باحث في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا-

الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عن الهيئات المهنية -دراسة قضائية فقهية –

مقدمة:

 

يمكن تعريف الهيئات المهنية كمنظمات تقوم بإدارة شؤون مهنية نقابية معينة ويشرف على تسييرها مجلس منتخب من أبناء المهنة ويكون الانضمام إليها إجباريا وتتمثل وظيفتها في تمثيل المهنة لدى الدولة والغير فضلا عن الإشراف على النظام الداخلي للمهنة ، كما تقوم برعاية أعضائها والدفاع عن مصالحهم[1].

ولقد عرفها الفقيهين  AUBY  و DARGO على أنها تنظيمات  تشمل بصفة إجبارية أعضاء إحدى المهن الحرة التي بفضل السلطات الممنوحة لها بمقتضى القانون تتدخل في تنظيم ومراقبة الولوج للمهنة وممارستها وقد اعتبرها المشرع المغربي من قبيل المهن الحرة والمستقلة يديرها الأفراد الذين ينتمون إلى ذات المهنة تحت نظم قانونية خاصة .

ولقد اختلفت الآرا ء الفقهية حول الطبيعة القانونية للنقابات المهنية فالبعض اعتبرها أشخاص معنوية خاصة مكلفة بتسيير مرفق عمومي وتتمتع بامتيازات السلطة العامة. ومن بين هؤلاء الفقهاء الأستاذ محمد الأعرج حيث أكد على أن الهيئات المهنية تعد أشخاص معنوية مكلفة بتسيير مرفق عام وتتمتع بامتيازات السلطة العامة ، كما تعد مرافق عامة من نوع جديد نظرا للسمات الخاصة بتلك الهيئات التي تميزها عن المؤسسات العامة فهي من جهة أولى أنشئت بمبادرة من السلطات العامة ومنظمة بقوانين تحدد تشكيلها واختصاصاتها وتسييرها ، وتقوم بدور مراقبة ممارسة المهنة .

ومن جهة ثانية فهي تجمع إلزامي وتخضع لرقابة إدارية وقضائية ، ومن جهة ثالثة فهي تخضع للقانون العام من خلال امتيازات السلطة العامة التي تتوفر عليها إزاء أعضائها فيما يتعلق بالانخراط والتأديب[2].

وقد تبنى الأستاذ ميشل روسي M. Rousset نفس التوجه حيث اعتبر أن النقابات المهنية بالمغـرب تشكل هيآت خاصة مكلفة بتسيير مرفق عام ، حيث اعتبر أنه بالرغم من امتيازات السلطة العامة ، فالنقابة تظل هيئة خاصة إذ كل ما يتعلق بحياتها الداخلية يرجع للقانون الخاص[3]

وسارت كل من الأستاذة مليكة صروخ والأستاذ عبدالله ركالة في نفس التوجه حيث أكد أن فكرة المرفق العام لا تتنافى مع هذه الأنواع من النشاطات التي تقوم بها النقابات المهنية ، ذلك أن مهمتها لا تتعلق بالدفاع عن المصالح المهنية ، ولكن تتعلق قبل كل شيء بتنظيم ومراقبة المهنة قصد تحقيق الصالح العام عن طريق تقديم خدمات للجمهور ، تلك الخدمات التي لا يمكن الاستغناء عنها وهي تدخل في صميم اختصاص الدولة ، إلا أن الدولة عندما أوكلت إلى الأعضاء المنتمين والمنتخبين من المهنة نفسها لإدارتها وتسييرها ، وكانت ــ وماتزال ــ تسعى إلى تخفيف العبء عنها من جهة ، ومن جهة أخرى ، لعلمها بأن أعضاء هذه النقابات يملكون المقدرة اللازمة لإدارة تلك النقابات وتسييرها مع احتفاظ الدولة بالوصاية عليها ، لأنه لو تبين لها عدم كفاءة الأعضاء المسيرين للنقابة في التسيير والإدارة ، فإنها تضطر لحل النقابة والحلول محلها ريتما يتم انتخاب الأعضاء الجدد ، وتبعا لذلك يعتبر أن النقابات المهنية ــ في المغرب ــ من قبيل الأشخاص الخاصة التي تدير مرافق عامة[4] . ونفس التوجه تبناه الأستاذ محمد القصري[5] .

والبعض الآخر يعتبرها أشخاصا معنوية عامة. ومن بين هؤلاء الفقهاء الفقيه Eisenmann  ومحمد ماهر أبو العينين[6]. وكذلك الأستاذ أبو زيد فهمي حيث اعتبر أن القانون قد أضفى على كافة هيئات التمثيل المهني شخصية معنوية مستقلة وخولها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة ، فخولها حق احتكار المهنة وقصرها على أعضائها دون سواهم كما خولها حق فرض رسوم مالية على صورة اشتراكات جبرية تحصل في مواعيد دورية ثم سلطة إصدار قرارات واجبة التنفيذ في شؤون أعضائها وتأديبهم وسلطة تشريع بوضع اللائحة الداخلية ولائحة تقاليد المهنة ، كما يدل على أنها قد جمعت بين مقومات المؤسسة العامة وعناصرها ، ومن تم فهي شخص إداري من أشخاص القانون العام[7].

وفي المقابل يعتبرها بعض الفقهاء أمثال Culmann تنتمي لصنف ثالث يخضع لقانون مستقل وهو قانون مهني مغاير للقانون العام والخاص ، إلا أن هذا الرأي لم يتم الاعتداد به ، لأنه لا يمكن حسب رأي Auby الحديث عن القانون المهني بمعزل عن القانون العام أو القانون الخاص ، لا سيما وأن قواعد القانون المطبق على المهن هي قواعد القانون العام والقانون الخاص ، والمحكمة المختصة بالنزاعات المهنية ترجع للمحكمة العادية أو المحكمة الإدارية[8]. إذن يتضح من خلال ما سبق أن الهيئات المهنية أشخاص خاصة مكلفة بمهمة مرفق عام وتتمتع في سبيل إنجاز ذلك بامتيازات السلطة العامة .

هذا وبعد التعريف بالنقابات المهنية وتحديد طبيعتها ، نتساءل عن أنواع القرارات الصادرة عنها ؟ وعن الطبيعة القانونية لهذه القرارات ؟ وكيفية تعامل القاضي الإداري معها ؟ فهل يعتبرها قرارات إدارية فيبث فيها ؟ أم يعتبرها قرارات غير إدارية فيدفع بعدم اختصاصه لصالح القضاء العادي؟ وما موقف الفقه من ذلك؟.

تملك الهيئات المهنية سلطة إصدار العديد من القرارات الملزمة في مجال تنظيم مزاولة المهنة وتأديب أبنائها ، وتطرح هذه القرارات نقاشا كبيرا حول مدى اعتبارها قرارات إدارية تقبل الطعن بالإلغاء أم قرارات غير إدارية أو أحكاما قضائية تخضع للمراقبة القضائية عن طريق الإستئناف والنقض .

ولقد نتج عن تحديد طبيعة هذه القرارات تردد في الاجتهادات القضائية( المطلب الأول) وتضارب في المواقف الفقهية )المطلب الثاني)  .

 

المطلب الأول : تطور الاجتهاد القضائي

لقد أدى عدم حسم المشرع في الطبيعة القانونية للهيئات المهنية إلى اختلاف التوجهات القضائية حول طبيعتها  ومن تم حول الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عنها فما هو التوجه الذي تبناه القضاء سواء المغربي (الفقرة الثانية) أو المقارن ( الفقرة الأولى ) حول طبيعة القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية ؟ فهل يعتبرها قرارات إدارية أم قرارات خاصة لا تكتسي صبغة القرار الإداري ؟ أم يعتبرها قرارات قضائية؟.

الفقرة الأولى : موقف القضاء المقارن

استقر القضاء المصري ــ عكس نظيريه الفرنسي والمغربي ــ منذ البداية على اعتبار الهيئات المهنية أشخاصا عامة تصدر قرارات إدارية دون أن يميز بين هذه الهيئات أو بين القرارات الصادرة عنها .

وفي هذا الإطار بينت محكمة القضاء الإداري العناصر التي على أساسها تعتبر هذه النقابات من أشخاص القانون العام بقولها ” إن الرأي الراجح فقها وقضاءا في شأن التكيف القانوني لنقابات المهن أنها وإن لم تدخل في نطاق المؤسسات العامة ، إلا أنها تعتبر من أشخاص القانون العام ، ذلك لأنها تجمع بين مقومات هذه الأشخاص ، فإنشاؤها يتم بقانون أو بمرسوم أو بأي أداة تشريعية أخرى وأغراضها وأهدافها ذات نفع عام ، ولها على أعضائها سلطة تأديب ، ولهؤلاء الأعضاء دون سواهم حق احتكار مهنتهم ، فلا يجوز لغيرهم مزاولتها واشتراك الأعضاء في النقابات أمر حتمي ولها حق تحصيل رسوم الاشتراك في مواعيد دورية منتظمة ، ويترتب على ذلك أن قراراتها تعتبر قرارات إدارية مما يجوز الطعن فيها بدعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري[9].

وقد أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا القضاء بقولها ” أن تنظيم المهن الحرة كالطب والمحاماة والهندسة (وهي مرافق عامة) مما يدخل أصلا في صميم اختصاص الدولة بوصفها قوامة على المصالح والمرافق العامة. فإذا رأت الدولة أن تتخلى عن هذا الأمر لأعضاء المهنة أنفسهم لأنهم أقدر عليها مع تخويلهم نصيبا من السلطة العامة يستعنون به في تأدية رسالتهم مع الاحتفاظ بحقها في الإشراف والرقابة تحقيقا للصالح العام فإن ذلك لا يغير من التكييف القانوني لهذه المهنة بوصفها مرافق عامة[10]

وقد اعتبرت ــ المحكمة الإدارية العليا بمصر ــ أيضا أن نقابة المحامين شخص عام استنادا إلى أن قانون نقابة المحامين قد أضفى على هذه النقابة وهيئاتها نوعا من السلطة العامة وخولها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة مما يترتب عليه اعتبار قراراتها هي قرارات إدارية[11].

كما قضت بتاريخ 6-11-1982 “إن من المستقر عليه أن النقابات المهنية من أشخـــاص القانــــون العــــام …وأهدافها ذات نفع عام حيث يخولها المشرع حقوقا من نوع ما تختص به هيئات الإدارة العامة في مجال تنظيم مزاولة المهنة والقرارات الصادرة عنها هي قرارات إدارية تنبسط عليها رقابة محاكم مجلس الدولة سواء كانت هذه القرارات لإدارة النقابة أو بخصوص موظفيها[12].

انطلاقا مما سبق يتضح أن القضاء الإداري المصري مجمع ومستقر على أن الهيئات المهنية أشخاصا عامة وأن قراراتها قرارات إدارية دون تمييز بين هذه الهيئات أو بين قراراتها ، فماهو موقف القضاء الفرنسي ؟

لقد حاول مجلس الدولة الفرنسي تحديد طبيعة القرارات التي تصدرها الهيئات المهنية مرتكزا في ذلك على عدة معايير ونميز في اجتهادات مجلس الدولة بين مرحلتين :

المرحلة الأولى : ابتدأت مع قضية BOUGUEN في 12/14/1943، التي استخلصت نفس المبادئ المطبقة في قضية MOMPEURT في 31 يوليوز 1942 وتتلخص وقائع هذه القضية في كون الطبيب BOUGUEN ــ طبيب اختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة قد قام بفتح عيادة ثانوية في مدينة PANTRIEUX زيادة عن عيادته الأصلية في بلدته التي يقيم فيها ، فصدر قرار من المجلس الإقليمي لهيئة أطباء سواحل الشمال بإغلاق العيادة الجديدة ومنع الطبيب من ممارسة المهنة في هذه العيادة ، وقد تقدم هذا الطبيب بتظلم ضد هذا القرار لدى المجلس الأعلى لهيئة الأطباء الذي رفض بدوره تظلمه ، وبالتالي لم يجد الطبيب بدلا من الطعن في قرار هذا المجلس الأعلى لدى مجلس الدولة مطالبا بإلغائه[13].

وقد كان المشكل المطروح هو معرفة ما إذا كان مجلس الدولة مختصا بالبث في هذا النزاع؟.

لقد أقر مجلس الدولة باختصاصه بالبث في هذا النزاع بحيث ألغى قرار المجلس الأعلى لهيئة الأطباء وجاء في حيثيات القرار “… يطعن أمام مجلس الدولة عن طريق الطعن بتجاوز السلطة ضد قرارت مجلس نقابة الأطباء المتعلقة بالقضايا التأديبية وبالقيد في الجدول ، حيث يريد المشرع أن يجعل من تنظيم ومراقبة ممارسة مهنة الطب مرفقا عاما ، وإن كان المجلس الأعلى ليهئة الأطباء لا يشكل مؤسسة عمومية إلا أنه يساهم في المرفق المذكور ، ويرجع لمجلس الدولة البث في الطعون الموجهة ضد القرارات المدعو لاتخاذها بصفته هذه ، خاصة القرارت المتخذة في إطار تطبيق الفصل 4 من القانون المنظم للمهنة ، الذي كلفها بمهمة تأمين احترام القوانين والأنظمة في مجال الطب ومنه فالطعن الذي تقدم به الدكتور BOUGUEN  أمام مجلس الدولة ضد قرار المجلس الأعلى الذي يؤكد منعه من إحداث العديد من العيادات يعد مقبولا “.

ما يلاحظ على هذا الحكم هو أن مجلس الدولة اعتبر قرارات المجلس الأعلى لهيئة الأطباء إدارية دون أن يميز بينها سواء كانت متعلقة بالقيد أو التـأديب ، غير أن مجلس الدولة قد حاول فيما بعد التمييز في هذه القرارات.

المرحلة الثانية : فمنذ الخمسينات بدأ مجلس الدولة الفرنسي في التمييز بين طائفتين من القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية فلقد استقر قضاؤه فيما يخص القرارت المتعلقة بقبول القيد في الجدول أو رفضه على إضفاء الصفة الإدارية لهذه القرارات ، وترجع لمراقبة القاضي الإداري عن طريق الطعن بالإلغاء.

وهذا ما سار عليه حكم Debayo في12 دجنبر 1953، وكذلك قرارDellcostier، جراح أسنان بتاريخ 1 أكتوبر 1954 المتعلق بعدم تبرير قرار رفض التسجيل بجدول الهيئة بحيث قرر مجلس الدولة بأن قرار المجلس الوطني لهيئة جراحي الأسنان قد ألغي. وغيرها من الأحكام المتعلقة برفض التسجيل .

في حين أضفى على القرارات الصادرة عن هذه الهيئات والمتعلقة بالقضايا الـتأديبية الصفة القضائية، إذ اعتبرها أحكاما قضائية ويجب بالتالي الطعن بعدم شرعيتها بطريقة من طرق الطعن المخصصة للطعن في الأحكام (الاستئناف أو النقض) وهذا ما لمسناه من خلال العديد من القرارات. مثلا القرار الصادر في 20 أكتوبر 1992 عن محكمة النقض الفرنسية تصف فيه مجلس الهيئة بالمحكمة الأصلية حين رفض طلب تسجيل محام متمرن في الجدول لصدور عقوبة تأديبية وللتأكيد على الطبيعة القضائية للقرارات الصادرة في مجال التأديب برز حاليا اتجاه في فرنسا تأثر بالفصل 6 من الإتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، إذ أكدت محكمة النقض الفرنسية هذه الطبيعة ــ القضائية ــ في قرارين صادرين عنها في 13 فبراير 1996 و5 أكتوبر 1999 [14] “اعتبرت فيهما أن مجلس هيئة المحامين الذي يضع يده على قضية ما تلقائيا للنظر فيها تأديبيا لا يفقد المجلس التجرد والحياد والإستقلالية التي هي مبادئ موضوعية في القاضي…”

يتضح مما سبق أن القضاء الفرنسي قد عرف تطورا بخصوص قرارات الهيئات المهنية فبعدما كان يعتبرها إدارية بدون تمييز أصبح يفرق بين قرارات الـتأديب وباقي القرارات الصادرة عنها فيعتبر الأولى قضائية والثانية إدارية قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة. في حين يبقى موقف القضاء المصري مستقرا في اعتبار قرارات الهيئات المهنية إدارية. ومن هنا نتساءل ما موقف القضاء المغربي من الطبيعة القانونية لقرارات الهيئات المهنية ؟ فهل تأثر بالقضاء الفرنسي أم المصري ؟ أم أنه تبنى توجها خاصا به.

الفقرة الثانية: الموقف القضائي المغربي:

بالنسبة للاجتهاد القضائي المغربي فإنه على الرغم من عدم وضوح الرؤية حول الطبيعة القانونية للهيئات المهنية ورغم وجود أحكام مختلفة في هذا الباب فإنه من المؤكد أن القضاء الإداري يسلم بالصبغة الإدارية للأعمال التي تصدرها هذه الهيئات مع وجود استثناء وحيد يتعلق بهيئة المحامين ، مع العلم أن هناك أحكام تخضع هيئة المحامين للأمر نفسه .

وعليه فإن القرارات الانفرادية الصادرة عن الهيئات المهنية تقبل الطعن بسبب تجاوز السلطة في بعض الأحيان إذ جاء القضاء الإداري المغربي بتطبيقات جديدة اعترف فيها بوجود القرار الإداري أحيانا وفي حدود معينة ضمن الأعمال الصادرة عن أشخاص القانون الخاص ومعاملتها بذات الطريقة التي تعامل بها القرارات الإدارية الصادرة من أشخاص القانون العام ، هذا ما سنعمل على توضيحه من خلال الحديث عن موقف القضاء الإداري من القرارات الإنفرادية الصادرة عن هيئة المحامين ( أولا ) ثم ننتقل للحديث عن موقفه من القرارات الإنفرادية الصادرة عن الهيئات الأخرى ( ثانيا ).

أولا: الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عن هيئة المحامين .

ارتأينا الحديث عن هذه الهيئة بصفة مستقلة نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الهيئة ولتضارب الاجتهادات القضائية بخصوص طبيعة القرارات الصادرة عنها .

ويمكن التمييز في القضاء الإداري المغربي بين اجتهادات تعتبر قرارات هيئة المحامين ــ قضائية ــ واجتهادات تعتبرها ــ إدارية ــ.

فالاتجاه الأول الذي يضفي الطبيعة القضائية علة قرارات هيئة المحامين كرسه الاجتهاد القضائي من خلال مجموعة من الأحكام والقرارات.

فقد قضت الغرفة الإدارية في قضية بنحدو عبد الرحمان ضد هيئة المحامين بوجدة بتاريخ 26 فبراير 1982 أن هيئة المحامين لا تعتبر سلطة إدارية ، وبالتالي فلا يسوغ الطعن في القرارات الصادرة عنها عن طريق مسطرة الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام الغرفة الإدارية[15].

كما قضى المجلس الأعلى في قضية عبدالله المالقي[16] ضد هيئة المحامين بالرباط في 26 دجنبر 1980 بعدم اختصاصه بالنظر في قرارات هذه الهيئة برفض تقييد الطاعن في الجدول بعلة أن محكمة الاستئناف هي المختصة بالبث فيه تطبيقا للمسطرة المنصوص عليها في قانون المحاماة ولقد أسست الغرفة الإدارية قضائها على عيب مسطري بحيث كرست القاعدة التشريعية الواردة في الفقرة 3 من الفصل 23 من قانون المحاماة لسنة 1979 التي تدعو إلى إحالة مقررات مجلس الهيئة المتعلقة بالتقييد أو الرفض إلى محكمة الاستئناف وتخضع بالتالي لمسطرة الاستئناف والنقض وليس مسطرة الإلغاء.

وفي قرارات أخرى عديدة قبل المجلس الأعلى النقض ضد قرارات محكمة الاستئناف ــ التي بتت فيها بصفتها محكمة استئناف لقرارات هيئة المحامين ــ وتعامل مع قرارات الهيئة بأنها أحكام قضائية استئنفت أمام محكمة الاستئناف ونقضت أمامه[17].

أما الاتجاه الثاني فيعتبر قرارات هيئة المحامين إدارية ، فقد قضى المجلس الأعلى في قضية حسن فتوح[18] ضد هيئة المحامين بوجدة في 13 ماي 1970.

” بإلغاء القرار الصادر في 22 يناير 1969 عن مجلس الهيئة وأمر بتقييد فتوح بجدول هيئة المحامين بوجدة ، وبالتالي اعتبر قرار رفض التسجيل قرارا إداريا ” قابل للطعن فيه بالإلغاء ولو عن طريق مسطرة الاستئناف والنقض أمامه.

ولقد توالت الأحكام التي تضفي الطبيعة الإدارية على قرارات هيئة المحامين حتى في مجال التأديب ، وفي هذا الإطار قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى”[19].

الطعون المرفوعة ضد مقررات مجالس هيئة المحامين وإن كانت توجه إلى غرفة المشورة لمحكمة الاستئناف إلا أن طبيعة هذه الطعون تجعلها تدخل في خانة المادة الإدارية بالرغم من أن المشرع أسند الاختصاص في شأن مواكبة قرارات مجالس هيئات المحامين لغرفة المشورة بمحاكم الاستئناف وأن كون البث في النزاعات المتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجالس هيئة المحامين يخضع لمعطيات الظهير المنظم لمهنة المحاماة ، فإن طبيعة هذه النزاعات والخصوصيات التي تتميز بها لا تجعلها بمنآى عن المادة الإداريةبصورة عامة”.

وأكد المجلس الأعلى نفس التوجه في قرار آخر بتاريخ 2/11/2002 [20]  قضى فيه بأنه ” لما كان التأديب نشاطا إداريا تمارسه السلطة الإدارية لضمان حسن المرفق العام تحت رقابة القضاء ، فإن إسناد هذا النشاط  لهيئة غير إدارية لا ينزع عن النشاط  صبغته الإدارية ، ولا يطلق للهيئة الغير إدارية المسند إليها هذا النشاط  ممارسة في غياب الرقابة القضائية…”

يتضح مما سبق أن هناك تناقض في الاجتهادات القضائية المغربية بخصوص تحديد طبيعة قرارات هيئة المحامين .

فتارة تعتبرها قرارات إدارية وأعمال إدارية ــ حسب تعبير بعض الأحكام وأخرى تعتبرها قرارات قضائية. وهذا راجع بطبيعة الحال إلى غموض النص المنظم لمهنة المحاماة الذي لم يحدد طبيعة هذه القرارات في حين جعل مسطرة الطعن فيها شبيهة بمسطرة الطعن في الأحكام (الاستئناف والنقض ) ونتمنى من المشرع أن يتدخل ويحل هذا الإشكال بتحديده لطبيعة هيئة المحامين وكذا طبيعة قراراتها . هذا بخصوص هيئة المحامين فكيف تعامل القضاء مع قرارات باقي الهيئات؟.

ثانيا : موقف القضاء الإداري من القرارات الصادرة عن الهيئات الأخرى

لقد اتجه القضاء الإداري المغربي إلى اعتبار قرارات الهيئات المهنية قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء.

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بفاس في حكمها بتاريخ 29/11/2005 [21] حيث اعتبرت  “أن القرارات التأديبية الصادرة عن المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين القاضية بالإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة تتجاوز 6 أشهر قابلة للطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري…”

ونفس الأمر أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها بتاريخ 3 يوليوز 1995 [22] حيث أكدت “بأن قرار اللجنة المكلفة بحصر قائمة الخبراء المحاسبين القاضي برفض طلب تسجيل اسم الطاعن ضمن قائمة الخبراء المقبولين للتسجيل في القوائم الانتخابية يعتبر قرارا إداريا قابلا للطعن عن طريق دعوى الإلغاء…”.

وأكدت أيضا[23] “وحيث أن اللجنة المطلوبة هي المختصة للبث في طلبات التسجيل فإن قراراتها المتخذة بهذا الشأن تكون قرارات إدارية محضة قابلة للطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء…”

وفي نفس السياق قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها بتاريخ 19/12/96 بين محمد شواطي مهندس معماري والسيد رئيس المجلس الوطني لهيئة المعماريين الوطنية[24] ” حيث اعتبرت القرار الصادر عن رئيس المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين الرافض تسجيل الطاعن قرارا إداريا وبالتالي تصدت للجوهر وقضت بإلغائه “.

وقضى المجلس الأعلى[25] “… لكن حيث أن الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين تم تأسيسها بناء على القانون رقم 30-93 من أجل أن تتولى الإشراف على المهنة المذكورة بتنفيذ المهام التي فوضها لها المشرع ، بمقتضى القانون المذكور وخاصة المجال التأديبي ، وأن القرارات التي تصدرها في هذا النظام عملا بالمادة 78 من نفس القانون ، هي قرارات إدارية بطبيعتها ، وتختص بالنظر فيها المحكمة الإدارية عملا بالمادة 8 من قانون رقم 41-90…”.

وهنا نتساءل عن الجهة المختصة بالبث في الطعن الموجه ضد قرارات الهيئات المهنية ؟ هل هي المحاكم الإدارية طبقا للمادة 8 من القانون المتعلق بإحداثها 41-90 ؟ أم الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عملا بالمادة 17 من ظهير 27 شتنبر 1957 المتعلق بتأسيسه؟.

بتصفح النصوص القانونية المنظمة لمسطرة التأديب بالنسبة لهيئات الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة نجد أنها تمر يثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى: هي عرض النزاع على المجالس الجهوية المختصة ثم بعد ذلك في مرحلة ثانية تستأنف أمام المجالس الوطنية للهيئة ، لنصل في مرحلة ثالثة إلى إمكانية الطعن في هذه المقررات التأديبية مباشرة أمام المجلس الأعلى .

وهكذا فقد نص الفصل 41 من القانون المتعلق بهيئة الأطباء الوطنية على مايلي: ” يمكن أن تحال  المقررات التأديبية التي يتخدها المجلس الوطني نهائيا إلى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى وفق الإجراءات المقررة في قانون المسطرة المدنية ” ونص الفصل 47 من القانون المتعلق بإحداث هيئة الصيادلة ” إن القرارات التأديبية التي يصدرها بصفة نهائية المجلس الوطني للهيئة لا يمكن الطعن فيها إلا أمام المجلس الأعلى …”.

وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في قضية عبد الرحيم الشاب ضد المجلس الوطني لهيئة الأطباء[26] إذ جاء في حيثيات حكمها مايلي “… إن الظهير الشريف الصادر في 7/8/1986 المغير والمتمم للظهير الصادر في 21/03/84 المتعلق بهيئة الأطباء الوطنية ما دام لم يغير الفصل 41 منه فإن هذا يؤكد على أن المشرع أراد أن يبقي الاختصاص للبث في الطعن بالإلغاء ضد المقررات التأديبية الصادرة عن المجلس الوطني موكولا للمجلس الأعلى مما يجعل المحكمة الإدارية غير مختصة بالبث في طلب الإلغاء ضد المقرر الصادر عن المجلس المذكور”.

ونفس النهج سارت عليه المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها رقم 50/2000[27] ، “قضت فيه بعدم اختصاصها في طلب إلغاء القرار التأديبي الصادرة بصفة نهائية من طرف المجلس الوطني لهيئة الصيادلة إذ لايمكن الطعن فية إلا أمام المجلس الأعلى” .

كما أكدت المحكمة الإدارية بالرباط[28] ” وحيث إنه حقا ، فإن بالرجوع إلى نص الفصل 41 من الظهير الشريف رقم 44 .89 .1 بتاريخ 21/3/1984 بمثابة قانون يتعلق بهيئة الأطباء الوطنية فهو ينص على أنه ” يمكن أن تحال المقررات التأديبية التي يتخذها المجلس الوطني نهائيا إلى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى…”

وحيث إنه بعد مراجعة  القانون المعدل رقم 74/11 بتاريخ 7/8/1996 فإنه لم يطرأ أي تعديل على الفصل 41 المذكور ، الشيء الذي يبقى معه هذا الفصل معمولا به، ويبقى الاختصاص بالتالي منعقدا للمجلس الأعلى ( الغرفة الإدارية )…”

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القرارات التي يصدرها الأمين العام للحكومة باقتراح من المجلس الوطني ليهئة الصيادلة تقبل الطعن بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية.

وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره بتاريخ 27 فبراير 2003 “… لكن حيث إن دعوى الطاعن تتعلق بطلب إلغاء مقرر الأمين العام للحكومة القاضي بمعاقبته تأديبيا في إطار ما يخوله إياه القانون المنظم لمهنة الصيادلة من صلاحيات ، وأن المقرر المذكور هو مقرر فردي مس بمركز الطاعن ، فيكون بذلك داخلا في نطاق المادة الثامنة من قانون 90 . 41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ، ولا يندرج ضمن المستثنيات التي ترفع أمام المجلس الأعلى ابتدائيا ونهائيا والمنصوص عليها في المادة التاسعة من نفس القانون…”[29].

أما قرارات الهيئات الأخرى فيطعن فيها أمام المحاكم الإدارية وتستأنف أمام محاكم الاستئناف الإدارية وتنقض أمام محكمة النقض (الجلس الأعلى).

هكذا يتضح أن القضاء الإداري المغربي وإن كان يتجه بصفة عامة نحو إضفاء الصفة الإدارية على مختلف قرارات الهيئات المهنية دون تميز فإنه يخالف في بعض الأحيان هذا التوجه فيعتبر بعض القرارات تارة غير إدارية وتارة أخرى قضائية ــ بالنسبة لبعض الهيئات ــ.

فالقضاء الإداري المغربي إذن قد أسس توجها خاصا به مخالفا بذلك القضاء المصري الذي يعتبر قرارات الهيئات المهنية قرارات إدارية وكذلك القضاء الفرنسي الذي يميز بين قرارات التسجيل وقرارات التأديب فيعتبر الأولى إدارية والثانية قضائية، وهذا راجع بطبيعة الحال إلى خصوصية الهيئات المهنية بالمغرب والقوانين المنظمة لها. ومن هنا نتساءل عن موقف الفقه من الطبيعة القانونية لهذه القرارات هل سار في نفس توجه القضاء الإداري أم تبنى مواقف أخرى.

المطلب الثاني: تضارب الآراء الفقهية

إذا كان القضاء الإداري قد اختلف حول تحديد الطبيعة القانونية لقرارات الهيئات المهنية فما هو التوجه الذي تبناه الفقه سواء المغربي (الفقرة الثانية) أو المقارن ( الفقرة الأولى) حول طبيعة القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية .

 الفقرة الأولى :الفقه المقارن :

فإذا كان الفقه الفرنسي قد اختلف حول الطبيعة القانونية للهيئات المهنية بين من يرى أنها أشخاص خاصة مكلفة بإدارة مرفق عام ومن يعتبرها أشخاص معنوية عامة من نوع جديد ، فالملاحظ أن القاعدة المسلم بها لدى الفقه الفرنسي في تكييفه لطبيعة القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية هي الأخذ بأساس التصنيف القضائي لهذه القرارات ، بحيث تم إضفاء الصفة القضائية على القرارات التأديبية ، في مقابل الصفة الإدارية لقرارات التسجيل .

وفي هذا الإطار يرى الأستاذ DELAUBADERE  ديلوبادير على أنه تعتبر القرارات الصادرة في المجال الـتأديبي أحكاما قضائية فتتدخل السلطات التأديبية المهنية كأنها سلطات قضائية[30] .

أما القرارات المتعلقة بولوج المهنة فهي قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة .

كما ذهب الأستاذان G.VEDEL و P.DELVOLVE في نفس التوجه حيث اعتبرا الهيئات المهنية تنظيمات تمارس وظيفة قضائية ، بحيث تصدر في المجال التأديبي أحكاما قضائية ويطعن بعدم شرعية الأحكام القضائية بدعوى النقض أمام القضاء الإداري بعد استنفاذ درجات الطعن المختلفة المتاحة أمام هذه التنظيمات نفسها[31] ، يلاحظ على هذا التوجه أنه يعتبر قرارات الهيئات المهنية التأديبة أحكاما قضائية ذات طابع إداري تنقص أمام مجلس الدولة في حين باقي القرارات إدارية ، وأيضا اتجه الأستاذ CAUDMET  إلى أن “القرارات المتخدة من طرف مختلف المجالس العليا الوطنية لهذه الهيئات في مجال التسجيل تشكل قرارات إدارية وليست بقضائية وهي بالتالي قابلة للطعن بالإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة ، كما اعتبر أن القرارات المتخدة في المجال التأديبي هي قرارات قضائية ، وبأن الأجهزة الـتأديبية لهذه الهيئات تتدخل دائما كما لو أنها جهاز قضائي”[32] .

ونحن لا نتفق مع هذا الاتجاه المعتبر للقرارات الصادرة عن الهيئات المهنية في المجال التأديبي قرارات قضائية ، لأنه لا يمكن اعتبار مجالس هذه الهيئات في كل حال من الأحوال محاكم ، كما أن غالبية أعضائها هم مهنيون لا يتوفرون على تكوين قانوني ــ باستثناء نقابات رجال القانون ــ لدى فالأسلم اعتبار هذه القرارات قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية ، وتستأنف أمام محاكم الإستئناف الإدارية ثم تنقض أمام مجلس الدولة  وبهذا نضمن عدم تعسف الأجهزة التأديبية للهيئة المهنية واعتدائها على حقوق وحريات المتابع تأديبيا كما نضمن له الاستفادة من مختلف درجات التقاضي .

وهذا ما أكده CONNOIS فهو ينكر على نقابات المهن صفة المؤسسات العامة ، ويعتبرها من أشخاص القانون الخاص المصدرة لقرارات إدارية طبقا للمعيار الموضوعي وفي نظره فإن القرارات الصادرة عن النقابات المهنية تستمد صفتها الإدارية لا من طبيعة تلك الهيئات وإنما من طبيعة النشاط الذي تمارسه والمهمة الموكولة إليها وهي تنفيذ مرفق عام دون أن يميز بين قرارتها[33] .

وفي المقابل نجد الأستاذ EIZEMMANN يؤكد موقفا مخالفا حيث يؤكد على أن الهيئات المهنية أشخاصا عامة تصدر قرارات إدارية وهو نفس توجه AUBY حيث اعتبرها نقابات عمومية تصدر قرارات إدارية ما عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك ومنحها صفة أشخاص القانون الخاص.

وفي حين رفض الفقيه SABDRIRIN الإعتراف بالصفة الإدارية لقرارات هذه الهيئات حيث اعتبر أن صدور قرارات إدارية عن هيآت غير إدارية سيؤدي إلى انحراف في مفهوم السلطة الإدارية[34] .

واعتبرت “مارفون إكواغ تيغو” أن قرارات الهيئات المهنية وبصفة عامة قرارات الهيئات الخاصة تعتبر إدارية متى ارتبطت بمرفق عمومي فهي تجعل من مهمة المرفق العمومي شرطا ضروريا للإقرار بالقرار الإداري.[35]

أما الفقه المصري فإن موقفه موحد اتجاه طبيعة قرارات الهيآت المهنية تماشيا مع ما أقره القضاء المصري حيث اعتبر هذه الهيئات أشخاصا عامة وبالتالي فإن قراراتها  قرارات إدارية ، ومن بين هؤلاء الفقهاء فوزي فرحات [36] ، حيث اعترف بصفة القرار الإداري للقرارات الصادرة عن الهيئات المهنية وحتى بالنسبة للأشخاص الخاصين  الذين يديرون مرفق عام سواء ذات طابع إداري أو ذات طابع صناعي تجاري .

وكذلك الأستاذ محمد رفعت عبد الوهاب[37] الذي اعتبر الهيآت المهنية من أشخاص القانون العام واعتبر قراراتها قرارات إدارية تقبل الطعن بالإلغاء ، وأعطى أمثلة ببعض النقابات المهنية نقابة الصيادلة الأطباء، المهندسين وكذا بعض الهيئات الدينية مثل مشيخة الطرق الصوفية وبطرفاية الأقباط الأركودكس في مصر ــ مع ملاحظة  أن الأعمال الدينية المحضة لا تعتبر قرارات إدارية وإنما يعتبر كذلك القرارات التي تتخذها في تنظيم الهيئة الداخلي ــ ونفس التوجه تبناه الأستاذ نواف كنعان[38].

في حين اعتبرها الأستاذ عبد العزيز عبد المنعم خليفة[39] من الهيئات العامة المرفقية وبالتالي فإن قرارتها هي قرارات إدارية يطعن فيها أمام محاكم القضاء الإداري ــ .

انطلاقا مما سبق يتضح أنه أمام  اختلاف الفقه الفرنسي حول الطبيعة القانونية لقرارات الهيآت المهنية بين اعتبارها قضائية أو إدارية نجد أن توجه الفقه المصري موحد في اعتبار قرارات الهيآت المهنية قرارات إدارية وهذا راجع إلى استقرار توجه القضاء الإداري المصري في اعتبار الهيآت المهنية أشخاص معنوية عامة تصدر قرارات إدارية .

ونحن نؤيد توجه الفقه المصري لأنه لا يكمن اعتبار هذه القرارات خاصة أمام الامتيازات الكبيرة التي تتمتع بها الهيآت المهنية .

الفقرة الثانية :الفقه المغربي :

إذا كان الفقه المصري مستقر على إصدار الهيآت المهنية للقرارات الإدارية فإن الفقه المغربي كنظيرة الفرنسي اختلف حول الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عن الهيآت المهنية.  فاتجاه اعتبرها قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء وآخر أنكر عليها هذه الصفة أما فيما يخص هيئة المحامين ونظرا لخصوصيتها فقد اتجه أغلب الفقه إلى اعتبار قراراتها ذات طبيعة قضائية.

ومن أنصار الإتجاه الأول نجد العميد روسي M. Rousset  فبعد تأكيده على أن الهيئة تنظيم خاص معهود له بتدبير مرفق عام ، ومتمتعة بامتيازات السلطة العامة ، اعتبر أعمالها المتخذة وفق آليات المرفق العمومي ، عندما تقوم بتنظيم المهنة ، وتسجيل المنخرطين بالجدول أو رفضهم …أعمالا إدارية قابلة للإلغاء أمام القضاء الإداري[40]. وهو نفس التوجه الذي تبناه محمد منتصر الداودي[41] ، حيث اعتبر أعمال الهيآت المهنية المرتبطة بالمرفق العام تدخل في اختصاص القاضي الإداري ــ لأن من اختصاص القاضي الإداري مراقبة معايير القانون العام ومن بينها القرار الإداري وفي نفس السياق يقول كمال عبد الرحيم في رسالته إن الهيئات  المهنية ليست مؤسسات عمومية وإنما هي هيئات خاصة مكلفة بتسيير وتنظيم مرفق عمومي حقيقي تعترف له الدولة بنوع من الإستقلالية وتخولها بعض الامتيازات ولاسيما امتياز القرار الإداري التنظيمي[42] ، وكذلك الأستاذ أزيمان عمر وإن اختلف باقي الفقهاء حول طبيعة هذه الهيئات حيث يعتبرها أشخاصا عمومية حقيقية فهو يتفق على أن قرارتها هي قرارات إدارية[43]. وذهب الأستاذ عبد القادر باينة إلى اعتبارها أشخاص معنوية عامة من نوع خاص تصدر قرارات إدارية بالنسبة لقرارات  التسجيل وقرارات قضائية عندما تتخذ قرارات التأديب مستدلا في ذلك ببعض قرارات مجلس الدولة الفرنسي[44] ، وهو نفس التوجه الذي تبناه الأستاذ مكسيم أزولاي حيث أكد على أنه يدخل في حكم الأعمال الإدارية ليس فقط الصادرة عن السلطات الإدارية ولكن حتى المقررات المتخذة من هيئات خاصة مكلفة بتأدية مهمة من مهام المرفق العام ومتمتعة في ذلك ببعض امتيازات القانون العام[45]. وكذلك الأستاذ محمد نشطاوي حيث اعتبر الاعمال التي تقوم بها الهيئات المهنية من تسيير وإشراف على المهنة ووضع قوانين لممارسة المهنة ، إنزال العقوبات التأديبية الملزمة لأعضائها ، تقييد الأعضاء الجدد في جدول الهيئة…أعمالا يمكن الطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء[46] .

وفي المقابل نجد اتجاه ثاني يعتبر القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية قرارات غير إدارية ومن بين الفقهاء الذين ساروا في هذا الاتجاه نجد الأستاذ عبد الله حداد فيعتبر أنه وإذا كان بوسع الهيئات المهنية الاستفادة من مقتضيات القانون الإداري والتمتع ببعض امتيازات السلطة العامة لأداء المهام المنوطة بها على أحسن مايرام فإنها بالرغم من كل ذلك تبقى مجرد أشخاص معنوية خاصة ، لا يمكن اعتبار قراراتها داخلة في عداد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية . وبالتالي لا يمكن الطعن فيها أمام القضاء الإداري وهكذا تدخل منازعاتها في اختصاص المحاكم العادية[47] .

ويعتبر الأستاذ محمد يحيا أن قبول الطعن بالإلغاء ضد قرارات الهيئات المهنية أمام القضاء الإداري المغربي سيؤدي إلى تحريف مفهوم السلطة الإدارية فهذه الأجهزة في نظره غير إدارية ويصعب إيجاد مكان لها داخل التنظيم الإداري التقليدي[48].

هذا وإذا كان الخلاف قد ثار بين الفقهاء المغاربة بالنسبة للهيئات المهنية حول مدى اعتبار قراراتها إدارية أو غير إدارية فإنه بالنسبة لهيئة المحامين ــ ونظرا لخصوصيتها ــ قد ظهر حول مدى اعتبار قرارات هذه الهيئة قرارات إدارية أم قضائية .

فالفريق الأول يعتبر قرارات هيئة المحامين قرارات قضائية ومن بين هؤلاء الفقهاء الأستاذ عبدالله درميش حيث يعتبر القرارات الصادرة عن هيئة المحامين قرارات قضائية سواء تلك الصادرة عن الهيئة أو الصادرة عن النقيب ، وخاصة تلك المتعلقة بالمتابعة التأديبية ويرى أن الأجهزة المذكورة في هذه الحالة تمتلك السلطات المخولة للقاضي مع ما يترتب عن ذلك من آثار كاكتساب هذع القرارات حجية الشيء المقتضى به ، وقابليتها للطعن أمام غرفة المشورة لدى محكمة الإستئناف ــ بالنسبة لقرارات النقيب يطعن فيها أمام الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف ــ والمسطرة التواجهية ، واستدعاء المحامي المتابع للاستماع إليه وتمتيعه بحقوق الدفاع ، وتعليل هذه المقررات وجعلها مشمولة بالنفاذ المعجل ، إذا تعلق الأمر بالإيقاف والتشطيب ، وإمكانية إيقاف التنفيذ المعجل أمام محكمة الاستئناف[49] .

ونفس الرأي تبناه كل من الأستاذ رضوان بوجمعة والأستاذ عبد القادر باينة ، حيث ذهبا إلى اعتبار القرارات الصادرة عن هيئة المحامين قرارات قضائية سواء في مجال التأديب أو تنظيم المهنة[50]. وبالتالي التأكيد على عدم قابليتها للطعن بالإلغاء ، وأنها تخضع للطعن أمام محاكم الاستئناف والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في الدرجة الثانية عن طريق النقض .

أما الفريق الثاني فيعتبر قرارات هيئة المحامين قرارات إدارية حيث أكدت مليكة صروخ في بحثها المشترك ، مع الأستاذ عبدالله ركالة على الطابع الإداري لهيئة المحامين من خلال حكم المجلس الأعلى في قضية حسن فتوح إذ ذهبت إلى أن الأعمال الصادرة عن هيئة المحامين سواء تعلقت بوضع القواعد التنظيمية للمهنة أو تعلقت بالقرارات الفردية التي لها ارتباط بالمصالح التنظيمية للمهنة كالتسجيل أو رفضه ، تدخل في إطار الوظيفة الإدارية للمهنة ويطعن فيها بالاستئناف وبعد ذلك بالنقض[51]. ونفس الشيء أكده الأستاذ المرغيني في كتابه “المبادئ العامة للقانون الإداري” والأستاذة أمينة جبران في كتابها “دعوى القضاء الشامل وإمكانية الطعن بدعوى الإلغاء ضد قرار هيئة المحامين ” مستدلين في ذلك بنفس القضية ” حسن فتوح”. وقد أكدت الذكتورة أمينة جبران على الطبيعة المزدوجة لقرارات هيئة المحامين ، حيث تذهب إلى أن هيئة المحامين وإن كانت تصدر بعض الأعمال القضائية إلا أنها لا تعتبر مع ذلك سلطة قضائية محضة[52].

وسيرا في نفس الاتجاه ذهب الأستاذ أحمد بوعشيق[53] إلى أن هيئة المحامين ليست بسلطة إدارية طبقا للمعيار العضوي ولا بهيئة خاصة تدار بأسلوب القانون العام طبقا للمعيار المادي ، ولهذا فأعمالها لا تقبل الطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة أمام القضاء الإداري .

في حين اعتبر أن القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية الأخرى تقبل الطعن بالإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام المحاكم الإدارية بصفة ابتدائية ويجوز استئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ــ للإشارة فقد تم إحداث محاكم استئناف إدارية سنة 2006 وبالتالي أصبحت أحكام المحاكم الإدارية تستأنف أمام محاكم الاستئناف الإدارية وتنقض أمام المجلس الأعلى(محكمة النقض) ــ .

ونحن نؤيد الفقه الذي يعتبر قرارات الهيئات المهنية قرارات إدارية وذلك للامتيازات التي تتمتع بها ولطبيعة نشاطها المتعلق بمرفق عام. أما فيما يخص قرارات هيئة المحامين فهي قرارات قضائية نظرا للمسطرة الخاصة التي نظمها المشرع للطعن فيها أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف أو الرئيس الأول لهذه الأخيرة حسب ما إذا كان القرار صادرا عن مجلس الهيئة أو النقيب ، فالمشرع بنصه على هذه المسطرة الخاصة جعل قرارات الهيئة قضائية بصفة ضمنية .

 

 

انطلاقا مما سبق نلاحظ أنه إذا كان كل من الفقه والقضاء الإداريين قد اختلفوا حول طبيعة القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية بين من يعتبرها قرارات إدارية متى ارتبطت بتنظيم مرفق عام باستخدام وسائل القانون العام ــ امتيازات السلطة العامة ــ وبين من يميز بينها فيعتبر احداها إدارية –قرارات التسجيل- وأخرى قضائية –قرارات التأديب-.

فإن الخلاف قد وقع خاصة في المغرب بين الفقه والقضاء المغربي بخصوص هيئة المحامين حول مدى اعتبار قراراتها إدارية ، قضائية أم خاصة ، خصوصا وأن المشرع قد أفرد لقرارات هذه الهيئة مسطرة خاصة للطعن فيها شبيهة بمسطرة الطعن في الأحكام القضائية  ــ الاستئناف والنقض ــ مما أدى إلى صعوبة تحديد طبيعتها ، ومن تم وجود أحكام متعارضة بشأن طبيعتها فتارة تعتبرها قضائية وأخرى إدارية ، وهذا راجع إلى غموض المشرع فكان عليه عندما نص على المسطرة الخاصة للطعن في قرارات هيئة المحامين أن يحدد طبيعة هذه القرارات في كونها إدارية ، قضائية أو خاصة .

[1]  _ أحمد عشيق “المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة” دار النشر المغربية الدار البيضاء، الطبعة الثامنة، ص:72.

أنظر كذلك عبد الله حداد “الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى” منشورات عكاظ ، ص:44.

[2]  _ محمد الأعرج “طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ، عدد 52 الطبعة الأولى 2004،ص182.

[3]  _ محمد يحيا “التحديد القضائي لمفهوم السلطة الإدارية في القانونين المغربي والفرنسي” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات ،عدد 59، 2004 ص: 35.

[4]  _ مليكة صروخ ، عبدالله ركالة ” الهيئات المهنية بالمغرب” مجلة الشؤون الإدارية العدد 7 – 1987 ص: 35.

[5]  _ أنظر: محمد قصري “القرارات التي يجوز الطعن فيها بدعوى الإلغاء لتجاوز السلطة ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات العدد الأول سنة 1995 ص: 18.

[6]  _ أنظر محمد ماهر أبو العينين “دعوى الإلغاء والطلبات المستعجلة أمام محاكم مجلس الدولة في بداية القرن 21 ” الكتاب الأول شروط قبول دعوى الإلغاء ، بدون دكر المطبعة ، الطبعة السادسة 2004 ص: 31.

[7]  _ مصطفى أبو زيد فهمي ، القضاء الإداري ، الجزء الأول ، قضاء الإلغاء ، دار المطبوعات الجامعية 1998 ص:122.

[8]  _ قد اعتبر عبد القادر باينة الهيئات المهنية أشخاص معنوية عامة ــ من نوع خاص ، أنظر : عبد القادر باينة “مدخل عام لدراسة القانون الإداري والعلوم الإدارية ” دار النشر المغربية، الطبعة الثالثة 2005 ص:328 إلى 330. في حين اعتبرها محمد نشطاوي مؤسسات من نوع جديد لا يمكن إدراجها في الأعراف القانونية القديمة ، لأنها توجد على الحدود ما بين القانون العام والقانون الخاص ، فهي تستفيد من القانون العام فيما يخص امتيازات السلطة العامة وتأخد من القانون الخاص طرق الإدارة والتسيير أنظر: محمد نشطاوي “المرافق العامة الكبرى ” المطبعة الوراقة الوطنية الطبعة الأولى 2002 ص:87/88.

 

 

 

[9]  _ محكمة القضاء الإداري ــ السنة الخامسة ــ قضية رقم 504 بتاريخ 26/12/1950.

مذكور لدى : محمد فؤاد عبد الباسط ” القانون الإداري ” تنظيم الإدارة ، نشاط الإدارة وسائل الإدارة ، دار الفكر الجامعي ، ص:695.

 

[10]  _ المحكمة الإدارية العليا ــ السنة الثالثة : طعن رقم 608 بتاريخ 12/4/1958. مذكور لدى محمد فؤاد عبد الباسط ” القانون الإداري مرجع سابق ،ص:695.

[11]  _ أنظر : عصام نعمة إسماعيل “الطبيعة القانونية للقرار الإداري ” مرجع سابق ، ص:654.

 

[12]  _ حكم المحكمة العليا في الطعن رقم 1258 لسنة 26 في جلسة 6/11/1982 والطعن رقم 1513 لسنة 27 جلسة 11/6/1983.

مذكور لدى : خليل عبد الله “أزمة نقابة المحامين أزمة ديمقراطية أم أزمة مهنة ؟” مبادرات فكرية عدد 14، 1999. ص:130-131.

 

[13]  _ المومني نادية “الهيئات المهنية بالمغرب” مرجع سابق، ص:107.

[14]  _ عبدالله درميش ” الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة في إطار قانون مهنة المحاماة ” مجلة المحاكم المغربية، عدد 94، ص:25.

[15]  _ مذكور لدى أحمد بوعشيق ” المرافق العامة الكبرى ” ، مرجع سابق ، ص:74.

[16]  _ حكم المجلس الأعلى ، عدد 421 الصادر في 26 دجنبر 1980 غير منشور.

[17]  _ أنظر قرار عدد : 1023 المؤرخ في 17/10/2002 ملف إداري عدد2439-4-011، غير منشور .

_ قرار عدد 355 المؤرخ في 4-5-2005 ملف إداري عدد1633-4-1-2003 ، غير منشور.

_ قرار عدد 1088 المؤرخ في 3/11/2004 ملف إداري عدد 58. 21-4-1-2002 غير منشور.

 

[18]  _ مجلة قضاء المجلس الأعلى ، عدد 20 السنة 3 دجنبر 1970 ، ص:56_59.

[19]  _ مذكور لدى : إبراهيم زعيم ” ألا يعتبر عدم فصل مجلس الهيئة في شكاية داخل أجلها القانوني قرارا ضمنيا بحفظ تلك الشكاية ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 46 ، 2002 ، ص:77.

[20]  _ قرار الجلس الأعلى عدد 96-14 في 02/11/200 ملف عدد 273/14/2000 ، مجلة المحاكم المغربية ، عدد 86 ، ص:156.

نفس التوجه تبناه المجلس الأعلى في العديد من القرارات أنظر:

_ القرار عدد 333 المؤرخ في 27/4/2005 ملف إداري رقم عدد 894 4/1/2003 ، غير منشور جاء في أحد حيثياته ” إن البث في الشكاية المحالة على مجلس الهيئة هو نشاط إداري أسنده المشرع إلى هيئة المحامين ويترتب في عدممارسته داخل الأجل المحدد قانونا اعتباره رفضا ضمنيا …”

_ القرار عدد 385 المؤرخ في : 11/5/2005 ملف إداري عدد: 800-4/1-2002، قرار غير منشور.

“… لكن حيث أنه مادامت مادة التأديب هي نشاط إداري أسنده المشرع فيما يخص المحامين لمجلس هيئة المحامين لممارسته تحت رقابة القضاء…”

_ القرار عدد: 100 المؤرخ في 6/3/2003 ملف إداري عدد 842/4/1/2002 غير منشور جاء في إحدى حيثياته ” إن التأديب نشاط إداري تمارسه السلطة الإدارية لضمان حسن سير المرفق العام تحت رقابة القضاء وأن إسناد المشرع هذا النشاط لهيئة غير إدارية لا ينزع عن النشاط صبغته الإدارية ولا يحق للهيئة الغير إدارية المسند إليها هذا النشاط ممارسته في غياب الرقابة القضائية…”

_ القرار عدد : 1088 المؤرخ في 3/11/2004 ملف إداري عدد : 2158/4/1/2002 غير منشور .

“…لكن حيث أن مادة التأديب عموما مادة إدارية مراقبة قضائيا وأن مباشرة هذا النشاط من طرف هيئة غير إدارية يبقى النشاط الإداري مراقبا قضائيا…”

= القرار عدد 191 بتاريخ 3/4/2003  ملف إداري عدد 622-124/2000 غير منشور.

” … لكن حيث أن التأديب نشاط إداري تمارسه السلطة الإدارية لضمان حسن سير المرفق العام تحت رقابة القضاء وأن إسناد المشرع لهذا النشاط لسلطة غير إدارية لا ينزع عن النشاط صبغته الإدارية…”

_أنظر كذلك :

_ القرار عدد 29 المؤرخ في 12/1/2005 ملف إداري عدد : 721/4/1/2003 غير منشور.

_ القرار عدد : 135 المؤرخ في : 23/2/2005 ملف إداري عدد 3772-164/2003 غير منشور.

_ القرار عدد : 765 المؤرخ في 23/10/2003 ملف إداري عدد : 33/4/1/2003 غير منشور.

_محكمة الاستئناف بتطوان: غرفة المشورة ، ملف عدد : 389/4/06، قرار عدد 30/07 ، المؤرخ في : 27/02/2007 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 107 مارس – أبريل  2007 ، ص:92.

جاء في حيثياته “… لكن حيث إن من شأن الإجابة على هذا الدفع التطرق أولا للطبيعة القانونية لمجالس هيئات المحامين بالمغرب ذلك أن نقابات المحامين بالمغرب خولها المشرع صلاحيات … وأنابها عنه في تسيير قطاع المحاماة اللصيق بمرفق العدل والقضاء وأنه من المتفق عليه أن المقرارات التي تصدرها ليست أحكاما قضائية لأن الأحكام كما هو معلوم تصدر باسم جلالة الملك دائما ، بل هي مقررات ذات طبيعة إدارية صرفة تصدر عن جهة إدارية وترتب الآثار القانونية…”

[21]  _ حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 749 بتاريخ 29/11/2005 ملف عدد 159 غ/04ب/ب غير منشور.

[22]  _ حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، عدد 211 ، بتاريخ 3 يوليوز 1995 في قضية بناني ابراهيم ضد لجنة حصر قائمة الخبراء المحاسبين ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 13 أكتوبر – دجنبر 1995 ، ص:164.

[23]  _ المحكمة الإدارية بالرباط ، حكم عدد 163 بتاريخ 6/6/1995، السيد مصطفى الشكدالي ضد اللجنة المكلفة بحصر قائمة الخبراء المحاسبين، غير منشور

[24]  _ المحكمة الإدارية بالرباط ، حكم رقم 675 بتاريخ 19/12/96 ، ملف رقم 69/96غ بين السيد محمد شواطي والسيد رئيس المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين الوطنية غير منشور.

أنظر كذلك:

[25]  _ القرار عدد 757 بتاريخ 16/10/2003 ملف إداري عدد 1326-4-1-2003 غير منشور.

أنظر كذلك في نفس التوجه:

_ القرار عدد 762 بتاريخ : 23/10/2003 ملف إداري عدد 26-4-1-2003 غير منشور.

_ القرار عدد 44 بتاريخ 6/2/2003 ملف إداري عدد 1993-4-1-2002 غير منشور.

[26]  _ حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، عدد 272 ، ملف رقم 93/99 صادر بتاريخ 29 أبريل 1999 غير منشور.

 

[27]  _ حكم المحكمة الإدارية بالرباط  ، عدد 212 بتاريخ 18/3/199 ملف رقم 294/98 غ عبدالله حداد “دليل الدعوى غير الإدارية في القانون المغربي ” مرجع سابق ، ص:150-152.

[28]  _ أوردته المومني نادية “الهيئات الإدارية بالمغرب ” مرجع سابق ، ص:114.

[29]  _ القرار عدد 88 بتاريخ 27/2/2003 ملف إداري عدد 206-4-1-2003 غير منشور.

نفس الحيثيات مستعملة في القرارات التالية:

_ القرار عدد 89 بتاريخ : 27-2-2003 ملف إداري عدد 207-4-1-2003 غير منشور.

_ القرار عدد 87 بتاريخ : 27-2-2003 ملف إداري عدد 205-4-1-2003 غير منشور.

[30]  _ علي خطار “نظرية المرافق العامة المهنية ، المجلة القانونية التونسية ع 2 و1 1990، ص: 140.

[31]  _ جورج فوديل ، بيار دلفولفيه ” القانون الإداري ” الجزء الثاني ترجمة منصور القاضي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2008 ص:493.

[32]  _ نادية المومني “الهيئات المهنية بالمغرب” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، جامعة الحسن الثاني ، كلية العلوم الاقتصادية والقانو2003-2004 ص: 116.

[33]  _ وفاء لهزيطا ” تطور مفهوم القرار الإداري على ضوء الاجتهادات القضائية ” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الإداري والعلوم الإدارية، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء 2002/2003 ص:36.

[34]  _ عصام نعمة اسماعيل ” الطبيعة القانونية للقرار الإداري ” دراسة تأصيلية  مقارنة في ضوء الفقه والإجتهاد ، منشورات الحلبي الحقوقية، ص:652

[35]  _ المكي السراجي ونجاة خلدون “معيار القرار الإداري ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 71 نونبر _دجنبر 2006، ص:53.

[36]  _ فوزي فرحات “القانون الإداري العام ” مكتبة الإستقلال ، الطبعة الأولى 2004 ص: 379.

[37]  _ محمد رفعت عبد الوهاب ” القضاء الإداري ” الكتاب الثاني ،قضاء الإلغاء- قضاء التعويض وأصول الإجراءات منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى2005 ص:30 وما بعدها.

[38]  _ نواف كنعان ” القانون الإداري ” الكتاب الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع 2006، ص:328 وما بعدها ، وتبنى الأستاذ عصام نعمة إسماعيل نفس التوجه حيث اعتبر الهيئات المهنية أشخاص قانون عام ، تصدر قرارات إدارية لأنها في نظره تجمع مقومات الاشخاص العامة ، فإنشاؤها يتم بقانون أو مرسوم أو بأي أداة تشريعية أخرى ، وأغراضها وأهدافها ذات نفع عام ، ولها على أعضائها سلطة تأديبية ، ولهؤلاء الاعضاء دون سواهم حق احتكار مهنتهم . واشتراك الأعضاء في النقابات أمر حتمي .

أنظر : عصام نعمة إسماعيل ” الطبيعة القانونية للقرار الإداري ، مرجع سابق ص : 653- 654.

[39]  _ عبد العزيز عبد المنعم خليفة ” القرارات الإدارية في الفقه وقضاء مجلس الدولة ” دار الفكر الجامعي 2007 ص: 343.

[40]  _ محمد يحيا ” التحديد القضائي لمفهوم السلطة الإدارية في القانونين المغربي والفرنسي ” مرجع سابق ص: 35.

[41]  _ محمد النتصر الداودي “الإشكاليات القانونية والواقعية في اختصاص القضاء الإداري ” دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2005، ص:18.

[42]  _ المكي السراجي “القرار التنظيمي في القانون المغربي ” أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام ، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة 2001- 2002 ،ص: 123.

[43]  _ المكي السراجي نفس المرجع والصفحة .

[44]  _ عبد القادر باينة “أشكال النشاط الإداري ” منشورات زاوية ص:127.

[45]  _ عبد الوهاب رافع ، جليلة البشري توفيق ” الدعاوي الإدارية في التشريع المغربي ” مطبعة الوراقة الوطنية ، الطبعة الأولى 1996 ص:56.

[46]  _ محمد نشطاوي “المرافق العامة الكبرى ” المطبعة الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى2002 ص:86.

_ وسار في نفس الاتجاه المكي السراجي ونجاة خلدون حيث اعتبرا أن الهيئات الخاصة بصفة عامة عندما تمارس مهام المرفق العام فهي تتحول إلى سلطة إدارية تصدر قرارات إدارية وأعطيا أمثلة بالهيئات المهنية . أنظر ” نجاة خلدون والمكي السراجي “معيار القرار الإداري” مرجع سابق، ص:54.

[47]  _ أنظر عبدالله حداد ” تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي ” مطبعة عكاظ ، ص:31.

_  عبدالله حداد “الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى” منشورات عكاظ ، ص:46.

_ عبدالله حداد ” دليل الدعوى غير الإدارية في القانون المغربي ” منشورات عكاظ ، ص:148.

[48]  _ محمد يحيا “التحديد القضائي لمفهوم السلطة الإدارية في القانونين المغربي والفرنسي ” مرجع سابق ، ص:36.

 

[49]  _عبدالله درميش “الطبيعة القانونية للقرارت الصادرة في إطار قانون مهنة المحاماة ” مجلة المحاكم المغربية ــ العدد 94 ، ص:22 وما بعدها .

[50]  _ رضوان بوجمعة “قانون المرافق العامة ” مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء 2000 ، ص:145_149.

[51]  _ مليكة صروخ ، عبدالله ركالة “الهيئات المهنية بالمغرب” مرجع سابق ، ص:55.

[52]  _ أنظر محمد قصري “القرارت الإدارية التي يجوز الطعن فيها بدعوى الإلغاء لتجاوز السلطة ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات عدد 1 ، سنة 1995 ، ص:17_18.

[53]  _ أحمد بوعشيق “المرافق العامة الكبرى” مرجع سابق ، ص:74_76.

_نفس التوجه تبناه الأستاذ محمد قصري حيث اعتبر “أن نقابة هيئة المحامين تعتبر هيئة خاصة منظمة بقانون خاص وهو قانون المحاماة ، وقد نظم هذا الأخيرمسطرة اتخاذ أعمالها ، وطرق الطعن فيها أمام القضاء العادي وهي محكمة الاستئناف التي يوجد مقر الهيئة بدائرتها . ومن ثمة فلا

هي سلطة إدارية طبقا للمعيار العضوي ولا هيئة خاصة مرفقا عاما تدار بأسلوب القانون العام طبقا للمعيار المادي ولذلك فأعمالها لا تقبل الطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة أمام القضاء الإداري ” محمد قصري نفس المرجع ، ص:18.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *