حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول: اختيار أم إلزام ؟

حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول: اختيار أم إلزام ؟

امينة حميدي :

طالبة في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط.

الملخص:

اهتمت العديد من السياسات الدولية بمسألة حقوق الإنسان كموضوع محوري في السياسة الخارجية،خاصة مع انتشار الدبلوماسية الأمريكية في عهد كارتر والتي كانت تنادي باحترام حقوق الإنسان على المستوى الدولي. غير أن مقاربة تحولات السياسة الخارجية الدولية في صلتها مع تزايد الاهتمام بحقوق الإنسان تثير جملة من المشاكل ذات الطبيعة النظرية والعملية بسبب التحولات التي عرفتها أدوات السياسية الخارجية وتأثيراتها على مبادئ الأمم المتحدة .

وفي هذا السياق، يتطرق المقال لأهم المرتكزات التي تقوم عليها حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول،من خلال جعل هذه الحقوق في صدارة السياسة في العلاقات الدولية و أساس التعاون الدولي  وصناعة القرارات الدولية. كما يستعرض المقال اشتراطية الدول الغنية و المؤسسات المالية الكبرى لمسألة حقوق الإنسان في  جدول أعمال السياسة الخارجية من أجل مساعدة الدول الفقيرة على التنمية، مما قد يقيد المجال المحجوز للدولة و ينعكس سلبا على مبدأ عدم التدخل. وللإجابة على الإشكالية، انتظمت الدراسة في مبحثين رئيسيين: الأول يخص مرتكزات حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول. والثاني يتناول اشتراطية حقوق الإنسان  في جدول أعمال السياسة الخارجية .

الكلمات المفاتيح: حقوق الإنسان-السياسة الخارجية-التدخل-السيادة-اشتراطية -المجال المحجوز للدولة.

Abstract :

Many of the international policies have been concerned with the issue of human rights as a central theme of foreign policy. especially with the spread of American diplomacy in the Carter era, which was calling for respect for human rights at the international level. However, the approach of the international foreign policy shifts in relation with the increasing interest in human rights, raises theoretical and practical problems because of the transformations of foreign policy tools and their impact on the principles of the United Nations.

In this context, the article touches upon the most important pillars  of human rights in the foreign policy of States, through making these rights in the forefront of politics in international relations and on the basis of international cooperation and decision making.

the article also reviews conditionality of human rights in the foreign policy agenda by the rich countries and major financial institutions to poor countries  in order to provide their assistance and cooperation limiting the sovereignty of the State in certain conditions.

Key words : human rights- foreign policy- conditionality- sovereignty – major financial institutions.

مقدمة :  

تعتبر السياسة الخارجية للدولة أحد المداخل الأساسية لتعزيز احترام حقوق الإنسان على الصعيد الدولي.حيث تهدف الدولة من خلالها إلى ضمان المزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لصالح الفرد ورفاهيته. لاسيما بعدما أصبح الاستقرار السياسي للدول رهين بمدى تمتع الإنسان بحقوقه وتوفير الضمانات الكفيلة بحمايتها. وتأخذ الدول مرجعيتها القانونية لحماية حقوق الإنسان من المواثيق الدولية والإقليمية التي تعهدت بتطبيق مقتضياتها. ومن تم فإدماج المعايير الدولية لحقوق الإنسان في السياسة الخارجية يتماشى مع التزام الدولة باحترام هذه الحقوق على أساس أنها غير قابلة للتجزئة كما أنها متأصلة في  كل البشر،خصوصا بعدما أصبح الفرد يعتبر بمثابة شخص دولي تشمله النصوص الدولية والإقليمية بالرعاية والحماية الدولية . [1]

وتمارس الدولة اختصاصها الخارجي بموجب الأعمال القانونية الناتجة عن إرادتها المنفردة عن طريق الاتفاق مع الدول الأخرى في إطار المعاهدات والأعراف الدولية. وتتمتع بحرية تدبير شؤونها الخارجية وعلاقاتها الدولية بمقتضى الحقوق والواجبات التي يقرها القانون الدولي. [2] فالدولة تمتلك حرية الانضمام أو الانسحاب من المعاهدات الدولية، فضلا عن تنظيم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والقنصلية مع باقي الدول و الهيئات والمؤسسات الدولية وذلك حسب السياسة التي ترسمها لتحقيق مصالحها الخاصة. لاسيما أن هذه المسائل تدخل في نطاق الشؤون الخارجية التي لا يجوز انتهاكها وإلا اعتبر ذلك تدخلا في المجال المحفوظ للدولة بدءا من ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية والإنسانية إلى استخدام القوة العسكرية. [3] وفي هذا الإطار، يمكن طرح الإشكالية المحورية التالية: هل يمكن لمشروطية حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول أن تقيد سيادتها ؟

المبحث الأول : مرتكزات حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول

لعبت المتغيرات الدولية ابتداءا من أحداث أوروبا الشرقية سنة 1989،وتوالي سقوط الأنظمة الشيوعية مع انهيار جدار برلين وأفول نجم التجربة الاشتراكية و إيديولوجيتها،وانتصار المنظومة الليبرالية،دورا حاسما في بزوغ رأي عام دولي جديد .فضلا عن اعتماد سياسة حقوق الإنسان كعامل استراتيجي في العلاقات الدولية بجعلها محددا أساسيا للتعامل الدولي. وبالتالي فالوقوف على السياسة الخارجية من شأنه تبيان عالمية حقوق الإنسان التي تظهر بوضوح عندما تتم موضعتها في سياق السياسية الدولية بأبعادها ومرجعياتها المختلفة .[4]

 المطلب الأول:  تدويل حقوق الإنسان

يستند القانون الدولي لحقوق الإنسان على قاعدة أساسية تتجلى في المساواة في الحقوق بين جميع البشر في كل الأمكنة والأزمنة. فقد أصبح الفرد محور النظام الدولي خاصة بعد إنشاء عصبة الأمم التي لعبت دورا كبيرا في مجال التعامل مع الشخصية الإنسانية. [5] وقد جاء  تدويل حقوق الإنسان و ضرورة إقرارها في السياسة الخارجية للدول، بعد الحرب العدوانية التي شنتها الأنظمة النازية في ألمانيا والفاشية في ايطاليا والعسكرية في اليابان كوسيلة لبسط نفوذها. حيث تمجد الدولة ويعتبر الفرد وسيلة فقط للخضوع للنظام السياسي القائم. وبعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية،أيقنت الدول العظمى بضرورة إنشاء الأمم المتحدة بهدف حفظ الأمن والسلم الدوليين وتحقيق التعاون في مجتمع دولي غير متوازن القوى.لاسيما مع تنامي دور الليبرالية الرأسمالية وتحول العالم من نظام متعدد الأقطاب إلى ثنائي القطبية،قطب شرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وقطب غربي تقوده أمريكا. غير أن تسارع الأحداث أدى إلى انتصار المعسكر الغربي وسقوط المعسكر الشرقي الشيوعي بتفكك الاتحاد السوفيتي وزوال الحرب الباردة مما أدى إلى نشوء نظام عالمي جديد أحادي القطبية تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.يدعو الدول إلى دمقرطة أنظمتها السياسية واحترامها حقوق الإنسان كإحدى أهم معايير التعاون الدولي وكعامل جوهري لاستمرارية الظرفية السياسية الدولية الجديدة. ولعل ذلك ما دفع بالعالم الأمريكي “فوكوياما ” إلى الحديث عن نهاية التاريخ  على اعتبار أنه قائم على الصراع،ومادام الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي قد توقف فان التاريخ قد انتهى بانتصار المعسكر الغربي الليبرالي. [6]ويتمحور النظام العالمي الجديد حول 3 محاور أساسية : 

– الاقتصاد: فقد أدى انهيار المعسكر الاشتراكي إلى زوال الاقتصاد المبني على الاشتراكية مقابل تعميم الاقتصاد الليبرالي الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة وتحرير الأسواق والتجارة ورفع الحواجز الجمركية وعدم تدخل الدولة في ذلك .

– الديمقراطية : وذلك بفتح المجال أمام التعددية الحزبية والانتخابات الحرة النزيهة وإرساء مؤسسات منتخبة في سائر دول العالم،خاصة تلك التي كانت تنتمي إلى القطب  الشرقي الاشتراكي أو دول العالم الثالث. على اعتبار أن هذه الدول كانت قائمة على النظام الشمولي والحزب الواحد الذي يسيطر على كل مظاهر السلطة .

– محور حقوق الإنسان:فقد كانت الدول الاشتراكية تركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على حساب الحقوق المدنية والسياسية للإنسان.حيث قامت بمحاربة الطبقية والملكية الفردية لوسائل الإنتاج. وبانتصار المعسكر الغربي سقط التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتأميم واحتكار الدول لوسائل الإنتاج والتجارة الخارجية وأصبح لزاما عولمة التوجه الغربي لحقوق الإنسان على دول العالم . [7]

هكذا أصبحت مسألة حقوق الإنسان بعد الحرب العالمية الثانية من أهم قضايا السياسة الداخلية والخارجية للدول،لاسيما بعدما اعتبرها ميثاق الأمم المتحدة هدفا دوليا وعالميا،تسعى المنظمة إلى تحقيقه إلى جانب حماية السلم والأمن الدوليين والحرص على التعاون والتنمية بين الأمم والشعوب.حيث ورد في المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة على : “أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو  الدين …) .[8]

وقد ساهمت الجهود الرامية إلى تدويل حقوق الإنسان في إنشاء وتحديث عدة آليات دولية وإقليمية لحماية أوسع لحقوق الإنسان كاعتراف من المجتمع الدولي بانتهاك العديد من الحقوق  خلال التاريخ البشري . كما تم تحويل قضايا حقوق الإنسان إلى قضايا تهم الرأي العام الدولي نتيجة استخدام وسائل الإعلام الدولية والتأثير في الصور الذهنية لجمهور المتلقنين. [9]مما أدى إلى اتساع نطاق التصديقات على الاتفاقيات  ذات الصلة و إثارة المسؤولية الدولية اتجاه بعض الدول التي تنتهك حقوق الإنسان .[10]

المطلب الثاني: تعزيز حقوق الإنسان وجعلها كأولوية للسياسة الدولية

  • الثورة التكنولوجية و عولمة حقوق الإنسان:

حولت الثورة التكنولوجية العالم الشاسع إلى قرية صغيرة متماسكة. فقد أثر الكم الهائل من وسائل الإعلام  والاتصال على حدود الدولة التي لم تعد حصنا منيعا تحتمي وراءه النظم السياسية. [11]  حيث كشفت وغيرت العولمة الاقتصادية،التكنولوجية،السياسية والثقافية علاقة المواطن بالسلطة مما جعل فكرة السيادة فكرة رمزية. [12] ومع  تطور سرعة انتقال المعلومات ضعفت قدرة الدول على تصريف شؤونها الخارجية و علاقاتها مع الدول الأخرى. كما عجزت في إيقاف مد الفضائيات ودبلوماسية الإعلام الكوني. الشيء الذي أدى إلى فضح خبايا العديد من الدول ورصد حالات انتهاك حقوق الإنسان في جميع بقاع العالم.[13]  

  • تصريحات زعماء الدول والمنظمات الدولية بأولوية حقوق الإنسان في النظام الدولي الجديد

يذهب ستانلي هوفمان Stanley Hoffmann خبير العلوم السياسية بجامعة هارفارد الى أنه :”اذا كان المرء يؤمن بقيم الليبرالية فلا يكفي أن يطبقها في وطنه فقط. وإذا أراد أن ينشئ نظاما عالميا قادرا على الحياة فان حقوق الإنسان لابد أن توضع في الحسبان.إذ أن للحكومات طريقة تثير القلق بربط سياساتها العمومية في الداخل بسلوكها على مستوى الخارج”. وان كان الواقع يوضح أن الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان في بلدها ليست بالضرورة عدوانية في سياستها الخارجية . [14] فبعد  انتهاء الحرب الباردة، صرح بعض زعماء الدول والمنظمات الدولية بميلاد نظام عالمي جديد يقوم على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية. حيث أكد الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) George W. Bushأثناء حرب الخليج الثانية،بميلاد نظام عالمي إنساني يتسم بالشرعية والعدالة وحقوق الإنسان. حيث خاطب الشعب الأمريكي بقوله : “أمامنا فرصة لإقامة نظام عالمي جديد لنا و للأجيال القادمة عالم يصبح فيه سلوك الأمم محكوما بالشرعية وليس بقانون الغاب.عندما ننتصر في حرب الخليج وسنفعل ذلك  وستتوفر لنا فرصة حقيقية يكون لنا هذا النظام العالمي الجديد”. كما ورد في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم سنة 1989مايلي : ” إننا نجد في الدول التي تحترم حقوق الإنسان أصدقاء لا أعداء …، انها الحكومات الأكثر استقرارا والمجتمعات الأكثر حيوية وأكثر المسؤوليين عن رفاهية المجموعة الدولية “.[15]

 وفي نفس السياق،عبر الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بيريز دي كويلار Javier Pérez de Cuéllar في تقريره السنوي لعام 1991، عن نفس التوجه نحو تأسيس نظام عالمي إنساني جديد من خلال قوله: ” ومن رأيي أن حماية حقوق الإنسان أخذت الآن تشكل إحدى الدعامات الأساسية لقنطرة السلم،كما أنني على اقتناع بأن هذه الحماية تقتضي في الوقت الحاضر ممارسة التأثير والضغط بشكل متضافر على الصعيد الدولي عن طريق المناشدة أو العقاب أو الاحتجاج أو الإدانة .وكحل أخير إقامة  وجود منظم للأمم المتحدة بأكثر مما كان يعتبر جائزا بموجب القانون التقليدي”. كما أكد بيريز أن الدول لا يمكن أن تتذرع بمبدأ السيادة  لتتملص من التزاماتها ذات الصلة بحقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، أصدرت الجمعية العامة في دورتها السابعة والأربعين لعام 1992 القرار 106.47 تحت عنوان :” النظام الدولي الإنساني الجديد ”  و القرار 131.47 تحت عنوان:”تدعيم تدابير الأمم المتحدة في ميدان حقوق الإنسان عن طريق تعزيز التعاون الدولي”. [16]

وعلى اثر التوجه القائم على نظام عالمي جديد مبني على احترام حقوق الإنسان،برزت ردود فعل الدول النامية مؤكدة احترامها حقوق الإنسان على المستوى الوطني تفاديا لتدخل الدول الكبرى في شؤونها الداخلية باسم حماية حقوق الإنسان. فقد أكدت الصين أن حكومتها تسهر بنجاح على حماية الحقوق الأساسية للشعب خاصة حق الحياة والمأكل والمشرب والمسكن.ونشرت كتابا أبيض في أول نوفمبر 1991، تدافع فيه عن سجلها في مجال حقوق الإنسان خشية تأثير الأفكار الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان على زعماء الصين المحافظين مما لا يتلاءم مع توجهات الدولة. خاصة بعد قيام الدولة بسحق المظاهرات الطلابية المطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان في 04 جوان 1989 والتي أودت بحياة المئات من الطلبة والتي عرفت بربيع بكين. [17]

وقد دعت Rama Yade  كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية الفرنسية، الرئيس نيكولا ساركوزي إلى” عدم إهمال دبلوماسية القيم ” اثر زيارة الرئيس الليبي الراحل معمر القدافي لفرنسا بتاريخ 10 دجنبر2007 والتي تزامنت مع ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان. كما انتقدت الحكومة والمعارضة والمنظمات الدولية والمحلية السياسة الخارجية لفرنسا التي تغاضت عن وفاء ليبيا بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان،لكي تبرم معها صفقات تجارية واتفاقات اقتصادية بقيمة قيمتها 14.5 مليار دولار .الأمر الذي سيساعد فرنسا على إنعاش اقتصادها واستعادة مكانتها في شمال إفريقيا . [18]

من الواضح أن هناك ولعا بالخطابات البليغة في ما يخص حقوق الإنسان في السياسات الخارجية للدول لكن الواقع مختلف تماما. فمثلا في السياسة الخارجية الأمريكية الحديثة أي من حوالي 1973 استخدم كيسنجر وكارتر وريجان جميعا العبارات البليغة عن الحقوق.لكن خلال تلك الفترة كان هناك اتجاه واضح نحو النهج السلبي حيال حقوق الإنسان في السياسة الخارجية لكي تفشل أو ترفض. [19] كما أن اهتمام الأنظمة الديمقراطية وعلى رأسها الدول الأسكندنافية والدول الأوروبية بقضايا حقوق الإنسان، لا يعني أن هذه الدول لا تمارس حالات من الانتقائية والازدواجية في سياستها الخارجية بخصوص قضايا حقوق الإنسان.[20]

المطلب الثالث : التعاون الدولي  لحماية حقوق الإنسان وصناعة القرارات الدولية ذات الصلة.

تعهدت الدول الأعضاء  في منظمة الأمم المتحدة على التعاون لتعزيز احترام حقوق الإنسان للناس جميعا بدون تمييز. [21] وفي هذا الصدد، اعتمدت المنظمة ترسانة قانونية مهمة تمثلت في الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان وصيانة السلم والأمن الدوليين و وتحقيق الرقي الاجتماعي. [22]وقد همت هذه النصوص فئات متباينة من الأفراد والجماعات سواء الأطفال أو النساء أو المهاجرين أو العمال وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان تحمل قواعد قانونية ملزمة لعاقديها وفي بعض الحالات حتى لغير العاقدين عندما تحتوي على قواعد دولية آمرة .[23]

 أولا-التفاعل مع الآليات المؤسساتية لحقوق الإنسان

ترصد عدة آليات لحماية القواعد الدولية لحقوق الإنسان، ذلك أن الإستراتيجية الدولية لحماية هذه الحقوق لم تتوقف عند إنشاء هيئة الأمم المتحدة، بل واكبها إحداث أجهزة ومؤسسات متخصصة تابعة للأمم المتحدة، يعهد إليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة  بمهام التتبع والمراقبة والضغط لضمان الاحترام الكوني الفعال لهذه الحقوق وتحميل الدول الأطراف لالتزاماتها القانونية المتعاقد بشأنها. وتوكل هذه الاختصاصات إلى كل من مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي .

  • مجلس الأمن:

يضطلع مجلس الأمن الدولي بحفظ السلم والأمن الدوليين وإنماء العلاقات الودية بين الأمم والتعاون على حل المشاكل الدولية وعلى تعزيز حقوق الإنسان،فضلا عن العمل كجهة مرجعية لتنسيق أعمال الأمم المتحدة. [24] ويعتبر مجلس الأمن الهيئة الأكثر قوة بين هيئات الأمم المتحدة ذلك أن جل قراراته ملزمة قانونا لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة .الأمر الذي جعل العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية [25]تناضل من أجل أن تكون حقوق الإنسان مكونا أساسيا من اختصاصات عمل المجلس،خاصة  تدابير مكافحة الإرهاب ونبد العنف والتمييز واحترام حقوق الأفراد والجماعات وحفظ السلم والأمن .

وقد درس المجلس العديد من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان كتقارير تعذيب المسجونين السياسيين ووفاة عدد من المحتجزين و القمع ضد الأفراد والمنظمات ووسائل الإعلام في جنوب إفريقيا (القرار 417 لسنة 1977 ) وعدم توفير إسرائيل الحماية الضرورية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة (القرار 471 لسنة 1980).[26]

  • الجمعية العامة

تعد الجمعية العامة الهيئة الرئيسية في المنظمة الدولية والتي تضم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.ولكل دولة صوت بغض النظر عن مساحتها أو ثقلها السياسي.[27] وقد منحتها المادة 13 من الميثاق مجموعة من المهام من بينها: النظر في التقارير السنوية أو الخاصة الصادرة عن مجلس الأمن أو من الفروع الأخرى للأمم المتحدة [28]وكذا تقديم توصيات حول المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم والأمن الدوليين.[29] أما فيما يخص  قضايا حقوق الإنسان،فقد قامت الجمعية باعتماد عدة إعلانات واتفاقيات دولية تهم الإبادة الجماعية والتعذيب والاتجار بالأشخاص والسخرة والتمييز العرقي والتمييز الجنسي واللاجئين والمهاجرين وحقوق المرأة والطفل وغيرها. [30]

ج- المجلس الاقتصادي والاجتماعي:

يقوم المجلس بموجب المادة 62 من ميثاق الأمم المتحدة بانجاز دراسات ووضع تقارير عن المسائل الدولية التي تهم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية.فضلا عن إعداد مشاريع اتفاقيات لتقديمها إلى الجمعية العامة والدعوة إلى عقد المؤتمرات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. واستنادا للمادة 68 من الميثاق فللمجلس صلاحيات إنشاء لجان أو هيئات للنظر في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ولتعزيز حقوق الإنسان وغيرها متى كانت الحاجة إليها. ومن أهم هذه اللجان والهيئات مجلس حقوق الإنسان ولجنة المرأة.

  • مجلس حقوق الإنسان :

تم إحداث مجلس حقوق الإنسان كهيئة فرعية تابعة للجمعية العامة من أجل تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان.[31] وقد حل المجلس محل لجنة حقوق الإنسان مع حفاظه على منجزات اللجنة وتطويرها و عقلنتها عند الاقتضاء. [32] وتتعدد مهامه مقارنة مع اللجنة،حيث يضطلع المجلس بتقديم تقرير سنوي إلى الجمعية العامة وتقديم توصيات لحماية حقوق الإنسان.[33] وتعتبر آلية الاستعراض الدوري الشامل أهم إحداث في مجلس حقوق الإنسان يمكن أن يساعده على تجاوز السلبيات التي رافقت عمل لجنة حقوق الإنسان بسبب تسييسها والانتقائية والازدواجية في تقاريرها وطريقة اختيار أعضائها .[34]

  •  لجنة ” مركز حقوق المرأة “:

تأسست”لجنة مركز المرأة” سنة 1946 بموجب قرار إداري صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي.وتقوم اللجنة بإعداد التقارير والتوصيات للمجلس بشان النهوض بحقوق المرأة في كافة المجالات من أجل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق. ويتم اختيار أعضاء اللجنة البالغ عددهم 32 عضو من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي على أساس التمثيلية والتوزيع الجغرافيين. [35] وقد كانت اللجنة وراء عقد الأمم المتحدة عدة مؤتمرات دولية حول قضايا المرأة من بينها مؤتمر بكين سنة 1999.  [36]

ثانيا- التفاعل مع الآليات الدولية التعاقدية لحقوق الإنسان

أ-اللجان ذات الصلة بالاتفاقيات العامة لحقوق الإنسان .

  • اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :

أحدثت هذه اللجنة بمقتضى القرار رقم 17/1985 الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتاريخ 28 مايو 1985، وذلك من أجل تجاوز الصعوبات التي واجهتها مجموعة العمل التي أسسها المجلس سنة 1978 من أجل دراسة التقارير.[37]وقد شكل عدم تزامن إنشاء هذه اللجنة مع اعتماد الجمعية العامة للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1966 ودخوله حيز النفاذ على المستوى الدولي سنة 1976، ثغرة في نظام الآليات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان.

وللجنة المذكورة عدة صلاحيات من بينها:دراسة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف بشأن التدابير المتخذة لتنفيذ مضامين العهد الدولي.وكذا تقديم الاقتراحات والتوصيات ذات الطابع العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي استنادا إلى دراسة التقارير المقدمة من الدول الأطراف والوكالات المتخصصة المعنية.[38]

الجدير بالذكر أن، اللجنة أقرت بضرورة التمييز في نطاق تطبيق المادة الثانية من العهد، بين قلة موارد الدولة وبين عدم استعدادها على تنفيذ مقتضيات الاتفاقية.[39]ففي حالة عدم قدرة الدولة على ضمان الحد الأدنى لحقوق الإنسان نتيجة ضعف مواردها، فعليها إثبات حسن نيتها في وضع برامج عمل و توفير الوسائل الملائمة من أجل الوفاء بالتزاماتها.أما إذا تبين تقاعس الدولة في توظيف مواردها المتاحة لتنفيذ أحكام الاتفاقية فذلك يضعها محل المساءلة الدولية .[40]

  • اللجنة المعنية بحقوق الإنسان :

أحدثت هذه اللجنة بمقتضى المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لتنفيذ مقتضياته.[41] وحسب المادة 40 من العهد، فان اللجنة تختص بدراسة التقارير المقدمة لها من طرف الدول الأطراف بشأن التدابير المتخذة لتنفيذ أحكام الاتفاقية.كما تقوم اللجنة بدراسة البلاغات ضد دولة طرف في العهد لا تلتزم بأحكام الاتفاقية، لكن ذلك رهين باعتراف الدولة المعنية بالبلاغ باختصاص اللجنة في ممارسة هذه المهام . إضافة إلى ذلك فاللجنة تضطلع حسب منطوق المادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،بتلقي ودراسة شكاوي الأفراد ضحايا انتهاك دولة طرف للحقوق المتضمنة في العهد. [42]

إن إعطاء شكاوى الأفراد بعدا دوليا، يعد أحد المؤشرات الأساسية على التقدم المحقق في مجال حقوق الإنسان خاصة في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. حيث بلغ عدد شكاوى الأفراد الواردة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، 445 شكاية سنة 1991 ، واردة من أفراد منحدرين من 33 دولة طرفا في العهد. وقد أثبتت اللجنة حصول انتهاكات في 93  حالة من خلال معالجتها وإبدائها للرأي في 119 قضية. [43]وتجدر الإشارة، إلى أن قبول دراسة الشكاوي الفردية من طرف اللجنة يتم بعد استنفاذ المتضرر لجميع طرق الطعن والتظلم الوطنية. كما لا ينبغي أن تكون الشكاية محل نظر إحدى هيئات التحقيق أو التسوية الدولية. و بعد دراسة الشكوى تبلغ اللجنة رأيها الخاص إلى المشتكي والدولة المشتكى بها مع توضيح غياب أو وجود مخالفة لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

تأسيسا على ما سبق يمكن التأكيد على عالمية اختصاصات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لاسيما مع تزايد عدد الدول المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الأول الملحق به واتخاذ الدول الأطراف تدابير إدارية وقضائية وتشريعية تتلاءم مع مقررات اللجنة. لكن ما يمكن أن يعاب عن المقررات الصادرة عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أنها لا ترقى لمرتبة أحكام ملزمة للأطراف على اعتبار أن اللجنة ليست محكمة أو هيئة ذات ولاية قضائية،على عكس قرارات المحكمة الأوروبية واللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. [44]

    ب- اللجان المنبثقة عن الاتفاقيات الخاصة

  • لجنة مناهضة التعذيب :

أنشأت هذه اللجنة بموجب المواد من17 الى 24 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقد صادق على هذه الاتفاقية العديد من الدول العربية نذكر منها : الأردن- البحرين – تونس- الجزائر-  الصومال- الكويت- ليبيا- المغرب- مصر- السعودية- واليمن. فالاتفاقية تؤكد خطورة التعذيب في القانون الدولي وتتفق مع نص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه :”لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة” . [45]

وتتجلى مهام اللجنة في دراسة تقارير الدول حول التدابير المتخذة لتنفيذ التعهدات الملتزم بها في الاتفاقية.كما تضطلع اللجنة بإجراء التحقيق بشأن ممارسة التعذيب في الدول الأطراف في الاتفاقية  مما يمكن من ملاحقة ومحاكمة مرتكبي التعذيب أينما كانوا في هذه الدول. كما يمكن للجنة إجراء تحقيق دولي في حالة وجود معلومات مؤكدة تشير إلى ممارسة التعذيب بصورة منظمة وممنهجة في أراضي دولة طرف في الاتفاقية. [46]علاوة على ذلك تختص اللجنة بمقتضى المادتين 21 و 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب  باستلام ودراسة البلاغات الحكومية والفردية بشأن ممارسة التعذيب. [47]غير أن ما يعاب على الاتفاقية المذكورة، أنها منحت الدول حق التحفظ على صلاحيات اللجنة أثناء التوقيع أو التصديق أو الانضمام إلى المعاهدة.الشيء الذي يفرغ الاتفاقية من روحها الرامي إلى المنع النهائي لممارسة التعذيب. فعلى سبيل المثال،احتفظت تونس أثناء توقيعها على معاهدة مناهضة التعذيب بحقها في إبداء تحفظ أو تصريح خاص بالمادة 20 المتضمنة لصلاحيات اللجنة .كما قام المغرب بنفس الشيء غير أنه عمل لاحقا على سحب هذا التحفظ .

  • اللجان المنبثقة عن الاتفاقيات المتعلقة بمناهضة التمييز

لجنة القضاء على التمييز العنصري :

تعتبر لجنة القضاء على التمييز العنصري، آلية أممية مهمة لتتبع الإجراءات التي تتخذها الدول للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وبمقتضى المادة 8 من الاتفاقية، فان اللجنة تتألف من 18 خبيرا يتم انتخابهم بالاقتراع السري من مواطني الدول الأطراف،مع مراعاة نزاهتهم وكفاءتهم والتمثيلية الجغرافية والنظم القانونية الرئيسية السائدة .

وتضطلع هذه اللجنة بالنظر في التقارير المقدمة من طرف الدول المصادقة على الاتفاقية من خلال استعراض التدابير القانونية والقضائية والإدارية التي اعتمدتها في إطار سياستها الحكومية للوفاء بالتزاماتها في مجال مكافحة جميع أشكال التمييز العنصري . إضافة إلى ذلك، تقوم اللجنة بدراسة الشكاوى المقدمة من الأفراد أو الجماعات ضد دولهم والتي يدعون فيها أنهم ضحايا التمييز العنصري.ويرتبط هذا الإجراء باعتراف الدولة الطرف في الاتفاقية باختصاص اللجنة بتلقي مثل هذه الشكاوى كما لها صلاحية استلام ودراسة بلاغات الدول.

لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة :

تم إنشاء هذه اللجنة كآلية لتتبع ومراقبة تنفيذ الدول الأطراف لمقتضيات الاتفاقية. وتتألف اللجنة من 23 خبيرا في مجال حقوق المرأة من جميع أنحاء العالم.[48]والملاحظ أن تركيبة اللجنة تختلف عن تركيبة الهيئات الأخرى لمعاهدات حقوق الإنسان من حيث ضمها للنساء فقط مع بعض الاستثناء. وتختص اللجنة بدراسة التقارير بشأن التدابير المتخذة من طرف الدولة لضمان حماية مثلى للمرأة على المستوى التشريعي والمؤسساتي والقضائي. [49]

وغني عن البيان، أن الدول بمجرد انضمامها ومصادقتها على الاتفاقية تصبح ملزمة قانونيا بتقديم تقارير أولية و دورية إلى اللجنة في آجال محددة .إلا أن الممارسة العملية تكشف تأخر العديد من الدول في تقديم التقارير،ذلك أن حوالي 72 دولة متعاقدة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،تأخرت خلال شهر أكتوبر 1993 عن تقديم تقاريرها في موعدها المقرر الأمر الذي يعيق قيام اللجنة بإرساء نظام فعال للرصد والمراقبة.[50]

ج- اللجان ذات الصلة بالاتفاقيات الدولية لحماية بعض الفئات :

  • لجنة حقوق الطفل

أنشأت اللجنة المعنية بحقوق الطفل بموجب المادة 43 من اتفاقية حقوق الطفل.ويعهد إليها بتتبع ومراقبة تنفيذ أحكام الاتفاقية المشار إليها وذلك من خلال النظر في التقارير التي تقدمها لها الدول الأطراف بشأن الانجازات والعراقيل المسجلة لحماية حقوق الطفل وتعزيزها. [51]وفي هذا الإطار تقوم اللجنة بتقديم تقارير عن النشاطات التي تقوم بها مرة كل سنتين عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة[52] مع الحرص على نشرها لتصل إلى أكبر فئة من الجمهور وهو ما يعتبر رسالة مهمة لحماية حقوق الطفل.[53]

  • لجنة حماية حقوق  جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم :

 خصصت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990 مادتها 72 لإحداث لجنة معنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم .

وتتألف اللجنة من عشرة خبراء يتم انتخابهم بالاقتراع السري لمدة أربع سنوات من رعايا الدول الأطراف مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل بين دول المنشأ ودول الاستقبال فضلا على تمثيل النظم القانونية الرئيسية.ويتمتع أعضاء اللجنة بالامتيازات المقررة للخبراء الموفدين في بعثات الأمم المتحدة. وتتعهد الدول المتعاقدة بتقديم تقارير حول التدابير التشريعية والقضائية والإدارية لتنفيذ مقتضيات الاتفاقية مع توضيح المعيقات الناتجة عن تدفق المهاجرين نحو الدولة الطرف المعنية. ومن صلاحيات اللجنة أيضا نسجها علاقات تعاون وتشاور مع الوكالات المتخصصة من أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية وغيرها من الهيئات المعنية. هذا بالإضافة إلى استلام ودراسة البلاغات الحكومية التي تدعي فيها دولة طرف أن دولة طرف أخرى لا تفي بالالتزامات التي ترتبها الاتفاقية. شريطة اعتراف الدولة المقدمة للبلاغ باختصاص اللجنة المعنية. أما بخصوص استلام ودراسة اللجنة للشكاوي والرسائل الخاصة بالأفراد فقد أوضحت المادة 77 الإجراءات الشكلية والموضوعية الواجب توفرها للبث فيها من طرف اللجنة. [54]

الجدير بالقول أنه، بالرغم من كثرة وتعقد المساطر الشكلية والموضوعية التي تفرضها اللجان المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية  من أجل تلقي ودراسة شكاوى الأفراد وبلاغات الدول في حالة انتهاك حقوق الإنسان، فان هذه اللجان تبقى آلية مهمة لتعزيز عالمية حقوق الإنسان والنهوض بالفرد ليصبح محور القانون الدولي. [55]خاصة مع ازدياد عدد الدول المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وكذا البروتوكولات الإضافية المرتبطة بها، وكذا رفع التحفظات و تقديم التقارير في الآجال المحددة.غير أن توصيات وملاحظات اللجان تبقى غير ملزمة من الناحية القانونية إن لم يواكبها إنشاء “هيئات قضائية ” تسمح بتقديم شكاوى حكومية أو فردية تنتج أحكام لها حجية، كما هو الحال في النظامين الأوروبي والأمريكي لحماية حقوق الإنسان.

تأسيسا على ما سبق، تقتضي الآليات التعاقدية والمؤسساتية لحقوق الإنسان أن تقوم الدولة بمجموعة من الإجراءات لضمان التنفيذ الفعلي للالتزامات التي تعهدت بالوفاء بها بشأن احترام حقوق الكائن البشري. [56]وقد جاءت صياغة التزامات الدول الأطراف في القانون الدولي لحقوق الإنسان على شكلين:

  • التزامات السلوك :حيث تتعهد الدول باتخاذ تدابير قانونية وتشريعية لحماية حقوق  بعض الفئات  الخاصة كالطفل والمرأة والمهاجر واللاجئ وغيره.فضلا على الالتزام  بملاءمة القانون الداخلي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان و ضمان سبل الإنصاف والتظلم القضائي.
  • التزامات التنفيذ التدريجي : من خلال اتخاذ الدول  إجراءات غير محددة بسقف زمني . يتم تنفيذها تدريجيا حسب الموارد المتاحة للدولة وذلك بتعاون مع الوكالات الدولية المتخصصة التي تقدم المساعدات الضرورية لتطبيق التزامات الدولة كمنظمة العمل الدولية واليونسكو و اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويدخل ضمن هذه الحقوق :الحق في التنمية المستدامة والسكن والصحة وتعميم التربية والتعليم. [57]

إن اعتراف المجتمع الدولي بدور الآليات الدولية في إعمال مبادئ حقوق الإنسان، فذلك يعني أن تلك الآليات تسمو من الناحية القانونية على السيادة الوطنية و الإرادة السياسية للدول. [58] فالالتزام باحترام الآليات الدولية انعكاس لوجود مصلحة مشتركة للنسق الدولي مرتبطة بحماية المعايير الدولية لحقوق الإنسان .

المبحث الثاني : اشتراطية حقوق الإنسان  في  جدول أعمال السياسة الخارجية

 إن مشروطية حقوق الإنسان في التعاون الدولي تبدو انفرادية unilatérale  و punitive حيث تحتل فيها الدول الغنية الكبرى موقع الهيمنة، الشيء الذي يجعل دول العالم الثالث تدفع بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية. وإذا كان ربط المساعدة باحترام حقوق الإنسان يبدو مشروعا من حيث المبدأ. فانه في الواقع يعد تعديا على السيادة وحق الشعوب في تقرير مصيرها. [59]لاسيما أن الدول الكبرى أصبحت تتدخل مباشرة أو عبر المؤسسات الاقتصادية و المالية  التابعة لها أو عبر الشركات متعددة الجنسية، لتغيير نظام سياسي اجتماعي واقتصادي وثقافي لدولة معينة وبالتالي حماية امتيازاتها في هذه الدولة دون الحاجة إلى التدخل العسكري.[60]

المطلب الأول : مبدأ عدم التدخل و شرعية  التدخل في السياسة الخارجية للدول

يعتبر مبدأ عدم التدخل من أهم مبادئ القانون الدولي و أحد الأعمدة الأساسية لسيادة الدولة،لأنه يهدف إلى تحريم كل أوجه التدخلات ضد شخصية الدولة ومكوناتها السياسية والاقتصادية والثقافية. [61]وفي هذا الإطار، نصت الفقرة 7 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة احترام سيادة الدول:”ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة  أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما…” و بالتالي فمبدأ عدم التدخل يعتبر قاعدة آمرة لجميع الدول، لأنه يهدد السلم والأمن الدوليين اللذان يعتبران من أهم قواعد العلاقات الدولية. وكما يمنع القانون الدولي التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فهو يحظر المساس بالعلاقات الخارجية للدولة مع غيرها من أشخاص القانون الدولي. فلا يمكن لدولة فرض اتجاهات معينة في السياسة الخارجية المشروعة لدولة أخرىأو ممارسة الضغوط لدفع دولة ما على إنشاء علاقات دبلوماسية وقنصلية وتطبيع العلاقات الاقتصادية والثقافية مع دولة أخرى.حيث حظرت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية[62] لعام 1961 واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 إنشاء مثل هذه العلاقات ضد إرادة الدول كما تخضع العلاقات التجارية والاقتصادية لمثل هذا المبدأ العام.[63]وقد أكدت ذلك محكمة العدل الدولية في قضية تدخل الولايات المتحدة في نيكاراجوا باسم حماية حقوق الإنسان، واعتبرت أن استخدام القوة ليس الطريقة الملائمة للتحقق من ضمان احترام حقوق الإنسان.فضلا أن دافع الولايات المتحدة المبني على حماية حقوق  الإنسان في نيكاراجوا لا يمكن أن يبرر قانوناً .[64]وفي نفس الإطار،أصدر معهد القانون الدولي توصية St jacques de Compostelle  تقر بأن مبدأ عدم التدخل هي قاعدة قانونية آمرة jus cogens  اكتسبت قوتها القانونية من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة وأكدت عليه التوصية 2625 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي منعت ممارسة الإكراه العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو غير ذلك من أشكال التدخل الموجه ضد الاستقلال السياسي أو السلامة الإقليمية لأية دولة.[65]

غير أن التوجه المتزايد نحو عالمية حقوق الإنسان، فرض على العديد من الدول ضرورة التوفيق بين سيادتها والحماية الدولية لحقوق الإنسان. فمثلا صرح ممثل زيمبابوي في مجلس الأمن على أن:”المبادئ القائمة التي تحكم العلاقات بين الدول والمتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول  يجب أن تتكيف مع الجهود المبذولة من قبل منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية لحماية حقوق الإنسان الأساسية “. وفي نفس السياق تضمنت العديد من الاتفاقيات سواء الثنائية أو المتعددة تعهد الدول الأطراف باحترام حقوق الإنسان. فمثلا أكدت الجزائر وجنوب إفريقيا في ديباجة الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ 22 سبتمبر 2000، على أنه: ” التزاما منها بالمبادئ العالمية للمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون… ” . [66]

بناءا على ما سبق، أصبحت المسائل التي ترتبط بحقوق الإنسان تقيد سيادة الدولة في هذا المجال. على أساس أن هذه الحقوق تعتبر حقوقا طبيعية متأصلة في الكائن البشري وتتجاوز الاختصاص الوطني للدول لتدخل في نطاق القانون الدولي. [67] وبالتالي فمن واجب الدول تشجيع احترام حقوق الإنسان في أي مكان كما جاء في المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة على أن من غايات المنظمة:”…. تحقيق التعاون الدولي بحل المشاكل ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية بتطوير وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع …”[68] غير أنه لا يجب على الدول الكبرى استغلال ورقة الدفاع عن حقوق الإنسان لحماية مصالحها في الدول الضعيفة  باشتراط  إعمال هذه الحقوق مقابل تقديم مساعدات لها.

المطلب الثاني : المساعدات الدولية و مشروطية حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول

 يختلف تعريف المساعدات الخارجية حسب مجموعة من الأسس منها الدوافع والجهات المانحة.[69] وتنقسم المساعدات الإنمائية الرسمية إلى المساعدات الثنائية بين الدول، والمساعدات المتعددة الأطراف من خلال المنظمات الدولية المانحة كالبنك الدولي ومجموعة البنوك الإقليمية للتنمية والمنظمات الأوروبية والهيئات التابعة للأمم المتحدة كمنظمة الصحة العالمية و منظمة الأغذية والزراعـة وغيرها. و يتجلى جزء من هذه المساعدات في المنح والمعونات التي تقدمها الدول والهيئات المانحة إلى الدول المستفيدة مقابل شروط تلتزم بتنفيذها. [70]

     أولا-  ربط مساعدات  الدول  بإعمال حقوق الإنسان في السياسة الخارجية

بعد سقوط المعسكر الشرقي الشيوعي ونهاية الحرب الباردة، وجدت دول العالم الثالث نفسها في حاجة ماسة إلى مساعدات اقتصادية وسياسية وتنموية من دول الشمال الغنية، الشيء الذي جعل هذه الأخيرة تشترط احترام حقوق الإنسان والديمقراطية كأساس لإنشاء علاقات تعاون أو تنمية أو اعتراف أو مساعدات مالية مع الدول النامية.[71]فأثناء الاستفتاء على استقلال  أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي سنة 1991 ،أكد الرئيس الأمريكي على أن احترام أوكرانيا لحقوق الإنسان هو شرط من شروط اعتراف دولته بأوكرانيا. كما بررت أمريكا تورطها في كوبا والفلبين، بادعاء مساعدة الأهالي في حق التحرر من الاستعمار الاسباني .وقد دافع  الرئيس الأمريكي وودرو ويلسونWoodrow Wilson  عن الحقوق الديمقراطية وحق تقرير المصير في إطار حملته لجعل العالم آمنا من “الشر”في أنحاء العالم باسم الحقوق. [72]غير أن جزءا كبيرا من هذه الحملة بقي بلا تنفيذ في الدبلوماسية الأمريكية العملية خاصة فيما يتعلق بالمكسيك وأماكن أخرى.[73] وقد سارت في نفس التوجه، الدول الصناعية الكبرى (مجموعة السبع ) التي اشترطت بدورها على الاتحاد السوفيتي سنة1991، إقرار حقوق الإنسان وخاصة حق تقرير المصير للجمهوريات السوفيتية الراغبة في الانفصال من الاتحاد السوفيتي لاسيما دول البلطيق في مقابل تقديم المساعدات المالية له.

وتتأسس سياسة الربط بين المساعدات وحقوق الإنسان في السياسة الخارجية للدول المتقدمة بمدى احترام هذه الحقوق في السياسات العمومية الوطنية وقياس مستويات التنمية والديمقراطية والحكامة بهذه الدول من خلال ثلاث مؤشرات نذكرها تباعا:

  • ضغط المجتمع المدني الدولي خاصة المنظمات غير الحكومية.
  • وعي أجهزة الدول المانحة بضرورة “عقلنة” السياسة الخارجية .
  • الاقتناع بانعكاس تردي الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العالم الثالث على مصالح الدول المتقدمة .

فعلى أساس هذه المؤشرات تحرص الدول المانحة سواء على المستوى الدبلوماسي أو على مستوى إبرام الاتفاقيات الدولية على اشتراطية المساعدة الاقتصادية والتنموية مقابل النهوض بحقوق الإنسان. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا،تضطلع وزارة الخارجية الأمريكية من خلال تقاريرها السنوية برصد أوضاع حقوق الإنسان في الدول التي تتلقى مساعدات أمريكية مقابل توقيف هذه الأخيرة في حالة انتهاكات حقوق الإنسان بهذه الدول. ونقرأ في مقدمة التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم لسنة 1989 ما يلي: ” … ولأننا نجد في الدول التي تحترم حقوق الإنسان أصدقاء لا أعداء… إنها الحكومات الأكثر استقرارا والمجتمعات الأكثر حيوية ،تصون الحرية المحترمة لحقوق مواطنيها وجيرانها وأكثر المسؤولين عن رفاهية المجموعة الدولية . [74]

 غير أن النظر لعمق السياسة الخارجية الأمريكية في مجال حقوق الإنسان يبين أنها مختزلة في مصلحتها الدولية الهادفة إلى استخدام نفوذها للتأثير على ممارسات حكومات الدول الأخرى دون أن تعير أهمية للاعتبارات الأخلاقية والإنسانية.[75] ونأخذ على سبيل المثال تأييد الولايات المتحدة الحكومة الدكتاتورية اليونانية (1967 1974) رغم الاعتقالات السياسية والتعذيب الذي كانت تمارسها بمساعدات عسكرية باسم التضامن بين دول حلف  الأطلنطي في حين كانت دول غرب أوروبا تناقش فرض عقوبات اقتصادية عليها ومارست فعلا ضغطا دبلوماسيا لصالح الديمقراطية وحقوق أخرى.[76]

ومن بين الدول التي تأثرت بالسياسة الخارجية الأمريكية في مجال حقوق الإنسان الدول الأوروبية كفرنسا وهولندا وبلجيكا والدول الاسكندينافية. فقد صرحت فرنسا علانية على لسان رئيسها فرنسوا ميتران آنذاك، في قمة لابول  la baule الفرنسية الإفريقية المقامة بفرنسا بتاريخ 20- 22 يونيو 1990، بان دولته ستقدم دعمها إلى الدول التي تبدل مجهودا لمزيد من الحرية. وقد تم التصريح أيضا على ربط المساعدة على التنمية باحترام حقوق الإنسان في مؤتمرات دولية أخرى جمعت مانحي المساعدة بمتلقيها[77]، كما هو الشأن في مؤتمر “الكومنولت ” الذي انعقد بهراري في أكتوبر 1991 حيث صرح الوزير الأول الكندي Brian Mulrony  بأنه ” يؤيد ربط المساعدة على التنمية باحترام حقوق الإنسان . كما اعتمدت كل من كندا وهولندا والدول الاسكندينافية واليابان  شرط حقوق الإنسان كأحد المرتكزات الأساسية للسياسة الخارجية لهذه الدول. وفي هذا الإطار، يرى أنصار المدرسة المثالية في العلاقات الدولية، أن الدول المانحة لا تسعى إلى تعظيم مصالحها الاقتصادية  بمنحها المساعدات للدول الفقيرة، بل  هي تضحية ببعض الموارد، لإقامة مجتمع  عالمي تخف فيه أسباب التوتر و تتقوى فيه أواصر التضامن الدولي بين أشخاص الجماعة الدولية. عكس الواقعيين، الذين يعتبرون المعونات بصفة عامة، والمساعدات الاقتصادية بصفة خاصة، أداة للسياسة الخارجية للدول، تستخدمها لتحقيق مصالحها الوطنية . [78]

وأمام تزايد الإلحاح الرامي إلى ربط المساعدات الممنوحة باحترام حقوق الإنسان، فقد تم تضمين هذا التوجه في اتفاقيات دولية أو قوانين وطنية. فقد اقترنت مصادقة البرلمان الأوروبي على اتفاقية الشراكة[79] الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 1996، باشتراطية احترام حقوق الإنسان والحريات السياسية والاقتصادية حيث أكدت ديباجة الاتفاقية على ضرورة احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة كما نصت المادة 2 من الاتفاقية على الآتي: “يستلهم المغرب والمجموعة الأوروبية سياستهما الداخلية والدولية من احترامهما للديمقراطية وحقوق الإنسان كما جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يشكل عنصرا هاما في هذا الاتفاق”.وتتجلى القيمة القانونية لهذا النص في شرعية اتخاذ بعض العقوبات في حالة ارتكاب بعض الأطراف لانتهاكات خطيرة و ممنهجة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان دون التذرع بمبدأ السيادة وعدم التدخل. وفي هذا الإطار نصت المادة الخامسة على آلية الحوار السياسي حول حقوق الإنسان بشكل منتظم على المستويات الثلاث :

  • على المستوى الوزاري في إطار مجلس الشراكة .
  • على مستوى المسؤولين الممثلين للمغرب من جهة ورئاسة المجلس الأوروبي واللجنة الأوروبية من جهة أخرى .
  • على مستوى القنوات الدبلوماسية .

وفي نفس السياق، تضمنت معاهدة لومي الرابعة المبرمة بين المجموعة الاقتصادية الأوروبية (CEE) ودول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي ( ACP) بتاريخ 15دجنبر 1989 عدة مقتضيات تترجم اشتراطية حقوق الإنسان في التعاون الدولي، مع إمكانية اتخاذ تدابير جزائية في حق الدول التي أخلت بالتزاماتها الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وذلك بهدف الضغط على هذه الدول من أجل تغيير سلوكها المخالف لمقتضيات المعاهدة كما حدث اتجاه بعض الدول الإفريقية (رواندا (1994) والكامرون ( 1992) والطوغو ( 1992) ونيجيريا (1995). [80]   كما سار في نفس الاتجاه  إعلان الحق في التنمية  الذي يكرس لمشروطية احترام حقوق الإنسان في مسلسل التعاون الدولي، ولاسيما  في المادة الثالثة (الفقرة 3) والسادسة ( كل الفقرات ) منه.

الجدير بالقول أن ،أهداف الليبرالية الاقتصادية في تكريس حقوق الإنسان وفي مقدمتها الحق في التنمية والتعاون الدولي لا يجب أن يتم في إطار الانتقائية والمشروطية السياسية في المساعدة الخارجية.فالدول العظمى تتذرع بحتمية احترام حقوق الإنسان في السياسة الخارجية كسلاح دبلوماسي واقتصادي وسياسي تستخدمه في زعزعة الأنظمة الداخلية لبعض الدول التي لا تتفق مع مصالحها. وهكذا فالمحرك الأساسي لمشروطية حقوق الإنسان مقابل تلقي المساعدات مقيد باعتبارات مصلحية لاسيما أن القوى الكبرى التي تمتلك آليات التأثير الايجابي على الحكومات التي لا تحترم حقوق الإنسان، تمتلك في نفس الوقت وسائل للتأثير السلبي على مسار هذه الحقوق . [81]

لكن  ما هو مدى  اشتراطية المؤسسات المالية الدولية لقواعد حقوق الإنسان  مقابل المساعدة على التنمية ؟ .

      ثانيا- حقوق الإنسان  مقابل مساعدات المؤسسات المالية الدولية الكبرى

تزايد الخطاب الدولي الذي يربط المساعدة على التنمية باحترام حقوق الإنسان منذ ثمانينات القرن الماضي، سواء على مستوى سياسات التعاون الدولي المعلنة من قبل الدول المانحة أو على مستوى إبرام الاتفاقيات الدولية.[82]وقد تم الاعتراف بالحق في التنمية لأول مرة من قبل لجنة حقوق الإنسان سنة  1977. ثم لاحقا نال تعريفا آخر سنة 1986 عندما قامت الجمعية العامة بإصدار ” إعلان الحق في التنمية[83] ” الذي نص على أن هذا الحق ” لا يمكن التخلي عنه و يمكن من خلاله تحقيق مختلف حقوق الإنسان والحريات الأساسية “. [84] ويشدد هذا الحق على المسؤولية الجماعية لكافة الدول في توفير ظروف دولية مواتية لتعزيز نظام دولي جديد يقوم على الاعتماد المتبادل والمصالح المشتركة.

وقد جاء تدخل مؤسسات التمويل الدولي(البنك الدولي WBوصندوق النقد الدوليIMF) لتوفير قروض لدول العالم الثالث بعدما تعرضت هذه الأخيرة ،في بداية الثمانينات لأزمة اقتصادية ومالية نتج عنها ارتفاع الديون وصعوبة التسديد لافتقارها إلى مصادر التمويل. [85]الأمر الذي أدى إلى منح الدول المتضررة قروضا مشروطة تطبق على شكل برامج تقويمية تسببت في تغيير ملامح الحياة الاقتصادية والسياسية حيث مست بمصادر الشرعية وتنظيم السلطات والتوافق الاجتماعي. وتطرح سياسة التقويم الهيكلي إشكالية تحديد القرار العمومي حيث لا يتم اتخاذ أي قرار دون موافقة المؤسسات الدولية للتمويل وبذلك تتزايد فرص التدخل الخارجي في شؤون الدول.[86]وقد عرف إدراج حقوق الإنسان في أعمال البنك الدولي والمؤسسات المالية الأخرى جدلا كبيرا.حيث لقي استحسانا من حيث المبدأ من قبل الكونجرس وفريق كارتر عكس قوات ريجان.[87] فقد تم تأييد القانون الأمريكي بشأن هذه القضية لاعتبارين:أولهما أن مزج حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية أمر يتفق مع معايير المجتمع الدولي وخاصة توجهات الأمم المتحدة، التي تؤكد أن التنمية الاقتصادية لا تهدف فقط لتحقيق النمو الاقتصادي بل أيضا غايتها الكرامة الإنسانية. أما الاعتبار الثاني فيتجلى في أن المؤسسات المالية الدولية  تؤثر إلى حد كبير في السياسات العمومية عامة وفي حقوق الإنسان بشكل خاص وليس فقط في المجال الاقتصادي.[88]

وعندما يواجه البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بطلبات دمج مسائل حقوق الإنسان في سياساته فانه يثير حياده السياسي ويلوح ببنود قانونية في الاتفاقية المنشأة له والتي تنص على أن البنك وموظفوه ” لا يجب أن يتأثروا في قراراتهم بالطابع السياسي للعضو المعني” . وكمراعاة صورية “لسيادة الدول ” تسمى شروط الصندوق الدولي بالتوصيات رغم أنه لابد من تنفيذها للحصول على القروض التي لا تسلم كلها دفعة واحدة، بل يرتبط تسليم بقيتها بكيفية تنفيذ البرامج. [89] خاصة أن أهمية  الصندوق الدولي لا تأتي من قروضه فقط  بل من كونه مصدر الثقة  بالنسبة للأبناك الدولية والحكومات الغربية لمنح القروض للدول النامية.

والجدير بالذكر، أن هيكلة هذه المؤسسات المالية وتوزيع الحصص والموارد والأصوات داخلها، تعمل على تكريس الليبرالية الرأسمالية للقوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. مما يولد الانحياز الإيديولوجي الذي ينتج الانحياز السياسي الذي يدفع إلى التدخل لدعم هذا الاختيار. لاسيما أن عدد الأصوات التي تتوفر عليها كل دولة،تتحدد بحصتها في موارد هذه المؤسسات.وهذه نقطة فاصلة لأنها تتيح لهذه الدول توجيه سياسات هذه المؤسسات في العالم الثالث على أساس الأطروحات الرأسمالية أي تقليص دور الدولة والقطاع العام والانفتاح على السوق العالمية ودعم الرأسمال الخاص. [90]  

الخاتمة:

سعت الكثير من الدول العظمى المتحكمة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا إلى استخدام حقوق الإنسان كمحدد رئيسي في سياستها الخارجية، ليس لاعتبارات أخلاقية أو إنسانية بل لتحقيق مصالحها الإيديولوجية و السياسية و الاقتصادية .حيث يبقى تفاعلها مع قضايا حقوق الإنسان انتقائيا وتفضيليا.الشيء الذي أدى  إلى فشل السياسة الخارجية المعتمدة على حقوق الإنسان . ذلك أن تصادم المصالح يؤدي إلى سمو مبدأ الكيل بمكيالين  على حساب الجانب الأخلاقي  الذي يفرض حماية حقوق الإنسان في أي مكان. هذا بالإضافة إلى أن، اعتبار حقوق الإنسان كمحدد أساسي في السياسة الخارجية للدول لا يعني أن هذه حماية هذه الحقوق فعلية وشاملة.خاصة وأن العديد من الدول في حالة انتهاكها لحقوق الإنسان تتذرع بالمجال المحفوظ لاختصاصها الداخلي المحكوم بمبدأ السيادة الوطنية.

أما بالنسبة للمساعدات التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية  الكبرى فهي تسلم للدول باسم الشعوب، التي ستستفيد أو ستتضرر من هذه العمليات التي تتم باسمها. وبالتالي فانه من المفروض احترام حقوقها في صنع القرار السياسي عوض أن تفرض  عليها سياسات لم تشارك في وضعها و إلا اعتبر ذلك تكريسا للهيمنة الغربية وحرمانا للشعوب  من حق تقرير مصيرها.


[1] – يوسف البحيري،”حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي”،المطبعة والوراقة الوطنية،مراكش،المغرب، الطبعة الأولى 2003ص 54

[2] – سامح عبد القوي السيد،” التدخل الدولي بين المشروعية وعدم المشروعية وانعكاساته على الساحة الدولية”، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية، مصر2012، ص 43 -44

[3] – سامح عبد القوي السيد، مرجع سابق، ص 46  

[4]-عبد العزيز لعروسي،”التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان : ملاءمات قانونية ودستورية”،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة،العدد87 ،الطبعة الأولى 2014 ص 116

[5] – محمد نصر محمد، “أحكام القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان بين الشريعة والنظام”، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان ،الطبعة الأولى 2013،ص137

[6]– بومدين محمد،”حقوق الإنسان بين السلطة الوطنية والسلطة الدولية”،دار الراية للنشر والتوزيع،عمان الأردن،2011 الطبعة الأولى ص 137

[7] – بومدين محمد، مرجع سابق،ص137

[8]– وقع ميثاق الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونيه 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذا في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945.

[9] – المختار مطيع،”المدخل إلى دراسة العلاقات الدولية”، مطبعة امستيتن، الرباط المغرب،الطبعة الثانية 2016،ص 111

[10] – محمد نصر محمد، مرجع سابق، ص 252

[11] – هيفي أمجد حسن،” أثر عولمة حقوق الإنسان على مبدأ السيادة”، (دراسة تحليلية )، 2005 ص 2

[12] – بومدين محمد، مرجع سابق، ص139

[13] – المختار مطيع، مرجع سابق، ص 36 

[14] – دافيد .ب.فورسايت، “حقوق الإنسان والسياسة الدولية “، ترجمة محمد مصطفى غنيم ،الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ،القاهرة مصر،الطبعة الأولى بالعربية 1993، ص50-51

[15] – عبد العزيز لعروسي، مرجع سابق،ص 129

[16] – بومدين محمد، مرجع سابق، ص140 –  141

[17] – نبيل بشر،” المسؤولية الدولية في عالم متغير”، مطبعة عبير، مصر،الطبعة الأولى 1994،ص 28

[18] – la République des lettres ,Lundi Décembre 2007,in http://republique-des-lettres.fr/10208-mouammar-kadhafi.php

[19] – دافييد ب فورسايت، “حقوق الإنسان والسياسة الدولية “مرجع سابق، ص 152

[20] – عثمان علي الرواندوزي،،”مبدأ عدم التدخل والتدخل في الشؤون الداخلية في ظل القانون الدولي العام”، دار شتات للنشر والبرمجيات، مصر 2010 ص 453

[21]– تنص ديباجة ميثاق الأمم المتحدة :” نحن شعوب الأمم المتحدة وقد الينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدما، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح”.

[22] –  الشافعي محمد البشير، “قانون حقوق الإنسان”، منشاة المعارف بالإسكندرية، مصر، الطبعة الرابعة 2007 ص 287

[23] – تعتبر القاعدة الفقهية  pacta sunt servanda مرجعية قانونية للمبادئ ذات الطبيعة الامرة حيث لا يجب على الدول انتهاكها .على أساس وجود مصلحة عامة  مشتركة بين أشخاص الجماعة الدولية وذلك لارتباطها بحماية الأمن  والسلم الدوليين.  وفي هذا الإطار تنص المادة 26 و27 من اتفاقية فيينا 1969 على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات وفق مبدأ حسن النية فضلا عن عدم وجوب التذرع بالتشريع الداخلي لعدم تنفيذها.

[24] – أنظر موقع الأمم المتحدة http://www.un.org/ar/sc/about/

[25] – تأتي منظمة العفو الدولية في مقدمة المنظمات الدولية غير الحكومية  التي طالبت بإدخال حقوق الإنسان ضمن اختصاصات مجلس  الأمن .

[26] – محمد نصر محمد، مرجع سابق، ص 248

[27] – عبد العال الديربي،” الرقابة الدولية على إنفاذ أحكام القانون الدولي” دراسة مقارنة، المركز القومي للإصدارات القانونية،القاهرة ،مصر ،الطبعة الأولى 2014 ص 15

[28] – المادة 15 من ميثاق الأمم المتحدة

[29] – المادة 11 من الميثاق

[30] – تحدث الجمعية العامة بموجب المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة ما تراه ضروريا من الأجهزة الفرعية للقيام بوظائفها ومن هذه الأجهزة: لجنة القانون الدولي واللجنة الخاصة لمناهضة التمييز العنصري واللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف …

[31] – يتكون مجلس حقوق الإنسان من 47 دولة يتم انتخابها مباشرة من أعضاء الجمعية العامة بالأغلبية ،ويتطلب ذلك أن تحافظ هذه الدول على أعلى معايير ممكنة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. وقد يتم تعليق عضوية بلد ما من المجلس بغالبية ثلثي أعضاء المجلس في حالة ارتكاب انتهاك جسيم ومنهجي لحقوق الإنسان .

[32] – إلا أن الأمر لا يصل إلى درجة القطيعة بين الهيئتين ودليل ذلك تنصيص قرار الجمعية العامة رقم 251.60 على اضطلاع مجلس حقوق الإنسان بجميع ولايات واليات ومهام ومسؤوليات لجنة حقوق الإنسان

[33] – بموجب المادة 5 من قرار الجمعية العامة رقم 251.60 المؤرخ في 15 مارس 2006  المعنونة “باختصاصاته أي  مجلس حقوق الإنسان.

[34] محمد نصر محمد، مرجع سابق ،ص 247.

[35] عبد العزيز لعروسي ، مرجع سابق، ص 123.

[36] استنادا إلى المادة 22 من الميثاق أحدثت الجمعية بقرار، عدة هيئات فرعية مكلفة بحقوق الإنسان يتولى قطاع القضايا الإنسانية بالأمم المتحدة تنسيق برامجها وهذه الهيئات هي :المفوضية السامية لحقوق الإنسان،المفوضية السامية للاجئين،صندوق الأمم المتحدة لرعاية المكفوفين،المنظمة العالمية للصحة،المنظمة العالمية للتغذية والزراعة برنامج الأمم المتحدة للتنمية،البرنامج العالمي للتغذية.

[37]  يوسف البحيري،” حقوق الإنسان والحريات العامة جدلية الكونية والخصوصية “،الطبعة الأولى  2015، ص 238

[38] – الشافعي محمد البشير، مرجع سابق ، ص 295

[39] – ورد في المادة الثانية (الفقرة الأولى ) من العهد  الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما يلي: ” تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية.”

[40] – يوسف البحري،” حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي” ،مرجع سابق  ،ص 97

[41] – تتألف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من 18 خبير منحدرين من الدول الأطراف في الاتفاقية، مشهود لهم بالخبرة القانونية والاختصاص في مجالات حقوق الإنسان.

[42] – يوسف البحيري ،”حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي” ، مرجع سابق ص 94

[43] – عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق، ص 177

[44] – عبد العزيز لعروسي ، مرجع سابق، ص 180

[45] – تنص المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه ” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.” 

[46] – عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق ص 181

[47] – تنص المادة 21 (الفقرة 1) من اتفاقية مناهضة التعذيب بأنه: “لأي دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن في أي وقت،بموجب هذه المادة أنها تعترف باختصاص اللجنة في أن تتسلم بلاغات تفيد أن دولة طرفا تدعي بأن دولة طرف أخرى،لا تفي بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقية في أن تنظر في تلك البلاغات..” وتتناول بالتفصيل نفس المادة المشار إليها مختلف مراحل النظر في البلاغات ودراستها. كما تنص المادة 22 (الفقرة 1 ) من الاتفاقية الدولية ذات الصلة والتي تقر بأنه ” يجوز لأي دولة طرف أن تعلن…اختصاص اللجنة في تسلم ودراسة بلاغات واردة من أفراد أو نيابة عن أفراد يخضعون لولايتها القانونية ويدعون أنهم ضحايا لانتهاك دولة طرف أحكام الاتفاقية” .

[48] – موقع الأمم المتحدة ،هيئات حقوق الإنسان http://www.ohchr.org/AR/HRBodies/cedaw/Pages/Introduction.aspx

[49] – حيث جاء في منطوق المادة 18 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة:”تتعهد الدول الأطراف بأن تقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تقريرا عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية وعن التقدم المحرز في هذا الصدد…”

[50] – عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق ،ص 186

[51] – عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق ،ص188

[52] – تطبيقا للمادة 45 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1989.

[53] – محمد أمين الميداني،” اللجان الدولية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان”، منشورات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان،2000 ص 33.

[54] – عبد العزيز لعروسي، مرجع سابق، ص 121

[55] – عثمان علي الرواندوزي، مرجع سابق ،ص 352

[56] – يوسف البحيري ،”حقوق الإنسان والحريات العامة جدلية الكونية والخصوصية”،مرجع سابق، ص 196

[57] – يوسف البحيري ،”حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي “،مرجع سابق، ص 65

[58] – يوسف البحيري، “حقوق الإنسان والحريات العامة جدلية الكونية والخصوصية “، مرجع سابق، ص 197.

[59] – عبد العزيز النويضي، “الحق في التنمية بين القانون الدولي والعلاقات الدولية “،الطبعة الأولى 1998، ص 177 .

[60] –  عبد العزيز النويضي، مرجع سابق، ص 326.

[61] – سامح عبد القوي السيد،”التدخل الدولي بين المشروعية وعدم المشروعية وانعكاساته على الساحة الدولية”،دار الجامعة الجديدة الإسكندرية ،مصر،2012 ص28.

[62] – اتفاقية دولية تحدد ضوابط العمل الدبلوماسي بين الدول وتبين حقوق و واجبات أفراد البعثات الدبلوماسية، كما  قامت بتحديد عدة مفاهيم كالحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.

[63] – سامح عبد القوي السيد، مرجع سابق 46

[64] – باسيل يوسف باسيل ،”سيادة الدولة في ضوء الحماية الدوليـة لحقـوق الإنـسان” ،مركـز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية ،الإمارات العربية المتحدة ،الطبعة الأولى 2001ص101

[65] – يوسف البحيري،”حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي”، مرجع سابق ص 163

[66] – بومدين محمد ، مرجع سابق، ص 143

[67]– يوسف البحيري،” حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي”، مرجع سابق، ص 62

[68] – عبد العزيز النويضي، مرجع سابق،ص191

[69] – زينب عباس زعزوع،” دور المنح والمساعدات الأجنبية في التطوير التنظيمي”،النهضة، المجلد الثالث عشر،العدد الثاني،أبريل 2012 ، ص39

[70] – زينب عباس زعزوع، مرجع سابق،ص 48

[71] – بومدين محمد، مرجع سابق، ص 145، 146

[72] – في نفس السياق، أعطى الرئيس بيل كلينتون بعد توليه السلطة سنة 1993 ، توجيهاته لوكالة التنمية الدولية للولايات المتحدة ، بضرورة توجيه مساعداتها إلى تحقيق أهداف منها احترام حقوق الإنـسان ، ودعـم المنظمـات غيـر  الحكومية، وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، وحماية البيئة .

[73] – دافيد ب. فورسايت،” حقوق الإنسان والسياسة الدولية”، مرجع سابق، ص 134

[74] – عبد العزيز النويضي، مرجع سابق، ص177

[75] – دافييد ب فورسايت،” حقوق الإنسان والسياسة الدولية” ، مرجع سابق ،ص 133

[76] – دافييد ب فورسايت،” حقوق الانسان والسياسة الدولية”،مرجع سابق، ص 136

[77] – عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق، ص 130

[78] زينب عباس زعزوع، مرجع سابق، ص 46

[79] – وقع المغرب اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في فبراير 1996 ودخلت حيز التنفيذ في مارس 2000

[80] – يوسف البحيري،”حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي”، مرجع سابق، ص 159

[81] – عبد العزيز لعروسي، مرجع سابق، ص133

[82] -عبد العزيز لعروسي،مرجع سابق، 128

[83] –  قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A/RES/41/128  بشأن إعلان الحق في التنمية بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 1986.

[84] – ليا ليفين،”حقوق الإنسان أسئلة وإجابات” ،ترجمة علاء شلبي ونزهة جيسوس ادريسي ،إصدارات اليونسكو ،منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة،مطبعة لون ،الرباط،2009، ص  141

[85] – زينب عباس زعزوع، مرجع سابق،ص 43

[86] – زهير طاطا،” أي موقع للسيادة في ظل التحولات الدولية الكبرى”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم الاجتماعية والاقتصادية والقانونية أكدال ،الرباط ، 1998، ص 145-146

[87] – دافيد ب.فورسايت، “حقوق الإنسان والسياسة الدولية “،مرجع سابق ، ص 142

[88] – دافيد ب.فورسايت،” حقوق الإنسان والسياسة الدولية” ،مرجع سابق ،ص 156

[89] – عبد العزيز النويضي،مرجع سابق ،ص 334

[90] – عبد العزيز النويضي، مرجع سابق، ص 323

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *