خصم الاوراق التجارية على ضوء العمل القضائي
سكينة الحرفي
طالبة باحثة بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس السويسي – الرباط
تتربع عمليات الائتمان على عرش العمليات البنكية التي تقدمها البنوك لزبنائها ذلك أن البنوك تعد حسب صريح المادة الأولى من قانون 34.03 مؤسسات ائتمانية وبامتياز فهذه الوظيفة الائتمانية تعد وسيلة فعالة في تحريك العجلة الاقتصادية نضرا لما تخوله من إمكانيات لزبنائها، خاصة التجار منهم في الحصول على الائتمان الذي يخول لهم الوفاء بالتزاماتهم .
ويتخذ الائتمان صورا متعددة، مباشرة وغير مباشرة، ويعد منح القروض وفتح الاعتمادات البسيطة، إضافة إلى عملية الخصم أهم الصور المباشرة للائتمان، وما يهمنا في هذه العمليات هو عقد الخضم L’escompte الذي يعد موضوع دراستنا.
وقد عرف بعض الفقهاء الفرنسيين الخصم بأنه تظهير الورقة التجارية للبنك ، الذي يؤدي مبلغها لمظهر بعد أن يقتطع منه مقدارا يشكل أجرا لذلك البنك .
وإذا كان إعطاء التعاريف من اختصاص الفقه، فانه نجد بعض التشريعات الحديثة بدأت تخرج عن هذه العادة، بإعطاء تعاريف لبعض المؤسسات القانونية من اجل تحديدها بشكل دقيق ن وهذا ما نهجه مشرع مدونة التجارة المغربي بحيث عرف عقد الخضم في المادة 526 بأنه عقد تلتزم بمقتضاه المؤسسة البنكية بان تدفع للحامل قبل الأوان مقابل تفويته لها مبلغ أوراق تجارية أو غيرها من السندات القابلة للتداول التي لم يحل اجل دفعها في تاريخ معين ، على ن تلتزم برد قيمتها إذا لم يفي بها الملتزم الأصلي.
وترجع الجذور التاريخية لعقد الخصم إلى القرن 17 ميلادي، على يد بارت رسون مؤسس بنك انجلترا وما ساعد على تطور هذه التقنية البنكية هو ازدهار المعاملات عن طريق الأوراق التجارية، خاصة الكمبيالة، قبل أن يتم تعميم هذا التضام على جميع السندات القابلة لتداول .
ومن هنا أصبح عقد الخصم يكتسي أهمية كبرى داخل المجال الاقتصادي لكونه يوفر الأموال اللازمة للمقاولة قبل حلول الموعد المحدد للاستفادة منها، كذلك أضحى وسيلة لتعبئة بعض الديون القصيرة ومتوسطة الأمد.
وهذه الأهمية الاقتصادية لعقد الخصم تبرر الأهمية القانونية نضرا للعلاقة الوطيدة بين ما هو اقتصادي وما هو قانوني على اعتبار أن أي تطور اقتصادي لا يمكن أن يكون تاما إلا إذا واكبه تطور قانوني يحميه في إطار ما اصح يعرف بالأمن القانوني والقضائي هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فان لعقد الخصم أهمية عملية أيضا تتجسد بالخصوص في تتبع مسار الاجتهاد القضائي خاصة الفرنسي في تطوير هذه العملية.
وإذا كان عقد الخصم من العقود البنكية التي تم تنظيمها بمقتضى مدونة التجارة، وهي بذلك تبقى حديثة العهد، مما يكون معه التساؤل مشروعا، فيما إذا كان المشرع المغربي من خلال تنظيمه لهذا العقد، قد توفق في إيجاد نضام قانوني يستجيب لأهميته على المستوى الاقتصادي، وكذلك حدود مساهمة القضاء في تطوير هذه العملية .
ولدارسة هذا الموضوع سوف نعتمد خطة البحث التالية :
المبحث الأول: عقد الخصم بين التكييف الفقهي والإبرام العقدي
المبحث الثاني: آثار عقد الخصم
المبحث الأول: عقد الخصم بين التكييف الفقهي والإبرام العقدي
في هذا المبحث سوف نتناول التكييف الفقهي لعقد الخصم (مطلب الأول) بينما نتطرق الى انعقاد عقد الخصم البنكي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التكييفات الفقهية لعقد الخصم : الخصم هو عقد ذو طبيعة خاصة
سنتطرف في هذا المطلب إلى الطبيعة القانونية لعقد الخصم (الفقرة الاولى) ثم الى تمييزه
عن المؤسسات المشابهة “مؤسسة استخلاص الكمبيالة نموذجا”( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية لعقد الخصم
أولا: نظرية القرض بضمان الورقة التجارية
حسب أنصار هذا التيار[1] فإن عملية خصم الأوراق التجارية تعتبر قرضا يمنحه البنك الخاصم بصفته مقرضا إلى زبونه وبضمان الورقة التجارية ذاتها.
وعللوا رأيهم بقولهم أن الزبون لا يلجأ إلى البنك من أجل خصم الأوراق التجارية التي يظهر فيها كمستفيد، إلا إذا كان بحاجة إلى سيولة نقدية، فإذا تولى ذلك البنك تمويله بما يحتاجه من النقود فإنما يفعل ذلك على سبيل الإقراض.
ويؤدي هذا الرأي إلى نتيجة[2] وهي أن البنك لا يتخذ في إطار عملية الخصم إلا صفة دائن مرتهن أي حائز للورقة التجارية كضمان للقرض الذي منحه للزبون، وبالتالي فهذه الصفة لاتخول له مكنة استخلاص قيمة تلك الورقة إلا إذا امتنع هذا الزبون من تسديد ذلك القرض، وهو ما يتنافى مع ما هو ثابت تشريعيا من أن البنك يمتلك الورقة التجارية بمقتضى التظهير الناقل للملكية، نظرا للغموض الذي يكتنف هذه النظرية فقد تم هجرها من طرف الفقه الحديث.
ثانيا: نظرية حوالة الحق
وقال بهذا الرأي الأستاذان Paul Lecont و [3]René Roblot
ويراد بحوالة الحق ذلك العقد الذي يتفق بمقتضاه الدائن المحيل مع أجنبي على أن يحول لها لحق الذي في ذمة مدينه، فيحل الأجنبي حل الدائن في هذا الحق نفسه.
إلا أن هذه النظرية انتقدت لعدة مبررات، من حيث الشروط، فخصم الأوراق وإن كان عقدا مفهوم ليس بحوالة لأن نقل ملكية الورقة التجارية إلى البنك لا يستلزم، كما هو الشأن بالنسبة للحوالة، أن يتم تبليغه إلى المدين بها تبليغا رسميا أو أن يقبل ذلك في محرر ثابت التاريخ.
ومن حيث الآثار، فإنه يترتب عن اعتناق هذه النظرية آثار وخيمة تتمثل في إمكانية إحجام المؤسسات البنكية عن خصم الأوراق التجارية المقدمة لها لهذا الغرض، لأن الضمانات المقررة لها في استرداد، تكون قد دفعته للمستفيد من الخصم تضعف في حالة اعتبار الخصم حوالة للحق، حيث يمكن للمدين بالورقة التمسك في مواجهة البنك بكل الدفوع التي كان بإمكان التمسك بها في مواجهة الدائن ، لهذا فلا يمكن الأخذ بهذه النظرية بصدد الخصم.
ثالثا: نظرية البيع
يرى جانب من الفقه الفرنسي على رأسهم الأستاذان Jean pierre le GALL و Pierre Verminmen[4]، أن الخصم هو عقد بيع محله الحق الثابت في الورقة التجارية، وطرف العقد هما المستفيد من الورقة التجارية، الذي يتخذ وفقا لهذا الرأي صفة البائع، والبنك الخاصم الذي يتخذ صفة المشتري.
لاقت هذه النظرية صدى لدى القضاء الفرنسي لكونها نجحت في تفسير بعض أحكام عملية الخصم من حيث اعتبار يد البنك على الورقة التجارية يد مالك وليس يد مرتهن، ومن تم يصبح من حقه أن يطالب الملتزمين بها بمبلغها عند حلول أجل استحقاقها. كما أن هذه النظرية قد أفلحت في إعطاء الشرعية القانونية للبنك في تحديد سعر الخصم، علاوة على أن تبنيها يمكن من إبراز طبيعة عقد الخصم كعقد ملزم للجانبين.
إلا أن ما قد عيب على هذه النظرية هو إغفالها كون الخصم عقد بنكي، ثم محاولة تثبيتها فكرة مفادها أن هدف البنك من خصم الأوراق التجارية إليها هو المضاربة فيها ووسيلة في ذلك كراء الورقة التجارية بثمن أدنى لبيعها بثمن مرتفع.[5]
إلا أن هذا الرأي يؤاخذ عليه كون عملية الخصم عملية ائتمانية في حين أن البيع هو مضاربة على الفرق بين الثمن الذي يدفعه والثمن الذي يبيع به من اشتراه، ثم إن الخصم إذا كان قريبا من فكرة الشراء، أي تبادل قيمتين فالعميل يتملك النقود والبنك يتملك الورقة لكن بين الخصم والشراء فارق، أن الثمن في الشراء قد يكون أقل من قيمة المبيع أما في الخصم فهذا لا يجوز.
رابعا: الاعتماد
أمام الانتقادات التي تعرضت لها النظريات التقليدية في تكييف الخصم، ظهر اتجاه فقهي حديث يتزعمه الأستاذ Jean clause GROSLIERE، يرى[6] بأن الخصم عمل بنكي مستقل بذاته له ظروفه وأهدافه ونظامه الخاص وبالتالي لا يجب البحث عن إفراغه أو إلحاقه بإحدى المؤسسات القانونية الشائعة.
وعليه يكون الخصم عملية اعتماد تقوم على ثقة البنك في استرجاع ما عجله لزبونه ثقة قائمة في كل عمليات الائتمان.[7]
ورأي هذا الاتجاه ينسجم مع موقف المشرع المغربي الذي عبر عن الطبيعة الخاصة لعقد خصم الأوراق التجارية، حيث يستشف من قلة النصوص القانونية المنظمة لعقد الخصم ترك المشرع المجال للعادات البنكية ، التي تعتبر المصدر الأكثر غزارة للقانون البنكي عامة ولعقد الخصم على الخصوص، وهو ما حدا بالمشرع على النص في مدونة التجارة على أنه “يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين وأعراف وعادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري”، حيث يكون قد طرح جانب النظريات التقليدية ما دام أنه جعل الأولوية في التطبيق بخصوص عقد خصم الأوراق التجارية لمدونة التجارية، ثم للأعراف والعادات التجارية وجعل أحكام القانون المدني في مرتبة متأخرة ولا يرجع إليها إلا لسد الفراغ في المصادر السابقة وكل ذلك بشرط عدم تعارض أحكامه مع أحكام التجارة.
الفقرة الثانية: تمييز الخصم عن المؤسسات المشابهة (مؤسسة
استخلاص الكمبيالة نموذجا)
عرف الأستاذ علي البارودي[8] عملية استخلاص l’encaissement الأوراق التجارية بأنها تلك العملية التي قوامها تسليم الزبون لبنكه ورقة تجارية يظهر فيها الزبون كمستفيد وذلك قصد قيام المؤسسة البنكية المذكورة بتحصيل المبالغ الثابتة فيها، وإدراجها في الجانب الدائن لحساب الزبون.
وهذه العملية هي شائعة في إطار الممارسة البنكية، فكثيرا ما يعهد حامل الورقة التجارية إلى أحد البنوك بتحصيل قيمتها لحسابه، لأن هذا الحامل لا تتوفر لديه عادة الوسائل الكافية لتحصيل الأوراق التجارية بنفسه لا سيما إذا كان المدين بها مقيما في جهة بعيدة، في حين أن ذلك متيسر للبنوك بما لها من وكالات وممثلين في أماكن متعددة.
ونظرا لكون كل من عمليتي الخصم والاستخلاص تدخلان في إطار العمليات البنكية وتردان على نفس المحل، وهو الأوراق التجارية، وغالبا ما تكون نقطة انطلاقتها هي. تظهير الورقة التجارية من الزبون المستفيد منها للبنك.
ولإبراز الحدود الفاصلة بين كل من العمليتين فإننا سندرس معايير التمييز بينها ثم نقطة مهمة وهي الفائدة التي ستفتح من خلالها على قانون صعوبات المقاولة.
أولا: معايير تمييز الخصم عن الاستخلاص l’encaissement
إذا كان البنك يتدخل في إطار عقد الخصم بصفته مالكا للورقة التجارية، فإنه في عملية الاستخلاص لا يعدو أن يكون مجرد وكيل عن زبون الذي قدم الورقة التجارية لتحصيل مبلغها من المسحوب عليه.
وإن كان هذا المقتضى لا يطرح إشكالا على المستوى النظري فعلى المستوى العملي يبقى التساؤل مطروحا حول المعايير التي يمكن الاعتداد بها للقول بأن الأمر يتعلق بالخصم أو الاستخلاص.
لم ينص المشرع على هذه المعايير تاركا المبادرة للفقه والقضاء لوضع المعايير التي على ضوئها يمكن التفرقة بين العمليتين، ومن أهم المعايير نجد:
1-معيار الدفع الآني مقابل الوفاء:
وفقا لهذا المعيار فإنه إذا صاحب تسليم الورقة التجارية منح مقابلها بصفة آنية أو فورية، بأن أدرج البنك قيمتها في حساب الزبون، فالعملية خصم.[9] أما إذا لم يصاحب تسليم الورقة التجارية تمكين البنك لزبونه من مقابلها بصفة آنية فإن الأمر يتعلق بعملية استخلاص.
لكن التمييز يصعب حين نقدم الورقة التجارية للتحصيل ويتزامن ذلك مع منح البنك للزبون مقدم الورقة التجارية تسبيقا آنيا للمبلغ الذي تمثله والذي يعد من سمات الخصم، لذا كان لا بد من تعزيز هذا المعيار بمعيار ثان هو معيار شكل التظهير.
2- معيار شكل التظهير
حسب هذا المعيار فإن شكل التظهير هو المحدد الأساسي لتمييز عملية الخصم عن الاستخلاص، فإذا كان التظهير التي تم بموجبه وضع الورقة التجارية بين يدي البنك توكيليا فإن الورقة التجارية قدمت للاستخلاص، أما إذا كان التظهير ناقلا للملكية اعتبر أن العملية خصم.
لكن التحديد المستند لهذا المعيار يصبح صعبا إذا كان التظهير على بياض.
هنا أجاب الفقه الفرنسي أن التظهير على بياض تؤكده الممارسة العملية، فالبنك لا يمكن قبول خصم أية ورقة تجارية كيفما كانت، فتقدير مخاطر العملية يتطلب بعض الوقت، لذلك فإن ما يجري العمل به أن تظهر الورقة التجارية للبنك على بياض لفحصها، بحيث إذا كان هذا الفحص سلبيا قام البنك برد السند لمقدمه، أما إذا كان الفحص إيجابيا عمل على إتمام التظهير (بملء البياض باسمه) وتوجيه بيان لمقدم الورقة التجارية يحدد له فيه شروط العملية.[10]
كذلك يثار التساؤل في الحالة التي يتضمن فيه التظهير الناقل للملكية شرطا يقضي بعدم إمكانية تظهيرها من جديد وأثر هذا الشرط على حقوق البنك، فهنا تنص المادة 169 من م ت على أن البنك يبقى له حق الرجوع على المستفيد من الخصم دون إمكانية الرجوع على باقي الملتزمين الآخرين، وقد أكدت محكمة النقض هذه القاعدة في قرار لها حيث جاء فيه “التظهير الناقل للملكية ينقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر للمظهر إليه، ومتى تضمنت الكمبيالة عدم قابليتها للتظهير فإنا لمستفيد الذي يقوم بالرغم من ذلك بتظهيرها للبنك من أجل خصمها يكون تظهيره تظهيرا ناقلا للملكية، ولا يمكن بالتالي للبنك المظهر له الرجوع على الغير المسحوب عليه متى اشترط هذا الأخير عدم قابلية الكمبيالة للتظهير، وارتضى مع ذلك البنك تظهيرها له من طرف المستفيد، ويبقى له فقط حق الرجوع على المستفيد من الخصم.[11]
ثانيا: أهمية التمييز بين الخصم والاستخلاص وآثارها
1- عدم إمكانية الدائنين استرداد الورقة المخصومة في حالة فتح مساطر
المعالجة في وجه مقدم الورقة
إن افتتاح مساطر المعالجة يتم بناءا على حكم قضائي يتضمن عدة مشتملات، من بينها، تعيين السنديك الذي يتولى القيام بمجموعة من المهام من أبرزها أنه وحده له الصفة للتصرف باسم الدائنين ولفائدتهم، ولصفته هذه فإنه يطالب باسترداد الأموال التي لمدينهم في مواجهة الغير.
وهكذا، فإذا قدمت للبنك أوراق تجارية لأجل استخلاص المبالغ الثابتة فيها، فإن للسنديك حق مطالبة ذلك البنك برد الأوراق التي لم تستخلص.
أما إذا تعلق الأمر بأوراق تجارية قدمت للخصم فإنه لا يمكن للسنديك أن يسترجع تلك الأوراق ما دام أن يد البنك عليها يد مالك وليست يد وكيل. بل ويتعذر على السنديك المطالبة باسترجاع الأوراق المخصومة التي تم تقديمها في فترة الريبة من طرف المسحوب عليه المتوقف عن الدفع، وذلك تطبيقا للمادة 684 من م.ت التي استثنى فيها المشرع أداء الكمبيالات والسندات لأمر والشيكات وكذلك الديون التي تم تفويتها طبقا لمقتضيات المادة 529 وما بعدها، من الخضوع للمادة 682 التي تنص على أنه يمكن للمحكمة أن تبطل كل عقد بمقابل أو كل تأسيس لضمان أو كفالة إذا قام به المدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع.
ويرى بعض الفقه أن تقرير إعفاء الحامل الشرعي (البنك الخاصم) من رد الورقة التجارية، عن طريق استثناء الأوراق التجارية من الخضوع لمقتضيات المادة 682 م.ت، ما هو إلا تيسير وتسهيل لتناول الأوراق التجارية التي تعتبر روح الائتمان وأداة لازدهار التجارة والإقلاع الاقتصادي.
2– عدم إمكانية التمسك بالدفوع تجاه البنك الخاصم
باعتبار أن البنك لا يتخذ في إطار عملية استخلاص الأوراق التجارية إلا صفة وكيل عن من قدمها إليه لتحصيل مبلغها من المدين بها، فإنه يجوز لهذا المدين أن يتمسك في مواجهة البنك بكل الدفوع التي كان بإمكانه التمس بها في مواجهة المستفيد.[12] أما إذا تعلق الأمر بخصم الأوراق التجارية فإنه لا يمكن للملتزمين بها أن يحتجوا تجاه البنك الخاصم بالدفوع المبنية على علاقتهم الشخصية بالموقعين السابقين، إلا إذا كان البنك سيء النية.
المطلب الثاني: انعقاد عقد الخصم البنكي
بعد الوقوف على مفهوم عملية الخصم البنكي وتمييزها عن باقي العقود البنكية المشابهة أصبح ضروريا أن يتم الإشارة إلى كيفية انعقاد هذا العقد مما سيدفعنا إلى معرفة الأركان التي يمتاز بها عن العقود البنكية الأخرى فبالرجوع إلى مقتضيات المادة 326 من مدونة التجارة 1996 ” سنجد أن الخصم هو عقد بمقتضاه توفر المؤسسة البنكية المبلغ المضمن في الورقة التجارية قبل حلول اجل استحقاق مقابل فائدة تحصل عليها فحين يبقى لها حق الرجوع على المستفيد في حالة اذا لم يتم استحقاق هذا المبلغ في الآجال المسماة ” ومن تم كانت هذه العملية تخضع للمجموعة من الإجراءات الشكلية التي تهدف من خلالها المؤسسة البنكية إلى زيادة نسبة الضمان[13] .
يمكن القول على أن عملية إبرام عقد الخصم تستلزم توفر مجموعة من الأركان المنصوص عليها في القواعد العامة وأخرى تتميز بطابع خاص تتمشى وفق خصوصيات عقد الخصم فانه كان لازما علينا أن نضطلع على هذه الأخيرة باليات التحليل الأكاديمي حتى يتسنى لنا الوقوف على خصوصيات هذا العقد, ذلك أن عملية الخصم لم تكن تخضع لأي تأطير قانوني خاص بها قبل صدور القانون البنكي 1993 الذي ينظم مؤسسات الائتمان ومدونة التجارة 1996 حيث كانت هذه الأخيرة تخضع للعادات و الأعراف البنكية.[14]
فإذا كان عقد الخصم البنكي يستلزم توفر تقابل القبول بالإيجاب وسلامة الرضا من عيوبه كما انه يشترط ضرورة أن يكون السبب مشروعا و المحل معيننا فان هذه الأركان قد يشترك بها مع جميع العقود الأخرى. إلا انه ما يميز هذا العقد انه يعود على الأوراق التجارية المقرونة بأجل مسمى (كالكمبيالة و سند لأمر) إلا انه ما يثير الإشكال إمكانية تفعيل هذه العملية على مفهوم الشيك رغم انه أداة وفاء و ليس بأداة ائتمان ما يفيد أن المبلغ المضمن فيه يتم استيفائه بمجرد الاضطلاع, يذهب الفقه الفرنسي إلى أن كان تطبيق عملية الخصم على الشيك يبدو انه غريب في الوهلة الأولى حيث ان تقديمه من طرف حامله يجعله مستحقا لمضمونه فانه لم يحل دون ان يكون الشيك محل عملية الخصم على المستوى الواقعي ذلك كلما كان مكان الوفاء بعيدا عن موطن المستفيد كما ان القضاء الفرنسي ذهب إلى تأكيد هذه المسالة في أكثر من مناسبة حيث أجاز خصم الشيك رغم كونه أداة وفاء.[15]
تبقى الإشارة أن إخضاع الشيك للعملية الخصم يجعله ينتج نفس الآثار المترتبة عن خصم الأوراق التجارية كمبيالة سند لأمر، ما يثير الإشكال هنا انه في حالة نشوب نزاع يبقى على المؤسسة البنكية إثبات أنها حازت الشيك عن حسن نية وان التظهير الذي قامت به هو ناقل للملكية وليس تظهير توكيليا من اجل الاستحقاق مع ضرورة أن يكون الشيك محل الخصم قابل أصلا لهذه العملية من خلال أن لا يتضمن أي عبارة تفيد عدم إمكانية تظهيره أو عدم تداوله لان ذلك قد يحول دون يتم خصم الشيك .[16]
بعد استجلاء الأوراق التجارية التي تكون محل عملية الخصم والوقوف على أهم الإشكالات التي تثيرها فان السؤال الذي يتبادر الى الذهن هل عملية الخصم هي منوطة للمؤسسة البنك وحدها أهم هناك بعض المؤسسات التي تتقاسم نفس الدور.
بالرجوع الى النصوص التشريعية المنظمة للمؤسسات الائتمان سنلاحظ انه لم يجعل هذه العملية حكرا على البنوك بل ترك الباب مفتوحا أمام مؤسسات التمويل لان ذلك يدخل في صميم اختصاصها باعتبارها مؤسسات تعمل على توفير السيولة للصالح الأشخاص الراغبين في الاستثمار إلا انه ما يثير الانتباه أن المشرع المغربي لم يترك الباب مفتوحا في وجه العموم بل حصره في هاتين المؤسستين حيث نص في مقتضى قانون 1993 المتعلق بمؤسسات الائتمان والمؤسسات التي تعتبر في حكمها انه قد يتعرض للعقوبة المنصوص عليها في الفصل كل من عمد إلى القيام بعمليات منصوص عليها لهذه المؤسسات بمقتضى نص تسريعي أو قرار تنظمي شي الذي يجعل منها مؤسسات صاحبة اختصاص بمقتضى القانون وذلك في إطار ضبط السياسة النقدية وتسهيل عملية مراقبتها مما سيساهم في التحكم في مفهوم التضخم .
من هنا تجدر الإشارة أن عقد الخصم لا يتميز فقط في الأوراق التجارية التي تعتبر محل هذه العملية والأطراف المنوط لها القيام بهذه العملية بل إن المسالة تتجاوز ذلك لتصل إلى وسائل الضمان في هذا العقد.[17]
الفقرة الأولى: الحساب البنكي
كما سبق الاضطلاع عليه فان الحساب البنكي يعتبر احد اهم الوسائل التي تقررها المؤسسات البنكية في إطار زيادة الضمان إلا إن الحساب البنكي يتنوع حسب غرضه فهناك حساب الجاري والذي يهدف إلى توظيف الأموال المسخرة فيه من اجل الحصول فوائد وهناك الحساب بالاطلاع الذي يسخر من اجل استيعاب العمليات المزمع القيام بها من طرف العملاء من هنا يلاحظ أن الحساب المستهدف في عملية الخصم إلا وهو الحساب بالاطلاع لأنه يتمشى مع طبيعة هذه العملية لكن هل يمكن لأي عميل أن يستفيد من هذه العملية لدى مؤسسة بنكية لا يتوفر فيها حساب بنكي.[18]
رغم ما قد يتبادر إلى الذهن من خلال بعض الكتابات الفقهية التي تتيح إمكانية تفعيل هذه العملية في بنوك لا يتوفر فيها الزبون حساب ذلك أن البنك يتوفر على إمكانية الرجوع على البنك الذي يتوفر على حساب البنكي الذي يعود للزمان في إطار استخلاص ما تم تقديمه للزبون في عملية الخصم مما لا يجعل هذه المسالة تختلف مع مؤسسة الضمان
أما على المستوى العملي فان المؤسسات البنكية لا تعمد إلى تفعيل هذه العملية إلا مع زبنائها ذلك في إطار عملية حصر المستفيدين من مفهوم الخصم ومن امتياز الائتمان المقدم لهم مما سيجعلها تتفادى أي خطر مستقبلي قد يصيبها جراء هذه العملية، مما يجعلها تتماشى مع ضرورة الاستعلام عن وضعية المالية للزبون والتي سخر لها المشرع المغربي كل الوسائل المتاحة من اجل بناء فكرة حقيقية عن وضعيته المالية .
الفقرة الثانية: الضمان الاحتياطي
يعرف الضمان الاحتياطي بكونه تعهد احد الموقعين على الورقة التجارية او احد من الغير تعهد شخصي وصرفي بأداء مبلغ الورقة كاملا أوفي جزء منه إذا لم يوف به المدين الأصلي المضمون أو المكفول عند تاريخ الاستحقاق
من هنا يتضح لنا أن مؤسسة الضمان الاحتياطي ما هي إلا وسيلة قانونية تسعى من خلالها المؤسسة البنكية إلى التأكد من إمكانية الحصول على مقدمته للصالح الزبون لأنه في الواقع العملي لا يكفي التوقيعات المضمنة في الأوراق التجارية لا تكفي أن تكون محل ضمان من طرف البنك ذلك لما تثيره من إشكالات عملية في إطار تفعيل مسطرة الدعوى الصرفية حيث تشترط ضرورة انتظار آجال الإشعار وزد على ذلك من التعقيدات المسطرية لذلك فكرة البنوك في خلق بديل يقيها شر سلوك هذه المساطر فنصت على ضرورة أن يتم جلب شخص من الغير يضمن أداء المبلغ الذي تم صرفه للصالح الزبون عند اجل الاستحقاق تبقى الإشارة انه يمكن أن يقدم هذا الضمان على ورقة مستقلة مادام يفيد الالتزام شخصيا.[19]
إلا أنه ما يشترط في الضامن أن يتوفر على الأهلية التجارية لان الضمان هو ضمان صرفي تجاري كما يستلزم أن تتجه إرادته إلى الضمان وان تكون هذه الإرادة خالية من عيوب الإرادة علاوة أن ينبني على سبب جدي ومشروع.
تبقى الإشارة إن كانت القاعدة في مجال التجاري هي حرية الإثبات فبناءا عليه هل يمكن تصور تقديم ضمان صرفي شفوي
ذهب الفقه المغربي إلى عدم إمكانية قبول الضمان الاحتياطي الشفوي رغم أن القاعدة هي حرية الإثبات لان العمل القضائي أكد على عنصر الكتابة في مسالة الضمان سواء كان ذلك ورقة التجارية او في وصلة مستقلة فان تخلف هذا الشرط كان الضمان باطلا ذلك لأنه لا يمكن إثبات الضمان لا بالبينة و شهادة الشهود أو القرائن القانونية.
المبحث الثاني: آثار عقد الخصم
إن عقد الخصم ما إذا قام صحيحا ومستوفيا لأركانه، فإنه يرتب التزامات متبادلة يتعين التقيد بها استنادا للقوة الملزمة للعقد.
وبالتالي فإن المؤسسة البنكية تمكن الزبون من مبلغها مخصوم منه الفوائد والعمولة.[20]
ويلتزم الزبون بتظهير الورقة إلى البنك تظهيرا ناقلا للملكية وهنا يمكن للبنك التصرف بها إلى حين حلول أجل استحقاقها[21]، ويتم تقديمها إلى المسحوب عليه لاستيفاء قيمتها، لكن قد يقع أحيانا أن لا يتم الوفاء بها مما يخول البنك سلوك عدة إجراءات ترمي إلى استيفاء حقه ، وهذا ما سنتناوله في (المطلب الأول).
ولاعتبار أن العمليات البنكية هي عمليات ذات طبيعة خاصة تتميز بالتقنية، فإن عقد الخصم يثير تساؤلات حول حدود مسؤولية البنك الخاصم، وهذا ما سنتناوله في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تقنية القيد العكسي
إن البنك الحامل للورقة التجارية يكون حسن النية في استخلاصه للمبلغ المذكور في الورقة أثناء تاريخ الاستحقاق، لكن قد يقع عدم الوفاء بهذه الأوراق، مما يضطر معه البنك إلى سلوك إجراءات للحصول على ما سبق أن دفعه.
ومن أهم هذه الإجراءات : دعوى الرجوع لعدم الوفاء هذه العملية نظمها المشرع ضمن القانون الصرفي. لكن نتطرق لها في بحثنا. وهناك كذلك تقنية القيد العكسي[22] التي لم تحض بنفس الاهتمام التشريعي لدعوى الرجوع، وقد حدد لها المشرع فصل وحيد هو 502 وهي محل دراستنا.
ولتفصيل أكثر سنحدد مفهوم التقييد العكسي وأساسه القانوني.
الفقرة الأولى: مفهوم القيد العكسي وأساسه القانوني
لم يعرف المشرع المغربي القيد العكسي[23]، وإنما ترك المهمة للفقه والقضاء.
وبالرجوع إلى بعض الفقه الفرنسي نجده عرفه بأنه قيد تدخل بمقتضاه المؤسسة البنكية الخاضعة، في حساب الزبون دينها المترتب لها عن حق الرجوع تجاه هذا الزبون.[24]
وقد عرفه الأستاذ محمد لفروجي بأنه ذلك القيد الذي تجريه المؤسسة البنكية في الجانب المدين لحساب زبونها الذي قدم لها ورقة تجارية للتحصيل، ولم يتم وفاؤها نتيجة عدم وجود مؤونة أو نتيجة أسباب أخرى، وبالتالي فتقنية القيد العكسي كثيرة التطبيق عمليا حيث تعمد إليها الأبناك في حالة عدم أداء الأوراق التجارية المقدمة لها سواء للخصم أو الاستخلاص.
أما فيما يخص الأساس القانوني فمنهم من ذهب بتفسيره إلا أن هذا لعملية فإنه يقيد العكس، فقد تعددت آراء الفقهاء يستند إلى فكرة السبب[25]، أي أن سبب التزام البنك هو التزام الزبون بتفويت ملكية الورقة التجارية.
كما توجد كذلك فكرة العدالة[26]، وهو حق البنك في استيفاء قيمة الورقة التجارية، وهناك رأي يتأسس على فكرة الفسخ أي أن هذا الشرط مؤسس ضمنيا في حالة عدم الورقة التجارية.[27]
في حين ذهب الفقيه Rives Lange بأن القيد العكسي ما هو إلا صورة لرجوع العرفي.[28]
ولا بد من الإشارة إلى هل يعتبر هذا القيد مرادف للوفاء؟ هذا كان قرار لمحكمة النقض الفرنسي سنة 1955 حيث اعتبرت أن التقييد العكسي للأوراق الغير المؤداة بمديونية الدافع خلال اشتغال الحساب الجاري يساوي الوفاء.[29]
يطرح كذلك إشكال آخر فيما إذا قام البنك بالتقييد العكسي بحساب خاص خير الحساب الجاري، هل يعتبر هذا القيد وفاءا؟
وكجواب لهذه الإشكالية فقد أجاب القضاء الفرنسي على هذه المساءلة، ففي قرار لمحكمة الاستئناف بفرنسا بتاريخ 18/2/1987 اعتبرت فيه القيد المجرى في حساب خاص بمثابة قيد على حساب جاري، وبالتالي فهو موافق للوفاء.
إن هذا القرار تم نقضه من طرف محكمة النقض الفرنسي بتاريخ 3 نونبر 1988 حيث جاء في هذا النقض ما يفيد أنه عندما يتعلق الأمر بقيد المجرى بحساب خاص، مرتبط بحساب جاري، فلا يعد هذا القيد بمثابة وفاء ولا يفقد البنك ملكية الورقة التجارية إلا إذا تم في ذات الحساب.
من هنا يمكن القول أن القيد في حساب خاص لا يعتبر قيدا عكسيا.
الفقرة الثانية: شروط صحة القيد العكسي[30]
لكي ينتج القيد آثاره لا بد أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط:
أ-حلول أجل الاستحقاق
أكدت على هذا الشرط المادة 502 من مدونة التجارة أولا بالرجوع إليها نجد المشرع المغربي علق خيار القيد العكس في الجانب المدين لحساب الزبون على شرط عدم الأداء في تاريخ الاستحقاق.
ب:ضرورة إجراء القيد العكسي في حساب بالاطلاع
ج-عدم وجود شرط عقدي يمنع إجراء القيد العكسي
ومفاد هذا الشرط أنه في حالة وجود اتفاق سابق منح الزبون هذه الأفضلية فإنه يمنح على البنك إجراء التقيد. أما إذا وجد هذا الشرط وقامت المؤسسة بهذا القيد فإنها تكون مسؤولة وفقا المسؤولية العقدية، لكن في الواقع العملي لا يمكن إدراج هذا العقد باعتبار تفاوت للمراكز الاقتصادية للطرفين وبالتالي فالبنك لا يمكنه إدراج مثل هذا الشرط.
وأمام تطور مناحي الحياة والغزو الذي بدأت تعرفه المعاملات بين طرف الأنظمة المعلوماتية فإننا عمليات القيد أصبحت تدرج بصفة أوتوماتيكية من طرف الحاسوب.
ولا بد من الإشارة إلى هل يحق للبنك اللجوء إلى عملية القيد العكسي والاحتفاظ بالأوراق التجارية؟ أم عليه إرجاعها إلى الزبون؟ وهل يمكن للبنك اللجوء إلى قاعدة الرجوع الصرفي على المظهرين ودمجها مع عملية التقيد العكسي.
هنا نجد أن المشرع المغربي عبر المادة 502 صمم في هذه المحاولة وأقر بأن البنك عند قيامه بالتقييد العكسي فإن خياره يكون قطعيا ولا يمكن اللجوء إلى قواعد الرجوع الصرفي إلا إذا نصبه الزبون وكيلا عليه.
المطلب الثاني: المسؤولية المدنية للبنك الخاصم
المسؤولية وفق القواعد العامة ، جنائية، مدنية، إذا كانت الأولى مقررة لحماية المجتمع في حالة وقوع الجرائم، أما الثانية فهي مقررة لحماية المصلحة الشخصية، ومسؤولية البنك لاتخرج عن هذا النطاق، إلا أننا سوف نقتصر في هذا السياق على المسؤولية المدنية للبنك الخاصم.
والمضطلع على التشريع المنظم لمؤسسات الائتمان يجده لم يتضمن أي إشارة من هذا النوع، أي غياب تام لتشريع خاص ينظم هذه المسؤولية، باستثناء بعض الإرهاصات والإشارات الواردة سواء في مدونة التجارة أو في القانون البنكي.
وإن كان بعض الفقه الفرنسي يعارض مساءلة البنك في هذه المرحلة.[31] إلا أن الراجح هو الاتفاق عند غالبيتهم على مساءلته في هذه المرحلة، لأن من شأن هذه المساءلة أن تحسس الزبون بالاطمئنان، ويشجعه على الإقدام على هكذا أنواع من العمليات البنكية.
وفق هذا المنظور سوف نعالج في هذا المحور دعوى المسؤولية في فقرة ثانية، بعد أن نكون قد تطرقنا إلى مظاهر مسؤولية البنك الخاصم في (الفقرة الأولى):
الفقرة الأولى: مظاهر المسؤولية
أولا: المسؤولية العقدية
عرف بعض الفقه المغربي المسؤولية العقدية بأنها كل إخلال بالالتزامات العقدية سواء اتخذ هذا الإخلال سلوك عدم التنفيذ العيني لتلك الالتزامات أو التأخير في تنفيذها.[32]
وإذا كانت مظاهر المسؤولية العقدية متعددة، فإننا سنتطرق إلى أهمها، وخاص في حالة إنهاء اعتماد الخصم المحدد المدة وكذا الغير المحدد المدة.
أ-مسؤولية البنك الخاصم عن إنهاء اعتماد الخصم محددة المدة
وفقا للقوة الملزمة للعقد فإنه في حالة الخصم المحدد المدة يمنع على كل من الطرفين الزبون والبنك الخاصم إنهاء العقد بإرادته المنفردة، وذلك استنادا إلى القواعد العامة (الفصل 230ق ل ع)، والأكثر من ذلك فإنه يجب عليهما تنفيذ التزاماتهما المتقابلة، بحسن نية (الفصل 231 ق ل ع )
واستنادا إلى ذلك، فإن كل إنهاء للعقد من طرف البنك بإرادة منفردة يعتبر خطأ عقديا، موجبا لقيام مسؤوليته في جانبه اتجاه الطرف الآخر المتضرر، هذا الأخير يخول له مطالبة البنك بالتعويض لجبر الضرر.[33]
لكن ينبغي لفت الانتباه هنا إلى أنه يجب عدم الخلط بين إنهاء عقد اعتماد الخصم محدد المدة قبل أجله وبين رفض خصم الورقة أو السند محل الخصم، بحيث أن هذه الحالة الأخيرة لا توجب فيها مسؤولية البنك وهذا ما سارت فيه محكمة النقض الفرنسية في قرار صادر عنها سنة 1987.[34]
وإذا كان البنك ملزما باحترام عقد الخصم الذي يجمعه بزبونه، فإنه هناك حالات استثنائية، يجوز له التحلل من هذا الالتزام، يتعلق الأمر بالحالة التي يتوقف فيها الزبون عن أداء ديونه وخاصة في حالة التصفية، وكذلك في الحالة التي يرتكب فيها الزبون الحامل للسند محل الخصم خطأ جسيما، وقد نصت على هذين الاستثنائي المادة 525 من مدونة التجارة المغربية لسنة 1996، والتي تقابلها المادة 60 من القانون الفرنسي لسنة 1985.[35]
ب-مسؤولية البنك الخاصم عن إنهاء اعتماد الخصم غير المحدد المدة
إذا كان البنك وفق ما بيناه سابقا، ليس من حقه وضع حد لاعتماد الخصم المحدد المدة استنادا إلى القوة الملزمة للعقد، فإنه في المقابل يحق له ذلك عندما يتعلق الأمر باعتماد الخصم لمدة غير محددة، بحيث يجوز للبنك في هذه الحالة الأخيرة حق اتخاذ قرار إنهائه وقتما شاء، كما للزبون أيضا نفس الحق.[36]
وإذا كان أيضا للبنك مطلق الحرية في وضع حد لاعتماد الخصم الغير المحدد المدة، فإنه مقيد باحترام بعض الإجراءات القانونية الشكلية تحت طائلة مساءلته وخاصة مدة أو مهلة الإشعار، كما نصت على ذلك المادة 525 من مدونة التجارة.[37]
ثانيا: المسؤولية التقصيرية
كما هو معلوم، فإن الخصم كعملية وصورة من صور الائتمان البنكي يقوم على الاعتبار الشخصي، وهو ما يقتضي أن يتعرف البنك على طالب الائتمان من حيث جدارته واستحقاقه لثقته، ومن حيث وضعه الاقتصادي والمالي، وبالتالي فإن البنك يفترض معه قبل منح الائتمان لطالبه، قيامه بجميع التحريات والاحتياطات اللازمة للوضعية المالية للزبون.
أما إذا عمد البنك إلى منح ائتمانه المتمثل في خصم الأوراق والسندات، لزبونه بالرغم من وضعيته المالية المهتزة، فإن مسؤوليته تثار في حالة دخول الزبون في المساطر الجماعة، وخاصة في مواجهة دائني الزبون، الذين انخدعوا بمظهر كاذب كونه البنك من جراء منحه للائتمان وهو في وضعية مالية ميؤوس منها.[38]
وبما أن المسؤولية في هذه الحالة المذكورة تقصيرية فإنه يجب أن توفر جميع أركانها، من خطأ، وضرر، وعلاقة سببية، بين الخطأ والضرر.
فالخطأ[39] في هذه الحالة يتمثل كما سبق الذكر في الوضع الظاهر الكاذب والمصطنع الذي كونه البنك لدى دائني الزبون الذي منح الائتمان، وهذا ناتج عن تقصير من جانب البنك في واجب التحري على مدى ملاءمة الائتمان للمقاولة.
هذا فيما يخص عنصر الخطأ، أما ركن الضرر فإن محله يكون التعويض، هذا الأخير يخضع في تقديره للفصل 98 من قانون الالتزامات والعقود.
وبالإضافة لأركان الخطأ والضرر السابقي الذكر، فإنه يجب بالإضافة إلى ذلك توفر ركن العلاقة السببية، بحيث أن الضرر يجب أن يكون ناتجا مباشرة عن الخطأ المرتكب من طرف البنك في مواجهة دائني المقاولة (الزبون).[40]
الفقرة الثانية: دعوى المسؤولية
الحق في التعويض يبقى ناقصا ما لم توجد دعوى تتممه وتحميه، وهذه الأخيرة تتضمن أطراف، وجهة قضائية مختصة للنظر فيها. وكذلك جزاء مترتب عنها.
أولا: أطراف الدعوى والمحكمة المختصة
أ-أطراف الدعوى
إذا كان البنك في هذه الحالة يكون دائما مدعى عليه، فإن صفة المدعى عليه تثير بعض الإشكالات، وخاصة في الحالة التي يمنح فيها البنك الائتمان لمقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، مما يسبب ضرر للدائنين.
بحيث يثار التساؤل فيما إذا كان من حق الدائنين مقاضاة البنك على انفراد أم أن السنديك هو الذي له هذه الصفة في هذا الإطار؟
لكن هذا التساؤل لم يعد له محل، وخاصة بعد أن نص المشرع صراحة في المادة 642 على حق السنديك في تمثيل الدائنين أمام القضاء، بشكل حصري، حيث نصت المادة “للسنديك وحده الصفة للتصرف باسم الدائنين ولفائدتهم” وهذا التوجه نفسه سار عليه الاجتهاد القضائي الإيطالي.[41]
ب-المحكمة المختصة
بما أن عقد الخصم عقدا تجاريا فإن المحكمة التجارية هي المختصة استنادا إلى المادة الخامسة من القانون 53.93 مع الأخذ في الاعتبار الاختصاص القيمي، بحيث إذا كانت قيمة النزاع لا تتجاوز 20.000 درهم فإن المحكمة المختصة هي المحكمة الابتدائية، لأنها صاحت الولاية العامة (الفصل 18 من ق.م.م ).
ثانيا: الجزاء المترتب عن مسؤولية البنك
يعتبر التعويض بمثابة الجزاء المترتب عن المسؤولية المدنية للبنك، وهو في هذه الحالة التي نحن بصددها يختلف بحسب ما إذا نتج عن الإنهاء المفاجئ لاعتماد الخصم، أو التمويل التعسفي، بحيث غالبا ما يتخذ في الحالة الأولى شكلا نقديا يتمثل في تغطية الضرر المنسوب إلى خطأ البنك، بما يعادل النقص الحاصل في أصول المقاولة المستفيدة من اعتماد الخصم، ويغطي كذلك الخسارة الناتجة عن توقف المقاولة بسبب إنهاء الائتمان.[42]
أما في حالة التعويض عن التمويل التعسفي للمقاولة الناتج عن عدم التحري عن وضعية المقاولة، فإنه يكون عبارة عن الفرق بين قيمة الدين كاملا وبين النصيب الذي يحصل عليه كل دائن فعلا من ناتج التصفية.[43]
خاتمة
ختاما يمكن القول أنه من خلال دراستنا لهذا الموضوع، يتبين أن المشرع المغربي كان موفقا بتنظيمه لهذا النوع من العقود البنكية نظرا لأهميته البالغة، لكن هذا لا يمنع من توجيه بعض الملاحظات لخصوص هذا التنظيم.
-نلاحظ أن هناك فراغا كبيرا في مؤسسة القيد العكسي، التي لم تحظى بتنظيم كاف من شأنه رفع اللبس عن هذه المؤسسة.
-غياب شبه تام لأي مقتضيات خاصة بمسؤولية للبنك الخاصم، والتي يستند فيها إلى القواعد العامة، التي لا تقرر الحماية اللازمة لمؤسسة الخصم، وهذا ما جعل بعض الاتجاهات الفقهية الحديثة تنادي بجعل هذه المسؤولية بدون خطأ على غرار المسؤولية المهنية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
ملحق
رقم الملف: 136/2005
نوع القضية: الأوراق التجارية
رقم القرار: 573 تاريخ القرار: 28-06-2005
القاعدة
إذا كانت المستأنفة قد استفادت من قيمة الكمبيالة في إطار عملية الخصم فإن التقادم التجاري المنصوص عليه في المادة الخامسة من مدونة التجارة هو الواجب الإعمال و ليس التقادم المنصوص عليه في الفصل228 من مدونة التجارة.
التعليل
حيث تمسكت المستأنفتان بأن الكمبيالة موضوع النزاع طالها التقادم تطبيقا لمقتضيات الفصل 228 من مدونة التجارة. لكن حيث أنه إذا كانت الكمبيالة قد تقادمت في مواجهة شركة باعتبارها المسحوب عليها والقابلة في الكمبيالة وذلك لمرور ثلاث سنوات على تاريخ الرجوع وتاريخ الاستحقاق وعدم وجود ما يقطع قانونا مدة التقادم وبذلك يبقى الطلب في مواجهتها غير مرتكز على أساس ويتعين إلغاء الحكم السابق الذي قضى عليها بأداء قيمة الكمبيالة، فإنه بالنسبة للمستأنفة شركة الجاه التي هي من استفادت من قيمة الكمبيالة في اطار عملية الخصم قبل ميعاد استحقاقها فإنه يبقى للبنك المستأنف عليه الذي فقد الدعوى الصرفية لتقادم الكمبيالة مع ذلك حق مستقل في مواجهتها لاستفاء المبالغ التي كان قد وضعها تحت تصرفها مع الفوائد والعمولات طبقا للفصل 528 من مدونة التجارة استنادا إلى عقد الخصم المبرم بينهما فتبقى تلك المبالغ دينا في ذمتها لا يخضع للتقادم المتمسك به بل يسري عليه التقادم التجاري المنصوص عليه في المادة الخامسة من مدونة التجارة والذي لم يحصل بعد.
وحيث انه بذلك فإن الحكم المستأنف عندما قضى على المستأنفة شركة الجاه بأداء قيمة الكمبيالة والفوائد يبقى مصادفا للقانون ويتعين تأييده في هذا الجانب . وحيث إن الصائر يتحمله الخاسر.
رقم الملف: 1447/2006 | نوع القضية: الأوراق التجارية |
رقم القرار: 388 | تاريخ القرار: 29-03-2007 |
القاعدة
الشيك.. وسيلة وفاء ومستحقة الاداء بمجرد الاطلاع. بحكم طبيعته هذه لا يخضع لعملية الخصم المنصوص عليها في المادة 526 من مدونة التجارة …نعم
المقصود بالأوراق التجارية المنصوص عليها في المادة 528 من هذا القانون، تلك التي يكون اداؤها مرتبطا باجل معين للاستحقاق كالكمبيالة والسند لأمر، دون الشيك الذي ينبغي ان تكون مؤونته متوفرة وقت انشائه ..نعم
التعليل
حيث نعت المستأنفة على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادتين 526 و528 من مدونة التجارة مؤكدة أنها استمدت حقها في الرجوع على المستأنف عليه من المادة 214 من ق.ل.ع التي تنص على الحلول القانوني للعارضة محل المستفيدين من الشيك في عملية الخصم التي تجريها الأعراف البنكية المنصوص عليها في المادة الثانية من مدونة التجارة. مضيفة أن المستأنف عليه أثر على حسابها دون مبرر مشروع، وأن عدم لجوئها الى قاصي المستعجلات لاستصدار أمر رئاسي بالأداء والحصول على نظير ثاني للشيك حسب المادة 276 من مدونة التجارة لا يحول دون ممارسة قاضي الموضوع لصلاحيات قاضي المستعجلات في حالة المنازعة الجدية .مؤكدة أن موضوع الدعوى هو عقد الخصم لا عقد الحوالة فقط ،وأن فقدان الشيك لا يمنعها من مطالبة الساحب بالأداء باعتبار ه مدينا رئيسيا حسب مقتضيات الفصل 528 من القانون التجاري.
لكن حيث إنه لئن كانت عملية الخصم المنصوص عليها في المادة 526 من مدونة التجارة تلزم البنك بأن يدفع للحامل قيمة الورقة التجارية قبل حلول المعين لاستحقاقها لقاء عمولة مع اكتسابه كل الحقوق المرتبطة بها اتجاه المدينين الرئيسيين وغيرهم ممن ورد التنصيص عليهم في المادة 528 من نفس القانون، فإن عملية الخصم هذه لا يمكن أن تتلاءم وطبيعة الشيك الذي هو وسيلة وفاء لا ائتمان ومستحق الأداء بمجرد الاطلاع حسب مدلول المادة 267 من ذات القانون، ويعتبر في نفس الوقت أمرا ناجزا بدفع قيمته نقدا وقت تقديمه للاستخلاص دون تأخير، كما يفرض توفير المؤونة اللازمة وقت إنشائه عملا بالمادة 241 من المدونة. ومن تم يبقى المقصود بالأوراق التجارية المنصوص عليها في المادة 528 المستدل بها هي تلك الأوراق والمستندات الأخرى التي يمكن أن يكون أداؤها مرتبطا بأجل معين لاستحقاقها كالكمبيالة والسند لأمردين الشيك الذي لا يقبل بطبيعته تأجيل الوفاء لتاريخ معين كما سبق توضيحه.
وبالتالي يبقى ما استندت إليه المستأنفة للمطالبة باسترداد ما دفعته لزبونيها في إطار ما أسمته بعملية خصم قيمة الشيك، مخالف للقانون، وهو ما يؤدي كذلك إلى القول بعدم جواز تمسكها في هذه الدعوى بقاعدة الحلول. وحيث إنه من جهة ثانية فما دام قد تأكد بأن الشيك موضوع النزاع قد ضاع بين يدي البنك ماسك الحساب (المحسوب عليه) كما جاء على لسان المستأنفة نفسها، فإنه لا شيء يغني هذه الأخيرة –سعيا لضمان حقوقها المرتبطة بالورقة المذكورة-عن سلوك المسطرة المنصوص عليها في المادة 276 وما بعدها من المدونة ،وأن في غياب أصل الشيك المذكور ونظرا لعدم ممارسة المستأنفة في محله وغير خارق لأي مقتضى قانوني ، مما يستوجب معه تأييد المستأنفة الصائر.
[1] -Gilles GOBIN, les opérations bancaires et leurs fondements économique, édition Dunod, paris 1980. P.152
[2] -د.امحمد لفروجي، العقود البنكية بين مدونة التجارة والعمل البنكي، الطبعة الثانية 2004، الصفحة 323.
[3] -PAUl Lecont et René Roblot, effets de commerce, édition Rousseau, paris 1953. P.32.
[4] – Jean pierre le Gall. Droit commercial, mémentos Dalloz. 3ème édition 1968. P.119.
[5] – أوهراش محمد، خصم الأوراق التجارية كعملية بنكية على ضوء التشريع المغربي والمقارن، رسالة لنيل الماستر 2007-2008، الصفحة 39.
[6] -Jean clause Groslière, escompte , Encyclopédie Dalloz. Droit commercial, volume II, 19793, p 3.
[7] – علي جمال عوض، عمليات البنوك من الوجهة القانونية في قانون التجارة الجديد وتشريعات البلاد العربية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثالثة. 2000، ص 631.
[8] – علي البارودي، محمد فريد العربي، القانون التجاري، الجزء الثاني، العقود التجارية وعمليات البنوك، دار المطبوعات الجامعية، 2000، الصفحة 426.
[9] – ياسين المساعف، عملية استخلاص الأوراق التجارية على ضوء القانون والممارسة البنكية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الحقوق السويسي بالرباط، السنة الجامعية 2003-2004، الصفحة 7.
[10] – – Groslière. Op. Cité. P.2.
[11] – مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 67، يناير 2007، الصفحة 163.
[12] – محمد أوهروش. م.س. الصفحة 34.
[13] – د. امحمد لفروجي، م س ، ، ص 325.
[14] – محمد أوهروش، م س ، ص 45
[15] – قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 16-05-1986 ، عدد 425، مجلة Dalloz، العدد 14.
[16] – امحمد لفروجي، م س ، ص 327
[17] – Dr Charki Mimoun, les pratiques bancaires. P 35.
[18] – خالد السعيدي، العمليات البنكية الائتمانية، رسالة ماستر ، ، قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، ص 93
[19] – د. عبدالسلام الفاتحي، أساسيات في القانون البنكي، جامعة أكدير ابن زهر، ص 63
[20] -عبداللطيف أوزي، الخصم كعملية بنكية ، مجلة المرافعة، ص 57
[21] -أوهراش محمد، م س .ص 74
[22] – Christina Gavalada, Jean Stoufflet, Droit Bancaire, op. Cité, p 298.
[23] – وقد أكد القضاء التونسي كذلك على هذا التوجه المتمثل في إعطاء حق الخيارين بسلوك دعوى الرجوع أو إجراء القيد العكسي للورقة التجارية وحكم تجاري ابتدائي عدد 124 بتاريخ 17 مارس 1964 تم تعريفه من طرف المشرع الكويتي في المادة 403 من القانون التجاري.
[24] -Hierry Banneau, Droit Bancaire, p 266
[25] – أوهراش م س، ص ، 78
[26] -عبدالفتاح مراد، موسوعة البنوك، ص 199
[27] – أوهروش محمد، م س ، ص 199
[28] – Jean louis Rives Lange, les problèmes juridiques posés par l’option d’escompte. P 299
[29] – قرار مأخوذ من محاضرات القانون البنكي، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس 2010/2011. ( الكاتب و الطبعة غير موجودين )
[30] – ياسين امساعف، عملية استخلاص الأوراق التجارية على ضوء القانون والممارسة البنكية، ص 206.
[31] -Michel Vasseur, des responsabilités encourues par la banquier dispensateur du crédit aux entreprises en difficulté , Revue banque 1976. P 749.
[32] – عبدالقادر العرعاري، النظرية العامة للالتزامات في القانون المغربي، الجزء الأول، الكتاب الثاني، المسؤولية التقصيرية. ص 20
[33] – محمد أهروش، م س ، ص 89.
[34] -Cass.com 812/1987 Bull civil IV n° 264
[35] – إذا كان المشرع المغربي قد جعل فتح مسطرة المعالجة سببا لوقف اعتماد الخصم فإن الفقه المغربي يكاد يدمع على أن التصفية وحدها تخول هذا الحق للبنك. أما التسوية القضائية فإنها لا تخول ذلك على اعتبار أن المقاولة في هذه المرحلة تكون قابلة للتقويم، ومن شأن قطع الاعتماد أن يزيد في تأزيمها.
[36] – محمد أهروش، م س ، ص 93.
[37] – استنادا إلى المادة 525 من مدونة التجارة فإن مهلة الإشعار تخضع لاتفاق الأطراف، شريطة ألا يقل تلك المهلة عن ستين يوما، كما أنه يجب أن يكون الإشعار كتابة وصريحا، وهذا ما صار عليها لفقه والاجتهاد القضائي في فرنسا.
[38] – محمد أهروش، م س ، ص 96.
[39] – لقد تعددت التعريفات الفقهية التي أعطيت للخطأ كأهم ركن في المسؤولية التقصيرية، بحيث عرفه الفقيهان الفرنسيان على ضوء السلوك الذي كان سيسلكه الشخص رب الأسرة العاقل” كما عرفه أيضا المشرع المغربي في المادة 78 بأنه “ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه وذلك من غير قصد لإحداث الضرر”.
[40] – محمد أهروش، نفس المرجع المذكور، ص 100
[41] – قرار صادر عن محكمة النقض الإيطالية في 9/4/1996، مأخوذ من مرجع محمد أهروش السابق الذكر، ص 102.
[42] – مينة الحربي، موقف البنك من تمويل المقاولة التي تعترضها صعوبات مالية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ، كلية الحقوق السويسي، ص 106.
[43] – محمد أهروش، م س ، ص 106