تعامل القضاء الوطني مع التأمين الدولي في مجال حوادث السير الدولية

تعامل القضاء الوطني مع التأمين الدولي في مجال حوادث السير الدولية

يوسف طلحة youssef.talha   

طالب باحث في القانون الخاص ،سلك الدكتوراه  ،بجامعة محمد الخامس بالرباط ،كلية العلوم القانونية ولاقتصادية والاجتماعية ،سويسي.

مختبر: العلوم القانونية والسياسية

حاصل على  شهادة الاهلية لمزاولة مهنة المحاماة

البريد الالكتروني [email protected]

       يبرز دور العمل القضائي الصادر عن مختلف محاكم المملكة، لاسيما الصادر عن محكمة النقض في مجال تعويض ضحايا حوادث السير التي تتسبب فيها فوق التراب الوطني ناقلات ذات ترقيم اجنبي في التجسيد الفعلي للغايات والأهداف الفضلى التي توخاها المشرع من وراء إرسائه لأنظمة التأمين الدولي على المسؤولية التقصيرية الناتجة عن حوادث السير الدولي ، بل وفي التأثير الفعلي سلبا أو إيجابا على مصداقيته ومركز المغرب ووضعه بين مختلف الأطراف الدولية المنضوية في هذا النظام، لذا يجب رصد تعامل القضاء الوطني مع حوادث السيرالدولي التي تتسبب فيها عرابات برية ذات محرك الحاملة للبطاقة التأمين الدولي المتمثل في  البطاقة الخضراء ومثيلتها من آليات التأمين الدولي في مجال السير البري بالعربات ذات المحرك و تسهيل السير الدولي ،والحفاظ على حقوق المتضررين إثر حوادث السير التي تسببها سيارات ذات ترقيم أجنبي .

وأنظمة التأمين على المسؤولية التقصيرية التي يجب توفرها فوق التراب الوطني لكل عربة ذات ترقييم أجنبي لا تخرج عن :

ـ نظام تأمين الحدود: تطبيقا لمقتضيات الفصل الثامن والتاسع من ظهير 20أكتوبر 1969،صدر القرار الوزاري المؤرخ في 21أكتوبر 1969 المعدل بقرار 26 يوليوز 1970،وقرار13يوليوز 1973المتعلق بتأمين المرور عبر الحدود المغربية ليقضي بان العربة ذات المحرك التي تعبر الحدود المغربية والغير المحصلة  على إحدى وثائق التامين الدولية (البطاقة الخضراء او البطاقة البرتقالية )،يجب لكي تنفذ الإلتزام بالتأمين الإجباري على المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث السيرالمنصوص عليه في التشريع الوطني الجاري به العمل يجب ان تعقد في الحدود نفسها تامينا يدعى تامين المرور عبر الحدود ،وتطرقت اليه مدونة التأمينات الجديدة في المادة 121في فقرتها الأخيرة بنصها :”…في عدم الإدلاء بإحدى البطاقات الواردة أعلاه،يجب على الأشخاص المشار إليهم في الفقرة السابقة من هذه المادة أن يكتتبوا بحدود المملكة عقدا لتأمين تحدد شروط اكتتابه بنص تنظيمي”.

ـ نظام البطاقة البرتقالية : وإيمانا منه بأهمية تشجيع السياحة ،وتيسير التبادل التجاري ،وتسهيلا لانتقال المواطنون العرب بمركباتهم بين الدول العربية ،بادر مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية إلى خلق ما يسمى بالبطاقة العربية الدولية لتأمين على السيارات ،وسميت بالبطاقة البرتقالية لشكلها البرتقالي على غرار البطاقة الخضراء ،وهكذا تم التوقيع على اتفاقيه بطاقة التأمين الموحدة عن سير السيارات عبر البلاد العربية بتونس بتاريخ 26أبريل 1975من قبل أكثر من 23 دولة عربية وإفريقية،من بينها المغرب ،الذي عمل على نشر هذه الاتفاقية بمقتضى ظهير 19 شتنبر1977[1].

ـ نظام البطاقة الخضراء : وأساسها اتفاقية جنيف الصادرة في 19 شتنبر 1949المتعلقة بالسير الدولي والتي تعتبر التوصية رقم 5 بتاريخ 25 يناير 1949 للأمم المتحدة هي الاساس في خلق النظام الدولي للبطاقة الخضراء ،والتي صادق عليها المغرب بمقتضى ظهير 8 دجنبر 1959، وعلى اوفاق لندن المكونة للبطاقة الولية للتأمين بعد استفاء الشروط القانونية والضمانات المالية، سنة 1969[2]،مع تزكية فرنسا باعتباره بلد مؤسس وذلك بمقتضى ظهير 18مارس 1969[3].

وبما أن حوادث السير الدولي تعد مظهرا من مظاهر الأعمال الغير المشروعية ،تنشأ عن وقوعها علاقة قانونية تقوم على وجود متضرر ومتسبب في الحادثة ،وعلاقة سببية قائمة بين الضرر والفعل الضار، وهذه العناصر في مجموعها تشكل الشروط القانونية للمسؤولية التقصيرية ،اضطلع القضاء ببلادنا لا سيما على مستوى اعلى هيئة قضائية بأدوار متميزة في تأصيل قواعد هذا النظام وتجسيد الأهداف والغيات الفضلى من إعمال مقتضياته فوق تراب المملكة .

والقضاء المغربي راكم منذ بدأ هذا النظام بالمغرب مجموعة من القواعد المبدئية الي أسهمت في توحيد تطبيق هذا النظام بالمغرب وغدت قواعد مرجعية للتعامل مع حوادث السير الدولي الحامل أصحابها للبطاقات الدولية للتأمين خصوصا البطاقة الخضراء خاصة  نظرا لولوج المغرب عدد كبير من السيارات ذات الترقيم الأجنى للدول المنضوية تحت هذا النظام الدولي  .

وعموما وجود بطاقة خضراء صالحة يضمن وجود تأمين إجباري عن المسؤولية المدنية ،لكن غياب هذه البطاقة يترتب عنه انعدام التأمين لتخلف ركن مهم في التأمين الدولي للعرابات ذات الترقيم الأجنبي داخل النطاق الدولي لهذا النظام (المحور الثاني )،وانعدام التأمين يحرم المسؤول عن الحادثة من حلول المؤمن مكانه في الأداء ،مما يصبح معه في وضع المسؤول عن الحادث ومرتكب لجنحة  عدم التأمين في التشريع المغربي ،وفعالية  البطاقة الخضراء مرتبط  بصلاحيتها من حيث النطاق الجغرافي (المحور الأول ).

 المحور الأول: صلاحية البطاقة الخضراء من حيث النطاق الجغرافي

     امتداد التأمين الدولي في مجال السير بالعربات ذات المحرك خارج الحدود الإقليمية مرتبط بوجود بطاقة دولية للتأمين أولا، و صالحة زمانيا ومكانيا، ثانيا ،هذه الصلاحية التي لا تتوفر إلا بوجود بطاقة دولية متوفرة على جميع البيانات الإلزامية المشترطة قانونا ،لكي تتوفر الكفاية الذاتية لهذه البطاقة وتعتبر تأمينا دوليا ساري المفعول والصلاحية كما جاء في قرار لمحكمة النقض ردا على وسيلة الطعن القاضية بخرق المادة 121 من مدونة التأمين حيث ان الوثيقة المرفقة بمحضر الضابطة القضائية ليست ببطاقة خضراء وإنما مجرد مقترح عقد تأمين ،وان المادة المذكورة تفرض لسريان التأمين في مجال السير الدولي  وجود بطاقة خضراء ،وهو ما ذهبت خلافه محكمة النقض بالقول ان صاحب السيارة الأجنبية كان مؤمنا لدى شركة التأمين الأجنبية (اينيون)طالبة النقض تأمينا دوليا ساري المفعول والصلاحية داخل المغرب حسب الثابت من بوصيلة التأمين والبطاقة الخضراء المرفقة بالمحضر والتي تثبت الضمان.

الفقرة الأولى: غياب البيانات الإلزامية في البطاقة الخضراء

        تعتمد صلاحية البطاقة الدولية للتأمين على توفرها مجموعة من البينات الإلزامية الخاصة بالبطاقة أولا وبالمؤمن ثانيا، وبالبلد الذي وقعت فيه الحادثة ثالثا، وغياب هذه البينات أو إحداها يترتب عنه نتائج وخيمة ،ومن بينها انعدام التأمين.

ـ غياب الأحرف اللاتينية MAالمميزة للمغرب في البطاقة الخضراء

 حسب الملحق الرابع،من الاتفاقية الدولية بشأن السير الدولي عبر الطرق الموقعة بجنيف بتاريخ 19 شتنبر 1949،فإن الأحرف اللاتينية المميزة للمغرب هي MA)) ،ووقوع حادثة سير دولي فوق التراب الوطني وفي حال توفر تأمين دولي بالبطاقة الخضراء ،يجب أن تتوفر بالإضافة للبيانات الإلزامية خانة المملكة المغربية ،مميزة بحرف MA،وفي حالة وجود بطاقة خضراء غير وارد بها خانة المملكة المغربية يذهب القضاء للتصريح بعدم صلاحية هذه البطاقة فوق تراب المملكة المغربية وبالتالي التصريح بانعدام الضمان .

وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في قرار عدد 813/2[4]،الصادر 02/07/2008حيث ذهب للقول بشأن وسيلة النقض القاضية بانعدام التامين طبقا للمادة121 من مدونة التأمينات والملحق الرابع من إتفاقية جنيف الخاصة بالسير الدولي  ،وعدم تضمن البطاقة الخضراء اسم المغرب في الخانة المخصصة لذلك، وذهبت محكمة النقض لتأييد الوسيلة المتخذة بعلة  انه بمقتضى المادة 121،ولكي تقوم البطاقة الخضراء  كوسيلة لإثبات إجبارية التأمين بالنسبة للأشخاص القاطنين بالخارج والذين يدخلون للمغرب عربة ذات محرك غير مسجلة به يجب ان تكون تلك البطاقة صالحة من حيث المدة وان تدرج المغرب في نطاق الضمان   والحال ان البطاقة لم تتضمن اسم المغرب بالأحرف اللاتينية المميزة له وهي MAحسب اتفاقية السير الدولي عبر الطرق ،وهوما يزكي الدفع بانعدام التأمين طبقا للمادة 121 من مدونة التأمينات.

وإلى جانب أثر  غياب الأحرف المميزة للمغرب، نجد نفس الأثر يترتب عن  بعض الحالات التي يكون فيها رمز البلد غير ظاهر بشكل واضح او مخفي .

ـ غياب اسم ومقر الشركة المؤمنة  في البطاقة الخضراء

ترتبط صلاحية البطاقة الدولية للتأمين بتوفرها على جميع البيانات الإلزامية، وغياب البينات المعرفة بالمؤمن الأجنبي يترتب عنه بالإضافة لانعدام التأمين، عدم جواز إدخال المكتب المغربي في الدعوى، وهو ما ذهب إليه قرار المجلس الأعلى عدد 439/11الصادر بتاريخ 28/03/2007[5]،في شان الجواب على وسيلة النقض  بخرق القانون وانعدام الاساس القانوني  القاضي بأن على كل سائق أجنبي أن يتوفر على تأمين دولي يسمى البطاقة الخضراء والتي يجب ان تكون سارية المفعول زمانا ومكانا وصحيحة شكلا وموضوعا بتوفرها على كل العناصر القانونية والتي يترتب عنى غيابها بطلان البطاقة وبالتالي إنعدام التأمين ،ومن هذه البيانات اسم المكتب المصدر واسم وعنوان الشركة المؤمنة التي سلمت البطاقة وتوقيعها بالخانتين 8و9 الموجودة بالبطاقة، وهو ما أيدته محكمة النقض بالقول أن المتسبب في الحادثة أجنبي أدلى بالبطاقة الخضراء إلا أنها لا تتضمن العناصر الخاصة بالشركة الأجنبية المؤمنة من توقيع واسم الشركة المؤمنة الحقيقية ،وأن المكتب المصدر لها ينحصر دوره فقط في التمثيل، وحيث أن إدخال المكتب المغربي المركزي في الدعوى لا يتأتى إلا إذا كانت شركة التأمين الأجنبية معرف بها تعريفا نافيا للجهالة وإلا فكيف يمكن مطالبة الوكيل في غياب الموكل ،والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عندما اعتبرت المكتب الإسباني شركة تأمين وقضت بإحلاله محل المسؤول المدني في أداء التعويض بواسطة المكتب المركزي المغربي تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه، وعرضت قرراها للنقض .

وهذا التوجه هو المستقر عليه قضائا ففي قرار لمحكمة النقض بتاريخ 23/07/2014[6]،ذهبت للقول في شأن الجواب على الوسيلة المتخذة في النقض المرفوع من طرف صندوق ضمان حوادث السير في شأن خرق القانون وانعدام الاساس القانوني لكون الحكم استبعد وثيقة التامين الدولية لعدم إشارتها الى اسم شركة التأمين المدخلة في الدعوى أو أي شركة أخرى ولم تطلع على الوثيقة المقدمة من طرف المتهمة والتي تحمل اسم شركة أكسا واسم شركة كوسطا فييروجيوفاني الذي لم يدخل أصلا في الدعوى والقول بتسجيل صندوق ضمان حوادث السير لا يشكل حالة من حالات انعدام التأمين ،وهو ما ذهبت خلافه محكمة النقض معللة ذلك بكون البطاقة الخضراء والمدلى بها لا تحمل اسم شركة التأمين ولا توقيعها حتى يعتد بها وبذلك تبقى الوثيقة غير حاملة للمواصفات المتطلبة بخصوص البطاقات الدولية ولما تبين أن الوثيقة تحمل اسم السيارة واسم شخص أخر لا علاقة له بالقضية ولا يتضمن اسم شركة التامين أو أي شركة أخرى وبالتالي لا يمكن اعتمادها للقول بسريان الضمان تكون بذلك المحكمة قد استعمل قضاتها سلطتهم في تقييم وثيقة  وقد استبعدوها بما هو مقبول فالوسيلتان على غير أساس . 

الفقرة الثانية :الصلاحية الزمانية والمكانية للبطاقة الخضراء

       تعد الصلاحية الزمانية والمكانية للبطاقة من بين أهم البيانات الإلزامية التي يجب أن تتوفر في البطاقة الدولية للتأمين لتكون صالحة للقيام بدورها في تأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث السير الدولي .

 ـ خانة المملكة المغربية MAمشطب عليها في البطاقة الخضراء

         تعمد بعض شركات التأمين الأجنبية إلى التشطيب على خانات المتضمنة للحروف اللاتينية لبعض الدول[7]، وفي حالة دخول حاملي هذ البطاقات لدولة التي تم التشطيب فيها على الخانة المعرفة بها ،وتسببها لأضرار داخل ترابها ،تلجأ المحاكم للحكم بانعدام التأمين بعلة عدم سريان التأمين الدولي فوق تراب الدولة المشطب عليها من البطاقة الخضراء، لكون هذا التشطيب يعدم الصلاحية المكانية للبطاقة الخضراء التي تعد شرط جوهري لصحة البطاقة الخضراء ،وبالتالي تحمل المسؤول عن الحادث تعويض الأضرار، والعقوبات المقررة لانعدام التأمين .وفي هذا المنحى سار العمل القضائي المغربي  في عدة قرارات قضائية صادرة عن  محكمة النقض خصوصا ،المجلس الأعلى سابقا حيث ذهب في قرار له بتأييد الدفع بانعدام الضمان على أساس أن البطاقة الخضراء غير صالحة للمرور بها على التراب المغربي بسبب التشطيب على خانة المغرب من البطاقة الخضراء[8]،مما يجعلها غير صالحة للاستعمال فوق الدولة المشطب عليها ،ويعتبر صاحبها غير موفي لتأمين الإجباري داخل تلك الدولة ،وقد يزكي هذا تضمين البطاقة الخضراء عبارة تدل على عدم صلاحيتها فوق التراب الدول المشطب عليها[9]، وكون صلاحية البطاقة من حيث المدة التي وقعت فيها الحادثة لا يعني صلاحيتها للتأمين المسؤولية مالم تكن صالحة في نفس الوقت من حيث المكان[10] .

معاينة الضابطة القضائية للبطاقة الخضراء وتضمين التشطيب على خانة الخاصة بالمغرب يعني أنها لا تؤمن حاملها على التراب الوطني وعلى من يدعي العكس أن يثبته طبقا للقواعد العامة[11]،وفي حال عدم الإشارة لذلك في المحضر الضابطة القضائية او المعاينة لتشطيب في البطاقة الخضراء على خانة المغرب ووجود نسخة منها في الملف منصوص فيها على أنها لا تؤمن المسؤولية في الدول المشطب عليها كاف لتبرير الحكم بانعدام ضمان الشركة المؤمنة ،وتحمل المتسبب لوحده مسؤولية الحادث [12].

فمن أدلى بحجة فهو قائل بها ومادام البطاقة الخضراء تحمل عبارة غير صالحة للبلدان المشطب عليها والتي من بينها المغرب، فيبقى وجودها كعدمه ولو كان التشطيب بخط اليد مادام لم يثبت أنه تم خارج إرادة الطرفين المتعاقدين[13].

ـ صور أخرى لانعدام الصلاحية المكانية والزمانية للبطاقة الخضراء

      وإلى جنب التشطيب ،على خانة المملكة المغربية مما يترتب عنه انعدام تأمين مسؤولية المدني لسائق  السيارة ذات الترقيم الأجنبي  التي تسببت في  حادثة سير فوق التراب الوطني ،نجد حلات أخرى لانعدام الصلاحية الزمانية والمكانية للبطاقة الخضراء ومن بين هذه الحالات نجد :

ـ زورية  البطاقة الخضراء التي تتخذ فيها المحاكم الحذر الشديد للقول بزورية البطاقة الخضراء لما فيه من ضياع حقوق المتضررين في الحصول على التعويض من طرف المؤمن المصدر للبطاقة الخضراء لذلك نجد محكمة النقض تذهب الى رفض الطعون المتعلقة بالزورية  مالم يظهر موجب للأخذ بزوريه البطاقة،ففي قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 10/3/2011 [14]،بناء على طلب النقض المرفوع من طرف شركة التأمين الأجنبية الرامي لنقض القرار الصادر عن الغرفة الجنحية والقاضي بتايد الحكم الابتدائي القاضي بجعل المسؤولية على المتهم والحكم عليه بأداء التعويضات لفائدة المتضرر مع إحلال  شركة التأمين الأجنبية محل مؤمنها في الأداء ،بناء على وسيلة النقض المتمثلة في نقصان التعليل الموازي لانعدامه وعدم تطبيق القانون تطبيقا سليما وعدم إستجابة المحكمة للدفوع المثارة بشأن الضمان من خلال مقتضيات المادة 121من مدونة التأمينات ،واخراجها من الدعوى ،واحتياطيا ايقاف البث في الدعوى  المدنية الى حين معرفة مآل الشكاية من أجل تزوير البطاقة الخضراء لكون رقم العقدة بالبطاقة لا وجود لها بسجلات العارضة والعنوان المضمن بالبطاقة لا وجود له بمدينة تورينو الايطالية مما يفيد قطعا زورية البطاقة ،وهو ماردت عليه محكمة النقض بالقول بأن من يتمسك بزورية البطاقة الدولية  عليه سلوك مسطرة الادعاء العرضي بالزور المنصوص عليه في المواد 584و586 من المسطرة الجنائية وأن الاكتفاء بتوجيه شكاية إلى النيابة العامة لايمس بحجية شهادة التأمين لذلك يكون الضمان قائما ويتعين رد الدفع المثار تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما ولم تخرق أي مقتضى قانوني وما بالوسيلة على غير أساس.

وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 21/05/2014[15]،في شأن  الجواب على وسيلة النقض التي تدفع بزورية البطاقة الخضراء ،والقول بأن شكاية المرفوعة من اجل التزوير والتي صدر في شأنها حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به ببراءة المتهمين بعد سلوك مسطرة الزور، وواصلت البت في القضية انطلاقا من صحة البطاقة الخضراء وبالتالي فإن المحكمة لما قضت بإحلال شركة التأمين الأجنبية الطاعنة محل مؤمنها في الأداء مراعية عدم زورية البطاقة الخضراء وانها لها علاقة بالطاعنة تبعا لمعطيات الموجودة بالملف يكون قرارها جاء مرتكزا على أساس قانوني سليم ومعلا بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس  .

ـ بطاقة خضراء دولية بدون مدة صلاحية الزمانية ؛

ـ بطاقة خضراء دولية منتهية الصلاحية الزمانية؛

ـ بطاقة خضراء دولية فارغة؛

كما أنه في بعض الحالات يثور الشك في صلاحية البطاقة كأن تكون مثلا :

ـ رمز البلد مخالف للمكتب المصدر مما يترتب عنه مراجعة المكتب المركزي المغربي؛

ـ رمز البلد مخالف لأصل السيارة مما يترتب عنه مراجع المكتب المركزي المغربي للتأكد من صلاحية البطاقة الدولية للتأمين .

المحور  الثاني: انعدام بطاقة التأمين داخل النطاق الجغرافي المشمول بهذا النظام الدولي

يقوم التأمين الإجباري من المسؤولية المدنية عن العربات الأجنبية ذات المحرك على توفر البطائق الدولية للتأمين، وتأمين المرور عير الحدود المنصوص عليهم في الفصل 121 من مدونة التأمينات، وتشكل هذه الوثائق بالنسبة للمغرب حاليا ،ركن التأمين الدولي في هذا المجال ،مع متمنياتنا الانضمام لأنظمة جديد خصوصا في افريقيا، تزامنا مع توجه المملكة في سياستها  التعاونية جنوب جنوب.

ودخول عربة ذات ترقيم أجني للتراب الوطني دون توفرها على بطاقة دولية للتأمين يترتب عنه انعدام التأمين(الفقرة الأولى)، كما أنه يترتب عن دخول سيارة للتراب الوطني دون تأمين وتسببها في أضرار يرتب  مسؤولية مؤسسات الدولة عن تقصيرها في أداء مهامها ،(الفقرة الثانية ).

ـ الفقرة الأولى: صور غياب البطاقة الخضراء

       يكون غياب التأمين الإجباري في حالة انعدام بطاقة دولية للتامين ،وكذلك في حالة وجود بوصيلة للتأمين محلية للبلد الأجنبي .

1ـانعدام البطاقة الدولية للتأمين

تعد البطاقة الدولية للتأمين الخضراء والبرتقالية ،وتأمين المرور عبر الحدود كما سبق التطرق إلى نصوص القانونية المؤطرة لهذه الأنظمة ،الآليات الوحيدة المعتمدة قانونا و قضائيا للقول بوجود تأمين من المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث السير التي تسببها السيارات ذا الترقيم الأجنبي فوق التراب الوطني المغربي ،وانعدام هذه الوثائق يترتب عننه مباشرة الحكم بانعدام التأمين، وهو مازكته المحاكم المغربية وخصوصا المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا في عدة قرارات قضائية نذكر منها ،القرار عدد 940/2[16]،الذي جاء فيه أن اعتماد صلاحية التأمين فوق التراب المغربي بوثيقة تأمين اجنبية صالحة فقط فوق التراب الإيطالي مخالف لمبدأ إقليمية القوانين ،ومخالف لنصوص القانونية ومنها المادة 121 من مدونة التأمينات ، والفصل 8و 9من من ظهير 20/10/1969 المتعلق بالتأمين الإجباري على السيارات[17]،وبالتالي فإن وجود شهادة تأمين  أجنبية صالحة داخل  التراب المغربي ودون التوفر على البطاقة الخضراء لا يترتب عنه امتداد الضمان داخل المغرب الذي يستلزم الحصول على البطاقة الخضراء ليمتد مفعول التأمين المبرم مع الشركة الأجنبية إلى المغرب ، وبالتالي انعدام التأمين  الدولي الإجباري، مما تكون وسيلة النقض القاضية بان المشرع لم يرتب أي أثر على عدم توفر على البطاقة الخضراء مادام ان التأمين قائم بواسطة شهادة تأمين أجنبية .

وهو ما سار عليه العمل القضائي في قرارات متعددة منها القرار عدد5848[18]،الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 23/12/1999  الذي جاء فيه ان كل سائق ناقلة يسير في المغرب سيرا دوليا يعتبر موفيا لواجب التأمين إذا كان يحمل بطاقة تامين دولية ،وأنه لما كانت وثائق الملف لا تتضمن ما يفيد توفر سائق على هذه البطاقة رغم كون المؤمن له بالخارج ،فعدم وجود بطاقة دولية للتأمين يترتب عنه انعدام التأمين الإجباري مباشرة .

وفي قرار أخر صادر بتاريخ 24/02/2000عدد 830[19] ذهبت محكمة النقض إلى تأييد ما نعت الوسيلة  بخرق القانون وسوء التعليل من خلال عدم تكليف المدعي بإثبات وجود البطاقة الخضراء طبقا للفصل 399 من ق ،ل ،ع  ،وان وثيقة التأمين الأجنبية لا يمتد بواسطتها الضمان إلى التراب المغربي مالم توجد بطاقة خضراء أو تامين الحدود وهو ما تضمنه محضر الضابطة القضائية ،فجاء موقف محكمة النقض بالقول ان شركة التأمين الطالبة بواسطة المكتب المركزي سبقت ان دفعت بإنعدام التأمين لعدم وجود بطاقة خضراء ،والذي ردته محكم الاستئناف معتبرة أن إبرام عقد تامين على تراب الدولة الإيطالية كاف لتمديد مقتضاه وآثره القانوني على تراب المغربي  دون ان تكلف المدعي طبقا للفصل 399 من ق،ل،ع  لإثبات توفره على البطاقة الخضراء التي تثبت تمديد التأمين فوق التراب الوطني المغربي ،تكون قد عللت قرارها تعليلا سيئا أدى إلى خرق القانون فكان ما بالوسيلة واردا على القرار ومبررا لنقضه جزئيا في ما قضى به من إحلال محل المسؤول المدني في الأداء.

وفي قرار أخرعدد 1885[20] عابت الطاعنة على القرار خرق القانون وعلى الخصوص الفصل 8و9 من ظهير 20/10/1969المتعلق بالتأمين الإجباري بدعوى أنها أثارت الدفع بانعدام الضمان لعدم توفر المطلوب في النقض على البطاقة الخضراء والمحكمة ردت الدفع  بأن عدم الادلاء بها لا يفيد قطعا بانعدام التأمين  مادام سائق السيارة يتوفر  على تأمين بلده وانه لا يوجد نص يفيد انعدام التأمين في حالة عدم وجود بطاقة خضراء ،في حين طبقا لظهير المذكور فإن التأمين الدولي  يجب ان يكون اما بإبرام تامين على الحدود او وجود بطاقة خضراء ،وهو ما أيده موقف محكمة النقض بالقول انه بمقتضى الفصل 8من ظهير 20/10/1969 فإن كل سائق ناقلة حسب مدول الاتفاقية الدولية  الخاصة بالسير الدولي يكون مقيما بالخارج ويسر في الغرب سيرا دوليا لا يعتبر مؤديا لواجب التأمين إلا إذا كان حاملا للبطاقة الخضراء وعليه فإن المحكمة لما اعتمدت على قضائها على ما ذكر بالوسيلة تكون قد عللت قراراها تعليلا فاسدا أدى إلى خرق القانون مما يستوجب نقضه جزئيا فيما يخص الضمان .

وفي قرار أخر[21]ذهب المجلس الأعلى لرد بالتأييد على وسلية النقض  المتمثلة في خرق القانون خصوصا ظهير 20 اكتوبر1969 والفصل 399 من ق ،ل،ع ،ذلك بالرجوع لمحضر الضابطة القضائية لا يوجد ما يثبت وجود البطاقة الخضراء ،ووجود شهادة تامين محلية بين المؤمن والمؤمن له ،ولم يثبت المؤمن له وجود بطاقة خضراء ،واعتبر الحكم الابتدائي والاستئنافي ان عدم الادلاء المسؤول المدني بالبطاقة الخضراء لا يعني عدم وجودها ،مما يشكل خرقا  للفصل 399 من ق ،ل،ع ولظهير 20 اكتوبر 1969 ولذي بمقتضاه يعتبر كل سائق يسير سريا دوليا موفيا لواجب التأمين إذا كان يحمل بطاقة تأمين دولية تدعى البطاقة الخضراء أو يكتتب تّأمينا على حدود المملكة  ،وقال  على انه من يطالب بالتزام شركة التأمين بالضمان عليه أن يثبت وجود هذا الضمان ،وأن التأمين لسائق يسير سيرا دوليا لا يكون موفيا إلا بوجود بطاقة خضراء صالحة للسير بالمغرب  أو تأمين الحدود،والمحكمة عندما ردت الدفع بانعدام الضمان للانعدام البطاقة الخضراء بعلة أن النزاع يدود حول نطاق التأمين لا حول وجوده وانه استثناء من الاصل المنصوص عليه في الفصل 399 من ق،ل،ع كان على شركة التأمين التي دفعت بكون العقد الرابط بينها وبين المؤمن لها ينحصر مفعوله بالتراب الاسباني ولا يتعداه إلى غيره  ان تدلي بنسخة من العقد وان عدم حمل البطاقة الخضراء لا يعني عدم وجودها تكون قد خرقت الفصول المشار إليهما اعلاه وعرضت قرارها للنقض .

وفي قرارات حديثة لمحكمة النقض زكت التوجه السابق جاء في قرار صادر بتاريخ 20/03/2013[22]،جوابا على وسيلة النقض المتخذة في خرق القانون خصوصا الفصل 121من مدونة السير والمادة 121 من مدونة التأمين حيث انه قضت بقيام الضمان رغم عدم وجود البطاقة الخضراء بالنسبة للسيارة الأجنبية ،حيث تبن لمحكمة النقض صحة ما نعته الوسيلة  حيث انه طبقا للمادة 121 من مدونة التامين المذكورة لا يعتبر التأمين موجودا لسائق سيارة أجنبية إلا بتوفره على البطاقة الخضراء صالحة لسير بالمغرب او تأمين الحدود ،والمحكمة المصدرة للقرار لما ردت الدفع بانعدام الضمان لانعدام البطاقة الخضراء وقضت بإحلال الطاعن محل المؤمن في الأداء بعلة أن الدفاع اكد وجود البطاقة وأدلى بنسخة منها والحال بالرجوع للوثيقة المستدل بها تبين أنها لا تعدو أن تكون شهادة تسجيل السيارة لا علاقة بالمسؤول المدني عن السيارة المتسببة في الحادثة مما يكون معه القرار المطعون فيه لما صدر على النحو المذكور جاء مشوبا بسوء التعليل الموازي لانعدامه وبالتالي يكون عرضة للنقض والإبطال بهذا الخصوص .

وعلى نفس المنوال سار قضاء الموضوع ففي قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط ردت على طعن شركة التأمين الاجنبية بالاستئناف لخرق المحكمة الابتدائية  للفصيلين 8و9 من ظهير 20 أكتوبر 1969 عندما قضت بقيام الضمان رغم انها ادععت بانعدام التأمين لعدم التوفر على البطاقة الخضراء ،فذهب للقول بأن المستأنف عليه لا يتوفر على البطاقة الخضراء التي تجعل التأمين ممتدا الى التراب المغربي ،كما أنه لم يدل بما يثبت ابرام عقد التأمين عبر الحدود مما يعتبر معه المسؤول المدني غير مؤمن على مسؤوليته المدنية في التراب المغربي ويكون دفع شركة التأمين الرامي الى إخراجها في الدعوى لإنعدام الضمان مؤسسا[23].

 فانعدام البطاقة الدولية للتأمين أو ما يقوم مقامها قانونا في هذا النوع من الحوادث يترتب عنه انعدام التأمين على المسؤولية المدنية ،وبالتالي يصبح المتسبب في الحادث هو المسؤول الوحيد عن ما خلفته الحادثة من أضرار .

2ـ وجود وثيقة تأمين محلية لدولة أجنبية

تعد البطاقة الخضراء المحدد الرئيسي الى  جانب مثيلتها من البطائق الدولية ،وتأمين الاجانب عبر الحدود لامتداد الضمان خارج النطاق الجغرافي الاقليمي للدولة في مجال السير الدولي بالعربات ذات المحرك ،وفي حالة انعدامها أو توفر وثيقة تامين محلية خارج الدولة المصدرة لها لا يترتب عنه امتداد مفعول الضمان خارج بلد المؤمن ،وهو ما سار عليه العمل القضائي المغربي.

فجاء في قرار محكمة النقض[24]،وبناء على طلب النقض المرفوع من طرف شركة التأمين الأجنبية الممثلة بالمغرب من طرف المكتب المركزي  المرتكز على خرق  حقوق الدفاع وخرق مقتضيات الفصلين 8و9 من ظهير 1969 والمادة 121 من مدونة التأمين ،وعدم الرد على  الدفع المثار بشأن  إنعدام التأمين ورفضه على أساس وجود وثيقة تأمين بالملف دون إعتبار البطاقة الخضراء از تأمين عبر الحدود وان شهادة التأمين التي اعتمدها القرار صالحة داخل ايطاليا فقط بحكم إقليمية القوانين لكونا صادرة عن شركة التأمين الاجنبية الايطالية وأن هذه الشهادة حتى ولو كانت صحيحيه فهي غير صالحة كشهادة تامين داخل المغرب ووجودها يساوي انعدامها ـوان محكمة الاستئناف عندما قضت بإحلال شركة التامين المذكورة الممثلة في المغرب من طرف المكتب المركزي  تكون خرقت الفصول المذكورة اعلاه مما يجعل قرارها معرضا للإلغاء لعدم ثبوت الضمان ،ذلك ان الحلول لا يتصور الا في العلاقة بين شركة التأمين ومؤمنها في إطار عقد التأمين الذي تمثله البطاقة الخضراء او تأمين عبر الحدود بالنسبة للسيارات الأجنبية التي تتسبب في حوادث سير داخل المغرب ،جاء قرار النقض مؤيدا لما عابته الطاعنة ذلك أن توفر المؤمن له على عقد تأمين داخل حدود بلده لايعني امتداد مفعوله واستمرار مدة صلاحيته خارج بلد المؤمن له طالما لا يتوفر على البطاقة الخضراء التي تحدد مدة التأمين لكل صاحب سيارة في حالة سير دولي ،ولما كان المسؤول المدني لا يتوفر أثناء وقوع الحادث على البطاقة الخضراء أو عقد تأمين المرور عبر الحدود  حسب وثائق الملف فإن المحكمة لما ردت الدفع بإنعدام التأمين بعلة ان المتهم يتوفر على وثيقة تأمين محلية صالحة تكون قد خرقت مقتضيات المادة121 من مدونة التأمين وركزت قرارها على غير أساس وعرضته لنقض بخصوص الضمان .

وهذا التوجه الذي تبنته محكمة النقض في قرارها السابق ،هو امتداد لما صار عليه العمل القضائي سابقا بحيث جاء في قرارصادر بتاريخ 31/05/2006[25]،ردا على ماعابته الطاعنة بخرق الفصل 8 و9من ظهير 1969 القاضين بأن كل سائق  عربة أجنبية لا يعتبر موفيا للضمان إلا إذاكان يحمل بطاقة خضراء صالحة  أو تأمين المرور عبر الحدود ،وان ما أشار اليه القرار المطعون فيه فهي عقدة تخص التامين داخل التراب الإسباني مما تكون معه المحكمة قد خرقت القانون عندما أيدت الحكم الابتدائي القاضي بتحميل المسؤولية للسائق واعتبار شركة النقل أوطوريفرا مسؤولة مدنيا والحكم عليها بأداء التعويضات مع إحلال شركة التأمين الإسبانية محل مؤمنها في الأداء، حيث تبنت محكمة النقض مانعته الوسيلة ذلك ان وثيقة التأمين التي اعتمدتها المحكمة تخص الضمان داخل التراب الإسباني ولا يوجد ضمن وثائق الملف ما يثبت وجود البطاقة الخضراء او عقد تامين المرور عبر الحدود ولذلك يبقى ماعابته الطاعنة على القرار واردا عليه ومبررا لنقضه بخصوص الضمان وصرف النظر عن باقي ما استندت إليه الطاعنة .

    مما سبق نستنتج  ان كل سائق ناقلة حسب مدول الاتفاقية الدولية الخاصة بالسير على الطرق يكون مقيما بالخرج، ويسير في المغرب سيرا دوليا حسب مدلول الاتفاقية لا يعتبر مؤديا لواجب التأمين إلا إذا كان حملا لبطاقة الخضراء صالحة بالمغرب [26]،ومن يطالب الشركة المؤمنة بالضمان عليه بداية أن يثبت هذ الضمان الذي لا يعتبر موجودا بالنسبة للمسؤول المدني إلا إذا كان متوفرا على بطاقة خضراء صالحة فوق التراب الوطني .

الفقرة الثانية :مسؤولية الدولة في حالة انعدام البطاقة الخضراء

  يعد تحمل الدولة في شخص  إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لمسؤوليها الادارية عن الخطأ المرفقي حسب مقتضيات الفصول 79و80 من ق .ل.ع.م ،من خلال السماح للعربات الدخول للتراب الوطني دون تأمين ،وتحملها أداء التعويض عن الأضرار اللاحقة بالأشخاص والممتلكات الذين أصيبوا في حوادث السير التي تسببها هذه العربات مظهرا من مظاهر العدالة لكونها هي المسؤولة قانونا عن دخول هذه العربات دون تأمين .

ويعود الاختصاص النوعي في مثل هذه القضايا للمحاكم الإدارية حسب مقتضيات الفصل 8 من قانون إحداث المحاكم ،وفي هذا الصدد جاء في القرار عدد 48 الصادر بتاريخ 20 يناير2011 في الملف الإداري عدد 1472/4/1/[27]2010،الذي تدور وقائعه حول تعرض السيد الكميري مبارك بتاريخ 7/9/2004 بينما كان يسر بشاحنته  بالطريق الوطنية رقم 1 لحادث اصطدام تسبب فيه سائق أجنبي الذي كان يقود سيارة مسجلة بالخارج تحت رقمDX04VTL المؤمنة لدى شركة أجنبية (نورويش اتحاد) وأنه بتاريخ 27/2/2008 قضت المحكمة الابتدائية بكلميم بإدانة المتسبب في الحادث من أجل عدم ضبط السرعة والجرح الخطأوالفرار عقب الحادث والتجاوز المعيب وبراءته من جنحة عدم التأمين وتحمله كامل مسؤولية الحادث والحكم عليه بأدائه للمطالب بالحق المدني تعويضا قدره 66.645.95درهم وحلول شركة التأمين الاجنبة محله في الأداء ،وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم ،وفتح له ملف تنفيذي عدد454/09،فأفاد جواب المكتب المغربي أن شركة التأمين المعنية ترفض التنفيذ بعلة عدم توفر المؤمن له على البطاقة الخضراء الدولية .

مما تكون معه الدولة هي المسؤولة في شخص ادارة الجمارك عن تقصيرها في مراقبة الحدود ومنع السائق دخول التراب الوطني دون عقد تأمين إجباري أو توفره على البطاقة الخضراء ،وهو السبب الذي ادعت شركة التأمين المحكوم عليها بالأداء محل المسؤول المدني مما يتعن الحكم على الدولة بأداء التعويضات المحكوم بها مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم ،كان رد إدارة الجمارك بالدفع بعدم الاختصاص النوعي استنادا إلى أن المطالبة تتعلق بالتعويض عن أضرار ناتجة إلى أن المطالبة تتعلق بالتعويض عن اضرار ناتجة مباشرة عن حادثة تسبب فيها أجنبي لا ينتمي للإدارة المذكورة ،وأن اختصاص  للبث في حوادث السر يعود للمحاكم الابتدائية ولو كانت مرتكبة بعربات تابعة لدولة حسب المادة 9و11 من قانون إحداث المحاكم الإدارية ،وبعد المناقشة قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها وهو الحكم المستأنف من طرف المدعي الذي بنى استئنافه على مايلي

أن دعواه لا تهدف الى :

1) للمطالبة بالتعويض عن حادث السير الذي قال فيه القضاء العادي كلمته ،وإنما يتعلق الأمر بتعذر تنفيذ الحكم بالتعويض ورفض الشركة المؤمنة المحكوم بحلولها محل المسؤول المدني الأداء لعدم توفره على البطاقة الخضراء .

2) الحكم بمسؤولية ادارة الجمارك بتقصيرها عن أداء عملها والسماح لدخول أجنب دون تأمين ،وذلك في إطار الفصل 79 من ق.ل.ع، وبالتالي الحكم المستأنف القاضي بعدم اختصاص المحكمة الإدارية في غير محله، وقضى المجلس الأعلى بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء الإداري نوعيا وإرجاع الملف إلى المحكمة التي أصدرته لتبث فيه طبقا للقانون .

وعللت المحكمة قرارها بما يلي :وحيث انه لما كان الادعاء في الدعوى المماثلة يهدف في حقيقته وبحسب مرماه إلى القول بالمسؤولية الإدارية لإدارة الجمارك عن عجز المدعي عن تنفيذ الحكم بالتعويض الصادر لفائدته في مواجهة مؤمنة المسؤول عن الحادث بسبب تقصير الإدارة المدعى عليها في مراقبة الحدود وضبط دخوله إلى التراب الوطني دون تأمين ،فإن تكييف الوقائع المنتجة في الدعوى بأنها مطالبة بأداء الدولة التعويض المحكوم به من جراء حادث سير ،وأن هذه الدعوى لا تختص بها المحاكم الإدارية سواء في إطار دعوى الإلغاء أو القضاء الشامل ،وأن المادة 8 من القانون المحدثة بموجبه محاكم استثنت الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات يملكها أشخاص القانون العام فبالأحرى مركبات القانون الخاص ،يعتبر قصورا في فهم الواقع المطروح على المحكمة حجبت عليها التكيف القانوني الصحيح فكان النعي على الحكم المستأنف بهذا الوجه في محله وعرضه للإلغاء.

ـ وفي قرار أخر[28]، تدور وقائه حول تقدم المستأنف عليهما تقدما بتاريخ 15/11/2014 بمقال امام المحكمة الإدارية بمراكش عرضا فيه ما يلي : ان موروثهما (ع)(ب) توفي جراء حادثة سير تعرض لها بتاريخ 27/05م1993 إثر الانفجار المتولد عن الحريق الذي شب في شاحنة الفريق الروسي المشارك في رالي الاطلس 93،والمسجلة بروسيا تحت عدد 0289TCT،والتي تعود ملكيتها لشركة (لادا)والمؤمن عليها لدى شركة شوازرمي  أوستنزي فيرس حسب بوصيلة التأمين عدد D0037066S690 صالحة للاستعمال من 11/05/1993الى 11/08/1993،فقضت المحكمة الابتدائية بتاريخ 11/04/2002في ملف  مسؤولية تقصيرية عدد07/02/2002بإعتبارشركة (لادا) في شخص ممثلها القانوني مسؤولية مدنيا عن الحادثة وتحميلها كامل المسؤولية والحكم لوالد الضحية بتعويض قدره79801 درهم ،ونفس المبلغ لوالدته .مع مصاريف الجنازة والفوائد القانونية ،والحكم بإخراج شركة التأمين (شوازرمي  أوستنزي فيرس)الممثلة من طرف المكتب المركزي المغربي لشركات التأمين ضد حوادث السير .

واستئنافا الحكم بدعوى الفريق الورسي أحضر ثلاثة شاحنات ،وأن الشاحنتين اللتان لم تحترقا تتوفران على تأمين ،في حين تعذر إثبات تأمين الشاحنة المتسببة في الحادث لاحتراق جميع وثائقها ،مما يعني ان كانت تحمل تأمين كمثيلاتها ،وأن المسؤولية ادارة الجمارك من التأكد من وجود تأمين حسب ظهير 1996 الخاص بتأمين الحدود او توفر البطاقة الخضراء لجميع العربات التي تلج التراب الوطني، في حين ذهبت محكمة الاستئناف  الى تأييد الحكم المستأنف بتاريخ 17/06/2014 مع اعتماد تعليل الحكم الابتدائي ، ومعتبرة أن المدعيان لم يثبتا وجود التأمين ما معناه ان الناقلة كانت غير مؤمنة وهو ما يجعل إدارة الجمارك مسؤولة عن هذا الإخلال طبقا للفصل 79 من ق.ل.ع، مما يشكل صورة للخطأ المرفقي وطعنت ادارة الجمارك في الحكم ا المستأنف بعلة أن الحكم لم يحدد بدقة الوقائع التي جعلته يصرح باختصاص المحكمة الإدارية نوعيا للبث في الطلب ،والحال ان ملتمسات الطرف المستأنف عليه كانت واضحة وتهدف الحكم له بتعويض عن الضرر، ولم يطالب بالمرة بالحكم على الادارة بالتعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ المرفقي بالسماح بدخول عربة دون تأمين دولي ،في حين أن المحكمة استنتجت ما ذهب إليه رغم وضوح الملتمسات التي لم تؤطر ضمن مقتضيات الفصل 79 من ق.ل.ع متجاوزة بذلك الطلبات التي بذلك الطلبات التي تبقى من اختصاص القضاء العادي ،مما يجعل الحكم عرضة للإلغاء.

لكن محكة النقض قضت بتأييد الحكم المستأنف، وعللت قرارها بما يلي :”لكن ،حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم على إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بأدائها تعويضات لفائدة المستأنف عليهما جبرا للضر الحاصر لهما جراء وفاة موروثهما نتيجة حادثة سير ،وذلك باعتبارها مسؤولية عن السماح للشاحنة المتسببة في الحادثة بالجولان بالتراب الوطني دون التأكد من توفرها على التأمين الدولي او البطاقة الخضراء وهو ما يعد من صور المسؤولية الإدارية عن الخطأ المرفقي ،والتي تختص المحاكم الإدارية نوعيا بالبث فيها ،مما يكون معه الحكم المستأنف صائبا وواجب التأييد.

من خلال القرارات السابقة نستنتج ما يلي :أن تقصير أدارة الجمارك في دخول العربات دون تأمين يجعل منها مسؤولة عن تعويض الأضرار التي تسببها داخل التراب الوطني ،وجعل الاختصاص للقضاء الاداري طبقا للمادة 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية .

   ونستخلص مما سبق أن القضاء المغربي يلعب دورا فعالا الى جانب  كل المتدخلين في هذه الأنظمة الدولية للتأمين في تصفية حوادث السير الولي وحصول المتضررين على التعويضات التي يخولها القانون.


ـ الجريدة الرسمية ،عدد 3403 بتاريخ 18 يناير 1978.[1]

ـ إدريس الضحاك:الوجيز في حوادث السير التأمين الإجباري للسيارات،طبعة الثانية 1989،ص193.[2]

ـ محمد الهيني : تأملات في الاجتهاد القضائي المغربي المتعلق بنظام البطاقة الدولية للتامين ،مقال منشور في المجلة المغربية للقانون العدد الرابع ،سنة 2011،ص 123و 124.[3]

ـ قرار صادر بتاريخ 02/07/2008 ملف جنحي عدد14/2313/07 منشور بمؤلف نظام بطاقة التأمين الدولية ،مرجع سابق ،ص 54و55. [4]

ـ قرار عدد 439/11 بتاريخ 28/03/2007ملف جنحي عدد3452/05 منشور بمؤلف نظام بطاقة التأمين الدولية ،مرجع سابق الصفحة 84و85.[5]

ـ قرار صادر عن محكمة النقض عدد 1139/2 المؤرخ في 23/7/2014في الملف الجنحي عدد 5858/2013،غير منشور .[6]

 

ـقرار عدد1575/11 بتاريخ 15/10/2003 ملف جنحي عدد6722/2003 منشور بمؤلف “نظام بطاقة التأمين الدولية “مرجع سابق ،الصفحة51.[8]

ـ قرار عدد928/11 صادر بتاريخ 14/07/2004 ملف جنحي عدد17/04 نفس الرجع السابق ،ص 60.[9]

ـ قرار عدد75/11 صادر بتاريخ 21/01/2009 ملف جنائي عدد 20024/07،نفس الرجع ،ص71.[10]

[11]ـ قرارعدد1372/11 بتاريخ 01/12/2004 ملف جنائي عدد 26569/2003،والقرار عدد 694/11 بتاريخ 05/04/2006 ملف جنحي عدد 22465/04،والقرار عدد 810م11 صادر بتاريخ 02/07/2008 ملف جنحي عدد 15279/2005 منشورة بكتاب “نظام بطاقة التأمين الدولية “مرجع سابق الصفحة 60الى 65.

ـقرار عدد 1/11بتاريخ 07/01/2009 ملف جنحي عدد 11753/2007،نفس الرجع السابق ،69.[12]

ـ قرار عدد2170صادر بتاريخ 10/06/2009 ملف مدني عدد 3096/1/5/2007،نفس المرجع السابق ،ص74و75.[13]

ـ قرار عدد 198/11 صادر عن محكمة النقض  في 10/03/201 ملف جنحي عدد 2681/2010 غير منشور .[14]

ـ قرار عدد787/2 صادر عن محكمة النقض في 21/05/2014ملف جنحي عدد11253/2012غير منشور .[15]

ـ قرار عدد 940/2صادر بتاريخ 23/07/2008،ملف جنحي عدد1521/07،منشور بمؤلف البطاقة الدولية للتامين “البطاقة الخضراء” ،مرجع سابق ،صفحة 98ومايليها.[16]

ـ الملغى بموجب المادة 333 من مدونة التأمينات.[17]

ـ قرار عدد 5848 صادر بتاريخ 23/12/1999 ،ملف مدني 1102/97 ،منشور بمؤلف البطاقة الدولية للتامين،مرجع سابق ص87. [18]

ـ قرار عدد 830 ملف مدني 568/1/5/99 ،منشور بنفس المرجع السابق ،ص 90.[19]

ـ قرار عدد1885 صادر بتاريخ 04/05/2000،ملف مدني عدد 492/98،منشور بنفس المرجع ص 93.[20]

ـ قرار عدد 326/11 صادر بتاريخ 03/03/2004 ملف جنحي عدد8363/03،منشور بنفس المرجع السابق ،ص 95.[21]

ـ قرار صادر عن محكمة النقض  عدد 419/2 المؤرخ في 20/03/2013 ملف جنحي عدد 16627/2012 غير منشور.[22]

[23]ـ قرار عدد 284 صادر بتاريخ 03/10/2002،الغرفة المدنية الثالثة بمحكمة الإستئناف ،ملف رقم 372/2002/14،منشور بكتاب “نظام بطاقة التأمين الدولي “مرجع سابق ،ص100ومايليها.

ـ قرار عدد 1400/11بتاريخ 12/12/2007ملف جنحي عدد 18471/04،منشور في مؤلف نظام بطاقة التأمين الدولية “البطاقة الخضراء” مرجع سابق ،الصفحة80 و81. [24]

ـ قرار عدد1783 بتاريخ 31/05/2006ملف مدني عدد 1167/1/5/2004،منشور بنفس المرجع السابق ،ص78و79.[25]

[26]ـ قرار عدد 326/11 بتاريخ 03/03/2004ملف جنحي عدد 8368/03 منشور في مؤلف البطاقة الدولية للتامين ،مرجع سابق الصفحة 95 وما يليها.

ـالقرار عدد48 الصادر بتاريخ 20 يناير 2011في الملف الإداري عدد1472/4/1/2010،منشور قضاء محكمة النقض ،الإصدار الرقمي 2012،العدد74،ص.242[27]

ـ القرار عدد1003الصادر بتاريخ 28ماي 2015في الملف الإداري عدد 1395/4/1/2015،منشور في نشرة قرارات محكمة النقض ،الغرفة الإدارية ،العدد24سنة 2015.[28]

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *