القانون التنظيمي للمالية وفرضيات إنجاح التنزيل

 

 القانون التنظيمي للمالية وفرضيات إنجاح التنزيل

 

 

إن القانون التنظيمي للمالية،هو في طبيعته سياسة مؤسساتية [1]،على اعتبار أنها تغير بشكل كلي الطريقة التي يتم بها بناء ميزانية الدولة،ومن خلال ذلك كل السياسات الميزاناتية والإدارية.

 السياسات المؤسساتية يتم تحديدها،بكونها مجموعة من القرارات والأنشطة العمومية والتي يكون موضوعها ضمان تطوير تدبير أجهزة الدولة،وبالتالي فان السياسات المؤسساتية تطبق في تحديد وقيادة كل السياسات الواقعية.

 إن النجاح في التغيير،أو بعبارة أخرى النجاح في تنزيل السياسة المؤسساتية، يفترض الاعتماد على ثلاث فرضيات،الفرضية الأولى وتعتمد على إن تغيير الوسائل المعتمد عليها في التدبير العمومي ،على اثر التغيير الذي عرفه القانون التنظيمي للمالية من خلال(المؤشرات-أنظمة الإخبار-المحاسبات الثلاث-المراقبات الداخلية) ،من المفروض أن  تمكن من التوفر على المعلومة وبالتالي تمكن من تغيير تصرف النخبة التي تعتقد إن التغيير هو مطلوب،و ممكن التحقيق،وبالتالي ينجح التغيير من خلال فرضية الوسائل.

الفرضية الثانية هي فرضية الضغط المؤسساتي،الداخلي والخارجي،والذي يساهم في تحسين الفعالية من خلال فرضية الضغط، في المغرب سنحاول أن نناقش دور البرلمان في تنزيل القانون التنظيمي للمالية،وكذالك دور الجهاز التنفيذي في التنزيل، وذالك على اعتبار أن دور السلطة السياسية مهم في التنزيل عن طريق الضغط سواء الداخلي أو الخارجي.وكذالك الضغط الذي مارسته المؤسسات الدولية

 

الفرضية الثالثة هي الفرضية التي تعتمد على أن التخصيص التي تمارسه التنظيمات ومراحل السياسات العمومية التي تستهدف تطوير الفعالية ،تعمل كذلك على تغيير النظام الإداري وذلك من خلال، فرضية إعادة الهيكلة.

 

الفرع الأول:القانون التنظيمي للمالية والطريق نحو النجاح في التنزيل.

هناك مجموعة من الجوانب،يجب أخذها بعين الاعتبار من اجل فهم،عملية إصلاح التدبير العمومي،وتأثيرها على الأنظمة الإدارية،حتى نتمكن من تحديد إلى أي مدى ،يمكن اعتبار إصلاح التدبير العمومي هو جوهري،او رمزي،او فقط تكتيكي[2]،وحتى أن كانت هذه الإصلاحات جوهرية كالقانون التنظيمي للمالية،فإنها قد تشكو من أخطاء ومشاكل في التصور،وأخطاء في التنزيل ،او في إجراءات غير سليمة تتخذ بدافع سياسي.

وحتى في غياب هذا النوع من المشاكل المتعلقة بالتصور او التنزيل او الاجراءات السياسية ،فانه من الممكن تحليل الآثار التي تتركها سياسة معينة لإصلاح التدبير العمومي،بطرق متعددة وتحت زوايا متعددة[3].

وهكذا فان مجموعة من الباحثين[4] قد عملوا على تحليل نتائج إصلاح التدبير العمومي من خلال الاعتماد على أربع مستويات متطورة،من التغيير الإداري الممكن، وذالك من خلال النتائج العملية(معطيات،أنشطة،نتائج،فعالية)، أو عمليات (الكلفة،التوجه نحو الزبون)،وكذلك التأثيرات الثقافية والبنيوية وأثرها على المستوى المنهجي.

أما مجموعة أخرى من الباحثين[5]،فقد اهتمت بتحديد ثلاثة أنواع من النتائج على التغيير الإداري في المرتبة الأولى ،التقليص،تخفيض الكلفة،وإصلاح الأنظمة الإدارية،أما في الشق الثاني فيتم التركيز على  الجهوية،من خلال إنشاء الوكالات،وتعزيز الكفاءات الميدانية،والتغيير الثقافي،وفي الشق الثالث تطوير نوعية المصالح وفعالية آليات العمل .

وفي المقابل فأن، دراسات أخرى فقد اهتمت بتحديد أربع مستويات للتأثير ممكنة ، يحدثها القانون التنظيمي للمالية،المستوى الأول على المستوى البرلماني،ويتمثل في تغيير التنظيم والمساطير وبنيات البرلمان وكذلك تغيير في الاختصاصات ما بين البرلمان والحكومة .

وكذالك التغيير في القرارات الإستراتيجية،والمستوى الثاني يخص المستوى الحكومي والوزاري(القانون التنظيمي المتعلق بكيفية اشتغال الحكومة)،تغيير في العلاقة ما بين الوزراء وكذلك في العلاقة مما بين الوزراء والوكالات والتي تتحول إلى علاقة زبون وممون.

إن تحديث التدبير العمومي من خلال تغيير القانون التنظيمي للمالية،يمكن تعريفه كسلسلة من التعلم ،في المرحلة الأولى من التعلم لا يتم تغيير النظام الإداري،وبالتالي فان العادات تبقى قريبة من النظام السابق.

 أما في المرحلة الثانية من التعلم،فيتم ملاحظات تغييرات في المعايير والعادات،وبالتالي فان النظام الإداري يعرف تغييرا طفيفا،أما المرحلة الأخيرة من التعلم، تتميز بالقدرة على القيام بتغيير النظام الإداري.

تجربة تنزيل القانون التنظيمي للمالية في المغرب،كانت قريبة من نموذج سلسلة التعلم،وخصوصا من خلال القيام بمرحلة تجريبية،ومن ثم التنزيل التدريجي وفي الأخير التعميم،ولكن وجب التنبيه، إن نموذج سلسلة التعلم لا يعني أن التغيير حتمي ولكن التغيير يكون تدريجي فقط.

إن النجاح في التغيير،أو بعبارة أخرى النجاح في التنزيل، يفترض الاعتماد على ثلاث فرضيات،الفرضية الأولى وتعتمد على إن تغيير الوسائل المعتمد عليها في التدبير العمومي ،على اثر التغيير الذي عرفه القانون التنظيمي للمالية من خلال(المؤشرات-أنظمة الإخبار-المحاسبات الثلاث-المراقبات الداخلية) ،من المفروض أن  تمكن من التوفر على المعلومة وبالتالي تمكن من تغيير تصرف النخبة التي تعتقد إن التغيير هو مطلوب،و ممكن التحقيق،وبالتالي ينجح التغيير من خلال فرضية الوسائل.

الفرضية الثانية هي فرضية الضغط المؤسساتي،الداخلي والخارجي،والذي يساهم في تحسين الفعالية من خلال فرضية الضغط،في المغرب وفيما يتعلق بتنزيل القانون التنظيمي للمالية،وفي غياب السلطة السياسة الممثلة في البرلمان عن الاقتراح والمواكبة والمراقبة ومن خلال كذلك منح الحرية للجهاز التنفيذي في الصياغة والتنزيل،مما غيب وسائل الضغط الداخلي،عن تنزيل القانون التنظيمي للمالية،وان استمر الضغط الخارجي ممثلا في المؤسسات الدولية.

الفرضية الثالثة هي الفرضية التي تعتمد على أن التخصيص التي تمارسه التنظيمات ومراحل السياسات العمومية التي تستهدف تطوير الفعالية ،تعمل كذلك على تغيير النظام الإداري وذلك من خلال، فرضية إعادة الهيكلة.

 الفقرة الأولى: تنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال فرضية الوسائل وفرضية الضغط

تعتمد فرضية الوسائل على الفاعلين  والآليات الجديدة التي يشرعنها تنفيذ القانون التنظيمي للمالية .

 الوسائل،التي تعمد عليها فرضية الضغط، تعتمد أولا على المثلث التقليدي المكون من المسؤولين السياسيين والموظفين والمواطنين والذين يتم التعامل معهم كزبائن ،العلاقة بين هذا المثلث يتم تصورها وتجسيدها على الشكل التالي .

العلاقة بين السياسيين والموظفين يتم تحليلها في إطار العقدة او من خلال انتداب او اتفاقات  والتي تعمل و تسهر على العلاقات بين الكفاءات والموارد والنتائج.

المسؤولين السياسيين يبدؤون في تحديد العلاقة مع المواطنين (الزبائن)انطلاقا من مواثيق وهو ما تم تجريبه في بريطانيا وبلجيكا والبرتغال.

أما ما بين الموظفين والمواطنين فمن خلال مواثيق المصالح،والتي تكون أكثر تفصيلا من خلال تقسيم قطاعي او مؤسساتي.

هذه العلاقة ما بين السياسيين والموظفين والمواطنين اللذين ينظر لهم كزبائن،أما تتعزز او تتغير من خلال الآليات الجديدة التي يشرعنها القانون التنظيمي للمالية والتنزيل المتعلق به،وخصوصا المؤشرات وتفعيل المحاسبات الثلاث.

كما أن العلاقة ما بين السلطات السياسية (سواء من خلال الجهاز التشريعي او التنفيذي)يتم تحديدها في إطار ميزانيات معتمدة على الفعالية[6]،وقد عملت مجموعة من الدول على القيام بمجهود من اجل تعزيز وتطوير هذه العلاقة،وخصوصا كندا من خلال تعزيز نظام تقديم الحساب للبرلمان ،وكذلك من خلال قياس الفعالية وكذلك قياس استعمال الوسائل الميزاناتية من خلال مؤشرات مختلفة من دولة لأخرى ومن وزارة لأخرى .

هذه القياسات تصبح مقبولة باعتبارها وسائل للعلاقة ،وبالتالي فان مراقبة الفعالية هي المستعملة لمراقبة وتنظيم العلاقة ما بين البرلمان والحكومة.

فيما يخص العلاقة ما بين الوظيفة العمومية،والمشرع، فان للجان البرلمانية  تطلب من الموظفين تقديم تفسيرات على المسؤوليات التي يتحملونها وكذلك تقديم الحساب في مجموعة من الميادين،والتي من المفروض إن يتم تحديدها عن طرق العقدة ما بين الموظفين والمسؤولين السياسيين.

كما أن المواطنين الذين يتم التعامل معهم كزبائن، يستفيدون من علاقات متجددة مع البرلمان.

أولا) العلاقة ما بين السلطات السياسية ومابين هذه الأخيرة والمواطن

أ)العلاقة بين السلطة والمواطن، والسلطة التنفيذية:

إن إقرار القانون التنظيمي للمالية،والذي يستهدف ميزانية معتمدة على الفعالية،وبالتالي فان البرلمان يرخص للحكومة صرف المال العام،من اجل تلبية هدف معين خلال السنة المالية،وبالتالي فان الميزانيات ومن خلال الوثائق المصاحبة لها،يجب أن تجيب عن سؤال ماذا سيحدث من خلال هذا الصرف،في العام المقبل؟ الإجابة عن هذا السؤال يتطلب وجود قيادة لدى الجهاز التنفيذي ،والذي صار مطلوب منه أن يهيئ ويدافع عن برامجه.

وبالتالي فان تحديد الأهداف،ستفتح النقاش الواسع حول السياسات العمومية بغية بلوغ الأهداف،الكمية والمرقمة وبالتالي من المفروض أن يتوفر الجهاز التنفيذي على نوع جديد من القيادة قادر على رفع التحدي،كما أن الجهاز التشريعي من المفروض أن يركز على الأساسي،والأهداف وكذلك على الحصول على المعلومة الموثقة من طرف المجلس الأعلى للحسابات وذلك في إطار نوع جديد من العلاقة وبالتالي من المفروض كذلك وجود قيادة قادرة ومتمكنة من اجل تفعيل وتنزيل القانون التنظيمي للمالية.

ب)التنزيل وضرورة وجود ميثاق عام ما بين الحكومة والمواطن:

إن إقرار القانون التنظيمي للمالية ، للميزانية المعتمدة على النتائج والفعالية،يعني انه هذه الميزانيات قد عملت على الأخذ بعين الاعتبار العلاقة المتوترة ما بين الحكومة والمواطن،وخصوصا أن المواطنين صاروا يتحركون انطلاقا من التصويت والاحتجاج،(إن استطلاع للرأي في الولايات المتحدة الأمريكية قد حدد خريطة للثقة الخاصة بالمواطنين من خلال استعمال ستة أنواع،المؤيدين،المستفيدين،المتعاطفين المتحفظين،اللذين أصيبوا بخيبة الأمل،الانتقادات المقدمة،المستبعدين)،وبالتالي من المفروض العمل على تجاوز هذه التوترات من خلال تنزيل ما يطلق عليه بالمواثيق.

إن الإصلاحات التي تم العمل بها في بريطانيا،وفرنسا وبلجيكا،قد تم تنزيلها من خلال مواثيق خاصة ما بين الإدارة والزبون،هذه المواثيق استهدفت تشجيع المبادرات من اجل تطوير وتحسين النوعية.

كما أن الانتقادات،والشهادات تثبت التناقضات المسجلة في الفرضيات المتعلقة بالفعالية،إن العلاقة ما بين نوعية الخدمة المقدمة وتلبية مطالب الزبون وثقة المواطن ،ليست طبيعية،وبالتالي فان مجموعة من المتغيرات الوسطية او الموضعية يجب أخذها بعين الاعتبار،ولكن تنزيل القانون التنظيمي في المغرب لم يعمل على تجسيد هذه العلاقة على ارض الواقع.

ج)التنزيل وضرورة إقرار اتفاقات حول المسؤولية وضرورة تقديم الحساب من طرف الإدارة للبرلمان.

إن تنزيل القانون التنظيمي للمالية لا يمكن أن يكون فعليا ،وخصوصا فيما يتعلق بالفعالية والحرية وتقديم الحساب ،دون أن يعمل المسؤولين الإداريين على ضمان الشفافية ،وعلى ضمان كذلك تفريقا واضحا ما بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الإدارية.

كما أن البرلمان من المفروض إن يركز اشتغاله على الخدمات،والأثر الذي تتركه السياسات العمومية،وكذلك على نوعية الخدمات المقدمة،وبالتالي ومن اجل التفريق بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الإدارية يجب ترسيخ ذلك في العقدة ،وبالتالي صار المسؤولين الإداريون مسئولون عن مهامهم أمام اللجان البرلمانية،تنزيل ذلك يتطلب إرادة وبرنامج للتنزيل ولكن ذلك لا زال غائبا .

ثانيا)تنزيل القانون التنظيمي ودور المواطن

تنزيل القانون التنظيمي للمالية،يستهدف المواطن وبالتالي من المفروض أن يعمل على تنظيم العلاقة بين البرلمان والمواطن،من خلال مواثيق وكذالك من خلال عقود.

أ)تنزيل القانون التنظيمي للمالية وضرورة تنظيم العلاقة بين البرلمان والمواطن

إن المشرع في علاقته بالمواطن ،يوجد في الجهة التي توجد بها المصلحة العامة،ودولة الحق والقانون،وبالتالي فان البرلمان من المفروض أن يرفض المطالب التي تكون متناقضة مع المصلحة العامة،وبالتالي على البرلمان إن يعطي المثال على انه يتصرف بمدنية.

إن البرلمان يتصرف كواسطة ما بين المواطن والموظف من خلال شكايات فر، وبالتالي خلال تقارير عامة ،وبالتالي فان غالبية المواثيق الخاصة تدمج آليات ومساطير خاصة بالشكايات،وبالتالي فان البرلمان يتصرف كوسيط محايد ما بين الطرفين.

ب)التنزيل وضرورة إقرار مواثيق خاصة ما بين الإدارة والمواطن

إن تنزيل القانون التنظيمي للمالية،يشترط كذلك أن يتم التأكد من وجود،مواثيق  تنظم إعطاء معلومات كافية للمرتفقين،وكذلك من إعطاء دور فاعل للمواطنين في كل مراحل تحديد،وتنفيذ وتقديم الخدمات المقدمة للمرتفقين.

هذه المواثيق ستمكن في بعض الحالات من إعادة توجيه المصالح العمومية،وبالتالي ستطور عملية استقبال تدخل الإدارة ،من خلال التوازن ما بين الكلفة والمنفعة،مما يفتح الباب أمام تعزيز الثقة بين المواطن والموظف.

ج)التنزيل وضرورة وجود عقدة ما بين المسؤولين الحكوميين والإدارة

إن تنزيل القانون التنظيمي للمالية، من المفروض إن يعمل على تحديد العلاقة المعقدة ما بين السياسة والإدارة،وبالتالي ومن اجل العمل على خلق قيادة تنفيذية فمن المفروض إن يتم العمل على تعزيز النقاش المتناقض ما بين المسؤولين السياسيين والإداريين،هذا النقاش يجب إن يسبق عملية اتخاذ القرار،وبالتالي من المفروض على المسؤولين السياسيين أن يركزوا على الأهداف المتداول بشأنها عبر طريقة التعاقد.

إن التقاء الأهداف ما بين المسؤولين السياسيين والإداريين،يجب أن يبقى الهدف الأول للسياسيين(الحكومة)،ومن جهة أخرى فان الموظفين يتحملون مسؤولية كبرى في تقديم المعلومة حتى يكون هناك توازي في توفر المعلومة،وكذلك في ربط العلاقة ما بين تقديم الخدمات والأثر المطلوب للسياسة العمومية المعنية.

وفي الخلاصة فان المسؤولين الإداريين من المفروض أن يقدموا الحساب عن أفعالهم وكذلك العمل من اجل تسهيل عملية تلاقي الأهداف،لان خلق الوكالات يبقى مشروط بالقياس والمحاسبات الثلاث التي يقرها القانون التنظيمي للمالية،وبالتالي يلزم ذلك على تحديد الأهداف بوضوح وترسيخ الأخبار بشكل شفاف ومتوازن ما بين المسؤولين الحكوميين والإدارة.

إن فرضية الوسائل التي تم الحديث عنها ،تعتمد على طرق وتقنيات جديدة او متجددة ما بين الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي والموظف والمواطن،مما يغير التصرفات ،وكيفية اتخاذ القرار وكذلك القيادة ،وبالتالي يؤثر على الأجهزة  الإدارية.

إن القانون التنظيمي للمالية من خلال العمل على تغيير كل هذه الآليات،يستهدف تحسين شروط فعاليات هذه الآليات،وبالتالي فان فرضية الآليات في التنزيل لا يجب أن يتم استبعادها بل إن القانون التنظيمي للمالية يتبناها من خلال المؤشرات والأخبار والمحاسبات الثلاث.

ثالثا)تنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال فرضية الضغط

إن الفرضية الثانية لتنزيل القانون التنظيمي للمالية،تركز على انه ومن خلال رفع الضغط يمكن في مرحلة أولى ،من تحسين الفعالية وفي مرحلة ثانية من تغيير الأنظمة الإدارية.

أما الفكرة الاساسية فتتمثل فيعلى تخصص لحكومات والقطاع العام لا يتغيرون من تلقاء أنفسهم وبالتالي،فانه ومن خلال عمل منظم عبر فرضية الضغط يمكن تحسين و أحداث التغييرات المطلوبة.

إن ضغطا داخليا متواصلا يمكن من تشغيل الآليات التدبيرية الداخلية وبالتالي استعمال المؤشرات المعتمدة على الفعالية،والتخطيط الاستراتيجي ومخططات العمل،وتقييم الموظفين،وبالتالي فان العلاقات داخل التنظيمات يتم تفعيلهم من اجل زيادة الضغط الداخلي في التنظيمات العمومية ،عن طريق النموذج التراتيبي.

إن زيادة الضغط الداخلي،وحده يعتبر غير كافي ، من اجل إحداث التغيير المطلوب لذا فان الضغط الخارجي كذلك،من خلال ميكانزمات مشابهة لميكانزمات السوق ،كطلبات العروض البيشماركية، والمنافسة ما بين القطاع العام والخاص.

إن التنظيمات الإدارية،تتغير انطلاقا من خليط معقد ، يتضمن ضغط المحيط ،والعوامل السياسية،وكذلك الظرف التاريخي والمؤسساتي ،إن التغييرات تنتج من خلال عدة عوامل متشعبة.

إن القانون التنظيمي للمالية ،ومن خلال تنزيله يعمل على تفعيل الميكانزمات من نوع الشبكات،مما يدفع في اتجاه  تقليص  الرقابة السياسية وكذلك  التقليص من نوعية الحكامة،ولكن المؤشرات التي يحملها القانون التنظيمي للمالية ،وكذالك التتبع الذي يقره هذا القانون لهذه المؤشرات والتقييم المطلوب والمتواصل ،من المفروض أن يعزز المراقبة الإدارية ،وبالتالي يعمل على التأثير على العلاقة بين السياسي والتنفيذي وكذلك على العلاقة ما بين التشريعي وكبار الموظفين ،وفي الأخير ما بين كبار الموظفين ومن يعملون تحت إمرتهم والمدبرين.

ومن اجل ذالك،يعمل القانون التنظيمي للمالية ، على دمج الآليات من نوع التراتيبي والآليات من نوع السوق وكذلك الآليات من نوع الشبكة ،وذلك من خلال الفعالية وتقديم الحساب والرقابة عبر المراقبة(آليات تراتبية)واليات التدبير واليات السوق.

الفقرة الثانية)تنزيل القانون التنظيمي للمالية وفرضية إعادة الهيكلة

إن القانون التنظيمي للمالية من خلال البرامج ،يحمل في طياته تنزيلا يعتمد على فرضية إعادة هيكلة التنظيمات،والتي تمكن في البداية من تحسين الفعالية وفي مرحلة ثانية على تغيير الأنظمة الإدارية وفي الأخير على تطوير تخصص التنظيمات.

إن خلق التنظيمات المستقلة على شكل وكالات،في مجال للتخصص محدود ،يتكلف بمهمة واحدة ،تدفع في اتجاه التخصص المبني على النتائج ،وبالتالي فان الميكانزمات المتعلقة بتخصص التنظيمات سواء التخصص الجغرافي او من خلال التركيز على نوع من المستهلكين او مراحل منظومة او على مواد وخدمات،( التنزيل من خلال التخصص أنتج ولادة الوكالات في هولندا ،أو مراكز المسؤولية في فرنسا وكذلك الوكالات في بريطانيا)،هي نوع من التنزيل يجمع بين التخصص والتقليص.

كما إن ميكانزمات الجهوية،سواء السياسية او الإدارية او التنافسية،او من خلال نقل  الاختصاص،قد ساهموا في بروز نوع جديد من التنظيمات ،وبالتالي فان التنظيمات الكبرى ذات الوحدة المتراصة والقيادة الواحدة ،يعمل القانون التنظيمي للمالية على تفكيكها ،من خلال تحويلها إلى مجموعة من التنظيمات الجديدة صغيرة متفرقة ومجزئة.

القانون التنظيمي للمالية يمس كذلك،بدورة السياسات العمومية التي تتجزأ إلى مجموعات ،وهكذا فان تصور السياسات العمومية،يبقى من اختصاص الوزارات،،بينما التنفيذ يجب أن يعهد إلى تنظيمات مستقلة سواء كانت تنظيمات خاصة او تنتمي للقطاع العام،بينما يعهد إلى تنظيمات أخرى بالقيام  بالتقييم.

إن المنطق يتطلب أن يتم العمل على  تخصص مختلف مراحل وأطوار السياسات العمومية،أن تقسيم السياسات العمومية بين الإعداد والتنفيذ والتقييم ، يستهدف في المرتبة الأولى الفعالية ثم بعد ذلك تقويم النظام الإداري المغربي.

 تنزيل السياسات العمومية بشكل عام وتنزيل القانون التنظيمي للمالية باعتباره سياسة عمومية مؤسساتية،من المفروض أن يتم   من خلال أربع استراتيجيات مفتوحة ،وهي المحافظة والتحديث والوضع في السوق والتقليص،هذه الاستراتيجيات يمكن تجميعها والعمل على  تقوية  إستراتيجية معينة في مراحل معينة ،كما أن هذه الاستراتيجيات لها التأثير على المحتوى والرمزية،والتكتيك ،المتعلق بالتدبير العمومي،وبالتالي على تغيير الأنظمة الإدارية.

 الطريقة التي سيتبناها السياسي في المغرب من اجل التنزيل ستكون محددة لنجاح التنزيل.

أولا)تنزيل القانون التنظيمي للمالية ودور المحافظة والتحديث

النظام المغربي،يتميز بالمحافظة والاستقرار،وبالتالي فانه يتبنى التنزيل المحافظ والذي يعمل على التحديث من خلال جرعات متتالية.

أ)التنزيل والمحافظة

إن التنزيل عبر مناشير ،والتنزيل الإستباقي، وكذلك التنزيل التدريجي  الذي عرفته سياسة تنزيل القانون التنظيمي للمالية، هو في حقيقة الأمر اختيار سياسي لشكل من أشكال التنزيل والمعتمد على المحافظة.

كما أن تنصيص الفصل الثامن والستون من القانون التنظيمي للمالية على تفويض كل ما يتعلق بحسن تدبير المالية العامة، ولا سيما الأنظمة المتعلقة بالمحاسبة العمومية وإبرام صفقات الدولة وكذلك بمراقبة نفقات الدولة،يعني أن القانون التنظيمي للمالية أراد الحفاظ على استقرار هذه النصوص وعدم إخضاعها ، لتغييرات النص الجديد،وخصوصا أن النص الجديد هو نص لحرية التدبير والفعل وليس نصا لتقنين الفعل،وبالتالي  نهج المغرب ،إستراتيجية الاستقرار والمحافظة،بشكل أساسي في مرحلة التنزيل.

كما أن إستراتيجية المحافظة،تعني تقليص او الاستقرار في النفقات او الحفاظ على مستوى مستقر من العجز،وان حملات يتم تنظيمها من اجل التبذير والفساد.

 إستراتيجية المحافظة ،تستهدف الاعتماد على النظام الإداري الموجود بشكل جيد وفعال ،وخصوصا أنظمة القيادة والمراقبة والتقييم ،كما أن إستراتيجية المحافظة تعني أنه بالإمكان القيام بتغييرات تضمن  آليات للتواصل والحوار مع المواطنين (مثلا التجربة الألمانية)،وذلك في إطار قواعد المشروعية التي يرسخها القانون الإداري المغربي.

وبالتالي تبرز الوقائع أن المغرب قد اختار واعتمد على تنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال إستراتيجية المحافظة،ولكن إستراتيجية المحافظة لا تعني بالضرورة أنها الإستراتيجية الوحيدة المعتمدة في التنزيل.

ب)التحديث

إن القانون التنظيمي للمالية،من خلال آليات بسيطة وسهلة في الميدان الميزانياتي، من خلال ترسيخ المسؤولية،وتحديث تدبير الموظفين،والتنظيم الميزانياتي الجديد،وكذلك من خلال الاهتمام بتجربة ، القطاع الخاص والذي يعتبره القانون التنظيمي ، كمجال الهام بالنسبة للقطاع العام يرسخ بالضرورة آليات للتحديث.

استيراد هذه الآليات، من المفروض أن يعمل كذلك على تغيير الإطار السياسي والإداري،كما إن الحرية الممنوحة من طرف القانون التنظيمي للمالية ،ستدفع  المدبرين والموظفين من أجل العمل على مزيد من الابتكار والرغبة في تطوير طرق فعلهم الإداري.

كما أن أحسن طريقة نحو التحديث هي التي تعتمد على تسهيل مشاركة المواطن والمتعاملين مع الإدارة، وكذلك الإدارة، من خلال تنوع في عملية المشاركة وهذين العمليتين، تدمجان ما بين طريقة من الأعلى للأسهل وطريقة من الأسفل للأعلى.

إستراتيجية التحديث ،اظهر الواقع أنها استعملت جزئيا في تنزيل القانون التنظيمي للمالية،وخصوصا(وكما رأينا في السابق من خلال عدم تنزيل الشق السياسي للقانون التنظيمي للمالية)، وذلك من خلال تطوير منظومة الآليات المعلوماتية والإخبارية (منظومة جيد-ومنظومة اندماج-تبسيط المساطير من خلال الرقابة التراتبية )،ولكن دون ترسيخ دور المشاركة بشكل فعلي،وبالتالي فتنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال إستراتيجية التحديث استعملت جزئيا في شقها التقني ولم تأخذ الأولوية في تنزيل القانون التنظيمي للمالية في المغرب.

ثانيا)التنزيل ما بين اقتصاد السوق والتقليص

التنزيل من خلال اقتصاد السوق والتقليص هو متقارب ويملك وحدة الهدف.

أ)اقتصاد السوق

إن القانون التنظيمي للمالية، عمل على ممؤسسة مجموعة من ميكانزمات السوق داخل النظام الإداري والتنظيمي ،والتي تشكل الإستراتيجية الثالثة التي يعمل القانون التنظيمي للمالية على ترسيخها.

إن القانون المتعلق بالتعاون بين القطاع الخاص والعام والمرسوم المتعلق بالصفقات،وكذلك من خلال إقرار القانون التنظيمي للمالية  لمحاسبة الكلفة ،يدفع تنظيمات القطاع العام إلى الدخول في المنافسة من اجل الرفع من الفعالية ،وكذلك من اجل التجاوب مع المستهلك.

إن الانفتاح على اقتصاد السوق ،يعني إن ثقافة وقيم وممارسة السوق قد بدأت تندمج في النظام الإداري،وبالتالي فان السوق يدفع في اتجاه المنافسة المرنة وكذلك يشجع على تبني البيشماركية.

تنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال إستراتيجية السوق،هي مسالة تتطلب خيارات سياسية الليبرالية ونظام انتخاب اغلبي وأحزاب كبيرة وقوية،وبالتالي يصعب الاعتماد عليها بشكل قوي في التجربة المغربية،في ظل وجود تكتل من ثمانية أحزاب مشاركة في البرلمان ،أغلبية هذه الأحزاب مشاركة في الأغلبية وبالتالي مشكلة للحكومة من خلال توافقات على الحقائب أكثر منها توافقات على البرامج ذات البعد الإيديولوجي والفلسفي.

وفي غياب أقطاب سياسية حاملة لمشاريع فكرية ،وتكتلات معتمدة على البرامج ،فان إستراتيجية التنزيل من خلال السوق ،ستبقى تحت رحمة الضغط الممارس من طرف المؤسسات الدولية(تنزيل مبدأ تشجيع المبادرة الخاصة في الاصلاح الدستوري لسنة 1996)،وبالتالي لن تحتل إستراتيجية التنزيل من خلال السوق دورا كبيرا في تنزيل القانون التنظيمي للمالية، وخصوصا انه يلاحظ كذلك وبعد دخول القانون التنظيمي للمالية حيز التطبيق ،غياب لأي تصور لتنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال إستراتيجية السوق عبر إنشاء الوكالات ،ومنح تفويض للتنظيمات الإدارية،وخلق المنافسة بين التنظيمات.

ب)تنزيل القانون التنظيمي للمالية ، من خلال التقليص

إن الإستراتيجية الرابعة المتعلقة بالتنزيل القانون التنظيمي للمالية،تتمثل في تقليص وزن القطاع العام في الاقتصاد الوطني،وذالك نظرا،لأن الآليات التي يشرعها القانون التنظيمي للمالية،تدفع في اتجاه تكليف القطاع الخاص بمجموعة من الأعمال والأشغال والقطاعات،سواء من خلال الخوصصة او الاستعانة بمصادر خارجية .

تنزيل القانون التنظيمي للمالية من خلال التقليص ،ينتج عنه انكماش القطاع في ماكينة الدولة ،مما ينتج تفعيل اللقاءات المباشرة ما بين النظام السياسي واقتصاد السوق ودون تدخل البيروقراطية ،وبالتالي قد نلاحظ إن أداء التغطية الصحية والسجون وحتى مصالح الأمن يمكن العهد بها إلى القطاع الخاص.

ولكن تنزيل القانون التنظيمي للمالية في المغرب،قد استعمل هذه الإستراتيجية بشكل حذر،من خلال تخريج حراسة المقرات ،ولكنها لم تشمل قطاعات مهمة ووازنة في الاقتصاد الوطني بشكل يجعل إستراتيجية التقليص تلعب دورها كاملا في إستراتيجية التنزيل.

ثانيا)تنزيل القانون التنظيمي للمالية ،ما بين سياسة التدرج والتغيير الجذري

إن القانون التنظيمي للمالية ،يحمل في طياته آفاق مفتوحة ومتنوعة ويترك الخيار للسياسي من اجل استعمال تصوراته حول التنزيل،سواء من خلال استعمال إستراتيجية الحفاظ او التحديث او السوق او التقليص،او إستراتيجيتين او ثلاث او كلها ،كما يتيح تطبيق القانون التنظيمي للمالية الإمكانية للسياسيين ، للتنزيل من خلال التركيز على إستراتيجية  أكثر من الأخرى ومن بعد ذلك العمل على تغيير التركيز.

مما يعني أن القانون التنظيمي للمالية،يبقى مفتوحا أمام السياسي من اجل التنزيل ،وذلك بعد دراسة أحسن إستراتيجية وكيفية الترتيب بين الاستراتيجيات وزمن تغيير الترتيب وبالتالي تبرز بوضوح صعوبة التنزيل،وخصوصا أمام غياب التنزيل السياسي وخصوصا دور البرلمان و الأغلبية البرلمانية في اختيار الإستراتيجية العامة للتنزيل.

أ)التنزيل وسياسة التدرج

إن المحافظة هي الإستراتيجية الأقل خلخلة لتدبير الشأن العام وللنظام الإداري المغربي ،والتي عمل القانون التنظيمي للمالية على تطبيقها من خلال المرحلة التي سبقت المصادقة على القانون التنظيمي للمالية في المدة الفاصلة بين سنة2001و2013،أي ما يقارب ثلاثة عشرة سنة من خلال العمل على تطبيق بعض آليات التدبير الميزانياتي الحديث دون المس بالقانون التنظيمي للمالية،وذلك من خلال المناشير(شمولية الاعتماد-عقدة البرنامج )،وكذلك العمل على بناء أساس الإطار القانوني السابق.

كما إن إستراتيجية المحافظة قد تم استعمالها كذلك من خلال استعمال الزمن للتنزيل التدريجي للقانون التنظيمي للمالية عبر زمن امتد على مدى ثلاثة سنوات2014،2015،2016، وهو ما أطلق علية بالتنزيل ألاستباقي.

وبعد هذه المدة استمرت كذلك سياسة المحافظة من خلال تمديد دخول القانون التنظيمي للمالي على مدى أربع سنوات من سنة2016الى سنة2020،وهو ما أطلق عليه بالتنزيل المتدرج.

إذا كانت ايجابيات سياسة التدرج في التنزيل من خلال التركيز على إستراتيجية المحافظة تمثل ايجابية في عدم خلخلة الفعل اليومي وكذلك النظام الإداري ،فإنها لها سلبيات كذلك من خلال أنها لا تترك المساحة من اجل التحقيق المادي للتغيير،حتى يتمكن من التأثير على التوازنات الماكرو اقتصادية او على العجز ،المتمثل في الثقة والمشروعية.

كما أن سياسة التدرج، تعتمد كذلك على إستراتيجية التحديث، وهذه الإستراتيجية كما سبق ورأينا، تأثر بشكل أساسي في تطوير النظام الإداري المغربي وإيجابياتها كذلك أنها تركز على التحديث.

كما إن الاعتماد على التنزيل المتدرج من خلال استعمال سياسة التحديث يؤثر كذلك على القيم التقليدية للقطاع العام المغربي ،وذلك من خلال العمل على تحديث هذه القيم،سواء عبر الوسائل والآليات وكذلك من خلال تغيير الثقافة،وقد تم الاعتماد على هذه الآلية في أوربا كذلك.

ب)التنزيل من خلال التغيير الجذري

من المعروف إن التنزيل الراديكالي  ،يعتمد أكثر على استراتيجيات السوق او التقليص،وهكذا ومن خلال إستراتيجية السوق فان الوكالات والوزارات سيعملون على التقليص من الكلفة ،وكذلك على البحث عن القيمة المضافة ،أما المواطنين فسيلاحظون إن العقلانية الاقتصادية ،ستتقدم على الأخلاق والقيم ،كما أن البحث عن موقع في إطار المنافسة  او البحث عن تحسين الصورة على حساب شروط المساواة والأخلاق والإجابة على انتظارات المواطنين ، قد يؤثر على الثقة التي يحملها هؤلاء للحاكمين وللمؤسسات الوطنية.

أما الإستراتيجية المعتمدة على التقليص، والتي يعمل القانون التنظيمي للمالية ،على تشجيعها ،من خلال التشجيع على تحسين التدبير وتقليص الكلفة،قد تدفع في اتجاه تقليص القطاع العام،سواء من خلال الخوصصة او التراجع عن تقديم مجموعة من الخدمات.

إستراتيجية التقليص تغير من مشكل المشروعية،لان انتظارات الجمهور لن تكون مركزة على البيروقراطية الإدارية ولكن ستتركز على السلطات السياسية،وبالتالي فان البيروقراطية لن تلعب دورها القديم والمتمثل في الدرع او كبش الفداء،لأنه من جهة أخرى فان الجمهور سيركز اهتمامه على السوق وعلى المسؤولين السياسيين الذين يتحولون إلى سلطات لتقنين تجاوزات السوق وكذلك على الاستعانة بمصادر خارجية.

الخلاصة:

 الأدراة المغربية ملتزمة بإنزال القانون التنظيمي للمالية،من خلال الأخذ بعين الاعتبار لقواعد اللعبة داخل المؤسسات والتنظيمات المعنية.

إن البرمجة الميزاناتية في المغرب لها خصوصية معينة مرتبطة بوزارات السيادة وسلطة الهياكل الإدارية على بعض الوزارات،وكذالك الحضور القوي للقانون الإداري والرقابة القبلية،وخصوصا أمام غياب الثقافة التدبيرية(التنزيل في كندا مثلا)،إن حضور ودور الدولة لا يترك هامشا كبيرا وبالتالي فان تنزيل القانون التنظيمي للمالية في المغرب يبقى مرتبط بما سينتج عن التحكم السلس والدمج  ما بين الإرادة والواقع .

 التنزيل من المفروض كذالك،إن يحدث ثورة في الفعل العمومي من اجل العمل على تجاوز الأزمة الاقتصادية والميزاناتية،وهي الأزمة السياسية المرتبطة في الغالب بغياب هامش الفعل والتحرك بالنسبة للحكومة أمام الأزمة الاقتصادية،ويمكن التنزيل كذالك من التغلب على أزمة المؤسسات من خلال تقديم حلول مرتبطة بكيفية اتخاذ القرار،وخصوصا أمام تنوع المؤسسات،.

 وفي الأخير فان التنزيل قد يمكن كذالك، من التغلب على الأزمة المجتمعية من خلال تقديم حلول لكيفية الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية، من خلال إيجاد حل لمشكل الثقة.

إن غياب البرلمان عن مرحلة الصياغة والتنزيل،يجعل من مسالة تنزيل القانون التنظيمي للمالية مسالة معقدة،نظرا لان هذا الغياب يفتح المجال أمام مقاومة الإدارة من خلال الاعتماد على مواردها المتمثلة في المعلومة والتنظيم ،من اجل تطويع القانون التنظيمي للمالية وجعله في خدمة الهيكلة بدل تجسيد الآمال المعقودة على القانون التنظيمي للمالية باعتباره تغييرا راديكاليا للهياكل والفعل ونوعية المعلومة وتحديث التدبير.

 

 

 

المنتصر السويني

باحث في سلك الدكتوراه

بجامعة محمد الخامس

 كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا

[1]Knoepfel P.,

Larrue C., Varone F., (2001), Analyse et pilotage des politiques publiques, Genève, Bâle, Munich, Helbing et

Lichtenhahn, p.118.

[2]Thompson (J.), « Reinvention as Reform : Assessing the National Performance Review », Public

Administration Review, nov.-dec. 2000, vol. 60, n° 6, p. 508-521.

13 Barzelay (M.), The New Public Management. Improving Research and Policy Dialogue, Los Angeles,

Californie, University of California Press, 2001, 218 p.[3]

[4]Pollitt (C.) et Bouckaert (G.), Public Management Reform : an International Comparison, Oxford,

Oxford University Press, 2000

[5]Thompson (J.), op. cit.

[6]OCDE, Modern Budgeting, Paris, OCDE, 1997.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *