الشراكة بين المجتمع المدني والدولة([1]):الواقع والتحديات
مولاي هشام المراني
دكتور في الحقوق-أستاذ زائر بكلية الحقوق بأيت ملول
تحتل الشراكة مكانة مهمة باعتبارها لا تتحقق فقط عبر المساهمة في صناعات السياسات العمومية، وإنما تتعلق كذلك بالمساهمة في تنفيذها وتنزيلها على أرض الواقع، ومن هنا تأتي أهمية هذه الآلية في مساهمة تنظيمات المجتمع المدني في تدبير الشأن العام إلى جانب القطاعات الحكومية المعنية.
وإذا كانت الشراكة بين الدولة والجمعيات تعود إلى السنوات الأولى لحصول المغرب على استقلاله، فإن منشور الوزير الأول رقم 7/2003 المتعلق بالشراكة بين الدولة والجميعات، هو الذي يضع أسس السياسة الحكومية تجاه الدولة([2]).
وتهدف هذه الدورية إلى: ” تحسين الإطار القانوني وتبسيط المساطر وإلى تحديد إطار تدخلهم (الشركاء) وبهدف تحسين استعمال الموارد وجعل الشراكات تركز على حاجيات الفئات المستضعفة وضمان الشفافية”([3]).
وبفضل دستور 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية الثلاث الصادر منذ سنة 2015 سيتعزز مبدأ الشراكة مع المجتمع المدني بفضل المواد المؤسسة للديمقراطية التشاركية، فما واقع الشراكة بين المجتمع المدني والدولة (القطاعات الوزارية والجماعات الترابية)؟ وما أهم المعوقات التي تعترضها؟
أولا: واقع الشراكة مع القطاعات الوزارية ومعوقاتها
تحتل الشراكة مكانة مهمة باعتبارها لا تتحقق فقط عند المساهمة في صناعة السياسات العمومية، وإنما تتعلق كذلك بالمساهمة في تنفيذها وتنزيلها على أرض الواقع، ومن هنا تأتي أهمية هذه الآلية في مساهمة منظمات المجتمع المدني في تدبير الشأن العام إلى جانب القطاعات الحكومية المعنية.
فما تقييمنا للشراكة مع القطاعات الحكومية؟ وما أهم المعوقات التي تعيقها؟
- تقييم الشراكة بين المجتمع المدني والقطاعات الوزارية:حالة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية
نقصد بالشراكة بين المجتمع والدولة، أوجه التفاعل والتعاون بين القطاع الحكومي ومنظمات المجتمع المدني والمتعلقة بتوظيف إمكانياتها البشرية والمالية والإدارية والتنظيمية والتكنولوجية والمعرفية على أساس من المشاركة والإلتزام بالأهداف وحرية الإخيتار وكذا المسؤولية المشتركة والمساءلة من أجل تحقيق الأهداف الإقتصادية والإجتماعية التي تهم العدد الأكبر من أفراد المجتمع ولها تأثير بعيد المدى على تطلعاتهم حتى يتمكن المجتمع من مواكبة التطورات المعاصرة بطريقة فاعلة وتحقيق وضع تنافسي أفضل([4]).
والشراكة هي إحدى الوسائل التي أصبحت لازمة للتغلب على مشكلات التمويل والخبرات التقنية وغيرها المطلوبة لإنجاز المشاريع لتحقيق التنمية المندمجة والمستدامة([5]).
وتعد الوزارات القطاعية أبرز الشركاء العموميين بمعدل 28 % من العمليات يليها القطب الاجتماعي (وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وكالة التنمية الاجتماعية) بمعدل 16% من العمليات، وتأتي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المرتبة الأولى بمعدل 12,3%، متبوعة بالجماعات المحلية بنسبة 10,7%.
وقد كان لإنطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تأثير كبير على إبرام شركات بين الجمعيات والقطاعات العمومية. وبالفعل فإن 80% من هذه الشركات حديثة العهد، حيث أبرمت سنة 2005 تاريخ إطلاق المبادرة([6]).
وعليه فبموجب الشراكة تتولى الدولة توفير الأموال، في حين تقدم الجمعيات معرفتها وقربها من المواطنين وقدرتها على التكيف مع إنتظاراتهم.
وتقوم القطاعات الوزارية بعملية التمويل أما عن طريق تقديم المنح أو بناء على مشاريع محددة([7]).
وبالنسبة لحالة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية فقد أعلنت بموجب سنة 2013، على سبيل المثال، عن طلب تقديم مشاريع الجمعيات بهدف التمويل ما بين 3 أبريل 2013 و6 ماي 2013، تندرج ضمن المجالات التالية([8]):
- مجال النهوض بأوضاع المرأة ويشمل: – دعم المراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف – التوعية والتحسيس في مجال الحقوق والاقتصادية والادتماعية والسياسية للنساء؛
- مجال تقديم خدمات للفئات في وضعية صعبة: – دعم الأطفال في وضعية إعاقة – الأشخاص المسنين – الطفولة في وضعية صعبة؛
- دعم وتأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية؛
وقد أسفر هذا الإعلان عن إيداع ما مجموعه تسعمائة وثماينة وخمسون (958) مشروعا لدى المستشفيات الجهوية والمندوبيات الإقليمية لمؤسسة التعاون الوطني، وقد سجلت الوزارة زيادة قدرها 95 مشروعا مقارنة مع النسبة الماضية التي بلغ العدد خلالها 864 مشروعا([9]).
وبعد خضوع هذه المشاريع لمختلف مراحل الانتفاء المنصوص عليها في دليل المساطر الخاص بتدبير الشراكة بين هذا القطاع والجمعيات، تم الموافقة على تمويل مائتين وثمانين مشروعا (280) بتكلفة تناهز سبعة وأربعون مليون درهم (47مليون)([10]).
وإذا كانت حصيلة الشراكة مع وزارة التصامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية إيجابية بالمجمل فإنها ابانت بالمقابل عن معوقات عديدة تقف حاجز أمام تطور آلية الشراكة مع الدولة، فماهي المعوقات؟
- معوقات الشراكة بين الجمعيات والقطاعات الوزارية:
تتمثل أهم معوقات الشراكة بين الجمعيات والقطاعات الوزارية في:
- ضعف الشفافية:
بالرغم من أن منشور الوزير الأول لسنة 2003، حث على ضرورة إصدار تقرير سنوي حول وضعية الشراكة بين الدولة والجمعيات، ورغم أن الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية وغيره من الحوارات حث على ضرورة إصدار هذا التقرير، فإن العمل على إصداره لم يبدأ إلا في سنة 2015؛ إذ تشكلت من أجل ذلك لجنة من بين القطاعات الحكومية المعنية، خاصة وزارة الداخلية ووزارة المالية والأمانة العامة للحكومة والوزارة المكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني وقطاعات التضامن والصحة وغيرها من القطاعات والتي اشتغلت في التقرير. وبعد خضوعه لعدد من المراجعلت تم تقديمه في 27 يوليوز 2017 بالرباط من طرف الناطق الرسمي للحكومة([11]).
وقبل إصدار هذا التقرير السنوي الأول حول وضعية الشراكة بين الدولة والجمعيات برسم سنة 2015، فإن مجال التمويل والشراكة مع المجتمع المدني كان “أقرب ما يكون إلى الغموض، وذلك بسبب عدم امتلاك الفاعلين أرقاما مضبوطة أو أية تفاصيل تجعل الأمور واضحة وشفافة، رغم أن منشور الوزير الأول السابق إدريس جطو والصادر في سنة 2003 ينص على ضرورة إصدار هذا التقرير”([12]).
وهكذا يمكن اعتبار هذا التقرير تقدما نحو الشفافية وتكافؤ الفرص ونحو تقديم هذه المعطيات إلى الرأي العام باعتباره أحد الالتزامات المرتبطة بذلك([13]).
ومن جهة أخرى وكما وضحنا ذلك آنفا، تتجلى ضعف الشفافية كذلك في ضعف تقديم الجمعيات لحساباتها المتعلقة باستخدام الأموال والمساعدات العمومية الأخرى التي تلقتها في إطار الشراكة للمجلس الأعلى للحسابات، وذلك وفق الشروط المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
- ضعف تكافؤ الفرص:
يؤدي الإعتماد المتزايد على مسطرة الإعلان عن المشاريع التي عادة ما تشترط معايير انتقاء تحد من فرص الجمعيات في الحصول على التمويلات العمومية الكفيلة بتغطية أنشطتها الميدانية خارج إطار “المشروع المناسب لمحاور التمويل المشروطة من طرف الإدارة”([14]) وهو يجعل الجمعيات الصغيرة أو قليلة الإمكانات المالية والبشرية تحجم عن إعداد ملفاتها خاصة وأن التمويلات تكون في معظم الأحيان مشروطة بإعلان عن المشاريع مقيدة بتمويل التجهيزات أو اشغال البناء والتهيئة دون غيرها من حاجيات التسيير اليومي للجمعيات التي تمثل، حسب دراسة المندوبية السامية للإحصاء، ما يعادل 2,9 مليار درهم خلال سنة 2007، أي 50% من النفقات السنوية للجمعيات([15]).
- صعوبة الإستجابة لشروط عروض الشراكة:
حسب البحث الذي أجرته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية([16])، تجد الجميعات صعوبة في الإستجابة لطلب مشاريع الإدارات العمومية: صعوبة في إعداد الملف وفي استيفاء العناصر التقنية والبشرية لدفتر التحملات.
واعتبر تقرير المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، أن المؤسسات العمومية تطلب بالفعل شروط كبيرة بالنسبة لتمويلات مالية تفوق 50 ألف درهم، وينبغي أن تتوفر الجمعيات على ما يكفي من الموارد البشرية المؤهلة والتجربة والمهنية في تنفيذ مشاريع التنمية، علاوة على التوفر على الحد الأدنى من الموارد المادية([17]).
ويتبين من نفس البحث الذي أجرته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية أن 40% من الجمعيات لا تعرف قواعد الشراكة، وبالتالي غير مستعدة، على المستويين التنظيمي والبشري، للمطالبة بإبرام شراكة مع الدولة وتنفيذها السليم.
- خطر إختزال الشراكة في مجرد التمويل:
في مذكرة إلى رئيس الحكومة، عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن تحفظاته على المنشور رقم 2003/7، حيث يؤكد على أنه: “بالرغم من التحسينات التي أدخلها المنشور، إلا أن مفهوما للشراكة يركز على مجرد تقديم إعانات مالية عمومية من شأنه، في رأي المجلس، أن يعزز منطق “الشراكة والقائمة على منطق الفرصة”، إستنادا إلى علاقة غير متكافئة بين الشركاء، وأن يقوض المكاسب المحققة بفضل شراكات قائمة على منطق المعاملة بالمثل وتمكين الفاعلين، على غرار الشراكات التي تندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أو في عملية التخطيط الجماعي المنصوص عليها في المادة 36 من الميثاق الجماعي”([18]).
وفي دراسة أنجزها الفضاء الجمعوي([19])، صرح ثلث الأشخاص المستجوبين بأن الشراكة تشكل خطرا على هوية الجمعية وخصوصيتها وإستقلالها. ويضيف هؤلاء أن بعض الوزارات تبحث عن منفذين أو مناولين، وليس عن شركاء حقيقين. كما أن ممارسات بعض المنتخبين تضر بالعمل الجمعوي، حيث أن هناك “حسب شهود، بعض الأشخاص المرتبطين بالسلطات يوظفون جميعات أسسوها من أجل الحصول على موارد/أو من أجل أهداف إنتخابية“.
إن الخوف يكمن في أن تكون هناك سيطرة على الجمعيات والمنظمات غير الحكومية تحت يافطة الدعم والشراكة، وبالتالي تكون لدى منظمات المجتمع المدني عوامل تدفعها إلى الوفاء لمتطلبات الوزارات المعنية، وإلى تفادي أي عمل يجر عليها العقوبة. ويقود الخوف المنظمات إلى فرض الرقابة الذاتية على نفسها، ووضع قواعد الضبط الذاتي تحتها على التكيف مع الدولة وتثنيها على مواجهتها…([20]).
يعد مبدأ الإستقلالية من المواضيع التي حظيت باهتمام كبير من طرف المشاركين في الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، فنتائج الحوار الوطني خلصت إلى أن مطلب الإستقلالية عن الدولة والأحزاب والنقابات، هو مطلب جوهري وتحد مركزي في مسار تأهيل الحركة الجمعوية، في أفق ضمان مساهمة جيدة وفعالة في مسلسل مأسسة وتنظيم مساك الديمقراطية مساهمة جيدة وفعالة في مسلسل مأسسة وتنظيم مسالك الديمقراطية التشاركية كما أقرها الدستور. الأمر الذي يستلزم معالجة أربع إشكاليات كبرى، حسب اللجنة الوطنية، تهم ضعف احترام القانون في تأسيس الجمعيات ضعف شفافية الدعم العمومي والإنصاف وتكافؤ الفرص في المعاملات الإدارية مع مختلف الجمعيات، وإشكالية الديمقراطية الداخلية للجمعيات وملاءمة ممارستها الإدارية والمالية لقواعد الشفافية والمراقبة والمحاسبة([21]).
ثانيا: واقع الشراكة بين الجمعيات والجماعات الترابية ومعوقاتها
تمت عدة مبررات موضوعية وذاتية تحتم الحديث عن الشراكة والتشارك بين الجمعيات والمجالس الجماعية نذكر منها([22]):
- ضمان مشاركة فاعلة وأفضل للجميعات في تدبير الشأن المحلي؛
- خلق تواصل بين الجمعيات والفاعلين الاقتصاديين والمجالس الجماعية في أفق تكثيف الجهود لتدبير أفضل للحي أو الجماعة أو المدينة…؛
- ضمان مشاركة فعالة للمواطن في التنمية المحلية؛
- الحد من تداخل وتنازع الاختصاصات بين الفاعلين؛
- إقامة قواعد واضحة للعمل يحددها الشركاء وتكون ضوابط وقوانين تنظيمه؛
- تحديد دور كل شريك وإختصاصاته بدقة في التنمية وفي مجال الشراكة.
فما واقع هذه الشراكة؟ وما معوقاتها؟
1- واقع الشراكة بين الجمعيات والجماعات الترابية:
منذ تعديل القوانين المتعلقة بالجماعات بأصنافها الثلاث في سنة 2002، أعطيت دفعة قوية لمجال الشراكة والتعاون بين الجماعات والمجتمع المدني، والأمر الذي تعزز مع القوانين التنظيمية الحالية المتعلقة بالجماعات الترابية بفضل مجموعة من المواد المتعلقة بذلك([23]).
إلا أنه بالرغم من الآفاق الواعدة التي فتحتها القوانين التنظيمية القانونية المنظمة للتعاون والشراكة مع الجمعيات، وهذا ما استنتجناه من مراسلة وزير الداخلية بتاريخ 15 أبريل 2018 إلى السادة ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم بالمملكة حول دعم الجمعيات من طرف الجماعات الترابية وإبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معها.
ومن بين الإختلالات التي رصدتها الدورية:
- سوء فهم القواعد الواجب إحترامها من طرف الجماعات الترابية، وهو ما يفسر مجموعة من طلبات الإستشارة حول الموضوع التي لا تفتأ ترد على المصالح المختصة لوزارة الداخلية؛
- عدم التمييز بين توزيع المساعدات ودعم الجمعيات وبين إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة([24])؛
- عدم الإلتزام بالقوانين التنظيمية للجماعات التي تمنع على الجماعة إبرام اتفاقيات تمويل أو شراكة مع جمعية يكون أحد أعضائها كذلك عضوا في الجماعة. وذلك تفاديا لاستغلال النفوذ؛
وفي مجال المراقبة، تجدر الإشارة إلى أن المنشور رقم 7/2003 لا يحدد الإجراءات المتعلقة باختيار المشاريع الجمعوية وإجراءات الإلتزام وأداء المساهمات والتتبع والتقييم والمساءلة إلا فيما يتعلق بالمساهمة المالية العمومية التي تساوي أو تفوق 50.000 درهم، في حين أن مبلغ الإعانات التي تمنحها الجماعات تكون في غالب الأحيان متواضعة([25]).
وتبين الدراسة التي أجرتها وزارة التضامن والمرأة والتنمية الاجتماعية([26])، أنه لكي تتجنب الجماعات المحلية مراقبة المنحة التي تفوق 10.000 درهم، فإنها تقوم بتقسيمها إلى مبالغ صغيرة. ونفس الملاحظة عبرت عنها جمعيات عديدة([27]).
2- معوقات الشراكة بين الجمعيات والجماعات الترابية:
تؤدي عدة معوقات إلى عدم تحقق النتائج المرجوة من الشراكة بين الجمعيات والجماعات الترابية نذكر منها([28]):
- حالة التوجس والتخوف التي تطبع العلاقة بين الجمعيات والمجالس الجماعية؛
- النظر إلى الجمعيات كمنافس ميداني يعيق عمل المجالس؛
- إعتبار الجمعيات أدوات تنفيذية لإنجاز برامج ومشاريع لا تستطيع المجالس القيام بها لوحدها؛
- إختزال الجمعيات دور المجالس الجماعية في التمويل فقط؛
- عدم تقدير الجمعيات للأهمية التي يمكن أن تساهم فيها الجماعات المحلية في الرفع من مستوى تدخل الجمعيات في التنمية المحلية، ومدها بالآليات التقنية والمادية لإنجاح مشاريعها؛
- طغيان حالة التباعد والجفاء بين الجمعيات والجماعات المحلية وعدم مد جسور التواصل بين الطرفين؛
- عدم التأسيس لآليات تضمن وصول المعلومات الضرورية المرتبطة بالشأن المحلي إلى الفاعل الجمعوي مما يؤثر على فعل الجمعيات وذلك بسبب حسابات ضيقة؛
- عدم توضيح الإطار المؤسساتي لمشاركة الجمعيات في شؤون الجماعة مع الإبقاء على الغموض والضبابية وطغيان العمومية على ألفاظ المشرع في الميثاق الجماعي، وهو ما يفتح المجال أمام تملص بعض المجالس ويرهن الأمر لمزاجية الرؤساء الذين أوكلت لهم صلاحيات واسعة.
في نهاية هذا المقال نخرج باستنتاج مفاده أن قدرة منظمات المجتمع المدني على التأثير على عملية عملية صنع السياسات العامة، يرتبط بعدة مؤشرات:
- مدى استناد المنظمات المدنية على قاعدة شعبية ومتماسكة تمنحها القوة والشرعية، وعلى تطبيق ديمقراطية اتخاذ القرار؛
- التوفر على مهارات إقامة شبكات وتحالفات بين المنظمات غير الحكومية، بغية تسهيل تبادل المعلومات والخبرات؛
- تملك الخبرات الإدارية والمؤسسية، أي القدرة على بناء الهياكل التنظيمية وتنمية روح العمل الجماعي وتملك مهارات الاتصال والتخطيط الإستراتيجي([29]).
- توفر إطار قانوني ومؤسسي يحدد أسس التعاون بين الدولة والمجتمع المدني مع مراعاة مراجعة هذا الإطار باستمرار في ضوء التغييرات التي تطرأ على المجتمع([30])؛
- إقرار الحكومة بأهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني، فضلا عن إلتزامها باحترام استقلاله، وإقامة شراكة على أساس الثقة المتبادلة بين الشركاء واحترام استغلال كل طرف وتوفير آليات للتعاون واستدامة هذا التعاون في إطار نوع من التكامل والاعتماد المتبادل.
([1])-نقصد بالدولة في هذا المقال كل من القطاعات الوزارية أو الحكومية والجماعات الترابية.
([2])-عبد العزيز دحماني: “رهانات المجتمع المدني في ضوء متغيرات النظام الدستوري المغربي”،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية،جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا،السنة الجامعية 2016/2017، ص:411.
([3])-وضع ودينامية الحياة الجمعوية، تقرير المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية رقم 28/2016، ص:47:
www.cesa.ma.
([4])-أمجد غانم: “الشركات القطاعية القائمة في تقديم الخدمات العامة والبلدية على مستوى الهيئات المحلية، شراكة النخبة للاستشارة القانون والممارسة العلمية”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 78، سنة 2008، ص:47.
([5])-وضع ودينامية الحياة الجمعوية، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق، ص:47.
([7])-إستنادا لمضامين البرنامج الحكومي المصادق عليه من طرف البرلمان بتاريخ 26 يناير 2012، والذي نص في موضوع الشراكة على ضرورة إقرار معايير شفافة لتمويل برنامج الجميعات وإقرار آليات تمنع الجمع بين التمويلات واعتماد طلب العروض في مجال دعم المشاريع. حرصا على إضفاء الوضوح والشفافية وتخليق العلاقات التشاركية أصبحت القطاعات الوزارية تحرص على طرح عروض دعم المشاريع، مرفوقة بشروط يتعين توفرها في المترشحين من الجمعيات.
([8])-الشراكة مع الجميعات، مسطرة الإنتقاء وحصيلة دعم المشاريع، وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، نونبر 2013، ص:103.
([11])-مقال إخباري بالموقع الإلكتروني Maroc.ma: بتاريخ 27 يوليوز 2017، تاريخ الزيارة: 2018/06/22 في الساعة 22:34.
([12])-كلمة الوزير الأول المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السابق، لحبيب الشوباني في افتتاح اليوم الدراسي حول التمويل والشراكة مع المجتمع المدني الذي نظم بالرباط في 18 فبراير 2014.
([13])-كلمة الناطق الرسمي للحكومة مصطفى الخلفي أثناء تقديم التقرير السنوي الأول حول الشراكة بين الدولة والجمعيات بتاريخ 27/07/2017.
([14])-التقرير التركيبي للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، أبريل 2014، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ص:45.
([16])- وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية، دراسة حول الجمعيات المغربية للتنمية: تشخيص، تحليل، آفاق، التقرير الثالث، سنة 2010.
([17])-وضع ودينامية الحياة الجمعوية، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق، ص:48.
([18])-مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان:
http://cndh-ma/sites/default/files/la-liberte-associative-au-maroc-memo-fr.pdf.
([19])-عز الدين أقصبي، بإشراك مع محمد بوجه وسعد الفلالي المكناسي، أبريل 2011 دراسة مؤشر المجتمع المدني في المغرب، الفضاء الجمعوي، ورد في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مرجع سابق، ص:50.
([20])-شادي حميد: “المجتمع المدني في العالم العربي ومعظلة التمويل، بين إشكالة التبعية للخارج ومطلب الإحتواء الحكومي”، مجلة آفاق المستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبو ظبي، العدد 07 سنة 2010، ص:46.
([21])-عزيز الغرفاوي: ” حوار المجتمع المدني يخلص إلى مطلب إستقلالية الجمعيات والديمقراطية الداخلية”، مقال بالموقع الإلكتروني لجريدة الصحراء المغربية، بتاريخ 24/03/2014.
([22])-بنشريف مولاي محمد: “العمل الجمعوي وآفاق الشراكة مع الجماعات المحلية”، مقال منشور ب:-
-blog.com/article-25110384.html”errachidia news.over بتاريخ 24 نونبر 2008، تاريخ الإطلاع: 2018/07/05 في الساعة 16:35.
([23])- على سبيل المثال بالنسبة للقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات تنص المادة 49 منه على أنه ” يمكن للجماعات في إطار الإختصاصات المخولة لها، أن تبرم فيما بينها أو مع جماعات ترابية أخرى أو مع الإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية أو الهيئات العمومية الأخرى أو الجمعيات المعترفة لها بصفة المنفعة العامة اتفاقيات للتعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص”.
([24])-حسب الدورية فإن دعم الجمعيات وتوزيع المساعدات ورد بشكل حصري ضمن صلاحيات المجلس الجماعي في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات (المادة 92) ولم يرد في أي من القانونين التنظيميين المتعلقين بالجماعات وبالعمالات والأقاليم مما يجعل ذلك إختصاصا حصريا للجماعات دون الجماعات الترابية الأخرى.
([25])-تقرير المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، مرجع سابق، ص:48.
([26])- دراسة حول الجمعيات المغربية للتنمية، تشخيص، تحليل، آفاق، مرجع سابق.
([27])-تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق، ص:48.
([28])-بنشريف مولاي محمد، مرجع سابق.
([29])-لجنة الأمم المتحدة لإفرقيا: ” كيف تؤثر المنظمات الأهلية في السياسات عن طريق البحث والضغط والدعوة”، القاهرة، مركز البحوث العربية، ص: 46. ورد في: عبد العزيز موهيب: ” المجتمع المدني والسياسات العمومية مساهمة في دراسة آليات الرقابة”، رسالة لنيل شهادة الماستر في العلوم الأمنية وتدبير المخاطر، قانون عام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، السنة الجامعية 2016/2017، ص:79.
([30])-د. أدهم عدنان طبيل: ” المجتمع المدني وصنع السياسات، الخدمات الاجتماعية نموذجا”، مقال إلكتروني بجريدة دنيا الوطن، تاريخ النشر 2015/03/26، تاريخ الإطلاع 2018/09/01 في الساعة 11:54:
http://pulpit.alwatnvoice.com/article/2015/03/361258html.