Site icon مجلة المنارة

دور لجان الحقيقة تعزيز سبل المصالحة : هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب نموذجا

دور لجان الحقيقة تعزيز سبل المصالحة : هيئة الإنصاف والمصالحة

بالمغرب نموذجا

 

الحسين العويمر

باحث بسلك الدكتوراه

جامعة محمد الخامس – الرباط –

كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية – السويسي –

 

 

مقدمة :

إن انهيار الأنظمة القانونية في بعض البلدان أو عدم صلاحيتها أو أهليتها لأسباب ترتبط بالحروب والنزاعات والثورات والصراعات المسلحة أو بالاحتلال يدفع إلى إيجاد شكل انتقالي جديد للعدالة وصولاً للدولة القانونية، عبر قواسم مشتركة مبنية على كشف الحقيقة وتعويض الضحايا وجبر الضرر والتأسيس لمستقبل مختلف عن الماضي، لاسيما بوضع أسس جديدة للنظام القانوني أو بإصلاحه[1].

وفي  هذا السياق، تبلورت العدالة الانتقالية كتخصص ومبحث وآلية، لمرافقة مراحل الانتقال نحو الديموقراطية، ومعالجتها لقضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[2]. فالعدالة الإنتقالية تقدم على الأصح نظرة أعمق و أغنى وأوسع  لعدالة تسعى لمواجهة المتورطين والإهتمام بحاجيات الضحايا والمساهمة في انطلاق عملية المصالحة والتحول[3] .

وإذا كان مفهوم العدالة الانتقالية قد طفا إلى السطح بشكل قوي خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم، كمسار تاريخي  من بين مميزاته الأساسية بداية تراجع بطش الأنظمة الدكتاتورية في العالم، وذلك تحت ضغط دولي متنام وبفضل تنوع مظاهر الاحتجاج وتصاعد المطالب السياسية والحقوقية في وجه هذه الأنظمة، فإنه ما فتئ أن انتصب كوصفة معيارية تختزل في صلبها إشكالية الإنتقال الديموقراطي والعدالة الإجتماعية في البلدان المتخلفة على وجه الخصوص [4].

وترجع الإرهاصات الأولية لمفهوم العدالة الانتقالية إلى نهاية الحرب العالمية الثانية وتحديدا مع محاكامات نورنبيج[5] وإنْ كان قد شابه شيء من التسييس، خصوصا بعد تقسيم ألمانيا من جانب دول الحلفاء[6] ، ليبرز بشكل أكثر وضوحا مع إقامة محاكمات مجرمي النظام الاستبدادي السابق في اليونان أواسط السبعينيات[7]، ومع المتابعات ضد الحكم العسكري في الأرجنتين[8].

بيد أن أهم محطة تاريخية جد متميزة في مسار العدالة الإنتقالية، تتمثل في إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة بجنوب إفريقيا سنة 1995[9]، حيث شكلت آلية مهمة لإدارة الأزمات التاريخية بأسلوب ممنهج وسلمي، واستطاعت هذه اللجنة أن تثبت شفافيتها ومصداقية القيادة الأخلاقية التي اتسم بها رئيس اللجنة الأسقف ” ديرموند توتو”[10].

ويرتبط إنشاء لجان الحقيقة التي تنوعت مسمياتها[11]، ارتباطاً وثيقا  بسياقات إحداثها. وكقاعدة عامة، يمكن القول إن أسباب الإنشاء محكومة باتجاهين رئيسيين : إما الانتقال من بيئة سياسية شمولية محكومة بالاستبداد إلى بيئة ديموقراطية، أو الانتقال إلى بيئة السلم المدني في إطار اتفاقات سلام بين طرفين أو أكثر، في إثر نزاع سياسي مسلح طالت مدته[12].

وكغيره من البلدان التي عرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، سعى المغرب إلى بناء مشروعه الرسمي لتصفية تركة الماضي، من خلال تأسيس “هيئة الإنصاف المصالحة ” التي جاءت في سياق نضالي متحرك للضحايا وذويهم، ومن لدن الجمعيات الحقوقية، مما جعل مشروع الحقيقة الرسمي يعرف جدالا وسجالا بين مختلف الفاعلين السياسيين والحقوقيين، في محاولة لإغناء التجربة، وتصحيح مسارها من خلال المشاريع الغير الرسمية للحقيقة التي انطلقت بموازاة مع التجربة الرسمية. فهل تمكنت الهيئة من كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات عن الإنتهاكات بشكل وافر ومقبول؟وهل  استطاعت تحقيق شروط المصالحة مع ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب؟

سنحاول الإجابة على كل هذه التساؤلات من خلال تسليط الضوء على الإطار المفاهيمي للجان الحقيقة وآليات اشتغالها (مبحث أول) ثم، سنتطرق للإطار التنظيمي لهيئة الأنصاف والمصالحة وحصيلة عملها (مبحث ثاني)، وأخيرا سنحاول الوقوف على مدى مساهمة الهيئة في تعزيز دينامية المصالحة بالمغرب (مبحث ثالث).

أولا – الأسس النظرية للجان الحقيقة : المفهوم والمنطلقات

يشير مصطلح “لجان الحقيقة بصفة عامة إلى هيئات تحقيق غير قضائية مؤقتة مفوضة من طرف الدولة، وتستمد صلاحيتها منها، وفي بعض الأحيان من المعارضة المسلحة أو ما تنص عليه اتفاقية السلام[13]. ويوكل إليها، من منظور فقه حقوق الإنسان، النظر في اختصاصين[14] :

ويمكن للجان الحقيقة أن تساعد على إثبات الحقيقة بشأن الماضي، وذلك بتحديد موقع الضحايا المفقودين الذين اختفوا قسرا أو دفنوا سرا، ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، عن طريق جمع وتصنيف وحفظ الأدلة التي يمكن استخدامها من قبل النيابة الجنائية في توجيه الاتهام الجنائي والمحاسبة القضائية[15]. كما يمكن للجان الحقيقة أن تكون بمثابة منبر قوي لإثراء نقاش عمومي حول مظالم وانتهاكات الماضي وسبل التعويض والإنصاف في المستقبل[16].

تتسم لجان أو هيئات الحقيقة والمصالحة بكونها هيئات وطنية رسمية[17]، محدثة بمقتضى قانون صادر في نطاق الصلاحيات القانونية لرئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو البرلمان، أو في نطاق اتفاقيات سلام بين الأطراف المتنازعة، أو بينها من جهة وبين الأمم المتحدة من جهة أخرى، إذا كانت قد أشرفت على تسوية النزاع[18].

وتستند لجان الحقيقة والمصالحة إلى منظومات مرجعية متنوعة، قاسمها المشترك مبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون وقيم الديمقراطية ، كما تستند أيضا إلى كافة المقتضيات القانونية الوطنية الإجرائية والجوهرية غير المتعارضة مع المبادئ و القوانين الدولية و مع أحكام و قرارات المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان[19].

من جهة أخرى، تتقاطع لجان الحقيقة والمصالحة عبر العالم  في مجموعة من السمات والميزات المشتركة[20] ، فهي :

 

يعتبر تصميم لجان الحقيقة من خلال عميلة اختيار أعضاء اللجنة وتشكيلها النهائي وصلاحيتها عاملا محوريا في الدفع بعملية معالجة الانتهاكات ، وبالتالي نجاح لجان الحقيقة، كما بينت ذلك تجارب العدالة الانتقالية عبر العالم، و يمثل أعضاء اللجنة الواجهة العامة للجان الحقيقة، ومن ثم فهم يقومون بدور أساسي في تعزيز مصداقيتها ومشروعيتها[21].

وقد أشار الخبيران مارك فريمان وبريسيلا ب. هاينر إلى أن اختيار الأشخاص الذين يديرون لجان الحقيقة قد يحدد نجاحها النهائي أو فشلها أكثر من أي عامل منفرد آخر[22]، حيث ستستأثر هذه اللجان بأكبر قدر من الدعم الوطني والدولي ، إذا ما تم اختيار أعضائها عن طريق مشاورات وطنية واسعة وإذا بذلت جهود حثيثة لضمان تمثيلية منصفة تراعي حضور الأطياف السياسية والإثنية والدينية وتستحضر كذلك مقاربة النوع[23].

وتعتبر لجنة الحقيقىة والمصارحة في جنوب إفريقيا من أبرز النماذج التي اعتمدت المنهج التشاوري في اختيار أعضاء اللجنة[24]، حيث تم توجيه الدعوة إلى جميع المنظمات والأحزاب السياسية والكنائس وممثلي المجتمع المدني والأفراد في جنوب إفريقا لترشيح المؤهلين لعضوية اللجنة، فطُرحت قائمة بأسماء 300 مرشحا، ثم تولت لجنة مختصة بعملية الاختيار إعداد قائمة مختصرة من 25 شخصا[25]، وحتى يتوفر توازن جغرافي وسياسي في تركيبة اللجنة،  قام الرئيس مانديلا بإضافة عضوين لم يمرا بكل خطوات الاختيار[26].

من جهة أخرى، يمكن القول أن افتقار لجان الحقيقة إلى الموارد المالية والبشرية اللأزمة ، قد يؤدي إلى إفشال مهامها[27]، وهو ماقد ينعكس سلبا على مردودية عمل فرق اللجنة، وكذا تنقلات أعضائها في ربوع البلاد أو حتى خارجها للوصول إلى الضحايا أو المسؤولين المفترضين عن انتهاكات حقوق الإنسان[28].

ويجب أن تتمتَّع لجان الحقيقة بالسلطات اللازمة لإجراء تحقيقات فعّالة ومستقّلة، وعليها أيضاً التقيّد ببعض الإجراءات الهادفة إلى حماية حقوق الضحايا والشهود خلال التحقيقات، وجلسات الاستماع[29]، ومن الناحية العمليّة، تتحدد استقلاليّة اللجنة بقدرتها على تطبيق ولايتها القانونيّة بعيداً عن أي ضغوطات أو أي  تأثير لا مبرر له ، ومن بين الشروط الأساسية لضمان استقلالية اللجنة[30] :

ثانيا- مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة لطي ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

أنشئت هيئة الإنصاف والمصالحة في مرحلة دقيقة ومهمة في سيرورة التطور الذي عرفه المغرب، منذ بداية التسعينات، على إثر التحولات السياسية التي كانت مطروحة على الدولة ومكونات المجتمع السياسية والاجتماعية[31]، خصوصا مع تزايد الضغوط الدولية على المغرب، حيث لم يعد بمقدور الدولة تجاهل قضايا حقوق الإنسان، ولا السعي لإقصاء الفاعلين الحقوققيين أمام الدعم الدولي المقدم إليهم[32].

في سياق هذا الضغط الدولي والمحلي، باشرت السلطة السياسية في المغرب إلى إفراز شروط جديدة ، تتوخى التصفية التدريجية لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذي شكل نقطة سوداء في مسيرة النظام السياسي المغربي لسنوات طويلة[33] ،وذلك عبر سلسلة من الإجراءات والتدابير، اتخذت في اتجاهات مختلفة ومتوازية[34].

فمن جهة ، أقرت الدولة بوجود ظاهرة الإختفاء القسري، من خلال قرار غير مسبوق دوليا، تمثل في إطلاق سراح أزيد من ثلاثمئة شخص ظلوا لسنوات طويلة في عداد المختفين واعترفت كذلك بوفاة العشرات أثناء أختفائهم في المعتقلات السرية[35]، ومن جهة أخرى، انخرط المغرب منذ بداية التسعينات في ورش الإصلاحات الدستورية والتشريعية والسياسية حيث تم الإحتكام إلى قواعد المؤسسات الدستورية[36]، وتوج هذا المسار بالتصويت الإيجابي للمعارضة على التعديلات الدستورية لسنة 1996، وتحملها للمسؤولية الحكومية[37].

وقد عرفت هذه الدينامية ، إصلاحات تشريعية هامة، بدءا بالمقتضيات المنظمة للحريات العامة، وإلغاء القوانين العائدة إلى العهد الإستعماري[38]، وصولا إلى الإتفاق النوعي الحاصل بين مختلف التيارات السياسية والمذهبية بمناسبة تعديل مدونة الأحوال الشخصية[39]. كما شهد المغرب في نفس السياق، تغييرات نوعية على صعيد الضمانات المؤسساتية ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، بدءا من إحداث المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان[40] والمحاكم الإدارية[41]، وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الإمازيغية[42] وإحداث ديوان المظالم[43] والهيئة العليا للسمعي البصري[44] وصولا إلى تأسيس هيأة الإنصاف والمصالحة[45] كتتويج لجهود المغرب الرامية  لطي ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[46].

تعتبر هيئة الإنصاف والمصالحة لجنة وطنية للحقيقة والمصالحة بالمغرب ، وقد أنشئت بناءا على القرار الملكي  بتاريخ 6 نونبر 2003 بالموافقة على توصية صادرة من المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان[47] ، ذات اختصاصات غير قضائية في مجال تسوية ملف ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بحيث يأتي على رأس مهامها البحث والتحري والتقييم والتحكيم والإقتراح[48].

ولقد كان للمجتمع المدني دور بارز في إخراج هذه التوصية عبر الضغط الذي مارسه منذ أن عقد المناظرة الأولى للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في نوفمبر [49]2001 والتي يلح فيها على ضرورة إنشاء “لجنة مغربية للحقيقة ” على غرار لجن الحقيقة المعروفة في التجارب الوطنية الأخرى[50].

وطبقا لنظامها الأساسي، تضطلع الهيئة باختصاصين:  زمني ونوعي، فأما الاختصاص الزمني فهو يشمل الفترة الممتدة من أوائل الاستقلال، وحتى تاريخ مصادقة الملك على إحداث هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي سنة 1999. [51]أما الاختصاص النوعي للهيئة، فيتحدد في التقييم والبحث التحري والتحكيم والاقتراح، وبالتالي إرساء مقومات المصالحة[52].

ولم يتضمن النظام الأساسي للهيئة المعايير المعتمدة في اختيار اعضائها وهو مايشكل تعارضا مع الأنظمة القانونية الداخلية للجان الحقيقة في العالم[53]. غير أن توصية المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان ، المتعلقة بإحداث الهيئة أشارت ألى أنها تتكون من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة الفكرية والتشبع بمبادئ حقوق الإنسان[54].

وقد كلفت الهيئة التي تم تشكيلها من نخبة من الناشطين والمناضلين الحقوقيين والمعتقلين السياسيين برئاسة السيد إدريس بن زكري[55] بمهمة مقاربة سياسية للملفات المرتبطة بالانتهاكات الجسيمة التي شهدها المغرب  ما بين سنة 1956 و 1999 وكذلك تقديم خلاصات وتوصيات واقتراحات قانونية وإجرائية في سبيل الحسم مع هذه المرحلة لتلافي وقوع نفس الاحداث في المستقبل[56].

وقد قامت الهيئة بعقد جلسات استماع عمومية لفائدة الضحايا الذين قدموا ملفات شكاويهم ، وتحدثوا خلالها عن مختلف مظاهر المعاناة وظروف الإعتقال والتعذيب والإختطاف التي مروا بها، قبل أن تتوج عملها بتقديم تقرير للعاهل المغربي[57]، حمل بين طياته مجموعة من المعطيات المرتبطة بالإنتهاكات التي مورست في حق العديد من الضحايا، من قبيل الإختفاء والدفن الجماعي والتعذيب ومعلومات وافية عن  سجون ومعتقلات سرية من دون توجيه المسؤولية إلى أشخاص محددين.[58]

وجدير بالذكر، أن التجربة المغربية للعدالة الإنتقالية واجهتها ثلاث تحديات كبرى، أولها أنها تستمر وتتواصل بمبادرة من النظام نفسه وبوجود الأجهزة نفسها التي قامت بالإنتهاكات ، وثانيهما أن سقفها لا يصل إلى المؤسسة الملكية التي قامت نفسها بهذه المبادرة، والصعوبة الثالثة هي طول الفترة الزمنية التي شملتها[59].

قامت الهيئة في مرحلة أولية بمراجعة ومقارنة اللوائح والتقارير المختلفة حول حالات المختفين ومجهولي المصير الموضوعة لديها بالإستناد إلى مصادر وطنية ودولية[60]. كماعملت الهيئة على إنجاز قاعدة بيانات من خلال الطلبات المودعة لديها من طرف الضحايا[61]، فضلا عن عقد جلسات عمومية[62] تم الإستماع فيها للضحايا ونقلت مباشرة إلى الجمهور[63].

كما عملت الهيئة على فحص آلاف الوثائق في سبيل الوصول إلى الحقائق، بصدد مختلف الملفات المرتبطة بالانتهاكات والخروقات الخاصة بمجهولين المصير، والاعتقالات التعسفية ومظاهر التعذيب وسوء المعاملة وإطلاق النار، خلال أحداث اجتماعية شهدتها البلاد من قبيل أحداث مدينة الدار البيضاء خلال سنة 1965 وسنة 1981 وكذلك الأحداث التي شهدتها بعض مدن شمال المغرب خلال سنة 1984  وأحداث مدينة فاس لسنة 1990[64].

وأورد التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة أنه تم تبيان حالات 742 شخصا مفقودا[65]،بمن فيهم :

واصلت الهيئة كذلك العمل الذي قامت به هيئة التحكيم المستقلة للتعويض سابقا، للبث في الطلبات المعروضة عليها والمتعلقة  بالتعويض عن الأضرار التي لحقت ضحايا الإنتهاكات الجسيمة أو ذوي حقوقهم، حيث تمكنت الهيئة من فتح 16861 ملفًا[66] ، تمت دراستها فصدرت قرارات بالتعويض المالي لفائدة 9280  ضحية، في حين بلغ عدد الملفات التي أشرت عليها الهيئة بالتعويض المالي إلى جانب توصية بجبر الضرر 1895 ملفا[67].

وبالإضافة إلى ذلك، فقد أقرت هيئة الإنصاف والمصالحة مبادئ جديدة في مجال جبر الضرر؛ حيث اعتبرت أن الأضرار التي لحقت بالنساء، في مجال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، متميزة ومؤثرة في مجملها على حياة الضحية مقارنة بما تتركه نفس الانتهاكات على الرجال، وهكذا اعتبرت أن مقاربة النوع الاجتماعي ومراعاته يجب أن تكون عرضانية تسري على جميع أنواع الانتهاكات، وتؤثر تأثيرا  إيجابيًا عند تحديد التعويض المالي أوغيره من مستحقات الضحية[68].

من جهة أخرى، أنكبت الهيئة على بلورة مجموعة من القرارات الرامية إلى جبر الضرر الجماعي، المتعلق بإدماج المناطق والجهات المهمشة لفك العزلة عنها وصهرها في بوثقة التنمية ، بالإضافة إلى تنظيم ندوات تحسيسية في مجموعة من المدن المغربية قصد إنشاء منتدى وطني يهتم بموضوع جبر الضرر[69].

كما قامت الهيئة بتقديم  المقترحات والتوصيات من أجل إيجاد حلول لقضايا التأهيل النفسي والصحي والإدماج الإجتماعي، واستكمال مسلسل حل ما تبقى من المشاكل  الإدارية والوظيفية والقانونية، والقضايا المتعلقة بنزع الملكية[70].

ثالثا – هيئة الإنصاف والمصالحة وتعزيز دينامية المصالحة

انبنى عمل هيئة الإنصاف والمصالحة في إعداد التوصيات الواردة ضمن تقريرها النهائي على عدة منطلقات، أبرزها اختيار الدولة للتوجه نحو المستقبل  في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، وتعزيز مسلسل الإصلاحات الجارية ، ومقتضيات النظام الأساسي  للهيئة الرامية إلى تقديم المقترحات الكفيلة بعدم تكرار ماجرى ومحو آثار الإنتهاكات واسترجاع الثقة وتقويتها في حكم القانون[71].

وقد اتسم التقرير النهائي للهيئة باستحضار محطتين مهمتين :الأولى تتعلق بالتوصيات الخاصة بالإصلاحات المؤسسية المطلوبة في موضوع تجنب تكرار الإنتهاكات والثانية تشمل أهمية بلورة الإستراتيجية الوطنية لمواجهة الإفلات من العقاب والعمل على تنفيذ التوصيات[72].

وبشكل عام ، فقد أكدت هذه التوصيات في مجملها على دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان، وترسيخ مبادئ سمو القانون الدولي لحقوق الإنسان ، كما نصت على ضرورة ربط دولة القانون بإصلاح الأمن والتشريع والسياسة الجنائية ؛ وعلى إصلاح القضاء ودعم استقلاليته[73].

إن أولى الإكراهات التي طالت عمل الهيئة من الناحية العملية هي طول الفترة الزمنية المعنية بالإنتهاكات، والتي تجاوزت أربعة عقود من الزمن في مدة اشتغال قصيرة لا تتجاوز سنتين ، مما جعل بعض الباحثين يعتبرون أن الإشتغال في هذا الزمن الضيق لم يهدف سوى إلى امتصاص الغضب وتلميع الواجهة الحقوقية للمغرب[74] . كما أنه لم يتم الإشراك الكافي  لمؤسسات الحكومة والبرلمان في أشغال الهيئة، باعتبار أن هذه المؤسسات هي التي ستتابع التوصيات وستضع السياسات العمومية في مجال ضمان عدم تكرار ماحصل[75].

وعلى الرغم من منح هيئة الإنصاف والمصالحة الإعتراف الكامل من جانب الملك، لم تملك الهيئة سلطة إلزام الشهود وموظفي الدولة الرسميين بالتعاون أو بإعطاء المعلومات أو السلطات اللازمة لاستدعاء الشهود أو التفتيش أو المصادرة[76]. وفي المقابل وجدت الهيئة نفسها أمام ضعف ملحوظ على مستوى الأرشيف ، وصعوبة زيارة أماكن الإحتجاز السرية السابقة ، ذلك أن معظم أجهزة الأمن المغربية (الشرطة والجيش والمخابرات) كانت متورطة في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت مابين 1956 و 1999[77].

ومن جانب آخر، فقد أشار تقرير للمركز الدولي للعدالة الإنتقالية حول مسار العدالة الإنتقالية بالمغرب[78] إلى مسألة عدم التمييز بالشكل الكافي بين المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة ،إذ أن احتفاظ رئيس الهيئة ونصف المفوضين الآخرين بمواقعهم داخل المجلس طيلة فترة عمل الهيئة، أدى إلى الإنتقاص من استقلالية الهيئة. كما سجل المركز كذلك نقص التجاوب العاطفي للجمهور العريض مع الهيئة في اولى جلسات الإستماع العمومية[79].

وعلى مستوى تحديد المسؤوليات، فإن الهيئة ومنذ البداية لم تطرح على نفسها مهمة الكشف عن الحقيقة كاملة، لكونها استبعدت عن حقل أبحاثها المسئوليات الفردية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[80]. لذلك فإن أسلوب البحث عن الحقيقة كان ناقصا وفيه نوع من السذاجة، حيث ارتكز أسلوب البحث هذا بالأساس على توجيه الملفات إلى المسئولين وانتظار أجوبتهم والاقتصار عموما على هذه الأجوبة[81].

ويرى المدافعون عن مبدأ عدم المساءلة أن خصوصية التجربة المغربية التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة تفترض مقاربة جبر الضرر وليس مقاربة المساءلة الجنائية[82]، وأن الدول التي لجأت إلى المحاكمات والمساءلات الجنائية عرفت تهديدا عميقا، أدى إلى تقويض مؤسسات الدولة ونشوء حرب أهلية[83] .

أبانت التجارب المقارنة أن لجان الحقيقة لا تضمن المصالحة، فهي نتيجة لمسلسل طويل الأمد، فلا يمكن اختزالها في مجرد مصالحة بين الإفراد في أحسن الأحول، بل  هي تأسيس لوضعية إجتماعية ينتفي فيها استعمال العنف من طرف الدولة وتمنح فيه الحقوق للمواطنين[84].

وبخصوص التجربة المغربية، فإن مفهوم  المصالحة  وكما تبنتها هيئة الإنصاف والمصالحة   يندرج في سياق خاص، يحدده معطيان أساسيان[85] :

وفي هذا الصدد، ساهمت تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة بتوثيق غير مسبوق في دقته للعنف الذي مارسته الدولة تجاه مواطنيها، منذ الإستقلال وطوال أربعة عقود من الزمن[87].وتعتبر الهيئة أن تجاوز العنف، كاستراتيجية للتدبير السياسي، مسؤولية الجميع ورهين بالبناء المشترك للوطن وتأهيل المؤسسات لخدمة التعددية والحوار، وعلى الدولة والمجتمع معا تنمية سلوك الحوار، وتجاوز استراتيجية العنف السياسي التي كانت تمنع في السابق من إيجاد الحلول للقضايا الجوهرية التي تواجهها البلاد[88].

وجدير بالذكر ، أنه بالرغم من مرور عشر سنوات على صدور التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة وتكليف مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان[89] بمتابعة تفعيل توصياتها، فمازال النقاش مستمرا بين الفاعلين حول مستوى تنفيذ تلك التوصيات[90]، ففي الوقت الذي يرى الفاعلون الرسميون أن جل توصيات تم تنفيذها في إطار برامج وخطط ومقترحات[91] ، حظيت  بدعم  كبير من جانب فاعلين دوليين[92]، ترى بعض الجمعيات الحقوقية أن نسبة تنفيذ هذه التوصيات لم ترق إلى مستوى انتظارات الحركة الحقوقية، لا سيما مايتعلق منها بالإعتذار الرسمي، وعدم الإفلات من  العقاب ، والكشف عن الحقيقة في الملفات المتبقية ، والحفاظ على الذاكرة ، والقيام بالإصلاحات الدستورية ، والإنضمام للإتفاقيات الدولية[93]

خاتمة :

تبرز حالة المغرب – المختلفة عن باقي تجارب المصالحة في العالم – قدرة النظام القائم على معالجة ماضيه العنيف، مع الحفاظ على مقوماته الموروثة. ذلك أنه هو نفسه من أحتضن مسلسل المصالحة مع ضحاياه. وعلى الرغم من أن هذا المسار رافقه الحديث عن الإنتقال الديموقراطي، فإن ذلك الإنتقال كان يقدم على أنه وعد سيجري تحقيقه في المستقبل، وعلى أن عملية المصالحة هي التي ستهيئ شروطه.

وإذا كانت الدولة المغربية قد اعترفت بمسئولياتها فيما وقع، وكشفت جزءا مهما من ماضي المغرب المتعثر، فإن الدولة غيبت عنصراً أساسياً من عناصر العدالة الانتقالية، ويتعلق الأمر بعدم إثارة المسؤولية الجنائية للمسؤولين عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[94]، وإذا كان عدد من لجان الحقيقة عبر العالم قد أبدى منهجية خاصة في التعامل مع مبدأ عدم الإفلات من العقاب ، فإن مقاربة هيئة الإنصاف قد استثنت هذا المبدأ مما قد يؤثر سلبا عل مسار المصالحة مع الماضي  بالمغرب.

 

 

[1]  عبد الحسين شعبان، أسئلة الذاكرة وآليات الصفح ، مجلة يتفكرون العدد الثاني خريف 2013 ص: 68.

[2]  الحبيب بلكوش،العدالة الإنتثالية : المفاهيم والآليات، ورقة مقدمة خلال أشغال المنتدى العربي الإقليمي حول “العدالة الانتقالية .. التحديات والفرص”  القاهرة  يومي 14-13 ماي2013 .

[3]  أليكس بورين الرئيس المؤسس للمركز الدولي للعدالة الإنتقالية ،” العدالة الإنتقالية : مقاربة شمولية ” ، ورقة مقدمة خلال أشغال الندوة الدولية حول أسئلة العدالة الإنتقالية بالمغرب في ضوء تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ، الرباط 16 يوليوز 2006.

[4]  أحمد الحارثي: العدالة الانتقالية في المغرب، قراءة في تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، مجلة نوافذ،العدد 33 -32 ، يناير 2007 ، ص  9.

[5]  تعد محاكمات نورمبيرج من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر. عقدت أول جلسة منها في 20 نونبر 1945واستمرت حتى 1 أكتوبر 1946 في قصر العدل بنورنبيرج.

[6]  عبد الحسين شعبان، مرجع سابق ص: 69.

[7]  شهدت اليونان في منتصف السبعينيات محاكمة قادة اﻟﻤﺠلس العسكري الذي حكم البلاد من  1967 حتى 1974.

[8]  عاشت الأرجنتين فترة سياسية حالكة اشتهرت باسم “الحرب القذرة” وهي الفترة الممتدة ما بين حكومة بيرون سنة 1976 ووصول ألفونسين إلى السلطة سنة  1984.

[9]  محمد زين الدين، العدالة الإنتقالية بالمغرب : هيئة الإنصاف والمصالحة نموذجا، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والإقتصاد، العدد 5 سنة 2006، ص: 6.

[10]  حمدي عبد الرحمان، “الإنتخابات التعددية في إفريقيا” مؤلف جماعي ” الإنتخابات البرلمانية في دول الجنوب”، مركز دراسات وبحوث الدول النامية” القاهرة الطبعة الأولى سنة 1997، ص 18.

[11]  في الأرجنتين وأوغندا وسيريلانكا أنشئت “لجان خاصة بالمختفين،” وفي هاييتي والإكوادور أنشئت “لجان الحقيقة والعدالة” وفي تشيلي وجنوب أفريقيا وسيراليون وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية “لجان الحقيقة والمصالحة” وأحدثها “لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة” في تيمور الشرقية.

[12]  أحمد شوقي بنيوب، العدالة الإنتقالية : المفهوم و النشأة والتجارب ، مجلة المستقبل العربي عدد 413  يوليوز 2013، ص: 130.

[13]  مارك فريمان وبرسيلا ب.هاينر،  المصارحة ، دراسة مترجمة عن المركز الدولي للعدالة الإنتقالية،نيويورك، 2004.

[14]   أحمد شوقي بنيوب : العدالة الإنتقالية : النشأة ، المفهوم والتجارب ، مرجع سابق، ص: 131.

[15]  مارك فريمان وبرسيلا ب.هاينر،  المصارحة، مرجع سابق.

[16] Vasuki Nesiah, « Truth Commissions and Gender: Principles, Policies, and Procedures », gender justice series, International Center for Transitional Justice (ICTJ) , Julay 2006 P : 6.

[17]  أدوات سيادة القانون لدول مابعد الصراع: لجان الحقيقة، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، منشورات الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف 2006.

[18]  كندا هي الحالة الوحيدة التي أنشئت فيها لجنة الحقيقة نتيجة لعملية قضائية، حيث أسست بغرض معالجة الإستيعاب  الإلزامي لأطفال السكان الأصليين نتيجة لمفاوصات كانت المحكمة فيها الوسيط بين المجتمع المدني الكندي والكنائس والحكومة والتي انتهت بتسوية شاملة تضمنت التعويض المادي للناجيين ومبادرات إحياء الذكرى.

[19]  أحمد شوقي بنيوب، مرجع سابق، ص:132.

[20]  مارك فريمان وبرسيلا ب.هاينر،  المصارحة، مرجع سابق.

[21]  لجان تقصي الحقائق والمنظمات غير الحكومية: العلاقة الأساسية مبادئ “فراتي” التوجيهية للمنظمات غير الحكومية العاملة مع لجان تقصي الحقائق، وثائق مترجمة، مارس 2004، المركز الدولي للعدالة الإنتقالية.

[22]  يعتبر اختيار الأشخاص الذين يديرون لجنة الحقيقة  عاملا مؤثرا في نجاحها النهائي أو فشلها. وفي الواقع فقد اصطدم عدد من لجان الحقيقة بمشاكل كبيرة كان أساسها بصورة واضحة ضعف الإدارة من جانب أعضاء اللجنة. وبالرغم من أن أعضاء اللجنة لا يشتركون بصفة عامة في الإدارة اليومية للّجنة، فهم غالباً ما يوجهون التحقيقات ويصيغون سياسة اللجنة ولهم الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بمحتوى التقرير النهائي.

[23]  أدوات سيادة القانون لدول مابعد الصراع: لجان الحقيقة، مرجع سابق.

[24]  مارك فريمان وبرسيلا ب.هاينر،  المصارحة، مرجع سابق.

[25]  لجان تقصي الحقائق والمنظمات غير الحكومية: العلاقة الأساسية مبادئ “فراتي” التوجيهية للمنظمات غير الحكومية العاملة مع لجان تقصي الحقائق، وثائق مترجمة، مارس 2004، المركز الدولي للعدالة الإنتقالية.

[26]  مارك فريمان وبرسيلا ب.هاينر،  المصارحة، مرجع سابق.

[27]  باستثناء لجنتي الحقيقة في جنوب أفريقيا وغواتيمالا (والتي بلغت ميزانية كل منهما عدة ملايين من الدولارات)، لم تتخطَ ميزانية أية لجنة من لجان الحقيقة المليون دولار أمريكي.

[28]  عبد الكريم العبدلاوي، تجربة العدالة الإنتقالية بالمغرب، سلسلة أطروحات جامعية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، العدد العاشر سنة 2013، ص : 125.

[29]  الحق في معرفة الحقيقة: عناصر إنشاء لجنة حقيقة فاعلة ، وثائق مترجمة، مارس 2013 ، المركز الدولي للعدالة الإنتقالية،

[30]  منة المصري، الحق في معرفة الحقيقة وانتهاكات حقوق الإنسان : لجان تقصي الحقائق بلا حقيقة، ورقة تحليل سياسات، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، نوفمبر 2013.

[31]  التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الثاني، ص : 12.

[32]  عبد الإله أمين، سؤال العدالة الإنتقاليو بالمغرب، مجلة نوافذ، السنة الحادية عشرة، العدد 42/41، شتنبر 2009، ص : 61.

[33]  عبد الكريم العبدلاوي، العدالة الإنتقالية وحقوق الإنسان بالمغرب بين المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة، مجلة رواق عربي، العدد 45 سنة 2007، ص : 82.

[34]  أحمد بوجداد : الملكية والتناوب، مقارنة الاستراتيجية، تحديث الدولة وإعادة إنتاج النظام السياسي بالمغرب، الطبعة الأولى،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2000 ،ص : 51

[35]  أحمد شوقي بنيوب، هيئة التحكيم المستقلة: مسار المقاربة المغربية لتسوية ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،مركز التوثيق في مجال حقوق الإنسان، الطبعة الثانية 2004، ص: 7.

[36]  عبد العزيز النويضي،” الإصلاح الدستوري في المملكة المغربية: القضايا الأساسية”، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2000، ص: 15.

[37]  أحمد بوجداد، مرجع سابق، ص: 62.

[38]  مثال على ذلك: إلغاء ظهير”كل ما من شأنه” الذي يعود إلى المرحلة الاستعمارية.

[39]  لأول مرة في تاريخ الخلافات الحاصلة بين الإسلاميين والعلمانيين في المغرب حول مدونة الأحوال الشخصية، رحب الجانبان بالتعديلات الجوهرية التي أعلنها الملك محمد السادس على مشروع مدونة الأحوال الشخصية والتي قننت  تعدد الزوجات ،ومنحت المرأة الرشيدة الولاية في الزواج ، كما رفعت سن الزواج بالنسبة للمرأة إلى ثماني عشرة سنة، فضلاً عن توسيع حق المرأة في طلب التطليق.

[40]  أحدث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمقتضى الظهير الشريف رقم 12.90.1 الصادر في 24 رمضان 1410 الموافق 20 أبريل 1990.

[41]  تم إنشاء المحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 41.90 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.91.225 بتاريخ 10 شتنبر 1993 المحين بتاريخ 26 أكتوبر 2011.

[42]  الظهير الشريف المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية  الصادر بتاريخ 29 رجب الخير 1422هـ، الموافق ل 17 أكتوبر 2001.

[43]  تم إنشاء ديوان المظالم بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.01.298 الصادر في 23 من رمضان 1422(9 ديسمبر 2001).

[44]  يعتبر إحداث الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بموجب الظهير الشريف المؤرخ ب 31 غشت 2002 الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش في الثلاثين من يوليوز من نفس السنة، اللبنة الأولى والمحورية تحرير الفضاء السمعي البصري المغربي.

[45]  أسست هيئة الإنصاف والمصالحة بمقتضى قرار ملكي سامي بتاريخ 6 نونبر 2003 بالمصادقة على توصية للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الصادرة بموجب المادة السابعة من الظهير الشريف رقم 1.00.350 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس.

[46]  عبد الإلاه بلقزيز، “جدليات الصراع والتوافق في المغرب، نحو إعادة كتابة تاريخنا السياسي المعاصر”، جريدة الإتحاد الإشتراكي بتاريخ 28 ماي 2005.

[47]  صاغ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان رؤيته للتوصية استنادا إلى القوة الاقتراحية والبناءة التي بلورها الفاعلون الحقوقيون والسياسيون لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في نوفمبر 2001 بالرباط.

[48]  محمد زين الدين، العدالة الإنتقالية بالمغرب : هيئة الإنصاف والمصالحة نموذجا، مرجع سابق ، ص: 11

[49]  عُقدت بالرباط أيام 9-10-11 نونبر 2001 مناظرة وطنية كبرى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف الذي يضم ضحايا هذه الانتهاكات، وتميزت هذه المناظرة بحضور الفعاليات الحقوقية من كل المنابر والقطاعات، وانتهت بإصدار توصيات متعددة تهم القواعد التنظيمية للجنة المتابعة المنبثقة عن المناظرة، وكذلك الإصلاحات المؤسساتية والتدابير التشريعية والإدارية والتربوية، وتوصيات متعلقة بإنشاء هيئة مغربية للحقيقة.

[50]  علي كريمي، “غياب المحاسبة في التجربة المغربية للإنصاف والمصالحة” في كتاب جماعي بعنوان” مستقبل حقوق الإنسان : القانون الدولي وغياب المحاسبة” ، منشورات أوراب الطبعة الأولى 2005، ص: 258

[51]  المادة 8 من النظام الأساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة.

[52]  المادة 6 من النظام الأساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة.

[53]  اعتمدت لجنة الحقيقة والمصالحة بجنوب إفريقيا على مبدأ التشاور في اختيار أعضاء اللجنة، فقد تم تشكيل لجنة اختيار ضمت ممثلين عن منظمات حقوق الإنسان، ودعت اللجنة إلى ترشيحات من جانب الجمهور. وجرت المقابلات في جلسات عامة وتابعتها الصحافة عن كثب.

[54]  انظر توصية المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان المرفوعة إلى الملك محمد السادس والمتعلقة بإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة

[55]  ناشط حقوقي مغربي، أوقف في عام 1974 وحكم عليه في العام 1977 بالسجن 30 عامًا نظرًا لنشاطاته السياسية قضى منها 17 عاما. ومنذ إطلاق سراحه، عمل من أجل نشر حقوق الإنسان في المغرب. في عام 2003 دعاه الملك محمد السادس لقيادة هيئة الإنصاف والمصالحة.  توفي في 22 مايو 2007 عن سن يناهز 57 عامًا.

[56]  إدريس الكريني، العدالة الإنتقالية والمصالحة في المنطقة العربية ، مجموعة دراسات ، مركز الكواكبي للتحولات الديموقراطية، ص: 25 ، www.kawakibi.org

[57]  التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة الذي سلم للملك محمد السادس في 30 نونبر 2005.

[58]  إدريس الكريني، تقرير عن ندوة حول تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة : الحصيلة والآفاق، مجلة المستقبل العربي، العدد 346 لشهر كانون الأول/ديسمبر 2007 ، ص : 176.

[59]  عبد الحسين شعبان، العدالة الإنتقالية : مقاربات عربية للتجارب الدولية، مجلة المستقبل العربي عدد 413  يوليوز 2013، ص: 106.

[60]  التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الأول، ص: 69.

[61]  نفس المرجع السابق.

[62]  قامت الهيئة، في إطار دعم مسلسل المصالحة، بتنظيم سبع جلسات استماع عمومية بست جهات من المملكة.

[63]  عبد الكريم العبدلاوي، العدالة الإنتقالية وحقوق الإنسان بالمغرب بين المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة، مرجع سابق ص : 110.

[64]    إدريس الكريني، العدالة الإنتقالية والمصالحة في المنطقة العربية ، مرجع سابق، ص: 25.

[65]  للإستزادة أنظر الفصل الرابع من الكتاب الثاني من التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة والمتعلق بنتائج وخلاصات التحريات حول مجهولي المصير وحالات خاصة من ص: 50 إلى ص: 117

[66]  التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الثالث،ص : 73.

[67]  التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الثالث ، ص : 74

[68]  مصطفى الريسوني، جبر الضرر في التجربة المغربية من هيئة التحكيم إلى هيئة الإنصاف والمصالحة، ورقة مقدمة خلال أشغال المنتدى العربي الإقليمي حول “العدالة الانتقالية .. التحديات والفرص القاهرة  يومي 14-13 ماي2013 .

[69]  كمال عبد اللطيف، العدالة الإنتقالية والتحولات السياسية في المغرب : تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة نموذجا ، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان 2013، ص: 32.

[70]  أناس المشيشي، العدالة الإنتقالية والتحول الديمقراطي، أعمال الندوة الدولية: دينامية الإصلاح في دول اتحاد المغرب العربي المنظمة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الاول وجدة ومعهد الدراسات الافريقية بجامعة محمد الخامس السويسي  ايام 15 و 16 أبريل 2010 بوجدة.

[71]  التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الرابع، ص: 81.

[72]  كمال عبد اللطيف، العدالة الإنتقالية والتحولات السياسية في المغرب تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة نموذجا، المؤتمر السنوي الثاني للعلوم الإجتماعية والإنسانية ، الدوحة 30-31 مارس 2013.

[73] أدريس الكريني، الإنصاف والمصالحة في المغرب، مجلة الدوحة عدد 93 يونيو 2015 ، ص:31

[74]  أناس المشيشي، العدالة الإنتقالية والتحول الديموقراطي: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب، مرجع سابق.

[75] عبد العالي حامي الدين، الفاعل السياسي ومستويات التعاطي مع تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، أشغال الندوة الدولية حول أسئلة العدالة الإنتقالية في ضوء تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ، الرباط 16 يوليوز  2006.

[76]  التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الثاني، ص : 139.

[77]  عبد الكريم العبدلاوي ، العدالة الإنتقالية وحقوق الإنسان بالمغرب بين المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة، مرجع سابق ص : 124.

[78]  انظر الدراسة التي انجزها المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، المغرب :تقرير عن تقدم العمل، من إعداد : فيرلا أوبغنيافف  ومارك  فريمان، نونبر 2005 ،

[79]  نفس المرجع السابق

[80]  عبد الكريم العبدلاوي، تجربة العدالة الإنتقالية بالمغرب، مرجع سابق،ص : 160

[81]  عبد الإله بن عبد السلام، قراءة أولية في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في مداخلة له خلال الندوة المنظمة من قبل جمعية عدالة حول: “تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، دور الفاعل السياسي والحقوقي، الرباط في 21 – 22 يوليو 2006 ، منشورات عدالة، ص 96 .

[82]  علي كريمي ، غياب المحاسبة في التجربة المغربية، مؤلف جماعي، منشورات الأوراب، الأهالي، اللجنة العربية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، 2005 دمشق، ص:  264

[83]  إسماعيل الجباري الكرفطي، القضاء والسياسة والإفلات من العقاب، مطبعة هافانا ، الطبعة الثانية 2013، ص : 112.

[84]  أناس المشيشي ، العدالة الإنتقالية والتحول الديموقراطي: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب ،مرجع سابق ، ص : 94.

[85]  لطيفة بوسعدن، تجربة جلسات الإستماع العمومية بالمغرب تحت ضوء التجارب المقارنة، مجلة نوافذ،العدد 33 -32 ، يناير 2007 ، ص : 154.

[86]  في تصريح لجريدة إيل باييس الإسبانية يوم الأحد 16 يناير 2005، وصف الملك محمد السادس جزءا من الحركة الحقوقية المطالبة بمحاسبة المتهمين بارتكاب الانتهاكات وبضرورة ذكر أسمائهم في جلسات الاستماع العمومية بأن “هناك أشخاصا لا علاقة بالنضال الحقيقي، ولكنهم جعلوا من حقوق الإنسان تجارتهم المربحة ويحاولون أن يمنعوننا من العمل والتقدم والاستجابة إلى تطلعات المغاربة… وقد حان الوقت أن نقول لهم الآن وقد أخذ هذا الملف يزداد وضوحا، ولم تعد لدينا أي عقدة في هذا المجال، علينا السير قدما”

[87]  عبد الحي مودن، العدالة الإنتقالية والسلطوية الملبرلة: نموذج المغرب ، مؤلف جماعي، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الطبعة الأولى 2014، بيروت، ص: 419.

[88]  عبد الكريم العبدلاوي، تجربة العدالة الإنتقالية بالمغرب، مرجع سابق، ص : 211.

  [89] تم تكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان باعتباره مؤسسة وطنية مستقلة دائمة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، بالسهر على متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة  بتعاون وشراكة وتنسيق مع القطاعات والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية المعنية.

[90]  عبد الواحد الأثير، لجان الحقيقة بين رهانات الإنتقال الديموقراطي وغايات الشرعنة السياسية، المجلة المغربية للعلوم السياسية والإجتماعية، عدد 1  الجزء الأول خريف-شتاء 2010، ص 106.

[91]  أنظر تقرير المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان جول متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصلف والمصالحة الصادر في دجنبر 2009، وكذا تقريريه السنويين 2007 و 2008.

[92]  سواء من طرف الأمم المتحدة أو هيئاتها المتخصصة أو من طرف الإتحاد الأوروبي وبعض المنظمات الدولية التي تقدم دعما ماليا لبرامج تندرج في إطار متابعة تفعيل توصيات الهيئة، كما ان تقرير الأمين العام السابق للامم المتحدة السيد كوفي عنان، الصادر سنة 2005 في موضوع العدالة في مجتمعات الصراع ومابعد الصراع، اعتبر التجربة المغربية من بين خمس تجارب الأكثر نجاحا في العالم.

[93]  انظر بهذا الخصوص رأي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المعبر عنه من طرف نائب رئيستها السيد عبد الحميد أمين منشور في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 25 أكتوبر 2010، وكذا مطالب الجمعيات الحقوقية خلال المسيرة الوطنية الرمزية المنظمة بالرباط بتاريخ 31 أكتوبر 2010 .

[94] عبد الكريم العبدلاوي، تجربة العدالة الإنتقالية بالمغرب، مرجع سابق، ص: 219.

Exit mobile version