حجية الأحكام الجنائية الأجنبية بين مبدأ السيادة الوطنية وضرورة التعاون الدولي

 

 

حجية الأحكام الجنائية الأجنبية

بين مبدأ السيادة الوطنية وضرورة التعاون الدولي

 

                                                                      نورالدين الوناني

                                                                                   باحث جامعي في سلك الدكتوراه 

                                                                                  القانون الجنائي والعلوم الجنائية

                                                                                          كلية الحقوق – وجدة

       إستنادا لقاعدة إقليمية النص الجنائي فالحكم الجنائي الصادر عن محاكم دولة معينة لا يكون له أثر خارج حدود هذه الدولة, فهو لا يحوز قوة الأمر المقضي به, وبالتالي لا تكون له حجية خارج حدود دولته, وتجوز إذن إعادة محاكمة المتهم مرة أخرى عن نفس الفعل الذي ارتكبه في دولة أخرى [1]. وتتأسس هذه القاعدة على فكرة أن الحكم الأجنبي الصادر في دولة معينة يعكس الحماية الجنائية لمصالح الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, وأن تنفيذ الحكم هو عمل من أعمال السيادة , وعليه يصعب على أية دولة قبول تنفيذ حكم جنائي صدر خارج إقليمها لأنه يعتبر رضوخا لأوامر سلطة دولة أخرى, وهو ما تأباه اعتبارات السيادة الوطنية [2], يضاف إلى ذلك عامل الرغبة لدى الدولة في تنفيذ الحكم الصادر بحق المجرم من محاكمها , حتى لو ارتكبت خارج إقليمها الوطني [3] .

لكن أمام تطور الإجرام الدولي المنظم والعابر للحدود واستفحال خطره الذي أضحى يهدد في كل لحظة أمن وسلام العالم بأسره, أدى ذلك إلى ضرورة الاعتراف بحجية الحكم الجنائي الصادر عن محاكم دولة أخرى داخل إقليم الدولة, إذ لا مفر لأجل ملاحقة هذه الأنشطة على نحو فعال من أن تعترف كل دولة في حدود ما وضوابط معينة بالقوة التنفيذية للحكم الجنائي الصادر من محاكم دولة أخرى [4],وبالتالي وجب تجاوز فكرة عدم قابلية الحكم الأجنبي للتنفيذ لأنه من غير المقبول أن يشكل انتقال شخص من دولة صدر فيها حكم جنائي ضده إلى دولة أخرى حائلا دون تنفيذ هذا الحكم.

على ضوء ما سبق بات من الجائز التساؤل عن مصير الأحكام الجنائية الأجنبية ومدى اعتراف الدول بآثارها, أما زال قانون الجزاء الدولي متمسكا بالمفهوم التقليدي الذي يرفض الاعتراف لهذه الأحكام بأي أثر إيجابي وعدم التسليم لها بالحجية السلبية إلا في حالات استثنائية ؟ أم أنها تعترف لهذه الأحكام بكل آثارها خارج حدود الدولة التي تصدرها أسوة بالأحكام المدنية و التجارية وفقا لقواعد القانون الدولي الخاص ؟ بعبارة أخرى, هل يمكن الاعتراف للحكم الجنائي الأجنبي بالآثار ذاتها التي يتمتع بها الحكم الجنائي الوطني ؟

سوف نعرض من خلال هذه الدراسة لهذا الموضوع وذلك وفق الخطة المنهجية التالية :

المبحث الأول : شروط و إجراءات تنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي .

المبحث الثاني : حجية الحكم الجنائي الأجنبي في التشريع المغربي .

المبحث الأول : شروط و إجراءات تنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي .

من المعروف أن الأحكام الصادرة من المحاكم الوطنية تتمتع بحجية الشيئ المحكوم فيه, وبمقتضاها يعتبر الحكم صحيحا متضمنا قرينة لا تقبل الدليل العكسي على أنه صدر صحيحا من حيث إجراءاته, وأن ما قضى به هو الحق بعينه من حيث الموضوع, بحيث لا يجوز رفع الدعوى من جديد أمام القضاء[5].

وتختلف التشريعات الوطنية للدول بشأن الاعتراف للحكم الأجنبي بحجية الأمر المقضي به, فالتشريع المغربي لا يعترف للحكم الأجنبي بهذه الحجية إلا إذا كان مشمولا بالأمر بالتنفيذ من المحاكم الوطنية, وحتى يتم ذلك لا بد أن تتوفر في هذا الحكم مجموعة من الشروط ( المطلب الأول), وأن يتبع في ذلك مجموعة من الإجراءات ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : شروط تنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي .

إذا صدر حكم أجنبي مطلوب تنفيذه في المغرب , فإنه من الممكن ذلك بشرط الحصول على أمر بالتنفيذ من السلطة القضائية المختصة , و لا بد من الإشارة هنا إلى أن المشرع المغربي لم يوضح الشروط التي بمقتضاها يمكن الاعتراف لحكم جنائي أجنبي بالقوة التنفيذية , إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 717 من قانون المسطرة الجنائية نجده قد أحال في ذلك على ذات الشروط المتطلب توافرها في الحكم المدني الأجنبي [6] , وعليه يتوجب الرجوع إلى نصوص قانون المسطرة المدنية و تحديدا في ذلك الفصل 430 منها والذي يحدد هاته الشروط فيما يلي :

      الفقرة الأولى : يجب أن تتأكد المحكمة من صحة الحكم  

     نص المشرع المغربي في المادة 430 من ق م م على أنه لا يقبل تنفيذ الأحكام الأجنبية في المغرب إلا بعد التأكد من صحتها ,والهدف من وضع هذا الشرط هو التأكد من احترام وسلامة القواعد الإجرائية المتبعة من لدن المحكمة الأجنبية طبقا لمقتضيات قانونها الوطني , وحتى يتم ذلك يجب أن يكون المدعى عليه (المتهم) والذي سبق أن صدر الحكم في حقه , قد استدعي بصفة قانونية من طرف المحكمة مصدرة الحكم وأنه تمكن من الدفاع عن نفسه بكل وسيلة ممكنة [7] .

ويعتبر شرط التبليغ من أهم الضمانات المخولة للمتهم أو المحكوم عليه لصحة الحكم الجنائي الأجنبي ومن شأن مخالفة ذلك أن يكون عائقا لتنفيذ الحكم في الدولة المطلوبة ,وهو ما أشارت إليه العديد من الاتفاقيات المبرمة في هذا الإطار حيث اعتبرت غياب هذا الشرط مبررا لرفض طلب التنفيذ, نذكر منها على سبيل المثال المادة 20 الاتفاقية الموقعة بين المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة[8] حيث جاء فيها : ” لا يجوز للسلطة القضائية المختصة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن تبحث في موضوع الدعوى و لايجوز لها أن ترفض تنفيذ الحكم إلا في الحالات الآتية : … 

           ب – إذا كان الخصوم لم يعلنوا بالحضور على الوجه الصحيح ” .

     الفقرة الثانية : اختصاص المحكمة الأجنبية

لا بد لتنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية لدى الدول أن تكون المحكمة مصدرة الحكم الأجنبي مختصة قضائيا ,إذ من غير الممكن أن تعترف محاكم دولة ما بحكم صادر عن دولة أخرى من جهة غير مخول لها الفصل في النزاع[9] .

لكن ما المقصود باختصاص المحكمة الأجنبية ؟ أو بمعنى أصح ما هو نطاق هذا الاختصاص ,هل يشمل الاختصاص الداخلي بنوعيه المحلي و النوعي ,أم فقط الاختصاص القضائي للمحكمة مصدرة الحكم ؟

بالرجوع هنا إلى نص الفصل 430  من ق م م نجد أن المشرع المغربي لم يوضح ذلك, حيث أورد فقط عبارة “…اختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته … ” , وهنا اتجه البعض[10] إلى القول بأن المقصود هنا هو الاختصاص القضائي للمحكمة الأجنبية المصدرة للحكم, أما الاختصاص الداخلي فهو غير ذي أهمية على اعتبار أنه من مواضيع التنظيم القضائي الداخلي لكل دولة , فمن غير المستساغ أن تقوم المحكمة المعروض عليها الحكم الأجنبي بالبحث عن ما إذا كانت المحكمة الأجنبية المصدرة لهذا الحكم مختصة نوعيا ومحليا للفصل في النزاع , بل لها أن تأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية له حتى ولو لم ينعقد لها الاختصاص , ما عدا إذا كان عدم تحقق الاختصاص من شأنه أن يجعل الحكم باطلا لدى الدولة التي صدر الحكم عن محاكمها [11] .

   الفقرة الثالثة : عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام

نصت أغلب التشريعات الوطنية[12] على هذا الشرط لإمكانية تنفيذ حكم صادر عن محكمة أجنبية لأنه ليس من المنطقي أن ينتج حكم أجنبي آثاره المخالفة للقيم والمصالح الأساسية التي ينبني عليها مجتمع الدولة المطلوب منها الإعتراف بالحكم الأجنبي[13], وهو ما أكد عليه المشرع المغربي في نص المادة 430 من ق م م حيث جاء فيه : ” يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب … أن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي … ” .

ولما كان مفهوم  النظام العام L ‘ordre public  وبيان ضوابطه مسألة صعبة نظرا لاختلاف ذلك من نظام قانوني إلى آخر[14] فإن تحديده من طرف القاضي يتضمن تقديرا دقيقا لأنه فكرة مرنة ومتطورة ومتغيرة من بلد إلى آخر ومن وقت إلى آخر وذلك باختلاف القيم السائدة في مكان ووقت معينين فهو لا يخضع لمعيار ثابت ,كما أنه يمثل صمام أمان ضروري لحماية المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع . وعليه فإنه من غير المستساغ مثلا أن يطلب من دولة ما تنفيذ حكم أجنبي صدر بمناسبة ارتكاب فعل غير مجرم في قانونها, في حين أنه كذلك في قانون الدولة الصادر عن محاكمها الحكم[15].

 

 

الفقرة الرابعة : أن يكون الحكم الأجنبي نهائيا باتا

      لا بد لإمكانية الاعتراف بحكم جنائي أجنبي من أن يكون تنفيذه قد حاز قوة الأمر المقضي به, أي أن يكون حكما نهائيا غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن سواء أكانت عادية أو غير عادية,  وهو ما يستشف من البند 3 من نص الفصل 431 من ق م م حيث تطلب المشرع شهادة من كتابة ضبط المحكمة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض من بين مرفقات طلب تنفيذ الحكم الأجنبي, وعليه فالحكم الأجنبي لا يكون قابلا للتنفيذ في المغرب إلا عند صيرورته حكما نهائيا باتا بصورة قطعية[16].

إن إعمال هذا الشرط يهدف إلى تجسيد فكرة الاستقرار , ويمنع إمكانية تنفيذ الأحكام الأجنبية التي لا تحوز قوة الأمر المقضي به ,والتي تعطي الحماية القضائية لمواجهة ظروف وقتية ,وقد تتغير هذه الظروف مما يجعل إمكانية إلغاء هذه الأحكام أو عرض النزاع مرة أخرى على القضاء أمر جد وارد.

 المطلب الثاني : إجراءات تنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية

يتطلب الاعتراف بتنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي تقديم طلب إلى السلطة المختصة والتي تأذن بالتنفيذ , ويظل دورها يقتصر على المراقبة والتأكد من ما إذا الحكم المطلوب تنفيذه مستوفيا للشروط الضرورية له.

وقبل التطرق لمختلف الوثائق التي يجب توافرها لتنفيذ هذا الحكم الأجنبي (الفقرة الثانية),لا بد من التطرق أولا لمختلف الأساليب التي تتبعها الدولة المطلوب  منها ذلك التنفيذ في فحص الحكم الأجنبي بهدف التحقق من توافر الشروط الخاصة بالحكم (الفقرة الأولى).

الفقرة الأولى : أساليب فحص الحكم الجنائي الأجنبي

    اتجه الفقه و القضاء إلى اعتماد مجموعة من الأساليب لفحص الحكم الأجنبي قبل تذييله من قبل السلطات القضائية المختصة بالصيغة التنفيذية .

 أولا : نظام أو أسلوب المراجعة Système de la révision

يقتضي هذا الأسلوب القيام بمراجعة وفحص مضمون الحكم كموضوع للدعوى القضائية ,وذلك عن طريق رفع دعوى أمام المحمة المختصة في الدولة المطلوب منها تنفيذ الحكم الأجنبي واستصدار حكم منها لقبول تنفيذه, حيث تقوم المحكمة بمراجعة مضمون الحكم المقدم أمامها دون النظر إلى توافر شروط معينة في الحكم ,والهدف من هذه العملية هو تأمين تمثيل السيادة الوطنية للدولة المطلوب منها تنفيذ الحكم[17] على اعتبار أن الاعتراف بمضمون الحكم الأجنبي وتنفيذه يعد اعترافا له بالقوة التنفيذية .

وقد مر تطبيق نظام مراجعة الأحكام الأجنبية بثلاث مراحل أساسية : سميت المرحلة الأولى بمرحلة المراجعة الواسعة أو الشاملة « La révision totale ou au fond»  وكان القاضي خلالها يتمتع بجميع السلطات في فحص الحكم, وسميت المرحلة الثانية بمرحلة المراجعة الضيقة أو المحدودة « La révision partielle ou limitée » وحددت خلالها سلطات قاضي التنفيذ بتنفيذ الحكم الأجنبي الذي لا يمكن إنكار وجوده, أما المرحلة الثالثة فتميزت بتوحيد الرأي حول إلغاء نظام المراجعة  واستبداله بنظام آخر[18] بحجة أن نظرية المراجعة تهدم القيمة الدولية للأحكام الأجنبية وتنافي بالتالي مبادئ التعاون الدولي في ميدان القضاء ,باعتبار أن بعض المحاكم قد نصبت نفسها بمقتضى نظرية المراجعة كمحاكم استئناف بالنسبة للمحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم[19] .

هذه إذن بعض الأسباب التي جعلت القضاء الذي وضع نظام المراجعة يتخلى عنه لصالح نظام آخر جديد يسمح له بتنفيذ الأحكام الأجنبية وبضمان احترام سيادة الدولة المنفذة له ومبادئها ,هذا النظام اصطلح عليه بنظام المراقبة.

 ثانيا : نظام أو أسلوب المراقبة Système de la contrôle

بعد الانتقادات التي وجهت إلى نظام المراجعة تم استبعاده لصالح نظام يوفق ما بين اعتبارات السيادة ومتطلبات التعاون الدولي, كما أنه أقل صرامة من سابقه, ويفترض هذا النظام أن الحكم الأجنبي موضوع التنفيذ صحيح من الوجهة الدولية ويتمتع بالتالي بحجية الشيئ المحكوم فيه. ولا تتاكد صحة الحكم بهذا المعنى ولا ينفذ إلا بعد أن يتأكد القاضي المطلوب منه التنفيذ أن الحكم الأجنبي مستوف لشروط الاعتراف بالحكم الأجنبي وفقا في ذلك للقانون الوطني .

ويمكن القول أخيرا أن أسلوب المراقبة في تنفيذ الأحكام الأجنبية هو الأسلوب الملائم لتحقيق غاية التعاون القضائي الدولي،على اعتبار أنه متى توافرت في الحكم الأجنبي الشروط المطلوبة لإعماله يكون قابلا للتنفيذ دونما الخوض في موضوع الحكم.

الفقرة الثانية : الوثائق المتطلبة لتنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي

يتطلب الاعتراف بتنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية بالإضافة إلى الشروط التي سبق ذكرها , القيام بمجموعة الاجراءات تتمثل في تقديم طلب إلى السلطات القضائية المختصة والتي تقوم بمراقبة مدى استيفاء الحكم المراد تنفيذه للشروط المطلوبة[20], مع ضرورة إرفاق هذا الطلب بمجموعة من الوثائق حددها المشرع المغربي على سبيل الحصر في نص المادة 431 من ق م م والتي جاء فيها : ” يقدم الطلب – إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقية الدبلوماسية على غير ذلك – بمقال يرفق بما يلي :

1 – نسخة رسمية من الحكم.

2 – أصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه.

3 – شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض .

4 – ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الإقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف ” .

هكذا إذا تم استيفاء الشروط اللازمة لإعطاء الحكم الأجنبي الصيغة التنفيذية, فإنه يكتسب حجية الأمر المقضي به, ويصبح قابلا للتنفيذ.

المبحث الثاني : حجية الحكم الجنائي الأجنبي في التشريع المغربي

تعني حجية الحكم الجنائي الأجنبي الاعتراف له بقوة الأمر المقضي به أو قوة الشيئ المحكوم فيهLa  force de la chose jugée, أي أنه أصبح عنوانا للحقيقة وتنقضي به الدعوى الجنائية ولا يجوز إعادة رفعها أو النظر فيها من جديد أمام محاكم دولة أخرى ,بالنسبة للمتهم وبالنسبة للواقعة التي صدر فيها الحكم الجنائي الأجنبي[21]. وقد ظهر اختلاف فقهي بين  مؤيد للقوة التنفيذية للحكم الجنائي الأجنبي وبين منكر لها (المطلب الأول), وبالتالي اختلاف موقف التشريعات الوطنية من آثار هذا الحكم ( المطلب الثاني).

   المطلب الأول : موقف الفقه من الاعتراف بتنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي

أثار الاعتراف بالقوة التنفيذية للحكم الجنائي الأجنبي جدلا واسعا في الفقه أدى إلى ظهور رأيين أحدهما ينكر هذه القوة وبالتالي ليس للحكم الأجنبي أية حجية أمام القضاء الوطني (الفقرة الأولى), والآخر يعترف له بهذه الحجية ( الفقرة الثانية) .

  الفقرة الأولى : إنكار القوة التنفيذية للحكم الجنائي الأجنبي  

  يذهب أصحاب هذا الإتجاه إلى إنكار أية قيمة للأحكام الجنائية الأجنبية ورفض أي أثر لها سواء كان إيجابيا أو سلبيا, على أساس أن القانون الجنائي بصفة عامة يحترم أو يجسد فكرة سيادة الدولة على إقليمها[22] , فالحديث عن سيادة الدولة يقود مباشرة إلى مبدأ إقليمية القانون الجنائي, إذا فمن العسير الفصل بين فكرة السيادة هاته ومبدأ إقليمية القانون الجنائي ,لأن إقليمية القانون الجنائي تمتد لتشمل أيضا إقليمية الحكم الجنائييضا أيضا أ .

ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن القاضي الوطني لا يطبق في المواد الجنائية إلا قانونه الوطني ,ولا يعترف بأي أحكام جنائية سوى الأحكام الصادرة عن محاكمه الوطنية[23] ,وأنه إذا انعقد الاختصاص الجنائي للقضاء الوطني طبقا لمعايير الاختصاص الجنائي الدولي , فهو ملزم بتطبيق قانونه الوطني حتى لو تعلق الأمر بجريمة ارتكبت في الخارج, ويستند أصحاب هذا الرأي على عدة مبررات لتدعيم وجهة نظرهم منها :

  • يعتبر تطبيق التشريع والحكم الجنائي الوطني تعبيرا عن السيادة التشريعية والقضائية للدول باعتباره يحمي المصالح الأساسية للمجتمع والدولة والحقوق الجوهرية لأفراده, وبالتالي فمن الصعب التنازل عن هذا المجال لصالح حكم أجنبي[24].
  • أن كل دولة تستأثر وحدها بتقرير الإجراءات اللازمة لاستتباب الأمن في إقليمها ,ومن ثم فإن تنفيذ ما قضى به الحكم الأجنبي من عقوبات سوف يؤدي إلى إحلال القانون الأجنبي محل القانون الوطني في تحديد الإجراء اللازم لمواجهة الإخلال بالأمن في الدولة[25], هذا بينما ممارسة الدولة لسلطاتها لمعاقبة الجاني هو رد الفعل البسيط نتيجة لما تعرض له نظامها وأمنها العام.
  • قد يتأثر الحكم الأجنبي في ظروف معينة ببعض الاعتبارات السياسية ,وربما كانت الظروف تقتضي معاقبة المتهم بعقوبات مشددة إذا ما حوكم أمام المحاكم الوطنية[26] ،ومن ثم فليس مقبولا الاعتداد بحكم البراءة أو الحكم بعقوبة مخففة صادرة من محكمة أجنبية كبديل للإجراء الشديد الذي يجب أن تباشره المحاكم الوطنية في هذه الظروف.

الفقرة الثانية : الاعتراف بالقوة التنفيذية للحكم الجنائي الأجنبي

عكس ما ذهب إليه الرأي السابق أصبح الفقه الجنائي الحديث أكثر تقبلا للأخذ بالأحكام الجنائية الأجنبية أو على الأقل وجوب أخذها في عين الاعتبار[27], وحسب أنصار هذا الاتجاه لا يحتاج الحكم الأجنبي لتنفيذه والاعتداد به إلى تدخل السلطة القضائية الوطنية من جديد, فبمجرد وجود حكم جنائي صادر من سلطة قضائية مختصة وفقا لقانون هذه الدولة, فإن هذا الحكم يتعين أن يعترف بكافة آثاره في الدول المختلفة[28] .وقد اعتمد – هذا الرأي- في ذلك على مجموعة من المبررات شكلت ردودا على الاتجاه السابق كما يلي :

  • أمام تطور الإجرام الدولي وتدويل الجريمة المنظمة عبر الوطنية , وبروز الوسائل الحديثة التي سهلت على المجرم الهروب إلى الخارج وبالتالي الافلات من العقاب, كان لا بد من تجاوز الفكر التقليدي القائل بتلازم الاختصاص الجنائي القضائي والتشريعي لكل دولة, وبالتالي ليس هناك ما يمنع القاضي الوطني أن يطبق حكما جنائيا أجنبيا وليس في هذا أي تعارض مع مبدأ سيادة الدولة لأن الأمر لا يترتب إلا باختيار الدولة وموافقتها[29].
  • أن على كل دولة واجب حماية الانسانية في كل مكان ,والهدف من توقيع الجزاء الجنائي لا يتقيد بنطاق إقليم الدولة[30] .
  • إذا كان هناك اختلاف بين الدول في نظرتها إلى الجرائم السياسية مما يؤدي إلى عدم التسليم بقيمة الحكم الأجنبي في هذه الجرائم أو غيرها من الجرائم المتعلقة بأمن الدولة فليس هذا هو الشأن في الجرائم الأخرى .

 المطلب الثاني : آثار تنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية في التشريع المغربي

    أدى انتشار الأفكار الفقهية الحديثة التي تنادي بضرورة الاعتراف بالقوة التنفيذية للحكم الجنائي الأجنبي على إقليم الدولة أن تبنى المشرع المغربي هذه الأفكار وبدأ يتقبل الاعتراف بهذه الأحكام, وقد عالج هذه المسألة بمقتضى المادتين 716 و 717 من ق م ج .

وسنحاول من خلال الآتي تبيان موقفه من الآثار التي ينتجها الاعتراف بالحكم الجنائي الأجنبي سواء الإيجابية منها  أي تمتع الحكم الجنائي بالقوة النتفيذية والاثبانية (الفقرة الأولى), أو السلبية والتي تعني اكتساب الحكم الجنائي للحجية بحيث لا يجوز محاكمة الشخص مرتين عن نفس الفعل ( الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : الحجية الإيجابية للحكم الجنائي الأجنبي

إن تحديد عملية الإعتراف بالأحكام الجنائية الأجنبية تكون بمقتضى نص في القانون على سبيل الاستثناء, سواء تعلق الأمر بالعقوبات الأصلية أو العقوبات الاضافية, ورغم ذلك ليس في القانون المغربي ما يفيد ذلك باستثناء بعض الآثار غير المباشرة للحكم الجنائي الأجنبي في شقه الإيجابي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار ولاسيما في حالة العود, ووقف التنفيذ, أو فيما يتعلق بتقدير العقوبة . وبالرجوع إلى نص الفصل 716 من ق م ج المغربي نجد أن المشرع المغربي قد أعطى حجية إيجابية للحكم الجنائي الصادر عن محكمة أجنبية وذلك في حالتين هما :

     1 –  الحالة الأولى : يمكن للمحاكم المغربية المعروض عليها طلب تنفيذ حكم جنائي أجنبي أن تعتمد على هذا الحكم كعنصر من عناصر العود إلى الجريمة [31] ,وذلك في حالة ما إذا تبين لأي محكمة زجرية مغربية وهي بصدد إجراء متابعة من أجل جناية أو جنحة وبعد اطلاعها على السجل العدلي لمرتكب الجريمة, أنه سبق الحكم عليه من طرف محكمة أجنبية من أجل جناية أو جنحة يعاقب عليها كذلك في التشريع المغربي, وأن تضمن في حكمها ما يفيد أنها تأكدت من صحة الحكم الأجنبي مع ضرورة تعليل قرارها [32] . لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتعلق بالكيفية التي يمكن بها للمحكمة الزجرية الوطنية أن تعلم بالحكم الأجنبي الصادر في حق مرتكب الجريمة والمتابع في المغرب ؟

للإجابة عن هذا الإشكال لا بد من الرجوع إلى مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي يعترف فيها بحجية إيجابية للحكم الجنائي الأجنبي, ومن بين هذه الاتفاقيات نذكر اتفاقية التعاون القضائي الموقعة بين المملكة المغربية والمملكة الاسبانية[33] حيث نصت الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر منها على أنه : ” يتبادل الطرفان المتعاقدان المعلومات عن الأحكام التي تصدرها السلطات القضائية عن رعايا الطرف الآخر من أجل قضايا جنائية ” .

وتضيف المادة الخامسة عشرة من نفس الاتفاقية على أنه : ” يتبادل الطرفان المتعاقدان المعلومات عن الأحكام الجنائية والإجراءات الأمنية المسجلة بالسجل العدلي لرعايا أي من الطرفين, ويتم هذا التبادل بين السلطات المركزية للبلدين على الأقل مرة في السنة, وتوجه نسخة من القرارات المتخذة بصفة استعجالية بناء على طلب أحد الطرفين ” .

كما نجد كذلك اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي بين المملكة المغربية و الولايات المتحدة الأمريكية[34] والتي نصت في مادتها الأولى على أنه : ” 1- يتعهد الطرفان المتعاقدان, وفقا لمقتضيات هذه الاتفاقية بالتعاون المتبادل لتنفيذ طلبات البحث, والاجراءات القضائية والاستماع إلى الشهود والتبليغات.

2- كلما اعتبر أحد الطرفين أن الاطلاع على أفعال أو وثائق أو ملفات مسطرية ضروري للقيام بإجراء موجه ضد شخص من أجل ارتكاب أفعال منصوص عليها وعلى عقوبتها فوق ترابه, فإن الطرف الآخر يتعهد بمساعدته بما يلي دون حصر : …

ه- توجيه ملخصات السجل العدلي “.

2 –  الحالة الثانية : وتتعلق هذه الحالة بتنفيذ المقتضيات المدنية والتي يقصد بها التعويضات المدنية المترتبة على الجريمة والصادرة عن محكمة زجرية أجنبية, والتي اشترط المشرع المغربي لتنفيذها ضرورة تذييلها بالصيغة التنفيذية بمقتضى مقرر تصدره محكمة مدنية مغربية تطبيقا لنصوص ق م م  وخصوصا نص المادة 430 منها والتي نصت على أنه : ” لا تنفذ بالمغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودها …” .

الفقرة الأولى : الحجية السلبية للحكم الجنائي الأجنبي 

إضافة إلى الآثار الايجابية يترتب عن الاعتراف بالأحكام الجنائية الأجنبية آثارا سلبية تتجلى في عدم جواز محاكمة الشخص مجددا , أي مرتين عن نفس الجريمة . و بالرجوع لمقتضيات الفصلان 707 و 708 من ق م ج نجد أن المشرع المغربي قد خول فيما يخص الأحكام الأجنبية حجية تمنع من محاكمة الشخص على نفس الفعل الواحد مرتين[35] لكن في الحالات والشروط التالية :

  • حالة الجرائم المرتكبة من مغربي في الخارج :

كل مغربي ارتكب جناية أو جنحة في الخارج, فإنه لا يتم محاكمته داخل المغرب إذا ما  أثبت أنه حوكم في الخارج على نفس الفعل, أو أنه قضى العقوبة المحكوم بها كاملة, أو أنه قد تمت تبرئته من التهم التي كانت موجهة إليه، أو أنه صدر في حقه عفو, أوأن الجريمة قد تقادمت[36] . إلا أن هذه القاعدة لا تطبق على إطلاقيتها بل ترد عليها بعض الاستثناءات من ذلك ما نص عليه الفصل السادس من ظهير 21 ماي 1974 [37] على أن القيام في المغرب بأحد الأعمال التي ساعدت على ارتكاب احدى جرائم المخدرات ينحصر النظر فيه على محاكم المملكة ولو كانت الأعمال الأخرى المؤسسة للجريمة المذكورة قد ارتكبت في الخارج, وهو ما أكدت عليه محكمة النقض في أحد قراراتها حيث جاء فيها : ” … وحيث أن المتهم ضبط خارج المغرب حائزا للكيف … فالفعل الذي سبق الجريمة وهو شراءه للكيف المسحوق قد تم انجازه بالمغرب , لذلك يبقى القضاء المغربي صاحب الاختصاص في محاكمته”[38]

كما يطرح إشكال هنا يتعلق بما اشترطه المشرع المغربي في نص المادة 707  و 708 من أن تكون العقوبة التي حوكم بها على الشخص في الخارج كاملة, لكن ماذا عن حالة ما إذا كانت العقوبة قد تم تنفيذ جزء منها فقط ؟ فهل يستطيع القضاء المغربي إعادة محاكمة الشخص مرة أخرى عن نفس ذلك الفعل ؟

لا يوجد نص في التشريع المغربي يقضي بذلك , إلا أن الراجح هو إعادة محاكمة الشخص مرة أخرى ويتم إضافة الجزء الذي تم تطبيقه في الخارج  ويخصم من العقوبة الجديدة المحكوم بها, ولنا في المادة 13 من قانون العقوبات الأردني ما يعضد هذا الطرح حيث نصت على أنه : “المدة التي قد يكون قضاها المحكوم عليه نتيجة لحكم نفذ فيه في الخارج تنزل من أصل المدة التي حكم عليه بها في المملكة الأردنية  ” .

وعليه فالراجح هو استيفاء العقوبة بشكل كامل أما إذا طبقت العقوبة في جزء منها أمام المحكمة الأجنبية, فإنه يجوز للقاضي المغربي إعادة محاكمة هذا الشخص مرة أخرى, ويحتسب الجزء الذي تم تطبيقه في الخارج من العقوبة الثانية .

كذلك لم يحدد المشرع المغربي في المادتين 707 و 708 ما إذا كان العفو أو التقادم يجب تحققهما وفقا لأحكام القانون المغربي أم يعتد بهما, لو حصلا وفقا لأحكام القانون الأجنبي. فقد كان حريا عليه أن يحدد ذلك على غرار ما فعله بالنسبة للحكم الصادر بالخارج, لذلك يعتقد البعض[39] أنه : “رغم سكوت المشرع, ليس بالإمكان الاعتداد بالعفو الحاصل وفقا للقانون الأجنبي أيا كان نوع الجريمة , لأن العفو ينطوي على بعد سياسي, ويعتبر مظهرا للسيادة في الدولة, ومن ثم وجب أن يكون صادرا في المغرب, ونفس الحكم بالنسبة للتقادم, ما دام يتعلق بجرائم مخلة بالمصلحة العليا للوطن, كجرائم المس بأمن الدولة, أو تزييف النقود, أو خاتم الدولة أو الأوراق البنكية الوطنية المتداولة بصفة قانونية, أو الجرائم المرتكبة ضد البعثات الديبلوماسية أو القنصلية” .

أما بخصوص الإفراج المؤقت عن الشخص أمام المحاكم الأجنبية, فإن هذا الإفراج لا يعتبر معه أن المحكمة الأجنبية قد بتت في الحكم بشكل نهائي, وبذلك إذا رجع المغربي مثلا إلى المغرب, يجوز محاكمته مرة أخرى. وهو نفس التوجه الذي اعتمدته الغرفة الجنائية بمحكمة النقض[40] بشأن مغربي ارتكب جنحة في الخارج, حيث اتجهت المحكمة إلى الدفع بأنه:” طبقا للفصل 752 من ق م ج ( و الذي يقابله الفصل 708 من ق م ج الجديد ) و الذي ينص على أن كل مغربي ارتكب فعلا خارج المملكة له صفة جنحة سواء في نظر القانون المغربي أو القطر الذي ارتكب فيه , يمكن متابعته بالمغرب و الحكم عليه ولو كان متابعا عن نفس الفعل أمام القضاء الأجنبي , لا يعفى من هذه  المتابعة إلا إذا أدلى بحكم يكون قد بت في موضوع الفعل الجرمي ولم يعد خاضعا لأي طعن.

وبذلك, فإن المحكمة المطعون في قرارها بنت حكمها على حيثية واحدة اعتمادا على وجود القرار المدلى به في الملف الصادر عن محكمة إيطالية يتعلق بنفس البحث المجري في حق المتهم و الذي ورد بمثابة مذكرة بحث وثبت حكمها بناء على الفصلين 751 ( يقابله الفصل 707 من ق م ج الحالي ) و الفصل 752 من ق م ج , وإن القرار المدلى به يتعلق بالإفراج المؤقت عن المتهم وليس الحكم في الموضوع وأن تمتيع المتهم بالسراح المؤقت لا يعني أن الحكم أصبح نهائيا ولا تعقيب عليه لأن العبرة حسب الفصلين أعلاه تهم الدعوى العمومية وحدها أي البت فيها بحكم يقضي بالبراءة أو بالإدانة لذلك فإن تعليل المحكمة وشرحها للفصلين جاء مجانبا للصواب مما يجعل القرار المطعون فيه ناقص التعليل وغير مبني على أساس قانوني مما يتعين التصريح بنقضه و إبطاله .

ويرجع ذلك إلى أن المحكمة الابتدائية قد أصدرت قرار بإدانة المطلوب ضده للاتجار في الرقيق ثم قامت محكمة الاستئناف بعدم قبول المتابعة مستندة في ذلك على أن هذا الفعل توبع من طرف محكمة ميلانو الايطالية, لذلك اتجهت محكمة النقض إلى نقض الحكم الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف وإدانة المطلوب ضده, مستندة في ذلك على أن المحكمة الإيطالية لم تبت في موضوع القضية وبالتالي فهي جانبت الصواب”.

  • حالة الجرائم المرتكبة من أجنبي في الخارج

وهي تتعلق بالأحكام الجنائية الصادرة في الخارج بمناسبة الجنايات والجنح ضد أمن الدولة, أو تزييف لخاتم الدولة أو تزييفا أو تزويرا لنقود أو لأوراق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية, أو جناية ضد أعوان أو مقار البعثات الدبلوماسية   أو القنصلية أو المكاتب العمومية المغربية, والتي يرتكبها أجانب ضد المغرب.

بمفهوم المخالفة لا يتم معاقبتهم على المخالفات المرتكبة ضد المغرب, ولا يتم متابعة هؤلاء الأجانب في المغرب إذا تم إثبات أنهم حوكمو نهائيا في الخارج من أجل نفس الجناية أو الجنحة بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيئ المقضي به, أو إذا أدلوا في حالة الحكم عليهم بالإدانة بما يثبت أنهم قد قضوا العقوبة كاملة أو أنه قد مر عليها أمد التقادم أو صدر في حقهم عفو[41].

 

 

 

[1]  – عبد الرؤوف مهدي ,المسؤولية الجنائية عن الجرائم الاقتصادية.رسالة دكتوراه,كلية الحقوق,جامعة القاهرة,1974,ص104.

[2]  – ولد الشيخ شريفة,تنفيذ الأحكام الأجنبية. الطبعة الأولى, دار هومة للطباعة و النشر والتوزيع,الجزائر, , 2004 , ص64-65.

[3]  – سليمان عبد المنعم, دروس في القانون الجنائي الدولي. الطبعة الأولى , دار الجامعة الجديدة للنشر , الاسكندرية , 2000, ص 112.

[4]  – سليمان عبد المنعم,المرجع السابق,ص118.

[5]  – عبد الحكيم محسن عطروش, الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم اليمنية وتنفيذ الأحكام الأجنبية. الطبعة الأولى, دار الكتب, صنعاء, 2010, ص136 .

[6]  – ينص الفصل 717من ق م ج على أنه : ” لا يمكن أن تنفذ بالمغرب المقتضيات المدنية الواردة في مقرر صادر عن محكمة زجرية أجنبية , ما لم تعط لها الصيغة التنفيذية بمقتضى مقرر تصدره محكمة مغربية تطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية “.

[7] – ممدوح عبد الكريم حافظ عرموش , القانون الدولي الخاص – الأردني و المقارن  . الجزء الأول , الطبعة الأولى , مكتبة دار الثقافة للنشر   والتوزيع ,عمان, دون ذكر السنة , ص 320.

[8]  – ظهير شريف رقم 10-89-1 الصادر في 6 ذي الحجة (28 ماي 1993) بنشر اتفاقية التعاون القضائي والاعلانات و الانابات القضائية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين الموقعة بين المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة , جريدة رسمية عدد 4214 بتاريخ 4 غشت 1993.

[9]  – وهو ما كن قد أكدته محكمة النقض في قرار صادر عنها جاء فيه : ” إذا تم بالمغرب إنجاز الفعل الرئيسي للجريمة انعقد الاختصاص بالنظر فيها لمحاكم المملكة … وقد جاءت وسيلة النقض بسبب خرق القواعد الجوهرية في إجراءات المسطرة حيث أن الفعل المنسوب إلى طالب النقض وقع في جبل طارق ولم يقع في المغرب حيث صرح المتهم بأنه ضبط في جبل طارق ومعه كمية من التبغ و الكيف و أنه قدم أمام المحكمة هناك و أطلق سراحه مؤقتا مقابل كفالة مالية. و حيث أنه لم يدل بما يفيد فعلا ضبطه من طرف السلطات القضائية بجبل طارق وإطلاق سراحه بكفالة مالية ولا يوجد بالملف ما يعضد قوله بأن السلطات القضائية بجبل طارق وضعت يدها غلى نفس القضية. فالفعل الذي سبق الجريمة و هو شراؤه الكيف قد تم إنجازه بالمغرب لذلك يبقى للقضاء المغربي الاختصاص في محاكمته.

لذا يعتبر قرار المحكمة على صواب لأن من شروط قبول الحكم الأجنبي صدوره عن محكمة مختصة و أن يكون الحكم باتا “.

قرار رقم 00264/82 صادر بتاريخ 11/03/1982 ,منشور بمجلة  قرارات المجلس الأعلى ,أهم القرارات الصادرة في المادة الجنائية من 1961-1997, منشورات المجلس الأعلى, مطبعة المعارف الجديدة, 1997.

[10]  – ابراهيم بحماني , “تنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب” , مجلة القضاء و القانون , عدد 148, السنة 31 , ص79.

[11]  – أحمد عبد الكريم سلامة ,فقه المرافعات المدنية والدولية . الطبعة الأولى ,  دار النهضة العربية , 2000, ص 43-44..

[12]  – من ذلك مثلا قانون المرافعات المصري في الفقرة الرابعة من المادة 298 و التي جاء فيها : ” لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن الحكم… ولا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها”.

[13]  – أنور عبد الكريم محمد الرويشد ,التعاون القضائي بين دول مجلس التعاون الخليجي . رسالة ماجستير في العدالة الجنائية , جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية , الرياض, 2009, ص 101.

[14]  – يميز في هذا الصدد بين: – النظام العام الداخلي  والذي يتضمن مجموع القوانين التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها – النظام العام الدولي والذي ينبثق من الشعور الوطني والمبادئ الدينية والسياسية والاجتماعية التي لا يمكن مخالفتها . للمزيد من الاطلاع يراجع : ابراهيم بحماني,المرجع السابق, ص85.

[15]  – منذر كمال عبد اللطيف التكريتي, آثار الأحكام الأجنبية. الطبعة الأولى, مطبعة مؤسسة الثقافة العالمية , بغداد ,1981, ص51.

[16]  – ابراهيم بحماني, المرجع السابق, ص 89.

[17]  – غالب علي الداودي ,القانون الدولي الخاص الأردني ,الكتاب الأول – تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفبذ الأحكام الأجنبية ,دراسة مقارنة.الطبعة الأولى ,1996 , دون ذكر المطبعة, ص 288-289.

[18]  – ولد الشيخ شريفة, المرجع السابق, ص 70-72.

[19]  -. ممدوح عبد الكريم حافظ عرموش, المرجع السابق, ص 302.

[20]  – نصت المادة 67 من الاتفاقية المبرمة بين المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة على أنه : ” يقتصر دور السلطات القضائية المختصة في الدولة المطلوب إليها الاعتراف بالحكم أو تنفيذه على التأكد من مطابقة الحكم للقواعد الواردة بهذه الاتفاقية دون إعادة النظر في وقائع الدعوى”. ظهير شريف رقم 10-89-1 صادر في 6 ذي الحجة 1413 (28 ماي 1993) بنشر اتفاقية التعاون القضائي والاعلانات والانابات القضائية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين الموقعة بين المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة بأبو ظبي في 18 يناير 1978, جريدة رسمية عدد 4214 بتاريخ 4 غشت 1993.

[21]  – عبد الرؤوف مهدي, المرجع السابق, ص 104.

[22]  – جمال سيف فارس,التعاون الدولي في تنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية – دراسة مقارنة بين القوانين الوضعية والقانون الدولي الجنائي. دار النهضة العربية, القاهرة,2007,ص 77.

[23]  – محمد نجيب حسني, شرح قانون الاجراءات الجنائية .الطبعة الثانية, دار النهضة العربية,القاهرة, 1988, هامش رقم 140, ص 144.

 [24]  – هشام عبد العزيز مبارك, تسليم المجرمين بين الواقع والقانون. دون ذكر الطبعة, دار النهضة العربية,2006 , ص 357.

[25]  -جمال سيف فارس,المرجع السابق, ص 81.

[26]  – دليلة مباركي,المرجع السابق, ص 322.

[27]  – عادل يحيى, وسائل التعاون الدولي في نتفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية.الطبعة الأولى, دار النهضة العربية,2004, ص9-10.

[28]  – يعتبر الاتحاد الأوروبي النموذج الأكثر واقعية حيث ألغيت الحدود أمام الأحكام الجنائية التي تصدر في الدول الأعضاء في الاتحاد وذلك في قمة المجلس الأوروبي التي عقدت في Tampère  أكتوبر 1999, وهذا الاعتراف المتبادل يعني أن الحكم الصادر في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بنفذ في أية دولة أخلرى دون حاجة لتدخل لاحق من سلطة قضائية في الدولة المراد التنفيذ بها لإعطاءه القوة التنفيذية , فهو حائز أصلا لهذه القوة, لذا فإن تدخل السلطة القضائية في الدولة المنفذة يقتصر فقط على المساعدة في هذا التنفيذ. جمال سيف فارس ,المرجع السابق,ص 86.

[29]  – هشام عبد العزيز مبارك, المرجع السابق, ص 146 ومابعدها .

[30]  – جمال سيف فارس, المرجع السابق ,ص 81.

[31]  – يعتبر في حالة العود إلى الجريمة حسب الفصل 154 من مجموعة القانون الجنائي المغربي : ”  … من يرتكب جريمة بعد أن حكم عليه بحكم حتئز لقوة الشيئ المحكوم به, من أجل جريمة سابقة “.

[32]  – لمزيد من التوضيح يراجع :

– وزارة العدل, شرح قانون المسطرة الجنائية, الجزء الثالث, منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية, سلسلة الشروح والدلائل,          العدد8, يونيو 2007,  ص 151.

– عبد الواحد العلمي, شرح القانون الجنائي المغربي – القسم العام , الطبعة الثالثة,2009, ص87

[33]  – ظهير شريف رقم 151-98-1 صادر في 2 جمادى الآخرة 1421 (فاتح سبتمبر 2000) بنشر الاتفاقية الموقعة بمدريد في 30 ماي 1997 بين المملكة المغربية والمملكة الاسبانية حول التعاون القضائي في الميدان الجنائي, جريدة رسمية عدد 4844بتاريخ 2 نونبر 2000.

[34]  – ظهير شريف رقم 10-98-1 صادر في 25 من ربيع الأول 1421 (28 يونيو 2000) بنشر اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي الموقعة بالرباط في 10 محرم 1404 (17 أكتوبر 1983) بين المملكة المغربية و الولايات المتحدة الأمريكية, جريدة رسمية عدد 4821 بتاريخ 14 غشت 2000.

[35] – وهو نفس التوجه الذي اعتمده المشرع المصري حيث تنص المادة 4 من قانون العقوبات المصري على أنه : ” لا تقام الدعوى العمومية على مرتكب جريمة أو فعل في الخارج إلا من النيابة العامة.

و لا تجوز إقامتها على من يثبت أن المحاكم الأجنبية برئته مما أسند إليه أو أنها حكمت عليه نهائيا واستوفى في عقوبته”.

[36]  – عبد الواحد العلمي, المرجع السابق, ص  87.

. – [37] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 بتاريخ 28 ربيع الثاني 1394 (21 ماي 1974) يتعلق بزجر الادمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات وبتغيير الظهير الشريف الصادر في 12 ربيع الثاني 1341 (2 دجنبر 1922) بتنظيم واستيراد المواد السامة والاتجار فيها وامساكها واستعمالها. والظهير الصادر في 20 شعبان 1373 (24 أبريل 1954) بمنع قنب الكيف حسبما وقع تتميمها أو تغييرها .جريدة رسمية عدد 3214 بتاريخ 14 جمادى الأولى 1394 ( 5 يونيو 1974) ص 1525.

[38] – قرار عدد 246/82 بتاريخ 11 مارس 1982 في الملف الجنائي عدد 73516/78 , منشورات محكمة النقض في ذكراها الأربعين 1997, المادة الجنائية ,مطبعة المعارف الجديدة , ص41.

[39]  – الحبيب بيهي , شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد. الجزء الثاني,الطبعة الأولى, دار النشر المغربية,الرباط, ص 101.

[40]  – قرار عدد 1431/8 في الملف الجنائي عدد 26805/97 بتاريخ 6/6/2002.منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى, عدد مزدوج 59-60 , السنة 24,مطبعة الأمنية ,الرباط,2003,ص 380 وبعدها.

[41]  – يراجع في ذلك المادة 711 من ق م ج .

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *