Site icon مجلة المنارة

حكامة التكنولوجيا الحديثة إعلاميا

حكامة التكنولوجيا الحديثة إعلاميا

كوثر قرياني
طالبة باحثة بسلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس، الرباط

تميزت سنة 2011 باعتماد المغرب لدستور جديد يهدف إلى تعزيز دولة الحق والقانون، وتكريس المبادئ وتعزيز الحكامة الجيدة حيث منح هذا الدستور إطارا ملائما لإعطاء دفعة إضافية للديناميكية الاقتصادية وتسريع وتيرة التحديث، وفي ظل مثل هذه الأوضاع زاد الاهتمام بمجال حكامة تكنولوجيا المعلومات التي تعد اليوم إحدى أهم محاور حكامة الشركات على كافة المستويات سواء من الناحية القانونية أو القضائية.
فالتطورات التكنولوجية للمعلومات المقدمة للمساهمين أصبحت اليوم تعد قطاعا حيويا ضمن منظومة الإعلام.
وعليه استخدمت المؤسسات الناجحة في عالم الأعمال تكنولوجيا المعلومات، وذلك منذ ظهورها في النصف الثاني من القرن العشرين. وازداد الاعتماد عليها أكثر في إدارة المؤسسات إلى أن أصبحت أساسا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركات وخلق القيمة والمساهمة في تحقيق الإبداع والتجديد وتخفيض التكلفة التشغيلية، وتكلفة الاتصال بالموردين والزبائن من خلال ما عرف أيضا بالتجارة الإلكترونية والتي أصبحت منتشرة في جل أنحاء العالم ومن بينها المغرب: هذا من جهة، ومن ناحية ثانية نجد أنها ساهمت لنا في تقوية ما يعرف بعلاقة زبون /مؤسسة، مما يساهم لنا في تحقيق تحسن مستمر للخدمات المقدمة…إلخ، ولأن الدور الذي تلعبه هذه التكنولوجيا وخصوصا في عالم الشركات الذي بقي يتزايد لنا وينمو باستمرار، فقد شهدت السنوات الأخيرة توجه اهتمام المهني والأكاديمي نحو ما أصبح يعرف اليوم بت “حوكمة تقنية أو تكنولوجيا المعلومات ” واعتبرت جزءا لايتجزأ من حوكمة النظام الكامل لأية مؤسسة من أجل التأكد من سلامة إدارة هذه التقنية في الشركات.
تبعا لما سبق و بالنظر إلى الترسانة القانونية المنظمة لقواعد الإعلام فإنه يحق لنا التساؤل حول كيف ساهمت وسائل تكنولوجيا الحديثة في تحسين جودة ميكانيزم المعلومة المقدمة للمساهمين؟
وفيما يلي سيتم عرض لأهم الجوانب والمفاهيم المتعلقة بحوكمة تكنولوجيا المعلومات وآلياتها على أن نعمل على تعزيز تكنولوجيا المعلومات ببحث ميداني.
‫أولا‬ : حكامة‬ تكنولوجيا المعلومات‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تتجلى أهمية هذا الموضوع بصورة عامة حينما ننظر إلى الإعلام في كونه يسعى إلى إيصال المعلومات من خلال وضع مجموعة من الوثائق رهن إشارة المساهمين، بحيث إن أي معلومة لا تصل في الوقت المناسب لا تكون مفيدة ومجدية بالنسبة للمساهمين. وبالتالي فالتأخر في نشر وتوزيع المعلومات يفقد أنظمة الإعلام أهميتها وجديتها، خصوصا في ظل التطورات المتمثلة في السرعة في إيصال المعلومة التي تعرفها حاليا معظم الدول, الأمر الذي من شأنه تقوية النسيج الاقتصادي الوطني وذلك بتكريس ضمان إيصال المعلومة وذلك على ضوء مجموعة من الوسائل المستحدثة
1-حكامة تقنية المعلومات
تعد حكامة تكنولوجيا المعلومات جزءا من مجال حكامة الشركات المطبقة في مجال تقنية المعلومات المقدمة للمساهم، وبشكل أعم كل ما له علاقة بتكنولوجيا المعلومات (أنترنت، تقنيات الاتصال..إلخ) . هذه التقنيات التي اعتمدتها شركة مرنيس للتكنولوجيا هدفها هو تعزيز مستوى الإعلام الداخلي للشركة. فكما هو معلوم أن الدستور خاصة وفي ظل التطورات الحاصلة جاء لتعزيز الحكامة الجيدة التي بدورها نصت على أهمية التقنيات الحديثة.
ولهذا سنعمل في هذا الجزء من الموضوع بدراسة ماهية حكامة تكنولوجيا المعلومات وآلياتها.
1.1.ماهية حكامة تكنولوجيا المعلومات
عرف لنا معهد حكامة تقنية المعلومات (ITGI) حوكمة تقنية المعلومات على أنه “عملية إدارية تقوم على تحقيق الاستخدام الأفضل لتمكين الشركة من تحسين استثماراتها، في تحقيق الأهداف وخلق قيمة مضافة من خلال زيادة أداء تقنية المعلومات وضمان المخاطر التي تعترض أمن المعلومات، والتحكم أيضا في الجوانب المالية لنظام المعلومات والشفافية في العمل داخل الشركة.
ويعرفه المعهد الاسترالي لمعايير حوكمة الشركات بأنه “هو النظام الذي يتم من خلاله توجيه ورقابة الاستخدامات لإنجاز الخطط المقررة لشركة:
وعرف عقل “محمد عقل (الخبير المتخصص في حوكمة تقنية المعلومات) حوكمة تقنية المعلومات بأنها هيكلة متكاملة من العلاقات من أجل إيصال المعلومة بشكل دقيق للمساهمين. وقد اعتبرت شركة مرنيس هي الأخرى أن تكنولوجيا المعلومات تساهم في تسريع المعلومة. حيث أن حوكمة تقنية المعلومات تنطوي وفي جميع دول العالم على ثلاث عناصر أساسية هي:
-الفاعلية: أي أنها تضمن استمرارية استخدام هذه التقنية بفاعلية في دعم استراتيجية وأهداف الشركة، وفي توفير المعلومات اللازمة للمساهمين وحمايتها لهم.
-التكامل: تشارك حكامة تقنية المعلومات في خلق القيمة من خلال تحقيق الاستخدام الأمثل للمعلومات المقدمة للمساهمين:
-المساءلة: مما يعني تحديد المهام ومستويات المسؤولية لضمان الرقابة اللازمة من المخاطر التي تتعرض لها المعلومات داخل الشركة.
2.1.أهداف حوكمة تقنية المعلومات وأهميتها
يعتبر من بين إحدى أهم أهداف حكامة تكنولوجيا المعلومات:
-إدارة المخاطر المعلوماتية (IT Risk Management)
-إدارة الموارد المعلوماتية(IT Resource Mangement)
وفيما يخص خلق القيمة فمن الواضح لنا أن تطبيق الآليات النشيطة لحوكمة تكنولوجيا المعلومات قد تعدل من أسلوب الشركة سواء أكانت (مغلقة أو مفتوحة) في إدارة وتطبيق عمليات تكنولوجيا المعلومات في الأعمال بشكل أكثر كفاءة مقارنة بالشركات التي تنخفض فيها فعالية إدارة تكنولوجيا المعلومات وينعكس ذلك بالتالي على الأداء العام للشركة. وفي هذه الحالة يمكن القول أن تكنولوجيا المعلومات تؤثر لنا بشكل كبير على مستوى أداء الشركة. وهذا الأمر من شأنه المساهمة في تطوير مجال الإعلام، وتوفير المعلومة للمساهم لا بل أيضا تساهم تكنولوجيا المعلومات في التحكم من المعلومات بشكل جد متطور.
أيضا تجدر الإشارة إلى أن أهمية حوكمة تقنية المعلومات هي ليست على سبيل الحصر، حيث يمكن لنا أن نذكر أنه ومن بين الأمور التي تصب في مصلحة الشركة:
-حماية الأصول
-الحفاظ على السرية وتوفير الخدمة
-ظهور العديد من التشريعات المنظمة لاستخدام التقنيات الحديثة كالتوقيع الإلكتروني والاتصالات وتداول المعلومات…)
-زيادة القدرة التنافسية
-تطوير مجال الإعلام من حيث توفير المعلومات عن طريق التكنولوجيا الحديثة.
-ارتفاع العائدات من الاستثمارات للشركات التي تتسم بسلامة نماذج حوكمة تكنولوجيا المعلومات عن باقي منافسيها.
3-1-آليات حوكمة تكنولوجيا المعلومات
يعد من أكثر آليات حوكمة تقنية المعلومات انتشارا في أغلب الدول المتقدمة (كأمريكا مثلا…) والتي تعمل وفق مجموعة من الآليات التي نذكر من بينها مثلا (وضع خطة تشغيل لتقنية المعلومات، ثم وضع إطار عام لتطبيق حكامة تقنية المعلومات والرقابة عليها مأخوذا في عين الاعتبار ما تصدره جهات الرقابة والإشراف والتشريعات المنظمة للعمل بالشركات واختيار البدائل العملية المطروحة تم تشكيل لجان متخصصة في توجيه تقنية المعلومات ووضع استراتيجية خاصة بها، ويتعين أن يكون مستوى هذه اللجان من أعضاء مجلس الإدارة.
إذن ومن خلال جل هذه الآليات لا بد لنا من الاعتراف أن تشكيل اللجان ومشاركة مدير إدارة تقنية المعلومات في استراتيجية الشركة آليتان مهمتان ويستخدمان ضمن الهيكل الرسمي لتكنولوجيا المعلومات بأي شركة مساهمة لما لهما حقيقة من أثر جوهري على الإدارة الناجحة ، وقد استعانت العديد من المنشآت بلجان مختلفة بهدف مساعدة إدارتها الإشرافية على تحقيق مهامها بالكفاءة اللازمة وفي ضوء أهمية وظيفة تكنولوجيا المعلومات الأكثر شيوعا.
إذن يتضح مما سبق أن تكنولوجيا المعلومات تعد قطاعا حيويا في مجال الإعلام.
2-عمل ميداني “شركة مرنيس للتكنولوجيا”
تتخذ شركة مرنيس شكل شركة ذات مسؤولية محدودة فهي تخضع في تنظيمها للمقتضيات الخاصة المنصوص عليها في قانون 5.96 المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة. وتعد شركة مرنيس شركة ذات مهنية عالية، تأسست في أبريل 2008، متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والخدمات استشارات وتصميم البرمجيات على أساس تكنولوجيا الويب (web) لأنظمة معلومات إنترنيت(internet). والأنترنيت (الشبكة الخارجية) ومن خبراتها في مجال حلول الإدارة المحتوى (CMS) (نظام المحتوى) وتطوير حلولBusnes ومن بين أهم تخصصاتها:
-بناء أنظمة معلوماتية مغربية متطورة تستجيب لطلبات التقنية المتطورة مع ضمان قانونية العمليات والتحليلات، حسب ما ينص عليه القانون المغربي من مدونة الشغل والقانون التجاري. بهذا سنبرز من خلال هذه الجزئية من الموضوع للحديث عن نظام شركة مرنيس (société mernice) « système E.R.R » وهو يعد من أهم الأنظمة التي تم إعدادها من أجل تسهيل الوصول إلى المعلومة، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام (النظام الإخباري – نظام التصويت، نظام الإعلام) .

1.2.النظام الإخباري

الإخبار
المساهمين
الخاص العام
1-قائمة البيانات
2-تقارير الجموع
3-جدول الأعمال
4-نص وبيان مشاريع التوصيات
5-قائمة المتصرفين
6-الجرد
7-تقرير الحسابات
8-القوائم التركيبية 1-الإشعار
2-الأرباح والتقارير السنوية
3-المعلومات الخاصة بالشركة

يعتبر هذا النظام الذي تمتلكه شركة مرنيس من بين أهم الأنظمة التي تمكن من تطبيق الحكامة الإعلامية، وذلك بطرق حديثة تتمثل في “تقنية الاتصال” كما يتضح لنا من خلال الخطاطة أعلاه، هذا من جهة، ومن ناحية ثانية نجد أن نظام شركة مرنيس ينقسم إلى ثلاثة أقسام حيث يمثل لنا القسم الأول “النظام الإخباري” والذي يتم عن طريقه استعمال “تقنية الأنترنيت، وتقنية الاتصال الهاتفي”، ومن خلال عملية الإخبار فإن المساهم هنا يتمكن من الحصول على المعلومات التي يبحث عنها، وهذه المعلومات بدورها تنقسم إلى معلومات عامة وهي المعلومات التي تقدم للعموم نذكر مثلا “وسيلة الإشهار”، وكل ما يتم تداوله كمعلومات خاصة بالشركة أو الأرباح أو التقارير السنوية التي يتم الإشهار بها في الأمانة العامة للحكومة.
أما الإعلام الخاص فهو مقصور على المساهمين بحيث يمكنهم هذا النوع من الإعلام بجرد كل التقارير، والبيانات والإحصاءات..إلخ، ويخولهم بالتالي أحقية الاطلاع المباشر لها أو طباعتها أو تحميلها، وفي الأخير نجد أن من أهم مميزات هذا النظام “نظام الإخباري” أنه يسهل على كل من يريد معرفة أي معلومة بما فيها الخاصة أو العامة”، فإنه يسهل عملية الوصول لها ولعل هذا ما يتضح لنا جليا من خلال الخطاطة أعلاه، وبالتالي لا بد لنا من الاعتراف أن مثل هذه الأنظمة التي تعمل بها شركة مرنيس تمكننا من تطبيق مقتضيات الحكامة من خلال تبسيط مساطر الولوج والسرعة في إيصال المعلومة.
هذا فيما يخص النظام الإخباري الذي يشكل القسم الأول من نظام شركة ميرنيس.
2.2.نظام التصويت

التصويت بالصوت والصورة المسجلة والمحمية بالوسائل الحديثة RSA و 128bit SSL
=نظام التصويت يعد القسم الثاني من نظام شركة مرنيس.
نظام التصويت هو نظام يمكن المساهمين الذين لم يتمكنوا من الحضور لاجتماعات الجمعية العامة من الحصول على المعلومات عبر تقنيات مستحدثة تمكنهم من التواصل مع باقي المساهمين المتواجدين في الجموع العامة وذلك من خلال الربط عبر تقنية الاتصال بالصوت والصورة المباشرة المعتمدة على تقنية الأنترنت ونظام الاجتماع دون الحضور المادي للمساهم أيضا. ومن الناحية القانونية وكما سبقت الإشارة إلى ذلك مسبقا نجد أن التعديل الذي هم لنا بالأساس المادتين 110 و111 من قانون شركة المساهمة شكل منعرجا هاما في سياق التعديات التي جاء بها قانون 20.05 حيث يعتبر شرعنة آلية التصويت عبر تقنية الاتصال عبر الصوت والصورة إحدى أهم مؤشرات الرغبة الجامحة لواضعيه على جعل شركة المساهمة الأداة القانونية الحديثة والتي قد تضع القانون المغربي في مصاف الأنظمة القانونية المتقدمة التي تؤطر هذا النوع من الشركات حتى تكون نموذجا للتدبير العقلاني والعصري الذي يعتمد الحكامة الجيدة كمسلك ومنهج لها.

3.2.النظام الإعلامي

يعد هذا النظام من الأنظمة الهامة لنظام مرنيس للتكنولوجيا والذي من خلاله يتم إرسال مجموعة من الإعلانات والمعلومات المتعلقة بالمساهمين وذلك بشكل آني وفوري عبر ما يعرف بتقنية(SMS)، والرسائل الإلكترونية مما يمكن كل المساهمين وبشكل
متساوي من معرفة أدق التفاصيل، وكذا كل الأحداث التي تقع في شركة المساهمة تكريسا لمبدأ حقوق المساهمين، هذا المبدأ الذي يعد من أهم الأسس التي جاءت بها الحكامة وخاصة أقلية المساهمين.
من خلال ما تقدم، يلاحظ لنا أن نظام مرنيس للتكنولوجيا، يعد آلية من آلية حكامة تكنولوجيا المعلومات حيث يمكن هذا النظام من تسريع الوصول إلى المعلومة داخل شركة المساهمة. وعليه نجد أن أصحاب الاختصاص يراهنون على أن هذا النظام الذي سيتم تعميمه مستقبلا فالتكنولوجيا الحديثة. وبالرغم من تكلفتها إلا أنها تساهم في ضمان المعلومة، وعليه يلاحظ أن نسبة التعاطي مع هذا النوع من تكنولوجيا المعلومات عبر مثل هذه الأنظمة تظل مجرد نسب ضئيلة في بلادنا بالمقارنة مع باقي الدول “كأمريكا مثلا”.
وتبعا لما سبق نجد أن نظام مرنيس للتكنولوجيا من إحدى أهم إيجابياته السرعة التي يحتويها هذا النظام، كما أنه ساهم في تقليل تكلفة إدارة الشركة فيما يخص عملية الإعلام، هذا من جهة. ومن ناحية أخرى فإنه يشجع المساهمين إلى الولوج لشركة المساهمة سواء أكانت مغلقة أو تدعو الجمهور للاكتتاب، أيضا ما يمكننا ملامسته من خلال هذا النظام أنه يعمل بدون توقف وهذا ما يمكن المساهم وفي أي وقت من دول العالم من إمكانية الاطلاع والوصول إلى المعلومة.
ختاما لما سبق، يمكن القول أن البيئة القانونية لحكامة الشركات بالمغرب عرفت تطورا ملحوظا، فمن جهة صدرت لنا مدونة الممارسات الجيدة لحكامة الشركات التي تضمنت عدة معايير جديدة تتلائم مع تلك المعتمدة دوليا حيث جاءت هذه المدونة لتشمل لنا عدة مبادئ أهمها الحق في الحصول على المعلومة هذا الأمر الذي من شأنه تعزيز و تقوية ثقة المستثمرين نظرا لكون التعاطي مع تكنولوجيا سيساهم لنا في توفير السرعة والدقة لإيصال المعلومة.
مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية عدد خاص حول الثورة الرقمية وإشكالاتها ـــــــــــــــــــ أبريل 2020

Exit mobile version