حوز العقار الموهوب و آلية القيد بالرسم العقاري

                  حوز العقار الموهوب و آلية القيد بالرسم العقاري

 عزوز طارق

                                                                                                             أستاذ باحث

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ابن زهر

اكادير

الهبة يراد بها عموما عطية من العطايا يبغي من ورائها الواهب التقرب إلى خالقه عز و جل،كما يريد  من عقدها التحبب  إلى الموهوب له والتقرب إليه حسب الأحوال. وهي أحد أهم عقود التبرع كونها كالبيع من حيث القيمة القانونية بالنسبة لعقود المعاوضة و يستوجب قيامها صحيحة مجموعة من الشروط  إضافة إلى ضرورة القبض من قبل المتبرع عليه لتمامها  ونفاذها في مواجهة الكل، وذلك قبل ثبوت مانع  من الموانع الشرعية.لأنه بحصول المانع قبل  ثبوت الحوز[1] أو الحيازة يجرد التبرع من أثره ويصبح في حكم العدم، حيث يعود أو يصبح بذلك الشيء  محل التبرع من حق الورثة أو الدائنين حسب الأحوال.

وقد حظي شرط الحوز في الهبة المعروضة أمام القضاء بخصوص عقود التبرع بنقاشات مهمة واختلفت التوجهات القضائية على مستوى محاكم الموضوع وعلى مستوى محكمة النقض بين من يتشبث بشرط الحوز2 الفعلي  ويعتبره أساس صحة التبرع  وتمامه من عدمه وبين من يستغني عنه بالاعتماد على آلية التقييد بالرسم العقاري.

هذا ما دفع بالمشرع إلى التدخل ووضع نصوص قانونية في إطار مدونتي الحقوق العينية والأوقاف من أجل الحد من النزاع المثار بشأن التبرع المنصبة على عقار محفظ، بل والأكثر من هذا فالمشرع أقر وسائل بديلة يمكن عبرها الاستغناء  عن شرط الحوز في الهبة الواردة على عقار في طور التحفيظ أو على عقار غير محفظ .وحيث إن الأمر يتعلق بالحوز في التبرعات ( الهبة)  تركيزا على ما جاء في م.ح.ع، يجدر بنا دراسة الإشكالية في إطارها العام  حيث سنتناول كيفية التعامل معها في ضوء الفقه المالكي والقضاء المغربي قبل دخول المدونة إلى حيز التنفيذ ( المطلب الاول )، ثم كيف تعاملت المدونة مع هذه الإشكالية ( المطلب الثاني )

المطلب الاول: إشكالية الحوز في التبرعات قبل صدور المدونة

إن عقود التبرع عموما والهبة خاصة تلزم بالقبول في مذهب الإمام مالك و تتم بالحوز[2] على أن يقع في حياة المتبرع، وتمام عقله وعدم سفهه وعدم إحاطة الدين بماله، وإلا بطلت ،و نظرا لأهمية شرط الحوز في نفاذ التبرعات، فقد خصه الفقه الإسلامي عامة والفقه المالكي خاصة بالدراسة والتحليل، وحتى يتأتى لنا معالجة  إشكالية الحوز في التبرعات يتعين تحديد مدلول الحوز والتعرض للأقوال الفقهية المتعلقة به ثم منظور الاجتهاد القضائي من خلال فقرتين كالتالي:

الفقرة الاولى: ماهية شرط الحوز في التبرعات

إذا كان الحوز [3] هو شرط فقهي لنشوء الهبة، فإن التطرق له يقتضي تحديد مفهومه وأنواعه وطرق إثباته.

يستعمل كل من الحوز والحيازة بمعنى القبض، فيقال حاز الشيء يحوزه حوزا  وحيازة إذا قبضه إليه ووضع يده عليه.

والحوز اصطلاحا هو نقل التصرف الفعلي من يد المعطي إلى يد المعطى له، ومعناه رفع يد المعطي عن التصرف ورد ذلك إلى يد المعطى له أو نائبه[4] .وقد أورد  الشيخ محمد الرازي  في الصحاح، تعريفا له حيث  قال : ” الحوز الجمع والضم .و كل من ضم شيئا إلى نفسه فقد حازه و احتازه أيضا، والحيز ما يضم إلى الدار ومرافقها”[5]والحوز  في نظر الأستاذ عبد الرحمان بلعكيد أنه” الوضع الشرعي لليد على الشيء أو الحق المتبرع به بالأصالة عن النفس أو بالنيابة عن الغير”[6].كما عرفه الأستاذ عبد العلي  العبودي[7]  الحيازة بأنها  سلطة فعلية أو واقعية يباشرها الحائز على الشيء.

إنه باستقراء مختلف هذه التعاريف نخلص لكون الحوز يعني تسليم الشيء موضوع  التبرع إلى المتبرع له، وخروجه من حيازة المتبرع، وبالتبعية من ملكيته لينتقل لملكية المتبرع له. وفي مثال التبرع بأرض فلاحية، فيكون حوزها ممثلا في انتقال استغلالها وجني ثمارها للمتبرع له على مرأى ومسمع من المتبرع والذي – أي المتبرع له –  يصير قادرا على التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات.

إن من بين المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العقود حتى تقوم صحيحة انعقادها في قالب معين يتطلب صدور إيجاب من طرف وقبول من الطرف الأخر، على اعتبار أنه بهذين العنصرين يتحقق ركن أساسي في  أي تصرف، ألا وهو ركن التراضي، هذا بالإضافة إلى الأركان الأخرى من أهلية و محل وسبب، وفي إطار التبرعات فإن التصرف حتى ينعقد ويقع صحيحا يكفي فيه حصول إيجاب  من طرف المتبرع وقبول من طرف المتبرع عليه الذي لا يجبر على ذلك. بالإضافة طبعا إلى ضرورة توفر الأركان الأخرى من أهلية، محل و سبب .و من ثمة فإنه يكفي حتى تقع العطية صحيحة أن يقول شخص لأخر تصدقت عليك بهذا أو هبته ويرد الأخر بقبلت منك فينعقد بذلك التبرع لأنه يتقرر بالقول من الواهب أو المتصدق والقبول من الموهوب له أو المتصدق عليه[8] .

ويترتب على قبول المستفيد من العطية لإيجاب المتبرع نتيجة جوهرية مفادها عدم جواز تراجع الموجب عن إيجابه سواء  تم الحوز أو لم يتم لأنه يصبح ملزما أمام المتبرع عليه، فالأمر هنا يتعلق بعقد صحيح.

إن التبرع إذ كان حبسا فإن الواقف يكون ملزما به بمجرد صدور الإيجاب منه، لأن الوقف يعتبر من التصرفات التي تتم بإدارة منفردة، وبالتالي فالوقف يتم و يأخذ  حكمه بمجرد تعبير الواقف بقوله  حبست من أموالي كذا على كذا[9]“. وهذا ما أكده المشرع المغربي في مدونة الأوقاف عندما نص في المادة 17 منها على أن الوقف ينعقد بالإيجاب صريحا كان أو ضمنيا[10].و لا يكون القبول شرطا لاستحقاق الوقف إلا إذا كان المستفيد منه شخصا معينا[11]، من هنا قد يقول قائل أن الأصل في الحبس انه ينعقد بالإيجاب فقط و استثناءا بالإيجاب و القبول إذا كان الموقوف عليه شخصا معينا.غير أن هذا القول سيكون منعدم الأساس نظرا لأن المشرع في ظل مدونة الأوقاف نص على أن في حالة رفض الموقوف عليه المعين لوقف فإنه لا يترتب على ذلك عدم انعقاده وإنما  تحوله من وقف خاص  إلى وقف عام [12] ومن ثم فإن الأثر الذي يترتب على رفض الوقف من قبل الموقوف عليه ليس عدم قيام العطية بل انصرافها إلى الوقف العام . وكانت غاية المشرع من هذا المقتضى هي تنمية الوقف العام.

هكذا فإذا حصل التبرع بإيجاب من المتبرع وقبول من المعطى له و تم الإشهاد على ذلك، فإن العطية تصبح لازمة ولا يجوز الرجوع عنها بعد وقوعها  لندم ونحوه سواء  حيزت أو لم تحز لأن التبرع عند المالكية  يملك بمجرد العقد أي بمجرد تطابق الإيجاب مع القبول .و بالتالي لا يمكن التحلل منه بإرادة المتبرع المنفردة حتى لو تم نفي حصول العطية ولو لم يتحقق الحوز. وهذا ما أقرته محكمة  النقض في بعض قراراتها:”لكن حيث إن محكمة القرار المطعون عللت قرارها بأن ادعاء المتصدقة موروثة الطالب بأنها لم تتصدق على حفيدها المطلوب، ادعاء يكذبه ما ضمنه العدلان برسم الصدقة من حضورها أمامهما وإشهادهما على أنها تصدقت على حفيدها المطلوب  بمنزلها، وأن هدفها الحقيقي هو الرجوع عن الصدقة وهو غير جائز، تكون قد عللت قرارها بما فيه الكفاية وما بالوسيلة على غير أساس[13] وجاء في قرار آخر ” لكن ردا على السببين مضمومين فإن المحكمة لما عللت  قرارها على أنه لا يحق  للمتصدق  الرجوع عن صدقته  ولا التمسك بافتقارها إلى شرط حيازة المتصدق عليه للأملاك المتصدق بها ما دام يحق للمتصدق عليه إلزامه بذلك، تكون قد بنت قضاءها على أساس قانوني…[14]

ومن ثم فإن لقيام العطية صحيحة أثر يتجسد في إلزام الواهب وإجباره عليها حيث لا يمكنه التنصل منها بدون موجب من الموجبات القانونية المقرة لذلك من موت وتفليس وانعدام  أهلية واعتصار، لهذا و لاكتمال العطية يتعين على المتبرع تمكين المستفيد منها بها، و إذا امتنع عن ذلك يتعين على المتبرع عليه إلزامه بها عن طريق إجباره .على اعتبار  أن الالتزام يكون مجردا  من قيمته في حالة عدم ارتباطه بالإجبار وهذا ما عمل الفقه الإسلامي على تأصيله من خلال قول الشيخ خليل في مختصره :” حيز بلا إذن وأجبر عليه “، أي أن محل التبرع يحاز من قبل المتبرع عليه بإذن المتبرع أو رغما عنه حيث لا يشترط التحويز في المذهب وإن امتنع المعطي من الحوز فإنه يجبر على ذلك ما دام العقد نشأ  صحيحا بإيجاب  وقبول وتم الإشهاد عليهما، وفي  هذا صدر قرار عن محكمة النقض جاء فيه:” من حق المتصدق عليه إجبار المتصدق بتمكينه من المتصدق به قيد حياته، تنفيذا لالتزامه المترتب على عقد الصدقة  لقول الشيخ  خليل و حيز بلا إذن وأجبر عليه  والمحكمة لما قضت بناء على ذلك… فإنها بنت قضائها على أساس من القانون [15].

هكذا فإذا تم القبض ولم يمتنع الواهب عن ذلك تمت العطية، أما إذا امتنع واعترض على ذلك فإنه لا يتسنى للمستفيد من العطية إلا جبره  على ذلك لتثمين حقه والتأسيس له وتأكيده في مواجهة الغير .وهذا ما عمل المشرع على تأكيده من خلال المادة 26 من مدونة الأوقاف  حيث جاء فيها :”… لا يتوقف الحوز على إذن الواقف، ويجبر عليه إن امتنع عنه.”

لكن التساؤل الذي يطرح بهذا الصدد هو : كيف يمكن إجبار المتبرع على الحوز؟

إن الإجابة على هذا التساؤل تقتضي التمييز بين ما  إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ، ففي الحالة الأولى و قبل صدور م.ح.ع فإنه يجب على المستفيد من العطية المبادرة إلى تقييد رسم التبرع بالرسم العقاري إعمالا لمقتضيات الفصلين 66 و 67 من ظ.ت.ع المعدل بقانون 07.14 بالإضافة إلى معاينة الحوز الفعلي، وذلك من أجل إلزام المتبرع بالعطية .فالهبة او الصدقة أو الوقف أو العمرى ادا اختل فيها الحوز الفعلي استحال معها الحوز القانوني مالم يطرأ خطا أو غلط أو تعذر.و اذا ثبت فيها الحوز الفعلي و لم يعمل الموهوب له او المتصدق او الموقوف عليه او المعمر على التقييد بالرسم العقاري فان عطيتهم لا يكون لها اي اثر و لا يعتد بها حتى في العلاقة مع الواهب أو المتصدق أو الواقف أو المعمر[16].

أما اذا كان العقار غير محفظ فإنه يتعين على المتبرع عليه الجد في طلب الحيازة حتى يتسنى له تأكيد حقه ضد المتبرع ويتأتى هذا الإجبار باستصدار أمر استعجالي من رئيس المحكمة بصفته قاضي للمستعجلات طبقا لمقتضيات الفصلين 148 و149 من قانون المسطرة  المدنية [17] يقضي بإفراغ أو إخلاء الدار أو الأرض وتمكين المتبرع عليه من التصرف في العطية واستغلالها و استعمالها فعليا.

و في كلتا الحالتين فإنه في حالة امتناع المتبرع عن تمكين المعطى له من محل العطية فعليا، فيتعين جبره بذلك عن طريق استصدار أمر من النيابة العامة يقضي بتسخير القوة العمومية لإجبار المعطي بإخلاء العقار.

وإذا كانت العطية تنعقد بالإيجاب والقبول والإشهاد عليها، وتلزم بالحوز والإجبار عليه، فإن هذا الأخير يجب أن يحصل قبل وقوع أو قيام أحد الموانع الشرعية التي تحول دون تمام العطية وترتيب آثارها .

الفقرة الثانية:طبيعة الحوز في التبرعات و موانعه

إن نفاذ التبرع يرتكز على الحوز على اعتبار أن هذا الأخير يعتبر شرطا في سائر التبرعات والشرط هو ما يلزم من عدمه العدم لكون العطية تملك بالقول على المشهور ولا تتم وتكتمل إلا بالحيازة[18]؛ فالقبض خاصية من الخاصيات و ميزة من الميزات التي انفردت بها عقود التبرع لأن مصيرها يظل مرتبطا به لنفاذها .لكونه الواقعة المادية التي تعطي لعقد التبرع أساسه ووجوده[19]، لهذا اتفقت المذاهب الأربعة على ضرورة اشتراطه وتشددوا في ذلك لكنهم اختلفوا في حكمه. هل هو شرط صحة أم شرط تمام؟

لقد اعتبر الحنفية والشافعية أن الحوز للزوم التبرع لأنه لا يثبت الملك للمتبرع عليه قبل قبض العطية، أما الحنابلة فرأوا في القبض شرطا لصحة الهبة في الكيل والموزون بدليل قول ابن قدامه: “إن المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض وهو قول أكثر الفقهاء، أما غير المكيل والموزون فتلزم فيه الهبة بمجرد العقد ويثبت الملك للموهوب قبل قبضه لما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما قالا: “الهبة جائزة إذا كانت معلومة، قبضت أو لم تقبض”[20]

أما الفقه المالكي فقلة منه[21]، اعتبرت أن الحوز شرط لتمام العطية لا لصحتها، وذلك لأن التبرع ينعقد بمجرد القول والإشهاد عليه، في حين جعل جانب آخر من المالكية الحوز شرطا لصحة التبرع، وبالتالي واستنادا إلى أصحاب هذا الاتجاه فإنه لا يمكن تصور قيام العطية وانعقادها في حالة تخلف القبض أو تأخره إلى ما بعد وقوع قيام مانع من الموانع الشرعية التي تحول دون الاستفادة من العطية، على اعتبار أن الحوز في هذه الحالة سيصبح ركنا والركن يدور مع الحكم وجودا وعدما.

إن الاختلاف بخصوص حكم الحوز بين اعتباره شرط صحة أو شرط تمام في التبرعات لم يقتصر على الفقه فحسب بل انتقل إلى القضاء الذي عرف تذبذب في تحديد حكم الحوز في العطية بين النفاذ والتمام على مستوى محاكم الموضوع وعلى مستوى محكمة القانون؛ حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض: “حيث صح ما نعاه السبب ذلك أن الحيازة التي هي شرط صحة في التبرعات كما تثبت بمعاينة البينة لحوزه قبل حدوث المانع من موت المتبرع أو مرض موت أو إحاطة الدين بماله تثبت كذلك بكل ما يدل على الشيء المتبرع به وتحول فيه قبل حصول المانع …[22] وجاء في قرار آخر: ” … وبالتالي فالعبرة لتمام التحبيس بالحيازة المادية للعقار المحبس …”[23]

هكذا فإن الآثار التي تترتب عن التمييز بين اعتبار القبض شرط تمام أو شرط صحة في التبرعات تتمثل في كونه يعد ضروريا لقيام العطية وانعقادها صحيحة في حالة ما إذا كان الحوز شرط صحة في التبرع، لأنه في انعدامه أثناء التبرع تنعدم العطية، ولا يكون لها اثر في مواجهة الكل .أما إذا كان شرطا لتمام العطية فإن غيابه أثناء وقوع التبرع أو التراخي عنه لا يؤثر شريطة أن يتم ويحصل قبل قيام مانع من الموانع الشرعية.

من هنا فإن ما يمكن استخلاصه مما سلف  هو أن الحوز أداة لاستقرار وتثبيت التبرع وهذا ما دفع أحد الباحثين[24] إلى القول أن الحوز هو شرط تمام ونفاذ وليس شرطا في صحة ولزوم العقد.

فهذا الأخير يكون صحيحا ولازما بمجرد انعقاده وهذا التحديد لا يناقض ما جاء به في التحفة من قول “والحوز شرط  صحة التحبيس” باعتبار أنه رغم استعمال هذا التعبير في المتن فإن كافة الشروح المنصبة عليه تسير مع تكييف الحوز بكونه شرط تمام، وبالتالي فصاحب النظم لم يقصد بالوصف المذكور خلاف ما اعتمد في التحليل السابق.

والرأي فيما أعتقد أن ما ذهب إليه الأستاذ عمر الأبيض هو الصواب، لأنه ما دام أن العطية تملك بالقول والإشهاد على ذلك في المشهور أي بمجرد تطابق الإيجاب والقبول وإشهاد ذوي الاختصاص على ذلك، فإن القبض باعتباره سمة من السمات التي اختصت بها عقود التبرع لا يسوغ أن يكون إلا شرطا لتمام العطية واستقرارها وما ينبغي فيه هو حصوله قبل حدوث أو قيام أحد الموانع الشرعية التي تحول دون اكتمال وتمام التبرع. فما هي هده الموانع الشرعية؟

إن الهبة حتى تكون صحيحة شرعا لا بد أن يحصل الحوز فيها قبل حصول المانع ، فإذا لم يتم الحوز إلا بعد حصول المانع أو الطارئ فإنها تعتبر باطلة. فللحوز توقيت معين يجب أن يحصل قبله وهو خلال حياة المتبرع أي قبل موته وخلال ملاءة ذمته أي قبل إفلاسه وخلال صحته، أي قبل مرضه مرض الموت، وخلال تمام عقله، أي قبل جنونه أو سفهه وإذا لم تتم حيازة المتبرع  به خلال هذا التوقيت فلا ينفع المتبرع له إدلائه بعقد محرر أو غيره.

وهذا ما دهبت إليه محكمة النقض في قرارها عدد 2370 الصادر في 26/12/1995 (ملف عقاري  6311/93)[25] والذي جاء فيه: “الحوز شرط أساسي لصحة التبرعات فلا تصح عقود التبرع إلا به، شرط أن يقع في حياة المتبرع وتمام عقله وعدم سفهه أو إحاطة الدين بماله، وإلا تعرضت للإبطال…”[26]

وعلى هذا الأساس فموانع الحوز هي:

1- مانع موت ومرضه:

إن تمام العطية وثبوتها في مواجهة المتبرع ورثته والغير يستلزم ثبوت حصول الحوز قبل قيام واقعة الموت أو مرضه.

-مانع الموت: إذا كان الأصل في انعقاد العطية أنه يتم بإيجاب وقبول، فإنها لا تلزم إلا بالقبض قبل حصول أو قيام أحد الموانع الشرعية التي يعتبر الموت حقيقة[27] أو حكما[28] من بينها .حيث إذا تحققت واقعة الموت قبل حصول القبض في العطية وإخراج المتبرع يده عن العطية يصبح الحوز غير ممكن  لتخلفه قيد  حياة المعطي،  وتصبح العطية بذلك مفتقرة لأحد أهم سماتها وخصائصها التي يتعين حصولها قيد حياة المتبرع وصحته[29] ولقد أشار صاحب التحفة  لهذا المانع  بقوله :

و الحوز شرط  صحة في التحبيس          قبل حدوث موت أو تفليس

وفي شرحه لهذا النظم قال الإمام التاودي، فإن لم تحز العطية حتى يتوفى المتبرع بطلت، حيث لا بد من حوزها في حياة المعطي[30]

ومن يصح قبضه وما قبض    معطاه لتفريط عرض

يبطل حقه بلا خلاف          إن فاته في ذلك التلافي

أي أن المتبرع عليه إذا تراخى في حيازة العطية إلى أن توفي المتبرع فإن حقه يبطل. وتتحول بذلك العطية إلى ميراث، هذا ما أكده  أيضا ابن ابي زيد القيرواني  في رسالته حيث قال أن الهبة والصدقة والحبس لا تتم الا بالقبض في حياة المعطي، فإن  مات قبل أن تحاز منه فهي ميراث[31].

من هنا فإن الباعث من وراء تقرير القبض في الهبة ليس اعتباطيا، وإنما لغاية جوهرية ومنطقية مفادها أنه  إذا لم يقع الحوز في حياة المتبرع يصبح التبرع لاغيا و باطلا ومجردا من قيمته الشرعية، لأن فيه –  في هذه الحالة- مس بحقوق الورثة والدائنين [32] وهذا ما أقرته محكمة الاستئناف بتازة في قرار صادر عنها جاء فيه:”… وأنه الثابت…  بطلان الهبة لانعدام ركن الحوز ذلك أن رسمي الهبة باطلين لكون الحيازة غير مستوفية لشروطها… فإن ركن الحوز يشترط أن يكون في حياة الواهب…”[33]

– مانع مرض الموت: يعرف مرض الموت بأنه ذلك الذي يلحق المتبرع ويجعله  طريح الفراش فتكون بذلك تصرفاته في غالبيتها على سبيل المحاباة، لذلك جعله الفقهاء مانعا من حيازة المال المتبرع  به، وهنا يتعين على المتبرع عليه انتظار  شفاء المتبرع ليقوم بحوز المال المتبرع به حوزا صحيحا و منتجا لكافة أثاره[34]. كما يعرف مرض الموت بأنه ذلك المرض المخوف الذي يولد في نفسية المريض إحساس بقرب اجله , الأمر الذي يترتب عنه تأثير على سلوك المرء قد يدفعه إلى إبرام تصرفات قانونية لا يقدم عليها لو لم يكن مريضا مرض المرض[35] . وتحدد شروط مرض الموت في عجز الإنسان عن قضاء حاجاته ومصالحه  اليومية  وأن يغلب في المرض خوف الموت  ثم انتهائه بالموت فعلا.

من هنا فإن المرض الذي يعتبر مبررا للحجر على المريض من التصرف فيه  هو ذلك المرض المخوف الذي يحكم الأطباء بكثرة الموت فيه . هذا ما أكده الشيخ خليل في مختصره بقوله :” وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به [36] لأن تحديد كون المرض مخوفا من عدمه هو من اختصاص الأطباء دون غيرهم، وباعتبارهم أكثر مسايرة للعالم الطبي وابتكاراته في اكتشاف الأمراض وطرق علاجها وبالتالي فهم من لهم أهلية تحديد المرض المخوف من عدمه[37].

ولا يكفي أن يكون المرض مخوفا للقول بأنه مرض موت، بل يتعين استمراره إلى غاية قيام واقعة الموت بمعنى اتصالهما إلى حين وقوع  الموت حتى يكون المرض هو سبب الموت ويكتسب بذلك وصف المانع الذي  يحول دون إتمام العطية ونفاذها.

هكذا فإجراء التبرع أثناء مرض الموت وفق شروطه السالف ذكرها .لا يصح بل يعترض وإلى ذلك أشار صاحب التحفة بقوله:

وصدقة تجوز إلا مع مرض     موت و بالدين المحيط تعترض

فإذا وقع التصرف أثناء مرض موت المتبرع فإن هذا التصرف يكون مشوبا بعيب من شأنه أن يؤدي إلى تحول تصرف المتبرع خاصة إذا قامت الأدلة على وقوعه وانجازه في  مرض الموت [38] لأن العطية أثناء مرض الموت لا تصح، كحبس أو صدقة  أو هبة، بل تتحول إلى وصية إذا كان المستفيد منها غير وارث، وتطبق بشأنها أحكام الوصية وفق ما هو منصوص عليه في مدونة الأسرة [39] .وفي نفس التوجه صدر قرار عن محكمة الاستئناف بتازة  جاء فيه ” حيث سبق  أن تقدم بعض ورثته … و لما مرض أحضرت زوجته عدلين إلى المنزل وشهدا عليه بأنه تصدق عليها  بما  يملك وهو عبارة  عن دار مؤلفة من مجموعة من الشقق … وان رسم الصدقة  باطل لكونه أنجز وهو طريح الفراش  ولعدم معاينة القبض وقع الإشهاد على ذلك برسم الصدقة لأنه توفي بعد ذلك بعشرين  يوما .كما أن رسم الصدقة لم يشهد بالتحويز … الحكم ببطلان رسم الصدقة وقسمة المدعى فيه. [40]

بل الأكثر من هذا فمانع مرض الموت يحول دون قيام العطية صحيحة، حتى لو تحقق بعد وقوعها في صحة المتبرع .فإذا وقع التبرع في صحة المعطي وعمل المستفيد من العطية على قبضها وحيازتها حينذاك صح التبرع وتحقق المراد ـ أما إذا تراخى المتبرع عليه في ذلك إلى حين دخول المتبرع في حالة مرض الموت بطلت العطية وأخذت حكم الوصية شريطة تحقق الوفاة مباشرة بعد المرض[41].

لكن هل لا بد من اتصاف المرض بالمخوف وارتباطه بالموت حتى يكون له وقع على صحة المتبرع، صدقة أو هبة أو وقف، أم يكفي تحقق واقعة المرض المنصوص عليها في الفصل 54 م ق ل ع للقول ببطلان التصرف؟

في هذا الإطار أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة حكما جاء فيه :” وحيث أن المدعين يؤسسون طلبهم على مقتضيات الفصل 54 من ق ل ع الذي ينص على أن أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات المشابهة متروكة لتقدير القضاة باعتبار أن مورثهم الواهب كان مصابا باضطرابات عقلية وعصبية كانت تستلزم عليه زيارة الطبيب ودخول المصحات أكثر من مرة …”

وحيث بالنظر للشواهد الطبية المدلى بها والتي كانت تغطي فترة تمتد من سنة 1997 إلى سنة 2005 التي توفي فيها مورث أطراف الدعوى، و بالنظر لنتيجة الخبرة المنجزة قضائيا وبالنظر إلى الموجب اللفيفي المحتج به يثبت للمحكمة أن عقد الهبة موضوع الدعوى تم و الواهب في حالة مرضية مؤثرة على قواه العقلية مما يستوجب إبطاله عملا بمقتضيات الفصل 54 من ق ل ع [42].

انطلاقا مما سبق فعندما يتعلق الأمر بحالة المرض المنصوص عليها في الفصل 54 ق ل ع  فالمسألة لا تنصرف للبطلان وإنما إلى الإبطال الذي يتعين طلبه ممن له مصلحة فيه.

وتجدر الإشارة  إلى أنه حتى  يتسنى  الاعتداد بمرض الموت كمانع يحول وقيام العطية صحيحة منتجة لكافة آثارها القانونية . يتعين إثباته من قبل المدعي الذي يرغب  في تعطيل آثار التبرع،  وغالبا ما يكون الورثة . ويمكنهم  إثبات  ذلك بكافة الوسائل التي تتناسب مع واقعة مرض الموت، ويتم  اللجوء  في الغالب إلى الإثبات بالإشهاد الطبي .

لكن يثار تساؤل بهذا الصدد  يتعلق بالحالة التي يشهد فيها السادة العدول بأتمية المتبرع التي تعني الصحة و الطوع و الرشد .في حين يقضي الإشهاد الطبي بكون العطية تمت أثناء مرض الموت. فمن يرجح في هذه الحالة ؟

جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:” إن تقرير الأدلة موكول لسلطة المحكمة .. وإذا هي  ناقشت عقد الصدقة المستدل به وثبت  لديها أن عدلين قد شهدا بأتمية المتصدقة بما تحمله  من معاني الصحة والطوع والجوار واستبعدت تبعا لذلك الشهادة الطبية المؤرخة في 29/5ـ 71  التي استدل بها الطالبون لإثبات الخلل العقلي  للمتصدقة لكونها لا تحمل اسم الطبيب … تكون قد بنت قضاءها على أسباب سائغة وردت ضمن الموجب اللفيفي..”[43]

استنادا إلى هذا القرار فالقضاء رجح شهادة العدول بالاتمية على الإشهاد الطبي نظرا لكونه يفتقر إلى اسم الطبيب، يعني بمفهوم المخالفة لو كان الإشهاد الطبي  يحمل اسم الطبيب وكان هذا الأخير من أهل الثقة والاختصاص، لتم الأخذ بما تضمنه الإشهاد الطبي وترجيحه على شهادة العدول بالأتمية. خاصة وان شهادة العدول بالاتمية ما هو إلا رصد ظاهري للحالة الصحية للمريض المتعاقد الذي قد يكون واقعه مخالفا لهذا الرصد، فمهمة الحسم بينما إذا كان الشخص مريضا أو صحيحا ليست بمهمة توثيقية وإنما هي مهمة طبية  يتعين إسنادها لأهل الاختصاص- الأطباء- لذلك  فمن العدول والموثقين لا يعدون مؤهلين للإشهاد بصحة المتبرع من عدم ذلك إلا باستشارة الأطباء، ومن هنا فشهادتهم  قابلة لإثبات العكس بالاعتماد على الشهادة الطبية الصادرة عن أهل الاختصاص.

2- مانع انعدام الأهلية والتفليس:

تتطلب  صحة التبرع ثبوت انعقاده في تمام أهلية المتبرع وقبل افتقاره ذمته المالية.

-انعدام الأهلية : تعتبر الإرادة أساس الرضى في العقود، لأن صحة التصرف تستلزم مشاركة الإرادة في إبرامه وفق الشروط التي  يتطلبها القانون، ومن بينها كمال الأهلية والإدراك وخلو الإرادة من العيوب والتأثيرات النفسية التي تدفع بالإنسان إلى إبرام تصرفات قد لا يقبل عليها في كمال أهليته.

فالأصل في التبرع أنه ينعقد بالقول المشهور أي  بإيجاب وقبول[44] وبالتالي  فان هذا التراضي يجب أن يتم أثناء رشد الأطراف وكمال أهليتهم  وخاصة المتبرع .لأن في انعدام أهلية هذا الأخير بطلان للتصرف، وذلك استنادا إلى مقتضيات المادة 224 من مدونة الأسرة التي جاء فيها :” تصرفات عديم الأهلية باطلة ولا تنتج أي أثر ” وهذا الحكم ينطبق حتى على الحالة التي يكون فيها  التبرع صادرا عن نائب المتبرع ويتضح هذا من خلال مقتضيات  الفصل 12  من ق ل ع التي نصت على ان التبرعات التي يجريها في مصلحة المحجوز عليه[45]  نائبه لا يكون لها أدنى أثر ولو تمت بعد الحصول على الاذن الذي يتطلبه القانون.[46]

هكذا فلصحة العطية يتعين أن يكون الموجب فيها متمتعا بأهلية خالية من العوارض التي من شأنها أن تؤثر فيها أو تعدمها كالجنون والسفه وفقدان العقل.

– مانع التفليس: تقتضي مصلحة الدائنين منع المدين من التصرف في أمواله والحجر عليه عندما يكون هذا الأخير في وضعية صعبة  لا يحسد عليها.لان تصرف  المدين في هذه الحالة فيه إضرار بحقوق الدائنين، الذين تعاملوا استنادا إلى ذمته المالية التي تشكل الضمان العام لهم[47].

فحماية الدائنين  تستوجب تجريد تصرفات مدينهم المعسر- وخاصة غير العوضية  منها– من أي أثر قانوني لأن في عكس ذلك إنقاص من ضماناتهم وتكليف على المدين على اعتبار أن هذا الأخير يكون في وضعية الإحاطة بالدين التي تحول دون تمام تصرف التبرع لأن الأمر يكون شبيها بالتصرف في ملك أو مال الغير [48]

وعدم جواز التبرع أثناء إحاطة الدين بالمال ثابت عند الفقه المالكي و يتضح ذلك من خلال قول  صاحب التحفة:

وصدقة تجوز إلا مع مرض    موت وبالدين المحيط تعترض

فالفقه الإسلامي جعل من إحاطة الدين بالمال مانع يحول دون صحة العطية عند إبرامها أثناءه، وذلك  رغبة منه في حماية حقوق الدائنين وتمتينها في مواجهة المدين لمنعه من التحايل عليهم، بل و الأكثر من ذلك فإن التبرع  يعترض حتى  في الحالة التي تنعقد فيها العطية في يسر المتبرع، لكن يتأخر حوزها وقبضها إلى حين إفلاس المعطي  أو إحاطة  الدين بماله، ويتضح هذا من خلال قول ابن عاصم الغرناطي في تحفته.

والحوز شرط صحة في التحبيس            قبل حدوث موت أو تفليس

وهكذا فالتفليس لا يعد مانعا للتصرف فقط بل للقبض أيضا .لأنه إذا تمت العطية في يسر المتبرع ولم يتم حوزها إلى حين ثبوت إحاطة الدين  بالمال فإن التبرع لا يتم ولا يكتمل، وفي ذلك قرار صدر عن محكمة النقض( المجلس الأعلى سابقا )جاء فيه ” الحيازة شرط صحة في التبرعات  وتثبت بمعاينة  البنية لحوزها قبل حدوث المانع من موت المتبرع أو إحاطة الدين بماله…”[49].

المطلب الثاني:الحوز في مدونة الحقوق العينية

لقد حسمت المادة 274 من م.ح.ع في مسألة الخلاف الفقهي والقضائي  الذي كان سائدا قبل  صدروها في مسألة الحوز في التبرع بعقار محفظ بأن رجحت ما جاءت به محكمة النقض عدد 555 [50] الصادر بجميع غرفها والذي أقر صراحة بأن الحوز القانوني يغني عن  الحوز المادي  إذا كان العقار محفظا، ومددت نطاق  هذا الحوز ليشمل حتى العقار في طور التحفيظ الذي كان يخضع للفقه الإسلامي أما في العقار غير المحفظ فاللازم فيه الحوز الفعلي قبل حصول المانع.

غير أن هذه المادة و إن أقرت اجتهادا قضائيا ،فان هذا لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات حول الصيغة و الكيفية التي جاءت بها،منها إغفال المشرع الإشارة إلى وجوب حصول التقييد قبل المانع و إلا بطلت الهبة إلا إذا تم الحوز المادي قبل المانع لان تقييد الهبة بالرسم العقاري بعد حصول المانع أو عدم حصوله يوجب بطلانها إلا إذا ثبت الحوز الفعلي قبل حصول المانع ،و هو جوهر الاجتهاد القضائي اللاحق للقرار رقم 555 حرصا منها على تطبيق قواعد الفقه المالكي في غير الحالة التي تطرق لها القرار السابق.[51] بالإضافة إلى أن هذه المادة ستثير بعض الإشكالات مرتبطة أساسا بالمقصود بالتقييد الوارد في هذه المادة،و هل يشمل حتى التقييدات  الاحتياطية؟ وهل مفهوم التقييد الوارد بهذه المادة يمكن أن نمدد نطاقه ليشمل الإيداع والإشهار خلال جريان مسطرة التحفيظ؟ ولعل الجواب عن هذه  الأسئلة وغيرها مرتبط بشكل جلي بما سيفرزه الاجتهاد الفقهي والقضائي في الموضوع. وإن كنا نؤيد أحد  الباحثين [52] الذي يذهب إلى أن التقييد في هذه المادة يجب أن يأخذ بمعناه الواسع لأن الأصل في التقييد أن ما لا يمكن تقييده نهائيا  لا  يمكن قبول تقييده احتياطيا وهو ما نص عليه الفصل 86  من ظ ت ع  .

أما بخصوص موقف المشرع  المغربي من شرط الحوز في التبرعات بين صحة وتمام العطية، فإنه لم يحدد موقفه صراحة، لكن يمكن استلهامه ضمنا، فبمانه نص صراحة في الفقرة الأولى من المادة 274 م.ح.ع على أنه” تنعقد الهبة بالإيجاب و القبول” ، فإن خاصية القبض لا تعدو أن تكون مجرد شرط لتمام العطية. ليصبح بذلك  القبض  في العطية مجردا من سنته وخصوصيته[53] .هكذا يمكن لورثة الموهوب له المطالبة بحق موروثهم  الذي قبل التبرع ولم يحزه قيد حياة المعطي رغم وفاة هذا الأخير، وذلك استنادا إلى الفقرة الأخيرة من المادة 279  م.ح.ع. التي تنص على أنه”… إذا توفي الموهوب له قبل أن يقبل الملك الموهوب بطلب الهبة كذلك، ولاحق لورثه الموهوب المطالبة به”يعني بمفهوم المخالفة انه إذا قبل الموهوب له العطية قبل وفاته صحت هذه الأخيرة و حق لورثته المطالبة بها في مواجهة الكل ورثة و دائنين سواء تعلق الأمر بعقار محفظ أو غير محفظ، وذلك استنادا إلى المادة السالفة الذكر ولمقتضيات الفصل 229 من ق ل ع الذي ينص على أنه:” تنتج الالتزامات أثرها لا بين المتعاقدين فحسب، ولكن أيضا بين ورثتهما وخلفائهما…” وذلك عن طريق إقامة  دعوى و استصدار أمر استعجالي من رئيس المحكمة لإجراء حجز تحفظي أو إقامة تقييد احتياطي لتثبيت حقهم و حفظه من الزوال في مواجهة الواهب وورثته.و هذا ما أكدته محكمة الاستئناف بوجدة  في قرار صادر عنها جاء فيه :” وحيث أن العقد  الصحيح يرتب إلزام المتعاقد بتنفيذ الالتزام ونقل  نفس الالتزام لخلفه العام …[54]

كما لهم حق إقامة رهن جبري  على الملك الموهوب  وذلك اعتمادا على مقتضيات المادة 171 من القانون رقم 08.39 المتعلق بمدونة  الحقوق العينية [55] ووفق الحالات التي  يجيز  فيها القانون ذلك ، والتي سبق ذكرها في ظهير 2 يونيو 1915  وخاصة  الفصل  163 منه الذي خول للورثة والدائنين حق إقامة رهن جبري.

وهذا ما عمل المشرع  المغربي  على تقريره وتكريسه  في م.ح.ع حيث  يمكن التراجع عن الإيجاب بالتبرع إذا تعلق الأمر بإيجاب مرتبط بزمن معين وانتهى الزمان ولم يتم القبول، فينعدم بذلك الإيجاب. أو حالات الاعتصار التي يمكن فيها الرجوع عن الهبة .أو حالة موت الموجب أو انعدام أهليته قبل قبول المستفيد من التبرع لإيجابه . وعلمه  بفقدان أهليته أو موته، لأنه إذا قبل العطية قبل علمه بموت أو انعدام أهلية الموجب رغم تحقق إحدى الواقعتين  فإن العطية تنعقد وتقع صحيحة[56].هدا الامر يقودنا الى الحديث عن الموانع و موقف م.ح.ع منها؟

ففيما يتعلق بمانع الموت نجد المشرع المغربي في إطار م.ح.ع، قد اتخذ منحى يتسم بنوع من الخصوصية، ويتضح ذلك من خلال تقريره وتأكيده على أن وفاة المتبرع قبل قبول العطية من قبل المتبرع عليه يجعل التبرع باطلا  إذ تنص المادة 279 من م.ح.ع على أنه :” إذا توفي الواهب قبل أن يقبل الموهوب له  الملك بطلت الهبة..” سواء تعلق الأمر بعقار محفظ أو غير محفظ، مع الأخذ بعين الاعتبار ما أقرته الفقرة الثانية التي تنص على أنه :”… لا يعتد  بتاريخ تقييد  اراثة الواهب إذ تعلق الأمر بعقار محفظ…” أي أن الورثة لا تثبت لهم صفة  الخلف العام إلا بتقييد الاراثة في الرسم العقاري باعتبار هذا الأخير هو المعبر عن الوضعية الحقيقية للعقار، هذا بالإضافة إلى كون الوفاة واقعة مادية يتعين شهرها عبر تقييدها بالرسم العقاري طبقا لمقتضيات الفصليين 66[57] و67 [58]من القانون رقم 14.07 لأنه قبل التقييد  لا يعتد بالوفاة وبالتالي يمكن للموهوب له قبول  الهبة في الفترة الممتدة بين تحقق الوفاة وتقييدها بالرسم  ومواجهة الورثة بذلك وهذا الأمر سبق لمحكمة النقض أن أقرته في قرار صادر عنها جاء فيه :” في حالة  إدعاءه وفاة شريك دون أن تكون وفاته مسجلة بالرسم العقاري يتعين على طالب القسمة توجيه دعواه ضده  لا ضد غيره الذين يدعون ارثهم دون تسجيل حقوقهم[59].

أما في ظل مدونة الأوقاف، فقد تشبث المشرع بقواعد الفقه الإسلامي التي تشددت في اشتراط الحوز في الوقف للزومه وقيامه  صحيحا. ويتجلى موقف المشرع هذا من خلال اشتراطه في نص المادة 24 منها على ضرورة حوز الوقف قبل مانع  الموت الذي يحول دون قيام الوقف صحيحا .الأمر الذي تم تأكيده من خلال  مقتضيات  المادة 33 من نفس المدونة حيث جاء فيها:” إذا توفي الواقف قبل أن يحوز الموقوف عليه المال الموقوف حوزا صحيحا، بطل الوقف ما لم يطالب به في حياة الواقف …” أما في ما يتعلق بوفاة الموقوف عليه قبل قبض الوقف فلا أثر لذلك على صحة الوقف  حيث ينتقل بذلك إلى من يلي الموقوف  عليه [60] أو إلى الأوقاف العامة في حالة عدم وجود أي وراث للموقوف عليه.

أما بالنسبة لمانع المرض، فظل المشرع المغربي متشبثا بموقفه المتمثل في تجريد الحوز من قيمته القانونية معتبرا إياه مجرد  شرط  تمام فقط ولا أثر لغيابه أو حضوره، فيكفي انعقاد العطية صدقة كانت أو هبة، بإيجاب من طرف وقبول من أخر  وتحرير ذلك في عقد رسمي . وتمام ذلك  في صحة المعطي لا أثناء مرض الموت. و تكون العطية بذلك صحيحة منتجة لأثارها ومحققة لمغزاها حتى لو تحقق المانع السالف ذكره بعد انعقاد الصدقة والهبة وقبل حيازتهما على اعتبار  أن مرض الموت كمانع لا يترتب  أثره  إلا إذا تم التصرف أثناءه  حيث تسري على العطية آنذاك أحكام الوصية، ويتضح ذلك من خلال مقتضيات المادة 280 م ح ع  التي جاء فيها “تسري على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية ” لكن مع الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الفصلين 67و66 من القانون رقم 14.07 والمادة 2 من م ح ع .

أما في إطار  مدونة الأوقاف فإن لمانع مرض الموت وقع على صحة الوقف وشرط الحوز فيه  حيث يأخذ التحبيس حكم الوصية  سواء تم أثناء مرض الموت، أو قام المانع قبل تحققه وبعد انعقاد الوقف، ويتأكد ذلك من خلال نص المادة 6 من مدونة الأوقاف حيث جاء فيها :” يعتبر وقف المريض مرض الموت لازما، ويعطى حكم الوصية طبقا لأحكام مدونة الأسرة” هذا مع الأخذ  بعين الاعتبار ما تنص عليه  المادة 24  من نفس المدونة  حيث تشترط لصحة الوقف حصول الحوز قبل قيام المانع الذي يجعل الوقف يأخذ حكم الوصية تستخرج من ثلث المال لينسحب ما تبقى إلى الوقف العام.

أما فيما يتعلق بمانع الأهلية فقد نص المشرع أيضا في م.ح.ع في المادة 275 منها على انه :” يشترط لصحة الهبة أن يكون الواهب  كامل الأهلية مالكا للعقار الموهوب وقت الهبة “.  فالمشرع بموقفه هذا قد تجاوز شرط الحوز الذي اشترطه الفقهاء لصحة العطية لأنه من الثابت أن التبرع في المذهب المالكي ينعقد بإيجاب وقبول ويصح بالقبض الذي يتعين أن يقع في كمال أهلية المعطي لإلزامه به وجبره عليه  ولو قضاء “[61]

وهكذا  يكفي لصحة الهبة أو الصدقة انعقادهما بإيجاب وقبول أثناء رشد المتبرع وكمال أهليته حتى لو تعرضت أهلية الواهب لعارض من العوارض المعدمة لها بعد إبرام العقد و قبل حصول الحوز المشترط فقها، لكن مع مراعاة مقتضيات الفصل 31[62] من ق ل ع والفصلين 66و 67 من القانون 14.07 من قبل من لهم مصلحة إذا تعلق الأمر بعقار محفظ.

لكن إذا كان المشرع قد استغنى عن شرط الحوز قبل انعدام الأهلية  في م.ح.ع. فإنه حافظ عليه في إطار مدونة  الأوقاف و يتضح ذلك من خلال مقتضيات المادة 5 منها، حيث جاء  فيها :” يجب أن يكون الواقف متمتعا بأهلية التبرع وان يكون مالكا للمال الموقوف ،وله مطلق التصرف فيه. وإلا كان عقد الوقف باطلا في علاقتها مع المادة24 من مدونة الأوقاف السالف ذكرها والمادة 27[63] من نفس المدونة والتي حددت الحالات التي يستغنى فيها عن تحقق شرط الحوز والتي لا يدخل انعدام  الأهلية في إطارها .

هكذا فالمشرع في إطار مدونة الأوقاف ظل محافظا على شرط القبض في التحبيس الذي يتعين وقوعه قبل ثبوت انعدام أهلية الواقف، وذلك حتى يكتمل الوقف ويقوم صحيحا وفي ذلك جاء ما يلي:

وما بغير عوض ينتقل           فحوزه حتم به ينكمل

أما بخصوص موقف المشرع المغربي  من مانع إحاطة الدين فقد نص في المادة 280 من م.ح.ع على أن :” الهبة لا تصح ممن كان الدين محيطا بماله ” حيث يستفاد منها أن المشرع أخذ بالتفليس كمانع لانعقاد العطية وقيامها صحيحة فقط، دون اعتباره مانع يتعذر مع ثبوته القبض .وهكذا فمتى  انعقدت  العطية في يسر المتبرع  فهي  بذلك صحيحة منتجة لأثرها ولو انعدم الحوز فيها أو غاب  إلى حين  قيام مانع إحاطة  الدين بالمال لكن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 67و66 من القانون 14.07 والمادة  2 م ح ع إذ تعلق الأمر بعقار محفظ، في حين إذا ابرم التبرع في عسر المتصدق أو الواهب كان غير صحيح، والمشرع بهذا يكون قد أخذ بنظم ابن عاصم الغرناطي الذي يجعل من إحاطة  الدين بالمال مانعا لانعقاد العطية فقط :

صدقة تجوز إلا مع مرض     موت وبالدين المحيط تعترض

وإحاطة الدين بالمال كمانع يترتب عنه بطلان التصرف المقام أثناءه ثابت أيضا في مدونة التجارة[64] عندما يكون المتبرع مقاولة. حيث نص المشرع في المادة 681 منها على أن العقود غير العوضية  التي يبرمها المدين خلال فترة الريبة [65] تعد باطلة بطلانا وجوبيا، بل يجوز للمحكمة إبطال العقود التي تبرمها المقاولة خلال الستة أشهر السابقة عن فترة الريبة [66]. هذا فإن كان المشرع في إطار م ح ع اعتبر إحاطة الدين بالمال مانع يحول دون انعقاد العطية فإنه اعتد به كعارض يتعذر مع ثبوته  الانعقاد والقبض في الوقف، حيث يترتب عن ذلك بطلان الوقف ما لم يجزه الدائنون ويتجلى ذلك من خلال مقتضيات المادتين [67]10 و[68]24 من مدونة الأوقاف.

من خلال ما سبق، فإنه وما دام المشرع عمل على إقرار قواعد الفقه الإسلامي بخصوص انعقاد العطية والمتمثلة  في كفاية صدور  إيجاب من طرف وقبول من الآخر  والإشهاد على ذلك. وبما أن الفقه المالكي نص على ضرورة حيازة العطية أو الإجبار عليها لترتيب أثارها، فإنه كان يتعين على المشرع عندما نص على أن التبرعات تنعقد  بإيجاب وقبول- هبة أو صدقة- أو بالإيجاب في إطار الوقف أن يضيف أنها لا ينتج عنها أي أثر إلا بالحوز في مفهومه الواسع حتى يكون هناك نوع من الانسجام والتناغم بين النصوص المؤطرة للتبرعات.فالقبض هو سمة من السمات التي اختصت و انفردت بها عقود التبرع و بالتالي فهو شرط يتعين تحققه فعليا للقول بصحة التبرع و لزومه لأنه كشرط التسليم في العقود العينية التي لا تتم و لا تنفد إلا بحصوله.

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]  يعتبر الحوز عند المالكية شرط صحة في عقود التبرع و ليس ركنا من أركانها.و قد قال ابن عرفة عنه بأنه”حقيقة رفع خاصية تصرف الملك فيه عنه بصرف التمكن منه للمعطي أو نائبه”

و إذا كان الأصل أن الشخص المتبرع له يحوز العقار بنفسه.غير انه قد لا يمكن من ذلك لعذر واقعي كما إذا كان جنينا أو غائبا أو مريضا طريح الفراش أو لعذر قانوني كما إذا كان صغيرا غير مميز.ففي مثل هذه الأحوال يصح الحوز من ولي المعني بالأمر أو وصيه أو المقدم عليه أو وكيله”.

[2]   عبد الرحمان بلعكيد : الهبة في المذهب والقانون.مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء.الطبعة الثالثة2015 .ص 293

[3]   جاء في لسان العرب لابن منظور أن الحوز لغة :” السير الشديد والرويض، وحاز الإبل يحوزها ويحيزها حوزا و حيزا و حوزها أي ساقها سوقا شديدا، وليلة  الحوز هي اول ليلة توجه الإبل إلى الماء إذا كانت بعيدة منه، وسميت بذلك  يرفق بها تلك الليلة فيسار بها رويدا. وحوز الإبل  أي ساقها إلى الماء. والأحوزي والحوزي هو الحسن السياقة، كما يطلق على الجاد في أمره. وانحاز القوم بمعنى تركوا مركزهم ومعركة قتالهم ومالوا إلى موضع آخر. وتحوز عنه وتحيز إذا تنحى. والتحوز هو التلبث والتمكث. والحوز من الأرض أن يتخذها رجل ويبين حدودها فيستحقها فلا يكون لأحد فيها حق معه  في ذلك الحوز، والحوز الجمع هو كل من ضم شيئا إلى نفسه من مال و غير ذلك فقد حازه حوزا و حيازة و حازه إليه و احتازه اليه.و حازه يحوزه ادا قبضه و ملكه  واستبد به ،وقال بعضهم هو من قول حزت الشيء إذا أحرزته و حزت الأرض إذا أعلمتها وأحييت حدودها. وحوز الدار وحيزها هو ما انضم  إليها من المرافق  والمنافع وكل ناحية على حدة حيز بتشديد الياء…”  جمال الدين محمد ابن منظور، لسان العرب / ج  3. دار إحياء التراث العربي. مؤسسة التاريخ العربي. بيروت، لبنان. الطبعة 1/ 1416- 1992، ص 388

[4]   أبي عبد الله الأنصاري الرصاع ،شرح حدود ابن عرفة، تحقيق محمد أبو الأحفان والطاهر  المعموري. الجزء الثاني، دار الغرب الإسلامي . الطبعة الأولى بيروت 1993. ص544

[5]   محمد ابن بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، مطبعة لبنان، الطبعة 1988. ص 162

[6]   عبد الرحمان بلعكيد، الهبة في المذهب والقانون، م.س. ص. 296

[7]   عبد العلي العبودي :” الحيازة فقها وقضاء” المركز الثقافي العربي. الطبعة الأولى 1996. ص 17

[8]   عمر الأبيض، شرط الحوز في التبرعات،مطبعة الامنية الرباط،الطبعة الاولى اكتوبر 2011. ص 28

[9]   مامون الكزبري :” نظرية الالتزامات  في ضوء ق ل ع المغربي. الجزء الأول. مصادر الالتزام .ط 2  بيروت  فبراير 1972 ص:316.

[10]   تنص المادة 17 من  مدونة الأوقاف على أنه:”

-ينعقد الوقف بالإيجاب.

-يكون الإيجاب إما صريحا أو ضمنيا شريطة أن يفيد معنى الوقف بما

اقترن به من شروط….”

[11]   تنص المادة 17 من مدونة الأوقاف على أنه:” لا يكون القبول شرطا، لاستحقاق الوقف  إلا ادا كان الموقوف عليه شخصيا معينا ”

[12]   تنص المادة  19من مدونة الأوقاف على انه ” إذ كان الموقوف عليه المعين متمتعا بالأهلية  صح القبول منه أو من وكيله فإن رفض  عاد الوقف إلى الأوقاف العامة ..”

 [13]  قرار رقم 259 صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2002/4/3 في الملف رقم 494/2/1/2001أشار إليه عمر لبيض. شرط الحوز في التبرعات.م.س. ص30

[14]   قرار  رقم 541 صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2001/05/16 في الملف رقم 364/2/1/1998، أشار إليه عمر لبيض. شرط الحوز في التبرعات.م.س ص30.

[15]   قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 380، ملف شرعي عدد 291/2/1/2005 بتاريخ 2006//06/14  منشور بمجلة القصر، العدد 18 شتنبر 2007 ص 159

[16]  عبد الرحمان بلعكيد.الهبة في المذهب و القانون.م.س.ص:325

[17]   الظهير الشريف بمثابة  قانون رقم 447ـ 74ـ 1 بتاريخ 11 رمضان 1394( 28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.

[18]  محمد الأجراوي، الحيازة الفعلية في التبرعات بين الفقه والقانون الوضعي ودور المجلس الأعلى في التوفيق بينهما. أشغال ندوة تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس المجلس الأعلى 1999،  ص. 618.

[19]  عمر الأبيض، شرط الحوز في التبرعات، م. س. ص. 35.

[20]   عبد الكريم شهبون، عقود التبرع في الفقه المالكي، الطبعة الأولى، دون ذكر المطبعة 1413/1992 ص 167.

[21]   الإمام مالك  وابن جزي وابن رشد.

[22]   قرار عدد 05 صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2006/01/04 في الملف الشرعي عدد 613/2/1/2004 منشور بمجلة القصر العدد 20.ماي 2008 ص. 221.

[23]   قرار صادر عن محكمة النقض عدد 579 الصادر بتاريخ 2002/02/13 ملف مدني عدد 4054/1/9/95 مجلة القصر العدد 2 ماي 2002، ص. 119.

[24]  عمر الأبيض، شرط الحوز في التبرعات، م، س ص 36

[25] قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 49-50، الصفحة 101

[26] نفس القاعدة تبنتها محاكم الموضوع ومنها محكمة الاستئناف بمراكش في قرارها عدد 599 بتاريخ 19/7/2001 في الملف العقاري عدد: 1013/7/21 والذي جاء في حيثياته:”حيث إن شرط صحة التبرعات هو ثبوت حيازة المتبرع عليه لما وقع التبرع به قبل حدوث المانع للتبرع”

[27] الموت الحقيقي هو انعدام الحياة بشكل طبيعي في جسم الإنسان بصفة نهائية بغض النظر عن سبب ذلك وهو ما أشارت إليه المادة 324 من مدونة الأسرة التي جاء فيها “يستحق الإرث بموت الموروث حقيقة أو حكما، وبتحقق حياة وارثه بعده”.

[28]  الموت حكما هو انقطاع الخبر، وحكم القاضي باعتبار المنقطعة أخباره ميتا، وذلك بشروط معينة وهذا ما نصت عليه المادة 325 من مدونة الأسرة التي جاء فيها”الميت حكما من انقطع  خبره  وصدر حكم باعتباره ميتا”.

[29]  عمر الأبيض، شرط الحوز في التبرعات، م،س ص39

[30]  الإمام عبد الله محمد التاودي، شرحه المسمى بحلي المعاصم لفكر ابن عاصم بهامش البهجة  على شرح التحفة، الجزء 2، دار المعرفة الطبعة الأولى 1998 ص،326

[31]  الثمر الداني، شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني ، دار الفكر، الطبعة الأولى 2007،  ص 363

[32]  بوشعيب الناصري: استثمار العقارات الحبسية، ندوة المنازعات العقارية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، ص 56

[33]  قرار صادر عن محكمة الاستئناف بتازة الغرفة العقارية، ملف عدد 52-04 قرار عدد 30 بتاريخ 2006/02/27.غير منشور.

[34]  حسن منصف، أحكام الهبة في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في  القانون الخاص وحدة القانون المدني. جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، مراكش . السنة الجامعية 2000/1999 ص 128

[35]   عمر الأبيض ، شرط الحوز في التبرعات م س ص 43

[36]    مختصر الشيخ خليل م س  ص 204

[37]   عمر الأبيض م س .ص 45.

[38]   عبد العلي العبودي ، الحيازة في التبرعات في الفقه الإسلامي وموقف المجلس الأعلى من التبرع بالعقارات المحفظة، مجلة القضاء والقانون العدد 149 . دون ذكر السنة  ص 141

[39]   عرفت المادة 277 من مدونة الأسرة الوصية بأنها :” عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم  بموته ” وتجدر الإشارة إلى انه في حالة كون المتبرع عليه وارثا فإن العطية لا تتحول إلى وصية إلا إذا أجاز باقي الورثة دلك عملا بمقتضيات المادة 280 من مدونة الأسرة .”

[40]   قرار صادر عن محكمة الاستئناف بتازة. ملف عقاري عدد 03.42 بتاريخ 2011/11/22( غير منشور )

[41]   عمر الأبيض , م س ص .53

[42]   حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بوجدة، رقم 268 ملف مدني رقم 09/1097 بتاريخ 2011/11/02  .غير منشور

[43]   قرار صادر عن محكمة النقض عدد 162 ملف شرعي  600/2/1/2003 صادر بتاريخ 16/03/2005 منشور بمجلة القصر، العدد الخامس والعشرون، يناير 2010، ص 152

[44]   واستثناءا بإيجاب فقط اذا كان التبرع  وقفا على اعتبار أن هذا الأخير من التصرفات التي تتم بإرادة منفردة.

[45]   تنص المادة 220 من مدونة الأسرة على أن : “فاقد العقل والسفيه والمعتوه تحجر عليهم المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالتهم بذلك …”

[46]   ينص الفصل 12من ق ل ع “أن التصرفات التي يجريها في مصلحة القاصر أو المحجور عليه أو الشخص المعنوي من ينوب عنهم، وفي الشكل المقرر في القانون، تكون لها نفس قيمة التصرفات التي يجريها الراشدون  المتمتعون بأهلية مباشرة حقوقهم ولا تسري هذه القاعدة على التبرعات  المحضة، حيث لا يكون لها أدنى اثر و لو أجريت مع الادن  الذي يتطلبه القانون ولا على إقرار له محكمة يتعلق بأمور لم تصدر عن النائب نفسه”.

[47]   ينص الفصل  1241 من ق ل ع على أن ” أموال المدين ضمان عام لدائنيه…”

[48]  محمد بن يوسف الكافي، احكام  الأحكام على تحفة الحكام ،دار الرشاد الحديثة،الدار البيضاء.الطبعة الاولى 1991.ص:260

[49]  قرار صادر عن المجلس الأعلى ملف شرعي 613/2/1/2004 بتاريخ 2006/01/04 منشور بمجلة القصر العدد العشرون ماي 2008ص 219

[50]  قرار محكمة النقض بجميع غرفها عدد 555 مؤرخ في 2003/12/8 في الملف العقاري عدد :596/2/2/95  منشور بمجلة القضاء والقانون ص:149.

[51] عمر الأبيض ،حوز الهبة في مدونة الحقوق العينية.مجلة ملفات عقارية،العدد 2 سنة 2012. ص: 35

[52]  أحمد العطاري. تأملات حول الإشكالات القانونية التي أفرزها تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتبرعات الواردة بمدونة الحقوق العينية. المنازعات العقارية. سلسلة دراسات و أبحاث. الجزء الأول .منشورات مجلة القضاء المدني .مطبعة المعارف الجديدة.الدار البيضاء.ص 79 وما بعدها.

[53]   وتنص المادة 274 م ح.ع.ج على :” … يغني التقييد بالسجلات العقارية عن الحيازة الفعلية للملك الموهوب وعن إخلائه من طرف الواهب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ، فإذا كان غير محفظ فإن  إدراج مطلب لتحفيظه لتحفيظه يغني عن حيازته الفعلية وعن إخلائه ” .انطلاقا  من هذا الفصل يمكن القول بأن العقد موضوع التبرع يعتبر منتجا لكافة أثاره القانونية اتجاه كل من المتبرع و المتبرع عليه بمجرد توافق إرادتهم  عليها، أما اتجاه الغير  فلا يحتج اتجاهه بعقد التبرع الا بحيازة المتبرع عليه للعقار موضوع التبرع إما  حوزا  قانونيا  طبقا للمادة 274 من مدونة الحقوق العينية عن طريق  قيده في السجل العقاري إذا كان   العقار محفظا أو إيداعه طبقا للفصل 84من ظ ت ع إذا كان العقار في طور التحفيظ . وإما حوزا  ماديا  طبقا للفقه الإسلامي على مذهب الإمام مالك أو عن طريق فتح مطلب تحفيظ للملك موضوع التصرف إذا كان العقار غير محفظ .وفعل الحيازة هذا قد يقوم به المتبرع عليه نفسه، كما قد يقوم به نائبه الشرعي أو وليه أو مقدمه أو هو نفسه إذا كان ناقصا للأهلية فقط – حتى وإن كان له نائب قانوني طبقا للمادة 276 م ح ع وشرط الحوز هذا يجب أن يتم قبل حصول المانع من الحيازة وهو الموت أو التفليس  طبقا لأحكام الفقه الإسلامي  على مذهب الإمام مالك الجاري به العمل في المغرب أحمد العطاري . تأملات حول الإشكالات القانونية التي افرزها تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتبرعات الواردة بمدونة الحقوق العينية سلسلة المنازعات العقارية الجزء الأول .م.س.ص:81

[54]  قرار صادر عن محكمة الاستئناف  بوجدة  الغرفة العقارية قرار 93 ملف رقم 60/1401/10صادر بتاريخ 2011/11/03 ( غير منشور )

[55]  تنص المادة 171 على انه :” يكون الرهن الإجباري بدون رضي المدين في الحالات التي يقررها القانون”

[56] ينص الفصل 31 م ق ل ع على أن :” موت الموجب أو نقص أهليته إذا طرأ بعد إرسال إيجابه لا يحول دون إتمام العقد، إذا كان من وجه إليه الإيجاب قد قبله  قبل علمه بموت الموجب أو بفقد أهليته”.

[57]  ينص الفصل66 من ظهير التحفيظ العقاري على أن :” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر  غير موجود بالنسبة للغير إلا  بتقييده، و ابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري   من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”

[58]   تنص مقتضيات الفصل 67 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري على :أن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية  الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري…”

[59]  قرار صادر عن محكمة النقض، عدد  115 بتاريخ 1969/02/14 أورده – حسن منصف، أحكام الهبة في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص.وحدة القانون المدني .جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية  والاقتصادية والاجتماعية مراكش. السنة 2000/1999، ص 129

[60]   لكن مع مراعاة  مقتضيات المادة 109 من مدونة  الأوقاف  التي تنص على عدم تجاوز الوقف المعقب ثلاث طبقات، حيث  يتم بعد ذلك تصفيته.

[61]   محمد بوحسوى، وضعية العقار بين النصوص الشرعية والقوانين المدنية،  رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين في القانون المدني، جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش . السنة الجامعية  2000/1999 ص 178

[62]  ينص الفصل 103 م ق ل ع  على أن” موت الموجب أو  نقص أهليته ” إذا طرأ بعد إرسال إيجابه لا يحول دون إتمام العقد إن كان وجه إليه الإيجاب قد قبله قبل علمه بموت الموجب أو بفقد أهلية”

[63]  تنص المادة 27 من مدونة الأوقاف  على أنه :يستغنى عن شرط  الحوز في الحالات الآتية:

-إذا تعذر الحوز لأسباب لابد للموقوف عليه يد فيها

-إذا صرح الواقف بإخراج المال الموقوف في ماله عاش أو مات

-إذا كان الواقف في حالة  مرض الموت مع مراعاة أحكام المادة 6 أعلاه

-إذا كان الوقف معلقا على عمل ينجزه الموقوف عليه

[64]   القانون رقم 16.95 بمثابة مدونة التجارة الصادرة بتاريخ 9 جمادى الأولى 1417(3/10/1996 )المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4418

[65]   تنص المادة 679 من مدونة التجارة على أنه:” تبتدئ فترة الريبة من تاريخ التوقف عن الدفع لغاية حكم فتح المسطرة، تضاف إليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود”

[66]    تنص المادة 681 من مدونة التجارة على أنه :” يعتبر باطلا كل عقد بدون مقابل قام به المدين بعد تاريخ التوقف عن المال الموقوف  بطل الوقف ما لم يجده الدائنون .

[67]   تنص المادة 10من مدونة الأوقاف على أنه “إذا استغرق الدين جميع مال الواقف وقت التحبيس أو قبل حوز المال الموقوف بطل الوقف ما لم يجده دائنون”

[68]   تنص المادة 24 من مدونة الأوقاف على أنه “يشترط لصحة الوقف شرطان  :-…حوز المال الموقوف قبل حصول المانع … موت الواقف أو إفلاسه”

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *