الرهان النووي في منطقة المغرب العربي
هــــــشام كـــــــيطــــــــونـــــــــــــي
باحث بكلية الحقوق أكدال – جامعة محمد الخامس بالرباط
تركزت التطورات الدولية في العشريتين الأولى والثانية من القرن الحادي والعشرين حول قضايا الإنتشار النووي والتي تطرح إشكالات وصعوبات معقدة خاصة على القوى العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
فقد مثلت الرغبة والقدرات المتطورة لكوريا الشمالية في صنع القنبلة النووية وإجراء تجارب نووية متتالية، صدمة للولايات المتحدة الأمريكية الساعية بكل الوسائل إلى منع الانتشار النووي الذي يهدد السلم والأمن الدوليين.
وقد سبق أن بادرت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في إطار منظمة حلف شمال الأطلسي، إلى ترأس لجنة مكلفة بدراسة الوسائل الكفيلة، ولو باستخدام القوة، بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وكذا الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في العالم. حيث عمدت هذه اللجنة إلى اقتراح التدابير اللازمة لمنع الانتشار النووي، وهو ما يشكل معيارا جديدا ومختلفا عن تلك المعايير المعتادة والمعمول بها في مجال عدم الانتشار النووي.[1]
لاغرو أن الحلم النووي والرغبة في التحكم في التكنولوجيا النووية يطرق باب المنطقة المغاربية، ذلك أن أزمة الطاقة بالمغرب وتحديات نضوب آبار البترول بالجزائر، دفعتا هاذين البلدين إلى الاهتمام المتزايد بإمكانية بناء مفاعلات نووية قادرة على الاستجابة للحاجات المتزايدة للطاقة ولمتطلبات المستقبل من الطاقة.
من جهتها، وضعت الجزائر سياسة طاقية طموحة تروم امتلاك تكنولوجيا الطاقة النووية، والتي تحققت وتجسدت من خلال بناء مفاعل نووي للأبحاث النووية يحمل اسم “نور” ، يقع في منطقة “درارية” بالقرب من العاصمة الجزائر وذلك بمساعدة الأرجنتين بطاقة ميغاوتية تم تدشينها سنة 1989. [2]
كما دشنت الجزائر في دجنبر من سنة 1993 مفاعلا نوويا آخر للأبحاث النووية اطلق عليه اسم “السلام” يقع حوالي 250 كلم عن الجزائر العاصمة تحديدا في منطقة “بترين” بعين وسارة بولاية الجلفة، وهو مفاعل تم رصده من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية أثناء البناء والتشييد سنة 1991.
وقد شكل اكتشاف هذا المفاعل النووي قلقا لدى القوى النووية الكبرى في العالم، كما عرف حملة إعلامية مضادة لإقامته، حيث اعتبر بناءه وتشييده بمعدات نووية خطرا من شأنه تقوية القدرات النووية للجزائر، الأمر الذي يعد تهديدا للاستقرار في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا وغرب المتوسط، وذلك بالرغم من تصريحات السلطات الجزائرية بأن المفاعل النووي السلام موجه للأغراض السلمية في المجال الطبي والصناعي والفلاحي، وذلك بموجب اتفاق موقع بين الجزائر والوكالة الصينية للطاقة الذرية سنة 1987.
غير أن الخبراء يرون أن المفاعل النووي السلام وبالتكنولوجيا المتوفرة لديه (تتمثل طاقته في 15 ميغاوات، واليورانيوم المنخفض التخصيب، وتقنية الماء الثقيل التي تمكن المفاعل من الوصول إلى طاقة تبلغ 100 ميغاوات) كفيلة بإنتاج مادة البلوتونيوم التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية، فرضية يدعمها ويؤكدها اكتشاف نسبة مخزون مهم من مادة اليورانيوم بمنطقة “الهوكار” جنوب الجزائر. [3]
وبإقامة هاذين المفاعلين النووية الهامين “نور” و”السلام” في مجال الأبحاث النووية المتخصصة، أضحت الجزائر قطبا لتطوير الطاقة النووية في المستقبل[4]، وهذا التوجه، لبلد مزقته لسنوات حرب أهلية غير معلنة، يمكن تفسيره بعاملين اثنين، يتمثل الأول في أنه مع قرب نضوب الطاقة الأحفورية من البترول والغاز الطبيعي في العالم (وإن كان هذا النضوب يفسره…..الرجوع إلى الأطروحة) ذلك أن الصادرات البترولية تشكل أهم مورد لخزينة الدولة الجزائرية لا يمكن وليس بالإمكان تعويضه، مما يجعل التوجه نحو الطاقة النووية خيارا استراتيجيا لا محيد عنه. كما أنه لتجاوز إشكالية حتمية نهاية الخيار البترولي وطاقة الهيدروكربورات أصبحت الجزائر تفكر جديا في الخيار النووي كمصدر أساسي للطاقة.
أما العامل الثاني فيرتبط بالخيارات الاستراتيجية للجزائر، الساعية إلى التحكم في التكنولوجيا النووية للإجابة على تفوقها في المنطقة وبروزها كقوة إقليمية أساسية أمام جيرانها إن على المستوى الاقتصادي كما المستوى العسكري. وهو خيار خطط له منذ أيام النظام السياسي للرئيس الجزائري الهواري بومدين، نظام سياسي وإن تغير مضمونه إلا أنه لازالت أهدافه مستمرة إلى الآن. [5]
وإذا كانت الجزائر قد بادرت إلى التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في 12 يناير سنة 1995، فإنها مع ذلك لم توقع إلى حد الآن على البروتوكول الإضافي لهذه المعاهدة، والذي يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية التفتيش الفجائي للمنشآت النووية، وهذا ما يثير التساؤل حول سر هذا التباطؤ، علما أن أغلب دول المنطقة وقعت على البروتوكول الإضافي[6]، بالإضافة إلى أن هذه المواقع النووية بالجزائر تحظى بغطاء أمني كبير خصوصا مركز السلام المحمي ببطاريات صواريخ “سام” SAM أرض– جو الروسية.
إن هذا الخيار النووي، في بلد تمزقه الصراعات الداخلية ونظام سياسي قائم على استراتيجية تسعى إلى تطوير ترسانته النووية، من شأنه أن يشكل خطرا على الجوار المغاربي، لاسيما وأن السلطات الجزائرية تزعم أن الأبحاث النووية التي تقوم بها تهدف إلى النهوض الاقتصادي والصناعي وأنها منخرطة في اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية لسنة 1968 (TNP).[7]
وتأسيسا على ما سبق، فإن هذا المسعى الجزائري يضعه المغرب في إطار تغيير ميزان القوى الذي تسعى الجزائر إلى فرضه في منطقة المغرب العربي[8]، والذي بإمكانه أن يجعل من الجزائر قوة إقليمية في المنطقة مع تحييد أي إمكانية لأي دور تنافسي مغربي، وهذا ما يرفضه المغرب ويدفعه أكثر نحو تبني الخيار النووي.[9] إذ يعرف المحيط الجيوسياسي للمغرب[10] تواجد العديد من الدول التي لها طموحات لتعزيز قدرتها الاقتصادية بالطاقة النووية. وتعد الجزائر المنافس الجيوستراتيجي الرئيسي للمغرب من بين الدول العربية المؤهلة لتطوير برنامجها النووي في مجال إنتاج الطاقة.[11] إلى جانب إسبانيا، التي تعد ثاني أكبر منتج للطاقة الشمسية في العالم[12] والثالثة عالميا في إنتاج الطاقة الريحية، والتي تسعى من خلال الاستراتيجية الطاقية التي وضعتها إلى تنويع مصادرها الطاقية. [13]
إذ لا يمكن للمغرب الوقوف بعيدا عن هذه التطورات التي يعرفها جواره المباشر ومحيطه المباشر[14]، والتي من شأنها أن تهدد التوازن العسكري في المنطقة مستقبلا[15]، وكذا التطورات الدولية في مجال الطاقة النووية والإمكانيات الهائلة التي تمنحها القدرة على التحكم في التكنولوجيا النووية، خاصة تلك الأبعاد ذات الطابع السلمي وليس العسكري.
وسعت السلطات الحكومية بالمغرب منذ سنوات لإقامة برنامج وطني للطاقة النووية، بناء على دراسات تم إعدادها من طرف شركة “تراماأتوم” (TRAMATOME) للطاقة النووية. حيث أكدت لجنة الطاقة الذرية (CEA) والوكالة الدولية للطاقة الذرية على الخيار النووي للمغرب من خلال إقامة أول مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء.
كما عملت السلطات الحكومية بالمغرب على تأسيس المركز الوطني للطاقة والعلوم والتكنولوجيا النووية (CNESTEN) سنة 1986 والذي يتوفر على مفاعل نووي ذو طاقة محدودة موجه للأبحاث والدراسات النووية.
وقد أسند إلى هذا المركز إقامة مفاعل نووي تم تشييده بالمعمورة نواحي مدينة القنيطرة على مساحة تقدر ب 25 هكتار، حيث رصد لهذا المفاعل اعتمادات مالية بناء على بروتوكول حكومي تم التوقيع عليه سنة 1993.
وفي المقابل وقع المغرب اتفاقية للتعاون مع مختبر أمريكي في غاية الأهمية،(Lawrence Liversmore National Laboraty). كما استفاد المركز الوطني للطاقة والعلوم والتكنولوجيا النووية من الدعم التقني من عدد من الدول بما في ذلك دولتي ماليزيا و بنغلاديش والتي تمتلك مفاعلا نوويا مشابها لذاك الذي تم بناءه بالمغرب، ومفاعلات “تريكا” “Triga”. كما يستفيد المركز من الدعم التقني الذي توفره الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال التكوين والخدمات والخبرة وتوفير المعدات. [16]
هذا المفاعل النووي للأبحاث النووية ” تريكاماروك 2″ الذي تم إقامته وبناءه وتشييده بالمغرب سنة 1985 بالمعمورة بالقنيطرة من صنع أمريكي (الشركة الأمريكية جنرال أوتوميك) [17] وبدأ العمل به منذ نهاية سنة 1997 ، ويتوفر على طاقة تقدر ب 2 ميغاوات ويمكن أن تبلغ 3 ميغاوات، كما أنه يضم عددا من المختبرات لإنتاج الطاقة الأيونية المستخدمة للبحث العلمي من المجال الطبي والصناعي وكذا الهيدروليكي، والزراعي وللتعديل الوراثي للبذور والنباتات قصد تحسن جودتها، بالإضافة إلى إنتاج الأدوية المضادة للسرطان، إلى جانب الوحدات المكلفة بالحماية النووية وتدابير النفايات النووية. وكان من المنتظر أن يستفيد المغرب ما بين سنتي 2016 و2017 بمفاعل نووي من صنع شركة روسية “Atomstroyexport”.[18]
من جهة أخرى، عملت السلطات الحكومية بالمغرب على تأسيس المجلس الوطني للطاقة النووية (CNEN) الخاضع بشكل مباشر لسلطات رئيس الحكومة (الوزير الأول آنذاك أي وقت تأسيس المجلس). وقد أنيط المجلس بمهمة التنسيق بخصوص جميع الأعمال والأفعال المرتبطة بالمجال النووي.
فالمغرب لديه حاليا الأنظمة القانونية والنصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لدعم التنمية في مجال الطاقة النووية.[19] وكذا المؤسسات الوطنية ذات الصلة بالطاقة النووية تحكمها وتضبطها التشريعات الوطنية.[20] على أن المغرب يظل بعيدا عن قانون محدد ومنظم للمجال النووي[21] وتبقى المؤسسات الوطنية ذات الصلة بمجال الطاقة النووية في المغرب لها طابع تقني وقانوني.[22] ومن ثم جاءت أهمية المساهمة في تجميع النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة للمجال النووي في المغرب، سواء الصادرة منها أو تلك التي في طور الإعداد، وكذا إثارت الاهتمام في شأن وضع نصوص قانونية متخصصة بما يتلاءم والتطورات الدولية والإقليمية في قضايا الطاقة النووية، وصولا إلى توطيد تشريع وطني متعلق بالقانون النووي.
ومن الجلي أن المغرب يأخذ قضايا الطاقة النووية على محمل من الجد من أجل تجاوز التأخر الملحوظ في هذا المجال، خاصة تلك المتعلقة بإقامة واقتناء المعدات النووية. ذلك أن أزمة الطاقة بالمغرب دفعت المسؤولين إلى الإهتمام أكثر بإقرار سياسة نووية واضحة وذلك من خلال عدد من المبادرات التي تشهد على اهتمام المغرب المتزايد بمجال التكنولوجيا النووية وتبني الخيار النووي أكثر من أي وقت مضى.
وقد سعى المغرب إلى العمل مستقبلا على بناء محطة نووية لإنتاج الكهرباء بجودة عالية[23]، حيث انطلقت الدراسات التقنية والفنية للمشروع الخاص بالمحطة النووية منذ سنة 1986 وتم اختيار منطقة «سيدي بولبرة» الواقعة بين أسفي والصويرة لإقامته، وبالرغم من انتهاء هذه الدراسة للمشروع مع مطلع سنة 2000 وموافقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عليه كمشروع نووي موجه للأغراض السلمية يروم أساسا إنتاج الطاقة والاستجابة للحاجيات الطاقية المتزايدة للمغرب خلال السنوات المقبلة، فإن المشروع ظل يراوح مكانه سواء في وزارة الطاقة والمعادن الوصية على القطاع، أو في المكتب الوطني للكهرباء الذي أنجز الدراسات اللازمة للمشروع.
وفي هذا الإطار يأتي التدخل الاسباني الرافض لبناء المغرب لمركز الطاقة النووية بمدينة طانطان الخاص بتحلية مياه البحر تتولاه الصين بدعوى مخاطره على البيئة، حيث قامت الحكومة المحلية في جزر الكناري مع مجموعة من الجمعيات البيئية الاسبانية [24]، بشن حملة ضد المغرب بدعوى أن هذا المركز يمثل خطرا حقيقيا على السياحة في جزر الكناري[25]. على أن الواقع يحتم على المغرب الدخول في نادي توليد الكهرباء من الطاقة النووية والسعي لذلك بكل قوة وتجميع كافة الإمكانيات الذاتية وتوفير كل المقومات الاقتصادية والسياسية والأمنية، ذلك أن الطاقة النووية كفيلة بأن تضمن الحد الأدنى من هذه المقومات إن أحسن المغرب وضع خياراته الاستراتيجية [26]. كما لا يمكن الاستهانة بالضغوطات التي مصدرها الرأي العام المحلي والوطني، ناهيك عن الهيآت الحكومية وغير الحكومية المهتمة بالبيئة، حيث يحدث في كثير من دول العالم أن يؤدي الضغوط التي مورست من طرف بعض الهيئات المحلية إلى تحجيم دور محطات الطاقة النووية وتراجع الإقبال عليها.
وبالنظر للأهمية الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية لامتلاك التكنولوجيا النووية وتطبيقاتها في المجالات السلمية كتوفير الكهرباء بكفاءة عالية وتحلية مياه البحر والاستخدامات الطبية، اهتم المغرب بهذه المجالات، بالرغم من الإكراهات المالية والتقنية، فأصبحت إدارة السياسة النووية المغربية على قدر كبير من الأهمية، وذلك منذ الموافقة الأمريكية على الخيار النووي المغربي الذي تجسد في اتفاقية التعاون النووي المبرمة بين البلدين في 30 ماي 1980 والتي تم تجديدها بتاريخ 20 سبتمبر 2001 ل20 عاما قابلة للتجديد، وكذا رغبة المغرب في تنويع شركائه في مجال التعاون النووي بما يوفر له فرص الحصول على المساعدات التكنولوجية لإنتاج الطاقة النووية وتوظيفها في مختلف الأغراض السلمية والمدنية.[27]
وبذلك سيعرف المغرب اهتماما متزايدا بالجانب المؤسساتي والإطار التشريعي وتعزيز ترسانته القانونية في المجال النووي، إلى جانب الاهتمام بقضايا صعبة ترتبط أساسا بنقل المواد النووية، والإشعاع النووي العابر للحدود وقضايا المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، ونظم الحماية والأمن النووي وتدبير النفايات النووية وموضوعات التلوث البيئي. فضلا عن تحديات الجوار والمحيط الجيوسياسي للمغرب في إطاره السياسي والاستراتيجي، خاصة مع الجزائر كمنافس رئيسي للمغرب في مجال إنتاج الطاقة النووية، وإسبانيا التي تتركز في جنوبها محطات نووية لإنتاج الكهرباء.
وهو ما يجعل هذه القضايا المسطرة توا، من صميم صنع السياسة الخارجية المغربية ومساهمة فيها، من منطلق أن المغرب يرفض أي شكل من أشكال امتلاك الطاقة النووية للأغراض غير السلمية وذلك منذ مصادقته على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وانخراطه المبكر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنة 1957 ومصادقته على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية سنة 1996.[28] كما يعد المغرب من بين غالبية الدول الإفريقية البالغة عددها 53 دولة التي وقعت بالقاهرة في أبريل 1996 على معاهدة “بلندابا”[29] الداعية لإنشاء منطقة إفريقية خالية من السلاح النووي[30]. فضلا عن انخراطه في المبادرات الدولية للوقاية من الأنشطة الإرهابية النووية[31]، ومساهمته في المفاوضات الدولية لإيجاد آلية ملزمة من الناحية القانونية لحظر الأسلحة النووية تقود إلى النزع الشامل لها.
وإذا كان الخيار النووي أضحى مفروضا على المغرب حاليا، فإنه يتطلب ذلك توفر والموارد المالية الكافية، أي أن الإشكالية الأساسية هي قضية التمويل، إضافة إلى الاعتماد على المساعدات الأجنبية، أضف إلى ذلك أن تكوين وتدريب الباحثين المغاربة يتطلب إنشاء عدد من معاهد متخصصة في ميدان الأبحاث النووية أو إرسالهم إلى الخارج لذات الغرض وإنجاز البنية التحتية لموقع ومختبرات مراكز الدراسات النووية.[32] ناهيك عن المسؤولية المدنية والتكاليف التي يمكن أن تتحملها خزينة الدولة المغربية في حال وقوع حوادث نووية وما سينجر عنها من تعويضات للضحايا وإجراءات عملية للتخلص من الآثار الجانبية على البيئة. [33] فضلا عن مشاكل تدبير النفايات النووية وموضوع الأمن النووي.[34]
لا ريب أن التحديات والإكراهات الإقتصادية دفعت دول منطقة المغرب العربي إلى التوجه نحو التحكم في إنتاج الطاقة النووية، غير أن التمويل بالمعدات الكفيلة بإنتاج هذه الطاقة النووية تدفع دول المنطقة إلى تطوير التعاون الثنائي مع الدول ذات التجربة في هذا المجال بهدف تعزيز الاستثمار الهادف إلى إقامة مشاريع تروم إقامة وإنتاج الطاقة النووية ذات الإستخدام السلمي.
على أن قضايا منع الانتشار النووي تدفع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتزعم المساعي الرامية إلى تحقيق أهداف هذا المنع[35]، والدفاع عن القضية الأساسية والمتمثلة في ضمان حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية والحيلولة دون تهديد هذه الطاقة الجبارة للوجود الإنساني للبشرية.
كما أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بموضوع منع الإنتشار النووي، والمنظمات الدولية والإقليمية العاملة في هذا المجال، تسعى بكل عزم إلى الحيلولة دون تهديد الطاقة النووية للسلم والأمن النووين، وذلك من خلال اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية لسنة 1968 (TNP) والتي تم تطويرها إذ أصبحت تمس كذلك الصواريخ التسيارية أو البالستية وتطويرها (MTCR) ومراقبة الأنظمة السياسية التي تعمل في هذا المجال من خلال تقنين تصدير هذا النوع من الصواريخ وتكنولوجيتها خاصة بعض الأصناف، من دون بيع بعض قطع الغيار، من خلال لجنة للتعاون من أجل الرقابة المتعددة الأطراف للصادرات الحساسة الموجهة للدولة (COCOM) والتي انتهى العمل بها منذ سنة 1994 بعد إقرار المعاهدة الدولية لخطر الأسلحة الكيماوية الموقعة بجنيف سنة 1992 إلى جانب المناطق الخالية من الأسلحة النووية، وكذا مع قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي من مهامها الأساسية منع الإنتشار النووي، مع ضمان حق الدول في الإستخدام السلمي للطاقة النووية، فضلا عن السهر على تفعيل البروتوكول الإضافي واتخاذ التدابير الوقائية التي تضعها الوكالة لإظهار وفاء الدول بالتزاماتها بعدم صنع أسلحة نووية.[36]
ومن الجلي والواضح أن جميع الدول المنخرطة والتي انضمت إلى معاهدة منع الإنتشار النووي، والتي تقبل برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشآتها النووية، ملزمة بحصر برامجها النووية، في حال سعيها إلى امتلاك التكنولوجيا النووية، في الأغراض السلمية، وهو حال دول منطقة المغرب العربي لاسيما المغرب والجزائر اللذان لهما طموح واضح في هذا المجال.[37]
[1] – راجع في ذلك، الردع النووي والحلف في القرن الحادي والعشرين، مجلة الناتو، 2016، مجلة تسهم في مناقشة موضوعات وقضايا حلف شمالي الأطلسي. تاريخ الاطلاع 10/08/2018 على الرابط الالكتروني: https://nato.int>docu>Also-in-2016
[2]– voir, Mohamed BEDHRI, La prolifération nucléaire au Maghreb : Mythe ou réalité, journal AL BAYANE, LIBRE OPINION, 08 Septembre 1995, p 3.
[3] – الجدير بالذكر إلى أن التجارب النووية الفرنسية في منطقتي ركان والهوكار بصحراء الجزائر ما بين سنتي 1961 و1966 والتي وصلت إلى 210 تجربة مكنت الجزائر بعد الاستقلال من تسلم المنشآت النووية التي استخدمت في تلك التجارب من طرف الجيش الفرنسي، وهي معطيات وإرهاصات يمكن أن تصب في الاتجاه الذي يؤكد استفادة الجزائر من هذه المنشآت. راجع في ذلك:
-Bruno Barillot, les essais nucléaires français 1960-1966 : Conséquences sur l’environnement et la santé, Etudes des Centre de Documentation et de recherches sur la paix et les conflits, Lyon, France, février 1996, p.26.
[4] – من الواضح أن المساعدات التكنولوجية النووية التي تتلقاها الجزائر من الصين وروسيا والوضعية الاقتصادية تدعم سعيها نحو تدشين برنامجها النووي وقطع مراحل مهمة فيه، إذ أن الجزائر استفادت من ارتفاع أسعار النفط والغاز وحققت احتياطات مهمة من النقد الأجنبي.
[5]– voir, Mohamed BEDHRI, La prolifération nucléaire au Maghreb : Mythe ou réalité, journal AL BAYANE, LIBRE OPINION, 08 Septembre 1995, p 3.
[6] – أنظر محمد عبد السلام، المتاهة: مشكلات إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، 2006، ص64-65.
[7] – ولعل ما يزكي المسعى الجزائري نحو الخيار النووي، التصريحات السياسية للمسؤولين السياسيين الجزائريين حول القيمة الجيوستراتيجية للقدرة النووية خاصة خلال الزيارة التي سبق أن قام بها الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي شهر أكتوبر من سنة 2004 للجزائر، مؤكدا على حق الشعوب النامية في امتلاك منجزات العلم الحديث ورفض سياسة الكيل بمكيالين التي لا تلزم إسرائيل بالقوانين الدولية ولا تدعوها إلى الامتثال لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية.
[8] – إن التنافس الجيوسياسي مع المغرب بالإضافة إلى الاهتمام ب “موقع القيادة” بالمنطقة دفع الجزائر إلى السعي نحو إحداث خلل استراتيجي في ميزان القوى في منطقة المغرب العربي، منتهجة سياسة تحديث وتعزيز ترسانتها العسكرية، من خلال الاتفاق العسكري الذي أبرمته مع روسيا منذ سنة 2006 والذي أثار الاهتمام ليس فقط بسبب قيمة صفقته التي تصل إلى 7.5 مليار دولار بل أيضا بسبب قائمة التجهيزات العسكرية التي شملها. راجع في ذلك:
– Laurent Zecchini, l’accord Moscou–Alger met en cause l’équilibre au Maghreb , le Monde, 21/03/2006.
[9] – جدير بالذكر أن الجزائر كانت تتوفر على معهد للدراسات النووية بدأ عمله منذ سنة 1959 والذي كانت أحد أهم وظائفه هي تكثيف التعليم في مجال الفيزياء النووية، وتوفير الإطار المناسب والوسائل الكافية للقيام بأبحاث في مجال الفيزياء النووية. وقد تم إدماج هذه المؤسسة سنة 1974 ضمن الهيئة الوطنية للبحث العلمي – قسم الطاقة النووية والعلوم النووية، وهو ما نجم عنه إحداث مركز العلوم والتكنولوجيا النووية سنة 1976 أسندت له مهام التكوين في المجال النووي. راجع في ذلك:
-BOUTAMINE.A, l’Algérie et le TNP, in Revue Algérienne des sciences juridiques politiques et économiques, volume 18, n°3, OPU, Alger 1981, p.484-488.
[10] – راجع في هذا الصدد، الحسن بوقنطار، المغرب ومحيطه الجسيوسياسي: الحاضر والمستقبل، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، الدورة الرابعة، السنة 2002.
[11] – يذكر أن الرئيس الصيني قام بزيارة في 24 أبريل 2006 للمنطقة المغاربية ومنها زيارته للمغرب حيث تم خلالها تناول الملف النووي في المحادثات الثنائية، في وقت تعد الجزائر أكبر سوق استثماري للصين في إفريقيا. وقد توجت هذه الزيارة بزيارة ملكية للصين في 27 نونبر 2014 من أجل تعزيز التعاون بين البلدين.
[12] – ينبغي الإشارة إلى أن المغرب قد أقام في 5 فبراير 2016 محطة للطاقة الشمسية في منطقة تبعد حوالي 20 كلم عن مدينة ورزازات (جنوب شرق المغرب) سميت بمحطة “نور1” والتي تعد المرحلة الأولى ضمن مشروع هو الأكبر من نوعه في العالم، حيث يطمح المغرب من خلاله إلى تغطية 42% من احتياجاته الطاقية بحلول 2020. وتعد محطة نور1، التي تحتوي على نصف مليون من المرايا العاكسة، المرحلة الأولى من مشروع نور-ورزازات، الممتد على مساحة 3000 هكتار، والهادف بعد إقامة محطات نور2 ونور3 ونور4 إلى إنتاج 580 ميغاواط من الكهرباء تحت إشراف الوكالة المغربية للطاقة الشمسية. حيث انطلقت الأشغال بمحطة نور 4 مع مطلع شهر أبريل 2017 في إطار التوجه الرامي إلى الرفع من مساهمات الطاقات المتجددة ضمن البرنامج الكهربائي الوطني إلى 52 % في أفق 2030.
[13] – والجدير بالذكر أن موضوع المفاعلات النووية في إسبانيا لا طالما كان له مكانة في البرامج الانتخابية للحكومات الإسبانية المتعاقبة، مما يؤكد أن قضايا الطاقة النووية كانت دوما تحتل مكانة متميزة في النقاش السياسي الدائر في إسبانيا، لاسيما مع ما تتعرض من انتقادات من قبل جمعيات حماية البيئة في هذا المجال والرأي العام الإسباني، خاصة فيما يتعلق بإقامة مخزن لتخزين مخلفات المحطات النووية ناهيك عن خطر الأعطاب التي توجد عليها عدد من الغواصات النووية البريطانية الراسية في جبل طارق.
[14] – للتفاصيل في شأن الجوار المباشر والمحيط المباشر للمغرب راجع، د.الحسان بوقنطار، السياسة الخارجية المغربية: القانون والتفاعلات، شركة بابل للطباعة والنشر، الرباط، 2002.
[15] – ولا يمكن الحديث عن تطوير الطاقة النووية في المحيط المباشر للمغرب، دون الحديث عن إسبانيا، الدولة التي تملك 5 محطات نووية بها 7 مفاعلات نووية، مفاعل واحد يعمل بالماء المغلي، والست (6) مفاعلات الأخرى تعمل بالماء المضغوط وهي مفاعلات ألماراز، وتريللو، وأسكو، وفانديلوس، حيث يبلغ إجمالي الطاقة المنتجة من هذه المفاعلات 7442 ميغاواط، وهو ما يمثل حوالي 20% من الطاقة الكهربائية التي تستهلكها إسبانيا.
[16]– voir, Mohamed BEDHRI, La prolifération nucléaire au Maghreb : Mythe ou réalité, journal AL BAYANE, LIBRE OPINION, 08 Septembre 1995, p 3.
[17] voir, Le premier réacteur nucléaire de recherche marocain , 30 Novembre 2006 , www.AFRIK.com
[18] – جدير بالذكر أنه خلال الزيارة الملكية بتاريخ 13 مارس 2016 لروسيا الاتحادية، اتفق المغرب وروسيا على الرفع من نجاعة التعاون القائم بين البلدين في مجال التكنولوجيات المتطورة، وتطوير مشاريع ذات أولوية في مجال الاستغلال السلمي للعلوم والتكنولوجيات النووية والطيران المدني، والملاحة عبر الأقمار الاصطناعية. وهي الزيارة التي جاءت تتويجا للزيارة الملكية الأولى لروسيا التي تمت ما بين 14 و21 أكتوبر 2002.
[19] – في المغرب، لا يشكل القانون النووي تخصصا مستقلا في بالمعنى الدقيق للكلمة، كما هو الحال بالنسبة للقانون المدني، وإنما تؤخذ نصوصه وفقا للمساطير المعمول بها والقوانين الجاري بها العمل في هذا المجال، ولكن يمكن الافتراض أنه فرع من فروع القانون بالمفهوم العام، وأنه يمكن فهم وإدراك أسس وقواعد هذا القانون من خلال التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية. أنظر في ذلك: نشرة القانون النووي رقم 61 ، الوكالة الدولية للطاقة الذرية AIEA، يوليوز 2003.
[20] – voir, Mohamed El Baradai, Edmin Nwogugue et John Romes, le droit international et l’énergie nucléaire : aperçu du cadre juridique, PERSPECTIVES, AIEA Bulletin, 3/1995, p16-25
[21] – وإذا كان المغرب قد سن قوانين ترمي إلى التعويض عن الأضرار النووية ذات الاستعمال السلمي طبقا للمعايير والمبادئ التي أقرتها معاهدة فيينا المتعلقة بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار النووية وكذلك البروتوكول المعدل لها، وكذا مصادقة المغرب على كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية حول البيئة. فإنه يلاحظ ضعفا في النصوص التشريعية والتنظيمية في المجال النووي كما أن بعضها يستدعي إعادة النظر وتحيينها لكي تكون أكثر ملائمة مع المعطيات الجديدة مع ضرورة وضع نصوص متخصصة، ومن جهة أخرى يلاحظ غياب مدونة خاصة بالقانون النووي تجمع شتات النصوص سواء منها الموجودة أو التي في طور الإعداد حتى يسهل الرجوع إليها وتمكين الجميع من الإطلاع عليها بسهولة.
[22] – Voir, Mohamed Nabil, Le droit nucléaire au Maroc : aspect nationaux et internationaux, Bulletin de droit nucléaire n°73, étude rédigée en tant que dissertation dans le cadre de la préparation du diplôme de droit nucléaire international de l’école internationale de droit nucléaire – session 2003. www.oecd-nea.org
[23] – وقد سعى المغرب منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، وبحكم الخصاص الذي تعرفه البلاد في الموارد الطاقية، الذي يفرض عليها تأدية فاتورة طاقية ضخمة كل سنة، إلى التفكير في إنشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء، تساهم في خفض كلفة الفاتورة الطاقية للبلاد.
[24] – والجدير بالاهتمام أن الموقف الجزائري لا يختلف كثيرا مع الموقف الإسباني حيال البرنامج النووي المغربي، فقد سعت الجزائر بدورها إلى عرقلة مشروع تحلية مياه البحر بمدينة طانطان بواسطة الطاقة النووية وبتمويل صيني، بعد أن رأت فيه رهانا كبيرا للمغرب ويحمل أبعادا ذات طابع اقتصادي وجيوسياسي واجتماعي.
[25] – وأدت هذه الحملة إلى تأجيل البت في الموضوع الذي كان من المقرر أن يحسم على هامش زيارة رئيس الصين للمغرب في سنة 1999 ردا على الزيارة التي كان قام بها أنذاك الوزير الأول المغربي السيد الأستاذ عبد الرحمان يوسفي لنفس البلد سنة 1998. وإن كانت مصادر حكومية مغربية أرجعت ذلك لأسباب فنية، غير أن الحقيقة أن هذا الضغط الإسباني يمكن رده إلى خشية إسبانيا من استئثار الصين بالمشروع، وخاصة وأنها كانت تبحث عن تمويله منذ بداية التفكير في إقامته، وفي نفس السياق تأتي المطالبة الإسبانية للمغرب بداية شهر يناير سنة 2007 للكشف عن طبيعة وجدوى المشروع الخاص بإحداث مفاعل نووي بين مدينتي أسفي والصويرة لإنتاج الطاقة النووية وتحلية المياه، بإيعاز من منعشين سياحيين إسبان الذين كانوا وضعوا أمام الحكومة المغربية ملفا استثماريا ضخما يقدر ب 24 مليار درهم، وشمل بناء مدينة كبيرة ببنايات سياحية على وادي تانسيفت على مساحة تقدر ب 11 ألف هكتار ولها امتداد واسع على الواجهة البحرية الأطلسية جنوب أسفي.
[26] – أنظر يوسف عنتار، الخيار النووي المغربي بين المحفزة والأسباب المانعة، مجلة الدولية، العدد 3، 2007، ص:98.
[27] – حيث وقع المغرب مع روسيا الاتحادية في 11 أكتوبر 2017 بالرباط على اتفاقية ومذكرة تفاهم، بين المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بالمغرب وشبكة روساتوم الدولية، بشأن التعاون للاستعمال السلمي للطاقة النووية.
[28] – وفي هذا السياق جاءت المبادرة المغربية لعقد الاجتماع الأول من نوعه للمبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي بمشاركة 12 دولة (عرفت مشاركة كل من ألمانيا وأستراليا وكندا والصين وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكازاخستان وتركيا، إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية كملاحظين) والتي احتضنتها العاصمة الرباط بتاريخ 30 أكتوبر 2006.
[29] – تم التوقيع على معاهدة بلندابا للمنطقة الإفريقية الخالية من الأسلحة النووية سنة 1996 ودخلت حيز التنفيذ بعد ما صادقت عليها 28 دولة في 15 يوليوز 2009.
[30] – أنظر، يوسف عنتار، الخيار النووي المغربي بين الدوافع المحفزة والأسباب المانعة، مرجع سبق ذكره،ص: 89-90.
[31] – تم التطرق، في إطار رئاسة المغرب لمجموعة العمل حول “الاستجابة ومعالجة الحوادث الإشعاعية والنووية” للمبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي، بتاريخ 16 و17 يونيو 2015 إلى تداريب “كونغيكس 3” التي جرت في نونبر سنة 2013 بمبادرة مشتركة من المغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي التداريب التي كانت تهدف إلى بناء قدرات المغرب في مجال الإعداد والاستجابة لحالات الطوارئ الإشعاعية والنووية والمقررة في القمة الدولية حول الأمن النووي المنعقدة بلاهاي في مارس 2014 وذلك من خلال محاكاة عمل إجرامي يستهدف ميناء طنجة المتوسط وساحة جامع الفنا في مراكش، تستخدم فيه مواد مشعة مؤثرة على الإنسان وقطاعات حيوية كالبيئة والتجارة والسياحة والصحة. واستهدفت هذه التداريب أساسا تقييم استجابة النظام الدولي والمساعدة بين الدول، وكذا التعرف على أفضل الممارسات والتحسينات الضرورية التي اعتمدها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا في يونيو 2014. وكانت هذه الخلاصات جزءا من وثيقة توجيهية وضعها المغرب بعنوان “أساسيات لإحداث والتوفر على إطار للاستجابة للأمن النووي: دليل الممارسات الجيدة” باعتباره شغل رئاسة مجموعة العمل حول “الاستجابة ومعالجة الحوادث الإشعاعية والنووية” منذ سنة 2011.
[32] – الجدير بالذكر أن المغرب يتوفر على مخزون مهم من اليورانيوم المركز في الفوسفاط ، حيث يصل حجم هذه المادة على المستوى العالمي إلى 15 مليون طن، يتوفر منها كل من المغرب والولايات المتحدة مجتمعين على أكثر من 65% من هذا المخزون ، وذلك بنسبة 40% بالنسبة للمغرب، و 25% بالنسبة للولايات المتحدة.
[33] – أنظر على سبيل المثال القانون رقم 12.02 المتعلق بالمسؤولية المدنية في مجال الطاقة النووية، الجريدة الرسمية عدد 5284 بتاريخ 20 يناير 2005، ص:292. وذلك بموجب الظهير الشريف رقم 1.04.278 الصادر في 7 يناير 2005.
[34]– أنظر مصطفى كمال طلبة، الأخطار البيئية ومسؤولية المجتمع الدولي ، مجلة السياسة الدولية، العدد 163، يناير 2006، ص:54.
[35] – ولعل ما يشير إلى ذلك هو محاولة الإدارة الأمريكية فرض الوصاية على الدول التي تسعى إلى الاستفادة من الطاقة النووية ولو لتوظيفها في أغراض سلمية، من خلال المبادرة الأمريكية في فبراير 2006 والمتمثلة في إنشاء “الشراكة العالمية للطاقة النووية” في إطار تحالف دولي للطاقة النووية. تحالف يقضي بتقسيم العالم إلى دول لديها برامج متقدمة للطاقة النووية أطلق عليها “دول دورة الوقود النووي”، أما الدول الأخرى والراغبة في اقتناء الطاقة النووية فهي الدول المستقبلة للوقود النووي وليس لها الحق في تخصيب اليورانيوم وتصنيع الوقود النووي أو في إعادة تصنيع مخلفاته، وبالتالي فليس لها الحق في تشييد محطات نووية إلا بعد التوقيع على اتفاق مع التحالف الدولي للطاقة للحصول على الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وهو ما يعني من جهة تكريس الهيمنة للدول المالكة للسلاح النووي، ومن جهة أخرى الإقرار للبعض منها والاعتراف بها كقوة نووية متحكمة في استعمالات الطاقة النووية، كما هو الشأن بالنسبة للهند من خلال الاتفاق الأمريكي الهندي في مارس 2006. وتمثل هذه المحاولة الأمريكية تجسيدا لسياستها الرامية إلى نشر الطاقة النووية على طريقتها وتنفيذ استراتيجيتها الرامية إلى محاصرة الدول التي تعتبرها “مارقة” بعد أن فشل أسلوب التهديد بالعقوبات ونهج سياسة مغايرة بخصوص الدول التي تعتبرها ديمقراطية وفق معيارها.
[36] – راجع الحسن بوقنطار، معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وآلياتها وأهم مشاكلها، مجلة المستقبل العربي، يصدرها مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 404، أكتوبر 2012، بيروت، لبنان، ص119-120.
[37]– voir, Mohamed BEDHRI, La prolifération nucléaire au Maghreb : Mythe ou réalité, journal AL BAYANE, LIBRE OPINION, 08 Septembre 1995, p 3.