Site icon مجلة المنارة

دور الجماعات الترابية في مواجهة آثار كورونا

دور الجماعات الترابية في مواجهة آثار كورونا

 كوثر أمرير 

باحثة بسلك الدكتوراه تخصص القانون العام والعلوم السياسية

 جامعة محمد الخامس بالرباط

ملخص : تدور فكرة المقال حول رصد الدور الذي قامت به الجماعات الترابية إلى جانب الدولة في تدبير أزمة كورونا، وكذا التحديات المطروحة على الجماعات لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجائحة. وإذا كان من السابق لأوانه جرد وتقييم الحصيلة واستخلاص الدروس، فإن الفترة التي مضت سمحت لنا وبالملموس الكشف عن معالم هذا التدبير بإيجابياته وسلبياته، حيث اتفقت مختلف التحليلات على محدودية دور الجماعات الترابية في تدبير أزمة كورونا في مقابل الحضور القوي للدولة وسلطتها المحلية. الكلمات المفاتيح:الجماعات الترابية-الآثار الاقتصادية والاجتماعية- جائحة كورونا Abstract : The idea of the article revolves around the monitoring of the role played by territorial groups alongside the State in the management of the Corona crisis, as well as the challenges presented to the groups to face the economic and social impacts of this pandemic. While it was too early to take stock, evaluate the outcome and draw lessons, the period that has elapsed has allowed us to reveal the characteristics of this measure with its advantages and disadvantages in a tangible way, as various analyses agree on the limited role of territorial groups in the management of the Corona crisis in exchange for the strong presence of the State and its local authority. Keywords: territorial collectivities – economic and social impacts – Corona pandemic – local authorities  

مقدمة :

 لا يختلف اثنان على كون جائحة كورونا  حدث طارئ خلق الكثير من الارتباك لدى كل الدول التي وصلها هذا الوباء، ودفع بالدولة المركزية بقوة لمواجهة الوباء كما هو الحال بالنسبة للمغرب حيث أفرزت جائحة كورونا نمطا تدبيريا مركزيا مقابل غياب التدبير اللامركزي.

 فإذا كان دستور 2011  وكذا القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية قد حاولت أن تأسس لجهوية متقدمة، تتمتع بموجبها الجماعات الترابية بمختلف أصنافها بوضع الشريك في وضع وتنفيذ السياسات الترابية، فإن الأزمة الخاصة بكوفيد19 أبانت وبالملموس عن محدودية إن لم نقل انعدام دور هذه الجماعات في تدبير الشأن العام ،في مقابل ذلك أبانت الدولة المركزية عن سيطرتها وانفرادها في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات.

 وبالتالي تعتبر هذه الجائحة فرصة لامتحان الجماعات الترابية بمستوياتها الثلاث، خاصة الجهة التي خول لها المشرع دور اقتصادي واجتماعي كبير و اعتبرها الفضاء الأنسب للتنمية الاقتصادية.

 وخاصة أيضا، أن تداعيات الأزمة الصحية ستكون كبيرة ومعقدة تستدعي الحضور القوي لجميع الفاعلين إلى جانب الدولة وعلى رأسهم الجماعات الترابية. 

 وانطلاقا من كون الجماعات شريك استراتيجي في تنفيذ السياسات التنموية الترابية، نتسائل عن حدود الدور الذي لعبته الجماعات الترابية في ظل جائحة كورونا وكذا دورها فيما بعد كورونا.

للإجابة على هذا السؤال اعتمدنا التقسيم الآتي :

أولا : اختصاصات الجماعات الترابية في ظل الظروف الطارئة

ثانيا : حدود تدخل الجماعات الترابية في ظل جائحة كورونا

ثالثا : التحديات المطروحة على الجماعات لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا

أولا : اختصاصات الجماعات الترابية في ظل الظروف الطارئة

 منح دستور 2011 للجماعات عدة اختصاصات منها ما هو ذاتي ومنها ما هو مشترك بينها وبين الدولة ومنها ما هو منقول إليها من هذه الأخيرة، من بين هذه الاختصاصات نجد تلك المتعلقة بمواجهة الظروف والأزمات الطارئة حيث تمارس الجماعات اختصاص الحفاظ على النظام العام بمدلولاته المختلفة، و يقصد بمفهوم النظام العام بصفة عامة ، المحافظة على الأمن العام ، و السكينة العامة ، و الصحة العامة.

 فالأمن العام يشمل حماية و تأمين الأرواح، و الأموال من الاعتداء عليها، مهما كان مصدر هذا الاعتداء. و من واجبات الهيآت الضبطية اتخاذ كافة الإجراءات ، و التدابير التي من شأنها أن تجنب و تلافي مختلف صور المخاطر و التهديدات التي تمس أمن و سلامة كيان الجماعة و الأفراد.

 أما المحافظة على السكينة العامة تتمثل في زجر كل مظاهر الاعتداء على هدوء و راحة المواطنين و سكينتهم. و المحافظة على الصحة العامة تعني مكافحة جميع مصادر عدم السلامة، التي من شأنها أن تهدد حياة الناس ، مع توقع السلطات العمومية لكل المخاطر و الأخطار الناتجة عن انتشار الأمراض ، العدوى والتلوث، و التدخل للعمل على وقاية الأفراد من كل أنواع الأمراض المعدية و منع انتشار الأوبئة ، و اتخاذ الاحتياطات اللازمة لذلك ، كمراقبة المياه المعدة للشرب أو مراقبة المحلات التجارية العمومية كالمطاعم و المقاهي ، و غيرها من الأماكن المفتوحة في وجه العموم[1] .

تبعا لذلك تمارس الجماعة في إطار صلاحياتها الذاتية، مهمة تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها، كما تعمل أيضا على السهر على تنظيم السير والجولان وحفظ الصحة العامة ونقل المرضى والجرحى، ونقل الأموات وتنظيم عمليات الدفن كما تختص أيضا في إحداث وصيانة المقابر.. أما في مجال تنظيم الأسواق الجماعية فتختص الجماعة بموازاة مع فاعلين آخرين من القطاع العام والخاص بتدبير أسواق البيع بالجملة وتنظيم المجازر والذبح ونقل اللحوم ومراقبة أسواق بيع السمك.

 كما يمارس رئيس المجلس الجماعي صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، بواسطة قرارات تنظيمية وفردية المتمثلة في الإذن أو الأمر أو المنع[2]. ومن أهم الصلاحيات التي يمارسها رئيس المجلس الجماعي نذكر منها :

-اتخاد التدابير اللازمة لتجنب أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائية أو الخطيرة.

– السهر على احترام شروط نظافة المساكن و الطرقات وتطهير قنوات الصرف الصحي وزجر إيداع النفايات بالوسط السكني والتخلص منها.

– تنظيم السير والجولان والوقوف بالطرقات العمومية والمحافظة على سلامة المرور بها.

– تنظيم ومراقبة المحطات الطرقية ومحطات وقوف الحافلات وحافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة وعربات نقل البضائع وكذا جميع محطات وقوف العربات.

– ممارسة شرطة الجنائز والمقابر واتخاذ الإجراءات اللازمة المستعجلة لدفن الموتى بالشكل اللائق، وتنظيم المرفق العمومي لنقل الأموات ومراقبة عملية الدفن واستخراج الجثث من القبور.

 بالإضافة إلى الاختصاصات المشتركة بين الجماعات والدولة وذلك في إطار تعاقدي حيث تساهم في صيانة المستوصفات العمومية الواقعة في نفوذ ترابها بالإضافة إلى المساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي للجماعة وإنعاش سوق الشغل والاهتمام بالبنيات التحية والتجهيزات.

 هذا بالإضافة إلى الاختصاصات المنقولة إلى الجماعات التي تراعي فيها الدولة مبدأ التدرج وذلك بهدف تعزيز دور الجماعات في التدبير الترابي.

 وإذا كانت الجهات على مستوى الاختصاصات الذاتية لا تمارس أي صلاحيات مباشرة في مواجهة الأوبئة، فإنها وعلى مستوى الاختصاصات المشتركة مع الدولة تمارس عدة اختصاصات من قبيل:

 كما يمكن للجهات أن تتولى ممارسة بعض الاختصاصات المنقولة من طرف الدولة (المبادرة تكون هنا للدولة)، ومنها ما يلي:

 وأيا كانت طبيعة هذه الاختصاصات ومستواها، فهي تبدو مهمة وواسعة يجب على الجماعات أن تعمل على تفعيلها في مواجهة وباء كورونا وتجتهد في ذلك.

 لكن لا أحد ينكر أن هناك عدة اكراهات والتي تحول دون ممارسة هذه الاختصاصات لعل أبرزها مشكل الأمية الذي تعاني منه النخب المحلية  فقد سبق أن أصدرت وزارة الداخلية تقريرا عن مديرية الجماعات المحلية سنة 2017،إذ تم التأكيد أنه حوالي 50٪ من رؤساء الجماعات الترابية ونوابهم يعانون من الأمية، وبالتالي كيف لرئيس أمي ونواب أميون أن يعتمد عليهم في مواجهة أزمة كورونا؟ 

ثانيا : حدود تدخل الجماعات الترابية في ظل جائحة كورونا

 لا يختلف اثنان على أن السلطات المركزية قد مارست صلاحياتها لمواجهة الأزمة الوبائية بشكل واسع، في هذا الإطار حدد المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية[5] في المادة الثانية، بكل دقة الجهات المكلفة بتحديد مجال تطبيق حالة الطوارئ والإجراءات الواجب اتخاذها، حيث تم إسناد الاختصاص لوزارة الصحة ووزارة الداخلية ، بحكم اختصاص الأولى في المجال الصحي والثانية في المجال الأمني.

  أما بخصوص المادة الثالثة،  فنعتقد بأنها مكنت الحكومة من احتكار كل السلطات بين يديها، عبر منحها اختصاص حصري لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بواسطة المراسيم المرتبطة عادة بالسلطة التنظيمية التي تمتلكها الحكومة من جهة، ومن جهة أخرى تمكينها في هذه الفترة من احتكار المقررات التنظيمية والإدارية والمناشير والبلاغات التي هي عادة تشتغل بها الإدارة العمومية.

 على عكس ذلك نجد الاختصاصات المخولة للجماعات الترابية في تدبير حالة الطوارئ الصحية، كانت جد محدودة حيث نلاحظ أن المادة الثالثة من مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية غيبت بشكل شبه مطلق صلاحيات الجماعات ورؤساءها، في تدبير ومواجهة هذه الجائحة، في مقابل تعزيز صلاحيات واختصاصات السلطات المحلية المعينة.

  بالرغم من أن الجماعات تعتبر فاعلا مهما في خط المواجهة المباشرة مع متطلبات الساكنة واحتياجاتها اليومية، ومحركا رئيسيا للقرار المحلي، حيث يبرز دورها أيضا خلال فترة التخفيف التدريجي للحجر الصحي على اعتبار أن تصنيف المدن حسب الحالة الوبائية يتم حسب الجهات والمدن بالتنسيق مع السلطات المحلية. 

  لكن هذا لا يمنع من أن الجماعات قد قامت بعدة مهام خلال هذه الفترة، ففي إطار التخفيف من الآثار الاجتماعية لحالة الطوارئ الصحية ومواكبة للتدابير الاستثنائية التي أقرتها السلطات العمومية لمواجهة وباء كورونا، تم إنشاء عدة لجان لليقضة على مستوى الجماعات اتخذت من خلالها هذه الأخيرة عدة إجراءات من قبيل تخصيص اعتمادات مالية لدعم الأسر، حيث عملت مصالح عدة جماعات على توزيع المستلزمات الغذائية كما قررت المساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا الذي تم إحداثه بتعليمات ملكية.

  فيما يخص التطهير، فقد قامت الجماعات باقتناء مواد مطهرة ومعدات وملابس من أجل مواصلة عمليات تعقيم المرافق العمومية والمراكز الصحية للجماعات والآليات والمركبات المتواجدة بها تنفيذا للتدابير الاحترازية التي أعلنت عنها السلطات المختصة[6].

  كما قامت العديد من الجماعات بالجولات الميدانية الرامية إلى الوقوف على حجم تموين السوق بالمواد الغذائية الأساسية ووفرتها، فضلا عن أسعار وجودة هذه المنتجات وإلزام التجار بإشهار أثمنة بيع جميع السلع للعموم لضمان الشفافية وعدم التلاعب بالأسعار.

 وبالرغم مما سبق ذكره، فالملاحظة الأساسية والتي يتفق عليها الجميع هي الغياب شبه المطلق للمجالس الجماعية ورؤسائها مقابل الحضور القوي لرجال السلطة المركزية على المستوى المحلي، والذين شكل تدخلهم الميداني أحد أبرز السمات البارزة في هذه المرحلة.

  ويرجع ضعف ومحدودية تدخل الجماعات الترابية في تدبير هذه الأزمة إلى مقتضيات المرسوم السالف الذكر، والذي أسند المهمة بشكل شبه مطلق لوزارتي الصحة والداخلية، وكذا مذكرات وزير الداخلية الذي راسل من خلالها الجماعات الترابية وطالبها بعدم عقد الاجتماعات وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، بالإضافة إلى محدودية الموارد البشرية والمالية للجماعات، وكذا ضعف المستوى التعليمي والمعرفي لبعض الرؤساء المنتخبين وعدم قدرتهم على استيعاب صلاحياتهم الدستورية والتنظيمية[7].

 كل هذه العوامل اجتمعت لتفرز لنا مجالس جماعية تابعة للسلطة المركزية، سواء تعلق الأمر بالتدبير الميزانياتي الوسيلاتي (تعديل في مسطرة اتخاذ القرارات الخاصة بفتح وبرمجة، وكذا تحويل الاعتمادات كمثال)، أو الإجرائي السياسي (تعليق دورات المجالس، إمكانية اللجوء لمسطرة الصفقات التفاوضية…)، ثم كذلك العملياتي (محدودية تفعيل الشرطة الإدارية، إلغاء مرحلي للتوظيف، تقليص النفقات…).
  في مقابل ذلك تم تكريس ميثاق اللاتمركز الإداري عبر إعطاء الولاة والعمال دور قيادي ومحوري على المستوى الترابي، عبر عدة إجراءات من بينها رئاسة لجنة اليقظة والتتبع بكل عمالة أو إقليم، لإجراء عملية تقييم مسبق للإجراءات الواجب تنفيذها والشروط الواجب توفرها في كل عمالة أو إقليم. 

ثالثا : التحديات المطروحة على الجماعات لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا

 تعتبر فترة ما بعد الحجر الصحي فترة جد صعبة،  تتطلب إعادة الإنعاش الاقتصادي والتفكير الجماعي في تحيين البرامج الجهوية للتنمية وبرامج عمل الجماعات، لملاءمتها مع الأولويات الجديدة التي أفرزتها أزمة كورونا، وكذا المخرجات المحورية للنموذج التنموي الجديد قيد الدراسة، وهو ما يتطلب تنسيق وتوحيد الجهود بين جميع الفاعلين الترابيين في انسجام وتكامل بين ممثلي الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية.

هذا ويمكن حصر التحديات المطروحة في ثلاث مجالات أساسية وهي : الصحة والاقتصاد والنظام الاجتماعي.

 علــى الصعيــد الصحــي، تســعى الجهــود المبذولــة إلــى التحكــم فــي انتشــار المــرض مــن أجــل ضمــان احتــواء المنظومــة الصحيــة لتدفــق الحــالات بشــكل أفضــل، خصوصــا بالنظــر إلــى المــوارد المحــدودة والموزعـة بشـكل متفـاوت علـى مسـتوى التـراب الوطنـي[8].

 وهنا يمكن للجماعات المساهمة في البنية التحتية الصحية، عبر خلق مراكز قارة لإيواء الكوادر الطبية التي تعتبر في الصفوف الأولى على خط المواجهة، وتوسيع القدرة الاستيعابية للمستشفيات الموجودة على تراب كل جماعة قصد تخفيف الضغط على المراكز الاستشفائية الكبرى.

 على المستوى الإقتصادي فإن الجهة مخول لها دور اقتصادي كبير لأن المشرع اعتبرها الفضاء الترابي الأنسب للتنمية الاقتصادية اللاممركزة كخيار أنسب للإقلاع الاقتصادي، وبالتالي فهي تستطيع أن تلعب دور محوري في فترة ما بعد كورونا وذلك في أكثر من اتجاه، فمثلا في القطاع السياحي يمكن للجهات أن تتدخل لإنعاش القطاع عبر تنشيط السوق الداخلية عبر تقوية النقل الجوي بين مناطق وجهات المغرب وتقدم نسبة للخطوط لتنشيط وتيسير التنقل إذ يمكن للجهة أن تلعب دورا في تقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية في حيزها الترابي.

 ولما لا تفعيل الهيئة الاستشارية بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة التي تهتم بدراسة القضايا ذات الطابع الاقتصادي (المادة 117) من 111.14 المتعلق بالجهات، كمحاولة للتخفيف من التداعيات الاقتصادية لكورونا، والمساهمة في تخفيف الضغط المالي على ميزانية الدولة، وكذا صندوق التضامن بين الجهات.

  كما تم إنشاء لجان يقظة جهوية إقتصادية تناط بها ثلاثة مهام، تتجلى في تحليل الوضع الإقتصادي والإجتماعي على صعيد الجهة، وتتبع تنفيذ قرارات لجنة اليقظة الاقتصادية المركزية فيما يتعلق بالدفع بالإنعاش الاقتصادي وحماية المقاولات ومناصب الشغل في سياق تداعيات جائحة كورونا، كما ستمثل هذه اللجان الجهوية،فضاء لبسط توصيات ومقترحات الفاعلين الجهويين من أجل الخروج من الأزمة التي خلفتها الجائحة.

  هذا وإذا كانت الحكومة قد عملت على إدخال العديد من التعديلات على ميزانيتها حتى تتلاءم والآثار التي تسببت فيها هذه الجائحة، وحتى تتمكن من مواكبة هذا التأثر. فإنه ولحدود اليوم لم تقم أي جماعة بإدخال أي تعديل على ميزانيتها بشكل يجعلها أكثر استعدادا لمواجهة آثار الجائحة على المستوى الاقتصادي[9].

 و في هذا الإطار نجد الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات قد أكدت على أن الجائحة أدت إلى اختلالات على مستوى توازن المالية المحلية خاصة أمام تراجع المداخيل الضريبية، وتوقيت استئناف النشاط الاقتصادي، وتأثير ذلك على التزامات الجماعات الترابية على التكاليف المالية البنيوية الثابتة لأنشطتها.

 على مستوى النظام الاجتماعي فيؤشــر المشــهد بالمغــرب، والــذي يتميــز بارتفــاع مســتويات البطالــة خصوصــا فــي أوســاط الشــباب، أن الوضعيــة الاجتماعيــة للأفــراد الأكثــر هشاشــة والأجــراء الذيــن فقــدوا عملهــم ســتتدهور بســبب تأثيــر الأزمــة. وتسـعى الجهـود المبذولـة إلـى تقليـص هـذا التأثيـر عبـر مسـاعدات اجتماعيـة مخصصـة لفئـات معينـة. وهنا يمكن أن تلعب الجماعات دورا أساسيا في تحديد المستفيدين عبر توفير المعطيات والبيانات الخاصة بالساكنة المحلية وذلك، عبر خلق بنك للمعلومات يوضع رهن إشارة السلطات المحلية والمركزية.

 لقد أبانت أزمة جائحة كورونا منذ بدايتها وبالملموس عن ضعف الجماعات الترابية في اقتراح أية حلول لمواجهة الأزمة والحد من تبعاتها، فبالرغم من أن النصوص التنظيمية للجماعات بمستوياتها الثلاث تنص على عدة اختصاصات مهمة يمكن للجماعات ممارستها في الظروف الطارئة، إلا أن هذه الأخير تصر على أن تتخلى عنها بمحض إرادتها. لذلك يجب على الجماعات أن تجتهد في ممارسة صلاحياتها كاملة وأن تكون شريكا حقيقيا للدولة في مواجهة الجائحة فنحن أمام أزمة تستدعي تضافر جهود كافة الفاعلين.

 ومن المداخل الرئيسية لتعزيز مكانة الجماعات ورؤسائها في تدبير مثل هذه الأزمات الطارئة تخليق الحياة الجماعية، وضرورة التوفر على نخب مفعمة بما يكفي من روح المواطنة والأخلاق الحميدة ونكران الذات وتغليب المصلحة العامة عن الصالح الشخصية والحزبية.

 كما يجب أن تشكل حالة الطوارئ الصحية درسا يجب الاستفادة منه لتطوير الإدارة الالكترونية والخدمات عن بعد على مستوى مجموع الجماعات الترابية.وكذا التركيز على آفاق إحداث خلايا تدبير الأزمات على مستوى الجماعات، وتضمين مقاربة تدبير الأزمات والتواصل حولها والتنسيق مع الفاعلين ضمن مخططاتها التنموية المحلية.


[1] بن عباس بن مريم :العناصر الحديثة للنظام العام في القانون الاداري.مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية العدد1 /2019ص180

[2] هشام ودرة :الجماعات ودورها في تدبير الجائحة تغييب ممنهج ام اخفاق في فهم الادوارhttps://www.achkayen.com/

[3] المادة 91 القانون التنظيمي للجهات 11.14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 20 رمضان 1436 (7يوليو2015).

[4] رضوان زهرو،الجهات و الجماعات الترابية، من الدستور الى القوانين التنظيمية .ملف الصحافة2015 مرجع سابق، ص. 346.

[5] المرسوم عدد292-20-2 الصادر بتاريخ 23 مارس2020 والمتعلق بسن احكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية واجراءات الاعلان عنها

[6] احمد مفيد :دور الجماعات الترابية في مواجهة جائحة كورونا. https://banassa.com/

[7] هشام ودرة :الجماعات ودورها في تدبير الجائحة تغييب ممنهج أم اخفاق في فهم الادوارhttps://www.achkayen.com/

[8] استراتيجية المغرب في مواجهة كوفيد 19.الاوراق السياسية /مركز السياسات من اجل الجنوب الجديد أبريل2020 ص21

[9]Abdelali, Alaoui Belghiti)2020(, Investir dans la sécurité sanitaire maintenant plus que jamais.plicy brief n2027/policy center for the new south.

Exit mobile version