Site icon مجلة المنارة

المسؤولية الجنائية الدولية للرؤساء والقادة العسكريين

المسؤولية الجنائية الدولية للرؤساء والقادة العسكريين

إعداد

د. باسل منصور

استاذ القانون الدولي المساعد – جامعة النجاح الوطنية – نابلس- فلسطين

bmansoor@anjah.edu

 

الملخص

تعتبرمسؤوليةرئيسالدولةوالقادةالعسكريينأحدالآلياتالدوليةالناشئةعنالمعاهداتوالاتفاقياتالدوليةوالتيتتضمنعنصرالإلزامالقانونيالمتمثلبالجزاءالذيتقررهأحكامنظاممحكمةالجناياتالدولية،وهذهالأداةالمعاهداتالتيتسعىالقيادةالفلسطينيةلاستخدامهاللضغطعلىالمجتمعالدوليوالاحتلاللوقفارتكابجرائمهوأهمهاالجريمةالدائمةوالمستمرةوهيالاحتلال.

ولمكانلتطورالمسؤوليةالجنائيةالدوليةللفردقبلالحربالعالميةالأولىتطورابطيئاإلاأنهامرتفيمراحلأومحطاتأرستقواعدوأسسهامةسوفتبنىعليهاكلنظريةالمسؤوليةالفرديةفيإطارالجريمةالدوليةولذلكنجدماحدثخلالالحربينالعالميتينمنانتهاكاتصارخةللقيموالمبادئالإنسانية،أظهرأنالفردببعضتصرفاتهغيرالمشروعةكانتهاكقوانينالحربوعاداتهاوارتكابالجرائمالدوليةالأخرىيشكلتهديداًللسلموالأمنالدوليوهذاماأظهرعلىالوجودمبدأالمسؤوليةالجنائيـةالشخصيةالذيأقرفيمابعد،وتمترجمتهمنخلالمساءلةالعديدمنمرتكبيجرائمالحربفيأعقابالحربالعالميةالأولىوالثانية،حيثلهذاالغرضشكلتالعديدمنالمحاكمـاتمنهـاليبزجومحكمةنورمبرنجالعسكريةومحكمةطوكيوالعسكريةومحكمتايوغسلافياورواندا…

وكذلكفانالمحاولاتالتيأعقبتإنشـاءعصبةالأمموالهادفةلترسيخفكرةمعاقبةمجرميالحربواجهتفـيالبدايـةالكثيـرمـنالمعوقات،كانمنأهمهااختلافالنظمالقانونيةبينالدولوالتنازععلىالاختصـاص،مـنالناحيتينالإقليميةوالشخصية،ونوعالمحاكمةوعدالتها،والمسئوليةالجنائيةللقادةالسياسـيينوالعسكريينالكبارالذينيتمتعونبالحصانة،ومعذلكنجحتتلكالجهودمنخلالظهورمبدأالمسئوليةالجنائيةالشخصيةلرؤساءالدولوالقادةالذينينتهكونالقوانينوالقواعدالدوليةالتـيتنظمالحرب،وتمإقرارهفيالعديدمنالمواثيقالتيأنشئتالمحاكمالجنائيةالدوليةالخاصة. ولقد تم تقسيم البحث إلى فصلين ندرس في الفصل الأول تطور وتعريف المسؤولية الجنائية للفرد والفصل الثاني ندرس فيه الأسس القانونية لهذه المسؤولية. وصولاً للخاتمة واهم النتائج .

 

Abstract

The president and the military leaders responsibility is one of the international mechanisms which stems from the international treaties and agreements. The responsibility includes legal commitment of Penalty that the International Crime Court confirms. The Palestinian leader ship tries to use this tool in order to practice pressure on the international community and the occupation in order to stop the continuous crime of occupation.

Despite the slow development of the international crime liability of the individual before the World War I , it has several stages that put essential rules and foundations for all individual responsibility which deals with the international crime frame . The violations of human principles and norms during the WWI and the WWII resulted that the illegal action of the human behaviors such as violating the war laws and committing international crimes threat the international security and peace. These violations emerged the need for the principle of personal crime responsibility which was approved later, then practiced by the accountability of war criminals after the WWI by several trails held in Lekberg, Nordberg and Tokyo marital courts in addition to Yugoslavia and Rwanda marital courts .

Although the several  tries aimed to confirm the idea of punishing the criminal of war after the establishing of United Nation faced some obstacles of the different legal systems between countries, disputing for regional and personal specialty, kind of trail and its justice and the president and the military leaders responsibility who have immunity. The efforts succeeded in emerging the principle of personal crime responsibility for the presidents and leaders who violate the international laws which regulate the wars. It has been approved in some agreements establishing the special international crime courts.

The study consists of two chapters conclusion and results , the first one discusses the development of crime responsibility of the individual and it definition , the second chapter includes the legal foundations of  responsibility.

المقدمة

من الثابت بالفقه والقانون والقضاء الدولي ان المعاهدات تعتبر مصدرا من مصادر القانون الدولي، بالإضافةإلى العرف والمبادئ العامة للقانون الدولي، وهي على ذلك أما ان تكون مصدرا منشئا أو مصدرا كاشفا للأسس والمبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي، وبذلك يكون للاتفاقيات الدوليةالأثرالتشريعي في بناء أحكام ونصوص القانون الدولي، تبرز أهميةهذا الأثر بصورة لا لبس فيها في إقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الدولي، والذي يتمثل أساسا في نصوص المواد 22 و23 من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، والتي تفصح عن هذا المبدأ بجلاء، وذلك باعتبارها من أهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في العصر الحديث.

ان مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يرتبط بشكل أساسي بإقرار الأسس التي تقوم علها المسؤولية الدولية في ارتكاب الجرائم، والتي تطورت واستقرت بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية عبر مراحل زمنية طويلة وبطيئة، وعليه فان دراسة هذه المسؤولية يبين لنا كيف ان الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ليس فقط هي مصدر مهم من مصادر القانون الدولي بل هي أيضا تسهم وبشكل أساسي في تطور المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي وتساعد في وضعها في إطار واضح وجلي يمكن الاعتماد عليه في تقرير حدود المسؤولية التي يقيمها القانون الدولي فيما يخص ارتكاب الأفعال والجرائم المخالفة لأحكامه.

وتكمن أهمية دراسة مسؤولية رئيس الدول والقادة العسكريين عن ارتكاب الجرائم الدولية، باعتبارها من أهم المبادئ التي تم إقرارها بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي ترتبط ارتباط وثيق بالمبدأ الأساس الذي يقوم عليه كل النظام الدولي وهو حفظ السلم والأمن الدوليين، والتي تشكل الجرائم الدولية أهم واخطر تهديد له، سواء كانت هذه الجرائم خلال النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، حيث تعتبر قمة تطور القانون الدولي بإقرار المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم الدولية سواء للأفراد العاديين أو الرؤساء والقادة العسكريين، وذلك باستقرارها نهائيا بموجب نصوص اتفاقية النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.

مشكلة البحث

إذا كان العرف الدولي قد أسهم في تطور واستقرار نظرية مسؤولية الدولة عن الأفعال غير المشروعة والتي تتمثل في وقف العمل غير المشروع والتعويض عنهوإعادة الحال إلى ماكان عليه، وأبقت مجال مسؤولية الدولة الجنائية مثار خلاف وجدل لم يحسم حتى ألان، فكيف ساهمة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في إقرار المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية، ثم ما هي الأسس التي تقوم عليها مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين باعتبارها إحدىأهم صور المسؤولية الفردية، بل وأكثر من ذلك تعتبر الأساس الذي قامة من اجله المسؤولية الفردية، ثم كيف تم التغلب على العقبات القانونية التي كانت تقف حائلا دون إقرار مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين.

 

 

أهمية البحث

تكمن أهمية البحث باعتبار مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين احدالآليات الدولية الناشئة عن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتي تتضمن عنصر الإلزام القانوني المتمثل بالجزاء الذي تقرره أحكام نظام محكمة الجنايات الدولية، هذه الأداةالمعاهداتيةالتي تسعى القيادة الفلسطينية لاستخدامها للضغط على المجتمع الدولي والاحتلال لوقف ارتكاب جرائمه وأهمهاالجريمة الدائمة والمستمرة وهي الاحتلال.

إذافأهمية دراسة المسؤولية الدولية للرئيس والقادة العسكريين تنطلق أساسا من كونها أدتمعاهداتية نشأت وتطورت عبر نصوص المعاهدات، التي تسعى القيادة الفلسطينية للاعتماد عليها في وقف جرائم الاحتلال ومحاسبة المسؤولين عنها.

عناصر المشكلة

تتمثل عناصر المشكلة بالإجابة على التساؤلات التالية :

  1. ماهي المراحل التاريخية التي مرت بها المعاهدات الدولية في إقرار المسؤولية الفردية؟
  2. ما هي أهم الأسس التي انطلقت منها المعاهدات الدولية في إقرار المسؤولية الفردية؟
  3. كيف تعامل الفقه الدولي مع التطور على مبدأ المسؤولية الدولية؟
  4. كيف تعاملت اتفاقية روما النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية مع مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين؟
  5. ما هيالأسس القانونية التي أرساها نظام محكمة الجنايات الدولية في إقرار مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين.
  6. كيف تعامل نظام روما مع العقبات القانونية التي كانت تقف حائلا في مواجهة مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين؟

فرضيات البحث

بيان التطور التاريخي للمسؤولية الفردية وانبثاقها عن مسؤولية الدولة من خلال استعراض أهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي قررت الأسس القانونية لإقامة المسؤولية الفردية.

بيان الأسس القانونية التي قام عليها النظام الأساسي لمحكمة الجناية الدولية في إقرار المسؤولية الفردية وبالذات فيما يخص مسؤولية رؤساء الدول والقادة العسكريين.

منهجية البحث

سوف يتم ابتدأ استخدام المنهج الوصفي التاريخي في بيان المراحل التاريخية التي مرت بها مسؤولية رؤساء الدول والقادة العسكريين، ومن ثم سيتم استخدام المنهج التحليلي لبيان الأسس والمفاهيم التي قامت عليها هذه المسؤولية فيما يخص المعاهدات والاتفاقيات التي سنتعرض إليها من خلال البحث وبشكل أساسياتفاقية روما النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.

لقد تم تقسيم البحث إلى فصلين وذلك نتيجة لكثرة العناوين والنقاط التي يعالجها البحث لذلك تم اللجوء إلى هذه التقسيم لاستيعاب التقسيمات الكثيرة التي ستنتج من خلال الدراسة، وعليه ندرس في الفصل الأول تطور وتعريف المسؤولية الجنائية للفرد والذي سيقسم إلى مبحثين ندرس في الأول تطور هذه المسؤولية في مراحل ما قبل الحرب العالمية الأولى ” العصور القديمة والوسطى ونهاية القرن التاسع عشر” وفي فترة ما بين الحربين وما بعدها، أما المبحث الثاني فندرس من خلاله تعريف المسؤولية الفردية في الفقه من حيث إقرار مسؤولية الدولة والمسؤولية المزدوجة وصولا إلى المسؤولية الفردية وأيضا بموجب نصوص النظام الأساسي، أما الفصل الثاني فندرس فيه الأسس القانونية لهذه المسؤولية في مبحثين نتعرض بالمبحث الأول للصفة الرسمية والحصانة لرئيس الدولة و القادة العسكريين ومبدأ عدم الدفع بها والمشاكل التي يثيرها هذا المبدأ، أما المبحث الثاني فندرس فيه الطبيعة القانونية لأوامر الرئيس والقادة العسكريين ومسؤوليتهم عن أعمال مرؤوسيهم، وذلك من حيث الإطار القانوني لهذه المسؤولية والمبادئ والأسس التي تقوم عليها وطبيعتها، لنخلص أخيرا بخاتمة ندرج بها أهم النتائج والتوصيات.

الفصل الأول

التعريف بالمسؤولية الجنائية للفرد وتطورها التاريخي

إن التعريف بالمسؤولية الجنائية الدولية للفرد يقتضي مرورا على أهم المحطات التاريخية التي مرة بها هذه المسؤولية ومن ثم التعرف على الإطار القانوني لهذه المسؤولية في نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، والجدل الفقهي الحاد الذي ثار في سبيل في فهم كنه وطبيعة هذه المسؤوليةوالأسس التي تقوم عليها.

المبحث الأول

التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية للفرد

على الرغم من أن معالم المسؤولية الجنائية الدولية للفرد لم تتضح معالمها إلا في نهاية القرن العشرين، إلاأن تطور المبادئ التي قامت عليها هذه المسؤولية امتدد إلىأزمنه بعيده وان كانت قد تطورت ببطء وبدون وضوح إلاأننا نجد بوادرها في العصور القديمة ليثار الجدل بشأنها في العصور الوسطى ثم نجد إقرار لها في العصر الحديث خاصة في الفترة ما بين الحربين الأولى والثانية وعهد عصبة الأمم المتحدة، لتصل إلى الاستقرار في التطبيق القضائي والنصوص القانونية في فترة هيئة الأمم المتحدة.

المطلب الأول

التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية الفردية ما قبل الحرب العالمية الأولى

كان تطور المسؤولية الجنائية الدولية للفرد قبل الحرب العالمية الأولى تطورا بطيئا إلا أنها مرت في مراحل أو محطات أرست قواعد وأسس هامة سوف تبنى عليها كل نظرية المسؤولية الفردية في إطار الجريمة الدولية، كما سنشهد بعض التطبيقات المبدئية لهذه المسؤولية بالإضافة إلى بعض النصوص.

الفرع الأول

المسؤولية الفردية في العصور القديمة

يورد بعض الفقهاء صورا للمسؤولية الجنائية الفردية في العصور القديمة مثال ذلك محاكمة ملك يودا سيديزياس المهزوم من قبل ملك بابل بختنصر وإجراء محاكمات مماثلة في صقلية قبل القرن الخامس للميلاد[1]، بالإضافة إلى معاهدة الصلح بين رمسيس الثاني ملك مصر وملك الحيثيين في أسيا الصغرى والتي قررت مبدأ السلام العادل والمعاملة بالمثل وتسليم المجرمين، ومن ثم التصقت فكرة المسؤولية الجنائية الفردية في مجال العلاقات الدولية عند الإغريق والرومان لمواجهة مثيري حرب الاعتداء[2]، ويظهر ذلك جليا عند اراسطو الذي اعتبر إن السلطة ليست نظاما إلهيا ولكنها غاية لتحقيق المصلحة العامة والتي يترتب عليها حقوق وواجبات وفرض جزاءات على المخالف[3] أما سينيك الذي ندد بالحرب فهو أول من نادى بفكرة مجرمي الحرب المأخوذ بها حتى الوقت الحالي.

الفرع الثاني

المسؤولية الفردية في القانون الدولي الكلاسيكي

(العصور الوسطى)

أما في العصور الوسطى نجد أن القديس اوجستين قد أثار مسؤولية الحاكم أمام الله عن فعله غير المشروع، وهو هنا كان يربط فكرة الفعل غير المشروع بالحرب العادلة والتي هي من مستلزمات السيادة التي لا ينبغي الاعتراف للأفراد بها إلا إذا كانت تنفيذا لآمر الحاكم الشرعي وفي حدود شرع الله[4]، ثم نجد جورج بوديبرا ينادي بفكرة الاتحاد المسيحي سنة 1462 ويقترح معاهدة سياسية تتضمن تعهد دول الاتحاد إحالة حاكم أية دولة قام بأعمال عدائية ضد دولة أخرى ليحاكم أمام البرلمان المقترح وفقا لإجراءات قضائية معينة[5]، ومن هنا ظهرت تطبيقات تتمثل في تطبيق جزاء جنائي على المتسببين في جرائم الحرب تتولاها محاكم مستقلة تابعه للدول المنتصرة لمقاضاة رعايا الدولة المنهزمة عن الأضرار التي سببتها وقد تطورت هذه الأفكار على أيدي فقهاء مثل فيتوريا وسواريز وفاتيل، ومن الأمثلة العملية على ذلك عندما قامت كل من فرنسا والنمسا واتحاد المدن السويسرية في العام 1474 بالقبض على هيكنابتش الذي تسبب بغارات وحشية على الدول والمدن المجاورة[6].

أما احدث تطبيقا لإثارةالمسؤولية الجنائية الفردية في العصور الوسطى كانت ناتجة عن الحروب الكثيرة التي شهدها القرن الثامن والتاسع عشر وكان أبرزها هو تحميل الحلفاء لنابليون بونابرت في مؤتمر فينا سنة 1815 المسؤولية عن الإجراءات التعسفية التي اتخذها خلال عام 1814 حيث تم اعتباره عدوا للجميع ومصدر قلق وتدمير ومثيرا للحروب، واكتفوا بنفيه مدى الحياةإلىجزيرة سانت هيلين وذلك لعدم وجود قانون دولي أومحاكمة  دولية يمثل أمامها لينال عقابه على جرائمه[7].

في هذه الفترة نجد أن جدالا كبيرا حول حدود مسؤولية الدولة قد ثار بين فقهاء تلك الفترة ، ونجد أنهفتر وهول Hall، وبلومرنغBulmerinq، وبلنشليBluntschli، قد طوروا مبدأ التدخل الطبيعي من اجل ردع الدول التي تنتهك القانون الطبيعي وهنا نجد أن قوائم في تحديد درجات الانتهاكات قد بدأت بالظهور وخاصة فيما يخص حظر الحروب، في هذه الفترة بدأت بوادر تأسيس المسؤولية الفردية تظهر في جدالات فقهاء القانون الدولي والتي كانت فكرة السيادة الذاتية للدولة مازالت مسيطرة على تفكيرهم والتي كانت تقف حائلا قويا دون تطوير فكرة المسؤولية الفرديةأو ظهورها كما هي معروفة ألان في القانون الكلاسيكي.

إذا نجد أن تطورا بطيئا لمبدأ المسؤولية الفردية مرت به عبر العصور، صاحبها جدالا واسعا تمثل أساسا، في من يملك حق توقيع العقوبة وما هي الأفعال التي تمثل جرائم واهم ما في ذلك كانت فكرة السيادة تظهر بقوة للحد من هذا التطور.

المطلب الثاني

تطور المسؤولية الجنائية الفردية خلال فترت الحربين العالمية الأولى والثانية

بمراجعة سريعة للفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولىأو بعدها بقليل، نجد أن فكرة المسؤولية الجنائية مازالت لم تظهر بصورة جليه، فنجد أندايسونانزويلوتي وفي مقاله المنشورة في عام 1906 في المجلة الأوروبية للقانون الدولي يحصر مسؤولية الدولة في انتهاكها لقواعد القانون الدولي فقط إمابإصلاح الضرر أو المطالبة بالإصلاح[8]ينفي وجود المسؤولية الفردية، ثم نجد أدق تعبير عن الفكر القانوني الذي كان سائدا تلك الفترة في علاقات الدول ومسؤولياتها ما جاء على لسان الياهو روت عندما يقول في تعليقه على انتهاك ألمانيا لحيادية بلجيكيا في الحرب العالمية الأولى ” انه والى حد ألان فان انتهاك الدول للقانون الدولي مازال يتم التعامل به كما يتم التعامل بين الأطراف في القانون المدني حيث أن ذلك لا يهم إلاأطرافه”[9].

ولكن يبدو أن أهوال الحرب العالمية الأولى قد أخذت فقهاء وكتاب تلك الفترة للتفكير في المسؤولية الجنائية في ضل القانون الدولي والتي أدت إلى إثارة جدل واسع حول حدود هذه المسؤولية بين مسؤولية الدولة ومسؤولية الفرد[10]، إلا أن تطورا فقهي مهم قد حصل في تلك الفترة عندما نشر لاوتر باخت كتابه عام 1927 والذي عنوانه مصادر القانون الخاص ونظائرها في القانون الدولي والذي قرر فيه أن القرارات والمعاهدات الملزمة والتي منها ميثاق عصبة الأمم المتحدة و ميثاق كليوج قد أسست لمفهوم الجريمة الدولية والعقاب، وإنها تقرر مسؤولية الأفراد في القانون الدولي[11]، إذا في هذه الفترة فان معاهدة فرساي وعهد عصبة الأمم المتحدة مثلتا التطور الحقيقي في المسؤولية الفردية.

الفرع الأول

المسؤولية الجنائية الفردية في معاهدة فرساي

إذا فالمواد 227 و 228–230  من معاهدة فرساي التي تم اعتمادها في مؤتمر السلام عام 1919 والتي تمت بناءا على اقتراح من لجنة المسؤوليات[12]، هذه المواد يمكن وصفهما بأنهماأوإطار قانوني دولي يقنن المسؤولية الفردية في القانون الدولي بشكل واضح وصريحعلى الرغم من فشل التطبيق العملي لها[13].

بموجب نص المادة 227 تقرر محاكمة إمبراطور ألمانياغيليوم الثاني عن الجريمة العظمى ضد الأخلاق الدولية وقدسية المعاهدات وباستثناء هذه الإشارة في هذه المادة إلاأنها لم تحدد بشكل دقيق الجرائم التي ارتكبها إمبراطورألمانيا، كما لم تحدد العقوبة التي يمكن إيقاعها عليه وتركة ذلك لسلطة المحكمة، الأمر الذي يتناقض مع مبدأ المشروعية الذي هو أساسالمسؤولية الجنائية والذي يقوم على أساس انه لا جريمة ولا عقوبةإلا بنص[14]، وهذا ما أثاره الوفد الألماني في اعتراضه على نص هذه المادة، بالإضافةلأنها تنتهك مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية، وعلى كل حال فان محاكمة إمبراطورألمانيا لم تتم بسبب رفض الحكومة الهولندية من تسليمه للحلفاء بدعوى انه لا توجد أيةمسؤولية يمكن أن تقع على عاتقه بموجب التشريع الهولندي[15]، ومن الملاحظات الجديرة بالذكر على هذه المادة هي:

  1. أنها تشكل أولإقرار واضح وصريح بالمسؤولية الجنائية الشخصية بالنسبة لرئيس الدولة عن الأفعال التي يرتكبها وهو على رأس الحكم مما يعتبر تطورا هائلا في الفكر القانوني الدولي[16].
  2. انه على الرغم من اعتراض ألمانيا على نص هذه المادة إلاأنها صادقت على معاهدة فرساي وبذلك تكون قد منحت موافقتها على نص المادة هذه الموافقة التي تعتبر ضرورية ومنسجمة مع قواعد القانون الدولي التقليدي والتي تقضي أنأية دولة لا يمكنها أن تُخُضع لولاية محاكما الجنائية أو المدنية أعمال دولة أخرى دون موافقة الأخيرة[17].

أما المواد 228 – 230 من معاهدة فرساي والتي بموجبها سيتم محاكمة كبار مجرمي الحرب من رعايا ومواطني ألمانياأمام محاكم عسكرية وان هؤلاء المتهمين سيسلمون إلى الدول المتحالفة وانه يحق لهم تعين محامي دفاع[18]، ثم نجد أن مهمة المحاكمة أوكلتإلى محاكم عسكرية إقليمية للدول التي وقعت فيها الجرائم متى كان الضحايا من رعايا تلك الدول أماإذا كان الضحايا من رعايا عدة دول فان المحاكم تتم أمام محكمة مشكلة من ممثلي تلك الدول[19]، وبذلك لم تأخذ المعاهدة باقتراح لجنة المسؤوليات في إقامة محكمة جنائية عليا ذات اختصاص عام، مما يعني عدم نجاح أول اقتراح رسمي بإنشاء جهاز قضائي رسمي، وبغض النظر عن النتيجة الهزيلة لتطبيق هذه النصوص إلاأنها تبقى ذات أهمية في أنهاأقرة بصورة صريحة المسؤولية الجنائية الفردية لمرتكبي الأفعال التي تشكل جرائم حرب[20].

الفرع الثاني

المسؤولية الجنائية الفردية في عهد عصبة الأمم المتحدة وغيرها من النصوص

على الرغم من أن عهد عصبة الأمم المتحدة لم يأخذ بمبدأ المسؤولية الفردية ولم يضع جزاءات توقع على الأشخاص الطبيعيين التي تنسب إليهم الجرائم، وقد اقتصر على الجزاءات التي توقع على الدول دون الأفراد، ولم يتضمن تنظيم قضائي جنائي دولي[21]إلاأننا نجد أن المادة 14 من العهد قد فتح الباب أمام الجهود الدولية لإنشاء محكمة دولية، وبناءا على ذلك قام مجلس العصبة بتشكيل لجنة    برئاسة البارون ديسكامب لوضع مشروع نظام المحكمة وقد قدمت اللجنة تقريرها في عام 1920 والذي عرض إنشاء محكمة جنائية دولية، تكون مختصة بالنظر بالجرائم على المستوى الدولي[22]، إلاأن تقرير اللجنة واجهة اعتراضات كثيرة وعليه فقد وافق مجلس العصبة على إنشاء محكمة لها اختصاص مدني فقط، وبالرغم من أن هذا المشروع لم يقدر له النجاح إلا انه يبقى ذو أهمية من حيث فكرة وجود قضاء دولي، وقد حدد هذا المشروع الجرائم التي سوف تنظر فيها المحكمة وهي جرائم النظام العام الدولي و جرائم قانون الشعوب و مخالفات قانون الحرب[23].

إنأهمية مشروع ديسكامب كانت من خلال فتح الباب على مصراعيه لطرح المبادرات الدولية الخاصة بإنشاء محكمة جنائية دولية والتي تسارعت بوتيرة مطردة بدا من مؤتمرات جمعية القانون الدولي في بيونس ايزس سنة 1922 و في فينا سنة 1926حيث وافق المؤتمر على فكرة إنشاء المحكمة وعلى مشروع اللائحة الخاصة بها، وكان الاقتراح يتمثل في إنشاء دائرة جنائية ضمن دوائر محكمة العدل الدائمة، وكان لاقتراح الفقيه فسبسيان بيلا  أمام الاتحاد البرلماني الدولي سنة 1925 والذي عاد وعرضه فيما بعد بمؤلف مستقل بعنوان جرائم الحرب ثم اشتراكه مع الفقيه دونديو فاير بتكليف من الجمعية الدولية للقانون الجنائي في اجتماعها ببروكسل في وضع مشروع محكمة جنائية دولية وقد تم تحديد اختصاص هذه المحكمة بالأمور التالي[24]:

  1. أحوال التنازع الدولي في الاختصاص القضائي و التشريعي.
  2. مسؤولية الدول جنائيا في حالات العدوان غير المشروع.
  3. مسؤوليةالأفراد الجنائية في حالات العدوان.
  4. تفسير القواعد الجنائية الموحدة في الدول المختلفة.

ولكن وبالإضافةإلىأهمية ميثاق بريان كيلوج والذي يستنكر اللجوء إلى الحرب لحل المنازعات الدولية ويقرر حالة الدفاع الشرعي، إلاأنأهم مشروع هو مشروع اتفاقيات جنيف لتحريم الإرهابوإنشاء محكمة جنائية في العام [25]1937، وقد حددت الاتفاقية عدد من الجنح والجنايات التي يرتكبها الأشخاص الطبيعيون وعلى اعتبار المحكمة هيئة دائمة مقرها لاهاي وتتكون من خمسة قضاة من جنسيات مختلفة تختارهم محكمة العدل الدولية على أن يكون اللجوء للمحكمة اختياري وتكون أحكامها نهائية[26].

وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية لم تدخل حيز التطبيق بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية فان مبادئوأحكام هذه الاتفاقية كانت ذو أهميه كبيرة في إرساء فكرة المسؤولية الفردية وإنشاء جهاز قضائي دولي والذي أسس للخروج عن الفكر الكلاسيكي في القانون الدولي العام الذي كان مسيطرا على فكرة مسؤولية الدولة والمرتبط بالعلاقة الثنائية التقليدية وفكرة السيادة.

المطلب الثالث

المسؤولية الجنائية الفردية في عهد الأمم المتحدة

إن التطور النظري المتراكم في المسؤولية الجنائية الفردية (وبالذات فيما يخص مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين) الذي تطور عبر العصور ليصل إلى ذروة وضوحه ونضوجه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، أسس لمرحلة تطور عملية جديدة وحقيقية بعد الحرب العالمية الثانية أي في عهد الأمم المتحدة بدأ من محاكمات كبار مجرمي الحرب العالمية الثانية في نورمبرغ وطوكيو ومن ثم محاكمات روندا ويوغسلافيا، إلى أعمال لجنة القانون الدولي وانتهاء النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية والتي سيخصص قسم خاص للحديث عن الأحكام التي تضمنها فيما يخص مسؤولية رئيس الدولة والقاعدة العسكريين.

إلا نصوصا مهمة ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية تؤكد على هذه المسؤولية والتي كان أولها تصريح 17 ابريل سنة 1940 الصادر عن كل من بريطانيا وفرنسا وبولونيا والذي أعقبه تصريح بولونيا وتشكوسلوفاكيا[27]، ثم تصريح الرئيسين روزفلت وتشرشل في سنة 1941ومذكرات وزير الخارجية الروسي مولتوف، والإنذار الصادر عن أمريكا والاتحاد السوفيتي وانجلترا سنة 1942باعتبارها الدول الكبرى، والتي أكدت جميعها على فكرة الجريمة الدولية، ومسؤوليةالأشخاص الطبيعيين عن الجرائم المرتكبة وقت الحرب بالإضافةإلىمسؤولية الحكومة الألمانية، وضرورة معاقبة مجرمي الحرب[28]، وتتمثل القيمة القانونية والعملية لهذه الإعلانات في أنهاأسست لمحاكمة وتحديد المسؤولية الفردية لمرتكبي جرائم الحرب.

وهذا ما أكدت عليه المادة السادسة من نظام محكمة نورمبرغ الصادر بموجب اتفاقية لندن لعام 1945 والتي حددت اختصاص المحكمة بمحاكمة وعقاب كل الأشخاص الذين ارتكبوا بصفتهم الشخصية أو بصفتهم أعضاء في منظمة تعمل لحساب دول المحور فعلا يدخل في نطاق جرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية[29]، ولا يقتصر العقاب على هؤلاء الفاعلين الأصليين بل يمتد العقاب ليشمل كل من ساهم بأي طريقة كانت سواء كان جنديا أو قائدا أو حتى رئيس[30]، وقد  ترسخ هذا المبدأ في رد المحكمة على الدفع الذي وجه إليها بان القانون الدولي يحكم العلاقات بين الدول ولا شأن له بتصرفات الأفراد  فجاء ردها “أن الجرائم التي تم ارتكابها هي جرائم ارتكبها رجال…. ولا يمكن كفالة تنفيذ واحترام نصوص القانون الدولي إلا بعقاب الأفراد الطبيعيين المرتكبين لهذه الجرائم[31]” ونجد أن كلا من المدعي العام الأمريكي والنائب العام البريطاني قد ردا بشدة على هذا الدفع وأكدا على أن مبدأ حصر المسؤولية بالدول وعدم مسائلة الأفراد هو أمر غير مقبول في القانون الدولي،  إذا بموجب المادة السادسة من نظام المحكم فانه لا يحاكم أمامها من الأشخاص الطبيعيين إلا كبار مجرمي الحرب ورؤساء الدول على أساس أن جرائمهم غير محددة بإقليم، أما غيرهم من المجرمين فيحاكموا أمام محاكم الدول التي وقعت الجرائم في إقليمها[32].

ولا تختلف محكمة طوكيو عن إقرارها للمسؤولية الفردية لرئيس الدولة والقادة العسكريين عن ما جاء في لائحة محكمة نورمبرغ غير أن المتهمين أمامها تم محاكمتهم بصفتهم الشخصية فقط وليس بوصفهم أعضاء في منظمة إرهابية، ونظرا للتشابه الكبير بين المحكمتين فان نفس الانتقادات التي وجهة لمحكمة نورمبرغ وجهة أيضا إلى محكمة طوكيو[33].

ولكن يعتبر التطور المهم في إقرارالمسؤولية الفردية وبالذات مسؤولية رئيس الدولة وقادة العسكريين وذلك بصدور قرارات مجلس الأمنبإنشاء محاكم يوغسلافيا وروندا وذلك بالقرارات رقم 808 و رقم 827 لسنة 1993، و القرار رقم 955 لسنة [34]1994، وتأتيأهمية هذه القرارات والمحاكم مما يلي:

  1. بأنهاأولإقرار دولي جماعي للمسؤولية الفردية، وبالذات مسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين.
  2. اعتمادها على معاهدات جنيف ولاهاي الخاصة بالقانون الدولي الإنساني لتحديد الجرائم المثيرة لهذه المسؤولية، حيث تبنت كل من الأنظمةالأساسية لمحكمة يوغسلافيا أو محكمة روندا على تصنيف هذه الأفعال في جرائم وجنايات، والذي يعتبر أول تطبيق قضائي دولي لهذه القواعد[35].
  3. وعلى الرغم من القصور الذي اعترى تطبيق قرارات محكمة يوغسلافيا أو النقد الذي أثير باتجاه محكمة روندا إلاأنهما ساهمتان بصورة مباشرة في ترسيخ فكرة المسؤولية الجنائية للفرد وضرورة إنشاء قضاء دولي دائم، والذي رسخ في نظام محكمة الجنايات الدولية[36].

وأخيرا لابد من أن نذكر المساهمة الكبيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال لجنة القانون الدولي في إقرارا مبادئ هذه المسؤولية والتي بدأت بالعام 1947 من خلال إعداد مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها والتي اعترفت بمبادئ محكمة نورمبرغ وإقرار اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي أقرت مبدأ المسؤولية الفردية ومبدأ المحكمة الجنائية الدولية[37]، والتي بذلت من اجله لجنة القانون الدولي جهودا معتبرة خلال الأعوام 1948 و 1950 و 1954 وصولا إلى قرار الجمعية العامة بالعام 1989 بإعادة تكليف اللجنة لدراسة مشروع مدونة الجرائم والتي عرضة أول تقرير لها في العام 1990 والذي تضمن استصواب إنشاء محكمة جنايات دولية ذات طابع دائم والتي تم اعتماد نظامها في العام 1998 في مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعية في روما[38].

المبحث الثاني

ماهية المسؤولية الجنائية الفردية لرئيس الدولة والقادة العسكريين

يمكن تعريف المسؤولية الدولية بصفه عامة بأنها الأثر الذي يرتبه القانون على المتسبب بانتهاك قواعد القانون الدولي نتيجة قيامه بعمل غير مشروع أو عدم القيام بواجب أو التزام تفرضه قواعد القانون الدولي العام، ويتمثل ذلك الأثر إما بالمسؤولية المدنية( وقف الضرر وإعادة الحال إلى ما كان علية والتعويض) و بالمسؤولية الجنائية والتي تتمثل بإيقاع العقوبة[39]، ومن خلال هذا التعريف يمكن لنا استنتاج وجود عنصرين، وهما عنصر شخصي في وجود سلوك ايجابي أو شخصي ينسب لفاعل، والثاني موضوعي يتمثل في انتهاك التزام دولي[40]، وعلى الرغم من إقرار القانون الدولي لامتداد هذه المسؤولية إلى الأفراد إلا أن الفقه مازال يثير جدالا على الأساس القانوني التي تقوم عليها هذه المسؤولية، ثم نجد أخيرا أن نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية قد اقر وبشكل نهائي المسؤولية الجنائية الفردية وبالذات فيما يخص رؤساء الدول و القادة العسكريين. 

المطلب الأول

مفهوم المسؤولية الجنائية الفردية في القانون الدولي

لم يستقر الفقه الدولي على رأي واحد في مفهوم واحد للأسس التي تقوم عليها مسألة محاسبة ومسائلة الأفراد بل كان هنالك اختلاف واضطراب واضح في هذا الأمر،وكان قد ظهر مذاهب مختلفة المنطق والرأي والحجة منها ما عارض إيقاع المسؤولية علىالأفراد ومنها ما كان مؤيد لذلك[41]، هذا الجدل رافق كل مراحل تطور المسؤولية الفردية التي تم بيانها والذي القي بضلاله على المسؤولية الجنائية في ضل القانون الدولي، وقد كان الفرد محل نزاع من ناحية الشخصية القانونية الدولية ومدى ولائه مباشره للقانون الدولي[42]، وقد ذهبت هذه الاتجاهات الفقهية في ثلاث مسارات ندرسها في ثلاث فروع

الفرع الأول

إقرار مسؤولية الدولة

هذا الاتجاه أساسا لا يعترف بالشخصية القانونية الدولية للفرد[43]، وبالتالي لا يجده أهلا لتحمل المسؤولية الدولية، لأنه لا يملك الأهلية لتحمل الالتزام الدولي، فالمسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دوليا هي علاقة دولة بدولة تطبيقا لنظرية ” فاتيل ” التقليدية التي جاء فيها بأنه من يسيء معاملة مواطن، فكأنه يسيء بطريقة غير مباشرة إلى الدولة التي تلتزم بحماية هذا المواطن[44]“،كما.

يرى هذا الاتجاه أن محل التزام الفرد هو القانون الوطني وبالتالي لا يمكن إخضاع الفرد إلى مركزين أو إطارين من القانون، كما أن أساس خضوع الفرد للقانون الوطني هو وجود حكومة عليا الأمر الذي لا نجده في علاقات الدول بعضها ببعض، وبالتالي فان الدولة وحدها هي التي تتمتع بالشخصية القانونية التي تكون لها الأهلية لتحمل الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي، وبالتالي هي وحدها التي تتحمل المسؤولية الناتجة عن انتهاك قواعد وأحكام ومبادئ القانون الدولي، ويرى هذا الاتجاه إن مسؤولية الفرد تقوم من خلال خضوعه لنظام الدولة فالدولة هي التي تقوم بمسائلة الأفراد فيها إذا ما كان الفعل المرتكب من خلالهم وأدى إلى إثارة المسؤولية الدولية اتجاه دولتهم كان غير مشروعا بموجب القانون الداخلي للدولة، وفي حل كون الفعل مشروعا فلا تثور تلك المسؤولية[45].

وهذه المسؤولية تقف عند حد المسؤولية المدنية عند انزيلوتي[46]، والذي يرى أنأساسالمسؤولية الجنائية غير قابل للتطبيق على الجماعات كما أنفيليمور يرى أنالمسؤولية الجنائية لا يمكن تطبيقها إلا على الأفراد أي كائنات مفكر لها إرادة ولا يمكن تطبيقها على الأشخاص المعنوية وان الإرادة التي يعبر عنها بطريقة التمثيل للشخص المعنوي لا تصلح لتحمل المسؤولية الجنائية، إلاأنلاوتر بخت يرى أن هذه المسؤولية تمتد إلى حد المسؤولية الجنائية للدول، وقد قام بالتفريق بين الإخلال بالالتزامات العادية التي تقوم عليها المسؤولية المدنية والمخالفات الخطيرة التي ترتب المسؤولية الجنائية للدولة، وقد سانده في ذلك كل من ” بوستامنت ” و” دونيديودوفابر ” و”بيلا ” ، حيث كان بيلا من اشد المدافعين عن المسؤولية الجنائية للدولة إثناء ارتكاب الجرائم الدولية[47].

الفرعالثاني

إقرار المسؤولية المزدوجة

يقوم هذا الاتجاه الذي يتزعمه الفقيه فسبسيان بيلا على مبدأين الأول في ارتكاب الجريمة والثاني في تحمل المسؤولية[48]:

أولا ارتكاب الجريمة الدولية :إن الجريمة الدولية المرتكبة انتهاكا لقواعد القانون الدولي الجنائي يرتكبها أشخاصا طبيعيون محددون ولكن باسم الدولة من خلال [49]:

  1. تلقي التشجيع والإيعازمن طرف الدولة التي يقومون بإعمالها السيادية.
  2. إن ارتكاب هذه الأفعالالجٌرمية الماسة بالمجتمع الدولي لا يمكن تصوره لولا وجود الدولة.
  3. إنالأفراد الذين يقومون بارتكاب الجريمة سواء كانوا مسؤولين حكوميين أو موظفين عاديين أو مدنيين هم عبارة عن جهاز من أجهزة الدولة.

إذا فان ارتكاب الأفعال الجرمية الماسة بالمجتمع الدولي من قبل الأفرادالطبيعيين لا تتم إلا باسم الدولة ومن خلالها وباستخدام الإمكانيات التي توفرها لهؤلاء الأشخاص الطبيعيين، وهو ما يجعل الأفراد الحكام والدولة يتحاملان على ارتكاب الجرائم الدولية في سياق واحد مشترك ، وهذا بنظره يعكس وجود ازدواجية في المسؤولية الدولية الجنائية ، وهذه الازدواجية تتمثل في مسؤولية الدولة من جهة ومسؤولية الحكام من جهة أخرى.

ثانيا : تحمل المسؤولية :تحمل المسؤولية الدولية الجنائية من طرف الفرد والدولة معا لا يمكن أن ينظر إليه من خلال إنزال العقاب الجنائي بالفرد وإلزام الدولة بإصلاح الضرر للدولة المتضررة ، وإنما يجب إنزال العقاب الجنائي في حق الدولة المخطئة لكون القانون الدولي الحديث أصبح يعكس مرحلة منالتطور الاجتماعي الدولي يستلزم إقرار مسؤولية جنائية دولية للدول والأفراد في نفس الوقت. 

الفرع الثالث

إقرار المسؤولية الفردية

طبقا لهذه النظرية الأفراد العاديون يتحملون مسؤولية دولية جنائية لكونهم تابعين أو خاضعين للدولة، وهذه الأخيرة تتحمل مسؤولية دولية جنائية لكونها سلطة عليا أعطت الأوامر لهؤلاء الأفراد بهدف ارتكاب الجرائم الدولية التي تتمخض عنها المسؤولية الدولية الجنائية الخاصة بمجرمي الحرب، كما أن تحمل الدولية للمسؤولية الدولية الجنائية إلى جانب الأفراد العادين يجد أساسه في كون المحاكمة تتم وفق قواعد القانون الدولي وأمام قضاء دولي بإمكانه معاقبة الدول على ارتكابها للجرائم الدولية المؤدية لمسؤولية مجرمي الحرب ، وهذا في إطار تجاوز لنظرية السيادة التي كانت تحول دون قيام مسؤولية جنائية للدول بسبب عدم فاعلية القانون الوطني لمحاكمة هذه الدول ولمحاكمة الأفرادالمسؤولية بها نظرا للحصانة أو العفو المسبق الذي كان يحظى بها هؤلاء الأفراد في ظل القانون الوطني.

هذا الاتجاه ينكر فكرة إمكانيةإيقاع العقاب أوالمسؤولية الجنائية الجماعية على الدول ويحصر تلك المسؤولية بالأفراد فقط وذلك ويركز في ذلك على إمكانية توافر الركن المعنوي للجريمة لدى الدولة، وثانيا من كون الدولة كان افتراضي قانوني ليس حقيقي[50].

  1. إذا فالفقيه السوفيتي تونكين يرى انه ومن اجل توافر الركن المعنوي للجريمة لابد وان تتوافر النية الإجرامية والتي لا يمكن تصورها لدى الشخص المعنوي[51]، ويسانده في ذلك الفقيه تريانين والذي يقول أن المسؤولية الجنائية تقوم على أساس الخطأ الذي يتجسد في سبق الإصرار أو الإهمال الأمر الذي لا يمكن تصوره إلا لدى الشخص الطبيعي[52]، كما أن المفاهيم القانونية الخاصة في إسناد التهمه إلى الجاني دورا رئيسيا في القضاء الجنائي والتي هي محل للتشريعات الوطنية والتي لا يمكن تطبيقها على الدولة.
  2. أماالفقيه جلاسير وفي تأيده لهذه الفكرة فهو يرىأن الدول هي كائن قانوني افتراضي ابتدعها الفقه وبررتها ضروريات الحياة الاجتماعية وبالتالي فان الدولة ليس لها حياه عضوية أو نفسيه خاصة بها، والفقه المعاصر يرفض مسألة الأشخاص المعنوية على أساسأنها افتراضية وليس حقيقية وان من يستوجب المسألة هي تلك الإرادات الطبيعية المشكلة للدولة[53]،وبناءا على ذلك يقول الفقيه دروستأن من يستوجب الجزاء هنا هم مجموعة الأشخاص الطبيعيين الذين يظهرون الإرادة الجماعية للدولة وعليه فانه يمكن تصور وجود حكومة إرهابية في الدولة ولكن لا يمكن تصور وجود دولة إرهابية، وبالتالي فان الحكومات يجب أن تعاقب وهي مسؤولية تبقى فردية[54].

وأخيرا فان أنصار هذا الرأي والذي يلاقي تأيدا واسعا في الفقه والقانون يجدون أن حدود مسؤولية الدولة تبقى في حدود المسؤولية السياسية المادية، خاصة وانه وبفضل القانون الدولي المعاصر أصبح للفرد شخصية قانونية معترف له بها والتي بناءا عليها يمكن أن يكون أهلا للحقوق والواجبات الدولية[55]، ومع ذلك فانه وبالعودة إلى أعمال لجنة القانون الدولي نجد أن المقرر الخاص لمسؤولية الدولة في للجنة القانون الدولي يذكر في البند السابع من تقريره الرابع للجنة[56] يقول انه “يجب ان لا يغيب عن الأذهان ان مجال مسؤولية الدولة يعتبر إلى حد ما منطقة رمادية في القانون الدولي، ولا ينبغي لأحد ان يحدد بالتأكيد ما هو القانون الواجب الساري المقبول في هذا الصدد”، إذا وبالرغم من الإقرار بالمسؤولية الفردية حتى بنظام المحكمة الجنائية الدولة فانه لا يمكن إنكار مسؤولية الدولة بشكل نهائي[57].

المطلب الثاني

مفهوم المسؤولية الجنائية في نظام المحكمة الجنائية الدولية

في العام 1989 طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من لجنة القانون الدولي ان تتناول مسألة إنشاء محكمة للجنايات الدولية والتي باشرت أعمالها استنادا إلى مقترحات اللجنة القانونية والتي أنهت أعمالها في العام 1998 حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بالمصادقة على النظام الأساسي للمحكمة والذي حول إلى معاهدة دولية ملزمة مع توقيع 60 دولة ومصادقتها علية، وتعتبر المحكمة الإطار القانوني الناظم لمسؤولية الأفراد عن الجرائم الدولية وما يستتبع هذه المسؤولية من مسؤولية للرؤساء والقادة العسكريين

الفرع لأول

إقرار المسؤولية الفردية في نظام محكمة الجنايات الدولية

القاعدة العامة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولة[58] هو أن الشخص الطبيعي أي الإنسان وحده الذي تختص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمته في حال ارتكابه لإحدى الجرائم الدولية المنصوص عليها في النظام[59]، فتقرر المادة 25 من النظام ان اختصاص المحكمة يكون على الأشخاص الطبيعيين، وبذلك إقرار صريح لعدم خضوع الشخص المعنوي بما فيه الدولة لأحكام نظام روما.

كما وتقرر الفقرة الثانية من المادة 25 ان مسؤولية هؤلاء الأشخاص تكون بصفه فردية وبالتالي لايعتد لهم بأية صفه أخرى قد يحوز عليها هؤلاء الأشخاص كما ستبين نصوص النظام فيما بعد، وإقرار هذا المبدأ يأتي تماشيا مع ان عنصر القصد الجنائي أي الإرادة هي إرادة جنائية لا تتوفر إلا للفرد العادي، إذا فالطابع الإنساني هو الطاغي على نظام روما[60].

غير اننا يجب ان نلاحظ وبصورة دقيقة كيف ان الفقرة 4 من المادة 25 وان لم تقرر مسؤولية الدولة إلاأنهاأبقت هذه المسؤولية خاضعة لأحكام القانون الدولي حيث تنص على ان “لا يؤثر أي حكم في هذا النظام الأساسي يتعلق بالمسئولية الجنائية الفردية في مسئولية الدول بموجب القانون الدولي”، وبالتالي فان أحكام المسؤولية الفردية لا يكون لها تأثير على مسؤولية الدولة، والذي يعني انفصال اختصاص محكمة العدل الدولية عن اختصاص محكمة الجنايات الدولية[61]، أي ان المسؤولية الفردية لا يحب مسؤولية الدولة التي تبقى قائمة والتي يمكن ان تنحصر بالجانب المدني السياسي المادي.

وأخيرافان الأفعال التي يسأل الشخص عنها ويكون عرضه للعقاب عليها هي فقط تلك التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة التي نص عليها النظام، وهذا تطبيقا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص أي إقرارا لمبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات[62]، وقد تأخذ هذه الأفعالأشكال الجريمة التامة أو الشروع أوالأمرأوالإغراءأو الحث أو التحريض أو المساعدة أو العون أو المساهمة بمختلف طرقها[63].

                                                 الفرع الثاني

إقرار مسؤولية رئيس الدولة وكبار القادة في نظام محكمة الجنايات الدولية

بعد ان تم إقرار المسؤولية الفردية بموجب أحكامالمادة 25 من النظام نجد ان النظام وبموجب الفقرة الأولى من المادة 27 تقرر ان اختصاص المحكمة يمتد على جميع الأشخاصالطبيعيين بصورة متساوية ودون تميز بسبب الصفة الرسمية، ثم ذهب نص المادة إلى ابعد من ذلك ليحدد بوجه خاص أن الصفة الرسمية لرئيس الدولة أو الحكومة أو عضوا فيها أو بالبرلمان أو موظفا حكوميا لا تصلح لإعفاء الشخص من المسائلة الجنائية أمام المحكمة[64]، وحتى ان هذه الصفة لا تشكل بحد ذاتها سببا لتخفيف العقوبة.

إذا فان نص المادة 27 من النظام يأتي في سياقه الطبيعي في إقرار المسؤولية الفردية فإذا كان إقرار هذه المسؤولية يعني أن تطبيقها يكون على كل الأشخاص الطبيعيين فانه ومن باب أولى ان يتم تطبيقها في مواجهة القادةأوالرؤساء ،وهمالذينيتخذونالقراراتوالأوامربصفتهمزعماءالدولةأوالعاملينفيأداءخدماتهاالأساسية ،فيترتبعلىأوامرهمتلكجرائمدوليةأوانتهاكاتلحقوقالإنسانوحرياته[65].

واستكمالا لنص المادة 27 من النظام نجد ان المادة 28 قد أكدت على مسؤولية القادة العسكريين أو الأشخاص القائمين فعلا بالعمل العسكري عن الأفعال التي تشكل جرائم بموجب نظام المحكمة، وكذلك أيضا يكون مسؤولا عن الجرائم التي ترتكب من جانب القوات التي تخضع لأمرته أو سلطته أو سيطرته الفعليتين[66]، وذلك نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات في ممارسة سليمة، وقد حددت المادة 28 الحالات التي يعتبر فيها القائد العسكري مسؤولا وهي[67]:

  1. حالات العلم أو افتراض العلم ان القوات ترتكب أو على وشك ارتكاب تلك الجرائم.
  2. عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو عرض الأمر على المسؤولين.

وإذا كان نظام المحكمة الجنائية الدولية قد اخذ بمبدأ المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية واقر بصريح العبارة مسؤولية رؤساء الدول والقادة العسكريين فانه لم يغفل في ان يقرر لهم الضمانات الواجب التمتع بها، والتي من ضمنها مبدأ الشرعية، ومبدأ عدم رجعية الاختصاص حسب نص المادة 24[68]، ومبدأ الأخذ بموانع المسؤولية الجنائية على غرار ما تم إقراره  في التشريعات الوطنية كالدفاع الشرعي و والمرض والقصور العقلي و الإكراه و الغلط في الوقائع أو القانون و عدم الأهلية في حال لم يبلغ الشخص عمر الثمانية عشر عاما[69]. 

الفصل الثاني

الأسس القانونية لمسؤولية رئيس الدولة والقادة العسكريين

( الصفة الرسمية والحصانة وأعمال المرؤوسين)

المبحثالأول

الصفة الرسمية والحصانة للرئيس والقادة العسكريين

الحصانة امتياز يقرره القانون الدولي العام أو القانون الداخلي يؤدي إلىإعفاء المتمتع من عبء أو تكليف يفرضه القانون العام على جميع الأشخاص الذين يوجدون في إقليم الدولة، فالحصانة هي ميزة القانون للشخص الذي يتمتع بها تتمثل في عدم الخضوع لأحكام سلطة عامة في الدولة وخاصة السلطة القضائية أو بعض أوجه مظاهرها[70]، وفي هذا المطلب ندرس نظام الحصانة ومبدأ عدم الاعتداد بها إمام المحكمة الجنائية الدولة والمشاكل القانونية التي تواجه تطبيق هذا المبدأ.

المطلب الأول

الحصانة وعدم الاعتداد بها في نظام محكمة الجنايات الدولية

الفرع الأول

النظام القانوني للحصانة

على الرغم من ان المجتمع الدولي قد اقر اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961[71]، واتفاقية اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية[72]2004، إلاأننا لن نجد تنظيم دولي خاصة بحصانة رئيس الدولة،وهذا ما يؤكده نص المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية والذي ينص على ان”لا تخل هذه الاتفاقية بالامتيازات والحصانات الممنوحة بمقتضى القانون الدولي لرؤساء الدول بصفتهم الشخصية”، إذا لاتوجداتفاقيةدوليةتنظممسألةحصانةالرؤساءوالحكاممنالمسؤولية [73]،غيرأنثمةعرفدولييمنحالرؤساءأثناءقيامهمبوظائفهمحصانهمنالمسؤوليةوتوسعالأمرليشملمسؤولينآخرينيمثلونالدولةالتييتبعونهااحتراماًلسيادتها[74].

ومن هؤلاء المسئولينبالإضافةإلى السفراء و الوزراء والوكلاء القادة العسكريين ، والذين يمكن ان تنطبق عليهم أحكام اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية في حال كونهم يمثلون دولهم، ويعتبر رئيس الدولة الدبلوماسي الأول والممثل الرئيسي لدولته[75]، وهنا نكون في إطارالحصانة التي يمنحها القانون الدولي والتي تعني الامتيازات التي تقررها الاتفاقيات والمواثيق الدولية للممثلين الدبلوماسيين والسياسيينالأجانب بعدم خضوعهم لقضاء البلاد التي يقيمون فيها، بحيث يسري عليهم قضاء بلدانهم، ولا يقتصر منح الحصانة للكادر الدبلوماسي بل تمتد إلى مقر البعثة الدبلوماسية ومستنداتها الرسمية والاتصالات والحصانات الشخصية[76] .

وبالإضافةإلىالحصانة الممنوحة بموجب القانون الدولي هناك الحصانة المكتسبة وفق القانون الداخلي والتشريعات الوطنية، حيث تمنح الدساتير والقوانين الوطنية بعض الأشخاص حصانه يحددها القانون لاعتبارات معينة كرئيس الدولة ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة ونواب البرلمان وأعضاء السلك الدبلوماسيوأعضاء الجهاز القضائي وغيرهم[77]، وتمنح الحصانة بموجب القانون الوطني من اجل تحصينهم من العقاب بصفتهم يمثلون سيادة الدولة.

الفرع الثاني

مبدأ عدم الاعتداد بالحصانةوالصفة الرسمية أمام محكمة الجنايات الدولية

غيرأنالدفعبالحصانةوانكانيمكنالاحتجاجبهفينطاقالقانونالجنائيالداخليحتىألان،فإنالوضعبدأيختلفعندمايتعلقبجريمةدوليةخاضعةلأحكامالقانونالدوليالجنائي[78] ،فقدباتمنالمستقرانهلايعتدبالحصانة التي حصل عليها رئيس الدولة أو القادة العسكريين استنادا إلى قانون داخلي أو دولي، فهذه الحصانة لايمكنأنتكونوسيلةللإفلاتمنالعقاب[79]، وبالتالي يكونوا عرضه للخضوع للقضاء الوطني أوالأجنبي استنادا لمبدأ الاختصاص العالمي في الجريمة الدولية والتي لا تقف عند حدود الدولة التي شرعت فيها القوانين التي منحت الحصانة أو الصفة الرسمية.

وبمراجعة تاريخية نجد ان مبدأ عدم الاعتداد بالحصانة والصفة الرسمية قد استقرت عليه الممارسة الدولية ومن التطبيقات الحديثة على ذلك ما جاء بالمادة السابعة من لائحة نورمبرج ان المركز الرسمي للمتهمين باعتبارهم رؤساء دول أو من كبار الموظفين لا يعتبر عذرا معفيا من المسؤولية، أو سببا في تخفيف العقوبة[80]، كما أخذت اللائحة بمبدأ عدم الاعتداد بالحصانة بالجرائم المرتكبة سواء كانت جرائم حرب أم جرائم ضد السلام، وقد بررت محكمة نورمبرغ عدم الأخذ بالصفة الرسمية أو الاعتداد بالحصانة بقولها ان قواعد القانون الدولي التي تحمي ممثل الدولة في ظروف معينه لا يمكن ان تنطبق على الأفعال التي تعتبر جنائية في القانون الدولي[81]، كما جاء تأكيد هذا المبدأ في المحكمة العسكرية الدولية بطوكيو بالإضافةإلى محكمتي روندا ويوغسلافيا.

إذا هذه الممارسة تم استقرارها نهائيا في نص المادة 27 من نظام المحكمة الجنائية الدولية فالفقرة الأولى من المادة قررت عم الأخذ بالصفة الرسمية للشخص سواء كان ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا أو كان رئيسا للدولة أو للحكومة،[82]، ثم ان الفقرة الثانية قررت عدم الاعتداد بالحصانة أو القواعد الإجرائية المقررة للمتهم في إطار القوانين الوطنية أو الدولية، والعبرة في ذلك ان المشرع الدولي حرص على إزالة أي اثر للحصانات التي أصبحت عائقا أمام القضاء الوطني، والذي أدىإلى تخوفه من ان تظهر الحصانة كمشكلة أمام المحكمة الجنائية الدولية[83].

ويترتب على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية أوالحصانة ان محكمة الجنايات الدولية قد أقرت مجموعة المبادئ التالية :

  1. الأخذ بمبدأ المساواة بين جميع الأشخاصأمام المحكمة دونما تأثير للمركز أو الوضع القانوني له سواء بموجب القانون الداخلي أو الوطني.
  2. ان الصفة الرسمية أو الحصانة لا تمنع القضاء الدولي من ملاحقةومسائلة الأشخاص الذين يتمتعون بها، ولا يحول دون قيام المحكمة بمباشرة اختصاصها.
  3. ان الصفة الرسمية أوالحصانةلا تعفي صاحبها من العقوبة ولا يمكن اعتبارها كسبب لتخفيف العقوبة.

يذكر أن مجمع القانون الدولي ذهب في قراره الصادر في باريس عام 2001 إلى أن رئيس الدولة الذي لم يعد في مهامه الرسمية لا يتمتع بأي نوع من أنواع الحصانات الرئاسية في أي دولة من الدول الأجنبية، واستثناء على ذلك يتمتع الرئيس السابق بحصانات رئيس الدولة إذا تعلقت الدعوى المرفوعة ضده بعمل من الأعمال الرسمية التي قام بها أثناء ممارسة مهامه الوظيفية، كما نصَّ القرار على أن الرئيس السابق لا يستفيد بآي نوع من أنواع حصانات رئيس الدولة ضد التنفيذ[84].

وبناءا على ما سبق فانه يمكن القول انه إذا وقع رئيس دولة أواحد حكامها أسيرا في أيدي دولة معادية وقدمته للمحاكمة بتهمة ارتكابه إحدى الجرائم الدولية فليس له ان يحتج بنظرية أعمال السيادة بصفته رئيس دولة، وهنا نجد انحصار لفكرة السيادة المطلقة للدولة لصالح الخضوع لقضاء ومجتمع دولي في حدود الحفاظ على تلك السيادة[85].

وأخيرا نجد ان العبرة في عدم الاعتداد بالصفة الرسمية أوالحصانة التي يتمتع بها الرئيس أو كبار القادة والموظفين هو أناستمرارالتمتع بالحصانة والصفة الرسمية هو أمر يتعلق بممارستهم لأعمالهم السيادية والوظيفية سواء كرئيس دولة أو حكومة أو برلمان أو غيرها لذلك فان ارتكاب الجرائم من أي نوع كان لا يمكن اعتبارها من ضمن الأعمالأو المهام التي منح الصفة الرسمية أوالحصانةلأجلها كما أنها لا يمكن اعتبار ارتكاب الجرائم من وظائف رئيس الدولة أو القادة العسكريين.

المطلب الثاني

مشكلة الدفع بالحصانة وفق أحكام نظام محكمة الجنايات الدولية

وعلى الرغم ما جاء بنص المادة 27 من نظام روما من عدم الاعتداد بالصفة الرسمية أو الحصانة فان عقبات قانونية تعتري تطبيق هذه القاعدة  يتمثل في نص الفقر 1 من المادة 98 وما تثيره من إشكاليات بخصوص مزدوجي أو عديمي الجنسية وأخيرا مشكلة تسليم اللاجئين إلى المحكمة الجنائية الدولية[86]، وكذلك تعارض مبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية والحصانة مع القواعد الدستورية[87].

الفرع الأول

تعارض مبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية أوالحصانة مع القواعد الدستورية

هناك بعض الدساتير وخاصة دساتير الدول الملكية، التي تمنح رئيس الدولة حصانه مطلقة من الخضوع إلى القضاء بما يشمل تصرفاته كافة سواء اقتضتها وظيفته أم لا، حيث ان بعض الدساتير لا تستثني من هذه الحصانة سوى الخيانة العظمى[88]، حيث ان كثيرا من الدول ترى ان عدم الاعتداد بالصفة الرسمية يتعارض مع الحصانة البرلمانية و الحصانة المقررة لكبار المسؤولين، ومن المشاكل القانونية التي تثور هنا انه من غير المعقول القول بسيادة وثيقة النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية كمعاهدة دولية على أحكام الدساتير الداخلية، والمشكلة التي يمكن ان تثار هنا، هي مشكلة الطعون الداخلية في الدول التي أنظمة لمحكمة الجنايات الدولية وصادقة على النظام في عدم دستورية نص المادة 27 من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات.

إلا انه يمكن القول ان هذه المشكلة قد لا تثور إلا في حالات الحصانة المطلقة، ولا وجود لهذا التعارض في موضوع الحصانةالتي تقرر لمراعاة مقتضيات الوظيفة أو الصفة النيابية أو التمثيلية، والتي يعتبر ارتكاب الجرائم الدولية خروجا عن مقتضيات وظيفة المتمتع بتلك الحصانات، كما أنالمسؤولية الجنائية الفردية يمكن إلا تتأثر بتمتع مرتكب الجريمة بالحصانة حيث يمكن إن تبقى المسؤولية قائمة إلى ان تزول الحصانة عن الشخص بانتهاء وظيفته أو بالتنازل عنها وفق القانون، وفي ذلك إعمال لمبدأ عدم تقادم الجرائم والتي تم التأكيد عليه في نص المادة 29. [89]

الفرع الثاني

حصانات الأشخاص التابعين لدولة ثالثة 

تنص المادة 98 على ان ” 1. لا يجوز للمحكمة أن توجه طلب تقديم أو مساعدة يقتضي من الدولة الموجه إليها الطلب أن تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدولة أو الحصانة الدبلوماسية لشخص أو ممتلكات تابعة لدولة ثالثة , ما لم تستطع المحكمة أن تحصل أولاً على تعاون تلك الدولة الثالثة من أجل التنازل عن الحصانة، 2. لا يجوز للمحكمة أن توجه طلب تقديم يتطلب من الدولة الموجه إليها الطلب أن تتصرف على نحولا يتفق مع التزاماتها بموجب اتفاقات دولية تقتضي موافقة الدولة المرسلة كشرط لتقديم شخص تابع لتلك الدولة إلى المحكمة, ما لم يكن بوسع المحكمة أن تحصل أولاً على تعاون الدولة المرسلة لإعطاء موافقتها على التقديم[90].”

نص هذه المادة يثير العديد من المشاكل التي تتعلق بتسليم المجرمين ومزدوجي الجنسية واللجوء السياسي.

أولا : فيما يتعلق بتسليم المجرمين فان نص الفقرة الأولى من المادة 98 يفترض وجود احد الأشخاص المشمولين بالحصانة في إقليم دولة غير تلك التي يتمتع بجنسيتها وتمنحه الحصانة، فان المحكمة لا يمكنها ان تطلب من تلك الدولة تسليمهإليهاإلاإذا وافقت الدولة التي ينتمي إليها برفع الحصانة عنه[91]، وبالتالي فانه يتوجب على المحكمة ان تلجاءإلى الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها من اجل رفع الحصانة عنه فإذارفضت تلك الدولة رفع الحصانة فانه لا يمكن للمحكمة الطلب من الدولة التي يتواجد فيها المتهم تسليمه، لذلك يمكن القول ان تعارضا مع نص هذه المادة ونص المادة 27 التي تقرر مبدأ عدم الاعتداد بالحصانة[92].

ثانيا :فيما يتعلق بمزدوجي الجنسية فان المشكلة تثور في حال كان احد المتهمين المزدوجي الجنسية يقيم في بلد تمنحه الجنسية غير تلك التي تمنحه الحصانة ويتمتع بجنسيتها أيضا[93]، وحسب نص المادة 98 فانه لا يمكن للدولة التي يقيم المتهم على إقليمها تسليمه إلى المحكمة إلا في حال رفعة الدولة التي يتمتع بحصانتها الحصانة عنه، فنص المادة يستنتج منه انه لا يمكن للدولة التي يقيم المتهم على أراضيها حتى وان كان يتمتع بجنسيتها قبل ان تحصل على التعاون من الدولة التي يتمتع بحصانتها[94]، ويلاحظ هنا ان عبء الحصول على تعاون الدولة الثالثة يقع على عاتق المحكمة وليس الدولة التي يقيم المتهم على أرضها.

ثالثا : فيما يتعلق بتسليم اللاجئ إلى محكمة الجنايات الدولية ان اللاجئ في دولة اللجوء يتمتع بحقوق لا يتمتع بها ألاجني المقيم معه في نفس الدولة، وعلى الرغم من ان الاتفاقية الدولية في شأن حقوق اللاجئين عام 1951تمنع رد اللاجئ إلى دولته إلا ان نفس الاتفاقية تستثني من ذلك حالات كون اللاجئ اقترف أي من الجرائم الدولية، فان أي حصانات أو امتيازات يتمتع بها اللاجئ تزول متى اقترف تلك الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية[95]، وعليه فانه لا يمكن لدولة ان تتذرع برفض التعاون مع المحكمة على أساس ان ذلك قد يشكل إخلال بالتزام دولي من قبلها[96].

المبحث الثاني

أوامر الرؤساء والقادة والمسؤولية عن أعمالالمرؤوسين

تنشأ مسؤولية الرؤساء والقادة بموجب نظام المحكمة الجنائية من خلال مسؤوليتهم عن مرؤوسيهم وتنفيذ مرؤوسيهملأوامرهمأو قيام هؤلاء المرؤوسين بالجرائم بصفتهم تحت السلطة والسيطرة الفعلية للرئيس أو القادة وقد نظم النظام الأساسياحتكام هذه المسؤولية بموجب أحكام المادة 28 فيما يخص مسؤولية الرؤساء والقادة الآخرين وفي المادة 33 فيما يخص مفاعيل أوامر الرؤساء والقادة بالنسبة لمرتكبي الجرائم[97].

المطلب الأول

مسؤولية الرؤساء والقادة عن أعمالمرؤوسيهم

بينما يستلزم تطبيق المبدأ العام المتعلق بفرض المسؤولية الجنائية الفردية عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي مشاركة مباشرة، يعترف القانون الجنائي الدولي بأهمية الزعماء والقادة في كفالة عدم ارتكاب الأفراد العاملين تحت إمرتهم لأي سلوك جنائي تترتب عليه انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، لذلك، يتحمل الرؤساء والقادة المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها أتباعهم، سواء أمروا بارتكاب تلك الجرائم، أو لم يأمروا بها[98].

ويشير الفقيه “لاوترباخت” أن الدولة ومن يعملون بإسمها يتحملون المسؤولية الجنائية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي، والتي بالنظر إلى جسامتها وقسوتها واحتقارها للحياة الإنسانية تضعها في قائمة الأفعال الإجرامية كما هي مفهومة في قوانين الدول المتحضرة[99]،وتقرر المادة 28 من نظام روما الإطار القانوني لمسؤولية الرؤساء والقادة العسكريين عن أعمال مرؤوسيهم، والتي بناءا عليها تقرر مجموعة من المبادئ القانونية لمسؤولية رئيس الدولة و القادة عن أعمال مرؤوسيهم.

الفرع الأول

الإطار القانوني لمسؤولية الرؤساء والقادة عن أعمالمرؤوسيهم

تقرر المادة 28 وكذلك اتفاقية جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافيالأول هذه المسؤولية وتميز بين مسؤولية الرئيس ومسؤولية القادة العسكريين وفق التالي:

أولا :مسؤولية الرئيس

يأتيإقرار هذه المسؤوليةامتداد لما جاءباتفاقيات جنيف لعام 1949، فالرئيس مسؤولاً بوصفه فاعلاً أصليا إذا أصدر أمرا بارتكاب أحدى الجرائم الجسيمة، خلافاً لما تقضي به القواعد العامة، التي تقضي باعتبار الرئيس شريكاً في الجريمة التي يرتكبها المرؤوس، حيث يشترط لمسؤولية الرئيس عن أفعال مرؤوسهم ان يكون الأخيرين خاضعين لسلطة الرئيس أو سيطرته الفعلية ، وان تقع الجريمة الدولية بسبب عدم ممارسة الرئيس سلطته وسيطرته على هؤلاء[100]، وقد افترض المشرع الدولي المسؤولية الجنائية للرئيس في عدة حالات ورد النص عليها في المادة الفقرة 2 من 28من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية وهي[101] :

أ- إذا كان الرئيس قد علم أو تجاهل عن وعي أي معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.

ب- إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسؤولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.

ج- إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.

هذه المسؤوليات كان قد تم تقريرها بموجب نص المادة 86 من البروتوكول الإضافيالأول لاتفاقيات جنيف[102] والتي تفرض على رئيس الدولة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة مسؤولية ” قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى للاتفاقيات والبروتوكولالتي تنم عن التقصير[103]” .

كما وتقرر المادة 86 في ألفقره (ب) منها انه “لا يعفى أي مرؤوس بانتهاك الاتفاقيات أو هذا الملحق ( البروتوكول ) رؤساءه من المسؤولية الجنائية أو التأديبية حسب الأحوال إذا علموا أو كانت لديهم معلومات تتيح لهم في تلك الظروف أو يخلصوا إلى أنه كان يرتكب أو أنه في سبيله لارتكاب مثل هذا الانتهاك ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعه لمنع أو قمع هذا الانتهاك”. 

ثانيا : مسؤولية القادة العسكريين

وقد قرر النظام الأساسي في الفقرة 1 من المادة 28 مسؤولية القادة العسكريين عن أعمالمرؤوسيهم في الحالات التالية[104] :

  1. أن يكون قائم فعلا على القوات الخاضعةلإمرته وسيطرته الفعليتين.
  2. ان يكون على علم أو يفترض علمه بان قواته ترتكب جريمة أو على وشكك ذلك.
  3. عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع أو قمع ارتكاب الجريمة.

ومسؤولية القادة العسكريين هنا تأتي تأكيدا أو امتدا لنص المادة 87 من البروتوكول الإضافيالأول لاتفاقيات جنيف، التي توجب على القائد العسكري، منع وقمع الانتهاكات الواردة في اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول، وإبلاغها إلى السلطات المختصة، فيما يتعلق بأفراد القوات المسلحة الذين يعملون تحت إمرته وغيرهم ممن يعملون تحت إشرافه، والتأكد من أنهم على بينة من التزاماتهم كما تنص عليها الاتفاقيات والبروتوكول، وأن يكون على بيّنة أن بعض مرؤوسيه أو أي أشخاص آخرين خاضعين لسلطته على وشك أن يقترفوا انتهاكات للاتفاقيات أو البروتوكول، وأن يتخذإجراءات تأديبية أو جنائية ضد هذه الانتهاكات.

وعلى ذلك فإنه والى جانب مسؤولية المرؤوس أو الشخص الذي ارتكب الجريمة الدولية، فإن رئيس الدولة، أو القائد العسكري أو القائم بأعمالهم يكون مسئولا جنائياً عن الجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الدولية الجنائية، والمرتكبة من جانب القوات التي تخضع لإمرة هؤلاء وسيطرتهم[105].

الفرع الثاني

المبادئ التي تقوم عليها مسؤولية

الرؤساء والقادة العسكريين عن أعمالمرؤوسيهم

وهنا نجد ان هذه المسؤولية تقوم على المبادئ التالية  :

المبدأ الأول :الإشراف والسيطرة الفعلية السليمة على المرؤوسين، إذا فالمسؤولية لا تقوم إلا في حالة وجود السيطرة والمسؤولية الفعلية، فإذا ثبت انه لم يكن يسيطر فعليا على المرؤوسينأو القوات فان مسؤوليته لن تقوم والواضح أن عبئ الإثبات هنا يقع على عاتق المتهم، وليس له ان يدعي بان السيطرة لم تكن سليمة فهذا بحد ذاته ملزم للمسؤولية.

المبدأ الثاني :العلم أو افتراض العلم أو التجاهل بإرادته معلومات مؤكدة ان مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك ارتكاب جريمة أو جرائم دولية.

المبدأ الثالث : عدم اتخاذه عن قصد أوإهمال التدابير اللازمة لمنع أو قمع المرؤوسينأو القوات من ارتكاب جريمة أو جرائم دوليةأو الاستمرار في ارتكابها.

المبدأ الرابع : عدم قيامه بعرض الأعمال التي قام بها مرؤوسيهأو قواته على السلطات المختصة وعدم القيام بالتحقيق فيها وعرضهم على المحاكمة.

المبدأ الخامس : ان يتم ارتكاب هذه الجرائم باسم الدولة أو بصفتهم يعبرون عن سيادتها، فلا تقوم هذه المسؤولية في حال ارتكاب الجرائم بصفتهم أفرادا عاديين، ودون الصفة التمثيلية للدولة.

إذاوبناءا على سبق فانه في حال اثبت الرؤساء أو القادة العسكريين عدم وجود السيطرة الفعلية أو نفي العلم أو افتراضه أو اتخاذه التدابير اللازمة لقمع ارتكاب تلك الجرائم أو الاستمرار فيها أو انه قام بعرض الأمر على الجهات المختصة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق أو المحاكمة أو ان هؤلاء المرؤوسينأو القوات قد ارتكبت تلك الأفعال بصفتهم أفراداعاديون لا يمثلون الدولة[106]، فانه بذلك يكون قد دفع عنه المسؤولية، والمأخذ على نص المادة 28 من النظام أنها لم تحدد الجهة التي تقرر ثبوت ذالك الادعاء، أهي الدول والحكومات أم المحكمة الدولية الجنائية ؟ فهذا خلل في نظام روما الأساسي يثير إشكاليةَ تعيق تطبيق مبدأ عدم الاعتداد بحصانة الرؤساء أمام المحكمة.

ويمكن طرح سابقه قضائية في ذلك وهو انه عند محاكمة الرئيس الصربي السابق ” سلوبودان ميلوسفتش ” قضت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة بأنه يكفي لإثبات مسؤوليته أن يتم إثبات انه ” كانت له سيطرة فعلية على أجهزة الدولة وعلى المساهمين في المشروع الإجرامي المشترك الذي ارتكبت من خلاله الجرائم، فضلا عن علمه بارتكابها” هذا وقد ورد في قضاء المحاكم الجنائية الدولية” انه ليس من اللازم أن يعلم رئيس الدولة بتفصيلات ما سوف يرتكب من جرائم، وإنما يكفي أن يتوافر لديه العلم بطبيعة تلك الجرائم وبقبوله وقوعها.[107]

المطلب الثاني

الطبيعة القانونية لأوامر الرئيس

بموجب المادة (8) من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغفان ارتكاب شخص لفعل مجرم تنفيذا لأمر رئيس تجب طاعته لا يعفيه من المسؤولية الجنائية وان كان يمكن اعتباره ظرفا مخففا إذا ارتأت المحكمة ان العدالة تقتضي ذلك[108]، وعلى ذلك فان الاحتجاجبأمر الرئيس وان لم يصل إلى مرتبة أسباب الإباحة، فأنه يمكن أن يعد سبباً مخففاً للعقوبة وفق تقدير المحكمة، وعلى الرغم من ان اللجنة التي صاغت المبادئ التي جاءت بها أحكام المحكمة والتي كان لها شأن في تطوير قواعد القانون الدولي المتعلقة بمحاكمة مجرمي الحرب، قد حذفت الشطر الأخير من المادة السابعة، ونصت على عدم رفع المسؤولية فقط دون ان تتطرق إلى تخفيف العقوبة، إلاأننا نجد ان المحكمة قد قضت بذلك[109].

وقد تم تكرار هذا المبدأ من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر سنة 1949 حيث كانت تعمل على إعداد اتفاقيات جنيف بالتزامن مع عمل لجنة صياغة المبادئ، حيث ورد بنص عام وضع في اتفاقيات جنيف الأربع وهو نص المادة (51) في اتفاقية جنيف الأولى، والمادة (52) من اتفاقية جنيف الثانية والمادة (131) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة (148) من اتفاقية جنيف الرابعة “ومقتضاه انه لا يجوز لأي طرف متعاقد أن يتحلل أو يحل طرفاً متعاقداً آخر من المسؤوليات التي تقع عليه أو على أي طرف متعاقدا آخر فيما يتعلق بالمخالفات المشار إليها”[110]، وهو ما تم تأكيده في النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية ليوغسلافيا وكذلك محكمة رواندا، إذ نصت المادة ( 7/4) من نظام محكمة يوغسلافيا.

وقد اختلف الفقه في الطبيعة القانونية لأمر الرئيس، كما ان المحكمة الجنائية الدولية قد جاءت بتنظيم قانوني تميزت به عما درجت عليه الأنظمة القانونية للقضاء الدولي الجنائي.

الفرع الأول

أساس طاعة الرؤساء ومشروعيتها في الفقه الدولي

انقسم الفقه الدولي بين من يقول باعتبار الدفع بأوامر الرئيس سببا من أسبابالإباحة وبين من ينكر هذا الدفع كسبب من أسبابالإباحة[111].

الاتجاه الأول :يرى هذا الاتجاه ان أمر الرئيس سبابا من أسبابالإباحةفتنفيذ أمر الرئيس أو القائد العسكري من قبل الجندي ينفي عن الفعل الصفةالإجرامية بحق ذلك الجندي، والقائلون بهذا الرأي يحتجون بالنظريات التالية[112]:

نظرية الطاعة العمياءوالتي تقول ان النظام العسكري لا يتصور بدون طاعة كاملة يدين بها المرؤوسين للرؤساء، وان القانون الدولي يعترف لكل دولة في ان يكون لها نظاما عسكريا للدفاع عن وجودها، وان من أهم مقومات هذا النظام هو الطاعة العمياء من المرؤوس والذي يكون فيها بحالة إكراه، وان القول بمسؤولية المرؤوس عن هذه الأفعال هو إنكارا لمبادئ العدالة[113].

نظرية الطاعة النسبية ” المشروعية ” يرىأنصار هذه النظرية انه يكون على العسكري واجب التمييز بين الأوامر المشروعة والأوامر الغير مشروعة، الأمر الذي يراه نقاد هذه النظرية انه يؤدي إلى انهيار النظام العسكري بالكامل بسبب قيامه على مبدأ الطاعة العمياء كما انه يعطي الجندي سلطة تنفيذ القرار النهائي الذي هو من اختصاص المحكمة[114].

النظرية الوسطية :تقوم هذه النظرية على التوفيق بين النظريتين السابقتين، على أساس أن يطيع المرؤوس ما يتلقاه من أوامر يعتقد بمشروعيتها فلا يسأل جنائيا إذا ظهرت الصفة الإجرامية لانتفاء عنصري النية والعلم لدية أي الركن المعنوي، أما إذا خرجت هذه الأوامر عن المشروعية بصورة ظاهرة أو كان تنفيذها يلحق بالمصلحة العامة ضرراً جسيماً فلا مجال لتنصل المرؤوس من مسؤولية عند التنفيذ، إذ عليه أن يمتنع عن الطاعة حتى لو أصر الرئيس على التنفيذ[115].

الاتجاه الثاني : يرى هذا الاتجاه انه لا يمكن الاعتماد على مبادئ القانون الوطني في إقرار أوامر الرئيس كسبب من أسباب الإباحة، فالنظام القانوني الوطني يختلف في طبيعته عن النظام القانوني الدولي والذي يعتبر مجموعة من القواعد المجردة التي تسري على فئة معينه من الأفعال دون تفرقه بين أشخاص مرتكبيها، فلا يمكن اعتبار فعلا ما مشروعا بسبب انه نفذ بأمر رئيس بينما نعتبره مجرما إذا لم يكن بناءا على أمر الرئيس، فهذا التناقض ينافي مبدأ العدالة التي تقوم عليها قواعد القانون الدولي، فالفعل الواحد يجب ان تكون له قيمة قانونية واحدة، كما ان القول باعتبار أوامر الرئيس سببا من أسباب الإباحة يؤدي إلى إهدار وجود قواعد القانون الدولي والاعتداء على أهم الحقوق والمصالح التي يحميها[116].

الفرع الثاني

الطبيعة القانونية لأوامر الرئيس في نظام المحكمة الجنائية الدولية

تنص المادة 33 من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية على انه “1 . في حالة ارتكاب أي شخص لجريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة, لا يعفى الشخص من المسئولية الجنائية إذا كان ارتكابه لتلك الجريمة قد تم امتثالاً لأمر حكومة أو رئيس, عسكرياً كان أو مدنياً, عدا في الحالات التالية : أ.  إذا كان على الشخص التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني. ب. إذا لم يكن الشخص على علم بأن الأمر غير مشروع. ج. إذا لم تكن عدم مشروعية الأمر ظاهرة.2. لأغراض هذه المادة تكون عدم المشروعية ظاهرة في حالة أوامر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية”[117].

فنظام محكمة الجنايات الدولية لا يعفي الشخص من المسؤولية الجنائية إذا كان الفعل تنفيذا لأمر رئيس صدر إليه، إلا في حالتين، الأولى  كان القانون يلزمه بتنفيذ الأوامر ولم يثبت انه كان يعلم بعدم مشروعية الفعل، وكان عدم مشروعية الفعل غير ظاهرة، مع اعتبار ان صفة عدم المشروعية ظاهرة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية[118].

ومن الملاحظ من نص المادة أنها تتطلب ان يكون مرتكب الفعل حسن النية أي ان تنفيذ الأوامر الصادرة إليه تكون تحت الإكراه رغم معارضته ذهنيا لتنفيذها، وعليه فان النص ترك عبء إثبات توافر شروط الإباحة إلى المبادئ العامة للقانون الجنائي، والتي منها وجوب توافر القصد الجنائي لدى المأمور كشرط من شروط المسؤولية، إذا فعبء الإثبات هنا لا يقع على عاتق مرتكب الفعل[119].

 

الخاتمة

النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية اقر وبشكل صريح المسؤولية الدولية لرؤساء الدول والقادة العسكريين عن ارتكاب الجرائم الدولية وهو بذلك يتوج الجهود الدولية التي بذلت منذ العصور القديمة مرورا بالعصور الوسطى، والتي كانت جميعها على شكل معاهدات رافقت الممارسة التطبيقية لمسؤولية الدولة، إذا هذا التتويج جاء لجهود طويلة وبطيئة استقرت أخيرا بموجب نظام روما، هذا التطور البطيء تحول إلى تطور مطرد وسريع منذ بداية القرن الماضي والذي تسارع بشكل كبير خلال الحربين العالمية الأولى والثانية لتبدأ ملامحه النهائية تتضح في الوثائق التي تم إقرارها في عهد هيئة الأمم المتحدة خاصة في أنظمة محاكم نورمبرغ وطوكيو وروندا ويوغسلافيا، وأخيرافي نظام محكمة الجنايات الدولية، الا انه ومع كل هذا التطور نجد انه مازال هناك العديد من المشاكل والمعوقات حالت وتحول بشكل مستمر من مساءلة من يعتقد أنهم ارتكبوا أو أمروا بارتكاب الجرائم الدوليةمنهاوبناءا عليه نخرج بالنتائج والتوصيات التالية:

اولا : النتائج

الأولى: إن الوقائع التاريخية لمحاسبة الزعماء والرؤساء تؤكد أن إثارة مسؤولية القادة أو الزعماء لا يمكن أن تتحقق عموما إلا من خلال الدول المنتصرة التي تلاحق مرتكبي الجرائم وتوجه التهم اللازمة إليهم، فليس لضحايا العدوان أن يباشروا هذه الملاحقة بصورة مؤثرة، ومن السوابق التاريخية في هذا الخصوص ما سعت إلى تحقيقه الدول المنتصرة على نابليون في مؤتمر فينا عام 1815

الثانية: ان مبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية والحصانة الذي كان يقف عائقا امام تحريك هذه المسؤولية مازال تطبيقه يثير مشاكل وصعوبات قانونية تتمثل في نص المادة 98 من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات من حيث تعارض هذا المبدأ مع القواعد الدستورية من ناحية وعدم إمكانية تطبيق هذا المبدأ على الأشخاص المتمتعين بالحصانة والتابعين لدولة ثالثة.

ثالثا: انه وفي إقرار مبدأ مسؤولية الرؤساء والقادة عن إعمال مرؤوسيهم فان إثبات الرؤساء والقادة عدم وجود سيطرة فعلية لهم على المرؤوسين أو نفي العلم أو افتراضه فيما قاموا به من جرائم فإنهم بذلك يكونوا قد دفعوا عنهم المسؤولية مما يشكل منفذا لهم للتخلص من العقوبه.

وأخيرافإننا نجد أنأهم المبادئ الدولية قد تم إقرارها بموجب الاتفاقيات الدولية بما تمثله من مصدر أساسي من مصادر القانون الدولي، وبالتالي يظهر لدينا الأثر القانوني والتشريعي للاتفاقيات الدولية في حفظ السلم والأمن الدوليين. 

ثانيا : التوصيات

بناءا على ما سبق وتطبيقا للمسؤولية الولية للرؤساء والقادة العسكريين على الوضع الفلسطيني فاننا نقترح التوصيات التالية:

أولا:وجوب إجراء الدراسات التطبيقية لكيفية الاستفادة من الاتفاقيات الدولية فيما تقرره من مسؤوليات وخاصة المسؤولية الفردية وبالذات مسؤولية الرئيس والقادة على الحالة الفلسطينية، ومحاولة إجراء حالات دراسية واقعية فيما يخص مسؤولية رؤساء الحكومات والقادة الإسرائيليين عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، والتي قد تساعد في التوجه الفعلي لإثارة هذه المسؤولية.

ثانيا: لابد من تعزيز عمليات توثيق الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، إلا أن ذلك لايكفي بل يجب أن يتجه هذا التوثيق إلى محاولات إقامة العلاقة بين هذه الجرائم ومسؤولية رؤساء الحكومة الإسرائيلية والقادة العسكريين، واعداد ملف وطني يقوم على اساس توثيق ممنهج وفق الاعتبارات القانونية والفنية المقبولة امام جهات القضاء الدولي والمؤسسات الدولية.

ثالثا: لابد من تعزيز الجهود الفقهية والقضائية والقانونية نحو المعيقات التي مازالت تعتري مبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية والحصانة، وأيضا مسؤولية الرئيس عن أفعال مرؤوسيهم.

 

 المراجع

الكتب والمراجع الفقهية

  1. إبراهيم محمد العناني، المحكمة الجنائية الدولية، المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الثانية، القاهرة 2006.
  2. حسن، نبيل محمود، المسؤولية الجنائية للقادة زمن النزاعات المسلحة، القاهرة، 2008.
  3. حيدر عبد الرازق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، مصر، 2008.
  4. دراجي، بلخير، العدالة الجنائية الدولية، ودورها في حماية حقوق الإنسان، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2010.
  5. زياد عيتاني، المحكمة الجنائية الدولية وتطور القانون الدولي الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009، الطبعة الأولى.
  6. زياد عبد الله مصباح، الدبلوماسية، الطبعة الأولى بيروت، دار الجيل، 1999.
  7. عصام عبد الفتاح مطر، القضاء الجنائي الدولي – مبادئه – قواعده الموضوعية والإجرائية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2008.
  8. عبد الفتاح بيومي حجازي، المحكمة الجنائية الدولية” دراسة متخصصة في القانون الجنائي الدولي” النظرية العامة للجريمة الجنائية الدولية – نظرية الاختصاص القضائي للمحكمة، دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، 2007.
  9. عبد الفتاح بيومي حجازي، قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2006.

الرسائل الجامعية:

  1. حكمت النوايسة، اطروحة لنيل الدكتوراة، المسؤولية الدولية لمجرمي الحرب ومحاكمتهم امام المحاكم الدولية، كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، المغرب، 2014

المراجع القانونية:

  1. نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، المعتمد في روما بتاريخ 17 تموز 1998، متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الرابط التالي:

https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/6e7ec5.htm شوهد بتاريخ 20| 11|2014.

  1. حولية لجنة القانون الدولي، 2001، المجلد الأول، المحاضر الموجزة لجلسات الدورة الثالثة والخمسين 32 نيسان إلى 1 حزيران و 2 تموز إلى 10 أب 2001، ص 12.
  2. البروتوكول الاضافي الأول لاتفاقية جنيف الرابعة، متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الرابط التالي :

https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ntccf.htm، شوهد بتاريخ 25/11/ 2014.

  1. اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية 1961، متوفر على الرابط التالي:

http://www.aldiplo.net/diplomat.htm شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

  1. اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية لسنة 2004، متوفر على الرابط التالي:

http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/States_Jurisdictional.html شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

 

 

 

المقالات :

  1. عبد الحكيم سليمان وادي، الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية، متوفر على الرابط التالي:

http://rachelcenter.ps/news.php?action=view&id=3576 شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

 

  1. جميل عودة، المسؤولية الجنائية للرؤساء والقادة المدنيين، مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، مقال منشور على موقع دنيا الوطن، 2014-01-14، متوفر على الرابط التالي:

ulpit.alwatanvoice.com/content/print/317479.html،شوهد بتاريخ 25/ 11/ 2014.

مراجع اجنبية

  1. Georg Nolte, From DionisioAnzilotti to Roberto Ago: The Classical International Law of State Responsibility and the Traditional Primacy of a Bilateral Conception of Inter-state Relations (Issue Vol. 13 (2002) No. 5) EJIL 13 (2002), 1083 – 1098
  2. Pierre-Marie Dupuy, DionisioAnzilotti and the law of International Responsibility of Sates, 3 EJIL (1992) 123 ( Issue Vol. 3 (1992) N0. 1)
  3. Iain G.M. Scobbie, The Theorist as Judge: HerschLauterpacht’s Concept of the International Judicial Function (Issue Vol. 8 (1997) No. 2) 2 EJIL(1997) 264-29

 

 

[1]. محمد عبد المنعم عبد الغني، الجرائم الدولية دراسة في القانون الدولي الجنائي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007، ص 76.

[2]. عبد الواحد محمد الفار، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 1995، ص 14.

[3]. عصام عبد الفتاح مطر، القضاء الجنائي الدولي – مبادئه – قواعده الموضوعية والإجرائية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2008، ص 11.

[4]. محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، 84.

[5]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، 14. .

[6]. زياد عيتاني، المحكمة الجنائية الدولية وتطور القانون الدولي الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009، الطبعة الأولى، ص 27.

[7]. محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، 109.

[8]. Pierre-Marie Dupuy, DionisioAnzilotti and the law of International Responsibility of Sates, 3 EJIL (1992) 123 ( Issue Vol. 3 (1992) N0. 1)

[9]. Georg Nolte, From DionisioAnzilotti to Roberto Ago: The Classical International Law of State Responsibility and the Traditional Primacy of a Bilateral Conception of Inter-state Relations (Issue Vol. 13 (2002) No. 5) EJIL 13 (2002), 1083 – 1098

[10].  حسن، نبيل محمود، المسؤولية الجنائية للقادة زمن النزاعات المسلحة، القاهرة، 2008، ص 61.

[11]. Iain G.M. Scobbie,The Theorist as Judge: HerschLauterpacht’s Concept of the International Judicial Function (Issue Vol. 8 (1997) No. 2)2 EJIL(1997) 264-29

 

[12]. دراجي، بلخير، العدالة الجنائية الدولية، ودورها في حماية حقوق الإنسان، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2010، ص 24.

[13]. إبراهيم محمد العناني، المحكمة الجنائية الدولية، المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الثانية، القاهرة 2006، ص 9.

[14]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 22.

[15]. محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، ص 124.

[16]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 76.

[17]. حيدر عبد الرازق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، مصر، 2008، ص 88-90.

[18]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 24.

[19]. إبراهيم محمد العناني، المرجع السابق، ص 9.

[20]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 81.

[21]. محمود نجيب حسني، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة 1959 –1960‘ ص 51.

[22]. زياد عيتاني، المرجع السابق، ص 61.

[23]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 88.

[24]. المرجع السابق، 90.

[25]. زياد عيتاني، المرجع السابق، ص 66.

[26]، عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 88.

[27]. زياد عيتاني، المرجع السابق، ص 67 – 78.

[28]. محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، ص 131 – 141.

[29]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 105 – 106.

[30]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 34.

[31]عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 120.

[32]زياد عيتاني، المرجع السابق، ص 93.

[33]. بلخير دراجي، المرجع السابق، ص 100.

[34]. محمد عبد الفتاح عبد الغني، المرجع السابق، ص 468 – 473.

[35]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 53.

[36]. المرجع السابق، ص 53.

[37].حكمتالنوايسة،اطروحةلنيلالدكتوراة،المسؤوليةالدوليةلمجرميالحربومحاكمتهمامامالمحاكمالدولية،كليةالحقوق،جامعةالحسنالثاني،الدارالبيضاء،المغرب، 2014، ص 4.

[38]. إبراهيم محمد العناني، المرجع السابق ص 10 – 12.

[39]. نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 75.

[40]. المرجع السابق، ص 75.

[41]، نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 61.

[42]. محمد عبد المنعم عبد الغني، دراسة في النظرية العامة للجريمة الدولية – القانون الدولي الجنائي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2008، ص 320.

[43]. نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 62.

[44]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 109.

[45]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 26.

[46]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق،

[47]. حكمة النوايسة، المرجع السابق ، ص 107.

[48]. المرجع السابق، ص 113.

[49]. المرجع السابق، ص 113.

[50]. حكمة النوايسة، المرجع السابق، ص 120.

[51]. محمد عبد المنعم عبد الغني، 2008، 325.

[52]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 35.

[53]. حكمة النوايسة، المرجع السابق، ص 122.

[54]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 35.

[55]. محمد عبد المنعم عبد الغني، دراسة في النظرية العامة للجريمة الدولية – القانون الدولي الجنائي، المرجع السابق، ص 326.

[56]. حولية لجنة القانون الدولي، 2001، المجلد الأول، المحاضر الموجزة لجلسات الدورة الثالثة والخمسين 32 نيسان إلى 1 حزيران و 2 تموز إلى 10 أب 2001، ص 12.

[57]. علي محمد جعفر، الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجزائي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعه الأولى، 2007، ص 88.

[58]. نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، المعتمد في روما بتاريخ 17 تموز 1998، متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الرابط التالي: https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/6e7ec5.htm شوهد بتاريخ 20| 11|2014.

[59]. إبراهيم محمد العنانى، المرجع السابق، ص 152.

[60]. علي محمد جعفر، المرجع السابق، ص 88.

[61]. نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 72.

[62]. إبراهيم محمد العنابى، المرجع السابق، ص 154.

[63].  المرجع السابق، ص 154.

[64]. المرجع السابق، ص 154.

[65]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 130.

[66]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 300.

[67]. محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، ص 310.

[68]. إبراهيم محمد العنانى، المرجع السابق، ص 157.

[69]. عصام عبد الفتاح مطر، المرجع السابق، ص 313.

[70]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المحكمة الجنائية الدولية” دراسة متخصصة في القانون الجنائي الدولي” النظرية العامة للجريمة الجنائية الدولية – نظرية الاختصاص القضائي للمحكمة، دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، 2007، ص 148.

[71]. اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية 1961، متوفر على الرابط التالي: http://www.aldiplo.net/diplomat.htm شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

[72]. اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية لسنة 2004، متوفر على الرابط التالي: http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/States_Jurisdictional.html شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

[73]. جميل عودة، المسؤولية الجنائية للرؤساء والقادة المدنيين، مقال منشور على موقع دنيا الوطن بتاريخ 14/ 1/ 2014، متوفرا على الرابط التالي :ulpit.alwatanvoice.com/content/print/317479.html

 

[74]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 133.

[75]. زياد عبد الله مصباح، الدبلوماسية، الطبعة الأولى بيروت، دار الجيل، 1999، ص 72 – 76.

[76]. عبد الحكيم سليمان وادي، الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية، متوفر على الرابط التالي: http://rachelcenter.ps/news.php?action=view&id=3576 شوهد بتاريخ 22/ 11/ 2014.

[77]. عبد الفتاح بيومي حجازي، قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2006، ص 148.

[78]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 133.

[79]. نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 105.

[80]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، ص 125.

[81]. فرج علواني هليل، المحكمة الجنائية الدولية – نشأتها وتشكيلها- والدول الموقعة عليها والإجراءات أمامها – واختصاصها – الجرائم الدولية وأركانها – على ضوء نظام روما الأساسي في 17 يوليو 1998، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2009، ص 469. .

[82]. عبد الفتاح بيومي حجازي، ص 149.

[83]. المرجع السابق، ص 148.

[84]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 144.

[85]. عبد الواحد محمد الفار، المرجع السابق، 127.

[86]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 151 – 158.

[87]. إبراهيم محمد العنانى، المرجع السابق، ص 160.

[88]. المرجع السابق، ص 160.

[89]. المرجع السابق، ص 160.

[90]. النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، المرجع السابق.

[91]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 151.

[92].  حكمت النوايسة  ، المرجع السابق، ص 147.

[93]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 154.

[94]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 148.

[95]. المرجع السابق، ص 149.

[96]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 156.

[97]. المرجع السابق، ص 181.

[98]. جميل عودة، المسؤولية الجنائية للرؤساء والقادة المدنيين، مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، مقال منشور على موقع دنيا الوطن، 2014-01-14، متوفر على الرابط التالي: ulpit.alwatanvoice.com/content/print/317479.html، شوهد بتاريخ 25/ 11/ 2014.

[99]. المرجع السابق.

[100]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 172.

[101]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 182.

[102]. البروتوكول الاضافي الأول لاتفاقية جنيف الرابعة، متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الرابط التالي :https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ntccf.htm، شوهد بتاريخ 25/11/ 2014.

[103]. البروتوكول الإضافي الأول، المرجع السابق.

[104]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 182.

[105]. جميل عودة، المرجع السابق.

[106]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 174.

[107]. جميل عودة، المرجع السابق.

[108]. محمد لطفي، آليات الملاحقة في نطاق القانون الجنائي الدولي الإنساني- دراسة مقارنه، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2006, ص 221.

[109]– وقد طبقت المحكمة هذا المبدأ بالنسبة إلى (كيتلKetitel ) رئيس أركان حرب الجيش الألماني الذي ادعى انه كان خاضعا لواجب الطاعة  بصفته جنديا، ومما ورد في الحكم ” ان الأمر الذي يتلقاه عسكري بالقتل أو الإرهاب بالمخالفة للقانون الدولي الخاص بالحرب لا يمكن ابدا ان ينظر إليه كمبرر لفعل مخالفة وإنما يمكن الانتفاع به في الحصول على تخفيف العقوبة طبقا لنصوص اللائحة” أنظر نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 104.

[110]. حكمت النوايسة، المرجع السابق، ص 156.

[111].  نبيل محمود حسن، المرجع السابق، ص 104.

[112]. محمد لطفي، المرجع السابق، ص 212.

[113]. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 173.

[114]. محمد لطفي، المرجع السابق، ص 213.

[115]. المرجع السابق، ص 214.

[116].  عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 172.

[117]. النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، المرجع السابق.

[118]. محمد لطفي، المرجع السابق، ص 222.

[119]. عباس هاشم السعدي، مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2002، ص 293.

Exit mobile version