Site icon مجلة المنارة

الدبلوماسية المغربية وإدارة الأزمات

الدبلوماسية المغربية وإدارة الأزمات.

ملاك قائد

طالبة باحثة بسلك الدكتوراه

 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا

    يعد وجود المنازعات بين الدول أمراً حتمياً، وتثير المنازعات الدولية العديد من المسائل ذات الجوانب المتغايرة، وقد كانت الحروب هي الوسيلة الرئيسية المعتمدة في حل الأزمات بين الدول، إلا أن الوسائل السلمية لتسوية هذا النوع من الأزمات، نشأت كبديل ونقيض لحل الأزمات باستخدام العنف والنزاع المسلح، ومن المبادئ الأساسية في القانون الدولي العام مبدأ التسوية السلمية للأزمات الدولية، وبمعنى آخر أضحت الوسائل السلمية لتسوية الأزمات الدولية حلا لهذا الداء المستعصي على الشفاء.

والجدير بالذكر أن عصبة الأمم ” The League of Nations” [1] لم تمنع استعمال القوة بصفة مطلقة وإنما منعت الحرب العدوانية لاكتساب الأقاليم، وقد وافقت الجمعية العامة لعصبة الأمم في دورتها الخامسة بتاريخ 2 أكتوبر 1924 م  ، بالإجماع على بروتوكول جنيف للحل السلمي للمنازعات الدولية حيث جاء في ديباجة البروتوكول أن اللجوء إلى الحرب بدون استخدام الوسائل السلمية المتاحة للتسوية هو عمل غير مشروع ويشكل جريمة دولية على عكس الأمم المتحدة The United Nations  [2] فقد منعت الدول من استخدام القوة في العلاقات الدولية سواء بأي طريقة لا تتفق مع مقاصد الأمم المتحدة .

وعند الحديث عن الوسائل السلمية فإنه ومن الضروري الحديث عن الدبلوماسية كآلية لحل الأزمات الدولية بطريقة سلمية .

إن للدبلوماسية وإدارة الأزمات عدة تعريفات ” المحور الأول “، كما أنها تتخذ مجموعة من الصور ” المحور الثاني “

المحور الأول: التعريف بالدبلوماسية وإدارة الأزمات

تكتسي ظاهرة الدبلوماسية اليوم أهمية بالغة، إذ تحتل الموقع البارز والأساسي في مسار تطور العلاقات الدولية، وتبرز أهمية موضوع الدبلوماسية في أواخر القرن الماضي من خلال ضخامة وحجم العاملين في السلك الخارجي الدبلوماسي والقنصلي، مما يتطلب معالجة الدبلوماسية في كل أبعادها التاريخية والنظرية والقانونية والسياسية والاجتماعية والفنية[3] .

فقد كشف التاريخ وبرهن على أن الدبلوماسية ليست على حد تعبير نيكلسون ملهاة نظام سياسي، ولكنها عنصر ضروري في أية علاقة منطقية بين فرد وآخر أو أمة وأخرى، إنها عملية لا تهدف فقط إلى تعزيز العلاقات الدولية والسلمية بين الدول والأمم، بل أيضاً تعمل على استبعاد خطر الحرب ودوام الاستعداد لها[4] .

وعليه فإن أطراف الدول تتجاذب وجهان أساسيان هما الحرب والسلم، ذلك أن العلاقات بين الدول هي مجموعة متداخلة من أشكال التنازع والتعاون التي تفرضها المصالح الدولية المتبادلة، والتنازع يؤدي إلى حرب، بينما يوطد التعاون بين الدول السلم الدولي خصوصاً بعد تأثير عدد من العوامل منها الاتصالات وتقدم المواصلات والإعلام في تعزيز العلاقات بين الدول، كذلك أدى التقدم الصناعي والتكنولوجي المعاصر إلى بروز أشكال متعددة من التعاون والتكامل في الجهود الدولية[5] .

إن دلالة الدبلوماسية قد تختلف في مصادر القانون الدولي العام “ǀ”، عن دلالتها في القانون الدولي العام “ǁ”.

ǀ. دلالة الدبلوماسية في مصادر القانون الدولي العام  

إن تقنية جرد المصطلحات القانونية الخاصة بالمجال الدبلوماسي تبرز عائق التحديد الدقيق لمفهوم الدبلوماسية نفسها خاصة وأن أغلب التعريفات  تهتم بتعريفها على حسب بنية هذا المفهوم المرتكز على التمثلات الاجتماعية والثقافية والتاريخية، ويعتبر مصطلح الزاوية التأثيلية[6] الذي أخذ عدة معان[7] ، والمستعمل في القرن السابع عشر بمعنى مرسوم، وفي سنة 1732 م بمعنى ميثاق وفي سنة 1836 م بمعنى “الذي يخول لقباً من الألقاب” تمنح لمن اكتسب درجة في العلم وهي “الشهادة”، كما أحالت الكلمة على معجم  ليتيريه Littré ، وعليه فإن كلمة الدبلوماسية مشتقة مباشرة من اليونانية “diploma” أي من فعل دبلون “diplone” أي بالفرنسية من فعل plier   أي طوى أو ثنى أما دبلوما والتي يشتق منها دبلوم “diplôme” كانت كناية عن وثيقة رسمية “acte” تصدر عن صاحب السلطة وتمنح حاملها مزايا معينة وهذه الوثيقة يجب أن تقدم وتسلم مطوية أي على شكل وثيقة مزدوجة، ومن هنا أتت تسميتها إذ ما مازالت اللغة الفرنسية الحديثة تحتفظ بمعنى مشابه باستخدامها لمصطلح “pli” لتسمية تطلق على بعض الأوراق الرسمية[8].

هذا ما أدى بالعديد من فقهاء القانون الدولي إلى الارتكاز على كلمة مطوية  في تعاريفهم المصاغة للدبلوماسية وفي مقدمتهم “هارولد نكلسون” وَ “جينيه” الذين ركزوا على أن أحدث الدراسات تبين أن كلمة “دبلوماسية” يرجع اشتقاقها إلى الفعل اليوناني “دبلوما” وهي كلمة إغريقية دخلت اللاتينية ومعناها وثيقة مزدوجة، ثم أصبح معنى الكلمة وثيقة ذات صفة رسمية[9].

ومهما يكن أصل الدبلوماسية فهي تعني فن وضع برامج السياسة الخارجية موضع التنفيذ بالتفاوض[10]، وقد عرفتها “لبابة عاشور” بأنها أداة وأسلوب تسيير وتنظيم العلاقات الدولية لأشخاص المجتمع الدولي [11].

أما “عبد الواحد الناصر” فقد عرفها بأنها علم وفن إدارة العلاقات الدولية[12]، وقد عرفها “ريفيه”    بأنها علم وفن تمثيل الدول والمفاوضة[13]، كذلك عرفها “أرنست ساتو” بأنها استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة[14]، أما “ستيورات موراي” فقد عرفها بأنها نشاط متزايد الأهمية في مجال العلاقات الدولية الحديثة وهي عنصر هام للتعامل بين الدول[15]، أما “فودريه” فقد تحدث عن الدبلوماسية كونها فن تمثيل السلطات ومصالح البلاد لدى الحكومة والقوى الأجنبية والعمل على أن تحترم ولا تنتهك ولا يستهان بحقوق وهيبة الوطن في الخارج وإدارة الشؤون ومتابعة المفاوضات السياسية حسب تعليمات الحكومة.

وعليه ومن مجمل التعريفات السابقة ومجمل التعريفات التي طرحها الكتاب والمفكرون حول الدبلوماسية، يمكن القول بأن الدبلوماسية هي عملية سياسية ترتبط مباشرة بإدارة وتوجيه العلاقات الخارجية للدول والشعوب بما يخدم مصالحها، وهي تجل للعلاقات الدولية في مستواها السياسي القائم على مجموعة القواعد والأعراف الدولية الهادفة إلى تنظيم التعامل بين أشخاص القانون الدولي، وتبيان الحقوق والواجبات والتزامات وامتيازات هؤلاء الأشخاص مع تبيان شروط عملهم ووظائفهم الهادفة للتوفيق بين المصالح المتباينة سواء أكان ذلك في زمن السلم أم الحرب .

هذا التساؤل يدفع للقول بأن ليس هناك تناقض أو تعارض بين العلم والفن، فالعلم يقوم بالدرجة الأولى على غرض وهدف محددين، وللوصول لهذا الهدف لابد من إتباع أسلوب أو منهج معين، وبالتالي فإن كل منهجية لابد لها من تقنيات معينة وأسلوب محدد تشكل بحد ذاتها طاقة فنية تجعل من السهل على الإنسان تعلمها كما سهل عليه تعلم العلم وعليه فلا يوجد تعارض أو تناقض في مقولة كل علم هو فن، لذا فالدبلوماسية بقدر ما هي علم فهي فن وعلى الذي يمارسها أن يكون عارفاً بقوانينها ومبدعاً في تطبيقها وذلك بالترابط مع أغراضها وأهدافها[16].

بهذا المعنى تصبح الدبلوماسية قائمة على مفهوم علمي له أصوله وقواعده وخصائصه المحددة، فسواء كانت الدبلوماسية علماً أم فناً أو وظيفة ومهما أعطيت من صفات وخصائص تبقى ميداناً واسعاً من المعرفة لها تاريخها وقواعدها وأسلوبها ومناهجها الخاصة بها ولها أغراضها المنفتحة على غيرها من ميادين المعرفة وحقولها وضروبها.

وفي الحقيقة هناك خلاف كبير بين الكتاب بعضهم البعض حول أصل كلمة الدبلوماسية وأصل اشتقاقها اللغوي، ومرد هذا الخلاف حسب الدكتور “علي حسين الشامي” هو أصل الكلمة اليونانية التي يعتمد عليها هؤلاء الكتاب في تحديد مصدر كلمة دبلوماسية حيث هناك من يعتبر أصلها اسم وهناك من يعتبر أصلها فعل، هذا الخلاف يرجع التساؤل منطقيا حول إمكانية استعمال اشتقاق آخر للكلمة.

فإذا كانت الكلمات لا تستلهم حيويتها إلا من المقام ولا تكتمل معانيها إلا داخل السياق اللغوي الذي ترد فيه، فإن الزاوية السياقية[17] هي التي تجعل من المركبات اللفظية أكثر دلالة، وهذا ما جعل لفظ دبلوماسية ترد عليه مجموعة من الألفاظ مثل: الدبلوماسية الثنائية، الدبلوماسية متعددة الأطراف، الدبلوماسية الاقتصادية، الدبلوماسية البرلمانية، الدبلوماسية  الوقائية، الدبلوماسية السرية، الدبلوماسية الافتراضية … إلخ الزاوية الموسوعية[18]:

لينحصر عمل الزاوية الموسوعية في مقاربتها للفظ من زاوية الشكل أو الوظيفة حيث يتم الاستناد إلى الوظيفة الدبلوماسية لضبط المصطلح دون الاستقصاء التام، ويمكن القول بأن هذا المفهوم يشمل السياسة الخارجية[19] للدول والوسائل السلمية لتسوية النزاعات الدولية[20] ومختلف سبل التفاوض، ومبادئ اللياقة واللباقة والمودة التي تطبع العلاقات بين الدول مع الحفاظ على مصالحهم الخاصة واحترام قواعد التشريفات الدولية ومختلف صيغها المحلية … الخ .

وبعد التدقيق فإنه يظهر وبوضوح الفروق الدلالية الدقيقة والمتعددة الروابط بين الوظائف والوسائل وبين التصرفات والأعمال أن الدبلوماسية تكتسي طابع التنوع والتعدد حيث أن الدبلوماسية تجمع بين الفن والعلم و تنهال من هوية الذات علاوة على هوية الآخر.

كما أنها تتطلب قدرات وتستوجب كفاءات بعيدة على أن تكون حدسية حيث أنها ثمرة عمل دؤوب يقوم به الدبلوماسي لإعطاء الصورة المثلى بوصفه ممثلاً لبلده [21].

وما يجعل مفهوم الدبلوماسية أكثر تعقيدا هو اتصاله بمجموعة من المجالات المشابهة كالسياسة الخارجية، العلاقات الدولية ،القانون الدولي ،القانون الدبلوماسي والحرب  فالسياسية الخارجية هو برنامج الدولة في المجال الخارجي أو على المستوى الدولي وهي تمهد لما سوف تحققه الدولة في مجالي السلم والحرب[22] ، ومن هنا يأتي الفرق بينهما حيث أن السياسة الخارجية هي من اختصاص المؤسسات الدستورية ممثلة في رئيس الدولة والأجهزة التشريعية[23]، أما الدبلوماسية فهي أداة لتنفيذ السياسة الخارجية وتحقيق أهدافها[24]، إلا أن هذا لا يعني بان الدبلوماسية هي الأداة الوحيدة لتنفيذ السياسة الخارجية فقد تلجأ الدولة من أجل تحقيق أهدافها الخارجية إلى وسائل الضغط[25] المختلفة  بالوسائل الاقتصادية أو العمل العسكري فتقوم بعمل واقعاً يدعو الدول الكبرى وأجهزة الأمم المتحدة المكلفة بحفظ السلام العالمي إلى تدارك الأمر والتدخل.

كما تتصل الدبلوماسية بمجال العلاقات الدولية، فلكي تدير الدولة علاقاتها الدولية فهي تحتاج إلى الدبلوماسية بمعناها الوظيفي ولا بد للمشتغل بها أن يدرس هذه العلاقات ولأن هذه الأخيرة واسعة النطاق اتسع بالتالي نطاق الدبلوماسية بحيث لم تعد مقصورة على الجانب السياسي من التعامل بين الدول بل امتدت إلى النواحي الاقتصادية والثقافية والإعلامية وغيرها، ومن هنا كانت دراسة العلاقات الدولية مفتاح الدبلوماسية الناجحة .

في حين يبقى القانون الدولي قانون يحكم سلوك وتصرفات كيانات مستقلة ليس لها من حيث المبدأ أية سلطة قانونية على بعضها البعض وبالتالي فإن القانون الدولي هو قانون تنسيقي أو رضائي، لا يعرف القسر المنظم إلا في حالات قليلة تكاد تكون محصورة[26] . هذا ما يبرر كون كثير من أحكام القانون الدولي المستقرة كانت عرفاً مثل أساليب المفاوضة، وعليه فإن للدبلوماسية دوراً فعالاً في تقريب وقائع كلاً من العلاقات الدولية و القانون الدولي[27].

وكون الدبلوماسية تتحرك ضمن أصول وقواعد عامة ملزمة للأطراف الدولية، فإن تقنين وتنظيم هذه القواعد ضمن أحكام ملزمة هي القانون بحد ذاته وبالتالي فالقانون الدبلوماسي هو ذلك الجزء الأساسي من الدبلوماسية و الذي لا يمكن لهذه الأخيرة أن تعمل وتمارس أهدافها إلا بالترابط مع أحكام القانون الدبلوماسي.

ومنه يعتبر القانون الدبلوماسي جزءاً من القانون الدولي العام وهو في ذات الوقت نتاج التاريخ وانعكاس لتقليد قديم، بامتلاك الدبلوماسية قواعدها العرفية والمكتوبة فإنها تملك أيضاً تاريخاً يعرف بالتاريخ الدبلوماسي والذي يهتم بوصف تطور العلاقات بين الدول، وهو على حد تعبير “لويس دوللو” لا يذكر سوى الأحداث الكفيلة بالتأثير في السياسة الخارجية الخاصة بكل منها، وبالمقارنة مع تاريخ العلاقات الدولية فالتاريخ الدبلوماسي يرتكز على تسلسل المفاوضات وعرض الحوادث في حين أن تاريخ العلاقات الدولية يبحث عن أسبابها ويدرس قواها العميقة، وإذا تم النظر من علو شاهق إلى التاريخ الدبلوماسي لأمكن تجميعه في سلسلة أحداث سائدة تتبلور في مرحلة زمنية معينة بتسوية دولية كبيرة[28].

تحمل كلمة دبلوماسية عدة معان مختلفة، فهي يمكن أن تستخدم كمرادف للمفاوضة وما يتبع ذلك من مراسيم ومجاملات وأساليب اللياقة ويمكن أن تستخدم كمرادف للسياسة الخارجية وما تعنيه من تنفيذ وإعداد لها[29] ، وتستخدم بمعنى الجهاز الذي يدير الشؤون الخارجية للدول، وأيضاً قد تعني مهنة رجل السياسة .

غير أن هذه المعاني المختلفة لكلمة دبلوماسية تبقى في إطار الوصف إذا لم يتم إعطاؤها المعنى العلمي الصحيح الذي يجدد أصولها وأساليبها وقواعدها التي تنظم علاقات الأمم والشعوب والدول بعضها ببعض، لذا فمن الضروري تحديد مفهومها وأسلوبها سواء كان في النظرية أم في الممارسة وسواء كان ذلك في الماضي أم الحاضر.

في الحقيقة فإن المجال الدبلوماسي بصفة عامة والدبلوماسية بصفة خاصة هو شاسع ومتعدد المعاني وهو نقطة التماس بين علوم مختلفة وتخصصات متنوعة،  “ليلى المسعودي” و نظراً إلى شساعة المفهوم -الدبلوماسية – ترى أنه يتطلب ضبطاً وتركيزاً ولكي يتم تعريف الدبلوماسية من الناحية اللغوية فيجب التطرق له من ثلاثة زوايا: الزاوية التأثيلية، الزاوية السياقية والزاوية الموسوعية[30] .

ǁ. مدلول الأزمة وإدارتها في القانون الدولي العام

 رافقت الأزمات والكوارث الإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض وتعامل معها وفق إمكاناته المتاحة للحد من آثارها أو مارس دور المتفرج إن تجاوزت الأزمة قدراته وإمكاناته المحدودة، ورغم أهمية علم إدارة الأزمات والكوارث إلا أن الباحثين لم ينتبهوا إلى أهمية هذا الحقل المعرفي إلا في العصر الحديث نتيجة تعدد الأزمات من ناحية وارتفاع الأصوات التي ما فتأت تنادي بأن شيئاً ما يجب أن يتخذ تجاه أحداث المفاجئة تفادياً لآثارها المدمرة .

تعني الأزمة في اللغة العربية الشدة أو الضيق، وتأزم الشيء أي اشتد وضاق وهي لغة من أزم ويقال: أزمت عليهم السنة  أي اشتد قحطها ، وكذلك هو الصرخة والاحتجاج فيقال أزم على الشيء أزماً: عض بالفم كله عضاً شديداً، وقد تعني الضغط الزائد فيقال “أزم” الحبل ونحوه: أحكم فتله، وأزم الباب أي أغلقه ويقال كذلك أزم الفرس على اللجام، وتعني كذلك الخسارة والفاقد فيقال “أزمت” ألسنة أزماً: اشتد قحطها، والأزمة: القحط وتعني المواجهة فيقال أزم فلان على كذا: أزمة وواظب عليه[31].

والأزمة في قاموس “وبستر Webster  “هي نقطة التحول إلى الأحسن أو إلى الأسوأ في مرض خطير أو خلل في الوظائف أو تغيير جذري في حالة الإنسان للدلالة على أوضاع غير مستقرة[32].

ويعرفها قاموس “أكسفورد Oxford ” على أنها نقطة تحول أو لحظة حاسمة في مجرى حياة الإنسان، حيث تتسم بالصعوبة والخطر والقلق من المستقبل، ما قد يستلزم اتخاذ قرار محدد وحاسم في فترة زمنية محددة[33].

أما قاموس “مختار الصحاح” فيعرف الأزمة بأنها الشدة والقحط وأزم عن الشيء أي أمسك عنه، “والمأزم” المضيق وهو كل طريق ضيق بين جبلين مأزم وموضوع الحرب مأزم [34].

وتستخدم الأزمة “Wet-ji” في اللغة الصينية للدلالة على فرصة يمكن استثمارها لدرء الخطر، وهي تنقسم إلى كلمتين: الأولى” wet”  بمعنى خطر والثانية ji  بمعنى فرصة، فالأزمة في اللغة الصينية لفظ ذات دلالة، تستهدف تحويل ما تنطوي عليه من مخاطر إلى فرص لإطلاق القدرات الإبداعية حتى يتسنى إعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول البناءة لهذه الأزمة[35].

لذا فالأستاذ “إدريس لكريني” يعتبر الأزمة نقطة تحول في بنية دولية تتزايد معها احتمالات اندلاع المواجهة العسكرية وبين من تناولها ضمن مدرسة صنع القرار واعتبرها بمثابة موقف فجائي ينطوي على درجة خطيرة من التهديد ويضع صناع القرار أمام وضعية حرجة تتطلب اتخاذ قرارات دقيقة وفعالة .[36]

كما يعرفها “جون سباينر John Spanir  ” بأنها موقف تطالب فيه دولة ما بتغيير الوضع القائم وهو الأمر الذي تقاومه دول أخرى، مما يؤدي إلى درجة عالية الاحتمال لاندلاع الحرب[37]، أما “أمين هويدي” فيعرفها بصورتها العالمية أو الإقليمية بأنها مجموعة من التفاعلات المتعاقبة بين دولتين أو أكثر تعيش في حالة صراع شديد، يصل أحياناً إلى احتمال عال لنشوب الحرب ووقوعها، وفيها يواجه صاحب القرار موقفاً يهدد المصالح العليا للوطن ويتطلب وقتاً قصيراً للتعامل مع هذا الموقف باتخاذ قرارات جوهرية[38]، في حين يعتبرها “مايكل س لوند” بأنها مواجهة متوترة بين قوات مسلحة معبأة ومتأهبة، وقد تشتبك مع بعضها في تهديدات ومناوشات على مستوى منخفض من آن لآخر ولكنها لم تستخدم أي قدر كبير من القوة العسكرية، ويكون احتمال اندلاع الحرب فيها احتمالاً كبيراً – مثل أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962م – وإن وجدت هذه الحالة داخل الدولة الواحدة فإنها قد تتضمن عنفاً سياسياً مستمراً مثل أزمة كولومبيا في تسعينيات القرن الماضي [39].

  أما “ديزينج Diesting  “فقد عرف الأزمة الدولية بأنها  تسلسل تفاعلي بين حكومة دولتين أو أكثر في صراع شديد لا يصل إلى درجة حرب حقيقية ولكن يحتوي بين طياته بدرجة كبيرة احتمالية نشوب تلك الحرب .[40]

كما حاول “مايكل بريتشر Michael Brecher  “وعدد من أعضاء مجمع سلوك الأزمة الدولية صقل التعريف الذي وضعه هيرمان عن طريق تعديل بعض العناصر المفاهيمي واستبدالها بالأهداف ذات الأولوية العليا بالقيم، باعتبارها الأكثر أهمية، واضعين بذلك تعريفهم الخاص بالأزمة الدولية، وتم تعريفها على أنها موقف نشأ نتيجة تغير في البيئة الخارجية أو الداخلية للقرار السياسي.

وعليه ومن مجمل التعريفات السابقة يمكن تعريف الأزمة بأنها وصول عناصر الصراع في علاقة ما إلى المرحلة التي تهدد بحدوث تحول جذري في طبيعة هذه العلاقة مثل التحول من السلم إلى الحرب في العلاقات الطبيعية بين الدول والتفسخ في علاقات التحالف والتصدع في تماسك المنظمة الدولي .

لذلك يجب إتقان التعامل مع الأزمات الدولية كونها تقتضي وجود نوع خاص من القادة اللذين يتسمون بالعديد من المهارات منها الشجاعة والثبات والاتزان الانفعالي والقدرة على الاتصال والحوار وصياغة ورسم التكتيكات اللازمة للتعامل مع الأزمة.

وقد اختلف الكتاب بشأن تحديد مفهوم إدارة الأزمات فالبعض اعتبره أسلوباً إدارياً حديثاً نسبياً يطلق في حالة وقوع أزمة أو كارثة، ويستفيد من نظرية الأزمة في مواجهة الأزمات أو الكوارث بشكل إيجابي وسريع، وبالأسلوب المناسب وبأقل الخسائر الممكنة.

والبعض الآخر يعتبر إدارة الأزمات مسألة قائمة بحد ذاتها منذ القدم وكانت مظهراً من مظاهر التعامل  الإنساني مع المواقف الطارئة أو الحرجة التي واجهها الإنسان، ولم تكن تعرف آنذاك باسم إدارة الأزمات، وإنما عرفت بتسميات أخرى مثل براعة القيادة، أو حسن الإدارة حيث كانت هذه الممارسة هي المحك الحقيقي لقدرة الإنسان على مواجهة الأزمات، والتعامل مع المواقف الحرجة بما تفجره من طاقة إبداعية، وتحرض قدراته على الابتكار[41].

وبشيء من التبسيط فإدارة شيء ما تعني الأزمة بالمعنى الإجرائي [42] للمفهوم وبالتالي هي فعل أو رد فعل إنساني، فعل يهدف إلى توقف أو انقطاع نشاط من الأنشطة، أو زعزعة استقرار وضع من الأوضاع، بهدف إحداث تغيير في هذا النشاط أو الوضع لصالح مدبره، وهي في هذا الإطار موقف ينتج عن تغييرات بيئية مولد للأزمات، ويتضمن قدراً من الخطورة، والتهديد وضيق الوقت، والمفاجأة ويتطلب بالتأكيد أساليب مبتكرة و سريعة للتحكم فيه والسيطرة على تطورات الأحداث وهو ما يطلق عليه تقنية إدارة الأزمة [43].

هنالك متغيران أساسيان يحددان أنماط الأزمات الدولية هما قابليتها للتحكم وإمكانية حلها حلا وسيطا وتزداد قابليتها للتحكم كلما كانت بسيطة وغير مركبة أما الحل الوسط فهو رهن المصالح المشتركة لأطرافها وإن انتفت تلك المصالح تكون احتمالية احتواء الأزمة وحلها محدودة[44].

وعليه فإن إدارة الأزمات الدولية هي عملية وقف هدر المجهود والعمل على استغلال الفرص وتنظيم الأوقات بشكل يتناسب والعمل السياسي في الدولة والمسؤوليات السياسية في الدولة الموكلة لعدة أشخاص وعدة أقسام ووزارات في الدولة[45].

إن المفهوم البسيط لإدارة الشيء هو التعامل معه للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة بما يحقق مصالح القائم بالإدارة وبالتالي فإن إدارة الأزمات تعني التعامل مع عناصر موقف الأزمة باستخدام مزيج من أدوات المساومة – الضاغطة والتوفيقية بما يحقق أهداف الدولة ويحافظ على مصالحها الوطنية ، وهي أيضاً عبارة عن محاولة لتطبيق مجموعة من الإجراءات والقواعد والأسس المبتكرة، تتجاوز الأشكال التنظيمية المألوفة وأساليب الإدارة الروتينية المتعارف عليها وذلك بهدف السيطرة على الأزمة والتحكم بها وتوجيهها وفقاً لمصلحة الدولة[46].

وقد عبر إدريس لكريني عن إدارة الأزمة بأنها ذلك الفن في الإدارة وإمكانية السيطرة على الأحداث وعدم السماح لها بالخروج عن نطاق التحكم، وتنطوي إدارة الأزمة في السياسة الدولية على المحاولات الرامية إلى موازنة المجابهات أو المنازعات بقصد الحفاظ على المصالح المشتركة دون اللجوء إلى الحرب، وقد عرفها كذلك بأنها كيفية التعامل والتغلب على الأزمة بالأدوات العلمية المختلفة وتجنب سلبياتها والاستفادة منها مستقبلاً[47].

أما “نبيل إسماعيل رسلان” يتحدث على إدارة الأزمات بأنها أسلوب جديد نشأ في مجال الإدارة العامة Public Management  حيث مارسته الدولة والمنشآت العامة لمواجهة الظروف الطارئة والكوارث، ثم مارسته أيضاً المنشآت الخاصة كأسلوب للإدارة في مواجهة الأحداث والمتغيرات غير المتوقعة والمتلاحقة لإنجاز مهام عاجلة وحل مآزق طارئة[48].

أما “فاروق السيد عثمان”[49] ، “محمد رشاد الحملاوي” وَ “منى صلاح الدين”[50] فيتفقون على أن إدارة الأزمات هي معالجة الأزمة على نحو يمكن من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المنشودة والنتائج الجيدة وبالتالي فهي عملية إدارية ومستمرة تهتم بالأزمة المحتملة عن طريق رصد المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية المولدة لها، وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة للإعداد أو التعامل معها بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية، بما يحقق أقل قدر ممكن من الضرر للدولة وللعاملين فيها مع ضمان العودة للأوضاع الطبيعية في أسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة ممكنة مع استخلاص الدروس والنتائج المهمة لمنع حدوثها وتحسين طرق التعامل معها مستقبلاً، ومحاولة تعظيم الفائدة الناتجة عنها إلى أقصى درجة ممكنة  .

 وهناك من عرفها بأنها ذلك الجهد المبذول للسيطرة أو لاحتواء الأزمة الواقعة بين الأطراف المتصارعة ذات الدوافع السياسية والتي تكون على مستويين وهي الدولة أو شبه الدولة، وذلك من خلال إشراك طرف ثالث لإدارتها، وقد يتدخل هذا الأخير نتيجة لقلقه من آثار ترك الصراع، إذ تكون نتائجه مدمرة ومزعزعة للأطراف المعنية والشبه معنية وهو ما يسمى بــ “التصعيد الأفقي”، وقد يكون شديد العنف في الأدوات والأهداف وهو ما يسمى بــ “التصعيد العمودي”[51].   

أما “سيد أبو ضيف” أحمد فقد عرف إدارة الأزمات بأنها علم وفن تجنب مواجهة الحالات الطارئة والمفاجئة بسرعة وكفاءة وفاعلية عن طريق استخدام الوسائل العلمية في التنبؤ بالأزمة قبل وقوعها، بحيث تجعله قادراً على التعامل مع تلك الحالات بهدف المنع أو التخفيف من حدة التهديدات في حالة حدوثها، وذلك لصالح المنظومة المجتمعية من خلال التخطيط في ظل ظروف عدم التأكد المقترن مع ضيق الوقت بحيث يصبح أكثر قدرة على الرقابة والتحكم في الأخطار من خلال تنسيق عمليات المواجهة، والسيطرة على المواقف باستخدام كافة الوسائل والإجراءات والأنشطة والعمل كذلك على استخلاص الدروس والنتائج من تجربة الأزمة لمنع تكرارها[52].

وفي نظر “عبد الله عبد العزيز الفواز” فإن إدارة الأزمة هي القدرة على توجيه وسياسة الظروف المسببة للأزمات توجيهاً علمياً يقوم على التخطيط والتنظيم والرقابة والتقييم والبعد عن الارتجالية والعشوائية وانفعالات اللحظة نحو التغيير والانفراج تحت تكامل الجهود وتوظيف الخبرات والمعلومات والإمكانات المتاحة لرصد المتغيرات، واستخلاص النتائج والدروس لتلافي السلبيات ومعالجة الآثار المادية والاجتماعية والمعنوية الناجمة عنها[53].

في حين يعرفها “عبد السلام أبو قحف” بأنها مجموعة الاستعدادات والجهود الإدارية التي تبذل لمواجهة أو الحد من الآثار السلبية المترتبة على الأزمة[54].

أما “محسن الخضيري” أن مصطلح إدارة الأزمات يشير إلى كيفية التغلب على الأزمات بالأدوات العلمية والإدارة المختلفة، وتجنب سلبياتها، أو الاستفادة من إيجابياتها[55].

أما “رواد غالب سليقة” يركز على أن مفهوم إدارة الأزمات هو علم مؤسس كغيره من العلوم، يرتكز على مجموعة من الأسس والمبادئ العلمية والمفاهيم الخاصة، مما جعله علماً مختلفاً في أساليبه وتطبيقاته عن العلوم الإدارية الأخرى، هدفه التحكم في أحداث مفاجئة ومتفاقمة والتعامل معها، ومواجهة آثارها ونتائجها[56]، وهو علم يقوم على الدراسة والبحث والمعرفة والتجارب المستعارة والتخطيط. 

المحور الثاني: صور الدبلوماسية وإدارة الأزمات:

يتم التعبير عن إرادة الدولة من خلال جهاز معين أو عدد من الأجهزة بواسطة شخص أو مجموعة من الأشخاص، حيث يتولى القانون الداخلي لكل دولة تحديد الأجهزة أو الأشخاص الذين يمارسون اختصاصاتها باسمها.

ويجدر الذكر أن نقطة الانطلاق من مرحلة الدبلوماسية المؤقتة إلى مرحلة الدبلوماسية الدائمة كانت منذ عصر النهضة ولا سيما منذ اتفاقية ويستفاليا 1648 وذلك من خلال إيفاد واستقبال البعثات الدائمة .

وأخذت تتكاثر وتنتشر بين الدول بصورة منتظمة حتى عشية الحرب الأولى التي شكلت منعطفاً جذرياً في مسار تطور العمل الدبلوماسي، حيث بدأت مرحلة الدبلوماسية العلنية وأفول نجم مرحلة الدبلوماسية السرية، وبالتالي أخذت الدبلوماسية تنمو وتتطور ضمن عدة أشكال: فمن دبلوماسية سرية ثنائية أو جماعية تمارسها الدول فقط وتحكمها قواعد عرفية، إلى دبلوماسية علنية متعددة الأطراف والأشكال وتمارسها ليس فقط الدول بل المنظمات الدولية والإقليمية أيضاً بين بعضها البعض وبينها وبين الدول، وتحكمها قواعد مكتوبة نظمت وقننت أحكامها اتفاقيات أبرمتها الدول والمنظمات فيما بينها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وتعتبر الدبلوماسية هي نوع من الأنواع التي تستخدم في إدارة الأزمات بصفة عامة والدولية بصفة خاصة، ولما كانت الأزمة فعلاً إنسانياً بحتاً فإن نجاح إدارتها، يكون الإنسان له دور فيه اعتماداً على مقومات هذا  الإنسان أو المجموعة القائمين عليها، ومن هذا المنطلق ركزت الدراسات الخاصة بإدارة الأزمات على طرق إدارة الأزمات الدولية وأن اختلافها وتنوعها قد يأتي عادة بنتائج مختلفة تبعاً لمصلحة الشخص الذي يدير الأزمة[57] .

إن طريقة عمل الدبلوماسي تتدخل فيها الطبيعة العضوية والموضوعية للدبلوماسية “ǀ” خاصة إذا ما تعلق الأمر بالأزمات وطرق إدارتها “ǁ”

ǀ. الطبيعة العضوية والموضوعية للدبلوماسية

تضم أجهزة الدولة المركزية أو الرئيسة المختصة في العلاقات الدبلوماسية كل من رئيس الدولة، رئيس الحكومة في الأنظمة التي يتميز بها رئيس الحكومة عن رئيس الدولة من حيث الفعالية و وزير الخارجية، حيث إن وظيفة الأجهزة المركزية من الناحية النظرية هي صنع السياسة الخارجية للدول ومن الناحية العملية فهي تمارس الدبلوماسية سواء عبر مؤتمرات القمة أو المؤتمرات الدولية، أو عبر الجمعيات العمومية للمنظمات الدولية أو عن طرق ثنائية أو متعددة .

إن الدولة كجهاز يتمتع بالشخصية المعنوية فإنها تحتاج لمجموعة من الأعضاء من أجل إدارة شؤونها الداخلية والخارجية. وبما أن الإدارة الداخلية للدولة تختلف عن الإدارة الخارجية لها، فإن الطبيعة العضوية تختلف لهذه ؛ فإذا كانت أعضاء الإدارة الداخلية واضحة، فإن أعضاء الإدارة الخارجية قد يشوبها بعض الغموض ، والتي يمكن إجمالها في رئيس الدولة  ورئيس الحكومة بالإضافة لمؤسسة وزارة الخارجية الممثلة في رئيسها وهو وزير الخارجية وأعضاء السلك الدبلوماسي خارج البلاد .

ولما كان رئيس الدولة بوصفه رئيس السلطة العليا في البلاد وممثلها الأول في مواجهة الدول الأخرى، فقد جرت العادة على أن تبلغ الدول الأخرى بوصول رئيس الدولة إلى الحكم وتسلمه منصبه لا سيما إذا كان قد تسلم منصبه عن طريق الثورة أو الانقلاب، إذ في هذه الحالة يصبح الاعتراف ضرورياً بالنظام الجديد وبرئيس الدولة حتى لا تتأثر العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين[58].

يلاحظ أنه مع سيطرة النظام الديمقراطي البرلماني أو النظام الرئاسي، أصبح رئيس الدولة يمارس صلاحياته في نطاق ما يقره الدستور وما يقره العرف الدولي بالنسبة للأعمال التي يقوم بها خارج إقليم دولته، ولكن عندما يمارس رئيس الدولة صلاحياته خارج الإقليم ويقوم بأعمال على الصعيد الدولي إزاء الدول الأخرى، فهناك عدة تساؤلات تطرح ، حيث يتقيد اختصاص رئيس الدولة في ميدان العلاقات الدولية بالأحكام الواردة في دستور دولته، وفي الأنظمة الرئاسية يعتبر رئيس الدولة السلطة المختصة بتكوين إرادة الدولة في ميدان العلاقات الدولية وميدان إدارة الأزمات الدولية خصوصاً تلك الأزمات التي ترتبط بمصالح بلاده بشكل مباشر، ويعلن هو عن هذه الإرادة بنفسه أو بمن ينوب عنه.

أما في الأنظمة البرلمانية فيقتصر دور رئيس الدولة على إعلان إرادة الدولة التي تم تكوينها بمعرفة رئيس الحكومة والأجهزة الأخرى المختصة.

أما البلاد التي يسود فيها الحكم المطلق أو النظام الدكتاتوري ينفرد فيها رئيس الدولة بكل الشؤون التي تتصل بعلاقاتها الخارجية ويتصرف فيها وفق ما تمليه عليه وجهة نظره دون معقب [59].

كما أن لرئاسة الحكومة دور في الدبلوماسية فهذه البادرة تبدو طبيعية بالنسبة إلى النظام الرئاسي، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، فرئيس الدولة هو في نفس الوقت رئيس الوزراء، وهو الذي يرسم سياسة دولته الخارجية والداخلية على السواء، لذا فإنه يباشر المفاوضات الدبلوماسية إذا شاء ويحضر المؤتمرات الدولية بنفسه إذا قرر ذلك .

ولكن الأمر يختلف في النظام البرلماني، ومع هذا فأننا نشاهد أكثر فأكثر سواء من حيث النصوص أو من حيث التعامل أن منصب رئيس مجلس الوزراء أخذ هنا يطغي على وظيفة وزير الخارجية فيحل محله في إطلاق البيانات والتصريحات، ويذهب بنفسه لحضور كثير من المؤتمرات، ويتكلم في جلسات المنظمات العالمية والهيئات الإقليمية، ولو كان لم يتسلم حقيبة وزارة الخارجية عند توزيع الحقائب الوزارية على أعضاء الوزارة. وفي كثير من البلدان خول الدستور رئيس مجلس الوزراء كثيرا من صلاحيات رئيس الدولة  .كل هذا يجعل من رئيس الوزراء في النظام النيابي في وضع مماثل من حيث الأهمية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي، ويبرر مباشرة رئيس الوزراء النيابي المهام الدبلوماسية أسوة برئيس الدولة في النظام الرئاسي[60].

إن أول زيارة يقوم بها الممثل الدبلوماسي عقب تقديم أوراق اعتماده يجب أن تكون لرئيس مجلس الوزراء، تلك هي زيارة مجاملة قد تعقبها زيارات من هذا القبيل، ولكن قد تقضي الظروف بأن يقوم الممثل بزيارة رئيس الحكومة من أجل إطلاعه على قضية تهم الدولة، كما أن للرئيس دعوته لمقابلته من أجل الإطلاع على قضية كهذه. ولكن الأصل أن يكون هناك ظرف استثنائي كحالة استعجال، أو مبرر قانوني كغياب وزير الخارجية مثلا، أو في حال ما إذا لم يتمكن الممثل من إقناع وزير الخارجية بوجهة نظره في قضية هامة فيلجأ إلى رئيسه كمحاولة أخيره في سبيل التوصل معه إلى نتيجة حاسمة ناجحة، وعندما يتولى رئاسة الوزارة شخص ذو وزن كبير يحدث أحياناً أن يباشر العلاقات مع رجال السلك الدبلوماسي فيستدعيهم إلى حضرته ويناقش و إياهم في الشؤون التي يعود أمر البحث فيها في الأصل إلى وزير الخارجية، ومثل هذا الظرف يشكل بالنسبة إلى الممثل امتحاناً قاسياً، لأن عليه عندئذ أن يحافظ على كرامة وزير الخارجية ويعمل على التوازن بينه وبين رئيسه حتى يبقى على صلات حسنة مع كل منهما[61].

كما أن لوزير الخارجية دور كبير في إدارة الشؤون الخارجية وذلك كون وزارة الخارجية تعتبر  في الوقت الحالي من أهم إدارات الدولة، نتيجة لتطور المجتمع الدولي واتساع محيط العلاقات الدولية فيما بين الدول بعضها البعض من جهة وبين المنظمات الدولية المختلفة من جهة أخرى. ويتعين أن يكون وزير الخارجية شخصاً ذا خبرة بمجريات الأمور الدولية واتجاهات السياسة الدولية لدولته إضافة للدول الأخرى وأن يكون على قدر عالي من الكفاءة والحنكة والخبرة ما يؤهله لإدارة هذا القطاع الحساس من قطاعات الدولة[62].

ويستمد وزير الخارجية أهميته من رئاسته لأهم جهاز ذي صلة بالشؤون الدولية وهو وزارة الخارجية، وتعتبر وزارة الخارجية من المصادر الرئيسة للمعلومات الخارجية، إدارة مهمة لتنفيذ السياسة الخارجية للدولة إضافة إلى اعتبار وزارة الخارجية من أهم الأجهزة في حل النزاعات الدولية نظراً لأنها هي المعنية والمسؤولة عن علاقات الدولة مع المجتمع الخارجي لها سواء دول، منظمات، جهات أو غيرها ، إضافة إلى أنه ولكي تتمكن الوزارة من حل الأزمات الدولية خاصة الثنائية منها فهي بحاجة إلى تقارير ومعلومات تقوم السفارات المعتمدة لدى الدول الأخرى بإرسال تقارير مفصلة ومستمرة عن أوضاع الدول التي توجد بها، وبعد وصول هذه التقارير يتم تحليلها عن طريق خبراء مختصين موزعين على

كما أن الدبلوماسية تمارس كذلك من طرف البعثة الدبلوماسية ، ويقصد بالمبعوث أو الممثل الدبلوماسي في القوانين الدولية بأنه الشخص الذي يقوم بتمثيل دولته في الخارج بصفة دائمة في كل ما يمس علاقاتها الخارجية مع الدولة المعتمد لديها[63]، ويعرفه “علاء أبو عامر” بأنّه موظف كسائر موظفي الدولة، یعهد إليه بتمثيل بلاده في الخارج والقيام بمراسم المجاملات التي تقتضيها المناسبات[64] .

أما البعثة الدبلوماسية الدائمة فهي الصيغة الأكثر شيوعاً للتبادل الدبلوماسي بين الدول ولإقامة العلاقات بينهم، والبعثة الدبلوماسية هي في حقيقتها مرفق عام من المرافق التابعة للدولة الموفدة تسهر على إدارة العلاقات الخارجية وتمثيل الدول في الخارج، فالبعثة الدبلوماسية الدائمة عبارة عن جهاز دائم الغاية منه تمثيل دولة لدى دولة أخرى، وهي جهاز مستقل تماماً عن شخص الأفراد العاملين تحت مظلتها، فليس متصوراً البتة أن تختلط البعثة بصفتها هذا شخص أفرادها، فهي وحدة مستقلة تماماً عن الأشخاص المكونين لها ولكنها ليست منفصلة عن الدولة التي أوفدتها[65].

تضم البعثة الدبلوماسية الدائمة مجموعة من الأفراد الموظفين ويكون على رأسها شخص مسؤول هو صاحب السلطة الرئاسية في مواجهة موظفي البعثة وأفرادها.

كما أنه ومما زاد من أهمية الدبلوماسية تنوع أنماطها وتعدد أشكالها وأساليبها فهي لم تعد ذلك النمط التقليدي المتمثل بشخصية السفير أو بنشاط البعثة الدبلوماسية وإنما توسعت وأخذت أشكالا وأنماطا وأساليب مختلفة، حيث توجد هناك دبلوماسية من حيث عدد الأطراف المشاركة فيها؛ الدبلوماسية الثنائية[66]،والتي تعتبر من أشكال النشاط الدبلوماسي الذي تمارسه كل الدول في هذا العصر الذي يتسم بظاهرة تنامي الشعور بالتعاون الدولي ونمو روح المصالح المشتركة بين الأمم، الأمر الذي يفرض على الوحدات الدولية ضرورة التفاعل في حركية الاعتماد المتبادل  ولا تزال الدبلوماسية الثنائية[67]                    ” Bilateral diplomacy” تشكل ركيزة أساسية في التعامل الدولي وذلك لاعتبارات[68]، والدبلوماسية متعددة الأطراف  ” Multilateral Diplomacy “

لا نستطيع القول بأن هذه الدبلوماسية تمثل صورة جديدة تماما في التعامل الدولي، فقد شهدت العصور القديمة والوسطى اتصالات متعددة الأطراف[69] وقد بدأت ملامح هذه الدبلوماسية في الظهور في العصور الحديثة مع انعقاد مؤتمر وستفاليا عام 1648[70]، و مؤتمر أوترخت[71] عام 1713 وما تمخض عنهما من نتائج، وبرزت الدبلوماسية متعددة الأطراف[72] إن النظرة الموضوعية لهذه الدبلوماسية تبين أنها أدت إلى عدة نتائج رغم ما انطوت عليه من سلبيات و خاصة  إرساء أسس القانون الدولي من خلال وضع القواعد المختلفة المتعلقة بالسلم والحرب وتبادل الأسرى، والحياد وحقوق المحايدين وواجباتهم ،وضع الأسس الثابتة لنظام المؤتمرات الدولية من خلال القواعد و الإجراءات الخاصة بانعقاد المؤتمرات وما يرتبط بها من أجهزة[73] .

ǁ. الأزمات وطرق إدارتها

إنه وكما سبقت الإشارة إليه فإن الأزمة تختلف صورها؛ ولذلك وطبقاً لنظرية السببية فإن طرق إدارة هذه الأزمة تختلف بدورها، فالأزمة المدارة بأسلوب إنساني مثلاً ليس لأن الساهرين على الشأن الدبلوماسي بالدولة يفضلون المجاملة الدولية لكن لأن طبيعة هذه الأزمة لا يمكن أن تتم إدارتها إلا عن طريق هذا الأسلوب وإلا ستكون إدارة مشوهة وغير هادفة، لهذا كان من الواجب التطرق إلى بعض الأزمات الدولية ودراسة طريقة إدارتها .

إن النزاع القطري البحريني على “جزر حوار” وباعتباره صورة تطبيقية من صور الأزمة وكيفية إدارتها حيث إن تاريخ مشاكل الحدود الإقليمية بين قطر والبحرين يعود إلى عام 1859م وذلك عندما هددت قطر بغزو البحرين بتشجيع من الحكام الأتراك في “إقليم الأحساء”، مما دفع الأسطول البريطاني إلى الدخول إلى السواحل القطرية وتحطيم كل السفن التي زعموا أنها أعدت لذلك الهجوم الذي لم يحدث.

بدأ أول خلاف فعلي بين الدولتين على ملكية “منطقة الزبارة” قرب الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة قطر، غير أن قطر وضعت يدها على “منطقة الزبارة”، ولم يحدث أن ألغت البحرين مطالبتها بالمنطقة، ومجموع الجزر المطالب بها هو 16 جزيرة غير مأهولة أكبرها وأهمها حوار التي تقع على بعد 2 كم من الشاطئ الغربي لقطر قريباً من أحد حقول النفط القطرية، ويقال أنه يمكن الوصول إليها من قطر سيراً على الأقدام في حالات الجزر الشديدة للبحر، وقد أثبتت الدراسات وجود احتياطي من الغاز بحوالي 150 مليون قدم مكعب في حقل غاز “القبة الشمالية” التي تقع على بعد 15 كم من هذه المنطقة، كما يوجد حقل غني بالنفط في منطقة الرصيف القاري المجاور لهذه المنطقة[74].

في ثلاثينيات القرن الماضي نشب خلاف تحول فيما بعد إلى أزمة بين الدولتين وذلك حول الامتيازات النفطية بين شركة بترول البحرين وشركة البترول القطرية المحدودة، وعندما أنشأ حاكم البحرين وحدة عسكرية صغيرة على جزر حوار عام 1936م تقدم حينها حاكم قطر بشكوى إلى المندوب البريطاني في البحرين ومن ثم قام كلا الطرفين برفع مطالباتهم بملكية الجزر إلى بريطانيا التي أقرت بملكية الجزر للبحرين الشيء الذي رفضته قطر جملة وتفصيلاً، وطالبت بملكيتها للجزر وكانت هذه الأزمة سبب عدم إمكانية ترسيم الحدود بين البلدين، غير أن الوجود البريطاني في كلتا الدولتين قلل من فرص الاحتكاك فيما بينهما، ومنذ سنة 1967 م إلى سنة 1981 م كان هناك مد وجزر بين الدولتين على ملكية هاته الجزر، وحينما أنشا مجلس دول التعاون الخليجي سنة 1981م الذي كانت كل من قطر والبحرين من أعضائه وقبلت كلا الدولتين تدخل المجلس في حل الأزمة بقيادة المملكة العربية السعودية، ومع ذلك استمرت الأوضاع بالتوتر بين البلدين وخصوصاً عندما صعدت قطر الأزمة باحتجاز 29 عاملاً أجنياً كانوا يعملون في إنشاء محطة لقوات حرس السواحل البحرينية، على إحدى الجزر المتنازع بينهما، الشيء الذي صعب على مجلس دول التعاون الخليجي حله ليؤدي ذلك إلى اقتراح سلطنة عمان عرض النزاع على التحكيم الدولي[75].

وفعلاً في 8 يوليو عام 1991 صدر إعلان عن محكمة العدل الدولية مفاده أن دولة قطر  طلباً بإقامة إجراءات قانونية ضد البحرين نظرا لمخالف الحدودي بين الدولتين يتعمق بالسيادة على “جزر حوار” وَ “فشت الديبل” وقطعة جرادة وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بينهما ، وقد أقرت قطر في طلبها اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر والحكم في الخلاف الحدودي وذلك بمقتضى الاتفاقيتين اللتين وقعتهما كل من قطر والبحرين في كانون الأول عام 1987 و كانون الأول عام  1990 ، أما مجلس دول التعاون الخليجي فقد كان يفضل حل النزاع ودياً دون عرض النزاع على تحكيم دولي نظراً لأنها أزمة عربية خليجية ، وعليه قام أمير قطر بزيارة إلى البحرين عام 1999م جاءت بعدها زيارة ولي عهد البحرين إلى قطر عام 2000م وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على النزاع قبل أن تباشر محكمة العدل الدولية بحث الخلاف، وفي 16 مارس 2001م.

تبدأ الحدود البحرية بين قطر والبحرين من نقطة تقاطع الحدود البحرية للسعودية، من جهة والبحرين وقطر من جهة أخرى، وتتبع الحدود اتجاهاً شمالياً ثم تنعطف مباشرة في اتجاه شرقي تمر بعدها بين “جزيرة حوار” و “جنان” وتنعطف بعدئذ إلى الشمال، وتمر بين “جزر حوار” وشبه جزيرة قطر، وتستمر في اتجاه شمالي لتمر بين “منطقة جرادة” و “فشت الديبل” ، تاركة قطعة “جرادة” على الجانب البحريني و”فشت الديبل” على الجانب القطري وتستمر الحدود في الاتجاه شمالاً بطريقة الأبعاد المتساوية حتى نقطة تلاقي الحدود البحرينية القطرية مع الحدود الإيرانية.

يلاحظ من خلال دراسة هذه الأزمة أنه تم استعمال التقاضي أمام محكمة العدل الدولية كأسلوب لإدارة هذه الأزمة، وقد نجح هذا الأسلوب في فك أزمة جزر حوار غير أنه لا يمكن الجزم بالنجاعة الدائمة لهاته الطريقة التدبيرية ، وكمثال على ذلك نجد فشل التقاضي في حل أزمة الصحراء المغربية حيث لم يتم الأخذ بعين الاعتبار الرأي الاستشاري لنفس الجهة القاضي بأن الصحراء المغربية كانت أرضاً خلاء[76].

أما فيما يخص كيفية إدارة الأزمة اليمنية “الأرتيرية” حول “جزر حنيش” تعتبر الحدود اليمنية “الأرتيرية” حدوداً متقابلة في البحر الأحمر ولم يجر إلى الآن تحديد المنطقة الاقتصادية لكل من الدولتين، يوجد في هذا النطاق من البحر الأحمر الواقع بين اليمن و”أرتيريا” ثلاث “أرخبيلات” من الجزر، يشمل كل منها عدداً من الجزر الكبيرة ومئات الجزر الصغيرة، وعلى مقربة من الساحل الشرقي توجد مجموعة جزر “فرسان” على الحدود السعودية اليمنية، أما في الغرب فهناك “أرخبيل” جزر “دهلك” قبالة الساحل “الأريتيري” الشمالي، وفي الجنوب هناك “أرخبيل” جزر “حنيش” الذي يتكون من مجوعة من الجزر الصغيرة والكبيرة ومن أهمها: “أبو عيل”، “رقر”، “حنيش الصغيرة”، “حنيش الكبيرة”، “الزاوية”، “الدائرية”، “سيول حنيش”، “العالية”، “هاربي”، “سيال” ، تكمن أهمية هذه الجزر في موقعها الاستراتيجي فهي تتحكم في مدخل مضيق “باب المندب”، ومن هنا جاءت أهميتها كموقع مهم يمكن التحكم من خلاله في حركة المرور عبر المضيق الذي يربط الغرب بالشرق، وتمر عبره ناقلات النفط في طريقها إلى قناة السويس شمالاً [77].

وقد كانت أهمية هذه الجزر في السابق تكمن في أنها تؤمن الاتصال البشري بين البرين الآسيوي والإفريقي كونها تشكل جسراً من الجزر المتتابعة التي تسهل حركة العبور من اليمن إلى “الحبشة” وبالعكس، ولاشك أن هذا ساعد على تبادل الهجرات واللغات والثقافات والديانات والأعراف، مما جعلها في الساحل اليمني تحمل الطابع الإفريقي بوضوح في عروقه وبشرته، كما أن الجاليات الإفريقية على الساحل “الأريتيري” خاصة “الدناكل” فتظهر عليهم الدماء العربية الموجودة على الساحل اليمني.

لم يكن لهذه الجزر من أهمية تذكر ولم تكن اليمن أو أثيوبيا أثناء احتلالها إلى أرتيريا تعير هذه الجزر أدنى اهتمام، ولم يكن لكلا الدولتين أي قوى عسكرية بها، فجميع هذه الجزر خالية من السكان تقريباً فيما عدا بضعة أشخاص يقومون بتشغيل”المنارة” الموجودة على جزيرة أبو “عيل” الواقعة على بعد 5.4 كم شمال شرق جزيرة “زقر”، وكان يشرف على تشغيل هذه “الفنارة” شركة أثيوبية تقوم بالإشراف عليها بالاتفاق مع اليمن، وتأتي أهمية جزيرة أبو علي “أبو عيل” من موقعها الذي يشرف على المجرى الملاحي الواقع بينها وبين جزيرة “زقر”، والذي يعرف باسم “قناة أبو علي” أو “ممر أبو علي” وهو مجرى عميق وخال من العقبات الملاحية ، بدأت تظهر أهمية هذه الجزر على المسرح السياسي بعد حرب عام 1967 م، وظهور العمل الفدائي الذي ركز على ضرب المصالح الإسرائيلية في داخل فلسطين المحتلة وخارجها، ففي عام 1971 م، قامت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين بالهجوم على ناقلة نفط إسرائيلية “Coral Sea” وهي تعبر مضيق “باب المندب”، فقامت إسرائيل وباتفاق ضمني مع إثيوبيا منذ منتصف عام 1972م، بإقامة محطة لاسلكي ورادار في بعض هذه الجزر لخدمة أغراضها العسكرية الإستراتيجية، وتأمين ناقلات النفط الإيراني الذي كان يصدر إليها أيام حكم الشاه[78].

كما سعت إسرائيل إلى توطيد علاقاتها بإثيوبيا التي كانت تسيطر على أريتيريا وذلك من أجل تأمين مصالحها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وخاصة لحاجتها الماسة لتأمين ملاحتها البحرية لذا توصلت إلى اتفاق مع إثيوبيا عام 1973 لاستئجار جزيرة “رأس سنتيان” في البحر الأحمر لإقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية.

وقد توصلت إسرائيل إلى اتفاق مع أريتريا لإقامة قواعد عسكرية إسرائيلية مزودة بالأسلحة المختلفة في مدن “أسمرة” و”دنكاليا” و “سنهين”، وقد ارتفع عدد هذه القواعد عام 1996، إلى ستة قواعد يرابط فيها أكثر من ثلاثة آلاف جندي إسرائيلي، وقد قامت إسرائيل ببناء قاعدة عسكرية ومطار في جزر “دهلك” التي تسيطر عليها منذ عام 1990 ، حيث جددت عقد استئجارها كما جددت عقد استئجار جزيرة “رأس سنتيان” الذي أبرمتها مع أثيوبيا عام 1973م، وقد قامت أيضاً بتجهيز مرفأ في جزيرة “فخرة” لاستقبال السفن الحربية الإسرائيلية، وآخر في جزر “موسى” وهي جزيرة تقع جنوب ميناء “عصب”، الذي يقع بجواره جبل “سوركين” الذي يحوي راداراً ضخماً لمراقبة السفن التي تمر عبر باب المندب، ومن الجدير بالذكر أن هذه الجزيرة والجبل تقعان في محاذات جزيرة “ميون” اليمنية، وتعتبر هذه المنطقة من أضيق المناطق بين الشاطئ الأريتري وجنوب اليمن، وتقع في هذه المنطقة جزيرة “فاطمة” التي يوجد بها مصنع إسرائيلي لتعليب السمك وحامية عسكرية إسرائيلية، إضافة إلى الوجود العسكري الإسرائيلي في جزيرة طالب عند مدخل البحر الأحمر، وهناك ما يزيد على 600 مستشار يرابط معظمهم في ميناء “مصوع” لمراقبة التحركات في جنوب البحر الأحمر، ويتولى هؤلاء مهمات عديدة منها تدريب وتسليح القوات الأريترية، وتحديث المنظومة الدفاعية البحرية والجوية في الساحل الأريتري[79].

لقد كان لهذا الوجود المكثف أثره البالغ في تعكير صفو العلاقات بين أريتريا من جهة وكافة الدول العربية من جهة أخرى، كما ساهم في عدم انضمام أريتريا إلى المجموعة العربية وإلى جامعة الدول العربية، وإلى تنكر أريتريا لكافة المعونات الاقتصادية والدعم السياسي التي قدمتها الدول العربية للثورة الأريترية، غير أن الأثر الأكبر للوجود الإسرائيلي هو تشجيع أريتريا على الاستيلاء على جزر “حنيش” ووضعها تحت إدارتها، ومن ثم زيادة النفوذ الصهيوني فيها.

في نوفمبر عام 1995م اتهمت الحكومة اليمنية دولة أريتيريا بإنزال قوات عسكرية في جزيرة حنيش الكبرى، وأرسلت قوات يمنية إلى هذه الجزيرة، وفي 15 ديسمبر اندلع القتال بين اليمن واريتريا على أرض الجزيرتين حنيش الكبرى والصغرى، وقد احتلت القوات الاريترية كامل الجزيرتين، وأسرت معظم أفراد القوة اليمنية، ثم اتفق الجانبان على وقف إطلاق النار إثر تدخل فرنسا كوسيط بين الطرفين، وقد اقترحت فرنسا على الدولتين اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتقرير حق السيادة على أرخبيل “حنيش”، وفي 1 مايو 1996 م  أعلنت فرنسا موافقة الحكومتين على التحكيم، وأن الطرفين سوف يقبلان بحكم المحكمة الدولية مهما كانت النتائج، ولقد قدمت الدولتان مرافعاتهما أمام محكمة العدل الدولية.

إنه وبعد فشل الحل العسكري تم اللجوء إلى رفع القضية أمام محكمة العدل الدولية من أجل إدارة أزمة حنيش ويلاحظ، أن طريقة التقاضي لعبت مرة أخرى دور فعال وحاسم في إدارة الأزمات الدولية وخصوصاً أزمة حنيش.

كما أنه من الأزمات التي يستوجب دراسة طرق إدارتها نجد مشكلات الحدود السورية – التركية “لواء الإسكندرية” تعد المنطقة المعروفة بلواء الإسكندرية  الواقعة بين سوريا وتركيا منطقة نزاع حدودي منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، ومنطقة الإسكندرية والتي يطلق الأتراك عليها اسم منطقة “هاتاي” تقع على البحر المتوسط جنوب تركيا وشمال غرب سوريا وتمتد على طول 120 كم من الشمال إلى الجنوب و 90 كم من الشرق إلى الغرب، ويشمل خليج الإسكندرية وبحيرة أنطاكيا ويجري في أراضيها نهر العاصي في مجراه السفلي قبل مصبه في البحر المتوسط في جنوب غرب مدينة أنطاكية.

بموجب اتفاقية “سايكس بيكو” في عام 1916 وضعت سوريا تحت الوصاية الفرنسية وحينما عقد الحلفاء مؤتمر سنان ريمو عام 1920 بعد الحرب العالمية الأولى أقروا أن تصبح سوريا تحت الانتداب الفرنسي، وقد اعتمد ذلك بموجب اتفاقية لوزان 1923 م التي أقرت السيطرة الفرنسية على سوريا[80].

لقد أعلن الجنرال “غورو” قائد الحملة الفرنسية على الشام عام 1920 تقسيم منطقة الانتداب الفرنسي إلى أربع وحدات سياسية هي: لبنان الكبير، منطقة حلب “وتشمل منطقة الإسكندرية” ومنطقة اللاذقية ثم منطقة دمشق، وقد عينت فرنسا إدارة مستقلة لكل منطقة من المناطق السابقة مستخدمة منطق الاستعمار “فرق تسد” [81].

كانت منطقة الإسكندرية تابعة لولاية حلب، ولكن تركيا كانت ترى أن هذه المنطقة هي أراضي تركية بحجة أن غالبية سكانها من الأتراك، في حين يقطن هذه المنطقة بالإضافة إلى الأتراك عدد كبير من العرب “العلويين” إضافة إلى عناصر كردية وأرمنية، وبحلول 1936 م تم الاتفاق بين فرنسا  وممثلي سوراي على توقيع المعاهدة الفرنسية – السورية التي نصت على وحدة سوريا السياسية التي تضم مناطق حلب واللاذقية ودمشق في دولة واحدة، وقد أعلنت تركيا اعتراضها على هذه المعاهدة وأعلنت رفضها لأن تكون منطقة الإسكندرية جزءاً من سوريا .

لقد استمر التوتر قائماً بين تركيا وفرنسا حول منطقة الإسكندرية، وأعلنت تركيا أن غالبية سكان المنطقة هم من الأتراك، لذا يجب أن يلحق الإقليم بالإدارة التركية، وفي عام 1937 م وحينما كانت الحرب العالمية الثانية على الأبواب وجدت فرنسا أنها بحاجة إلى تأييد تركيا في الحرب، فاقترحت إعطاء الإقليم حكماً ذاتياً على أن تتولى سوريا مسؤولية الاقتصاد  والعلاقات الخارجية، وقد وافقت عصبة الأمم على هذا الاقتراح في حين رفضته تركيا، وفي عام 1939 م عقدت معاهدة بين تركيا وفرنسا تنازلت بمقتضاها فرنسا على لواء الإسكندرية ليكون تابعاً لتركيا، وذلك بعد أن ظهرت بوادر قيام الحرب العالمية الثانية، والتي كانت فرنسا تسعى لتأييد تركيا فيها، وقد كانت فرنسا ترى أن تنازلها على الإسكندرية هو مكافأة لتركيا لكسبها إلى جانب الحلفاء، أما سوريا فقد رفضت المعاهدة ولم تعترف بالضم، ولازالت تعتبر الإسكندرية جزءاً من سوريا تطلق عليه اسم “اللواء السليب”[82].

لقد فقدت سوريا جزءاً مهماً من ساحلها على البحر المتوسط، وأصبحت قضية لواء الإسكندرية حجر عثرة في طريق تطوير وتحسين العلاقات التركية – السورية خلال نصف القرن الماضي، وعلى الرغم من أن الأمل ضعيف جداً في استعادة الحقوق السورية في المنطقة، إلا أن سوريا لم يحدث أن قبلت بانفصال الإقليم، ويظهر هذا الإقليم دوماً على الخرائط السورية وأصبح لواء الإسكندرية محل نزاع كامن بين الطرفين، فبالرغم من أن المشكلة تختفي تحت السطح لاعتبارات عديدة لا تسمح بإثارتها من قبل سوريا في الوقت الحاضر، إلا أنها تعد مشكلة قابلة للانفجار في أي وقت، تبعاً لسير الأحداث بين الدولتين وللظروف المحيطة بكل منهما، ويزيد من تعقيد العلاقات السورية – التركية اختلاف الدولتين حول تقسيم مياه الفرات، الذي تستخدمه تركيا ورقة ضغط دائم عل كل من العراق وسوريا[83].

إن أزمة تركيا وسوريا هي أزمة من نوع خاص حيث تضم مجموعة من الاعتبارات منها ما هو طبيعي كمشكل منبع الماء ومنه ما يمس بانتماء السكان ومن تبعية الأراضي التي يعمرونها هؤلاء السكان وبالتالي فإن طرق الإدارة لهذه الأزمة لها طابع خاص خاصة ما تمر به سوريا حالياً فقد ارتأت تدبير الأزمة عن طريق التدبير السلبي لها كونها لم تدخل مع تركيا في مشادات أو ما شابه ذلك بل تركت الأزمة على ما هي عليه إلى وقت لاحق وذلك لكي لا تجعل أمورها الداخلية والخارجية أكثر تعقيداً مما هي عليه.

قضايا الحدود الصومالية يشغل الصومال القرن الإفريقي الذي يحده البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي من الشمال والشرق، كما يحده حد سياسي عبارة عن خط منتظم يبدأ من مصب نهر “تانا” في كينيا إلى ميناء جيبوتي، وتظهر بدايات تاريخ الصومال الحديث في مؤتمر برلين الذي عقد عام 1884 م ، وكان من أهم قرارات هذا المؤتمر تقسيم أراضي الصومال بين الدول المستعمرة آنذاك وهي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، فكان هذا بداية تشتيت قوى الشعب الصومالي، الذي يتمتع بأخوة الدين واللغة، والتاريخ والمصير المشترك[84].

في عام 1960 م استقل الجزء الشمالي والجنوبي من الصومال “البريطاني والإيطالي” واتحدا معاً في جمهورية مستقلة هي “جمهورية الصومال” أما الصومال الفرنسي فقد آثر تكوين دولة مستقلة عرفت باسم “دولة جيبوتي”، وقد بقيت “أوجادين” جزءاً من أثيوبيا، كما بقي الصومال الكيني كجزء من دولة كينيا،  لقد ترتب على تخطيط الحدود الكثير من المشكلات للقبائل الصومالية التي تتبع نمطين من أنماط الرعي: أحدهما يتمثل في الهجرة صيفاً إلى إقليم “أوجادين” عبر الأراضي الإثيوبية والثاني يتمثل في الهجرة نحو الجنوب خلال فصل الصيف الجاف نحو الأراضي السهلية حيث نهرا جوبا و”شبيلي” دائما الجريان، وهذا ما يقتضي عبور الأراضي الكينية في تلك المناطق[85].

لقد طالب الصومال بعد استقلاله في عام 1960 بإقليم “أوجادين” من أثيوبيا، كما طالب بأراضي الصومال الواقعة ضمن الأراضي الكينية، وقد تشكلت في إقليم “أوجادين” حركة مقاومة تطالب لفصل الإقليم عن أثيوبيا، وقد نالت هذه الحركة دعماً من الصومال، غير أن أثيوبيا استطاعت القضاء على ثورة أوجادين خلال عامي 1977 – 1978 من خلال دعم روسي وكوبي، حيث كانت أثيوبيا في تلك الفترة قد انحازت إلى المعسكر الشرقي، وبدا في تلك الفترة الصراع قوياً على منطقة القرن الإفريقي، ومدخل البحر الأحمر الجنوبي، فقد كانت روسيا تدعم أثيوبيا واليمن الجنوبي، في حين كانت أمريكا تدعم الصومال واليمن الشمالي، غير أنه في عام 1969 م وصل إلى السلطة في الصومال من خلال انقلاب عسكري الرئيس “سياد بري” الذي انحاز نحو المعسكر الشرقي وتبنى القوانين الاشتراكية في بلاده، فخفت حدة التوتر بين أثيوبيا والصومال ، غير أن مشكلة أوجادين وخلافات الحدود بين البلدين لم تنته بعد[86].

أما بخصوص النزاع بين كينيا والصومال فقد طالب الصوماليون بعمل استفتاء لتقرير المصير في شمال كينيا تحت إشراف الأمم المتحدة، وذلك لأن الصوماليين في كينيا يرتبطون دينياً وحضارياً بجمهورية الصومال، كما أن خط الحدود السياسية يفصل بين المراعي الصيفية والمراعي الشتوية للقبائل الصومالية، كما أن الإقليم يغلب عليه الصوماليون ويبعد عن بقية كينيا، غير أن كينيا رفضت هذا الاستفتاء من جانبها، حيث يصعب أن توافق على فصل هذا الجزء الذي يشغل نحو 20% من مساحتها،  تستند أثيوبيا وكينيا في تمسكها بأراضي إقليم “أوجادين” والصومال الكيني على قرارات منظمة الوحدة الإفريقية التي تقول بثبات الحدود السياسية التي ورثتها الدول الإفريقية عن الاستعمار، في حين يرى الصومال، أن هذه التجزئة تضر بالمصالح الصومالية، لأنها تحرم القبائل من حرية الحركة بين مناطق الرعي التقليدية لأبنائها سواء في الدخول إلى أثيوبيا أو إلى كينيا[87].

والخلاصة أن مشكلة الحدود بين الصومال وكل من كينيا وأثيوبيا يصعب الجزم بأن لها حل حيث أنها قابلة للانفجار في أي وقت، إلا أن الظروف التي يعيشها الصومال منذ عام 1991م والتي تمثلت بحدوث صراعات بين المتنافسين على السلطة، وما صاحب ذلك من نزاعات قبلية وعرقية، مما زعزع استقرار البلاد، وساعد على عدم وجود الأمن، وقد صاحب ذلك سيادة الجفاف وانقطاع الأمطار وحدوث المجاعات التي أودت بحياة الكثير من السكان، الذين أنهكتهم الحرب وكانوا ضحايا للأمراض والأوبئة وسوء التغذية، وقد نجم عن ذلك تمزق أوصال البلاد وتدهور الاقتصاد، واعتماد البلاد كلية على المعونات الإنسانية، ولاشك أن هذه الأوضاع لا تساعد الصومال على المطالبة بأراضيه في الظرف الراهن، إلا أن مشكلة الحدود ستبقى كامنة وقابلة للانفجار في أي وقت .


[1]  عهد عصبة الأمم وقع في 28 يونيو 1919 ودخل حيز التنفيذ في 10 يناير 1920 ويتألف عهد العصبة من ديباجة وعشرين مادة وتقضي المادة العاشرة منه أنه يجب على أعضاء العصبة بذل كافة الجهود لاحترام والحفاظ على الوحدة الإقليمية، والاستقلال السياسي القائم لجميع الدول الأعضاء ضد العدوان الخارجي.

[2]  وقع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو حزيران 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذا في 24 تشرين الأول أكتوبر 1945 . ويعتبر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية جزء متمم للميثاق ؛ ونصت الفقرة الخامسة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة على أن يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق وقاصد الأمم المتحدة .

[3]   لبابة عاشور ، ” القانون الدبلوماسي والقنصلي مع دراسة معمقة للأجهزة المختصة في المجال الدبلوماسي بالمغرب”، مرجع سابق ،ص. 1

[4]  نفس المرجع ونفس الصفحة

[5]  عدنان السيد حسين، “نظرية العلاقات الدولية”، دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 2002 ، ص .121

[6] عبد المجيد القدوري وليلى المسعودي وآخرون، “قاموس الدبلوماسية عربي / فرنسي من كتاب “التاريخ والدبلوماسية قضايا المصطلح والمنهج” ، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، 2003، ص. 24  حيث أكدت على أن مصطلح الزاوية الثأثيلية تم اشتقاقه من كلمة “Diplôme” المتفرعة عن الكلمة اللاتينية “Diploma” والمقترضة من الإغريقية بمعنى “المطوي إلى اثنين”

[7]  علاء أبو عامر، الوظيفة الدبلوماسية – نشأتها – مؤسساتها – قواعدها – قوانينها ، معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية،         ص.2

[8]  علي حسين الشامي ، مرجع سبق ذكره،  ص. 31

[9]  نفس المرجع، ص. 29

[10]  عدنان السيد حسين ،مرجع سابق، ص.127

[11]  لبابة عاشور، مرجع سابق ، ص .8

[12]  محاضرات الدكتور عبد الواحد الناصر في ماستر الدبلوماسية المغربية ، 2013 – 2014،مادة “التاريخ الدبلوماسي” .

[13]  لبابة عاشور،مرجع سابق ، ص.4

[14]  لبابة عاشور، مرجع سابق، ص.4

[15] Stuart Muray, “Towards and enhanced understanding of diplomacy as the business of peace , Departement of international relations”, Bond University – Australia, 2007, page. 1 

[16]  علي حسين الشامي، مرجع سابق ، ص. 39

[17]  عبد المجيد القدوري وليلى المسعودي وآخرون، مرجع سابق، ص. 25

[18]  نفس المرجع ، ص 25 – 26 .

[19]  السياسة الخارجية هي ذلك العلم الذي يعني بواقع السلوكيات الخارجية للوحدات الدولية واستقرائها باستخدام المناهج العلمية من أجل التفسير والتنبؤ وبالتالي فإن السياسة الخارجية لا يمكن فصلها عن العلاقات الدولية ذلك أنها هي العملية التي تتفاعل فيها السياسات الخارجية، حمدوش رياض، تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على عملية صنع القرار في الإتحاد الأوروبي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة منتوري قسطنطينية – الجزائر، 2011 – 2012 ، ص. 8

[20]   ألزمت المادة 33 من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة أعضاءها بضرورة إتباع الطرق السلمية لحل النزاعات مثل المفاوضة، التحقيق، الوساطة، التوفيق، التحكيم، التسوية القضائية أو إمكانية اللجوء للوكالات والتنظيمات الإقليمية، ويمكن لأطراف النزاع الاتفاق على وسائل أخرى من غير المذكورة في المادة 33 .

[21]  عبد المجيد القدوري وليلى المسعودي وآخرون ، مرجع سبق ذكره، ص.25

[22]  عدنان السيد حسين، مرجع سبق ذكره، ص. 121 وقد أضاف الكاتب” تركز السياسة الخارجية على الخطط والأعمال التي تقوم بها الدولة في علاقاتها الخارجية حيث تضع في اعتبارها مصالحها القومية بالدرجة الأولى” .

[23]  الحسان بو قنطار، “السياسة الخارجية المغربية – الفاعلون والتفاعلات – “، طبعة ، 2002، ص. 17

[24]  عدنان السيد حسين ، مرجع سبق ذكره، ص. 127

[25] جماعات الضغط هي جماعات غير محددة الحجم تتباين في نشاطها مع تباين المجتمعات التي نشأت فيها وتوجد داخل مجتمع له نشاطاته، فدرجة تطور وتعقد تلك الجماعات متأتية من تطور وتعقد المجتمع الذي تعيش فيه وتكون أهداف تلك الجماعات أما مادية تسعى للربح فهي تضغط على النظم السياسية والاقتصادية من أجل تحقيق مصالحها، أو تكون ذات طابع إيديولوجي للدفاع عن قيم ومبادئ معينة .

[26]  عبد الواحد الناصر، “النظام القانوني الدولي وإشكاليات ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001″، منشورات الزمن، مارس 2006، ص. 15

[27]  علي حسين الشامي، مرجع سبق ذكره، ص. 42

[28]  لبابة عاشور، مرجع سابق ، ص. 15

[29]  علي حسين الشامي، مرجع سبق ذكره، ص. 27

و يضيف الكاتب أنه في العلاقات الدولية السلمية تبرز الدبلوماسية كوسيلة وأداة لتنفيذ السياسة الخارجية حيث هي الأسلوب القائم على التفاوض من أجل الإقناع عوضاً عن اللجوء إلى أسلوب العنف.

[30]  إن الضبط الجيد لمفهوم الدبلوماسية وحسب ليلى المسعودي يجب أن يعالج من ثلاث زوايا: الزاوية التأثيلية وهي تلك الزاوية التي تدرس المصطلحات عن طريق الاشتقاق أما الزاوية السياقية هي التي لا يمكن أن تتحدث عن معنى المصطلح دون أن تضعه في سياق معين في حين أن الزاوية الموسوعية هي تلك الزاوية التي تفكك المصطلح وتشرحه عن طريق إعطاء مجموعة من المفاهيم التي يشملها المصطلح.

[31]  سيد أبو ضيف أحمد، مرجع سابق ، ص 234 .

[32] “Webster’s new dictionary of synonyms”, Merriom – Webster INC publishers, springfield – Massachuesetis – U.S.A., p. 200 

[33]  قاموس “أكسفورد ” إنجليزي عربي .

 [34] رواد غالب سليقة، “إدارة الأزمات الدولية في ظل نظام الأمن الجماعي”، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، ص. 28

[35]  سيد أبو ضيف أحمد، مرجع سابق ، ص. 235

[36]  إدريس لكريني، “إدارة الأزمات في عالم متغير” ،مرجع سابق، ص. 20

[37]  نفس المرجع نفس الصفحة

[38]  إدريس لكريني، مرجع سبق ذكره، ص.21

[39]  نفس المرجع، ص .22

[40]  علي بن هلهول الرويلي، “ندوة حول إدارة الأزمات الإستراتيجية”، مرجع سابق، ص 6.

[41]  سيد أبو ضيف أحمد، مرجع سبق ذكره، ص. 241

[42] المفهوم الإجرائي هو تعريف المصطلح بتحديد العمليات أو الإجراءات أو الخطوات المستعملة في تمييزه عن غيره من الموضوعات بمعنى خضوع عناصر الملاحظة المباشرة، وقد يشير إلى الوحدات السلوكية الدالة على وجود القدرة أو السمة المراد تعريفها.

[43]  فهد أحمد الشعلان، “إدارة الأزمات – الأسس، المراحل، الآليات –” ، مكتبة الملك فهد الوطنية،الطبعة الأولى، 1999 ص. 61

[44] بهاء عدنان يحيى، “إدارة الأزمة الدولية –  دراسة حالة الأزمة بين حزب الله وإسرائيل عام 2006 – “، مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 1، العدد 5، منشورات كلية القانون بجامعة الكوفة، الكوفة – العراق، 2010، ص. 239

[45]  محمد سرور الحريري، “إدارة الأزمات السياسية واستراتيجيات القضاء على الأزمات السياسية الدولية ” ، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، الطبعة الأولى 2012، ص. 67

[46]  رواد غالب سليقة، مرجع سبق ذكره، ص. 47

[47]  إدريس لكريني، “إدارة الأزمات في عالم متغير – المفهوم ، المقومات ، الوسائل والتحديات –” ،مرجع سابق، ص. 32

[48]  رواد غالب سليقة، مرجع سبق ذكره، ص. 48

[49]  سيد أبو ضيف أحمد ، مرجع سبق ذكره، ص. 241

[50]  رواد غالب سليقة، مرجع سابق، ص 48 .

[51]  عرفات موسى عبد القادر الهور، “إدارة الصراع بالوطن العربي في ظل المتغيرات الدولية دراسة في إدارة الصراع العربي الصهيوني”، مرجع سابق ، ص. 102

[52]  سيد أبو ضيف أحمد، مرجع سبق ذكره، ص. 242

[53]  عبد الله عبد العزيز الفواز، “التخطيط لإدارة الأزمة الأمنية”، مطابع الشرطة للطبع والنشر والتوزيع، ص. 105

[54]  سيد أبو ضيف أحمد، مرجع سبق ذكره، ص. 242

[55]  رواد غالب سليقة، مرجع سبق ذكره، ص. 48

[56]  نفس المرجع، ص. 49

[57]  عباس رشدي العماري، “إدارة الأزمات في عالم متغير”، مركز الأهرام للترجمة والنشر قليوب مصر، الطبعة الأولى، 1993 ، ص. 20

[58]  عبد الواحد الناصر، “المشكلات السياسية الدولية – مشكلات لتقاطع بين السياسة الدولية والقانون الدولي والتدبير الدبلوماسي –” ، مرجع سابق، ص. 273

[59]  عبد الواحد الناصر، “المشكلات السياسية الدولية – مشكلات التقاطع بين السياسة الدولية والقانون الدولي والتدبير الدبلوماسي –” ، مرجع سبق ذكره، ص. 272

[60]  سعيد محمد أبو عباه، “الدبلوماسية تاريخها مؤسساتها أنواعها قوانينها”، دار الشيماء للنشر والتوزيع، عمان – الأردن ، الطبعة الأولى 1430 هـ الموافق 2009 م ، ص. 74

[61] Margit Tavits, “Presidents with Prime Ministers Do Direct Elections Matter?”, Oxford University Press, Oxford – United Kingdom ,  November 2013, page. 39 

[62]  لبابة عاشور، مرجع سابق ، ص. 29

[63] Iver B.Neuman , “To Be a Diplomat, intenational studies perspective”, England, n 6, 26 January 2005, p 72.

[64]  علاء أبو عامر، مرجع سابق، ص. 201

[65]  عبد الفتاح علي الرشدان و محمد خليل الموسى، “أصول العلاقات الدبلوماسية والقنصلية”، المركز العلمي للدراسات السياسية، عمان – الأردن، 2005، ص. 115

[66] Jozef Bàtora and Brian Hocking, Bilateral Diplomacy In The European Union : Towards ‘Post-Modern’ Patterns ?, Antwerp University, Belgium, April 2008, page 16 .

[67]  تعتبر الدبلوماسية الثنائية من أشكال النشاط الدبلوماسي الذي تمارسه كل الدول في هذا العصر الذي يتسم بظاهرة تنامي الشعور بالتعاون الدولي ونمو روح المصالح المشتركة بين الأمم في حين فإن الدبلوماسية المتعددة لا تمثل صورة جديدة تماما في التعامل الدولي، فقد شهدت العصور القديمة والوسطى اتصالات متعددة الأطراف وذلك كلما بدا لعدد من الدول أن هناك مصالح مشتركة تجمع بينهما. ولم تبدأ ملامح هذه الدبلوماسية في الظهور إلا في العصور الحديثة مع انعقاد مؤتمر وستفاليا عام 1648.

[68]  علي حسين الشامي، مرجع سبق ذكره، ص. 109

[69]  نفس المرجع، ص. 126

[70]  أنهت معاهدة وستفاليا لعام 1648 النظام الإمبراطوري المسيحي الذي ساد في القرون الوسطى، لتستبدله باتحاد بين الدول الجرمانية بعد شطر أوروبا الوسطى إلى دول كاثوليكية وأخرى بروتسانتية، إذ تحقق الأمن بين الإمارات الألمانية التي فاق عددها مئة وخمسين إمارة داخل الإمبراطورية الجرمانية، حيث أن هذه المعاهدة أقرت مبدأ المساواة بين الدول بمعزل من نظمها الداخلية، وأدت إلى تراجع سلطة البابا والقوى الدينية المحيطة به وهذا ما ساعد على قيام علاقات دائمة بين الدول وعلى انطلاقة القانون الدولي.

[71] هي مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها الأطراف الأوربية المتنازعة بين شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل لتنهي حرب الخلافة الأسبانية(1701- 1713). أبرمت الاتفاقية بين ممثلي الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا وممثلي الملك فيليب الخامس ملك إسبانيا من جهة، وبين ممثلي الملكة آن ملكة المملكة المتحدة ودوق سافوي من النمسا، تعد معاهدة أوترخت واحدة من أشهر معاهدات السلام العالمية في التاريخ، فقد حققت هذه المعاهدة السلام لحروب خلافة العرش الاسباني التي دامت سنوات طوال من 1701 إلى 1714م؛ فقد عملت على تأسيس توازن القوى الأوربية في ذلك الوقت التي حاربت وتشتت واختلفت وراح ضحية ذلك مئات الجنود، وتلك المعاهدة تضمنت بداخلها ثلاث معاهدات الأولى معاهدة أوترخت والثانية معاهدة راستات والثالثة معاهدة بادن. حيث أن معاهدة أوترخت على الرغم من توقيع أغلب الدول عليها إلا أن النمسا لم توقع ولهذا ظلت معارضة لتلك المعاهدة إلى أن وقعت على نفس

البنود ولكن من خلال توابع لها، من خلال معاهدة راستات ومعاهدة بادن. فقد أدى موت الملك تشارلز الثاني عام 1700 إلى حرب أهلية في إسبانيا، وذلك بعدما ترك الملك تشارلز وصية تولي أمير فرنسي من أنجو العرش الإسباني، وكان وقتها هو الأمير فيليب. وبما أن الأمير فيليب هو حفيد للويس التاسع عشر وكان وقتها ملك فرنسا فقد خافت جميع الأقطار الأوروبية الأخرى أن تقوم دولة فرنسا بضم دولة إسبانيا إليها لتتكون إمبراطورية واحدة. وبعد الكثير من الصراعات والحروب الأهلية وعدم الاستقرار بالمنطقة اضطرت فرنسا إلى دخول حرب ضد دول التحالف والمكونة من إنجلترا، النمسا، هولندا، بروسيا، مع مجموعة من الدويلات الصغيرة في الإمبراطورية الرومانية القديمة المقدسة. وصولًا إلى عام 1712 اجتمع في أوترخت من يمثلون جميع أطراف الحرب من الدول السابق ذكرها من أجل مناقشة معاهدة السلام. وبعد الكثير من المناقشات والمباحثات ومؤيد من هنا ومعارض من هنا تم التوصل إلى معاهدة أوترخت للسلام عام 1713، وكانت أول مسمار يدق في نعش فرنسا، وأول بزوع لشمس بريطانيا.

[72] Richard Gowan,”Multilateral Political Missions and Preventive Diplomacy”,New York University’s Center on International Cooperation, New York – United States of America, 2010,page 2 .

[73] Jan Melissen,” The New Public Diplomacy – Soft Power in International Relations  – “, Palgrave macmillane, England, 2003, page 30 .

[74]  محمد محمود السرياني، “الحدود الدولية في الوطن العربي نشأتها وتطورها ومشكلاتها”، منشورات أكاديمية نايف للعلوم الأمنية، الرياض – المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 2001، ص . 264

[75]  نفس المرجع نفس ، ص.266

[76]    هنا تم الاعتماد في صياغة الحديث عن الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل بالرغم من الوعي التام بالفرق بين الحكم أو القرار وبين الرأي الاستشاري حيث أن الأول ملزم أما الثاني فيمكن الأخذ به أو تركه، وكان الدافع من وراء صياغة مثال الصحراء فقط لبيان أن محكمة العدل الدولية أو طريقة التقاضي ليست بالفعالة في جميع النزاعات الدولية وأن الرأي الاستشاري صادر بدوره عن محكمة العدل الدولية.  

[77]  محمد محمود السرياني، مرجع سابق، ص . 256

[78]  نفس المرجع، ص . 259

[79]  نفس المرجع، ص. 261

[80] تفاقية سايكس بيكو لعام  1916، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وَ بريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم فيروسيا عام 1917.

[81] محمد محمود السرياني، مرجع سابق،ص .279

[82]  نفس المرجع ، ص. 278

[83]  نفس المرجع ، ص.279

[84]  نفس المرجع، ص . 315

[85]  نفس المرجع، ص . 317

[86]  نفس المرجع، نفس الصفحة .

[87]  نفس المرجع، ص . 318

Exit mobile version