Site icon مجلة المنارة

دراسة الطابع المزدوج لمفهوم الضرر البيئيفي ضوء تأثر الفكر القانوني بالفكر الفلسفي

دراسة الطابع المزدوج لمفهوم الضرر البيئيفي ضوء تأثر الفكر القانوني بالفكر الفلسفي

عزيز الطيبي، باحث بسلك الدكتوراه، كلية الحقوق، السويسي، الرباط

فريق البحث في قانون البيئة والتنمية المستدامة

اهتمت القوانين المعاصرة بالبيئة من خلال إدخال هذا المصطلح عالم التقنين، عبر النصوص الدستورية والتشريعية في الكثير من البلدان، معتبرة أن البيئة التي تحيط بالإنسان جديرة بالعناية لكونها تؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان، حيث انصرف الاهتمام القانوني إلى ما يشكل خطرا عليها من تلوث عناصرها أو إتلافها أو إبادتها، فقد يتم إحداث الضرر بالإنسان وبممتلكاته وبالبيئة ذاتها، ذلك أن الأضرار التي تصيب البيئة والإنسان كثيرة، حيث  قد ينال الضرر من جسم الإنسان أو طعامه أو شرابه أو ممتلكاته أو يصيب البيئة من حوله(المبحث الثاني)، وبالرغم من أن الضرر البيئي يدخل في المفهوم القانوني العام للضرر، فإنه ليس بالأمر السهل إعطاء تعريف جامع مانع لهذا النوع من الضرر، وهذا ماجعل القاضي الفرنسي  Jean-Baptiste Parlos في قضية السفينة النفطية “إيريكا” التي غرقت ولوثت 400 كيلومتر من سواحل غرب فرنسا سنة 1999[1]، يلفت الانتباه خلال جميع أطوار هذه القضية إلى الخبراء وممثلي المطالبين بالحق المدني إلى إعطاء تعريف لمفهوم الضرر البيئي الذي يكتنفه التعقيد[2]، ويعود ذلك إلى الاختلاف الفلسفي بشأن علاقة الإنسان بالطبيعة، (المبحث الأول) بين تيار المذهب البشري التمركز الذي يرى أن الضرر البيئي هو الذي ينحصر في الإضرار بالإنسان وصحته وممتلكاته فقط ، ولا يشمل الإضرار بعناصر الطبيعة إلا إذا كان هذا الإضرار يمس بالمصالح الشخصية للإنسان، وتيار أنصار المذهب الإيكولوجي التمركز الذي يرى أن مفهوم الضرر البيئي مفهوم شمولي يتجاوز المصلحة الشخصية الآنية للإنسان ليشمل كل عناصر النظام الطبيعي، حيث انعكس هذا الاختلاف على المفهوم القانوني للضرر البيئي الذي قد يصيب الإنسان مباشرة نتيجة لتوسطه المكان الذي يعيش فيه، أو يصيب المحيط الطبيعي مباشرة دون أن ينعكس على المصلحة البشرية بصورة مباشرة وإنما يتضرر بصورة غير مباشرة.

المبحث الأول: الاختلاف الفلسفي بشأن علاقة الإنسان بالطبيعة

لم تكن الانشغالات البيئية تحظى بالأولوية خلال القرنين 18 و19 م نظرا لغياب التهديدات البيئية التي تعاني منها مجتمعات اليوم، ويعتبر التناول العلمي والقانوني للمخاطر والأضرار البيئية حديثا نسبيا، بعد أن كانت موضوعا للبحث والدراسة من قبل الفلاسفة خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، خصوصا بعد نشر الكاتبة الأمريكية «راشيل كارسونRachel Carson» كتابها «الربيع الصامتSilent Spring» سنة 1962، المحفز للحركة البيئية والذي بينت من خلاله خطورة التهديدات التي تواجه كوكب الأرض بفعل التقدم التكنلوجي[3]، وقد تزايد الاهتمام الفلسفي والعلمي بالمشكلات البيئية بفعل الثورة الثقافية المضادة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي ساهمت في بروزها الحركة المعارضة للحرب، وحركة الحقوق المدنية، والحركة النسوية، وحركة حقوق الحيوان، والحركة البيئية، حيث أصبح الفكر الإيكولوجي المعاصر مؤثث بعديد من النظريات الفلسفية المتباينة والمتعارضة أحيانا، المتكاملة أحيانا أخرى، وعلى الرغم من الاختلافات فإن أغلب النظريات البيئية المعاصرة تدافع عن تفسير ثقافي وأخلاقي للأسباب الكامنة وراء التدهور الشامل للمحيط البيئي[4]، حيث تم طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بمدى امتلاك البشر وحدهم قيمة أصلية في الكون الذي نعرفه، أم أن العالم الطبيعي والنباتات والحيوانات والأقاليم الحيوية، تمتلك قيمتها الخاصة المستقلة عن نفعها للبشر؟ إلى أي حد تنبثق المشكلات البيئية عن المركزية البشرية وعن ثنائية البشرية –الطبيعة؟ هل على البشر التزامات خلقية نحو البشر الآخرين فحسب أم نحو النباتات والمنظومات البيئية أيضا؟ هل على البشر التزامات نحو الأجيال المستقبلية ؟ أليس من الخطأ أخلاقيا أن نبيد الأنواع الحية، النباتية والحيوانية؟ تلك مجموعة من الأسئلة بخصوص علاقة الإنسان بالطبيعة تبين أن كلّ تصرّف إنسانيّ في البيئة إنّما تكون آثاره فيها صلاحا وفسادا محكومة بتصوّره الثّقافي لحقيقة البيئة في ذاتها مـن حيث وضعها الوجودي ضمن منظومة الوجود العام وعلاقتها بأطراف تلك المنظومة، و لعلاقة الإنسان بالبيئة من حيث الائتلاف والاختلاف بينهما، ومن حيث تبادل الأثر والتّأثير فيما هو كائن وفيما ينبغي أن يكون[5]،  وقد برز في الفكر الغربي توجهان أساسيان لمقاربة علاقة الإنسان بالطبيعة[6]، توجه فكري فرداني يجسده المذهب البشري التمركز(المطلب الأول) وآخر شمولي يجسده المذهب الإيكولوجي التمركز (المطلب الثاني)

المطلب الأول: المذهب البشري التمركز  L’anthropocentrisme

لقد اكتشف مؤخرا أن التقانة الحديثة تؤثر على مستوى كوكبي يمكنه على المدى البعيد أن يدمر الغلاف الحيوي biosphère  الذي يشكل قشرة دقيقة شديدة الهشاشة، تشكل استثناء ملغزا وهشا داخل فضاء شديد البرودة وغير مضياف، من هذا المنطلق ليس من الجائز أن يفكر الإنسان في نفسه كجزيرة معزولة وسط أشياء جامدة وغير مكترث كما فعل لحد الآن ومنذ العصور الحديثة، إنه مرتبط وجوديا بكل النسق الطبيعي بعقلية استغلالية مثيرة للعجب كما لو أن الطبيعة خزان لا ينضب وغير قابل للتدمير[7]، فبعد أن كانت حماية البيئة جلية في الشرائع القديمة لدى العراقيين[8] والمصريين القدامى[9] ، وباعتبار القانون الروماني قانون الحضارة والمدنية في نظر الرومان فقد اهتم بحماية البيئة[10] ، وحرم أفعال الاعتداء على مكوناتها[11]، وبقدر ما يشكل الاهتمام بالبيئة في هذه العصور حدثا بسيطا ومتواضعا يتناسب مع ضرورة العيش في وسط ملائم وما يستلزمه من وجوب محاربة مظاهر تلوثه، فإنه يعكس توجها فكريا وفلسفيا ظل ينظر إلى الطبيعة كأنثى وكأم حاضنة، فمنذ الأصول الغامضة لجنسنا البشري عاشت الكائنات في علاقة يومية مباشرة عضوية مع النظام الطبيعي بغية تحصيل رزقها، لكن منذ فلسفة عصر الأنوار، صار البحث في الطبيعة، تابعًا لمنطق الإنسان في النظر والفهم، ومرسخًا لمركزية إنسانية منقطعة النظير وذات بعد إثني أوروبي ترك بصماته الحضارية على شتى المفاعيل الثقافية والعملية المعاصرة[12]، فمع ظهور عصر الصناعة بدأت علاقة الإنسان ببيئته تتدهور شيئا فشيئا، حيث تم استغلال مصادر حفرية للوقود تتمثل في الفحم والبترول، وإنشاء مركبات كيميائية، لم تكن النظم البيئية قادرة على استيعابها لعدم اشتمالها على كائنات قادرة على تحليلها وإرجاعها إلى عناصرها الأولى كما تفعل بالمركبات العضوية الطبيعية[13]، ففي محاولة للسيطرة على الطبيعة كان لابد له من انتهاج سبل التقدم التكنولوجي سواء كان ذلك باستخدام أساليب العلم في ميادين الزراعة أو الصناعة أو غيرها في مجالات الحياة الأخرى، فالإنسان الذي وصل إلى الكواكب المجاورة عبر سبل الحضارة والتقدم العلمي استخدم وسائل التطور كلها دون أي اكتراث بآثارها السلبية على المجتمع، وعليه فإن سبل الحضارة الحديثة قد تركت بصماتها السلبية على وجود الإنسان وسلامته[14]، ولعل ذلك نابع من سيادة توجه فكري وفلسفي بشري التمركز L’anthropocentrisme ظل ينظر إلى الطبيعة كفوضى، غير قابلة للضبط، وحشية تمثل العنف والعواصف وموجات القحط والعماء الشامل الذي يبرر فكرة الهيمنة والإخضاع والسيطرة عليها،  فاتسم سلوك الإنسان مع الطبيعة بالاستغلال المفرط لمواردها، والتخريب والإتلاف بأشكال غير مسبوقة، فبعدما كانت الحضارة الإغريقية والمتوسطية وديانات الخصب تتعامل مع الطبيعة كمقدس، وكعضوية حية وأم حاضنة تلبي حاجات النوع البشري في كون منظم ومخطط، مما كان يعد القيام بأفعال تخريبية ضدها بمثابة خرق للسلوك الأخلاقي البشري[15]، فإن هذا التوجه الفكري العضوي الذي ظل سائدا عند أغلب الأوربيين وعند أغلب الشعوب الأخرى إلى حدود القرن السادس عشر الميلادي سرعان ما توارى أمام صعود توجه فكري آلي جديد تزامن مع تقدم الثورة العلمية ومكننة وعقلنة النظرة إلى العالم، مع مجموعة من المفكرين أبرزهم ” فرنسيس بيكون Francis Bacon وديكارتRené Descartes والفيلسوف الإنجليزي جوزيف غلانفيل  Joseph Glanvill …”[16] وحسب هذا التيار فإن حماية الطبيعة يمكن أن تشكل هاجسا للإنسان لأسباب إنسانية، لأن الإنسان يحب الجمال، ولأنه يريد التراث العلمي، ولأن الطبيعة تقدم له خدمات لكن دون أن يكون الإنسان ملزما على تبويئ شيء آخر غير الإنسان قيمة أخلاقية، وعليه يمكن أن نستمر في التفكير في الطبيعة كمصدر للثروات مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المصادر متعددة تعدد الحاجات الإنسانية التي تلبيها[17].

المطلب الثاني: المذهب الإيكولوجي التمركز   l’ écocentrisme

وأمام تزايد الآثار السلبية على البيئة التي خلفها التوجه البشري التمركز برز توجه فلسفي جديد يتسم بالشمولية وإيكولوجي التمركز ينادي بضرورة حماية البيئة والمحافظة عليها، مما سوغ مطلب مراجعة مقومات الحداثة الغربية وأسئلتها الأنوارية وتصوراتها المعرفية، كما هو الحال في المقاربات الفلسفية الأميركية البيئية، التي أعادت طرح سؤال الأخلاق ومساءلة وضعية الإنسان في الوجود، وفق منظور ما بعد حداثي[18]، حيث تم انتقاد الافتراض الأساسي الذي يقوم عليه الفكر الغربي بشأن “مركزية البشرية” أو التمركز حول الإنسان، أي أن البشر هم مركز الوجود، وهو ما دمر وشوه العلاقة بين الإنسان والبيئة الطبيعية[19]، فقد ترتب عن الوضع الايكولوجي الذي يتمثل في الأذى الكبير الذي ألحقه الإنسان بالبيئة و الكائنات الأخرى، إلحاق الضرر بالإنسان ذاته فمظاهر السيطرة على الطبيعة واستنزاف ثرواتها، جعلت الإنسان المتضرر الأكبر من هذا الوضع، لأنه أصبح يعيش حالة من الاغتراب ليس فقط عن بيئته، بل عن ذاته كذلك، ويؤكد التوجه الفلسفي الإيكولوجي التمركز l’écocentrisme على أن الإنســان لا يتميــز عن غيره مــن الكائنات ًالأخــرى، بــل هو عضو مثلها، داخل الوســط البيئي[20]، ومن بين أهم تيارات هذا الاتجاه خصوصا في العالم الأنكلوساكسوني ،الذي يعتبر رائدأ في هذا المجال، الإيكولوجيا العميقة التي تعتبر كأخلاقية راديكالية وهو تيار فلسفي وضع أسسه الفيلسوف النرويجي “أرني نايس” في العام1967  وتعتبر الأكثر شهرة والأكثر إثارة للنقاش في البلدان الأنجلوساكسونية [21]، حيث يشدد منظروها على ضرورة الإسراع بإعادة صياغة الوحدة بين الإنسان والمحيط الحيوي من أجل تجاوز المعضلة البيئية عبر إنضاج مجموع الوعي الإنساني ويدعون إلى ضرورة رفض الذهنية الغربية الفردانية والمتمركزة حول الذات التي أسأت للعقل الإنساني على مدى قرون، وثمة توجه إيكولوجي آخر، ينطلق هو الآخر من أبعاد شمولية لكنه يحاول تجاوز مأزق الإيكولوجيا العميقة المتمثل في صعوبة الإجماع حول مقاصدها[22]، يتعلق الأمر بفلسفة  أخلاق الأرض التمركزة حول البيئة الذي يستند إلى دمج العلم بالأخلاقية éthique المتأثرة بعمق بأفكار عالم الغابات الأمريكي ألدوليوبولدAldo Leopold [23] ، أواسط القرن العشرين وهو صاحب فلسفة ” أخلاق الأرض” وتتميز هذه الفلسفة بمحاولة استخلاص مفاهيم أخلاقية انطلاقا من النتائج التي توصل إليها علم البيئة خلال القرن العشرين، حيث يدعو هذا الاتجاه الفلسفي إلى أن الإدراك السليم لمعطيات الطبيعة يستلزم توزيع زاوية النظر، بحيث لا يتم الاقتصار على رؤية “مكونات الطبيعة” معزولة عن بعضها بل ينبغي التركيز على مفهوم التبادل والعلاقات البيئية وتداخل الارتباطات بين جميع عناصر النسق البيئي التي تشكل الغلاف الحيوي برمته[24]،  ورغم أن تعدد المداخل الفلسفية وصعوبة حسم مادة خلافها، يبرز ثراء هذا الحقل الفلسفي وانفتاحه على آفاق جديدة، فإن السؤال يطرح بخصوص جدوى قيمة وضع فلسفي للكائن الحي إذا لم يتوج بوضع قانوني.

المبحث الثاني: الضرر البيئي كمظهر لتأثر الفكر القانوني بالفكر الفلسفي

إن الاتجاه في التفكير الذي تطور بالخصوص في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ينحو إلى نقد جذري لنموذج التطور الغربي المبني على الحضارة التقنية ويدعو إلى القطع مع مفهوم “التمركز حول الإنسان” بمعنى اعتبار الإنسان لب ومركز الكون، لتحقيق ذلك لابد من اختراع علائق قانونية جديدة بين الإنسان والطبيعة بأن يجعل من”أشياء” الطبيعة مواضيع قانونية، فالأطروحات التي تريد بناء مشروع مجتمعي انطلاقا من أفكار ميتافيزيقية تزدري فكرة الإنسان المؤسس للحضارة الغربية تحمل بداخلها بوادر التحول في اتجاه اللاإنسانية ورفض الثقافة ومعانقة السلطوية/الكليانية، فالهدف المثال بالنسبة للفلسفة البيئية يظل تحديد”الحقوق والواجبات” في علاقة المواطن بالوسط البيئي من حيث التمثل والحماية والاستشراف[25]، فباعتبار القانون فرعا من العلوم الاجتماعية يتفاعل مع المجتمع  وباقي العلوم ويتأثر بالبيئة التي ينظم سلوك الأفراد فيها، وكذا علاقتهم بها كان من الضروري أن يواكب على غرار باقي العلوم الاهتمام المتزايد بحماية البيئة والمحافظة عليها، وذلك من خلال سن قواعد تضبط وتنظيم نشاط وسلوك الإنسان في علاقته بالبيئة، متأثرا في ذلك بالدراسات الفلسفية لعلاقة الإنسان بالبيئة، تجلى ذلك من خلال مفهوم الضرر البيئي الذي لا ينحصر فقط في الإضرار بالإنسان وصحته وممتلكاته أي  الإضرار بالمصالح الشخصية للإنسان L’anthropocentrisme  بل يشمل الإضرار بعناصر الطبيعة l’ écocentrisme.

المطلب الأول: الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان

الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان هو ذلك الذي يلحق بالشخص نتيجة لتوسطه المحيط الطبيعي الذي يعيش فيه سواء أصابه في جسده أو في مصلحة مالية أو معنوية، فقد يكون الضرر البيئي جسديا يتخذ عدة أشكال كأن يقع على حق الانسان في الحياة فيزهق الروح وتفارق البدن، كالغرق في البرك المائية الآسنة، حيث إنه بعد دراسة المحكمة لكافة القضية والوسائل المتمسك بها تبين لها أن غرق طفل قاصر حسب الثابت من محضر الضابطة القضائية كان بإحدى البرك المائية الآسنة التي تم انتشال جثته منها بواسطة رجال الوقاية المدنية، وأن البركة المائية المذكورة نتجت عن مطرح النفايات التي توجد تحت حراسة واستعمال الجماعة الحضرية (…) مما يكون معه الضرر الحاصل للمدعين جراء فقدانهم للابن ناتج عن نشاط من أنشطة المرفق العام ولو كان مسيرا من طرف الخواص بواسطة التدبير المفوض مما يستلزم استحقاقهم للتعويض عن الضرر اللاحق بهم[26]، وقد يصاب المضرور بمرض في الجهاز التنفسي والرئوي نتيجة استنشاق غازات سامة منبعثة من معمل أو منشأة أو مطمر لطمر النفايات السامة أو المشعة في الجوار[27]، وقد يحدث الضرر نتيجة انتشار الأزبال والمهملات والأتربة و عدم القيام بأشغال الإصلاح والصيانة مما يشكل تهديدا لصحة وسلامة السكان و مخالفة القوانين المتعلقة بالصحة والبيئة[28]، وأوضح صور للضرر البيئي الضرر المالي الذي يصيب الأموال أو الذمة المالية للشخص ومثال هذا الضرر ما حكمت به محكمة باستيا إحدى المحاكم العليا في 8 ديسمبر عام 1976 ففي هذه القضية قامت إحدى المؤسسات الإيطالية بإلقاء مخلفات سامة (معروفة باسم الطين الأحمر) في عرض البحر الذي يطل على جزيرة كورسيكا وكان أن نتج عن ذلك تلوت بحري كبير[29]، ليس فقط في أعالي البحار، ولكن أيضا في المياه الإقليمية لجزيرة كورسيكا…ووفقا للمحكمة فإن تلوث مياه البحر الزائد عن الحد من جراء المخلفات الصناعية أدى إلى عرقلة الممارسة الطبيعية لعمليات الصيد وألحق الضرر بالمياه الإقليمية والسواحل هذا من ناحية (الضرر البيئي المحض ) أما من الناحية الأخرى (ضرر الضرر البيئي)، فإن هذا التلوث الذي يمس القرى يمكن أن يكون له عواقب وخيمة مثل الإقلال من قيمة الممتلكات التي تقع على شاطئ البحر، وهروب السائحين، وضياع قيمة الضرائب التي يتم تحصيلها من قبل المحليات والمحافظات ونقص محصول الصيد، وبالتالي فيقع على عاتق الشخص الذي أحدث هذا التلوث مسؤولية كل ذلك، ويتعين عليه إصلاح الأضرار الواقعة وذلك تطبيقا لقواعد مسؤولية ، ويتعين عليه إصلاح الأضرار الواقعة وذلك تطبيقا لقواعد المسؤولية المدنية، وإذا كانت هذه القضية تعد هي الأولى من نوعها التي تناولت ضررا بيئيا إلا أنه نظر إلى هذا الضرر على أنه لحق بأشخاص وبأموالهم عن طريق المحيط الموجودين فيه، وبالنسبة للصيادين والمقاطعات فإن نقص الرزق هو فقط الذي يتم تعويضه… ؟[30]“،  ومثال الضرر المالي أيضا ذلك الذي يقع على عقار كتصدع جدران منزله أو تلوثها بالأدخنة أو تهشيم زجاج نوافذه والإضرار بالآبار والأشجار والمغروسات [31]، وقد يصل الأمر أحيانا إلى تفويت فرصة الاستفادة من العقار وحرمان المضرورة من الانتفاع بمكله نتيجة ما يحدث في الجوار من ضوضاء أو روائح كريهة أو اهتزازات، فالضرر المالي يتضمن عنصرين هما ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب.

وقد يكون الضرر معنويا متمثلا في الألم النفسي والأحزان الناشئة عن الضرر الجسدي نتيجة المرض أو التشوه الخلقي أو الموت نتيجة لاستنشاق غازات سامة أو التعرض لمواد مشعة من مكان مجاور كأن يكون معملا أو مطمرا للنفايات،أو والألم النفسي الناجم عن فقدان مباهج الحياة الطبيعية النقية والنقص في أسباب المتعة والراحة التي توفرها البيئة الجميلة الخالية من التلوث المنصوص عليها بالقوانين والنصوص التنظيمية المعمول بها،  ولاسيما تلك المتعلقة بإعداد التراب الوطني والتعمير التي تلزم بإقامة المنشآت والبنايات التحتية في دائرة احترام البيئة والقيمة الجمالية للأماكن ووفق الشروط الأقل ضررا بالنسبة للملك العام وكذا الأماكن الخاصة[32]، فالضرر هاهنا شخصي ولكن له انعكاس على القيمة الجمالية للأماكن مما يجعله يكتسي طابعا جماعيا[33]، بحيث يمس قيمة معنوية جماعية (l’atteinte à l’image de marque) فهو ضرر معنوي[34]، يمس بالخدمات البيئية التي يستفيد منها الإنسان من الطبيعة[35]، وبالرغم من أن هذا النوع من الضرر ليس هو الضرر البيئي بمعناه الفني، أي الإضرار بالحيوية الأولوية العناصر البيئة، الذي لا يكون ضررا شخصيا، وإنما هو ضرر غير شخصي أصلا، حتى أن الحق في التعويض عن الضرر البيئي يؤول في نهاية الأمر، إلى البيئة ذاتها، لا إلى غيرها، ولو أن البيئة ليست شخصا قانونيا بالمعنى الفني، حيث يمكن وصفه ب “ضرر الضرر البيئي”[36]، وهو ضرر تقليدي يصيب الشخص في  حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة متعلقة بسلامة جسيمه أوعاطفته أو بماله أو حريته أو شرفه واعتباره، فقد شكلت هذه الاجتهادات القضائية وغيرها مرحلة مهمة للاعتراف وتكريس الحماية القانونية للبيئة من المخاطر والأضرار التي تصيب عناصرها ذاتها بالضرر أو الخلل في التوازن البيئي ويعبر عن هذه الأضرار بالأضرار البيئية المحضة[37]، مثل تلويث المياه أو الهواء أو الأرض، أو تغيير تركيب العناصر المكونة للبيئة، أو إحداث خلل في التنوع البيولوجي[38] من خلال القضاء على كائنات تعيش في مكان ما، مثل الصيد المكثف لنوع معين من الطيور أو الأسماك أو الحيوانات مما يؤدي إلى انقراضها[39]، أو تعرض نهر للتلوث بمواد تصريف أحد المصانع مما يؤدي إلى هلاك الأسماك والكائنات الحية فيه او عدم صلاحيته للتمتع بالتنزه أو السباحة فيه[40]، أو تسرب النفط بكميات كبيرة في أحد البحار مما يؤدي إلى هلاك الحياة البحرية في جزء كبير منه أو تعرض الحياة الشاطئية فيه للضرر الشديد.

 ثانيا: الضرر البيئي المحض(le préjudice écologique pur)

اختلفت التعريفات بشأن الضرر البيئي المحض اختلافا كبيرا نظرا للاختلاف في تعريف التلوث نفسه و تعريف البيئة ذاتها، ومن بين التشريعات القليلة التي عرفته نجد المشرع العماني في قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث الذي عرفه بكونه ” الأذى الذي يلحق بالبيئة ويؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في خصائصها أو في وظيفتها أو يقلل من مقدرتها”[41]، فهو ضرر موضوعي من فعل الإنسان يصيب حصريا المحيط البيئي عندما يتجاوز مقدارا معينا من الخطورة بغض النظر عما يصيب من خلاله الإنسان من ضرر[42]، وتضمنت الاتفاقيات الدولية الحديثة والتوجيهات الأوروبية تعريفات متعددة له، فقد عرفت اتفاقية لوجانوLugano [43] الضرر البيئي المحض بأنه كل خسارة أو ضرر ناجم عن إفساد أو تدهور البيئة. “التغير المعاكس الذي يمكن قياسه في الموارد الطبيعية و/أو إضعاف خدمات الموارد الطبيعية الذي قد يحدث بصورة مباشرة أو غير مباشرة”. بينما عرفه برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) بأنه “التغيير العكسي القابل للقياس على نوعية بيئية معينة أو أي مكون من مكوناتها متضمنا قمة  استعمالها أو عدم استعمالها وقدرتها على دعم ومساندة نوعية حياة مقبولة وكذا تحقيق توازن بيئي فعال”[44]، كما يعرف فقهيا باعتباره كل ضرر يحصل مباشرة للوسط البيئي بغض النظر عن أثره على الأشخاص أو الأموال لذلك ميز هذا الفقه بين الضرر المباشر الذي يصيب البيئة ذاتها باعتبارها المضرور من التلوث، وبين الضرر الذي يصيب الأشخاص والأموال باعتبارهم مضارين بشكل غير مباشر، فالضرر يمثل تعديا على المصلحة العامة للجماعة وخصوصا عندما يصيب الثروات أو العناصر البيئية[45]، وقد تم تعريف هذا النوع من الضرر في الحكم الصادر بشان قضية “إريكا” بتاريخ 30 مارس 2010 بكونه: “كل إضرار لايستهان به للوسط الطبيعي يشكل اعتداء على الجماعة الإنسانية التي تعيش في تفاعل مع هذا الوسط”[46]، فالثروة الطبيعية وفق هذا المفهوم تعد ملكا جماعيا مشتركا بين الفرد والجماعة[47]،  و حسب قرار محكمة النقض الفرنسية بشان قضية “إريكا” الصادر بتاريخ 25/09/2012  ضرر يتميز عن الضرر الشخصي المادي والمعنوي من حيث كونه  ضرر موضوعي مستقل يصيب الأصول البيئية غير التسويقية، ويشمل كل ضرر لايستهان به يصيب البيئة الطبيعية وكل مصلحة جماعية مشروعة بغض النظر عن انعكاسه على المصلحة الإنسانية الشخصية[48]، كما يمكن تعريفه بأنه “أي خلل معقول بالعناصر أو العوامل البيئية ذاتها بتأثير الإنسان مباشرة أو بشكل غير مباشر دون اشتراط إصابة شخص بعينه”أو “الأذى الذي يصيب المصادر الأولية للطبيعة كالهواء والماء والتربة ويتضرر منه الإنسان نتيجة لتوسطه المحيط البيئي وهو أخطر أنواع الضرر البيئي ذلك لأنه في الغالب غير قابل للإصلاح فمصادر الطبيعة التي تدمر لا يمكن صناعتها من جديد في معمل أو مصنع.”،[49]ويشمل الأضرار المترتبة على تلوث البيئة الجوية، والأضرار المترتبة على تلوث وسوء استغلال البيئة المائية والأضرار البيئية المترتبة على تلوث وسوء استغلال البيئة البرية.

وإذا كان الضرر من الشروط الجوهرية لقبول دعوى المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي، فإن هناك شروطا إجرائية لقبول هذه الدعوى، يجب توفرها في (المدعي) المضرور، فإضافة إلى شرط الأهلية يشترط في المدعي شرطي الصفة والمصلحة فيجب على المتضرر أن يثبت صفة صاحب الحق الذي وقع عليه الضرر،  ولما كان من شروط دعوى التعويض أن يكون الضرر شخصيّا ومباشرّا، حيث يحق للمتضرر وحده المطالبة بالتعويض عن الضرر ولا يستطيع أحد غيره المطالبة به ورفع دعوى المسؤولية لطلب التعويض عنه، فإن للضرر البيئي خصائص مميزة تجعله متفردا، ومختلفا عن غيره من الأضرار كاتسامه بالطابع  غير الشخصي إذ يتعلق بالمساس بشيء لا يملكه شخص معين، وإنما يستعمل من قبل الجميع دون استثناء، كما أنه ضرر غير مباشر لا يكون نتيجة طبيعية للنشاط الضار، فلما كان الضرر البيئي ينفرد بخصائص تميزه عن غيره من الأضرار العادية[50]، فإن من يمتلك الصفة والمصلحة في تحريك دعوى التعويض عن الأضرار البيئية يختلف بحسب ما إذا كانت الدعوى البيئية فردية، حيث يملك كل شخص طبيعي أو اعتباري من خلالها حق رفع الدعوى منفردًا، أو كانت الدعوى من حق هيئة عمومية دفاعا عن المصلحة العامة، أو جماعية يرفعها أحد المتضررين بيئيًا أو بعضهم نيابة عن البقية وباسمهم.

خاتمة

يتبين من خلال الاختلاف الفلسفي بشأن علاقة الإنسان بالطبيعة أن  مفهوم  الضرر البيئي لا ينحصر فقط في الإضرار بالإنسان وصحته وممتلكاته أي  الإضرار بالمصالح الشخصية للإنسان L’anthropocentrisme  بل يشمل الإضرار بعناصر الطبيعة  l’écocentrisme، وقد تأثر الفكر القانوني بهذا الاختلاف حيث تنقسم موارد البيئة، إلى موارد خاصة يمكن حيازتها وتملكها، وموارد عامة ومشتركة ينتفع بها الجميع، دون أن يكون للبعض حرمان الغير من ذلك، والمقرر في الأنظمة القانونية، أنه يلزم لقيام المسئولية والمطالبة بالتعويض أن يلحق ضرر بمصلحة يحميها القانون ويكون لصاحب تلك المصلحة صفة في رفع دعوى المسئولية، وإذا كان الضرر البيئي الذي يصيب الأشخاص وممتلكاتهم من خلال البيئة المحيطة بهم لا يعدو أن يكون ضررا شخصيا بمعناه التقليدي، و لا يثير أي إشكالية فيما يخص التعويض عنه، فيكون لزاما على المدعي تبيان المصلحة الشخصية والحق الخاص الذي تم المساس به وبرر اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض عن الضرر الشخصي،  فإن الضرر البيئي المحض ضرر غير شخصي، لأن الشيء الذي یصیبه الضرر هو محل الحق وهو من الأشیاء التي لا تعود ملكیتها لشخص معین، وإنما مس الضرر الموارد الطبیعیة،  فهل يمكن الاستناد في هذه الحالة على الحق في بيئية سليمة وصحية للمطالبة بالتعويض عن هذا الضرر ؟


[1] ترتبط هذه القضية بالعولمة وتحديات البيئة ، فلحظة غرق الناقلة في 12 من دجنبر 1999 كانت ترفع علم مالطا، وبالتالي تستفيد من تسهيلات مالية وضرائبية. وكانت قد حصلت على تصريح نقل من شركة رينا الإيطالية، مالكها يتخذ من لندن مقراً له وتشغلها شركة تابعة لتوتال TOTAL مقرها في بنما. الحادث وقع مقابل الشواطئ الغربية لفرنسا، في المنطقة الاقتصادية أي أبعد من 12 ميلا بحريا من المياه الإقليمية الفرنسية. لكن التلوث ضرب 400 كم من سواحل فرنسا.

بدأت المحاكمة في فبراير 2007، لتحديد المسؤولية. حضر قبطان السفينة، وممثلون عن شركة رينا وعن توتالTOTAL، بالإضافة لمالك السفينة، أما المدعي فكانت مناطق بريتاني وباي دو لالوار، بالاضافة للجمعيات الأهلية. ومطلبهم كان واضحاً: الإدانة الجنائية وتعويض عن الأضرار البيئية. في يناير 2008، وافقت المحكمة على قبول القضية . خطوة رحبت بها وزيرة البيئة الفرنسية وقت وقوع الكارثة. وبالإضافة إلى ذلك، قضية اريكا ساهمت بتطوير التشريع في أوروبا. فمنذ أكتوبر 2003 ناقلات النفط الأحادية البدن لا يمكنها دخول الموانئ الأوروبية.

Pour plus de développements sur les circonstances de cette affaire, voir “Erika” : la Cour de cassation confirme la condamnation de Total, https://www.lemonde.fr/societe/article/2012/09/25/la-cour-de-cassation-confirme-la-condamnation-de-total-dans-le-naufrage-de-l-erika_1765467_3224.html Publié le 25 septembre 2012 à 14h32 – Mis à jour le 26 septembre 2012 à 12h39 .

Voir aussi  Aziz Ettayebi « La responsabilité civile à l’épreuve du préjudice écologique : cas de l’affaire de l’Erika » in l’environnement et le développement durable :les nouvelles alternatives, Textes réunis par Bouchra Nadir, issus du colloque international qui s’est tenu les 12 et 13 Novembre 2012 à la faculté des sciences juridiques éonomiques et sociales –souissi à Rabat. p 261, et s.

[2]«Dans l’affaire de l’Erika, la difficulté de la définition du dommage écologique ne semble pas avoir échappé au président  du tribunal Jean-Baptiste Parlos, lequel a porté une attention spécifique tout au long du procès sur la question du dommage écologique, en particulier en demandant à plusieurs représentants ou experts des parties civiles d’apporter leur propre définition de la notion, complexe, de dommage écologique »,Julien Hay, Le préjudice écologique,www.coordination maree- noire ,eu /spip.php? article consulté le 18/10/2012.

[3]مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 1، ترجمة معين شفيق رومية ،2006 ، سلسلة عالم المعرفة، عدد 332، الكويت،2006، ص  17.

[4]جمال بامي، الفلسفة البيئية وأخلاق الأرض ، مجلة الإحياء، العددان 32-33، غشت 2010، ص135.

[5]مايكل زيمرمان، الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 1، م س، ص 16.

[6] Pour plus de développements vior, Catherine Larrère, Les éthiques environnementales, Dossier « Le réveil du dodo III »,Natures Sciences Sociétés 2010/4 (Vol. 18), pages 405 à 413.

[7]جمال بامي، الفلسفة البيئية وأخلاق الأرض ،مجلة الإحياء، العددان 32-33، غشت 2010، ص 139.

[8]جاء في شريعة حمورابي سبعة مواد تخص النخيل حيث فرضت المادة التاسعة والخمسون غرامة تقدر بحوالي ” 228″ غرام من الفضة على كل من يقطع شجرة واحدة، انظر لمزيد من التفصيل عبد الناصر هياجنة ، القانون البيئي ، النظرية العامة للقانون البيئي مع شرح التشريعات البيئية، عمان ، الأردن ، ط 1 ،2012، ص 25.

[9]من بين مظاهر حماية البيئة لدى المصريين القدماء عنايتهم بنظام الصرف الصحي ، وابتكار المراحيض الصحية بمنازلهم لمنع تلويث البيئة المحيطة بروائح الفضلات الآدمية الكريهة ن وكذا عقاب كل من يقتل أو أو يسئ معاملة حيوان بالضرب، خصوصا إذا وقع الاعتداء على حيوان مقدس، حيث قد تصل العقوبة إلى حد الإعدام ، انظر لمزيد من التفصيل ماهر الألفي، الحماية الجنائية لبيئة، دار الجامعة الجديدة للنشر، ط 1، 2009، ص26-27.

[10]أحمد محمد حشيش، المفهوم القانوني للبيئة، في ضوء مبدأ أسلمة القانون المعاصر، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر، مصر، 2008، ص 60.

[11]مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 2 ترجمة معين شفيق رومية ،2006 ، سلسلة عالم المعرفة ، عدد 333، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ،2006، ص ص 34-35.

[12]حوسى أ زارو، الفلسفة البيئية: نحو أخلاق طبيعية بديلة، متاح بالموقع الإلكتروني :https://aawsat.com/home/article/474296،بتاريخ 15 أكتوبر 2015 مـ.

[13]مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 1، م س، ،ص 37.

[14]عبد الله تركي حمد العيال الطائي، الضرر البيئي وتعويضه في المسؤولية المدنية، منشورات الحلبي، لبنان، ط 1، 2013 ، ص 66.

[15]مايكل زيمرمان، مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 1، م س،ص ص 33-38.

[16]وقد دعا هذا التوجه الفكري والفلسفي إلى التخلص من الافتراضات المسبقة الحيوية والعضوية، التي تشكل قيدا ثقافيا يحد من أنماط الأفعال البشرية المباحة اجتماعيا وأخلاقيا ذات الصلة بالطبيعة، ومقابل التخلص من النظرة العضوية التي تنظر إلى الطبيعة كأم حاضنة، دعا هذا التوجه الفكري إلى تبني فلسفة جيدة، تنظر إلى الطبيعة كمنظومة من الجسيمات الميتة الجامدة تتحرك بواسطة القوى الخارجية وليس بقواها الذاتية، وقد استندت هذه النظرة التي طورها فلاسفة الطبيعة خلال القرن السابع عشر إلى التراث والنموذج الرياضي الآلي الغربي  وصولا إلى أفلاطون، وقد أدى هذا التيار الفكري الداعي إلى الهيمنة البشرية على الطبيعة وفضح أسرارها تجريبيا وكشف مكائدها للسيطرة عليها إلى شرعنة التلاعب بالطبيعة وترافق بإطار من القيم تتأسس على السلطة وتتوافق مع الاتجاهات التي اتخذتها الرأسمالية التجارية،مايكل زيمرمان، م س،  ص 38-48.

[17] جمال بامي، الفلسفة البيئية وأخلاق الأرض ،مجلة الإحياء، العددان 32-33، غشت 2010، ص 143

[18]حوسىأزارو، الفلسفة البيئية: نحو أخلاق طبيعية بديلة، متاح بالموقع الإلكتروني :https://aawsat.com/home/article/474296،بتاريخ 15 أكتوبر 2015 مـ.

[19]وبدلا من المحافظة على كوكب الأرض واحترامه واحترام الفصائل المختلفة التي تعيش على سطحه سعى الإنسان -كما وصفه جون لوك- ليصبح “سيدا للطبيعة ومالكها”، وساعدت الفردية الليبرالية على انطلاق مشروع التراكم الرأسمالي التحديثي بمقاييسه الاقتصادية النقدية بعيدًا عن التكلفة الإنسانية والطبيعية، معطيًا الإنسان الضوء الأخضر للسيطرة على الطبيعة والزعم بالقدرة على معرفة كل أسرارها بالعلم بعد التحرر من الغيب والدين، فتم استنزاف الطبيعة لراحة الإنسان ومصلحته رانيا نبيل زهران- هبة رؤوف عزت، البيئة: من مركزية الإنسان والطبيعة.. إلى الاستخلاف www.khayma.com/almoudaress/takafah/albiaa.htm

[20]محمد بن سباع، الفلسفة الإيكولوجية الراهنة، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة عبد الحميد مهري، قسنطينة 2، الجزائر، عدد 45، يونيو 2016 ، ص 57.

[21] Voir A. Naess, « The Shallow and the Deep, Long-Range Ecology Movement », Inquiry, n°16, 1973, p. 95-100.

 [22]ينطلق هدف الإيكولوجية العميقة من إرادة لتعميق الوعي الإنساني من أجل إحياء الإحساس بالانتماء العميق لمجموع الكائنات الحية، ويرغب منظرو الإيكولوجيا العميقة وعلى رأسهم “أرني نايس” في نحت أخلاقية جديدة قابلة للتبني من طرف الكل بغض النظر عن الانتماءات الدينية والإيديولوجية وصولا إلى إدراك أن مصير الفرض في العالم يمر بالضرورة عبر قبوله الارتباط بالطبيعة في كليتها إن الاتحاد مع الطبيعة حسب الإيكولوجيا العميقة مؤداه التخلي عن أي رغبة في الهيمنة على الكائنات الحية التي تقتسم مع الإنسان العيش في الطبيعة لمزيد من التفصيل راجع :جمال بامي، م س ، ص 143، مايكل زيمرمان ، الفلسفة البيئية من حقوق الحيوان إلى الايكولوجيا الجذرية، ج 1، م س، ص ص231- 327؛

-Voir aussi: Encyclopedia of EnvironmentalEthics and Philosophy , 2nd/ 7/18/2008 ,p260.

[23] Aldo Leopold est un forestier, écologue et écologiste américain.Il a influencé le développement de l’éthique environnementale moderne et le mouvement pour la protection des espaces naturels. Aldo Leopold est considéré comme l’un des pères de la gestion de la protection de l’environnement aux États-Unis , http://www.jose-corti.fr/auteurs/leopold-Aldo.html#cacher

[24]وكما يقول ليو بولد في كتابه الشهير ” أخلاق الأرض”  ” إن أخلاق الأرض ببساطة هي توسيع “دائرة الكائن البيئي ” ليشمل التراب والماء والنبات والحيوان أي باختصار الأرض وتوصل ليو بولد مسلمته التي أصبحت شعار  الفكر الإيكولوجي المعاصر والتي تقول “أن الشيء السليم هو الذي ينحو منحى الحفاظ على الوحدة والاستقرار والجمال الذي يسود المجتمع الحي وسيكون عين الخطأ إن نحا منحى مغايرا”، جمال بامي، م س ، ص 143.

[25]جمال بامي، مس ، ص 152.

[26] الحكم رقم 848 الصادرعن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في الملف رقم 413-414/11/6 بتاريخ 25/4/2012.

[27]جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 5 /119 المؤرخ في  26 فبراير 2013، ملف مدني رقم 3291/1/5/2012 :”حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه ادعاء المطلوب بمقال أمام المحكمة الابتدائية بأكادير أنه يسكن بعنوانه أعلاه رفقة أسرته يجاوره محل الطالب الذي يستغله شخصيا في مختلف أعمال النجارة بواسطة آلات كهربائية ينتج عنها ضجيج وتلوث وروائح بسبب المواد الكيماوية والغبار مما اثر على صحة أبنائه وأصيب اثنان منهما بالربو وامراض صدرية أخرى ملتمسا رفع الضرر بإغلاق المحل موضوع النزاع والكف عن مزاولة مهنة النجارة به أو أي عمل اخر مرتبط بها وذلك تحت طائلة غرامة تهديدية”.

راجع  بهذا الخصوص أيضا قرار محكمة النقض  قــرار عدد  46 المؤرخ في 13يناير 2010 ملف إداري رقم2009/2/4/ 374.

[28] قــرار محكمة النقض رقم  5073المؤرخ  في 20 نونبر 2012  ملف  مدني رقم 2011/6/1/4286.

[29]affaire des boues rouges en Corse (TGI Bastia, 8 décembre 1976.

[30]أحمد محمد حشيش،المفهوم القانوني للبيئة،في ضوء مبدأ أسلمة القانون المعاصر، دارالكتب القانونية، دارشتات للنشر،مصر، 2008،ص 60.

[31]جاء في قرار لمحكمة النقض” حيث يستفاد من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة  الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ26/11/2013  في الملف عدد  285/09/6 انه تقدم مورث الطالبين بمقال افتتاحي أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ  6 يونيو 2006 عرضوا فيه انه يملك أرضا فلاحية كائنة بمزارع أولاد سمير دوار الواردة البالغة مساحتها حول نصف خدام يوجد عليها منزل مكون من غرفتين ومطبخ وثلاث مخازن للعلف والحبوب وحوله سبعة أشجار يحدها شرقا وجنوبا (…) وغربا خلفية السباعي وشمالا ورثة (…) وان أرضه باعتبارها توجد على بعد أمتار معدودة من الاستغلالات المنجمية للمكتب الشريف للفوسفاط فقد أدت الانفجارات القوية التي يحدثها هذا المكتب بغرض استخراج الفوسفاط إلى حدوث عدة تصدعات بجدارن منزله الذي أصبح مهددا بالانهيار بالإضافة إلى نضوب مياه البئر الذي يعتبر مصدرا لتوفير مياه سقي الأرض ولسد حاجياته من الماء الشروب وكل ما تحتاجه الماشية مما أدى إلى تضرر الأغراس وحال دون استمراره في تربتيه الماشية لعدم توفر المياه الضرورية كما أن مزروعاته وماشيته تعرضت بدورها للضرر بفعل تناثر غبار الفوسفاط حيث تكونت على أوراق الأشجار وعلى الأرض طبقة سميكة منه أدت إلى  جعل تلك الأرض قاحلة والأشجار غير مثمرة.

[32]قرار محكمة النقض رقم3/50 بتاريخ 2 فبراير 2013 ملف مدني رقم 2011/3/1/4398.

[33] une nouvelle vision de préjudice écologique est apparru,il s’agit d’un préjudice collectif qui vise le dommage porté àl’homme, mais d’une façon indirecte et collective, Pour plus de développements voir le rapport de la commission« Environnement » du Club des juristes «Mieux réparer le dommage environnemental » Janvier 2012.. www.leclubdesjuristes.com/…/Rapport_Commission_Environnement-1.pdf‏,consulté le  22/10/2013.p 15 et s.

[34]  dans ce cas  l’atteinte est aux des droits collectifs réels extra-patrimoniaux ,c’est un préjudice moral comme l’atteinte à l’image de marque,M.P Camproux-Duffrene,les modalité de réparation du dommage ;apport de la « responsabilité environnementale »in ,la responsabilité environnementale prévention ,imputation, réparation, ouvrage collectif,Dalloz,2009.p 113.

[35]c’est une atteinte aux « services écologiques » rendus aux êtres humains par la nature, vior à ce propos le rapport de la commission« Environnement .Op,cit, p15 et s .

[36] ʺلهذا  ينبغي التممييز بين بين الضرر البيئي بمعناه الفني ، وبينʺ ضرر الضرر البيئي ʺ،ذلك الذي يطلق عليه على سبيل الخطأ ʺ الضرر البيئي  بالمعنى التقليدي،ومن ثم تترتب عليه المسؤولية المدنية التقليدية.ʺ personnel،ولو انه ليس الا ضررا شخصيا، انظر لمزيد من التفصيل،أحمد محمد حشيش ، م س ،2008،ص166.

[37] فهو لا يلحق بجسم المضرور أو ماله إلا بطريق التبعية، ولذا يسميه البعض بضرر الضرر البيئي. ينظر: أحمد عبد الكريم سلامة الحماية القانونية لبيئة المناطق الساحلية المصرية، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد السادس عشر، أكتوبر 1994، ص 34 وما بعدها.

[38]مسلط قويعان المطيري، المسؤولية عن الأضرار البيئية و مدى قابليتها للتأمين، بحث لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق،كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية،2007 ، ص 35.

[39]أحمد عبد الكريم سلامة، الحماية القانونية لبيئة المناطق الساحلية المصرية ، م س ، ص 48 وما بعدها.

[40] راجع  في شأن  تلوث المياه: المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث البيئي في القانون المصري وقوانين البلاد العربية، رسالة دكتوراه، جامعة االقاهره، 2008، ص 141 وما بعدها.

[41]المادة الأولى من قانون حماية البيئة و مكافحة التلوث لسلطنة عمان رقم 114/2001 مؤرخ في 28شعبان 1422 موافق لـ 14 نوفمبر 2001، ج.ر،لسلطنة عمان، ع.707 مؤرخة في 17/11/2001.

[42]la seconde conception du préjudice écologique est plus novatrice  elle correspond au préjudice écologique« au sens strict du terme »,c’est le préjudice objectif causé à l’environnement, abstraction faite de ses conséquences pour l’homme , «le préjudice écologique pur », qui concerne tout dommage causé directement au milieu pris en tant que tel indépendamment de ses répercussions sur les personnes et sur les biens  autrement dit, c’est  un dommage objectif, affectant exclusivement la nature sans qu’aucune personne ne soit victime, au moins de façon directe et immédiate ,il peut se définir aussi  « comme étant les conséquences d’un évènement désastreux subi par la nature au-delà d’un certain seuil de gravité et qui trouve son origine dans un fait de l’homme .  pour plus de développements voir : Aziz Ettayebi.Op,cit. p 261, et s.

[43] Article 2/7/c : « loss or damage by impairment of the environment ».

[44]  Liability & compensation Regimes related to environmental Damage. Review by UNEP. Expert meeting 13th May 2002, Geneva, p 27.

[45]  Caballero (Francis) : Essai sur la notion juridique de nuisance, thèse, Paris : Librairie générale de droit et de jurisprudence, 1981, 1 vol. p 293, Patrick Girod. — La réparation du dommage écologique, Paris, Librairie générale de droit et de jurisprudence, 1974, thèse, p 32.

[46]« toute atteinte non négligeable au milieu naturel constitue une agression pour la collectivité des hommes qui vivent en interaction avec lui » le rapport de la commission« Environnement » du Club des juristes «Mieux réparer le dommage environnemental » Janvier 2012. p 15 et s.cette distinction faite par le club des juristes a été déduit de« la nomenclature des préjudices réparables en cas d’atteintes à l’environnement » .Voir Aude-Solveig Epstein [VertigO] La revue électronique en sciences de l’environnement, n° 8, 2010. http://id.erudit.org/iderudit/045544ar

[47]selon cette notion le patrimoine naturel peut être conçu comme un bien commun, un patrimoine commun  qui correspond à une vision holiste où tant les individus que les différentes collectivités qui les rassemblent trouvent leur juste place dans une subsidiarité bien comprise, voir :Thomas DUMONT avec la collaboration de Nicolas HUTEN, Dommage écologique . La revue juridique de l’environnement, RJE. 2/2008, p 212.

[48]la Cour de Cassation française retient formellement dans sa décision de 25/09/2012  la conception de “préjudice  écologique” qui permet de demander réparation au titre d’un préjudice à l’environnement et pas seulement pour la réparation du préjudice matériel et moral. Elle le définit comme « une atteinte aux actifs environnementaux non marchands, il est objectif, autonome et s’entend de toutes les atteintes non négligeables à l’environnement naturel, sans répercussion sur un intérêt humain particulier, mais affecte un intérêt collectif légitime.

[49]، أنور جمعة علي الطويل، دعوى المسؤولية عن الأضرار البيئية، رسالة دكتوراه في الحقوق، جامعة المنصورة كلية الحقوق، 2014، طَ1، ص 29.

[50]  راجع بهذا الخصوص ، أنور جمعة علي الطويل ،  م س، ص 47 وما بعدها.

Exit mobile version