الرقابة الإدارية ودورها في ضبط تنفيذ الميزانية العامة للدولة

الرقابة الإدارية ودورها في ضبط تنفيذ الميزانية العامة للدولة

الحجاجي البشير 

باحث في القانون الإداري و المالي

تقديم:

لقد اقترن وجود المال العام للدولة بوجود مراقبة تحفظه من الضياع والاختلاسات، ذلك أن أجهزة الرقابة على المال العام وتنوعها، غدت ضرورة ملحة لتحصين أملاك الدولة، لذا تعمل جميع الدول على سن القوانين وتأسيس أجهزة عليا للرقابة، يعهد إليها ضبط منظومة الموارد والنفقات، بل إن هذه الأجهزة تعدت الدور الرقابي، لتقوم اليوم حتى بدور التوجيه والإرشاد حول أساليب الحكامة الجيدة وحسن التدبير.[1]

لذا، تمثل الرقابة على تنفيذ الميزانية الوسيلة الفعالة لمراقبة كيفية تحصيل الأموال العامة وكيفية إنفاقها، فهي تمثل الضمان الحقيقي لتحقيق الصالح العام، والاستغلال الأمثل للموارد المالية المتاحة للمجتمع، وتستهدف هذه الرقابة رفع مستوى الأداء، وتجنب كل تبذير أو إسراف في المال العام[2]، وذلك بقيام السلطات بتنفيذ العمليات المالية بصورة صحيحة ودقيقة، من خلال فحص الأوامر المالية، والنظر إلى مطابقتها للقوانين والأنظمة.[3] 

ويمكن تقسيم الرقابة من حيث التعريف إلى رقابة شكلية ورقابة موضوعية فيقصد بالرقابة الشكلية مراجعة الدفاتر والمستندات والحسابات بكل أشكالها، وذلك بهدف معرفة مدى صحة ومطابقة ما جاء فيها من أمور الجباية والصرف، بما يتلائم ويتماشى وتطبيق القوانين واللوائح والتعليمات المالية المختصة، ويكمن الهدف من الرقابة الشكلية في التأكد من عدم تجاوز البنود المالية والحسابية لهذه القوانين والأنظمة، وفيما إذا كان الانفاق صحيحا ومطابقا لها . 

أما الرقابة الموضوعية، فيقصد منها معرفة وكشف الخطأ الحسابي، وذلك من خلال مراجعة الحسابات والأرقام بدقة، والتأكد من أن تنفيذ الموازنة قد حقق الهدف المرسوم لها أم لا.[4]

   وإجمالا، يمكن تعريف المراقبة بأنها مجموعة من العمليات تتضمن جمع البيانات وتحليلها، بهدف الوصول إلى نتائج، تقوم بها أجهزة معينة، للتأكد من تحقيق البرنامج المالي للدولة لأهدافه بكفاية، مع إعطاء أجهزة المراقبة كامل السلطات لاتخاذ القرارات المناسبة.

 وتنقسم المراقبة إلى ثلاثة أقسام: المراقبة الإدارية، والمراقبة القضائية والمراقبة السياسية[5].

لكننا في هذه المقالة سنحاول أن نقف فقط على الرقابة الإدارية لتنفيذ الميزانية العامة للدولة، لنصل أن هذه المراقبة تتخذ إما شكل مراقبة داخلية وإما مراقبة المحاسبين العموميين على الإداريين.

تعتبر المراقبة الإدارية من أهم أنواع الرقابة الممارسة على مالية الدولة، لأنها لها ارتباط وثيق بالتدبير اليومي لتنفيذ المال العام. وعلى هذا المستوى، يعمل المراقب على ضبط مسألة التنفيذ منذ بدايتها، لذلك فالدول التي تعرف تدبيرا جيدا لماليتها وميزانيتها، هي من تضع قواعد مضبوطة لممارسة هذا النوع من الرقابة.

 وتتناول المراقبة الإدارية التي تقوم بها السلطة التنفيذية على نفسها، مراقبة إدارة المال العام وكيفية تنفيذ الميزانية العامة، وبهذا يمكن الإشارة إلى الرقابة التسلسلية التي يمارسها الرؤساء على مرؤوسيهم داخل نفس الوحدة الإدارية، أو إسنادها إلى أجهزة رقابية مختصة، توكل إلى المحاكم المختصة بوزارة المالية .

هذه المراقبة في غالب الأحيان تكون إما سابقة، أو أثناء تنفيذ الميزانية. وفي التشريع المغربي تتخذ هذه المراقبة شكلين أساسيين، فنجد المراقبة الداخلية، وذلك لتأمين تطبيق الأنظمة والمساطر المالية ( فقرة أولى)  ومراقبة المحاسبين على الإداريين، ( فقرة ثانية). 

الفقرة الأولى: المراقبة الداخلية

تعبر المراقبة الداخلية عن نظام شامل للمراقبة يمارس من طرف المنظمة نفسها، بهدف تأمين تطبيق الأنظمة والمساطر المالية، وتهدف المراقبة الداخلية تحقيق المطابقة مع القوانين والأنظمة المطبقة، والوقاية من الأخطاء والغش. وتندرج في إطار المراقبة التراتبية للنفقة، التي سطرها مرسوم 4 نوفمبر 2008 المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، وقد بدأ العمل بها مند فاتح يناير 2012، [6]وهي عبارة عن مراقبة مخففة مطبقة على نفقات المصالح الأمرة بالصرف، حيث يجب أن تتوفر على نظام مراقبة داخلية، للتأكد من بين عمليات المراقبة المسندة إليها، وفق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل : 

  • في مرحلة الالتزام:

وهنا تتأكد المراقبة الداخلية من الإجراءات التالية: 

  • من المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي للالتزام بالنفقات، غير تلك التي تحدد المادة 13 سقفها وطبيعتها[7]  ؛ 
  • من مجموع النفقة التي تلتزم بها الإدارة طيلة سنة الإدراج؛ 
  • من انعكاس الالتزام على استعمال مجموع الاعتمادات برسم السنة الجارية والسنوات اللاحقة.
  • في مرحلة الأمر بالصرف

تتأكد المراقبة الداخلية من الإجراءات التالية: 

  • من توفر الاعتمادات؛
  • من وجود التأشيرة القبلية للالتزام، حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة؛ 
  • من عدم الأداء المتكرر لنفس الدين. 

ويمكن للمراقبة التراتبية أن تكون موضوع تخفيف إضافي، لفائدة المصالح الآمرة 

بالصرف، بواسطة قرار للوزير المكلف بالمالية، شريطة تحقق ما يلي : 

  • ضرورة توفر المصالح الآمرة بالصرف على نظام افتحاص ومراقبة داخلية تمكنها من التأكد : 
  • من المشروعية، بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي للالتزام بالنفقات، غير تلك التي تحدد المادة 16 أدناه سقفها وطبيعتها[8].
  • من صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام؛
  • ·        من صحة الإدراج المالية للنفقة
  • ضرورة تقييم الكفاءة التدبيرية للمصلحة الأمرة بالصرف، في إطار عملية افتحاص، تنجزها المفتشية العامة للمالية أو الخزينة العامة للمملكة، أو أي جهاز للتفتيش، أو المراقبة أو أية هيئة مراقبة أو افتحاص، معتمدة لهذه الغاية بقرار الوزير المكلف بالمالية، وذلك بناء على أساس النظام المرجعي للافتحاص، ويؤدي إلى صياغة تقرير للافتحاص، بناءا على أربعة جوانب، تتعلق بكفاءة التدبير المالي، وكفاءة تنفيذ النفقات، وكفاءة المراقبة الداخلية، والكفاءة التدبيرية للمعلومات. 

الفقرة الثانية: مراقبة المحاسبين العموميين للإداريين:

بعد المناقشة والمصادقة على مشروع القانون المالي من طرف السلطة التشريعية والتي تعتبر بمثابة مراقبة سياسية سابقة على المال العام، وبعد إصدار الأمر بتنفيذ قانون المالية، ونشره في الجريدة الرسمية، يصبح من حق الوزارات صرف الاعتمادات المنصوص عليها في القانون المذكور، غير أن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الإطار، هو هل يمكن للسلطة التنفيذية أن تصرف هذه الاعتمادات الواردة في القانون المذكور بدون تدخل أية جهة معينة يوكل لها مهام مراقبة المال العام قبل صرفه؟  هنا تتفق جميع التشريعات على ضرورة تأسيس جهاز للمراقبة من صلب السلطة التنفيذية، وبالأخص من وزارة المالية يختص في مراقبة النفقات العمومية قبل صرفها، ويتم ذلك من خلال مراقبة المحاسبين العموميين للإداريين. [9]

إن تنفيذ الميزانية العامة للدولة يمر من مرحلتين، مرحلة إدارية، وهي التي يقوم بها الآمرون بالصرف أو من ينوب عنهم، ومرحلة حسابية، وهي التي يقوم بها المحاسبون العموميون، وهذه المرحلة الأخيرة، تعد في حد ذاتها مراقبة يقوم بها المحاسب العمومي على الأوامر بالصرف الصادرة عن الأمرين بالصرف، وتمر هذه المراقبة عبر مرحلتين، الأولى مرتبطة بالتأشيرة القبلية للالتزام (أ) والثانية متصلة بالتأشيرة من أجل الأداء (ب). 

أ. المرحلة الأولى: مرحلة الالتزام (مراقبة الالتزام بالنفقات): التأشيرة القبلية 

في المغرب تم تأسيس المراقبة العامة للالتزام بنفقة الدولة طبقا لأحكام المرسوم الصادر بتاريخ 30 دجنبر 1975[10]، وقد تم العمل بهذا المرسوم لأزيد من عقدين من الزمن، وذلك إلى حدود 2001، حيث عملت السلطات العمومية على إعادة النظر فيه، حيث تم تتميمه وتعديله بمقتضى المرسوم رقم 2-01-2678 الصادر في 15 شوال 1422 الموافق31 دجنبر 2001، والذي دخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح يوليوز 2003، كما تم تعديله بالمرسوم رقم 2.06.52 الصادر في 14 ن محرم 1427  الموافق ل13 فبراير 2006، والذي يقضي بإلحاق المراقبة العامة للالتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة وبتحويل اختصاصات المراقب العام للإلتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة[11].

وفي سياق تخفيف الرقابة القبلية، ووضع منظومة تتبع وتتمكن من التأكد من جودة وسلامة مساطر تنفيذ نفقات الدولة من طرف المصالح الآمرة بالصرف، صدر مرسوم رقم 2.07.1235 في 5 ذي القعدة 1429  الموافق ل4 نونبر 2008 والمتعلق بمراقبة نفقات الدولة[12]، إذ نسخ المرسوم رقم 2.75.839 الصادر في 27 من ذي الحجة 1395  الموافق ل 30 دجنبر 1975) في شأن مراقبة الالتزام بنفقات الدولة، وبذلك أصبحت تخضع الالتزامات بنفقات الدولة الصادرة عن المصالح الأمرة بالصرف لمراقبة المحاسب العمومي، حيث أضحى يمارس التأشيرة القبلية في مرحلة الالتزام، وذلك في إطار ممارسة المراقبة التراتبية للنفقات [13]، حيث تطبق هذه الأخيرة على نفقات المصالح الآمرة بالصرف [14]، وهكذا يقوم المحاسب العمومي في مرحلة الالتزام، بالتأكد من :

  • §          توفر الاعتمادات والمناصب المالية؛
  • صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام؛
  • الإدراج المالي؛ 
  • المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي بالنسبة لمقترحات الالتزام بالنفقات المتعلقة بما يلي : 
  • قرارات التعيين والترسيم وإعادة الإدماج وتغيير الدرجة ومغادرة الخدمة الخاصة بموظفي وأعوان الدولة ؛ 
  • العقود الأصلية للإيجار والعقود التعديلية المرتبطة بها ؛ 
  • نفقات الموظفين المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 101[15]، على أن  يفوق مبلغها عشرة آلاف ( 10.000 ) درهم؛
  • نفقات المعدات والخدمات التي يفوق مبلغها مائة ألف ( 100.000 ) درهم؛
  • الصفقات والعقود الملحقة والقرارات التعديلية المرتبطة بها والتي تفوق قيمتها – مأخوذة بشكل منفصل – أربعة مائة ألف (400.000) درهم، وكذا الصفقات التفاوضية مهما كان مبلغها؛ 
  • العقود المبرمة مع المهندسين المعماريين المتعلقة بالصفقات المشار إليها في الفقرة (ه) من هذه المادة العاشرة أعلاه؛
  • الاتفاقيات وعقود القانون العادي التي يفوق مبلغها مائتي ألف (200.000)درهم.

وتحدد آجال وضع تأشيرة الالتزام من لدن المحاسب العمومي أو رفضها أو إبداء ملاحظاته داخل  عشرة (10) أيام بالنسبة لصفقات الدولة؛ وأربعة (4) أيام بالنسبة لباقي النفقات. 

وإذا رفض المحاسب العمومي التأشيرة، وتمسكت المصلحة الآمرة بالصرف بمقترح الالتزام الذي تقدمت به، أحال الوزير المعني الأمر إلى الخازن العام للمملكة لنفي أو تأكيد هذا الرفض، وفي حالة نفي الخازن العام رفض التأشيرة، أمر المحاسب العمومي بالتأشيرة على مقترح الالتزام، أما في حالة تأكيد الرفض، يمكن للوزير المعني أن يلتمس تدخل رئيس الحكومة، وفي هذه الحالة، يجوز لرئيس الحكومة تجاوز رفض التأشيرة بمقرر، ماعدا إذا كان هذا الرفض معللا بعدم توفر الاعتمادات أو المناصب المالية، أو بعدم التقيد بنص تشريعي. غير أن رئيس الحكومة يستشير مسبقا مع لجنة الصفقات، إذا كان مقترح الالتزام بالنفقات ناتجا عن صفقة، أو لجنة يرأسها الأمين العام للحكومة، إذا كان مقترح الالتزام ناتجا عن قرار يتعلق بموظفي وأعوان الدولة[16]

ب.  المرحلة الثانية: التأشيرة من أجل الأداء (مراقبة صحة النفقة أو مراقبة الأداء) 

انطلاقا من المادة 18 من مرسوم مراقبة نفقات الدولة، يمارس المحاسب العمومي مراقبة صحة النفقة، قبل التأشير من أجل الأداء، وذلك بالتأكد من  صحة العمليات الحسابية للتصفية وكذا الصفة الإبرائية للتسديد. كما يقوم المحاسب العمومي بالتأكد من إمضاء الأمر بالصرف المؤهل أو مفوضيه ويتأكد من الوثائق والمستندات المثبتة للنفقة والمنصوص عليها في القوائم المعدة من طرف الوزير المكلف بالمالية، بما في ذلك تلك التي تحمل الإشهاد بتنفيذ الخدمة من طرف الأمر بالصرف أو الآمر بالصرف المساعد المؤهل. ولا يجوز، في أية حالة من الحالات، للمحاسب العمومي أن يقوم أو يعيد القيام بمراقبة مشروعية النفقة في مرحلة الأداء. 

وإذا لم يعاين المحاسب العمومي أية مخالفة لأحكام هذه المادة، فإنه يقوم بالتأشير وتسديد أوامر الأداء. 

في مقابل ذلك، إذا ما عاين المحاسب العمومي، وقت قيامه بالمراقبة، مخالفة لمقتضيات المادة 18 أعلاه  فعليه إيقاف التأشيرة وإرجاع أوامر الأداء غير المؤشر عليها، مرفقة بمذكرة معللة بشكل قانوني تضم مجموع الملاحظات التي أثارها إلى الأمر بالصرف بغرض تسويتها  وتحدد آجال وضع التأشيرة أورفضها من لدن المحاسب العمومي في خمسة (5) أيام بالنسبة للنفقات الخاصة بالموظفين، وفي خمسة عشر (15) يوما بالنسبة للنفقات الأخرى، تحسب من تاريخ توصله بورقات الإصدار وأوامر الأداء. 

وإذا أوقف المحاسب العمومي أداء النفقة[17]، وطلب الأمر بالصرف، كتابة وتحت مسؤوليته، صرف النظر عن ذلك، باشر المحاسب العمومي الذي لم يعد مسؤولا عن ذلك، التأشير لأجل الأداء، وأرفق مع الأمر بالصرف أو الحوالة نسخة مذكرة ملاحظاته، وكذا الأمر بالتسخير، لكن يجب على المحاسب العمومي أن يرفض الامتثال لأوامر التسخير، إذا كان إيقاف الأداء معللا بعدم وجود الاعتمادات أو عدم توفرها أوعدم کفایتها وكذاعدم توفر الصفة الإبرائية للتسديد، مع عدم وجود التأشيرة القبلية للالتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة. [18]

وفي حالة رفض الأمر بالتسخير يخبر المحاسب العمومي فورا الوزير المكلف بالمالية الذي يبت في الأمر. 

لكن هناك استثناءات على مستوى مراقبة المحاسبين العموميين للإداريين، إذ و حسب المادة 11 من مرسوم مراقبة نفقات الدولة، لا تخضع لمراقبة الالتزام ومراقبة الأداء صفقات الدولة، بما في ذلك سندات الطلب والاتفاقيات والعقود المبرمة في إطار البرامج والمشاريع المستفيدة من أموال المساعدة الخارجية، المقدمة في شكل هبات تطبيقا لاتفاقيات ثنائية[19].

إن مسؤولية المحاسب في مجال المداخيل مسؤولية مزدوجة، فمن جهة أولى يجب على المحاسب أن يقوم باستخلاص كل مداخيل الدولة، ومن جهة ثانية، فهو مطالب باستخلاص إلا ما هو منصوص عليه في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وإلا سيتابع من أجل الارتشاء أو الغدر، بصرف النظر عن إقامة دعوى لاسترداد ما هو غير منصوص عليه في القوانين والأنظمة، وهذه المسألة ينص عليها كل قانون المالية كل سنة في فصله الأول[20]، وهذا أكدته المادة 26 من المرسوم المتعلق بنظام المحاسبة العمومية، حينما أشارت إلى: «إن جميع الضرائب التي لم يؤذن فيها بموجب القوانين والأنظمة وميزانيات المداخيل تمنع منعا كليا كيفما كانت الصفة أو الإسم الذي تستخلص به وإلا فتتابع من أجل الارتشاء، السلطات التي قد تأمر باستخلاصها والمستخدمين الذين يضعون جداولها وتعاريفها وجميع من يقومون باستخلاصها، وذلك بصرف النظر عن دعوى الاسترداد التي يمكن إقامتها خلال ثلاث سنوات على المستخلصين والقباض أو غيرهم من الأشخاص الذين يكونون قد قاموا باستيفائها» .

خلاصة:

ما يمكن قوله في الأخير أن مرحلة تنفيذ الميزانية العامة للدولة، تعد أهم المراحل وأكثرها خطورة. فتختص بهذه المرحلة السلطة التنفيذية، وتشرف على هذا التنفيذ وزارة المالية التي تعتبر أهم أجزاء الجهاز الإداري للدولة وهذه المرحلة تمثل انتقال الميزانية العامة من النظري إلى حيز التطبيق العملي الملموس. وتتولى الحكومة ممثلة في وزارة المالية، تحصيل و جباية الإيرادات الواردة المقدرة في الميزانية، كما تتولى الإنفاق على الأوجه المدرجة في الميزانية.

ولضمان تنفيذ الميزانية في الأوجه المحددة لها، فقد اقتضى الأمر إيجاد وسائل مختلفة لمراقبة الميزانية للتأكد من مراعاة واحترام المكلفين بالتنفيذ كافة القواعد المالية أثناء ممارستهم لوظائفهم، ليبقى الهدف من الرقابة هو التأكد من أن تنفيذ الميزانية قد تم على الوجه المحدد ووفق السياسة التي وضعتها السلطة التنفيذية و إجازتها من طرف السلطة التشريعية. مع ضمان قدر أقصى من المنافع للمجتمع في حدود السياسة العامة للدولة.


[1] – عبد الغني أضريف، “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي المالي 130.13 ونصوصه التطبيقية”، الطبعة الرابعة، مطبعة بني ازناسن، العدد التاسع، 2016، الصفحة116.

[2]– منصور ميلا يوسف: “مبادئ المالية العامة”،  الجامعة المفتوحة، مطبعة الإنتصار ،1994، الصفحة 202.

[3]– صباح نعوش: “المالية العامة والتشريع”، مطبعة النجاح الجديدة،  الصفحات: 325-324.

[4] -أعاد حمود القيسي: “المالية العامة والتشريع الضريبي”،  مركز غنيم للتصميم والطباعة، عمان 2003، الصفحة: 103.

[5]– للمزيد من المعلومات حول بعض التقسيمات الأنواع الرقابة على المال العام انظر: د. عبد الله النقشندي: “الرقابة على المالية العامة”، الطبعة الأولى، بغداد 1964، الصفحة 5 . 

[6] – مرسوم رقم 2.07.1235 صادر في 5  ذي القعدة 1429 الموافق ل4 نونبر 2008، الجريدة الرسمية، عدد 5682 الصادرة في 13 نونبر 2008، الصفحة 4163.

[7]– تنص المادة 13 من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة على ما يلي : « لممارسة المراقبة التراتبية للنفقات على نفقات المصالح الآمرة بالصرف المشار إليها في المادة 12 أعلاه ومع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في المادتين 9 و11 من هذا المرسوم ، يقوم المحاسب العمومي في مرحلة الالتزام  بالتأكد من :

  • ü       . توفر الاعتمادات والمناصب المالية ؛ .
  • ü        صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام ؛ .
  • الإدراج المالي؛ .

 المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي بالنسبة لمقترحات الالتزام بالنفقات المتعلقة بما يلي :              أ. قرارات التعيين والترسيم وإعادة الإدماج وتغيير الدرجة ومغادرة الخدمة الخاصة بموظفي وأعوان الدولة ؛

 ب. العقود الأصلية للإيجار والعقود التعديلية المرتبطة بها ؛ 

ج. نفقات الموظفين المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 10 أعلاه، على أن يفوق مبلغها عشرة آلاف ( 10.000) درهم ؛

== د. نفقات المعدات والخدمات التي يفوق مبلغها مائة ألف ( 100.000) درهم؛

 الصفقات والعقود الملحقة والقرارات التعديلية المرتبطة بها والتي تفوق قيمتها ، مأخوذة بشكل منفصل ، أربعة مائة ألف (400.000) درهم، وكذا الصفقات التفاوضية مهما كان مبلغها ؛

 و. العقود المبرمة مع المهندسين المعماريين المتعلقة بالصفقات المشار إليها في الفقرة (5) من هذه المادة ؛

 ز. الاتفاقيات وعقود القانون العادي التي يفوق مبلغها مائتي ألف (200.000) درهم.

وتحدد آجال وضع تأشيرة الالتزام من لدن المحاسب العمومي أو رفضها أو إبداء ملاحظاته كما يلي :

     -عشرة (10) أيام بالنسبة لصفقات الدولة ؛

      -أربعة (4) أيام بالنسبة لباقي النفقات “. 

[8] – تنص المادة 16 من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة على ما يلي : « بالنسبة للمصالح الأمرة بالصرف المستفيدة من التخفيف الإضافي المشار إليه في المادة 14 أعلاه ، ومع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في المادتين 9 و11 من هذا المرسوم ، يقوم المحاسب العمومي ، في مرحلة الالتزام ، بالتأكد من :

 – توفر الاعتمادات والمناصب المالية ؛

– المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي بالنسبة لمقترحات الالتزام بالنفقات المتعلقة بما يلي

  أ. قرارات التعيين والترسيم وإعادة الإدماج وتغيير الدرجة ومغادرة الخدمة الخاصة بموظفي وأعوان الدولة؛

 ب. العقود الأصلية للإيجار والعقود التعديلية المرتبطة بها؛

 ج. الصفقات والعقود الملحقة والقرارات التعديلية المرتبطة بها والتي تفوق قيمتها ، مأخوذة بشكل منفصل ، ملیون (1.000.000 ) درهم وكذا الصفقات التفاوضية مهما كان مبلغها ؛

  د. العقود المبرمة مع المهندسين المعماريين المتعلقة بالصفقات المشار إليها في الفقرة (ج) من هذه المادة. تحدد آجال وضع تأشيرة الالتزام من لدن المحاسب العمومي أو فضها أو إبداء ملاحظاته كما يلي :

– سبعة (7) أيام بالنسبة لصفقات الدولة ؛

– ثلاثة (3) أيام بالنسبة لباقي النفقات.”

[9] – أنظر عبد النبي اضريف، ” قانون ميزانية الدولة على ضوء القوانين التنظيمية النمالية 130.13 ونصوصه التطبيقية” مرجع سبق ذكره، الصفحة 121.

[10]– مرسوم رقم 2.75.839 بتاريخ 27 ذي الحجة 1395  الموافق ل30 دجنبر 1975 بشأن مراقبة الالتزام بنفقات الدولة، الجريدة الرسمية عدد 3297 بتاريخ 7 يناير 1976. الصفحة:3 .

[11]– دمج هذين الجهازين داخل مؤسسة واحدة، مع المحافظة على اختصاص كل واحد منهما، قد يعمل على تبسيط المساطر والحد من صلابة القواعد القانونية، وتبني المرونة في تنفيذ الخدمات العامة. ففي السابق كان لكل جهاز سلطة رئاسية مستقلة، وهذا من شأنه أن يحدث التناقض بين وجهات النظر، خصوصا في المسائل والقضايا الكبرى التي يصعب فيها تحمل المسؤولية، لذا فالتقارب الحاصل بين هذين الجهازين ووضعهما تحت سلطة الخازن العام، كفيل بأن يحقق المرونة والقيادية في اتخاذ القرار، وهذه هي المقومات التي تفتقدها أغلب قطاعات الدولة لذا فإحداث التقارب بين المراقبة العامة للالتزام بالنفقات وبين الخزينة العامة للمملكة، في نظرنا لا يمكن أن يفرغ المراقبة السابقة من أهميتها، خصوصا وأن الفقرة الثانية من المادة الثانية من المرسوم رقم 52-60-2 الصادر في 13 فبراير 2006 المشار إليه أعلاه، أكدت على أن يستمر مراقبو الالتزام بالنفقات في ممارسة المهام الموكولة لهم طبقا للأنظمة الجاري بها العمل، وهذه الفقرة المذكورة كفيلة أن تثبت عكس ما صرح به منتقدو هذا الإدماج قبل صدور المرسوم، حيث أكدوا على أنه سعي نحو القضاء على المراقبة العامة بالالتزام بالنفقات، وبالتالي إفراغ هذه المراقبة من محتواها، ومن دورها في حراسة المال العام .

[12] – مرسوم رقم 2.07.1235 صادر في 5 ذي القعدة 1429  الموافق ل4 نوفمبر 2008 والمتعلق بمراقبة نفقات الدولة، الجريدة الرسمية رقم 5682، الصادرة في 13 نوفمبر 2008.

[13]– للمزيد راجع المادة 13 من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، مرجع سبق ذكره.

[14] – باستثناء بعض النفقات التي لا تخضع للتأشيرة القبلية لمراقبة الالتزام بالنفقات، كالنفقات المؤداة دون أمر سابق بالصرف، تطبيقا لمقتضيات الفصل 35 من المرسوم الملكي بسن نظام عام للمحاسبة العمومية.

[15] – تنص المادة 10 من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة على ما يلي : « تخضع لمراقبة المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي المنصوص عليها في المادة 3 من هذا المرسوم

  • ü       1 . نفقات الموظفين والأعوان المرتبطة بالوضعيات الإدارية والرواتب ، باستثناء تلك المتعلقة بقرارات التعيين والترسيم وإعادة الإدماج وتغيير الدرجة ومغادرة الخدمة ، مهما كان مبلغها؛
  • ü        2. النفقات المتعلقة بالتحويلات والإعانات المقدمة للمؤسسات العامة والضرائب والرسوم والقرارات القضائية والإيجارات مهما كان مبلغها باستثناء العقود الأصلية للإيجار والعقود التعديلية المرتبطة بها؛
  • ü       3. نفقات الموظفين والأعوان غير تلك المشار إليها أعلاه التي يقل مبلغها أو يساوي خمسة آلاف ( 5.000)درهم؛
  • ü        4. نفقات المعدات والخدمات التي يقل مبلغها أو يساوي عشرين ألف ( 20.000). درهم “.

[16]– انظر المادة 28 من المرسوم رقم 2.07.1235 المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، مرجع سبق ذكره.

[17] – المادة 29 من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة.

[18] -المادة 30 من نفس المرسوم.

[19]– راجع المادة 11 من نفس المرسوم.

[20]– راجع المادة الأولى من الباب الأول من الجزء الأول من مشروع قانون مالية 70.19 للسنة المالية 2020 كما وافق عليه مجلس النواب.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *