القضاء الإداري بين الرقابة على مسطرة الفرض التلقائي للضريبة والمساهمة في بلورة مقتضياتها التشريعية
ذة: السعدية شنوف
باحثة في سلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس الرباط
مقدمة
من المعلوم أن القاضي الإداري بمناسبة النزاع القضائي المعروض عليه في مجال المنازعات الضريبية يجمع بين هدفي المحافظة على المال العام و حماية حقوق الأفراد، مع إقرار الضمانات المخولة لهم في إطار النصوص الضريبية والعمل على بلورتها، و يستنبط في ذلك إرادة المشرع واسترشاده بمجموعة من القواعد، أهمها إعمال قاعدة التفسير الضيق للنصوص الضريبية التي تقتضي بأنه لا يمكن إجبار أي فرد على أداء ضريبة إلا إذا صدر بشأنها نص قانوني يسمح بهذا الإجبار كما لا يمكن إعفاء أي شخص من أداء الضريبة، إذا لم يجز القانون هذا الإعفاء، وألا يتجاوز في ذلك الحدود الشرعية المرسومة له تطبيقا للقاعدة المعروفة ” حيث لا يميز القانون لا ينبغي التمييز”.
والمبدأين معا تكرسهما قوانين المالية لكل سنة بالتنصيص على أنه يحضر تحت طائلة العقاب جنائيا استيفاء أية ضريبة مهما كان الوصف أو الاسم الذي تجبى به غير مأذون بها بموجب أحكام القانون[1].
إلا أن الدور الإيجابي الذي يلعبه القاضي الإداري في مجال هذه المنازعات، المعروفة بخصوصياتها تقتضي منه اللجوء أحيانا إلى التأويل الواسع لبعض قواعد القانون الضريبي وذلك عن طريق استعمال القياس في حالة سكوت النص أو غموضه.
ومن ثمة يبرز الدور المبدع للقاضي الإداري عن طريق خلق اجتهادات قضائية من خلال التوسع في تفسير وتأويل النص الغامض شريطة ألا يتعارض مع روح ومضمون النص. إلا أن هذه الاجتهادات تعرف نوع من المحدودية، هذه الأخيرة ترجع إلى مجموعة من العوامل سواء تلك المتعلقة بالجهاز القضائي أو الخارجة عنه.
من هنا جاء تركيزي في هذا المقال لمحاولة تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه القاضي الإداري في الرقابة على احترام إجراءات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة وتكريسه للضمانات القانونية والقضائية للأطراف، بالإضافة إلى الوقوف على مدى مساهمته في بلورة مقتضيات هذه المسطرة تشريعيا.
المبحث الأول: تحقق القضاء من صحة تطبيق إجراءات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
تتميز مسطرة فرض الضريبة في النظام الجبائي المغربي بطابعها المزدوج، حيث الأصل أن يبادر الملزم إلى وضع الإقرار الذي يصرح بموجبه بالأساس الضريبي الذي يحدد التزامه الجبائي كما هو محدد في المدونة العامة للضرائب، هذا الإقرار يقيد سلطة الإدارة الضريبية في فرض ضريبة بصورة تلقائية، أو تعديل الأساس المصرح به متى تشككت من صحته إلا بعد اتباع إجراءات مسطرية نص عليها القانون.
والاستثناء أن تعمد إدارة الضرائب إلى فرض الضريبة بصورة تلقائية على الملزم، يبقى في حالة أخل الملزم بالتزاماته في وضع هذا الإقرار، وهذه الحالات حصرها المشرع، كما أن القاضي يراقب توفرها (المطلب الأول) من أجل فرض الضريبة تلقائيا وفق مسطرة محددة قانونا (المطلب الثاني).
المطلب الأول: رقابة القضاء الإداري من توفر حالات اللجوء لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة
لم يترك المشرع الجبائي المغربي المجال مفتوحا أمام الإدارة الضريبية للجوء إلى مسطرة الفرض التلقائي بدون ضوابط وفي جميع الحالات التي ترتئي فيها ذلك، بل حدد الحالات التي يمكن فيها للإدارة اللجوء لهذه المسطرة وذلك على سبيل الحصر نظرا لطبيعتها الاستثنائية وللوضع الحرج الذي تضع فيه الملزم، حيث يجد نفسه في وضعية ضعيفة أمام الإدارة التي تتمتع بسلطة قوية لفرض الضريبة.
الفقرة الأولى : حالات الفرض التلقائي وفق المادة 228 من المدونة العامة للضرائب
حددت المادة 228 من المدونة العامة للضرائب الحالات التي يمكن أن تلجأ فيها الإدارة إلى فرض الضريبة بصورة تلقائية، وتتحقق هذه الحالات عند عدم تقديم الملزم لإقراره داخل الأجل القانوني، أو تقديمه لإقرار غير تام، وكذلك عند عدم دفع المبالغ المحجوزة من المنبع.
أولا : عدم تقديم الإقرار داخل الأجل أ و تقديم إقرار غير تام
- عدم تقديم الإقرار داخل الأجل
قد لا يمتثل الملزم لإحدى الالتزامات الجبائية الملقاة على عاتقه[2]، كأن يتخلف عن تقديم إقراره وفق الشكليات والشروط المحددة في الباب الرابع والخامس من المدونة العامة للضرائب، وكل إخلال بهذا الواجب من طرف الملزم يضعه في مواجهة مسطرة الفرض التلقائي التي تلجأ إليها الإدارة حفاظا على حقوق الخزينة[3].
وهو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، والتي جاء في قرار لها[4] ما يلي: “… حيث ثبت للمحكمة من خلال اطلاعها على كافة وثائق القضية أن المستأنفة عملت على تقييد عقد بيع العقار المسجل بتاريخ 14/05/2010 والمفروضة عليه الضريبة المتنازع حولها لفائدتها بسجل المحافظة العقارية بتاريخ 28/05/2010 حسب الثابت من شهادة الملكية المرفقة بمقالها الافتتاحي للدعوى والمؤرخة في 1/2/2013، مما يجعلها ملزمة بأداء الضريبة الحضرية على الأراضي غير المبنية المفروضة عليها عن السنوات من 2010إلى 2012، وأن الجماعة المستأنفة أدلت بما يفيد احترامها للمسطرة المنصوص عليها في المادة 158 من القانون رقم 47-06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، والتي تهم فرض الرسم بصورة تلقائية عن عدم إدلاء المستأنف عليها بالإقرار المشار إليه في المادة 48 من نفس القانون، إذ أرفقت مقالها الاستئنافي بالرسالتين الإخباريتين الأولى والثانية وبما يثبت توصل المستأنف عليهما بهما بتاريخ 28/12/2011 و 26/3/2012، الأمر الذي يجعل مسطرة الفرض التلقائي للرسم المطعون فيه عن السنوات الثلاث مطابقة للقانون خلافا لما انتهى إليه الحكم المستأنف الذي ينبغي إلغاؤه والحكم تصديا برفض الدعوى وإبقاء الصائر على رافعها”.
لكن السؤال المطروح هنا هو : هل هذه الحالة تخص فقط عدم تقديم الملزم إقراره كليا أم كذلك الإخلال بقاعدة التصريح ؟
تجدر الإشارة أولا إلى معرفة الهدف من الإقرار، الذي يعتبر بمثابة تصريح الملزم بما تحقق له من دخل، أو رقم أعمال خاضعين للضريبة، ويتطلب ذلك إيفاد الإدارة ببيانات متنوعة، مشار إليها في نماذج التصريحات المعدة من طرف هذه الأخيرة، وتقديمها داخل أجل معين. وبالتالي هل يعتبر الإخلال بإحدى القواعد المذكورة بمثابة عدم تقديم الإقرار؟
إذا كان يقصد بغياب التصريح أو الإقرار، عدم تمكين الإدارة من ربط الضريبة في الوقت المناسب، سواء لم يقدم الملزم إقراره بتاتا، أو قدمه لكن دون احترام الشروط الواجب توفرها فيه. فإنه حسب نظري يبقى الأمر سيان مادام هدف إمكانية ربط الضريبة في الوقت المناسب لم يتم. ومن بين تجليات الإخلال بقواعد التصريح يمكن ذكر :
- عدم إيداع الإقرار لدى المصالح الضريبية المعنية : لقد حددت النصوص الضريبية آجالا لإيداع الإقرار لدى إدارة الضرائب وفق شكليات محددة، بحيث أوجبت النصوص القانونية على الملزم أن يقوم بإيداع تصريحاته مباشرة لدى مفتش الضرائب مقابل وصل يسلمه له هذا الأخير بعد أن يثبت فيه تاريخ الإيداع والمكتب الذي تسلمه منه التصريح. ويعتبر هذا الوصل بمثابة الدليل على إيداع الملزم لتصريحه داخل الآجال القانونية والذي يمكنه من مواجهة الإدارة في حالة النزاع.
أما في حالة إرسال التصريح عبر البريد فيجب أن يتم ذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، وبالتالي فإن وسيلة الإثبات التي يتوفر عليها الملزم في مواجهة الإدارة هي الإشعار الذي ترجعه إليه مصالح البريد بعد أن يتم توقيعه من طرف مفتش كدليل على تسلمه للتصريح.
وقد أضاف المشرع المغربي[5] إلى التزامات الملزم إيداع تصريحه لدى مفتش الضرائب الذي يقع داخل نفوذه موطنه الضريبي أو المقر الرئيسي لمؤسسته. مما يجعلنا نعتبر أن التصريح الذي يودع لدى إدارة غير تلك المختصة من قبيل انعدام التصريح، ولو أن هذا الأمر تم تجاوزه من طرف المديرية العامة للضرائب بتوحيدها لمكان إيداع التصريحات، حيت خصصت مكاتب للاستقبال وإرشاد الملزمين وكلفتها بتلقي تصريحات الملزمين وتوجيهها إلى المفتشين المختصين، وتزامن ذلك مع سياسة تجميع المصالح الضريبية المختلفة في بنايات واحدة للضرائب مما سهل مأمورية الملزمين حيث لم يعودوا مضطرين إلى التنقل بين المصالح المختلفة[6] .
إلا أنه قد يحدث أن يتوصل مكتب التسجيل مثلا بتصريحات خاصة بضريبة معينة كنتيجة لخطأ مصالح البريد، هنا نجد الإدارة تتعامل مع هذه المسألة بمرونة[7]، فتقوم المصلحة الإدارية التي توصلت بالإقرار بتوجيه هذا الإقرار لذوي الاختصاص. فإذا توصل هذا الأخير قبل الإقدام على ممارسة الحق في فرض الضريبة تلقائيا فإنها تعتمد هذا التصريح، لكن في حالة إقدامها على ممارستها حقها ذاك قبل توصلها بالتصريح فيعتبر التصريح غير مقدم.
وفي هذا الطرح نورد ما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش[8] ما يلي: “…حيث خلافا لما أثاره المستأنف فإنه لما أقر في مقاله الاستئنافي بأن الواقعة المنشئة للضريبة تعود لسنة 2002 وأنه خلال تلك الفترة كان اختصاص تسلم الإقرار الضريبي وأداء توصيل مقابل تسديد قيمة الضريبة يرجع إلى الخزينة العامة للمملكة و أن المستأنف عليه أدلى في المرحلة الابتدائية بتوصيل صادر عن قابض أيت ملول يثبت تقديمه للإقرار و أداءه للضريبة على القيمة المضافة فإنه يكون قد أوفى بالتزاماته الجبائية و أدى الضريبة المستحقة قانونا عما يسلمه الشخص لنفسه من مباني مما تكون معه الضريبة المفروضة عليه من طرف إدارة الضرائب قد سبق تحصيلها وأن تمسكها بعدم اختصاص قابض أيت ملول لا يضفي المشروعية على الضريبة المنازع فيها ما دام المبلغ المستخلص قد تم لحساب الخزينة العامة للمملكة التي تعتبر الجهة الموكولة إليها مهمة التحصيل بغض النظر عن القابض المعني بتسلم مبلغ الضريبة ما دام أداء الملزم قد تم عن حسن نية و استخلصت الضريبة لفائدة الإدارة المختصة. ..”.
- تقديم إقرار خارج الأجل: يعتبر الإقرار خارج الأجل عندما يقع الإيداع بعد الأجل الممنوح للملزم للقيام بهذا الواجب[9].
وقد اعتبرت دورية إدارة الضرائب المتعلقة بالضريبة العامة على الدخل، أن حالة التأخر في وضع الإقرار كحالة عدم وضع الإقرار بالمرة[10]، وذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي[11] في نفس المنحى معتبرا كذلك أن التأخر كعدم وضعه.
إلا أن الأخذ بحالة التأخير على إطلاقها كسبب لتحريك مسطرة الفرض التلقائي، يبدو أنه أمر غير منطقي، فالمعروف أن غاية تحريك هذه المسطرة هي استدعاء الملزم لتقديم إقراره أو إتمامه _حسب الحالة_ ومنحه أجلا لذلك قبل فرض الضريبة بصورة تلقائية، وبالتالي فإذا لم تباشر الإدارة مسطرة الفرض التلقائي وقام الملزم بتقديم إقراره، فمن الأحرى أن يتم قبول هذا الإقرار ويعتبر صحيحا وملزما للإدارة رغم تقديمه خارج الأجل القانوني، ويبقى للإدارة توقيع أو فرض الغرامات المستحقة عن التأخير.
- تقديم إقرار غير تام
إذا قدم الملزم إقرار غير تام أو عقد لا يتضمن العناصر اللازمة لتحديد وعاء الضريبة أو تحصيلها أو تصفية الواجبات، فإن هذا التصريح الناقص يعتبر كأنه لم يقع[12]، مما يجيز للإدارة أن تسلك مسطرة الفرض التلقائي وفق ما تنص عليه المادة 228 من المدونة العامة للضرائب.
وهو ما أكدته محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش في قرارها[13] حين قضت “…وحيث علاوة عما ذكر فإن اقتصار المستأنف على المنازعة في واقعة الأداء المثبتة بمقتضى وصل صادر عن قابض أيت ملول دون أن يطعن فيه بالزور يجعل منازعته مفتقرة للجدية وأنه على فرض مسايرته فيما أثاره بشأن تقديم المستأنف عليه لإقرار ناقص فإن الإخلال المذكور لا يبرر استبعاد الإقرار بصفة نهائية و إنما تصبح الإدارة مطالبة بالمقابل بسلوك مسطرة الفرض التلقائي لدعوة الملزم إلى تتميم إقراره”.
فمتى قدم الملزم إقرار ناقصا، بمفهوم تخلفه عن البيانات الشكلية اللازمة لربط الضريبة، كعدم تحديد نوع النشاط المهني الخاضع للضريبة وجدول الضريبة وسنة فرض الضريبة و المدخول الناتج عن ممارسة النشاط المذكور وغيره من البيانات المضمنة بمطبوع الإدارة المخصص لهذا الغرض[14]. في هاته الحالة يمكن للإدارة أن تدعوه لإتمام إقراره وفق الإجراءات القانونية .
لكن السؤال المطروح هنا، هو هل يمكن تجاوز بعض أنواع النقص في التصريح؟
غالبا ما يتوفر التصريح على وثيقتين: الأولى عبارة عن مطبوع نموذجي يستعمل للتصريح، أما الوثيقة الثانية فهي البيان الحسابي المرفق بالتصريح.
- حالة النقص في تعبئة المطبوع المعد للتصريح: يحتوي التصريحعلى خانات معدة لتقييد بيانات لازمة لفرض الضريبة، وفي هذه البيانات هناك ما هو ثابت لا يخضع لتغيرات إلا نادرا كالمعلومات المتعلقة بهوية الملزم المصرح ….
ويمكن القول أن إغفال إحدى هذه البيانات أثناء التصريح، ليس من شأنه أن يؤثر على وضعية الملزم الجبائية[15].
ومن بين أبرز الإشكالات المثارة حول الإقرار هي شكلية التوقيع على الإقرار من طرف الملزم، فما يلاحظ من خلال استقراء النصوص الجبائية المنظمة لمضمون الإقرار وبياناته أنها لم تنظم التوقيع على الإقرار، إلا أن دورية لوزارة المالية لسد هذا الفراغ التشريعي ألزمت الملزمين بالتوقيع على الإقرار المذكور لكن ذلك خلق نزاعات عديدة بين الملزم والإدارة، حيث من أكثر الدفوعات التي يلجأ لها الملزم في هذه النقطة هي إنكار التوقيع لمحاولة إلغاء أو بالأحرى إسقاط الضريبة[16].
وفي هذا الصدد اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة في قضية [17]عرضت على أنظارها تتلخص وقائعها في أن الطاعن الملزم دفع بخرق مسطرة الفرض التلقائي للضريبة المطعون فيها، وفيما واجهته إدارة الضرائب بإخضاعه للضريبة في إطار إقراره والبيانات الواردة به وأن ذلك لا يحتاج إلى سلوك مسطرة الفرض التلقائي أنكر توقيعه على الإقرار المدلى بها وسلك في هذا الشأن دعوى الزور الفرعي غير أن المحكمة ردت وسيلته تلك وقضت برفض طعنه بعد نسبة التوقيع الوارد بالإقرار إليه وقد جاء في عبارات حكمها مايلي: ” تقديم الإقرار داخل الأجل القانوني بالبيانات الشكلية اللازمة لربط الضريبة الخاصة بالملزم يعد قرينة على نسبته إليه حتى يثبت العكس”.
إلا أن المحكمة ليست ملزمة للتحقق من صحة التوقيع المذيل به في حالة إنكاره، وهذا ما تؤكده الغرفة الإدارية في قرار لها[18] جاء فيه: ” لا تشترط القوانين الضريبية وجوب توقيع الإقرار من قبل الملزم، بل إن صحة البيانات الواردة فيه من رقم البطاقة الوطنية ورقم الخضوع للضريبة وغيرها من البيانات الأساسية تشكل قرينة على نسبته للملزم، وأن المحكمة لا تكون ملزمة للتحقق من صحة التوقيع المذيل به في حالة إنكاره تطبيقا للفصل 89 من قانون المسطرة المدنية إذا تبين لها بأنه لا فائدة في ذلك”.
- حالة النقص في الوثائق المرفقة بالتصريح: إن بعض التصريحات يستوجب القانون إرفاقها ببعض الوثائق، بينما تعتبر هذه المسألة اختيارية في تصاريح أخرى، فبالنسبة لهذه الأخيرة، لا يعتبر عدم إرفاق التصريح بالوثائق بمثابة إخلال بالقانون الضريبي. لكن بالنسبة للضرائب التي تتأسس على محاسبة الملزم فإن إرفاق التصريح بالبيانات الحسابية، يعد مسألة ضرورية، ويمكن للإدارة أن تعتبر عدم الإدلاء بهذه البيانات بمثابة خرق للقانون[19]، وبالتالي يمكن للإدارة في هذه الحالة أن تسلك مسطرة الفرض التلقائي للضريبة.
ثانيا: حالة عدم دفع المبالغ المحجوزة في المنبع.
تحدد المادة 228 من المدونة العامة للضرائب الحالات التي بموجبها يمكن للإدارة أن تسلك مسطرة الفرض التلقائي، ومن بين هذه الحالات يجد الفقرة الثالثة من البند الأول من المادة المذكورة تنص على أنه إذا لم ينجز أو يدفع إلى الخزينة المبالغ المحجوزة في المنبع[20] التي يكون مسؤولا عنها وفقا لأحكام المادتين 80 و156 من المدونة العامة للضرائب.
لكن إذا ما تخلف هذا المستخدم الذي يسمى الوسيط عن دفع المبالغ المحجوزة، تسلك الإدارة مسطرة الفرض التلقائي في مواجهته.
الفقرة الثانية: حالات الفرض التلقائي وفق المادة 229 من المدونة العامة للضرائب.
نصت المدونة العامة للضرائب في المادة 229 منها على حالات مميزة لسلوك مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، وتتجلى هذه الخصوصية على مستوى إجراءات مسطرة الفرض التلقائي، وكذا أنواع الأنظمة الضريبية.
أولا: الامتناع عن تقديم الوثائق المحاسبية.
تنص المادة 229 من المدونة العامة للضرائب على أنه:” إذ لم يقدم الخاضع للضريبة الوثائق المحاسبية المشار إليها في المادتين 145 و 146 وإذا رفض الخضوع للمراقبة الضريبية المنصوص عليها في المادة 212 وجهت إليه رسالة، وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة229، يدعوه للتقيد بالالتزامات القانونية داخل الآجال…..”
وما يمكن استنتاجه من خلال مقتضيات هذه المادة، هو أن تقاعس الملزم عن تقديم وثائقه المحاسبية داخل الأجل القانوني لا تستقيم إلا إذا كان الملزم خاضع للضريبة في إطار نظام المحاسبة وليس في إطار نظام التقدير الجزافي[21]، الذي لا توجد فيه وثائق محاسبية.
ويعتبر عدم تقديم الوثائق المحاسبية للمفتش المحقق، قرينة على عدم مسك المحاسبة، وعلى عدم القيام بواجب التصريح على الوجه القانوني، مما يخالف القانون الجبائي مخالفة صريحة، تستوجب تصحيح الوضع عن طريق الفرض التلقائي للضريبة.[22]
وفي هذا الإطار قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بخصوص الحكم المستأنف أمامها والذي يعيب عليه المستأنف مجانبته للصواب حين قضى برفض طلبه على اعتبار أنه لم يتوصل بأي إشعار بفحص المحاسبة طبقا لمقتضيات الفصل 111 من القانون المتعلق بالضريبة العامة على الدخل وأن شهادة التسيلم لم تبين هوية الشخص الذي تسلم الطي فكان حكم المجلس الأعلى ” لكن حين ثبت من وثائق الملف أن مفتش الضرائب بعث إلى المستأنف بالإشعار المنصوص عليه في المادة 112 مكررة من القانون المتعلق بالضريبة العامة على الدخل بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل فتوصل به في 09 / 02 / 2001 حسبما يستفاد من الإشعار الحامل لطابع البريد وبعد ذلك أمهله 15 يوما أخرى للإدلاء بالوثائق المحاسبية وتم التبليغ بواسطة أحد أعوانه المتواجد في العنوان المصرح به ورفض التوقيع على شهادة التسلم فيكون ما أثاره المستأنف مخالف للوا قع ويكون الحكم المستأنف واجب التأسيس[23] .
ونفس التوجه سارت عليه المحكمة الادارية بالدار البيضاء حين قضت في نازلة مماثلة كان يعيب فيها الطاعن على المفتش المحقق خرقه الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في المادة 107 من القانون المنظم للضريبة العامة على الدخل والمادة 43 من القانون المنظم للضريبة على القيمة المضافة اللتان توجبان سلوك المسطرة التواجهية غير أن إدارة الضرائب تمسكت في مذكرتها الجوابية بأنه تم اخضاع المحاسبة الممسوكة من طرف المدعي إلى تحقيق جبائي فعمدت الإدارة على إخباره بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم بتاريخ 7 / 12 / 2001 بإجراءات الفحص رجعت إلى الإدارة بعبارة غير مطلوب فقام المفتش المحقق بتسليم الإشعار إلى المدعي بواسطة شهادة تسليم بتاريخ 17 / 1 / 2002 وبتاريخ 4 / 2 / 2002 حضر المفتش المحقق إلى عين المكان للقيام بالمهمة المنوطة به غير أن الطاعن ليم يقدم للمفتش الوثائق اللازمة لمراقبة إقراراته الشيء الذي حدا بهذا الأخير إلى إخباره بواسطة رسالة مؤرخة بتاريخ 26 / 2 / 2002 أنه يمسك محاسبة منتظمة غير أنه تبين للمفتش حين حضوره بأن الطاعن لا يتوفر على الوثائق المحاسبية الدفاتر القانوني، دفتر الجرد، دفتر الأداء، فواتير البيع، فواتير الشراء، وأنه في هذه الحالة عمل المفتش المحقق إلى تسليم إشعار ثان يخبره فيه بأنه في حالة عدم تقديم الوثائق المحاسبية داخل أجل إضافي مدته 15 يوما فإن الإدارة ستفرض في حقه المقتضيات المنصوص عليها في المادة 111 من قنون 89 / 17 غير أن الطاعن لم يعر أي اهتمام للرسالة المذكورة رغم تسلمه مما حدا بهذا الأخير إلى فرض الضريبة تلقائيا وقضت المحكمة بمشروعية الضريبة المفروضة بعد أن تبين لها من وثائق الملف أن الطاعن أشعر من طرف الإدارة للإدلاء بالوثاق اللازمة لمرا قبة تصريحاته الضريبية إلا أنه لم يستجب لذلك رغم توصله بصفة قانونية[24].
وإن ادعاء الملزم بأنه لا يتوفر على الوثائق المحاسبية بسبب ضياعها لا يسعفه في شيء، ذلك أن المشرع الضريبي انتبه إلى ذلك، عندما نص على وجوب الاحتفاظ بالوثائق طوال 10 سنوات في المكان المفروضة فيه الضريبة.
كما نص المشرع هنا في حالة إذا ما ضاعت الوثائق المحاسبية لأي سبب من الأسباب وجب على الخاضعين للضريبة أن يخبروا بذلك مفتش الضرائب حسب الحالة التابع له محل إقامتهم الاعتيادية أو مقرهم الاجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية وفق الإجراءات وآجال محددة قانونا [25].
وقد سبق أن بتت المحكمة الادارية بالدار البيضاء في قضية تصب في هذا الإطار جاء في حكمها “…حيث عللت المدعية عدم تزويد إدارة الضرائب بالوثاق المحاسبية من أجل المراقبة يكون الطلب أصبح مستحيل لوقوع قوة قاهرة تتمثل في حريق أتلف تلك الوثائق .لكن حيث أنه حسب الفقرة الثانية من المادة 60 من قانون 30 / 85 المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة: فإنه إذا ضاعت الوثائق المحاسبية لأي سبب من الأسباب وجب على الشركة أن تخبر بذلك مفتش الضرائب التابع له مقرها أو مؤسستها الرئيسية، وذلك في رسالة موصى بها مع إشعار بالتسلم خلال الخمسة عشر يوما التالية للتاريخ الذي لاحظت فيه ضياعها .
وحيث أن واقعة الحريق كانت بفاتح شهر أكتوبر 1994 ولم تقم المدعية بإخبار الجهة المختصة بما تعرض له مقرها من ضياع الوثائق المحاسبية وفق المقتضيات القانونية أعلاه .وحيث بذلك تبقى مقترحات المفتش والضرائب المترتبة عليها سليمة وغير مشوبة بأي خلل مسطري أو قانوني مما يتعين معه التصريح برفض الطلب[26]“.
ثانيا: رفض الخضوع للمراقبة الضريبية
إن إجراء المراقبة يتوقف على إطلاع المفتش المحقق، على الوثائق المحاسبية التي يمسكها الملزم، وإذا لم يستطع المفتش الاطلاع على تلك الوثائق بسبب يعود إلى الملزم نفسه، فإن ذلك يعتبر قرينة على عدم التصريح على الوجه القانوني[27].
و قد يحدث أن يتعرض بعض الملزمين عن أعمال المراقبة، ويأخذ هذا التعرض عدة أشكال منها إقفال المحل الذي من المفترض أن تجري فيه المراقبة أثناء الموعد المحدد لها، وعدم تقديم الوثائق المحاسبية اللازمة للمحقق، وعدم تمكينه من الاطلاع في عين المكان على العناصر المفيدة في التأكد من حقيقة العمليات التي يقوم بها الملزم والمدرجة في المحاسبة[28].
إلا أنه يشترط للقيام بالتحقيق في إقرارات الملزم إعلام هذا الأخير بالزيارة التي سوف يقوم بها المفتش المحقق، وذلك قبل 15 يوما من إجراء المراقبة، والغاية من ذلك هو عدم أخذ الملزم على حين غرة من جهة، وتمكينه من الاستعداد لاستقبال المفتش المحقق من جهة ثانية .
غير أنه في حالة عدم استقبال الملزم للمفتش، فإن ذلك يعني بكل بساطة عدم وجود محاسبة. وبالتالي لا يصبح للتصريح أية قيمة إثباتيه.
وفي هذا الإطار اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أنه إذا لم يحترم الملزم المسطرة المتعلقة بالمراقبة ولم يدل بالوثائق المحاسبية كانت الضريبة المفروضة تلقائيا قانونية ما لم يثبت الملزم أن الإدارة خرقت المسطرة وذلك عندما قضت بأن: ” حيث تقتضي المراقبة بداية على الخاضع للضريبة أن يدلي بجميع الاثباتات اللازمة ويقدم إلى المأمورين المحلفين جميع الوثائق المحاسبية المطلوب الاطلاع عليها حتى يمكن له التمسك بالإجراءات المتصلة بالمراقبة .
وحيث أن المدعية فوتت على نفسها فرصة فض خلافها رضائيا مع إدارة الضرائب وذلك بعدم تقديم الوثائق الضرورية لمفتش الضريبة ولم تثبت للمحكمة ادعاءاتها في شأن خرق مسطرة المراقبة مما يكون معه الدفع في غير محله .وحيث أنه حسب المادتين 47 من ض ش 50 من ض ق م فإنه إذا لم تقدم الشركة الوثائق المحاسبية داخل الأجل المضروب لها تفرض عليها الضريبة تلقائيا حسب المعلومات المتوفرة لدى الإدارة الضريبية. وحيث أن المدعية لم تعزر طلبها بالإثباتات القانونية فيما يخص رقم معاملاتها خلال السنوات موضوع فرض الضريبة، لدحض ما توصلت إليه إدارة الضرائب فيكون طلبها هذا غير مرتكز على أساس واقعي[29] “.
هاته هي حالات فرض الضريبة بصورة تلقائية الواردة في الباب الثالث من المدونة العامة للضرائب المعنون بمسطرة فرض الضريبة بصورة تلقائية. إلا أنه هناك حالة أخرى تفرض فيها الضريبة بصورة تلقائية كجزاء رتبه المشرع دون سلوك أو احترام إجراءات مسطرة الفرض التلقائي، وهي حالة:
عدم جواب الملزم عن رسالة التصحيح الأولى الموجهة إليه من طرف مفتش الضرائب:
إن الحالة التي يكون فيها الملزم خاضع للضريبة في إطار نظام المحاسبة، هنا على الإدارة قبل الإقدام على فحص محاسبة الخاضع للضريبة إبلاغه بالإشعار بالفحص وفق الإجراءات القانونية، وفي حالة اكتشافه أثناء عملية الفحص لوجود إخلالات بالمحاسبة تستوجب مسطرة التصحيح سواء كان ناتجا عن إقراره أم مفروضا بصورة تلقائية، وجب على المفتش أن يبلغ الخاضع للضريبة أسباب التصحيح المزمع القيام به وتفاصيل مبلغه وأن يدعوه إلى الإدلاء بملاحظاته خلال أجل 30 يوما من تاريخ التبليغ القانوني، وفي حالة عدم الجواب داخل الأجل المذكور تفرض الضريبة بصورة تلقائية في حقه ولا يمكن أن ينازع فيها إلا وفق الشروط المحددة في المادة 235 من المدونة العامة للضرائب.
وهو ما أكدته حيثيات أحد أحكام إدارية الدار البيضاء جاء فيه “…بأن المشرع الضريبي عدد البيانات الواجب ذكرها في كل من الرسالتين التبليغيتين الأولى والثانية بشكل لا يثير اللبس أو الخلط بين مضمون أي منهما وأن عدم جواب الملزم على الرسالة التبليغية الأولى داخل اجل 30 يوما التالي لتاريخ تسليمها إليه بحجة اعتبارها رسالة تبليغية ثانية والحال أنها تتضمن البيانات الواجب ذكرها في الرسالة التبليغية الأولى، يجعل حدا لمواصلة الإدارة الضريبية إجراءات المسطرة التواجهية في حقه ويعرضه للفرض التلقائي[30].
من تمة، وبعد تأكد القاضي الإداري من توفر إحدى الحالات الموجبة لسلوك الإدارة لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة، ينتقل إلى مراقبة مدى احترام الإدارة والتزامها بإجراءات هذه المسطرة.
المطلب الثاني: رقابة القضاء الإداري على الالتزام بإجراءات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
تعبر مسطرة الفرض التلقائي للضريبة عن السلطة القوية التي تتوفر عليها الإدارة الضريبية لمحاربة التملص الضريبي، لكن هذه السلطة تعرف قيودا مسطرية مهمة، قوامها احترام حق الملزم في الإخبار وعدم مفاجأته[31]، وبالتالي فاللجوء إلى هذه التقنية لتحديد الأساس الضريبي بصورة انفرادية، مقيدة بمجموعة من الشروط والإجراءات حفاظا على الضمانات القانونية المخولة للملزم[32].
ومع أن المشرع نص على هذه الإجراءات إلا أنه لم يقرنها في المقابل بأي جزاء، لكن القضاء الإداري كعادته يتدخل لمد رقابته على كل إخلال يشوب هذه الإجراءات ويرتب جزاء بطلان المسطرة أمام كل تجاوز مسطري يشوبها من أجل تكريس ضمانة الملزم. وهذا ما سيتم توضيحه خلال فقرات هذا المطلب.
الفقرة الأولى: رقابة القضاء الإداري على مضمون مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
قيد المشرع الضريبي سلطة الإدارة الضريبية فيما يخص توقيع فرض الضريبة بصورة تلقائية، بحيث حدد مجموعة من المقتضيات اعتبر القضاء الإداري عدم التزام الإدارة بها بمثابة خرق للمسطرة يترتب عنه البطلان.
أولا: تبليغ الرسالة الأولى للملزم
بالرغم من كون مسطرة الفرض التلقائي أحادية الجانب، حيث تلجأ الإدارة إلى تطبيقها في الحالات المشار إليها أعلاه فإن الإدارة تكون ملزمة بتبليغ رسالة للملزم الذي تخلف عن التزاماته، وذلك لإيداع أو تتميم إقراره أو عقده أو دفع المبالغ المحجوزة داخل أجل قانوني حددته المادتين 228 و229 حسب كل حالة، تدعوه في هذه الرسالة إلى تصحيح وضعه القانوني لتتمكن الإدارة من ربط الضريبة، وتحدد له أجلا للقيام بذلك.
ويتضح أن مسطرة الفرض التلقائي مرتبطة بمسألة التبليغ، أي بقضية التواصل وتبادل المعلومات، لأن العملية الضريبية في جميع أطوارها، تحتاج إلى تواصل بين الإدارة والملزم قصد تقدير الإلزام الضريبي تقديرا مناسبا، ليس فيه إجحاف لهذا الطرف أو ذاك كما أن الأساس الجديد للتعامل، هو تمكين الإدارة الملزم من الدفاع عن نفسه، قبل فرض الضريبة عليه[33]. لذا سيتم التطرق في نقطة أولى إلى مسألة التبليغ القانوني في هذه المسطرة وربطه بالضمانات المخولة للملزم في إطاره، مع محاولة التطرق إلى الإشكالات التي عرفها التبليغ، ثم تخصيص نقطة ثانية لأجل جواب الملزم على الرسالة الأولى في مسطرة الفرض التلقائي وآثاره على حماية الملزم.
- التبليغ خلال مسطرة الفرض التلقائي يشكل ضمانة أساسية للملزم
تعتبر ضمانة التبليغ من الإجراءات الجوهرية التي يجب على الإدارة احترامها لمساسها بحق الدفاع، وقد رتب القضاء على خرقها بطلان مسطرة فرض الضريبة[34].
حيث اعتبرت محكمة النقض في قرار صادر عنها[35]، أن الإجراءات الممهدة لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة من النظام العام وأن عدم توصل الملزم بأحدها لسبب لا علاقة له به يجعل الفرض الضريبي المؤسس على رسالة لم تبلغ للملزم ماسا بحق من حقوق الدفاع وإخلالا بالمسطرة التواجهية التي أرادها المشرع أن تكون على مرحلتين بحيث لا يلجأ للتذكير الثاني إلا بعد استنفاذ إجراءات التذكير الأول.
وقد نظم المشرع الضريبي إجراءات التبليغ من خلال المادة 219 من المدونة العامة للضرائب[36]، وكلما تبين للقاضي أن الإدارة خرقت مقتضيات قواعد التبليغ قضى ببطلان المسطرة، وهو ما يبينه قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش[37] حين قضى بما يلي: “… وحيث إنه أمام خلو الملف مما يفيد وقوع تبليغ المستأنف عليهما برسالة الفرض التلقائي فإن إجراءات ربط الضريبة المفروضة عليهما تكون قد خرقت المسطرة التواجهية المنصوص عليها بمقتضى القانون ولما قضت محكمة الدرجة الأولى بإبطالها لتلك العلة تكون قد جعلت تعليلها مستساغا والحكم المستأنف واجب التأييد.”
وفي قرار آخر لنفس المحكمة[38] جاء فيه “…وحيث طالما أن الضرائب موضوع المنازعة فرضت بصفة تلقائية إثر تقديم الإقرار المنصوص عليه بمقتضى المادة 105 من المدونة العامة للضرائب بعد توجيه رسالة أولى بتاريخ 30/10/2009 ورسالة ثانية بتاريخ 02/06/2010 واستظهرت الإدارة لإثبات تبليغهما بمجرد صور شمسية لم تتمكن المحكمة من الاطلاع بدقة على صحة البيانات الواردة بها للتحقق من بيانات إدارة البريد بخصوص واقعة تبليغهما للملزم أو تعذر ذلك وتاريخهما الفعلي، فقد تم تكليفها بالإدلاء بأصول الطيات البريدية الخاصة بتبليغهما عن طريق البريد المضمون واستكنفت عن الإدلاء بما كلفت به مما يكون معه تبليغ المستأنف برسالتي الفرض التلقائي غير ثابت وتكون بذلك إدارة الضرائب قد خرقت مسطرة الفرض خلافا لما ذهب إليه الحكم المستأنف وهو ما يشكل في حد ذاته سببا لإبطال الضرائب المنازع فيها ويستوجب إلغاء الحكم الابتدائي والحكم تصديا بإلغاء الضرائب المفروضة على المستأنف.”
وإن من بين أهم الإشكالات طرحت على القضاء في هذ الصدد، تتمحور حول إرجاع الوثيقة المراد تبليغها مذيلة بعبارة غير مطالب به والآثار الناتجة عليها.
وقد ذهبت الغرفة الإدارية في اتجاه لها [39]: ” أنه لا يمكن ترتيب الأثر القانوني على عبارة غير مطالب به ولا تعتبر بمثابة توصل دون إثبات موزع البريد إشعاره صراحة من ينوب عن المرسل إليه طبقا لمقتضيات المادة 38 من قانون المسطرة المدنية بكون طي الرسالة يوجد رهن إشارته بمصلحة البريد داخل الأجل الذي حدده…)
وفي مقابل هذا الاتجاه هناك قرار لمحكمة النقض[40] مخالف للقرار السابق جاء فيه: “مما معناه رجوع الطي بعبارة غير مطالب به يعتبر تبليغا صحيحا بعد مرور 10 أيام الموالية لتاريخ تعذر التبليغ وأن المفترض أن إدارة البريد لا تختم الرسالة بالعبارة المذكورة إلا بعد إشعار الموجهة إليه بضرورة الحضور لمصالحها لسحب الرسالة مما لا مجال معه لتكليف إدارة الضرائب بإثبات ذلك الذي يبقى مسألة واقع يمكن التحقق منها من طرف محكمة الموضوع بحسب كل حالة على حدة عن طريق إجراءات التحقيق المخولة قانونا وهو ما لم تفعله مما يجعل قرارها معرضا للنقض”.
وتجدر الإشارة إلى أن مرور 10 أيام المذكورة لترتب آثارها القانونية، يجب أن تكون داخل الأجل فمثلا إذا ما كان الأمر يتعلق بضريبة على الأرباح العقارية، فيجب أن يكون مرور 10 أيام داخل أجل 90 يوما من تاريخ إيداع الإقرار.
هكذا يتضح من خلال عرض المقتضيات القانونية المتعلقة بأحكام التبليغ أن الإدارة الجبائية لا يمكنها مباشرة مسطرة الفرض التلقائي إلا وفق مسطرة التبليغ التي تم إقرارها لفائدة الملزم حفاظا على حقوقه، وأن أي خرق لتلك المقتضيات يترتب عنه بطلان مسطرة الفرض التلقائي للضريبة.
وبالرجوع للمواد 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب يلاحظ أنها لم تنص على أجل محدد لمباشرة الإدارة لمسطرة الفرض التلقائي بتوجيهها للرسالة الأولى للملزم، لكن هذا لا يعني فتح الآجال أمامها وقت ما شاءت لممارسة سلطتها بل يمكن ربط هذا الأجل الذي سكت عنه المشرع بأجل التقادم الضريبي والمحدد في أربع سنوات كما تنص المادة 232 من المدونة العامة للضرائب.
وبالتالي إذا ما تم التبليغ خارج هذا الأجل المذكور، فلا يمكنه أن يرتب آثاره مما يجعل مسطرة الفرض الضريبي باطلة لوقوع التبليغ خارج الآجال[41].
- أجل جواب الملزم على الرسالة
تتضمن الرسالة الأولى بيانين ضروريين يتجليان في كل من التنصيص على دعوة الملزم إلى الامتثال للالتزام القانوني المتخلف عنه، إضافة إلى إبراز الأجل القانوني لجواب الملزم على الرسالة الأولى، والذي يعتبر ضمانة للملزم سنها المشرع ولا يمكن للإدارة مخالفتها.
ويختلف الأجل المخول للملزم للإجابة عن الرسالة الأولى في إطار مسطرة الفرض التلقائي حسب الحالات المنصوص عليها في كل من المادتين 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب.
- أجل جواب الملزم وفق المادة 228.
تنص المادة 228 من المدونة العامة للضرائب على ما يلي:” وجب أن توجه إليه رسالة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه، يطلب إليه فيها تتميم إقراره أو عقده أو دفع المبالغ المحجوزة أو التي كان من المفروض حجزها داخل أجل الثلاثين (30) يوما التالي لتاريخ تسلم الرسالة المذكورة…”
ويعد جواب الملزم هنا عبارة عن امتثال لدعوة الإدارة حيث لا يناقشها في شيء، فإذا ما استجاب الملزم لدعوة الإدارة الضريبية في شخص مفتش الضرائب، تنتهي مسطرة الفرض التلقائي للضريبة وتفرض الضريبة وفق الأساس المصرح به من طرف الملزم، ويبقى للإدارة حق توقيع غرامات فوائد التأخير.
وهذا ما تؤكده محكمة النقض في إحدى قراراتها[42] التي جاء فيها ما يلي:”… تتوقف صحة مسطرة الفرض التلقائي للضريبة على الدخل على احترام إدارة الضرائب لمسطرة أولية، عبر مراسلة الملزم بالتصريح بإشعار أولي مضمون الوصول من أجل دعوته إلى الإدلاء بإقراره، ولا يمكن توجيه الإشعار الثاني بالتذكير إلا بعد استنفاذ أجل شهر على الأول، وإن عدم احترام الإدارة لهذا الإجراء يشكل خرقا لحقوق الدفاع وإخلالا بمبدأ التواجهية الذي يعتبر من صميم النظام العام.
- أجل جواب الملزم وفق المادة 229
إن أهم ما يميز مسطرة الفرض التلقائي المنصوص عليها المادة 229 من المدونة العامة للضرائب، هو حصر أجل جواب الملزم المخل بالتزاماته القانونية في 15 يوما فقط، وليس 30 يوما كما هو مقرر في المادة 228.
وهذا ما تؤكده المادة المذكورة حيث نصت على ما يلي:” إذا لم يقدم خاضع للضريبة الوثائق المحاسبية المشار إليه أعلاه بحسب الحالة في المادتين 145 و 146 أعلاه أو إذا رفض الخضوع للمراقبة الضريبية المنصوص عليها في المادة 212 أعلاه وجهت إليه رسالة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه، يدعوه فيها للتقيد بالالتزامات القانونية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم الرسالة المذكورة. ويظهر أن المشرع قلص من أجل جواب الملزم في هذه المادة نظرا لخصوصية الحالات التي تنظمها.
ويتجلى آثار جواب الملزم داخل الأجل القانوني لدعوة الإدارة الضريبية في شخص مفتش الضرائب، بانتهاء مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، مع تطبيق الغرامات المنصوص عليها في المادة 191 من المدونة العامة للضرائب.
أما في حالة عدم جواب الملزم داخل الأجل القانوني المخول له، – حسب المادتين 228 و229ـ فإن الإدارة لا يمكنها فرض الضريبة بصورة تلقائية بل يجب عليها توجيه رسالة ثانية للملزم وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219.
وما تجدر الإشارة إليه هو أن من أهم الآثار التي تترتب عن الرسالة الأولى الصحيحة_ بالإضافة لفتح أجل الجواب_ التي لا يعيبها خرق مسطري، تكمن في قطع أجل التقادم حيث يفتح أجل أربع سنوات جديدة للالتزام الضريبي، ويكون هذا لصالح الإدارة وليس الملزم. لكن في مقابل ذلك متى شاب إجراءات هذه الرسالة خرق مسطري من طرف الإدارة، انتفى هذا الآثار.
وهو ما سار عليه القاضي الإداري، بحيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش[43] ما يلي “… وحيث أنه بخصوص السبب الثاني للاستئناف، ومادامت الواقعة المنشئة للضريبة على القيمة المضافة لما يسلمه الشخص لنفسه من أعمال عقارية ترجع إلى سنة 2004 على اعتبار أن المستأنف حصل على رخصة السكن بتاريخ 19/01/2004 فإن أجل تقادم الضريبة المذكورة طبقا للمادة 232 من المدونة العامة للضرائب يتحقق بنهاية السنة الرابعة الموالية لسنة تحقق الواقعة المنشئة للضريبة، أي بتاريخ 31/12/2008، وهو الأجل الذي تم قطعه بالرسالة التذكيرية الأولى التي وجهتها إدارة الضرائب للمستأنف بتاريخ 21/11/2008 تدعوه من خلالها إلى وضع إقراره الضريبي، مما يكون معه ما ورد في هذا السبب أيضا غير منتج…”.
تأتي هذه الرسالة في إطار استمرار إجراءات مسطرة الفرض التلقائي، بين الإدارة والملزم بحيث يتعين على مفتش الضرائب بعد فوات أجل جواب الملزم على الرسالة الأولى، أن يبادر بتوجيه رسالة ثانية قبل فرض الضريبة بصورة تلقائية ( وذلك وفق إجراءات التبليغ المذكورة أعلاه).
ولقد عالج المشرع الرسالة الثانية لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة في كل من المادتين 228 و229 من المدونة العامة للضرائب، لكن قبل التطرق ل(مضمون هذه الرسالة)، سيتم الوقوف عند (أجل تبليغها للملزم).
- أجل تبليغ الرسالة الثانية
بالرجوع إلى مقتضيات المادتين 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب، يلاحظ من خلال استقرائهما أنه لا يوجد تنصيص صريح على أجل محدد يلزم مفتش الضرائب بتبليغ الرسالة الثانية للملزم المعني.
فنجد البند الثاني من المادة 228 ينص على ما يلي ” إذا لم يقم الخاضع للضريبة بإيداع أو تتميم إقراره أو عقده و لم يدفع المبالغ المحجوزة في المنبع داخل أجل الثلاثين يوما المذكورة، أخبرته الإدارة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه، …..”
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 229 على أنه ” إذا لم تقدم الوثائق المحاسبية داخل الأجل المشار إليه أعلاه، أخبرت الإدارة الخاضع للضريبة في رسالة مبلغة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه بتطبيق الغرامة المقررة في المادة 191…..”
فمن خلال استقراء مقتضيات المادتين أعلاه، يلاحظ أن المشرع لم يحصر مفتش الضرائب لتوجيه الرسالة الثانية بأجل معين، يترتب على تجاوزه بطلان المسطرة – كما هو مقرر في مسطرة التصحيح –
لكن في المقابل، لا يمكن القول بأن هذا الأجل يبقى مفتوحا إلى ما لا نهاية أمام مفتش الضرائب، لأن ذلك سيكون بمثابة خرق لضمانات الملزم.
لذلك رغم أن المشرع لم يحدد بصريح العبارة أجل تبليغ الرسالة الثانية للملزم، إلا أن القضاء تدخل وحسم الأمر، حيث اعتبر أن هذا الأجل محصور بأجل تقادم الضريبة المعنية، وكما تم توضيحه سالفا بأن الرسالة الأولى الصحيحة يترتب عنها قطع التقادم.
لذا يتم احتساب هذا الأجل – 4 سنوات كــمبدأ- يبتدئ من اليوم الموالي لتبليغ الرسالة الأولى إلى غاية مضي 4 سنوات.
فإذ تم تبليغ الرسالة الثانية داخل هذا الأجل، هنا يكون هذا الإجراء صحيحا ويرتب آثاره القانونية، أما إذا حدث التبليغ خارج الأجل المذكور، هنا تكون الضريبة تقادمت ولا يمكن أن ترتب هذه الرسالة آثارها القانونية، كما لا يمكن للإدارة أن تتمسك بسكوت المشرع عن تحديد أجل توجيه الرسالة الثانية[44].
- مضمون الرسالة الثانية وآثارها
إن توجيه إنذارين للملزم المتقاعس عن تقديم تصريح وفق القواعد الضريبية، يعد من الضمانات الأساسية لعدم تعسف الإدارة، والحكمة من ذلك هي إعطاء فرصة للملزم قصد تدارك خطأه، قبل أن تستعمل الإدارة وسائلها في تقدير أساس الضريبة[45].
- مضمون الرسالة الثانية
يجب على مفتش الضرائب أن يبلغ الرسالة الثانية لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة متضمنة ببيانات أساسية، يؤدي الإخلال بإحداها إلى بطلان الرسالة وبطلان هذه الأخيرة يبطل المسطرة بأشملها[46].
وبالرجوع إلى المادتين 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب، يلاحظ أن هناك خصوصية بالنسبة للرسالة الثانية حسب كل حالة.
فالمادة 228 تنص على ضرورة توفر بيانين في الرسالة الثانية يتجليان في كل من أجل جواب الملزم على الرسالة المذكورة المحدد في 30 يوما تبتدئ من تاريخ تبليغه بها، ثم تحديد المفتش الأسس التي قدرها وعلى أساسها ستفرض عليه تلقائيا الضريبة أو واجبات التسجيل، فإذا لم يقم هذا الأخير بإيداع أو تتميم إقراره أو عقده داخل أجل ثان مدته 30 يوما من تاريخ تسلم رسالة الإخبار المذكورة.
وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط[47] أن ” تبليغ الرسالة الثانية لا يمكن أن يكون صحيحا إلا إذا تضمنت الأسس التي تنوي الإدارة الضريبية اعتمادها، وأن عدم تضمين الرسالة لهذه المعطيات القانونية يجعل مسطرة الفرض التلقائي غير سليمة تستوي في ذلك من حيث الآثار القانونية مع عدم القيام بها أصلا”.
أما المادة 229 فقد حددت بيانات الرسالة الثانية في كل من تبليغ الملزم بالغرامة المحدد في الفقرة الأولى من المادة 191[48] من المدونة العامة للضرائب، بالإضافة إلى منحه أجلا إضافيا مدته 15 يوما من تاريخ تسلم الرسالة المذكورة للتقيد بالالتزامات المذكورة أو تبرير عدم وجود محاسبة.
يتضح من خلال هذه المقتضيات، أن هناك اختلاف بين المادتين فيما يخص الشق الثاني من مسطرة الفرض التلقائي المتعلق بالرسالة الثانية، فمن المتضح أن مقتضيات المادة 228 تمثل ضمانة أكثر للملزم مقارنة مع ما هو منصوص عليه في المادة 229، فهذه الأخيرة بالإضافة إلى قصر أجل جواب الملزم فيها، فإن هذا الأخير لا يعلم الأسس التي سوف تفرض عليها الضريبة تلقائيا إلا بعد وقوع ذلك.
- آثار تبليغ الرسالة الثانية لمسطرة الفرض التلقائي
تتجلى آثار تبليغ الرسالة الثانية للملزم من خلال جواب أو عدم جواب الملزم عليها داخل الأجل القانوني المحدد له، وذلك حسب حالتين :
- الحالة الأولى: تتمثل في جواب الملزم داخل الأجل المقرر له، هذا الجواب الذي يكون بمثابة الامتثال لما طالبته الإدارة به، ولا يتعدى ذلك إلى المناقشة، لأن تبليغ الإدارة الضريبية الملزم للأسس المقدرة ليس من شأنه أن يفتح الحوار بينهما، فهي لا تدعوه إلى الموافقة أو إبداء ملاحظاته، بل هي مجرد دعوة أو تذكير من الإدارة للخاضع للضريبة بالتزاماته الجبائية عند تجاهله لها[49].
في هذه الحالة يكون جوابه نهاية للمسطرة بين الملزم والإدارة، ويتم ربط الضريبة على أساس جواب الملزم. كما يبقى للإدارة الحق في توقيع فوائد التأخير، بالإضافة إلى فحصها للتصريح، لكن في إطار وجوب سلوكها للمسطرة المتعلقة بالفحص.
- الحالة الثانية: تتجسد في عدم جواب الملزم عن الرسالة الثانية، ففي هذه الحالة وكما هو مقرر في المادتين 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب، تكون الإدارة محقة في فرض الضريبة تلقائيا[50].
لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: إلى ماذا تستند الإدارة لتحديد المبلغ الضريبي الواجب فرضه تلقائيا؟
هنا، تعتمد الإدارة خلال فترة التضريب التلقائي، على قواعد تراعي من خلالها المقدرة التكليفية للملزم، والجدير بالذكر في هذا الصدد هو أن المشرع الضريبي المغربي لم يحدد طرق الفرض التلقائي، إلا أن الإدارة، واعتمادا على سلطتها التقديرية والمعطيات التي تتوفر عليها تلجأ في الغالب إلى أحد الميكانيزمات التالية[51]:
- اعتماد الإدارة على مضمون التصاريح التي سبق أن قدمها الملزم في السنوات السابقة، وبالتالي فإنه لربط الضريبة يتم تحديد وعاء السنة التي لم يودع الملزم خلالها أي تصريح بناء على متوسط الأرباح المدلى بها؛
- الاعتماد على النفقات الثابتة، من خلال المعطيات المتوفرة للإدارة ككتلة الأجور من خلال تصريحات الملاك، أو المشتريات التي باشرتها المقاولة إذا توفرت عليها الإدارة، ويتم تجميع كل هذه النفقات وإخضاعها لمعامل معين لاستخراج رقم الأعمال؛
- عندما تكون المقاولة في السنوات الأولى من بداية نشاطها، تكون الإدارة مضطرة في هذه الحالة إلى اعتماد طريقة المقارنة مع أرباح، أو رقم أعمال مقاولات تعمل في نفس القطاع المهني أو الاقتصادي.
إن هذه الآليات هي المستعملة من طرف الإدارة، لكن هذا لا يمنعها من استعمال ميكانيزمات أخرى ترتبط بمدى توفر الإدارة على معطيات ومعلومات متعلقة بوضعية الملزم.
وإلى جانب فرض الضريبة بصورة تلقائية يترتب عن تخلف الملزم على الامتثال لواجباته القانونية، إضافة جزاءات نص عليها القانون[52].
ومعلوم أن الأمر هنا يتعلق بالجزاءات التي تفرضها الإدارة دون اللجوء إلى المحكمة واعتماد حكمها في تحديدها، ولذا فيرى بعض الفقه[53] وكذا اتجاه الاجتهاد القضائي، أن هذا النوع من الغرامات إن هو إلا مظهر مباشر من مظاهر السلطة الجبائية، ثم إن هذه الجزاءات تأتي على نوعين: جزاءات على شكل فوائد التأخير، وغرامات جبائية، وعلاوة يحتكم في تحديدها بالأساس إلى عنصر حسن النية أو سوئها لدى الملزم[54].
ومن أهم المستجدات التي جاء بها قانون المالية رقم 70.15[55] المعدلة بموجبه المدونة العامة للضرائب، نجد البند الأخير من المادة 232 ينص على أنه “تستحق جميع الواجبات وكذا الذعيرة والزيادات المرتبطة بها المترتبة عن عدم إدلاء الخاضعين للضريبة بإقرارهم بالنسبة لجميع السنوات التي لم تكن موضوع تصريح، ولو تم انقضاء أجل التقادم. غير أنه لا يمكن أن يتجاوز هذا الأجل (10) سنوات”.
ومن خلال استقراء هذا المقتضى يظهر أن النص يتحدث عن الاستحقاق وليس عن المسطرة، والدليل على ذلك أن البند الأول من نفس المادة بقي على ما هو عليه، بمعنى أن المسطرة يجب أن تتم داخل أجل التقادم الضريبي ، وفي حالة أنها لم تحترم هذا الأجل يعد الفرض التلقائي باطلا. أما في حالة ما إذ تمت المسطرة، ولكنها لم تفرض الضريبة، هنا يمكن أن تفرض هذه الأخيرة من بعد ولا إشكال في ذلك على أن لا تتجاوز 10 سنوات.
ومن هذا المنطلق يطرح التساؤل بالنسبة للحالة التي لا يقوم فيها الخاضع للضريبة بتسوية وضعيته بعد مراسلات الإدارة له، ويقوم بذلك خارج الأجل القانوني المحدد له في رسالة الإدارة الثانية، ولكن قبل أن تقوم الإدارة بتحديد أساس الضريبة استنادا إلى تقديرها، وأثناء ذلك قدم الملزم الإقرار، فهل تقوم بفرض الضريبة استنادا إلى الأسس المقدرة في إطار مسطرة الفرض التلقائي، أم تأخذ بالإقرار المقدم من طرف الملزم؟
يرى جانب من الفقه أنه في هذه الحالة تكون الأسس المعتمدة هي التي تم تقديرها في إطار مسطرة الفرض التلقائي، لأنها أصبحت واجبة بمجرد تقاعس الملزم عن تقديم الإقرار بعد توجيه الإدارة الرسالة الثانية له.[56]
لكن في المقابل تبنى التوجه القضائي رأيا مخالفا حيت أخد بإقرار الملزم مادامت الإدارة لم تفرض الضريبة بعد[57] .
وقد يكون هذا الرأي أقرب إلى الصواب مادامت الغاية من مسطرة الفرض التلقائي للضريبة هي تمكين الإدارة من ربط الضريبة وليس التشكيك في صحة الإقرار.
وإن من بين أهم ما يميز هذه المسطرة، أنه عند وقوع نزاع يهمها، يتوجب على الملزم أن يسلك مسطرة المطالبة الإدارية وجوبا – إلا في حالات خاصة سيتم اتطرق إليها في الفقرة الموالية – قبل عرض النزاع أمام القضاء.
الفقرة الثانية: التوجه القضائي حول إلزامية أسبقية المطالبة الإدارية كشرط لقبول الدعوى
يعتبر حق مطالبة الملزم بإصلاح أخطاء الإدارة الضريبية، وكذا مطالبته للإدارة من أجل الانتفاع بحق، من أهم الضمانات الجبائية التي سنها المشرع للملزم، وكما هو معلوم أنه في حالة غياب مسطرة التصحيح الضريبي نكون أمام مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، الذي أوجب المشرع في هذه الحالة ضرورة رفع مطالبة إدارية قبل اللجوء للقضاء[58].
وقد أكد المشرع الضريبي، من خلال المدونة العامة للضرائب والقانون المتعلق بجبايات الجماعات المحلية على إلزاميتها قبل اللجوء إلى القضاء، وعلى دورها في تمكين الملزم من إبداء تعرضه على موقف الإدارة في إطار حوار مباشر يفسح المجال للإدارة لمراجعة أو توضيح موقفها[59].
أولا: مفهوم المطالبة (التظلم النزاعي)
مكن المشرع الضريبي المغربي الملزم من إمكانية التظلم النزاعي – المطالبة – [60]، وذلك بالتنصيص على هذا المبدأ في مجموعة من النصوص الضريبية، وأول نص قانوني تضمن هذا المبدأ هو ظهير نونبر 1924 المتعلق باستخلاص مستحقات وديون الدولة[61]، وقد تم تكريس هذا المبدأ من خلال المادة 117[62] من قانون 15/97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بتاريخ 3 ماي 2000. كما أكد المشرع هذا المبدأ بمناسبة صدور مدونة المساطر الضريبية بمقتضى الفصل 22 من قانون المالية لسنة 2005[63]، والذي نسخ بدوره بمقتضى المادة 235 من المدونة العامة للضرائب.
ويقصد بالمطالبة، ذلك الطلب الذي يتقدم به الملزم أمام الإدارة الضريبية لإعادة النظر، في قرار جبائي يدعي مخالفته للقانون أو بعده عن الواقع[64]. ويعرف كذلك بكونه حق الملزم في طلب تطبيق دقيق للقانون الذي يتناول فرض الضريبة الموضوعة على كاهله[65].
ثانيا: مسطرة المطالبة الإدارية
تتميز المنازعة الضريبية المتعلقة بالوعاء بكونها تأتي على مراحل، ولا يمكن اللجوء إلى القضاء إلا بعد سلوك المسطرة الإدارية، حيث تعتبر المطالبة الإدارية في المجال الجبائي مسطرة إجبارية تتوقف عليها صحة الدعوى القضائية ماعدا في بعض الاستثناءات[66].
- 1) إجراءات رفع المطالبة
يخضع تقديم المطالبة لمجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية، وكذا لآجال يتعين على الملزم احترامها تحت طائلة عدم قبول مطالبته.
- الشروط الشكلية والموضوعية:
مبدئيا توجه المطالبة من الملزم المعني مباشرة بالنزاع الجبائي، أو من ينوب عنه، ويشترط في هذه الحالة وجود وكالة قانونية تخول له القيام بهذ الإجراء، ويعفى من تقديم الوكالة كل من يفترض القانون وجودها لديهم كالمحامون…وإذا تعلق الأمر بشخص معنوي يقدم الطعن الشخص المخول له اتخاذ القرارات باسم الشخص المعنوي، كرئيس مجلس الإدارة في شركات المساهمة…والمسيرون في الشركات ذات المسؤولية المحدودة… وغيرهم.
أما فيما يخص من توجه إليهم المطالبات، فقد نصت المادة 235 من المدونة العامة للضرائب على وجوب توجيه المطالبة النزاعية إلى المدير العام للضرائب أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض.
وتوجه المطالبة على ورق عادي على أن تتضمن توقيع الملزم المعني بالنزاع أو من ينوب عنه. ويجب أن تتضمن المطالبة البيانات التالية:
- تعيين الضريبة المتنازع في شأنها؛
- ملخص الوقائع والوسائل المستند إليها لتبرير الطلب؛
- الاستنتاجات التي توصل إليها الملزم.
وعدم اشتمال الشكاية على هذه البيانات يفضي إلى رفضها من طرف المصالح الضريبية، على أنه يمكن تصحيح النقائص التي تشوب شكل المطالبة طالما أن الأجل قائم، أو تقديم مطالبة جديدة من قبل الملزم أو من ينوب عنه.
- أجل تقديم المطالبة
في هذا الصدد لابد من التمييز بين مرحلتين بخصوص آجال المطالبة، فقبل صدور القانون المالي لسنة 2000 كانت الآجال[67] تعرف تعددا مما أدى إلى إنتاج آثار سلبية على حقوق الملزمين، نظرا لما يؤدي إليه من عدم ضبط هؤلاء للآجال التي عليهم احترامها مما ينتج عنه غالب الأحيان ضياع حقوقهم، ولتجاوز هذا الأمر وتعزيزا للضمانات التي يتمتع بها الملزم، جاء القانون المالي لسنة 2000 لتوحيد هذه الآجال في ستة أشهر بالنسبة لكل الضرائب[68]، وهذا ما تؤكده المادة235 من المدونة العامة للضرائب حيث نصت على أن آجال المطالبة :
- في حالة أداء الضريبة بصورة تلقائية، خلال الستة أشهر التالية لانصرام الآجال المقررة؛
- في حالة فرض ضريبة عن طريق جداول أو قوائم الإيرادات أو أوامر بالاستخلاص، خلال الستة أشهر التالية للشهر الذي يقع فيه صدور الأمر بتحصيلها.
إلا أن هذا التوحيد لا يمنع وجود بعض الآجال الخاصة والتي تتعلق بحالات استثنائية وهي الآجال المنصوص عليها في المواد 238 و239و 240 من المدونة العامة للضرائب.
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 235 المذكورة يلاحظ أن هذا الأجل يحتسب من تاريخ وقائع محددة، مثل وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ أو إصدار جدول الضريبة أو انتهاء أجل إيداع الإقرار، والأصل في جميع هذه الآجال أن تكون كاملة[69]. وهنا يطرح إشكال أساسي هو: أن المشرع اعتمد تاريخ إصدار الجدول كنقطة لبداية احتساب أجل تقديم المطالبة، دون الأخذ بعين الاعتبار تاريخ تبليغ الملزم بالإنذار الضريبي.
الأمر الذي قد يتسبب في ضياع حقوق الملزم في حالة عدم توصله بالإنذار الضريبي المتضمن لتاريخ إصدار الجدول، مما يؤدي إلى فوات أجل الطعن، لذلك يمكن القول أنه كان من الأجدر أن يأخذ المشرع بتاريخ تبليغ الملزم تبليغا صحيحا بالإعلام الضريبي عوض تاريخ إصدار الجدول كبداية لاحتساب أجل الطعن، خاصة وأن تقديم المطالبة خارج هذا الأجل يعتبر غير مقبول.
- قرار الإدارة بشأن المطالبة
بعد الانتهاء من إجراءات التحقيق، تقوم الإدارة باتخاذ القرار إما بشكل مباشر وصريح حين تبلغ الملزم إما بقبول تظلمه أو رفضه، أو بشكل ضمني حينما لا تجيب الإدارة رغم انقضاء الأجل المحدد. والقاعدة السائدة في الأنظمة الضريبية، أن الإدارة الضريبية ليست ملزمة بالبت في شكاية الملزم بل هي مختارة في إصدار قرارها بهذا الشأن.
والأصل أن وزير المالية هو الذي يفصل في الطلب ولكن يجوز أن يفوض بصورة كاملة أو جزئية سلطة إصدار القرار إلى موظفين، وغالبا ما يكون مدير الضرائب فيما يتعلق بمنازعات الوعاء.
وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي حدد للإدارة الضريبية مدة ثلاثة أشهر كأجل أقصى للبت في تظلم الملزم[70]، وخلال هذه المدة تصدر الجهة المختصة قرارها في الطلب، إما بالرفض أو القبول كليا أو جزئيا، وفي حالة الرفض الكلي أو الجزئي، يجب تعليل القرار، تطبيقا للقانون الذي يلزم الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الفردية السلبية[71]. ويعد التعليل ضمانة أساسية يتيح للمتظلم، أن يتعرف على أسباب الرفض حتى يطعن فيه. كما يجب لصحة قرار الإدارة أن يتم داخل الأجل القانوني وتبليغه إلى المكلف بشكل صحيح وعند عدم توفر أحد هذه الشروط فإن قرار الإدارة يكون معيبا شكلا مما يعرضه للإبطال.
ومن الآثار الناتجة عن قرار الإدارة، ــ سواء الصريح أو الضمني ــ هو فتح آجال الطعن القضائي. كما نصت المادة 243 من المدونة العامة للضرائب والتي جاء فيها: ” إذا لم يقبل الخاضع للضريبة القرار الصادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته، جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين 30 يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور. وإذا لم تجب الإدارة داخل أجل الثالثة 3 أشهر الموالية لتاريخ المطالبة، جاز كذلك للخاضع للضريبة الطالب رفع طلب إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين 30 يوما الموالية لتاريخ انصرام أجل الجواب المشار إليه أعلاه.
يظهر من خلال هذه المقتضيات أن الملزم محدد بآجال معينة نص عليها المشرع ولا يجوز مخالفتها، إلا أن العدالة الإدارية لا تتحقق على وجه خير إلا إذا جمعت بين التبسيط وسرعة الإجراءات وضمان الحقوق وهذا ما أكدت عليه دورية السيد وزير العدل المؤرخة في 2004. 4.7، لدى يتدخل القاضي الإداري إلى تلطيف لمسطرة المتعلقة بقبول الطعن القضائي وتجاوز مساوئ التطبيق الحرفي للنصوص المتعلقة بذلك سعيا منه إلى الحسم في الموضوع.
وتتجلى هذه التلطيفات في كل من:
- قبول دعوى المنازعة في ربط الضريبة ولو قدمت قبل الأوان: فقد استقر القضاء الإداري على القول بأن اللجوء إلى الطعن القضائي قبل جواب الإدارة وانقضاء الأجل المحدد لجوابها أثناء سير الدعوى لا تأثير له على قبول الدعوى[72].
وفي قرار آخر لمحكمة النقض جاء فيه ” أن رفع الدعوى قبل الأجل الممنوح لإدارة الضرائب لجواب على شكاية الملزم لا ينال من السلامة الشكلية طالما أن الإدارة تمسكت بمشروعية الضريبة[73]“.
- قبول الطعن القضائي متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ بقرار رفض الشكاية حتى ولو ثبت أن هاته الشكاية قد قدمت لدى إدارة الضرائب خارج الأجل القانوني لتقديمها. حيث جاء في حكم لإدارية وجدة أنه لا يجوز للإدارة أن تحتج في مواجهة الطاعن بعدم تقديم شكايته داخل الآجال المقررة قانونا مادام أنها لم تتمسك بالخرق الشكلي المذكور بمناسبة الجواب عن موضوع تلك شكايته وأن جوابها عن موضوع الشكاية دون إثارة خرق الأجل المذكور يمنعها من التمسك به بمناسبة النزاع القضائي[74].
- قبول الطعـن في مقـرر إدارة الضرائـب ولو قدم خـارج الشهـر الرابـع الموالـي لأجل الثلاثة أشهـر المحددة لجواب الإدارة متـى قدم داخل أجل شهـر من تاريـخ التبليغ به.وقد ذهبت الغرفـة الإدارية[75] وهي تلغـي حكـم إدارية فـاس التي قضت بعدم قبول الطعـن لتقديمه خارج الأجل القانونـي لتقديم الشكاية وكان قد توصل الطاعن بقرار ربط شكـايته بتاريـخ لاحـق وتقدم بطعنه حوله داخـل أجل شهـر من تاريـخ التبليـغ واعتبرت الغرفة الإدارية أن أجل الطعـن في مقرر رفض الشكـاية يبتدئ من تـاريـخ التبليـغ القانوني به.
كما أن اجتهاد القضاء الإداري من بين القواعد والمبادئ التي كرسها والتي تعكس نهجا لتثبيت دعائم دولة الحق والقانون، نجده قد لطف من هذا المبدأ حيث أنه يرى أن التزام الخاضع للضريبة بسلوك مسطرة التظلم الإداري رهين باحترام الإدارة الجبائية للمسطرة الإدارية المتطلبة قانونا في تأسيس الضريبة، وإن الإخلال بها يستتبع بالتبعية تحلل الملزم من قيد سلوك مسطرة التظلم[76].
وقد جاء في قرار للغرفة الإدارية ما يلي[77]: “لكن حيث أن المشرع إذا كان في الفصل 47 من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة قد أوجب على الملزم بالضريبة أن يتظلم لدى الإدارة المختصة قبل رفع منازعته أمام القضاء، فإن المشرع قبل ذلك أعطى للملزم حقا أساسيا وهو حق الدفاع المتمثل في وجوب تمكين الملزم من التعرف على أساس الضريبة ومناقشته قبل فرضها تلقائيا عليه، وبالنظر لطبيعة حق الإدارة في أن يتم التظلم لديها وحق الملزم في وجوب إشعاره بما ذكر فان المحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت أن وجوب التظلم معلق على سبقية إشعار الملزم….”
كما أجاز القضاء الإداري تقديم الدعوى مباشرة، دون أن تكون مسبوقة بمطالبة إدارية في حالة انتفاء صفة الملزم بالضريبة عن الطاعن، وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية في قراراتها[78].
وتم تأكيد هذا التوجه بمقتضى القرار عدد 50/2[79]، جاء فيه أن الملزم لا يكون مقيدا بمسطرة التظلم الإداري إلا إذا تعلق الأمر بمنازعة في مبلغ الضريبة، أما إذا تعلقت المنازعة بصفة الملزم إن مثل هذا التظلم لا يكون إلزاميا.
وفي قرار آخر لمحكمة النقض[80] جاء فيه : ” أن الاجتهاد القضائي دأب في المادة الإدارية على قبول المنازعة الضريبية دون أن تكون مسبوقة بالطعن الإداري وحتى خارج أجل الطعن متى أخلت الإدارة الضريبية بقواعد مسطرة فرض الضريبة وكذا في حالة تقادمها أو انتفاء صفة الملزم بالضريبة كما هو الشأن بالنسبة لنازلة الحال وأنه مادامت منازعة الطرف المدعي قد انصبت على انتفاء صفته كملزم فإنه يبقى والحالة هاته غير ملزم بتقديم دعواه داخل أجل الطعن المتمسك به.
يظهر من خلال استقراء هذه القرارات أن القضاء الإداري لطف من شكلية ضرورة استنفاذ المرحلة ما قبل القضائية كلما ثبت له أن الإدارة الضريبية خالفت التزاماتها القانونية، أو كان الملزم لا علاقة له بالضريبة المعنية وذلك بتوفر عنصر الجدية.
المبحث الثاني: اجتهادات القضاء الإداري بين المحدودية والمساهمة في بلورة مقتضيات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
من المعلوم تاريخيا، أن القانون الإداري هو الابن الشرعي للقضاء الإداري بحيث أن هذا الأخير لم ينحصر دوره في تطبيق النصوص القانونية فقط، بل ساهم في تأسيس وإنشاء وإبداع قواعد كرسها المشرع، كما أنه يضفي على القانون الطابع العملي الحي.
وبما أن القاضي الإداري هو المختص في المنازعات الضريبية، فإنه يساهم من خلال اجتهاداته في خلق مبادئ وقواعد تهم المجال الضريبي عامة ومسطرة الفرض التلقائي الضريبة خاصة – بما أنه موضوع هذا المقال -، إلا أن هذه الاجتهادات لا تعرف دائما الطريق إلى تكريسها تشريعيا لتصبح قاعدة قانونية مكتوبة.
المطلب الأول: مظاهر المساهمة القضائية في بلورة مقتضيات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
إن غياب النص القانوني أو غموضه، لم يقيد القاضي الإداري ولم يثبط عزيمته في فض النزاع المعروض عليه بل كان له حافزا للاجتهاد، مظهرا بذلك جانبه الخلاق والمبدع[81]، والمساهمة في إرساء وتكريس مقتضيات القاعدة القانونية المنظمة لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة.
الفقرة الأولى: مساهمة القضاء الإداري في بلورة إجراءات التبليغ
من بين أهم صور مساهمة اجتهادات القضاء الإداري في إرساء بعض القواعد على مستوى مسطرة الفرض التلقائي للضريبة والتي تتعلق ببعض مقتضيات إجراءات التبليغ في كل من :
أولا: اعتبار التبليغ صحيحا بعد مرور 10 أيام من إثبات تعذر التبليغ
إن هذا المقتضى نص عليه المشرع في التعديل الذي جاء به قانون المالية لسنة 2005 بعدما كان الأمر قبل ذلك وفي حدود سنة 2001 ينطبق فقط على حالة رفض التسلم وليس جميع حالات تعذر التبليغ.
لكن هذا التوجه أقره أولا القضاء الإداري، بحيث كانت تطرح مسألة التبليغ إشكالات ومنازعات كثيرة أمام القضاء، فتدخل هذا الأخير باجتهاد له و اعتبر مرور مدة حددها في 10 أيام من إثبات رفض التسلم بمثابة تبليغ صحيح – أي أن هذا التبليغ كأنه تم – وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بفاس[82] في فضية بناني ضد إدارة الضرائب، وهي تسد الفراغ الذي كان يسود النصوص الجبائية قبل تعديل قانون المالية لسنة 2001 عن طريق الرجوع إلى القواعد العامة للتبليغ المنصوص عليها بقانون المسطرة المدنية وخاصة الفصل 39 منها، إلى إلغاء الأمر بالتحصيل المتعلق برسوم التسجيل التكميلية لتقادم الحق في تأسيس هاته الرسوم بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ فرضها وذلك بعد احتساب تاريخ التبليغ بالإنذار المنصوص عليه بالفصل 12 مكرر من مدونة التسجيل بعد مرور 10 أيام من تاريخ رفض التوصل به معتبرة أن رفض الإشعار المذكور لا يقطع التقادم إلا من تاريخ التبليغ القانوني الذي هو 10 أيام بعد رفض تسلم الإشعار و أنه باحتساب هذا الأجل يكون قد مر أكثر من ثلاث سنوات وهو الأمد القانوني المخول للإدارة في تصحيح الوعاء الضريبي وفرض رسوم تكميلية. هذا التوجه اعتبر من الاجتهادات المهمة التي تواتر عليه القضاء.
ثم تدخل المشرع من خلال قانون المالية لسنة 2001 وكرس هذا الاجتهاد القضائي، لكن ومع ذلك، بقيت مسألة التبليغ تعرف النسبة الأكبر من المنازعات المعروضة على القضاء مما حدا بالمشرع من جديد إلى التدخل وفق قانون المالية لسنة 2005 بحيث عمم هذا التوجه على باقي حالات تعذر التبليغ، أي أن مرور 10 أيام من إثبات تعذر التبليغ يعد تبليغا صحيحا.
اعتبر القضاء الإداري أن كل وسيلة يمكن أن يتحقق معها حصول التبليغ المقصود تعد صحيحة ويكون معها التبليغ صحيح، وأن الوسائل المذكورة في النصوص القانونية المنظمة للتبليغ ليست على سبيل الحصر، وهو ما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها[83]” لكن حيث أن المشرع لئن كان قد نص في المادة 152 من القانون 06-47 المنظم لجبايات الجماعات المحلية على “…أن التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلاته المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه إما برسالة مضمونة امع إشعار بالتسلم أو بالتسليم إليه بواسطة المأمورين المحلفين التابعين الإدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإداري” إلا أن هذه الوسائل ليست على سبيل الحصر وإنما يمكن أن تضاف إليها كل وسيلة يمكن أن يتحقق معها حصول التبليغ المقصود بالمادة المذكورة ومعلوم ان تبليغ بواسطة الفاكس هو من وسائل التبليغ متى اقترن بما يفيد تحقق توصل المرسل إليه به وغن إثبات الجهة المرسلة لرسالة التذكير بإتمام الإقرار توصل المرسل إليه بها بواسطة الفاكس يقتضي لنفي هذا التوصل من طرف هذا الأخير الإدلاء بالوثيقة التي يدعي توصله بها غير تلك المعنية بالفاكس المذكور. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها توصل المطلوبة في النقض برسالة التذكير المشار إليها عن طريق الفاكس من خلال الورقة المتضمنة لهذا التوصل الحاملة لعبارة OK مع تاريخ التوصل وساعته والجهة الموجهة إليها واعتبرت أن الغاية من التبليغ المنصوص عليه في المادة 152 المشار إليها متحققة بما يترتب عن ذلك من صحة الفرض التلقائي للرسم الجبائي المطعون فيه فإنها تكون قد سايرت ما وذكر ولم تخرق المقتضى المحتج بخرقه…”
بالرجوع إلى المشرع، نجده قد أخذ بهذا التوجه للقضاء الإداري، وكرسه من خلال مضمون البند الثاني من المادة 219 المتعلقة بالتبليغ، والذي جاء فيه “… – يمكن مباشرة عملية التبليغ الواردة في البند I أعلاه، بالطريقة الإلكترونية، بشكل مواز في العنوان الإلكتروني المدلى به للإدارة الجبائية من طرف الملزم المشار إليه في المادة 145 – X أعلاه”. وذلك وفقا للتعديل الذي جاء به قانون المالية لسنة 2018[84].
الفقرة الثانية: الإشعار بفحص المحاسبة ( تقديم الوثائق المحاسبية )
من بين الحالات التي توجب اتباع مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، تم ذكر كل من الامتناع عن تقديم الوثائق المحاسبية ورفض الخضوع للمراقبة الضريبية وكذا حالة عدم جواب الملزم عن رسالة التصحيح الأولى، وذلك بالنسبة للخاضع للضريبة في إطار نظام المحاسبة والتي تستدعي من الإدارة قبل الإقدام على مسطرة التصحيح القيام بفحص محاسبة الخاضع للضريبة.
في هذه الحالات المذكورة وجب على الإدارة تبيلغ إعلام للملزم يخبره من خلاله بتهيئ محاسبته ويمنحه أجلا لهذا الغرض.
هذا الإشعار الغرض منه تمكين الملزم من إعداد الوثائق اللازمة للفحص ووضعها رهن إشارة المفتش الفاحص، وهو بذلك يعد ضمانة مهمة لصالح الملزم ضد عمليات الفحص المفاجئة[85].
و تنطلق مسطرة فحص المحاسبة بتوجيه إشعار للخاضع للضريبة من أجل إخباره بعزم الإدارة على فحص محاسبته، ويلاحظ بأن أكثر المنازعات التي طرحت على القضاء حول الأحكام الإجرائية لمسطرة الفحص انصبت على الإشعار المذكور.
هذا الإشعار خلق جدلا في فترة سابقة كان يشير فيها المشرع – من خلال المادتين 105 من القانون 89.17 المنظم للضريبة العامة على الدخل والمادة 32 التي تقابلها في القانون رقم 24.86 المنظم للضريبة على الشركات – إلى عبارة ” وجوب توجيه إشعار” وعبارة توجيه تمسكت بها الإدارة في تطبيقها لمسطرة الفحص وفسرتها بعدم وجوب التبليغ، أي أنها فقط تفيد الإرسال.
إلا أن اجتهاد القضاء الإداري كان له موقف مغاير، حيث اعتبر أن مصطلح “توجيه” في مثل هذه الحالة يقصد به تبليغ الخاضع للضريبة بالإشعار بالفحص تبليغا قانونيا متسائلا عن الغاية من الاكتفاء بتوجيه الإشعار إن لم يقرن بالتبليغ طالما أن العلة من الإجراء أساسا هي إتاحة الفرصة للملزم من أجل تهيئ دفاعه وإعداد وثائقه المحاسبية[86]، وفي هذا تقول الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرار لها بتاريخ 23/01/2003« وحيث إن مؤدى ذلك أن الآجال الفاصلة بين تاريخ التوصل بالإشعار بإجراء التفتيش وتاريخ حضور المفتش المحقق أمام الشركة المعنية لفحص المستندات يجب ألا يقل عن 15 يوما، وأن العبرة في ذلك هي التوصل بالإشعار وليس تاريخ الإرسال لما في ذلك من ضمانات لفائدة الملزم ليتمكن من تهيئ دفاعه«[87].
هذا التوجه القضائي تم تأكيده في العديد من الأحكام والقرارات القضائية حيث غدا اجتهادا متواترا يجد سنده في روح التشريع ومغزاه الحقيقي الذي يقتضي إثبات التبليغ في حق الملزم وليس مجرد التوجيه.
كما كرسه المشرع الضريبي على مستوى النص القانوني وذلك بمقتضى المادة 22 من قانون المالية لسنة 2005، وذلك بتنصيصه على إجبارية ” تبليغ الإشعار بالفحص” إلى الملزم ليضع بذلك حدا للجدل حول تفسير عبارة ” توجيه الإشعار”.
في هذا الإطار، يمكن القول بأنه و على الرغم من مساهمة القاضي الإداري من خلال بعض اجتهاداته في بلورة المقتضيات التشريعية لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة، إلا أن هذه المساهمة تبقى محدودة بحيث يلاحظ أن المشرع الضريبي المغربي عند إصداره لتغييرات ومستجدات تخص قواعد هذه المسطرة غالبا ما يأخذ اتجاهين: إما أن يترك الأمر على ما هو عليه دون تكريس هذه الاجتهادات – هنا يبقى للقاضي الحق في الاستمرار على توجهه- أو يأتي بمقتضيات تخالفها ويضطر القاضي إلى الامتثال لهذه المستجدات ويرجع عن توجهه السابق.
المطلب الثاني: محدودية الدور التشريعي للقاضي الضريبي
على الرغم من أهمية الضمانات التي يتيحها القضاء للملزم، والدور الذي أصبح يلعبه في إعادة الثقة للمواطنين والتأكيد على أن القانون يعلو فوق الجميع ولو تعلق الأمر بالإدارة وكذا دور التوجهات والاجتهادات القضائية المتميزة، والتي أبانت على المساهمة القضائية في التشريع الضريبي، إلا أن هذه المساهمة تعرف بعض المحدودية، كما أن المشرع قد يسد باب الاجتهاد عن طريق مضاربة بعض التوجهات بإصدار قواعد قانونية تمشي عكس ما كرسه القضاء.
ومن أهم صور مضاربة المشرع لبعض الاجتهادات المتواترة وإغلاق باب الاجتهاد أمام القضاء عبر سن قواعد قانونية لا يمكن أن يجتهد القاضي معها تطبيقا لقاعدة “لا اجتهاد مع النص” نجذ مسألة التبليغ، والتي عرفت تطورا على مستوى الاجتهاد القضائي وكذا التنصيص التشريعي، بحيث واكب المشرع التوجهات القضائية، وبادر لإدخال تعديلات تسد الفراغ التشريعي الذي كان يسمح للقاضي ويعطيه مساحة للاجتهاد والتدخل وتكريس ضمانات للملزم.
فبعدما استقر القضاء الإداري على مسألة أن “عبارة غير مطلوب لا تفيد التوصل” في حين تدخل واعتبر بأن رفض التبليغ بمثابة تبليغ بعد مرور 10 أيام من تاريخ الرفض، وهو التوجه الذي تؤكده المحكمة الإدارية بفاس في قضية بناني ضد إدارة الضرائب، هذا التوجه كرسه المشرع مع صدور قانون المالية لسنة 2001، وبقي القاضي الإداري يفعله، إلا أنه لا يسري على تعذر التبليغ بمفهومه الواسع، بل تقف المسألة عند رفض التبليغ، بينما نجذ المشرع مرة أخرى مع صدور قانون المالية لسنة 2005 عمم هذا المقتضى على جميع حالات تعذر التبليغ مما قيد باب التفسير القضائي لمسألة تعذر التبليغ وتكييفه حسب ما يظهره التحقيق.
هكذا، وانطلاقا مما سبق، فإن مضاربة المشرع للاجتهادات القضائية، وكذا محدودية هذه الأخيرة في المساهمة التشريعية تنتج عن عوامل مختلفة، منها ما يدخل ضمن الجهاز القضائي و أخرى خارجة عنه.
الفقرة الأولى: الحدود المرتبطة بالجهاز القضائي
مما لاشك فيه أن إنشاء مؤسسات القضاء الإداري بالمغرب، ساهم بشكل كبير في الدور الحمائي القضائي للحريات والحقوق، والمشرع المغربي بإحداثه للمحاكم الإدارية كان يسعى إلى توفير قاضي متخصص في المادة الإدارية هذه الأخيرة تتميز بتعقيداتها وشموليتها لعدة مجالات من بينها المجال الضريبي الذي يعرف بمدى تقنيته، التي تستدعي قضاة متخصصين في هذا المجال من أجل الاستيعاب والحسم في النزاعات المتعلقة به، وأمام عدم تخصص القضاة في هذا المجال يؤدي إلى محدودية على مستوى تدبير النزاع وكذا استقرار التوجهات والاجتهادات القضائية المتعلقة به.
يعتبر القاضي الإداري هو حامي الحقوق والحريات، وتتحكم في قيامه بهذا الدور الحيوي عوامل متعددة من بينها التكوين القانوني الذي تلقاه ومدى تأصل روح الإقدام المتزن لديه، والحرية والاستقلال في الجهر بالحق من خلال دفاعه عن سيادة القانون، فهو يبتكر القاعدة القانونية التي قد تكون في كثير من الأحيان غير مقننة، إنه قاضي إنشائي يحاول على الرغم من اختلال ميزان القوة بين طرفي المنازعة الإدارية وهما الإدارة كخصم قوي والفرد كخصم ضعيف، أن يقيم توازنا بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة في إطار سياسة قضائية تتطلب من القاضي الإداري تكوينا متينا واطلاعا واسعا على دواليب الإدارة التي يحكم عليها، في استقلال تام دون تعرضه لأي ضغوط مادية أو معنوية[88].
في هذا الإطار سمي القاضي الإداري المكلف بالنظر في المنازعات الضريبية بالقاضي الضريبي، والذي ميز بخاصية المفتش السامي للضريبة، كما ذهب في ذلك بعض الفقه[89]، بمعنى أنه يقوم بنفس العمليات الجبائية والمحاسبية والحسابية التي يقوم بها مفتش الضريبة، من حيث تقدير الواقعة المنشئة للضريبة وتحديدها في الزمان والمكان، من حيث تصنيفها و من حيث ضبط عناصر وعائها ومن حيث تحديد مبلغها أصلا وغرامات وفوائد التأخير إن كان هناك موجب.
ولكن القاضي يتميز عن مفتش الضريبة أن له سلطة الاجتهاد ولذلك سمي مفتش سامي للضريبة وسمي بفعل هذه الخاصية بالقاضي الجبائي.
إلا أن التجربة الميدانية للقضاء الإداري بالمغرب، لا تعرف تجسيد لهذه الخاصية، كونها تتميز بغياب ما يعرف في التشريع الفرنسي بالقاضي الضريبي، ذلك أن نفس القاضي يبت في جميع القضايا سواء تعلق الأمر بالمنازعات الضريبية أو الدعاوى الانتخابية أو المنازعات المتعلقة بالمعاشات المدنية أو دعاوى التعويض عن نزع الملكية والدعاوى العقدية وغيرها من الدعاوى، مما يفوت على القاضي إمكانية التمرس والتخصص في قضايا بعينها، وخاصة وأن القانون الضريبي له خصوصياته التي تميزه سواء على القانون الخاص أو القانون العام.
وقد حدد النظام الأساسي للقضاة[90] المقتضيات القانونية التي تضبط مهام القضاة ومسار حياتهم العلمية، بحيث يسري على قضاة المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، نفس النظام القانوني الساري على باقي القضاة مع مراعاة بعض الخصوصيات.
فمن أهم الشروط الواجب توفرها لولوج الطالب إلى المعهد العالي للقضاء حصوله على الإجازة في القانون الخاص[91]، مما يؤدي إلى غلبة التكوين المدني الخاص، الأمر الذي يجعل القاضي يعاني من محدودية التكوين في المادة الضريبية من حيث التخصص الفني والتقني للإلمام بالنازلة الضريبية، وحتى بالنسبة للملحقين القضائيين الذين قضوا 10 سنوات في الوظيفة العمومية، والمنتمين للسلم العاشر، فلا يشترط فيهم مزاولة إحدى المهام التي لها علاقة بالمجال الضريبي، زد على ما سبق أن التكوين في المعهد العالي للقضاء، هو تكوين مدني[92].
الشيء الذي ينعكس على هذا القاضي أثناء نظره في المنازعات الضريبية، بحيث ما يلجأ غالبا إلى قواعد القانون المدني التي تستعمل في إطار المنازعة العادية، خاصة عند غموض النص الضريبي، فضعف تكوين القضاة في المادة الضريبية والتغييرات التي تعرفها القوانين الضريبية، تجعل القضاة غير قادرين على مسايرة التطورات والتعديلات التي تعرفها، بيد أن القانون الضريبي يتميز بالدقة و التعقد والتقنية، مما يزيد من صعوبة القاضي في ضبطه واستيعاب فلسفته القانونية[93].
بالتالي، فمع هذا الضعف الذي يميز قضاءنا الضريبي، لا يمكن الحديث عن مؤسسة القاضي الضريبي الذي يقوم بنفسه بتقييم الواقعة المنشئة للضريبة، والمحاسبة الممسوكة وتحديد الواجبات الضريبية وتحديد ما هو خاضع منها و ما هو معفى و تحديد أصلها و توابعه.
ونظرا لضعف تكوين القاضي المغربي في المادة الضريبية، فقد أصبح اللجوء إلى الخبرة أمرا متواترا، كما أصبحت مهمة القاضي في كثير من الأحيان تنحصر في المصادقة على تقارير الخبراء.
و لا يكفي التذرع بتعقد المادة الضريبية للحكم بالخبرة ، فكل تقنية تحكم المادة الضريبية هي أيضا مؤطرة بقاعدة قانونية يفترض في القاضي الإداري الإلمام بها، لأنها تدخل في صميم القانون الذي يفترض العلم به، ولا يستتنى من ذلك إلا ما يتعلق بالأمور الفنية التي يجوز عند وجود خلاف بشأنها الاحتكام إلى الخبرة[94].
بالإضافة إلى ضعف تكوين القاضي في المادة الضريبية وتأثير ذلك على صدور اجتهادات قضائية من مستوى معين يساهم في تأكيد دور القضاء كمصدر من مصادر التشريع، نجذ هناك مظهر آخر من مظاهر هذه المحدودية، والذي يتجلى في اللأمن القضائي، بحيث أن الاجتهاد القضائي بما يتضمنه من حمولة قانونية ومن تأثير على الحقوق المكتسبة يحتاج للدقة والوضوح والتوقعية، وإن تقلباته وعدم استقراره وتحولاته فيها مساس بمبدأ الأمن القضائي[95].
فقواعد الاجتهاد القضائي الثابتة والمستقرة تمنح الفاعلين مع مرور الوقت رؤية واضحة وإطار لتصرفاتهم، بينما تحولات الاجتهاد القضائي و رجعيته تؤثر سلبا على هذا النظام[96]، وقد عبر كذلك الفقيه كاربوني بقوله أن “تحول الاجتهاد يترتب عنه عدم الأمن القانوني[97]“.
يقصد بالأمن القضائي بمفهومه العام ” الثقة في العدالة القائمة على سلطة قضائية مستقلة – الاستقلال العضوي المؤسساتي، والاستقلال الذاتي للقضاة – الساهر على تيسير الولوج للقضاء الضامنة لتوحيد واستقرار الاجتهاد القضائي، ولجودة الأحكام الصادرة والمنفذة طبقا للقانون[98].
ويتأسس الأمن القضائي الإداري على نفس أسس الأمن القضائي بصفة عامة، والتي تتجسد بالخصوص في ضمان تسوية قضائية للمنازعات القانونية ذلك أن مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون المنازعات المرتبطة بمسألة قانونية موضوع حل قضائي تتوفر فيه ضمانات الحياد والنزاهة[99].
فالأمن القضائي إذن، يعكس الثقة في المؤسسة القضائية، والاطمئنان إلى ما ينتج عنها وهي تقوم بمهمتها المتجلية في تطبيق القانون على ما يعرض عليها من قضايا، أو ما تجتهد بشأنه من نوازل. هذا مع تحقيق ضمانات جودة أدائها، وتسهيل الولوج إليها، وعلم العموم بمجريات عملها القضائي[100].
أما المفهوم الضيق للأمن القضائي – والذي يهمنا هنا – يتمثل بالأساس في استقرار وتوحيد الاجتهاد القضائي وخلق وحدة قضائية.
وبالتالي فإن عدم تفعيل عناصر هذا التعريف من قبل العمل القضائي يمس بالأمن القضائي. وبالرجوع إلى فحص عمل القاضي الإداري المغربي واجتهاداته، يتضح أن فلسفته أحيانا تكون غير واضحة وتصل إلى درجة التناقض[101]، بحيث نلاحظ بعض التراجع والتضارب في منطوق الأحكام والقرارات هذه الحالة التي تعني عدم استقرار الاجتهاد القضائي في فترة زمنية معينة.
وتجدر الإشارة إلى أن تضارب التوجهات والاجتهادات القضائية، هنا لا يقصد به التحول والتطور الإيجابي للاجتهادات القضائية والذي يعتبر مستحبا لانفتاحه على الأفكار والآراء بمرور الزمن، بل المقصود هنا التدبدب والتضارب والتناقض، الذي يمس بمبدأ الأمن القضائي وغايته.
الفقرة الثانية: عوامل المحدودية الخارجة عن الجهاز القضائي
بالإضافة إلى الحدود المتعلقة بالجهاز القضائي المذكورة في الفقرة أعلاه، يلعب المحيط الخارجي دور هام يساهم في محدودية خلق اجتهادات قضائية تكرس على المستوى التشريعي. ونعرض خلال هذه الفقرة أهم هذه العوامل والتي تتجلى في كل من :
لقد ترسخ مبدأ الأمن القانوني في ألمانيا منذ سنة 1961، حيث أكدت المحكمة الدستورية الفدرالية بألمانيا دستورية المبدأ، وتم الاعتراف به دوليا من قبل محكمة العدل للمجموعة الأروبية في قرارها لسنة 1962، وقرارات أخرى لهذه المحكمة في ما يخص الثقة المشروعة التي تقترب كثيرا من مبدأ الأمن القانوني. كما أن المحكمة الأروبية لحقوق الإنسان ومنذ سنة 1981 أكدت على ضرورة التوقع القانوني كمطلب للأمن القانوني[102].
ويعني الأمن القانوني أن يكون في مقدور المواطنين تحديد، وبدون عوائق كبيرة، ما يسمح به القانون المطبق وما يمنعه. وللوصول إلى هذه النتيجة يجب أن تكون القواعد التي يتم إصدارها واضحة ومفهومة، وأن لا تكون موضوع تغييرات مستمرة، وغير متوقعة أساسا[103].
أما فيما يخص التعريف المعطى لمبدأ الأمن القانوني من طرف المؤسسة القضائية، فيكفي التذكير بالتعريف الذي أقره مجلس الدولة الفرنسي للمبدأ وهو كما يلي: ” مبدأ الأمن القانوني يقتضي أن يكون المواطنون، دون كبير عناء، في مستوى تحديد ما هو مباح وما هو ممنوع من طرف القانون المطبق. وللوصول إلى هذه النتيجة، يتعين أن تكون القواعد المقررة واضحة، ومفهومة، وألا تخضع في الزمان إلى تغييرات متكررة أو غير متوقعة[104].
يتبين من خلال هذه التعاريف أن الأمن القانوني يتحقق بالأساس عبر مستوى جودة التشريع وتوقيعه، وبالأساس عن طريق تفادي تضخم القوانين والابتعاد عن غموضها، والعمل على أن تكون شاملة وفعالة ومنصفة. وهو بذلك يضمن الحماية من رجعية القانون، ويعمل على توطيد وتقوية الوضعيات الفردية، وعلى احترام التعهدات، ويؤدي إلى استقرار نسبي في البيئة القانونية (قدرة الفرد على برمجة حياته)، ويهدف إلى أن تكون القواعد القانونية واضحة ومنسجمة[105].
إلا أن مبدأ الأمن القانوني يعرف جملة من المعوقات التي يكم أن تؤثر على المبدأ، بما تشيعه من شك وارتياب في نظام قانوني معين، بشكل ينتشر معه انعدام الأمن القانوني. ويتجلى ذلك بالخصوص في[106]:
” تضخم التشريع؛ التعقيد المبالغ فيه للقواعد القانونية؛ عدم جودة النصوص؛ عسر فهم القانون؛ رجعية القوانين بما يلحق الضرر بمراكز تعاقدية سابقة؛ كثرة المنازعات”.
و ما تجدر الإشارة له هنا، أن النصوص الضريبية، موضوع الدراسة تتميز بعدم الاستقرار وسرعة التحول، وهذه خاصية أساسية تطبع القانون الضريبي المغربي، بحيث نلاحظ تغييرات في مقتضياته مع صدور قانون المالية السنوي. ينتج عنها عدم استقرار في التوجهات القضائية.
مع العلم بأن المشرع الضريبي قد يعمد إلى تغيير النصوص الضريبية رغبة منه في تحقيق أهداف متنوعة ومرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بعدما غدت الضريبة وسيلة يستعملها المشرع للتأثير على الاستثمار في مجال معين أو محاربته في مجال آخر أو حماية صناعة أو منتوج معين، وكذلك قصد التكيف مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي الذي يعرف تحولا سريعا[107]. إلا أنه يجب أن تراعى عناصر أو متطلبات الأمن القانوني بحيث يتعين اتخاذ إجراءات إعلام وقائي وتدابير انتقالية تضمن توفير الأمن القانوني. ولذلك فإن تحقق الأمن القانوني على أرض الواقع، يرتبط تقليديا بالشكلية التي يفترض فيها تحقيق الضمانة. أي أنه لابد من الإعلام والنشر في كل ما يرتبط بالقاعدة القانونية من تعديل وتغيير ليكون ذلك في علم العموم حتى يدبروا أمرهم في ضوء ذلك[108].
إن إيقاع تغيير النصوص القانونية وفوضى الضوابط يخلق العديد من الآثار السلبية بالنسبة لكل الفاعلين في المجتمع. فهو يجعل المواطنين تائهين وفاقدين لنقط الاستدلال وليس لهم الوقت للبحث عن أخرى. كما أنه يعاقب الفاعلين الاقتصاديين ويضر بجاذبية الإقليم، ويجعل السلطات العامة المكلفة بتنفيذه حائرة، ويدفع القضاة دائما لمواجهة قواعد جديدة[109].
ثانيا: تنوع المتدخلين في سن التشريع الضريبي
علاقة بالفقرة أعلاه المتعلقة بمحدودية الأمن القانوني نجد أن من أهم ما يساهم في هذه المحدودية هو تنوع المتدخلين في سن مقتضيات التشريع الضريبي.
فبالرغم من أن الدستور المغربي، حدد اختصاص السلطة التشريعية فيما يخص التشريع الضريبي، بحيث نص في الفصل 75 منه على “يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي…[110]“.
بقراءة هذا النص يظهر بأن البرلمان يمارس سلطة جد مهمة في المراقبة والمصادقة على قانون المالية، هذا الأخير الذي يتضمن مقتضيات تخص القانون الضريبي الذي يعرف تغييرات بمناسبة صدور كل قانون مالية سنوي.
إلا أن الواقع العملي، يظهر بأن السلطة التشريعية ليس لها الدور الأساسي فيما يخص القرار الضريبي، بل هناك تعدد في المتدخلين سواء على الصعيد الدولي مثل البنوك الدولية، أو على المستوى المحلي من خلال ضغط بعض اللوبيات من أجل الوصول إلى قرار ضريبي يخدم مصالحهم، بالإضافة إلى الجهة المهيمنة بشكل أوضح والتي تكمن في الدور المحوري للسلطة التنفيذية.
فللحكومة أن تتجاوز سلطات البرلمان، فعمليا السلطة التنفيذية تخضع للسلطة التشريعية، التي تراقب أعمالها عبر العديد من الميكانيزمات نص عليها صراحة دستور المملكة، لكن واقع توازن السلطتين يرجح كفة الحكومة، فنجد آليات يخولها لها الدستور لتجاوز وإجبار البرلمان على تبني مشروع قانون المالية[111]. تكمن في كل من حق التصويت الواحد[112]، التصويت بمنح الثقة[113]، وتأخير تقديم مشروع قانون المالية.
فبالرغم من أن إيداع مشروع القانون المالي قد حدد القانون التنظيمي للمالية طريقة ووقت إيداعه بحيث نص على أنه ” يودع مشروع قانون المالية للسنة بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير”. فإنه على الصعيد العملي ليس هناك أي نص قانوني يجبر السلطة التنفيذية على الالتزام بالموعد المشار إليه، كما ليس هناك أي نص قانوني يمدد هذه المدة إذا تبث تأخر الحكومة في تقديم المشروع، وذلك حتى يستفيد البرلمان من المدة المخصصة له قانونا، لذلك فما يبقى على البرلمان إلا الإسراع في دراسة المشروع، لكي لا تستغل الحكومة هذا الفراغ القانوني، وتعمد إلى استغلال حقها في التنفيذ المؤقت لبرنامجها، وهذا ما أشارت إليه المادة 50 من القانون التنظيمي للمالية[114].
هكذا فإن الإيداع المتأخر لمشروع القانون المالي وعدم التنصيص على مساطر قانونية لاستدراك الإيداع المتأخر عند التصويت يطرح عدة ثغرات قانونية، وهذا الامر يؤسس لهيمنة الحكومة على المجال المالي.
كما أن البرلمان نادرا ما يقترح قوانين في المجال الضريبي، بل تبقى الحكومة هي المهيمنة، بحيث تتولى إعداد وتحضير مشاريع قوانين المالية وهو ما أكدته المادة 32 من القانون التنظيمي للمالية.
وحيث أن كلا من وزير المالية ورئيس الحكومة ينتميان للحكومة، فإن الذي يهم من هذا التنصيص في هذه المرحلة من التحليل هو أن الجهاز التنفيذي هو الذي خول له القانون مسؤولية تحضير قانون المالية وليس جهاز آخر، واللافت للنظر هو الدور المركزي الذي يحظى به وزير المالية ووزارته بطبيعة الحال على هذا المستوى، وبصورة عامة تظل السلطة التنفيذية هي المختصة في جميع الأحوال بتحضير وإعداد الميزانية[115].
بالتالي، فإن كان البرلمان يتقاسم المبادرة التشريعية مع الحكومة، فإن دوره ينحصر في المصادقة على مشاريع قوانين المالية والضريبية منها وحتى هذه المصادقة تبقى محدودة وشكلية. هذه المحدودية تتجلى في ضيق الوقت المحدد للمصادقة، بالإضافة إلى قلة كفاءة النواب في المجال المالي والضريبي الذي يتميز بتعقده وتقنياته وكذا غياب النواب أثناء المناقشة العامة.
خاتمة
انطلاقا من كل ما سبق تناوله بالدرس والتحليل في ثنايا هذا المقال، يمكن الخروج بخلاصة أساسية مفادها أنه بالرغم من أن المشرع المغربي ولئن لم ينص على حالات بطلان مسطرة الفرض التلقائي، إلا أن ذلك لم يقيد القاضي الإداري في تقرير جزاء البطلان متى تبث له أن الإدارة الضريبية لم تحترم الإجراءات اللازمة لفرض الضريبة، وفي هذا الصدد ذهب الأستاذ محمد قصري إلى لقول بأن القضاء الإداري وهو يقرر البطلان في هذا الشأن لا يتقيد بقاعدة لا بطلان إلا بنص لأن النصوص الجبائية نفسها لا ترتب البطلان كجزاء بل يجنح إلى تطبيق قاعدة لا بطلان إلا بضرر.
والضرر في مسطرة الفرض التلقائي للضريبة يكمن في تفويت الفرصة على الملزم من تذكيره بوضع الإقرار ومن التعرف على الأسس المعتمدة في فرض الضريبة وفي هذا مس بمبدأ الدفاع الذي يعتبر من أقدس مبادئ القانون الإداري. كما أن الإجراءات المسطرية لفرض الضريبة وردت بصيغة الوجوب ولهذا فهي تعتبر إجراءات جوهرية نص القانون الضريبي على ضرورة اتباعها واحترامها وكل إخلال بها يؤدي إلى الحكم ببطلان المسطرة برمتها.
على غرار دور الاجتهادات القضائية في إقرار ضمانات للملزم من خلال تقرير جزاء بطلان مسطرة الفرض الضريبي كلما شابها إخلال، نجد أن القاضي الإداري يفعل دوره الإنشائي على مستوى بعض مقتضيات إجراءات مسطرة الفرض التلقائي للضريبة، وذلك عن طريق إبداع وتواتر اجتهادات مهمة عرفت الطريق إلى تكريسها تشريعيا، غير ان هذه المساهمة تبقى محدودة وغير كافية مما يجب معها مضاعفة الجهود ومحاولة الوقوف عند العوائق والإشكالات لمعالجتها وتخطيها.
المنازعة في إجراءات تحصيل الضريبة على الشركات، بين النص القانوني والتطبيق العملي
رشيدة عدي
باحثة بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط
إن منازعات التحصيل، وإن كانت ترتبط بالنزاع الجبائي في مفهومه الواسع فهي تنصب في حقيقة الأمر على إجراءات التحصيل فقط، فالملزم في إطار هذه المنازعات لا ينازع أساس الضريبة أو احتسابها، بل ينازع فقط الشرعية الشكلية للقرار المتعلق بالتحصيل، فهو يعترض قانونا على إلزامية الضريبة ويعترض على أدائها، ومن تم يعمد إلى إيقافها قبل الوقوع في أخطاء يصعب تداركها. فما هي مسطرة المنازعة في إجراءات تحصيل الضريبة على الشركات؟.
الفرع الأول: المنازعات المتعلقة بإجراءات المتابعة
عملت مدونة تحصيل الديون العمومية على تحديد مجالات المنازعة المتعلقة بالتحصيل، من أجل ضبط تدخل القاضي في المجال الجبائي وتفعيل التخصص داخل العمل القضائي، بحيث نصت المادة 119 من المدونة على أنه:” يمكن لأي مدين يكون محل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري، أن يتعرض عليه إذا تعلقت مطالبته بما يلي:
- قانونية الإجراء المتخذ من حيث الشكل؛
- عدم إعتبار أداءات يكون قد قام بها.
إلا انه وبالرغم من ذلك، فإننا نلاحظ من خلال مواد أخرى من نفس المدونة، ومن خلال تجربة تطبيق هذه المدونة، وتراكم العمل القضائي المتعلق بالتحصيل، أن مجالات المنازعة متعددة ومتنوعة، تتعدى ما نصت عليه المادة 119 من مدونة تحصيل الديون العمومية
حيث نصت مدونة تحصيل الديون العمومية في فقرتها الثانية من المادة 120 على حالتين يمكن للمدين اللجوء فيهما الى القضاء للمنازعة في إجراءات التحصيل، أولهما حالة عدم رد الإدارة داخل أجل 60 يوما، وثانيهما عندما يكون القرار المتخذ في غير صالح المدين.
وأضافت المادة 121 من نفس المدونة حالة مطالبة الغير بأشياء محجوزة، أو حالة طلب المدين نفسه بالضريبة في أشياء غير قابلة للحجز[116].
كما حددت المدونة مجالات أخرى للمنازعة نذكر منها:
- دعوى إستحقاق مبالغ متنازع فيها؛
- دعوى الدفع بالتقادم[117]؛
- دعوى إثارة المسؤولية الشخصية لمتصرفي الشركات[118]؛
- دعوى إيقاف المتابعات في حالة رفض القابض للضمانات المقدمة من طرف المدين[119].
وللوقوف على الإطار العام لنطاق المنازعات المتعلقة بالتحصيل، سنتطرق للمنازعات على إجراءات المتابعة (فقرة أولى) والمنازعات في وجود الإلتزام بالأداء وحول الإمتياز (فقرة ثانية)
الفقرة الأولى: المنازعات على إجراءات المتابعة، لا توقف التنفيذ
تأخذ المنازعة في اجراءات المتابعة حيزا هاما في المنازعات المرتبطة بالتحصيل، حيث تهم الطعن في إجراء من إجراءات التحصيل الجبري كالطعن في الإنذار القانوني، الحجز[120]، البيع[121]، الإكراه البدني، الإشعار للغير الحائز[122] وغيرها من الإجراءات التي يباشرها القابض ضد المدينين، من أجل استخلاص الديون الضريبية المترتبة في ذمتهم[123]، وتنشأ معظم النزاعات المتعلقة بهذا الباب، إما في حالة عدم إحترام القابض للترتيب الوارد في المدونة أثناء مباشرته لهذه الإجراءات[124]، كتبليغ الإنذار القانوني قبل إرسال آخر إشعار بدون صائر مثلا[125] أو الانتقال مباشرة إلى مسطرة الحجز على مال المدين قبل تبليغ الإنذار القانوني، أو دون الحصول على ترخيص مسبق من لدن الرئيس الذي ينتمي إليه المحاسب المكلف بالتحصيل، أو عدم إحترام الآجال والشكليات المسطرية الواجب تطبيقها أثناء مباشرة كل إجراء، كتبليغ الإنذار القانوني قبل إنصرام أجل 30 يوما من تاريخ الإستحقاق، و20 يوما على الأقل بعد إرسال آخر إشعار بدون صائر[126] أو مباشرة الحجز قبل إنصرام أجل 30 يوما من تبليغ الإنذار[127]، إلى غيرها من الإجراءات التي يباشرها القابض دون إحترام الشكليات والآجال المنصوص عليها في القانون رقم 15_97.
أولا: الاعتراض على سند التحصيل، أو شكل الإجراء
لذلك فإن عدم قانونية أي إجراء من إجراءات التحصيل، يفضي إلى إلغاء هذا الإجراء والإجراءات اللاحقة له، دون إلغاء الإجراءات السابقة متى كانت صحيحة وقانونية، وذلك نظرا للترابط المنطقي والزمني بين مختلف إجراءات التحصيل، إلا أن إلغاء المحكمة للإجراء المطعون فيه، لا يمنع المحاسب المكلف بالتحصيل من إعادته وتصحيحه داخل الآجال القانونية وفق الشكليات المتطلبة قانونا[128].
وهو ما يجعل بالأساس الدعاوى الرامية إلى إبطال إجراءات التحصيل تبقى هي الأهم من خلال وجود جميع الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم، والقصد منها الطعن في صحة الإجراءات التي يقوم بها القابض من أجل إستخلاص الديون الضريبية، وذلك بسبب الخروقات المسطرية التي قد تشوبها[129]، وتعتبر هذه الدعاوى الموجهة ضد القابض من أجل بطلان إجراءات التحصيل بسبب هذه الخروقات، دعاوى صعبة ومعقدة سواء بالنسبة للمدين المنازع أو الإدارة، لأنها تتطلب إثباتات مختلفة من النظام الحالي للتحصيل، وكذلك من النظام القديم الذي كان يشكل فيه ظهير 21 غشت 1935 العمود الفقري، فنظرا لتواثر عمل الإدارة المكلفة بالتحصيل وتأثيره على سلوك لم يكن يعير إهتماما أكبر بمسألة إخطار المدينين وإحترام حقوقهم في الدفاع[130]، فإن التحقيق في إدعاءات الملزمين بالخروقات التي تشوبها مسطرة التحصيل، غالبا ما تدفع بالقضاء إلى مطالبة القابض المكلف بالتحصيل، بإحضار الملف الجبائي للملزم قصد التأكد من صحة أو عدم صحة إدعاءات الملزم، الشيء الذي يجعل مصير هذا الأخير بيد القابض المتوفر على الوثائق التي تؤكد صحة الإجراء موضوع النزاع.
ثانيا: الاعتراض على التحصيل الجبري “موضوع الإجراء”
تنصب معظم النزاعات التي يتقدم بها المدين أمام المحكمة المختصة على الطعن في إجراء من إجراءات التحصيل الجبري، أما في حالة عدم إحترام القابض للترتيب الوارد في المدونة أثناء مباشرته لهذه الإجراءات[131]، كتبليغ الإنذار القانوني قبل إرسال آخر إشعار بدون صائر، بحيث لا يمكن مباشرة التحصيل الجبري إلا بعد إرسال آخر إشعار بدون صائر، ويجب تقييد تاريخ هذا الإشعار في جدول الضرائب والرسوم أي سند تنفيذي آخر، أو الانتقال مباشرة إلى مسطرة الحجز على مال المدين قبل تاريخ الإنذار القانوني، أو دون الحصول على ترخيص مسبق من لدن الرئيس الذي ينتمي إليه المحاسب المكلف بالتحصيل، أو عدم احترام الآجال والشكليات المسطرية الواجب تطبيقها أثناء ممارسة كل إجراء.
- التعرض على الإنذار القانوني
تنص المادة 39 من مدونة تحصيل الديون العمومية على درجات التحصيل الجبري[132] التي تبدأ بالإنذار، والذي لا يمكن أن يتم إلا بعد إرسال آخر إشعار للمدين دون صوائر، وهو ما أشارت إليه المادة 36 من مدونة تحصيل الديون العمومية[133].
والملزم في حالة عدم إحترام هذه الشكليات المتعلقة بتبليغ الإنذار من طرف الإدارة، من حقه التمسك في مواجهتها بعدم سلامة الإجراءات المنصوص عليها قانونيا، وهو ما يميز المنازعة في التحصيل عن المنازعة في الوعاء.
فالملزم من حقه أن يتعرض على الإنذار القانوني، في حالة إذا لم تحترم الإدارة مرحلة الإنذار بدون صائر أو أنها لم تحترم اجل الإنذار بدون صائر والمتمثل في شهر من تاريخ الاستحقاق وعشرين يوما على الأقل بعد إرسال آخر إشعار دون صائر المنصوص عليه في المادة 36 من مدونة التحصيل.
وفي هذا الإطار صدر حكم عن المحكمة الإدارية بالرباط، حيث صرحت فيه ببطلان الإنذار القانوني موضوع النزاع معللة ذلك بقولها، وحيث انه ليس بالملف ما يفيد توصل الطاعن بأي إشعار قبل توصله بالإنذار الضريبي المطعون فيه طبقا للمسطرة المقررة لذلك[134].
كما يمكن أيضا للملزم أن يتعرض على الإنذار القانوني، إذا لم يتضمن اسم مصدره أو توقيعه، وقد قضت المحكمة الإدارية بالرباط ببطلان الإنذار القانوني لكونه لا يحمل فعلا لا توقيعا ولا اسم مصدره[135].
إلا انه في بعض الأحيان قد يحرم الملزم من هذا الترتيب، بل أكثر من ذلك قد يحرم من المرحلة الرضائية للتحصيل، وذلك في حالة إذا ما قام الملزم بتصرفات قد يترتب عليها عدم إمكانية حفظ حق الخزينة المتمثل في استخلاص الدين الضريبي، وفي هذا الشأن نصت المدونة على الإنذار بمثابة حجز تحفظي، وذلك في حالة إخبار المحاسب المكلف بالتحصيل ببداية اخذ الأثاث أو الثمار خفية ويخشى من جراء ذلك ضياع ضمان الخزينة[136].
- التعرض على الحجز
يعتبر الحجز[137] حسب مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية الإجراء الفعلي في المتابعة الجبرية لتحصيل الديون العمومية، وكذلك الإجراء الناجع[138] بحيث يجعل المدين يشعر بجدية المنازعة والخطر المحدق به، ولذلك أحاطه المشرع بمجموعة من الضوابط الأساسية بمثابة شروط مسبقة وجب احترامها، وهو نفس المبدأ الذي سار عليه المشرع الفرنسي[139]
وتنفيذ هذا الإجراء من قبل إدارة الضرائب، يتطلب من المحاسب المكلف بالتحصيل في الكثير من الحالات نهج مساطر قضائية مختلفة، وإتباع مقتضيات قانونية موزعة بين قوانين ومدونات عديدة، أحيانا تكون مقدمة أمام القضاء العادي الابتدائي مثل مسطرة حجز عقار، طلب ترخيص بفتح الأبواب في إطار مسطرة الحجز.
ومع ذلك فالخزينة في إطار القيام بالمهام المنوطة بها والمتمثلة في الحجز على أموال المدين، قد تخل ببعض الإجراءات الشكلية المنصوص عليها قانون، لصحة المتابعة مما يجعل الملزم محقا في التعرض على هذه الإختلالات الشكلية والتي قد تكون لها انعكاس على وضعه الاقتصادي[140].
فالإدارة في بعض الأحيان تقع في الخطأ، حينما لا تحترم أجل الإنذار بحيث تعمد الى الحجز على أموال مستثناة قانونا من الحجز[141]، وأن هذه الأشياء من مستثنيات إمتياز الخزينة العامة وفقا لما نص عليه الفصل 1248 من ق ل ع[142].
كما أن الخزينة قد تقوم بالحجز على أموال منقولة تعود للغير، رغم حيازة المدين لها، مما قد يثير العديد من الإشكالات، خصوصا إذا كانت هناك حجة قاطعة بأنها ليست في ملك المدين، ما يتيح للملزم إمكانية رفع دعوى إستعجالية أمام المحكمة المختصة من أجل التعرض على المتابعة المتعلقة بالحجز[143].
- التعرض على البيع
بعد إيقاع الحجز وضبط المحجوز، وتعيين حارس عليه دون أن يؤدي كل ذلك الى إرغام الملزم على الأداء، يتم اللجوء الى البيع بعد مضي 8 أيام من الحجز لإستيفاء الديون الضريبية[144]، مع إمكانية الاتفاق على تقليص هذا الأجل إذا ما دعت الضرورة لذلك وباتفاق مع الملزم، وهي حالة تفرضها نوعية المحجوز القابل للتلف خلال المدة القانونية[145].
والجديد في مسطرة البيع، هو أنه يمكن أن تتم من طرف المحاسب وأيضا من طرف المدين المحجوز عليه، كما يمكن أن تعرض حسب الترتيب الذي يرغب فيه المدين، وهذه مسالة تؤكد رغبة المشرع المغربي في حماية مصلحة المدينين[146].
إلا انه وفي معرض قيام المحاسب المكلف بالتحصيل بعملية بيع المحجوزات المضمنة بمحضر الحجز التنفيذي فرض عليه المشرع مجموعة من الإلتزامات:
- إيقاف البيع بمجرد الحصول على المبلغ الكافي للتسديد[147]؛
- يمنع من المشاركة في عملية المزايدة التي قد تتم بمبادرة منه أو بمبادرة من المدين[148].
وفي حالة إخلال المحاسب المكلف بالتحصيل بإحدى الإجراءات الشكلية أو المسطرية السابق المتعلقة بمسطرة البيع، يصبح من حق المدين المحجوز عليه التعرض على إجراءات البيع التي تتم دون استصدار إذن من طرف رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المكلف بالتحصيل.
كما يمكن للغير التعرض على البيع إذا كانت المنقولات المحجوزة ليست في ملك المحجوز عليه[149]، بالإضافة الى انه يمكن للمدين كذلك التعرض على البيع الذي قد يتم لفائدة المحاسب المكلف بالتحصيل أو مأموري التبليغ والتنفيذ التابع للخزينة.
إن شروط قبول الإعتراضات الضريبية، يجري تطبيقها بصرامة اكبر في منازعات التحصيل، منها في منازعات الوعاء[150]، ومن جهة أخرى، إن الأساس القانوني للمراجعة الضريبية الإدارية، أي السبب القانوني الذي بنيت عليه لا يمكن تغييره في مرحلة المراجعة القضائية، لأنه في هذه المرحلة، لا يسمح للمتقاضين بتقديم مطالب، غير تلك التي قدموها أمام الإدارة الضريبية، ولا الإدلاء بأسباب واقعية غير تلك التي عرضوها في المرحلة الإدارية[151]، وهذا الأمر ينطبق على السواء على منازعات الوعاء والتحصيل.
من حيث المبدأ، النزاع شخصي وفردي، ووحده الملزم له مصلحة في النزاع على الضريبة المفروضة عليه[152]، وهذه القواعد الصارمة التي تتعلق بتقدير مصلحة الملزم، لها بعض الإستثناء، فيما يتعلق بتمثيل الملزم، حيث تطبق قواعد أكثر مرونة، من تلك المعتمدة في النزاعات أمام المحاكم.
الفقرة الثانية: المنازعات في وجود الإلتزام بالأداء وحول الإمتياز
كما سبقت الإشارة يمكن للمدين المتضرر من سلطة الإدارة في مجال التحصيل، أن ينازع في إجراءات التحصيل المتخذة في حقه، وفي هذه الفقرة سنتناول المنازعات في وجود الإلتزام بالأداء (أولا) ثم النزاع حول الإمتياز (ثانيا) و ثالثا: دعوى مطالبة الغير بإسترداد الأشياء المحجوزة
أولا: المنازعات في وجود الالتزام بالأداء
تتعلق المنازعة في وجود الإلتزام، بوجود الإلتزام بالأداء من عدمه، ذلك أنه قد بقوم المدين بأداء دين إما جزئيا أو كليا، ومع ذلك يقوم المحاسب المكلف بالتحصيل بمطالبته بنفس الدين المؤدى، لأجل ذلك سمح المشرع لهذا المدين أن ينازع المحاسب من أجل ما تم أداؤه من واجبات شريطة توافر ما يثبت واقعة الأداء، لذلك فالمنازعة تنصب على عدم أحقية المحاسب في المطالبة نتيجة سبق الأداء.
والواقع أن ثمة مجموعة من الإشكاليات ترتبط بهذه الحالة، لم تتطرق لها المدونة وتركتها للممارسة الإدارية، وللعمل القضائي اللاحق، وتثور في هذه الحالة مسالة المقاصة، ثم إشكالية الأداء قبل المنازعة على أساس أداءات يكون قد قام بها المدين[153].
- المقاصة[154]
جاء في المادة 237 من المدونة العامة للضرائب: ” إذا طلب احد الخاضعين للضريبة إسقاط ضريبة أو تخفيض مبلغها أو استردادها أو إرجاع رسم، جاز للإدارة خلال بحث الطلب المذكور أن تفرض على المعني بالأمر إجراء كل مقاصة فيما يتعلق بالضريبة أو الرسم المعني بين الإسقاط المبرر والرسوم التي قد لا يزال الخاضع للضريبة مدينا بها بسبب أوجه النقص أو الإغفالات غير المنازع فيها الملاحظة في تحديد وعاء أو حساب نفس الضرائب المفروضة عليه وغير المتقادمة.
عندما ينازع الخاضع للضريبة في مبلغ الواجبات المستحقة عليه بسبب نقصان أو إغفال فان الإدارة تمنح الإسقاط وتشرع حسب الحالة في تطبيق المساطر المنصوص عليها في المادة 220 أو المادة 221 أعلاه”
وعليه فان المقاصة من الناحية القانونية تعتبر إحدى الوسائل التي تنقضي بها الإلتزامات بين طرفين، لكل واحد في ذمة الآخر دين معين، لكن هل يمكن للمدين أن يطالب بتطبيق المقاصة، فلقد جرى العمل في هذا الإطار على أنه لا يقبل من المدين أن يرفض أداء ما عليه من دين عمومي بحجة أن له ديون على الدولة أيضا، وفي المقابل يمكن للإدارة أن تقرر إجراء مقاصة بين المبالغ التي تثبت أن للطالب الحق في وضعها عنه وبين المبالغ التي يزال مدينا بها[155].
وقد سار القضاء على تكريس هذه القاعدة، بحيث صدر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حالي) قرار بتاريخ 19 نونبر 1998، ورد فيه ما يلي: “… لكن حيث إن محكمة الاستئناف أجابت بعلل سليمة مستقاة من الملف، أنه مادام طالب النقض قام بخصم جزء من مبلغ الضريبة المؤداة بدعوى أن الملزم مدين سابق عن ضريبتي 78 و79 والذي كان محل منازعة، إنتهت بصدور قرار بعدم إستحقاق القابض للمبلغ المذكور، فيكون بذلك القرار المطعون فيه قد علل قضاءه مما تكون معه الوسيلة على غير أساس.”[156]
- الأداء قبل المنازعة على أساس أداءات يكون قد قام بها المدين
إن تطبيق قاعدة الأداء بغض النظر عن أي مطالبة أو دعوى في حق المدين المطالب بأداء دين سبق له أن أداه يعتبر إجحافا في حقه، قد تكون له عواقب غير سليمة على علاقة المدين بالإدارة، لأجله يتعين على هذه الأخيرة أن تحسن إستعمال سلطتها التقديرية في هذا الإطار، وتعمل على عدم مطالبته متى تثبت أمامها واقعة الأداء الكلي، علما أن الشخص المطالب بالأداء لا يعتبر مدينا بالنسبة للجزء من الدين الذي سبق أن أداه، وهنا ينتفي شرط من شروط تطبيق المادة 117 والتي تشترط وقف الأداء لتقديم ضمانات[157].
ولأجل ذلك سمح المشرع لهذا المدين أن ينازع المحاسب من أجل ما سبق أن أداه من واجبات، شريطة توافر ما يثبت واقعة الأداء، لذلك فإن المنازعة في هذا الإطار لا تنصب على صحة إجراءات التحصيل، ولكنها تتعلق بعدم أحقية المحاسب في المطالبة بدين ضريبي سبق أداؤه[158] .
قد لا ينازع المكلف في أصل وأساس الضريبة ولا في صحة الإعلام بها، وإنما يدعي أن الإدارة لا حق لها في تنفيذ الجدول الضريبي أي سند الدين، لسبب حدث بعد الإعلام به، كأن يدعي أنه دفع ما عليه وأن حق الإدارة في الإستخلاص قد إنقضى، بأحد الأسباب القانونية التي ينقضي بها الحق في المادة الجبائية كالتقادم، أو الإبراء الكلي أو الجزئي من الدين الضريبي المتضمنة لأسباب انقضاء الدين الضريبي، كما ينص على ذلك الفصل 319 من قانون الإلتزامات والعقود[159] .
والملاحظ أن أسباب انتهاء الإلتزام بالأداء الأكثر إثارة من طرف الملزمين تتعلق بتقادم الدين الضريبي، حيث تطرق المشرع لمسالة التقادم في تحصيل الديون العمومية في المواد 123 و 126 و128 من مدونة تحصيل الديون العمومية، وهو سبب لإنقضاء الحقوق المتعلقة بالذمة المالية ولا سيما الإلتزامات، إذا توانى صاحبها عن ممارستها أو أهمل المطالبة بها خلال مدة معينة يحددها القانون[160]، وهو ما أكده قانون الإلتزامات والعقود المغربي في المادة 371، حيث جاء فيه “التقادم خلال المدة التي يحددها القانون يسقط الدعوى الناشئة عن الإلتزام” وذلك كله من أجل توفير الإستقرار في المجتمع وإشاعة الإطمئنان والثقة بين أفراده[161].
حيث نصت المادة 123 من مدونة تحصيل الديون العمومية على انه: “تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب والرسوم والحقوق الجمركية وحقوق التسجيل والتنبر بمضي أربع سنوات من تاريخ الشروع في تحصيلها.”
كما أضافت نفس المادة في فقرتها الأخيرة على أنه ينقطع التقادم بكل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري يتم بمسعى من المحاسب المكلف بالتحصيل أو بإحدى الإجراءات المنصوص عليها في الفصلين 381 و382 من قانون الإلتزامات والعقود.
كما تنص المادة 125 من نفس المدونة، على أن المحاسبين المكلفين بالتحصيل الذين تركوا أجل التقادم يمر دون القيام بإجراءات التحصيل، أو الذين شرعوا فيها ثم تخلوا عنها إلى أن تقادمت الديون المعهود إليهم بتحصيلها تسقط حقوقهم تجاه المدينين، غير أنهم يبقون مسؤولين تجاه الجهات العمومية المعنية[162].
بناءا عليه، تعتبر إجراءات التحصيل الجبري من ضمن الوسائل المهمة في قطع التقادم الضريبي، وقد يحدث من الأسباب ما يعترض سريان التقادم فيزيل سريان التقادم، فيزيل كل أثر له ويكون سببا لقطعه، كما يمكن أن يحدث من الأسباب ما يعطل تحقيقه فيكون سببا لوقفه، ونورد على سبيل المثال قرار عدد 143/2 [163] الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض. بتاريخ 03/10/2016 والذي جاء في حيثيات تعليله: “… لكن حيث إنه إذا كان الإشعار بدون صائر يعتبر إجراء من إجراءات التحصيل، فإنه لترتيب أثره القانوني في قطع التقادم يتعين أن يبلغ الى المدين المعني بالضريبة المنازع فيها…. فإنه في غياب إدلاء الطاعنة بما يفيد تبليغ المطلوب في النقض بالإشعار بدون صائر المذكور، تكون المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بقضائها بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإبطال الضريبة المطعون فيها لتقادم إجراءات تحصيلها، قد بنت قضاءها على أساس قانوني سليم….”.
وهذا يطرح تساؤلات حول كفاءة الجهاز القائم على عمليات الإستخلاص ومدى حرصه على صيانة حقوق الخزينة[164].
ثانيا: النزاع حول الإمتياز
الإمتياز هو حق أولوية يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين حسب الفصل 1243 من ق ل ع، ويقتضي أن ينشأ بواسطة المشرع حيث لا ضريبة بدون نص، فالقواعد العامة المعمول بها في القانون المدني تنص على أنه “لا إمتياز بدون نص قانوني”، ما يعني أن الإمتياز حق يعطي صاحبه الأولوية على باقي الدائنين في إستيفاء دينه، وقد نص الفصل 1244 من ق ل ع على أن “الدين الممتاز مقدم على كافة الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهون رسمية”.
وسبب منح الإمتياز لديون دون أخرى يرجع إلى صفة الدين وأسبابه، فديون الدولة اعتبرت ممتازة نظرا لكونها الممول الرئيسي لخزينة الدولة، كما أن بعض الديون جعلت ممتازة نظرا لإعتبارات إنسانية كما هو الحال بالنسبة للمبالغ المستحقة للخدم والعمال لأنها لازمة لمعيشتهم.
وقد جاءت الإمتيازات المخولة للخزينة في الباب السادس تحت عنوان الضمانات والإمتيازات، وذلك في المواد من 105 إلى 112، وإنطلاقا من هذه الفصول وفي إطار تحصيل الديون العمومية والضرائب والرسوم، تتمتع الخزينة العامة إبتداءا من تاريخ الشروع في التحصيل بإمتياز على الأمتعة وغيرها من المنقولات التي يملكها المدين أينما وجدت، وكذا المعدات والسلع الموجودة في المؤسسة المفروضة عليها الضريبة والمخصصة لإستغلالها، كما تتمتع الخزينة علاوة على ذلك بإمتياز خاص يمارس على المحاصيل والثمار والأكرية وعائدات العقارات المفروضة عليها الضريبة أيا كان مالكها.
ويمارس إمتياز الخزينة بالنسبة للضرائب والرسوم قبل جميع الإمتيازات العامة أو الخاصة الأخرى باستثناء:
- الإمتيازات الأربعة الأولى المنصوص عليها في الفصل 1248 من ق ل ع[165]
- الإمتياز الناجم عن المادة 490 لفائدة عمال وموردي الأشغال العمومية من قانون المسطرة المدنية؛
- الامتياز المخول لحامل سند التخزين بموجب المادة 349 من مدونة التجارة.
وهكذا وفي حالة تزاحم إمتياز الخزينة لتحصيل الضرائب والرسوم مع إمتيازات أخرى، تعطى الأسبقية لإمتياز الخزينة على جميع تلك الإمتيازات ما عدا الإستثناءات التي سبق الإشارة إليها أعلاه.
غير أنه غالبا ما تحدث منازعات حول ترتيب الإمتيازات المنصوص عليها في المادة 107 من مدونة التحصيل، بحيث لا يكون النزاع بين الإدارة المكلفة بالتحصيل والملزم، وإنما ينتقل بين دائني هذا الملزم، حينما يتدخلون بواسطة التعرض على أمواله، لذلك فغالبا ما يثور النزاع حول من له الأسبقية في إستيفاء ديونه هل الخزينة العامة للمملكة أم باقي الدائنين؟
وإذا كان هذا الأمر لا يطرح أي إشكال بالنسبة للخزينة فيما يتعلق بقواعد الإمتياز المطبقة على المنقولات، مادام أن المشرع كان واضحا بخصوص هذه المسألة[166]، فإن الإشكال الذي يظل عالقا هو مصير الديون الضريبية المترتبة على عقار مملوك لمدين بضرائب لفائدة الخزينة.
ثالثا: دعوى مطالبة الغير بإسترداد الأشياء المحجوزة
أعطت المادة 121 من مدونة تحصيل الديون العمومية، الحق للغير في منازعة الإدارة لإسترداد الأشياء المحجوزة، والتي تكون في ملكيته وتكون موضوع حجز من طرف هذه الأخيرة لتحصيل دين ضريبي في ذمة المدين الذي قد تكون له علاقة بهذا الغير وقد لا تربطه به أية علاقة.
فالمحاسب في إطار تحصيل الديون العمومية، قد يلجأ إلى الحجز على الأموال الموجودة تحت حيازة المدين على أساس أنه المالك لهم، ثم يتبين أن الأمر لا يعدو أن يكون حيازة فعلية من قبل هذا المدين لأشياء مملوكة للغير، مما يعطي الحق لهذا الغير في منازعة الإدارة لإسترداد المحجوز الذي يكون في ملكيته، كأن يقوم أحد الأزواج بإدعاء أنه المالك الوحيد لمنقولات وسلع ومعدات وقع عليها الحجز من طرف المحاسب، إلا أن مطالبة الغير بالأشياء المحجوزة تتطلب الإدلاء بالأوراق والمستندات المبنية عليها دعوى الإسترداد، لأنه كثيرا ما يدعي الغير أنه هو المالك الوحيد للمال المحجوز، لكن كثيرا ما يصادق المدين على هذا الإدعاء تواطئا مع المدعي.
المدين في هذه الحالات لا يعارض أصل الدين ولا صحة السند التنفيذي ولا حق للإدارة في التنفيذ ولكنه يعارض التنفيذ على مال المعين فقط[167].
ويندرج هذا النوع من المطالبات في إطار المنازعات الموضوعية التي تثار بمناسبة التنفيذ، والتي ألزم فيها المشرع المغربي المعني بالأمر بتقديم تظلم إداري أولي أمام الرئيس الذي ينتمي إليه المحاسب المكلف بالتحصيل، وهو نفس المنحى الذي سار فيه العمل القضائي[168].
الفرع الثاني: المنازعات المتعلقة بإيقاف التنفيذ
أبان التطبيق العملي والفعلي لمقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية أن هناك ثغرات تعتري إجراءات التحصيل، مما جعل القضاء يتدخل لتحليل ما إستعصى على الأطراف وبيان الطريق السوي للمنازعة في تحصيل الضريبة، وهو ما سنتناوله من خلال هذا الفرع الذي سنتطرق فيه إلى موقف القانون من مسطرة إيقاف التنفيذ من خلال قواعده الخاصة (فقرة أولى) ثم العامة (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: موقف القواعد الخاصة من مسطرة إيقاف تحصيل الدين الضريبي
جعل المشرع من مدونة تحصيل الديون العمومية والمدونة العامة للضرائب المرجع الأساسي لأجرأة مسطرة إيقاف تنفيذ الدين الضريبي من خلال مجموعة من الشروط والشكليات، إلا أن هذه القوانين وعلى رأي معظم الفقهاء والباحثين في المجال، يكتنفها الغموض واللبس، مما يؤدي إلى طرح العديد من التساؤلات بهذا الخصوص من قبيل شرعية هذا الإجراء والجهة المختصة للبت في المنازعة فيه.
فكيف إذن تنظر هذه القواعد الخاصة إلى هذه المسطرة؟
أولا: موقف مدونة تحصيل الديون العمومية
وظفت معظم المحاكم الإدارية بالمغرب فيما يخص مسألة إيقاف تنفيذ الدين الضريبي حيثيات تفتقد إلى أسس قانونية واضحة نذكر على سبيل المثال ما ورد في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بالرباط[169] “إن من باب حسن العدالة الأمر بإيقاف إجراءات الحجز التنفيذي المنصب على منقولات المدعي إلى غاية البت في دعوى الموضوع تفاديا إلى إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في حالة صدور حكم في هذه الدعوى يقضي ببطلان تلك الإجراءات” وهناك حكم آخر صدر عن نفس المحكمة جاء فيه ” لئن كان إيقاف تنفيذ الأمر بالتحصيل يقتضي تقديم ضمانة للخزينة العامة للمملكة تكون كافية لتغطية الدين الضريبي، فإن المحكمة الإدارية يمكنها وفي إطار تحقيق العدالة، الأمر بإيقاف بيع المنقولات المحجوزة حجزا تنفيذيا إلى حين البت في موضوع الطعنالمقدم أمامها”. وهذا مرده كون المشرع لم ينظم هذا الإجراء بقوانين موحدة، مما يفتح المجال أمام المحاكم للعمل بشروط غير موحدة، إلا أن هذا التضارب في المواقف والتوجهات قد أثر بشكل واضح على توجه محكمة النقض التي عملت على التنصيص على توحيد شروط إيقاف تنفيذ الدين الضريبي، والتي حددتها في شرط الجدية[170] وشرط الإستعجال[171] وشرط تقديم الضمانة[172].
- من خلال المادة 117 من م.ت.د.ع
تطرقت مدونة تحصيل الديون العمومية من خلال المادة 117 لثلاث شروط من أجل قبول طلب إيقاف تنفيذ الدين الضريبي والتي حددتها في:
- أن يكون الدين متنازعا فيه إما كلا أو بعضا؛
- أن يكون الطالب قد رفع مطالبته داخل الآجال المنصوص عليها في القانون، بحيث إنه إذا كان النزاع منصبا على إجراءات تحصيل الدين فإن الملزم حينها يكون ملزما بسلوك مسطرة المطالبة المنصوص عليها في المادة 120؛
- أن يكون قد كون ضمانات لتأمين تحصيل الدين المتنازع عليه وقد حددت المادة 118 من المدونة بعض أشكال الضمانات الممكن عرضها على المحاسب المكلف بالتحصيل.
لذلك فإن مقتضيات المادة 117 لا تقرر جعل أداء الضريبة محل النزاع شرطا لقبول إيقاف التنفيذ، وإنما تخاطب المحاسبين المكلفين بالتحصيل بمتابعة التحصيل بالرغم من كل مطالبة أو طعن قضائي أو إداري، وهو أمر بديهي في إطار المنازعات الجبائية على وجه الخصوص والتي تؤطرها قاعدة إنعدام الأثر الموقف للطعون.
من جهة ثانية وبالتفكير العقلاني السليم ودون الرجوع إلى مقتضيات المادة 117، فإن جعل أداء الضريبة محل النزاع شرطا لقبول دعوى إيقاف تنفيذها يعتبر أمرا لا يتوافق ومقتضى العقل، لأنه إذا تم أداء الضريبة فلا حاجة للطلب إلى إيقاف تنفيذها أصلا، لأن الغاية الأساسية من الإيقاف هي التحلل من الدين مؤقتا إلى غاية البت في أصل النزاع.[173]
أما الفقه فقد سار على عكس ما أتت به المادة 117 فمن خلال شرح الفقرة الأولى من الفصل 15 من ظهير 21 غشت 1935 التي كانت سارية المفعول قبل دخول مدونة التحصيل حيز التنفيذ والتي كانت تقابلها المادة 117 بما يلي: “نعتقد … أنه إذا كان الفصل 11 من ظهير 1935 يحتم على القباض عدم تأجيل إستخلاص الضرائب وما في حكمها، فإن هذا المقتضى يخصهم بالدرجة الأولى بمعنى أن النص يتوجه إليهم ما داموا مكلفين بالإستخلاص، وبالتالي فإن ذلك لا يشكل قاعدة ملزمة بالنسبة للمحكمة، بمعنى أن الملزم بالضريبة حينما يقدم المنازعة أمام المحكمة فهي تنظر في مدى جدية هذه المنازعة من عدمها، ولا تنظر في واقعة الأداء هل تم أم لم يتم، هذا الأداء لا يعتبر شكلية من شكليات إقامة الدعوى، كلما كان هناك هو أن الموظف المكلف بالإستخلاص لا يلتفت إلى ما قام به الملزم من منازعة، بل يتابع عملية الإستخلاص بكيفية معتادة وكأن هذه المنازعة لم تقدم أصلا ما دام ليس لها أي أثر واقف.”[174] مما يعني بأن أداء الضريبة لا يمكن أن يكون شرطا من أجل إقامة دعوى إيقافها.
علاوة على ذلك فإنه بإستقرائنا للفقرتين الثانية والثالثة من المادة 117 بحيث جاء فيها بهذا الخصوص ما يلي:” عند عدم تكوين ضمانات أو عندما يعتبر المحاسب المكلف بالتحصيل أن الضمانات المعروضة عليه غير كافية، فإنه يتابع الإجراءات إلى حين إستيفاء الدين.”
مما يعني بأن المدين لا يكفي فقط أن يقدم الضمانات لكي يقبل طلبه القاضي بإيقاف إجراءات إستخلاص الديون الضريبية، وإنما عليه أن يكونها بالفعل وأن تكون واقعية، ويجب عليه أن يبدي إستعداده لأدائها بأن يقدم كفالة بنكية أو سندات تخزين أو أن يسجل لدى المحافظة العقارية رهنا رسميا على عقاره المقدم كضمانة، أما في حالة الإخلال بتلك الشروط فإن المحاسب المكلف بالتحصيل له الحق في الشروع في إستخلاص ديونه التي قدم الملزم الطلب بشأنها، وهذا الإتجاه عابه المشرع الفرنسي حيث إن هذا الأخير لم يجعل من تكوين الضمانات محل نزاع في حالة ما إذا تقدم الملزم بعرضها على أساس أنه عازم على تكوينها مع سير الإجراءات[175]، وبالتالي فعلى المحاسب أن لا يعطي للضمانات هاته الأهمية الكبرى لأنه في كل الأحوال الملزم ليس عليه أن يكونها حتى يقبل طلب وقف الأداء شكلا، وبالتالي فإن المحاسب يجب عليه أن يوقف الأداء وبشكل قانوني أثناء طلب الملزم ذلك، لأنه حينها الضريبة تصبح غير مستحقة.
وبخصوص تقديم الضمانة، فإن القضاء ربط المطالبة بإيقاف التنفيذ بضرورة سلوك مسطرة الطعن الإداري لدى القابض المالي لإيقاف الأداء بعد تكوين الضمانة الكفيلة بإستخلاص الدين العمومي كما هي واردة في الفصل 118 من مدونة التحصيل[176].
- من خلال المادة 124 من مدونة التحصيل
لقد جاء في نص المادة 124 من مدونة تحصيل الديون العمومية ما يلي: “لا يحق لأي سلطة عمومية أو إدارية أن توقف أو تؤجل تحصيل الضرائب والرسوم والديون الأخرى، أو أن تعرقل سيره العادي تحت طائلة إثارة مسؤوليتها الشخصية المالية، وفق الشروط المحددة في الظهير الشريف المؤرخ في 8 شعبان 1974 ( 2 أبريل 1955) بشأن مسؤولية المحاسبين العموميين.”
فالإدارة هنا توجه الخطاب إلى القضاء لمنعه من الحكم بإيقاف تنفيذ إستخلاص الديون الضريبية، إلا أنه من خلال العديد من القراءات التي قام بها الباحثين[177] في المجال فإن هناك من إتجه إلى القول بأن المادة ليست موجهة للجهاز القضائي على إعتبار التأويلات الآتية:
- لم تحدد المادة 124 من مدونة التحصيل بصريح العبارة الجهة المقصودة من منع الإيقاف أو التأجيل، وبالتالي ليس هناك من مبرر يجعلنا نجزم بأن الخطاب موجه للقضاء.
- بالرجوع إلى المادة 11 من ظهير 21 غشت 1935 والتي حلت محلها المادة 124 من المدونة الجديدة نجد بأن هذه الأخيرة كانت أكثر تحديدا للمخاطب بحيث كانت تتوجه بالخطاب إلى الموظفين الإداريين.[178]
- أما الأستاذ محمد قصري[179] فيرى بأن المادة تخص فقط الموظفين أو السلطة الإدارية دون السلطة القضائية.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فهناك العديد من الباحثين المناهضين لتبني مسطرة إيقاف تنفيذ الدين الضريبي، والذين يدعون بأن الشروط التي تقوم عليها هذه المسطرة هي من مخلفات الإستعمار الفرنسي وبالتالي ضرورة تقريرها بنص تشريعي[180]، وهو ما لا يتوفر بهذا الخصوص، وبالتالي صحة إدعائهم القاضي بإنعدام الأساس القانوني لهذه المسطرة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المشرع بعد إحداث القانون المنظم للمحاكم الإدارية قد جاء بمادة تنظم إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية والتي ترتبط أساسا بمنازعات تجاوز السلطة، وبالتالي سكوت المشرع عن المنازعات الجبائية التي ترتبط بالقضاء الشامل، مما يعني إستبعاد مسطرة إيقاف التنفيذ من الميدان الجبائي[181].
وإنطلاقا مما سبق فإننا نخلص إلى غياب السند القانوني لمسطرة إيقاف التنفيذ[182] وهو ما يدافع عنه العديد من الباحثين تبعا لمجموعة من الإعتبارات:
- إن القاعدة في أداء الدين الضريبي هي الأداء داخل الأجل بغض النظر عن أي شكاية أو مطالبة، وبالتالي ففي حالة ورود حالة خاصة أو إستثناء فعلى المشرع أن يشرعها بنص قانوني صريح وواضح، والإستثناء الوحيد المذكور هو المادة 117 من مدونة التحصيل، إلا أنه في نفس الوقت هذا الإتجاه لم يبني موقفه على أساس قوي، بحيث أيضا ليس هناك نص قانوني صريح يلغي إمكانية طلب وقف التنفيذ[183]، فلما لا يعمل القضاء على سد هذا الفراغ الذي نسي أو تناسى المشرع التطرق له بهذا الخصوص[184] وذلك إعمالا لمفهوم المخالفة للمبدأ الذي يقضي بأنه لا إجتهاد مع وجود نص قانوني، وبالتالي فإن هذا الرأي يكون مجانبا للصواب.
- أن البعض[185] اتجه إلى إعتبار أن المادة 19 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية غير كافية لإعطاء الإختصاص للقضاء الإستعجالي للبت في طلب إيقاف التنفيذ، ومرد ذلك كون هذا الطلب لا يتمتع بالطابع الإستعجالي والوقتي وإنما هو مسألة موضوع، مستندين في ذلك على شرط عدم المساس بجوهر النزاع الذي يعتبر ركيزة القضاء الإستعجالي، وبالتالي فإن النظر في طلب وقف التنفيذ قد يمس بأصل الحق.
لكن إلى أي حد هذا الطرح يعتبر صحيحا؟ فبالرجوع إلى تحديد مفهوم أصل الحق[186]، نجد بأن المنحازين إلى هذا الطرح لم يميزوا بين المساس بأصل الحق وبين تفحص وتحسس ظاهر المستندات والوثائق المقدمة للقاضي الإستعجالي من أجل تبيان جدية المنازعة، الشيء الذي لا يمت بصلة للمساس بجوهر النزاع، بالإضافة إلى أن عدم المساس بأصل الحق يتم التحقق منه إنطلاقا من منطوق الأمر وليس من حيثياته، لذلك فليس بالضرورة إذا تفحص القاضي المستندات نقول بأنه مس بجوهر النزاع.
ولئن كان القضاء قد إستقر على كون المطالبة بإيقاف تنفيذ الدين مشروطة بسلوك مسطرة التظلم الإداري لدى القابض لإيقاف الأداء بعد تكوين الضمانة الكفيلة بإستخلاص الدين الضريبي وفق مقتضيات المادة 118 من مدونة التحصيل، إلا أنه إستثنى الحالة التي تكون فيها المنازعة جدية شريطة توفر حالة الإستعجال كذلك إذا كانت المنازعة جدية وشاملة لمبلغ الدين[187].
ثانيا: موقف المادة 242 من المدونة العامة للضرائب
دخلت المادة 242 من المدونة العامة للضرائب حيز التنفيذ إبتداء من فاتح يناير 2009 للإعتراف ولأول مرة بمسطرة إيقاف التنفيذ، وفي نفس الوقت للرد تشريعيا على العمل القضائي الذي يبرر الأمر بإيقاف تنفيذ الدين الضريبي، كون الفروض الإستدراكية الناتجة عن المراجعة تأتي خارج المنظومة الضريبية المغربية، وهي بالتالي حظرت إيقاف تحصيل الديون المترتبة عن الضرائب والرسوم والواجبات المستحقة إثر مراقبة ضريبية وذلك بالرغم من جميع الأحكام المخالفة إلا بعد تشكيل الضمانات الكافية المنصوص عليها بالفصل 118 من مدونة التحصيل.
إلا أن المشرع من خلال المادة 242 قد وضع نفسه أمام إحتمال ثاني وهو شرعنة إيقاف التنفيذ، بحيث إنه بربطه بين إيقاف التنفيذ وضرورة تقديم الضمانة قد قدم إعترافا غير مباشر بالمسطرة، وبالتالي عدم جدوى أي نقاش سيقام لاحقا عن قانونية هذا الإجراء.
وتأكيدا لموقف المشرع فقد جاء في أمر لرئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ما يلي:
” وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والمادة 242 من المدونة العامة للضرائب.
… نأمر بإيقاف إجراءات تنفيذ تحصيل الضريبة.”
ونظرا لما تطرحه هذه المسطرة من إشكالات للباحثين فقد تعرض لها الفقه والقضاء بموقفين متناقضين:
- الإتجاه الأول: يعتبر بأن المادة تتعلق بالضريبة المبنية على مراقبة قانونية غير منازع في إجراءاتها والمحتسبة على تقديرات اللجن الضريبة، إلا أننا نعيب على هذا التوجه، وذلك لكون المشرع لم يميز في المادة بين الضريبة المترتبة عن مراقبة منازع في إجراءاتها أو غير منازع في إجراءاتها، وبالتالي ففي هذه الحالة لا يجب التمييز مادام تم السكوت عليه من طرف المشرع، وفي هذا الإطار فبالنظر إلى الأحكام الواردة بهذا الشأن نجد بأنها تكون مجانبة للصواب وبالتالي تعسفية في حق المدعي.[188]
- الإتجاه الثاني: هذا الإتجاه ذهب إلى إعتبار أن المادة تخاطب المحاسبين الإداريين المكلفين بالتحصيل دون القضاء، إلا أن ذلك يعتبر غير صحيح لأننا بالنظر إلى المدونة العامة للضرائب، نجد بأن المادة 242 جاءت بالباب المتعلق بالمسطرة القضائية وبالتالي فهي تعني القضاء، بالإضافة إلى ذلك فالمشرع من خلال المادة 117 قد ميز بين المسطرة الإدارية والمسطرة القضائية، وبالتالي فهذا الإتجاه مبني على أساس خاطئ مما سيؤدي حتما إلى عدم الحكم بالصواب في المنازعات القضائية المتعلقة بهذا المجال.
الفقرة الثانية: موقف القواعد العامة من إيقاف تنفيذ الدين الضريبي
إن القانون الضريبي يتميز بالدقة والتعقيد، مما يزيد من صعوبة القاضي في ضبطه وإستيعاب فلسفته القانونية، وما يزيد الأمر حدة إحالة هذا الأخير تنظيم العديد من الإجراءات على قانون المسطرة المدنية، كون المغرب لم يتوفر على قانون ضريبي إلا بعد صدور كتاب المساطر الجبائية سنة 2005، الشيء الذي زاد من حتمية الارتباط الدائم بين القانون الضريبي وفروع القانون الأخرى.
ولعل أهم القوانين التي يلجأ إليها المشرع من أجل تنظيم وتقنين مسطرة إيقاف تنفيذ الدين الضريبي، هي قانون المسطرة المدنية والقانون المحدث للمحاكم الإدارية.
فما موقف هذه القوانين من إيقاف تنفيذ الدين الضريبي؟
أولا: المادة 24 من قانون المحاكم الإدارية
تنص المادة 24 من قانون المحاكم الإدارية على أن: ” للمحاكم الإدارية أن تأمر بصورة إستثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها بهدف إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة.”
فمن خلال هذه المادة حدد المشرع طريقا خاصا لإيقاف تنفيذ القرارات الإدارية المطعون فيها بسبب تجاوز السلطة، ومن تم فقاضي المستعجلات الإداري لا يجوز له التعدي على إختصاصات محكمة الموضوع حتى ولو لم يرفع الطالب دعوى الإلغاء أمامها، مادام أن الطلب يدخل في إختصاص المحكمة وبهذا الخصوص ورد أمر قضائي عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط جاء فيه:
” حيث إن طلب المدعي يهدف إلى إيقاف إجراءات تحصيل وتنفيذ الضرائب المفروضة عليه خلال السنوات 1987 إلى 2002 حسب ما هو مفصل أعلاه.
لكن حيث إن المدعي تقدم بمقال للمنازعة في الضرائب المذكورة أمام قضاء الموضوع حسب ما هو ثابت بنسخة المقال المرفقة بالمقال الإستعجالي، وأن الإختصاص للبت في طلبات إيقاف تنفيذ المقررات الإدارية وكذا الأوامر بتحصيل الضرائب ينعقد لمحكمة الموضوع وليس قاضي المستعجلات، وذلك حسب مفهوم المادة 24 من القانون 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية، وأن الهدف من ذلك هو تمكين المحكمة من الوقوف على مدى جدية طلب إيقاف التنفيذ من خلال دعوى الموضوع المرفوعة أمامها وحيث إنه أمام هذه المعطيات يتعين التصريح بعدم إختصاصنا –بصفتنا قاضيا للمستعجلات- للبت في الطلب.[189]“
فإلى أي حد يعتبر هذا الأمر القضائي صحيحا؟
بالنظر إلى ما جاء به حكم قضائي آخر للمحكمة الإدارية بالرباط “الإيقاف يعني إيقاف أضرار في أي وقت وقبل الفصل في الدعوى الموضوعية، وأن الهدف من الإيقاف هو –غل يد الإدارة والإستمرار في تنفيذ القرار أو نتائجه إلى حين إفراغ الخصومة من مضمونها.
وبالنظر إلى الطبيعة الإستعجالية للأمر بوقف التنفيذ نجعله حكما قضائيا مشمولا بالتنفيذ المعجل، وبالتالي من خلال الحكمين نجد بأن هناك إختلافا جليا في تفسير مقتضيات هذه المادة، الأمر الذي يجعل لها إيجابيات من قبيل كون هذه المادة تحمي الملزم من تعسف الإدارة وكذلك حمايته من أخطاء القاضي في حكمه في الخصومة، وفي نفس الوقت فهذه المادة لها مجموعة من السلبيات وخصوصا بالنسبة لمن يفسرها بالطريقة المتشددة، حيث إنهم يكونوا متشددين في منح القرار بإيقاف تنفيذ الدين الضريبي، لأنهم يشترطوا تقديم طلب إيقاف تنفيذ القرار الإداري متى كان النزاع المثار بشأن القرار المراد إيقاف تنفيذه معروضا أمام الجهة نفسها.
ثانيا: موقف المادة 19 من قانون المحاكم الإدارية
إن رئيس المحكمة الإدارية يختص بإصدار أوامر وقتية بإيقاف إجراءات تحصيل الديون الضريبية، وذلك عملا بمقتضيات المادة 8 من القانون 90/41، كما أن المادة 19 منحته صلاحيات أخرى واسعة للبت في الطلبات الوقتية والتحفظية كلما كانت المحكمة الإدارية مختصة بالنظر في أصل النزاع[190].
إلا أن الإدارة الضريبية كانت تنفي الإختصاص عن القاضي الإستعجالي فيما يخص البت في طلبات إيقاف تنفيذ الدين الضريبي، ومرد ذلك كون الشروط[191] التي جاءت بها مدونة تحصيل الديون العمومية لا تتوافق والشروط التي وضعها القضاء بإحالة منه على القواعد العامة المتمثلة في المسطرة المدنية[192].
كما وجدت محكمة النقض السبيل إلى التمييز بين ما هو من إختصاص الإدارة وما هو من إختصاص القضاء، حيث بينت بأن القواعد الخاصة لم تنظم هذا الإجراء وبالتالي يجب الرجوع إلى القواعد العامة، والمتمثلة في المادة 19 من قانون المحاكم الإدارية.[193]
وفي نفس الإتجاه فقد إعتبر البعض بأن “القضاء الإستعجالي فرع من أصل، فإذا كانت المحكمة مختصة بالبت في موضوع المنازعة، فكيف ننكر عن القضاء الإستعجالي الذي هو فرع منها إختصاصه بالبت في الطلبات الوقتية والتحفظية ذات الصلة بنفس الموضوع[194].”
يتضح من خلال ما تقدم أن موقف القانون من إجراء إيقاف تنفيذ الدين الضريبي، سواء تعلق الأمر بالقواعد العامة أو الخاصة، أن المشرع ترك فراغا كبيرا جعل من الملزم بالدين في خطر حقيقي، وخصوصا فيما يتعلق بتعسف الإدارة، والتي تجعل من إغناء الخزينة العامة هدفها الوحيد متناسية بذلك وضعية المدين، إلا أن القضاء من خلال عمله المكثف بهذا المجال جعله يلم بهذا الإجراء، بل وأكثر من ذلك فقد عمل على تنظيمه من خلال نصوص قانونية أهمها القانون المحدث للمحاكم للإدارية بإحالة على قانون المسطرة المدنية.
[1] – محمد قصري، دور القاضي الإداري في تفعيل الرقابة على مسطرة فرض الضريبة وتصحيح وعائها، المنازعات الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السادسة ، مطبعة الأمنية-2007، ص: 184.
[2] – عبد الرحمان أبليلا، الاثباث في المادة الجبائية بين القواعد العامة وخصوصيات المادة، على ضوء الممارسة والاجتهاد القضائي، مطبعة الأمنية طبعة 2013 ، ص121 .
[3] – المحفوظ أشكر، التوازن بين حقوق الملزم وسلطات الإدارة في إطار المساطر الضريبية، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري ( المدرسة الوطنية للإدارة)، السنة الجامعية 2004_2005، ص:44.
[4] – قرار عدد 178 صادر بتاريخ 21 يناير 2016، ملف رقم 2015/7209/483.
– أنظر المواد المتعلقة بتقديم الإقرار (الباب الرابع و الخامس).[5]
[6]– المحفوظ أشكر، التوازن بين حقوق الملزم وسلطات الإدارة في إطار المساطر الضريبية، مرجع سابق، ص: 45.
[7]– عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مطبعة دار النشر المغربية، طبعة 2002، ص:187.
[8]– قرار عدد 619، صادر بتاريخ 29 أبريل 2015، ملف رقم 19/72019/2015.
[9] – أنظر الآجال المنصوص عليها في المواد ( 20،82،83،84،85،110،111،127،150) من المدونة العامة للضرائب.
[10]– محمد فصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات، مجلة المعيار، مطبعة التلمساني، عدد 33، 2003، ص:19.
[11]– قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 9_1_1981 مشار إليه بكتاب رشيدة صابر و سفيان ادرويش، تصحيح الأساس الضريبي- دراسة مقارنة ــ دار القلم الرباط، الطبعة الأولى، ماي 2002، ص: 15.
[12] – كريم الحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية، العدد 21، مكتبة الرشاد، السطات، طبعة 2013، ص:38.
[13]– قرار عدد 619، صادر بتاريخ 29 أبريل 2015، ملف رقم 19/72019/2015.
[14]– إيمان حموشي، رقابة القضاء الإداري على مسطرة الفرض الضريبي، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، لسنة 2013_2015، ص: 12.
[15] – عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص:189.
[16]– محمد فصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات ،مرجع سابق، ص:12.
[17]– حكم إدارية وجدة بالملف رقم 00/185 بتاريخ 2000/10/3 قضية شوقي بنصالح ضد إدارة الضرائب، أورده محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات، مرجع سابق، ص: 13.
– وفي قضية أخرى عرضت على القضاء الإداري تتعلق بإنكار التوقيع الوارد في التصريح التصحيحي المتعلق بالاستفادة من نظام الضريبة المنصوص عليه بالفصل 10 مكرر من قانون المالية لسنة 1998 ـ 1997 ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة[17] إلى الأمر بإجراء خبرة لتحقيق التوقيع الوارد على التصريح المدلى به وبعد أن تبين لها من خلال تقرير الخبرة أن التوقيع الوارد على الإقرار غير مطابق لتوقيع الملزم قضت بإلغاء مسطرة فرض الضريبة العامة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة.
حكم إدارية وجدة، 98/192 في قضية ورثة بن بوزياد ضد إدارة الضرائب، صادر بتاريخ 2000/12/16.
[18] – قرار عدد 498، المؤرخ في 2006/06/14، ملف عدد 2002/2/4/1115.
[19] – عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص:190.
[20] – ويعني دفع المبالغ المحجوزة في المنبع، أن المستخدم الذي يقطع لعماله مبلغ الضريبة من أجورهم، ويدفعها بدوره إلى الخزينة.
[21]– محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات، مرجع سابق،ص:20.
[22]– عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص:192.
[23]– القرار عدد 399 صادر بتاريخ 1 / 05 / 2005 ملف اداري عدد 3487 / 4 / 2 / 2003أورده محمد السليماني، مسطرة فرض الضريبة بصورة تلقائية من خلال القانون الضريبي وأحكام القضاء الإداري.
[24] – حكم عدد 172 بتاريخ 7 / 4 / 2004 ملف رقم . 1107 / 2003
[25] – أنظر المادة 211 من المدونة العامة للضرائب.
[26] – حكم عدد 357 بتاريخ 1 / 7 / 98 ملف رقم1805 / 97 .
[27] – عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص:190.
[28] – عبد الرحمان أبليلا، الإثبات في المادة الجبائية، مرجع سابق، ص:125.
[29] – حكم عدد 434 صادر بتاريخ 11/11/1998 ملف رقم 97/1976.
[30] – حكم صادر بتاريخ 16/03/2005، ملف رقم 04/5232، أورده محمد السليماني، مسطرة فرض الضريبة بصورة تلقائية من خلال القانون الضريبي و أحكام القضاء الإداري، مرجع سابق، ص:11.
– كريم الحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص: 36[31]
[32]– عبد الرحيم التجاني، المنازعات الجبائية في مجال الضرائب المباشرة بالمغرب ـ الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات نموذجا ـ أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة علم الإدارة والقانون الإداري،، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ أكدال ـ الرباط، الموسم الجامعي 2013/2012، ص:191.
– عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص:197[33]
_ محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات، مرجع سابق، ص: 23[34]
[35]_قرار عدد 252 الصادر بتاريخ 10 ماي 2012، الملف الإداري عدد 2011/2/4/865.
[36]– تنص على ما يلي: I ” يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلاته المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه إما برسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم أو بالتسليم إليه بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لإدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإدارية، يجب أن يقوم العون المبلغ بتقديم الوثيقة المراد تبليغها إلى المعني بالأمر في ظرف مغلق.
يثبت التسليم بشهادة تحرر في نسختين بمطبوع تقدمه الإدارة وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني بالأمر. يجب أن تتضمن شهادة التسليم البيانات التالية: اسم العون المبلغ وصفته؛ – تاريخ التبليغ؛ – الشخص المسلمة إليه الوثيقة وتوقيعه.
وإذا لم يستطع أو لم يرد الشخص الذي تسلم التبليغ توقيع الشهادة، وجب على العون الذي قام بالتسليم أن يشير فيها إلى ذلك. وفي جميع الحالات، يوقع العون المذكور الشهادة ويوجهها إلى مفتش الضرائب المعني بالأمر.
إذا تعذر القيام بالتسليم المذكور نظرا لعدم العثور على الخاضع للضريبة أو الشخص النائب عنه، وجبت الإشارة إلى ذلك في الشهادة التي توقع من طرف العون و ترجع إلى المفتش المشار إليه في الفقرة السابقة. تعتبر الوثيقة مبلغة بصورة صحيحة:
1) إذا وقع تسليمها:
– فيما يخص الأشخاص الطبيعيين إما للشخص المعني وإما بموطنه لأقاربه أو مستخدمين عنده أو لكل شخص آخر يسكن أو يعمل مع الموجهة إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة، بعد انصرام أجل العشرة 10 أيام الموالية لتاريخ رفض التسلم؛
– فيما يخص الشركات والهيئات الأخرى المشار إليها في المادة 26 أعلاه إلى الشريك الرئيسي أو ممثلها القانوني أو مستخدميها أو أي شخص آخر يعمل مع الخاضع للضريبة الموجهة إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة، بعد انصرام أجل العشرة 10 أيام الموالية لتاريخ رفض التسلم.
2) إذا تعذر تسليمها إلى الخاضع للضريبة بالعنوان المدلى به إلى مفتش الضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسلم أو بواسطة أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإدارية و تم إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به أو انتقل من العنوان أو عنوان غير معروف أو غير تام أو أماكن مغلقة أو خاضع للضريبة غير معروف بالعنوان، في هذه الحالات يعتبر الظرف مسلما بعد انصرام أجل العشرة 10 أيام الموالية لتاريخ إثبات تعذر تسليم الظرف المذكور.
II ) يمكن مباشرة عملية التبليغ الواردة في البند I أعلاه، بالطريقة الإلكترونية، بشكل مواز في العنوان الإلكتروني المدلى به للإدارة الجبائية من طرف الملزم المشار إليه في المادة 145 – X أعلاه”.
[37]– قرار عدد 150، صادر بتاريخ 31 يناير 2018، ملف رقم 596/7209/2017.
[38]– قرار عدد 9 ، صادر بتاريخ 04 يناير 2017، ملف رقم 543/7209/2016.
[39]– قرار محكمة النقض عدد 829/2 بتاريخ 12/12/2013 ملف إداري عدد 1087/4/2/2012.
– قرار محكمة النقض عدد 21/2 المؤرخ في 9/1/2014 ملف إداري عدد 992/4/2/2012.
[40] – قرار عدد 1138/2 صادر بتاريخ 4/12/2014 ملف عدد 117/4/2/2014.
[41]– رضا التايدي، محاضرات في مادة المنازعات الضريبية، ماستر القضاء الإداري، الفوج الثامن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، السنة الجامعية 2015-2016.
[42] – قرار محكمة النقض عدد252 ، الصادر بتاريخ 10ماي 2012 في الملف الإداري عدد 2011/2/4/805.
[43] – ملف رقم 2014/7113/350، صادر بتاريخ 22 أكتوبر 2015.
[44] – رضا التايدي، محاضرات في مادة المنازعات الضريبية، ماستر القضاء الإداري، الفوج الثامن، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، سلا، السنة الجامعية 2015-2016.
– خالد عبد الغني، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص: 202[45]
– عزيزة هنداز، المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2011، ص: 117[46]
[47]– حكم عدد، صادر بتاريخ 2009/1/1470، ملف رقم 66/07.
[48]– تنص على أنه إذا لم يقدم الخاضعون للضريبة الوثائق المحاسبية المشار إليها في المادتين 145و 146 أعلاه، أو رفضوا الخضوع لإجراء المراقبة المنصوص عليها في المادة 212 أدناه، فإنهم يتعرضون لغرامة مبلغها ألفي(2000) درهم وإن اقتضى الحال غرامة تهديدية قدرها مائة (100) درهم عن كل يوم تأخير، على أن لا يتجاوز مجموعها ألف (1000) درهم وفق الشروط المقررة في المادة 229.
[49] – كريم الحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص: 40.
– محمد شكيري، القانون الضريبي: دراسة تحليلية ونقدية، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، طبعة 2004، ص:407[50]
[51] _ منى شعشوعي، رقابة القضاء الإداري على إجراءات فرض الضريبة وتصحيح وعائها، رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص” المهن القانونية والقضائية” جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، السنة الجامعية 2008/2007، ص: 20و21.
[52] – أنظر المواد : 184، 185، 188، 189، 191، 194، 200، 201، 202 و 2014، من الدونة العامة للضرائب.
[53]_ Louis trotabas ; jean marie cotteret, droit fiscale, éditions dalloz, decembre 1991, p :55.
[54] _ محمد السماحي، ، مسطرة المنازعة في الضريبة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 2003. ، ص: 32.
[55] _قانون المالية رقم 70.15 للسنة المالية 2016 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.150 صادر في 7 ربيع الأول 1937 (19 ديسمبر 2015)، الجريدة الرسمية عدد 6423 .
[56] – سفيان ادرويش و رشيدة الصابري، تصحيح الأساس الضريبي ، ـ دراسة مقارنةـ دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى 2002، ص: 28.
[57]– رضا التايدي، محاضرات في مادة المنازعات الضريبية، ماستر القضاء الإداري، الفوج الثامن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، السنة الجامعية 2015-2016.
[58] – ظهرت قاعدة الطعن الإداري في مسطرة المنازعات الضريبية منذ سنة 1927 في إطار الضرائب المباشرة، إذ يعد سلوكها ضروري قبل ممارسة أي طعن قضائي.
[59]– Serhane El houssaine, le contentieux administratif de pleine juridiction en droit public marocain, thése d’etat en droit, bordeaux,1989 ;p : 380 .
[60]– أنظر نموذج عن التظلم النزاعي في الملحق.
– نص في مادته الثانية على أن طرق التظلم والمنازعة محددة بمقتضى النصوص المنظمة للضريبة كل على حدة.[61]
[62]– ”…للمدين الذي ينازع كلا أو بعضا في المبالغ المطالب بها أن يوقف أداء الجزء المتنازع فيه، شريطة أن يكون قد رفع مطالبة داخل الآجال المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري به العمل”.
[63]– حيت نصت المادة 26 من هذه المدونة على أنه ” يجب على الخاضعين للضريبة الذين ينازعون في مجموع أو بعض مبلغ الضرائب والواجبات والرسوم المفروضة عليهم أن يوجهوا مطالباتهم إلى مدير الضرائب الشخص الذي يفوض إليه ذلك..”.
[64] – العربي الكزداح، الطعون الجبائية في ظل المحاكم الإدارية، أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق، جامعة محمد الخامس، أكدال 2005_2004، ص:193.
[65]– عبد الغني شكور، منازعات الضرائب المباشرة بين التسوية الإدارية والحمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية 1992/1993، ص:16.
[66] – محمد شوارق، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط الرسوم المحلية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2014، ص:28.
[67] – كانت الآجال منظمة على الشكل التالي:
- ü 6 أشهر بالنسبة للضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة؛
- ü 4 أشهر بالنسبة للضريبة العامة على الدخل والضريبة الحضرية؛
- شهران بالنسبة للضريبة المهنية.
[68] – مختلف هذه الآجال كاملة، لا يعتبر في حسابها اليوم الأول من الأجل ويوم حلول الأجل
[69] – أي لا يحتسب فيه اليوم الأول الذي تحدث فيه الواقعة، ولا يحتسب فيه اليوم الأخير من هذه الآجال.
[70] – وفق ما تنص عليه المادة 235 من المدونة العامة للضرائب.
[71] – أنظر القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية و الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1423 (12 أغسطس 2002)، ص:2282.
[72]– حكم إدارية وجدة بتاريخ 14/2/1996، أورده محمد قصري في مرجعه المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة 2011، ص: 100.
– حكم عدد 371 صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 2011/06/23 في الملف الإداري عدد 9/09/39. قبلت فيه المحكمة الطلب من طرف الخاضع للضريبة قبل انصرام الأجل الحدد لجواب الإدارة، بعلة أنه ليس بالقانون مايمنع الملزم من تقديم دعواه قبل انصرام الأجل المكور.
[73]– قرار محكمة النقض عدد 21/2 مؤرخ في 9/1/2014 ملف عدد 92/4/2012.
[74]– حكم إدارية وجدة، الملف عدد 121/2000 بتاريخ 2003/12/5.
[75]– قرار الغرفة الإدارية عدد 39 بتاريخ 15/1/2004 بالملف الإداري عدد 2002/1/4/1638، أورده محمد قصري، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي،مرجع سابق، ص: 103.
– وهو نفس الموقف الذي أقرته المحكمة الإدارية بوجدة بقبولها الطعن القضائي من طرف الخاضع للضريبة بعد انصرام أجل 30 يوما الموالية للستة أشهر المحددة لجواب الإدارة على تظلمه، وذلك في الحالة التي تعمد فيها إدارة الضرائب إلى الجواب على تظلم الملزم خارج الأجل المحدد لها، فتكون بذلك قد فتحت لهذا الأخير أجلا جديدا لتقديم الطعن القضائي يبتدئ من تاريخ تبليغه بجوابها.
حكم عدد 14/03 صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 2003 /01/23 في الملف عدد 02/54، منشور بالمجلة المغربية للمنازعات القانونية، عدد مزدوج 6/5، ص: 211 وما بعدها.
[76]– محمد بوغالب، الرقابة الإدارية والقضائية في مجال المنازعة الجبائية، المنازعات الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السادسة ، مطبعة الأمنية-2007، ص: 227.
[77]– قرار الغرفة الإدارية بالملف عدد 98/1/15/1140 في قضية زجاج الشرق ضد إدارة الضرائب، أورده محمد قصري، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي، مرجع سابق، ص:105.
[78]– قرار الغرفة الإدارية، الملف عدد 2003/2/4/904 بتاريخ 2006/7/4 والذي جاء فيه “… إذا كان الشخص ينازع في صفته كملزم بأداء الضريبة، فإن بإمكانه الطعن مباشرة أمام القضاء في الضريبة المفروضة عليه دون ضرورة سلوكه لمسطرة الطعن الإداري”.
[79]– صاد بتاريخ 28/1/2016، ملف عدد 363/4/2/2015.
[80]– قرار عدد 2/970 المؤرخ في 2014/10/02 ملف إداري عدد 2013/2/4/3288.
– حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 156، صادر بتاريخ 18 يناير 2018، ملف رقم 2017/7113/191.
[81]– المؤتمر الثامن لرؤساء المحاكم الإدارية (مجالس الدولة، مجلس شورى الدولة،…)، في الدول العربية، ورقة عمل المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، دور القضاء الإداري في التشريع’، بيروت 2018/09/26-24، منشور على الموقع الإلكتروني https://carjj.org ص: 2.
[82]– حكم إدارية فاس بالملف عدد 197 / 2000 في قضية بناني ضد إدارة الضرائب، أورده محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات، مرجع سابق، ص:29.
[83]– قرار عدد2/134، بتاريخ 10 مارس 2016، ملف رقم 2015/2/4/4693.
– قرار محكمة النقض عدد 2/133، صادر بتاريخ 10 مارس 2016 ملف إداري عدد 2015/2/4/4692.
[84]– تم إدراج هذا البند بمقتضى البند I من المادة 8 من قانون المالية لسنة 2018.
[85]– عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص: 145.
[86]– رضا التايدي، دراسة في بعض جوانب مسطرة التصحيح الضريبي على ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2011، الندوة الوطنية حول موضوع الإشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى العدد 16، ص: 162.
[87] – قرار الغرفة الإدارية عدد 53 بتاريخ 23/01/2003 في الملف الإداري عدد 866/4/2/2002، أورده رضا التايدي، دراسة في بعض جوانب مسطرة التصحيح الضريبي على ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2011، مرجع سابق، ص: 162.
[88]– عبد الكريم حيضرة، سلطات القاضي الإداري في المنازعة الضريبية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 119 نونبر-دجنبر 2014، ص: 29.
[89]– عبد الرحمان ابليلا، دور القضاء في المادة الجبائية بالمغرب، أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات الضريبية، عدد خاص لمجلتي القسطاس والزيتونة، مطبعة سلسبيل فن، طبعة 2010، ص:35.
[90]– ظهير شريف رقم 1.16.41 صادر في 14 جمادى الآخرة 1437(24 مارس 2016) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الجريدة الرسمية عدد 6456 بتاريخ 6 رجب 1437(14 أبريل 2016)، ص:3160.
[91]– تجدر الإشارة إلى أن هذا المقتضى عرف تلطيفا في صياغة المادة 8 من النظام الأساسي للقضاة الجديد، بحيث نجدها تنص انه “…يشترط في المرشح لاجتياز مباراة الملحقين القضائيين:…أن يكون حاصلا على شهادة جامعية يحدد القانون نوعها والمدة اللازمة للحصول عليها…”.
[92]– عبد الحق عميمي، أحكام اجتهاد القضاء الإداري المغربي في مادة المنازعات الضريبية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس ـ أكدال، السنة الجامعية 2012ـ 2013، ص: 269.
[93] – Faysal Sotih, l contentieux de l’impôt des patentes, mémoire de desa, 2000 , université Agdal- Rabat, P ;61 .
[94] – عبد الكريم حيضرة، سلطات القاضي الإداري في المنازعة الضريبية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 119، نونبرـ دجنبر 2014، ص: 26 و 27.
[95]– محمد المجدوبي الإدريسي، تحولات الاجتهاد ومتطلبات ضمان الأمن القضائي، نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة – السلسلة 2- الجزء 8، أكتوبر 2011، ص:37.
[96]– محمد المجدوبي الإدريسي، تحولات الاجتهاد ومتطلبات ضمان الأمن القضائي، مرجع سابق، ص:38.
[97]– محمد المجدوبي الإدريسي، نفس المرجع، ص: 39.
CJ Carbinnier, Droit et passion du droit sous la Ve République, 1996, p:59.
[98] – محسن البقالي الحسني، الأمن القضائي بين التأصيل والتنزيل على ضوء النظام القضائي المغربي، ندوة علمية نظمتها نقابة هيئة المحامين بطنجة، حول موضوع ” المحاماة والأمن القضائي والقانوني” يوم 11 ماي 2017 بالمحكمة الابتدائية بالعرائش، منشور على الموقع الإلكتروني www.tpilarache.ma، ص: 5.
[99] – بوجمعة بوعزاوي، الأمن القضائي الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 134-135، ماي- غشت 2017، ص:114.
[100] – عبد المجيد غميجة، مبدأ لأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة الإفريقية للاتحاد العالمي للقضاة، الدار البيضاء 28 مارس 2008، منشور على الموقع الإلكتروني www.ism.ma، ص: 16 و 17.
[101] – بوجمعة بوعزاوي، الأمن القضائي الإداري، مرجع سابق، ص: 114.
[102]– عبد المجيد غميجة، مبدأ لأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، مرجع سابق، ص:3.
[103]– بوعزاوي بوجمعة، الأمن القانوني، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد 11، يوليوز- غشت 2013، ص: 14.
[104]– عبد المجيد غميجة، مبدأ لأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، مرجع سابق، ص:7.
[105]– بوعزاوي بوجمعة، الأمن القانوني، مرجع سابق، ص:14.
[106]– – عبد المجيد غميجة، مبدأ لأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، مرجع سابق، ص:14.
[107]– عبد الحق عميمي، أحكام اجتهاد القضاء الإداري المغربي في مادة المنازعات الضريبية، مرجع سابق، ص: 256.
[108]– عبد المجيد غميجة، مبدأ لأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، مرجع سابق، ص:14.
[109]– بوعزاوي بوجمعة، الأمن القانوني، مرجع سابق، ص:19.
[110]– ظهير شريف رقم 1.11.91 صاد في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011).
[111] – عبد النبي اضريف، قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 13-130 ونصوصه التطبيقية، مطبعة بني ازناسن، الطبعة الرابعة 2016، ص: 97.
[112]– المادة 83 من دستور 2011 تنص” لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق التعديل. وللحكومة، بعد افتتاح المناقشة، أن تعارض في بحث كل تعديل لم يُعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر.
يبت المجلس المعروض عليه النص، بتصويت واحد، في النص المتناقش فيه، كله أو بعضه إذا ما طلبت الحكومة ذلك، مع الاقتصار على التعديلات المقترحة أو المقبولة من قبلها. وبإمكان المجلس المعني بالأمر أن يعترض على هذه المسطرة بأغلبية أعضائه”.
[113]– المادة 103 من دستور 2011 تنص ” يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه.
لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.
لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة.
يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية”.
[114] – عبد النبي اضريف، قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 13-130 ونصوصه التطبيقية، مرجع سابق، ص: 97-98.
[115] – فريدي عبد الهادي و أشرف الكلاني، إعداد وتحضير مشروع قانون المالية، www.barlamane.com ، تمت زيارة الموقع بتاريخ 17 يوليوز 2019 على الساعة الخامسة والنصف زوالا.
[116] – المادة 46 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[117] – المادة 125 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[118] – المادة 98 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[119] – المادة 117 و118 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[120] – المواد من 44 إلى 57 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[121] – المواد من 58 إلى 65 من نفس المدونة
[122] – المواد من 100 إلى 104 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[123] – ” بصرف النظر عن سوء أو حسن نية المحاسب المكلف بالتحصيل في استخلاص المبلغ المنازع فيه، فان عدم تحققه من الشركة المدينة بذلك المبلغ من خلال الجدول الضريبي المتعلق بها قبل القيام بالحجز لدى الغير وسحب المبلغ المذكور العائد للمستأنف عليها، فانه يكون قد ارتكب خطا مصلحيا تتحمل الخزينة العامة المسؤولية عن الأضرار الناتجة عنه، تلك الأضرار المتمثلة في حرمان المستأنف عليها من استغلال المبلغ المسحوب من حسابها دون وجه حق منذ تاريخ هذا السحب وان مبلغ التعويض عما ذكر والمحكوم به مناسب لحبر هذه الأضرار والحكم المستأنف كان لذلك صائب وواجب التأييد” قرار عدد 376، مؤرخ في 2007/4/11، ملف عدد 1377/4/2/2006 منشور بمجلة الحقوق المغربية ‘العمل القضائي في المنازعات الضريبية بين مواقف محاكم الموضوع وتوجهات المجلس الأعلى، الجزء الثاني عدد 3/2010 ص 191
[124] – المادة 39 من مدونة التحصيل
[125] – المادة 36 من مدونة التحصيل
[126] – المادة 41 من مدونة التحصيل
[127] – الفقرة الأخيرة من المادة 44 من نفس لمدونة
[128] – عبد الرحيم أحزيكر: “إشكالية تحصيل الضرائب بالمغرب” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق لوحدة البحث و التكوين المالية العامة، جامعة الحسن الثاني كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003، 2004- ص 358
[129] – خرجوج مهدي: بطلان إجراءات التحصيل ما بين النص القانوني والعمل القضائي، مجلة المنارة عدد 3/ 2016 ص 132- 146
[130] – عبد المجيد الزلال: دور القضاء في النزاعات الناشئة عن تطبيق مدونة تحصيل الديون العمومية، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري، السنة الجامعية 2004-2005 ص 90
[131] – المادة 39 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[132] – المادة 39 تنص على انه “تباشر إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية حسب الترتيب التالي: الإنذار-الحجز – البيع
[133] – تنص المادة 36 من القانون رقم 15/97 على ما يلي: “لا يمكن مباشرة التحصيل الجبري إلا بعد إرسال آخر إشعار للمدين دون صوائر”.
[134] – حكم عدد 5 بتاريخ 05-01-95 من رقم 131-1-94 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط غير منشور .
[135] – حكم عدد 57 بتاريخ 05-10-94 ملف رقم 131-94 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط غير منشور.
[136] – الفقرة الثانية من المادة 53 من مدونة تحصيل الديون العمومية: إذا لم يتم توجيه الإنذار واستثناء من أحكام المادة 36 أعلاه، يعمل المحاسب المكلف بالتحصيل عللا توجيهه دون أي إجراء آخر بموجب مستخرج جداول موقع من طرفه، ويعد هذا الإنذار بمثابة حجز تحفظي، وفي هذه الحالة يبين عون الخزينة في المحضر الأثاث والأشياء المحجوزة.
[137] – تناول المشرع الحجز بجميع أنواعه في الباب الرابع والخامس والسادس من قانون المسطرة المدنية في الفصول من 452 الى 503
[138] – بسمة رابحي: خصوصية المسطرة القضائية في منازعات الحجز لتحصيل الديون العمومية، مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية 3/2016 عدد خاص ص190- 198
[139] – Jean-Pierre Casimir ;control fiscal « contentieux –recouvrement » Groupe Revue Fiduciaire, 10eme édition ,Paris 2007 p 443 : « .. La saisie ne peut être effectivement pratiquée, au plus tôt, que le surlendemain du jour de la signification du commandement, en outre, lorsque ce délai expire normalement un samedi, un dimanche ou un jour férié au chôme, il est prolonge jusqu’au premier jour ouvrable suivant (ART C24 NCPC) »
[140] – محمد المقريني: مرجع سابق ص 168
[141] – المادة 46 من مدونة تحصيل الديون العمومية تنص على انه يكون غير قابلة للحجز لتحصيل الديون المشار اليها في هذا القانون.
[142] – ينص الفصل 1248 من ق ل ع على ما يلي: “الديون الممتازة على كل المتقون هي التي ستذكر فيما بعد، وهي تباشر وفقا للترتيب التالي:
أولا: مصروفات الجنازة…
ثانيا: الديون الناشئة عن مصروفات ..
ثالثا: مكرر الديون الناشئة عن مهر الزوجية ومتعتها.
ثالثا: المصروفات القضائية
رابعا: الأجور والتعويضات عن العطل المستحقة الأجر للخدم…
[143] – أمر عدد 1 صادر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 94-3-31، غ م
[144] – عبد الغني خالد: المسطرة في النظام الضريبي المغربي – تشخيص وتحليل ومقارنة- أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاجتماعية –عين الشق- السنة الجامعية 2000-2001 ص 397
[145] – المادة 59 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[146] – ابراهيم عقاش: إجراءات التحصيل الجبرية في مدونة تحصيل الديون العمومية، مجلة المناهج، عدد مزدوج 9-10، 2006 ص 62
[147] – المادة 62 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[148] – تنص المادة 64 من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي: يمنع على المحاسبين المكلفين بالتحصيل…… أن يقتنوا بأنفسهم أو بواسطة الغير احد الأشياء الموضوعة للبيع….”
[149] – أمر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بمكناس مفاده: “بعد الاطلاع على الوثائق المدلى بها وخاصة القانون الأساسي للشركة وبيانات ملكية المنقولات المتعلقة بالتصريح والتسجيل والدفع لجميع المساهمين ومحضر الحجز المشار الى مراجعها أعلاه، تبين أن المنقولات المحجوزة ليست في ملك المنفذ عليهم، وإنما في ملك المدعية مما تكون معه مقتضيات الفصل 468 من ق م م منطبقة على النازلة، وبالتالي يتعين الاستجابة للطلب بهذا فأمر إيقاف إجراءات البيع، وعلى المدعية أن تتقدم بطلب الاستحقاق الى المحكمة الابتدائية داخل اجل ثمانية أيام من تاريخ صدور هذا الأمر تحت طائلة مواصلة الإجراءات.”
[150] – D.Richer : les Droits du contribuables dans le contentieux fiscal ;op cit p90 : « les conditions de recevabilité des réclamations formées en matière de recouvrement s’apprécient de manière plus rigoureuse que pour les litiges intéressant l’établissement des impositions »
[151] – C E 6 Novembre 1974, La dame G, RJF 1975.1.N.35 P536 : « les revendiquant ne sont admis ni a soumettre des pièces justificatives autre que celles qu’ils ont déjà produites a l’appui da leurs mémoires devant l’administration, ni a invoquer dans leurs conclusions des circonstances de fait autres que celles exposées dans leurs mémoires, »
[152] – D.Richer : les Droits du contribuables dans le contentieux fiscal ;op cit p 91 : « le contentieux de l’imposition est un contentieux de la légalité, puisqu’il tend pour l’intéresse a faire valoir les droits que lui confère la loi, mais c’est aussi un contentieux subjectif dans lequel la forte personnalisation des intérêts et donc du litige implique de la part du juge certaines exigences en ce qui concerne la personne du demandeur. En principe, le litige est personnel et individuel et seul le contribuable se voit connaitre un intérêt a contester l’imposition établie en son nom . »
[153] – عبد المجيد زلال: مرجع سابق ص91
[154] – المادة 237 من المدونة العامة للضرائب 2018
[155] – المادة 115 من القانون رقم 89-17 المتعلق بالضريبة على الدخل
[156] – عبد الرحمان ابليلا ورحيم الطور: تحصيل الضرائب والديون العمومية غلى ضوء المدونة الجديدة” مطبعة الأمنية الرباط طبعة 2000 ص 111
[157] – عبد الرحمان ابليلا ورحيم الطور: مرجع سابق ص 112
[158] – فاطمة المعاشي: وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي و علاقته بالإدارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال الرباط السنة الجامعية 2000-2001 ص 222
[159]– الفصل 319 من ق ل ع: ” تنقضي الإلتزامات بما يلي: – استحالة التنفيذ، الإبراء الاختياري، التجديد، المقاصة، اتحاد الذمة، التقادم ، الإقالة الاختيارية “
[160] – مأمون الكزبري: نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود” الجزء الثاني ص 516
[161] – عبد العزيز اليونسي: مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 31 ص 78
[162] – المادة 123 من مدونة تحصيل الديون العمومية
[163] – قرار عدد 143/2 الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بتاريخ 03/10/2016، غير منشور
[164] – عبد الرحمان أبليلا ورحيم الطور”تحصيل الضرائب و الديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة” مطبعة الأمنية الرباط طبعة 2000 ص 207
[165] – الإمتيازات الأربعة الأولى المنصوص عليها في الفصل 1248 من ق ل ع:
- مصروفات الجنازة أي نفقات غسل الجثة و تكفينها و نقلها ودفنها مع مراعاة المركز المالي للمدين.
- الديون الناشئة عن مصروفات مرض الموت.
- الديون الناشئة عن مهر الزوجة ومتعتها.
- المصروفات القضائية كمصروفات وضع الأختام وإجراء الإحصاء والبيع وغيرها.
[166] – سيدي غالي الزيوكاي: إجراءات التحصيل على ضوء العمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام مسلك العلوم والتقنيات الضريبية، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سطات السنة الجامعية 2013- 2014 ص 84
[167] – محمد مرزاق وعبد الرحمان أبليلا: المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق، مطبعة الأمنية بالرباط الطبعة الثانية 1998، ص146
[168] – حكم رقم 6 صادر بتاريخ 1996/7/04 عن المحكمة الإدارية بالرباط في ملف 8/96 غ م.
[169] – حكم رقم 318، المحكمة الإدارية بالرباط، بتاريخ 28/05/1998، من عدد 357-99، غ.م.
[170] – قرار رقم 83، المجلس الأعلى- الغرفة الإدارية بتاريخ 28 يناير 1999، ملف رقم 12-7-98 منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 55،2000 ص 31.
[171] – قرار رقم 107 للمجلس الأعلى للغرفة الإدارية بتاريخ 26 أكتوبر 2000، ملف رقم 1407/4/2000، منشور بدفاتر المجلس الأعلى العدد 9، 2005، ص 211.
[172] – قرار رقم 10 المجلس الأعلى للغرفة الإدارية بتاريخ 3/1/2002، رقم 1682/01، منشور بمجلة الخزينة، العدد الثالث، 2003، ص 43.
[173] – سعيد العمري : م.س، ص 50.
[174] – مصطفى التراب : م.س 388.
[175] – قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 1935/6/21.
[176] – حلمي نفطاطة وسمير نور:” إيقاف تنفيذ إجراءات التحصيل على ضوء العمل القضائي والتشريع الضريبي”، مقال منشور بدفاتر المجلس الأعلى عدد 2011/16 ص 345.
[177] – عبد الرحمان ابليلا ورحيم الطور: مرجع سابق، ص94.
[178] – سعيد العمري: مرجع سابق، ص48
[179] – محمد قصري: مرجع سابق، ص 48.
[180] – محمد مرزاق وعبد الرحمان أبليلا: م.س،ص 308 وما يليها.
[181] – نفس المرجع ص309.
[182] – عبد الرحمان أبليلا: الأوامر القضائية المتعلقة بوقف تنفيذ التحصيل الجبري للديون الضريبية” مقال منشور بالمؤلف الجماعي “المنازعات الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى”، نشر جمعية التكافل الاجتماعي لقضاة وموظفي المجلس الأعلى، مطبعة الأمنية الرباط- 2007 ، ص 443 وما بعدها.
[183] – محمد شكيري: تأجيل الوفاء بالدين الضريبي بالمغرب بين إرادة المشرع واجتهاد القضاء”، مرجع سابق، ص 297.
[184] – جاء في مستنتجات فابر المفوض الحكومي الفرنسي ما يلي: ” يمكن للقاضي، بل يجب عليه أن يملأ أي فراغ قانوني، متوسلا في ذلك بالسلطات العادية التي تخولها له القوانين والنصوص التنظيمية.”
” Le juge peut combler , et doit combler un tel vide, en recouvrement aux pouvoirs ordinaires que lui confèrent la loi et le règlement ».
Les grands arrêts de la jurisprudence fiscale : Dalloz 2000, 3éme édition 942.
[185] – عبد الرحمان أبليلا ورحيم الطور: مرجع سابق، ص96.
[186] – وهو كل ما يتعلق بها وجودا وعدما، فيدخل في ذلك ما يمس صحتها أو يؤثر في كيانها أو الآثار القانونية التي رتبها لها القانون أو التي قصدها العاقدان…والمقصود بأصل الحق الممنوع على القضاء المستعجل المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق كل من الطرفين والتزاماته قبل الآخر إذ يحظر عليه تناوله بالتفسير والتأويل وتأسيس قضائه بذلك على أسباب تمس أصل الحق”.
[187] – قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بتاريخ 27/09/2001 تحت عدد 563. ملف عدد 2155/4/1/2000 منشور بمجلة دفاتر المجلس الأعلى، عدد 16/2011 ص 354.
[188] – محمد بنعزي: وقف تنفيذ تحصيل الدين الضريبي على ضوء المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، دفاتر المجلس الأعلى عدد 16 ص 195.
[189] – أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط:رقم 40 المؤرخ في 1995/06/21 في الملف رقم 95/33 س.
[190] – حلمي نفطاطة وسمير نور: إيقاف تنفيذ إجراءات التحصيل على ضوء العمل القضائي والتشريع المغربي: م.س ص 346.
[191]– المادتين 117 و118 من القانون 97/15بمثابة مدونة التحصيل.
[192] – الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية والمادة 7 من القانون 90/41.
[193] – محمد بيصة: مرجع سابق ص 446.
[194]– الحسن سيمو : الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإستعجالي”، “في الإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة “مواضيع الساعة” عدد 9،ص 145-146.