Site icon مجلة المنارة

ديوان المحاسبة والرقابة على المال العام

ديوان المحاسبة والرقابة على المال العام

علي جبر الحيي النعيمي

طالب مسجل بسلك الدكتوراه

 بجامعة محمد الخامس،

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي

مقدمة:

  تسعى الدولة دائما إلى تحقيق الصالح العام عكس الفرد الذي يبحث في إطار أنشطته المالية عن تحقيق مصلحته الخاصة عن طريق الربح، فالدولة جهاز هدفه الأساسي تلبية الحاجات اليومية للمجموعة الوطنية[1].

وبالتالي، تحتاج الدولة من أجل ممارسة وظائفها إلى أموال تتعدد مصادرها. وتتنوع منابعها وبما أن هذه الأموال توجه لتنفيذ السياسات العمومية في مختلف المجالات. لذلك فالاستخدام الأمثل للأموال العمومية ومراقبة حسن التنفيذ يعتبران من الأسس الداعمة لكيان الدولة وشخصيتها.

 من تم كانت الحاجة ملحة في المغرب وقطر، كسائر بلدان العالم، لإيجاد آليات الرقابة العليا على المال العام التي بواسطتها يتم ضبط مراقبة التوجهات المرسومة من طرف ممثلي الشعب بمقتضى قوانين المالية ومالية الجماعات المحلية والرامية إلى تحصيل الموارد وصرف النفقات في الأوجه المحددة بمقتضى القانون من أجل سد حاجيات المواطنين عبر المرافق العامة سواء على المستوى الوطني أو المحلي[2].

الرقابة لغة هي المحافظة والانتظار والاطلاع على الأحوال[3]، ومفهوم الرقابة يقترن بالمحافظة والانتظار والحراسة، فالرقيب يعني الحافظ والمنتظر والحارس[4]. وفي الآية الكريمة قوله تعالى: ﴿ إن الله كان عليكم رقيبا﴾[5]. فالمعنى اللغوي للرقابة هنا يفيد المحافظة  والانتظار والحراسة.

الرقابة هي مجموع الإجراءات التي توضع للتأكد من مطابقة التنفيذ الفعلي للخطط الموضوعة، ودراسة أسباب الانحراف في التنفيذ حتى يمكن علاج نواحي الضعف ومنع تكرار الخطأ. ويمكن استخلاص أركان المراقبة من هذا التعريف:[6]

كشف الانحراف في التنفيذ عن الهدف الموضوع؛ دراسة أسباب الانحراف؛ علاج نواحي الضعف والخطأ ومنع تكراره.

ولمعالجة هذا الموضوع نقترح الإشكالية التالية:

كيف يمارس ديوان المحاسبة اختصاصاته من أجل الرقابة على المال العام؟

وللإجابة عن هذه الإشكالية نقترح التصميم التالي:

المحور الأول: سياق تأسيس ديوان المحاسبة

المحور الثاني: المهام والاختصاصات

المحور الأول: سياق تأسيس ديوان المحاسبة

لقد بدأت الرقابة المالية الحكومية في دولة قطر بشكل فعلي في بداية الخمسينات من القرن الماضي قبل تأسيس ديوان المحاسبة حيث كان التدقيق على الحسابات الحكومية يتم من خلال شركات التدقيق العالمية العاملة في الدولة. وتأسس ديوان المحاسبة عام 1973م بموجب القانون رقم (5) لسنة 1973.

وفي العام 1995 صدر القانون رقم (4) بشأن ديوان المحاسبة والذي عالج بعض الثغرات التي كان يعاني منها القانون السابق حيث أتبع ديوان المحاسبة بالأمير مباشرة ومنحه الاستقلال المالي والإداري عن الدولة الأمر الذي يعتبر طفرة كبيرة في تاريخ الديوان وساهم في تطوير عمله وتعزيز مكانته.

كما أصدر مؤخرا  حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد القانون رقم «11» لسنة 2016 بشأن ديوان المحاسبة.ويمارس الديوان عمله بناءً على هذا القانون.  ويهدف الديوان إلى تحقيق الرقابة على أموال الدولة، وعلى أموال الجهات الأخرى الخاضعة لرقابته[7].

إن تعزيز قيم النزاهة ونظم الشفافية والمساءلة في حماية المال، يرتبط بوجود أجهزة رقابية داخلية وخارجية، حيث أن هذه الأخيرة تنطوي على وجود أجهزة مستقلة عن السلطة التنفيذية ، تتولى الرقابة على الموازنة العامة .

الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة: في مرحلة التحضير والإعداد للموازنة العامة تكون هناك توقعات أو تقديرات وكذلك الحال في مرحلة اعتماد الموازنة من قبل السلطة التشريعية . أما عملية الرقابة فإنها تأتي للتأكد من تنفيذ ما تم اعتماده من السلطة التشريعية، هذا أولاً؛ وثانياً للتأكد من عدم وجود إسراف أو تبذير في الأموال العامة ويمكن وضع أكثر من تقسيم للرقابة وذلك باختلاف المعايير المحددة لذلك.[8]

وتأخذ الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة لدولة قطر أشكالا متعددة تختلف باختلاف الجهات التي تقوم فيها، وبالوقت الذي تتم فيه، وبطبيعة هذه الرقابة. من حيث الجهات القائمة عليها، نجد الرقابة الداخلية (تقوم بها الوحدات الإدارية) والرقابة الخارجية يتولاها  مجلس الشورى بالنسبة لموازنة المشروعات الرئيسية العامة، ورقابة ديوان المحاسبة كهيئة مستقلة تتبع للأمير مباشرة، الذي خوله القانون تحقيق الرقابة على أموال الدولة، والتحقق من سلامة ومشروعية إدارة هذا الأموال والمحافظة عليها من سوء التدبير.

الموازنة العامة هي الخطة المالية السنوية للدولة ويتحدد بموجبها تقديرات الإيرادات المتوقع تحصيلها والنفقات المتوقع صرفها خلال سنة مالية. وهي بالنسبة للدولة وسيلة لتحقيق أهدافها في شتى المجالات، وأداة أساسية لممارسة الرقابة على ايراداتها ونفقاتها.[9] والميزانية العامة نفقات ومداخيل الدولة السنوية غير المرصودة ألمور خصوصية والتي لها شكل ميزانية ملحقة أو حساب خصوصي للخزينة.

الميزانية العامة هي واحدة من أهم المعلومات التي ينبغي أن تكون متاحة أمام المواطنين لأنها تنطوي على معلومات عن ثروتهم العامة.

تقع مسؤولية الرقابة على تنفيذ الموازنة بشكل أساسي على عاتق السلطة التشريعية التي تتأكد بدورها من أن السلطة التنفيذية تتقيد بأسس الجباية والإنفاق بالاعتماد على تقارير دورية تقدمها لها إدارات متخصصة في الرقابة المالية. كما ويتضمن مشروع قانون الموازنة، الذي يُقدم إلى مجلس الأمة في كل عام، النفقات الفعلية وإعادة تقدير النفقات للسنتين السابقتين وبهذا يستطيع أعضاء المجلس مراقبة وتقييم ما نُفذ من المشاريع التي كانت مرصودة ضمن قوانين الموازنة للسنوات السابقة.[10]

فمن أجل تعزيز مبدأ فصل السلط الذي أوجبته جميع الدساتير، تكاد تجمع جميع الدول ومنها دولة قطر على ضرورة فرض هذا الأسلوب لحماية المال العام، وإن اختلفت في الطريقة المتبناة في هذا المجال، فبعض الدول كقطر اقتصرت على هيئة واحدة للرقابة تدعى ديوان المحاسبة، وهي التي تتولى التدقيق في حسابات المحتسبين وإصدار قرارات قضائية بشأنها.[11]

ويتعين على قضاة المجلس أن يحافظوا في جميع الظروف على صفات الوقار والنزاهة والكرامة التي تقتضيها مهامهم،  ويمنع عليهم القيام بجميع الأعمال أو اتخاذ جميع المواقف التي من شأنها أن توقف أو تعرقل سير المجلس، ولا يجوز لهم تأسيس نقابات مهنية أو الانتماء إليها وكل نشاط أو موقف سياسي، ويمنع عليهم ممارسة مهن ذات ربح باستثناء التأليف الأدبي أو الفني أو العلمي وأيضا التعليم بعد ترخيص من الرئيس.

يتبع ديوان المحاسبة المنظم بموجب  قانون رقم (11) لسنة 2016 بشأن ديوان المحاسبة[12]،  لرئيس مجلس الوزراء ويعين الرئيس ديوان المحاسبة بموجب مرسوم يتخذ من مجلس الوزراء وكذلك بقية الموظفين ويتكون ديوان المحاسبة من رئيس الديوان ومن القضاة والمدعى العام ورؤساء الغرف والمستشارين ومعاوني المدعي العام[13].

يتضمن الهيكل التنظيمي لديوان المحاسبة الوحدات الإدارية الرقابية وغير الرقابية بالديوان، وتعيين اختصاصاتها . ويجوز بقرار أميري، بناءً على اقتراح الرئيس، تعديل تنظيم الوحدات الإدارية التي يتألف منها الديوان بالإضافة أو الحذف أو الدمج، وتعيين اختصاصاتها وتعديلها.

المحور الثاني: المهام والاختصاصات

يعتبر ديوان المحاسبة جهاز رقابي مستقل ، له شخصية معنوية ، يتبع الأمير مباشرة ، وله موازنة  تلحق بموازنة الديوان الأميري.  ويهدف الديوان إلى تحقيق الرقابة على أموال الدولة، وعلى أموال الجهات الأخرى الخاضعة لرقابته.

وبخصوص الجهات الخاضعة لرقابة الديوان حسب المادة 4 من قانون ديوان المحاسبة:

على هذه الجهات حسب المواد 10 و 9 من نفس القانون يجب على الجهة الخاضعة لرقابة الديوان عرض مستندات مشروع المناقصة أو المزايدة على الديون قبل الطرح، أو مشروع العقد أو الاتفاق قبل الإبرام، للحصول على موافقة الديوان على الطرح أو الإبرام.[14]

وعلى جميع الجهات الأخرى الخاضعة لرقابة الديوان موافاته بنسخة من الموازنة التقديرية فور اعتمادها، وبنسخة من القوائم المالية الختامية خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من انتهاء السنة المالية لكل منها.

من خلال جهاز المحاسبة والذي يقوم بمسؤوليات هامة في مجال مراقبة التقديم الفعلي للحسابات، واحترام القواعد العالمية المتعلقة بالحفاظ على الأموال العمومية وضمان حسن تسييرها، فهو كأعلى جهاز للرقابة البعدية على الأموال العمومية، يعد برامجها الرقابية السنوية بكل حرية، ويتمتع بسلطة التحري والجزاء والحق في الاتصال ولا يتدخل في تسيير الجهات الخاضعة لرقابته، حيث يعد الهيئة العليا للرقابة،  كما يعتبر النواة الأساسية في نظام الرقابة للدولة.[15]

يساهم ديوان المحاسبة في تعزيز الوقاية وحماية المال العمومي ضد جميع أشكال الغش والممارسات التي تشكل تقصيرا في واجب مالك سلطة في تدبير المال العمومي.

إن أهم ما يميز التوجه الإنكلوسكسوني للرقابة على المال العام عن نظيره الفرانكفوني هو اعتماد هيئات الرقابة المالية على التقويم بواسطة التدقيق بمعنى أن المراقب يتحول إلى طبيب يشخص ويلامس ويعطي العلاج، ولا يعاقب، فهذا النظام لا يتعرض للأشخاص وإنما يتعرض للمشاكل، ولا يهمه إسقاط الرؤوس وإنما معالجة الخلل وسوء التدبير.[16]

يهدف بوجه خاص إلى:

وتشكل الرقابة على الحسابات إحدى المهام الأساسية لديوان المحاسبة والذي أنيط به مهمة السهر على الأموال العمومية والأموال المودعة في الخزينة ومراقبة استعمال هذه الأموال والفصل في صحة وقانونية معاملاتها وحساباتها ومحاكمة المسؤولين عن مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بها.[17]

وتنص المواد 19 و 20 من ديوان المحاسبة …أن الديوان له سلطات واسعة في الاطلاع على من الوثائق المملوكة للجهات الخاضعة لرقابته.

ممارسة الرقابة الإدارية المسبقة والغاية منها التأكد من صحتها ومطابقتها للموازنة وأحكام القوانين والأنظمة كما يختص بالرقابة الإدارية اللاحقة والهدف منها تقدير المعاملات المالية ونتائجها العامة من حيث عقدها إلى حين الانتهاء من تنفيذها[18].

فالرقابة على الحسابات تتم من خلال التدقيق في حسابات محتسبي النقود المركزيين والمحليين وحسابات كل من تدخل في قبض الأموال العمومية أو الأموال المودعة في الخزينة ،ويتم البث في الحسابات في غرفة المذاكرة بالاستناد إلى الأوراق المقدمة ويصدر  الديوان في النهاية – بوصفه محكمة- قرارات قضائية تتخذ بالإجماع أو بأكثرية الأصوات.

دور القضاء الاستعجالي في حماية المركز القانوني للمدين بالدين العمومي

عدنان أمهيمار

طالب باحث بسك الدكتوراه، بكلية الحقوق سلا

لا غرو أن القضاء قديما كان يمتاز بالفعالية والسرعة والعجلة في إصدار الأحكام وتنفيذها والمرونة في الإجراءات المسطرية، غير أن هذه السمات بدأت تتضاءل في اتجاه معاكس للحضارة المعاصرة وان وجه المفارقة يتمثل في أننا اليوم وفي عصر السرعة التي شملت مختلف ميادين الحياة ، أصبح القضاء يتسم بالبطء وتنوع الإجراءات، فبقدر ما تزداد الحضارة الإنسانية تطورا تتباطأ خطى القضاء الذي أضحى لا يقوى على مسايرة هذا التطور والسرعة بنفس الوتيرة .

وقد تمت معالجة هذا الإشكال عبر قيام رجال القانون بالبحث عن سبل كفيلة لاستنباط طرق إجرائية تهدف إلى تحقيق الانسجام بين سير القضاء وسير المعاملات، وفي هذا الإطار ظهرت الحاجة إلى خلق قضاء من نوع أخر اسمه “القضاء المستعجل”، وهي آلية فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية لحماية الحقوق من خلال صد كل محاولة يائسة لعرقلة حق أو إهداره عن طريق الأمر بكيفية ناجعة باتخاذ الإجراء الوقتي والتحفظي المناسب، ريثما يتم البت في جوهر النزاع المتعلق به وذلك من خلال إسناد هذه المهمة إلى رئيس المؤسسة القضائية بحكم تجربته وقدرته على تلمس حالة الاستعجال دون المساس بالجوهر[19].

ولما كان القابض في إطار مسطرة التحصيل الجبري للديون العمومية يتوفر على امتياز التنفيذ المباشر على أموال المدين، وذلك بواسطة مسطرة قانونية منصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية، والمتمثلة أساسا في الإنذار القانوني[20]، الحجز[21]، البيع[22]، الإكراه البدني[23]، وأخيرا مسطرة الإشعار للغير الحائز[24] فإن من حق المدين بالموازاة مع ذلك اللجوء إلى قاضي المستعجلات بالمحاكم الإدارية من أجل حماية أمواله ونفسه من هذه المساطر وفق مجموعة من الوسائل الحمائية التي يوفرها له هذا الأخير.

وعلى هذا الأساس يلعب قاضي المستعجلات الإداري دورا مهما في حماية المدين في إطار مسطرة تحصيل الديون العمومية، وفق مجموعة من الدعاوى تختلف باختلاف الهدف المتوخى منها. هذا ويختص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات أو من ينيبه لهذا الغرض للنظر في الدعاوى الاستعجالية المرتبطة بتحصيل الديون العمومية تماشيا والفصل 19 من قانون إحداث المحاكم الإدارية[25].

على هدي هذه التوطئة، سنحاول فيما يلي الوقوف على مختلف أوجه الحماية القضائية للمدين بالدين العمومي وذلك من خلال إبراز دور دعوى الإيقاف في الحماية الوقتية للمدين باعتبارها من أهم الدعاوى الرائجة أمام القضاء الإستعجالي، واستنباط أهم القواعد التي قررها العمل القضائي لفائدة المدين في هذا المجال (المبحث الأول)، على أن نقف بعد ذلك على بعض الدعاوى الاستعجالية الأخرى التي تكرس بشكل أو بآخر حماية للمدين في مواجهة الإدارة الجبائية (المبحث الثاني)

المبحث الأول: دور دعوى الإيقاف في الحماية الوقتية للمدين

إن الهدف من وجود دعوى إيقاف إجراءات تحصيل الديون العمومية أمام قاضي المستعجلات، هو منع إلحاق أضرار بليغة للملزم، يكون معها من الصعب تداركها مستقبلا إذا ما تم الانتظار إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع.

فالطلبات الرامية إلى إيقاف الدين العمومي طلبات وقتية يكتنفها الطابع الاستعجالي ولا تحتمل أي تأخير، ومن هذا المنطلق فالقضاء الاستعجالي يشكل صورة من صور الحماية القضائية التي تتم بإجراءات بسيطة تختصر فيها المواعيد ليحقق هذا القضاء الحماية السريعة للمراكز القانونية للأطراف.

ويتوقف تدخل القضاء الاستعجالي في دعوى إيقاف تحصيل الديون العمومية على توفر مجموعة من الشروط العامة (الفرع الأول) كما استطاع القضاء الاستعجالي أن يؤسس لمجموعة من الضمانات لفائدة المدين (الفرع الثاني).

المطلب الأول: القواعد العامة كمناط لتدخل قاضي المستعجلات

منح قانون إحداث المحاكم الإدارية في مادته 19، اختصاصات واسعة لرؤساء المحاكم الإدارية قصد البت في الطلبات الوقتية والتحفظية شريطة أن تكون محكمتهم هي المختصة بأصل النزاع.

وعليه فالأمر يتطلب توفر مجموعة من الأسس الموضوعية لقبول الدعوى، وتتجلى هذه الشروط في توفر عنصر الاستعجال (الفقرة الأولى)، ثم عدم المساس بالجوهر (الفقرة الثانية)، وأخيرا عنصر الجدية (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: إيقاف إجراءات التحصيل: طلب استعجالي بطبيعته

يعتبر شرط الاستعجال من الشروط الأساسية لقبول طلب الملزم المتعلق بوقف تنفيذ إجراءات التحصيل الجبري أمام القضاء الاستعجالي، وإذا كان المشرع المغربي لم يعط أي تعريف لعنصر الاستعجال ولم يضع له معيارا كافيا، من منطلق ان الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية جاء على صيغة العمومية، وذلك بالتنصيص على أن اختصاص القاضي الاستعجالي للنظر في الدعوى الاستعجالية رهين بتوفر عنصر الاستعجال، فقد لعب الفقه والقضاء دورا في وضع تعريف للاستعجال.

وقد عرف هذا الأخير بأنه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه باتخاذ إجراءات سريعة لا تحتمل الانتظار ولا يمكن أن تتحقق عن طريق القضاء العادي ولو بتقصير الميعاد، وترتيبا على ذلك فإن الاستعجال يتوافر في كل حالة يراد منها درء ضرر مؤكد قد يتعذر تداركه أو إصلاحه إذا حدث كإثبات حالة مادية يخشى زوال معالمها مع مرور الوقت أو المحافظة على أموال متنازع عليها يخشى أن تستهدف إذا استمرت في يد الحائز الفعلي لها[26].

وعليه فإن مسألة تقدير توافر ركن الاستعجال هي مسألة موكولة يستقل بتقريرها قاضي الأمور المستعجلة دون رقابة محكمة النقض حاليا، بشرط أن يؤسس حكمه على أسباب سائغة تحمله، وليس للأطراف في الدعوى أن يتفقوا على قيام حالة الاستعجال، ولا اللجوء إلى قاضي المستعجلات من أجل استصدار حكم في الموضوع بسرعة.

وبالتالي يمكن القول أن شرط الاستعجال يعد شرطا أساسيا في الدعوى الاستعجالية، ويتعين أن يتوفر ويستمر من وقت رفع الدعوى حتى صدور الحكم، ومتى تبين عدم توفر هذا الشرط وجب على قاضي المستعجلات أن يقضي بعدم اختصاصه نوعيا بنظر الدعوى.

وإذا كان القضاء الإداري المغربي يقدر حالة الاستعجال حسب الأحوال خاصة إذا ما ادعى الملزم أن حقوقه ومصالحه ستتضرر، فإن الأمر على خلاف ذلك في ميدان التحصيل، وفي هذا الصدد ذهبت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض إلى افتراض عنصر الاستعجال في الطلبات الرامية إلى إيقاف إجراءات التحصيل الجبري التي تعد في طبيعتها استعجالية، فقد جاء في إحدى مقرراتها ” … لكن حيث أن طلب إيقاف إجراءات التحصيل، يعتبر طلبا استعجاليا بطبيعته ولا شيء في القانون ينفي عنه هذه الصفة مادام أن الأمر بالتحصيل يهدد الذمة المالية للملزم … الأمر الذي يجعل الطلب يتوفر على شرطي الاستعجال والجدية، ويكون ما أثير بدون أساس والأمر المستأنف واجب التأييد”[27].

نفس التوجه سارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في أمرها الصادر بتاريخ 20/02/2012[28]:“… وإن عنصر الاستعجال متوافر في النازلة لكون القابض سلك في مواجهتها مسطرة التحصيل الجبري عن طريق توجيه إشعار للغير الحائز مما قد يتسبب في حدوث أضرار يصعب تداركها مستقبلا عند صدور حكم يقضي بإلغاء الضرائب المطالب بها”.

وإذا كانت مباشرة إجراءات التحصيل مجسدة في صدور السند التنفيذي تفيد بالضرورة توافر عنصر الاستعجال الذي يعتبر من الشروط الأساسية لانعقاد اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري، فإن عدم صدور هذا السند يجعل الدعوى حليفها عدم القبول، وفي هذا الصدد أصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في أمر لها بتاريخ 09/03/2010[29]” وحيث إنه لا يوجد بالملف ما يفيد مواجهة المدعية بإجراءات التحصيل الجبري مما يكون معه عنصر الاستعجال غير ثابت ويتعين من أجل ذلك التصريح بعدم قبول الدعوى”.

الفقرة الثانية: عدم المساس بالجوهر

من المعلوم أن القضاء الاستعجالي عبارة عن نظام إسعاف قانوني مكمل للقضاء العادي إن صح التعبير، ولا ينبغي أن يحل محله بتناول البت في النزاعات التي يرجع الاختصاص بالبت فيها إلى قضاء الموضوع على أن شرط عدم المساس بأصل الحق من أهم الشروط التي ينبغي توافرها لانعقاد اختصاص قاضي المستعجلات.

وفي غياب تعريف قانوني لهذا المفهوم فقد بادر بعض الفقه إلى تقديم تعريف محدد، وقد عرف شرط عدم المساس بأصل الحق[30]بأنه “ألا ينظر قاضي الأمور المستعجلة في موضوع الدعوى ولا في أصل الحق، على أن هذا لا يمنع من أن يتفحص موضوع الدعوى بشكل عرضي بالقدر الذي يكفي لتكوين قناعته”.

وإن كنا نشاطر اتجاهات الفقهاء في كون اختصاص قاضي المستعجلات لا يسمح لهذا الأخير بالمساس فيما يمكن أن يتعلق بجوهر النزاع الموضوعي، فإن عدم المساس بالموضوع لا يتنافى مع فحص أصل الحق وجوهره بشكل عرضي حتى يتوصل إلى حقيقة قيام خطر عاجل محدق بالحق المراد المحافظة عليه وبالتالي حقيقة وجود نزاع جدي[31].

وقد سايرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط[32] هذا المنحى بمناسبة استئناف الأمر بإيقاف إجراءات التحصيل الجبري وقضت بما يلي “إن طلب إيقاف إجراءات التحصيل الجبري هو طلب استعجالي بطبيعته يهدف إلى وقف المتابعات التي تهدد المركز المالي للطالب المدين في انتظار البت في دعوى الموضوع المتعلقة بالطعن إما في الوعاء الضريبي أو في إجراءات التحصيل، مما يجعله إجراء وقتيا لا مساس له بالجوهر ولو بني على أسباب موضوعية تبرر تقديمه، لأن قاضي المستعجلات في هذه الحالة لا يناقش تلك الأسباب، وإنما يتلمس فقط ظاهر المستندات المدلى بها للوقف على مدى جدية المنازعة ذات العلاقة بالحق المراد حمايته”.

وعليه فإن قاضي الأمور المستعجلات، وإن كان له اختصاص الفحص السطحي لأوراق الملف، فإن ذلك مشروط بعدم غوصه وتعمقه حفاظا على الحق في جوهره، كما لا يمكن له أن يصدر حكما قد يقضي بتحديد مراكز أطراف الدعوى.

الفقرة الثالثة: الجدية

إذا كان المشرع المغربي قد حدد شروط انعقاد اختصاص القضاء الاستعجالي في عنصرين، يتجلى العنصر الأول في الاستعجال، ويتمثل العنصر الثاني في عدم المساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر، وذلك استناد إلى ما جاء في المادتين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية، فإن الاجتهاد القضائي أضاف شرطا ثالثا ويتعلق الأمر بشرط الجدية.

هكذا ولقبول الدعوى الاستعجالية المتعلقة بدعوى الإيقاف، فإنه لابد من جدية المنازعة، ولعل ما يتميز به هذا الشرط من شروط الاستعجال هو أنه يأخذ وضعه في دائرة المشروعية[33].

وقد جاء في تعريف الغرفة الإدارية بمحكمة النقض حول المنازعة الجدية كونها: “منازعة الملزم في صفته كخاضع الضريبة أو قانونية تأسيس وفرض تلك الضريبة أو الرسم”. وقد جاء في قرار الغرفة الإدارية وهي ترد على الوسيلة المتعلقة بجدية النزاع المستمدة من إجراء خبرة في موضوع النزاع، “لكن حيث إن الاجتهاد القضائي الذي كرسته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد استقر على أن جدية المنازعة تتجلى إما في منازعة الملزم في وضعيته كخاضع للضريبة أو قانونية تأسيس وفرض تلك الضريبة وأنه بالرجوع إلى ظاهر أوراق الملف يتبين أن المستأنفة تستكثر تقديرات الإدارة الجبائية المطالب بها ولا تنازع بصورة جدية في صفتها كملزمة بالضريبة أو في مسطرة فرضها وكان ما أثير بدون أساس”[34].

وعليه فمتى تبين لقاضي المستعجلات وجود منازعات جدية بالمفهوم المذكور، فإن مسألة إيقاف تنفيذ إجراءات التحصيل الجبرية تصبح محسومة ، غير انه لا يعني ذلك أنه يتم الحسم بصفة نهائية في مشروعية الدين العمومي بقدر مايتم إعمال آليات القضاء المستعجل من خلال التفحص الظاهر للوثائق واستنتاج الجدية من مواقف الإدارة بشأن الادعاء[35].

لقد استطاع العمل القضائي أن يكرس مجموعة من القواعد في تحديد مفهوم المنازعة الجدية المثارة بسبب طلبات التنفيذ، كأن تكون المنازعة متعلقة بعدم قانونية فرض الضريبة أو توقف الملزم عن مزاولة النشاط الخاضع للتضريب، أو توفر المعني على شروط الإعفاء الكلي أو الجزئي من الضريبية، أو بطلان مسطرة الفرض الضريبي ، أو إحالة إثارة مسطرة التقادم الضريبي ، أو صدور حكم ابتدائي قضى بإلغاء الضريبة ، لم يصبح نهائيا بسبب استئنافه من طرف إدارة الضرائب أو في الحالة التي تتم فيها مطالبة الملزم بأداء ضرائب لازال النزاع فيها معروضا على اللجان الضريبية … ، ليكون المقصود بجدية النزاع هو وجود احتمال كبير لإلغاء الدين موضوع المنازعة أو جزء منه موضوع المطالبة بوقف التنفيذ، وذلك من خلال تصفح واضطلاع القاضي الاستعجالي على الوسائل المقدمة المفيدة لوجود منازعة جدية[36].

المطلب الثاني: توجه القضاء الاستعجالي نحو التخفيف من شروط الإيقاف

عرف القضاء الاستعجالي في ميدان إيقاف تحصيل الديون العمومية تطورا كبيرا، أدى إلى التوسع في مجالات تدخله في هذا المجال، ومن تجليات هذا التوسع الذي هدفه حماية المدين قبول دعوى الإيقاف في غياب دعوى في الموضوع (الفقرة الأولى)، التنازل عن شرط الضمانة متى كانت المنازعة المعروضة جدية (الفقرة الثانية)، كما أنه يطرح التساؤل حول مدى إلزامية المطالبة الإدارية في هذا النوع من الدعاوى الاستعجالية (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: قبول طلبات الإيقاف في غياب دعوى الموضوع

إذا كانت دعوى الموضوع في منازعات التحصيل الجبري هي الأصل لما للقضاء الإداري من سلطات واسعة في إطار القضاء الشامل في فحص الدعوى وتحقيقها، وكذا إرجاع الأوضاع إلى ما كانت عليه متى بدا له اختلال مبدأ المشروعية في تصرف الإدارة المكلفة بالتحصيل، فإن وجود دعوى الموضوع شكلت شرطا أساسيا لقبول الدعوى الاستعجالية خلال مرحلة معينة من عمل المحاكم الإدارية، حيث ما فتئ قاضي المستعجلات يرفض طلب إيقاف إجراءات الاستخلاص الجبرية متى تبين له غياب دعوى الجوهر، رغم وجود المنازعة في مرحلتها الإدارية[37].

إن السبب في تبني القضاء الإداري لهذا التوجه، هو تأثر قاضي المستعجلات إلى حد كبير بما هو عليه الأمر في وقف تنفيذ القرارات الإدارية، حيث اشترطت المادة 24 من القانون 41.90 اقتران طلب إيقاف التنفيذ بدعوى إلغاء القرار الإداري الغير الشرعي.

كما تجد دعوى الموضوع أساسها في تمكين الهيئة القضائية المعروض عليها الطلب من دراسة أولية للتأكد مما إذا كانت مختصة للنظر فيه، وما إذا كان مستوفيا لشروط قبوله الشكلية والموضوعية[38].

غير أن هذا التوجه لم يصمد طويلا، وسرعان ما تراجع العمل القضائي عنه في مجموعة من الأوامر الاستعجالية، حيث تم النظر في عدد من القضايا المتعلقة بوقف التنفيذ بالرغم من غياب دعوى في الموضوع، فأمرت بعض المحاكم بوقف التنفيذ شريطة قيام المدعي برفع دعواه أمام قضاء الموضوع داخل آجال معينة، في حين لم تلزم محاكم أخرى المدين بأي اجل معين لتقديم دعوى في الموضوع.

ففيما يخص الاتجاه الأول والمتعلق بتقييد المدعي برفع دعواه داخل أجل معين صرحت المحكمة الإدارية بوجدة[39]: ” حيث إنه بعد تفحصنا لمضمون الطلب والهدف منه تبين لنا أن الأمر بإيقاف إجراءات التحصيل ككل تستوجب أن تكون هناك دعوى المنازعة في الضرائب موضوع إجراءات التحصيل، إلا أنه مادام قد تقرر بيع المنقولات موضوع محضر الحجز المرفق بالمقال، وأنه بعد اطلاعنا على المطالبة الإدارية التي تقدم بها الطالب إلى المحاسب المكلف بالتحصيل، تبين لنا أنها تتضمن وسائل تبدو في ظاهرها جدية لذا قررنا من باب حسن سير العدالة الأمر بإيقاف إجراءات البيع إلى حين البت في دعوى بطلان إجراءات الحجز التي على المدين تسجيلها بهذه المحكمة داخل أجل 15 يوما من تاريخ هذا الأمر تحت طائلة عدم نفاذه”

أما الاتجاه الثاني كما سبقت الإشارة إليه فلم يقيد المدين بأي أجل معين في تقديم دعوى الموضوع، ويعتبر هذا الاتجاه هو الغالب من الناحية العملية، غير أن هذا الإيقاف ليس على إطلاقه وإلا كان مساسا بالجوهر ،إذ أنه يأمر فقط بإيقاف إجراءات الاستخلاص إلى حين استنفاذ مسطرة المنازعة الإدارية أو مسطرة المنازعة القضائية أو منح الطالب أجل 30 يوما لرفع الدعوى، ويتم تقييدها في منطوق الأمر الاستعجالي[40].

وعموما فرغم هذه الضمانة التي أقرها القضاء الاستعجالي للمدين، في دعاوى إيقاف إجراءات التحصيل الجبري، إلا أنه يبقى من الأفضل رفع دعوى في الموضوع قبل اللجوء إلى القضاء الاستعجالي، خصوصا وأنه يستنبط عنصر الجدية منها.

الفقرة الثانية: عدم اشتراط الضمانة في حالة جدية النزاع

الأصل أن المدين المنازع في أصل الدين العمومي، أو في جزء منه، يتعين عليه أداء الديون التي في ذمته فورا، بغض النظر عن أي مطالبة انسجاما مع انعدام الأثر الموقف للمطالبات، إلا أن المشرع، وحماية منه للطرف الضعيف في العلاقة الجبائية، منح لهذا الأخير استثناء يتجلى في مسطرة وقف الأداء ووقف التنفيذ، وذلك شريطة تقديم تظلم إداري، وتدعيمه بالمستندات التي تفيد تكوين الضمان طبقا للمواد 117 و118 من مدونة تحصيل الديون العمومية[41] مع العلم أن هذه الضمانات لم تأتي على سبيل الحصر، وإنما جاءت على سبيل المثال، لأن المدين قد يقدم أشكال أخرى من الضمانات شريطة قبولها من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل[42].

وبناء على مقتضيات هذه المواد، يتضح أن إقرار هذا الإجراء الإداري ورائه اعتبارين أساسيين، إذ يتجلى الاعتبار الأول في المحافظة على حقوق الخزينة وعدم ضياعها، أما الثاني فيكمن في أن هذا الإجراء يعتبر وسيلة فعالة للوقوف ضد الطلبات الكيدية التي تهدف إلى تعطيل إجراءات تحصيل الديون العمومية.

وفي إطار السلطة التقديرية للخزينة، في شخص المحاسب المكلف بالتحصيل، فقد أقرت جل التشريعات لكل شخص مطالب بدين عمومي حق إيقاف إجراءات تحصيل هذا الدين، وذلك شريطة احترام مجموعة من الضوابط القانونية، حتى يتمكن من الاستفادة من هذا الإجراء[43].

فالمشرع المغربي بخصوص هذه المسألة، قد تبنى نفس الطرح، حيث خول مجموعة من الحقوق للمدين، فقد نص في المادة 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي:

“… إلا أنه يمكن للمدين الذي ينازع كلا أو بعضا في المبالغ المطالب بها أن يوقف الجزء المتنازع فيه شريطة أن يكون قد رفع مطالبته داخل الأجل المنصوص عليه في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وأن يكون قد كون ضمانات من شأنها أن تؤمن تحصيل الديون المتنازع فيها”.

وما يتبين من خلال قراءة هذا النص أن المشرع لم يوضح المقصود من عبارة المطالبة، بمعنى هل هي تنصب على المنازعة في الدين العمومي باعتبارها أحد الشروط الأساسية للاستفادة من وقف التنفيذ؟ أم تنصب على وقف الأداء؟

جوابا على السؤال المطروح فإن هذا الطلب يجب أن يوجه إلى القابض على اعتبار أن هذا الأخير يتوفر على دراية كاملة بملف المدين، وهذا ما أكدته المذكرة المصلحية[44] الصادرة عن الخازن العام للمملكة والتي تبين الطريقة لمنح التسهيلات في الأداء.

فإذا كنا نتحدث عن هذا الحق، يجب ألا يغيب عن بالنا بأن القضاء الإداري في مجال تحصيل الديون العمومية، يميز صراحة بين طلبات تأجيل الديون العمومية، التي تقدم إلى المحاسب المكلف بالتحصيل، وطلبات إيقاف التنفيذ التي تقدم أمام القضاء الإداري الاستعجالي، حيث أنه في الحالة الأولى يملك المحاسب المكلف بالتحصيل إمكانية تقدير مدى كفاية الضمانات للاستجابة لطلب تأجيل الأداء.

أما بالنسبة للقضاء الاستعجالي في الحالة الثانية، فإنه يستطيع مراقبة موقف القابض، حول كفاية أو عدم كفاية الضمانة المقدمة له في إطار تقديم طلب إيقاف تنفيذ الدين العمومي[45]، وبغض النظر عن هذا التمييز القضائي، فإن مسألة تقديم الضمانات كرست بالفعل نحو إيجاد طرق فعالة تجبر الملزم بأداء ما بذمته من ضرائب وتؤمن ما يسمى بالتحصيل الضريبي السليم، وبالتالي فإن المشرع الضريبي لما خول هذه الإمكانية، كان يهدف إلى خلق نوع من التوازن بين حقوق الملزم والإدارة المكلفة بالتحصيل، وهذا ما سارت عليه كذلك مجموعة من الأنظمة الضريبية[46].

وإذا كان العمل القضائي في هذا المجال لم يستقر على نهج موحد، -أي في تعامله مع مسألة الضمانة- فإنه قد تتضح الرؤيا إذا انتقل من مرحلة اللزوم المطلق للضمانة إلى مرحلة التمييز بين حالات الجدية التي تعفى منها، وحالات انعدام الجدية التي توجب توفير الضمانة[47].

وفي هذا الإطار فإن القرارات الأولى التأسيسية للقضاء المستعجل الضريبي في هذا المجال تؤكد أنه: “في حالة المنازعة في صفة الملزم أو في مشروعية فرض الضريبة، فلا يتطلب الأمر إيداع الضمانة”[48] .

بعد ذلك جاءت مجموعة من الاجتهادات القضائية مكرسة الإعفاء من تقديم الضمانة، كلما ثبتت جدية المنازعة في صفة الملزم أو في مشروعية الضريبة(مسطرة الفرض أو التصحيح)، وهذا ما كرسته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار لها: “وحيث إن الضمانة التي يفرضها القانون للحصول على إبقاء إجراءات المتابعة المذكورة لا تكون إلزامية في حالة المنازعة في مشروعية الضريبة بصورة جدية كما في نازلة الحال –بعد أن تبين أن المستأنف عليه ينازع في مسطرة التصحيح- فلا يتطلب من الملزم إيداع الضمانة المذكورة”[49].

لكنه خلافا لهذا التوجه القضائي، فقد أدخل تعديل على المادة 242 من المدونة العامة للضرائب بموجب قانون المالية لسنة 2009 بإضافة الفقرة الخامسة والتي أصبحت تنص على أنه: “بالرغم من جميع الأحكام المخالفة لا يمكن إيقاف تنفيذ تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة إثر مراقبة ضريبة إلا بعد وضع الضمانات الكافية كما هو منصوص عليها في المادة 118 من القانون رقم 15/97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية السالفة الذكر”.

وفي ظل هذا التعديل وقع اختلاف في الاتجاهات القضائية حول ما إذا كانت الفقرة الخامسة من المادة 242 المذكورة، قد وضعت مبدأ عاما بإلزام تقديم الضمانة في حالة المراقبة الضريبية دون مناقشة مشروعيتها.

فالاتجاه القضائي الأول، حافظ على نفس الاتجاه السابق، على اعتبار أن مسألة الضمانة، لا تخاطب من كانت منازعته في مشروعية الضريبة جدية سواء على مستوى مبدأ الفرض أو مسطرته أو مسطرة التصحيح أو التحصيل مع العلم أن التصحيح ينتج عن المراقبة الضريبية، وفي هذا السياق ورد أمر قضائي[50]: “وحيث تواتر الاجتهاد القضائي على الاستجابة لطلبات الإيقاف كل ما ثبتت جدية المنازعة في صفة الملزم أو في البطلان الظاهر لمسطرة الفرض أو التصحيح أو في إجراءات التحصيل، أو في تقادمه، ومتى توفر عنصر الاستعجال بمفهوم الضرر الذي يصعب تداركه لاحقا.

وحيث في النازلة، يؤخذ من ظاهر وثائق الملف جدية المنازعة في مسطرة تصحيح الضريبة سواء ما تعلق منها بالتبليغ في العنوان الجبائي أو الأشخاص المؤهلين للتوصل أو ما تعلق بمواصلة مسطرة التصحيح بالرسالة الثانية التي لم تستظهر الإدارة بما يفيد تبليغها للمدعي، كما أن الاستعجال قائم بالنظر إلى أن مواصلة تصحيح الضريبة وما قد يؤول إليه من حجز أو إكراه بدني من شأنها أن تخلق أوضاع يصعب تداركها لاحقا.

وحيث لا مجال لمخاطبة الطالب بتقديم الضمانات كما هي منصوص عليها في المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، طالما لم يثبت من ظاهر وثائق الملف أن المراقبة الجبائية كانت مشروعة”.

ومن هنا يمكن القول أن هذا الاتجاه لا يلزم بتقديم الضمانة، إلا إذا كانت المراقبة الضريبية مشروعة، وبمفهوم المخالفة إذا تبين ظاهريا أن المراقبة الضريبية لم تكن مشروعة، فالطالب والحالة هذه غير مخاطب بتقديم الضمانة.

أما بخصوص الاتجاه الثاني للقضاء، في هذه المسألة، فإنه قد تبنى تطبيقا حرفيا لنص المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، على اعتبار أن الطالب يكون ملزما بتقديم ضمانة تحت طائلة عدم القبول، كلما دفعت مديرية الضرائب بأن هذه الضرائب ناتجة عن مراقبة ضريبية[51]، وما يؤكد هذا الاتجاه، ما ورد في مجموعة من الأوامر الصادرة عن المحكمة الإدارية بمراكش[52].

ومن خلال التدقيق في هذين الاتجاهين معا، نلاحظ بأن إدارة الضرائب، تكون ملزمة بإثبات أمرين أساسيين أثناء تمسكها بتطبيق مقتضيات الفقرة الخامسة من المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، فمن جهة يقع على عاتقها إثبات أن الضريبة المطلوب إيقاف تنفيذها، صادرة في إطار مراقبة ضريبية، وأن تلك المراقبة مشروعة شكلا وموضوعا، وذلك عن طريق تقديم الوثائق التي اعتمدتها أثناء مسطرة المراقبة، ومن جهة أخرى فإنه في حالة تخلف الإدارة الضريبة عن ذلك، فلا مجال للتمسك بمسألة الضمانة.

وتبعا لذلك يتضح بأن شرط الضمانة يعد إلزاميا قبل اللجوء إلى القضاء، لوقف تنفيذ الضريبة المفروضة إثر مراقبة ضريبية، على اعتبار أن المادة 242 من المدونة العامة للضرائب تعتبر أول مقتضى أقر بمسطرة وقف التنفيذ وذلك بعد تكريسها من طرف القضاء.

وبالتالي يظهر بأن القضاء تعامل مع شرط الضمانة من خلال الجدية في النزاع، وما قدمه المدين من ضمانات يبرهن على مدى إصراره على إيقاف إجراءات الاستخلاص، وهو ما تواتر عليه القضاء للاستجابة لمثل هذه الطلبات، والتي قد تتمثل أيضا في خرق المسطرة الواجبة الإتباع أو انعدام صفة الإلزام الضريبي.

الفقرة الثالثة: مدى إلزامية التظلم كشكلية لقبول الدعوى

تعتبر قاعدة اللجوء المسبق إلى الإدارة قبل طرق باب القضاء ، قاعدة أساسية في المنازعات الجبائية وكذا المتعلقة بالتحصيل ، بهدف كشف موقف الإدارة وسند قرارها الذي قد تتخذه ضد الملزم .

وبالرجوع إلى المادة 120 من مدونة تحصيل الديون العمومية[53] نجدها تشترط رفع الدعوى القضائية بعد مرور أجل 60 يوما، التي منحها المشرع لرئيس الإدارة من أجل الجواب أو السكوت، ولم يحدد المشرع أي أجل لعرض النزاع على القضاء سواء كان رده سلبيا أم إيجابيا، مادامت دعوى المنازعة في التحصيل هي دعوى تدخل في إطار القضاء الشامل[54]، والذي لا يتقيد فيها بأي أجل على خلاف دعوى الإلغاء أو أجال بعض المساطر الخاصة كمسطرة المنازعة في الوعاء حيث حدد لها المشرع أجل شهر من تاريخ جواب الإدارة على الشكاية، أو بعد مرور ثلاثة أشهر على عدم جوابها[55].

وكما هو معلوم فإن موضوع إلزامية التظلم الإداري، يقوم على خاصية المطالبة أمام الإدارة المكلفة بالتحصيل باعتبارها مصدرة القرار، بغية مراجعة الأساس القانوني الذي تبنى عليه الضريبة، إما بقصد التراجع عنها، بذريعة عدم قانونيتها، أو أن الشخص لا يتحمل الالتزام الضريبي، وكون أن الضريبة فرضت عليه خطأ.

إلا أن البعض[56]يذهب إلى أن هذا الأجل يتعارض مع عنصر الاستعجال، على اعتبار أن بعض الملزمين تجيبهم الإدارة الجبائية عن تظلماتهم وتتخذ بشأنها قرارات، إما بالرفض أو التحفيظ الجزئي من مبلغ الضريبة، ولا يبادرون إلى الطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية المختصة، بل يلجئون إلى تقديم تظلمات جديدة، الشيء الذي يفوت  عليهم تقديم الطعن القضائي داخل الأجل القانوني، وفي هذه الحالة يتم صدور الأحكام بعدم قبول الدعوى.

وإذا كان التظلم الإداري شرطا يعمل به، سواء تعلق الأمر بالطعون المتعلقة بوعاء الدين العمومي، أو بالطعون المرتبطة بتحصيله، فإن الأثر القانوني العام الذي يترتب عن عدم تقديمه، يظهر في عدم قبول المنازعة أثناء عرضها أمام أنظار القضاء.

إن الأخذ بهذا الطرح الأخير يتعارض وعنصر الاستعجال وبالتالي فإتباع العقل والمنطق والعدالة في حماية الحق يقصي هذا الشرط وبالتالي لا تكون مسطرة التظلم إلزامية قبل سلوك المسطرة القضائية مادامت الإدارة غير ملزمة بالبث في النزاع داخل الآجال القانونية .

وهذا ما ذهب إليه القضاء الإداري ، وذلك من خلال تأكيده على عدم إلزامية سلوك مسطرة التظلم الإداري، قبل اللجوء إلى القضاء الاستعجالي وما يؤكد صحة هذا القول، القرار[57] الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ، والذي جاء في حيثياته ما يلي: “لكن فمن جهة، حيث إن قاضي الأمور المستعجلة يختص في طلب إيقاف إجراءات استخلاص الضرائب المفروضة باعتباره طلبا يكتسي طابع الاستعجال ولا يتعلق بالمنازعة في الموضوع، وأن سلوك مسطرة التظلم الإداري قبل الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإيقاف إجراءات استخلاص ضريبة مفروضة غير لازم لتعارضه مع طبيعة الدعوى الاستعجالية والتي لا تتحمل بطبيعتها الانتظار، وتقتضي عرض النزاع على القضاء بأقصى سرعة ممكنة، وبالتالي فإن احترام هذه المسطرة يسري على الدعاوى الموضوعية دون الاستعجالية”.

وكخلاصة عامة لهذه النقطة يبدو أنه يجب على المشرع الضريبي إعادة النظر في صياغة المادة 120 من مدونة تحصيل الديون العمومية، على أساس جعل مسطرة التظلم الإداري تخاطب فقط دعوى قضاء الموضوع دون دعوى القضاء الاستعجالي، وذلك نظرا للطابع الوقتي والاستعجالي لهذه الأخيرة، من جهة، ولتنافي هذا الإجراء مع متطلبات السرعة والتدخل بشكل مستعجل لتلافي الأخطار المحدقة بالحقوق المراد المحافظة عليها من جهة أخرى.

المبحث الثاني: حماية المدين في بعض الدعاوى الاستعجالية الأخرى

إذا كانت دعوى إيقاف إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية، تعتبر الدعوى الرائجة في المحاكم نظرا لما تحققه من نتائج مهمة مجسدة في غل يد القابض في متابعة إجراءات التحصيل الأخرى إلى حين البت في دعوى الموضوع، فإنه إلى جانب ذلك توجد مجموعة من الدعاوى الأخرى التي ينظر فيها قاضي المستعجلات إما بصفة استثنائية كما هو الأمر في رفع إجراءات التحصيل الجبري (الفرع الأول)، أو من خلال تعامل القاضي مع هذه الإجراءات بوسائل أخرى حماية للمدين (الفرع الثاني).

المطلب الأول: الاستجابة لطلبات رفع إجراءات التحصيل الجبري

تعتبر إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية وسائل قانونية، تكفل للمحاسب المكلف بالتحصيل باعتباره دائنا، الحفاظ على الضمان العام الذي تشكله أموال المدين، وذلك بغل يد هذا الأخير عن التصرف في أمواله إلى أن يتمكن الدائنون من اقتضاء ديونهم.

إلا أن مسألة غل يد المدين عن التصرف في ملكه قد تؤثر سلبا عليه أو قد يتضرر من ذلك، وبالتالي كان لزاما على المشرع أن يمنح الحق لهذا المدين للمطالبة برفع الحجز، ولكي يعتد بهذه الدعوى ينبغي رفعها أمام الجهة القضائية المختصة للبت فيها.

وإذا كان الأصل أن المنازعة في رفع إجراءات التحصيل الجبري تعتبر بمثابة منازعة موضوعية، تقتضي تدخل محكمة الموضوع لكون المسألة تمس بالمراكز القانونية (الفقرة الأولى) إلا أنه وفي حالات معينة ينعقد الاختصاص لقاضي المستعجلات للنظر في هذه الدعاوى بصفة استثنائية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: اختصاص محكمة الموضوع كأصل للبت في الدعوى

تعد المحاكم الإدارية الجهة المختصة بالبت في دعاوى رفع إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية[58]، على اعتبار أنها من المنازعات الموضوعية التي تقتضي تدخل محكمة الموضوع، لكون هذه المسألة تمس بالمراكز القانونية.

وبالتالي فكل القضايا والنزاعات التي تمس موضوع التحصيل الجبري للديون العمومية، يرجع الاختصاص الأصيل فيها لمحكمة الموضوع التي أصدرت الحكم[59]، وفي هذا الصدد ينص الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية على أنه ” لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر “.

وفي هذا صدر قرار عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش جاء فيه [60]: ” وحيث أن طلب رفع الحجز يعتبر دعوى موضوعة تخرج عن اختصاص القضاء الاستعجالي، خاصة وأن وضعية المستأنف غير واضحة تجاه المدين المطالب به، كما أن الحجز تم على معاش المستأنف  وفي هذه الحالة على القاضي البحث في مدى احترام مقتضيات الفصل 39 من قانون المعاشات من طرف القابض أي هل استغرقت المعاش بكامله أو جزء منه، وفي مدى كون هذا المعاش هو مورد رزقه لتطبيق الغاية من عدم حجز على المعاش خاصة وأن المستأنف يقر في حسابات أخرى بالبنك المغربي للتجارة الخارجية كودائع للموكلين، وآخر بمبالغ عمله كمحام، مما سيمس بأصل النزاع، وبالتالي خرقا لمقتضيات الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية، مما يبقى معه الأمر المستأنف لما بت في النازلة مجانبا للصواب ويتعين التصريح بإلغائه وبعد التصدي عدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب”.

نفس الأمر أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في أحد قرارتها[61] معتبرة أن ” الإشعار للغير الحائز الذي أوقعه القابض إجراء من إجراءات التحصيل، وأن القول بعدم تطابقه مع القانون، يشكل منازعة موضوعية تمس جوهر الحق الذي يخرج عن نطاق قاضي المستعجلات، وأن الأمر المستأنف حينما اعتبر بأن الحجز المذكور مخالفا للمادة 653 من مدونة التجارة وقضى برفعه على هذا الأساس، يكون قد تجاوز حدود اختصاص قاضي المستعجلات نظرا لمساسه بجوهر الحق، فيكون بذلك غير مصادف للصواب ويتعين إلغاؤه والتصريح من جديد بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب”.

إن خصوصية إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية كونها مؤسسة على سند تنفيذي، وهو ما يفترض توفر مجموعة من الضمانات الإجرائية بالنسبة للمنفذ عليه، ومن ثم البت في طلب الرفع، من شأنه المساس بالمركز القانوني لأطرافه وهو ما يجعل الاختصاص منعقدا لمحكمة الموضوع.

وعموما فإنه متى كان طلب رفع إجراءات الاستخلاص الجبرية سواء تعلق الأمر بالحجز أو الإشعار للغير الحائز إلى غير ذلك، مقدما بكيفية صحيحة، ومبررا من الناحية الموضوعية فإنه يحكم بالرفع من طرف محكمة الموضوع المختصة كأصل للبت في مثل هذه الدعاوى.

الفقرة الثانية: اختصاص قاضي المستعجلات كاستثناء للبت في الدعوى

بالرغم من أن الاجتهاد القضائي المغربي قد أقر بالصبغة الموضوعية لطلبات رفع إجراءات الاستخلاص الجبرية، فإن هذا لا يحول دون إمكانية تقديم طلب رفع هذه الإجراءات أمام قاضي المستعجلات الإداري والذي يبقى اختصاصه في هذا الإطار محدودا ومقيدا ببعض الضوابط[62].

وهكذا ففي إطار الحماية المقررة للمدينين ضمن القضاء الاستعجالي، لم يتوقف قاضي المستعجلات في حمايته عند الاستجابة لطلبات إيقاف إجراءات التحصيل وفق القواعد العامة، بل تعدى ذلك إلى الاستجابة إلى طلبات رفع الحجز، دون المساس بالقواعد العامة في بعض الحالات التي يلخصها القضاء في وضوح المراكز القانونية للأطراف، ومعنى هذه الأخيرة أن تكون المراكز القانونية لأطراف النزاع واضحة ومحسوم فيها بصفة نهائية.

وتأسيسا على ذلك فإن القضاء الإداري  ينظر في طلبات رفع الحجز على المال المحجوز كلما كان هناك تعسف ظاهر من طرف الدائن الحاجز في اتخاذ هذا الإجراء كوسيلة لتقييد سلطات المدين ومنعه من التصرف فيها تصرفا يضر به، أو كلما تراخى الدائن في مواصلة الإجراءات التي تتلو الحجز[63].

ويختص رئيس المحكمة أو من ينوب عنه بصفته قاضيا للمستعجلات برفع الحجز المضروب على أموال المدين متى كانت المراكز الواقعية والقانونية واضحة، وفي هذا اعتبرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار لها جاء فيه[64]:” … لكن من جهة، حيث إن قاضي الأمور المستعجلة مختص بالنظر في طلب رفع الحجز على ما للمدين لدى الغير باعتباره طلبا يكتسي طابع الاستعجال ولا يتعلق بمنازعة في الموضوع، ويتمثل عنصر الاستعجال في الضرر الذي يلحق بالمحجوز عليه – المستأنف عليه – في حبس ماله بسبب منعه منه وعدم تمكينه من الانتفاع به، أما عنصر عدم المساس بالموضوع فيتمثل في كون الدين المحجوز لا تتوفر فيه مبررات الحجز “

هذا، وإن كان قاضي المستعجلات الإداري يعتبر أن شرط الاستعجال قائم بطبيعته في هذا النوع من الطلبات، فإن استثمار شرط جدية الطلب، من خلال المقتضى المتعلق بوضوح المركز القانونية والواقعية للأطراف، لا يحيل على تعويض شرط الجدية بشرط آخر، بقدر ما هو نابع من الرغبة في تضييق مفهوم عدم المساس بجوهر الدعوى، ذلك أن وضوح الأوضاع القانونية للمدين، التي تؤكد جدية الطلب، يستشفها قاضي المستعجلات الإداري من ظاهر وثائق الملف، فتغنيه بذلك عن الدخول أو المساس بجوهر النزاع[65].

ويعتبر رفع الإشعار للغير الحائز من بين أكثر الدعاوى المرفوعة أمام القضاء الاستعجالي،  لما يشكله هذا الإجراء من تهديد حقيقي للذمة المالية، خاصة كونه أثبت فعالية كبرى في الواقع العملي لميدان تحصيل الديون العمومية، وغدا آلية ناجعة في يد إدارة التحصيل، وبالتالي فإن إقرار اختصاص قاضي المستعجلات الإداري بالبت في طلبات رفع الإشعار للغير الحائز هو إقرار لحماية الملزمين من إجراء خطير على السيولة المالية.

وفي هذا الصدد، صدر قرار عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط جاء فيه[66]:” لا شيء في القانون يمنع قاضي المستعجلات الإداري من حماية المراكز القانونية للأطراف إذا كانت واضحة، وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها متى تحقق عنصر الاستعجال ، وكان من شأن هذا التدخل الحد من الخطر الذي يهدد الحق المراد حمايته … ما دام أن الإشعار للغير الحائز الذي باشره القابض قد انصب على حساب بنكي لا يخص الملزم بصفة شخصية وإنما انصب على ودائع زبنائه حسب الظاهر من الشهادة البنكية المدلى بها في الملف، فإن تدخل قاضي المستعجلات الإداري من أجل الحد من مفعول الإجراء المذكور له ما يبرره لدرء الخطر الذي يهدد الحق المراد حمايته …”

من خلال ما سبق يمكن القول أن القضاء الاستعجالي قد استقر اختصاصه على رفع مسطرة الاشعار للغير الحائز باعتبارها إجراء من إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية، حيث صدر قرار عن محكمة الغرفة الإدارية بمحكمة النقض يقضي في هذا الاتجاه[67]، إلا أن الأمر ليس على إطلاقه حيث نجد أن قرار صدر عن نفس الغرفة يقضي بعكس ما ورد في القرار السابق، جاء فيه[68] : ” يعتبر الإشعار للغير الحائز الذي أوقعه القابض إجراء من إجراءات التحصيل، وأن القول بعدم تطابقه مع القانون، يشكل منازعة موضوعية تمس بجوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اختصاص قاضي المستعجلات”.

ان الملاحظة الأساسية التي يمكن الخروج بها من خلال هذا التناقض في الأحكام، هي أن القضاء الاستعجالي ومن خلال الحالات المعروضة عليه حاول حصر مفهوم وضوح الأوضاع القانونية والواقعية للأطراف، إلا أنها لم تكن بالدقة المطلوبة التي يمكن معها القول أن قاضي الأمور الوقتية قد استطاع تحديد المعيار الفاصل بين اختصاصه واختصاص قاضي الموضوع في رفع إجراءات الاستخلاص الجبرية[69].

و في هذا يمكن حصر أهم الحالات التي تندرج في إطار المقتضى المتعلق بوضوح المراكز القانونية للأطراف، ولعل من أهمها زوال السند التنفيذي، والمقصود بهذا الأخير أنه لم يعد لهذا الأخير وجود، ويتحقق ذلك بالإلغاء الكلي للدين العمومي بموجب حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وبالتالي يعمد القاضي الاستعجالي في هذا الصدد إلى الأمر برفع اليد عن الحجز المضروب من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل، استنادا إلى كون الدين لم يعد لا ثابتا ولا محققا ولا حال الأداء.

وقد جاء في أحد الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط [70]: ” وحيث إنه وكما جاء في الطلب، فإن الديون الضريبية أساس الرهن الجبري موضوع طلب التشطيب لم تعد قائمة بعدما صدر لفائدة الطالب قرار نهائي بإلغاء كلي للضريبة أساس هذا الرهن، بما تكون معه المراكز القانونية للأطراف قد أصبحت واضحة، لذا يتعين الأمر استعجالا برفع الرهن المذكور وبالتشطيب عليه استجابة للطلب، سيما أن حالة الاستعجال بتقديرنا متوفرة”

كما أنه من بين حالات وضوح المراكز القانونية، ثبوت كون الحجز وقع باطلا بطلانا مطلقا لعدم استفائه الأركان اللازمة لصحته، أو لعدم تحقق الأوضاع الشكلية الضرورية لإبقائه كحالة حصوله بدون سند أو رغم انعدام المديونية[71]، ونفس الأمر في حالة خرق القواعد الموضوعية للحجز، كأن يقع الحجز على عقارات غير مملوكة للمدين، أو على عقارات منع القانون حجزها حيث يعرض الأمر في هذه الحالة على قاضي المستعجلات[72].

عموما يمكن القول ان قاضي المستعجلات وضع قاعدة ثابتة تخوله رفع إجراءات التحصيل الجبرية كاختصاص استثنائي، حيث حاول حصر مفهوم وضوح الأوضاع القانونية للأطراف من خلال وضع مجموعة من الحالات المتعلقة بوضوح وضعية المدين تجاه الدين، كزوال السند التنفيذي، وعليه فإن هذا التوجه الذي تبناه القضاء الاستعجالي في اختصاصه في البت في طلبات رفع إجراءات التحصيل الجبري كلما كانت المراكز القانونية واضحة، ولا تحتاج إلى فحص هذا الإجراء أو تقييمه من الناحية الموضوعية ودون المساس بجوهر الحق، هو توجه سليم لما فيه من حماية للملزمين.

المطلب الثاني: بعض الوسائل الحمائية الأخرى للمدين في إطار القضاء الإستعجالي 

إلى جانب سلطة قاضي المستعجلات في رفع إجراءات الاستخلاص الجبرية، متى كانت المراكز القانونية واضحة، فإنه سلطته تعدت ذلك إلى الاستجابة لطلبات رفع هذه الإجراءات، دون المساس بالقواعد العامة عن طريق تحوير طلب رفع إجراءات الاستخلاص إلى وقف (الفقرة الأولى)، كما أنه وفي إطار الضمانات المخولة للمدين في هذا الإطار يمكن له تقديم طلب قصر الحجز أو حصره أمام قاضي المستعجلات (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تقنية تحوير الطلب

إذا كانت طلبات رفع إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية تكون عادة أمام محكمة الموضوع المكونة من ثلاثة قضاة ومفوض ملكي[73]، فإن التكييف الذي أعطي لهذه المساطر الجبرية ذات الطبيعة التنفيذية[74]، والممارسة من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل، سمح لقاضي المستعجلات الإداري بالتعامل مع هذه المساطر من منطلق الخصوصية التي تتسم بها، وكذا من مجال اختصاصه أيضا، فالطبيعة الاستعجالية لهذه المساطر جعلت من قاضي المستعجلات ينظر للطلبات المرتبطة برفعها داخل مجال اختصاصه[75].

فإذا نازع المدين في إحدى إجراءات التحصيل الجبرية سواء الحجز او الإشعار للغير الحائز على اعتبار أنها إجراءات باطلة قانونا وطالب برفعها، فإن البث في النزاع يقتضي ضرورة فحصها وتقييمها للقول بمدى صحة هذه الإجراءات من عدمها، وهذا ما يضفي على المنازعة الطابع الموضوعي بالنظر لمساسها بجوهر الحق فتكون محكمة الموضوع هي المختصة بالنظر فيها طبقا لمقتضيات المادتين 119 و 120 من مدونة تحصيل الديون العمومية، وليس قاضي المستعجلات[76].

لكن مع ذلك، فإن قاضي المستعجلات، قد تمكن من إيجاد مخرج قضائي في إطار القضاء الاستعجالي للاستجابة لطلبات رفع الحجز بواسطة الإشعار للغير الحائز، باعتباره الوجه البارز للتدخل القضائي في هذا الإطار، وتحوير طلبات إيقاف هذه المسطرة على ضوء القواعد العامة، وهو تكريس حقيقي للطابع الحمائي للقاضي الاستعجالي وفق مقاربة إستباقية للحسم في النزاع[77].

وفي هذا الإطار تظهر مقتضيات المادة 3 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه ” يتعين على القاضي أن يبت في حدود الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة”.

من هذا المنطلق يظهر أن تحوير القاضي الاستعجالي للطلب من رفع الحجز إلى إيقافه، مخالفا لمقتضيات المادة السابقة، إلا أنه عند الوقوف على روح التشريع يظهر أن تحوير الطلب بالشكل المذكور يأتي في صميم منطوق المادة 3 من قانون المسطرة المدنية فإذا كانت المادة المذكورة تخاطب جميع القضاة بمن فيهم قضاة المحاكم الإدارية سواء قضاة الموضوع أو قضاة المستعجلات، فإن إسقاط مفهوم حدود طلبات الأطراف على الحالة المشار إليها، يجعل التأكيد على أن قاضي المستعجلات باستجابته لطلب وقف التنفيذ على حساب رفعه فإنه أعطى لصاحب المصلحة الحد الأدنى من الحماية القضائية التي يستحقها كلما توفر عنصر الاستعجال والجدية ودونما المساس بجوهر الحق ولو بتحوير الطلب[78].

وعموما فإن الأصل أن قاضي المستعجلات لا يتقيد عند الحكم في الدعوى بذات الطلبات التي تطرح أمامه بل له أن يعدله فيها أو يقضي بخلافها طبقا لما يراه حافظا لحقوق الطرفين، وفي هذا الصدد قضت المحكمة الإدارية بمكناس[79] بتحوير طلب رفع الإشعار للغير الحائز إلى وقف تنفيذه معتبرة أن:

 ” طلب رفع الحجز يقضي فحص حقيقة المديونية وما إذا كانت مستحقة وما إذا كان الطالب ملزم بأدائها أمام الشركة وأن ذلك له مساس بجوهر النزاع مما يحظر على قاضي المستعجلات الخوض فيه.

لكن وحيث جرى العمل القضائي أنه إذا كانت المنازعة جدية، فليس هناك ما يمنع المحكمة من تحوير طلب المدعي واعتباره طلب يرمي إلى إيقاف إجراءات الاستخلاص الجبرية وذلك كلما توفر عنصر الجدية والاستعجال … حيث يتعين تبعا لذلك الحكم بإيقاف مسطرة الإشعار للغير الحائز لتوافر عنصر الجدية والاستعجال “.

وعليه يظهر من خلال ما سبق أن القاضي في إطار القضاء الاستعجالي  أثناء تعامله مع إجراءات الاستخلاص الجبرية لا يتقيد عند الحكم في الدعوى المقدمة أمامه بذات الطلبات التي تطرح في موضوع النازلة، بل يتجاوز ذلك ويعدل فيها طبقا لما يراه مناسبا حفاظا على حقوق الأطراف، وذلك في حالة قيام حالة استعجال قصوى وجدية الطلب، وهذا في حد ذاته يشكل نقطة ايجابية في وضعية المدين في المنازعة التي يطبعا اللاتوازن بين الإدارة صاحبة الامتياز والسلطة وبين المدين المجرد  إلا من سلطة القضاء.

الفقرة الثانية: اختصاص قاضي المستعجلات في دعوى قصر الحجز أو حصره

في كثير من الأحيان قد يسعى المحاسب المكلف بالتحصيل في إطار استخلاصه للديون العمومية،  للحجز على أموال متعددة قد تزيد بكثير عن قيمة حقه، الأمر الذي قد يضر بمصالح المحجوز عليه لأنه قد يغل يده بالنسبة لها بدون مبرر، وفضلا عن ذلك فإن الدائن الحاجز قد يعمد إلى بيع الأموال المحجوزة كلها إضرارا بالمحجوز عليه، لذا يكون من العدل أن يطلب المحجوز عليه قصر الحجز على بعض أمواله التي تتناسب قيمتها مع قيمة الديون المحجوز من أجلها، ورفع الحجز على أمواله الأخرى [80].

وفي هذا الصدد يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه بصفته قاضيا للمستعجلات بالنظر في الدعاوى المستعجلة والمتعلقة بدعوى قصر الحجز متى تبين عدم التناسب بين قيمة الدين العمومي والأموال المحجوزة.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرق بين دعوى رفع الحجز ودعوى قصر الحجز في إطار القضاء الاستعجالي، فإذا كانت الأولى تستهدف رفع الحجز بصفة نهائية على أموال المدين متى كانت المراكز القانونية للأطراف واضحة، فإن الثانية تعني مطالبة المدين برفع الحجز على بعض الأموال وإيقاعه على ما ستناسب حجم المديونية[81].

وعليه فدعوى قصر الحجز هي بمثابة وسيلة عامة تطبق على سائر الحجوز سواء كان محلها منقولا أو عقارا، وسواء كانت تحفظية أو تنفيذية وهي تحد بذلك من سلطة الدائن من حيث الكم متى وقع الحجز على قدر كبير من أموال المدين تتجاوز قيمتها كثيرا مبلغ الدين المحجوز من أجله، وذلك بالتخفيف من الحبس الكلي للمال نتيجة الحجز، حيث يتعين حصره في حدود العقارات الجائز الحجز عليها.

وانطلاقا مما سبق صدر أمر عن رئيس لمحكمة الإدارية بالرباط جاء فيه[82]“حيث يهدف الطلب إلى إصدار أمر بالتشطيب على الرهن المنصب على الرسم العقاري “الخمليشي” ذي الرسم العقاري … وحيث لئن كان الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود قد نص على أن “أموال المدين ضمان عام لدائنيه”، فإن هذا التنصيص ينبغي عدم الأخذ به على إطلاقه أو التوقف عند حرفيته بما قد يوحي بأن جميع ما يملكه المدين يمكن حجزه لفائدة الدائن إلى أن يتم الوفاء بالدين مهما بلغت قيمة هذا الأخير، بل إن النص إنما أورده المشرع فقط في سياق حصري عند تعرضه للأسباب القانونية للأولوية بين الدائنين في حال تعددهم، سيما أن عبارة ضمان عام الواردة في النص العربي المترجم ما هي إلا ترجمة لعبارة “ Gage Commun” الواردة في النص الأصلي باللغة الفرنسية أي ضمان مشترك وليس “Gage général“كما قد يتبادر إلى الذهن … .

وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية والفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، نأمر بالتشطيب على الرهن الجبري المنصب على الرسم العقاري عدد 94104/06 مع الإبقاء على الرهن الجبري المنصب على الرسم العقاري عدد 8614/19″.

وعليه يظهر أن قاضي المستعجلات يبحث طلب قصر الحجز انطلاقا من ظاهر الأوراق والمستندات الخاصة بمقدار الحقوق المحجوز من أجلها وقيمة العقارات المحجوزة، ويقدر كافة حقوق الحاجزين وأصحاب الحقوق الذين اعتبروا طرفا في الإجراءات، وهو يعتمد في تقديره للأموال المحجوزة إما نفس قواعد تحديد الثمن الافتتاحي، وإما عناصر التقدير المقدمة من طرف الخصوم، كما يمكنه أن يعتمد على خبرة قضائية في التقدير، فإذا ثبت له انعدام التناسب بين قيمة الدين والعقارات المحجوزة، فإنه يقصر الحجز على عقار معين او عقارات معينة يحددها في الأمر بالقدر الذي يراه متناسبا مع الدين المحجوز عليه[83].

خاتمة:

عموما يمكن القول أن القضاء الاستعجالي بالمحاكم الإدارية لعب دورا بالغ الأهمية في حماية المراكز القانونية للمدينين، بالنظر لما يطبعه من بساطة الإجراءات المتطلبة أمامه، وكذا قصر الأجل التي يفصل فيها، بشكل استباقي قبل البت الموضوعي في النزاع، ولعل من بين أهم الضمانات التي كرسها قبوله لطلبات إيقاف إجراءات التحصيل الجبري متى كان النزاع جديا، وذلك استثناء من قاعدة “أد ثم أشك” المنصوص عليها في الفصل 117 من القانون 97-15.

ومما لاشك فيه أيضا أنه أضحى في الوقت الراهن وسيلة حمائية هدفها خلق التوازن بين مصلحة المدين والمصلحة العامة، وذلك بالنظر في الدعاوى بصفة مستعجلة إما بشكل وقتي كما هو الأمر بالنسبة لدعاوى وقف التنفيذ أو بصفة نهائية كما هو الأمر في دعوى قصر الحجز أو رفعه.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى مسايرة الاجتهاد القضائي والعمل على تكريس مجموعة من المبادئ التي استقر عليها هذا الأخير خاصة فيما يتعلق بعدم إلزامية المطالبة الإدارية وتجاوز الإشكاليات التي تطرحها الضمانة أمام القضاء الإستعجالي، وذلك من أجل تأطير عمل قاضي المستعجلات خصوصا في المادة الضريبية التي تتسم بالتنوع والتعقيد.


[1]  عبد النبي أضريف، قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 130-13 ونصوصه التطبيقية، العدد 9، إيماليف، ط4، 2016، ص 27

[2] الطويل أحمد، المحاكم المالية بالمغرب آليات الاشتغال ومعيقات التنفيذ، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق، وحدة القانون والعلوم الإدارية للتنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادي والاجتماعية جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية: 2009/2010، ص 5.

[3] الجرجاني علي بن محمد، التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، 1983، ص  210.

[4]  سعيد جفري، الرقابة على المالية المحلية   محاولة نقدية في الأسس القانونية   السياسي  الإدارية والمالية ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة  في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية  والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1999 – 1998، ص 22.

راجع يضا: أبادي محمد الدين محمد بن يعقوب الفيروز، القاموس المحيط ،دار المعرفة، بيروت لبنان، 2007، ص: 523.

[5] سورة النساء ، الآية الأولى.

[6] محمد قطب، الموازنة العامة للدولة، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، الطبعة الثانية، 1978، ص 202 وما بعدها.

[7]  المادة 3 من قانون ديوان المحاسبة. كما يهدف بوجه خاص إلى ما يلي:

1- المحافظة على المال العام، والتحقق من سلامة ومشروعية استخدامه، وحسن إدارته

2- التحقق من صحة البيانات المالية، ومن التزام الجهات الخاضعة لرقابة الديوان بالقوانين واللوائح والأنظمة، وغيرها من نظم وسياسات الحوكمة وتضارب المصالح المعمول بها

3- المساهمة في تحسين استخدام موارد الدولة لتحقيق التنمية المستدامة ورفاهية المجتمع، وذلك بمراقبة التزام الجهات الخاضعة لرقابة الديوان بالاستغلال الأمثل للموارد والأصول، وفقاً لمعايير الاقتصاد والكفاءة والفعالية

4- المساهمة في الارتقاء بمبادئ المحاسبة والشفافية لدى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، وذلك بمراقبة التزام هذه الجهات بتلك المبادئ في إدارة أموالها.

[8]  الرقابة اللاحقة للتنفيذ: ولهذه الرقابة أيضاً إيجابيات وسلبيات:

 الإيجابيات: أنها تمكّن الجهة المسؤولة على الرقابة من الاطلاع على كامل العملية الإنفاقية للمشاريع التي تستغرق عملية الإنفاق فيها فترة زمنية طويلة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أنها لا تؤثر على سير العمل في الدوائر المعنية بل على العكس فهي تحفز على التقليل من المخالفات المالية لأن الدوائر التي تقوم بعملية الإنفاق تدرك أن هناك رقابة لاحقة عليها.

 السلبيات: تتمثل بكونها لاحقة لعملية التنفيذ وعليه فإنها قد تحد من المخالفات المالية لكنها لا تمنع ارتكابها وقد تأتي هذه الرقابة في وقت يكون فيه الموظف المسؤول عن ارتكاب المخالفة المالية قد تغير . ولكن ما يحد من هذه السلبية هو منح سلطة قضائية للجهة التي تقوم بعملية الرقابة كما هو الحال في المحكمة المحاسبية في فرنسا أو قد تكون هناك جهة مسؤولة لمحاسبة ذلك الموظف كما هو الحال في النيابة الإدارية في مصر .

الرقابة خلال التنفيذ: وتتمثل هذه الرقابة بتوافقها مع عملية التنفيذ وعادة فإن المجالس النيابية هي الجهة المسؤولة عن هذا النوع من الرقابة إذ تحاول السلطة التشريعية أن تتأكد هنا من التزام الجهات التنفيذية بتنفيذ ما ورد فعلاً في قانون الموازنة العامة .

لرقابة السياسية على تنفيذ الموازنة العامة: إن الجهة التي عادة ما تقوم بالرقابة السياسية هي السلطة التشريعية ممثلة بالمجالس النيابية والتي يقع في صلب اختصاصها عملية الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة وذلك لأمرين:

تمثل السلطة التشريعية الرقيب الحقيقي على السلطة التنفيذية.

إن السلطة التشريعية هي الجهة التي صادقت على الموازنة العامة واعتمدتها كتقديرات ولذلك منطقياً أن تقوم بالرقابة للتأكد من التوافق بين ما تم تقديره وما تم تحقيقه فعلاً.

 واستنادا الى ذلك لا يكفي أن تطلع السلطة التشريعية على ما تم تقديره من إيرادات ونفقات في الموازنة العامة فحسب بل يجب الاطلاع على الأرقام الفعلية المتحققة في جانبي النفقات والإيرادات لأجل مقارنتها مع المتوقع وللاستفادة منها في الاعتمادات اللاحقة. والرقابة السياسية ممكن أن تكون خلال التنفيذ وممكن أن تكون رقابة لاحقة للتنفيذ، ويمكن ان نوضح ذلك :

(أ) الرقابة السياسية خلال التنفيذ: من الممكن أن تتزامن عملية الرقابة مع عملية تنفيذ الموازنة العامة وهناك أنماط متعددة يمكن أن تحملها هذه الرقابة ومن ذلك عملية الإشراف التي تقوم بها السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية والتي يمكن ان تأخذ صور عديدة منها :

     1. يطلب المجلس النيابي من السلطة التنفيذية اطلاعه على سير عملية التنفيذ ويمكن أن يصل الأمر الى حد توجيهه الأسئلة الشفهية أو التحريرية وحتى الاستجواب في بعض الأحيان .

     2. يمكن أن تمارس هذه الرقابة من خلال قيام اللجنة المالية المنبثقة عن المجلس النيابي باستدعاء أي مسؤول في السلطة التنفيذية والحوار معه والاستفسار منه عن عملية التنفيذ .

     3. يحصل أحياناً أن تطلب السلطة التنفيذية من السلطة التشريعية اعتمادات إضافية للموازنة العامة الأمر الذي يتيح للأخيرة استغلال ذلك لإجراء عملية الرقابة من خلال الاطلاع التفصيلي على مجريات تنفيذ الموازنة العامة .

[9]  المادة 2 من القانون رقم 5 بتاريخ 1989/3/27.

[10]  إذا كان تنفيذ القانون المالي يخضع لمراقبة داخلية عن طريق أجهزة تابعة للإدارة. فان تدبير المالية العمومية يخضع كذلك لمراقبة خارجية تهدف إلى مراقبة النشاط المالي للحكومة، نظرا لعدم كفاية الرقابة الداخلية في تدبير المال العام، و ذلك لاعتبارات كثيرة منها التبعية المفروضة عليها للسلطة التنفيذية، خصوصا وزارة المالية صاحبة الاختصاص، لذلك كان من اللازم دعم هذه المراقبة الداخلية، بمراقبة خارجية مستقلة عن السلطة التنفيذية. هذا وتستند المراقبة الخارجية إلى مؤسستين دستوريتين هما المجلس الأعلى للحسابات، والذي تكتسي مراقبته طابعا قضائيا، والبرلمان الذي تكتسي رقابته طابعا سياسيا.

[11] للتوسع راجع: عبد النبي أضريف: المالية العامة أسس وقواعد تدبير الميزانية العامة ومراقبتها آخر التعديلات التي عرفتها المنظومة المالية بالمملكة المغربية، الطبعة الثانية، دار القرويين، يناير 2007، ص 131.

[12]  بتاريخ 26 محرم 1438هـ الموافق 27 اكتوبر 2016، أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله القانون رقم «11» لسنة 2016 بشأن ديوان المحاسبة. وقد نُشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد الثاني عشر بتاريخ 17 صفر 1438 هـ الموافق 17 نوفمبر 2016، وبدأ العمل به بتاريخ 18 ربيع الأول 1438 هـ الموافق 17 ديسمبر 2016.

[13]  احميدوش مدني، المحاكم المالية في المغرب :دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ، 2003، ص161  

[14]  ويوافي الديوان الجهة برأيه في مشروعات المناقصات والمزايدات والعقود والاتفاقات خلال مدة أقصاها سبعة أيام عمل من تاريخ تسلّمه المستندات، ولا يبدأ سريان هذه المدة، إلا من تاريخ وصول ما يطلبه الديوان خلال الميعاد المشار إليه من مستندات أو استيضاحات، وإذا انقضت المدة المشار إليها دون أن يخطر الديوان الجهة برأيه في المشروع، جاز لهذه الجهة أن تطرح المناقصة أو المزايدة أو أن تبرم العقد أو الاتفاق، وذلك دون الإخلال بحق الديوان في ممارسة اختصاصاته في مجال الرقابة اللاحقة.

ويجب على الجهة المعنية موافاة الديوان بنسخة من العقود والاتفاقات بعد إبرامها، خلال فترة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ التوقيع عليها. ولا يجوز تجزئة العقد أو الاتفاق أو المناقصة أو المزايدة، بقصد إنقاص قيمة أي منها إلى الحد الذي يخرجها من نطاق الرقابة المسبقة، وتعتبر قرينة على التجزئة، قيام الجهة بإبرام عقد أو اتفاق أو طرح مناقصة أو مزايدة أخرى عن ذات الأصناف أو الأعمال أو أصناف أو أعمال تعتبر مكمّلة أو مشابهة لها، وذلك خلال مدة تقل عن ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام العقد أو الاتفاق الأول أو طرح المناقصة أو المزايدة. المادة 10 من قانون ديوان المحاسبة.

[15] جدي وفاء: رقابة الأجهزة المالية والقضائية على الأموال العمومية في القانون الجزائري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم، تخصص علوم قانونية، فرع التجريم في الصفقات العمومية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة سيدي بلعباس، الجزائر، السنة الجامعية 2017/2018، ص 234.

[16]  الخدري ادريس: حماية المال العام وإصلاح منظومة الرقابة، مجلة المالية العامة، عدد 14، يونيو  2002، ص 93.

[17]  ديوان المحاسبة www.sab.gov.qa

[18]  احميدوش مدني : م س ص 161

[19] – مصطفى التراب، أي تطور للقضاء الاستعجالي الإداري في مجال المنازعات الجبائية، الندوة الوطنية حول الإشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى عدد 16، مطبعة المعارف الجديد، 2011، الرباط، ص 179.

[20] – نظم المشرع مسطرة الإنذار القانوني في المواد من: 40 إلى 43 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[21] – نظم المشرع مسطرة الحجز في المواد من: 44 إلى 57 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[22] – نظم المشرع مسطرة البيع في المواد من: 58 إلى 65 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[23] – نظم المشرع مسطرة الإكراه البدني في المواد من: 76 إلى 83 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[24] – نظم المشرع مسطرة الإشعار للغير الحائز في المواد من: 100 إلى 104 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[25] – ينص الفصل 19 من القانون 41.90 على أنه: “يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية”.

[26]– محمد منقار بنيس، القضاء الاستعجالي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ، طبعة 1998، ص 46.

[27]– قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، رقم 843 بتاريخ 11-06-2006، ملف إداري عدد 2564-4-2-2006، غير منشور.

[28]-أمر عدد 401، ملف عدد 188/12/1 بتاريخ 20/02/2012.

[29]-أمر استعجالي رقم 30/2010 ملف رقم 06/2010 بتاريخ 09/03/2010 غير منشور.

[30]– عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثامنة، السنة 2016.

[31]-عبد اللطيف هداية، القضاء المستعجل في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998، ص 216.

[32]– قرار عدد 24 ملف رقم 22/06/2 بتاريخ 25/02/2006 ،غير منشور.

[33]–عبد الله بونيت، إيقاف تنفيذ القرار الإداري في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي والمقارن، دراسة تطبيقية. الطبعة الأولى، 2009، ص 135.

[34]– قرار الغرفة الإدارية عدد 10 بتاريخ 2002/1/3 ملف إداري عدد 1528، 2001/4/15.

[35]– حميد ولد البلاد، القضاء الإستعجالي في المادة الضريبية، نشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة الإدارية، مطبعة الأمنية، السنة 2013، ص 160.

[36]– مريم الخمليشي، دور القضاء الاستعجالي في حماية المركز القانوني للمدين بالجبايات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 115، مارس أبريل 2015 ص 200 ،201.

[37]– رضوان أعميمي، ضمانات المدين في الإستخلاص الجبائي، بين امتيازات الإدارة الجبائية وسلطات القاضي الإداري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، الموسم الدراسي 2013/2014، ص 466.

[38]– حسن صحيب، القضاء الإداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، الطبعة الأولى، 2008، ص 345، 346.

[39]– الأمر عدد 34 صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 30-06-2006، في الملف عدد 33-06، مشار اليه عند رضوان اعميمي، مرجع سابق، ص 468.

[40]– أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بأكادير عدد، 130-2010، بتاريخ 27-7-2010، ملف رقم 129-2010.

[41]-راجع المادة 118 من قانون 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية.

[42]– زيد بوزكري، القضاء الاستعجالي في المادة الضريبية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة التجارة والأعمال، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2017-2018، ص 44.

[43]– -زيد بوزكري، مرجع سابق، ص 45.

[44]– المذكرة المصلحية رقم 06/4 للخزينة العامة للمملكة الصادرة بتاريخ 06 يناير 2006 حول كيفية منح التسهيلات في الأداء، والتي ألغت المذكرة رقم 17 الصادرة بتاريخ 01 مارس 2000.

[45]– محمد قصري، المنازعات المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 2009، ص 150.

[46]– فاروق الهاشمي، نشاط الخزينة في مجال تحصيل الضرائب، والرسوم، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 99-100 يوليوز 11 أكتوبر 2011، ص 82-83.

[47]– حميد ولد البلاد، القضاء الاستعجالي في المادة الضريية، نشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة الإدارية، مطبعة الأمنية السنة 2013، ص 154.

[48]– قرار المجلس الأعلى عدد 83 الصادر بتاريخ 28 يناير 1999 ملف عدد 712/98، مشار اليه عند حميد ولد البلاد، مرجع سابق، ص 154.

[49]– محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، قرار عدد 3 صادر بتاريخ 13 يونيو 2006. ملف عدد 14/06/02 المضمون إليه الملف عدد 3/06/02، نفس المرجع السابق، ص 155.

[50]– أمر عدد 124 صادر من قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 3 مارس 2010، ملف عدد 32/1/2010، مشار إليه عند حميد ولد البلاد مرجع سابق، ص 155.

[51]– حميد ولد البلاد، م س، ص 152.

[52]– أمر عدد 145 ملف رقم243/7101/15 بتاريخ 06 ماي 2015، قسم القضاء المستعجل.

-أمر عدد 139 ملف رقم91/7101/2016. بتاريخ 18ماي 2016، قسم القضاء المستعجل.

[53]– تنص المادة 120 من القانون 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية على أنه: “ترفع الطلبات المتعلقة بإجراءات التحصيل الجبري تحت طائلة عدم القبول إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل المعني أو إلى من يمثله، داخل أجل 60 يوما الموالي لتاريخ تبليغ الإجراء، مدعمة بالمستندات التي تثبت تكوين الضمانات طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 118 أعلاه.

عند عدم رد الإدارة داخل أجل 60 يوما الموالي لتاريخ توصلها بالمطالبة، كما في الحالة التي يكون القرار في غير صالح المدين. يمكن لهذا الأخير رفع دعوى أمام المحكمة المختصة”.

[54]– قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 258 بتاريخ 05/04/2001 منشور بالمجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، عدد 62 ص 202.

[55]-المادة 243 من المدونة العامة للضرائب.

[56]-محمد المزوغي، الإشكاليات التي يثيرها تطبيق القانون الضريبي من المحاكم الإدارية عند البث في المنازعات الجبائية، أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 26/05/2006، حول موضوع “المنازعات الضريبية والإشكالات المطروحة في الميدان العملي على ضوء المدونة العامة الجديدة للضرائب”.

[57]– قرار عدد 381 المؤرخ في 11/04/2013، ملف إداري 310/4/1/2011، منشور بنشرة قرارات محكمة النقض عدد 12.قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في مجال الضرائب والتحصيل، ص 34.

[58]– والحديث هنا بالأساس عن محكمة الموضوع المكونة من ثلاثة قضاة ومفوض ملكي طبقا لمقتضيات الماديتن 3 و 5 من القانون 41.90 المحدثة بموجبة المحاكم الإدارية.

[59]-سارة أوراغ، رفع الحجز التنفيذي على العقار على ضوء المستجدات التشريعية والإجتهاد القضائي، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي، مطبعة الأمنية ، طبعة 2015، ص 33.

[60]– قرار صادر عن محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش، عدد 714، المؤرخ في 11 يوليوز 2012، ملف عدد 20-1902-12، مشار إليه عند عبد الرزاق شعيبة، مرجع سابق، ص 208.

[61]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 409، بتاريخ 15-05-2006 في الملف الإداري رقم 1441-4-2-2003، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 67، مطبعة الأمنية الرباط، يناير 2007.

[62]– وهيبة مرصالي، الاشعار للغير الحائز: ألية لتحصيل الديون العمومية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 134/35، ماي غشت 2017، ص 391.

[63]– عبد الرزاق شعيبة، التحصيل الجبري للديون العمومية في ضوء القانون المغربي، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة دراسات قضائية، الإصدار الرابع، مطبعة الأمنية، السنة 2014، ص 35.

[64]– قرار عدد 156، بتاريخ 13-03-2003، ملف إداري عدد 2180-4-2-2002.

[65]– رضوان أعميمي، ضمانات المدين في الإستخلاص الجبائي بين إمتيازات الإدارة الضريبية وسلطات القضاء الإداري، مرجع سابق، ص 492.

[66]– قرار صادر عن محكمة الإستئناف الادارية بالرباط، بتاريخ 30/04/2007 ، ملف رقم 3/7/20.

[67]– جاء في هذا القرار: ” قاضي المستعجلات يختص بالنظر في طلب رفع الإشعار للغير الحائز باعتباره طلب يكتسي طابع الاستعجال، ولا يتعلق بالمنازعة في الموضوع”، قرار عدد 156 بتاريخ 13/03/2003، ملف عدد 4108/4/2/2002.

[68]-قرار عدد 409 بتاريخ 15/05/2006، ملف رقم 1441/4/2/2003، منشور بقضاء المجلس الأعلى ، مرجع سابق، ص 277.

[69]– وهيبة مرصالي، مرجع سابق، ص 396.

[70]– الأمر عدد 1092 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، بتاريخ 30/05/2017، ملف رقم 1047/7101/2017، غير منشور.

[71]– الأمر رقم 480  صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، بتاريخ 31/10/2007 في الملف عدد، 448/2007، أورده يونس الزهري، الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي، الجزء الثاني، المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات، مراكش، الطبعة الأولى، 2007، ص 80.

[72]– يونس الزهري، مرجع سابق، ص 81.

[73]– طبقا لمقتضيات المادتين 3 و 5 من قانون 41.90.

[74]– عزيز بودالي، مدى اختصاص قاضي المستعجلات بالنظر في طلب رفع الأشعار للغير الحائز الذي يوقعه القابض أم أن الأمر يتعلق بمنازعة موضوعية تخرج عن نطاق اختصاصه، مرجع سابق، ص 114.

[75]– وهيبة مرصالي، الاشعار للغير الحائز: آلية تحصيل الديون العمومية، مرجع سابق، ص 391 ، 392.

[76]– مصطفى التراب، مدى المفارقة والمقاربة بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير، مرجع سابق، ص 134.

[77]– رضوان أعميمي، مرجع سابق، 468.

[78]– وهيبة مرصالة، مرجع سابق، ص 392.

[79]– المحكمة الإدارية بمكناس أمر رقم 43/2009/1س، ملف رقم 39/2009/1 بتاريخ 14/4/2009، أوردته وهيبة مرصالي، مرجع سابق، ص 393.

[80]– يونس الزهري، الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 96.

[81]– سارة أزواغ، رفع الحجز التنفيذي على العقار على ضوء المستجدات التشريعية والاجتهاد القضائي، مرجع سابق، ص 41.

[82]– أمر صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط رقم 01 بتاريخ 03/01/2017، ملف رقم 4125/7101/2016.

[83]– يونس الزهري، مرجع سابق، ص 102.

Exit mobile version