Site icon مجلة المنارة

السياسات العمومية في بعدها الترابي و سؤال الإلتقائية

السياسات العمومية في بعدها الترابي و سؤال الإلتقائية

مراد أزماني

طالب باحث

مقدمة:

تعتبر السياسات العمومية من أهم الآليات التي تتخذها الدولة في شكل برامج ومشاريع وإستراتيجيات قصد معالجة القضايا المطروحة على أجندتها، بعد دراستها ومرورها من مراحل أساسية قبل أن تتم بلورتها في شكل مجموعة من القرارات المرتبطة بالشأن الوطني أو الترابي على حد سواء.والإلتقائية في مجال السياسات العمومية نقصد بها نموذجا يتوخى تحقيق التشارك والتلاقي والتناغم في التدخلات العمومية التي تنهجها الجماعات الترابية و المصالح اللاممركزة والمؤسسات التابعة للدولة بهدف بلورة عمل تنموي متكامل ومندمج بغية الخروج ببرنامج أو مشروع واحد يتلاقى فيه الكل مما يؤدي لتوفير الجهد والمال وعدم ضياع الفرص.

إن تزايد تدخل الدولة في مختلف المجالات والميادين و تشتتها، فضلا عن نتائج مجموعة من التقارير التي أثبتت وجود مشكل بنيوي يؤدي إلى ضياع الفرص والجهد والمال دون تحقيق السياسات العمومية لأهدافها بسبب إفتقارها إلى عنصر الإلتقائية والإندماج، و ذلك راجع لجملة من الأسباب من بينها هشاشة المقتضيات القانونية المؤطرة للامركزية وعدم التركيز، هذا بالإضافة إلى عدم إستقرار الخيارات الحكومية نتيجة كثرة التعديلات الوزارية وتغيير الحكومات، فضلا عن نهج مقاربات قطاعية وتجزيئية في تصور وصناعة وتنفيذ السياسات العمومية في ظل غياب مقاربة شمولية إندماجية، هذا علاوة على عدم تناغم التدخلات العمومية من طرف المصالح اللاممركزة في علاقتها بالهيئات اللامركزية وغياب جهاز للتنسيق بينها و كذا غياب منهجية واضحة للتقييم والتقويم، في ظل غياب البعد الترابي عن السياسات العمومية، وضعف مستوى النخبة السياسية المكلفة بقيادة الجماعات الترابية و التي هي نتاج ديمقراطية فاسدة سادت فيها ثقافة المال والزبونية ورضا السلطة في مقابل معيار الكفاءة و التكوين العالي، مما أفرز لنا نخبة سياسية عقيمة لا تنتج برامج ومشاريع ومخططات مبنية على التناغم و الإنسجام مع متطلبات الجهوية المتقدمة.

ومن خلال ما سبق سنحاول مقاربة إشكالية تعثر إلتقائية السياسات العمومية في بعدها الترابي لنحاول الإحاطة بواقع السياسات العمومية الترابية وبأهم الأسباب التي تقف حائلا دون تحقيق الإلتقائية، محاولين قدر المستطاع مقاربة مختلف المداخل التي يمكن من خلالها تحقيق إلتقائية السياسات العمومية في بعدها الترابي.

المبحث الأول: واقع السياسات العمومية الترابية وسؤال الإلتقائية.

لقد أضحى سؤال إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي، من أبرز المواضيع التي شغلت بال صانعي السياسات العمومية، وشكلت محورا هاما ضمن اشغال المناظرة الوطنية الأولى حول الجهوية المتقدمة بل ولا تخلوا خطب الملك في مناسبات متعددة من إشارات واضحة للإختلالات المسجلة على مستوى السياسات العمومية والمقاربات الممكنة لتحقيق هذا المطلب. ومن خلال هذا المبحث سنحاول التطرق إلى بعض العوائق المسجلة على مستوى السياسات العمومية، و التي تحول دون تحقيق أمثل لمتطلبات الإلتقاء والمتمثلة أساسا في هشاشة المقتضيات القانونية المؤطرة للامركزية وغياب البعد الإستراتيجي في عملية صناعة وتنفيذ السياسات( المطلب الأول)، علاوة على محدودية البعد الترابي في السياسات العمومية وهيمنة المقاربة التجزيئية في تعامل صانعي السياسات مع سياسات اللامركزية و اللاتمركز ( المطلب الثاني).

المطلب الاول: السياسات العمومية الترابية بين هشاشة المقتضيات القانونية والإفتقار للبعد الإستراتيجي.

سوف نتطرق في هذا المطلب لإشكالية هشاشة المقتضيات القانونية المؤطرة للتنظيم اللامركزي لنوضح أوجه القصور والتناقض بين هذه النصوص القانونية،و التي تشكل عائقا أمام تحقيق مطلب إلتقائية السياسات العمومية الترابية، كما سنعرج أيضا على تحليل ملامح هذه السياسات والتي تتميز عموما بإفتقارها للبعد الإستراتيجي وغلبة النهج القطاعي وغياب تصور مندمج للسياسات العمومية الترابية. وذلك في الفرعين التاليين.

الفرع الأول: هشاشة المقتضيات القانونية المؤطرة للامركزية

سنعالج من خلال هذا الفرع واقع المنظومة القانونية المؤطرة للامركزية من خلال تشخيص بعض أعطابها والتي أدت لعرقلة إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي وذلك من خلال النقطتين التاليتين:

أولا: تعدد المقتضيات القانونية وفشل سياسة التقطيع الترابي.

إن المتفحص للمقتضيات القانونية المؤطرة للشأن الترابي، سواء المتعلقة منها باللامركزية أو اللاتمركز يلاحظ أن من سماتها الأساسية هو تعددها وكثرتها إذ يصعب ضبطها والعمل على تطبيقها في ظل ضعف بل وأحيانا إنعدام المستوى التعليمي للمنتخبين إذ أن القانون التنظيمي 113.14 قد تراجع عن إشتراط توفر الشهادة الإبتدائية على الأقل لتولي مهام رئاسة المجلس فضلا عن عدم إهتمام الأحزاب السياسية بإنتقاء نوعية النخب[1]، هذا علاوة على ضعف التكوين القانوني للموظفين العاملين بالجماعات الترابية مما يتولد عنه عدم الفهم الصحيح للقواعد القانونية التي تتصف بالعمومية والشمولية مما يترتب عنه تداخل الإختصاصات بين جل الفاعلين ، حيث أنه على الرغم من تنصيص القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية بتلاوينها الثلاث على مبدأ التفريع إلا أننا لازلنا نلاحظ نوعا من الغموض في توزيع وتحديد الإختصاصات و بالتالي فالإطار القانوني للامركزية الترابية بالمغرب يمتاز بعدة إختلالات تجعل من الصلاحيات الممنوحة للجماعات الترابية على ضوء القوانين التنظيمية غير واضحة خاصة في المجالات المرتبطة بتدبير التنمية الترابية، وبالتالي لم تحدد الإختصاصات بطريقة واضحة حسب كل مستوى، بل بكيفية غامضة مما يشكل إعاقة حقيقية لممارسة التدبير الحر، إذ يتضح إرتباك منهجي وتقني في الصياغة القانونية مما يوحي بغياب الدقة في ضبط الإختصاصات المتسمة بالتنوع وتعدد المصادر وشمولية المقاربات في تحديد الصلاحيات الخاصة بكل مستوى ترابي[2]،  ويمكن تفسير ذلك بسبب طبيعة نشأة الدولة التي لم تستطع التخلص من ماضيها المركزي والنزعة السلطوية المتراكمة عبر حقب تاريخية متوارثة دون ترك أي مجال لإسهام الجماعات الترابية وتمتيعها بالحق في المشاركة في صياغة الأنظمة التي تؤطر منظومة اللامركزية.[3] الأمر الذي يجعل من غموض الإختصاصات عملية مقصودة لتقليص تدخل الجماعات الترابية، وتوسيع عملي لمجال تدخل السلطة المركزية وممثليها بحكم التأثير المستمر للقواعد المؤسسة لمرجعية الدولة المركزية التي مازالت تتحكم في بنيتها وعلاقاتها مما يساهم في تقليص أدوار الجماعات الترابية و بالتالي محدودية تدخلاتها الترابية وعرقلة إلتقائية السياسات التنموية على مستوى الجهات والجماعات الترابية الأخرى بفعل صعوبة تحقيق الإندماجية بين ما يجب فعله وما يمكن فعله.

كما أن مرسوم التقطيع الترابي[4] الذي نتج عن اللامركزية من شأنه أيضا أن يساهم في عرقلة المجتمع من خلال محاصرة التطورات والتبادلات والتداخلات[5] مما جعله يتسم بكونه تقطيع ترابي غير مساعد على تنمية الجهة بفعل ضعف بعض الأقاليم المكونة لها والمفتقرة لأي جاذبية إقتصادية وتعرف نقصا في البنيات التحتية وبالتالي فالتأسيس لإلتقائية البرامج والمخططات والسياسات داخل المجال الترابي المكون للجهة يعتبر من وجهة نظرنا صعب المنال بفعل عدم التكافئ بين مختلف الجماعات الترابية المكونة للجهات من حيث الموارد الطبيعية والثروات والبنية التحتية وهذا ما يقف حائلا أمام أي صيغة للتعاون والشراكة بينها، فضلا عن ما تعرفه المكونات المجالية المكونة لغالبية الجهات من نقص كبير في التجهيزات الإجتماعية مع إرتفاع نسبة الفقر بها بإستثناء بعض العمالات داخل الجهات التي تعرف مستوى نمو متطور.[6]

ثانيا: الصياغة القانونية الفضفاضة وعدم التحديد الدقيق للإختصاصات.

       ويعزى ذلك إلى عدم تبني المشرع المغربي لقانون تنظيمي واحد للجماعات الترابية على شكل مدونة رغم التنصيص الدستوري على ذلك في الفصل 146 بعبارة ” تحدد بقانون تنظيمي”[7] وبالتالي فعوض أن نكون أمام نص واحد، نحن اليوم أمام أربعة قوانين تنظيمية، ثلاثة خاصة بالجماعات الترابية وواحد خاص بإنتخاب أعضاء مجالس هذه الجماعات مما شكل غموضا وتخبطا في توزيع الإختصاصات بل أحيانا نجدها تشترك في نفس الإختصاص مما يؤدي لتعدد التدخلات وتضييع الفرص وإهدار الجهد والمال والحيلولة دون تحقيق إلتقائية البرامج والمشاريع مع متطلبات المواطنين و مشاكلهم، هذا فضلا عن كون بعض المقتضيات الواردة في النص الدستوري لم تتطرق لها هذه القوانين التنظيمية وأخص بالذكر الجانب المتعلق بالموارد المالية للجماعات الترابية، أي جبايات الجماعات الترابية على إعتباره حجر الزاوية في التنمية الترابية وركيزة أساسية لضمان إلتقائيةالسياسات العمومية. كما أن من  بين الأمور التي توضح بجلاء هشاشة المقتضيات القانونية المرتبطة باللامركزية نجد عدم وضوح مهام ”المراكز الجهوية للتشغيل وتطوير الكفاءات من أجل الإدماج في سوق الشغل”[8] إذ لا نجد أي إطار قانوني يوضح مفهومها وإختصاصاتها وهذا الفراغ القانوني والتنظيمي أثار العديد من الأسئلة لأن المشرع عندما يشير إلى إختصاص جماعة ترابية بإحداث مؤسسات، إما يفترض أن هذا النوع من المؤسسات قائم قانونيا، أو أن تكون هذه المؤسسات جديدة، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد المقصود منها أو على الأقل أن يحيل إلى نص تنظيمي يفصل في هذا الأمر[9]. ومن بين ملامح الهشاشة في المقتضيات القانونية المؤطرة للامركزية أيضا نجد عدم الإنسجام بين إختصاص الجهة و الإستراتيجية الوطنية للتكوين المهني2015-2021، إذ أن الحكومة وضعت الإستراتيجية وفق محاور تضمنت إشراك الجهات وجعلها مسؤولة إلى جانب القطاعات الحكومية في تنمية التكوين المهني في المجال القروي والأحياء الهامشية، لكن وبالإطلاع عل القانون التنظيمي للجهات نجد أن إختصاصها في القيام بإحداث مراكز جهوية للتكوين مندرج ضمن الإختصاصات الذاتية و بالتالي لا تملك الجهات أي إختصاصآخرمشترك أو منقول في هذا القطاع  وبالتالي فلا يمكننا الحديث عن إشراك الجهات في هذه الإستراتيجية في ظل غياب مرجعية قانونية لتمكينها من ذلك.[10]و بالتالي فكيف يمكننا الحديث عن إلتقائية التدخلات العمومية والبرامج والمشاريع في ظل هشاشة المقتضيات القانونية والتنظيمية التي تقف كحاجز مانع لتحقيق ذلك.

ومن بين الإشكالات المطروحة أيضا الصياغة القانونية الفضفاضة لإختصاصات مختلف الجماعات الترابية والتي أدت إلى طرح تساؤلات حول تحديد مسؤولية كل طرف عندما يتعلق الأمر بإختصاص منح لأكثر من جماعة ترابية مما يؤدي إلى صعوبة تحديد المسؤول عن كل فشل أو ضعف مما يعني تغييب أكبر دعامة تبنى عليها الديمقراطية الترابية، ألا وهي المحاسبة و المساءلة[11]، وبالتالي فالأمر يتطلب التحديد المحكم للإختصاصات والأدوار بالنسبة لكل المتدخلين في المجال التنموي تفعيلا لمبدأ المداركة أو التفريع[12]. ومن بين ما يمكن أن نطرحه كإشكال يعزز توجهنا على إعتبار المقتضيات القانونية المؤطرة للامركزية تغلب عليها الهشاشة وتقف كحاجز يحد من إلتقائية وإندماجية السياسات العمومية الترابية نجد أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لم تقم بالتحديد الدقيق لبنية الموارد الذاتية إذ نجد أن المادة 173 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات قد كرر مضمون الفصل 141 من الدستور دون أي إجتهاد يذكر في تحديد مكانة الموارد الذاتية مقارنة مع باقي أصناف مصادر التمويل الأخرى، وقد سارت باقي القوانين التنظيمية الأخرى على نفس المنوال حيث أكدت المادة 165 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم نفس المضمون وكذلك الشأن بالنسبة للمادة 186 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات مما يؤكد لنا محدودية التنزيل القانوني للضمانات المتعلقة بالموارد المالية اللازمة لممارسة الجماعات الترابية لإختصاصاتها التنموية الجديدة التي نص عليها الدستور.[13]

الفرع الثاني: إفتقار السياسات العمومية للبعد الإستراتيجي.

سنقارب هذا الفرع لنوضح مكامن إفتقار السياسات العمومية للبعد الإستراتيجي من خلال النقط التالية:

أولا: إتسامها بطابع الظرفية والإرتجالية

إن أهم ما يميز السياسات العمومية بالمغرب هو كونها تتسم بطابعها الظرفي علاوة على كونها تتغير بتغير المسؤول المشرف عليها، وهذا ما يعرض السياسات العمومية بالمغرب لكثرة التغيير والتبديل، لكن الملاحظ أن هذا التغيير لا يقوم على أسس موضوعية كنتيجة لسياسة التقييم والتقويم بهدف محاولة تجويدها وتلافي سلبياتها أو كنتيجة للتغذية العكسية نتيجة عدم رضى المواطنين عنها لعدم قدرتها على حل المشاكل العمومية وبالتالي فتغيير وتبديل السياسات العمومية هنا يصبح ضرورة ملحة من لدن صانعي السياسات[14]، لذلك فالتغيير وفقا للطابع الظرفي والإرتجالي الذي نحن بصدد معالجته يأتي نتيجة لعاملين أساسيين:

إن هذا الواقع الظرفي والإرتجالي الذي تتسم به السياسات العمومية بشكل عام والسياسات العمومية الترابية على وجه الخصوص، تكون له آثار سلبية على إستمرارية البرامج والمخططات مما يؤثر على نجاعتها ويجعلها فارغة المحتوى بسبب عدم إكتمالها أو تغيير مسارها وأهدافها و بالتالي فالحديث عن البعد الإلتقائي للسياسات العمومية وفق ذلك يبقى بعيد المنال نسبيا.[17]

ثانيا: شبه غياب لتصور مندمج

إن المتتبع لمسار وضع و صياغة السياسات العمومية على المستوى المركزي رغم وجود برنامج حكومي يقدم في بداية كل ولاية حكومية كما هو الشأن بالنسبة للبرنامج الحكومي لسنة 2016، ورغم المخططات السابقة سواء الخماسية أو الثلاثية على الصعيد الوطني، فإن ما يمكن ملاحظته هو توجه كل قطاع إلى صياغة سياسة عمومية خاصة به، هذا التوجه القطاعي للسياسات العمومية أفرز نوعا من عدم الإندماج والتكامل والإلتقاء بين مختلف البرامج والمخططات والإستراتيجيات القطاعية سواء على المستوى الوطني و كذا على المستوى اللامركزي. إن غياب الرؤية الإستراتيجية المندمجة وعدم ترتيب الأولويات يؤديان إلى إنجاز أعمال مجزأة تفتقر إلى التكامل فيما بينها، مما يحد من الآثار الإيجابية المتوقعة للسياسات العمومية على السكان والمجالات الترابة.[18]

إن التركيبة الحكومية بالمغرب والتي تعاني من تضخم حاصل في عدد وزرائها ( 39 وزيرا في عهد حكومة بنكيران الثانية، تم تقليصها ل23 وزيرا بعد التعديل الوزاري الذي أفرز لنا ما يسمى بحكومة الكفاءات)،بالإضافة إلى كثرة الأجهزة الموازية والمتجلية في الوكالات الوطنية للتنمية هذا فضلا عن كثرة المجالس المكلفة بالتنمية والتخطيط، قد أفرز لنا تداخلا في الإختصاصات وآثارا سلبية على مستوى الإندماج والإلتقائية بين مختلف الأعمال التي تقوم بها هذه المؤسسات، علاوة على تفتيت مجال واحد إلى عدة وزارات ووزارات منتدبة، ناهيك عن الصعوبة التي يلاقيها رئيس الحكومة في لعب دور المنسق والموحد للجهود بسبب هذا التضخم العددي للحقائب الوزارية الناتجة عن الترضية السياسية والتسابق الحزبي داخل الأحزاب للإستوزار. هذا فضلا عن هيمنة التوجه القطاعي الأحادي الجانب، إذ أن كل قطاع يبرمج ويتخذ قرارات مؤثرة على الصعيد التنموي في غياب إستشارة وتدخل باقي الفاعلين سواء القطاعات الوزارية الأخرى أو الجماعات الترابية المعنية بتلك البرامج، هذا فضلا عن وجود علاقات عمودية بين المركز ومصالحه الخارجية رغم سعي الدولة إلى نهج سياسة اللاتركيز الذي عبرت عنه من خلال الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، لكن خوف الوزراء من أن تسلب منهم صلاحياتهم لفائدة جهاز آخر وهو الوالي أو العامل جعل تعاملهم مع المصالح اللاممركزة في الوقت الراهن يغلب عليه الطابع القطاعي المحض، مما أفرز لنا لا توازنا في التنمية بين كل القطاعات، وتنمية قطاع على حساب قطاع آخر، في إنتظار تنزيل الميثاق على الوجه السليم وتمتيع هذه المصالح بصلاحيات تقريرية فعلية تساهم في التناسق والإندماج والإلتقائية مع البرامج والمخططات الترابية تحقيقا للتنمية الترابية المندمجة.[19] كما أن مسألة التخطيط في المغرب قد عانت وتعاني، من إنعدام أي تصور مندمج وذلك بسبب غياب التشخيص المسبق، إضافة إلى غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين، الشيء الذي نتج عنه عدم الإنسجام بين البرامج التنموية، و كذا عدم إلتقائية البرامج المنجزة على المستوى الوطني مع تلك المنجزة على المستوى الترابي.[20]

يصعب في الوقت الراهن الحكم على التجربة الجهوية بالنجاح أو الفشل لكن من خلال الإطلاع على بعض التقارير خاصة تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، نستطيع الجزم أن هناك خللا في إندماجية السياسات العمومية بصفة عامة، وربما في مجال سياسات إعداد التراب على وجه الخصوص، فقد أكدت التقارير الرسمية إستمرار الإختلالات المجالية بين الجهات وداخل الجهة الواحدة فعلى سبيل المثال تستأثر جهتي الدار البيضاء والرباط لوحدهما بنسبة 50 بالمائة من الناتج الداخلي الخام[21]، كما أن هناك معطيات تؤكد على أن مناطق عديدة من التراب الوطني تعاني إختلالات هيكلية ومن دلالات ذلك ضعف نسبة إنجاز التجهيزات والمرافق الجماعية المبرمجة في وثائق التعمير المصادق عليها.[22]

إن سياسة التعمير وإعداد التراب لا زالت تعرف إختلالات كبيرة وذلك راجع بالأساس إلى تقاطع الإختصاصات وكثرة المتدخلين( مجالس منتخبة، لجان، وكالات، مندوبيات جهوية و إقليمية…) مما ينتج عنه صعوبة في التنسيق وإلتقائية التدخلات بسبب تكريس المقاربات القطاعية على حساب المقاربات المندمجة، هذا فضلا عن عدم الإستقرار المؤسساتي لسياسة إعداد التراب حيث عرفت الإدارة المكلفة بالتعمير وإعداد التراب تحولات متعددة تميزت بالمد والجزر من خلال عدم إستقرار الإدارة المكلفة بقطاع إعداد التراب حسب ما يبينه الجدول أسفله.[23]

2008وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية.
2012وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة.
2013وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني.
2017وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
2019وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.

وبناء على ما سبق لا يمكن تصور قيام جهوية بدون سياسة إعداد ضمن إطار جهوي يحتضنها، وبالتالي فالإختلالات والنواقص التي تطرقنا إليها توضح بجلاء صعوبة تحقيق إلتقائية السياسات العمومية المتعلقة بإعداد التراب، هذا بطبيعة الحال في ظل ضعف مستوى أعضاء الجماعات الترابية عموما والجهات على وجه الخصوص وعدم مقدرتها على إنجاز تصميم جهوي لإعداد التراب متكامل في تجانس وتناغم مع متطلبات الجهة وتطابق مع التصميم الوطني لإعداد التراب، ويمكن أن نبرهن ذلك من خلال تأخر العديد من الجهات في تصور وإنجاز هذه التصاميم.

المطلب الثاني: محدودية البعد الترابي وهيمنة المقاربة التجزيئية على السياسات العمومية.

سنخصص هذا المطلب لمقاربة إشكالية محدودية البعد الترابي في السياسات العمومية، والذي هو  راجع بالأساس إلى ضعف النقاش العمومي حول المسألة الترابية وغلبة النهج القطاعي وهيمنة المقاربة التقنوقراطية، فضلا عن غياب الموازنة الترابية في السياسات العمومية، وذلك في الفرعين التاليين.

الفرع الأول: محدودية البعد الترابي في السياسات العمومية

سنقف في مناقشتنا لهذا الفرع على نقط عديدة ساهمت في محدودية البعد الترابي عن السياسات العمومية والمتجلية في تغييب دور الفاعل الترابي وضعف النقاش العمومي حول المسألة الترابية علاوة على نهج المقاربة التقنوقراطية في تعامل الدولة مع سياسات اللامركزية.

أولا:تغييب الفاعل الترابي عن تنفيذ السياسات العمومية

إن ما يميز السياسات العمومية خاصة الاقتصادية منها والاجتماعية هو أنها سياسات مركزية بالأساس على عدة مستويات، فعلى مستوى التصور، يعهد به وبشكل حصري للقطاعات الحكومية والمؤسسات التابعة لها، وذلك من خلال وضع المخططات والبرامج التي يتم إعدادها مركزيا، أما على مستوى التنفيذ فالقطاعات الحكومية تقوم بتنفيذ هذه السياسات إما بشكل مباشر أو من خلال مؤسساتها مع إشراك الجماعات الترابية أحيانا وفي مجالات ضئيلة جدا[24]، فعلى سبيل المثال مشروع تهيئة بحيرة مارتشيكا بمدينة الناظور، فقد عملت السلطة الحكومية على منح وكالة مارتشيكا صلاحية تنفيذ البرنامج بشكل إنفرادي دون أي تدخل أو مساعدة من الجماعة الترابية للناظور، مما يؤكد هذا التوجه القطاعي الضيق الذي يغيب عنه البعد الترابي سواء على مستوى التصور أو التنفيذ، بل حتى على مستوى إستشارة الفاعلين الترابيين لم تقم الوكالة بذلك في إطار مقاربة تشاركية، مما يحد من إلتقائية السياسات العمومية والبرامج والمشاريع الترابية بفعل هذا التوجه القطاعي التجزيئي الذي يجعلنا نستنتج أن مؤشرات التنمية البشرية تعاني بالمقابل من تراجعات نتيجة عدم الإندماج الترابي في برامج التنمية القطاعية في ظل غياب التعبير عن الحاجيات الأساسية وعن إنتظارات السكان.

 ثانيا: هيمنة المقاربة التقنوقراطية وتغييبها للبعد الترابي.

هذا فضلا عن هيمنة المقاربة التقنوقراطية والتي تشكل العامل الأساسي لغياب البعد الترابي في السياسات العمومية إذ أن هذه الأخيرة يتحكم فيها جهاز إداري بيروقراطي على حساب الفاعل الترابي الذي يتمتع بمشروعية ديمقراطية، كما أن لهذه الجهاز أيضا إمكانية منع تنفيذ سياسة عمومية ترابية معينة بأساليب التعطيل البيروقراطي، و بالتالي النزوع إلى التعامل بمنظار تقني مع القضايا التنموية ونزع الطابع السياسي عن السياسات العمومية وتغييب البعد الترابي عنها والميل إلى تقنقرطتها، فإشكالية العلاقة بين التقنوقراطي والسياسي لها جذور ممتدة عبر الزمان و هي راجعة بالأساس إلى دينامية بناء الديمقراطية وفق نمط الإنتاج التقليداني للسياسات العمومية مما يساهم بشكل كبير في الضبط السلطوي للنظام السياسي المغربي.[25]

ثالثا: ضعف النقاش العمومي حول المسألة الترابية وغياب الموازنة.

كما أن من أسباب محدودية البعد الترابي في السياسات العمومية،نجد أيضا ضعف النقاش العمومي حول المسألة الترابية والذي يعتبر في واقع الأمر شرطا للديمقراطية الحديثة إذ لا يمكن تصور سياسات عمومية ذات بعد ترابي في بيئة تشهد غياب النقاش العمومي حول الشأن الترابي يجمع بين الدولة ومنتخبين وفاعلين على المستوى الترابي. إن واقع الأمر يوضح بجلاء نهج المقاربة السلطوية على مستوى الجماعات الترابية بفعل تكريس النهج التقليداني لإنتاج السياسات العمومية حيث يلعب ممثل الدولة على المستوى الترابي دور حارس التوجهات المركزية والساهر على تطبيقها.

إن مركزية وقطاعية السياسات العمومية أدت إلى غياب نظام للموازنة الترابية مبني على أساس التضامن داخل الجهة من خلال لعب الدولة لدور توفيقي في إطار الحوار والتفاوض عبر تحويل الموارد من الجهات الأكثر غنى إلى الجهات والجماعات الترابية التي تعاني النقص في الموارد من أجل الحديث عن سياسات ترابية إندماجية وذات بعد تنموي، لأن مركزية السياسات العمومية لم تمكن الدولة من إستحضار الإختلالات الترابية وبالتالي فالدولة ظلت تتعامل مع الجهات والمجالات الترابية بشكل واحد وموحد دون إستحضار التمايز بينها في المؤهلات والموارد والمكتسبات مما أدى لغياب سياسة ترابية مبنية على العدالة المجالية الشيء الذي أثر بشكل كبير على هذه السياسات العمومية على مستوى النتائج وأدى لضعف البعد الترابي في عملية صناعة السياسات العمومية.[26]

إن من أهم آثار ضعف البعد الترابي في السياسات العمومية وغياب الموازنة الترابية وخاصة السياسات المتعلقة بالتشغيل والحد من الفقر والإقصاء الاجتماعي، تكمن في كون الفاعلين الترابيين، ونقصد هنا الجماعات الترابية لا يلعبون أي دور تقريبا في هذا المجال، بل المفارقة العجيبة المثيرة للإنتباه تكمن في كون أغلب الخدمات الأساسية التي هي من إختصاص الجماعات الترابية مثل البرامج الأساسية المتعلقة بدعم الولوج للخدمات الأساسية خاصة ما يتعلق منها بالتزويد بالماء الصالح للشرب والربط بالكهرباء، فعوض أن تقوم الدولة بنقل الإعتمادات إلى الجهات والجماعات الترابية الأخرى من أجل تمكينها من القيام بذلك،نجد العكس هو الحاصل إذ تقوم الجماعات الترابية بنقل الإعتمادات إلى الدولة من أجل أن تقوم هذه الأخيرة بهذه التجهيزات بسبب إفتقار الجماعات الترابية للموارد البشرية المؤهلة لذلك، مما يتناقض كليا مع فلسفة اللامركزية، إذ كان على الدولة أن تعمل على مواكبة الجماعات الترابية ومساعدتها من أجل القيام بذلك بدل المساهمة في إضعاف البعد الترابي في مجال تصور وتنفيذ هذه السياسات، الشيء الذي يزيد من حدة تراكم النهج القطاعي المركزي ويحد من الأدوار التنموية للجماعات الترابية[27]

الفرع الثاني: تعامل تجزيئي مع سياسات اللامركزية واللاتركيز

لقد أدت تجزيئية السياسات العمومية  على مستوى اللامركزية بل وحتى على مستوى اللاتركيز إلى أزمات كبرى على مستوى التصور والرؤية نتيجة التداخل في الإختصاصات بين المستويات الثلاث للامركزية وكذا بينها وبين ما بات يصطلح عليه بوكالات التنمية إذ باتت تطرح العديد من التقاطعات في الإختصاصات بينها وبين الجماعات الترابية بسبب تجزيئية النصوص القانونية المؤطرة للفعل العمومي الترابي على المستوى الجهوي، هذا فضلا عن الغموض الذي يشوب دور الوالي بين تمثيلية الدولة والتبعية لوزارة الداخلية فضلا عن الإختلالات في تنظيم المصالح اللاممركزة على مستوى الجهة.و سنحاول في هذا الفرع مقاربة هذه الآثار التي تشكل عقبة أمام سيرورة إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي لنوضح مكامن الخلل الذي بات لزاما على صانعي السياسات العمل على إيجاد بدائل قانونية و تنظيمية للحيلولة دون تضييع المزيد من الجهد والمال والطاقات دون تحقيق السياسات لأهدافها.

أولا: على مستوى التداخل في الإختصاصات بين الجماعات الترابية:

إن لتجزيئية نصوص اللامركزية بالغ الأثر على فعالية ممارسة إختصاصاتها بسبب عدم وضع إطار قانوني موحد ومنسجم ومتجانس لممارستها، لأن إصدار نصوص مجزأة تخص كل مستوى ترابي على حدة بفعل ظرفيات سياسية ومرجعيات غير مترابطة أدى إلى فرض نوع من الغموض والتداخل بين المهام والأدوار التنموية بل أدى أيضا إلى ضعف نظام التتبع والمحاسبة بفعل عدم المقدرة على تحديد المسؤوليات، ففي مجال إعداد التراب مثلا نلاحظ أن المشرع قد جعل  المجلس الجماعي ينفرد بعدد من المهام في مجال التعمير و لم ينص على إشراك المستويين اللإقليمي والجهوي في هذا الإطار، في الوقت الذي خص المشرع هذين المستويين بإختصاص هام في مجال الحفاظ على الخصوصيات المعمارية للجهة أو الإقليم، لذلك كيف يمكن لهذين المستويين الترابيين أن يمارسا هذه المهمة والمشرع قد منح سلطة البت و التقرير للمجلس الجماعي فقط -بمساهمة مصالح الدولة- فيما يتعلق أساسا برخص التعمير وتصاميم التهيئة، هذا فضلا عن إشكال آخر ينطوي حول عدم الوضوح في المهام والإختصاصات بين المجلس الجماعي في علاقته بالوكالات الحضرية[28]. ونحن بدورنا نؤيد في الرأي من يرى أن إفتقار الجماعات الترابية إلى رؤية مندمجة للتنمية وتعدد المتدخلين قد يؤدي إلى ضياع العديد من الفرص وذوبانها بين الجماعات الترابية مما يصعب عملية التقييم و المحاسبة التي تعتبر ركيزة أساسية لتحقيق حكامة جيدة.[29] فضلا عن غياب المقترب التشاركي بين الجماعات الترابية والذي يساهم في تشخيص الأوضاع بإعتباره مدخلا مهما من مداخل إرساء الحكامة في التدبير العمومي.

ثانيا: التداخل في الإختصاصات بين الجماعات الترابية ووكالات التنمية.

تجدر الإشارة إلى أن وكالات التنمية تلعب دورا هاما في التنمية الترابية على الصعيد الترابي وبالتالي أصبحت فاعلا أساسيا في السياسات العمومية الترابية على إعتبار حجم المشاريع التي تسهر على إنجازها، لكن الأمر يطرح العديد من الإشكاليات التي تستوجب الوقوف عندها خاصة التقاطعات الكثيرة بينها وبين الإختصاصات المعهود بها إلى مجالس الجماعات الترابية، فعلى سبيل المثال،الإختصاص المتعلق بالتنمية الاجتماعية وكذا التنمية الإقتصادية نجد أنه إختصاص ذاتي للجماعات الترابية، و في نفس الوقت نجد وكالات التنمية أيضا مختصة في ما يتعلق بالتنمية الاجتماعية على مستوى الجهة، ومن بين هذه الوكالات، وكالة إنعاش وتنمية عمالات وأقاليم ( الشرق-الشمال-الجنوب)،[30] وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول جدوى الإبقاء على هذه الوكالات التي تستنزف ميزانية هائلة في حين كان من الواجب أن تتولى الوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى جهات المملكة الدور الذي تقوم به وكالات التنمية، مما يوفر الجهد و المال و يجعل تحديد المسؤوليات أمرا هينا، ، هذا علاوة على إشكال آخر يتعلق بمدى إندماج وإلتقائية المشاريع التي تقوم هذه الوكالات بإنجازها، مع ما تنجزه باقي المؤسسات الأخرى داخل نفس المجال الترابي الجهوي مما يؤدي بطبيعة الحال إلى ضياع الجهد والفرص وضعف التقييم وتنازع الإختصاصات وغموض المسؤوليات، كما نشير أيضا في هذا المقام إلى إشكال لا يقل أهمية عن السابق متعلق بممارسة وكالات التنمية على سبيل المثال ”وكالة مارتشيكا” وكذا ”وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق” لإختصاصات الشرطة الإدارية خاصة في مجال التعمير،  وبالتالي التدخل في صلاحيات رؤساء المجالس الجماعية، إذ نلاحظ أن هذه الوكالات جاءت لتحل محل الجماعات الترابية و بعض المؤسسات العمومية القطاعية للقيام بمهام معينة تدخل في الأصل، بل ومنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية كإختصاص ذاتي لها، مما يخلق نوعا من التداخل في المهام و البرامج و المخططات و يؤدي لتقاطع الرؤى مما يؤدي لتضييع المزيد من الوقت لإعداد برامج ومشاريع يتم منحها في نهاية المطاف لهذه الوكالات بدل أن تقوم بها الجماعات الترابية.

ثالثا: الوالي بين تمثيلية الدولة والتبعية لوزارة الداخلية

من خلال الوقوف على تجربة مؤسسة الوالي منذ إحداث الجهات سنة 1997 مرورا بإحداث الجماعات الترابية وصدور القوانين التنظيمية وميثاق اللاتمركز الإداري الذي منح لهذه المؤسسة صلاحيات واسعة في مجال التنسيق بين المصالح اللامركزية واللاممركزة على المستوى الجهوي، نعتقد أن أبرز إشكال يمكن التطرق إليه في ما يخص دور مؤسسة والي الجهة بتمثيل الدولة، هو تبعيته لوزارة الداخلية، هذه التبعية التي تؤثر على وظيفته ودوره في مجال اللاتركيز الإداري، وذلك راجع إلى أن الأمر في نهاية المطاف غير مشجع للقطاعات الوزارية الأخرى كي تقوم بتفويض الإختصاص للمصالح اللاممركزة، بسبب الدور التنسيقي الذي يلعبه الوالي طبقا للفصل 145 من الدستور، مما يمكنه من فرض نوع من الهيمنة والتي تصنف عند المختصين بتحليل السياسات العمومية، بكونها من بين مشكلات صناعة السياسات والمتجلية في مشكل التفوق القانوني والواقعي لبعض الوزارات، مما يجعل هذه المصالح اللاممركزة تتأثر بنمطين من التدخلات والتعليمات العمودية. الأولى من طرف الوزير الوصي على القطاع الوزاري لهذه المصالح، والثانية من طرف وزارة الداخلية ممثلة في مؤسسة الوالي على مستوى الجهة أو العامل على مستوى العمالات والأقاليم أو الجماعات، مما يخلق نوعا من الإرتجالية بل والتعارض في التوجيهات العمودية للمصالح اللاممركزة من طرف قطاعين وزاريين في آن واحد، هذا فضلا عن ما يمكن أن يقع من تعارض ونفور سياسي بسبب الإنتماءات الحزبية، مما يمكننا من القول أنه قد حان الوقت لتغيير هذه التبعية وفتح نقاش حول إمكانية تبعية الوالي والعامل لرئيس الحكومة أو على الأقل تبعية مزدوجة مرحليا من أجل إعطاء نفس جديد فعلي وواقعي لأدوار الوالي في تمثيل الدولة على المستوى الترابي، وبالتالي ضمان إلتقائية التدخلات  البرامج والمخططات وحسن تنفيذها بين الجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة،و ذلك بفعل تنسيق هذه الجهود من طرف مؤسسة الوالي والعامل لبلوغ رهان التنمية الترابية المندمجة.

المبحث الثاني: السياسات العمومية ومداخل تحقيق الإلتقائية

إن مطلب إلتقائية السياسات العمومية بات يشكل الرهان الحقيقي للمتدخلين في صناعة وتنفيذ السياسات، خاصة بعد القصور و التشرذم الذي عرفته، مما جعل تنمية التراب يصيبه القصور والإرتجالية والتخبط في التدخلات العمومية، لأسباب عديدة كما رأينا سابقا والتي يمكن إجمالها في ضعف الحكامة الترابية وقصور في التخطيط الترابي، مما جعل صانعي السياسات،يعبرون وفي أكثر من مناسبة على ضرورة إيجاد بدائل ومداخل لتحقيق إلتقائية وإندماجية وتكامل السياسات العمومية، وبالتالي سنحاول في هذا المبحث مقاربة مختلف البدائل الممكنة في الوقت الراهن والتي تشكل مداخل لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية في بعدها الترابي.

المطلب الاول: الدور التنسيقي لوالي الجهة وسياسة اللاتمركز كمدخل لتحقيق الإلتقائية

سنتطرق في هذا المطلب لمدخلين هامين من مداخل تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي، الأول يتمثل في دور مؤسسة الوالي/ العامل التي منحها ميثاق اللاتمركز الإداري مكانة هامة في لعب دور التنسيق بين المصالح اللاممركزة، مما يمكنها من ضمان إلتقائية البرامج والمشاريع على مستوى الجماعات الترابية، هذا بالإضافة إلى ما يحمله ميثاق اللاتمركز من آليات لتحقيق التناغم والتجانس بين مختلف المتدخلين تكريسا للبعد الإلتقائي للسياسات العمومية على المستوى الترابي.

الفرع الأول: والي الجهة وتنسيق سياسات المصالح اللاممركزة

يعتبر الميثاق الوطني للاتمركز الإداري إطارا قانونيا لسياسة اللاتمركز الإداري وقاعدة عامة قوامها توزيع الإختصاص بين المركز والمصالح اللاممركزة على المستوى الترابي غايته تحقيق مجموعة من الأهداف والمبادئ،[31] من أجل العمل على تقليص الفوارق المجالية ومواكبة العمل الترابي للوحدات الترابية في إطار اللامركزية الترابية، ومن بين ما راهن عليه الميثاق الوطني للاتمركز الإداري هي مؤسسة والي الجهة بإعتبارها ممثلة الإدارة الترابية على مستوى الجهة وبالتالي كان من البديهي أن يتم منحه دورا محوريا في تنظيمه للعلاقة بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة للدولة وبين هذه الأخيرة والجماعات الترابية وهيئاتها وباقي المؤسسات الأخرى من أجل ضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية وتأمين حسن سير العمل الإداري وضمان تنفيذ سياسات الدولة و وحدة عمل المصالح اللاممركزة و إنجاز مختلف المشاريع وفق رؤية تشاركية قوامها التعاون والتعاقد وتنشيط الإستثمار على مستوى الجهة.[32]

أولا: مسؤولية والي الجهة على ضمان مبدأ وحدة عمل المصالح اللاممركزة:

إن نهج سياسة اللاتمركز الإداري تقتضي التناسق في العمل الإداري و تعزيز تكامله بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة وبين هذه الأخيرة والجماعات الترابية نظرا لتجاهل المصالح اللاممركزة لبعضها البعض داخل نفس الدائرة الترابية، وهذا ما جعل ميثاق اللاتمركز الإداري يلقي بهذه المهمة على عاتق مؤسسة والي الجهة إستنادا للفصل 145 من الدستور، و بالتالي فقد أتاح له الميثاق إحداث اللجنة الجهوية للتنسيق تحت رئاسته حيث تتولى هذه اللجنة العمل على إنسجام و إلتقائية ووحدة عمل المصالح اللاممركزة على المستوى الجهوي وتأمين إستمرار الخدمات العمومية التي تقدمها هذه المصالح، علاوة على العمل على تحقيق الإنسجام والإلتقائية بين السياسات والبرامج والمشاريع العمومية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية، وإبداء الرأي بشأن مقترحات توزيع الإعتمادات المالية حسب الحاجيات والبرامج الجهوية وذلك إنسجاما مع التوجهات العامة للدولة بهذا الخصوص تحقيقا للإلتقائية المالية على المستوى الجهوي فضلا عن إبداء الرأي بشأن عقود برامج ذات الطابع الجهوي التي تربط الدولة بالمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لا سيما الجهة.[33] هذا فضلا عن تنصيص الميثاق على إحداث بنية إدارية لمساعدة الوالي تعمل تحت سلطته في مجال التنسيق تسمى”الكتابة العامة للشؤون الجهوية” يرأسها كاتب عام للشؤون الجهوية يعينه وزير الداخلية[34]، و فكرة إحداث هذه البنية الإدارية مستمدة من التجربة الفرنسية والتي يعود إحداثها بفرنسا إلى سنة 1964، ثم تعديلها سنة 1982 وتغيير تسميتها إلى الكتابة العامة للشؤون الجهوية. هذه البنية الإدارية تتولى إعداد تقارير سنوية تسلم للجنة الجهوية للتنسيق تحت إشراف الوالي الذي يحيلها على اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري مما يعزز أطروحة التنسيق ويعزز إختصاص الولاة ودورهم الجوهري في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي[35]. إن ما يمكن ملاحظته من خلال الميثاق الوطني للاتمركز الإداري هو تحميل رؤساء المصالح اللاممركزة المسؤولية عن تدبير المرافق العامة الجهوية تحت إشراف والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم.

إن تنصيص الميثاق على نقل الصلاحيات التقريرية إلى رؤساء المصالح اللاممركزة بما يستوجب ذلك من نقل لصلاحيات التدبير المالي والبشري رهين بممارسة هذه الصلاحيات تحت إشراف والي الجهة، لذلك فقد أوكل له الميثاق إتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواكبة وتتبع ودعم المصالح اللاممركزة للدولة على المستوى الجهوي والسهر على تدبير المرافق العمومية الجهوية وتفعيل توجيهات وقرارات السلطات الحكومية الهادفة إلى تنفيذ السياسات الحكومية المتعلقة بالقطاعات الوزارية وتأمين جودة الخدمات العمومية،[36]لكن ما يمكن تسجيله هو أن الميثاق قد إقتصر فقط على مهمة الإشراف دون أن يشير بصريح العبارة إلى تحمل المسؤولية من طرف الولاة، لكن ومع ذلك يبقى الوالي على مستوى الجهة المسؤول عن ضمان وحدة العمل الإداري لضمان النجاعة والفعالية وتحقيق الإلتقائية والتكامل في الإختصاصات،[37] وما يمكن تسجيله في هذا الإطارأن تعزيز وتوسيع صلاحيات الولاة في صناعة القرار العمومي الترابي والمهام و الأدوار التي منحها لهم ميثاق اللاتمركز الإداري، وكذا تعدد البنيات الإدارية المستحدثة والتي تشتغل تحت إشرافهم، قد يؤدي إلى إنتاج مركزية جديدة ولكن من نوع جهوي،[38] كما بات على الولي أن يدرك جيدا أن الإختصاصات والصلاحيات المسندة إليه تتطلب منه أن يمتاز بشخصية القائد، كما يجب على رؤساء المصالح اللاممركزة للدولة أن يحاولوا تغيير التفكير السلبي الذي سيطر عليهم لمدة طويلة في علاقتهم بمؤسسة الوالي وأن تنبني العلاقة في ظل ميثاق اللاتمركز على أساس الإتحاد والتعاون لتحقيق الهدف الأسمى وهو التنمية المجالية[39]

ثانيا: دور والي الجهة في بلورة السياسات العمومية الترابية.

لقد تعزز دور والي الجهة وعمال العمالات والأقاليم أيضا في بلورة السياسات العمومية الترابية بدءا من الفصل 145 من الدستور الذي عمل على الرقي بدورهم في تدبير الشأن العام المحلي، و هذا ما أكدته المادة 232 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات والتي مكنت والي الجهة من رئاسة اللجنة التقنية الجهوية، وهو التوجه الذي سارت عليه المادة 26 من المرسوم 2.17.618[40] بمثابة ميثاق وطني لللاتمركز الإداري، وبمقتضاها يشرف الولاة والعمال على تحضير البرامج والمشاريع من قبل السلطات العمومية أو التي كانت موضوع إتفاقيات أو عقود مع الهيئات الأخرى و السهر على ضمان إلتقائيتهاوإنسجامها وتناسقها.

لقد  إنتقلت مهام مؤسسة الوالي من مجرد فاعل لممارسة السلطة، إلى أداة لخدمة التنمية الإقتصادية والإجتماعية عبر خلق بيئة مناسبة للإستثمار، خاصة مع توليه رئاسة المراكز الجهوية للإستثمار حسب المادة 10 من القانون [41]47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للإستثمار، و كذا  دوره في إحداث اللجان الجهوية الموحدة للإستثمار. و من هذا المنطلق أدرك المشرع أهمية منح سلطة التنسيق للولاة بالنظر لإمتلاكهم للمعلومة علاوة على كفاءتهم المهنية والتي بواسطتها يتدخلون في ميادين عدة من أجل جعل السياسات العمومية الترابية تمتاز بطابع الإستقرار والإنسجام والوحدة، وبالتالي تحقيق الإلتقائية على مستوى المتدخلين، وعلى مستوى البرامج والمشاريع هذا فضلا عن مساعدة الجماعات الترابية في إعداد وتنفيذ مخططات التنمية الإقتصادية والإجتماعية.[42]علاوة على الإمكانية التي أتاحتها القوانين التنظيمية للولاة والعمال والمتمثلة في إمكانية إدراج أي نقطة بجدول أعمال المجالس الترابية، مما يمكنهم من إدراج مسألة إلتقائية السياسات العمومية  وتفعيلها وأجرأتها كنقطة بجدول الأعمال لتتم مناقشتها وإيجاد صيغ وبدائل لتحقيقها، من خلال إعمال اليات التشارك والحوار والتنسيق بين المتدخلين في المجال الترابي ضمانا لتحقيق إلتقائية البرامج والمخططات و المشاريع التنموية، ومن أجل عدم إهدار الفرص والوقت والجهد والمال في عملية تنموية تعرف تداخلا وتعارضا في برامج ومخططات مختلف المتدخلين في العملية التنموية.

الفرع الثاني: إلتقائية السياسات العمومية الترابية في ضوء ميثاق اللاتمركز الإداري.

سوف نقارب هذا الفرع وفق مستويات عديدة سيساهم من خلالها ميثاق اللاتمركز على ضمان إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي.

أولا: على مستوى علاقة المصالح اللاممركزة للدولة بالجماعات الترابية.

تتأطر هذه العلاقة ضمن مقتضيات الباب السادس من ميثاق اللاتمركز الإداري حيث نصت المادة 32 منه على تولي المصالح اللاممركزة تحت إشراف والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم العمل على إرساء أسس شراكة فاعلة مع الجماعات الترابية و هيئاتها عن طريق إبرام عقود باسم الدولة بناء على برامج التنمية الجهوية من أجل المساهمة في قدرات الجماعات الترابية و هيئاتها ومواكبتها في ممارسة إختصاصاتها الموكولة إليها وإنجاز برامجها ومشاريعها الإستثمارية وتقديم كل أشكال المساعدة اللازمة. إن من شأن هذه المضامين المساهمة في حل الإشكاليات التي تواجه الجماعات الترابية في إعداد برامجها التنموية خاصة ما يتعلق بالولوج إلى المعلومة والتي تشكل قاعدة أساسية لوضع تشخيص واضح ودقيق للإحتياجات، ووضع تصور للبرامج والمشاريع مما يضمن تحقيق الإلتقائية الترابية بين هذه الوحدات والمؤسسات فيما يتعلق بالمشاريع المزمع برمجتها وإنجازها على مستوى الجهة.[43]

وتأسيسا عليه، وبغية الإستجابة لمتطلبات التنظيم اللامركزي القائم على الجهوية المتقدمة وإرتكازه على أسلوب متقدم للاتركيز الإداري، فقد حدد الميثاق الوطني للاتمركز الإداري الإطار الأمثل لقيام هذه الرابطة وضمان نجاعتها وفعاليتها، حيث ستتولى المصالح اللاممركزة بتنسيق من الوالي، تقديم يد العون والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية والعمل على إرساء شراكة فاعلة في جميع الميادين عن طريق إبرام عقود وإتفاقياتبإسم الدولة والعمل على مواكبتها وتعزيز آليات الحوار والتشارك مع كافة المتدخلين على الصعيد الجهوي والإقليمي.[44]

و في هذا الإطار يمكن لنا أن نستنتج أن المشرع قد توفق في تحقيق الإنسجام بين النصوص القانونية المنظمة للجماعات الترابية و مقتضيات مرسوم اللاتمركز الإداري ليبقى الأمل في نجاح العملية بيد النخبة السياسية المحلية ومدى قدرتها على التنزيل السليم لمقتضيات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية وميثاق اللاتمركز الإداري وهذا رهين بإعادة النظر في شروط تولي منصب رئيس جماعة ترابية وضرورة إشتراط مستوى تعليمي معين يتلاءم وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، علاوة على برمجة وحدات التكوين المستمر لفائدة أعضاء وموظفي الجماعات الترابية والأطر الإدارية للرفع من قدراتهم التدبيرية،دون أن نغفل الدور الممنوح للوالي أو العامل المتمثل في السهر على التطبيق السليم للقانون وتحقيق الإلتقائية في الفعل العمومي.

ثانيا: تكريس ميثاق اللاتمركز الإداري للبعد الإلتقائي للسياسات العمومية.

تعتبر مسألة إلتقائية السياسات العمومية من أهم التحديات التي تواجه تدبير الشأن العمومي بالمغرب، بناء على ما تم تسجيله من ضعف في مردودية الإستثمارات العمومية، ووقعها الاقتصادي والإجتماعي وعدم الإستجابة لطلبات المواطنين بسبب عدم إلتقائية تدخلات الدولة في مختلف المجالات والميادين الحيوية مما يؤدي لضياع الجهد والمال والفرص،ويؤثر سلبا على الأداء العمومي وعلى مؤشرات التنمية التي تضل ضعيفة مقارنة مع إرتفاع كلفتها المادية نتيجة نهج المقاربة التجزيئية للسياسات العمومية وغياب إستراتيجية قوية قوامها التكامل والإلتقاء والإندماج، ومن هنا جاء ميثاق اللاتمركز الإداري ليكرس مبادئ جديدة قائمة على أساس ضمان إندماجية وإلتقائية السياسات العمومية عبر تكريس مبدأ التفريع في توزيع المهام والإختصاصات بين الإدارات المركزية والمصالح اللاممركزة التابعة لها، وذلك بجعل الجهة تشكل المستوى البيني في تنظيم العلاقة بين المستوى المركزي وباقي المستويات الترابية، وتكريس دور والي الجهة في عملية التنسيق بين عمل المصالح اللاممركزة للدولة وتوخي الفعالية والنجاعة وضمان الإلتقائية في البرامج و المخططات والمشاريع التنموية.[45]

لقد فرض ميثاق اللاتمركز الإداري مسألة الإلتقائية بين التدبير العمومي للدولة والتدبير العمومي للجماعات الترابية كضرورة لتعاضد الجهود من أجل كسب رهان التنمية المستدامة وتعزيز قنوات التشاور وتبادل الأفكار والخبرات من أجل الإنخراط الفاعل في مختلف الأنظمة والشبكات التعاونية والتشاركية.[46]

إن التخطيط الترابي المتمثل أساسا في التصميم الجهوي لإعداد التراب والبرنامج الجهوي للتنمية بوصفهما وثيقتين للتخطيط الجهوي يستلزمان في الوقت الراهن الترابط بينهما وبين مضامين ميثاق اللاتمركز الإداري لأنه الإطار الأمثل لتحقيق تنسيق الرؤى وإندماج المشاريع المهيكلة والمشاركة المسؤولة في الجهود الشاملة من أجل تحقيق التنمية المتسقة وتكريس إلتقائية السياسات العمومية عن طريق تكريس الجهة كإطار للقيادة الإستراتيجية مما من شأنه أن يجسد الإلتقائية بين السياسات العمومية اللامركزية والسياسات العمومية القطاعية ويوضح الدور المناط بكل من الجماعات الترابية ومصالح الدولة المحلية من خلال العمل التنسيقي والإلتقائي للفعل الترابي[47]

إن المجال الجهوي لا يمكن أن يلعب دوره الحقيقي كإطار للتشاور والتنسيق وإندماج الأنشطة القطاعية في إلتقائية ترابية مع برامج ومخططات الجماعات الترابية إلا إذا إرتقى المستوى الترابي إلى مستوى وسيط حقيقي لعدم التمركز، وذلك بإعادة النظر في توزيع الإختصاصات بين مختلف الجماعات الترابية وإعطاء سلطة تقريرية حقيقية للمصالح اللاممركزة، هذا علاوة على إشكال أعمق يتمثل في كون بعض المصالح اللاممركزة لا تغطي التراب الوطني ككل، وإنما توجد في أقاليم دون أخرى (على سبيل المثال المندوبيات الجهوية للبيئة) وهذا ما يخلق لنا خريطة ترابية غير متناسقة التدخلات بفعل غياب هذه المصالح و عدم تواجدها الميداني، مما يجعل هذه المعيقات تحد نوعا ما من أهداف سياسة اللاتمركز وتشكل بالتالي مشكلات كابحة لإلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي[48]

المطلب الثاني: التعاقد الترابي كمدخل لتحقيق الإلتقائية.

يعتبر التعاقد من بين الآليات الحديثة في التدبير العمومي الترابي، فهي آلية تترجم شكلا جديدا من العلاقات بين مختلف مستويات القطاع العام و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية و يعتبر من بين الإجابات الممكنة المرتبطة بإشكالية إلتقائية السياسات العمومية الترابية وفق منهجية سليمة في مأسسة العلاقات بين كافة المتدخلين في تدبير المجال الترابي خاصة بين الدولة و الجماعات الترابية مما يؤدي إلى بلورة رؤية شمولية تدمج القطاعي في بعده الترابي، وسنتناول في هذا المطلب التعاقد الترابي كآلية لممارسة الإختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية، وكتدبير عمومي جديد ( الفرع الأول) ونقوم بتحليل الشروط المؤطرة لهذا التعاقد الترابي( الفرع الثاني).

الفرع الاول: التعاقد الترابي كتدبير عمومي جديد

سنتناول في هذا الفرع ما يتعلق بالتعاقد الترابي على إعتباره تدبيرا عموميا جديدا يسمح بممارية الإختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية مما يساهم في الإلتقاء بينهما في البرامج والمشاريع والتوافق في الإختيارات التنموية، كما سنتناول أيضا دراسة التعاقد الترابي من حيث مراحله وأشكاله، وذلك من خلال النقطتين التاليتين.

أولا: التعاقد الترابي كآلية لممارسة الإختصاصات المشتركة

إن هيمنة المقاربة القطاعية على السياسات العمومية قد أضعفت البعد الترابي لهذه السياسات وكرست مقاربة عمودية ذات إتجاه وحيد من الدولة إلى الجماعات الترابية، كأن هذه الأخيرة هي مجرد حقل لتجارب السياسات المتعددة بل والمتناقضة أحيانا مما أرهق المجالات الترابية وأهدر الكثير من الفرص والمال والجهد دون أي نتيجة تذكر ودون مقدرة هذه السياسات العمومية على حل المشاكل العمومية الترابية.

لقد كرس التعاقد الترابي مفهوما جديدا للتدبير العمومي يقوم على أساس إنخراط الدولة في مسلسل التعاقد مع الجماعات الترابية لصناعة القرار الترابي الذي يراعي إمكانيات هذه الجماعات وحاجياتها التنموية، مما يضمن التمفصل بين الأهداف الوطنية للتخطيط والتهيئة وبرامج التنمية الجهوية ويؤدي لتقريب الهوة بين التخطيط القطاعي والتخطيط الترابي وتعبئة الشركاء والفرقاء من خلال التنسيق المشترك للإستفادة من التمويل والمشاركة في صناعة القرار العمومي، مما يترتب عنه توافق الخيارات العامة للتنمية وإتفاق حول المنهجيات التي يجب العمل بها.[49] هذا فضلا عن تحمل المسؤولية المالية من طرف الهيئات المنتخبة من خلال ميزانية الجماعات الترابية والإنخراط في إطار مقاربة شمولية مبنية على أساس التشاور والتفاوض والتتبع والتقييم[50]. ولقد عبر الملك محمد السادس عن هذه المضامين في رسالته التي تلاها السيد وزير الداخلية بتاريخ 20 دجنبر 2019 في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة التي نظمت بأكادير حيث جاء في  نص الرسالة السامية، ”… وهكذا، فقد تم في إطار هذا الميثاق، تحديد دور واختصاصات الإدارات المركزية واللاممركزة، وإبراز المستوى الجهوي، باعتباره الإطار الملائم لانسجام السياسات العمومية، ولبرمجة مشاريع مختلف القطاعات الحكومية، وتفويض المهام والوسائل المادية والبشرية إلى المصالح اللاممركزة، بالإضافة إلى تكريس عقودالبرامج بين الإدارات المركزية وهذه المصالح…”.

ثانيا: مراحل وأشكال التعاقد الترابي.

ومن أجل إنجاح التعاقد الترابي هناك مرحلتين أساسيتين يجب المرور منهما، كي يمكننا الحديث عن نتائج تعاقد ترابي ناجح، و هما:

كما أن للتعاقد الترابي أشكالا عديدة يمكن توزيعها لنوعين أساسيين:

الفرع الثاني: الشروط المؤطرة للتعاقد الترابي.

حتى يتم بلورة التعاقد الترابي لابد من توافر شروط في طرفي العلاقة التعاقدية و التي نسميها بالشروط المؤهلة للتعاقد.

أولا: بالنسبة للدولة:

لعل من أبرز الشروط المرتبطة بالدولة كطرف في العلاقة التعاقدية يكمن في الإرادة السياسية القوية المبنية على أساس الإقتناع بأن تدبير المجالات الترابية ينبغي أن يقوم على ركائز الحوار والتشاور والإشتراك مع الفاعلين الترابيين على إعتبار كونهم شركاء في التنمية، مما يستدعي إمتلاك الدولة لسياسة وطنية قائمة على معايير الحضور القوي للبعد الترابي والإقتناع بضرورة تقاسم الأعباء والتكاليف والإمكانيات لبلوغ تنمية ترابية ناجحة، لذلك فالمطلوب هو التفكير في وضع سياسات عمومية ترابية بمنهجية تعتمد التدبير الترابي الإستراتيجي، القائم على أساس تعبئة الطاقات وتثمين الإمكانيات.[52] هذا فضلا على ضرورة التوفر على بنيات إدارية قادرة على إنجاح التعاقد الترابي والمتمثلة في سياسة اللاتركيز الإداري إذ بات من اللازم أن تتوفر الدولة على مخاطب واحد قوي وفعال على المستوى الترابي قادر على الدفاع عن التوجهات والمشاريع ويمتلك الحد الأدنى من الحرية في التصرف وإتخاذ القرار، ويتمثل في مؤسسة الوالي الذي متعه ميثاق اللاتمركز الإداري بصلاحيات واسعة في المجال التنسيقي كما سبق وأن رأينا في المطلب الأول، علاوة على ضرورة إيجاد مقاربة بين-قطاعية من خلال تنسيق بين-وزاري على المستوى الحكومي تنطلق من تصور مندمج فعلي للسياسات العمومية على المستوى الترابي في تجاوز تام للأنانية القطاعية والإنفتاح على ثقافة جديدة في تدبير الشأن العام تكريسا لدعم أسس إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي.

ثانيا:بالنسبة للجماعات الترابية.

تكمن أهم الشروط في ضرورة توفرها على المؤهلات والكفاءات التقنية القادرة على إنجاح مسلسل التعاقد، و هنا يكمن الدور الفعال لمستوى النخب السياسية على صعيد الجماعات الترابية والتي يجب إعادة النظر في شرط المؤهل التعليمي للترشح لمنصب رئاسة هذه الجماعات، فالحديث عن النخبة السياسية على المستوى الترابي المؤهلة لتسيير الشأن الترابي بالجماعات الترابية هي مسألة محورية في مسار أي مجتمع، فهي تترجم مدى حيوية المجتمع ومدى قابليته لبلورة مشروع مجتمعي قائم على الأفكار والبرامج والمشاريع، قادر على تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وهذا يتطلب ضرورة وصول صانعي القرار الترابي لمنصب المسؤولية عبر محدد الكفاءة والديمقراطية وليس بتأثير المال والزبونية والرضا المخزني،[53]والذي يفرز لنا نخبا تعيش ثقافة تكريس الإختلالات في تدبير الشأن الترابي ويضعنا أمام خيارين ، إما التسليم بفشل النخب السياسية الترابية في تدبير الشأن الترابي وعدم مقدرتها على تبني مشاريع وبرامج وعقود شراكة لتأهيل الجماعات الترابية وتحقيق المسار التنموي، أو تدخل سلطات الرقابة وفق ما تمنحه لها القوانين التنظيمية من آليات ونقصد هنا الولاة والعمال للقيام بإختصاصات هذه الجماعات مما يشكل في المقابل مساسا بمبادئ الديمقراطية وتدخلا في تسيير الشأن العام.

خاتمة:

إن موضوع إلتقائية السياسات العمومية له راهنيته وأهميته في صقل مسلسل الإصلاحات التي يقودها المغرب للنهوض بأوضاعه الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية، بالنظر إلى حداثة هذا الموضوع والذي حاولنا مقاربته من زوايا مختلفة من أجل ملامسة الإكراهات والعوائق التي حالت ولازالت تحول دون تحقيق هدف التنمية المندمجة وتحقيق البعد الإلتقائي والإندماجي للسياسات العمومية في بعدها الترابي، رغم كل التقارير التي تشير إلى أن التنمية في المغرب تشوبها بعض الشوائب، الشيء الذي جعل مؤشر التنمية بالمغرب يحتل دائما مراتب دنيا مقارنة مع باقي دول العالم.

إن واقع السياسات العمومية أصبحت اليوم تتجه وبالملموس إلى كل ما هو محلي وله علاقة بالمسألة الجهوية على إعتبارها الفضاء الذي يسمح بتبلورها خدمة لتحقيق مسار تنموي قائم على القطيعة مع المخططات السابقة و التوجه نحو بناء نموذج تنموي فعال مبني على إلتقائية التدخلات والسياسات القطاعية والبرامج والمخططات ضمن وحدة ترابية مبنية على الإندماج والتكامل.

لائحة المراجع:

الكتب:

المجلات:

الرسائل و الاطروحات الجامعية:

التقارير:

المحاضرات:

المراجع بالفرنسية:

-Ali BOUABID et Amina EL MESSAOUDI ,Technocratie versus Démocratie ? FondationAbderrahim BOUABID, Collection les cahiers bleus,n 9 Avril 2007.


[1]– إبراهيم كومغار،أي مستقبل للحكامة المحلية من خلال القانون التنظيمي؟، مجلة مسالك، العدد33/34، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015، ص:156.

[2]– محمد يحيا، مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق و الواسع، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 133، مارس-أبريل 2017، ص:44.

[3]– زعنون عبد الرفيع، تدبير التنمية الترابية بالمغرب، مطبعة الأمنية، الرباط، ط1، 2020، ص:160.

[4]– وفق المرسوم رقم 2.15.40 الصادر بتاريخ 20 فبراير 2015 والذي يحدد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعمالات والأقاليم المكونة لها. وقد نشر المرسوم في الجريدة الرسمية عدد 6340 بتاريخ 5 مارس 2015

[5]– محمد اليعقوبي، اللامركزية الإدارية بالمغرب بين الوهم و الواقع، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 146، ماي- يونيو 2019، ص:20.

[6]– يوسف غرابي، التقطيع الترابي: أية سياسة تدبيرية في بلورة التنمية الجهوية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، ماستر القانون الإداري و علم الإدارة، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2016-2017، ص:35.

[7]– كما أن المجلس الدستوري عند فحصه لدستورية القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية لم يعترض على ذلك، أنظر في هذا الصدد:

– قرار المجلس الدستوري رقم 15-966 المتعلق بالقانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، ج ر عدد 6376 بتاريخ 9 يوليوز 2015.

– قرار المجلس الدستوري رقم 15-967 المتعلق بالقانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات و الاقاليم، ج ر عدد 6376 بتاريخ 9 يوليوز 2015.

– قرار المجلس الدستوري رقم 15-968 المتعلق بالقانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، ج ر عدد 6376 بتاريخ 9 يوليوز 2015.

[8]– المنصوص عليها في المادة 82 من الباب الثاني من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[9]– محمد أصفريو، برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب: تحليل و تقييم،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام و العلوم السياسية، جامعة محمد الخامس، الرباط، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الاجتماعية أكدال، السنة الجامعية 2017-2018،ص:114.

[10]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة و الجماعات الترابية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، مركز دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية و التدبير، جامعة الحسن الأول، سطات، السنة الجامعية 2018-2019، ص:450.

[11]– عادل تميم، الجهوية المتقدمة بين إشكالية توزيع الإختصاصو التأطير الدستوري دراسة مقارنة، مؤسسة إفزارن للطباعة، طنجة، 2017، ص:116.

[12]– عبد الرفيع زعنون، تدبير التنمية الترابية بالمغرب، المرجع السابق،ص:166.

[13]– المصطفى معمر، افاق تحقيق التمويل الذاتي للجماعات الترابية، دراسة على ضوء أحكام القانون التنظيمي رقم 113.14، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة الدراسات الدستورية و السياسية، 2016،ص:14.

[14]– بيير ميلر، السياسات العمومية، ترجمة: د.عبد المالك إحزرير، مطبعة مكتبة سجلماسة، مكناس، 2018،ص:140-141.

[15]– محمد الرضواني، تحليل السياسات العمومية، محاضرات ألقيت على طلبة ماستر التدبير السياسي و الإداري، الكلية المتعددة التخصصات الناظور، الموسم الجامعي 2019-2020.

[16]– في معرض تقديمه للميزانية الفرعية لوزارة الداخلية لسنة 2020 صرح السيد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن عدد رؤساء الجماعات الترابية الذين تم عزلهم سنة 2019 قد بلغ 27 رئيسا.

[17]– عبد الرحيم كحلاوي، إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، مركز الدراسات في الدكتوراه قانون الإقتصاد و التدبير، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية، طنجة، الموسم الجامعي 2016-2017، ص:220-221.

[18]– تقرير المجلس الاقتصادي و الإجتماعي و البيئي حول متطلبات الجهوية و تحديات إدماج السياسات القطاعية، إحالة ذاتية رقم22/2016.

[19]– عبد الرحيم كحلاوي، إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية، المرجع السابق، ص:236-237.

[20]– عبد العزيز بنخالي، تاهيل إقليم العرائش من خلال السياسات العمومية القطاعية و الترابية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية الحقوق طنجة، السنة الجامعية 2012-2013، ص:79.

[21]– وزارة إعداد التراب الوطني و التعمير و الإسكان و سياسة المدينة(2017)، عرض حول اليات إعداد التراب الوطني و رهانات التنزيل الترابي للمشاريع،ص:7.

[22]– الدكاري عبد الحمان-هلال عبد المجيد-الإدريسي عبد الواحد، التعمير و سياسة إعداد التراب، مقاربة بيداغوجية و منهجية، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى،2020،ص:74-75.

[23]– جدول تركيبي يبين حركية القطاع المكلف بالتعمير و إعداد التراب منذ سنة 2008 إلى يومنا الحالي.

[24]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة و الجماعات الترابية، المرجع السابق،ص:267-268.

[25]– Ali BOUABID et Amina EL MESSAOUDI ,Technocratie versus Démocratie ? FondationAbderrahim BOUABID,collection les cahiersbleus, n 9 Avril 2007,p 22.

[26]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة و الجماعات الترابية، المرجع السابق،ص:275.

[27]– المصطفى معمر، اللامركزية و التمويل الذاتي للجماعات الترابية قراءة في القانون التنظيمي للجهة، المركز المغربي للبحث و الدراسات الترابية، سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب، تنسيق إدريس أيتلحو، مطبعة النجاح الجديدة، 2017، ص:59-60.

[28]– ظهير شريف رقم1.93.51 الصادر في 10 شتنبر 1993 بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية، الجريدة الرسمية عدد 4220 بتاريخ 15 شتنبر 1993.

[29]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة و الجماعات الترابية، المرجع السابق، ص:147-148.

[30]– محمد أصفريو، برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب: تحليل و تقييم، المرجع السابق، ص: 119

[31]– المادتين 7 و 8 من المرسوم 2.17.618 الصادر في 18 ربيع الثاني 1440(26 دجنبر2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، جريدة رسمية عدد 6738 بتاريخ 19 ربيع الثاني 1440(27 دجنبر2018)، ص:9787.

[32]– المهدي المتوكل، ”والي الجهة بين الدور المحوري و المسؤولية عن تنزيل سياسة اللاتمركز الإداري في ضوء الميثاق الوطني للاتمركز الإداري”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية و السياسية، العدد الخاص رقم15، مطبعة الأمنية، الرباط، 2019، ص:138.

[33]– سعيد نكاوي، ميثاق اللاتمركز الإداري و التدبيراللامتمركزللإستثمار، دراسة تحليلية، مطبعة الأمنية، الرباط، 2019، ص:170-171.

[34]– المادة 33 من المرسوم 2.17.618

[35]– ايت الشيخ محمد كريم، ”الإختصاصات الممنوحة للولاة تجاه المصالح اللاممركزة للدولة بين التصور الدستوري و التنزيل التنظيمي”، مجلة المنارة، عدد خاص بالجماعات الترابية، يونيو 2020، ص:228-229

[36]-المادة 17 و 19 من المرسوم 2.17.618

[37]– المهدي المتوكل، ”والي الجهة بين الدور المحوري و المسؤولية عن تنزيل سياسة اللاتمركز الإداري في ضوء الميثاق الوطني للاتمركز الإداري”، المرجع السابق، ص:140.

[38]– عبد الحفيظ أدمينو، ”اللاتركيز يوسع صلاحيات الولاة و يعيد إنتاج مركزية جديدة”، مقال منشور بموقع هسبريس بتاريخ 17 نونبر 2018، تم الولوج إلى الموقع بتاريخ 17 غشت 2020.

[39]– ايت الشيخ محمد كريم، ”الإختصاصات الممنوحة للولاة تجاه المصالح اللاممركزة للدولة بين التصور الدستوري و التنزيل التنظيمي”، المرجع السابق، ص:232.

[40]– المرسوم 2.17.618 الصادر في 18 ربيع الثاني 1440(26 دجنبر2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، جريدة رسمية عدد 6738 بتاريخ 19 ربيع الثاني 1440(27 دجنبر2018)، ص:9787.

[41]– الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.18 بتاريخ(7 جمادى الثانية 1440) 13 فبراير 2019، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6866 بتاريخ(24 رجب 1441) 19 مارس 2020.

[42]– غازي عبد الله، ”السياسات العمومية بين تداخل إستراتيجية الفاعلين و دينامية النسق المؤسساتي”، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد150-151، يناير-أبريل 2020، ص: 338

[43]– رشيد عدنان، ”التدبير التعاقدي من خلال ميثاق اللاتمركز الإداري”،المجلة المغربية للأنظمة القانونية و السياسية، العدد الخاص رقم15، مطبعة الأمنية، الرباط، 2019، ص:11.

[44]– نبيل بوشرمو، ”الهندسة الجديدة لتدبير الشأن العام الترابي على ضوء الميثاق الوطني للاتمركز الإداري”، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 148، شتنبر-أكتوبر 2019، ص:166.

[45]– المادة 8 من المرسوم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، مرجع سابق

[46]– عبد اللطيف بكور و حسنة كجي، ”الاليات الدستورية و القانونية للتدبير التشاركي للشأن العام المحلي”، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد مزدوج 134-135، غشت 2018، ص:73.

[47]– ياسر عاجل، ”تحديات تحديث الإدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية و السياسية، العدد الخاص رقم15، مطبعة الأمنية، الرباط، 2019، ص:123.

[48]– سهام أقنوش، إلتقائية السياسات العمومية الترابية، رسالة لنيل الماستر في القانون العام، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2017-2018، ص:37.

[49]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة و الجماعات الترابية، المرجع السابق، ص:559.

[50]– وزارة إعداد التراب الوطني، مديرية دعم التنمية المجالية، ورقة تركيبية حول التعاقد الترابي، مارس 2016.

[51]– عبد الرحيم كحلاوي، إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية، المرجع السابق،ص:442.

[52]– عدنان الزروقي، السياسات العمومية والمسألة الترابية إشكالية العلاقة بين الدولة والجماعات الترابية، المرجع السابق، ص:561.

[53]– محمد زين الدين، إشكالية تجديد النخب بالمغرب، مجلة فكر و نقد، العدد 81، 2016،ص:17.

Exit mobile version