العوامل الاجتماعية والثقافية لجنوح الاحداث والمؤسسات المرصدة لمعالجة هذه الظاهرة
The social and cultural factors of juvenile delinquency and the institutions dedicated to addressing this phenomenon
دة. لالة إكرام العلمي
دكتورة في الحقوق
باحثة في القانون الخاص
ملخص:
إن الإيداع في مؤسسات مخصصة للأحداث تعد من أنواع التدابير التي طبقت على الأحداث، وهي تعمد إلى اتباع اتجاه تربوي تقويمي يهدف إلى علاج الأحداث الجانحين وتأهيلهم من الناحية الاجتماعية وإلى تقويمهم من الناحية الشخصية، كما ينبغي إيداعهم في جو يسوده الثقة والحرية، ويتمتعون بفرص النمو الجسماني والعقلي والخلقي التي تتاح لغيرهم من الأطفال والمراهقين.
Abstract :
Placement in institutions designated for juveniles is one of the types of measures that have been applied to juveniles. It follows an educational evaluation approach aimed at treating juvenile delinquents, rehabilitating them socially and assessing them personally. They should be placed in an atmosphere of trust and freedom, and they enjoy opportunities for physical growth. The mental and moral are made available to other children and adolescents.
مقدمة:
من الملاحظ أنه حيث توجد نسبة عالية من الإجرام فإنه بالتالي توجد نسبة كبيرة من الأحداث المنحرفين، والسبب الرئيسي في تلك هو تأثر الصغار بفساد الكبار الحدث المنحرف كالمجرم البالغ يرجع إجرامه العوامل شخصية واجتماعية وإقتصادية مختلفة .
والعوامل الاجتماعية التي تدفع بالأحداث إلى الانحراف متنوعة ومتشعبة، وهي تظهر بشكل جلي وواضح في المدن والأماكن السكنية المزدحمة، حيث يصبح الصراع من أجل العيش أكثر إلحاحا.[1]
وكان “ويكس” أحد الأوائل الذين حاولوا إستغلال العوامل الإجتماعية، كعاصر ومؤشرات للتنبؤ بجنوح الأحداث، نظرا لأهمية هذه العوامل إذ قارن عندا يتكون من 1420 حدثا جانحا بمجموعة أخرى تكون من نفس العدد من الأحداث غير الجانحين، فوجد أن المجموعتين تختلفان في أربع عشرة فئة من العوامل الاجتماعية.
ويقصد عموما بالعوامل الاجتماعية، كافة الظروف ذلك الطبيعة الاجتماعية المحيطة بالحدث، وهي أساسا تتعلق بالهيئة العالية التي بينا فيها الحدث إبتداء والبيئة المدرسية أو مجتمع الأصدقاء أو الحي الذي يعيش فيه الحدث.[2]
إن علاج الحدث الذي يرتكب جريمة والمعرض للإنحراف يتم إما بإبقائه في بيته الطبيعية مع مساعدته وتوجيهه، أو بإبعاده عن الوسط الذي يعيش فيه إذا كنت حالته تستدعي ذلك، وتشق وجهة نظر علماء الإجرام على القول بالقاء الحدث في بيئته الطبيعية قدر الإمكان لأنها في الغالب أحدى في تأهيله.
ولكن قد تكون ظروف الحدث البيئية غير ملائمة لإصلاحه فيتعين عند ذلك العمل على إبعاده عن بينته التي قد تكون سببا في إجرامه ووضعه في مؤسسة متخصصة تتمتع بمزايا الأسرة الكبيرة، وتعمل على تزويده بالمبادي والأمس كتي تيسر له متابعة حياته الطبيعية في الجماعة من جديد.
وقد كان الاتجاه فيما مضى يرمي إلى استخدام هذه المؤسسات الإصلاحية لحماية المجتمع بحجز المذنين فيها، أما الاتجاه الحديث فيهدف إلى قيام هذه المؤسسات بتأهيل الجانحين وحمايتهم وتعليمهم.
فما هي العوامل الاجتماعية والثقافية وراء جنوح الأحداث ؟ وما هي أهم أنواع المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث ؟ هذه الإشكالات ستحاول الإجابة عنها من خلال تقسيمنا لهذا الموضوع إلى مبحثين اثنين، وذلك كالآتي العوامل الاجتماعية والثقافية المسببة لجنوح الأحداث (المبحث الأول)، المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث (المبحث الثاني). [3]
المبحث الأول : العوامل الاجتماعية والثقافية لجنوح الأحداث
لقد اهتم علماء الأجرام بترقية العوامل التي تؤدي بالحث إلى الجريمة، وتلك حتى بعد علم العقاب بالمادة الأولية والتي على الساسها يتم البحث على المعاملة الجنائية المناسبة للأحداث.
إن العوامل المحددة لانحراف الأحداث كثيرة ومتدلقلة ومعقدة يلتقي فيها البيولوجي بالنفسي بالاجتماعي بالقالي بالاقتصادي وغيرها من العوامل، ويمكن تجميع مختلف العوامل التي اكتشفها الباحثون لبروز ظاهرة جنوح الأحداث في عوامل ذاتية تحدث الشخص الجاني، وأخرى خارجية تعود البيئة الاجتماعية التي تحيط بالحدث.[4]
ولابد من الإشارة إلى أن العامل يختلف عن السبب، إذ أن العامل هو مجموعة من المؤشرات ذات المدلول السببي التي تحيط بالحدث أو تنبع من نفسه والتي يمكن أن تساهم في انحرافه، أما السبب فهو القوة الدافعة الناشئة عن مجموعة من العوامل التي تظافرت لإحداث السلوك المنحرف.[5]
ونحن في هذا العمل سوف نكتفي بتناول العوامل الاجتماعية (المطلب الأول). والثقافية (المطلب الثاني) نظرا لأهميتها القصوى في علم جنوح الأحداث، أو ما يصطلح عليه بعلم الطفولة الجائحة”.
المطلب الأول : العوامل الاجتماعية المؤثرة في جنوح الأحداث
كان ويكس احد الأوائل الذين حاولوا استقلال العوامل الاجتماعية كعناصر ومؤشرات للتنبؤ بجنوح الأحداث، نظرا لأهمية هذه العوامل كما سبق الذكر.
ويعتبر الحدث من أكثر الأشخاص تأثرا باسيلة التي يعيش فيها نظرا لحداثة منه وتكوينه النفسي، فهو يتأثر بأول وسط يتواجد به وهو الوسط الأسرى الفقرة الأولى) لم بنقل خلاله إلى وسط آخر يواجه فيه مجتمعا جديدا وعلاقات مختلفة وهو الوسط الدراسيوالمهني (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الوسط الأسري
الأسرة خلية المجتمع الأولى، والفرد إذ يخرج إلى المجتمع إيما يدخل إليه من طريق الأسرة، فالأسرة هي الطريق إلى المجتمع أو في المجتمع الصغير الذي يسلم الفرد إلى المجتمع الكبير. وهي تعتبر المحيط الذي يربط معه الحدث أول علاقته بالعالم الخارجي والتي تقوم بدور مهم في تكوين شخصيته، من خلال عملية تربيته ونشته وهي عوامل تختلف من أسرة إلى أخرى، فقد تعمد إلى المعاملة الفاسية واستعمال العنف التجاء الحدث مما ينعكس سلبا على صحته النفسية وينمي لديه الإحساس بالخوف والنزعة العدوانية، كما أن التساهل الزائد في معاملته يجعل منه شخصية أدائية ضعيفة غير قادرة على تحمل المسؤولية التمرد على أول واجب يسند إليه في إطار علاقه الأفراد المحيطين به. وكذلك من بين الأساليب المشعة في تربية الحدث التأرجح في المعاملة فيتم اعتماد القسوة والعقاب أحيانا والتساهل المفرط أحيانا أخرى مما يجعل سلوكه غير محكوم بمعيار ثابت ودقيق نظرا لعدم قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب م المعاملة لذلك ينبغي أن تكون هذه الأخيرة معتدلة لا تصل إلى حد الإسراف في التساهل ولا في مع القوة والعنف[6].
ومن العوامل التي تقضي إلى إجرام الحدث وجنوحه، السلوك الإجرامي البعض أفراد الأسرة، كإجرام الوالدين، أحدهما أو كلاهما، أو جنوح أكبر الأبناء أو أكبر الملك، فلهذا العامل يعتبر أهمها وأخطرها أثرا.
وليس من الضروري أن يقوم الوالدان أو الأخوة الكبار يصل إيجابي لإرضاع الطفل ذلك الجنوح، بل يكفي أن يشب الحدث في هذه البيئة الفاسدة لكي يستمرئ الجنوح، ويصبح السلوك الإجرامي بالنسبة له أمرا مستافا، غير أن الذي يجري في الواقع هو أن الأب النص كثيرا ما يعلم أولاده السرقة، أو هو على الأقل لا ينهاهم عنها، كما أن الأم التي تحترف البعاء والرذيلة يغلب أن تنفع بناتها إلى هذا الطريق أو هي على الأرجح بتشجيعهم على الاندفاع فيه، فينبغي أن تكون القيم السائدة في الأسرة فيها إيجابية تنسجم مع السائدة في المجتمع ولا تتعارض معها، لكي لا يجد الحدث صعوبة في الموافقة بينهما بشكل يصعب معه مقاومة البحث عن قيم أخرى غالبا ما تؤدي به إلى الانحراف.
يعتبر مصطلح أو مفهوم الأسرة المتصدعة أو البيت المهدم أو المتصدع من المفاهيم العلمية التي استخدمت على نطاق واسع في مجال جنوح الأحداث، فغالبية الدراسات التي تناولت الموضوع، أعتبرت الأسرة المتصدعة حجر الأساس في حلق الظروف والمواقف التي تسهم في تكوين السلوك الجنح للأطفال.
ومما لاشك فيه أن تعرض الأسرة للتفكك قد يكون له عميق الأثر في نفسية الطفل، ويقصد بالتفكاد العائلي: التفكك المعنوي الراجع لتخلخل العلاقات العائلية، وكذلك التفكك المادي الذي يشمل الطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما[7].
ولقد تبين من دراسة ميدانية أجريت على أكثر من 800 أسرة مفككة بالمقارنة مع 800 أسرة غير مفككة (عادية) أن نسبة 67.4% من الأطفال الصالحين ينتمون إلى أر مفككة، فحرمان الحدث من وجود أي بجانبه يؤثر في نفسيته فيفتقد المقومات الأساسية لبناء شخصية كاملة وسوية لأن الأب يمثل النموذج الذي يتطلع لتقليده وغيابه يؤدي إلى غياب هذا النموذج، مما يدفعه للبحث عن بديل له، كما أن حرمانه من حنان الأم ورعايتها تنتج عنه مختلف أنواع الاضطرابات النفسية كالفلق وزيادة مخاوفه واضطرابه وضعف الثقة بنفسه وتظهر معاناته بعد ذلك على شكل ردود أفعال عدوانية تترجم إلى انحرافات
سلوكية.”[8]
كما أن المستوى الاجتماعي للأسرة والمسكن الذي يهيم فيه أفراد الأسرة، له الأثر البالغ على شخصية الحدث، فإذا كان السكن ضيفا يكتظ بسكانه يدفع الحدث القرار منه للشعور فيه بالضيق والفشل والإهمال مما يولد رغبة في سلوك قرب الجريمة وسبيل الخلاص.
الفقرة الثانية: الوسط المدرسي والمعني
لا يكفي مجتمع الأسرة بمفرده لكي يؤهل الطلال التعرف الاجتماعي السليم، بل لابد أن يخرج من إطاره الأسري المحدود العدد والتعاق، كي يتعلم كيف يواجه الحياة خارجها في بيئة أخرى ذات دور حاسم في عملية التنشئة الاجتماعية، هذه البيئة هي البيئة المدرسية.
فالمدرسة هي أول بيئة يخرج إليها الطفل من أسرته، ومن ثم فهي تعتبر أول مجتمع متشابك ومترامي الأطراف بعد الطفل نفسه به، لا اعتاد قبل ذلك على جو الأسرة محدود العدد، أما المجتمع المدرسي فيوجد به عدد كبير من الأولاد الذين يقاربونه في السن ويشاركونه لزعاته وأهواءه، غير أن كل واحد منهم يختلف عن الآخر في طابعه التي اكتسبها من الطبيعة أو من البيئة العائلية.
ولهذا تعتبر المدرسة مجتمعا حقيقيا يحتاج من الطفل إلى قوة من نوع آخر لأن شكل الحياة فيها يختلف عنه في المجتمع الأسري، ومن أجل ذلك فإن مجتمع المدرسة يمثل أول تجربة اجتماعية يخوضها الطفل، لا يواجه فرصا كبيرة للتقليد والمحاكاة والاندماج والإيحاء وغير ذلك من وسائل اكتساب القيم والمبادي.
ومن أهم العوامل المرتبطة بالوسط المدرسي والتي من شأنها أن تودي بالحدث إلى الانحراف والفشل الدراسي، والذي قد ينتج عن قصور عقلي أو عوائق جسدية أو إهمال منه فضلا عن إهمال الوالدين في متابعته ومراقبة مسيرته الدراسية، مما يؤدي إلى علم الانسجام مع المناهج الدراسية وعدم القدرة على
مسايرة زملائه في الفهم والتحصيل مما يشعره بالإحباط والفشل.[9]“
وهذا ما ينفعه إلى محاولة الهروب من المدرسة والبحث عن بديل عنها يقضي فيه الوقت المخصص لها فيلما إلى الشارع الذي من شأنه أن يمهد له طريق الانحراف.
كما قد يكون المعلم اور في العراف سلوك الحث إذا ما كان غير مؤهل وغير مشارك السيكولوجية التلاميذ بصفة عامة، والخصائصهم الحسية والعقلية وسلوكهم الاجتماعي في اطوار سموهم النص يسيء فهمهم، وقد بلمحة إلى التلين المستمر في الأهل والضرب في حين من المفروض أن تكون معاملة المدرس تتسم بالين والفهم.
ومن هنا درست اتفاقية حقوق الطفل على ابراز أهمية دور المدرسة في صفية بناء شخصية الطفل، وفي ذلك تنص المادة 29 من هذه المعاهدة على أنه “يجب أن يكون تعليم الطفل موجها نحو :
- تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكانياتها.
- تنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم
ج- تلمية الاحترام لدى الطفل وهويته الثقافية وقيمه الخاصة، والقيم الوطنية الليك الذي يعيش فيه الطفل والبلد الذي نشأ فيه في الأصل.
د – إعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر بروح التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين.
ومن أجل ذلك، جاء في السيدا 26 من مبادئ الرياض التوجيهية أنه ينبغي أن تكون المدارس بمثابة مراكز للإرشاد وللإحالة إلى الجهات المختصة من أجل الحصول على الخدمات الطبية والاستشارية وغيرها للأحداث ولاسيما لذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعانون من إساءة المعاملة والإهمال والإيذاء والاستغلال.
وإذا كان الوسط الدراسي غير الملائم عاملا من عوامل جنوح الأحداث فلل الوسط المهني أيضا قد يكون كذلك، فالظروف قد تنقع بالحدث للخروج إلى العمل وهو إينا لاحتياج أسرته أو الفشله في الدراسة، فيلتقي في هذا الوسط مع العديد من الأفراد في مثل مله أو مقاربين له أو أكبر منه بكثير وبالتالي نوي سلوكات قد تكون سليمة أو غير سليمة مما قد يؤثر عليه سليا.
كما أن قوة رب العمل وعنونيته المفرطة تجاه الحدث قد تدفع بهذا الأخير إلى ارتكاب جريمة نتيجة هذه المعاملة السيئة خاصة إذا كان أجره لا يتناسب مع ما يقدمه من عمل مما يدفعه إلى ارتكاب فعل مخالف للقانون بقصد الانتقام عنه سواء بالإشرار بمصالحه المادية أو بسلامة جسمه.
من هذا نستخلص بأن الوسط المدرسي والمهني كوسط يعيش فيه الحدث يساهم في تكوين شخصيته وتنمية ميوله التي يكون لها تأثير على مستقبله وتصرفته، لذلك ينبغي النهوض بقطاع التعليم حتى يقوم بدوره في تنمية شخصية الحدث ومواهبه مع محاربة سوه المعاملة وتعزيز الدور التربوي والإرشادي للمدرسة.
المطلب الثاني : العوامل اللقافية والانحراف
لاشك أن للعوامل الثقافية المتعددة سواء كان مصدرها الاطلاع أو كان مصدرها المشاهدة، من تعليم وإعلام ودين، وغيرها من وسائل الحياة الفكرية… تأثير عميق في السلوك الإنساني بوجه عام وبالتالي على ظاهرة الانحراف لدي الأحداث بصفة خاصة. فالحدث لا زال في مراحل حياته الأولى وخلال مروره بهذه المراحل يعبر الكثير من الجسور العملية والعلمية… التي تكسبه الخبيرة بأمور الحياة وهذه الخبرة إما أن تتالتي له عن طريق التجربة أو المحاكاة التي ترتبط كما يرى ويطلع ويشاهد ويسمع ويحاول هو أن يقلد تعليدا أعمى دون أن يكون لديه الإدراك والإرادة الكافيين للحكم على ما شاهده وراه وسعه.
فإذا ما السمت وسائل الاتصال هذه بالسلف والتعمير والخيال وعدم الواقعية، وبتشجيع السلوكيات غير الاجتماعية كفلام العصابات والمخدرات والسرقة والنصب وغيرها فإن ذلك ينعكس
بالسلب بلا شك على سلوك الحدث ومن ثم يعتبر عاملا مهينا للأعراف[10].
وانطلاقا من هذا المعطى فإن دراسة العوامل الثقافية لانحراف الأحداث ستكون من خلال التطرق إلى أثر التعليم على السلوك الإجرامي (الفقرة الأولى)، ثم دور الاطلاع والمشاهدة في الحراف
الأحداث الفقرة الثانية)، واخيرا ستعمل على تيان مدى مساهمة تعاليم الدين في إنحراف الأحداث.[11]
الفقرة الأولى: أثر التعليم على السلوك الإجرامي
أكدت العديد من الأبحاث والإحصاءات الجنائية التي أجريت منذ القرن الماضي في كثير من الدول الأوروبية أن المودوعون في السجن تغلب عليهم سمة ارتفاع نسبة الأمية، وكما ذهب الأديب الفرنسي فيكتور هوجو Victor Hugo إلى القول بل فتح مدرسة هو بمثابة إغلاق سجن.
وقد لوحظ لدى الجانحين من المتعلمين من الأحداث وارتفاع نسبة الرسوب المدرسي إما بسبب التخلف الذهني وإما بسبب إهمال الدراسة للتفرغ للبطالة والتشرد إلى حد أن بعض الباحثين يقدر أن 62% من الشباب الجانح سبق له الرسوب أكثر من مرة في المدرسة.
ويری “شلدون والبالون جلوك أن هذا التخلف المدرسي يمثل بداية لعدم التوافق بين الفرد وبين بيئة المدرسة، ثم بينه وبين بيئته الاجتماعية، ومن هذا يتضح أن التعليم ليا كانت درجته هو نوع من التربية يؤثر في سلوك الفرد إزاء الغير وإزاء الجماعة.
ففي المدرسة يتعلم الصغير أمس الحياة في المجتمع وبذلك يمكنه أن يكيف سلوكه مع قواعد القانون والأخلاق خاصة إذا تظافر مع الهيئات الدراسية بيئة عالية صالحة.
ولذا فإن التربية المدرسية الخاطئة تسفر عاليا عن الحاق ضرر دائم وبالغ الخطورة في تطور ونماء شخصية الفرد، ومن ثم فالتعليم ذو أثر بالغ على السلوك الإنساني وتوجيهه إلى الصواب والبعد عن الانحراف.
إلا أن هذا القول لا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه، وذلك وفقا لاتجاه جانب من الفقه، حيث يرى “جار وقالو”، أن انتشار التعليم لا ينبغي أن يعد من عوامل مقاومة الإجرام لأن من المشكوك فيه أن القيم والأخلاق إذا التفت يمكن أن تخلق عن طريق التعليم خلال فترة الطفولة المبكرة.
كما ذهب لوميروزو” في دراسة مقارنة لجرائم القتل والسرقة في إحدى عشرة دولة كتفاوت في مدى انتشار التعليم فيها إلى أنه كلما ازدادت نسبة التعليم كلما قلت جرائم القتل وزادت جرائم السرقة، وكلما ازدادت نسبة الأمية كلما زادت جرائم القتل وقلت جرائم السرقة[12].
وخلاصة القول أنه إذا كان للتعليم أثره في ارتكاب أو علم ارتكاب الجريمة ونفس الكيفية التي يرتكبها بها الأمرين، ولكن باستخدام وسائل أكثر بقنية ومهارة، فإنا لا يمكن أي تذكر دور التعليم في مكافحة الجريمة بما يفتحه من سيل جديدة للارتزاق كانت مطلقة في وجه الفرد وبما يعطيه من مكانة اجتماعية ربما يحاول الإنسان المتعلم الحرص عليها وبما قد يبذله المتعلم من وقت وجهد في الدرس والتحصيل كنا سودهيان في المفاسد والشرور، ولهذا كان الهروب من المدرسة من أخطر الأمور التي تنذر بالحراف التلميذ، ولكن ينبغي أن يكون التعليم هادفا بعيدا من كافة الأهواء والمبادي الشخصية التي بغرسها المعلم في التلميذ.
الفقرة الثانية : دور الاطلاع والمشاهدة في انحراف الأحداث
الإنسان يميل بطبعه إلى التقليد والمحاكاة وإلا لما طار في السماء ولا غاص في أعماق البحار، وبالتقليد يكتسب الإنسان معظم خبراته وسلوكه، ففي الأسرة يقلد الطفل أبويه وإخوته، وفي المدرسة يقلد التلميذ مدرسيه ورفاقه وفي العمل وفي شتى مناحي الحياة، فالتقليد والمحاكاة إن هما إحدى الأدوات التي يستند عليها الإنسان في تعلمه الأشياء وكيفية التعامل معها.
ومن هنا بتأني مدى تأثير وسائل الاطلاع والمشاهدة على السلوك الإنساني وعلى الانحراف، وخاصة بالنسبة للأحداث.
فالطفل عندما يرى يجب أن يقلد وعندما يسمع يريد أن ينفد والحدث عندما يقرا تتحرك ميوله وتتأثر غرائز، وتتدفع حواسه للاندماج مع المقال الذي يقرأه في الجرائد أو المجلات أو مع الرواية أو المؤلف أيا كان طبيعة ما يقراء.
وعندما يشاهد فيلما أو مسلسلا أو مسرحية تنتابه حالة فصام فيتمنى أن أو كان معه مسلما أو سيفا، أو خنجرا لو سهما كي يكون مثل ذلك الرجل أو الفتاة الأسطورة اللذان راهما على شاشة السينما أو التلفزيون أو سمعهما في الراديو .
ومن هنا أثارت وسائل الإعلام نقاشا بين رجال القانون والاجتماع حول دورها كعامل في زيادة الإجرام.”
وقد لاحظ كون التافت، أن التلفزيون وغيره من الوسائط يوجه إلى الجريمة بصفة غير مباشرة عن طريق القيم التي تورث الجريمة أو السلوك اللاجتماعي الذي قد يوجد في الثقافة العامة والاتجاه نحو العلف أكثر مما يكون عن طريق التأثير المباشر لموضوعات الجريمة ذاتها.
كما أشار “وليام هيلي، إلى أن بعض الأشخاص يميلون بفطرتهم إلى العنف والعنوان وأن عرض مشاهد الجريمة في الشاشة من شأنه أن يحرك لديه هذه الفطرة ويساعدها على الانطلاق حتى ولو كل عرض مشهد الجريمة مصحوبا بانتصار العدالة وعقاب المجرم.
وعموما فإن التكثير القوي والشديد من وسائل الاطلاع والمشاهدة على العراف الحنث وخاصة إذا ما وجدت عوامل أخرى مهيئة للانحراف، متصدع الأسرة والأمية والبطالة والفقر وعوامل داخلية السوة كانت أم عضوية، إذا ما تكاملت مع تلك الوسائل كانت كلها دافعا قويا للانحراف، ومن ثم يجب أن تكون وسائل الإعلام تحت إشراف واع حتى تستخدم بمهارة وحكمة في مكافحة الجريمة لا في ارتكابها.[13]
الفقرة الثالثة: ومدى مساهمة الدين في انحراف الأحداث
بحث الدين على الفضيلة والأخلاق والعتاب كافة السلوكيات غير الاجتماعية لو المتناقضة مع الطبيعة البشرية التي خلقها الله لتكون أسمى المخلوقات.
ولهذا كانت الجريمة فعل يستهجنه الدين الإسلامي الذي بحث على الخير والتعايش الاجتماعي في أمن وسلام، وهذا بدوره ينعكس على الحدث فإذا ما أجريت المقارنة بين مجموعتين من الأحداث، الأولى تعيش في بيئة أسرية واجتماعية تبعد كل البعد عن الدين واخلاقه الحميدة التي بحث عليها، وقيمه السامية التي ينميها لدى الفرد بارتكاب سلوكيات وأفعال غير اجتماعية حتى ولو لم تصل بعد إلى حد الجريمة مثل تناول المسكرات ومشاهدة الأفلام الفاضحة أو الصور الخارجة، أو قراءة كتب لا أخلاقية، أو كانت الأسرة مما لا براعي أبها الراعي حق السرنه عليه أو الزوجة لا تراعي ربما في زوجها وأسرتها مما بكثر من التصدع والتفكلك والانحلال الخلفي داخل الأسرة، لو كان المجتمع يشجع على الفسق والفجور والإباحية في الجسد والمال تحت ستار الديمقراطية… فلاشك أن هذه المجموعة
من الأحداث سوف تجد طريقها سهلا ميسرا في اتجاه الانجراف وتكلفة صورة واشكاله.
وأما المجموعة الثانية، فهي التي تعيش في جو من الأسرة يسوده الطابع الديني الذي يقسم الحقوق والواجبات لكل فرد من أفراد الأسرة، وتغلب عليها صفة الأب والأخلاق والتسامح والمرونة واللين والشدة والقسوة في حين آخر، وقراءة الكتب الدينية والعمل بها وقد أثبتت الأبحاث أن قراءة القرآن تلين القلوب الجامدة وتمحو من الفكر خيالات الذنوب والمعاصي وتريح الجسد من ويلات الأمراض النفسية الجمة.[14]
وتجزم جزما قاطعا أن هذه المجموعة ستكون بعيدة كل البعد عن التفكير في الدخول إلى إطار الانحراف وخاصة إذا لم يتسم تفسير قواعد الدين بالتشدد والمغالاة فالدين عمر لا عمر.
ومن هذا ينصح أنه مما لاشك فيه أن الدين يدعم مقاومة الفرد لبواعث الجريمة وكثيرا ما يعزى انتشار الظاهرة الإجرامية إلى ضعف تأثير الدين أخلاقيا على الفرد.
المبحث الثاني : المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث
إن علاج الحدث الذي يرتكب جريمة والمعرض للانحراف يتم إما بإلقائه في سنه الطبيعية مع مساعدته وتوجيهه، أو بإبعاده عن الوسط الذي يعيش فيه إذا كانت حالته تستدعي ذلك، وتتفق وجهة نظر علماء الإحرام على القول بإناء الحدث في بيئته الطبيعية قدر الإمكان لأنها في الغالب أحدى في تأهيله.
ولكن قد تكون ظروف الحدث البينية غير ملائمة لإصلاحه، فيتعين عند ذلك العمل على إبعاده عن بيئته التي قد تكون سببا في إجرامه ووضعه في مؤسسة متخصصة تتمتع بمزايا الأسرة الكبيرة، وتعمل على تزويده بالمبادئ والأس التي تيسر له متابعة حياته الطبيعية في الجماعة من جديد.
ولاشك أن الإبداع في مؤسسة مخصصة للأحداث من أقدم أنواع التدابير التي طبقت على الأحداث، وهي تعمد إلى اتباع انجاء تربوي تقويمي يهدف إلى علاج الأحداث الجانحين، وإلى تأهيلهم من الناحية الاجتماعية وإلى تقويمهم من الناحية الشخصية، كما ينبغي إبداعهم في جو تسوده الثقة والحرية، ويتمتعون بفرس النمو الجسماني والعقلي والخلفي التي تتاح لغيرهم من الأطفال والمراهقين.
ولقد كان الاتجاه فيما مضى يرمي إلى استخدام هذه المؤسسات الإصلاحية لحماية المجتمع بحجز المذنبين فيها، أما الإتجاه الحديث فيهدف إلى قيام هذه المؤسسات بتأهيل الجانحين وحمايتهم وتعليمهم.”[15]
وإذا كانت مؤسسات الأحداث هي الأساس في مواجهة الإجرام عند الأحداث لأنها تهدف إلى تأهيلهم بأساليب تربوية خاصة بعيدة عن أساليب العقاب والزجر، فإننا سنتناول في هذا الباب دراسة ماهية هذه المؤسسات وتطورها (المطلب الأول)، ثم أنواع هذه المؤسسات (المطلب الثاني).
المطلب الأول : ماهية المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث وتطورها
إن دراسة هذا المطلب تقتضي منا تقسيمه إلى فارسي، حيث ستتناول ماهية المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث (الفقرة الأولى)، ثم بعد ذلك سنتطرق لمعالجة التطور الذي عرفته هذه المؤسسات منذ نشأتها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : ماهية المؤسسات المرسدة لمعالجة ملوح الأحداث
تعتبر المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث، مؤسسات تابعة للقطاع الحكومي مهمتها حماية وإعادة تربية الأحداث الجائعين، وهي مؤسسات عمومية تخضع القانون العام، فهي قد تكون مؤسسات تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة، وقد تكون مؤسسات تابعة لوزارة العدل[16].
وتتبع المؤسسات المخصصة للأحداث مبادئ عامة في المعاملة بحيث تعمل على تهيئة الظروف الملائمة كي ينال الحدث القسط الكافي من التعليم المدرسي والمهني والأخلاقي، وتكيفه مع البيئة الاجتماعية من جديد، وعملية التأهيل هذه تحتاج إلى رعاية مستمرة ورقابة دائمة وبرامج بناءة لإزالة العادات السيئة التي اكتسبها الحدث والتي تأصلت في نفسه وتعويده على سلوك عادات سليمة ومقبولة.
وهذه المؤسسات الخاصة بالأحداث تؤمن لهم ما فقدوه في بيتتهم العائلية وبينتهم الطبيعية، فتنبع في أسلوبها التربوي كل ما من شأنه إنجاح عملية التأهيل فتعمل على تهيئة الجو الأسري داخل هذه المؤسسات، وتوفر للأحداث العناية الصحية والنفسية والاجتماعية السليمة، وتعمل على إزالة جميع الأسباب التي أدت إلى الانحراف والإجرام، وهي من ناحية أخرى ترمي إلى غرس مبادي المحبة والتعاون والاستقرار العاطفي في نفوسهم، كي يستطيعوا أن يحيوا حياتهم العادية من جديد.”
وتهيئ هذه المؤسسات النزلاتها ممارسة النشاطات والهوايات المختلفة بإشراف جهاز إختصاصي لكي تتم عملية التأهيل بنجاح، ولا يقتصر العمل داخل هذه المؤسسات على الاعتناء بالحدث أثناء وجوده خلال الفترة التي يحكم بها، بل ترعى هذه المؤسسات الحدث حتى بعد الإفراج عنه وذلك لفترة معينة تتحقق من خلالها الله لن يعود إلى السلوك المنحرف مرة أخرى، والوقوف على مدى تكيفه مع الأسرة والمجتمع في الدراسة والعمل[17].
ويعتبر تدبير الإبداع في إحدى المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث من أهم التدابير التي تطبق على الأحداث الجانحين في مختلف التشريعات، ومؤدي هذا التدبيره إيواء مؤسسة أو معهدا أو دارا للحدث الذي يخضع فيها لبرنامج تربوي وتقويمي شامل يتسع لكل جوانب حياته[18]
ومعنى ذلك أن هذا التكبير هو تدبير سالب للحرية، لأنه يلزم الحدث بالإقامة في مكان معين خلال المدة التي يعينها الحكم، ولهذا السبب ينظر إليه باعتباره أقسى التدابير وأشدها لما يترتب عليه من نزع الحدث وإقصائه عن بيئته الطبيعية ووسطه الأسري المقعم بالروح العائلية التي هو في أشد الحاجة إليها.[19]
ولهذا السبب ترى محكمة النقض المصرية في العديد من الحكامها أن الإيواء في مؤسسة للرعاية الاجتماعية هو عقوبة جنائية بالمفهوم القانوني تقيد حرية الجاني، برتبها القانون لصنف خاص من الطلاء هم الحياة الأحداث[20].
ومن أجل ذلك، تحرص كثير من التشريعات العامة بالأحداث الجالسين في تعيين حد أقصى المدير، حراسا على حماية حرية الحديث وحتى لا تسلب لمدة تزيد على ما يتطلبه الهدف من المسيرة
ولهذا لا يلجا القاضي لتوقيع هذا التفسير إلا في حالات الضرورة القصوى، وحيث بتمبر توابع أي تدمير آخر، لاسيما إذا كانت الأسرة غير صالحة لتربية وتأهيل الحدث.
الفقرة الثانية : تطور المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث
نشأت المؤسسات الإصلاحية نتيجة للتطور المتلاحق في معاملة الأحداث العالم أو المنحرفين، ونتيجة للأفكار الحديثة عند علماء النفس والتربية والاجتماع التي ترى أن الحدث المنحرف يتأثر بالبيئة والوسط الاجتماعي اللذين يعيش فيهما وبالتقاليد والعادات السائدة في المجتمع، إلى جانب تأثره بأسرته، فهو مرآة عاكسة للوسط الذي يعيش فيه.
وتتبع المؤسسات الخاصة بالأحداث نظاما خاصا بالمعالجة بعيدا كل البعد عن معالم السجن وما يورثه من فساد وعودة إلى طريق الجريمة.
ففي مصر نشأت وتطورت المؤسسات الإصلاحية، عندما بدأ الاهتمام بشؤون الأحداث في التشريع المصري منذ عهد محمد علي باشا، إذ كان قانون سياسة اللائحة بلس على إرسال الحدث إلى محل للتربية. وقد اتجهت التشريعات المتلاحقة إلى إنشاء دور الإبداع الداخلية المخصصة للأحداث وسميت بالإصلاحيات، وقد أنشئت أول إصلاحية في مصر عام 1894 بالإسكندرية، وفي سنة 1907 أنشئت إصلاحية الأحداث الموجودة حاليا في الجيزة.
وكان نظام الإصلاحيات والجهود الأهلية يفتقران إلى الإمكانات المادية والفنية اللازمة، لهذا صدر القرار الجمهوري عام 1954 بإنشاء الإتحاد العام لرعاية الأحداث ليضم جميع الهيات والمؤسسات التي تعمل في رعاية المشردين والمنحرفين من الأحداث.
وفي عام 1950، الشئ الوحدات الاجتماعية الشاملة. وفي عام 1904 متر قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الاتحاد العام لرعاية الأحداث ومؤسساته ووحداته إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وفي عام 1969 صدر القرار الوزاري رقم 152 بإنشاء المركز النسونجي للرعاية الإجتماعية بمصر القديمة، وحدد اختصاصات المركز بالعمل في مجالات البحوث والتدريب للأحداث المنحرفين.[21]
وقد نص قانون الطفل المصري لسنة 1996، والمعدل في عام 2008،28 على هذه المؤسسات في الفقرة الثامنة من المادة 101 منه بقولها :
“8- الإبداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية”.
أما في فرنسا فقد وجدت المؤسسات الخاصة بالأحداث التعليمهم وتربيتهم ملك عام
1722، واستمرت هذه المعاملة الخاصة بالأحداث، وفي القرن التاسع عشر تطور الأمر وأصبح الأحداث المنحرفون يرسلون إلى مستعمرات زراعية، وقد صدر في 1850 قانون عمل على توسيع نطاق هذه المؤسسات والمستعمرات، فأوجب تعلم المهن، وأصبح الحدث يلفن العلوم الدينية والأخلاقية داخل هذه المستعمرات.
ورغم ما حققته هذه المؤسسات الإصلاحية من حيث تصنيف المجرمين وتفريد العقاب، فإن طابع الردع والتأنيب كان غاليا على طابع التهذيب والإصلاح، وهذا ما أثار حملة على هذه المؤسسات مما أدى بها إلى التطور باتجاه الغاية التي الشات فلجأت إلى نظام الأكواخ، وأصبحت الحياة الأسرية تسودها كما لو كان يعيش داخل نطاق أسرته. وامتد نظام المؤسسات الإصلاحية فيما بعد ذلك إلى معظم أنحاء العالم ونصت[22] عليه التشريعات في غالبية الدول المعاصرة.[23]
المطلب الثاني : انواع المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث في المغرب وفي بعض الدول العربية والغربية
بعد ظهور فكرة التقويم وإعادة التأهيل والتهذيب بنية إرجاع المجرمين والمنحرفين إلى بيئتهم الأصلية، قرر المشرفين على تنفيذ الأحكام والقرارات المسائية جعل الأحداث يقضون فترات العقوبات المالية للحرية أو التدابير الصادرة بشأنهم إما في أماكن منعزلة عن المحلات التي يتواجد بها المجرمون الكبار أو مؤسسات خاصة يمكن أن يحدثه الاختلاط بالمجرمين المتمرسين من تأثير على نفسيتهم وعلى سلوكاتهم الاجتماعية. فما هي أنواع المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث في المغرب ؟ (الفقرة الأولى) وفي بعض الدول العربية والغربية (الفقرة الثانية). [24]
الفقرة الأولى : أنواع المؤسسات المرسدة لمعالجة بلوم الأحداث في المغرب
توجد في المغرب مؤسسات تابعة للقطاع الحكومي مهمتها حماية وإعادة تربية الأحداث الجانحين، وهي مؤسسات عمومية تخضع للقانون العام، وهي نوعان : مراكز حماية الطفولة التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة ومراكز الإصلاح والتهذيب التابعة لوزارة العدل وهو ما أشرنا إليه في المطلب الأول من المبحث الثاني من هذا البحث.
توجد إلى جانبها مؤسسات مساندة لستها السلطات بمبادرة منها تخضع لقانون حق تأسيس الجمعيات 18 نونبر 1958، كما وقع تعديله وتتميمه، وهي عبارة عن جمعيات حكومية معترف لها بصفة المنفعة العمومية، ومن بينها مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء والمرصد الوطني لحقوق الطفل، وسنتطرق إلى هذه المؤسسات من خلال العناصر الآتية :[25]
أولا : مراكز حماية الطفولة
تتكون الشبكة الحالية لمراكز حماية الطفولة من 16 مركزا معدا لاستقبال الأحداث الجانحين،
يحالون عليها بموجب تغيير المالي طبقا لمقتضيات الملتين 471 و 481 من قانون المسطرة الجنائية.
وتهدف هذه المراكز إلى إعداد القتراحات ومشاريع تربوية تستعين بها السلطات القضائية في الخلال التكبير القضائي المناسب للحدث، كما تهدف إلى تقديم الخدمات الاجتماعية والتربوية والصحية الكفيلة بتأمين إصلاح الحدث وتقويم سلوكه واندماجه في المجتمع، وفيما يخص بنيات الاستقبال بمراكز حماية الطفولة فيمكن إجمالها في الفضاءات الآتية :
- فضاءات الإقامة (مرافق جماعية للنوم، قاعات للأكل، مرافق للنظافة والاستحمام).
- فضاءات التكوين (معامل مهنية مجهزة حسب التخصصات، أقسام للدروس النظرية الخاصة بالتخصص المهني، السلام دراسية، أقسام التعليم غير النظامي).
- – فضاءات تربوية (أندية للتنشيط والترفيه، ملاعب رياضية).
وتتألف مراكز حماية الطفولة من الفروع الأتية :
1- فرع الملاحظة : ويودع به الأحداث بصفة مؤقتة ويهدف إلى دراسة شخصية الحدث وتشخيص الصعوبات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها، وتجميع المعلومات المتعلقة بالوسط العائلي والاجتماعي الذي عاش فيه الحدث والتقصي حول سوابقه الصحية والسلوكية قبل جنوحه.
2- فرع إعادة التربية : ويستقبل الأحداث الذين تبين خلال إقامتهم بفرع الملاحظة أنهم في حاجة إلى الحماية والإصلاح وتقويم السلوك، تتم إحالتهم بموجب تكبير قضائي وتتجلى الأهداف من إقامتهم في هذا الفرع في :
– اكتساب الحدث قواعد النظام والقيم الاجتماعية.
– الشرب على الحياة داخل الجماعة.
الحصول على تكوين مهني أو دراسي يؤهله للإندماج الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع، أما فيما يخص الإجراءات المتحدة لقادة الميت بارع إعادة التربية، التحلي في تقویم ملوك الحديث عن طريق إتمامه في جماعة، ويرعي في الحاله مدى القارب السن مع علي الأفراد الأخرين وقراته الفكرية والجسدية، ومن الإجراءات كله كاني تكوين مهني للحدث وتمتين الروابط بين الحين وعائلته وضمان تواصل الحديث مع المحيط و مدرسي الخارجي.
3- الدية العمل الاجتماعي : تستقبل الأحداث الذين واصلوا دراستهم بمراكز إعادة التربية وذلك من أجل متابعة دراستهم بإحدى التتويات التعليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية والشباب وكذا الأحداث الحاصلين على شهادات التكوين المهني مراكز حماية الطفولة، ويحتاجون التدريب في إحدى الورشات من أجل تعميق تكوينهم، وإضافة إلى مراكز حماية تتوفر كتابة الدولة في الشباب على نظام عمل في الوسط الطبيعي، يعني بتقديم خدمات تربوية واجتماعية للأحداث الذين أحيلوا مباشرة على الحرية المحروسة، أو الأحداث الذين سبق أن استفادوا من خدمات مراكز حماية الطفولة ولا زالوا في حاجة إلى رعاية تربوية ومساعدة اجتماعية[26].
ويتجلى الهدف الرئيسي من العمل في الوسط الطبيعي هو دراسة شخصية الحدث المنحرف والتعرف على الظروف المحيطة به والسهر على تربيته وحسن قضاء أوقات فراغه، كما يهدف إلى إخطار الأسرة بنوعية المشاكل التي يتعرض لها الحدث، وكذا الأسباب والدوافع المؤدية إلى انحرافه.
ثانيا : مراكز الإصلاح والتهذيب
قبل صدور قانون رقم 23-98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية كانت المؤسسات الوحيدة التي تتولى حماية الأحداث الجانحين بالمغرب هي مراكز حماية الطفولة التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة.
لكن بعد صدور ظهير شريف رقم 200-99-1 صادر في 25 غشت 1999 بتنفيذ القانون رقم 23-98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات المحلية، وبعد صدور مرسوم 23 يونيو 1998 القاضي بتحديد اختصاصات وتتعليم مختلف مديريات وزارة العدل والتي حداث بمقتضاء السلم ومصالح الإدارة المركزية لمديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج، منذ هذا التاريخ فكرت مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج في إحداث مؤسسات حديثة لاستقبال الأحداث الجانحين أطلق عليها إسم “مراكز الإصلاح والتهذيب، مهمتها استقبال الأحداث الجانحين الذين صدرت في حقهم تدقير سالبة للحرية سواء كانوا في حالة اعتقال احتياطي أو لم يصدر في حقهم مقرر قطعي بالإدانة سواء كانوا متهمين أو متابعين أو كنوا أظناء.[27]
وتتوفر مديرية إدارة السجون وإعادة الإنساح على ثلاثة مراكز للإصلاح والتهذيب وهي :
- مركز الإصلاح والتهذيب بالدار البيضاء.
- – مركز الإصلاح والتهذيب بسلام
- – مركز الإصلاح والتهليب بسلام
وتتشكل هيكلة مركز الإصلاح والتهذيب من عدة مكاتب ويسهر عليها أطر متخصصة :
- مدير المؤسسة : ويسير مركز الإصلاح والتهذيب طاقم إداري وتربوي ومهني وصحي يترأسه مدير يسهر على التطبيق الدقيق للضوابط المتعلقة بالحفاظ على النظام والأمن وتتجلى مهمته في تسيير المؤسسة كما يقوم بتنسيق وتوجيه أعمال مختلف الفئات العاملة داخل فضاء المركز.
إن مدير المؤسسة مسؤول بصفة خاصة الراية الاعتقال ومن الأمن والأنماط داخل المؤسسة ومن المحافلة على عمر الأموال ومساكات الأحداث ومن تطلق المناهج الإصلاحية والمهنية والتربوية بالمؤسسة.
2- رئيس المعقل وطاقم الحراسة : بشكل موظفوا الأمن والحراسة نسبة كبيرة من بين مجموع الموالين العاملين في وسط مركز الإصلاح والتهذيب، وترتدي هذه الفئة لزي الرسمي لموظفي إدارة السجون وينسق أعمال هذه الملة من حراس الأمن رئيس المعال.
3- مقتصد المؤسسة : وتنام به مهمة تسير ومحاسبة مول الأحداث المودعة وغيرها، والمحافظة على ممتلكات الدولة واسعة النزلاء وكذا ضبط حسابات المواد الدائمة والمستهلكة والمواد الغذائية المودعة مستودع التموين وتدبير نظام التعدية في المطبخ.
4- مكتب الضبط القضائي : ومهمته السير على تنفيذ مختلف قرارات المحاكم القضائية، كما يتكلف بتلقي تصريحات الأحداث سواء تعلق الأمر بالاستئناف أو النقص وغيرها من الطعون، كما أنه يعمل على تهييء طلبات الإفراج المقيد والترشيحات للعفو الملكي السياسي، كما يعمل على مراقبة ملخصات الأحكام وحساب العقوبات وخصم منا الاعتقال الاحتياطي وإدماج ومنهم العقوبات وكل هذه العمليات يتم تسجيلها في محلات إدارية خاصة.
5- مكتب الشؤون الاجتماعية : ومهمته مساعدة الأحداث وخاصة إخبار عائلاتهم باعتقالهم في المركز وتقديم خدمات اجتماعية وحل المشاكل التي يتعرض لها الأحداث، واستقبال الطلبات الخاصة بمقابلة المدير أو طلبات العفو أو طلبات تغيير التدبير أو طلبات متابعة الدراسة.
6- العناية الصحية : تتوفر مراكز الإصلاح والتهذيب على أطباء عاملين بالإضافة إلى ممرضين، ويسهر هذا الطاقم الطبي على تقديم الخدمات الصحية والطبية الضرورية حسب الإمكانيات المتوفرة ويستعين في الحالات الصعبة بالمؤسسات الطبية العمومية.
البرامج والأنشطة الموجهة لفائدة الأحداث :
يقتضي برنامج الإصلاح والتهذيب، شغل الأحداث طيلة النهار وفق برنامج يحدده
مدير المؤسسة في مختلف الأنشطة الهادفة التي يمكن تنظيمها داخل المؤسسة من دراسة وشغل وتكوين مهني ونشاط تربوي وتربية دينية وتربية بدنية ورياضية.
وهكذا تم إحداث مراكز التكوين المهني بمراكز الإصلاح والتهذيب، فبعد إحداث مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء عقدت المؤسسة الثقافية للشراكة مع وزارة العدل والتكوين المهني تمكنت خلالها من إحداث 26 شعبة تمارس فيها تكوينات داخل مراكزالإصلاح.
وتعرض مراكز الإصلاح والتهذيب بالمغرب صعوبات ومشاكل متعددة منها مشكل الاكتظاظ، ومشكل النظافة، والتغذية، وطغيان الهاجس الأمني ومشكل التغطية الصحية والرعاية النفسية.
ثالثا : مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء
قرر جلالة الملك إحداث مؤسسة لفائدة السجناء ونزلاء مراكز حماية الطفولة بتاريخ 15 يناير 2002. والمهمة التي أناطها جلالة الملك بالمؤسسة التي يترأسها ويتتبع شخصيا أعمالها تتمثل في : ألسنة
الوسط المجني والمساهمة في إعادة إدماج السجناء والأطفال الجائعين، فمنذ إحداثها
في 16 يناير 2002، حددت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء المهام الثلاثة التالية لنفسها :[28]
1- السنة وسط الاعتقال،
2- تشکیل مایه حول الاختلالات المعاينة في تكبير نور الاعتقال وإعادة تربيةالأطفال.
3- تطوير برامج التربية والتكوين المهني. وبالنسبة لأهداف أنشطة المؤسسة على مستوى مراكز حماية الطفولة التجلى في تطوير التكوين البيداغوجي والاستادس بمراكز (طلحة، المارة، وحدة، الدار البيضاء، بسليمان والكفير)، إصلاح وتجهيز المراكز السنة المذكورة.
– انطلاق بناء مركز جديد بأكادير بشراكة مع مؤسسة الجنوب للتنمية والتضامن.
– مقاربة المؤسسة : العمل على إعادة إدماج دون الحلول محل المؤسسات الوصية.
إن هدف المؤسسة تعبئة الوسائل الكفيلة بتمكين السجناء ومن بينهم الأطفال والشباب من الحصول على تكوين بيداغوجي ومهني ملائم من شانه شهيل إعادة إدماجهم اجتماعيا بعد الإفراج عنهم، ولذلك فإن برامج عملها توضع بتشاور مع الإدارات الوصية وتدخلاتها تتم بموجب اتفاقيات شراكة.
وبالنسبة الموارد المؤسسة، فتلها لأريحية أعضاء مجلسها الإداري وإسهامات الشركاء، ودون الانتقام من إسهامات الشركاء يجدر التأكيد على الانخراط الملتزم لقطاع التكوين المهني الذي أحدث بنية خاصة لتجهيز وتدبير مراكز التكوين المهني التأهيلي.[29]
أما فيما يتعلق بتكبير المؤسسة، فتحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك يسير المؤسسة مجلس إداري من 10 أعضاء، ويتوزع الأعضاء الذين يساهمون بفعالية في التفكير ونشر العمليات على ثلاث لجان تتكفل إحداها بدراسة الجهاز القضائي في المجال الجنائي والسجلي والثانية مهتمة ببلورة برنامج العمل لفائدة الأحداث بمراكز حماية الطفولة والثالثة مهمتها إعداد الأنشطة التي يتم تفعيلها داخل السجون، ويساعد المجلس الإداري فريق إجرائي محدود العدد وجد الشيط.
إذن منذ إحداث مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بدأت بإحداث مراكز للتكوين المهني بالمؤسسات السجنية، وتلبي الشعب المحدثة وعددها 26 حاجيات سوق الشغل، وهذه المراكز مسيرة من طرف مراكز التكوين التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل الغربية من المؤسسات السجنية ومراكز حماية الطفولة ومراكز الإصلاح.
ويتوج التكوين بهذه المراكز بشهادات يسلمها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل مع إغفال الإشارة إلى السون كفضاء للتكوين.
رابعا : المرصد الوطني لحقوق الطفل
رغبة من المغرب في تنفيذ بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عند تحت الرئاسة السامية المغفور له الحسن الثاني والرئاسة الفعلية للأميرة للامريم إلى تنظيم مؤتمر وطني لحقوق الطفل بالدار البيضاء أيام 25-26-27-28 ماي 1994 وفي الدورة الثانية للمؤتمر لم الارتقاء بالمؤتمر إلى مرصد وطني بصفة مؤسسة وطنية ولانت رئاسته إلى الأميرة للامريم، ويسعى المرصد الوطني لحقوق الطفل باعتباره منظمة
غير حكومية إلى تحقيق جملة من الأهداف يمكن إيجازها فيما يلي :
- تتبع إعمال مقتضيات الإتفاقية الأممية على صعيد جميع مكونات المجتمع المغربي.
- التحليل المستمر الوضعية الطفل في مجال الحماية، وتقييم نجاعة العمليات المنجزة في لمجالات المرتبطة برفاه الطفل.
- 3- – إنجاز عمليات نموذجية للتعلق بحقوق الطفل في مجالات الصحة والتربية والحماية في
القانونية والترقية والثقافة.
ولكي يتسلى المرصد القيام بمهمة الرصد المنوطة به على أحسن وجه يعمد بالشرار إلى دراسة وتحليل وضعية الطفولة بشأن حمايتها وتنمية حقوقها لهذا الغرض يتوفر المرصد في الوقت الراهن على بنك المعطيات المعلوماتية.
وبالنسبة للإطار التنظيمي للمرصد الوطني الحقوق الطفل فيتكون مما يلي :
1 – المؤتمر الوطني لحقوق الطفل : يعتبر المؤتمر منذ دورته الأولى في 25 ماي 1994 المنتدى السنوي التعزيز التواصل بين مختلف الفاعلين المعنيين والمهتمين بالطفولة : القطاعات الحكومية، الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، الخبراء والمنظمات الدولية ذات الصلة.
2 – لجنة الأخلاقيات والتوجيه : وتتكون من مجموعة من الشخصيات الفاعلة في مجال الطفولة، وتجتمع اللجنة بالنظام للبت في التوصيات الصادرة عن المؤتمر، وتمكن أرادها من تقييم قرارات المؤتمر وعمليات المرصد.
3 – لجنة المتابعة : وتقوم بإعداد خطة العمل التي يناقشها المؤتمر وتسهر على
تنقيدها بعد المصادقة عليها من لدن لجنة الأخلاقيات.
4- السكرتارية الخاصة : يضطلع المدير التنفيذي بمسؤولية السكرتارية لكل من لجنة التشبع ولجنة الأخلاقيات ويقوم بإعداد الخطة الإستراتيجية وباقتراح برامج العمل والسهر على حسن إنجازه ويوجد إلى جانبه فريق تقني وإداري يتولى السير العادي للمرصد ويعتبر المرصد تنظيما مستقلا تسهر على تسييره هيئة مديرية تحت اسم اللجنة الوطنية لتتبع أعمال اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل ويتوفر المرصد على فروع محلية.
الفقرة الثانية: أنواع المؤسسات المرصدة لمعالجة ملوح الأحداث في بعض الدول العربية والغربية
سنتطرق في هذه الفقرة إلى أهم المؤسسات التي تعنى بمشاكل الأحداث والمتمثلة في :
- مراكز الاستقبال.
- دار الملاحظة.
- مكاتب المراقبة الاجتماعية والرعاية اللاحقة.
- دور الإبداع أو المعاهد الإصلاحية.[30]
اولا : مراكز الاستقبال
في مصر، تختص مراكز الاستقبال بدراسة حالات الأحداث والتصرف في شأنهم
الآتية :
– الأحداث الذين يتم القبض عليهم لارتكابهم جريمة أول تعرضهم للانحراف.
الأحداث المحالون من الهبات المختلفة لتعرضهم للانحراف.
– الأحداث الذين يحضرهم ذووهم، أو الذين يحضرون من تلقاء أنفسهم.
ونبحث حالة الحدث بمركز الاستقبال ويكون التعرف في الحالات على إحدى الصور التالية :
1 – الإبداع بمركز الاستقبال مؤقتا.
2- الإيداع بدار الملاحظة مع تحويل الحالة إلى مكتب المراقبة الاجتماعية.
3- توجيه العون العاجل والنصح والإرشاد.
وتعمل هذه المراكز في فرنسا على استقبال الحدث وإجراء كل ما يلزم له من الفحوص الطبية والنفسية في مركز الملاحظة وتضمين ملفه المعلومات المتعلقة بحالته وأسباب الحرافه ووضعه
العائلي[31]،
ثانيا : دار الملاحظة
تختص دار الملاحظة بحجز الأحداث الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة من عمرهم، والذين ترى النيابة العامة أو القضاء إيداعهم فيها مؤقتا بقصد التحفظ عليهم وملاحظتهم لحين الفصل في أمرهم.
وفي لبنان، فإن عمل دار الملاحظة لا يقتصر على الدرس وتقديم الاقتراحات بل أيضا العمل على
إعادة تربية الحدث، فعمل دار الملاحظة تربوي يشمل العائلة بأجمعها وذلك عن طريق توجيه الأهل
وجعلهم يدركون مسؤولياتهم وواجباتهم نحو أولادهم ومساعدتهم لتعديل أوضاعهم.
وفي مصر، تعمل دار الملاحظة على إعداد تقرير شامل الشخصية والسلوك يستعين به مكتب الخدمة الاجتماعية لرسم صورة متكاملة عن حالة الحدث عن طريق برنامج النشاط الاجتماعي والثقافي.
وفي فرنسا، نظم مركز الملاحظة قانون صادر في 20 تموز 1950 وحددت المادة الثانية عمل هذه المراكز على الوجه الآتي :
- إستقبال الحدث والعناية به حتى يؤخذ قرار بشأنه.
- جمع المعلومات المتعلقة بالحدث عن أسباب الحراقه ووضعه الاجتماعي والعائلي.
ثالثا : مكتب المراقبة الاجتماعية والرعاية اللاحقة
يقوم مكتب المراقبة الاجتماعية والرعاية اللاحقة في مصر بدراسة الحالات المحولة إليه اجتماعيا وطبيا ونفسيا، ويمكن إجمال وظيفة مكتب المراقبة الاجتماعية في ما ہلی :
- البحث : ويقوم المكتب بإجراء البحث لكل حالة سواء كانت مودعة بدار الملاحظة أو مسلمة لولي الأمر على ذمة القضية.
- التتبع والمراقبة : وتعرف بمرحلة الإشراف الإجتماعي أو العلاج.
وفي سوريا، نص المشرع على أنه يوازر كل محكمة من محاكم الأحداث في محافظتي دمشق وحلب مكتب للخدمة الاجتماعية تشله وزارة العدل.
وفي لبنان، يقوم بمهمة مكتب المراقبة الإجتماعية إتحاد حماية الأحداث.
رابعا : دور الإبداع للمعاهد الإصلاحية
يرسل الأحداث الدين تحكم المحكمة بإيداعهم في المؤسسات الإصلاحية إلى دور الإبداع وتنشأ بالوحدات الشاملة في مصر بالمحافظات التي لا يوجد بدائرتها مؤسسات إبداع.
وتعمل مؤسسات الإبداع على إعادة تنشئة الأحداث المحكوم عليهم اجتماعيا، وتأهيلهم وإعدادهم للعودة للبيئة الطبيعية بعد إعداد البيئة لذلك، ثم متابعتهم بعد تخرجهم من خلال برامج الرعاية اللاحقة ضمانا لكيفهم مع البيئة الطبيعية. وفي لبنان، أنشئ معهد إصلاح الأحداث ويقبل جميع الأحداث المحكومين بالتدابير الإصلاحية[32]“
خـــــــــــــــاتـمـة
إن تعدد العوامل المؤدية إلى جنوح الأحداث وتنوعها أصبحت والما يطبع جل المجتمعات، غير أن ما يمكن استخلاصه مما سبق هو أن العوامل الاجتماعية والثقافية، للعب الدور الرئيسي في جنوح الأحداث مقارنة مع باقي العوامل الأخرى، نظرا لما لهذه العوامل من سرعة التأثير في نفسية الحدث، فالوسائل الثقافية من سينما ومجلات وإذاعة وتلفزة… يمكنها أن تلعب دورا إيجابيا في تنشئة الحدث وبناء شخصيته، كما يمكنها أن تؤدي به إلى الجنوح إن لم تستعمل بالطريقة الصحيحة أو في حالة نشرها لأعمال تحرض على العنف، أو بنها صور الجريمة أو بث أفلام الخلاعة.
كل ذلك يجعل الحدث يقلد ما يشاهد أو يطبق ما يقرأ وما يسمح، وبالتالي إنحراقه ووقوعه في الجنوح.
ولما كانت ظاهرة جنوح الأحداث تزداد استفحالا، فقد أصبح من المنطقي زيادة عدد المؤسسات المرصدة لمعالجة الظاهرة والتحكم فيها، كما يجب إصلاح المؤسسات الموجودة، فقد تبين من هذه الدراسة أن المؤسسات المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث في المغرب تعيش وضعا كارثيا على أكثر من مستوى، فجل المؤسسات رغم طابعها الإصلاحي لازال يطغى عليها الهاجس الأمني ولازالت معاملة الأحداث تتم على هذا الأساس خصوصا في مراكز الإصلاح والتهذيب، كما أن هذه المؤسسات تفتقر في كثير من الأحيان إلى وسائل العيش، فنقص التغذية وغياب النظافة والاكتظاظ في سمات المؤسسات
المرصدة لمعالجة جنوح الأحداث.
[1]– على محمد جعفر : الأحداث المنحرفون (عوامل الانحراف، المسؤولية الجزائية، التدابير)، دراسة مقارنة”، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1984، ص: 85.
[2] – محمود سليمان موسى : قانون الطفولة الجائحة والمعاملة الجنائية للأحداث، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي”، طبعة 2006، منشأة المعارف الإسكندرية، ص : 173-174.
[4] – منير العصرة : العراف الأحداث ومشكلة المواصلة، مكتبة الدفاع الاجتماعي وعلم النفس الجنائي، سلسلة رقم 1، مطبعة المكتب المصري الحديث، ص : 26 و27.
[5] – محمود سليمان موسی : مرجع سابق، ص : 173، 174.
[6] – عبد الطيف مصلح : مشاكل الوسط الأسري وعلاقتها بالحرف الأحداث في المجتمع المغربي”، دار أبي رقراق الطباعة والنشر، 2004، من : 77-78.
[7] – إدريس الكافي : ظاهرة الحرف الأحداث بالمغرب”، مطبعة التومي، 1976، من : 169
[8] – حامد عبد السلام: “علم نفس النمو، الطفولة والمراسلة”، عالم الكتب، الطبعة الرابعة، 1971، من:267.
[9] – هية عبد العزيز الوسمي ، المدرسة والانحراف، دراسة السلوك المنحرف الذي تلاميذ المرحلة الابتدائية وعلاقته بالتنشئة الأسرية، مهم دراسة ليل دبلوم الدراسات المتخصصة في علوم التربية، كلية علوم التربية، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2001-2002، من : 44
[10] – النصر سعيد حمودة، بلال أمين زين الدين : الحراف الأحداث، دراسة قوية في ضوء علم الإجرام والعقاب والشريعة الإسلامية، دار الفكر الجامعي الإسكترية، الطبعة الأولى 2007، من : 183.
[11] – المال عثمان، پسر انور : “علم الإجرام وعلم العقاب، دار النهضة العربية، طبعة 1980، من : 623.
[12] – منتصر سعيد حمودة، وأخر : مرجع سابق، من : 184 و 185
[13] – منتصر سعيد حمودة، وأخر : مرجع سابق، نفس الصفحة السابقة، 187.
[14] – منتمر سعيد حمودة، وافر ، مرجع سابق، من : 190.
[15] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، ص : 299.
[16] – يسمى النوع الأول بمراكز حماية الطفولة التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة، بينما يسمى النوع التالي بمراكز الإصلاح والتهذيب التابعة لوزارة العدل، أنظر محمد الخياط : السياسة المالية وحماية حقوق الحدث الجانح في المغرب حراسة قالواية تربوية اجتماعية ، الطبعة الأولى، هشت 2006، مطبعة طلوب بريس الرباط من : 129
[17] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، نفس الصفحة السابقة (300).
[18] – يطلق على الأماكن أو الجهات التي يتم إيواء الأحداث الجانحين فيها، تسميات مختلفة، في القالون الليبي تسمى “دور تربية وتوجيه الأحداث” (المادة 1 من القانون رقم 109 لسنة 1972 في شأن دور تربية وتوجيه الأحداث)، وفي القانون اللبناني يعبر عنها بمصطلح معهد الإصلاح أو معهد التأديب”، وفي القانون المصري يستعمل المشرع عبارة “مؤسسات الرعاية الاجتماعية”. النظر محمود سليمان موسی : قانون الطفولة الجامعة والمعاملة الجنائية للأحداث، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي”، طبعة 2006، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص : 321 الهامش رقم ،56 مرجع سابق.
[19] – أنظر محمود سليمان موسى : المرجع السابق، ص : 321.
-[20] نقص مصري 29 دجنبر 1982، لحكام النقض، من 33، من : 1100 ونقض 6 يوليو 1984، ،س35 ص : 572.
[21] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، ص : 305-306. نص على إنشاء المؤسسات الإصلاحية القانون الفرنسي الصادر في 1912، والصادر في 1945 والمعدل في 1951، والتشريع الإيطالي في المادة 224 من قانون 1930/10/19. والقانون البولوني في المواد من 69 إلى 72 لعام 1932… 30
[22] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، ص : 305-306. نص على إنشاء المؤسسات الإصلاحية القانون الفرنسي الصادر في 1912، والصادر في 1945 والمعدل في 1951، والتشريع الإيطالي في المادة 224 من قانون 1930/10/19. والقانون البولوني في المواد من 69 إلى 72 لعام 1932… 30
[23] – النظر علي محمد جعفر : مرجع سابق، الهامش رقم 3، من : 306.
[24] – عبد الرحمان مصلح الشرادي : الحراف الأحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن”، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2002، من : 303.
[25] – محمد الغياط : مرجع سابق، من : 129.
[26] – عبد الرحمان مصلح الشرادي : مرجع سابق، ص : 33
[27] – نصت المادة 8 من الباب الأول من القانون 23-98 عندما حددت المؤسسات المخصصة لاستقبال المدانين حيث جاء في الفقرة 4 مراكز الإصلاح والتهذيب ضمن هذه المؤسسات حيث يوزع الأحداث على مجموعات حسب منهم بمراكز الإصلاح والتهذيب حسب الإمكانيات ويخضعون لنظام خاص بولي اهتماما مكتنا للتربية وملء أوقات الفراع، فهذه المراكز تتوفر على تنظيم إداري ونظام أمني داخلي، يهدف إلى تأمين وتطوير سيل إدماج الأحداث المدانين في المجتمع.
كما نصت المادة 12 من القانون 23-98 على له : تعد مراكز الإصلاح والتهذيب وحدات مخصصة في التكفل بالأحداث والأشخاص المدانين الذين لا تتعدى أعمارهم عشرين سنة، قصد إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي”.
[28] – بلغ عدد المستفيدين بمركز الإصلاح والتهذيب بالدار البيضاء 270 مستفيد، وبلغ عدد المستعينين بمركز الإصلاح والتهديب بسلا 240 وبمركز سعلت 198 مستفيد، وذلك حسب إحصائيات صادرة عن مؤسسة محمد السلس الإعلاة الإماج السجناء سنة 2005، أوردها محمد الخياط في كتابه “السياسة المانية وحماية الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابق، ص : 150.
[29] – محمد الخياط : مرجع سابق، ص : 156.
[30] – محمد الخياط : مرجع سابق، ص : 163.
[31] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، ص : 307 308.
[32] – علي محمد جعفر : مرجع سابق، من : 319- 320