تكييف جرائم التعمير بين قانون:12–66 والمبادئ العامة زجريا
عبد الكريم بالهدى
باحث في قضايا العقار والتعمير
يعتبر مخالفا كل شخص ثبتت في حقه إحدى حالات التجريم المنصوص عليها سواء في قانون التعمير،أو في قانون التجزئات العقارية،أو ظهير توسيع نطاق العمارات القروية،مما يرتب مسؤوليته الجنائية التي تؤدي إلى الحكم عليه بالعقوبات المنصوص عليها في قوانين التعمير ما لم يثبت في حقه ارتكاب أفعال يجرمها المشرع بمقتضى القانون الجنائي كالارتشاء أو التوصل بغير حق إلى تسلم إحدى الرخص عن طريق الإدلاء ببيانات كاذبة،أو استعمال وثائق مزورة،أو جرائم القتل والإيذاء الخطأ؛
والملاحظ أن مفهوم المخالفة الذي استعمله المشرع المغربي في نفس المادة:71 من قانون التعمير وغيرها من المواد الأخرى مفهوم لغوي أكثر مما هو مفهوم قانوني كما سبق الذكر،ولا علاقة له بالمخالفات المنصوص عليها في الفصل:18 من مجموعة القانون الجنائي المغربي([1])؛
لذلك فان التكييف القانوني للأفعال المخالفة لأحكام التعمير يقتضي منا البحث عن الفعل الذي يرتكب خرقا للأحكام المذكورة،والوصف القانوني لها،ذلك أن المشرع التعميري اعتبرها مخالفات حيادا عن التقسيم الذي سطره القانون الجنائي المغربي سنة 1962،والذي يميز بين الجنايات والجنح والمخالفات([2])،فماذا يقصد المشرع بالمخالفات في قوانين التعمير،هل الخروج عن المبادئ العامة،أم انه مفهوم لغوي أكثر منه قانوني([3])،وماهي الغاية التي ابتغاها المشرع من سن عقوبات زجرية( المطلب الأول)؛
كما أن القوانين التعميرية بصفة عامة،وقانون 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير والبناء بصفة خاصة،ومن خلال واقع الممارسة،أبانت عن قصور تشريعي،مما اثر ذلك على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا،أما بسبب عدم الرقي ببعض المخالفات إلى مصاف التصنيفات المنصوص عليها في المجموعة الجنائية كقانون الموضوع،أو بسبب عدم تكييف الأفعال بعقوبتها المقررة قانونا في القانون الجديد،تبعا للمجموعة الجنائية ومقتضيات قانون المسطرة الجنائية،أو لأسباب راجعة إلى عدم مواكبة القوانين للظروف الراهنة،أو لأسباب أخرى ستكون موضوع البحث والتحليل ( المطلب الثاني)؛
المطلب الأول:جرائم التعمير بين قانون:12-66 والنصوص العامة:
إن المشرع وانطلاقا من استقراء مقتضيات قانون التعمير رغما عن المقتضيات الجديدة المتعلقة بمراقبة وزجر المخالفات([4])، وخلافا على ما سارت عليه بعض التشريعات المقارنة ([5])،لم يعرف المقصود بالبناء والتعمير،وإنما اكتفى فقط بتجريم الأفعال،وعدد المخالفات،وميز بينها من حيث المتابعات التي ستسطر والعقوبات المقررة لكل واحدة على حدة،وهو توجه له ما يبرره في حد ذاته،ونحن نقول للمشرع المغربي حسنا فعل،عندما ميز بين المخالفات كل على حدة،وحدد العقوبات المقررة لها،على خلاف ما كان عليه الأمر سابقا؛
وعلى الرغم من الايجابيات المتعددة التي يمكن تسجيلها حيال هذا التوجه التشريعي الذي يحاول من خلاله حماية النص الموضوعي المراد تنزيله على ارض الواقع بهذه الأحكام الزجرية،فانه يثير كثيرا من الصعوبات والإشكالات التي تجعل الهدف المنشود لا يتحقق بالصورة التي توخاها المشرع بداية،ولا أدل على ذلك من التناقض الذي يقع أحيانا بين هذه النصوص الجنائية الخاصة إن صح التعبير،ومبادئ القانون الجنائي المتفق عليه من قبل الفقه والقضاء المهتمين بالمادة الجنائية([6])؛
كما أن المشرع المغربي ولئن عدد المخالفات كما سبق الذكر،فهل وفق في ذلك أم لا،وما غايته من حماية مجال البناء والتعمير زجريا،هل طبيعة المخالفات تندرج ضمن المبادئ العامة للقانون الجنائي كعقوبات أصلية،أم أن الأمر يتعلق فقط بصياغة لغوية،خرجت عن المبدأ،تلكم إذن هي الأسئلة التي سنحاول عرضها وتحليلها من خلال سرد المبادئ العامة للمجموعة الجنائية و مسطريا عبر قانون المسطرة الجنائية من جهة،وسير العمل القضائي،وما استقر عليه من جهة أخرى؛
الفقرة الأولى:جرائم التعمير بين قانون:12-66 ومقتضيات التشريع الجنائي:
بالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي،وخاصة الفصل:110 منه،فالمشرع نص على أن المشرع المغربي بادر إلى إعطاء مفهوم عام للجريمة،إذ نص على إن (الجريمة هي كل عمل أو امتناع مخالف للقانون،ومعاقب عليه بمقتضاه)؛
وباستقرائنا للمجموعة الجنائية وخاصة الكتابين الأول والثاني منه،فالأول يتحدث عن العقوبات والتدابير الوقائية،والثاني منه يتحدث عن تطبيق العقوبات والتدابير الوقائية على المجرم،وفي الكتاب الثالث عن مختلف الجرائم وأنواعها،أما عن التمهيد فيتحدث عن المبادئ العامة الواجب إتباعها في المجموعة المشار إليها،وبخصوص مقتضيات قانون 12-66 المتعلقة بمراقبة وزجر مخالفات التعمير،فهي تعدد أنواع المخالفات والعقوبات الزجرية لكل حالة على حدة،وكل من القانونين معا يهدف إلى الحفاظ على النظام العام الاجتماعي السائد؛
تجدر الإشارة أن المشرع الجنائي في مقتضيات الفصل 15 منه،نص على أن العقوبات الأصلية إما جنائية أو جنحية أو ضبطية،و بان العقوبات الجنحية الأصلية هي:الحبس والغرامة التي تتجاوز 1200 درهم،واقل مدة الحبس شهر وأقصاها خمس سنوات،باستثناء حالات العود أو غيرها التي يحدد فيها القانون مددا أخرى،كما نص أيضا في مقتضيات الفصل:18 منه،على أن العقوبات الأصلية هي الاعتقال لمدة تقل عن شهر،والغرامة من 30 درهم إلى 1200 درهم،وجاء المشرع من جديد في مقتضيات الفصل 111 منه في الباب المتعلق بأنواع الجرائم ليقول بان الجرائم إما جنايات أو جنح تأديبية أو جنح ضبطية أو مخالفات،على التفصيل الذي عددته على ضوء الفصول أعلاه،أما في مقتضيات قانون 12-66 فهو يتحدث عن المخالفات بعقوبات تصل إلى خمس سنوات حبسا، هذا ما يجعلنا نخلص إلى أن المشرع التعميري خانته اللغة أم لغاية كان يتوخاها من وراء ذلك إن صح التعبير،وهذا ما سنجيب عنه كالتالي:
**على مستوى مظاهر التجريم في قانون 12-66،من حيث الصياغة اللغوية ومقتضيات القانون الزجري ( المجموعة الجنائية والمسطرة الجنائية):
لن أتطرق إلى مجموع المخالفات التي جاء بها القانون الجديد،وإنما سأضع مجموعة من الإشكالات،وسأحاول أن احللها من حيث القواعد العامة الواردة في المجموعة الجنائية وقانون المسطرة الجنائية الساري العمل به في المحاكم الزجرية،ومقارنتها بتلك المنصوص عليها في مخالفات التعمير والبناء على ضوء قانون:12-66 ؛
إن أول ملاحظة يثيرها هذا القانون تبتدئ من اسمه ( القانون رقم:12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات البناء والتعمير)،ولست ادري ما هو السبب الذي دفع بالمشرع إلى الاكتفاء بتسمية المخالفات عوض الارتقاء به إلى مصاف الجنح والجنايات وتسميتها بالجريمة،لان الأمر يتعلق حسب رأي المتواضع بمافيا ولوبيات منظمة تستولي على العقارات بداية،ثم تشيد وتبني بناءات تهدد امن وسلامة المواطن،وذلك على خلاف القانون المصري الذي ارتقى ببعض الجرائم في ميدان التعمير لمصاف الجنايات،خصوصا عندما يثبت الغش في مواد البناء من طرف المقاولين كالحديد والاسمنت بتواطؤ فاضح لبعض المهندسين الذين لا يغادرون مكاتبهم لمراقبة جودة البناء واحترامه لمعايير السلامة ويؤشرون على بياض على رخص المطابقة([7])؛
وكما هو معلوم فالمشرع استحدث مخالفات جديدة،و اتجه إلى التوسيع من قيمة الغرامات المالية،مقارنة بما كان عليه الحال قي القوانين السابقة،بحيث انه في القوانين السابقة كان الحد الأقصى للغرامات تصل إلى نصف مليون درهم،إما بموجب التعديل الجديد فقيمة الغرامات تضاعفت خمس مرات لتصل إلى خمس مليون درهم،كما أن المشرع اتجه إلى إقرار عقوبات سالبة للحرية ؛
الحقيقة أن عددا من المعايير التي يمكن للباحث والممارس ( أي القاضي الذي يعطي الروح للنصوص) الاستناد إليها في حل هذا الإشكال القائم في بعض النصوص الواردة في قانونين:12.90 و 25.90 لكن أحيانا بالتناقض،من ذلك حين تنص مقتضيات القانونين المذكورين،على أن مدة العود في ارتكاب مخالفات التعمير هي سنة،فان ذلك يفيد أن المشرع أراد بهذه المخالفات أن تكون بالفعل مخالفات وليس جنحا ما دامت المدة المذكورة هي تقريبا تلك المنصوص عليها في القانون الجنائي ( اثنا عشر شهرا)،ومع ذلك فاللبس قائم على مخالفات التعمير،إذا ما حاولنا ربطها بمخالفات القانون الجنائي،وسيتضح ذلك بشكل واضح إذا ما أردنا التمييز وإعمال النتائج بين الجنح والمخالفات وتطبيقها على مخالفات التعمير،سواء على المستوى النظري الأكاديمي أو على المستوى العمل القضائي،وما خرج به التقعيد القضائي على مستوى أعلى هيئة قضائية بالبلاد؛
فمن القواعد المستقر عليها في المادة الجنائية،أن إعمال القياس غير جائز،وذلك لان مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص هو الأساس الذي ينبني عليه عدم الجواز هذا،والملاحظ أن المشرع المغربي وهو ينظم الجانب الزجري في مادة التعمير،لم يحترم قاعدة عدم جواز إعمال القياس،ذلك انه ينص سواء في القانون 12.90 المتعلق بالتعمير،أو في قانون:90-25 الخاص بالتجزئات العقارية على تشديد العقوبة المقررة قانونا ومضاعفتها إذا عاد مقترف المخالفة إلى ارتكاب نفس الفعل أو فعل مماثل لما سبق أن ارتكبه وذلك داخل اجل سنة ([8])،وبنفس الصياغة تقريبا ورد في المادة:71 من القانون 90-25 كما غير وتمم بموجب القانون :66.12 انه:( تضاعف العقوبات المنصوص عليها في هذا الفصل إذا عاد مرتكب المخالفة إلى اقتراف مخالفة مماثلة داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم الصادر في المخالفة الأولى غير قابل لأي طعن)؛
وباستقراء للنص،ونصوص المجموعة الجنائية،فانه لا يمكن أن نعاقب شخصا أو نشدد العقوبة في مواجهته بناء على أفعال تماثل الأفعال التي إن قام بها داخل اجل وبشروط يحددها المشرع،لان مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يعد أمرا لا يتعين المساس به،لأنه يمثل الشرعية الجنائية،ومن ثم كان يتعين على المشرع إلا يفتح المجال للقياس والمماثلة بين الجرائم،طالما انه وضع معايير لكل صنف من الجرائم على حدة،هل يتعلق الأمر بالجنايات أو الجنح أو المخالفات،وكان الأجدر إن ينظم العود في التعمير كما هو منصوص عليه في المجموعة الجنائية؛
من زاوية أخرى،حينما نقارن بين فصول القانون الجنائي وقانون التعمير الجديد،فيلاحظ عدم الانسجام بينها من حيث العبارات والألفاظ المستعملة فضلا عن الآثار المهمة التي تترتب على كل عبارة أو لفظ،فعلى سبيل المثال القانون الجنائي يستعمل عبارة اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به،إلا أن المادة 71 من القانون:90-25 استعملت عبارة غير قابل لأي طعن،وهي عبارة لا تحمل نفس المعنى الذي تفيده عبارة الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به،فالحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به هو القابل للتنفيذ ولو كان قابلا لبعض طرق الطعن العادية والاستثنائية،أما الحكم الذي لا يقبل الطعن فهو الحكم النهائي الذي لم يعد بإمكان المتضرر أن يطعن فيه لاستنفاذ طرق الطعن المسموح به قانونا،والفرق شاسع بين العبارتين([9])؛
كما،نص القانون التعميري على عقوبة الشريك وليس المشارك المنصوص عليه في الفصل:129 من القانون الجنائي،نص كذلك قانون 12-66 على انه يعاقب المشاركون بالعقوبات المطبقة على الفاعلين الأصليين ما لم يتعلق الأمر بالجريمة الأشد،وهنا فالمصطلح يتحدث عن الفاعلين الأصليين ولم يستعمل مصطلح مساهم ولم يميز بينهما،وتناول القانون:12.90 والقانون:25.90 المشاركة على التوالي في المادتين:78 و 71-3 إذ جاء فيهما ما يلي:( علاوة على الحالات المنصوص عليها في الفصل :129 من مجموعة القانون الجنائي يعد شريكا لمرتكب المخالفات لهذا القانون ولضوابط التعمير أو البناء العامة أو الجماعية،حسب الحالة،ويعاقب بنفس العقوبة رب العمل والمقاول الذي أنجز الأشغال والمهندس المعماري والمهندس المختص والمهندس المساح الطبوغرافي،في حالة عدم تبليغهم عن المخالفة خلال 48 ساعة من علمهم بارتكابها،وكل من صدرت عنهم أوامر نتجت عنها المخالفة والأشخاص الذين سهلوا أو ساهموا في عملية البناء المخالف للقانون،يعاقب المشاركون المذكورون بالعقوبات المطبقة على الفاعلين ما لم يتعلق الأمر بجريمة اشد)،كما يلاحظ من خلال هاتين المادتين المصاغتين بنفس الأسلوب والتغيير،أن المشرع أضاف حالات جديدة من المشاركة على الرغم من عدم توفقه في اللفظ الذي يستعمله للتعبير عن المشارك،فهو يقول الشريك وليس المشارك رغم أن اللفظين لا يعنيان بالضرورة نفس المعنى،بمعنى أن المشرع خلق حالات جديدة للمشاركة الجنائية ووسع مفهومها إذا ما قارناه بالحالات المحددة التي أوردها الفصل:129 من القانون الجنائي،إلا أن طبيعة الفعل المخالف لقوانين التعمير،والمتمثلة في كونها مخالفات كما سماها المشرع في هذه القوانين تطرح إشكالا حقيقيا يكمن في مدى إمكانية المعاقبة على المشاركة في المخالفات التعميرية علما أن الفصل 129 من القانون الجنائي يستثني المخالفات من قاعدة العقاب على المشاركة،فهل التنصيص على معاقبة المشاركين والتوسع في مفهوم المشاركة الجنائية طبقا لقوانين التعمير جنح وليست مخالفات ([10])،كما يتحدث عن المصطلح الأشد خروجا على المبدأ العام في القانون الجنائي،وان المبدأ العام في القانون الجنائي يقضي بان العقوبة يمكن تحويرها حسب الظروف الشخصية والعينية للجريمة،بمعنى انه يمكن تشديدها أو تخفيفها حسب الظروف المصاحبة للجريمة،وباستقراء العقوبات التي جاء بها القانون الجديد،فهي لا تخرج عن نطاق هذه المبادئ حيث يقوم القاضي بتحديد هذه العقوبة بناء على سلطته التقديرية واستنادا على الحجج المتوفرة لديه كما سيأتي الحديث عنها،في غاية المشرع من العقوبات الزجرية التي أوردها في القانون التعميري الجديد؛
وقد لا حظنا أن النيابات العامة لا تفعل في بعض الأحيان المقتضيات الخاصة بالمشاركة في مخالفات البناء،حيث تبين من بعض الملفات أن ضابط الشرطة القضائية قد أورد في محضر المعاينة اسم المقاول الذي ينجز أشغال المخالفة وأشار إلى انه لم يبلغ عن المخالفة طبقا للمادة 78 من قانون 66.12 والفصل:129 من القانون الجنائي،لكن النيابة العامة اكتفت بمتابعة المخالف دون غيره ([11])؛
و الرأي فيما اعتقد،أن ما سارت عليه النيابات العامة في هذا الصدد،هو التطبيق السليم للقانون فلا يمكن متابعة المشارك في المخالفة طبقا لمقتضيات الفصل:129 من القانون الجنائي،وهذا إشكال قانوني يتعين على المشرع معالجته،أو على الأقل بتغيير التكييف القانوني من مخالفة إلى جنحة حتى تنسجم المتابعة والمبادئ العامة في القانون الجنائي،وليس العكس؛
وتعتبر المحاولة بمفهوم القانون الجنائي من النتائج التي تترتب على التمييز بين أنواع الجرائم ( الجنايات والجنح والمخالفات)،فبالرجوع إلى الفصول:114 و 155 و 116 من القانون الجنائي،يتجلى أن المحاولة لا عقاب عليها في المخالفات البتة؛
إذن،وانطلاقا من استقرائنا لقانون التعمير الجديد،هل تخضع المحاولة في ظل قوانين التعمير للعقوبة أم أنها مستثناة باعتبارها مخالفات،وفي الحقيقة فالمشرع لا يعاقب عليها،وان المشرع يجنح إلى عدم المعاقبة على المحاولة في المخالفة،كما لو انه يكيف مخالفات التعمير على أنها مخالفات فقط طبقا للقانون الجنائي؛
وان كان الأمر كذلك،فانه حسب احد الفقهاء([12])،فالمشرع وقع في تناقضات كثيرة مع نفسه إذ تارة يوحي لنا بان الأمر يتعلق بمخالفات فقط (غياب النص الصريح على العقاب على المحاولة في مجال التعمير)،وتارة يلمح إلى أن الأمر يتعلق بجنح ( العقاب على المشاركة وتجاوز الحد الأقصى للغرامات والعقوبات السالبة للحرية لما يقرره القانون الجنائي بالنسبة للمخالفات..)؛
والى جانب ما ذكر،فان هناك نتائج ذات أهمية كبرى من حيث التمييز بين الجنح والمخالفات،ويتعلق الأمر بالحكم بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ،تبعا للسلطة التقديرية للقاضي وتبعا لظروف كل نازلة وملابساتها،فالفصل:55 من القانون الجنائي ينص على انه :(في حالة الحكم بعقوبة الحبس أو الغرامة في غير مواد المخالفات،إذا لم يكن قد سبق الحكم على المتهم بالحبس من اجل جناية أو جنحة عادية،يجوز للمحكمة أن تأمر بإيقاف تنفيذ تلك العقوبة على أن تعلل ذلك)؛
وباستقرائي لمخالفات التعمير،وربطها بمجموعة القانون الجنائي،فانه لا يمكن الحديث عن وقف تنفيذ العقوبة في المخالفات،وهو ما يميز هذه الأخيرة عن الجنحة؛
وعندما أتحدث عن العقوبات الإضافية إلى جانب العقوبات الأصلية المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي،وخاصة المصادرة،فالفصل:44 من القانون الجنائي،ينص على انه في حالة الحكم بالمؤاخذة عن أفعال تعد مخالفات،فلا يجوز الحكم بالمصادرة المشار إليها في الفصل 43 منه إلا في الأحوال التي يوجد فيها نص قانوني صريح؛
وعندما أتحدث عن الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية،فانه طبقا للفصل:75 من القانون الجنائي،لا يودع داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية،إلا إذا كان متهما بارتكاب جناية أو جنحة أو بالمساهمة أو المشاركة فيها،أما في المخالفات فلا مجال لإعمال هذا الإجراء؛
هذه،بعض الإشارات في قانون الموضوع،وبخصوص القانون الإجرائي نذكر ما يلي:
ففي تقادم العقوبة الحبسية،تبعا لمقتضيات المواد:649 و650 و651 من قانون المسطرة الجنائية،تتقادم الجنايات بمرور 15 سنة،وتتقادم في الجنح بانصرام أربع سنوات،وتتقادم في المخالفات بمرور سنة ميلادية كاملة،فهل تتقادم مخالفات التعمير بمضي أربع سنوات أو بانصرام سنة،الجواب بحسب تكييف المخالفة التعميرية هل هي مخالفات أم جنح،خصوصا عند مؤاخذة المتهم بعقوبة حبسية نافذة من اجل مخالفة من المخالفات الواردة في القانون الجديد؛
وفي التحقيق الإعدادي المنصوص عليه في المادة:83 من قانون المسطرة الجنائية،يظهر أن التحقيق لا يكون إلزاميا إلا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو التي يصل حدها الأقصى 30 سنة،والجنايات المرتكبة من طرف الإحداث وفي الجنح بنص خاص،ويكون اختياريا في باقي الجنايات وفي الجنح المرتكبة من قبل الإحداث وفي الجنح التي يكون حدها الأقصى خمس سنوات أو أكثر،أما المخالفات فلا تحقيق فيها البتة،خصوصا إذا نسب للمخالف احد المخالفات من قبيل إدخال تغييرات على المبنى إما بالزيادة في العلو أو على الواجهة،أو في الاسمنت والحديد الخاص بمساحة المبنى،دون احترام للضوابط التوثيقية و كذا التصاميم المصادق عليها،وتسبب ذلك في القتل العمد أو في حادث فجائي يمس بالسلامة الصحية للمواطن؛
الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية،فبالرجوع لمقتضيات المواد 56 وما يليها إلى غاية:67 من قانون المسطرة الجنائية،فانه لا يمكن الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية من قبل ضابط الشرطة القضائية من اجل البحث في الجريمة والمتورطين في انهيار مبنى دون احترام التصاميم المصادق عليها وتقديم المشتبه فيهم أو المتلبسين بارتكاب الأفعال المخلة بقوانين التعمير،إلا إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة تبعا ما إذا تعلق الأمر بحالات التلبس من اجل فعل يعد جناية أو جنحة،أو من جراء البحث التمهيدي في جناية أو جنحة،ولم ينصص على الوضع تحت الحراسة النظرية في المخالفات،والجواب هنا بحسب تكييف المخالفات التعميرية،هل هي جنح أم جنايات…
وعندما أتحدث عن الاعتقال الاحتياطي أو المراقبة القضائية بتدابيرها الثمانية عشرة،فالأمر يتعلق بالجنح والجنايات،ولا يمكن ذلك في المخالفات البتة،ومن ثم فان القاضي الزجري،كيف يمكن له مسطريا ومن خلال مقتضيات قانون المسطرة الجنائية،تطبيق المادتين:159 و 160 من قانون المسطرة الجنائية تطبيق ذلك في المخالفات،والحال أن الأمر يتعلق بالجنايات والجنح ليس إلا،و ما السبيل إلى النطق بعقوبة سالبة للحرية في مخالفات التعمير،سواء تعلق الأمر بالتسبب في جريمة القتل العمد،بسبب المخالفة،فهل سيكيف الفعل ارتكاب مخالفة من المخالفات التعميرية نجم عنه فعل القتل العمد،أم بجناية القتل العمد عن سبق إصرار وترصد ناجمين عن عدم احترام التصاميم المصادق عليها،وهلم جرة،وكذلك الأمر عندما يتعلق الأمر بالسطو على الأملاك العامة والخاصة للدولة ([13])،وترتكب مخالفات تعميرية على هذا الملك،فكيف يكيف الفعل المخل بالبناء والتعمير،وما السبيل في الحكم على المخالف بعقوبة سالبة للحرية إذا توبع المخالف بقانون 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات البناء والتعمير،ووجد القاضي الزجري نفسه بين مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في واد من جهة، وقانون مخالفات البناء والتعمير في واد آخر من جهة أخرى؛
يعتبر السند التنفيذي ([14]) من مستجدات قانون المسطرة الجنائية،استهدف المشرع من خلاله تقليص وقت البت واختزال المجهودات البشرية والمادية ومنح للنيابات العامة حق اقتراح أداء غرامة جزافية لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للمخالفة،وفي حالة عدم موافقة المخالف تعرض القضية على القضاء للبت فيها وفق المسطرة العادية؛
ولغاية ترشيد المنازعات القضائية في مخالفات التعمير تبنى المشرع في إطار قانون المسطرة الجنائية آلية السند التنفيذي الإداري بحيث أصبح بالإمكان اقتراح أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة التي يقررها للجنحة المعاقب عليها،ويؤدي الاقتراح إلى إنهاء القضية إذا وافق المخالف على الأداء وفي حالة الرفض ترفع القضية إلى القضاء بعد وضع ضمانة مساوية للغرامة المقترحة؛
إلا أن جل المخالفات المنصوص عليها في قانون التعمير يتراوح مبلغ الغرامة فيها بين 10000 إلى 100000 درهم،الشيء الذي يعني عدم إمكانية استصدار السند التنفيذي الإداري في ظل هذا الشرط لكون مبلغ الغرامة يتجاوز المبلغ المطلوب لاستصدار السند التنفيذي الإداري،وهو إشكال قانوني،فقانون التعمير في سكة والقانون المسطري في سكة أخرى،وهو ما ينبغي تداركه؛
وفي نظر الدكتورة السعدية مجيدي،انه يتعين على المشرع الرفع من مبلغ الغرامة ليشمل جميع المخالفات،وإما حذف هذا الشرط بحيث يبقى مبلغ الغرامة بدون تحديد،وان تكون المخالفة مثبتة في محضر أو تقرير،حتى يمكن اللجوء إلى إعمال السند التنفيذي الإداري؛ ([15])
وبخصوص تطبيق الأمر القضائي،المنصوص عليه في المادة:383 من قانون المسطرة الجنائية،فانه حسب المادة المذكورة،يمكن للقاضي في الجنح التي يعاقب عليها القانون بغرامة فقط لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم،ويكون ارتكابها مثبتا في محضر أو تقرير ولا يظهر أن فيها متضررا،أن يصدر استنادا على ملتمس كتابي من النيابة العامة امرأ يتضمن المعاقبة بغرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى المقرر قانونا،وذلك بصرف النظر عن العقوبات الإضافية والمصاريف ورد ما يلزم رده؛
وبالمفهوم المخالف للنص،فانه لا يمكن للقاضي تطبيق الأمر المذكور على المخالفة،فإذا اعتبر الأمر جنحة طبق المقتضى المسطري،غير انه إذا كان مخالفة فلا يمكن تطبيقه بالمرة؛
مسالة أخرى في غاية الأهمية،وتتعلق باستئناف مخالفات البناء و التعمير أمام غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية،فبحسب المادة:396 من قانون المسطرة الجنائية،وخاصة الفقرة الأولى منه التي نصت على انه: (يمكن للمتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية والنيابة العامة استئناف الأحكام الصادرة في المخالفات إذا قضت بعقوبة سالبة للحرية)؛
وبالمفهوم المخالف للنص القانوني،فانه لا يمكن استئناف مخالفات التعمير القاضية بالغرامة فقط،بغض النظر عن مبلغها،تبعا للتصنيف الوارد في القانون الجنائي،إلا أن العمل القضائي كرس تكييف مخالفات التعمير القاضية بالغرامات التي تتجاوز الغرامة المنصوص عليها في تصنيف الجرائم بالمجموعة الجنائية،باعتبارها جنحا ضبطية يمكن استئنافها إلى غرفة الاستئنافات بنفس المحكمة،على سبيل المثال ولا الحصر،القرار الصادر عن غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،([16])جاء فيه:بمؤاخذة المتهمين من اجل ما نسب لهما وعقابهما بغرامة نافذة قدرها 3000 درهم مع تحميلهما الصائر والإجبار في الأدنى و بهدم البناء غير المرخص به على نفقة المتهمين؛
…..حيث إن السيد وكيل الملك تابع المتهمان من اجل الفعل المسطر بصك المتابعة أعلاه؛
وحيث إنه بمراجعة ملف القضية وتفحص وثائقه برمتها،يتبدى أن الحكم المستأنف يكون قد صادف الصواب فيما خلص إليه،ذلك انه بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز من طرف الأعوان المكلفين بمراقبة البناء،يتجلى أن المتهمان تحصلا على رخصة بناء منزل مسكن على مساحة 100 متر مربع بالجهة اليسرى من البقعة الأرضية وعلى بعد 12 متر من الحائط والسياج المرخص به من نفس الجماعة،إلا أنهما قاما بتسييج البقعة الأرضية بواسطة سور من الأجور على علو 04 أمتار تقريبا،وقاما بتشييد 10 صهاريج أرضية تستعمل لتخزين الزيتون، كما قاما بتغيير موقع البناية إلى وحدة صناعية والبناية بمدخل رئيسي كإدارة بحي سكني دون الحصول على التراخيص القانونية،وبالتالي فان الفعل المرتكب يشكل جميع العناصر التكوينية للمخالفة موضوع النازلة ؛
وحيث إن مؤازر المتهمان استدل برخصة السكن،والحال انه لمقارعة الحجج يتعين الاستدلال برخصة بناء تتضمن معطيات محضر معاينة المخالفة المحرر في حقهما من طرف ضابط الشرطة القضائية،حتى يمكن للمحكمة استخلاص الصحيح منها،وليس الاستدلال بوثيقة تتعلق برخصة السكن،والحال أن الأمر يتعلق بمخالفة رخصة البناء تبعا لما هو مضمن بمحضر المعاينة،ومن ثم تبقى الوسيلة مجردة من أي دليل من شانه تبرئة المتهمان من اجل المنسوب إليهما؛
وحيث إن محاضر المعاينة المنجزة من طرف الأعوان المحلفين والمؤهلين قانونا لإثبات المخالفات لأحكام القانون بشان ضوابط البناء والتعمير هي محاضر يوثق بمضمنها حسب مقتضيات المادة : 65 من الظهير الشريف رقم : 31-92-1 المؤرخ في : 17/06/1992 المتعلق بالتعمير،والمعدل بقانون:12-66 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ:19-09-2016؛
وحيث إن الحكم المستأنف جاء معللا تعليلا كافيا وسليما ومحاطا من جميع جوانبه الواقعية والقانونية مما يتعين تأييده مع تبني حيثياته وتعليلاته؛
وحيث إن المستأنف طالما لم يستدل بما من شانه إلغاء الحكم المستأنف جزئيا أو كليا مما يتعين تأييده)؛
وفي قرار أخر صادر عن نفس المحكمة ،([17]) جاء فيه:(… بناء على التصريح بالاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة بتاريخ : 25/02/2019 ضد الحكم الجنحي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ : 23-10-2012 في الملف الجنحي عدد: 24/12 والقاضي:بعدم مؤاخذة المتهم من اجل الاعتداء على حيازة عقار ومؤاخذته من اجل باقي ما نسب إليه ومعاقبته بغرامة نافذة قدرها ثلاثة آلاف (3000) درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى،وبتعويض قدره ألف (1000) درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى و بهدم البناء المخالف؛
….حيث إن السيد وكيل الملك تابع المتهم من اجل الفعل المسطر بصك المتابعة أعلاه؛
وحيث إنه بمراجعة ملف القضية وتفحص وثائقه برمتها،يتبدى أن الحكم المستأنف يكون قد صادف الصواب فيما خلص إليه،ذلك انه بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز من طرف الأعوان المكلفين بمراقبة البناء،يتجلى أن المعني بالأمر تم ضبطه المتهم وهو يقوم بالبناء فوق ارض جماعية بحي عين الدفلة 3 بدون رخصة،وبالتالي فان الفعل المرتكب يشكل العناصر التكوينية للمخالفة موضوع النازلة ؛…
وحيث إن محاضر المعاينة المنجزة من طرف الأعوان المحلفين والمؤهلين قانونا لإثبات المخالفات لأحكام القانون بشان ضوابط البناء والتعمير هي محاضر يوثق بمضمنها حسب مقتضيات المادة : 65 من الظهير الشريف رقم : 31-92-1 المؤرخ في : 17/06/1992 المتعلق بالتعمير،والمعدل بقانون:12-66 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ:19-09-2016)؛
وبحسب رأي الدكتور عبد الكريم الطالب([18])،ان تحديد طبيعة مخالفات التعمير هو الفيصل والأساس الذي عليه يمكن ترتيب نتائج دون أخرى،فالمشرع لم يكن واضحا في تكييفه القانوني لمخالفات التعمير،وإنما تارة يشير إلى بعض القواعد التي تطبق على الجنح وتارة يتبنى بطريقة ضمنية القواعد التي تسري على المخالفات؛
ولذلك فان مخالفات التعمير تعد جنحا للاعتبارات التالية:
الحد الأقصى للعقوبات المقررة لها سواء تعلق الأمر بالجانب المالي أو بالعقوبات السالبة للحرية؛
التوجه الجديد المتعلق بزجر مخالفات التعمير،حيث شدد العقوبات وكثف من آليات المراقبة وخلق هيات جديدة تابعة للولاة والعمال أو للإدارة التي تقوم بالمراقبة ومعاينة المخالفات،علما انه بالمقابل تم تقليص دور رؤساء الجماعات الترابية في هذا المجال مقارنة مع ما كان عليه قبل التعديل؛
الخطورة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي تتمخض عن المخالفات التي ترتكب في مجال التعمير، ولا أدل على ذلك تفاقم البناء العشوائي والمساس بجمالية المدينة،والافتقار إلى ابسط حقوق السكن والعيش الكريم بالنسبة لفئات عريضة؛
الضرب على أيدي المضاربين والسماسرة الذين راكموا ثروات على حساب القوانين الجاري بها العمل،وعلى حساب الفئات الهشة والمحتاجة لسكن ملائم؛
لذلك يتعين جعل مخالفات التعمير جنحا وجنايات في الظروف الراهنة،حتى يتمكن القاضي الزجري من تطبيق جميع القواعد المنصوص عليها في المجموعة الجنائية و قانون المسطرة الجنائية وتجاوز هذه الإشكاليات من الناحية القانونية و على مستوى الممارسة،خصوصا وان بعض الأفعال الإجرامية المرتكبة خطيرة على حياة المواطنين وسلامتهم الجسدية وعلى أموالهم وحقوقهم المالية؛
إن القواعد المذكورة أعلاه،تتعلق ببعض المبادئ المنصوص عليها موضوعا ومسطريا في القانون الزجري أي في المجموعة الجنائية وقانون المسطرة الجنائية على المستوى النظري،أما على المستوى العملي،فنورد بعض الحالات على سبيل المثال ولا الحصر وفق الشكل التالي:
***بخصوص تكييف الوقائع المعروضة على النيابات العامة موضوعا:
إن العمل القضائي،وباستقرائنا لأغلب الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الزجري،يتجلى إن جل المتابعات المسطرة من قبل النيابات العامة في حق المخالفين تبعا لقانون 12-66،تتعلق بالبناء دون رخصة طبقا للمادة:72 منه،دون تبيان لنوع المخالفة أو تبيان الفقرة موضوع المتابعة،وهذا يشكل عيبا مسطريا يتعين على القضاء الراسي أن يتصدى له،تبعا لقاعدة إعادة تكييف الأفعال طبقا لمقتضيات القانون المسطرة الجنائية،وتبعا لقانون الموضوع ( قانون التعمير)،وقد صدرت عدة أحكام وقرارات قضائية قضت بإعادة تكييف بعض المخالفات التعميرية([19])؛
*** بخصوص البت في قضايا التعمير على مستوى قضاء الموضوع:
إن القاضي الزجري ومن مبدأ استقرائنا لنوازل الملفات،ومن خلال الوقائع المعروضة عليه بمجموع معطياتها ووثائقها ومستنداتها،ومقارنتها بالتكييف المسطر من قبل سلطة المتابعة،يجد نفسه بين قانون موضوع لا علاقة له بالمبادئ العامة للقانون الجنائي،سواء من حيث الفعل المنسوب للمخالف تبعا لقانون 12-66 ،تتجاوز فيه العقوبة المقررة مبدئيا في المجموعة الجنائية،ولا من حيث العقوبة السالبة للحرية،و التمييز بين الفاعل الأصلي والمساهم كمبدأ عام،و المشاركة في ارتكاب الفعل تبعا لمقتضيات الفصل:129 من القانون الجنائي،أو الشريك وفقا للقانون الجديد،أو المحاولة في المشاركة في ارتكاب الجنح،أم أن القانون يتحدث عن المحاولة في ارتكاب المخالفة،هذه الأخيرة التي تطرح إشكالا على مستوى القانون،فالمبدأ انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني،أو على الأقل،ألا يحيل القانون الجديد على مقتضيات القانون الجنائي،والنص بالواضح على أن هذه المقتضيات جديدة لا علاقة لها بمقتضيات المجموعة الجنائية وقانون المسطرة الجنائية،وليس بهذه الصياغة التي تختلف لا في مصطلحاتها ولا في معانيها،فعلى سبيل المثال ولا الحصر فالمشاركة في ارتكاب جنحة،ليس هو الشريك في المخالفة،والمحاولة في الجنحة ليس هو المحاولة في المخالفة،والعود في ارتكاب الجنحة ليس هو العود في ارتكاب المخالفة،فلكل له ضوابطه وأمده القانوني بعد الاستدلال بالبطاقة رقم:2 المتعلقة بالسوابق العدلية؛
وصفوة القول،ففي هذه النقط وغيرها الواردة في المجموعة الجنائية و قانون المسطرة الجنائية،أن قوانين التعمير لم تكن موفقة في الخروج عن القواعد المقررة من قبل القانون الجنائي في حالة العود،لان خروجها فيه مساس بحريات الأشخاص وأموالهم؛
الفقرة الثانية: غاية المشرع من حماية قطاع التعمير والبناء بين المستجدات والمقاربة الردعية:
إن فعالية المقتضيات الزجرية التي اقرها المشرع المغربي في القانون 12-66،وعن اثر هذه العقوبات لا المالية ولا السالبة للحرية في الحد أو التقليص من مؤشرات الجرائم التعميرية،نميز بين الأثر العام والخاص؛
إن نجاح أي قانون من عدمه سواء بصدد القانون موضوع الدراسة،أو بموجب قوانين أخرى يتوقف أساسا على مدى تحقق الردع بنوعيه العام والخاص من عدمه،ذلك أن العقوبة وجدت من اجل تحقيق الردع،فمنذ العهود الأولى لظهورها كانت الغاية من إيقاعها إحداث الم في نفس المخالف بما يكفي لارتداعه،وتحقق غاية العقاب من أي عقوبة،ومن ثم فان محددات نجاح العقوبة في إحداث الردع الخاص تم بدراسة مجموعة من المعطيات تهم أساسا خوف المخالف من إنزال العقوبة،ومدى استعداده للتنفيذ ثم العود للجريمة،كما أن المبتغى الثاني المفروض تحققه من العقوبة هو الردع العام الذي يعتبر بمثابة ذلك التخويف الذي يحصل لدى الغير ويدفعهم إلى عدم ارتكاب جرائم مماثلة؛
بخصوص تحقيق الردع العام من عدمه في مجال البناء والتعمير،يمكن القول أن محددات نجاح العقوبة في إحداث الردع العام من عدمه تتمظهر من خلال العديد من المقاييس أهمها درجة تأثر المجتمع بالعقوبة الموقعة على المخالفين،ويمكن التحقق من درجة فعالية العقوبة من خلال استبدال عقوبة بأخرى،والنظر إلى مدى التغير الحاصل في ميدان المخالفات في مجال التعمير بالزيادة والنقصان،فعلي سبيل المثال إذا كان نفس النتيجة يمكن تحصيلها من إيقاع عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد على المتهم،بحيث لا يكون لدى أفراده أي فرق بين العقوبتين في الحد من ظاهرة القتل العمد،فان التقييم المجتمعي سيكون سلبيا في هذه الحالة؛
فان أي تأثير نتيجة تغيير أو استبدال نوع العقوبة بأخرى على ارتفاع نسبة مخالفات التعمير من عدمه وانطلاقا من قوانين التعمير السابقة بالمقارنة مع الجديد،من حيث كون تلك القوانين السابقة كانت تنص على عقوبات سالبة للحرية في حين استغنى المشرع بعدها عن مثل هذا النوع من العقوبات،وجاء القانون 12-66 وأعاد هاته العقوبات إلى الترسانة القانونية الجديدة مع الرفع من مبالغ الغرامات،ما يعني أن القانون الجديد قانون زجري،وان هناك تغيير في الردع الاجتماعي للعقوبات في مجال التعمير؛
غير انه من أسباب عدم تحقق الردع العام الزجري في مخالفات التعمير،هو ذلك التعاطف مع المخالفين،ويتجلى ذلك من خلال الاستياء الشعبي لدى أوساط الطبقات الفقيرة والمتوسطة من سلسلة الحملات التي تنهجها بعض الإدارات وهي بصدد تطهير المجال الحضري من أوجه البناء العشوائي والمخالف للضوابط التنظيمية والقانونية الجاري بها العمل،وان هذا التعاطف يشجع البعض على البناء السري بحجة الظلم الاجتماعي للطبقة الفقيرة فتسعى إلى قلب الموازنة من مخالفة لتستحق الاستهجان إلى حق الفرد في مسكن يؤويه وأفراد أسرته ([20])؛
إن اثر الردع الخاص في العقوبات المنصوص عليها في قانون زجر مخالفات التعمير،هو عدم وجود إحساس بالخوف من طرف المخالفين قبل وأثناء أو بعد محاكمتهم من إنزال العقوبة بهم،ويتجلى هذا المعطى بشكل جلي في غياب اغلب المخالفين عن حضور جلسات المحاكمة بالمقارنة مع باقي الجنح الأخرى،وان جل أحكام الإدانة تقضي بغرامات ضئيلة جدا تقل في غالبها حتى عن مقدار الحد الأدنى المقرر للمخالفة على المستوى النص القانوني؛
والسبب في النزول عن الحد الأدنى،بحسب العمل القضائي،هو تفعيل مبدأ تفريد العقاب،تبعا لشخصية الفاعل وملابسات الجريمة المرتكبة من حيث ظروف التشديد والتخفيف،والبيئة،والمركز الاجتماعي للمدان،وسوابقه القضائية،ومن ثم فان المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية،تقضي بتمكين المخالف من ظروف التخفيف،متى تبين لها أن العقوبة المقررة له قاسية بالنظر لظروفه وشخصيته ([21])؛
وللحديث أكثر ظروف التشديد وظروف التخفيف تبعا لقانون:12-66 والمبادئ العامة في القانون الجنائي،يقتضي منا الفصل بين ظروف التشديد وظروف التخفيف في المجموعة الجنائية،وربطه بمقتضيات القانون الجديد:
بخصوص العود كظرف من ظروف التشديد في مخالفات التعمير ([22])؛
تنص مقتضيات المادة:80 من قانون :12-66 على انه تضاعف العقوبات المنصوص عليها في هذا الفصل إذا عاد مرتكب المخالفة إلى اقتراف مخالفة داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيها الحكم الصادر من المخالفة الأولى مكتسبا لقوة الشيء المقضي به؛
انه بقراءة مقتضيات النص أعلاه،قراءة سطحية يتبدى للقارئ والممارس معا،انه يتحدث عن العود في ارتكاب مخالفة مماثلة داخل اجل السنة الموالية التي صار فيها الحكم نهائيا،إلا انه بالنسبة للممارس،يتعين عليه استحضار المصطلحات الزجرية،ووضع كل منها في المكان المتعين،ذلك أن المشرع ربما قد خانته الدقة في تكييف بعض الأفعال أم لغاية يتوخاها من اجل تشجيع الاستثمار في مجال التعمير،ذلك أن الضوابط التعميرية الواردة في قوانين التعمير لا ترمي بشكل مباشر إلى تشجيع الاستثمار،ولكن تنظم بصورة عامة وغير مباشرة كل ما من شانه أن يحقق التنمية المستدامة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والثقافية والصناعية وغيرها،وهذا عكس ما نجده بالنسبة للإلية التي تم اعتمادها لتشجيع الاستثمار – هذا الأخير في معناه الاقتصادي،الذي يعني التضحية بموارد قيمة في الوقت الحاضر لغرض الحصول على أموال مستقبلية،أما من الناحية القانونية فيقصد منه مجموع المقتضيات القانونية التي تسمح بخلق رواج اقتصادي خاصة فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال سن تشريعات مالية وجبائية مشجعة لعمليات الاستثمار- والمتمثلة في الرخص الاستثنائية التي تمنح لفائدة المشاريع الاستثمارية حسب الدوريات([23])،الصادرة عن القطاعات الحكومية صاحبة الاختصاص،فقانون التجزئات العقارية فرض عددا من الالتزامات التي يتعين على من شاء إحداث تجزئة عقارية أو مجموعة سكنية أو تقسيم عقار احترامها وإلا تعرض للجزاء،وهو ما يعتبر مساهمة من القواعد الزجرية في تشجيع الاستثمار،منها على سبيل ولا الحصر: ضرورة الحصول على الإذن المفروض لإحداث تجزئة عقارية أو مجموعة سكنية أو تقسيم عقار،عدم القيام بإنشاء التجزئات العقارية أو المجموعات السكنية أو تقسيم العقارات في مناطق غير قابلة لاستقبالها بموجب النظم المقررة،عدم القيام بإنشاء التجزئات العقارية أو المجموعات السكنية أو تقسيم العقارات فوق ملك من الأملاك العامة أو الخاصة للدولة و الجماعات الترابية والأراضي التابعة للجماعات السلالية ما لم يتم الحصول على الرخص والأذون اللازمة،عدم الإقدام على بيع أو إيجار أو قسمة أو القيام ببيع أو بإيجار بقعة داخل تجزئة أو سكن داخل مجموعة سكنية ما لم تكن التجزئة أو المجموعة السكنية مرخصة أو حرر بشأنها محضر التسلم المؤقت للأشغال مع اخذ أحكام القانون رقم:00-44 المتعلق ببيع العقارات في طور الانجاز([24]) بعين الاعتبار،وضمانا في الاستثمار ذي منفعة اقتصادية واجتماعية،نص المشرع على معاقبة كل من لم يلتزم بالضوابط المذكورة،وهكذا تم تخصيص عدد من المواد للجانب الزجري سواء في القانون المتعلق بالتعمير أو بالقانون الخاص بالتجزئات العقارية أو بالظهير المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية الصادر في 25 يونيو 1960،وان القانون الجديد زاد في الضمان بالنص على عقوبات زجرية مشددة،كالمعاقبة على البناء فوق الأملاك العامة التابعة للجماعات السلالية وغيرها والتي تعد ضمانة تشريعية تساهم في تشجيع الاستثمارات في المجال العقاري؛
وحسب رأي الدكتور عبد الكريم الطالب([25])،فانه يتعين على المشرع أن يتدخل بواسطة نصوص واضحة لا لبس فيها تربط التعمير والعقار بالاستثمار،وتسهل وتبسط الإجراءات حتى يتم جلب المستثمرين إن على الصعيد الوطني أو الدولي،وهي مناسبة ستتم فيها مراجعة كل النصوص بشكل يجعلها تتلافى الانتقادات والهفوات التي وقعت فيها القوانين الجاري بها العمل حاليا فضلا عن أن ذلك سينهي النقاش المطروح بشان قانونية الدوريات كأساس يعتمد في منح الاستثناء في مادة التعمير؛
كما أن بعض المخالفات نصت بالحرف على عقوبة سالبة للحرية تصل إلى حد عقوبة الجنح التأديبية،ومن ثم كيف يمكن للقاضي إدانة المتهم من اجل مخالفة تعميرية سالبة للحرية بمبدأ اعتبار الفعل أعلاه في حالة عود دون مراعاة للمبدأ العام في النص الجنائي،كما أن النص التعميري يحيل في العقوبات إلى النص الجنائي،دون أن ينص بالحرف بان النص خاص،دون الإحالة على النص العام،وهو ما يثير لبسا،لاسيما وانه لا يعقل أن يطبق القاضي الزجري نصا عاما كقاعدة عامة تتعلق بالمخالفات على فعل يستحق بموجبه الفعل عقوبة سالبة للحرية،هذا إشكال قانوني،يتعين على المشرع أن يتدخل لسد النقص الحاصل،إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص؛
إشكال آخر يتعلق بضم العقوبات عند ارتكاب المدان لعدة مخالفات موجبة لضمها،أو ما يطلق عليه عمليا ( إدماج العقوبات)،فبالرجوع للمبدأ المنصوص عليه في المجموعة الجنائية الفصل:119 منه وما يليه،تجد أن المشرع سمح للمدان بتقديم طلب إلى المحكمة المصدرة للأحكام،من اجل المطالبة بضم العقوبات،وان هذه الأخيرة ميزت بين المخالفات والجنح والجنايات،ولما كان المشرع سمى الأفعال الموجبة لعقوبة سالبة للحرية مخالفات،وان المخالف ارتكب عدة مخالفات بحسب المشرع التعميري،فان المحكمة سيطرح لديها إشكالا قانونيا،طالما أن المدان على سبيل المثال ولا الحصر بعقوبة سالبة للحرية قد تصل إلى حد الجنح التأديبية،ينبغي أن تندرج ضمن مجال الجنح المذكورة،وهو ما ينبغي على المشرع أن يتداركه عاجلا غير اجل؛([26])
بخصوص ظرف التخفيف،فالعمل القضائي دأب في اغلب المخالفات التعميرية المعروضة عليه،أن يمتع المدان بظروف التخفيف وينزل عن الحد الأدنى للعقوبة،استنادا إلى الظروف المشار ليها سلفا،ومن ثم فان مسالة تحقيق الردع بشقيه العام والخاص،لن تتحقق البتة،وهو ما سيؤدي بالعابثين بالقانون إلى ارتكاب المزيد من المخالفات،وهو ما يستدعي من المشرع التدخل لتقنين الجرائم تبعا لتصنيفاتها في مجموعة القانون الجنائي،وإلا سنكون أمام العبث لا محالة؛([27])
المطلب الثاني:مظاهر قصور تشريع التعمير الزجري،وآثاره على الجانب الاجتماعي:
إن نظام مراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والإسكان يتصف بالقصور،كما تدل على ذلك بعض المؤشرات التي يمكن التعرف عليها بالرجوع إلى عدم تحقق اثر الردع الخاص والعام من العقوبات المقررة في القانونية 90-12 و 90-25 المعدلان والمتمان والمنسوخان في بعض مقتضياتهما بقانون:12-66؛
ان عدم تحقيق الردع الخاص يرجع إلى:
لا مبالاة المخالف بالعقوبة؛
عدم حضور اغلب المخالفين لجلسات المحاكمة حيث تبت المحاكم الزجرية بالوصف الغيابي،وتستأنف من قبل النيابات العامة؛
امتناع المخالفين عن تنفيذ الأحكام القضائية والقرارات القضائية بهدم البناءات المخالفة للقانون مما يضر بمصداقية الإدارة والقضاء؛
حالات العود المسجلة التي توضح عجز المقتضيات الزجرية في الضرب على أيدي المخالفين؛
وبخصوص عدم تحقق الردع العام من العقوبات فيمكن ملامسته من خلال ما يظهره بعض المسؤولين من تعاطف مع المخالفين من جهة والذي يستغله هؤلاء لقلب منطق الأمور من مخالفة تستحق استهجان الكل إلى حق الفرد في امتلاك السكن،ومن جهة أخرى من خلال التقليد الجماعي للجريمة إلى حد تحول معه احترام القاعدة التعميرية إلى استثناء وخرقها إلى قاعدة ([28])؛
ويرجع نظام ضعف المراقبة والزجر في ميدان البناء والتعمير،إلى عدة أسباب تتجلى في ضعف الإرادة السياسية لدى المسؤولين عن تطبيق القانون بحذافيره ورضوخهم في الغالب للضغوطات المختلفة الصادرة من المخالفين،واللامبالاة شبه العامة التي تبديها بعض المصالح الإدارية،أضف إلى ذلك التغاضي والتسامح الذي تجنح إليه هذه المصالح،وتفشي الرشوة،زيادة على تعدد المتدخلين في ميدان المراقبة والزجر؛([29])
ولعل أول ملاحظة تطالع الباحث وهو بصدد التركيبة الحالية لمنظومة المراقبة تكمن في تعدد صيغها،وهكذا فان المشرع ميز بينها بهذا الخصوص بين المسطرة المتعلقة بزجر المخالفات المنصوص عليها في القانون رقم:90/12 المتعلق بالتعمير،وتلك الخاصة بزجر المخالفات المنصوص عليها في القانون رقم:90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات،إلى جانب الإجراءات الخاصة بالتصدي لمخالفات الملك العمومي،أو تلك التي تهم أماكن العبادة وأداء الشعائر الإسلامية([30])،فضلا عن تلك التي تتعلق بالتجمعات القروية؛
كما انه لا احد يجادل في أن ضبط قطاع التعمير يعتبر من الضرورات الملحة في كل المجتمعات المتحضرة نظرا لكونه يعد عماد كل التطورات المضبوطة للعمران والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها،بل أن العيش في بيئة سليمة وإطار ملائم يتوقف بشكل أساسي على مدى قدرة السلطات العمومية على وضع ضوابط تعمير محكمة وفرض احترامها بشكل واسع على الجميع بما في ذلك القطاعات الحكومية المختلفة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية؛
ولا يمكن لنا أن نبالغ في الكلام إن قلنا بان مستوى رقي المجتمعات والدول يقاس بمدى التطبيق السليم لضوابط التعمير ووثائقه،وانه بسبب اللامبالاة أو الجهل ولاسيما بسبب الفساد المستشري بمختلف أشكاله كالرشوة والمحسوبية والمحاباة العائلية أو الحزبية،فأكيد أن الإنسان يعيش في بيئة غير سليمة يشكو فيها من تشوهات التعمير والصعوبات الكثيرة الناجمة عنه؛
بالإضافة إلى ما قيل،فان فوضى التعمير تفضي إلى تحمل السلطات العمومية المختصة لتكاليف باهضة تستدعيها إعادة هيكلة الأحياء ومحاربة المساكن الصفيحية والبناءات العشوائية والنقص في التجهيزات والبنيات التحتية الضرورية،ولا مراء في أن النصوص القانونية والتنظيمية تعد أدوات مهمة لضبط التعمير والعمران وفرض احترام مقتضيات التعمير وأنظمته،إلا أن هذه النصوص لا بد لها أن تتطور بفعل حدوث التغييرات والتطورات التي تشهدها بلادنا في مختلف الميادين و إلا صعب تطبيقها واحترامها من طرف كافة الفاعلين والمواطنين،لكن الملاحظ في هذا الخصوص أن نصوص التعمير بالمغرب تظل سارية المفعول لردح طويل من الزمن،ذلك انه حتى الآن يمكن القول بان الإطار القانوني محطات؛
وهكذا كان ظهير 16-04-1914 أول نص في هذا الميدان ( كما سبق الذكر)،ثم تلاه ظهير 1952 المتعلق بالتعمير،وظهير 1953 المتعلق بالتجزئة العقارية وتقسيمها إلى قطع صغيرة،ثم بعد ذلك صدر القانون رقم:90-12 لسنة 1990 المتعلق بالتعمير والمرسوم التطبيقي له والقانون رقم:90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والمرسوم التطبيقي له التي صدرت سنة 1992،وأخيرا قانون:12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير المعدل والمتمم ونسخ بعض مقتضيات قانون:90-12 المتعلق بالتعمير،وقانون 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية،و ظهير 1960 المتعلق بتوسيع العمارات القروية كما سلف؛
وما يلاحظ على المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير،انه يتطور ببطئ شديد،ولا يتغير في كثير من الحالات إلا بعد فترة طويلة،بعد أن تعرف بلادنا تطورات جسام على جميع الأصعدة تصبح معها النصوص مهترئة ومتقادمة ولا تساير حاجيات وانتظارات وتطلعات مختلف الفاعلين علما أن النصوص التي حاكتها وخاصة الفرنسية تتميز بسرعة تطورها وتغيير قواعدها باستمرار لمواكبة ديناميكية المجتمع والأهداف المسطرة في السياسات العمومية المختلفة،لذلك فمن الطبيعي جدا،أن تتميز المقتضيات المتعلقة بالتعمير بكثير من الثغرات ومظاهر القصور والخلل التي لا تسعف على كثير من المشكلات التعميرية وتحقيق الأهداف التنموية وتوفير الإطار الملائم للحياة،لذلك سنتطرق في هذا المطلب إلى بعض جوانب النقص والخلل الذي تعتريها وتتطلب إعادة النظر فيها بعجالة لتطويره وتحسين جودته،لذلك ستكون الفقرة الأولى لرصد بعض الملاحظات السلبية بخصوص قانون التعمير،على أن نعرج لتجليات القصور والخلل في المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير بصفة عامة،ومستجدات قانون 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير بصفة خاصة،وهل الصياغة القانونية لهذا الأخير في حد ذاته كانت وفقا للمبادئ العامة للسياسة الجنائية،أم مجرد قانون لغوي يراعي اعتبارات المجتمع،كفقرة أولى،وماهي أثار القصور التشريعي كفقرة ثانية؛
الفقرة الأولى: مظاهر القصور التشريعي:
عديدة هي الملاحظات والانتقادات العامة التي تميز نصوص التعمير بالمغرب،لكن سنتطرق لبعضها ولأهمها لأسباب وتجليات القصور الزجري في أولا،على أساس التطرق لانعدام الاستراتيجة الواضحة في الانكباب على قانون موحد يصبو إليه الجميع ثانيا؛
أولا: من المؤكد أن كل تشريع قانوني لا يخلو من ملاحظات قانونية سواء من قبل الممارسين أو الأكاديميين،بالنظر أما لطريقة صياغة النصوص شكلا وعدم الإحالة على بعض النصوص الأخرى التي لا تقل أهمية،وبالنظر للتكامل والترابط بين القاعدتين الفرع يتبع الأصل،وتوازيا كذلك للإجراءات وعدم الخروج عن القاعدة القانونية في شكل دوريات أو مناشير،و أما ملاحظات موضوعية،كونها أن الواقع اكبر من تلك القاعدة،أو أن القانون الملزم العمل به،لا ينسجم والقانون الموضوع،لاسيما عندما يتعلق الأمر بالنصوص الزجرية التي جاء بها المشرع بموجب قانون 66-12 وربطها بالمجموعة الجنائية،التي لا مناص أنها خرجت في كثير من الحالات على القاعدة الأم،لذلك فهل القانون الجديد قانوني لغوي كما سبقت الإشارة،أم أن المشرع خانته الصياغة اللغوية،واكتفى بالترجمة الحرفية للنصوص الفرنسية دون إعمال لقاعدة الربط بين مجموع القوانين التي تحكم المادة،سواء منها المسطرية أو لموضوعية عندما يتعلق الأمر بالأنظمة العقارية والأنظمة القانونية الخاصة بكل واحدة على حدة؛
وأكيد أن المشرع دائما عليه أن يسعى عند صياغة النصوص،أن يعقد اجتماعات واسعة النطاق،مع الممارسين في الميدان،لأنه وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها،وإلا وقع في الخطأ،ونحن نعلم أن القاعدة القانونية،تسلك مجموعة من المراحل لكي تصل إلى قانون يعمل به بمجرد النشر بالجريدة الرسمية،وهذا يقتضي زمنا ليس بالهين،وتسخيرا للموارد البشرية والمادية واللوجستيكية من اجل الانكباب على صياغة النصوص القانونية،وهذا يتطلب أيضا ليس كل من هب ودب،سيصيغ النصوص،وإنما يحتاج لكفاءات علمية وعملية،لها تجربة لا يستهان بها،قادرة على الإلمام بالواقع وما تقتضيه الظروف الراهنة،ومواكبة للتقدم والتطورات التكنولوجية،وتطور في الجريمة،وأساليب الاحتيال،وهو ما سنعمل على تحليله في ملاحظات ا،وسنعرج لأسباب القصور وانعدام الرؤية الاستراتيحية ب؛
ا- من أولى الملاحظات التي ينبغي تسجيلها هنا أن نصوص التعمير شانها شان مختلف النصوص الجاري بتا العمل،عادة ما توضع باللغة الفرنسية وتترجم إلى اللغة العربية وأحيانا بشكل متأخر،والسبب في ذلك يرجع أساسا إلى محاكاة النصوص الفرنسية في فترة معينة،وهذا لا يعني طبعا مسايرتها في تطوراتها المتلاحقة،بل فقط الأخذ منها بشكل حرفي رغم عدم ملاءمتها مع الأوضاع المغربية ودون تغييرها مع تغيير مصادرها،ولا شك أن النقل بحذافيره للنصوص الفرنسية له مساوئ كثيرة إذ قد تتلاءم بعض مقتضيات التشريع الفرنسي مع واقعنا،كما أن المشرع المغربي قد لا يأخذ ببعض المقتضيات رغم أهميتها كما سيتضح في حينه،وان الاقتباس من النصوص الأجنبية ليس عيبا في ذاته لكن العيب كل العيب هو النقل الأعمى ومن مصدر واحد،فلا شك أن هناك تشريعات مهمة في دول أخرى غير فرنسا يمكن الاستئناس بها أو اخذ بعض مقتضياتها التي تسعف على حل بعض المشكلات العملية في مجال التعمير ومنها تشريعات بعض الدول العربية على سبيل المثال ولا الحصر،ثم إن المشكلة تكمن في ترجمة النص الفرنسي إلى اللغة العربية فغالبا لا تكون سليمة بل مخالفة لمدلولها الفرنسي مما يحرفها عن الغرض المتوخى ويصعب استيعابها،بل انه في هذه الأحيان لا يمكن فهم بعض المقتضيات بدون الرجوع إلى النص الفرنسي ([31])،فليس من هب ودب يستطيع ترجمة النصوص باللغة الفرنسية إلى اللغة العربية أو العكس،وهنا نلفت الانتباه إلى ضرورة إعداد النصوص المغربية باللغة العربية ثم ترجمتها إلى اللغات الأخرى،لكن هذا يستلزم توفير اطر كفؤة ومتمرسة على ترجمة النصوص ومتحكمة في اللغة القانونية والقضائية والمصطلحات التقنية والخاصة بكل مجال كما هو الحال بالنسبة لقطاع التعمير وإلا كنا تمام نصين مختلفين تماما،وان الاقتباس من النصوص الفرنسية يتعين دراسة الأمور بعمق من طرف متخصصين ذوي التجربة الواسعة لمعرفة ما يجب محاكاته وما لا يجب الأخذ به ومدى انسجام النصوص ذات الصلة أيضا؛
والملاحظة الثانية،فتتمثل في عدم انسجام نصوص التعمير مع النصوص الأخرى ذات العلاقة وعدم تناسقها بل تناقضها وتضاربها معها،ذلك انه في الغالب الأعم توضع قوانين التعمير بمعزل عن دراسة النصوص المرتبطة بها كالقوانين المتعلقة بالأملاك العامة والخاصة للدولة،والمقتضيات الجبائية،ونصوص الجبايات المحلية ونصوص المؤسسات المرتبة والمزعجة والخطيرة والملوثة والنصوص المنظمة للصحة والوقاية الصحية والارتفاقات الإدارية المختلفة كنصوص الارتفاقات العسكرية وارتفاقات السكك الحديدية والملك العام البحري وغيرها ونصوص البيئة والمقالع،والأراضي السلالية،وأملاك إدارة المياه والغابات،دون تحيين الأملاك ولمن تؤول هل لإدارة المياه والغابات أم للجماعات السلالية،ومنح رخصة البناء،دون إشعار للجماعات الترابية بذلك،وان كانت الوثائق المستدل بها لا تثبت إلا الاستغلال المؤقت لملك الجماعات السلالية،وحصول الأخير على رخصة البناء،ومطالبة إدارة المياه والغابات بوقف المعني بإيقاف البناء لعدم حصوله عن رفع اليد من قبل إدارة المياه والغابات،رغم استدلاله برخصة البناء؛([32])
والملاحظة الثالثة أن مقتضيات التعمير لا يتم تقييمها بشكل دوري كما يحصل في الدول المتقدمة لنفض الغبار عنها،وأقلمتها مع التطورات وتحسينها وتغييرها جذريا عندما لا تصبح صالحة للتطبيق؛
ومن الملاحظات التي تستحق إثارتها أن النصوص التنظيمية التطبيقية أما أنها لا تصدر أو تصدر بشكل متأخر للغاية،وهكذا لم تصدر العديد من النصوص المتعلقة بالمراكز المحددة وحدود المجموعات العمرانية التي يشملها تطبيق قانون التعمير ( المادة الأولى منه)،والقوانين التنظيمية المتعلقة بالمراقب وكيفية وإجراءات عمله،ومن هو المراقب،وكيفية تدخله لمراقبة مخالفات التعمير،وأبجديات تحرير المحاضر،وكيفية تحريك المساطر المتعلقة بالمخالفات،وفي بعض الحالات كما هو الشأن للتعمير الاستثنائي([33])؛
وغني عن البيان أن القانون الأخير بغض النظر عن الدوريات السابقة كانت لها الآثار السلبية التي ترتبت على تطبيقها على كافة الأصعدة( التعمير،البيئة…) بعضها سجل في تقارير أجهزة المراقبة أو التفتيش وغيرها كان آخرها التقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي اعتبر أن الاستثناء المقرر لا وجود له في الدول الأخرى وانه استعمل بشكل مفرط أدى إلى اختلالات كبيرة وخطيرة يصعب تصحيحها وساهم في هدر وثائق التعمير التي تتطلب وقتا طويلا لانجازها وإمكانيات مادية ومجهودات هامة من دراسات واجتماعات واستشارات وفي نهاية المطاف لا يتم احترامها،كما اعتبر المجلس المذكور أن اغلب المشاريع المستفيدة من الاستثناء وفرت مناصب شغل تتسم بالهشاشة والموسمية لارتباطها بالعقار ( مشاريع عقارية) كما أن آثارها السو سيو مجالية سلبية للغاية مثل السكن الاجتماعي،أضف إلى ذلك أن الترخيصات لا تتم بنوع من الشفافية كما أنها تضاربت مع التوجهات الكبرى لوثائق التعمير رغم بعض الايجابيات التي أفضت إليها؛
ويستلزم الأمر كذلك وضع نص للتعمير ولو مطول ( في مؤلفات) أو مدونة يشمل جميع المقتضيات المنظمة لهذا القطاع بدل ترك المقتضيات مشتتة في مجموعة من النصوص،يرجع بعضها إلى الحقبة الاستعمارية ([34])،ثم انه من الضروري ملائمة قانون التعمير مع القانون التنظيمي رقم:14-113 المتعلق بالجماعات([35])،بل أن ظهير 25-06-1960 المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية،لا زال النص الأساسي الذي ينظم التعمير بالوسط القروي رغم المستجدات التي جاء بها قانون:12-66 المتعلقة بمراقبة وزجر مخالفات التعمير ؛
وتجدر الإشارة،إلى أن عدم وجود قانون للبناء إلى جانب قانون التعمير كما يحصل في كثير من الدول علما بان كثيرا ما يتم الخلط بينهما أو تدرج فقط بعض المقتضيات المنظمة للبناء في نصوص التعمير،فقانون التعمير ينظم التعمير العملياتي أو التنظيمي أو التقديري،كما يضم القواعد المتعلقة بتهيئة المدن بهدف تنظيم الحياة الاجتماعية لتحقيق الصالح العام،كما انه يحدد مجموعة من الميكانيزمات التي تمكن الإدارة من التحكم في المجال ( الأرض) وانجاز العمليات التعميرية وقواعده تهم مواقع إقامة البنايات وتخصيصها وطبيعتها وهندستها وحجمها وتطهيرها وتهيئة محيطها ([36])،كما أن المشرع لم يعرف المحلات المعتمرة،وما المقصود بها في قانون 12-66 الجديد؛
وعموما،إذا نحن استطلعنا مقتضيات التعديل التشريعي الأخير،ودققنا في طبيعة مضامينه،تبين لنا بشكل جلي حجم القفزة النوعية التي شهدتها فلسفة السياسة الجنائية على مستوى زجر ومعاقبة مخالفات التعمير،فهاته السياسة الجنائية على مستوى زجر ومعاقبة مخالفات التعمير،لم تتوان مطلقا لأول مرة في تاريخ التشريع المغربي عن سن عقوبات حبسية في حق المخالفين لقوانين التعمير من جهة،وعن الرفع من مبالغ الغرامات التي يمكن للقاضي الحكم بها في حق المدانين إلى حد يمكن وصفه بالرادع نسبيا،من جهة أخرى؛
إلا انه بالرغم من لجوء المشرع الجنائي إلى تغيير تكييف العديد من الأفعال المخلة بقانون التعمير،من مجرد مخالفات بسيطة يعاقب عليها بإجبار المخالفين على أداء غرامات بسيطة وتافهة في اغلب الحالات،إلى جنح معاقب عليها بالحبس مع أداء غرامات مهمة أو بدونه،فان الفلسفة الجنائية لا زالت تفتقد إلى الفعالية والنجاعة المطلوبتين،والملاحظ أن تجريم الأفعال المخلة بقوانين التعمير لا زال لم يبلغ بعد المستوى المطلوب من الحزم والجدية،على اعتبار أن جانبا مهما من الخروقات قد تم تكييفها فقط كمخالفات،ومن ثم لم ينص في حق مقترفيها سوى على الحكم بغرامات،كما أن جانبا آخر من الخروقات لا يمكن العقاب عليه بعقوبات حبسية إلا في حالة عود المخالف لاقتراف نفس المخالفة داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم الصادر في المخالفة الأولى حائزا لقوة الشيء المقضي به،أضف إلى ذلك جانبا ثالثا من الخروقات قد خير المشرع بشأنه القاضي بين الحكم على المخالفين بعقوبة حبسية وبغرامة مالية أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط؛
وعلى الرغم من سعي المشرع إلى بسط ملامح الصرامة على التعديل القانوني الجديد،عبر إضفاء صفة الشريك المعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي على كل من رب العمل والمقاول الذي أنجز الأشغال والمهندس المعماري والمهندس المختص والمهندس المساح الطبوغرافي،في حالة عدم تبليغهم عن المخالفة خلال 48 ساعة من علمهم بارتكابها،وكذا على كل من صدرت عنهم أوامر نتجت عنها المخالفة أو سهلوا أو ساهموا في عملية البناء المخالف للقانون،وترتيب ضم الغرامات عن واقعة تعدد المخالفات،مع تشديد العقوبات برفعها إلى الضعف في حالة العود داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم الصادر في المخالفة الأولى مكتسبا لقوة الشيء المقضي به،فان السياسة الجنائية المعتمدة على هذا الصعيد ستبقى بكل تأكيد قاصرة عن بلوغ الأهداف المتوخاة منها،نظرا لاحتفاظ منظومة المراقبة بعدد لا يستهان به من الاختلالات النسقية المؤكدة التي كانت تتهددها وتعوق أداءها في ظل التشريع السابق على تبني قانون رقم:12-66؛
ب- أسباب وتجليات القصور الزجري: إن قانون 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير،جاء لسد الاختلالات التي تعتري المنظومة السابقة،والتي كانت تتضمن مجموعة من النقائص كانت نتيجة لعدة أسباب يمكن الإشارة إليها في القواعد الموضوعية و المسطرية لزجر مخالفات التعمير أولا،وأسباب تتعلق بانعدام إستراتيجية متكاملة للإصلاح التعميري ثانيا؛
1- إن المشرع حينما اوجد متدخلا جديدا بموجب قانون:12-66،ويتعلق الأمر بالمراقب كضابط شرطة قضائية،من بين الجهات المكلفة بمعاينة المخالفات والبحث فيها،اغفل الحديث من جديد عن القوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية،وهو الخطأ الذي وقع فيه في القانون القديم،لاسيما أن المشرع التعميري لم يحل على مقتضيات قانون المسطرة الجنائية ولو بإشارة لفظية على وسائل الإثبات المنصوص عليه في القانون المسطري المذكور،وهو ما يطرح مسالة اعتبار محاضر الضابطة القضائية مجرد معلومات،يمكن مناقشتها مجلسا على مستوى محاكم الموضوع بوسائل إثبات جديدة،أما بواسطة الشهود،أو بوسائل إثبات أخرى طبقا لمقتضيات المادة:288 من قانون المسطرة الجنائية ([37]) تبعا للسلطة التقديرية المخولة للسادة القضاة في هذا الصدد،وهو ما يطرح مدى مشروعية ([38]) المحاضر أو التقارير المنجزة في ظل غياب تصريحات الجاني أو المخالف كما سماها المشرع وغياب توقيعه أو بصمته وعبارة تليت عليه تصريحاته فوافق وابصم على ذلك ووقعنا معه كما نصت على ذلك المادة 24 من القانون المسطري المذكور؛
وان كانت الممارسة العملية،تعتبر أن محاضر الضابطة القضائية بشان التثبت من المخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت ما يخالفها،وانه لا يجوز الطعن فيها إلا بالزور ([39])،فان الأمر في حاجة إلى إعادة الصياغة القانونية كما هو عليه الأمر في القانون الجمركي،وقانون إدارة المياه والغابات،ومن ثم ترك الأمور هكذا تجعل من النص القانوني غامضا يطرح أكثر من تأويل،في ظل اعتبار المشرع بعض الأفعال المعاقب عليه بعقوبات حبسية إلى خمس سنوات مخالفات ليس إلا؛
أما أوجه القصور الأخرى،فتتعلق بوجود جنايات وليس جنح ولا مخالفات،كما نص على ذلك المشرع في القانون الجديد،فانهيار المباني بسبب تواطؤ المقاولين والمنعشين العقاريين والمهندسين في عملية عدم احترام شروط السلامة في البناء،وما أسفرت عنه من سقوط العديد من الضحايا،بسبب عدم احترام الشروط المتطلبة في تعلية البناء إلى أكثر من ست طبقات أو دون احترام العلو المتطلب،أو الحديد المتطلب في البناء والمتانة،وانعكاسه على متانة البناية،وما يطرح أكثر من تساؤل،على خلاف الأمر بالنسبة لبعض التشريعات المقارنة،وعلى سبيل المثال ولا الحصر،ما نص عليه القانون المصري بشان استئناف أعمال مباني سبق وقفها بالطريق الإداري ( تنص المادة:22 من القانون 76-100 بمثابة قانون لتنظيم التعمير المصري على انه:) يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه،ولا يتجاوز قيمة الأعمال المخالفة،أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يستأنف أعمال سبق وقفها بالطريق الإداري،على الرغم من إعلامه بذلك على الوجه المبين بالمادة 15)؛
إلا انه رغم ما نص عليه المشرع التعميري من عقوبة حبسية في حالة العود،وخروجا عن المبادئ العامة في المجموعة الجنائية،فالمشرع لم يميز بين المخالفة والجنح الضبطية والتأديبية،خصوصا وان القاضي الزجري يحتكم إلى المبادئ العامة للقانون الجنائي،بخصوص تخفيف العقوبة وتشديدها تبعا لظروف كل جريمة وملابساتها على حدة،فكيف أن المشرع يتحدث عن المخالفة التعميرية ولم ينص على أنها جريمة في حالات عدة أفرزت عنها التجربة الميدانية،وكثرة البناء العشوائي عن قصد وإصرار كالبناء الليلي،ولوبيات ومافيا العقارات التي تخالف تصاميم البناء الغير قابلة للتغيير بتواطؤ مع المقاولين و المهندسين،وهذا إشكال قانوني،يطرح مسالة القياس على القانون الجنائي،فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني؛
2- من المؤكد جزما،أن قطاع التعمير،ما زال بعيدا عما يتوخاه الفاعلون في الحقل القانوني،أو الممارسون سواء السلطة الإدارية،وضباط الشرطة القضائية،أو على مستوى المحاكم الزجرية بخصوص الفصل في المخالفات التعميرية،ذلك أن قطاع التعمير لم توضع له رؤية إستراتيجية واضحة في إخراجه من العبث وانعدام التنظيم الذي لا زال فيه،رغما عن كثرة المتدخلين،ذلك أن التجربة والممارسة الميدانية أثبتت محدودية التشريعات المعمول بها في ميدان التعمير لان المجال الترابي يحتل أهمية كبيرة بالنسبة للدولة،لذلك تلجا إلى تنويع الاستراتيجيات والآليات الساعية إلى ضبطه وتنميته ([40])،لان تحقيق الأهداف المرجوة من التعمير لا يتأت إلا بإصلاح إداري سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي أو المحلي،مع وضع إطار قانوني محدد بشكل واضح يبين اختصاصات ومسؤوليات كل الفاعلين الإداريين في ميدان التعمير والتهيئة المجالية،وإبعاد هذا المجال عن كل احتكار سياسي الذي بات عائقا محوريا يحول دون ارتقائه؛ ([41])
كما أن القانون الجديد رقم:12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات،لم يكن قانونا مستداما،فإذا كان المشرع قد عمل من خلاله على تكييف قواعد القانون الإداري للتعمير مع نصوص اللامركزية،غير انه لم يعمل بالموازاة مع ذلك على إدراج البعد البيئي كأحد اهتمامات قانون التعمير؛
وان الاهتمام بالبعد البيئي فيما يتخذ من قرارات،لم يعد فقط حكرا على التراخيص المتعلقة بفتح المحلات المضرة بالصحة والمحلات المزعجة والمحلات الخطرة،([42]) وإنما على كل القرارات كيفما كان نوعها،ولا سيما فيما يتعلق بعمليات التعمير والبناء،والأكثر من هذا،لقد انتشر تصور حديث يؤكد العلاقة الحتمية بين التعمير بالبيئة كأحد أهم وابرز مقومات التعمير المستدام؛
إن النظم المقارنة،وخاصة فرنسا،قد حددت تصوراتها لتطبيقات التعمير المستدام،كما مكنت عدة تحليلات تبعا لذلك من معرفة أن تجاوز اختلالات السياسة العمرانية يبدأ من تسطير العلاقة بين قانون التعمير وقانون البيئة ([43])،فالاهتمام بالاستدامة أضحى مفروضا في توجهات سياسة التعمير،كما انه يحتم على المتدخلين في القطاع تجاوز الاهتمامات التقليدية لأجل تجديد حضري مواكب لتغيرات المحيط البشري و السوسيو اقتصادي؛
إن نصوص القانون:12-66 لم تحل ولو بشكل عرضي على القانون الإطار 12-99 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة([44])،أو على القوانين رقم:11-03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة([45]) و رقم:12-03 المتعلق بدراسة التأثيرات على البيئة ([46])وغيرها من قواعد القانون العام للبيئة،فبالأحرى أن يستأثر اهتمامها بالتشريعات المتعلقة بالطاقة ودراسة التأثيرات المتعلقة بها على عمليات التعمير والبناء؛ ([47])
الملاحظ في ميدان البناء والتعمير،أن الأحكام غالبا ما يتم إصدارها غيابيا،الشيء الذي يثير إشكالا بخصوص وضعيتها حيث لا تكون نهائية أو قابلة للتنفيذ لكون آجال الطعن لا تبتدئ بالسريان إلا من تاريخ التبليغ ([48])،وان المشكل يرجع إلى عدم دقة المحاضر وخاصة فيما يتعلق بعنوان المخالف من جهة وبشكل أساسي إلى عدم التعاون الضروري بين الإدارة و الجماعات،فيما يخص إحالة نسخ من الرخص المحالة على السلطة المحلية،وهذا يؤدي إلى إهمال العديد من قضايا المخالفات ولا يقدم المساعدة لكتابة الضبط للقيام بمهامها في هذا المجال؛
ولا بد من التذكير بان ميدان البناء والتعمير يعرف العديد من الاختلالات سواء تلك التي تتعلق بالتجريم أو العقاب؛
إن عملية التجريم في حالة المخالفات تبقى جد محدودة،وهذا يؤدي إلى بقاء العديد من الجرائم دون عقاب،فوجود مجموعة من الثغرات القانونية يحد من فاعلية قانونية التعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات،فقد توجد الجريمة المخالفة،إلا أن المخالفة إذا كانت تتضمن غير اسم المال الحقيقي للعقار،يطرح مسالة صعوبات التنفيذ،أو في حالة أخرى إذا ما كان العقار المعني موضوع استيلاء من قبل النصابين،وظهور مالك العقار الحقيقي،وهذا يطرح مسالة النصب على عقار الغير موضوع مخالفات التعمير،وهذا قصور تشريعي يتعين على المشرع التدخل عاجلا،لسد الفراغ التشريعي،خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأملاك العامة للدولة أو الأملاك الوقفية؛
وتجدر الإشارة إلى أن مجال التجريم فيما يخص البناء والتعمير ضيق جدا مقارنة بمثيله في بعض الدول العربية،فعلى سبيل المثال مصر نجد القانون يجرم مخالفات استئناف إعمال مبان سبق إيقاف العمل بها بالطريق الإداري،جريمة البناء بدون موافقة ما يسمى بلجنة الاستثمار،جريمة البناء خارج خط التنظيم،جريمة عدم تنفيذ القرار أو الحكم النهائي بالإزالة أو لتصحيح أو الاستكمال،جريمة عدم الترخيص في الميعاد،وهناك جنح أخرى لم يرد ذكرها في التشريع المغربي على الرغم من أهميتها لحماية المجال وتفعيل مقتضيات شرطة التعمير؛ ([49])
أيضا،هناك نقائص تعود إلى الاختلالات التي لها علاقة أما بالعقوبات الأصلية أو العقوبات الإضافية،وبالرجوع إلى قانون:12-66 المعدل والمتم لقوانين:90-12 و 90-25 و ظهير:1960،فلم ينص إلا على غرامات،وفي حالات استثنائية على الحبس النافذ،خروجا عن المبادئ العامة في المجموعة الجنائية،على خلاف الأمر في بعض الدول المقارنة فنصت على عقوبات حبسية و سجنية سالبة للحرية كفرنسا ومصر،إلا أن القانون المغربي على خلافه؛
وتجب الإشارة إلى أن الغرامات المنطوق بها في الأحكام تبقى إلى حد هزيلة مقارنة بما ينص عليه قانون التعمير وقانون التجزئات،ومقارنة كذلك بتكلفة الرخصة إلى درجة أن المخالفين يفضلون دفع الغرامة عوض تأدية تكلفة رخصة البناء؛
والغريب في الأمر هو أن المشرع المغربي كما سلف الذكر حبس العقوبات التعميرية الأصلية في الغرامات المالية حتى في حالة المخالفات الماسة بسلامة المواطنين والتي تؤدي أحيانا إلى الجرح والموت كما حدث بمدينة فاس نتيجة الغش في البناء وعدم احترام ضوابطه مؤدية إلى عشرات القتلى والجرحى؛ ([50])
ورغم تزايد نسبة المباني الآيلة للسقوط بسبب عدم احترام القواعد الفنية والقانونية في تشييدها،مما يجعل حياة المواطنين مهددة باستمرار بسبب جشع المضاربين العقاريين الذين لا يكترثون بالخطر المحدق بالمواطنين من جراء انهيار البنايات المغشوشة،فان المشرع المغربي لم يجرم هذه المخالفات الخطيرة من خلال البناء والتعمير،رغم طبيعتها الإجرامية ولم يفرد عقوبات رادعة متناسبة مع الأضرار التي تنجم عنها،لكن تجريم هذه الأفعال يجد أساسه في القانون الجنائي باعتباره القانون العام الذي ينظم تجريم وردع كل الأعمال التي لم يرد بخصوصها نص خاص،مثلما هو الحال بالنسبة لميدان البناء والتعمير؛
فالمسؤولية الجنائية عند القيام بهذه المخالفات تقوم بمقتضى الفصول: 432 و 433 و540 من القانون الجنائي،كلما تسبب انهيار البناء في مقتل أو جرح غير عمديين،أو في حالة ثبوت نصب أو احتيال في عملية البيع أو إيجار عقارات مبنية،وتتسبب في أضرار لمقتنيها أو مكتريها؛
إلا انه ما يعاب على القانون الجديد انه لم يحل عل مقتضيات الفصلين:432 و 433 من القانون الجنائي،والذي جاء فيها انه:(من ارتكب…بعدم مراعاته النظم أو القوانين)،وهذا قصور خطير،يتعين على المشرع تداركه،مادام أن حالات انهيار المباني بسبب الغش،تكررت في الآونة الأخيرة بشكل خطير،بل الأدهى من ذلك لا بد من النص في مشروع قانون 18-29 المتعلق بتنظيم عمليات البناء على عقوبات سجنية،حتى يكون المنعش العقاري والمقاول والمهندسين وغيرهم،على بينة من أمرهم؛
كما أن الممارسة العملية أبانت عن محدودية الضبط الإداري([51]) وضعف التاطير والدراية القانونية،وعدم تحديد المسؤوليات،فبالنسبة للوسائل المادية هناك بعض المؤسسات المتدخلة لا تتوفر على اللوجستيك المتطلب بغية التنقل إلى عين مكان المخالفة التعميرية،وتحرير المحاضر بخصوصها،كما أن الجهات التي خول لها المشرع القيام بمهمة انجاز الأخير أي المحاضر،ليس لها التكوين القانوني المتطلب في تحرير المحاضر،وخاصة ما يتعلق بهوية المخالفين وبالأحرى كيفية تضمين ما عاينوه،واخذ التصريحات من المخالفين،والأسئلة والأجوبة بخصوص المتعين،إذ كثيرة من التقارير وليس المحاضر التي كانت تنجز من قبل تقنيي الجماعات أي الموظفين الذين كانوا تابعين للجماعات المحلية المخول لهم تحرير محاضر المخالفات،لا يتوصلون إلى هوية الفاعلين،بل يشيرون إلى المخالف باسمه الشخصي والعائلي ليس إلا،ونذكر الاسم الثلاثي،ذلك أن تضمين الهوية الكاملة ببطاقة تعريف الوطنية،له اثر على مستوى تنفيذ الحكم القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به،إذا قضى بهدم البناء المخالف على نفقة المعني بالمخالفة أو مطابقة الأشغال،كما لا تتضمن المحاضر ما يفيد توقيع المخالف على المحضر المنجز،بل مجرد تقرير أنجز من طرف التقني بشكل شخصي وهو ما يطرح مسالة الطعن بالزور في التقرير ([52])،طالما أن محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمنها؛
ومن بين الأسباب الكامنة وراء تدخل المشرع مؤخرا،عدم تحديد المسؤوليات الناجمة عن تعدد المتدخلين،وكلما تعددوا كلما تعددت إشكال الاتكالية وإلقاء المسؤولية على الآخر؛ ([53])
والرأي فيما اعتقد،أن السبب وراء الوقوع في نفس الأخطاء سواء من حيث الصياغة اللغوية للنصوص القانونية،أو من حيث موضوعه في ارتباط بواقع التطورات وانسجاما مع باقي القانونين ذات الصلة بالتعمير،و اقصد القانون العقاري برمته،هو انعدام رؤية مجتمعية،تصبو لتحقيق أهداف التنمية المنشودة،والجلوس للطاولة بشكل واضح،يجعل من الثوابت المقدسة،والمصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار،إذ يمكن الحديث مثلا عن وضع تصاميم إعداد التراب الوطني والتعمير على مستوى الإدارة المركزية،دون مراعاة لخصوصيات كل مدينة من مدن المملكة،ودون تشاور مع أهل الدار،بشكل يراعي ثقافة كل مدينة على حدة،وأخذا كذلك بالتطورات التكنولوجية،ومراعاة لجمالية المدينة بشكل ينسجم وواقع كل بيئة([54])،تبعا لما يتطلب واقع كل جهة،وهو ما يطرح إرساء قواعد الجهوية المتقدمة واقعا،لتحقيق التنمية المنشودة،وعلى مستوى المخالفات التعميرية وهو موضوعنا،فينبغي على المشرع إعادة النظر في التسمية ([55])،مادام أن لوبيات العقار ومافيات السماسرة في ذات المجال،وكل من تواطؤ معهم،يصبون لتحقيق الربح السريع على حساب شروط السلامة المتطلبة في البناء والمواد المستعملة،دون احترام للحق في الحياة في بيئة سليمة،وفي بناء تراعى فيه شروط جمالية المدينة إعمالا لمبدأ الحكامة الجيدة عبر ربوع المملكة؛
الفقرة الثانية:آثار القصور التشريعي بين قوانين البناء و التعمير و القانون الزجري:
إن المشرع المغربي حينما أورد مجموعة من النصوص القانونية بخصوص الأشخاص المؤهلين لتحرير مخالفات التعمير مسطريا،والعقوبات المقررة لكل مخالفة من المخالفات المضمنة في محضر المعاينة،خرج عن المبادئ القانونية المقررة في قانون المسطرة الجنائية،والمجموعة الجنائية،ذلك انه إذا كان الأصل على سبيل المثال ولا الحصر،انه يتعين على ضابط الشرطة القضائية التقيد بمقتضيات المادة:24 من قانون المسطرة الجنائية بشان تحرير المحاضر والبيانات اللازمة من هوية المخالف كاملة،وما عاينه الضابط وما سال بشأنه،وما سمعه من المخالف،وإمضائهما،فانه لم يكن موفقا بهذا الخصوص،طالما أن إحالة القانون الجديد على المادة المذكورة من قانون المسطرة الجنائية،لم يمكن المخالف من ضمانات المحاكمة العادلة في إطار دستور 2011،ومن بينها الطعن بالزور في المحضر المنجز من قبل ضباط الشرطة القضائية طبقا لمقتضيات المادة:290 من قانون المسطرة الجنائية،أو تمكين الضابط قانونا من طريقة انجاز البحث التمهيدي والتلبس تحت إشراف النيابة العامة المختصة،والوضع تحت الحراسة النظرية لفائدة البحث والتقديم،ولا حتى طريقة تضمين المخالفة في المحضر طبقا للقانون،وتبعا للضمير المهني،وكيفية تحريك المساطر القانونية في حالة تواطؤ المتدخلين في مشروع البناء المخالف،وإحالة قانون التعمير الجديد على مقتضيات المسطرة الجنائية بشان تحريك المساطر في حق المجهول بغية البحث والوصول إلى الحقيقة عندما يتعلق الأمر بلوبيات العقار المتسببين في وفاة المواطن عن عمد وسبق إصرار وترصد،الناجم عن عدم احترام شروط السلامة في مواد البناء،والدفع ببطلان المحاضر المنجزة من طرف الضباط الذين لم يتقيدوا بمقتضيات المادة 24 المذكورة أعلاه،تبعا للمادة:751 من قانون المسطرة لجنائية،وضرورة الاستعانة بالدفاع عند تحرير المحاضر،وإشعار المخالف بجميع الحقوق شانه شان باقي المحاضر بما في ذلك الحق في الصمت طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية،فضلا عن انه لا يجوز القياس على مجموعة القانون الجنائي،إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص،ومن ثم فلا يمكن مثلا :قياس حالة العود المتعلق بعقوبة المخالفة بالحبس داخل اجل سنة من تاريخ حيازة الحكم لقوة لشيء المقضي به،أو غير قابل للطعن كما نص على ذلك المشرع في قانون التعمير الجديد،فضلا عن أن المشرع نص على عقوبات تصل إلى حد الحبس إلى خمس سنوات نافذة بالمخالفة،ولم يسميها بالجنح الضبطية أو التأديبية أو الجنايات حتى، والإحالة على المجموعة الجنائية صراحة،علما أن القاضي الزجري المحال عليه مثل هذه القضايا من طرف النيابة العامة،تولى تسيير الجلسة طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية،ويمكن المخالف من حقه في تنصيب محام طبقا للمادة:385 من قانون المسطرة الجنائية،ويبحث مع المخالف طبقا لمقتضيات القانون الأخير،ويفتح باب المناقشة طبقا للقانون المشار إليه،أما موضوعا فهو يطبق مبدأ تفريد العقاب طبقا لمقتضيات المجموعة الجنائية،ولا يطبق القانون الجديد بحذافيره،كما سبقت الإشارة ؛
إن محضر المعاينة الذي ينجز من طرف ضباط الشرطة القضائية والمراقبين ( في انتظار اللائحة الاسمية بقرار مشترك من السلط الحكومية المكلفة)،تعد من الوثائق المهمة في الملفات التي تعرض على القضاء،لهذا يجب أن يتضمن المحضر البيانات والشروط الضرورية واللازمة التي تجعله أساسا صحيحا لقبول المتابعة،كما تتجلى أهمية هذا المحضر من كونه موثوق بمضمونه ما لم يثبت ما يخالف ذلك كما سبق الذكر؛
ولا يمكن لمحضر المعاينة أن يتوفر على قوة الإثبات القاطع،إلا إذا كان صحيحا في الشكل وضمن فيه المأمور بوضعه وهو يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شان الأمور الراجعة إلى اختصاصه (المادتين:24 و 292 من قانون المسطرة الجنائية (حيث لا يقبل الطعن فيه إلا بادعاء الزور،لكن من الملاحظ رغم كل النصوص القانونية المتوفرة ( المادة:16 من قانون المسطرة الجنائية،فالسيد وكيل الملك باعتباره ضابطا ساميا،هو الذي يشرف ويسير إعمال ضباط الشرطة القضائية المكلفين بضبط المخالفات عن طريق إرجاع المساطر الناقصة أو المنشورة أو المشوبة بعيب مسطري وحثهم على إضافة البيانات المتعلقة بالهوية الكاملة للمخالف لضمان الحد الأدنى لقبول المتابعة أمام هيئة الحكم،وقد صدر في ذلك أيضا كتاب رئاسة النيابة العامة يحث فيها السادة وكلاء الملك على التأكد من شكليات المحاضر وخاصية هوية المخالفين وما يطرح ذلك من صعوبات على مستوى تنفيذ الأحكام القضائي،وان العديد من محاضر المعاينات تعتريها عيوب منها:
عدم ذكر الهوية الكاملة للمخالف كاسمه الكامل،اسم الأب،الجد،وتاريخ الازدياد،مكان الازدياد،الحالة العائلية؛
عدم بيان مهنة المخالف والإدارة التي ينتمي إليها إذا كان موظفا لكي يتم إشعار الوكيل القضائي للمملكة؛ ([56])
عدم الدقة في تحديد عنوان المخالف وخاصة في المدار القروي؛
عدم وصف المخالفة وصفا دقيقا؛
عدم الإشارة إلى صفة محرر المحضر ودرجته الإدارية ومرجع استيفاءه لليمين القانونية؛
إن استمرار مثل هذه العيوب،وتكرارها في المحاضر يؤديان إلى عدة آثار قانونية سلبية تتمثل أما في حفظ النيابة العامة للمساطر،أو في عدم قبول المتابعة من طرف المحكمة،وهو ما يحد من فعالية القضاء الزجري في مقاومة الخروقات والمخالفات في التعمير والبناء؛
وفيما يتعلق بتحريك الدعوى العمومية،فالمشرع ولئن نسخ مقتضيات الشكاية وسحب البساط من رؤساء الجماعات المحلية في تقديم الشكايات بخصوص محاضر المخالفات المحررة من قبل ضباط الشرطة القضائية وأعوانها،فان إحالة المحاضر من قبل هذا الأخير على السيد وكيل الملك،لا ينسجم مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية،ذلك أن رجال السلطة الإدارية،يحررون محاضر المعاينات المخالفة للتعمير،بعيدا عن مقتضيات المادة:24 من قانون المسطرة الجنائية،وفي غياب للتواصل مع السادة وكلاء الملك كما سيأتي ذكره بالتفصيل في المبحث الثاني،المتعلق بتجليات رقابة السلطة المحلية؛
مشكل الاتكالية الناجم عن عدم تدخل الدرك والشرطة في تحرير محاضر مخالفات التعمير والبناء،بحسب ما يصل إلى علمهم،أما لرعونتهم،أو بسبب اعتقادهم الراسخ أن المهمة من اختصاص رجالات السلطة،وهذا خطا قانوني،يحتاج إلى تدخل عاجل؛([57])
لابد من الإشارة أن قانون التعمير الجديد جاء بالعديد من المخالفات المتعلقة بالبناء والتعمير،وكيف كل حالة بعقوبة معينة،إلا أن الواقع العملي أبان عن قصور ورعونة في التعامل مع النصوص الجديدة،ذلك أن النيابة العامة المحال عليها محاضر مخالفات البناء،وبعد دراستها تكيف بفعل البناء بدون رخصة وتحيل الملف بوثائقه ومستنداته على المحكمة من اجل محاكمة الفاعل على الحالة،والحال أن التكييف القانوني يختلف من فعل لآخر،فعلى سبيل المثال ولا الحصر:فمخالفة البناء دون رخصة أو في منطقة غير قابلة بموجب النظم المقررة يعاقب بغرامة تتراوح بين 10000 درهم إلى 100000 درهم،على أن الفاعل في حالة اقترافه المخالفة داخل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى 3 أشهر،إلا انه إذا سلمت للمعني رخصة بناء وقام بتشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة بتغيير العلو المسموح به والأحجام والمواقع المأذون فيها أو المساحة المباح بناؤها أو الغرض المخصص له البناء،فيعاقب بغرامة تتراوح بين 10000 درهم إلى 50000 درهم،كما أن المخالف الذي سلم له رخصة بناء وقام بتشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة وذلك بزيادة طابق أو طابقين فانه يعاقب بالحبس النافذ من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة من 50000 درهم إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط،كما أن إدخال تغيير كيفما كانت طبيعته على واجهة بناية دون الحصول على رخصة بذلك يعاقب بغرامة من 2000 إلى 20000 درهم…الخ مع الإشارة أن المشرع عاقب بغرامة تتراوح بين 10000 درهم إلى 200000 درهم على إقامة بناية فوق ملك من الأملاك العامة أو الخاصة للدولة والجماعات الترابية وكذا على الأراضي التابعة للجماعات السلالية من غير الحصول على الرخص المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل بغض النظر عن العود فغي ارتكاب الفعل،وقد صدرت عدة أحكام قضائية،عن غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،وقضت بإعادة تكييف الفعل من البناء بدون رخصة إلى أفعال أخرى تبعا للعقوبة المقررة لها قانونا،وتبعا للفعل المنسوب للمخالف واقعا؛
كما أن الواقع العملي،ومن خلال الممارسة العملية،فالقضاء الزجري،في غالب الأحكام القضائية الصادرة عنه،لا يقضي بالعقوبات المنصوص عليها في قانون 12-66 بل ينزل عن الحد الأدنى استنادا إلى مبدأ تفريد العقاب في المجموعة الجنائية (الفصول:141 و ما يليها إلى 150 منه)،وهذا ما يطرح مسالة مدى توفر القاضي على السلطة التقديرية المنصوص عليها في المجموعة الجنائية،وتنزيلها واقعا على قانون التعمير الجديد،رغما عن عدم التنصيص عليها في ذات القانون،وكذا عدم إحالة القانون الجديد على المجموعة الجنائية؛([58])
ومن خلال الواقع المذكور،وفي قراءة لمختلف النصوص المنظمة لقانون التعمير،فانه كونت لدينا قناعة راسخة بان النصوص الحالية تحتاج إلى إصلاح شامل لخدمة أهداف التعمير والنجاعة والتنمية المستدامة المتطلبة التي يتوخى إليها الجميع،ذلك أن أوجه القصور التشريعي تتمحور بالأساس حول تعدد المتدخلين في تدبير التعمير وما ترتب عنه من مشكلات عويصة تضر بالأهداف المراد تحقيقها،([59])وخلو نصوص التعمير من كثير من القواعد والميكانيزمات والآليات لضبط التعمير وتدبيره بشكل عقلاني،وكذلك ثمة الكثير من الغموض الذي يكتنف بعض المصطلحات المستعملة بل بعض المقتضيات القانونية إن لم نقل يتناقض بعضها مع البعض الآخر،وخاصة القانون الجديد المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير،ولا ندري أن كان الأمر يتعلق بالمخالفات أم الجنح،وعدم الربط بينه وبين المجموعة الجنائية والشريعة العامة للقانون الإجرائي ؛
فإذا كان المشرع التعميري على ضوء مستجدات التعمير الجديدة يتوخى تحقيق الردع بشقيه العام والخاص من خلال النص على الرفع من العقوبات الزجرية إلى حد عقوبة حبسية تصل إلى خمس سنوات،فان المشرع لم يكن موفقا لا من حيث الصياغة القانونية في التمييز بين العقوبات الأصلية التي اقرها المشرع،ولا من حيث التمييز بين ظروف التشديد وظروف التخفيف وحالة العود في ارتكاب المخالفات (الأمر يتعلق بجنح عند الحديث عن العقوبة السالبة للحرية)،والمساهمة والمشاركة ( الشريك كما سماها المشرع) في ارتكاب المخالفات،وتعدد العقوبات عندما نتحدث عن تعدد المخالفات والأمر يتعلق بإدماج العقوبات دون التمييز بين المخالفات والجنح الضبطية والتأديبية ولما لا الجنائية عند المس بحياة الأشخاص بشكل متعمد،دون مراعاة لضوابط البناء العام،ووثائق التعمير وما تضمنته من ضوابط،أو بتواطؤ من مختلف المتدخلين في البناء على حساب المواطن؛
ملاحظة أخرى تتعلق بالبناء المخالف في المحلات المعتمرة،وضرورة حصول ضابط الشرطة القضائية على إذن كتابي من النيابة العامة،فالأمر يطرح إشكالا قانونيا يتعلق بعدم الإحالة على إجراءات التفتيش وضبط الزمن،و المقصود بالمحلات المعتمرة،وكيف يمكن للسلطة الإدارية أن تباشر الدخول دون النص على إمكانية الاستعانة بالقوة العمومية أو بضابطة قضائية أخرى تتوفر على الموارد اللوجستيكية والمادية والبشرية،وهو سيكون له اثر سلبي بخصوص مسالة السياسة الجنائية وإعدادها تبعا لدستور 2011 ،وتكريسا لدولة الحق والقانون والذود عن الحق،وهو ما سيخلف آثار وخيمة على المجتمع؛
وان القانون القديم في مقتضيات المادة:67 من قانون التعمير القديم، كان يعطي صلاحيات إنهاء المخالفات لرئيس الجماعة متى كان الأمر يتعلق بمخالفة لا تمثل إخلال خطيرا بضوابط التعمير و البناء التي جرى انتهاكها داخل اجل لا يتجاوز 30 يوما،فان مقتضيات المادة:68 من قانون 12-66 تعطي الصلاحية للمراقب للقيام بنفس الطريقة وفي اجل لا يتجاوز شهر كما نصت؛
غير انه ما يعاب على النص الجديد انه لم يوضح هل مخالفات التعمير تتعلق بجرائم الشكاية كما كان الأمر عليه في القانون القديم،الذي يخول للرئيس بمقتضى الفقرة الثانية من المادة:67 من قانون التعمير القديم التخلي عن المتابعة الجارية بشأنها،وهو ما لم يسمح به البتة في القانون الجديد،خصوصا وان الفقرة الأولى من المادة:68 من قانون التعمير والمادة:63-4 من قانون التجزئات العقارية –،لم ينص البتة على الأمر بالتخلي،وهو ما يفهم من مقتضيات القانون الجديد المادة:63-5 التي نصت على انه لا يحول هدم الأشغال أو البناء غير القانوني دون تحريك الدعوى العمومية،ولا يترتب عنها سقوطها إذا كانت جارية،ما يعني أن المشرع التعميري انه ولئن خول صلاحيات للمراقب نفس الصلاحية التي كانت لرئيس الجماعة،من اجل تحريك مسطرة الصلح في حالة إنهاء المخالفات،فانه لم يخول له إمكانية التخلي عن المتابعة في حالة الحد من المخالفات المذكورة؛
إشكال ذات أهمية كبرى ويتعلق الأمر بالصلح في الجنح التي تقل الغرامة فيها 5000 درهم،والتي تتجاوز العقوبة الحبسية فيها سنتان بموجب المادة:41 من قانون المسطرة الجنائية،ومقتضيات المادة:372 منه؛ ([60])
يمكن مواصلة النظر في الدعوى العمومية بطلب من النيابة العامة،إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية،ما لم تكن قد سقطت بالتقادم أو بسبب آخر،فإذا كان المشرع التعميري قد خانته الدقة اللغوية في التمييز بين الجنح والمخالفات في قانون التعمير،فانه ولئن جاء بمقتضيات جديدة على مستوى قانون التعمير تصل حد العقوبات الحبسية،فان الأخيرة متى كانت لا تتجاوز السنتان فهل يجوز للمحكمة الزجرية بناء على ملتمس النيابة العامة متى تعلق الأمر بإنهاء المخالفات واستدلال المعني بالأمر المخالف( برخصة إنهاء المخالفات) التصريح بإيقاف سير إجراءات الدعوى العمومية المثارة في حق المخالف إلى أن تتقادم أو لسبب آخر،وهو ما يطرح إشكال في ظل غياب النص بالإحالة على مقتضيات قانون المسطرة الجنائية،أو على الأقل النص عليه في القوانين التنظيمية المتعلقة بالمراقبين كضباط الشرطة القضائية كما سيأتي بتفصيل في المبحث الثاني أسفله؛
هذا ما يطرح إشكالا عميقا ينبغي على المشرع التصدي له، بالنظر لأهميته على مستوى النجاعة والحكامة الترابية المتطلبين،ولكثرة البناء العشوائي،خصوصا وان مسالة عدم مطابقة البناء موضوع المخالفة للتصاميم المرخص بها تبعا لتصميم التهيئة المنشور بالجريدة الرسمية،يمس بجمالية المدينة،وبقاعدة قانونية ملزمة للجميع؛
مسالة أخرى،تطرح بشكل جلي،وفي غاية الأهمية،فكثيرة هي تدخلات رجالات السلطة من أجل الحد من استفحال البناء العشوائي،والعمل على إيقاف المخالفين وانجاز تقارير وليس محاضر (سآتي على شرح ذلك بالتفصيل المتعين في المبحث الثاني)،عندما يتعلق الأمر بإيقاف المخالف في دوار أو منطقة لا يشملها تصميم التهيئة أو مخطط التنمية القروي،إذ أن المعني بالأمر يتقدم إلى رئيس الجماعة المعنية بطلب تمكينه برخصة،إلا أن الرئيس لا يمكنه من ذلك،على اعتبار أن المنطقة التي يقطنها المعني لا يشملها تصميم النمو أو تصميم التهيئة أو موجودا ولم يصادق عليه،فكيف لرئيس أن يمنح الرخصة للطالب بعد دراسة الطلب،دون وجود التصميم،أو عدم إجابته،لان الرخصة تستند إلى وثائق التعمير ([61])،وهو ما يطرح أكثر من سؤال في حالة انجاز محضر مخالفة من قبل رجال السلطة المحلية دون التأكد ما إذا كانت المنطقة تتوفر على تصميم من عدمه طبقا للقانون الجاري به العمل،وهو ما يطرح مسالة التكوين القانوني والتقني لرجالات السلطة في هذا الصدد،ويطرح تساؤلا كذلك على مستوى العمل القضائي،في حالة دفع المخالف بكون المنطقة التي يقطن بها لا تتوفر على تصميم للتهيئة،وانه تم إيقافه عن أشغال البناء دون سند قانوني،رغم تقدمه بالطلب،وهو ما يطرح مسالة البت في شرعية القرار الصادر عن السلطة أمام القضاء الزجري،لان الأصل في الإنسان البراءة إلى أن تثبت إدانته،وان القرار الإداري ينبغي أن يكون مشروعا طبقا للقانون،دون الشطط في استعمال السلطة أو التجاوز في استعمال السلطة،وما يطرح مسالة الإثبات أمام القضاء الجنائي ؛
ومن آثار القصور التشريعي في ميدان مخالفات البناء والتعمير،ما جاء به المرسوم الجديد المتعلق بتسوية البنايات غير القانونية،كما سبقت الإشارة إليه في مقدمة الفصل،وما خلفته المادة 7 من منه، لدى المواطنين في شان قضاء مصالحهم،والتأثير على الاستثمار،وبصفة خاصة في الأحياء الهامشية،لاسيما و أن الشرط الذي أورده المشرع في عدم تحرير محضر مخالفة للبناية موضوع طلب الحصول على رخصة التسوية الذي يعد قيدا على منح هذه الأخيرة،وانه في ظل وجوده فهو في حد ذاته يغل يد المكلفين بدراسة طلبات رخص التسوية من الاستجابة والموافقة عليه،مما يمكن معه القول بان تنصيص المرسوم على هذا الشرط وربط قبول طلبات التسوية بعدم وجود محضر مخالفة،سيجعل مقتضياته معدومة وغير ذات أهمية؛
كما أن الشرط المذكور،يعد دليلا واضحا على تكريس الفوارق الاجتماعية،في الوقت الذي ينتظر فيه تفعيل قاعدة عدم الإفلات من العقاب بالنسبة للجميع،وان كان شرط المادة،سيفتح مجالا لتحريك البحث والمساطر القانونية في مواجهة ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالمهام في حدود الاختصاص المكاني لكل واحد منهم على حدة،في حالة تمكين صاحب البناية غير القانونية،أو الذي خالف التصاميم المرخصة من رخصة التسوية؛
وحتى وان كان مبدأ تمكين صاحب الطلب،سيظل مستبعدا أو مستحيلا ان صح القول،لأنه من الصعب اعتبار صاحب الطلب في وضعية مخالفة لانعدام التواصل بين الإدارات في هذا الشأن،ذلك أن رئيس الجماعة صاحب الاختصاص الأصيل في تمكين الطالب من الرخصة المتطلبة،بعد دراسة الملف من قبل اللجنة بعيدا عن التواصل مع باقي الصادرات العمومية من الناحية الواقعية،وان السلطة المحلية وباقي المكلفين بمهام ضابط الشرطة القضائية،لا زالوا يعتمدون السجلات الورقية التي بمجرد قضاء الغرض من طرف صاحبه،فان الملف يهمش في الأرشيف الغير المنظم،أو قد يتعرض للتلف على اقل تقدير،وهو ما يستدعي ضرورة التواصل في هذا الشأن،لان الأمر في غاية الأهمية بمكان؛
وعلى فرض أن الشرط كذلك،سيجعل من مال طلب الرخصة هو الرفض،لان الدستور الجديد ربط المسؤولية بالمحاسبة،وان شرط عدم تحرير محضر المخالفة في المطلوب،يجعل من تسليم الرخصة أمرا مستحيلا،للصعوبات الناجمة عن التواصل بين الإدارات في شان تحريك المساطر القانونية في حق المخالف رغم علم صاحب الطلب بهذا الشأن،خصوصا إذا كان البناء مخالفا للقانون،منذ سنوات بعيدة أو على اقل تقدير مدة عشر سنوات ماضية،فان الأمر كان بيد رؤساء الجماعات في تمكين أصحاب الطلبات تبعا لمنطق الحسابات السياسية،وعلى حساب القانون،وبغية تحقيق مصالحهم الانتخابية ليس إلا،وان ضابط الشرطة القضائية لا علاقة له بالمجال،وهو ما سيخلف آثار سلبية على المجتمع في تمكين أصحاب النفوذ من قضاء المآرب على حساب الضعفاء،أو أصحاب النفوذ على حساب الفقير؛
وبما انه يفترض في كل بناية غير قانونية أن تخضع للمراقبة القانونية المتطلبة،واستثناء هو الإفلات منها،ومن عدم تطبيق المقتضيات الزجرية الجاري بها العمل في مجال مخالفات البناء والتعمير،فان المقتضى الذي سنه المشرع في المادة 7 من المرسوم المشار إليه يحيلنا إلى القول بأنه يؤسس لبيئة تشريعية تسودها ثقافة محاباة القانون لبعض المواطنين على حساب الآخرين،فإذا كانت بناية شيدت بغير ترخيص أو خالف صاحبها التصميم المرخص له ولم تكن موضوع محضر مخالفة،لسبب من الأسباب سواء تعلق الأمر بالتغاضي عنه من طرف من له الحق في تحرير المحاضر أو انه لم ينتبه لهذا الأخير،أو لأي سبب آخر،فانه سيحضى بتسوية وضعية بنايته،أما من كان في نفس الوضعية وحررت في شانه محضر مخالفة من قبل ضابط شرطة قضائية،فانه سيحرم من الحصول على هذه الرخصة،وهو ما يدل أن القانون جاء لحماية بعض البنايات غير القانونية على حساب الآخرين،في حين أن مبادئ العدالة الجنائية تقتضي أن إدانة جميع المجرمين الذين ثبت في حقهم الأفعال المخالفة للقانون،وهو ما يخلف لدى العامة أن القانون الجديد لا تنطبق عليه مبادئ التجريد والعمومية،بل الأدهى من ذلك انه سيكرس الفوارق بين المواطنين لحماية فئة على حساب الأخرى وتغني ذمة المخالفين وتزيدهم امتيازا،وتفقر ذمة من أدين بالغرامة،والهدم عبر سلوك المساطر القانونية،وهو ما يكون له آثار وخيمة على مصالح المواطنين ؛
نقطة أخرى أوردتها المادة التاسعة من المرسوم أعلاه،والتي نصت انه في حالة عدم استيفاء البناية غير القانونية موضوع الطلب للشروط والضوابط الواردة في الفقرة الأولى أعلاه؛ ([62])
ففي قراءة لنص المادة أعلاه،يتضح أن تقديم طلب رخصة بناء في حالة عدم توفر البناية موضوع طلب رخصة تسوية على الشروط المتعلقة بتسوية البناية غير القانونية عن طريق إدخال التغييرات الواجب إدخالها،والحال أن التصاميم المرخص بها غير قابلة للتغيير،وتم تضمين الملاحظات في التصاميم،وفي محاضر اللجان بعد دراسة الطلب على ان التغييرات المدخلة لا تتوافق وتصميم التهيئة أو تصميم النمو المنشور بالجريدة الرسمية الذي يعد من ضوابط الوثائق،ومن ثم فهي قاعدة عامة لا يمكن الاتفاق على مخالفتها باعتبارها قاعدة آمرة من النظام العام لا يمكن الاتفاق على مخالفتها،وبالتالي فان هذه المادة ستخلف آثارا وخيمة على المواطنين،وكأن القاعدة القانونية الجديدة تحمي القوي على حساب الضعيف،أو بالمفهوم المخالف تكرس ما يسمى بتشويه جمالية المدينة،و تشجع على العشوائية في البناء والتعمير،و تضاربا في القوانين؛ كما أن اشتراط المرسوم المتعلق بعدم قبول الحصول على رخصة التسوية،إذا كانت البناية المعنية قد تم تحرير مخالفة بشأنها،له اثر سلبي على عدم استكمال تسجيل الأبنية لدى مصالح التسجيل والمحافظات العقارية،وبالتالي بقاءها مكتومة لدى الإدارة الضريبية لرسوم وضرائب سنوية مستمرة هي بأمس الحاجة إليها،فضلا عن ذلك،فان الرسوم والغرامات المقترحة تشكل موارد إضافية طيلة مدة العمل
([1]) السعدية مجيدي،المسؤولية الجنائية لمقاول البناء في القانون المغربي،مجلة محاكمة،السنة الثانية عشر ،عدد:14،فبراير/ابريل 2018،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،2018،ص:283؛
([2]) حسب الفصل:15 من المجموعة الجنائية،تكون العقوبات الاصلية اما جنائية او جنحية او ضبطية ( المخالفات)،اما الفصل:16 منه فقد حدد العقوبات الجنائية الاصلية وهي:الاعدام،السجن المؤبد،والسجن لمؤقت من خمس سنوات الى ثلاثين سنة،والاقامة الاجبارية،والتجريد من الحقوق الوطنية،اما الفصل 17 منه،فقد اكد ان العقوبات الجنحية الاصلية هي:الحبس،والغرامة التي تتجاوز 1200 درهم،وان اقل مدة الحبس شهر واقصاها خمس سنوات باستثناء حالات العود او غيرها التي يحدد فيها القانون مددا اخرى،وانه كذلك بحسب الفصل:18 فالعقوبات الضبطية الاصلية ( المخالفات) هي :الاعتقال لمدة تقل عن شهر،والغرامة من 30 در هم الى 1200 درهم ( للتفصيل اكثر في تقسيم الجرائم الى جنايات وجنح ومخالفات يراجع في ذلك،عبد الواحد العلمي،المبادئ العامة للقانون الجنائي،الجزء الثاني 1995،شرح القانون الجنائي المغربي،القسم العام الدراسة لتي تحكم الجريمة والمجرم والعقوبات والتدبير الوقائي،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطيعة الثالثة 2009 ص:238 وما يليها؛
([3])نور الدين الوناني،الجزاءات الزجرية المقررة لجرائم التعمير ومدى فعاليتها في حماية المجال العمراني على ضوء مستجدات القانون رقم 66،كتاب التعمير والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية،اشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف الماستر المتخصص في العقار والتعمير بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور 2-3-4 مارس2017،مطبعة وراقة القبس،طبعة 2018،ص:562؛
([4])ظهير شريف رقم:1.16.124 صادر في:21 من ذي القعدة 1437 ( 25 اغسطس 2016( بتنفيذ القانون رقم:66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير و البناء،المنشور بالجريدة الرسمية عدد:6501 وتاريخ:17 ذو الحجة 1437 ( 19 سبتمبر 2016)؛
([5])المشرع المغربي لم يعرف المقصود برخصة البناء لذلك وجب الاعتماد على التعاريف الفقهية،وهكذا نجد الفقيه Marty يعرف رخصة البناء بانها ( عمل اداري بموجبه تمارس الادارة مراقبة وقائية على مطابقة البناية للقواعد العامة التي تفرضها،ومن ثم فهي – رخصة البناء- تكون بمثابة وسيلة للشرطة العامة للبناء،اما الفقيه لا تورني Latournie فيقول بان رخصة البناء هي عمل او فعل تلاحظ بموجبه السلطة العمومية ان تنفيذ الاشغال المزمع انجازها يمكن الترخيص بها بالنظر الى النصوص المتعلقة بالتعمير)،اورده محمد بوجيدة،في مؤلفه رخصة البناء،الجزء الاول،طبعة وتوزيع دار الجيل،الطبعة الثانية،2010 ص: 15،كما ان الباحث عبد الاله لمكينس يعرف رخصة البناء على انها الوسيلة الممنوحة للادارة من اجل فرض احترام كل التشريعات المتعلقة بتنمية المجال والالتزامات المختلفة التي وضعها المشرع على عاتق مالك البناء حفاظا على المصلحة العامة،اورده عبد الله مكنيس في مؤلفه باللغة الفرسية: A.Mkinsi,Ledroit marocain de lurbanisme,Limprimerie Abbad publication de Linau,Rabat 1989, p173)،وهكذا يمكن القول بان رخصة البناء تعتبر وسيلة لتنفيذ حق الملكية العقارية،وماتستلزمه من اخضاع هذا الحق للمراقبة المطبقة للبناء،وعدم ممارسته لا في نطاق النصوص الجاري بها العمل،فالمشرع المغربي اشترط قبل احداث اية بناية او ادخال تغييرات على المباني القائمة الحصول على رخصة البناء والا اعتبر احداث المباني بدون التوفر على هذه الرخصة،مخالفة معاقب عليها (اورده الحاج شكره،محاضرات في اداء التراب الوطني والتعمير،الطبعة الاولى،دار القلم،الرباط،2003 ،ص 123)،ونتيجة للتطورات السريعة التي يعرفها المجال،اصبحت المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم:90-12 و 90-25 كما تعديله بقانون 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات،والمتعلقة بدراسة الملفات والرخص التعميرية،متجاوزة وغير قادرة على مواكبة هذه التطورات الشيء الذي دفع بالادارة المعنية بقطاع التعمير الى سلوك اسهل الطرق في تعديل تلك المساطر عبر الدوريات والمناشير،اوردته كذلك نادية الموح،المنازعات القضائية في مجال التعمير والبناء،اطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام،جامعة محمد الخامس اكدال الرباط،2010-2011،ص:161،اما التعمير التنظيمي بحسب القانون 90-12 يقصد به تصميم التنطيق وتصميم التهيئة فيما يخص التجمعات الحضرية وتصميم التنمية يتعلق بالتجمعات القروية وفق مقتضيات ظهير 25 يونيو 1960،اما الحاج شكرة في مؤلفه،الوجيز في القانون التعمير المغربي،الطبعة الخامسة،سنة 2010 ص:83 :بانه يعد كمقابل للتعمير التقديري تلك الوثائق التي يتم استعمالها من اجل تنظيم وتخطيط المدينة وتحديد التوجهات الكبرى وتنميتها على المدى المتوسط والبعيد من خلال ابراز وتنمية الوظائف التي يقوم بها او تحديد وظائف جديدة لتنميتها)؛
([6]) مداخلة عبد الكريم الطالب،جزاءات التعمير بين مبادئ القانون الجنائي وتشجيع الاستثمار،اشغال الندوة الوطنية المنظم يومي 25 و26 نونبر 2016 بعنوان :العقار والتعمير والاستثمار،مطبعة المعارف الجديدة الرباط،طبعة 2017،صفحة:471 وما يليها؛
([7]) في انتظار دخول مشروع قانون: المتعلق بتنظيم عمليات البناء حيز التنفيذ،مع ضرورة اعادة التكييف بعض الجرائم المتعلقة بالبناء الى مصاف الجنح والجنايات انطلاقا من الواقع الحالي؛
([8])تنص المادة:71 من قانون 12.90 كما تم تتميمه وتعديله بقانون:66.12 على انه:( اذا عاد المخالف الى اقتراف نفس المخالفة داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم الصادر في المخالفة الاولى مكتسبا لقوة الشيء المقضي به من شهر واحد الى ثلاثة اشهر)،وتنص المادة:80 من نفس القانون بانه (تضاعف العقوبات المنصوص عليها في هذا الفصل اذا عاد مرتكب المخالفة الى اقتراف مخالفة مماثلة داخل اجل السنة الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم في المخالفة الاولى مكتسبا لقوة الشيء المقضي به)؛
([9])للتوسع في التمييز بين انواع الاحكام من حيث قوتها التنفيذية،يراجع في ذلك :عبد الكريم الطالب،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية،دراسة على ضوء مستجدات مشروع 2018،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطبعة 8/2018 ص:223 وما بعدها،وكذا عبد العزيز حضري،في مؤلفه (القانون القضائي الخاص)،مطبعة الجسور وجدة،طبعة 2006 ،صفحة:268 وما يليها؛
([10])ان المشرع في القانون 66.12 لا يميز بين المساهمة والمشاركين حين اعتبر المقاول الذي نفذ الاشغال مشاركا،في حين يعتبر مساهما وفقا للقواعد العامة،كذلك حين حصر المشرع الاشخاص المعتبرين مشاركين في نص المادة 78 من القانون:12-66 جاء في الفقرة الثانية واضاف بانه:يعتبر مشاركا كذلك كل من صدرت عنهم اوامر نتجت عنها المخالفة والاشخاص الذين سهلوا او ساهموا في عملية البناء المخالف للقانون،وهنا يتجلى الخلط الواضح بين المساهم والمشارك في نصوص هذا القانون،ومرد ذلك ان عين المشرع المغربي كانت على ضرورة التوسع في نطاق الاشخاص الخاضعين لهذا القانون بزجر أي فعل مساهم فيه او شارك فيه وينتج عنه مخالفة تعميرية،الا ان هذا الامر يطرح الكثير من النقاش،خصوصا عندما يتعلق الامر بحصر الاشخاص الذين يقدمون الادوات واللوازم او اية وسيلة اخرى استعملت في ارتكاب المخالفة،كما يطرح السؤال عن مسؤولية ناقل ادوات البناء وكل من ساهم في تحقيق النتيجة الاجرامية مع علمه بالغرض المخصص لهذه الاشياء المنقولة)،
([11])صكوك المتابعات في الملفات رقم:1517/2108/2017 و1519/2108/2017 و1477/2108/2017 بالمحكمة الابتدائية بصفرو المدرجة بجلسة:09-10-2017)؛
([12])استاذنا عبد الكريم الطالب في مداخلته بعنوان:جزاءات التعمير بين مبادئ القانون الجنائي وتشجيع الاستثمار،منشور في المرجع السابق،مطبعة مطبعة المعارف الجديدة الرباط،الطبعة الاولى:2017،ص:480؛
([13])ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالاملاك العمومية بالايالة الشريفة منشور بالجريدة الرسمية عدد:62 السنة الثانية في 16 شعبان 1333 هجرية الموافق ل 10 يوليوز 1914،للتفصيل اكثر؛
([14])تنص المادة 375 من قانون المسطرة الجنائية: على انه يجوز للنيابة العامة في سائر الاحوال التي ترتكب فيها مخالفة يعاقب عليها القانون غرامة مالية فقط ويكون ارتكابها مثبتا في محضر اوتقرير ولا يظهر فيها متضرر او ضحية،ان تقترح على المخالف بمقتضى سند قابل للتنفيذ اداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد الاقصى للغرامة المنصوص عليها قانونا؛
([15])السعدية مجيدي،المسؤولية الجنائية للمقاول البناء في القانون المغربي،مجلة المحاكمة،مطبعة النجاح الجديدة سنة 2018،صفحة:305؛
([16])قرار صادر عن غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،في الملف عدد:466/18 حكم عدد:..وتاريخ:20-02-2019،غير منشور؛
([17])قرار صادر عن غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،في الملف عدد:255/19 ،حكم عدد:..وتاريخ:30/10/2019،غير منشور؛
([18])استاذنا عبد الكريم الطالب في مداخلته بعنوان:جزاءات التعمير بين مبادئ القانون الجنائي وتشجيع الاستثمار،المرجع السابق،ص:471 وما يليها؛
([19] ) قضت غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،في قرار ذي الملف عدد:260-19 وتاريخ:30-10-2019،جاء فيه:(… حيث بمراحعة وثائق الملف ومستنداته ثبت لمحكمة الدرجة الثانية ان متابعة النيابة العامة لم تكن مؤسسة،ذلك ان القانون 12-66 افرد عقوبة معينة لكل مخالفة تعميرية على حدة،وان الامر لا يتعلق بالبناء بدون رخصة،وانما تتعلق بادخال تغييرات على لواجهة وذلك باضافة نافذة حسب الثابت من محضر المعاينة المنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية ،وبالتالي فانه طبقا للقانون الجديد يتعين اعادة وصف المخالفة،ويتعين تبعا مؤاخذة المتهم لاجلها؛
([20])مداخلة الدكتور الوناني في الندوة الوطنية المنعقدة بالناظور ايام 02 و 03 و04 مارس 2017 المتعلقة التعمير والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية،بعنوان (الجزاءات الزجرية المقررة لجرائم التعمير ومدى فعاليتها في حماية المجال العمراني على ضوء مستجدات قانون 12-66،صفحة:571)؛
([21])ففي قرار صادر عن غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت،في الملف عدد:63-19 وتاريخ:27-03-2019 جاء فيه:…( انه بناء على التصريح بالاستئناف المقدم من طرف المتهم بتاريخ : 11/05/2018 ضد الحكم الجنحي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ : 08-05-2018 في الملف الجنحي عدد: 36/18 والقاضي:بمؤاخذة المتهم من اجل المنسوب إليه وعقابه بغرامة نافذة قدرها 3000 درهم مع تحميله الصائر والإجبار في الأدنى و بهدم ما تم بناؤه بدون رخصة؛
….. وحيث إنه بمراجعة ملف القضية وتفحص وثائقه برمتها،يتبدى أن الحكم المستأنف يكون قد صادف الصواب فيما خلص إليه،ذلك انه بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز من طرف الأعوان المكلفين بمراقبة البناء،يتجلى أن المتهم تم ضبطه وهو يقوم ببناء أساس فوق ارض جماعية بحي بحي التقدم بالعيون بدون رخصة ،وبالتالي فان الفعل المرتكب يشكل جميع العناصر التكوينية للمخالفة موضوع النازلة ؛
وحيث إن محاضر المعاينة المنجزة من طرف الأعوان المحلفين والمؤهلين قانونا لإثبات المخالفات لأحكام القانون بشان ضوابط البناء والتعمير هي محاضر يوثق بمضمنها حسب مقتضيات المادة : 65 من الظهير الشريف رقم : 31-92-1 المؤرخ في : 17/06/1992 المتعلق بالتعمير،والمعدل بقانون:12-66 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ:19-09-2016؛
وحيث إن الحكم المستأنف جاء معللا تعليلا كافيا وسليما ومحاطا من جميع جوانبه الواقعية والقانونية مما يتعين تأييده مع تبني حيثياته وتعليلاته؛
وحيث إن المستأنف طالما لم يستدل بما من شانه إلغاء الحكم المستأنف جزئيا أو كليا مما يتعين تأييده؛
وحيث إن المحكمة لما تبين له أن الجزاء قاس بالنظر إلى خطورة الفعل المرتكب من قبل المتهم المدان وشخصية الفاعل،ارتأت معه تمتيعه بظروف التخفيف القضائية لظروفه الاجتماعية؛
وحيث يتعين تحميل المستأنف الصائر والإجبار في الأدنى؛
وتطبيقا للمواد : 24 و 289 و 298 و 346 إلى 349 و 368 و 405 و 676 و 636 من ق المسطرة الجنائية،والفصلين:146 و 150 من القانون الجنائي
والمواد : 1 و 40 و 64 و 65 و 66 و 71 من ظهير : 17/06/1992 بشان التعمير المعدل بقانون:12-66 ؛
حكمت المحكمة علنيا نهائيا و حضوريا :في الشكل : بقبول الاستئناف؛ وفي الموضوع : بتأييد الحكم المستأنف مبدئيا مع التخفيض من الغرامة إلى مبلغ ألفان (2000) درهم،وتحميل المستأنف الصائر والإجبار في الأدنى.)؛
([22])ينص الفصل:154 من القانون الجنائي على انه يعتبر في حالة عود،طبقا للشروط المقررة في الفصول التالية،من يرتكب جريمة بعد ان حكم عليه بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به،من اجل جريمة سابقة،ونص الفصل:159 منه،على انه من سبق الحكم عليه من اجل مخالفة ثم ارتكب نفس المخالفة خلال فترة اثني عشر شهرا من النطق بحكم الادانة الذي صار حائزا لقوة الشيء المحكوم به،يعاقب بعقوبات العود المشددة في المخالفات طبقا لمقتضيات الفصل:611 من القانون الجنائي)؛
([23])تم اصدار عدة دوريات تتسم بالمرونة والسرعة منها دورية عدد:254 وتاريخ:12-02-1999 ودورية عدد:850 بتاريخ:24-05-1999 المعدلة بالدورية رقم:622 الصادر بتاريخ:08-05-2001،وتنطوي هذه الدويات على بعض المستجدات اهمها:اصدار مذكرة توجيهية بالنسبة لبعض المشاريع الاستثمارية ذات الاهمية الكبرى المزمع انجازها في مناطق لا تغطيها وثائق التعمير ،القيام بدراسة مسبقة للمشاريع الكبرى من قبل الوكالة الحضرية المعنية قبل ايداع الطلب رسميا لدى الجماعة المختصة …وقد حاولت الدورية 2001 تجاوز بعض الاشكالات التي تثيرها الدوريتان المشار اليهما اعلاه،فشددت على ضرورة فرز المشاريع الاستثمارية النوعية عن المشاريع الكبرى التي لم يتم التوصل الى التوافق بخصوصها،,على تعزيز كل ملف بمذكرة تقنية تتضمن اراء كل الجهات التي تدخلت محليا في الملف،اضافة الى ضرورة التكييف السليم والنفعي للمشاريع الاستثمارية المقدمة قصد الموافقة،كما حددت الدورية 2001 عددا من المعايير التي يمكن بناء عليها منح الاستثناء للمشاريع المقدمة منها ،ان يخلق المشروع رواجا اقتصاديا وذلك احداث مناصب للشغل وجلب الاستثمارات،وان يكون المشروع فضاءات وبنيات تحتية الى جانب السكن لاضفاء جمالية عمرانية عليه من جهة،ولتمكين المستفيدين من الترفيه وتحسين جودة حياتهم من جهة اخرى،الا انه وعلى الرغم من الايجابيات العديدة التي تقدمها المسطرة الاستثنائية للتعمير في تشجيع الاستثمار،فان المرجعية القانونية والاساس الذي تستند اليه المسطرة المذكورة يثيران اكثر من اشكال،فالدوريات من الناحية القانونية وباجماع الفقه والقضاء لا ترقى الى مصاف القاعدة القانونية من حيث قوتها،لانها ليس هناك توازيا للشكليات،ومن ثم يبقى السؤوال مطروحا حول قانونية هذه الدوريات ومدى قدرتها على مضاهاة القوانين الصادرة في مجال التعمير على مستوى التنظيم ووضع الحلول)؛
([24])منشور بالجريدة الرسمية عدد:5054 بتاريخ:07/11/2002 الصفحة:3183،تم تغييره وتتميمه بقانون:107.12 بشان بيع العقارات في طور الانجاز،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم:1.16.05 المنشور بالجريدة الرسمية عدد:6440 بتاريخ:9 جمادى الاولى 1437 ( 18 فبراير 2016)،ص :932؛
([25])مداخلة في اشغال الندورة الوطنية المنظمة يومي 25 و 26 يونيو بوجدة،المرجع السابق،ص:491؛
([26])ينص الفصل:119 من القانون الجنائي على ان:تعدد الجرائم هو حالة ارتكاب شخص جرائم متعددة في ان واحد او في اوقات متوالية دون ان يفصل بينها حكم غير قابل للطعن،وتنص الفقرة الثالثة من الفصل:120 منه على انه :غير ان العقوبات المحكوم بها اذا كانت من نوع واحد جاز للقاضي،بقرار معلل،ان يامر بضمها كلها اوبعضها بشرط ان لا تتجاوز الحد الاقصى المقرر في القانون للجريمة الاشد؛
+في قرار لمحكمة النقض عدد:1507/1 وتاريخ:27/11/2019 في الملف الجنحي عدد:21545/6/1/2019 جاء فيه:(…تشترط الفقرة الثالثة من الفصل:120 من القانون الجنائي لضم العقوبات المحكوم بها كلا او بعضا ان تكون العقوبات من نوع واحد والثابت من القرار المطعون فيه انه تم اللجوء الى ضم عقوبتين محكوم بهما في قضيتين مختلفتين نظرت في احداهما محكمة العدل الخاصة والثانية محكمة الاستئناف باعتبارهما من نوع واحد في حين ان قرار محكمة العدل الخاصة صدر في قضية جنايات،وان قضى بعقوبة حبسية بسبب تمتيع المحكوم عليه بظروف التخفيف،وطالما ان نوع الجريمة لا يتغير اذا حكم بعقوبة اخف او اشد بسبب ظروف التخفيف او حالة العود،فان المحكمة لما لجات الى ضم عقوبة حبسية وعقوبة سجنية ودمجهما من غير ان تجمعهما وحدة النوع،تكون قد اخطات في تطبيق القانون الامر الذي يعرض قرارها للنقض)،قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد:93 ،الصفحة:314؛
([27]) المنعشين العقاريين،التجزئات العقارية السرية المخالفة للتصاميم المصادق عليها وخرق ضوابط البناء العامة؛
([28])المملكة المغربية،الوزير الاول،والوزارة المنتدية المكلفة بالاسكان والتعمير،دراسة حول:( القاعدة الزجرية في منظومة التعمير،اكراهات وافاق)،ص:3؛
([29])المملكة المغربية،الوزير الاول،والوزارة المنتدية المكلفة بالاسكان والتعمير ،المرجع السابق،ص3؛
([30])الظهير 2 اكتوبر 1984 المتعلق بالاماكن المخصصة لاقامة شعائر الدين الاسلامي فيها بمثابة قانون رقم:150-84-1،صادر في 06 محرم 1405،منشور بالجريدة الرسمية عدد:3753 في 7 محرم 1405 ( 3 اكتوبر 1984)،ص:927 وما يليها ،للتفصيل اكثر؛
([31])الواقع ان الترجمة مشكلة عويصة،فلم تسلم منها مختلف النصوص بما فيها دستور 2011؛
([32])المادة:30 من الظهير: 1.19.18 صادر في جمادى الاخرة 1440 (13 فبراير 2019)،بتنفيذ القانون رقم:18-47 المتعلق باصلاح المراكز الجهوية للاستثمار،وباحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار،منشور بالجريدة الرسمية عدد:6754-15 جمادى الاخرة 1440 الموافق ل 21 فبراير 2019؛
([33])ناهيك عن المناشير الكثيرة التي تصدر لسد ثغرات التعمير او وضع مقتضيات جديدة او اقرار استثناءات،والواقع ان عدم الانسجام والتناسق بين النصوص يرجع في المقام الاول الى كون ان مقتضيات التعمير غير مجموعة في مدونات (يراد بالمدونة جمع وتبويب كافة النصوص القانونية او التنظيمية في مجموعة واحدة وليس المدونة بمثابة قانون كما حصل مع القوانين الكثيرة،مدونة السير على سبيل المثال ولا الحصر)؛
([34])للاطلاع على مجموعة من النصوص التي لها صلة بقطاع التعمير وضوابطها كثيرة راجع:مدونة النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمسطرة الادارية المحلية للنظافة والوقاية الصحية،ميلود بوخال،سلسلة المرشد القانوني للإدارة المحلية،طبع دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط 2005 ،مدونة التعمير والهندسة المعمارية والاعداد الانمائي للمجال،سلسلة المرشد القانوني للادارة المحلية طبع بالعربية والفرنسية ص 1988 etude et tradiction،الشرطة الادارية،الدليل القانوني للجماعات لامحلية ( الجزء الثاني)،وزارة الداخلية مديرية الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون 2012 وخاصة ص من 287 الى 611)؛
([35])ظهير شريف رقم:1.15.85 صادر في 20 رمضان 1436 ( 7 يوليو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم:113.14 المتعلق بالجماعات،منشور بالجريدة الرسمية عدد:6380 بتاريخ:06 شوال 1436 ( 23 يوليو 2015)،ص:6660؛
([36])محمد بوجيدة،بعض مظاهر القصور والخلل في نصوص التعمير بالمغرب،مجلة المناظرة،هيئة المحامين وجدة،يونيو 2016 ص:124؛
([37])تنص المادة:288 من قانون المسطرة الجنائية على انه:(اذا كان ثبوت الجريمة يتوقف على دليل تسري عليه احكام القانون المدني او احكام خاصة،تراعي المحكمة في ذلك الاحكام المذكورة)؛
([38])تشكل المشروعية الدعامة الاساسية لدولة الحق والقانون،وبدونها لا يتصور استمرار المرفق العام، ام هذا الاخير وجد لخدمة مصلحة الافراد التي تنصهر مشكلة ما يسمى ( بالمصلحة العامة)،وهي المصلحة التي تبرر كل تصرف تاتيه الادارة،التي لا يمكن مقاومة اعمالها لهذا السبب،مما يجعل قرينة المشروعية قرينة ملازمة لكل تصرف اداري وتخلف هذه الغاية امر يؤول حتما لمقاومة عمل الادارة،ولمبدا المشروعية مرتكزات،وان المبدا لايتصور ان ياخذ على اطلاقه،ولا يتصور ان تتصرف الادارة دون قيود ولا قواعد بل هناك اطار عام يحكم هذا التصرف ويضبطه،غايته الاساسية احداث توازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للافراد، اورده الدكتور نبيل تقني والاستاذ مراد بلهادي في مقالهما بعنوان موازنة مبدا المشرعية المنشور بمجلة المناظرة عدد:21 ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،شتنبر 2018،ص:69؛
([39])في قرار لمحكمة النقض عدد:504 وتاريخ:11-05-2011 في الملف عدد:3427/6/10/2011 جاء فيه:..(انه اذا كان القانون المتعلق بالتعمير يخول الشرطة القضائية معاينة مخالفات البناء اسوة بموظفي الجماعات المكلفين بمراقبة المباني او المفوض لهم بذلك،فان المحاضر المنجزة من طرفهم يوثق بمضمنها الى ان يثبت عكسها باي وسيلة اثبات،ولا يتطلب القانون الطعن فيها بالزور لهدم قوتها الثبوتية)؛
([40])عبد الغني بلغمي،قانون التعمير والتنمية بالمغرب،طبعة 2017،مطبعة الامنية الرباط،ص:34؛
([41])حيمود المختار،دور سياسة التعمير في تنمية وتنظيم المجال الحضري – مساهمة في دراسة المجال الحضري المغربي نموذج ابن مسيك سيدي عثمان- اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،وحدة التكوين والبحث في العلوم الادارية،الدار البيضاء،السنة الجامعية 2000-2001 ص:24؛
([42])القرار الوزيري الصادر بتاريخ:13-10-1993 بشان ترتيب المحلات المضرة بالصحة والمحلات المزعجة والمحلات الخطرة،كما تم تعديله وتتميمه بمجموعة تعديلات اخرها المرسوم رقم:2.72.643 الصادر بتاريخ:11-03-1974،الجريدة الرسمية عدد:3303 بتاريخ:20 مارس 1974،ص:464؛
([43])Denis Clerc.Claude Chalon.Gerard Manin.Herve.Vouillot: Pour un nouvel urbanisme.La ville au Coeur du developpement durable.editions Yves Michel.adeles 2008 p.127)،
([44])ظهير شريف رقم:1.14.09 صادر في 4 جمادى الاولى 1435 ( 6 مارس 2014) بتنفيذ القانون الاطار رقم:99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة،منشور بالجريدة الرسمية عد:6240 صادر بتاريخ:18 جمادى الاولى 1435 ( 20 مارس 2014)؛
([45])ظهير شريف رقم:1.03.59 صادر في 10 ربيع الاول 1424 ( 12 مايو 2003) بتنفيذ القانون رقم:11.03 المتعلق بحماية البيئة،منشور بالجريدة الرسمية عد:5118 صادر بتاريخ:19 يونيو 2003،صفحة:1900؛
([46])ظهير شريف رقم:1.03.60 صادر في 10 ربيع الاول 1424 ( 12 مايو 2003) بتنفيذ القانون رقم:12.03 المتعلق بدراسة التاثير على البيئة،منشور بالجريدة الرسمية عد:5118 صادر بتاريخ:18 ربيع الاخر 1424 الموافق ل(:19 يونيو 2003 )،صفحة:1909؛
([47])يونس ابلاغ،قراءة في القانون رقم:12-66 بشان المراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء،مجلة ملفات عقارية قضايا التعمير والبناء العدد:6،مطبعة ومكتبة الامنية،طبعة 2017،ص176؛
([48])ان للتبليغ اهمية كبرى لارتباطه بالدعوى من بدايتها مع تبليغ الاستدعاء للجلسة الى حين تنفيذ الاحكام الصادرة فيها مرورا بمختلف الاجراءات التحفظية وغيرها،انظر بهذا الصدد اشغال اليومين الدراسيين حول موضوع التعمير،واقع وافاق ( مداخلة عبد العالي هب الريح تحت عنوان القضاء الزجري ومخالفات التعمير)،المحكمة الادارية بوجدة 2-3 نونبر 2001)؛
([49])محمد المنجي،( جرائم المباني)،توزيع منشاة المعارف بالاسكندرية،الطبعة الاولى،1987،ص:251 ؛
([50])مشروع قانون:18-29 المتعلق بتنظيم عمليات البناء الموجود حاليا في الامانة العامة للحكومة؛
في قرار لمحكمة النقض عدد:1243 وتاريخ:07-12-2011 في الملف الجنحي عدد:4441/6/5/2011 جاء فيه:..(مادامت المحكمة الزجرية قد قررت ادانة صاحب البناء عن القتل الخطا الناتج عن انهيار عمارة مجاورة لورش بنائه بسبب اشغال الحفر فانه كان عليها ان تبرز في تعليلها القانوني والواقعي ما هو العمل او الامتناع عن العمل المقترف من طرفه،والذي يعكس احدى صور الخطا المنصوص عليها في الفصلين 432 و433 من القانون الجنائي،والمتجلية تحديدا في عدم التبصر او عدم الاحتياط او عدم الانتباه او الاهمال او عدم مراعاة النظم و القوانين،وان تجيب عن دفعه بانتفاء مسؤوليته الجنائية بكونه عهد باشغال الحفر لمقاولة مختصة تحت اشراف مهندس مسؤول،ولما لم تفعل فان تعليل قرارها يكون مشوبا بالقصور الموجب لنقضه)؛
([51])يقصد بالضبط الاداري،أي اصدار الادارة لمجموعة من الاوامر والتعليمات للمواطنين ترشدهم الى وجوب القيام بعمل ما،او الامتناع عنه،ويكون المغزى من هذه الاوامر والتعليمات دائما الحفاظ على امن المجتمع وحمايته من أي مخالفات قد تلحق الضرر بالنظام العام في المنطقة،ويعد الضبط الاداري اسلوبا وقائيا يتفادى المشاكل والخلافات والتجاوزات قبل وقوعها وكما يمنع اندلاع الفوضى،ويركز على عدة مجالات منها الامنية والصحية والاداب العامة في مجتمع ما؛
([52])تنص المادة:290 من قانون المسطرة الجنائية على ان:(المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شان التثبت من الجنح والمخالفات،يوثق بمضمنها الى ان يثبت العكس باي وسيلة من وسائل الاثبات)؛
([53])نور الدين عسري،منازعات التعمير والبناء محاولة في التاصيل،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس اكدال الرباط،السنة الجامعية 2010-2011 ص:392،الحاج محمد توكي،التعمير،مطبعة سوماكرام 121 زنقة ميشال دولو سبيطال الصخور السوداء،الدار البيضاء،ص:117 ومايليها الى 121 ،للاطلاع على الاشكاليات التي تطرحها قوانين التعمير،كالمادتين 43 و81 من قانون 12.90 والمواد:21 و 29 و58 و60 من قانون 90-25 و ظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنمية التجمعات القروية؛
([54])القوانين رقم:03-.11 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة،و رقم:03-12 المتعلق بدراسة التاثير على البيئة،و رقم:03-13 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء ( للتفصيل اكثر كما سبق ذكرها بمراجعها في الجريدة الرسمية)؛
([55])لا بد من اعادة صياغة مخالفات التعمير بجرائم التعمير اولا انسجاما مع المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية،وثانيا لان الجريمة تطورت،وان لوبيات العقار المخالفين،ولئن تم رفع الغرامات في المخالفات التعميرية المقننة،رغما عن العقوبة الحبسية في حالة العود،فان المعنيين بالامر لديهم من الوسائل الاحتيالية،ما يجعلهم يتجاوزون تلك الغرامات بطرق او باخرى،وان تلك الغرامات لا تحقق الردع المجتمعي ما دامت نيتهم المس بحياة المواطنين بطرق احتيالية ولا ادل على ذلك انهيار العمارات في المدن العتيقة كفاس والدار البيضاء والقنيطرة،بسبب كثرة المتدخلين في التعمير،وتحايل المنعشين والمقاولين والمهندسين في عملية البناء والتعمير دون تحديد للمسؤوليات؛
([56])تنص المادة:24 من قانون المسطرة الجنائية على ان:(المحضر في مفهوم المادة السابقة هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه و يضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه.
دون الإخلال بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص خاصة أخرى،يتضمن المحضر خاصة اسم محرره وصفته ومكان عمله وتوقيعه،ويشار فيه إلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء.
يتضمن محضر الاستماع هوية الشخص المستمع إليه ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء،وتصريحاته والأجوبة التي يرد بها عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية.
إذا تعلق الأمر بمشتبه فيه،يتعين على ضابط الشرطة القضائية إشعاره بالأفعال المنسوبة إليه.
يقرأ المصرح تصريحاته أو تتلى عليه، ويشار إلى ذلك بالمحضر ثم يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو التغييرات أو الملاحظات التي يبديها المصرح، أو يشير إلى عدم وجودها.
يوقع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده. وإذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر.
يصادق ضابط الشرطة القضائية والمصرح على التشطيبات والإحالات.
يتضمن المحضر كذلك الإشارة إلى رفض التوقيع أو الإبصام أو عدم استطاعته، مع بيان أسباب ذلك.)؛
([57])دورية رئاسة النيابة العامة عدد:5 س/ ر ن ع وتاريخ:24/01/2020 الموجهة للسادة الوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف والسادة وكلاء الملك والذي جاء فيها:… ادعوكم الى ايلاء عناية خاصة بقانون 12-66،والتعامل معها بالصرامة اللازمة مع الحرص على ما يلي:مؤازرة السلطات الادارية من طرف فرق اخرى للشرطة القضائية،عند عدم امتثال المخالفين،بمناسبة معاينة المخالفات المرتكبة داخل الاماكن المعتمرة؛
([58]) قضت غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت في الملف عدد:196/19 وتاريخ:27-03-2019 جاء فيه: ( …وحيث إنه بمراجعة ملف القضية وتفحص وثائقه برمتها،يتبدى أن الحكم المستأنف يكون قد صادف الصواب فيما خلص إليه،ذلك انه بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز من طرف الأعوان المكلفين بمراقبة البناء،يتجلى أن المتهم تم ضبطه وهو يقوم ببناء أساس فوق ارض جماعية بحي بحي التقدم بالعيون بدون رخصة ،وبالتالي فان الفعل المرتكب يشكل جميع العناصر التكوينية للمخالفة موضوع النازلة ؛
وحيث إن محاضر المعاينة المنجزة من طرف الأعوان المحلفين والمؤهلين قانونا لإثبات المخالفات لأحكام القانون بشان ضوابط البناء والتعمير هي محاضر يوثق بمضمنها حسب مقتضيات المادة : 65 من الظهير الشريف رقم : 31-92-1 المؤرخ في : 17/06/1992 المتعلق بالتعمير،والمعدل بقانون:12-66 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ:19-09-2016؛
وحيث إن الحكم المستأنف جاء معللا تعليلا كافيا وسليما ومحاطا من جميع جوانبه الواقعية والقانونية مما يتعين تأييده مع تبني حيثياته وتعليلاته؛
وحيث إن المستأنف طالما لم يستدل بما من شانه إلغاء الحكم المستأنف جزئيا أو كليا مما يتعين تأييده؛
وحيث إن المحكمة لما تبين له أن الجزاء قاس بالنظر إلى خطورة الفعل المرتكب من قبل المتهم المدان وشخصية الفاعل،ارتأت معه تمتيعه بظروف التخفيف القضائية لظروفه الاجتماعية؛
وحيث يتعين تحميل المستأنف الصائر والإجبار في الأدنى؛
وتطبيقا للمواد : 24 و 289 و 298 و 346 إلى 349 و 368 و 405 و 676 و 636 من ق المسطرة الجنائية،والفصلين:146 و 150 من القانون الجنائي
والمواد : 1 و 40 و 64 و 65 و 66 و 71 من ظهير : 17/06/1992 بشان التعمير المعدل بقانون:12-66؛….لهذه الاسباب،حكمت المحكمة علنيا نهائيا و حضوريا :
في الشكل: بقبول الاستئناف؛
في الموضوع:بتأييد الحكم المستأنف مبدئيا مع التخفيض من الغرامة إلى مبلغ ألفي (2000) درهم،وتحميل المستأنف الصائر والإجبار في الأدنى)؛
([59])من الطبيعي جدا ان يحصل تداخل وتشابك بين اختصاصات مختلف السلطات والفاعلين في ميدان التعمير بسبب تشتيت صلاحيات تدبيره وخاصة على مستوى التعمير العملياتي ( رخض التعمير) والمراقبة،بين مجموعة من المتدخلين بدل اسناد الامر لجهة واحدة تتوفر على الوسائل الكفيلة بفرض احترام ضوابط التعمير ووثائقه،علما ان قطاع التعمير يكتسي اهمية بالغة بالنسبة لبلادنا وفي نفس الوقت خطورة كبيرة في حالة الانحراف عن تطبيق قواعده،فلا احد يعرف في الظروف الراهنة حدود مسؤولية كل من الدولة بمكوناتها المختلفة ( مصالح مركزية ومصالح عدم التركيز والوكالات الحضرية وغيرها..واذا اقتصنا على القانون:14-113 المتعلق بالجماعات،فالمادة:92 منه تخول لرئيس المجلس الجماعي صلاحيات في ميدان التعمير والبناء واعداد التراب الوطني وابداء الراي حول وثائق اعداد التراب الوطني ووثائق التعمير دون تحديدها بدقة مما سيكون مصدر للتداخل والتضارب،كما ان المادة:101 منه منحت رئيس المجلس الجماعي صلاحية السهر على تطبيق القوانين والانظمة المتعلقة بالتعمير واحترام ضوابط وتصاميم اعداد التراب الوطني ووثائق التعمير وهو ايضا اختصاص عام ومبهم،كما خولته صلاحيات رخص البناء والتجزئة والتقسيم واحداث مجموعات سكنية ومنح رخص الشهادات المطابقة،غير انها لم تبين ان هناك حالات تعطى فيها رخص من جهة اخرى،كرخص البناء وشهادات المطابقة ورخصى السكنى المتعلقة بالاماكن المخصصة لاقامة الشعائر الدينية الاسلامية يخولها الوالي او عامل العمالة اوالاقليم بعد استطلاع راي لجنة تضم ممثلي القطاعات الوزارية المعنية،كما خول القانون المذكور للباشا مختلف الصلاحيات المسندة لرؤساء المجالس الجماعية بما فيها المتعلقة بالتعمير وذلك في جماعات مشاور القصر الملكي ( المواد:113 الى 114 منه)،ونجد القانون المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات المؤرخ في:25-12-1980 يضيف غموضا في مجال رخص التعمير نظرا لاشتراطه الحصول على رخصة مسبقة من وزارة الثقافة للقيام بعملية ترميم عقار مرتب او تغييره او انجاز بناء جديد عليه،ونفس الشيء بالنسبة للتجزئات العقارية في حالة ارتباطها بعقارات مرتبة او في طور الترتيب،,على مستوى مراقبة التعمير،فان التداخل بين الاختصاصات يتوسع اكثر بحيث نجد العديد من السلطات والجهات والاعوان الذين يراقبون عمليات التعمير والبناء،مما اضر كثيرا بهذا القطاع وشتت المسؤوليات وصعب المحاسبة والمساءلة بخصوص المخالفات المرتكبة والتشوهات التي يعرفها التعمير ببلادنا في مختلف المدن؛
([60])تنص المادة 372 من قانون المسطرة الجنائية على انه:اذا كان الامر يتعلق بمتابعة من اجل جنحة من الجنح المنصوص عليها في المادة 41 من هذا القانون،فانه يمكن للمحكمة المعروضة عليها القضية بناء على ملتمس تقدمه النيابة العامة في حالة تنازل الطرف المتضرر من الفعل الجرمي عن شكايته،ان توقف سير اجراءات الدعوى العمومية،ما لم تكن قد بتت فيها بحكم نهائي؛
([61])المواد من :2 الى 31 من قانون:90-12 المتعلق بقانون التعمير؛
([62])تنص المادة 9 من مرسوم رقم:2.18.475 الصادر في 8 شوال 1440 ( 12 يونيو 2019) المتعلق بتحديد اجراءات وكيفيات منح رخص الاصلاح والتسوية والهدم المنشور بالجريدة الرسمية عدد:6793 وتاريخ:5 ذو القعدة 1440 ( 8 يوليو 2019)،على ان: (رخصة التسوية لا تسلم الا بعد التحقيق من توفر الشروط والضوابط التالية:ضوابط السلامة الواجب مراعاتها في المباني،ومتطلبات الصحة والمرور والجمالية ومقتضيات الراحة العامة،والتقيد بالمقتضيات المضمنة في وثائق التعمير وضوابط البناء المتعلقة بالعلو المسموح به او بالمواقع الماذون فيها او بالمساحة المباح بناؤها او بالغرض المخصص له البناء،وان تكون المنطقة التي تقع فيها البناية موضوع طلب التسوية معدة للتعمير)،يتعين على المعني بالامر الحصول على رخصة البناء بهدف ادخال التغييرات الواجب القيام بها،وعند قيام المعني بالامر بذلك،والتحقق من انجاز التغييرات المذكورة وفق البيانات المضمنة في رخصة البناء،تسلم له رخصة تسوية وضعية البناية،والتي تحل محل رخصة السكن او شهادة المطابقة طبقا لاحكام المادة:55 من القانون 12-90 السالف الذكر
بالمرسوم؛ ([1])
([1])مقال منشور على موقع MAROCDROIT بعنوان:اشكالية عدم قبول طلبات تسوية البنايات غير القانونية موضوع محاضر مخالفات،واثارها على عمليات التحفيظ العقاري،اخر زيارة بتاريخ:13-04-2020 على الساعة:07:35 دقيقة صباحا؛
؛