سلطة ممارسة الشرطة الإدارية في الجزائر للحد من انتشار فيروس كورونا بين الدولة والجماعات الترابية وأثرها على إستراتيجية التصدي للجائحة

سلطة ممارسة الشرطة الإدارية في الجزائر للحد من انتشار فيروس كورونا بين الدولة والجماعات الترابية وأثرها على إستراتيجية التصدي للجائحة

نذير العلواني

مخبر القانون والعقار- جامعة البليدة 02- الجزائر

مقدمة

يطرح العديد الدارسين للشأن القانوني والدستوري إشكاليات حول كيفية تكييف طبيعة تدخل السلطات العمومية واساسها في التعامل مع جائحة كورونا، بين من يعتبرها تندرج ضمن منظومة الشرطة الإدارية في تسيير المدن والأقاليم أثناء الظروف المهددة للنظام العمومي والذي يشكل عنصر الصحة العمومية أحد مظاهره، وبين من يعتبر تدخلها يعد من نوع خاص نظرا للظروف التي لم يشهدها تاريخ التسيير العمومي من قبل، مما جعل من قيادات الدول تتذبذب في اتخاذ اجراءات التدخل وطريقة التدخل والزمن المناسب لذلك في ظل سرعة انتشار المرض.  فظلت مكانة الحقوق والحريات في هذه النقاشات رهن كيفية حمايتها والتمتع بها من طرف المواطنين أو التضحية بها وتجاهلها كحل وحيد لمواجهة هذا الوباء، في سابقة من نوعها لمرض يعصف بالعديد من الرغبات دفعة واحدة.

غير ان الممارسة العملية للسلطات الإدارية في التصدي لهذه الجائحة تبين مدى التجسيد الفعلي لمنظومة الشرطة الإدارية كآلية وحيدة للحد من انتشار المرض، ومن ثم تقييد العديد من الحريات وحقوق الأفراد بجملة من التدابير المتعلقة بمنع ممارسة بعض الأنشطة التجارية والخدماتية وتعليق نشاطات نقل الأشخاص والمسافرين عبر جميع الخطوط البرية والجوية والبحرية لفترة زمنية مع الزام المواطنين بالبقاء في بيوتهم وأماكن اقامتهم من خلال تطبيق نظام الحجر المنزلي بصفة كلية أو جزئية مع ضرورة التركيز على اجبار المواطن بارتداء القناع الواقي واحترام مسافة للتباعد الجسدي بين الأفراد في جميع أماكن تواجدهم كإجراء احترازي وحيد للسلامة من خطر العدوى بهذا المرض.

إن تبني منظومة الشرطة الإدارية في الحد من جائحة كورونا كمهمة تقليدية للإدارة العمومية أفرزت العديد من المسائل التي يتعين التدقيق فيها من منطلق حماية الحقوق والحريات من جهة ومن جهة أخرى للبحث عن فعالية هذه المهمة في استراتيجية التصدي للمرض سريع الانتشار، حيث أن البوليس الإداري يحتوي على مقومات ومفاهيم محددة يتعين التقيد بها ويتولى ممارسته سلطات محددة وله وسائل متعددة، وارتأينا التركيز على عنصر السلطات المكلفة بهذه المهمة لتبيان مدى كونها وفقت في التنسيق واحترام حدود اختصاصاتها بشكل مؤسس وتحديد الأدوار فيما بينها طبقا للدستور والقانون المعمول بهما، أم أن هناك تنازع في الاختصاص وتداخل في المهام البوليسية لموضوع واحد يتمثل في الحد من انتشار الفيروس على كامل التراب الوطني.

  إن الهدف من هذه الدراسة يتمثل في ابراز الأدوار المختلفة للسلطات المكلفة بمهمة الشرطة الإدارية في الجزائر أثناء التصدي لجائحة كورونا مع استعراض لأهم الأبجديات الفقهية والنظرية لموضوع الشرطة الإدارية، ثم تبيان مختلف التدابير المقررة لتقليص قدر الإمكان لعدد الإصابات بهذا الفيروس حماية للمواطنين وعدم انتشاره، والتركيز بشكل أهم على مجالات تدخل السلطات الإدارية للدولة والجماعات الترابية في هذه المهمة والانعكاسات المترتبة عن هذا التدخل على فعالية استراتيجية التصدي للجائحة وتحقيق أفضل سبل الحماية للمواطنين.

لذا فكانت اشكالية الدراسة كالآتي: هل يعد الاعتراف بمهمة الشرطة الإدارية للسلطات المركزية للدولة والجماعات الترابية ساهم في الحد من انتشار مرض فيروس كورونا وتقليص آثار الجائحة على المواطنين أم أن تعدد السلطات المكلفة بهذه المهمة أحدث نوع من التداخل في المهام وتنازع فيما بينها بشكل يحد من قوة استراتيجية التصدي للوباء ويزيد من تعقيد الازمة الصحية؟

 للإجابة عن هذا التساؤل ارتأينا اتباع المنهج الوصفي لاستعراض أهم هذه التدابير والمنهج التحليلي لدراسة علاقة التأثير بين فعالية الاجراءات المتخذة لحماية الصحة العمومية ومدى التحكم والتنسيق بين مختلف السلطات المعنية للحد من الفيروس والتصدي للجائحة.

قد تم تقسيم الدراسة إلى ثلاث عناصر أساسية هما: الشرطة الإدارية كمنظومة للتصدي لجائحة كورونا(كوفيد-19) والحد من انتشاره (المطلب الاول) ثم في العنصر الثاني مظاهر تجسيد الشرطة الإدارية للوقاية من فيروس كورونا بالجزائر (المطلب الثاني) ثم في العنصر الأخير نتناول انعكاسات سلطة ممارسة الشرطة الإدارية لاتخاذ التدابير الوقائية بين السلطات المركزية للدولة والجماعات الترابية وأثرها على استراتيجية التصدي للجائحة (المطلب الثالث).

المطلب الأول: الشرطة الإدارية كمنظومة للوقاية من مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) والحفاظ على الصحة العمومية

تعد الدولة هي المسؤولة عن الحفاظ على النظام العمومي L’ordre publique في كامل التراب الوطني طبقا للدستور، وتتولى تقييد بقدر كافي للحريات من قبل السلطات المختصة[1] لذا باعتبار أن مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) Le Maladie de Coronavirus Covid-19  تم تصنيفه من طرف المنظمة العالمية للصحة “وباء عالميا”Epidémie Mondiale بحجم “الجائحة”[2]La Pandémie، فإن طريقة مكافحته والحد من انتشاره يجب أن تتخذ مستويات أعلى من التدخل.

إن الحفاظ على صحة المواطنين والوقاية من الأمراض والأوبئة يندرج ضمن منظومة الشرطة الإدارية باعتبار ان هذا الموضوع يتعلق بأمن الانسان في حياته من التهديدات والمخاطر ، مما يتعين تكييف دور الدولة والجماعات الترابية على أساس المهمة البوليسية وليس على أساس المهمة التنموية فحسب. وسنتناول مفهوم الشرطة الإدارية كإطار للوقاية من فيروس كورونا (الفرع الأول) ثم نبيين سلطات الجهات المكلفة بالشرطة الإدارية ووسائل ممارستها (الفرع الأول).

الفرع الأول: المقصود بالشرطة الإدارية

  الشرطة الإدارية la police administrative هو ذلك النشاط الذي بواسطته يتحقق هدف السلطات الإدارية في الوظيفة الإدارية المتمثل في المحافظة على النظام العمومي[3] . ويتخذ الصفة الوقائية في معظم حالاته[4]. فهو يختلف عن الشرطة القضائية التي يهدف إلى البحث والتحري عن الجرائم الجنائية [5].ظهر موضوع الشرطة الإدارية مع مولد الدولة المدنية la cité باليونان، ويشير بعض الفلاسفة على غرار “أفلاطون” في هذا المجال لمضمون هذا المفهوم “بأنها “الحياة واللائحة والقانون في أحسن صورهم التي تحافظ على المدينة “[6] . واعتبر أرسطو أن فكرة الشرطة تأتي في المقام الأول، لكونها تعني “سيادة النظام وحسن سياسة المدينة والمحافظة على سيادة الشعب”[7] ، وقسم الأستاذ أحمد محيو معنى الشرطة الإدارية إلى معنيين احداهما كيفه بالمعنى العضوي والآخر بالمعنى المادي، فمن زاوية المعيار العضوي يقصد بها “مجموع التدخلات الإدارية التي تجسد في شكل تنظيمات les règlements  وتهدف هذه التنظيمات من جهة إلى وضع قيود أو حدود على حرية الأفراد لممارستهم لبعض النشاطات ومن جهة أخرى تهدف هذه التنظيمات إلى حماية النظام العمومي l’ordre publique ” [8]  أما من زاوية المعيار العضوي فالشرطة الإدارية يعني “مجموع الأعوان المكلفين بتنفيذ التنظيمات السالفة الذكر”[9] . ويقول DELAUBADAIRE بأن “البوليس الإداري هو شكل من أشكال تدخل بعض السلطات الإدارية يتضمن فرض حدود على حريات الأفراد بغرض ضمان حماية النظام العام[10] .

للشرطة الإدارية نوعان حسب التقسيم الفقهي، ضبط إداري عام تمارسه سلطات إدارية عامة وتتخذ بمقتضاه اجراءات لاحترام التدابير المقررة في جميع النشاطات للحفاظ على النظام العام بمفهومه الواسع للأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة [11]؛ وضبط إداري خاص تمارسه سلطات إدارية معينة على نشاط محدد أو فئة محددة أو مكان معين بموجب نص خاص[12] .

 الهدف الأسمى للشرطة الإدارية هو إقرار النظام العمومي في الدولة وصيانته وإعادته لحالته الطبيعية إذا ما اضطرب أو اختل [13]، إلا أن الفقه يعتبر النظام العمومي مفهوم غامض غير محدود المعالم، حيث معظم التعاريف تجعل من النظام العمومي هدف للضبط الإداري، فيقول عنه عمار عوابدي “النظام العام في مفهوم القانون الإداري والوظيفة الإدارية للدولة وكهدف وحيد للبوليس الإداري هو المحافظة على الامن العام والصحة العامة والسكينة العامة والآداب العامة بطريقة وقائية وذلك عن طريق القضاء على كل المخاطر والاخطار مهما كان مصدرها التي قد تهدد عناصر ومقومات النظام هذه” [14]. وتعتبره الأستاذة “سعاد الشرقاوي” بأن النظام العام هو “الحالة التي تسود عندما تختفي الفوضى والاضطرابات” [15].

تشكل عنصر الصحة العمومية من أبرز عناصر النظام العمومي التي تهدف إلى الحفاظ على الصحة العمومية من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة بغرض وقاية صحة الأفراد كما هو الحال في فيروس كورونا، مهما كان مصدر الخطر أو المرض [16]، حيث تنص المادة 94 من قانون البلدية 11-10 بأنه يمكن لرئيس البلدية اتخاذ الاحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المتنقلة أو المعدية والوقاية منها، والسهر على منع الحيوانات المؤذية والضارة وعلى سلامة المواد الغذائية الاستهلاكية المعروضة للبيع، واحترام تعليمات نظافة المحيط[17]. كما يسهر المجلس الشعبي الولائي طبقا لقانون الولاية 12-07 بتطبيق تدابير الوقاية الصحية ويتخذ كل التدابير لتشجيع انشاء الهياكل المكلفة بمراقبة وحفظ الصحة في المؤسسات المستقبلة للجمهور وفي المواد الاستهلاكية. والمساهمة في تنفيذ كل الأعمال المتعلقة بمخطط تنظيم الإسعافات والكوارث والآفات الطبيعية والوقاية من الأوبئة ومكافحتها عن طريق قرارات الوالي كجهة تنفيذية لمداولات المجلس في الولاية[18]. ومن جهة أخرى نجد أن المادة 35 من القانون رقم 18-11 المتعلق بالصحة يلزم الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي ومسؤولي الهيئات العمومية والخاصة، في إطار اختصاصهم وبالاتصال مع مصالح الصحة تنفيذ التدابير والوسائل الضرورية بشكل مستمر لمكافحة الامراض المتوطنة وتفادي ظهور الأوبئة والقضاء على أسباب الوضعية الوبائية[19].

إن آلية الشرطة الإدارية للحفاظ على صحة المواطن توصف في الدراسات الحديثة بالشرطة الصحية la police sanitaire[20] لكونها تشغل حيزا كبيرا من اهتمامات المواطنين ونشاطات السلطات العمومية. والذي يصل إلى حد حماية العناصر الأخرى للنظام العمومي المتمثلة في الأمن العمومي والسكينة العمومية كما هو الشأن في مسألة المحافظة على أمن الطرقات[21].

الفرع الثاني: السلطات المكلفة بمهمة الشرطة الإدارية ووسائل ممارستها

إن مهمة الشرطة الإدارية من خلال تسميتها تستمد السلطة والجهة التي تمارسه والمتمثلة في الإدارة، بمعنى أن القيام بضبط وتقييد حريات المواطنين بغرض الحفاظ على النظام العمومي من خلال آليات الوقاية من المخاطر والتهديدات تتم بواسطة سلطة عمومية معترف بها في القوانين والتنظيمات.

نقصد بالسلطات المخولة اتخاذ تدابير الوقاية في هذه الدراسة كل سلطة عمومية تقوم بعمل ذو طابع إداري، وهي كل الأشخاص المعنوية التي تشكل الهرم الإداري المتمثل في السلطات الإدارية المركزية، الجماعات الإقليمية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري [22]. وبالمعنى الدقيق كل السلطات الإدارية التي تنتمي هيكليا إلى الجهاز التنفيذي للدولة.

يعد رئيس الجمهورية أحد السلطات الهامة في إقرار تدابير الوقاية للحفاظ على النظام العمومي بسبب مركزه الدستوري في تجسيد وحدة الامة وممارسة السلطة السامية في الحدود المثبتة في الدستور، وقيادة القوات المسلحة ومسؤولية الدفاع الوطني، ورئاسة مجلس الوزراء وتوقيع المراسيم الرئاسية، وصلاحية توجيه خطاب للأمة مباشرة [23] في كل الظروف والأحوال العادية وغير العادية. بالإضافة إلى تمتعه بالسلطة التنظيمية المستقلة في المسائل غير المخصصة للقانون حسب المادة 143. فإلى جانب هذه السلطة نجد مركز الوزير الأول كرئيس للحكومة الذي يضطلع بالمهام التنفيذية للقوانين والتنظيمات وتنسيق النشاط الحكومي والسهر على حسن سير الإدارة العمومية[24] ، مما يؤهله بشكل أساسي إقرار تدابير وقواعد تنفيذية للقوانين والتنظيمات التي تجسد المبدأ الدستوري الذي يقضي بأن الدولة مسؤولة على أمن الأشخاص والممتلكات المنصوص عليه في المادة 26 منه.

إن باقي السلطات الإدارية في التنظيم الإداري الجزائري على مستوى الوزارات والجماعات الإقليمية في الولاية والبلدية وعلى مستوى بعض المؤسسات العمومية المكلفة بتقديم خدمة عمومية ذات طابع إداري، لها امكانية اتخاذ تدابير وقائية لسلامة المواطنين في حدود الاختصاص ومجال النشاط المكلف بها. فالوزير ومدير المؤسسة العمومية قد يمارس مهام الشرطة الإدارية من منطلق خاص لموضوع يتم تنظيمه بشكل دقيق لا يطبق إلا على فئة من الأشخاص أو نشاط معين، أو على أماكن محددة[25]. اما سلطة الوالي في الولاية ورئيس المجلس الشعبي البلدي في البلدية التي تشكل جماعات إقليمية في الجزائر، فإنهما يستمدان مهامهما في الشرطة الإدارية من منطلق سلطات الضبط العام لجميع الأنشطة أو الفئات او الأماكن المسببة للمخاطر والتهديدات على النظام العمومي، وفق ما تتضمنه النصوص المنظمة للولاية والبلدية.

إن الزامية تحديد السلطات المكلفة بمهمة الشرطة الإدارية يرجع إلى دقة وحساسية هذا الموضوع على حقوق وحريات المواطنين، نظرا لما يمتاز به من خصائص ومقومات التعبير عن السيادة وامتيازات السلطة العامة والصفة الانفرادية للقرارات المترتبة عنها[26]، إضافة إلى الوسائل الممنوحة لها لتحقيق اغراض هذه المهمة المتمثلة في سلطة اصدار اللوائح أو التنظيمات المتضمنة قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية تتضمن قواعد عامة لضبط النشاط أو الفئات والأماكن المعنية بتدابير الوقاية والحفاظ على النظام العمومي تتخذ شكل مراسيم رئاسية أو تنفيذية وقرارات وزارية أو ولائية وبلدية، وقد تكون قرارات فردية أو ذات طابع خصوصي تستهدف شخص أو مجموعة أشخاص معينين بذواتهم أو حالات معينة وتتخذ شكل الترخيص أو المنع من مزاولة نشاط أو أمر بشيء معين[27]. إلى جانب ذلك لها سلطة اللجوء إلى التسخير في حالات الضرورة كأبرز مظاهر الإكراه[28] المجسد لامتيازات السلطة العامة كتسخير بعض الوسائل والمنتوجات الخاصة لفائدة الصالح العام، واللجوء إلى استعمال القوة العمومية[29] لتطبيق قرار معين أو الزام المواطنين على احترام اجراء معين.

المطلب الثاني: مظاهر تجسيد مهمة الشرطة الإدارية للحد من انتشار فيروس كورونا بالجزائر

لا يمكن أن يتصور قيام الحاكم والمحكوم بممارسة نشاطهم والتمتع بالحقوق والحريات في الدولة إلا عن طريق الأطر المعتمدة قانونا، فبالنسبة للوقاية الصحية من الأمراض والأوبئة، نجد أن الدستور أقر التزام هام للدولة لحماية المواطنين في كل الظروف نصت عليها المادة 26 منه بالقول أن “الدولة مسؤولة عن أمن الأشخاص والممتلكات”، وجعل من الرعاية الصحية حقا للمواطنين[30]. وخول مهمة الوقاية والتصدي من الأمراض والأوبئة للدولة بموجب المادة 66 التي تنص على أن “الدولة تتكفل بالوقاية من الأمراض الوبائية والمعدية وبمكافحتها، وتسهر على توفير شروط العلاج للأشخاص المعوزين”. أما بالنسبة للمنظومة التشريعية للقانون التي تجسد الإرادة الدستورية المتعلقة بالوقاية من الأمراض نجد أن القانون رقم 18-11 المتعلق بالصحة [31] يشكل الإطار العام لتدخل السلطات الإدارية في الوقاية من الامراض والاوبئة. فنصت المادة 15 من قانون الصحة 18-11 بأن ” تنفذ الدولة الترتيبات من أجل الوقاية من الأمراض المتنقلة وغير المتنقلة ومكافحتها قصد تحسين الحالة الصحية للمواطنين ونوعية حياة الأشخاص”. وحددت المادة 34 من هذا القانون المقصود بالوقاية بأنها “كل الأعمال الرامية إلى التقليص من أثر محددات الأمراض، و/أو تفادي حدوث الأمراض وإيقاف انتشارها و/أو الحد من آثارها”. وإذا كانت الأمراض ذات انتشار دولي كما هو الحال في مرض كورونا كوفيد-19 الذي ظهر في بلاد أجنبية، فإن منهجية الوقاية منه ومكافحته تخضع لأحكام اللوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية[32]. حيث صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي 13-293 المؤرخ في 04 أوت 2013 المتضمن نشر اللوائح الصحية الدولية (2005) المعتمدة بجنيف بتاريخ 23 مايو 2005[33].

إن الحفاظ وحماية الصحة العمومية كأحد عناصر النظام العمومي تقتضي طريقة التدخل للوقاية من كل المخاطر المهددة في ذلك بمختلف الآليات المتاحة، حيث أن طبيعة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) يتسم بالانتشار الواسع لحد وصفه بالوباء بحجم الجائحة، فلحماية صحة المواطنين وأمنهم من مخاطر انتشار العدوى يتعين اتخاذ اجراءات متعددة للتصدي لهذه الجائحة بمشاركة مختلف السلطات المخولة لها ذلك سواء على المستوى المركزي (الفرع الأول) أو على المستوى المحلي(الفرع الثاني)

الفرع الأول: دور السلطات المركزية في اتخاذ التدابير الوقائية

سبقت الإشارة أن الدولة هي المسؤولة عن الحفاظ على النظام العمومي في كامل التراب الوطني طبقا للدستور والقانون، بغية تقييد بقدر كافي للحريات من قبل السلطات المختصة، المحددة في الدستور والقانون على سبيل الحصر [34]. وسنقتصر في دراستنا على السلطات المركزية المتمثلة في رئيس الجمهورية والوزير الأول ثم نتناول بعض نماذج لتدخل الوزراء في هذا المجال.

أولا: رئيس الجمهورية

باعتبار أن مهمة رئاسة الجمهورية يتولى تنظيمها الدستور، حيث استنادا إلى النصوص المتضمنة حول مركز رئيس الجمهورية في ممارسة الشرطة الإدارية في الظروف العادية لا نجد لها أساس مباشر وصريح، باستثناء الأحكام المنظمة للظروف الاستثنائية التي يصاحبها تهديد للمواطنين في أنفسهم وفي ممتلكاتهم، حيث حدد الدستور وضعيات تدخل رئيس الجمهورية في أربع حالات حصرية متمثلة في حالة الطوارئ وحالة الحصار(المادة 105)  والحالة الاستثنائية (المادة 107)  وحالة الحرب (المادة 109).

غير أن الممارسة العملية للتصدي لجائحة كورونا كضرورة لحماية صحة المواطنين توحي بتدخل كبير لرئيس الجمهورية بالرغم من أن هذا الوباء لا يشكل نوعا من الفوضى والانزلاق الأمني، يمكن تفسيره من زاوية كونه  حامي الدستور وقائد أعلى للقوات المسلحة ومسؤول عن مهمة الدفاع الوطني وأنه يجسد وحدة الأمة. بالإضافة إلى كونه مسؤول على استمرارية الدولة وتوفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري التي أقسم عليها أثناء تأدية اليمين الدستورية. لذا سنحاول تبيان الإجراءات المتخذة من قبل رئيس الجمهورية بموجب سلطته السامية وفقا للنصوص السالفة الذكر للتصدي لوباء كورونا والقرارات الموجهة لمختلف الدوائر الوزارية، من خلال فحص ما تم في إطار مجلس الوزراء، والمجلس الأعلى للأمن، والخطاب الموجه للأمة.

حيث بمناسبة الاجتماعات المتكررة لمجلس الوزراء فإن رئيس الجمهورية قرر ضرورة تطبيق العزل على كل حالات الإصابة بالفيروس سواء كانت مشبوهة أو مؤكدة، وقف جميع وسائل النقل الجماعي العمومية والخاصة داخل المدن وبين الولايات وكذلك حركة القطارات، توعية المواطنين بالحد من التنقل داخل أحيائهم لتجنب انتشار الوباء والتشديد مع أي تجمع أو مسيرة تهدد سلامة المواطن، تسريح 50% من الموظفين والاحتفاظ فقط بمستخدمي المصالح الحيوية الضرورية مع الاحتفاظ برواتبهم، تسريح النساء العاملات اللواتي لهن أطفال صغار، غلق المقاهي والمطاعم في المدن الكبرى بصفة مؤقتة، ضبط السوق لمحاربة الندرة بتوفير جميع المواد الغذائية الضرورية وتعقب المضاربين واتخاذ الاجراءات اللازمة ضدهم بما فيها تشميع مستودعاتهم ومتاجرهم والتشهير بهم في وسائل الإعلام وتقديمهم للعدالة، تدعيم لجنة اليقظة والمتابعة الحالية بوازرة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وتكون مهمتها متابعة تطور انتشار الوباء وابلاغ الرأي العام يوميا وبانتظام، تكليف وزارة المالية بتسهيل إجراءات جمركة المواد الغذائية المستوردة وتسريع الاجراءات المصرفية المرتبطة بها تماشيا مع الحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد. [35]. ثم أقر تخفيض قيمة فاتورة الاستيراد من 41 مليار دولار وتقليص ميزانية نفقات التسيير ب 30% دون المساس بأعباء الرواتب، وأمر بالتوقف من إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية وتأجيل إطلاق المشاريع المسجلة أو قيد التسجيل، الأمر بتسخير 100 مليون دولار لاستيراد المواد الصيدلانية والعتاد اللازم، تدعيم وسائل محاربة تفشي وباء كورونا فيروس والأمراض الوبائية بصفة عامة [36].

أمام تعقد الوضعية الوبائية في الجزائر قرر رئيس الجمهورية في اجتماع للمجلس الأعلى للأمن يوم 23 مارس 2020 اللجوء إلى نظام الحجر وبعض التدابير الاحترازية بشكل شديد لمواجهة الوباء، حيث خصص هذا الاجتماع لدراسة الوضع الصحي السائد في البلاد على ضوء القرارات الأخيرة المتخذة في هذا الشأن وكذا وسائل تعزيز الآلية التي تم وضعها لوقف انتشار الوباء عبر التراب الوطني، حيث أعطى السيد الرئيس تعليمات لأجل التطبيق الفوري للإجراءات التالية[37] :على الصعيد الوطني تقرر غلق كل المقاهي والمطاعم والمحلات باستثناء محلات المواد الغذائية وأي مخالف لهذه الإجراء ستسحب منه رخصته وسيوضع في قائمة سوداء كما لن يحصل بعدها على أي رخصة استغلال، وبالنسبة للتجار سحب السجل التجاري ومنعهم نهائيا من ممارسة النشاط، غلق قاعات الحفلات والاحتفالات والأعراس العائلية وغيرها، وكل مخالف لذلك سيتعرض في حال تكرار المخالفة إلى التوقيف وفرض عقوبة بسبب تعريض الآخرين للخطر، ضرورة احترام مسافة الأمان الاجبارية على 1 متر بين الأشخاص، في كافة المؤسسات والفضاءات التي تستقبل الجماهير بحيث يقع على عاتق الإدارات المعنية الحرص على احترام هذه المسافة واللجوء إلى القوة العمومية ان اقتضى الأمر، منع تنقل سيارات الأجرة عبر كافة التراب الوطني وفي حالة تسجيل مخالفة تسحب رخصة ممارسة النشاط، إلزام مسؤولي الجماعات المحلية القيام بأنشطة تعقيم وتطهير الأماكن العمومية على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك تم تخصيص أحكام تتعلق بفرض حجر تام أو جزئي في البيوت لمدة معينة في بعض الولايات قابلة للتمديد مع منع الحركة من وإلى هذه الولايات وأن تكون الخرجات الاستثنائية مرخصا بها مسبقا من طرف السلطات المختصة للدرك الوطني ومصالح الأمن الوطني، وفي هذا الإطار سيتم وضع حواجز أمنية للمراقبة. مع امكانية تعميم الإجراء على كل الولايات التي ظهر فيها الوباء أو سيظهر حسب الملاحظات اليومية لوزارة الصحة، ومنع جميع التجمعات لأزيد من شخصين وفي المقابل ذلك الترخيص لتجار المنتجات الغذائية المتنقلين بممارسة نشاطاتهم في شكل تناوبي.

طبقا للمادة 84 من الدستور الجزائري وجه رئيس الجمهورية خطابا للأمة حول الوضع الراهن الذي تمر بها البلاد، وتم بثه على المباشر لكل القنوات التلفزيونية والإذاعية، وتضمن الخطاب العناصر الأتية[38] : إعلان ما يشبه حالة طوارئ في جميع المؤسسات والوحدات الاستشفائية لتجنب انتشار الوباء منذ الكشف عن أول حالة بالبلاد، التركيز على تدابير الوقاية في ظل غياب علاج فعال، غلق جميع الحدود البرية مع الدول المجاورة باستثناء تنقل بعض الأشخاص في الحالات الاستثنائية باتفاق بين حكومة البلدين، تعليق فوري لكل الرحلات الجوية القادمة أو المنطلقة من الجزائر ما عدا أمام الطائرات المتعلقة بنقل البضائع من دون مسافرين، تعليق فوري للملاحة البحرية والنقل البحري باستثناء البواخر الناقلة للبضائع والسلع، تعليق صلاة الجمعة والجماعة في المساجد مع غلق المساجد والاكتفاء برفع الآذان استجابة لطلب لجنة الافتاء، البحث والكشف عن هوية ناشري الأخبار الكاذبة والمضللة، تعقيم بشكل فوري جميع وسائل النقل العمومية الولائية والوطنية ومحطات نقل المسافرين، منع التجمعات والمسيرات مهما كان شكلها وبأي عنوان كانت، منع تصدير أي منتوج استراتيجي سواء كان طبي أو غذائي إلى أن تنفرج الأزمة حفاظا على المخزون الوطني، وضع خطة طويلة الأمد للاحتياط من الآن للمستقبل، والتحسيس والتوعية في وسائل الإعلام يشارك فيها كبار المتخصصين وعلماء الدين، تشديد إجراءات الرقابة بشكل تصاعدي في المطارات والموانئ والحدود البرية، والتعليق المؤقت للرحلات الجوية والنقل البحري مع الخارج، وغلق المدارس والجامعات ورياض الأطفال، ودور الحضانة، وتجميد النشاطات في القاعات المغلقة والمفتوحة وأماكن التسلية وقاعات الحفلات وسائر أماكن الاكتظاظ من الأسواق الأسبوعية وغيرها.   

سبقت الإشارة إلى أن الدستور الجزائري لا ينص صراحة على دور رئيس الجمهورية في المهام الضبطية للظروف العادية، وإنما يحدد دوره في الظروف الاستثنائية الواردة في المواد 105-110، المتعلقة بوضعية اعلان حالة الطوارئ أو الحصار أو الحالة الاستثنائية وحالة الحرب، والشروط الشكلية لتقرير احدى هذه الحالات تتمثل في اجتماعات مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للأمن وامكانية توجيه خطاب للامة، غير أن غموض النص الدستوري في تحديد دقيق لمصطلح “حالة الضرورة الملحة” الوارد كشرط موضوعي لإعلان حالة الطوارئ أو الحصار، ومصطلح “الخطر الداهم” كشرط لتقرير الحالة الاستثنائية، يعد سببا في صعوبة تكييف تدخل رئيس الجمهورية ومدى اعتبار ذلك يندرج ضمن الظروف الاستثنائية أم الظروف العادية بالرغم من حجم الآثار المترتبة عن هذه الجائحة على صعيد الحقوق والحريات والتوقف شبه التام للأنشطة العادية الخاصة بالمواطنين من تعليم ورياضة وسفر وعمل تجاري…، وبالتالي حسب رأينا يعد تدخل رئيس الجمهورية من نوع خاص لظروف استثنائية لا تنطبق عليها معايير التهديد الأمني المألوفة سابقا، ذلك أن الوباء يعد ظاهرة عالمية لم تعرفها البشرية بهذا الحجم. وإنما من منطلق مسؤوليته الدستورية في الحفاظ على أمن الأشخاص والممتلكات والحفاظ على النظام الدستوري.

ثانيا: الوزير الأول 

 باعتبار أن الوزير الأول يتولى تنسيق النشاط الحكومي وتلقي تعليمات رئيس الجمهورية، فإن سلطته في مواجهة تفشي وباء كورونا فيروس قد أشار إليها في الاجتماعات الخاصة بمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للأمن، حيث أشار إلى أن معظم التدابير المقررة في هذه الاجتماعات ستنظم بموجب مرسوم تنفيذي يوضح بالتفصيل الاحكام المتخذة استنادا إلى سلطته في توقيع المراسيم التنفيذية وتنفيذ القوانين والتنظيمات. فتم إصدار مرسومين تنفيذيين أساسيين تضمنا أحكام وقواعد للوقاية من انتشار فيروس كورونا ومكافحته، يتمثل الأول في المرسوم التنفيذي رقم 20-69 المؤرخ في 21 مارس 2020 المتعلق بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد -19 ومكافحته[39]، ويتمثل الثاني في المرسوم التنفيذي رقم 20-70 المؤرخ في 24 مارس سنة 2020 المحدد لتدابير تكميلية للوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ومكافحته المعدل والمتمم[40]، وتم تحديد الهدف من هذين المرسومين حسب المواد الأولى لكل منهما إلى الحد من الاحتكاك الجسدي بين المواطنين في الفضاءات العمومية وأماكن العمل، ووضع أنظمة للحجر وتقييد الحركة وتأطير الأنشطة التجارية وتموين المواطنين وكذا تحديد قواعد التباعد وكيفيات تعبئة المواطنين للمساهمة في الجهد الوطني للوقاية من انتشار الفيروس ومكافحته.

فمن بين أهم التدابير الإدارية المتخذة فشملت تقييد بعض الأنشطة التجارية والخدماتية والوظيفية من خلال حظر ممارستها أو الإحالة على العطلة وتعليق نشاط نقل الأفراد(01) ومنع حركة تنقل الاشخاص من خلال فرض نظام الحجر المنزلي للمواطنين وإقرار قواعد صحية للحماية الجسدية للأفراد(02).

  • حظر ممارسة بعض الانشطة التجارية والخدماتية والإحالة على العطلة للمستخدمين

سنتناول أهم الأحكام المتعلقة بتقييد حرية العمل لمواجهة الوباء بمنع ممارسة بعض الأنشطة التجارية وخدمات نقل الأشخاص ثم نتطرق إلى تلك المقررة لتقييد الحق في الشغل بالإحالة على العطلة الاستثنائية للموظفين والعمال.

إن قرار تقييد حرية العمل في بعض الأنشطة التجارية والخدماتية بمنعه أو التقليص من ممارسته تم على مرحلتين، ففي الوهلة الاولى لصدور المرسوم التنفيذي 20-69 تقرر غلق جميع محلات بيع المشروبات ومؤسسات وفضاءات الترفيه والتسلية والعرض والمطاعم في المدن الكبرى خلال المدة المقررة اعلاه، باستثناء تلك التي تضمن خدمة التوصيل إلى المنازل، مع منح الوالي المختص إقليميا امكانية توسيع هذا الإجراء إلى الأنشطة الأخرى وبعض المدن بموجب قرار[41]،  ثم تقرر توسيع إجراء الغلق إلى كافة المدن في التراب الوطني في المرحلة الثانية بموجب المادة 11 من المرسوم التنفيذي 20-72 السالف الذكر، وشمل إجراء الغلق جميع أنشطة التجارة بالتجزئة باستثناء تلك التي تضمن تموين السكان بالمواد الغذائية (كالمخابز والملبنات ومحلات البقالة، الخضر والفواكه، واللحوم)، مواد التنظيف والصيانة، المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية، والترخيص للباعة المتجولين للمواد الغذائية بممارسة نشاطهم بالمناوبة على الأحياء مع احترام تدابير التباعد التي ينص عليها هذا المرسوم. غير ان هذه النشاطات المستثناة من قرار الغلق لا يعني أن أصحابها من التجار أو العمال يزاولون مهامهم في حرية تامة، وإنما يخضعون إلى القيود الواردة على حق العمل في هذه الظروف كاحترام اجراء اصدار رخصة التنقل لممارسة النشاط والأوقات المسموح بها لمزاولة النشاط المقررة في حالة العمل بنظام الحجر المفروض على الولاية و/أو البلدية التي يقع فيها محل نشاطهم المتعلق بتقييد حرية تنقل الأشخاص[42].  

كما استثنى المرسوم التنفيذي 20-70 من قرار الغلق والإبقاء في حالة نشاط كل من المؤسسات والقطاعات التي تضمن الخدمات العمومية الأساسية ولا سيما في مجال النظافة العمومية الأساسية كالنظافة والتزويد بالماء والكهرباء والغاز والمواصلات السلكية واللاسلكية، والوكالات البريدية والبنوك وشركات التامين، والمؤسسات الخاصة بالصحة بما فيها العيادات الطبية ومخابر التحاليل ومراكز التصوير الطبي، والأنشطة المرتبطة بالمنتجات الصيدلانية والمستلزمات الطبية، ومؤسسات توزيع الوقود والمواد الطاقوية، والأنشطة التي تكتسي طابعا حيويا بما فيها أسواق الجملة[43].

بالتزامن مع تعليق ممارسة الأنشطة التجارية والخدماتية فقد تقرر إلى جانب ذلك منع تنقل الأشخاص عن طريق وسائل النقل العمومية أو الخاصة باعتبار أن هذه الأخيرة تعد أبرز مصادر العدوى لهذا الوباء وتشكل خطرا على صحة المواطنين نظرا لخصوصية هذا المرض في سرعة الانتشار عن طريق الاحتكاك، حيث تم توقيف الخدمات الجوية للنقل العمومي للمسافرين على الشبكة الداخلية، والنقل البري في كل الاتجاهات الحضري وشبه الحضري بين البلديات وبين الولايات، ونقل المسافرين بالسكك الحديدية بما فيها النقل الموجه بالمترو، والترامواي والنقل بالمصاعد الهوائية، وكذا النقل بسيارات الأجرة[44]. غير أنه تم إقرار بعض الاستثناءات حول نشاط نقل الأشخاص بالنسبة للمستخدمين، حيث ألزم التنظيم كل من الوزير المكلف بالنقل والوالي المختص إقليميا تنظيم وإيجاد صيغة لنقل هؤلاء من أجل ضمان استمرارية الخدمة العمومية والحفاظ على النشاطات الحيوية في المصالح المتعلقة بالمؤسسات والإدارات العمومية والهيئات الاقتصادية والمصالح المالية، بشرط أن يتم مراعاة التقيد الصارم بمقتضيات الوقاية من انتشار هذا الوباء، المقررة من طرف المصالح المختصة للصحة العمومية[45].

إن إجراءات تقييد حرية العمل وممارسة النشاط لم تتوقف عند المجال التجاري والخدماتي بل مست أيضا الإطار البشري للمؤسسات العمومية والخاصة، بالإحالة على العطلة الاستثنائية مدفوعة الأجر خلال المدة المحددة لتدابير الوقاية بنسبة 50 % من موظفي كل مؤسسة وإدارة عمومية[46]. وبموجب المادة 15 من المرسوم التنفيذي 20-70 السالف الذكر تم توسيع هذه العطلة إلى عمال القطاع الاقتصادي العمومي والخاص. غير أنه تجنبا للشلل الذي قد ينجر عن هذا الإجراء في توقف المصالح الحيوية للدولة، فإنه تم استثناء بشكل أساسي وبصفة كاملة الأشخاص الذين ينتمون إلى الصحة مهما كانت الجهة المستخدمة، الاشخاص التابعون للمصالح الأمنية، وللموصلات السلكية واللاسلكية الوطنية، واشخاص مراقبة الجودة وقمع الغش، والتابعون للسلطة البيطرية والصحة النباتية، والاشخاص المكلفون بمهام النظافة والتطهير، والمكلفون بمهام المراقبة والتطهير. مع امكانية لجوء المؤسسة المستخدمة إلى الترخيص لهؤلاء عند الاقتضاء بالعطلة الاستثنائية باستثناء الأشخاص الملازمون لاستمرارية الخدمات العمومية الحيوية[47]. ولخصوصية الظرف الصحي لهذا الوباء منح المرسوم التنفيذي 69-20 السالف الذكر الأولوية في الاستفادة من العطلة الاستثنائية للنساء الحوامل والنساء المتكفلات بتربية ابنائهن الصغار وكذا الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وأولئك الذين يعانون من هشاشة صحية [48] وتشجيعا على مبدأ استمرارية المرفق العمومي، حث ذات المرسوم كل مؤسسة أو إدارة عمومية على امكانية العمل عن بعد في ظل احترام القوانين والتنظيمات المعمول بها. [49].

  • إقرار  نظام الحجر  المنزلي وفرض قواعد صحية للحماية الجسدية بين الأفراد  

إن مختلف تجارب دول العالم تجاه وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) أثبتت أن السبيل الوحيد للحد من انتشاره هو التركيز على سبل الوقاية والنظافة فانتظار العلاج النهائي لهذا المرض، وهذا من خلال الزام المواطنين بالبقاء في منازلهم أو مقر إقامتهم وعدم التنقل والخروج إلا للضرورة بعنوان نظام الحجر المنزلي  وفرض قواعد صحية للحماية الجسدية من العدوى بارتداء الاقنعة الواقية واحترام مسافة أمنية بين الافراد .

بالنسبة لنظام الحجر المنزلي الذي تم بموجب المرسوم التنفيذي 20-70 السالف الذكر الوارد بالصياغة الفرنسية le confinement à domicile  ” الذي يمكن أن يقام في الولايات و/أو البلديات المصرح بها من قبل السلطة الصحية الوطنية كبؤر لوباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، فهو موجه بالأساس إلى تقييد حركة تنقل الأشخاص والمركبات في الولاية و/أو البلدية المعنية بصفة كلية أو جزئية، من خلال إلزام الأشخاص بعدم مغادرة منازلهم أو أماكن إقامتهم خلال فترة زمنية محددة بموجب قرار من الوزير الأول[50]. ويعد هذا الإجراء تطبيقا للمادة 41 من القانون المتعلق بالصحة السالف الذكر التي  تنص على ضرورة الالتزام بوضع الأشخاص المصابون بأمراض منتقلة والأشخاص الذين يكونون على اتصال بهم الذين قد يشكلون مصدرا للعدوى لتدابير الوقاية والمكافحة المناسبة، وفي حالة وجود خطر انتشار وباء و/أو في حالة حماية الأشخاص المعرضين للخطر يتعين على السلطات الصحية تنظيم حملات تلقيح وتتخذ كل التدابير الملائمة لفائدة المواطنين أو الأشخاص المعنيين .

بالنسبة للقواعد التي تحكم هذا الحجر المنزلي المعتمد في الجزائر فإن المرسوم التنفيذي 20-70 حدد أنواع الحجر المنزلي بأن يكون كليا أو جزئيا ولفترات محددة حسب الوضعية الوبائية للولاية و/أو البلدية المعنية[51]، فعرفت ولاية البليدة أول نظام الحجر الشامل مخافة اتسارع رقعة انتشار الوباء فيها، وذلك بموجب المادة 09 من ذات المرسوم السالف الذكر، لمدة 10 أيام ابتداء من 24 مارس 2020 تم تجديدها لفترات أخرى بموجب مراسيم تنفيذية أخرى. وعرفت باقي ولايات الوطن نظام الحجر الجزئي المنزلي لفترات زمنية محدد بشكل تدريجي من ساعة إلى ساعة بموجب مراسيم تنفيذية مختلفة كالمرسوم التنفيذي 20-72[52] وتم تجديدها وتمديد العمل بهذا النظام عدة مرات بالمرسوم التنفيذي 20-86[53] و 20-92 [54]…إلى أن تم رفعه في بعض المناطق بموجب مراسيم تنفيذية أخرى.

ما يمكن ملاحظته حول سلطة الوزير الأول في إقرار أو تمديد أو تخفيف نظام الحجر المنزلي أو رفعه كليا أن هناك غموض وضبابية في العمل بهذا الإجراء، حيث باعتبار أن المرسوم التنفيذي 20-70 يسند مهمة إعلان ولاية أو بلدية كبؤرة للوباء إلى السلطة الصحية -مع غياب تحديد لطبيعة السلطة الصحية المعنية- فإنه يتعين على الوزير الاول تبيان اسباب تمديد الحجر المنزلي أو تخفيفه أو رفعه، وذلك بإرفاق نسخة من التقرير الطبي التي تستند عليه السلطة الصحية الوطنية حتى يتضح للمعنيين بالتزامات الحجر جدوى اللجوء إلى تمديد أو تشديد أو تخفيف نظام أو أوقات من أوقات الحجر، كتحديد الخريطة الوبائية ونشرها في الجريدة الرسمية مثلا، أو تبيان سبب تزايد حالات الوفيات والإصابات أو انخفاضها حتى يقتنع الجميع بطريقة إدارة الوزير الأول لنظام الحجر وعدم الاكتفاء بالتقارير والخرجات الاعلامية للخبراء واللجان المكلفة بمتابعة الوباء التي تفتقد تصريحاتها  للإلزام القانوني. فمعظم المراسيم التنفيذية الصادرة في هذا المجال تم إقرارها من دون إحالة أو إشارة إلى أن هناك تنسيق بين الوزير الأول والسلطة الصحية الوطنية التي لم تحدد طبيعتها أو تشكيلتها قانونيا أو أن هناك تقرير لوزير الصحة تم الاستناد إليه.

يترتب عن إقرار نظام الحجر المنزلي مجموعة من الآثار تتمثل أساسا في منع حركة تنقل الأشخاص خلال فترات الحجر من ونحو الولاية أو البلدية المعنية وكذا داخل هذه المناطق، ومنع أي تجمع لأكثر من شخصين خلال هذه الفترات ماعدا في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها[55].

فيما يخص القواعد صحية للحماية الجسدية من العدوى الذي يأتي تماشيا مع فرض نظام الحجر المنزلي تم فرض ضرورة احترام مسافة متر واحد على الأقل بين الأفراد كقاعدة للتباعد الأمني الذي يشكل بمثابة التدبير الوقائي الملزم، مما يتعين على كل مؤسسة تستقبل الجمهور ولدى كل الفضاءات غير المعنية بالغلق باتخاذ الترتيبات الضرورية لتطبيق هذا الإجراء وفرض احترامه بكل الوسائل بما في ذلك الاستعانة بالقوة العمومية[56].  كما اعتبر المرسوم التنفيذي 20-127 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 20-70 ارتداء القناع الواقي كذلك إجراء وقائيا ملزما، فهو كل وسيلة منتجة صناعيا أو مصنعة بصفة حرفية وموجهة للوقاية من وباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، تم فرض اجبارية ارتدائه لجميع الأشخاص في كل الظروف وفي الطرق والأماكن العمومية، وأماكن العمل وفي الفضاءات المفتوحة أو المغلقة التي تستقبل الجمهور بما فيها المؤسسات والإدارات العمومية والمرافق العمومية ومؤسسات تقديم الخدمات والأماكن التجارية، فعلى كل إدارة أو مؤسسة مستقبلة للجمهور وكذا كل شخص يمارس نشاطا تجاريا أو يقدم خدمات بأي شكل من الأشكال الامتثال لهذا الالتزام بارتداء القناع الواقي وفرض احترامه بكل الوسائل بما فيها امكانية الاستعانة بالقوة العمومية [57].

ثالثا: الوزراء

    سبقت الإشارة أن البوليس الإداري قد يكون عام أو خاص، وأن البوليس الخاص يمارس بمقتضى نص خاص يحدد السلطة المكلفة بممارسته ومجال النشاط المعني بتدابير الشرطة الإدارية، حيث نجد في إطار التدابير المتخذة للوقاية من فيروس كورونا قرار وزاري مشترك خاص بالقواعد المطبقة على نقل ودفن جثامين الأشخاص المتوفين الذين ترتبط وفاتهم بالعدوى بالوباء فيروس كورونا (كوفيد-19)[58]، الصادر عن وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير الصحة والسكان ووزير الشؤون الدينية والاوقاف،  حيث قرروا مجموعة من الاحكام الخاصة بمجال ضبط الجنائز ودفن الموتى بسبب عدوى كوفيد -19 وكيفية حماية الأشخاص المكلفين بالقيام بعمليات نقل الجثامين وغسلهم ودفنهم.

حيث ينص في الإجراءات الأولية للوفاة لاسيما عندما تكون هذه الاخيرة في المنزل بأن يتم معاينة مسكن المتوفى بالوباء من طرف طبيب ممارس في القطاع العام أو الخاص، وفي حالة التأكد من وجود أعراض للوباء في الوفاة فإنه يقرر نقل الجثمان إلى مصلحة حفظ الجثث، للتشخيص ويعلم بذلك مصالح الأمن المختصة فورا وأفراد عائلة المتوفى لاتخاذ تدابير الوقاية اللازمة[59]. بعد ذلك يتعين غسل الميت وجوبا بمصلحة حفظ الجثث بالمؤسسة الاستشفائية لمكان الوفاة أو القريبة من مكان الوفاة. ثم يتم نقل الجثامين بموجب رخصة من طرف الوالي أو أي موظف مفوض من طرفه، بعد معاينة الوفاة بناء على الشهادة الطبية مع رخصة الصادرة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي، والتي تسلم إلى ممثل عائلة المتوفى أو ممثل المصلحة المكلفة بنقل الجثامين، ويجب أن تكون العملية بواسطة مركبات مختصة للنقل الصحي التابعة للمؤسسات الخاصة أو العامة أو للمصالح الجنائزية مع الالتزام الصارم بقواعد الوقاية والحماية والنظافة والأمن وبمرافقة من مصالح الأمن والدرك الوطني[60].  

كما يجب دفن جثمان المتوفى على جناح السرعة عند ارتباطه بعدوى فيروس كورونا بعد اتمام الإجراءات المتطلبة وتوفير كل وسائل الحماية والوقاية المناسبة للأشخاص المتدخلين في عمليات الدفن أثناء الحفر وإغلاق القبر، و لا يمكن القيام بالدفن إلا إذا كان الجثمان تم حفظه في كيس مشرحة و/أو تابوت مشمع توفرهما المصالح المختصة للولاية تفاديا لخطر العدوى، ويمنع فتح الجثمان منعا باتا، ويقتصر حضور مراسم الدفن أفراد العائلة من الأصول والفروع فقط[61]

الفرع الثاني: دور السلطات المحلية في اتخاذ التدابير الوقائية

تعد جائحة كورونا (كوفيد-19) وباء عالميا اجتاح مختلف دول العالم، فكانت مجمل آليات المواجهة تتسم بالعالمية قبل أن تكون ذات طابع داخلي لكل دولة، مما لاحظنا أن معظم التدابير المتخذة على الصعيد الداخلي في الجزائر تمت على المستوى المركزي وقل مجال تدخل السلطات المحلية في ايجاد قواعد خاصة بها وإنما كان دورها تنفيذي للقواعد المتخذة على الصعيد المركزي، ومنه باعتبار أن الجماعات الترابية في الجزائر تتكون من هيئات تعد امتداد للسلطة المركزية كالولاية والمصالح الخارجية للوزرات وأخرى جهات لامركزية قائمة على عنصر الانتخاب كالبلدية، فنتيجة للاعتبارات السالفة الذكر حول مركزية تدابير الوقاية في جائحة كورونا فإن شخصية الوالي كأعلى جهة مسؤولة في الولاية بحكم مركزها القانوني في مهمة الحفاظ على الامن العام في الولاية وهو معين من طرف رئيس الجمهورية وممثل للحكومة قد تجلت بموجب سلطته أبرز مظاهر التدخل على المستوى المحلي من خلال اتخاذ اجراءات تكميلية للحد من انتشار الوباء مقارنة بباقي السلطات المحلية الأخرى كرؤساء البلديات، مما يجعلنا في هذه الدراسة نقتصر على دور الوالي في هذه الجائحة ونستثني من ذلك دور رئيس البلدية وبعض المسؤولين المحليين نظرا لكونهم أقل مكانة أمام الوالي في هذه الظروف البوليسية.

 يمثل الوالي جهاز لنظام عدم التركيز [62]، وهو من المناصب السامية في الدولة [63]، يمثل الولاية في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية، كما يعد الوسيط بين الإدارة المحلية والسلطة المركزية، ويمثل الدولة على مستوى الولاية والمنسق بين مختلف المؤسسات والأطراف [64]. وبهذه الصفة فإن مركزه في مواجهة وباء كورونا كوفيد-19 تعتبر جوهرية من منطلق كونه يسهر على وضع المصالح الولائية ومؤسساتها العمومية وحسن سيرها، والمسؤول عن حماية حقوق المواطنين وحرياتهم والمحافظة على النظام والأمن والسلامة والسكينة العمومية في الولاية، حسب الشروط والأشكال المنصوص عليها في القانون[65] .    

نصت العديد من أحكام قانون الولاية على سلطات الوالي في مجال الحفاظ على صحة المواطنين وأمنهم وسلامتهم، حيث يتولى إعداد مخططات تنظيم الإسعافات في الولاية وتحيينها وتنفيذها، ويمكنه في هذا الإطار أن يسخر الأشخاص والممتلكات طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وهو المسؤول عن وضع التدابير الخاصة بالدفاع والحماية التي لا تكتسي طابعا عسكريا وتنفيذها طبقا للقوانين والتنظيمات المعمول بهما [66]. ومكنّه نفس القانون من الوسائل اللازمة لتطبيق القرارات المتخذة في إطار مهامه الضبطية، بما فيها وضع مصالح الأمن تحت تصرفه، وتنسيق نشاطات هذه المصالح المتواجدة على إقليم الولاية، والزام رؤساء المصالح الأمنية بإعلام الوالي في المقام الأول بكل القضايا المتعلقة بالأمن والنظام العموميين على مستوى الولاية. ويمكنه عند الاقتضاء وفي الظروف الاستثنائية أن يطلب تدخل قوات الشرطة والدرك الوطني المتواجدة على إقليم الولاية عن طريق إجراء التسخير [67].

بالنسبة لدوره في مجال اتخاذ تدابير وقائية لمكافحة انتشار وباء كورونا كوفيد-19 فإن أساس تدخل الوالي ينطلق من قانون الولاية إلى جانب قانون الصحة رقم 18-11 الذي ينص في مادته 35 بأنه يلزم الوالي في اطار اختصاصه وبالاتصال مع مصالح الصحة تنفيذ التدابير والوسائل الضرورية بشكل دائم لمكافحة الأمراض المتوطنة وتفادي ظهور الأوبئة والقضاء على أسباب الوضعية الوبائية . كما يمكنه اتخاذ أي إجراء يندرج في إطار الوقاية من انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 ومكافحته كاللجوء إلى سلطة التسخير طبقا للمادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 20-69 السالفة الذكر  من خلال تسخير مستخدمي الصحة والمخبريين التابعين للمؤسسات الصحية العمومية والخاصة، المستخدمين التابعين لأسلاك الأمن الوطني والحماية المدنية والوقاية الصحية والنظافة العمومية، وكل سلك معني بتدابير الوقاية من الوباء ومكافحته، وكل فرد يمكن أن يكون معنيا بإجراءات الوقاية والمكافحة ضد هذا الوباء بحكم مهنته أو خبرته المهنية، الاستعانة بكل مرافق الإيواء والمرافق الفندقية أو أي مرافق أخرى عمومية أو خاصة، كل وسائل نقل الأفراد الضرورية عامة أو خاصة مهما كانت طبيعتها، وأي وسيلة نقل يمكن أن تستعمل للنقل الصحي أو تجهز لهذا الغرض سواء كانت عامة أو خاصة، كما يمكنهم تسخير أي منشأة عمومية أو خاصة لضمان الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين [68]. بالإضافة إلى امكانية تسخير أشخاص مختصين عند وفاة مرضى كورونا لغسلهم بمصلحة حفظ الجثث وأشخاص مختصين بدفنهم، وتسخير المركبات الخاصة بنقل الجثامين وفقا للمواصفات التقنية واتخاذ كل اجراء من شأنه تهيئة القطع الأرضية المخصصة لغرض الدفن طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وبعد اتمام اجراءات الدفن يمكن للوالي تسخير منشآت معالجة النفايات للقيام بعملية إزالة الأغراض غير القابلة للتطهير الخاصة بالشخص المتوفى والمعدات المستعملة في تحضير الجثة لغسلها وتلك المستعملة في النقل والدفن[69].

كما له صلاحية توسيع إجراء الغلق للفضاءات والمحلات وفضاءات الترفيه والتسلية والعرض والمطاعم والأنشطة الأخرى، وضمان تنظيم نقل الأشخاص من أجل ضمان استمرارية الخدمة العمومية والحفاظ على النشاطات الحيوية بعد تعليق وسائل النقل العمومية والخاصة بشكل نهائي [70]. وسلطة إقرار الحجر المنزلي الجزئي أو الكلي يستهدف مكانا أو بلدية أو حيا أو أكثر تشهد بؤرا للعدوى، وإقرار تدابير إضافية للوقاية والحماية تبعا للوضعية الوبائية في الولاية وأنه ملزم بالقيام بزيارات مستمرة للمؤسسات الصحية قصد تفقد الوضع بها وإطلاع السلطات الصحية المعنية بذلك يوميا[71]. كما يتعين على الوالي السهر على تعزيز المخزون الدائم لوسائل الكشف والأوكسيجين الطبي، وضمان متابعته يوميا على مستوى ولايته، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ كل التدابير التي تسمح بضمان عمليات تطهير الشوارع والأسواق وجميع الفضاءات العمومية عدة مرات في اليوم[72].

إن إجراءات الإغلاق وتقييد حريات ممارسة النشاط لمواجهة الأزمة الصحية قد ينجر عنها آثار سلبية على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية ولتسريع مكافحة هذا الوباء قررت التنظيمات المتعلقة بتدابير الوقاية مجموعة من القواعد والكيفيات المتعلقة بتعبئة المواطنين للمساهمة في الجهد الوطني للوقاية والمكافحة من خلال إلزام السلطات المعنية على المستوى المركزي والمحلي بالقيام بإحصاء جميع الموارد البشرية والمادية العمومية والخاصة التي يتعين تعبئتها في أي لحظة للتصدي للوباء، وأن تكون هذه الموارد على استعداد للاستعانة بها على عجل حسب الحاجيات المعبر عنها. كما يتعين على المؤسسات العمومية للصحة بفتح قوائم لتسجيل المتطوعين أو المحسنين الذين يرغبون في تسجيل أنفسهم على غرار الأطباء الخواص وكل مستخدم طبي وشبه طبي وتحيينها يوميا من أجل مواجهة تطور وباء فيروس كورونا ‘كوفيد-19) [73]. وفي هذا الصدد ألزم التنظيم الولاة في ضرورة إشراك لجان الاحياء وجمعيات المجتمع المدني في عمليات تأطير المواطنين ، ولهذا الغرض يجب عليهم اتخاذ التدابير المناسبة الكفيلة بضمان تنظيمها وتأطيرها وتأدية نشاطاتها طبقا لتوجيهات اللجنة الولائية المكلفة بتنسيق النشاط القطاعي[74].

المطلب الثالث: انعكاسات سلطة ممارسة الشرطة الإدارية للحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) بين السلطات المركزية للدولة والجماعات الترابية وأثرها على استراتيجية التصدي للجائحة

 إن دور الدولة في حياة المجتمعات يهدف إلى تنظيمها وضبط الحقوق والحريات وحمايتها من المخاطر والتهديدات والفصل في الخصومات، فالظروف التي تعيشها كل دولة في الوضع الراهن بسبب وباء كورونا كوفيد-19 جعل العديد من الدارسين للشأن الإداري والدستوري -كما سبقت الإشارة -يطرحون جدلا فقهيا حول طبيعة وأساس القرارات المتخذة من طرف الحكومات لمواجهة هذا الوباء، هل تندرج ضمن فلسفة الشرطة الإدارية المعروفة في القانون الإداري؟ أم أنها من طبيعة خاصة ناتجة عن ظروف جديدة لم تشهدها الظروف المتعاقبة لطريقة التعامل مع النظام العمومي من قبل؟

إن الممارسة العملية للسلطات الإدارية في كيفية التعامل مع هذه الجائحة من خلال جملة من التدابير السالفة الذكر يتضح جليا أننا أمام ظروف للضبط والبوليس الإداري نظرا لحجم القيود المفروضة على المواطنين ومختلف أشكال ممارسة الأنشطة الاقتصادية، غير أن التجنيد الكبير لمختلف هياكل الدولة وتدخلها للتصدي لهذه الجائحة تثير بعض النقاط الممكن إثارتها في هذا العنصر.

سبقت الإشارة إلى أن مختلف السلطات الإدارية المركزية المعنية بمهمة الشرطة الإدارية على غرار رئيس الجمهورية والوزير الاول تنطلق من النصوص الدستورية، وأن السلطات المحلية المتمثلة في الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي يتجسد دورها في هذا المجال من منطلق النصوص المقررة في قوانين الجماعات الترابية للولاية والبلدية. وباعتبار ان أهداف ممارسة سلطة البوليس الإداري يتمثل في مهمة وحيدة بشكل اساسي وهي “الحفاظ على النظام العمومي ووقايته من مجمل المخاطر والتهديدات”، فإن الإشكال لا يطرح على هذا المستوى بقدر ما يطرح على مستوى تعدد السلطات المكلفة بهذه المهمة ومسألة حجم التدخل المنوط بكل سلطة وحدود التدابير المتخذة في إطار مبدأ المشروعية، فهل كل سلطة لها الحرية في اتخاذ ما تراه من القواعد والتدابير الوقائية عامة أو مخصصة طبقا لصلاحياتها المحددة في الدستور أو القانون؟ أم أن هناك من السلطات من تفتقد إلى هذه الحرية في اتخاذ قواعد  جديدة لمباشرة مهامها في هذا المجال والاكتفاء بصلاحية تنفيذ تدابير السلطات الأخرى، وبالخصوص السلطات المركزية؟

ذلك أنه فقهيا تعد مسألة تنازع الاختصاص بين أنواع البوليس وسلطاته من المسائل التقليدية خصوصا إذا ما كان موضوع الشرطة الإدارية مشتركا وله هدف واحد[75] كما هو الشأن في فيروس كورونا، فيرى البعض أنه قد يمنع التدخل من طرف سلطات الضبط العام فيما قد تقرر بموجب ضبط خاص[76]، ويرى آخرون انه لا يوجد إشكال من تدخل سلطة الضبط العام عندما يكون الغرض هو تشديد الإجراءات المتخذة أو اتخاذ اجراءات جديدة لم يتم اتخاذها من طرف سلطات الضبط الخاص للحفاظ على النظام العمومي[77].

حيث بالعودة إلى مجال تدخل سلطة رئيس الجمهورية أو الوزير الأول أو الوالي والمظاهر المجسدة لصلاحياتهم في ممارسة مهمة الشرطة الإدارية، لا نجد نصا صريحا سواء في الدستور أو قوانين الجماعات الترابية يحدد تدرج في ممارسة هذه المهمة، ماعدا في حالة الظروف الاستثنائية للضرورة الملحة أو حالة وجود خطر داهم أو عدوان فعلي التي تلزم أولوية تدخل رئيس الجمهورية على باقي السلطات.

لذا في غياب موقف دستوري أو تشريعي واضح يحدد أدوار مختلف السلطات في مهام الشرطة الإدارية في الجزائر، وفي ظل الغموض الذي يكتنف طبيعة تكييف التدابير المتخذة للتصدي لجائحة كورونا في الجزائر بين كونها تندرج ضمن حالة الطوارئ أو الحالة الاستثنائية نظرا لحجم القيود المفروضة على المواطنين إلى حد الإغلاق والبقاء في البيوت، فقد ترتب عن ذلك العديد من الآثار والانعكاسات المتعلقة بفعالية الجهود المتخذة وأثرها على استراتيجية التصدي للوباء. حيث بعد مرور فترة زمنية معتبرة من تفشي الجائحة وتفاقم الآثار الجانبية المترتبة عنها على حقوق وحريات المواطنين بدأت تظهر بعض المؤشرات حول عدم الانسجام والتنسيق بين السلطات العمومية المكلفة بمهمة الحفاظ على صحة المواطنين، وبروز اشكالية التداخل بين المهام البوليسية وأي سلطة أولى بالتدخل وتطبيق قراراتها ومدى فعالية تدخلها والإجراء المناسب لتطبيقه، فكان من أهم المظاهر التي لمسناها نجد موضوع القرارات المتعلقة بغلق الأنشطة الاقتصادية والترخيص باستئناف نشاطات أخرى، فكان هناك تذبذب في اتخاذ هذه القرارات، فباعتبار أن المشكلة التي يقوم عليها تفشي وباء كورونا هو الانتقال عن طريق العدوى بين الأشخاص من خلال كثرة الاحتكاك الجسدي وعدم احترام اجراءات التباعد بين الأفراد، ونظرا لخصوصية هذا الوباء في ظل عدم وجود لقاح معين للتصدي له طبيا، فإن التعامل مع المحلات التجارية التي تشهد اقبالا كثيفا للزبائن لم يكن موفقا من طرف السلطات العمومية، مما أثر سلبا على استراتيجية التصدي لهذا الوباء لغياب الدقة العلمية والتحري المفروض في مثل هذه الوضعيات، خصوصا أن ما يهدد سلامة المواطنين هي الصحة العمومية القائمة على دراسات الأخصائيين، ففي قرار للمجلس الأعلى للأمن يوم 23 مارس 2020 السالف الذكر أقر ضرورة غلق المحلات وتوقيف الأنشطة التجارية، والذي تم التأكيد عليه بموجب المادة 11 من المرسوم التنفيذي 20-70 السالفة الذكر من خلال غلق جميع أنشطة التجارة بالتجزئة باستثناء أنشطة التموين الغذائية والصحية. لكن الملفت للانتباه أنه في فترة وجيزة من قرار الغلق الأول تم إعادة توسيع الترخيص إلى فئات معينة من الأنشطة الضرورية للمواطنين بموجب تعليمة من طرف الوزير الأول يوم 04 أفريل 2020  [78] مما يطرح إشكال حتى من زاوية قاعدة توازي الأشكال[79]، ثم بموجب تعليمة أخرى يوم 25 أفريل 2020 أمر فيها الوزير الأول بتوسيع قطاعات النشاط وفتح محلات تجارية لطائفة كبيرة من النشاطات تحت غطاء الحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة فيروس كورونا [80]،في ظل عدم تقديم أي تقرير طبي يحدد أسباب اللجوء إلى هذا التوسيع ولا توضيح مسبق للخريطة الوبائية للبلاد التي تبرر اللجوء إلى هذا التوسيع في النشاط، مما تسبب في الوقوع في ارتباك وتوجيه عدة انتقادات لدولة الوزير الأول من طرف شرائح كبيرة من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني نتيجة المخاطر المحتملة على صحة المواطنين، فتطلب مرة أخرى إعادة غلق معظم النشاطات التي تم فتحها يوم 25 أفريل السالف الذكر، وذلك بموجب تعليمة من الوزير الأول مجددا يوم 02 ماي 2020 بحجة عدم احترام المواطنين لإجراءات الوقاية والتباعد، بعدما عرفت عديد الولايات قرارات صادرة للولاة تلزم بموجبها التجار بإعادة غلق المحلات المرخص بها كأبرز تصرف يبين تضارب القرارات وعدم استجابة الولاة لتعليمة الوزير الأول التي تسببت في مشكل الازدحام والإقبال الكبير للزبائن. وهذا ما يجسد الجدل الفقهي حول التنازع بين سلطات البوليس الإداري فيما بينهما وأيهما أولى في التطبيق.

فكان حري بالوزير استعمال كل الوسائل البشرية والمادية لتحري العلمية في تسيير هذا الوباء سريع الانتشار، وترك سلطة فتح أو غلق المحلات للسادة الولاة بحكم صلاحياتهم في ممارسة الشرطة الادارية لكونهم مندوبو الحكومة ويتلقون التعليمات طبقا لقانون الولاية وكذا المادة 06 من المرسوم التنفيذي 20-70 الذي يمنح للجنة الولائية التي تنشأ على مستوى الولاية برئاسة الوالي القيام بتكييف التدابير المتخذة من طرف السلطات العليا واتخاذ تدابير إضافية للوقاية من انتشار الوباء ومكافحته وفق خصوصية الولاية وتطور الوضع الصحي بها. كما أن الولاة الجهة الأقرب من المواطنين والأجدر بتقييم الوضعية الوبائية لمعرفتهم بخبايا الأقاليم التي يشرفون عليها مخافة التذبذب في القرارات خصوصا وأننا أمام مسألة تختلف من منطقة إلى أخرى، فما يصلح لإقليم لا يصلح لإقليم آخر، وهذا بالرغم من أن الموضوع ليس شأنا أمنيا يهدد سلامة المواطنين وممتلكاتهم وإنما يعتبر وضعية صحية خالية من أي تداعيات أمنية أو عدوانية تتطلب تدخل الوزير الأول أو السلطات العليا للبلاد بشكل جوهري وأساسي في كل جزئية.

 هذا ما جعل سلطة الوزير الأول تستجيب لضرورة التسيير المحلي للأزمة من خلال الاعتماد بشكل أكبر على السلطات المحلية في معالجة الوضع الصحي المرتبط بالوباء  بتقرير مشاركتها بشكل قوي في عملية التقييم واتخاذ القرار، وهذا من خلال تمكين السادة الولاة بإمكانية فرض حجر منزلي جزئي أو كلي يستهدف بشكل دقيق مكانا أو حيا أو بلدية أو أكثر تشهد بؤرا للعدوى بعد موافقة السلطات المختصة، وكذا صلاحية التعليق المؤقت للأنشطة التي لا تحترم البروتوكولات الصحية بكل صرامة وحزم دون الإخلال بالمتابعات القضائية وكذا العقوبات المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما ضد كل مخالف، مع السماح لرؤساء الدوائر[81] ورؤساء المجالس الشعبية البلدية بإقرار تدابير إضافية تطبق على المستوى المحلي تبعا لتطور الوضع الصحي وأن أي خلل لا يتم الإبلاغ عنه ستنجر عنه عقوبات ضد المسؤولين عن ذلك[82].    

إن مظاهر تداخل الاختصاص بين السلطات المكلفة بمهمة الشرطة الإدارية في هذه الجائحة راجع إلى كون هذه المهمة مشتركة في عنصر واحد يتجسد في التصدي لفيروس كورونا والحد من انتشاره، فهذه الصعوبة في التعامل بين مختلف السلطات قد تم التطرق لها أيضا في التجربة الفرنسية وبالتحديد في مجلس الدولة الفرنسي الذي بين بشكل واضح السلطة المعنية بالتدخل وتطبيق قراراتها للحفاظ على استراتيجية الجهود المسطرة للتصدي للجائحة وحماية الحقوق والحريات من تعسف باقي السلطات، حيث عرضت عليه قضية ضد بلدية Sceaux من طرف رابطة حقوق الانسان تتعلق بتوقيف قرار رئيس البلدية القاضي بإلزامية ارتداء القناع الواقي في فضاءات البلدية، وترجع وقائع هذه القضية إلى أن رئيس بلدية Sceaux قام بفرض الزامية ارتداء القناع الواقي L’obligation de porter un  masque  في الفضاءات العمومية لإقليم البلدية في إطار تدابير الوقاية لمكافحة انتشار وباء فيروس كورونا، غير أنه تم اخطار القاضي الاستعجالي من طرف رابطة حقوق الانسان لبلدية Sceaux أمام المحكمة الإدارية De-Cergy-Pontoise بضرورة تطبيق أحكام المادة 521-2 من قانون العدالة الإدارية Code de Justice Administrative  بتوقيف قرار رئيس البلدية المتضمن الزامية ارتداء القناع الواقي عند التنقل في الفضاءات لكل المواطنين لأكثر من 10 سنوات، فاستجاب القاضي الاستعجالي لهذه المحكمة الإدارية بتوقيف تنفيذ قرار رئيس البلدية المتنازع فيه[83]. وبعد استئناف تقدمت به بلدية Sceaux  أمام القاضي الاستعجالي لمجلس الدولة ضد الأمر الصادر عن المحكمة الإدارية كآخر درجة، تم رفض هذا الاستئناف المقدم بموجب امر استعجالي، حيث اشار مجلس الدولة إلى أنه في ظل حالة الطوارئ لا يمكن لرؤساء البلديات اتخاذ اجراءات إضافية للوقاية من فيروس كورونا إلا في حالة وجود ظروف خاصة بالبلدية تفرض ذلك. وأن قانون الطوارئ الصادر في 23 مارس 2020 منح للدولة مسؤولية اتخاذ التدابير العامة والفردية للوقاية من فيروس كورونا بغرض ضمان توحيد وتفعيل الجهود على مستوى كامل التراب الفرنسي وتكييفها بشكل موحد. فلرؤساء البلديات امكانية المساهمة في التطبيق الأفضل لهذه التدابير المتخذة من طرف الدولة من خلال منع المواطنين من اللجوء إلى الأماكن المشكلة للتجمعات. وأن المرسوم الصادر في 23 مارس 2020 من طرف الوزير الأول المتعلق بالتدابير العامة الضرورية لم يتضمن أي نص حول فرض إلزامية ارتداء القناع الواقي في الفضاءات العمومية. فاعتبر مجلس الدولة أن صلاحية رئيس البلدية في اتخاذ تدابير الوقاية تندرج ضمن البوليس الإداري العام وأن الصلاحيات المسندة للسلطات الوطنية الممثلة في الوزير الأول وزير الصحة تعد ضبط خاص، ومنه لا يمكن لصلاحيات رئيس البلدية أن تكون سببا في جعل الجهود الوطنية للدولة عرضة للخطر وعدم الفعالية، خاصة وان موضوع التزود بالأقنعة الواقية لاسيما أقنعة الجراحة وFFP2  هي محل استراتيجية مسطرة من طرف السلطات الصحية وهي موجهة بالأساس إلى عمال الصحة ولم يتم الزام المواطنين بارتداء أي نوع آخر من الاقنعة. وبالتالي فرض ارتداء القناع الواقي على كل المواطنين القادمين إلى بلدية Sceaux غير المقيمين بها يشكل مساسا خطير غير مشروع بحرية الذهاب والإياب والحرية الشخصية، ومنه فشرط الاستعجال متوفر في هذه القضية مما يتعين الاستجابة لطلب رابطة حقوق الانسان برفض طلبات البلدية وتوقيف قرار رئيس البلدية محل النزاع [84].  

إن موقف مجلس الدولة الفرنسي تجاه اشكالية تداخل الصلاحيات بين الوزير الأول وحكومته والبلدية كجماعة ترابية في سلطة ممارسة مهمة الشرطة الإدارية في جائحة كورونا وتحديد أولوية السلطة المركزية على السلطة المحلية، يعكس مدى الدقة المتوفرة في الإطار القانوني المسخر لتسيير الأزمة الصحية وتحديد ادوار مختلف السلطات،  حيث منذ انتشار الوباء في الاراضي الفرنسية  أصدرت الحكومة العديد من النصوص التنظيمية لمواجهة الوباء لكل من الوزير الأول والوزير المكلف بالصحة والتضامن، ثم مع تعقد الوضعية الوبائية في الاوساط الشعبية الفرنسية تم إشراك البرلمان على خط تسيير الأزمة بإقرار مشروع قانون ذات طبيعة استعجالية يتمثل في القانون رقم 2020-290 المؤرخ في 23 مارس 2020 الاستعجالي لمواجهة وباء كوفيد-19 [85]؛  ونتج عن هذا القانون مجموعة من النصوص التنظيمية لها علاقة بتقييد الحقوق والحريات كالمرسوم رقم 2020-293 المؤرخ في 23 مارس 2020 المحدد للتدابير العامة الضرورية لمواجهة وباء كوفيد-19 في إطار حالة الطوارئ الصحية[86]. وفي مجال العمل تم اصدار الامر رقم 2020-386 المؤرخ في 01 أفريل 2020 المتعلق بتكييف شروط ممارسة مهام مصالح طب العمل في إطار حالة الطوارئ الصحية وتعديل أنظمة الطلبات المسبقة لتراخيص النشاط الجزئي[87].

فهذا التوازن في القواعد القانونية المنظمة لكيفيات تسيير وإدارة الأزمة الصحية في فرنسا لا يمكن مقاربته بالإطار المنظم لتدابير الوقاية في الجزائر الذي لا يتعدى المراسيم التنفيذية . بحيث لا نجد دور للبرلمان أو المشرع أي دخل في إيجاد قواعد لمواجهة هذا الوباء سواء من الناحية الصحية والطبية ما عدا نص المادة 42 من القانون 18-11 المتعلق بالصحة التي تشير إلى أن إجراءات الوقاية من الأمراض ذات الانتشار الدولي يخضع لأحكام اللوائح الصحية لمنظمة الصحة العالمية، أما من الناحية المتعلقة بسلطة تقييد الحريات وتحديد مختلف أدوار السلطات لا نجد أي نص تشريعي يقرر ذلك، فهناك غياب للمبادرة باقتراح قانون ينظم الطوارئ الصحية والتدابير الجوهرية الممكن على السلطات الإدارية التقيد بها عند اصدارها للقرار الاداري الضبطي، والأمر ذاته يطرح بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي لم يبين موقفه من السلطات الاستثنائية المقررة في الدستور، كما أن الحكومة الجزائرية  تسارعت لاحتواء الوضع عن طريق المراسيم التنفيذية دون المبادرة بمشروع قانون لإشراك ممثلي الشعب في تسيير الأزمة وتحديد المسؤوليات ودور كل السلطات، رغم توفر الدستور والتشريع على آليات مختلفة لتمكين نواب الشعب من المساهمة لا سيما عن طريق حق المبادرة باقتراح قانون من طرف 50 نائبا أو 30 عضوا في مجلس الأمة.

خاتمة

 بعد دراستنا لهذا الموضوع ومحاولة الاجابة عن الاشكالية المطروحة وتبيان مدى كون الاعتراف بمهمة الشرطة الإدارية للسلطات المركزية للدولة والجماعات الترابية ساهم في الحد من انتشار مرض فيروس كورونا وتقليص آثار الجائحة على المواطنين أم أن تعدد السلطات المكلفة بهذه المهمة أحدث نوع من التداخل في المهام وتنازع فيما بينها بشكل يحد من قوة استراتيجية التصدي للوباء ويزيد من تعقيد الازمة الصحية، نتوصل إلى النتائج التالية:

  • ان مظاهر ممارسة السلطات المكلفة بالشرطة الإدارية تجسدت في عدة تدابير للوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا، مما يبين مدى ارتباط هذه الاجراءات بمنظومة البوليس الإداري.
  • أن الممارسة العملية أثبتت ضرورة تجند مختلف السلطات على عدة مستويات لمكافحة هذا الفيروس مع الايمان بصعوبة التنسيق والانسجام بين هذه السلطات نظرا لوحدوية الهدف من تدخلها في الحد من انتشار الفيروس، والاختلاف في عدم تأييد طريقة اقرار آليات ووسائل التدخل وأدوار مختلف السلطات بضرورة اشراك البرلمان وعدم احتكار السلطة التنفيذية في سن قواعد الوقاية والمكافحة وجبر الضرر والخسائر الناتجة عن ذلك.
  • أن السلطات المركزية لم تكن موفقة في التعامل مع بعض جوانب تسيير الأزمة الصحية باحتكارها لآليات التدخل وعدم اعتماد اللامركزية في القرار من حيث غلق أو الترخيص باستئناف نشاطات اقتصادية، مما ساهم في التخفيف من قوة استراتيجية التصدي للوباء، والاستسلام للتسيير المحلي للأزمة في نهاية المطاف بالتنازل بجملة من الصلاحيات للسادة الولاة.

فيما يخص الاقتراحات المقدمة لهذه الدراسة على ضوء النتائج المتوصل إليها، فإنها تتمثل فيما يلي:

  • يتعين على المشرع أو الحكومة إيجاد إطار تشريعي واضح لكيفية إدارة الأزمات بمختلف أنواعها وإقرار قواعد عامة لطريقة تدخل السلطات الإدارية وحجم التدابير الممكن اتخاذها لمواجهة لهذه الأزمات.
  • ادراج ضمن التعديل الدستوري أحكاما خاصة بالظروف الاستثنائية التي تحكم مثل هذه الأزمات الصحية خارج الوضعيات الأمنية المعروفة في الدستور الحالي، وتحديد طبيعة هذه الظروف ودور مختلف الفاعلين في ذلك، تدعيما لمبدأ المشروعية في القرارات التي ستتخذ بناء عليها وتمكينا لأجهزة الرقابة من سلطة التحقيق والمتابعة.    

قائمة المراجع

أ- النصوص القانونية:

– الدستور الجزائري.

–   القانون 11-10 المؤرخ في 22 يونيو 2011، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 37، الصادرة في 03 يوليو 2011.

– القانون 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 12، الصادرة في 29 فبراير 2012.

– القانون 18-11 المؤرخ في 02 يوليو 2018 المتعلق بالصحة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 46، الصادرة في 29 يوليو 2018.

– المرسوم الرئاسي رقم 13-293 المؤرخ في 04 أوت 2013 المتضمن نشر اللوائح الصحية الدولية (2005) المعتمدة بجنيف بتاريخ 23 مايو 2005، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 43، الصادرة في 28 أوت 2013.

– المرسوم التنفيذي 20-69 المؤرخ في 21 مارس 2020 المتعلق بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد -19 ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 15، الصادرة في 21 مارس 2020. 

– المرسوم التنفيذي 20-70 المؤرخ في 24 مارس 2020 المتضمن تدابير تكميلية للوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد -19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 16، الصادرة في 24 مارس 2020. المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي 20-127 المؤرخ في 20 مايو 2020، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 30، الصادرة في 21 مايو 2020.

–   المرسوم التنفيذي 20-72 المؤرخ في 28 مارس 2020 المتضمن تمديد إجراء الحجر المنزلي إلى بعض الولايات، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 17، الصادرة في 28 مارس 2020.

–   المرسوم التنفيذي 20-86 المؤرخ في 02 أفريل 2020 المتضمن تمديد الأحكام المتعلقة بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد 19)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 19، الصادرة في 02 أفريل 2020.

–   المرسوم التنفيذي 20-92 المؤرخ في 05 أفريل 2020 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 20-72، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 19، الصادرة في 05 أفريل 2020. 

-المرسوم التنفيذي 20-127 المؤرخ في 20 مايو 2020 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 20-70، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 30، الصادرة في 21 مايو 2020.

-القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020 المتعلق بالقواعد المطبقة على نقل ودفن جثامين الأشخاص المتوفين الذين ترتبط وفاتهم بالعدوى بالوباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 31، الصادرة في 30 مايو 2020.

-المرسوم التنفيذي 20- 168 المؤرخ في 29 يونيو 2020 المتضمن تمديد الحجر الجزئي المنزلي وتدعيم تدابير نظام الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 38، الصادرة في 30 يونيو 2020.

-المرسوم التنفيذي 20- 182 المؤرخ في 09 يوليو 2020 المتضمن تعزيز نظام الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 39، الصادرة في 11 يوليو 2020.

ب- المؤلفات:

-لباد ناصر، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الرابعة، دار المجدد للنشر والتوزيع، سطيف، الجزائر، 2010.

-سعاد الشرقاوي، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017.

-خلوفي رشيد، قانون المنازعات الإدارية، تنظيم واختصاص القضاء الإداري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013.  

– عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري ، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2015،

-A. DELAUBADAIRE, traité de droit administratif, TI, 9eme édition, par J.C , Venezia et yves GAUDEMET, L.G.D.J, Paris, 1984. P 629.

-Michel Rousset et Jean Garagnon, Droit Administratif Marocain, Revue Marocain D’administration Locale Et De Développement, Thème Actuels, Edition 2017. 

جـ- المقالات

-بلالي منير، أثر تحسين بيئة العمل الأمنية والصحية على أداء العمال في المؤسسة الاستشفائية، مجلة العلوم التجارية ، العدد 02، المجلد 14، 2015.

– Ribot, Catherine. « Érosion et police administrative », Revue juridique de l’environnement, vol. volume 44, no. 1, 2019

-Tabuteau, Didier. « Les interdictions de santé publique », Les Tribunes de la santé, vol. 17, no. 4, 2007.

د- مواقع الانترنت:

– الموقع الالكتروني لمنظمة الصحة العالمية:

https://www.who.int/ar/health-topics/coronavirus

 (consulté le 19/06/2020(

-موقع الوزارة الأولى:

http://www.premier-ministre.gov.dz/ar/gouvernement/dossiers-de-l-heure/covid19-ar.html    

 (consulté le 20/06/2020(

-الموقع الالكتروني لمنظمة الصحة العالمية:

https://www.who.int/ar/dg/speeches/detail/who-director-general-s-opening-remarks-at-the-media-briefing-on-covid-19—11-march-2020  تاريخ الزيارة 19/06/2020 .

-موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

   http://www.aps.dz/ar/algerie/85484-2020-03-19-18-13-33

-موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020 

  http://www.aps.dz/ar/algerie/85585-2020-03-22-18-35-47

-موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

  http://www.aps.dz/ar/algerie/85617-2020-03-23-18-50-58

-موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

   http://www.aps.dz/ar/algerie/85371-2020-03-17-09-45-49

ه- الاحكام والقرارات القضائية

-Tribunal Administratif  De-Cergy-Pontoise, Ordonnance du 09 avril 2020, N° 2003905, la Ligue des Droits de L’homme, contre la Commune de Sceaux

–   Conseil d’Etat, Ordonnance du 17 avril 2020, N°439762, la Ligue des Droits de L’homme, contre la Commune de Sceaux.


[1]  لباد ناصر، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الرابعة، دار المجدد للنشر والتوزيع، سطيف، الجزائر، 2010. ص 163 .

[2]  حسب الموقع الالكتروني لمنظمة الصحة العالمية:

https://www.who.int/ar/dg/speeches/detail/who-director-general-s-opening-remarks-at-the-media-briefing-on-covid-19—11-march-2020  تاريخ الزيارة 19/06/2020 .

[3]  لباد ناصر، المرجع نفسه، ص 153. 

[4] Ribot, Catherine. « Érosion et police administrative », Revue juridique de l’environnement, vol. volume 44, no. 1, 2019, pp07.  

[5] Tabuteau, Didier. « Les interdictions de santé publique », Les Tribunes de la santé, vol. 17, no. 4, 2007, pp. 05.

[6]  « la vie, le règlement et la loi par excellence qui maintiennent la cité »

سعاد الشرقاوي، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017، ص 101. 

[7]  المرجع نفسه، ص 102.

[8]  أحمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، (ترجمة محمد عرب صاصيلا)، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1979. ص 399. نقلا عن لباد ناصر، المرجع نفسه، ص 154. 

[9]  أحمد محيو، المرجع نفسه، ص 398.

[10]  A. DELAUBADAIRE, traité de droit administratif, TI, 9eme édition, par J.C , Venezia et yves GAUDEMET, L.G.D.J, Paris, 1984. P 629.

Rachid ZOUAIMIA et Marie Christine ROUAULT ont défini aussi la police administrative dans le contexte de A. DELAUBADAIRE, comme ici « la police administrative consiste dans l’ensemble des interventions de l’administrations qui tendent à imposer à la libre action des particuliers la discipline exigée par la vie en société, dans le cadre fixé par le législateur », Droit Administratif, Edition Berti, Alger, 2009, p 197.

[11] Michel Rousset et Jean Garagnon, Droit Administratif Marocain, Revue Marocain D’administration Locale Et De Développement, Thème Actuels, Edition 2017, p 340.

 لباد ناصر، المرجع السابق، ص 154. 

[12]  لباد ناصر، المرجع نفسه، ص 154. 

Michel Rousset et Jean Garagnon, Op Cit, p 340, 341.

[13]  لباد ناصر، المرجع السابق، ص 159. 

[14]  عمار عوابدي، القانون الإداري، الجزء الثاني، النشاط الإداري، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007، ص 28. .

[15]  سعاد الشرقاوي، المرجع السابق، ص 105.

[16]  عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري ، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2015، ص 487.

[17]  القانون 11-10 المؤرخ في 22 يونيو 2011، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 37، الصادرة في 03 يوليو 2011.

[18]  المادة 94، 65 من القانون 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 12، الصادرة في 29 فبراير 2012.

[19]  المادة 35 من القانون 18-011 المؤرخ في 02 يوليو 2018، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 46، الصادرة في 29 يوليو 2018.

[20] Tabuteau, Didier, op cite, p 05.

[21] Op cite, p 05. 

[22]  خلوفي رشيد، قانون المنازعات الإدارية، تنظيم واختصاص القضاء الإداري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013، ص 262، 263.

[23]  المواد 84، 86، 91 من الدستور.

[24]  المواد 99 و143 فقرة 02 من الدستور.

[25]  لباد ناصر، المرجع السابق، ص 169، 170.  

[26]  المرجع نفسه، ص 155، 156.

[27]  المرجع نفسه، ص170-172. 

[28]  المرجع نفسه، ص170. 

[29]  المرجع نفسه، ص173. 

[30]  المادة 66 من الدستور .

[31]  القانون رقم 18-11 المؤرخ في 02 يوليو 2018 المتعلق بالصحة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 46، الصادرة في 29 يوليو 2018.

[32]  المادة 42 من القانون 18-11 المتعلق بالصحة، السالف الذكر.  

[33]  المرسوم الرئاسي رقم 13-293 المؤرخ في 04 أوت 2013 المتضمن نشر اللوائح الصحية الدولية (2005) المعتمدة بجنيف بتاريخ 23 مايو 2005، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 43، الصادرة في 28 أوت 2013.

[34]  لباد ناصر، المرجع نفسه، ص 163. 

[35]  http://www.aps.dz/ar/algerie/85484-2020-03-19-18-13-33

المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

[36]  http://www.aps.dz/ar/algerie/85585-2020-03-22-18-35-47

المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

[37] http://www.aps.dz/ar/algerie/85617-2020-03-23-18-50-58

المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

[38]  http://www.aps.dz/ar/algerie/85371-2020-03-17-09-45-49

 المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية تاريخ الزيارة 27/04/2020

[39]  المرسوم التنفيذي 20-69 المؤرخ في 21 مارس 2020 المتعلق بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد -19 ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 15، الصادرة في 21 مارس 2020.  

[40]  المرسوم التنفيذي 20-70 المؤرخ في 24 مارس 2020 المتضمن تدابير تكميلية للوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد -19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 16، الصادرة في 24 مارس 2020. المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي 20-127 المؤرخ في 20 مايو 2020، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 30، الصادرة في 21 مايو 2020.

[41]   المادة 05  من  المرسوم التنفيذي رقم 20-70، السالف الذكر.

[42]  المادة 12  من  المرسوم التنفيذي رقم20-70، السالف الذكر.

[43]  المادة 12  من  المرسوم التنفيذي رقم20-70، السالف الذكر.

[44]  المادة 03  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[45]  المادة 04  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[46]  المادة 06  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[47]  المادة 07  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[48]  المادة 08  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[49]  المادة 09  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[50]  المادة 02، 04  من  المرسوم التنفيذي رقم20-69، السالف الذكر.

[51]  المادة 03  من  المرسوم التنفيذي رقم20-70، السالف الذكر.

[52]  المرسوم التنفيذي 20-72 المؤرخ في 28 مارس 2020 المتضمن تمديد إجراء الحجر المنزلي إلى بعض الولايات، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 17، الصادرة في 28 مارس 2020.

[53]  المرسوم التنفيذي 20-86 المؤرخ في 02 أفريل 2020 المتضمن تمديد الأحكام المتعلقة بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد 19)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 19، الصادرة في 02 أفريل 2020.

[54]  المرسوم التنفيذي 20-92 المؤرخ في 05 أفريل 2020 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 20-72، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 19، الصادرة في 05 أفريل 2020.  

[55] المادة 05، 10 من المرسوم التنفيذي 20-70 السالف الذكر.  

[56]  المادة 13 من المرسوم التنفيذي 20-70 السالف الذكر.

[57]  المادة 13 مكرر ومكرر 1 ومكرر 2 من المرسوم التنفيذي 20-127 المؤرخ في 20 مايو 2020 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 20-70، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 30، الصادرة في 21 مايو 2020.  

[58]  القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020 المتعلق بالقواعد المطبقة على نقل ودفن جثامين الأشخاص المتوفين الذين ترتبط وفاتهم بالعدوى بالوباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 31، الصادرة في 30 مايو 2020.

[59]  المادة 05 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020،  السالف الذكر.

[60]  المادة 06، 09، 10، 12، 13 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020،  السالف الذكر.

[61]  المادة 16، 20، 21، 22 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020،  السالف الذكر.

[62]  ناصر لباد، المرجع السابق، ص 126.

[63]  عمار بوضياف، شرح قانون الولاية، الطبعة الأولى، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2012، ص 238.

[64]  العلوي لالة الزهراء، رئيس المجلس الشعبي البلدي، مذكرة ماجستير، تخصص الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 01، فرع تمنراست، الموسم الجامعي 2015/2016، ص 57.

[65]  المواد 108، 112، 114 من القانون 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012 المتعلق بالولاية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 12، الصادرة في 29 فبراير 2012.   

[66]  المواد 117، 119 من القانون 12-07 المتعلق بالولاية، السالف الذكر.  

[67]  المواد 115 و116، 118 من القانون 12-07 المتعلق بالولاية، السالف الذكر.    

[68]  المادة 10 من المرسوم التنفيذي 20-69 السالف الذكر.

[69]  المادة07، 10، 21، 28 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 06 مايو 2020،  السالف الذكر.

[70]  المادة 05، 06 من المرسوم التنفيذي 20-69 السالف الذكر.

[71]  المادة 03، 04 من المرسوم التنفيذي 20- 168 المؤرخ في 29 يونيو 2020 المتضمن تمديد الحجر الجزئي المنزلي وتدعيم تدابير نظام الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 38، الصادرة في 30 يونيو 2020.

[72]  المادة 07، 08 من المرسوم التنفيذي 20- 182 المؤرخ في 09 يوليو 2020 المتضمن تعزيز نظام الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 39، الصادرة في 11 يوليو 2020.

[73]  المادة 18 من المرسوم التنفيذي 20-70 السالف الذكر.

[74]  المادة 06 من المرسوم التنفيذي 20- 182 السالف الذكر

[75] Rachid ZOUAIMIA et Marie Christine ROUAULT , Op Cit, p 208.

[76]   سعاد الشرقاوي، المرجع السابق، ص 120.

[77] Rachid ZOUAIMIA et Marie Christine ROUAULT , Ibid, p 208.

[78]  المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية،  http://www.aps.dz/ar/algerie/85948-2020-04-04-14-45-22

 تاريخ الزيارة 30/05/2020  

[79]  نقصد بقاعدة توازي الأشكال: أن يتم احترام نوع النص الذي تم بموجبه اقرار قاعدة قانونية عند القيام بتعديلها أو الغاءها، بمعنى إذا تم اقرار قاعدة بموجب قانون فلا يمكن تعديلها او الغاءها الا بقانون، واذا كانت بمرسوم تنفيذي لا يمكن تعديلها والغاءها الا بموجب مرسوم تنفيذي، … ونفس الشيء بالنسبة للمرسوم الرئاسي .. والامر … والقرار..

[80]  المصدر موقع وكالة الأنباء الجزائرية، http://www.aps.dz/ar/economie/86536-2020-04-25-19-43-45 

تاريخ الزيارة 30/05/2020

[81]  تعتبر الدائرة هيكل من هياكل الولاية وليست جماعة ترابية مستقلة بذاتها كما هو الشأن بالنسبة للبلدية. بمعنى ليس للدائرة في التنظيم الإداري الجزائري وجودا مستقلا وذاتيا فليس لها شخصية اعتبارية. راجع في ذلك عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة 03، جسور للنشر، الجزائر 2015، ص 310. 

[82]  المادة 03، 04، 05 من المرسوم التنفيذي 20- 168، السالف الذكر.

أنظر موقع الوزارة الأولى: http://www.premier-ministre.gov.dz/ar/gouvernement/dossiers-de-l-heure/covid19-ar.html تاريخ الزيارة: 03/09/2020 .

[83] Tribunal Administratif  De-Cergy-Pontoise, Ordonnance du 09 avril 2020, N° 2003905, la Ligue des Droits de L’homme, contre la Commune de Sceaux

[84]  Conseil d’Etat, Ordonnance du 17 avril 2020, N°439762, la Ligue des Droits de L’homme, contre la Commune de Sceaux.

[85] LOI n° 2020-290 du 23 mars 2020 d’urgence pour faire face à l’épidémie de covid-19 (1), JORF n°0072 du 24 mars 2020.

[86] Décret n° 2020-293 du 23 mars 2020 prescrivant les mesures générales nécessaires pour faire face à l’épidémie de covid-19 dans le cadre de l’état d’urgence sanitaire, JORF n° 0072 du 24 mars 2020.

[87] Ordonnance n° 2020-386 du 1er avril 2020 adaptant les conditions d’exercice des missions des services de santé au travail à l’urgence sanitaire et modifiant le régime des demandes préalables d’autorisation d’activité partielle, JORF n° 0080 du 2 avril 2020.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *