المسؤولية المعمارية الخاصة لمقاول البناء بعد التسليم

المسؤولية المعمارية الخاصة لمقاول البناء بعد التسليم

 Special architectural responsibility of the contractor after delivery

قندسي عبد النور

KANDSI ABDENOUR

طالب باحث بسلك الدكتوراه

تكوين البحث: الدراسات القانونية والفقهية والاقتصادية المقارنة

وحدة: التشريع مناهجه وقضاياه

جامعة محمد الخامس بالرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ سلا

[email protected]

  • الملخص:

ترتكز أغلب الدراسات التي تناولت مسؤولية المعمارية الخاصة لمقاولي البناء بعد التسليم حول المسؤولية الخاصة حتى صار الإعتقاد بأن المسؤولية في ميدان البناء تنحصر في نطاق الضمان العشري .

وتعتبر المسؤولية المعمارية الخاصة ذات خصوصية بالنسبة للمسؤولية العقدية لمقاول البناء ،كماأنها مسؤولية مفترضة تقوم على افتراض الخطأ إلى جانب المقاول ،حيث قررها المشرع في مجال البناء بهدف حماية رب العمل من العيوب التي قد تطرأ على البناء بعد التسليم.

  • Abstract:

Most studies of the responsibility for the private architecture of post-recognition construction contractors are based on private liability until the belief that responsibility in construction is limited to the scope of the decimal guarantee.

 The special architectural responsibility is considered to be specific to the contractor’s contractor’s liability, as it is assumed to be a liability based on the assumption of error in addition to the contractor, as it was decided by the construction legislator to protect the employer from defects in construction after delivery.

Keywords الكلمات المفتاحية :

Responsibility المسؤولية العقدية  :

          Construction contractor مقاول البناء:

             Decimal warranty  الضمان العشري :

          tort مسؤولية تقصيرية:

          subcontractorالمقاول من الباطن :

          architecture works الأعمال المعمارية :

مقدمة:

يعرف العمران تطورا كبيرا بهدف القضاء على السكن العشوائي وتزويد البلاد بالبنية التحتية الضرورية واللائقة .

وقد إنعكس هدا التطور على الترسانة القانونية ؛من بينها عقود المقاولة التي ترد على المباني والمنشآت الثابتة الأخرى المهمة في حياة الفرد والمجتمع ،حيث تنشأ كل يوم عقود كثيرة في ميدان صناعة البناء ،مما يساعد على اتساع مجالها وأطرافها .

فقد نظم المشرع عقد المقاولة في قانون الإلتزامات والعقود ضمن الباب المتعلق بإجارة الصنعة في الفصل 723″…إجارة الصنعة عقد بمقتضاه يلتزم أحد الطرفين بصنع شيء معين مقابل أجر يلتزم الطرف الأخر بدفعه له “.

كما نظمت أحكام إجارة في الفصول من 759إلى 780 ق ل ع .

في السابق مهمة البناء كانت توكل لشخص واحد له مهمتي الإشراف والرقابة معا؛أما في وقتنا الحاضر فالعملية أصبحت تعهد إلى عدة متدخلين لتنتهي بمسؤولية مقاول البناء بعد التسليم وهدا كنه وجوهر مقالنا المتواضع.

حيت تركزت أغلب الدراسات التي تطرقت لمسؤولية مقاولي البناء حول المسؤولية الخاصة حتى صار الظن بأن المسؤولية في ميدان البناء تنحصر في مجال الضمان العشري.

وتعتبر المسؤولية المعمارية الخاصة ذات خصوصية بالنسبة للمسؤولية العقدية لمقاول البناء ؛ كما أنها مسؤولية مفترضة تأسست على إفتراض الخطأ إلى جانب المقاول ؛حيث قررها المشرع في مجال البناء بهدف حماية رب العمل من العيوب التي قد تطرأ على البناء بعد التسليم .

وبناءا على ما سبق فكل ما أقره المشرع يشكل ضمانات قانونية في باب تحديد المسؤوليات من الأضرار التي تلحق رب العمل أو الغير بسبب عيوب البناء.

إن إخلال المقاول بالتزاماته التعاقدية يشكل مضمون مقالنا ،وبالتالي فإن معالجة موضوع المسؤولية المعمارية  لمقاول البناء بعد التسليم تتطلب الإجابة عى إشكالية مركزية مفادها”حدود مساءلة المعمارية الخاصة  لمقاول البناء بعد التسليم عن إخلاله بالتزاماته التعاقدية .

وتتطلب الإجابة عن هده الإشكالية موضوع مقالنا طرح التساؤل الأتي:

ماهي خصوصية المسؤولية المعمارية الخاصة لمقاول البناء بعد التسليم ؟

إجابة على الإشكالٌية المطروحة ارتأينا وضع التصميم الآتي :

  • أولا: ماهية الضمان العشري وطبيعته .
  • ثانيا: شروط الضمان العشري ومدى خضوع المقاول من الباطن له .
  • أولا:  ماهية الضمان العشري وطبيعته .  

سنتولى في هده النقطة الحديث عن مفهوم الضمان العشري (1) ، ثم الطبيعة القانونية لضمان العشري (2).

  • v      : مفهوم الضمان العشري.

يعتبر الضمان العشري نوعا خاصا من المسؤولية أفرزته حضارة القرن العشرين بهدف حماية مصالح المتعاملين مع المعماريين ،والحفاظ على العمران وتطويره،وبدلك فإن انتهاء عقد المقاولة بتسليم الأعمال فيه نوع من المغامرة والخطورة بالنسبة لرب العمل لأنه لايستطيع التحقق من جودتها وقت التسليم،مما يعني أن فترة الضمان تشكل اختبارا لمتانة البناء وقوة تحمله ،وهي في الوقت ذاته فترة تأمين مقررة لصاحب العمل ضد خطر أوتصدع البناء[1].

ولم يعطي المشرع تعريف للضمان العشري ولكن اكتفى بتنظيم أحكامه في الفصول المتعلقة بإجارة الصنعة ،ويستفاد من نص الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود،أن الضمان العشري هو تحمل المقاول المهندس المعماري المسؤولية تجاه رب العمل عن انهيار البناء كليا أو جزئيا أو عن الخطر الواضح الذي يهدد بانهياره بسبب نقص المواد أوفي طريقة البناء أو عيب في الأرض ودلك خلال العشر سنوات الموالية لتسليم العقار [2].

  • 2 :الطبيعة القانونية للضمان العشري.

تعددت الآراء حول الطبيعة القانونية لمسؤولية المقاول وفق القواعد الخاصة فاتجه رأي إلى اعتبار مسؤولية عقدية واعتمد في دلك على تسليم العمل لا  يغطي كل العيوب التي قد تظهر بعد دلك واتجه رأي أخر إلى القول أنها مسؤولية تقصيرية باعتبار أن تسليم العمل كل العيوب وينهي العقد، وهناك رأي ثالث لم يعدها في دائرة المسؤولية العقدية ولا التقصيرية ،بل عدها مسؤولية قانونية أوجبها القانون حفاظا على مصلحة صاحب العمل غير الخبير بأمور البناء من جهة والصالح العام من جهة أخرى[3].

  • الاتجاه الأول :الضمان العشري هو مسؤولية تقصيرية

دهب هدا الاتجاه إلى اعتبار المسؤولية العشرية هي مسؤولية تقصيرية أساساها الفعل الضار،ويرى هدا الجانب إن ضمان المقاول لجودة العمل ينتهي بالتسليم العمل اللى صاحبه وعليه فبقاء مقاولي البناء مسئولون عن التهدم الكلي أو الجزئي الذي يصيب المباني أو الخطر الذي يهددها لمدة عشر سنوات هو التزام تقصيري لان التزام العقدي ينتهي بالتسليم .

إلا أن المتمعن في هدا الرأي يتضح له انه توجد نقط فرق جوهرية بين أحكام المسؤولية التقصيرية وأحكام المسؤولية العشرية ،ويمكن اختصار هده النقط في أن المسؤولية التقصيرية تتحقق بقيام أركانها من خطا وسبب وعلاقة سببية، ولا حاجة لقيام عقد مرتب لالتزامات بين المتضرر والطرف المسئول،في حين انه لابد من وجود عقد مقاولة يربط بين المقاول ورب العمل لقيام المسؤولية العشرية [4].

  • الاتجاه الثاني:  يرى هدا الاتجاه أن المسؤولية العشرية هي مسؤولية عقدية قررها العقد:

 لكونها ناجمة جراء عدم تنفيذ المقاول لالتزامه التعاقدي،ويبرر أصحاب هدا الرأي قولهم أن واقعة التسليم لا تضع حدا نهائيا للعقد،لأن التسليم والتقبل لا يبرئ المقاول من العيوب الظاهرة فقط ،أما تهدم البناء الكلي الجزئي فهو إخلال بعقد المقاولة يسال عنها المقاول مسؤولية عقدية ،وان ضمان المقاول في الفصل 769 من ق ل ع ما هو إلا جزاء على الإخلال بتنفيذ عقد المقاولة ومن ثم يعتبر منبع الضمان هو عقد المقاولة.

  • الاتجاه الثالث: في حين اعتبر رأي ثالث بان المسؤولية العشرية هي مسؤولية عقدية قررها القانون :

وسندهم في دلك كونها ناجمة عن عدم التنفيذ المعماريين لالتزاماتهم المهنية،وان كانت القواعد العامة للمسؤولية العقدية تقتضي انقضاء الالتزامات الناتجة عن العقد عند تنفيذه.

غير أن هناك حالة خصها المشرع بأحكام ضمن عقد المقاولة ،وهده الحالة هي تلك التي يكون فيها العقد قائما على تقبل بناء يكون فيه الطرف الآخر مقاولا ،وهده الحالة كان يجب اعتبارها في حالة امتداد في زمن محدد وهو عشر سنوات اعتبارا من تاريخ التسليم ،وإلا كانت منتهية لولا هدا التدخل من المشرع[5].

  • ثانيا :شروط الضمان العشري ومدى خضوع المقاول من الباطن له.

سنتولى في هده النقطة الحديث عن شروط الضمان العشري (1) ،ثم مدى خضوع المقاول من الباطن لأحكام الضمان العشري (2).

1.شروط الضمان العشري .

إن قيام الضمان العشري مرتبط بتحقق مجموعة من الشروط والتي تتحدد في لزوم تشييد بنايات أو غيرها من المنشآت الأخرى (أ)،كما يستلزم أن يتهدم البناء كليا او جزئيا بفعل احد الأسباب المنصوص عليها في الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود (ب)،هدا بالاظافة إلى حدوث التهدم أو الخطر داخل مدة الضمان العشري(ج).

(أ).أن يتعلق الأمر بتشييد بناء أو غيره من الأعمال المعمارية.

لقد ربط المشرع المغربي من خلال الفصل 769 من ق. ل. ع مسألة استحقاق الضمان العشري بضرورة وجود بناء أو غيره من الأعمال التي نفدها المقاول أو المهندس أو أشرف على تنفيذها .

والبناء بمفهومه القانوني هو كل ما شيدته يد الإنسان ليتصل بالأرض قار أي كان الغرض المرصود له سواء كان لسكنى أو تجارة أو صناعة ،وأي كانت المواد المستعملة في هدا البناء ،فيمكن أن تكون حديدا أو حجرا أوخشبا أو غيرها من مواد البناء ،وهكذا تعتبر بنايات المنازل والفيلات والعمارات والمؤسسات العمومية وكدا المنشآت والمآثر التاريخية كالقلاع والحصون والمعابد.

أما الأعمال الأخرى غير البناء التي قصدها المشرع في الفصل 769 من ق ل ع فهي تشمل كل الأشغال التي ينجزها المقاول بمفرده او بمعية المهندس المعماري كالآبار وتركيب السخان المركزي والمصاعد الكهربائية والخزان الأرضي للمحروقات [6].

ب):أن يتهدم البناء بأحد الأسباب المنصوص في الفصل 769 من ق.ل.ع.

بطبيعة الحال يعد هدا الشرط هو ابرز الشروط التي تتولد عنها المسؤولية العقدية باعتباره المظهر الحقيقي لاستحقاق الضمان ،وتهدم البناء هو تفككه أو انفصاله عن الأرض سواء كان جزئيا أو كليا ،كسقوط البناء بأكمله أو جزء الشرفة أو السقف ،و التهدم المقصود هنا هو التهدم غير الإرادي كما تفترض مسؤولية المقاول أو المهندس بمجرد التهدم دون ضرورة إثبات الخطأ من جهة المقاول [7].

وقد ربط المشرع التهدم أو الخطر بالأسباب الثلاث المنصوص عليها في الفصل 769 من ق ل ع ،وهي نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض ،وهدا الربط فيه نوع من التضييق من دائرة الضمان العشري لان التهدم قد يحصل خارج هده الأسباب ولاشك إن حصره فيها قد يحرم الكثيرين من أرباب العمل من الاستفادة من قرينة المسؤولية المفترضة في حق مشيدي البنايات [8].

كما يتحقق الضمان أيضا بمجرد تعيب البناء وهدا ما أكدت عليه محكمة الاستئناف التجارية لما أقرت تعويض لمكتب استغلال الموانئ والدي قام باتفاق مع المهندسة لانجاز مركب سكنى كما اتفق مع المكتب التقني المتعلق الإسمنت المسلح وبشبكة الماء والكهرباء  على تنفيذ المشروع وتفاجئ بعد دلك بوجود شقوق على المركب ،فقام بإجراء خبرة وقررت الحكم بالتعويض لفائدة مكتب استغلال الموانئ [9] شركة استغلال الموانئ حاليا.

ج).حدوث التهدم داخل مدة الضمان العشري.

تاريخ التسليم، بينما حصر مهلة تقادم الدعوى المترتبة عن الضمان العشري في شهر من تاريخ ظهور الواقعة الموجبة للضمان ودلك تحت طائلة عدم قبول الدعوى .

وبهذا يمكن القول أن المشرع اعتبر مدة العشر سنوات كاختبار لمتانة البناء ،كما انه صادف عطفا على الشرطين السابقين يقتضي إعمال مقتضيات الضمان العشري أن يقع التهدم أو الخطر بالتهدم داخل مهلة العشر سنوات الموالية لتسليم البناء.

وانطلاقا من الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود يمكن القول أن المشرع المغربي قد فصل مدة الضمان عن مدة التقادم ،حيث جعل الأولى في 10 سنوات تبدأ من الصواب حينما فصل مدة الضمان عن مدة تقادم الدعوى وان كانت هده الأخيرة تبدو قصيرة نوعا ما حتى تخول للمتضرر الاستفادة من التعويض .

ثانيا: مدى خضوع المقاول من الباطن لأحكام الضمان العشري.

يعتبر الضمان العشري مسؤولية خاصة واستثنائية تقررت بنص خاص خروجا عن القواعد العامة ،وبما أن مقاول البناء من الباطن هو من أنجز البناء محل التعاقد ،فهل يمكن إخضاعه  لقواعد المسؤولية العشرية في حالة حدوث تهدم كلي أو جزئي خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء كما هو الحال بالنسبة للمهندس المعماري والمقاول؟

بالرجوع إلى الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود فان المشرع المغربي لم يبين موقفه صراحة من علاقة رب العمل مع مقاول البناء من الباطن ،وبما إذا كان هدا الأخير يتحمل المسؤولية العشرية [10].

وعليه فان موقف المشرع المغربي اتسم بالغموض في الفصل 769 من ق ل ع السالف الذكر،إلا انه اشترط لقيام المسؤولية العشرية ضرورة وجود عقد مقاولة مع رب العمل ،ومادام مقاول البناء من الباطن لا تربطه علاقة مباشرة مع رب العمل فانه لا يتحمل المسؤولية العشرية .

غير انه يطرح تساؤل حول التبريرات المعتمدة لاستبعاد المقاول من الباطن من أحكام الضمان العشري ؟

للإجابة على هدا التساؤل دهب البعض إلى رفض تطبيق هده المسؤولية على مجموعة من التبريرات (أ) فيما أيد البعض الأخر هده المسؤولية (ب).

(أ).الاتجاه الرافض

يقول أصحاب هدا الاتجاه بأنه يشترط لتطبيق المسؤولية الخاصة وجود عقد مقاولة بين رب العمل والمقاول الأصلي،ولا يوجد هدا العقد بين رب العمل والمقاول من الباطن ،وإنما عقده يكون مع المقاول الأصلي الذي يرتبط في نفس الوقت بعقد بينه وبين رب العمل ،كما أن عدم إخضاع المقاول البناء من الباطن لهده المسؤولية يتجلى في كون هده الأخيرة مسؤولية خاصة أي تقررت بنص خاص ،الأمر الذي يجعلها استثناء كما هو معلوم يتوقف عند مورد النص فلا يتوسع فيه ولا يقاس عليه،كما تم تبرير هدا الاستبعاد بمبررات فنية ترتكز على أن المسؤولية العشرية شرعت لعدم الدراية الفنية والتقنية لدلى رب العمل بأعمال البناء ،وبما أن المقاول من الباطن لا يرتبط برب العمل بأي عقد مهما كانت طبيعته فانه لا تنطبق عليه قواعد هده المسؤولية[11].

ب).الاتجاه المؤيد

يذهب هذا الاتجاه إلى القول بضرورة تطبيق أحكام المسؤولية العشرية على مقاول البناء من الباطن،لان مقاول البناء هو المساهم الفعال والأصلي في عملية التشييد،ومع تقدم أساليب البناء من الناحية التقنية ،ومع أزمة الإسكان التي دفعت بالمقاول الأصلي إلى الاكتفاء بدور الممول ،لا يستقيم القول بعدم تطبيق أحكام المسؤولية العشرية في مواجهة مقاول البناء من الباطن الذي يقوم بأعمال التنفيذ الفعلي[12].

ويرد أصحاب هدا الاتجاه على المبررات التي تعلل الاتجاه الرافض موقفه بها كما يلي :

بالنسبة للحجة الفنية: فقد أصبحت الدراية الفنية للمقاول البناء من الباطن في مجال البناء تفوق دراية المقاول الأصلي ،لدى أصبحت المسؤولية الخاصة لمقاول البناء من الباطن قائمة في هدا الطرح بإلحاح.

أما بالنسبة للتبرير القانوني[13]:فيرد أصحاب هدا الاتجاه على أن الطبيعة القانونية للمسؤولية الخاصة للمهندس المعماري والمقاول  مازالت محل جدل في الفقه والقضاء،كما أن المشرع الفرنسي طبق المسؤولية الخاصة دون أن يتطلب في بعض الأحوال رابطة عقدية تربط رب العمل وبين من يقومون ببعض أعمال المقاولات.

ومن خلال ما سبق يبدو أن الاتجاه الرافض لتطبيق المسؤولية العشرية على مقاول البناء من الباطن لا يستند على أسس وجيهة ومقنعة ،فبالنسبة للتبرير القانوني فان المسؤولية العشرية يجب أن تطرح بين مقاول البناء من الباطن والمقاول الأصلي لانعدام علاقة عقدية بين رب العمل ومقاول البناء من الباطن .

أما التبرير الفني فحتى وان قلنا بان المقاول خبير في هدا المجال فان خبرة المقاول من الباطن قد تفوق تلك التي للمقاول الأصلي،وبالتالي أصبحت هده التبريرات لا تستجيب لتطور العصر وما يشهده العمران من تشعب البناء،تليه تشعب علاقات الأطراف الفاعلة في هدا الميدان [14].

ومنه فنعتقد أن على المشرع التدخل من اجل تعديل الفصل 769 من ق ل ع ليشمل المقاول من الباطن كذلك،ودلك لحماية رب العمل كما إن مقاول البناء من الباطن إن تم إخضاعه لقواعد المسؤولية العشرية سيتخد ما أمكن من الحيطة والحذر حتى ينجز البناء على أحسن وجه.

خاتمة.

من خلال هدا المقال نخلص إلى فكرة عن الموضوع مفادها أن عقد مقاولة البناء يعتبر من بين أكثر العقود شيوعا في الوقت الحالي ،هدا ويتحمل المقاول المسؤولية المعمارية الخاصة تنتج بعد التسليم البناء إلى رب العمل بحيث يبقى ضامنا لتهدم البناء أو الخطر الذي يهدده بالسقوط في العشر سنوات الموالية لتسليم ،وفي هدا الصدد تم طرح تساؤل هام حول مدى إمكانية خضوع المقاول من الباطن للمسؤولية العشرية وانقسم الفقه في دلك بين مؤيد للخضوع ورافض له.

لائحة المراجع

الكتب

محمد زلايجي “الحق في الضمان العشري ومدى انتقاله إلى الخلف الخاص دراسة مقارنة “مطبعة جسور،الطبعة الأولى ،سنة 2011.

الرسائل والأطروحات

.عبد الغاني معافي،”المسؤولية العقدية والخاصة للمقاول في أحكام التشريع المغربي والمقارن”،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،جامعة محمد الأول،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،وجدة،السنة الجامعية 2004-2005.

.ياسين كوباشي،”مسؤولية مقاول البناء من الباطن”رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة محمدد الأول ،كلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية وجدة ،السنة الجامعية 2014-2015.

عادل عبد العزيزعبد المجيد سماره، “مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمان متانة البناء في القانون الأردني ،دراسة مقارنة “،أطروحة قدمت لنيل شهادة الماجستر بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ،فلسطين ،سنة 2007 ،

-عبد الغني معافي “المسؤولية العقدية والخاصة للمقاول في أحكام التشريع المغربي والمقارن ” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،جامعة محمد الأول ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،وجدة،السنة الجامعية 2013/2014.

فاطمة بنعيش ،”عقد مقاولة البناء من الباطن “رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد الأول،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،وجدة،السنة الجامعية 2013/2014 .

محمد الأطرش ،”المظاهر القانونية الخاصة لصور تدخل المقاولات من الباطن في الميدان الاقتصادي –دراسة مقارنة –” أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض ،كلية الحقوق،مراكش،السنة الجامعية 1999/2000.


[1] . محمد زلايجي،”الحق في الضمان العشري،ومدى انتقاله إلى الخلف الخاص دراسة مقارنة “مطبعة جسور ،الطبعة الأولى ،سنة 2011      ص:80

[2] . ينص الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود على “المهندس المعماري او المهندس المقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحملان المسؤولية خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من أعمال البناء التي نفذاها أو اشرف على تنفيدها إن انهار البناء كليا أو جزئيا ،او هدده خاطر واضح بالانهيار بسبب نقص المواد او عيب في طريقة البناء او عيب في الارض .

المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيد عملياته، لايضمن الى عيوب تصميمه.تبدأ مدة العشر سنوات من يوم تسلم المصنوع  ويلزم رفع الدعوى خلال الثلاثين يوم الموالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضمان ،وإلا كانت غير مقبولة “

[3] . عادل عبد العزيزعبد المجيد سماره، “مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمان متانة البناء في القانون الاردني ،دراسة مقارنة “،أطروحة قدمت لنيل شهادة الماجستر بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ،فلسطين ،سنة 2007 ،ص:23

[4] .عبد الغاني معافي،”المسؤولية العقدية والخاصة للمقاول في أحكام التشريع المغربي والمقارن”،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،جامعة محمد الأول،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،وجدة،السنة الجامعية 2004-2005،ص 93.

[5] .ياسين كوباشي،”مسؤولية مقاول البناء من الباطن”رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة محمدد الاول ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة ،السنة الجامعية 2014-2015 ،ص 51 .

[6] .عبد الغاني معافي ،مرجع سابق ،ص:105.

[7] .ياسين كوباشي ،مرجع سابق ،ص: 53 .

[8] .عبد الغني معافي،مرجع سابق،ص:106 .

[9] .قرار صادر عن محكمة الإستئناف التجارية بفاس رقم 4009 /07 ،بتاريخ 24/07               /2007،في الملف عدد 696/04/09،أورده ياسين كوباشي، مرجع سابق ،ص:53.

[10] .فاطمة بنعيش ،”عقد مقاولة البناء من الباطن “رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد الاول،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،وجدة،السنة الجامعية 2013/2014 ،ص:51.

[11] .محمد الأطرش ،”المظاهر القانونية الخاصة لصور تدخل المقاولات من الباطن في الميدان الاقتصادي –دراسة مقارنة –” أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض ،كلية الحقوق،مراكش،السنة الجامعية 1999/2000 ص:309.

[12] .فاطمة بنعيش،مرجع سابق،ص:54 .

[13] .القائل بضرورة وجود رابطة عقدية بين رب العمل والمقاول البناء من الباطن ،كما سبقت الإشارة إلى دلك .

[14] .فاطمة بنعيش مرجع نفسه ص:54/55.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *