ أن تصميم التهيئة المنتظر قد لا يخرج إلى حيز التنفيذ في الوقت المناسب أي عند انقضاء العمل بمقتضيات تصميم التنطيق. نظرا لعدة عوامل منها مماطلة المجالس الجماعية في الموافقة على تصميم التهيئة داخل آجال معقولة وتداخل اختصاصات الإدارات المعنية وغياب التنسيق فيما بينها.

الفقرة الثانية: تصميم التهيئة

يعتبر تصميم التهيئة بمثابة دليل للسلطات العمومية في مجال التخطيط الحضري والتوسع العمراني، وأداة لترجمة توجهات المخطط التوجيهي للتهيئة الحضرية على أرض الواقع، وكذا تحديد الإجراءات المتعلقة بعمليات التعمير، ويهدف التصميم إلى تحديد المناطق السكنية والصناعية والمواقع المخصصة للمرافق الأساسية مثل الطرق والمدارس والمستوصفات والمساحات الخضراء، والمواقع المخصصة للتجهيزات الجماعية كالمراكز الجماعية والترفيهية. وحماية المواقع التاريخية والأثرية[58].

ويبقى أول تحد يواجه تصميم التهيئة التطور السريع للعمران ونمو التجمعات العمرانية بوثيرة مرتفعة، لم تستطع وثائق التعمير المتوفرة ولا التي هي في طور الإنجاز مسايرتها، السبب الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى تجاوزها، فإذا وضعنا في الاعتبار النمو الحضري بوتيرته هذه ومدة صلاحية تصاميم التهيئة المحددة في عشر سنوات، يمكن القول بأن التأخير المسجل في إنجاز هذه الوثائق يترتب عليه اللجوء إلى البناء الفوضوي، وهذا لوحده سبب كاف بأن يعرقل تصميم التهيئة ويعيق تنفيذ مقتضياته.

أضف إلى ذلك أن البطء والتأخير الحاصلان في إعداد تصاميم التهيئة يقع في أغلب الاحيان نتيجة غياب التنسيق بين المتدخلين فيه، الأمر الذي يصعب من مأمورية الإدارة ويفقدها التحكم في توجيه انتشار العمران ومراقبته ومن ثم تلتجئ الإدارة إلى حلول ترقيعية تساهم في تأزم الوضعية العمرانية.

ونظرا لكون ﺘﺼﻤﻴﻡ التهيئة وﺜﻴﻘﺔ ﺘﻌﻤﻴﺭﻴـﺔ ﺘـﻨﻅﻡ المجال الحضري، فإن ﺘﺼﻤﻴﻡ النمو يعتبر آلية ﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ للمجال ﻓﻲ ﺒﻌﺩﻩ القروي.

الفقرة الثالثة: تصميم النمو[59]

نظرا لضعف الحركة العمرانية في العالم القروي، يعتبر تصميم النمو بمثابة الوثيقة التعميرية التي تنظم هذه المناطق القروية، حيث أن هذه المناطق ظلت خاضعة لظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنمية الكتل العمرانية. إذ نجد أن المشرع كان يهدف من وراء تبسيط مسطرة التخطيط العمراني لتهيئة هذه المناطق وليونة التعامل مع السكان بسبب ضعف التعمير في هذا النوع من المجال.

ونظرا لكون المشرع المغربي بدا غامضا في عدم تحديده لمجال تطبيق تصميم التنمية بشكل واضح من خلال اعتباره للمناطق القروية. كما أن رغبة كثير من الجماعات القروية في إعداد تصميم التهيئة بدل تصميم النمو، فإن اختلاف أراء الهيئات المعنية بإعداد وتنفيذ هذه الوثائق وعدم التنسيق بينها في بعض الأحيان يحرم هذه الجماعات من وثائق التعمير وبالتالي انتشار التعمير الفوضوي.

المبحث الثاني: تعدد المتدخلين في عملية التدبير العمراني والمراقبة

يعتبر التدبير العمراني بمثابة الترجمة الفعلية والعملية للتخطيط العمراني، على اعتبار أنه إذا كان هذا الأخير يشكل ضرورة لضبط نمو المجال على المدى القصير والبعيد من خلال وثائق التعمير التي تعتبر بمثابة المرجع القانوني لجميع المتدخلين في ميدان التهيئة بحكم الضوابط المرافقة لها، فإن التدبير العمراني يهدف إلى حل المشاكل والانشغالات اليومية من خلال ترجمة مقتضيات التخطيط العمراني، حيث الهدف المركزي هو تنظيم المجال تنظيما متوازنا ومتناسقا[60].

ويبقى مفهوم التدبير العمراني واسعا جدا كونه يمتد ليشمل جميع مظاهر تنفيذ وثائق التعمير على اعتبار أنها المجسد الفعلي للسياسة المتبعة في ميدان التخطيط العمراني على مستوى تهيئة المجال والتدخل في ميدان السكنى[61]، لكن المعاينة أفرزت انتشار المخالفات لدى ملاك التجزئات بزيادة الوحدات دون ترخيص أو بطمس مجالات ومرافق حيوية إلى درجة الانتهاء إلى تغيير البناء المرخص.

بالإضافة إلى انتشار مخالفات البناء العشوائي ورخص البناء بدريعة الإصلاح في حين يتحول الأمر إلى تغيير كامل في البناء، فإن قواعد التعمير لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا تمت حمايتها برقابة فعالة وتدابير زجرية لتفادي كل المخالفات قبل وقوعها.

ولتبيان ذلك، لابد من التطرق إلى تعدد المتدخلين فيما يخص طلبات الحصول على رخص البناء والترخيص للتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات (مطلب أول) وكذلك تنوع المتدخلين في ميدان المراقبة وزجر المخالفات (مطلب ثاني).

المطلب الأول: طلبات رخص البناء والتجزئات العقارية

إن قراءة متمعنة للقانون 12-90 المتعلق بالتعمير، والقانون 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، تجعلنا نقف على أهم آليات التعمير العملياتي، إذ تعتبر بمثابة أدوات يمكن من خلالها التحكم في حجم النمو العمراني[62].

ومن أجل تحسين وتوحيد المساطر المتبعة، والاستجابة لتطلعات المواطنين بإدخال مزيد من المرونة والسرعة في مجال دراسة الملفات المعروضة على أنظار اللجان المكلفة بدراسة طلبات رخص البناء وإحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات ورخص السكن وشواهد المطابقة، صدر المرسوم رقم 424-13-2 الصادر في 13من رجب 1434 (24 ماي 2013) بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها[63].

ومن بين أهم ما جاء به هذا المرسوم هو تحديد الهياكل المكلفة بدراسة الطلبات في الشباك الوحيد لرخص التعمير واللجنة الإقليمية للتعمير، وكذا اللجان المكلفة بدراسة الطلبات في لجنة المشاريع الصغرى ولجنة المشاريع الكبرى، والأعضاء غير الدائمين.

وبالتالي فإن توضيح العلاقة بين الهياكل المذكورة وتحقيق الأهداف المسطرة في وثائق التعمير التقديري والتنظيمي النافد، تتجلى في تشخيص هذه الآليات المتمثلة في رخص البناء (فقرة أولى)، وكذا الترخيص بالتجزئات والمجموعات السكنية والتقسيمات العقارية (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: على مستوى رخص البناء

تتجلى أهمية الرخصة في كونها تعتبر إحدى وسائل تقييد حق الملكية العقارية وما تقتضيه من إخضاع هذا الحق للمراقبة المسبقة للبناء وعدم ممارسته إلا في نطاق النصوص القانونية الجاري بها العمل[64]. بالإضافة إلى أن الغاية من فرض العمل بالرخص هو تفادي التعمير غير المنظم.

ولتحسين استعمال الرصيد العقاري المتوفر يستلزم الأمر الحصول على رخصة تراعى فيها ضوابط البناء، إلا أنه من خلال معاينة ما يجري في محيط المدينة يتبين وجود بعض الخروقات.

ولوضع حد لهذه الظاهرة، يجب مواكبة دراسة طلبات رخص البناء لمقتضيات وضوابط محددة كإنجاز الدراسات العقارية والطبوغرافية والتي على ضوئها يمكن دراسة طلب رخصة البناء، وتجاوز التحايل المسجل على مستوى رخص الإصلاح، وذلك بعدم منح رخصة الإصلاح إلا أن يلتزم المعني بالأمر بما صرح به من إصلاح لأنه في غالب الأحيان يستغل هذه الفرصة لإقامة بنايات دون ترخيص.

وهكذا فالجهة المكلفة بمنح الرخصة تتمثل في رؤساء المجالس الجماعية بعد ضرورة أخد رأي الوكالات الحضرية عند وجودها وتسلم الرخصة بعد أن يتم التحقق من أن المشروع المراد إنجازه لا يتعارض مع مقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية بشكل عام وتصميم التهيئة بشكل خاص[65].

لكن اختلاف رؤساء المجالس الجماعية مع رأي الوكالات الحضرية ورفضهم تسليم هذه الرخص في بعض الأحيان بسبب صراعات سياسية يؤدي إلى طول مسطرة تسليمها ولجوء طالبها إلى التعمير الفوضوي. مما يفسر تنازع اختصاص هذه الهيئات وتنافرها في بعض الأحيان لأسباب سياسية محضة.

مما أصبحت معه المساطر التي تدرس وفقها طلبات رخص التعمير متجاوزة، ولم تعد تساير العصر الحالي، سواء من حيث السرعة في دراسة الملفات أو من حيث المرونة والشفافية، الشيء الذي أدى إلى صدور المرسوم بالموافقة على ضابط البناء العام لسد الثغرات القانونية التي كانت تتخلل القوانين السابقة ولا سيما الرخص التعميرية وكثرة النصوص وتعدد المتدخلين وتشتت المسؤوليات وعدم وضوحها.

الفقرة الثانية: على مستوى التجزئات العقارية

تلعب التجزئات العقارية في الواقع دورا حاسما في تهيئة المدن، كما أن عمليات تقسيم الأراضي المحيطة بالمناطق المبنية هي التي تعطي الانطلاقة لميلاد أحياء جديدة، تخلق بتكاثرها مدنا جديدة.

والمشرع من خلال القانون 25-90 ألزم المجزئين بوجوب الحصول على إذن إداري مسبق، إذ تعتبر هذه الرخصة بمثابة الآلية التي تسمح للجهات المختصة في محاصرة البناء العشوائي وتفاديه وخلق انسجام في اتساع العمران وتأمين التناسق بين مختلف التجمعات السكنية والحفاظ على الطابع المعماري المنظم للمجال حتى تتماشى السياسة المطبقة في ميدان السكن مع متطلبات المدن والصحة والسكينة[66].

وتبعا للمادة 3 من الظهير المحدث للوكالات الحضرية، تتولى هذه الأخيرة إبداء الرأي في جميع المشاريع المتعلقة بتقسيم وتجزئة الأراضي وإقامة المجموعات السكنية والمباني، وذلك داخل أجل أقصاه شهر ابتداء من توجيه تلك المشاريع إليها من قبل الجهات المختصة، ويكون الرأي الذي تبديه ملزما.

وهذا، ما يجعل بعض المتدخلين يرفضون رأي الوكالات الحضرية الملزم ويعتبرون دورهم في اتخاذ قرار الموافقة على تسليم الرخصة غير ذي جدوى مما يزيد في مدة تسليم رخصة التجزئة وانتشار التعمير الفوضوي بمحيط المجالات الحضرية.

كما أن المرسوم المتعلق بالموافقة على ضابط البناء العام احتفظ بالإبقاء على الرأي المطابق الذي يبديه ممثل وكالة التعمير في حظيرة اللجان المختصة وبالتالي يبقى قرار رئيس المجلس الجماعي مشروطا إلى حد ما الشيء الذي يفسر تنازع الاختصاص بين الهياكل المتدخلة في بعض الأحيان.

المطلب الثاني: تعدد المتدخلين في ميدان المراقبة وزجر المخالفات

إن انتشار ظاهرة التجزئات العشوائية والبناء الغير القانوني أصبح معه التدبير المنصوص عليه في القوانين التي كان معمولا بها متجاوزا ولم يستطع التحكم في البناء والتعمير، مما حدى بالمشرع إلى التدخل بقوانين جديدة رغبة في ضبط البناء والتجزيئ والحد من التجاوزات والخروقات التي يعرفها هذا المجال نظرا لتأثيراتها على المجتمع بصفة عامة والاستثمار بصفة خاصة.

وتكمن أهمية هذه القوانين، وخصوصا فيما يتعلق بالمراقبة وزجر المخالفات في تحديدها لسلامة وجودة البناء عن طريق مختلف المتدخلين في معاينة المخالفات والاعتماد على منظومة لزجر المخالفات.

وباعتبار الأهمية البالغة التي يحتلها قطاع التعمير فإنه من الضروري على الدولة توفير مختلف الآليات والوسائل القانونية كي تتمكن السلطات الإدارية من متابعة المخالفين وضمان عدم مخالفة البناء.

كما أن قواعد التعمير لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا تمت حمايتها برقابة فعالة وتدابير زجرية لتفادي كل المخالفات قبل وقوعها، فإعداد وتنظيم قطاع التعمير بكامله يتم باحترام رخصة البناء والتجزيء الشيء الذي يساهم بشكل كبير في عملية تنمية وتنظيم المدينة.

ونظرا للضغط الذي يعرفه هذا المجال، وعدم وضوح العلاقة بين السلطة الادارية والقضائية، صدر مؤخرا القانون رقم[67] 12-66 والمتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء والمتضمن لثلاثة أبواب تتعلق على التوالي بتغيير وتتميم القانون 12-90 المتعلق بالتعمير والقانون 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وكذا الظهير الشريف رقم 063-60-1 بتاريخ 25 يونيو 1960 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية. وذلك لإعادة تنظيم العلاقة بين المتدخلين في المراقبة وزجر المخالفات.

ولمعالجة إشكالية تنوع المتدخلين سنسلط الضوء على طبيعة المخالفات المرصودة وفق القوانين المذكورة وكذا الأجهزة المكلفة بزجر مخالفات البناء والتجزيئ.

الفقرة الأولى: تنوع الأجهزة المسؤولة عن زجر مخالفات البناء

تعتبر مخالفة كل الأفعال المخالفة للقانون الجاري بها العمل في مجال التعمير، يقوم بمعاينتها مجموعة من الأعوان ينتمون لمختلف الأجهزة المكلفة بالتدخل في مسطرة زجرها وهم[68]:

– ضباط الشرطة القضائية،

– مراقبو التعمير التابعون للوالي أو للعامل أو للإدارة، المخولة لهم صفة “ضابط الشرطة القضائية”،

على خلاف النظام الزجري المعمول به سابقا الذي كان يمر عبر مسطرتين متتابعتين الأولى إدارية والثانية قضائية حيث كانت تقوم الإدارة في بادئ الأمر بعد معاينة المخالفة بتبليغ المخالف، وتحرير محضر المخالفة يرفعه رئيس المجلس الجماعي إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية المختصة، وبهذا ينتهي دور الإدارة ليبدأ دور القضاء[69]، فإن النظام الزجري الذي نظمه قانون 12-90 مكن السلطة الإدارية والسلطة القضائية من العمل بصفة متوازنة قصد بلوغ أهداف التعمير.

لكن في أغلب الأحيان سجل غياب التنسيق بين السلطة الإدارية والقضائية في مسطرة زجر المخالفات وغياب الدقة في محاضر المخالفات المنجزة من طرف الأولى مما ينتج عنه عدم المتابعة القضائية للمخالف لمقتضيات التعمير.

لكن المادة 66 من القانون 12-66 نصت على أن مزاولة المراقب لمهامه تتم من تلقاء نفسه أو بطلب من السلطة الإدارية أو المحلية أو من رئيس المجلس الجماعي أو مدير الوكالة الحضرية. كما يمكنه معاينة مخالفة مرتكبة داخل محلات معتمرة بناء على إذن كتابي من النيابة العامة المختصة.

ويقوم المراقب الذي عاين المخالفة، بتحرير محضر بذلك طبقا لأحكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، يوجه أصله إلى وكيل الملك في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ معاينة المخالفة، كما توجه نسخة من المحضر إلى كل من السلطة الإدارية المحلية ورئيس المجلس الجماعي ومدير الوكالة الحضرية وكذا إلى المخالف[70].

ويتضح مع القانون الجديد أنه تم تنظيم معاينة المخالفة في جهات معينة ووفق آجال مضبوطة عوض الغموض الذي كان يشوبها في القوانين السابقة، حيث أصبح ضباط الشرطة أو المراقب هو الذي يقوم بالمعاينة ويخبر السلطة الإدارية والقضائية في نفس الوقت لتفادي التقدم في المخالفة وايقافها.

لكنه رغم تنظيم العلاقة بين المتدخلين في مراقبة وزجر مخالفات التعمير، فإن الإشكال المطروح حاليا هو غياب النصوص التنظيمية للإجراءات والكيفيات التي سيقوم بها مراقبو التعمير وطرق وكيفيات عملهم بالإضافة إلى النص الذي سيحدد أعضاء اللجنة الادارية المكلفة بالهدم.

الفقرة الثانية: الأجهزة المكلفة بزجر مخالفات التجزئات العقارية

لمعاينة المخالفات والمسطرة المتبعة في ذلك، هناك صنفين من المكلفين للقيام بها وهم:

– ضباط الشرطة القضائية؛

– مراقبو التعمير التابعون للوالي أو للعامل أو للإدارة المخولة لهم صفة ضابط الشرطة القضائية؛

نلاحظ مما سبق أن الهيئات المكلفة بمراقبة التجزيئ هي تقريبا نفسها المكلفة بمراقبة البناء عكس الهيئات التي ينص عليها القانون 25-90.

وما تميز به القانون 25-90 المتعلق بتجزئات العقارية، هو أنه مكن السلطات الإدارية والقضائية من العمل بصفة موازية قصد زجر كل مخالف لأحكامه. حيث حدد دور السلطات الإدارية في الأمر بإيقاف الأشغال أو إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وأكد أنه تفتح بالموازاة مع كل أنواع الزجر الإداري التي يتعرض لها المخالف، مسطرة الزجر القضائي حيث يبقى القضاء هو المختص في جميع الحالات للنطق بالعقوبات الجنائية.

ومجمل القول، هو أن قانوني 12-90 و25-90 يتميزان بتعدد وتداخل أدوار أجهزة المراقبة والزجر وهو ما يفرز عدة نتائج تتجلى في ضعف التنسيق والتعاون بين المتدخلين، فرغم تعددهم في التدبير الحضري فإن هذا لم يمنع من تزايد حجم المخالفات بسبب عدم احترام أحكام البناء والتجزيء، ويبرر هذا الأمر افتقار الوحدات المتدخلة إلى التنسيق والتعاون فيما بينها الذي يؤدي إلى ضياع الجهود وزيادة التكلفة على مستوى إنجاز البرامج المسطرة [71].

ولتجاوز ذلك، صدر القانون الجديد رقم 12-66، والذي تم وفق مقتضياته إسناد مهمة معاينة المخالفة لمراقب التعمير، حيث يقوم بتحرير محضر بذلك طبقا لأحكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، يوجه أصله إلى وكيل الملك، كما توجه نسخة من محضر معاينة المخالفة إلى كل من السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي ومدير الوكالة الحضرية وكذا إلى المخالف[72].

وبالتالي فبعدما كانت معاينة المخالفة تعرف غموضا في المكلف بها ومن المسؤول الأول عنها، أصبح مراقبو التعمير الجهة المكلفة بالمعاينة والتنسيق وإخبار الأطراف الإدارية والقضائية بذلك، مما يبشر بإمكانية تنظيم العلاقة بين جميع المتدخلين وتجاوز بعض خروقات التعمير في إبانها.

لكن انعدام التنسيق بين مختلف الفاعلين في ميدان التعمير يؤثر سلبا على التعمير، كما أنه يجعل المجال في مأزق حقيقي، فبدل أن يشكل أرضية لإنتاج الظروف المناسبة لتحقيق التنمية العمرانية، فإنه يصبح مجالا للصراع والتنافس الغير المنتج بين عدد من المتدخلين الذي تتضارب تدخلاتهم في كثير من الأحيان، مما يستدعي إعادة النظر في العلاقة بين المتدخلين في القطاع.

خاتمة عامة:

إن تشخيص مجموعة من الإكراهات التي تعاني منها السياسة العقارية بالمغرب بشكل عام والتي تقف حجر عثرة في نمو طبيعي متناسق ومنتظم للمدن سواء ما تعلق منها بالخصاص في العقار أو في توفر التمويل اللازم أو في محدودية الحلول المطروحة لمواجهة تلك الصعوبات[73]، وعدم مواكبة النصوص القانونية والتنظيمية للتحديات التي يفرزها التطور المعماري بالمدن في الوقت الراهن، يبين العلاقة الجدلية بين العقار والتعمير ومدى ارتباطهما.

لكن توفير العقار وتجاوز معيقاته لن يؤدي وحده إلى إنجاح سياسة التعمير وبالتالي التنمية العمرانية، بل لا بد من تبسيط مساطر إعداد وثائق التعمير والمصادقة عليها وتقليص آجال إعدادها، وجعلها تساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية التي تعرفها المدن، ذلك في إطار تشاوري توافقي في شكل مشروع مجالي أو حضري تساهم في تجسيده كل الأطراف المتدخلة في سياسة التعمير.

ولتجاوز هذه الوضعية لا بد من اقتراح بعض التوصيات التي أصبح تبنيها ضرورة لا منأى عنها:

– ضرورة تعديل وتجميع النصوص القانونية الخاصة بالتعمير في مدونة شاملة وجامعة، لتجنب التشتت والتشرذم الذي يطبع النصوص الحالية.

– توضيح الاختصاصات بين جميع المتدخلين في قطاع التعمير لتجنب حالة التنازع والتداخل الذي تعرفه عموما الدواليب الإدارية المختصة لمواجهة التحديات في مجال التعمير.

– تغليب الرقابة القضائية على نظيرتها الإدارية، فهذه الأخيرة قد لا توفي بالغرض لحماية مبدأ المشروعية، لأنها قد تأخذها اعتبارات غير الصالح العام في التتبع والمراقبة، عكس القاضي الذي يمثل الضمانة من حيث الحياد والاستقلال.

– إحداث مؤسسة مختصة للمراقبة وإعطائها كافة الوسائل تكون لها علاقة مباشرة مع النيابة العامة للمحاكم المختصة تفاديا لتماطل السلطة الإدارية في إيقاف بعض المخالفات.

-إحداث شرطة للبناء لها صلاحية في ضبط المخالفات وتتبعها في مراحلها الإدارية والقضائية مع الحرص على السرعة والنجاعة في البث فيها لتجاوز إشكالية تنوع المتدخلين.

 

الفهرس

مقدمة………………………………………………………………………………………………1

الفصل الأول: سياسة التعمير وإكراهات السياسة العقارية. 3

المبحث الأول: واقع السياسة العقارية ومدى ارتباطها بالتعمير. 3

المطلب الأول: السياسة العقارية بين تعدد الأنظمة العقارية والازدواجية. 4

الفقرة الأولى: تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب. 4

الفقرة الثانية: ازدواجيه النظام العقاري المغربي. 5

المطلب الثاني: جمود الأنظمة وتعقد المساطر الإدارية المتعلقة بها 6

الفقرة الاولى: جمود الأنظمة العقارية وقدمها 7

الفقرة الثانية: تعقد المساطر الإدارية لولوج العقار. 7

المبحث الثاني: السياسة العقارية كأساس للتخطيط الحضري والتنمية العمرانية. 8

المطلب الأول: آليات توفير العقار لدراسات التخطيط الحضري. 9

الفقرة الأولى: إعادة تكوين الرصيد العقاري لإدماجه في التخطيط الحضري. 9

الفقرة الثانية: الحد من المضاربة العقارية وتسهيل الولوج إلى السكن. 10

المطلب الثاني: التدابير العقارية اللازمة للتنمية العمرانية. 10

الفقرة الأولى: استحضار البعد العقاري في دراسات التعمير. 11

الفقرة الثانية: تفعيل التكامل بين العقار والتعمير في خدمة التنمية العمرانية. 12

الفصل الثاني: سياسة التعمير وإشكالية تعدد المتدخلين فيها 13

المبحث الأول: تعدد المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير. 13

المطلب الأول: تعدد المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير التوجيهي أو المستقبلي. 14

الفقرة الأولى: إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية. 14

الفقرة الثانية: تنفيذ المخطط التوجيهي للتنمية العمرانية. 15

المطلب الثاني: تنوع المتدخلين أثناء إعداد وثائق التعمير التنظيمي. 15

الفقرة الأولى: تصميم التنطيق. 15

الفقرة الثانية: تصميم التهيئة. 16

الفقرة الثالثة: تصميم النمو. 16

المبحث الثاني: تعدد المتدخلين في عملية التدبير العمراني والمراقبة. 17

المطلب الأول: طلبات رخص البناء والتجزئات العقارية. 17

الفقرة الأولى: على مستوى رخص البناء. 18

الفقرة الثانية: على مستوى التجزئات العقارية. 19

المطلب الثاني: تعدد المتدخلين في ميدان المراقبة وزجر المخالفات. 19

الفقرة الأولى: تنوع الأجهزة المسؤولة عن زجر مخالفات البناء. 20

الفقرة الثانية: الأجهزة المكلفة بزجر مخالفات التجزئات العقارية. 21

خاتمة عامة: 22

 

[1]– M.AUBY, »Droit administratif », précis Dalloz, 1973, p73

[2] – ظهير 16 أبريل 1914، ج.ر بتاريخ 20 أبريل 1914 المتعلق بتصفيف الأبنية والطرق والتصاميم الموضوعة لتهيئة المدن وتوسيع نطاقها والحرمات والجبايات المفروضة على الطريق.

[3] – ظهير 7 ذي القعدة 1371 (30 يوليوز 1952) بشأن الشؤون المعمارية ج ر عدد 2083، بتاريخ 05 محرم 1372 (02 شتنبر 1952).

[4] – ظهير شريف رقم 31-91-1 الصادر في 15 ذي الحجة 1422 (17 يونيو 1992) بتنفيذ القانون 12-90 المتعلق بالتعمير، الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992 الذي ألغى وعوض ظهير 7 من ذي القعدة 1371 (30 يونيو 1952)

[5] – ظهير شريف رقم 7-92-1 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992) بتنفيذ القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، جريدة رسمية عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992)، ص 880

-[6] ظهير شريف رقم 124-16-1 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 غشت 2016) بتنفيذ القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، جريدة رسمية عدد 6501 بتاريخ 19 شتنبر 2016 ، ص 6630

[7] – الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية في “موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” المنظمة بالصخيرات بتاريخ 8و9 دجنبر 2015، ص 2

[8] – محمد مومن، “معيقات الاستثمار في أراضي الجموع” مقال منشور بسلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية “الأراضي السلالية بالمغرب”، منشورات مجلة الحقوق المغربية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، ص 99

[9] – الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية في “موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” مرجع سابق، ص 1

[10] – الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية في “موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” مرجع سابق، ص 2

[11] – القانون رقم 08-39 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 178-11-1 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 الموافق لـ 22 نونبر 2011) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011، ص 5587

[12] – القانون رقم 07-14 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 177-11-1 المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 (22 نونبر 2011) الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011، ص 5575 وما بعدها.

[13] – ادريس الفاخوري، “نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 07-14″مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، طبعة 2013، ص 4

[14] – ادريس الفاخوري، “نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 07-14″مرجع سابق، ص 4

[15] – التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب، المناظرة الوطنية في موضوع “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” دجنبر 2015، ص6

[16] – P. Decroux، Droit foncier marocain» ; Edition la porte, 1977, P12

[17] – ظهير شريف رقم 1.09.236 صادر بتاريخ 23 فبراير 2010 يتعلق بمدونة الأوقاف، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ 14 يونيو 2010، ص 3154.

[18] – صابرينا البجدايني، “تعدد البنيات العقارية وإشكالية توثيقها، مرجع سابق، ص179

[19] – ادريس الفاخوري، “السكن في ظل التشريعات العقارية الخاصة” مجلة الأملاك، العدد السابع، 2010، ص25

[20] – ادريس الفاخوري، “الحقوق العينية وفق القانون رقم 08-39، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق، طبعة 2013، ص59

[21] – ادريس الفاخوري، “نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 07-14، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2013، ص3

[22] – ورقة تقديمية للندوة الوطنية حول “سياسة التحفيظ العقاري: الحاضر والمستقبل”، من تنظيم مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش: يومي: 18 و19 أبريل 2008، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، عدد 50، السنة 2008.

[23] – محمد بونبات، “الإكراهات في مجال التخطيط العمراني بسبب جمود العقار”، ندوة العقار والتنمية المجالية بمدينة تزنيت، يوم دراسي نظمه المجلس البلدي لمدينة تزنيت ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يوم السبت 13 مايو 2006، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2006، ص 172

[24] – عبد الرزاق اصبيحي “مدونة الحقوق العينية بين ضرورة التوحيد وإكراهات الخصوصية” منشورات مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة رقم 7/2013، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ص 75

[25] – عبد الرزاق اصبيحي “مدونة الحقوق العينية بين ضرورة التوحيد وإكراهات الخصوصية” مرجع سابق، ص 81

[26] – عبد الرزاق صبيحي “مدونة الحقوق العينية بين ضرورة التوحيد وإكراهات الخصوصية” مرجع سابق، ص 73

[27] – محمد الكشبور، “القسمة القضائية في القانون المغربي” مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الثانية 2011، ص 13

[28] – محمد بونبات، الإكراهات في مجال التخطيط العمراني بسبب جمود العقار، مرجع سابق، ص 173

[29] – عبد الكريم الطالب، “الشياع والاستثمار: الواقع والآفاق، “أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة الحوز والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للحوز وبتعاون مع مكتب الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش، حول “العقار والاستثمار” المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005، ص174

[30] – الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى” مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الاولى 2000، ص63

[31] – الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى” مرجع سابق، ص62

[32] – عبد الرحمان أبو لهريس، “الهياكل العقارية، الإشكالية وتحديات المستقبل بشأن توسع التجزئات العقارية” مطبعة وليلي للطباعة والنشر، التجزئة العقارية والتعمير، الطبعة الأولى 2002، ص 115

[33] – محمد الوكاري، “العقار بين الازدواجية وتعدد الأنظمة ومتطلبات التنمية الحضرية”، ندوة العقار والتنمية المجالية بمدينة تزنيت، ص 242

[34] – محمد الوكاري، “العقار بين الازدواجية وتعدد الانظمة ومتطلبات التنمية الحضرية”، مرجع سابق، ص 254

[35] – مولاي عبد السلام شكيري” مدى اختصاص الادارة في مراقبة الجوانب العقارية حين البث في طلبات التجزيئ والبناء”، ندوة العقار والتنمية المجالية بمدينة تزنيت، يوم دراسي نظمه المجلس البلدي لمدينة تزنيت ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يوم السبت 13 مايو 2006، المطبعة والوراقة الوطنية للدا وديات مراكش، الطبعة الاولى 2006، ص192

[36] – التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب، مرجع سابق، ص13

[37] – الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى” مرجع سابق، ص9

[38] – عبد العزيز بلقزيز، “العقار والتنمية المستدامة”، أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة الحوز والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للحوز وبتعاون مع مكتب الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش، حول “العقار والاستثمار” المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005، ص139

[39] – الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى” مرجع سابق، ص 3

[40] –  بوشعيب اوعبي، “قانون التعمير المغربي-نظرية عامة”، مطبعة دار القلم بالرباط، الطبعة الأولى 2013، ص 85

[41] – عبد العزيز بلقزيز، “العقار والتنمية المستدامة”، مرجع سابق، ص 142

[42] – أحمد مالكي، “التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية”، ندوة العقار والتنمية المجالية بمدينة تزنيت، يوم دراسي نظمه المجلس البلدي لمدينة تزنيت ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يوم السبت 13 مايو 2006، المطبعة والوراقة الوطنية للداوديات مراكش، الطبعة الأولى 2006، ص 201

[43] – أحمد مالكي، “التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية”، مرجع سابق، ص 202

[44] – أحمد مالكي، “التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية”، مرجع سابق، ص 202-203

[45] – أحمد مالكي، “التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية”، مرجع سابق، ص 210 -211

[46] – الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى” مرجع سابق، ص33

[47] – التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب، مرجع سابق، ص8

[48] – التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب، مرجع سابق، ص10

[49] – التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، لسنة 2009، ص 164

[50] – الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 الموافق لتاريخ 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992 الذي ألغى وعوض ظهير 7 من ذي القعدة 1371 (30 يونيو 1952)

[51] – عبد الرحمان البكريوي،”التعمير بين المركزية واللامركزية”، الطبعة الأولى 1993، الشركة المغربية للطبع والنشر، الرباط، ص5

[52] – تنظم هذه الوثيقة المواد من 2 الى 12 في الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير

[53] – الحاج شكرة: “الوجيز في قانون التعمير”، مطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الثالثة 2008، ص92

[54] – المادة 4 من القانون 12-90 المتعلق بالتعمير

[55] –  مرسوم رقم 832-192-2 صادر في 27 من ربيع الأول 1414 (14 اكتوبر 1993) لتطبيق القانون 12-90 المتعلق بالتعمير

[56] -Mustapha Khattabi «l’Urbanisme et les documents d’Urbanisme en droit Marocaine» REMALD، Etudes، sep/oct. 2000 N° 34 , p : 60-69

[57] – تنظم تصميم التنطيق المواد من 13 إلى 17 من القانون رقم 90.12 الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني من نفس القانون

[58]– المادة 19 من القانون 12-90 المتعلق بالتعمير

[59] – منظم بموجب ظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنمية التكتلات القروية، ويطبق على الكتل العمرانية القروية التي ترقى إلى درجة مركز محدد.

[60] – توصيات لجنة التعمير والبيئة، “المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية، الرباط، 21-22-23 سنة 1992

يراجع محمد الكنوني، “الوكالة الحضرية وتدبير ميدان التعمير، حالة الوكالة الحضرية لسطات”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية الحقوق سطات، 2007-2008، ص 40

[61] – François PRIET «Approfondissement de la Décentralisation de l’Urbanisme ou Recentralisation ?» Droit de l’aménagement de l’urbanisme et de l’Habitat, Edition Dalloz. Paris 2001, page : 120-121

[62] – محمد العجمي، تطور سياسة التهيئة الترابية والتعمير: من ازمة التصرف إلى التصرف في أزمة” مجلة العلوم القانونية والاقتصادية بسوسة، العدد الثاني دجنبر 1997، مركز النشر الجامعي، ص 34

[63] – مصطفى جرموني، “قراءة عملية في المرسوم المتعلق بضابط البناء العام” مقال منشور بالبوابة الالكترونية www.marocdroit.com

[64] – محمد محجوبي “قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية” دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، 2006، ص 21.

[65] – محمد الكنوني، “الوكالة الحضرية وتدبير ميدان التعمير، حالة الوكالة الحضرية لسطات”، مرجع سابق، ص 44

[66] – عبد الله حداد، “قطاع الإسكان في المغرب-دراسة قانونية وقضائية-منشورات عكاظ، الرباط يناير 2004، ص 187

[67] – القانون رقم 12-66 المنشور بج. ر عدد 6501 بتاريخ 19 شتنبر 2016، بتنفيذه الظهير الشريف رقم 124-16-1 بتاريخ 25غشت2016

[68] – بموجب المادة 65 من القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء

[69]  محمد محجوبي، قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية، مطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1427-2006، ص 25.

[70] – المادة 66 من القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء

[71]  هدى وحتاش، “إصلاح قوانين التعمير على ضوء مشروع مدونة التعمير”، بحث لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية، الموسم الجامعي 2009 /2010، جماعة محمد الخامس أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، ص 56.

[72] – المادة 63-2 من القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء

[73] – عبد العزيز أشرقي، الحكامة الجيدة، الدولية-الوطنية-الجماعية ومتطلبات الإدارة المواطنة، مرجع سابق، ص262

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *