Site icon مجلة المنارة

حق الدفاع الشرعي في التشريع السوداني

حق الدفاع الشرعي في التشريع السوداني

Right of Private defence in Sudanese Legislation

د.أحمد محمد أحمد الزين أستاذ القانون الخاص المشارك  -باحث أول كلية الحقوق ، جامعة ظفار، سلطنة عمان aelzein@du.edo.om  د. زكريا عبدالوهاب محمد زين أستاذ القانون العام المشارك-باحث ثاني كلية الحقوق -جامعة  ظفار،سلطنة عمان  

مخلص البحث

  تم التعرض لموضوع حق الدفاع الشرعي وذلك لأهميته البالغة المتمثلة في حماية المدافع من الخطر الذي يهدده بأعز ما يملك الأنسان وهي نفسه ، ماله وعرضه ، كذلك  نفسه ،  مال وعرض الغير ، ومن شأن إقرار حق الدفاع الشرعي حماية  المجتمع ككل ، وقد تمثلت  مشكلة البحث في أن هنالك الكثير من حالات الإعتداء في الفترة الأخيرة  ودفاع بعض المواطنين وتجاوز حق الدفاع الشرعي في كثير من الحالات ، كما أن جهل البعض بحق الدفاع الشرعي وعدم دفاعهم عن أنفسهم لإعتقادهم بأنهم إن  أقدموا على ذلك سوف يرتكبون جريمة يشكل معضلة أخرى .

       تم التعرض لمتطلبات حق الدفع الشرعي وبينت الدراسة بأنها تتمثل في أن تكون هنالك خشية معقولة من خطر وشيك الوقوع يهدد الإنسان ، كما بيَن البحث أن متطلبات  حق الدفاع الشرعي هي أن  تكون هنالك  ضرورة لإستخدام قوة مناسبة لرد  العدوان وألا يكون هنالك مجال للجوء للسلطة العامة .

    تعرض البحث لمسألة إثبات حق الدفاع الشرعي بيَن البحث بأنه في حالة إثبات حق الدفع الشرعي وأركانه فإن الفعل لا يعتبر جريمة، كما بين البحث بأنه في حالة  تجاوز حق الدفاع الشرعي فإن  ذلك يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون .

   في ختام البحث كانت هنالك عدد من النتائج والتوصيات ، ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها بأن حق الدفاع الشرعي ينشأ ضد الموظف العام حتى لو كان يعمل بحسن نية في القانون الجنائي السوداني ، وكانت من أهم التوصيات بأن يتم تعديل ذلك النص ليصبح بأن  حق الدفاع الشرعي لا ينشأ ضد الموظف العام إذا كان يعمل بحسن  نية .    

  الكلمات مفتاحيه : الإعتداء ، حق الدفاع الشرعي ، العقوبة  ،  تجاوز حق الدفاع الشرعي، الخطر وشيك الوقوع، الإعتداء .

ABSTRACT

    The subject of the right of legitimate self-defense has been treated because of its great importance in protecting the defender from the danger that threatens him in the possessions dearest to the human being, himself, his money and his honor, as well as the soul, the money and the honor of others. Recognizing the right to self-defense would thus protect society as a whole. The problem of the research consisted in the fact that there was an increase in the cases of aggression against the citizens and defenses on the part of the latter. However, the right of legitimate self-defence was exceeded in many cases, and on the other hand, the ignorance of some of this right and their inability to defend themselves because they believed that if they did they would commit a crime poses another dilemma.

     The requirements of the right of legitimate self-defence were subsequently set out and the study showed that they consisted of the reasonable fear of an imminent danger, which threatens the human being.

    Research has also shown that the requirements of the right of legitimate self-defence consist of the need to use appropriate force to respond to the attack, and the impossibility of resorting to public authority to defend oneself.

     The research presented the issue of proving the right to legitimate self-defense and showed that when proven with its conditions, the act is not considered a crime.

     At the end of the research, there were a number of findings and recommendations, and among the most important findings that emerged was that in Sudanese criminal law the right of legitimate self-defense arises against the official even if acting in good faith. One of the most important recommendations in this study advocates the modification of this text in the sense that the right of legitimate self-defence cannot be invoked against a public official acting in good fa                 Key words: aggression- legitimate self-defence-Punishment-Imminent danger

   مقدمة :

       إن حق الدفاع الشرعي قررته كل النظم القانونية المختلفة منذ العصور القديمة ، وذلك لإعتبارات منطقية ؛ لأنه من حق أي شخص أن يدافع عن نفسه وماله وعرضه ضد الإعتداء الذي يتعرض له؛ إذ لم يكن في وسع الشخص أن يلجأ لحماية الدولة فلا يعقل أن يطلب منه أن يقف موقف المتفرج لكي يُمكن المعتدي من إزهاق روحه، وليس من العدل أن يطلب من الشخص أن يتعرض للعدوان دون أن يقوم بصده ؛ لأنه من حقه بل من الواجب عليه أن يقوم برد العدوان حتى لو إضطر إلى قتل المعتدي .

         إن المشرع لإعتبارات معينة منح الشخص المعتدى عليه حق الدفاع الشرعي  عن نفسه ورد العدوان، على أن يقوم بإستخدام قوة مناسبة للرد قد تصل إلى إزهاق روح المعتدي ؛ إذ أن المعادلة صعبة إما أن  يترك المعتدى عليه المعتدي ليزهق روحه وإما أن يدافع  عن نفسه ويؤدي بحياة المُعتدي، وذلك إذا كانت هنالك خشية من الموت .

    هذا ويعتبر حق الدفاع  أحد أسباب الإباحة بجانب أداء الواجب وإستعمال الحق ويتفرع الأخير إلى أربعة حالات هي: حق التأديب ، ممارسة الألعاب الرياضية ، حق ممارسة مهنة الطب، ورضا المجني عليه .

    على أن المقصود بحق الدفاع الشرعي :” استعمال القوة اللازمة لصد تعرض غير محق ولا مثار يهدد بالإيذاء حقاً يحميه القانون ، والمشرع لا يُلزِم من يتهدده التعرض بأن يتحمله ثم يبلغ السلطات العامة لتتولى هي  توقيع العقوبة على المعتدي ، وإنما يبيح له أن  يتولى بنفسه دفع هذا التعرض الحال بكل فعل يكون ملائماً وضرورياً لذلك [1]. “

  1. مشكلة  البحث : ظهرت في الفترة الأخيرة الكثير من  حالات الإعتداء بغرض السرقة بواسطة الكثير من العصابات التي تسخدم جميع  الوسائل للوصول لتحقيق أغراضها غير المشروعة  ، وقد تصدى لهم البعض ولكنهم لم يكتفوا برد العدوان بل تجاوزوا حق الدفاع الشرعي بغرض تأديب هؤلاء المجرمين حتى يكونوا عظة لغيرهم وأثناء ذلك تم أزهاق أرواح هؤلاء المعتدين برغم زوال الخطر مما أوقع المدافعين  تحت طائلة  القانون ؛ إذ أن القانون لا يسمح لهم بمحاولة أخذ القانون بيدهم، ولكن يتم تطبيق القانون بواسطة السلطة  العامة، كما أن بعض الناس يجهل ذلك الأمر فلا يقوم باستخدام حقه في الدفاع الشرعي إعتقاداً منهم بأن ذلك الفعل سوف يوقعهم في مشكلة قانونية فيردون موارد التهلكة.
  2. أهداف البحث : يهدف هذا البحث إلى بيان متطلبات حق الدفاع الشرعي وكذلك الخشية المعقولة من الخطر المحدق ، وكذلك ضرورة استعمال القوة اللازمة لرد العدوان ، والعقوبة في حالة تجاوز حق الدفاع الشرعي والأثر المترتب على ذلك .
  3. أهمية البحث : يعتبر دراسة حق الدفاع الشرعي من المواضيع المهمة؛ إذ أنها تعالج موضوع له أهمية عظمى لتعلقه بالدفاع عن أعز ما يملك الإنسان من نفس ومال وعرض ، هذا من الناحية النظرية أما من الناحية العملية فإن من شأن استعمال هذا الحق حماية  المُعتدى عليه من خطر الإعتداء وبالتالي حماية  المجتمع ككل من خطر الجريمة والعدوان على الغير الذي تقوم به فئة مفارقة للجماعة وقوانينها وعاداتها وتقالديها .
  4. منهج البحث : في هذا البحث تم الإعتماد على المنهج الوصفي؛ وذلك لإيراد النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع من جوانبه المختلف، وكذلك تم استخدام المنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية في ضوء آراء الفقهاء والسوابق القضائية .
  5. الدراسات السابقة : تقتضي الأمانة العلمية القول بأنه قد تم تناول هذا الموضوع من قبل، ولكن تختلف هذه الدراسة عن ما كُتب في أن التناول السابق كان في الكتب التي تتحدث عن شرح القانون الجنائي ،  كما أنه يختلف عن البحوث التي كُتبت في أن تلك البحوث كانت متعلقة  ببعض قوانين الدول العربية أما هذا البحث فقد تم تخصيصه للقانون السوداني، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن هذا البحث يركز تركيزا شديداً  على السوابق القضائية المتعلقة بالموضوع حتى يتم ربط الجانب النظري بالعملي وتكون هذه  الدراسة لها  ما يميزها عن غيرها من الدراسات الأخرى .
  6. هيكل البحث: تم تقسيم البحث إلى مبحثين تم تخصيص المبحث الأول لمتطلبات حق الدفاع الشرعي ، بينما تناول المبحث الثاني موضوع إثبات حق الدفاع الشرعي والأثر المترتب على ذلك.

المبحث الأول :متطلبات حق الدفاع الشرعي

أولاً – أن تكون هنالك خشية معقولة من خطر وشيك الوقوع :

  لإستعمال حق الدفاع الشرعي يجب أن يتوافر عنصر مهم جداً وهو أن تكون  هنالك  خشية معقولة من الموت أو الأذى الجسيم أو هتك العرض، وأن يكون الفعل الذي أدى لذلك عمل غير مشروع [2].

     عطفاً على ما تقدم فإن حق الدفاع الشرعي ينشأ  إذا واجه الشخص خطر إعتداء حال أو وشيك الوقوع ، على نفسه ، ماله ، عرضه أو نفس الغير ، ماله أو عرضه ، وكان من المتعذر عليه اتقاء الخطر باللجوء إلى السلطة العامة  أو بأي طريقة أخرى ، ويجوز له أن  يدفع الخطر بقدر ما يلزم لرده وبالوسيلة المناسبة[3].

      إن الخوف من الخطر وشيك الوقوع هو مسالة وقائع تختلف من حالة لأخرى على أساس الظروف المحيطة ، على أن العبرة في ذلك ليست هي الخطر الحقيقي ، بيد أنه الخوف المعقول من تواجد ذلك الخطر حتى وإن كان المدافع في إعتقاده مخطئاً متى ما تصرف بحسن نية، ويتطلب أن يكون التصرف المطلوب هو تصرف الرجل المعقول، ومما لا ريب فيه بأن الشخص الذي يتصرف وهو في هذا الموقف لا يتوقع منه أن  يقوم بالتحكم في ذلك الموقف بدقة وأن  يستخدم دفاعه خطوة بخطوة [4] .

      تطبيقاً لذلك فقد جاء في سابقة حكومة السودان ضد محمد عبدالرحمن عبدالنور بأنه لا يمكن القول بأن المتهم قد تجاوز حقه في الدفاع الشرعي طالما أنه تعرض لعدوان أدى لخطر وشيك على حياته إذا لم يمارس حقه في الدفاع عن النفس ولم يكن هنالك الوقت الكافي للجوء للسلطات العامة ، وقد يتوقع الرجل العادي عدوان  عليه – وهذا يتطلب وجود عنصر مادي -، ويمكنه في هذه الحالة أن يرده بأحدى طريقتين أما أن يقوم بإبلاغ السلطات العامة  لإجبار المعتدي على كتابة تعهد بعدم الإعتداء ، والطريقة الأخرى هي حماية نفسه شخصياً بحمل سلاح شرعي حسب الظروف ، عند وقوع الاعتداء لا  يمكن للمدافع أن يوزن الخطر بميزان الذهب بل يتعامل معه حسب خطورة العدوان الذي يواجهه [5]  يجب أن يكون الخطر المراد دفعه يمثل جريمة لا يقرها القانون كإشهار سلاح في محاولة للقتل أو تسبيب الأذى، أو محاولة السرقة ، أما إذ كان الخطر الذي يتعرض له الإنسان مشروع بتوافر أحد أسباب الإباحة التي قررها القانون فلا يكون في وسع من يهدده الخطر الإحتماء بحق الدفاع الشرعي [6].

         على أن المعيار في تحديد  مشروعية الخطر من عدمه يرجع فيه إلى مخالفة  التصرف لقاعدة قانونية بغض النظر عن تلك القاعدة ، ويعتبر  ذلك معيار موضوعي يتعلق بتحديد نوعية  التصرف ولا يؤثر في ذلك موقف المعتدي النفسي ، أي بمعني أن  الخطر يمكن أن  يكون غير مشروع حتى وإن  كان مرتكبه غير مسؤول جنائياً كالمجنون والصغير والذان يشكل سلوكهما الخطر الذي يبرر استخدم حق الدفاع الشرعي ضدهما [7].

    مجرد وقوع خطر معقول على المدافع يكفي لنشوء حق الدفاع الشرعي ولا يشترط وجود خطر حسي،

والمقصود بالخوف المعقول من الخطر الوشيك الوقوع هو الخوف الذي يعتبر  كذلك وفقاً لظروف كل حادث على حده [8].

    يتطلب حق الدفاع الشرعي أن يكون الخطر وشيك الوقوع كما تمت الإشارة لذلك من قبل ، أما إذا زال الخطر ، أو كان الخطر متوهماً ، أو الخطر والخشية في المستقبل هنا لا ينشأ حق الدفاع الشرعي.

    إن الخشية المعقولة تكون جراء إعتداء ، بيد أنه لا يشترط أن  العدوان  قد إبتدأ بالفعل ، بل أن مجرد وجود خطر يشير إلى أن هنالك اعتداء على وشك أن يقع يكفي ؛ لأن الحكمة التي من أجلها قُرر حق الدفاع الشرعي هي رد العدوان ، وليس من المتصور مطالبة شخص بالإنتظار لحين بداية الاعتداءعليه وحينها سوف يكون في وضع لا يُمكنه من الدفاع عن نفسه [9].

    أما بالنسبة للموظف العام فإن حق الدفاع الشرعي لا ينشأ ضده إذا كان  يعمل في حدود سلطة وظيفته إلا إذا خيف تسبيب الموت أو الأذى الجسيم [10].

        القانون لا يسمح باستخدام حق الدفاع الشرعي ضد الموظف العام طالما أن الموظف يقوم بواجباته الوظيفية إلا في حالة واحدة وهي الخوف من تسبيب الموت أو الأذى الجسيم .

        إذا  قام الموظف بتجاوز حدود الوظيفه أو واجبه وكان ذلك بحسن نية وهو إعتقاده بأن الفعل مشروع أو أنه يدخل في نطاق إختصاصه فإن حق الدفاع الشرعي لا ينشأ في مواجهته كما إذا قام بالقبض على شخص وكان لديه إعتقاد بانه الشخص المطلوب القبض عليه إلإ أن  ذلك الشخص كان برئياً أو قام بتفتيش مكان بالقوة وإتضح بأنه ليس مكان المتهم ، أما إذا لم يتوافر حسن النية وذلك إذا كان الموظف يعمل بأن  تصرفه خارج نطاق وظيفته أو يعلم بعدم مشروعية تصرفه فإن حق الدفاع الشرعي ينشأ ضده [11].

     المشرع السوداني لم يتطرق لمسألة حسن النية وإنما إقتصر فقط على حالة الموظف العام الذي يقوم بواجباته ، وهذا يعني بأن حق الدفاع الشرعي ينشأ ضد الموظف العام إذا تخطى حدود وظيفته بغض النظر عن  حسن النية، وفي هذا  الأمر جانب الصواب المشرع السوداني ؛ لأن حق الدفاع الشرعي يجب ألا ينشأ  ضد الموظف العام إذا كان يتصرف بحسن نية كما تمت الإشارة لذلك من قبل  ؛ ولذلك يجب تعديل نص الفقرة الثالثة من المادة  (12) من القانون الجنائي لسنة 1991 م بإضافة عبارة  تفيد بأن حق الدفاع الشرعي لا ينشأ ضد الموظف العام إذا كان يعتقد بحسن نية بأنه يتصرف وفق نطاق وظيفته .

         المشرع السوداني لم يقيد الموظف العام بأي قيد، ولكن بعض الأنظمة كالقانون المصري قيدته بماموري  الضبط فقط وهم نوع معين من الموظفين المخول لهم بإستخدام القوة لتنفيذ القانون وكذلك الأوامر ، وهذا ما نصت عليه المادة (248) من  قانون العقوبات المصري ، ولذلك  يجب تعديل الفقرة  الثالثة من المادة (12) من القانون الجنائي السودانية لسنة 1991 وأن يقيد الموظف فقط برجال الشرطة والجيش المخول لهم فقط باستعمال القوة لتنفيذ القانون والأوامر وليس أي موظف آخر .

      إن إثارة الشك أو مجرد الترجيح يكفي لإثارة  حق الدفاع الشرعي عن النفس [12]، على أنه لا يمكن للشخص الذي يقوم بالسرقة أو النهب (الصائل) أن يستفيد من حق الدفاع الشرعي ؛ لأنه يتوقع أن  المصول عليه  سوف يستخدم القوة اللازمة لكي يسترد المسروقات [13].

   أيضاً لا ينشأ حق الدفاع الشرعي إذا كان  المتهم شريكاً في تطور وتفاقم الموقف الذي أدى إلى الحادث؛ إذ أنه يعلم أو يجب عليه أن يعلم بعواقب التصرف الذي أقدم عليه [14].

ثانياً-ضرورة استخدام  القوة لرد العدوان :

         يتطلب الدفاع الشرعي استعمال قوة مناسبة يقرها القانون ، وذلك لدفع الإعتداء الذي يتعرض له الإنسان على نفسه، عرضه ، ماله ، نفس الغير، عرض الغير ، ومال الغير كما تمت الإشارة لذلك من قبل  ، وبالتالي فإن استعمال حق الدفاع الشرعي يكون استخداماً لحق قرره القانون في مواجهة  كل الناس ، وقد إعتبره بعض فقهاء القانون بأنه حق وواجب في آن واحد [15].

    هذا وقد ذهبت محكمة الإستئناف في سابقة آدم حسن آدم بأنه لرد الإعتداء يجب على المتهم أن يقوم باستخدام القوة المناسبة  لرد الإعتداء ولكن استخدام سكين لرد هجوم بواسطة عصا يعتبر تجاوزاً لحق الدفاع الشرعي [16].

           يشترط لاستخدام حق الدفاع الشرعي الذي يتطلب قوة لرده أن يكون الخطر حالاً ، بمعني أن يكون على وشك الوقوع وليس في المستقبل ؛ لأنه في الحالة الأخيرة يمكن رده بواسطة اللجوء للسلطة العامة متمثلة في الدولة والجهات العدلية ، كذلك لا بد أن يكون العدوان غير مشروع وأن يكون الدفاع على حق يحميه القانون كالنفس أو المال  .

       تطبيقاً لذلك  فقد جاء في سابقة حكومة السودان ضد موسى محمد موسى بأن المتهم لا يكون مداناً تحت طائلة  أي جريمة إذا قام بإستخدام القوة المناسبة للدفاع عن نفسه أو ممتلكاته وتتلخص وقائع تلك السابقة في أن  المتهم عاش في منطقة  تندر فيها المياه، وأقرب منطقة لمصادر المياه هو السير ليوم كامل مثل غيره من سكان المنطقة ، قام المتهم بجمع المياه خلال موسم الأمطار وخزنها في جذع مجوف لشجرة التبلدي الخاصة به لإستهلاكه خلال بقية العام ، ذات يوم في موسم الجفاف ، زار المتهم  شجرته واكتشف آثاراً حديثة لبعض اللصوص مع جمالهم  الذين سرقوا بعضاً من كنزه الثمين ، تَبِع المتهم آثار الجناة وسرعان ما وجدهم ، كانت جمالهم الأربعة محملة بجلدين من الماء، صاح المتهم مطالباً بإعادة الماء أو ثمنه، غير أن الجناة أداروا آذانهم صماء وقام إثنان منهم بإجراج بنادقهم  وهددوه بإطلاق النار عليه ما  لم يبتعد، ولكن المتهم  واصل المطاردة ، وفي هذا المنعطف أطاحت إحدى الجمال براكبها ، وذهب إليه المتهم مسلحاً بفأس ، ولكن أحدهم أطلق عليه رصاصة  أصابت لحم الجانب الأيسر منه ، ولكن ذلك لم يعرقل هجومه، كان الرجل الذي وقع من الجمل يحمل عصا، ولكن المتهم ضربه على رأسه ومرةً أخرى عندما سقط على الأرض، وقد تسببت هذه الضربات في وفاته ، وقد أطلق اللصوص الثلاثة رصاصة أخرى على المتهم ولكنه تمكن من الفرار ولكنه ترنح في ميدان يسمى أحمد أزيرق    .

       هذا وقد ذكرت المحكمة في حيثيات الحكم بأن ضربات المتهم تسببت في الوفاة أثناء ممارسته المشروعة للدفاع عن نفسه ووممتلكاته ؛ لأن المياه لا تقدر بثمن في موسم الجفاف في منطقة  دارفور، وقد كانت حياة المتهم في خطر ، ويعتبر الفعل الذي قام به الجناه يمثل سطواً ، ويحق للمتهم المطالبة بإسترداد المياه حتى لو نتج عن ذلك وفاة  اللصوص ،  بشرط أن يستخدم القوة المعقولة حسب القانون الجنائي السوداني [17] .

      يشترط لاستعمال حق الدفاع الشرعي كذلك ألا يكون أمام المدافع من وسيلة  غير الوسيلة التي قام باستخدامها، إذ يجب عليه إثبات أنه ما من وسيلة أمامه غير التي استعملها ، وليس في الوسع الدفع بأي وسيلة  أخرى أياً كانت ، فإذا كان يكفي مجرد إشهار المسدس وإطلاق أعيره نارية في الهواء والتي  تكفي لإرهاب المعتدي أو إصابة  المعتدي في موضع غير قاتل في هذه الحالة لا يجوز للمدافع أن تكون وسيلته القتل ؛ لأن حق  الدفاع الشرعي لا ينشأ والحال هكذا، إذ أن المدافع ليس في حالة خوف من أن المتعدي يمكن أن  يلاحقه بالضرب ، بيد أنه إذا  إتضح بأن المدافع كان في تلك الحالة مضطراً لإصابة المعتدي في مقتل ، ومن دون تردد فلا يؤخذ عليه ذلك  إن قام بفعله، على أن العبرة  بالظروف والملابسات التي تدور حولها الوقائع[18].

     إن ضرورة استخدام القوة تعني كما سبق القول بأنه ليس في وسع المدافع اللجوء للسلطة العامة ؛ لأن المدافع إن كان باستطاعته اللجوء للسلطة العامة طالباً الحماية فلا يعقل أن يأخذ القانون بيده ، بالإضافة لذلك القول فإن الدفاع الشرعي استخدام جوازي لا يمكن استخدامه إلا في حالة عدم وجود الوقت الكافي للجوء للسلطة العامة .

     إن استخدام القوة يجب أن توجه إلى خطر وشيك الوقوع ، ولكن ذلك  يجب أن يكون قبل وقوع العدوان ، وهنا تتمثل الغاية  الإجتماعية والتي تهدف إلى الحيلولة دون  وقوع الخطر وتحوله إلى إعتداء حقيقي إذا تُرك دون منعه ، والأمر سواء في أن لا يتحقق العدوان  البتة أو أن بعضه قد يقع، فالخطر في كلتا الحالتين متوقع والدفاع لمنع حدوثه ضرورة بل يعتبر  واجب، ولا ينشأ حق  الدفاع الشرعي إذا لم يكن هنالك  خطر ، والخطر هو الذي يمكن أن ينتج عنه ضرر ، والقانون يتطلب فقط تحقق الخطر فقط وليس الضرر لقيام حالة الدفاع الشرعي [19].

      إن استعمال القوة  لرد العدوان يمكن أن تكون من شخص آخر غير الشخص المهدد بالخطر الوشيك الوقوع ؛ لأن القانون يسمح لأي شخص بأن يدافع عن  الآخرين  بغض النظر عن أن  المدافع تربطه علاقة  بالغير أم  لا [20].

     على أن هنالك وسيلة أخرى يمكن أن يستخدمها المدافع إن كان بإمكانه ذلك وهي الهرب ولكن هذا الأمر لم تقره الشرائع ؛ لأنه من غير المتصور أن يطلب من الشخص أن يلحق بنفسه الخزي والعار لما في الهرب من جبن  وعدم شجاعة قد تجعل الشخص منكسر الخاطر أمام المجتمع [21] .

     لا يمكن القول بأن الشخص استخدم قوة أكثر من اللازم إذا وجد في ظروف يخشى فيها الرجل المعقول الموت على نفسه، ومسألة  القوة اللازمة يقدرها المتهم [22] .

      هذا وقد جاء في سابقة  حكومة السودان ضد أحمد آدم عبدالله :” تجاوز المتهم لحقه في الدفاع عن النفس تم بحسن نية لانه سدد الطعنات للمرحوم بعد ان ضربه الاخير بالعكاز والسكين ورماه على الارض وجثم عليه ، كما ان استيلاء المتهم على السكين من المرحوم لم يكن يعني ان الخطر الذي يتهدده قد زال لان المرحوم كان اكبر منه حجما ، وظل جاثما على صدره ، وعلى ذلك ينتفي سبق الاصرار ، ونية احداث اذى اكثر مما هو ضروري ولا يكون تسبيب موت المرحوم قتلا عمداً [23]

المبحث الثاني

إثبات حق الدفاع الشرعي والأثر المترتب على ذلك

أولاً-إثبات حق الدفاع الشرعي :

      قرر المشرع السوداني بأن الفعل لا يعتبر جريمة إذا وقع عند استعمال حق الدفاع الشرعي استعمالاً مشروعاً[24].

        هذا ويفهم من التشريع السوداني بأن المشرع السوداني قد عبر عن  طبيعة حق الدفاع الشرعي بأنه حق ، وذلك مثله مثل غالبية الدول العربية التي عبرت عن طبيعته بذات  الكيفية ، بيد أن إعتبار الدفاع الشرعي استخدام لحق لا يتوافق مع التعريف الدقيق للحق بأنه علاقة بين طرفين أحدهم دائن والآخر مدين  ، من شأنها أن تخول الدائن مطالبة المدين بشئ ما أو الإمتناع عن عمل أو القيام بعمل ويترتب على ذلك حق المدافع في مهاجمة المعتدي ويقابل ذلك إلتزام من المعتدي بتحمل الدفاع، وإلا سوف يكون مسؤولاً عن الدفاع إن لم يتلزم بذلك، هذا وقد عبرت بعض الدول العربية منها مصر وتونس بأنه حالة يمكن أن تحول العمل من غير مشروع إلى عمل مشروع وليس حقاً[25].

       من الأفضل أن يقوم المشرع السوداني بإعتبار طبيعة الدفاع الشرعي حالة وليس حقاً ؛ وذلك بناءً على ما قررته بعض قوانين الدول العربية ووفقاً للتبرير الذي تم ذكره آنفاً .

       إذا ثبت أن كل الأركان اللازمة لحق الدفاع الشرعي متوافرة  لكي ينشأ الحق فيه : من عدوان يعتبر  جريمة، وضرورة استخدام القوة  اللازمة لدفعه ؛ لأنه كان وشيك الوقوع، وبعد ذلك استخدمت مجرد القوة اللازمة لرد العدوان كان الفعل الذي وقع مباحاً ؛ إذ أن الإستعمال لهذا الحق قرره القانون، ولكن حتى في حالة توافر كل أركان الدفاع الشرعي التي تعتبر لازمة لكي ينشأ حق الدفاع الشرعي وتم استعمال  القوة لرد العدوان  ولكن بطريقة تجاوز القدرة اللازمة لرده فإن الشخص المدافع يتحول من مرحلة الإباحة إلى نطاق العقوبة [26].

      عندما يدفع المتهم بحق الدفاع الشرعي لا يشترط إثبات ذلك بذات  الطريقة التي يثبت بها الإتهام قضيته ، ولكن يكفي أن  يخلق المتهم شكاً معقولاً في ذهن المحكمة بوجود ذلك  الحق[27].

           في الحالة  التي يدفع فيها المتهم بحق الدفاع الشرعي عندما تكون التهمة  القتل العمد يجب على محكمة الموضوع أن تقوم بتمحيص هذا الأمر بشئ من الدقة ، فإذا تبين لها أن حالة  الدفاع الشرعي قائمة يجب عليها أن تقضي ببراءة المتهم ، ويجب أن يحتوي الحكم على توضيح تمسك المتهم بهذا الدفع ، فإذا لم يثبت ذلك أمام المحكمة فيتعين على المحكمة بيان أسباب الرفض[28].

       على أن المتهم إذا دفع بحالة الدفاع الشرعي يكفي أن  يقدم قضية مبدئية معقولة وهذا  العبء المناط بالمتهم إثباته ، إذ أن  الحد الأدني المطلوب لكي تنشأ حالة الدفاع الشرعي هو وجود الشك في أن المتهم كان يدافع عن نفسه وليس المطلوب منه  إثبات حالة  الدفاع بصورة قاطعة [29].

          في حالة المعركة المفاجئة لا يمكن للمحكمة أن تسمح بإثارة حق الدفاع الشرعي وذلك في الحالة التي يحدث فيها إشتباك بين الطرفين ولا يوجد دليل يعتمد عليه لمعرفة الكفية  التي بدأ فيها العراك ومن هو  الذي قام ببدأ العدوان [30].

     في حالة عدم إثبات الطرف الذي بدأ العدوان فإن حق الدفاع الشرعي لا ينشأ، وذلك في حالة نشوب عراك متبادل وتطور إلى عدوان نجمت عنه إصابات ، ولكن ليست هنالك بينة حول كيفية بداية النزاع والطرف البادئ بالعدوان في ظل هذه الظروف لا يمكن إثارة حق الدفاع الشرعي عن  النفس بيد أن القضية تعتبر  إحدى حالات المعركة المفاجئة [31].

ثانياً-العقوبة في حالة تجاوز حق الدفاع الشرعي :

       لكي يتم تحديد العقوبة  في ظل القانون الجنائي السوداني لا بد من تحديد نوعية  القتل والتي إعتبرها القانون الجنائي السوداني قتلاً شبه عمد وذلك  إذا  تجاوز الجاني بحسن نية  الحدود المقرره له قانوناً لممارسة حق الدفاع الشرعي ، ويعني ذلك إن تجاوزها بسوء نية فإن القتل يعد عمداً [32].

   على أن العقوبة المقررة  للقتل شبه العمد -وهي حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي بحسن نية- هي السجن لمدة لا تجاوز سبع سنوات دون المساس بالحق في الدية [33] .

      في حالة تجاوز حق الدفاع الشرعي وعدم توافر حسن نية كما سبق القول فإن القتل يعتبر عمداً، والعقوبة المقررة للقتل العمد هي الإعدام قصاصاً ، فإذا سقط القصاص يعاقب بالسجن عشر سنوات دون المساس بالحق في الدية [34] .

      كل قوانين الدول العربية تنص صراحة أو ضمناً بأن يكون الدفاع لازماً لرد العدوان بيد أنها تشترط أن يكون الرد مناسباً مع الإعتداء ، وشرط التناسب يتعلق بحالة الدفاع ؛ إذ يشترط أن  يكون الدفاع مناسباً للخطر وبغير ذلك يكون المدافع متجاوزاً [35] .

      مما لاريب فيه بأن الجريمة التي يعاقب عليها القانون تقتضي أن يكون هنالك فعل غير مشروع لا يقره القانون، وإعتداء على حق يحميه القانون، ويعتبر القتل إعتداء على حق الإنسان في الحياة وهو فعل يجرمه القانون، ولكن  في حالة الدفاع الشرعي عن النفس أو المال فإنه يعد فعلاً مشروعاً وينزع عنه المشرع صفة عدم المشروعية [36]، وبالتالي لا يعاقب مرتكبه ، إلا في حالة تجاوز حق الدفاع الشرعي .

     في الحالة التي يتجاوز فيه المتهم حق الدفاع الشرعي ، أي بمعني ألا يكون هنالك تناسب بين الخطر وبين القوة اللازمة لرد الاعتداء والعدوان وكانت شروط الدفاع الشرعي الأخرى متوافرة فإن  القاضي لا يقوم بإعفائه  من  العقوبة  بالكامل  ويجوز للقاضي أن يحكم عليه بالسجن ، ولمعرفة التناسب يتم النظر إلى الكيفية التي رد بها المتهم  على المعتدي، بيد أنه لا يشترط التماثل بين الوسيلة  التي استخدمها المعتدي وبين  التي استخدمها المتهم ، كما إذا استخدم المعتدي سيفاً فيمكن للمتهم أن يستخدم سلاحاً نارياً ، كذلك يأخذ في الحسبان لتقدير التناسب الظروف المحيطة بالواقعة ، وحالة الطرفين الجسمانية [37] .

   في الحالة التي يتجاوز فيها المتهم حق الدفاع الشرعي فإن العقوبة تكون بصورة مخففه مقارنة  بحالات القتل الأخرى؛ لأن تجاوز حق الدفاع الشرعي يخالف القانون بيد أنه لا يتعارض مع روح القانون ومنطقه الذي أجاز القتل عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن النفس [38].

    تطيبقاً لذلك فقد جاء في سابقة  حكومة السودان ضد مقدم محمد سعيد :” إن معيار العقوبة في حالات تجاوز حدود الدفاع يكون أدنى منه في حالات تسبيب القتل الأخرى ، لأن القتل وإن خالف نص القانون إلا أنه لا يجافي روحه الذي أباح حق الدفاع عن النفس ، وقد جرى العمل على أن تكون العقوبة في هذه الحالات السجن نحواً من خمس سنوات. [39]

      تأكيداً لذلك أيضاً فقد جاء في سابقة حكومة السودان ضد محمد آدم إبراهيم والتي ذهبت فيها المحكمة إلى أن المتهم قد تجاوز حق الدفاع الشرعي بعدما قام بنزع سلاح المتوفي، وقد ذكرت المحكمة بأن هذه  القضية تعد واحدة من الحالات التي يصعب فيها التوصل إلى قرار بسبب عدم وجود شهود والدليل الوحيد المتاح هو اعتراف المتهم وتتلخص الوقائع الجوهرية في أن المتهم وافق على شراء كمية من الخشب من المتوفي مقابل 65 قرش يتقاضى المتهم 35 قرشاً  مقدماً والموافقة على دفع الباقي عند تسليم الكمية المتفق عليها .

    في يوم الحادث إلتقى المتوفي والمتهم بمحض الصدفة وطلب الأول من الأخير أن يتبعه إلى منزله لتسلم الحطب ، وعندما دخلوا منزل المتوفي سحب المتوفي سكينه في محاولة لطعن المتهم ، إنتزع المتهم  سكين  المتوفي من يد الأخير وطعنه مرةً واحدةً في الكتف الأيسر وقد إخترقت الرئة اليسرى مما تسبب في وفاة المتوفي على الفور.

   تم العثور على هذه الحقائق بشكل رئيس بالإعتماد على أقوال المتهم ، فلو نفى المتهم طعن المتوفي لما كان هنالك دليل يربطه بذلك ، تشعر المحكمة بأن هنالك شئ ما وراء الحادث لم يستطع تحقيق الشرطة كشفه، ومع ذلك كانت المحكمة  محقة في قبول الاعتراف الكامل للمتهم الذي يتكون من أجزاء مؤيدة  وغير مواتية كدليل، ومن القاعدة  الثابته في هذا  البلد أن  الإعتراف أما  أن يقبل كله أو يترك كله ،  والسؤال الذي يطرح نفسه هل المتهم يتصرف دفاعاً  عن نفسه ، وجدت المحكمة  هذه المسألة  لصالح المتهم من خلال الإجابة على السؤال بالإيجاب ، ووجدت كذلك أن المتهم قد تجاوز الحد المسموح به بموجب القانون فيما يتعلق بحق الدفاع عن النفس؛ إذ أن المتهم  بعد حرمان المتوفي من سلاحه الوحيد لم يكن لديه سبب لطعن المتوفي بالطريقة  التي فعلها، لا يوجد نص محدد في قانوننا فيما يتعلق بفترة إستمرار حق الدفاع الشرعي  ، ولكن الأثر التراكمي لنصوص القانون هي نفسها المنصوص عليها في قانون العقوبات الهندي في المادة (102) من والتي نصت على أن  الحق في الدفاع  الشرعي عن النفس يبدأ بمجرد أن ينشأ تخوف معقول من الخطر على الجسد من محاولة أو التهديد بإرتكاب الجريمة على الرغم من أن الجريمة قد لا تكون إرتكبت ، ويستمر طالما استمر هذا التخوف من الخطر على الجسد [40].

   طالما أن القانون  الجنائي السوداني لم ينص على فترة إستمرار الدفاع الشرعي فيجب أن  تتضمن المادة (12) المتعلقة بحق الدفاع الشرعي فقرة تنص على أن الدفاع عن النفس يستمر حالما إستمر التخوف والخشية المعقولة من وقوع خطر على النفس .

     في بعض الحالات لا يستفيد المتهم من حالة الدفاع الشرعي وذلك إذا زال الخطر أو كان هنالك متسع من الوقت  للجوء للسلطات العامة، أو إذا أفلت السارق من الملاحقة ، ومن  القضايا التي قررت فيها المحكمة العليا السودانية بأن المتهم لا يستفيد من حق الدفاع الشرعي وقامت بتأيد عقوبة الإعدام سابقة : حكومة السودان ضد آدم عمر يحي  والتي ذهبت فيها المحكمة العليا للقول :” نتفق مع المحكمة بأن المتهم استرد المال المسروق وهو الجمل بدليل أن المرحوم هرب وترك الجمل، إلا أن المتهم طارد المرحوم بغرض القبض عليه لأنه ارتكب جريمة يجوز  القبض فيها بدون أمر قبض وهو السرقة كما جاء في المادة 27(د) من قانون الإجراءات الجنائية .

    إن المتهم عندما طارد المرحوم للقبض عليه إنما مارس حقاً يكفله القانون، لقد احتمى المرحوم براكوبة بالحلة كما جاء في البينات وطلب منه المتهم الخروج وعندما خرج المرحوم أشهر سكينه نحو المتهم، هنا بلا شك نشأ للمتهم حق الدفاع عن النفس ضد اعتداء المرحوم الوشيك، وعليه عندما ضرب المتهم المرحوم بالفأس كان يستعمل حقه في الدفاع عن النفس ضد اعتداء المرحوم ولكن هل وقف المتهم عند حد حق العدوان الذي بدأ من ناحية المرحوم؟

    لقد ضرب المتهم المرحوم بالفأس ثلاث مرات حتى سقط على الأرض، لقد عطل المتهم تحرك المرحوم بعد الثلاث ضربات، ولكن المتهم طعن المرحوم بمجموعة من الحراب مرة أخرى وهو ساقط على الأرض وهذا بلا شك تجاوز لاستعمال حق الدفاع وأحدث أذىً أكثر من اللازم، لأن الضربات الثلاث بالفأس عطلت أو شلت حركة المرحوم وبالتالي انتهى الخوف من الاعتداء، أما تسديد الطعنات بعد سقوط المرحوم فإنه يفقد المتهم حق الدفاع المشروع عن النفس ولا يعتبر تجاوزاً فقط لحق الدفاع المشروع عن النفس بل فقداناً لهذا الحق تماماً [41] .”

     على أية حال فإن المشرع السوداني قرر بأن  حق الدفاع الشرعي لا يبلغ حد تعمد تسبيب الموت إلا إذا كان الخطر المراد دفعه يخشى منه إحداث الموت أو الأذى الجسيم أو الإغتصاب أو الاستدراج أو الخطف أو  الحرابة أو النهب أو الإتلاف الجنائي لمال أو مرفق عام أو الإتلاف الجنائي بالإغراق أو بإشعال النار أو بإستخدام المواد الحارقة أو الناسفة أو  السامة [42].

       المشرع حدد بعض الحالات التي يمكن أن يصل فيها الرد على العدوان  حالة القتل دفاعاً؛ وذلك نظراً لخطورة هذه الجرائم ، وذلك إذا كان  هنالك خطر يخشى منه وقوع إحدى تلك الحالات التي تمت الإشارة إليها في الفقرة السابقة ، وفي حالة تحقق تلك الحالات واستخدم الشخص حقه في الدفاع لدرجة تسبيب الموت للمعتدي فإن الفعل لا يعتبر جريمة يعاقب فاعلها.

الخاتمة

أولاً – النتائج :

  1. المشرع السوداني نص في الفقرة الثالثة  من المادة (12) من القانون الجنائي لسنة 1991 بأن حق الدفاع الشرعي لا ينشأ ضد الموظف العام إذا كان يعمل في حدود واجباته ، إلا إذا خيف تسبيب الموت أو الأذى وهذا يعني بأن حق الدفاع الشرعي ينشأ ضد الموظف العام  حتى لو تصرف  بحسن نية ولم يتوفر هذا الإستثناء   .
  2. لم يقيد المشرع السوداني الموظف العام -الذي لا نشأ ضده حق الدفاع الشرعي عند ممارسته عند القيام بالفعل في نطاق وظيفته – بأي قيد كما ذهبت لذلك معظم الأنظمة  القانونية  وقيدته بماموري الضبط فقط دون غير من الموظفين الآخرين .
  3. إن طبيعة الدفاع الشرعي في القانون الجنائي السوداني تعتبر حقاً ، وهذا لايتواءم مع التعريف الدقيق للحق الذي يعتبر رابطة بين طرفين أحدهما  دائن والآخر مدين ، وكان من المستحسن إعتباره حالة تحول الفعل من جريمة  إلى فعل مشروع .
  4. لم ينص القانون الجنائي السوداني على فترة استمرار حق الدفاع الشرعي على النفس، وكذلك متى ينقضي الحق في الدفاع الشرعي  .

ثانياً – التوصيات :

  1. نوصي المشرع السوداني بتعديل الفقرة الثالثة  من المادة (12) لتصبح كالآتي : لا ينشأ حق الدفاع الشرعي في مواجهة الموظف العام إذا كان يعمل في سلطة  وظيفته  إذ تجاوز بحسن نية نطاق وظيفته  .
  2. نوصي بأن يتم قصر الموظف العام على الموظف الذي يقوم بتنفيذ الأوامر والقوانين كرجال الشرطة والجيش فقط ولا يمتد لبقية الموظين الآخرين .
  3. نوصي المشرع السوداني عند النظر في تعديل القانون  في المستقبل بأن  يضع تعديلاً على نص الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 ويضع كلمة حالة بدلاً عن حق .
  4. نوصي المشرع السوداني بتعديل نص المادة (12) المتعلقة بحق الدفاع الشرعي بأن يورد فقرة تنص على أن حق الدفاع عنن النفس يستمر حالما إستمر التخوف والخشية المعقولة من وقوع خطر على النفس، وينتهي بزوال تلك الخشية والتخوف من حدوث خطر على النفس  .

[1]. طارق إبراهيم الدسوقي عطيه والمستشار: عاصم عبدالجبار، الأحكام العامة في قانون الجزاء  العماني (القسم  العام)-

، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، جمهورية  مصر العربية ،  2012 م ، ص 847-848.

[2]كومة السودان ضد عبدالله أبكر صيام (م ع / م ك /149/1976)، مجلة الأحكام القضائية  السودانية ، 1976 م ، –

ص 742.

[3]لفقرة الثانية من المادة (12) من القانون الجائي السوداني لسنة  1991 م .-

[4]كومة السودان ضد صلاح سعيد عبدالحميد (م أ/ م ك /298/74)، مجلة الأحكام القضائية السودانية،  1974 م، –

الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

[5]كومة السودان ضد محمد عبدالرحمن عبدالنور (م ع/ م ك/31/ 1979)،  مجلة الأحكام القضائية السودانية، 1979 م –

، الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

     We do not found that accused did exceeded his right of private defence because he was faced with an aggression that gave rise to imminent danger to his life if he did not exercised his right of self defence and also he did not have time to recourse to public authority

The ordinary man may expect aggression upon him and this requires the existence of a material element .

     One who is expecting an attack upon him can take care of this in two ways, to have recourse to the public authority so as to compell the aggressor to execute a bond not to attack, the other way is to protect himself personally by carrying a legal weapon according to the circumstances.

When an attach took place, the defender does not weight the gravity of the danger by a golden scale but deal with it according to the gravity of the attack facing him.

[6]مين مصطفى محمد، قانون العقوبات ” القسم العام ، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية د.-

2014 م ، ص 145.

[7]. مامون محمد سلامة، قانون العقوبات “القسم العام ” دار الفكر العربي ، القاهره ، جمهورية مصر العربية ، –

1990 م ، ص 225.

[8]كومة السودان ضد أبكر أحمد يحي (م ع/ م ك/72 /1974)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1974 م .-

الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

[9]. غنام محمد غنام ود. تامر محمد صالح ، قانون الجزاء (القسم العام ، نظرية الجريمة )، الكتاب الأول ، دار الكتاب  –

الجامعي ، العين ، دولة الإمارات العربية  المتحدة ، 2014 م ، ص 279.

[10]لفقرة الثالثة من المادة  (12) من القانون الجنائي لسنة 1991 م .-

[11]. مامون محمد سلامة ، مرجع سابق ، ص 24.-

[12]كومة السودان ضد أحمد عبد العزيز يوسف وآخر (م ع / م ك /25/1972)، مجلة الأحكام القضائية السودانية، –

1972 م ، ص 192 .

[13]كومة السودان ضد مرسال عيسى حامد(م ع/م ك / ١٥٨/١٩٩١)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1991 م ،   –

ص 42.

[14]كومة السودان ضد مصطفي المرضي الفكي موسي (م ع / م ك / ١١٤ / ٧٣)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ،  –

1973 م ، ص 38.

[15]بدالله سليمان  علي ، شرح قانون العقوبات الجزائري ” القسم العام ” (ج 1)، ديوان المطبوعات  الجامعية  ، الجزائر-

ص 125.

[16]كومة السودان ضد آدم حسن آدم(م أ /م ك /257/1964)، مجلة  الأحكام  القضائية السودانية، مجلة الأحكام –

القضائية السودانية ، 1965 م ، الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

To repel an unlawful attack on his person, accused was entitled to use force necessary to repel the attack, but to resort to a knife to repel an attack with a stick was exceeding the tight of private defence .

[17]كومة السودان ضد موسى جبريل موسى (م ك/2/59 ) ، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1963 م ، –

الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية  ، 2005 م .

    The accused was not guilty of  any offence, having used reasonable force in defence of himself and his property.

The accused Musa Gibril Musa lived in an area where water is scarce. The nearest source of water is a day’s walk. Like other inhabitants of  the area Musa collected water during the rainy season and stored it in the hollow trunk of his Tabaldi tree for his consumption during the rest of the year. One day in the dry season the accused visited his tree and discovered the recent traces of some thieves with their camels who had stolen some

of his precious treasure. Musa followed the tracks of the culprits and soon overtook them. Their four camels were each loaded with two water skins. He shouted his demands for the return of the water or its price. The four riders however turned a deaf ear and two of them produced rifles and threatened to shoot him unless he went away.

    Musa continued the pursuit. At this juncture, one of the camels unseated its rider. Musa, armed with an axe, went for him. A shot from one of the camel riders pierced the flesh of the left side of accused. It did not impede his attack.                                         

    The unseated fellow had a stick, but Musa struck him on the head and gave him another blow after he had fallen down. These blows caused his death. The thieves shot another bullet at the accused and charged their camels at him but he managed to run away and later staggered into the field of Ahmed Izairig.                                                           

   8th January 1959. Abdul Rahim P.J. (President of the Major Court) in the course of judgment said:—In the view of this Court the accused is not guilty of murder or any other offence. He caused the death of the deceased in the lawful exercise of his right of defence of himself and his property. Water is an invaluable property in the dry season in Eastern Darfur. Accused’s life was in danger. Since the act which was repelled by the accused was robbery, the accused is entitled to seek recovery of the stolen water even if it results in the death the robbers, provided he uses reasonable force (sections 55, 61 and 62 Sudan Penal Code).                                          

[18]. رؤوف عبيد ، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي ، مكتبة الوفاء القانونية ، الإسكندرية ، جمهورية  مصر العربية، –

2015 م ، ص 823-824.

[19]. محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات ” القسم العام -النظرية العامة للجريمة” ، (ط 5) دار الثقافة للنشر والتوزيع، –

عمان ، الأردن ، 2015 م ،ص 158.

[20]. محمد صبحي نجم ، المرجع السابق، ص 161.-

[21]. مامون محمد سلامة ، مرجع سابق ،  ص 234.-

[22]كومة السودان ضد حكيم مايكل سودان ( م ع / ف ج /٢٩٨/1977 م )، مجلة  الأحكام القضائية السودانية ، –

1988 م ، ص 49.

[23]كومة السودان ضد أحمد آدم عبدالله (م ع / م ك/28/1978)، مجلة  الأحكام القضائية  السودانية ، 1978 م، –

ص 275.

[24]لفقرة الأولى من المادة (12) من القانون الجنائي السوداني لسنة  1991 م .-

[25]. مامون محمد سلامة ، مرجع سابق ، ص 51.  –

[26]. رؤوف عبيد ، مرجع سابق ، ص 833.-

[27]كومة السودان ضد حموده كودي (م أ/ م ك/385)، مجلة الأحكام القضائية  السودانية، 1969 م ، الموسوعة  السودانية –

الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية  ، 2005 م .

An accused person raising the plea of right of private defense under Sudan Penal Code, s. 6r, is not required to prove it in the same manner as the prosecution is required to prove its case. It is enough if the accused creates in the mind  of the court a reasonable doubt as to the existence  of such right.

     Where the accused’ sets up a plea of private defense and the court is in doubt whether or not the accused has been able to substantiate completely to its satisfaction the plea set up by him, the accused is entitled to the benefit of doubt.” I Gour, Penal Law of India (7thed.,1961),p.524.

[28]جلسة 23/12/1935 طعن رقم 639 سنة 6 ق ، مجموعة  الربع قرن  ص 187 ) ، وردت في كتاب المستشار –

أحمد محمود خليل ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية، 2011 م ، ص 65

[29]كومة السودان ضد حيدر عبدالرازق على (م ع / م ك/120/1978)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1978م ،  –

الموسوعة السودانية الإلكترونية للبحوث والسوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية  ، 2005 م .

     When an accused person pleads the right of private defense, it is not necessary that he must prove beyond reasonable doubt the existence of the circumstances on which the right is founded. The accused need- merely make out a prima facie case…. Its sufficient if he satisfies the court of the probability of what he is- called upon to establish. It is not necessary for the accused to lead evidence if he is able to establish what he seeks to prove by the evidence that is on the record. It from the evidence, it appears to be probable that the defense version is true, he is entitled to a decision in his favor, even though he has not proved the truth of his version beyond reasonable doubt

[30]كومة السودان ضد إبراهيم أحمد المصري (م أ /م ك /245/1971)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1971 م ، –

ص 2.

[31]كومة السودان ضد عبد االله احمد عبد االله (م ع / م ك /٩٣/١٩٧٥)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1975 م ، –

ص 492.

[32]لفقرة (2/ب) من المادة  131 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 م .-

[33]لفقرة  الثالثة  من المادة (131) من القانون الجنائي السوداني لسنة  1991 م .-

[34]لفقرة الثانية  من المادة (130) من القانون الجنائي لسنة 1991 م .-

[35]. محمود محمود مصطفى ، أصول قانون العقوبات في الدول العربية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1970 م ، –

ص 56.

[36]. وليد بن محمد البرماني ، شرح قانون الجزاء العماني الجديد وفقاً لأحكام المرسوم السلطاني رقم 7/2018م –

 “القسم العام “، دار الكتاب الجامعي،  العين  ، دولة الإمارات العربية المتحدة ، 2018 م ، ص 34.

[37]. غنام محمد غنام ود. تامر محمد صالح ، مرجع سابق ، ص 290-293 .-

[38]كومة السودان ضد محمد يس محمد عجيب (م أ / م ك/384/1973)، مجلة الأحام القضائية السودانية ، 1973 م ، –

ص 246.

[39]كومة السودان ضد مقدم محمد سعيد (م أ /م ك /451/1978)، مجلة الأحكام القضائية السودانية ، 1978 م ، –

ص 480.

[40]كومة السودان ضد آدم محمد إبراهيم (م أ / م ك /187/1967) ، مجلة الأحكام القضائية السودانية، 1968 م ، –

الموسوعة لسودانية الإلكترونية للبحوث السوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

This is one of those cases where a decision is difficult to arrive at by reason of the fact that there were no witnesses and the only evidence available is the confession of the accused.

The Summary of salient facts is as follows:

Previous to the day of the incident accused agreed to buy from deceased a certain quantity of wood for 65p.t. Accused paid 35 p.t. in advance and agreed to pay the balance on delivery of the quantity agreed upon.

On the day of the incident, deceased and accused met by sheer chance and the former asked the latter to follow him to his house to take delivery of the wood. When they entered the deceased’s house the deceased drew out his knife in an attempt to stab the accused. The accused forced out the deceased’s knife from the latter’s hand and stabbed him once in the lower part of the left shoulder which penetrated the left lung causing instant death of the deceased.

These facts are found mainly in reliance on the statement of the accused. Had the accused denied stabbing the deceased, there would have been no evidence to connect him with it. I feel there is something behind the whole affair which the police investigation could not uncover. However, the court was right in admitting into evidence the whole confession of the accused consisting of both favourable and unfavourable parts. It is an established rule of evidence adopted by the courts of this country that a confession must either be received in toto or excluded in toto: per M. I. El Nur, Acting C.J., in Sudan Government v. Omer Saad Hamid (AC-CP-. 261-1958), (1961) S.L.J.R. 120; Sudan Government v. Awadalla Medani Ahmed (AC-CP-433-1966 (1967) S.L.J.R.56.

Was the accused acting in self-defence or was he deprived of self- control by grave and sudden provocation? The court found both these issues in favour of the accused by answering both questions in the affirmative. It further found that the accused had exceeded the dower given to him by law with regard to the right of private defence—that the accused after depriving the deceased of his only weapon had no reason to stab the deceased in the manner he did.

There is no specific provision in our law regarding the period of continuance of the right of private defence of the body. But the cumulative effect of the sections of law dealing with private defence is the same as provided for in the Indian Penal Code, s. 102. This section reads as follows:

“The right of private defence of the body commences as soon as a reasonable apprehension of danger to the body arises from an attempt or threat to commit the offence though the offence may not have been committed; and it continues, as long as such apprehension of danger to the body continues.”

[41]كومة السودان ضد آدم عمر يحى (م ع / م ك /157/1977)، مجلة الأحكام القضائية السودانية، 1977 م ،  –

 الموسوعة  السودانية الإلكترونية للبحوث السوابق القضائية ، إعداد المكتب الفني بالهيئة القضائية السودانية، 2005 م .

[42]لفقرة الرابعة من المادة (12) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 م .-

Exit mobile version