الغرفة المدنية القسم الثاني
من المجلس الأعلى
القرار عدد : 2180
المؤرخ في : 04/06/2008
ملف مدني
عدد :3043/1/2/2006
و بعد المداولة طبقا للقانون .
حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه عدد 39 وتاريخ 25/1/06 الصادر عن استئنافية الجديدة في الملف المدني عدد 600/05 أن …….. ادعى أنه يملك على الشياع مع المدعى عليهم ……… ومن معه العقار المسمى “بلاد قاسم ” ذا الرسم العقاري عدد35.777/ج ، الخاضع لقانون الاستثمار الفلاحي . وأنهم جميعا بما فيهم المطلوب حضوره ……. استصدروا في 12/11/02 حكما بقسمته عن طريق بيعه بالمزاد العلني . إلا أن المدعى عليهم وبمقتضى عقد عدلي صوري مؤرخ في 22/4/02 ومسجل بالرسم العقاري في 23/4/02 ، ومخالف للقانون رقم 94/39 المتعلق بالاستثمار الفلاحي أكروه بعد تقديم دعوى القسمة في 18/10/01 كراء طويل الأمد ….. الذي كان مكلفا فقط من باقي المدعى عليهم بتسييره لمدة تنتهي في سنة 2006 ، وبهدف عرقلة تنفيذ الحكم القاضي ببيعه وقسمة ثمنه ملتمسا بطلان وإبطال الكراء والتشطيب عليه من الرسم العقاري . أجاب المدعى عليهم أن الكراء صحيــح ولا أثر للحكم القاضي بالقسمة عليه مادام هذا الحكم لم يسجل بالرسم العقاري وأسباب بطلانه وإبطاله غير متوافرة . فصدر في 6/10/03 الحكم بإبطال الكراء والتشطيب عليه من الرسم العقاري . استأنفه المدعى عليهم ، فألغته محكمة الاستئناف وقضت برفض الطلب بقرارها عدد 117 وتاريخ 25/2/04 الذي نقضه المجلس الأعلى بالقرار عدد 2341 وتاريخ 7/9/05 بعلة أن الطاعن – حاليا – والمطلوب حضوره …… تمسكا بأن كراء المطلوبين للعقار لأحد الشركاء الذي أبرم بعد تقديم دعوى القسمة كان بسوء نية ومن أجل الإضرار بحقوقهما الناتجة عن القسمة . والمحكمة لما أخضعت الدعوى للفصول 971 ، 972 ، 973 من ق ل ع وهي لا تنطبق عليها بعد صدور الحكم بإنهاء حالة الشياع ، فإنها لم تعلل قرارها ولم تركزه على أساس قانوني . وبعد هذا النقض أيدت محكمة الإحالة الحكم الابتدائي بقرارها المطعون فيه بعلل منها أن كراء المدعى عليهم للعقار بعد صدور حكم بإنهاء حالة الشياع بشأنه وبيعه بالمزاد العلني كان كراء بسوء نية.
فيما يخص الوسيلة الأولى :
حيث يعيب الطاعنون على القرار ، خرق الفصلين 306 ، 311 من ق ل ع ، ذلك أنهم أثاروا ابتدائيا واستئنافيا أن أسباب بطلان العقد كما نص عليها الفصل 306 مـــن ق ل ع . وأيضا أسباب إبطاله كما نص عليها الفصل 311 من ق ل ع غير متوافرة . لأنه لا ينقصه أي ركن من الأركان اللازمة لقيامه ولا يقع تحت طائلة أي حالة من حالات الإبطال . وأن سوء النية على فرض ثبوته لم يجعله القانون سببا من أسباب البطــلان أو الإبطال .
لكن حيث إن الكراء الطويل الأمد باعتباره حقا عينيا يرد على العقار عملا بالفصل 87 من ظهير 2/6/15 المطبق على العقار المحفظ ، فهو يخضع للتسجيل بالرسم العقاري. وطبقا للفصل 66 من ظهير 12/8/13 بشأن التحفيظ العقاري . فإن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله في الرسم العقاري . ولا يمكن التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة . وبمفهوم المخالفة لهذا الفصل فإنه إذا كان الغير سيئ النية يمكن مواجهته بإبطال التسجيل . ومحكمة الاستئناف لما أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من إبطال الكراء والتشطيب عليه من الرسم العقاري بعلة أن الطاعنين أبرموه بسوء نية لعلمهم بصدور حكم ببيع العقار الوارد عليه بالمزاد العلني . فإنها تكون قد تبنت علة الحكم الابتدائي وأخذت لذلك بالفصل 66 من ظهير 2/6/15 المذكور الواجب التطبيق على النازلة . مما لم يقع معه أي خرق للفصلين المحتج بهما . والوسيلة على غير أساس .
فيما يخص الوسيلتين الثانية والثالثة :
حيث يعيب الطاعنون على القرار ، في الوسيلة الثانية ، خرق الفصل 973 مــن ق ل ع ، ذلك أن الكراء الذي أبرموه انصب على حقوقهم المشاعة فقط . والحكم بإبطاله يشكل خرقا للفصل المذكور . ويعيبون على القرار في الوسيلة الثالثة خرق الفصل 972 من ق ل ع ، ذلك أنه إذا كانت قرارات الأغلبية لا تلزم الأقلية فيما نص عليه هذا الفصل، فإن مجال ذلك أن تتعلق القرارات بالشيء المشاع كله وليس بجزء منه أو أجزاء مملوكة لبعض الشركاء . وعليه فإذا كان يحق لكل واحد من الشركاء بيع حصته المشاعة للغير ، فمن باب أولى يحق لبعضهم أن يكروا حصصهم المشاعة للغير مادام الكراء أدنى من البيع.
لكن حيث إن المجلس الأعلى صرح في قرار النقض السابق بأنه لم يبق محل لتطبيق الفصلين المحتج بهما بعد إنهاء حالة الشياع بصدور حكم بقسمة العقار المشاع . والمحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه إنما تقيدت بقرار المجلس الأعلى عندما استبعدت تطبيق الفصلين المذكورين على النازلة . مما تكون معه الوسيلتان معا على غير أساس .
فيما يخص الوسيلة الرابعة :
حيث يعيب الطاعنون على القرار ، فساد التعليل ، ذلك أنه علل قضاءه بأن كراء الطاعنين لواجبهم في العقار كراء طويل الأمد بعد علمهم بصدور حكم بالقسمة يدل على سوء نيتهم الرامية إلى الإضرار بالمدعي الراغب في إنهاء حالة الشياع . في حين أنهم أبرموا هذا الكراء في حدود حصصهم المشاعة ، وهو لا يحول دون إنهاء حالة الشياع ، لأنه إذا أفرزت حصة المطلوب فالكراء سوف لا يشملها . وإذا بيع العقار استحق واجبه من الثمن في حدود حصته ، ولا شأن له بالكراء وسيحل المشتري محل المكرين . ولذلك فالكراء لا يحول دون البيع ولا أثر له على إنهاء الشياع حسب الفصل 470 من ق م م .
لكن حيث إن حالة الشياع انتهت بصدور حكم بقسمة العقار ، و الطاعنون لم يبينوا وجه فساد التعليل الذي اعتمده القرار فيما قضى به . مما يجعل ما أثير غامضا ومبهما . والوسيلة على غير أساس .
فيما يخص الوسيلة الخامسة :
حيث يعيب الطاعنون على القرار ، انعدام التعليل ، ذلك أنهم دفعوا في مقال استئنافهم للحكم الابتدائي القاضي بإبطال الكراء أن الحكم القاضي ببيع العقار لم يسجل بالرسم العقاري ، ودعوى القسمة لم تكن محل تقييد احتياطي . وهو ما يدل على أن المكتري حسن النية عكس ما ذهب إليه الحكم المستأنف ولا يصح إبطال كرائه . كما دفعوا بأن المطلوب هو السيئ النية ، لأنه لا يملك سوى 7 أسهم من أصل 72 سهما ، ومع ذلك طلب بيع العقار إضرارا بهم ، وهم يملكون باقي الأسهم ، لعلمه بأن القسمة العينية غير ممكنة لعدم توافر ما يوجبه قانون الاستثمار الفلاحي والضم. وكان عليه لو كان حسن النية أن يبيع حصته للمالكين معه أو لغيرهم حتى لا يباع العقار كله . إلا أن القرار لم يجب على دفوعهم .
لكن فإن محكمة الاستئناف لما أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من إبطال الكراء بعلة أن الطاعنين أبرموه بسوء نية لعلمهم بصدور حكم ببيع العقار المشاع . فإنها تكون قد تقيدت بقرار المجلس الأعلى فيما قرره من أن الكراء كان بسوء نية . وفي ذلك رد على ما تمسك به الطاعنون من حسن نية المكتري ، والوسيلة خلاف الواقع .