Site icon مجلة المنارة

الجهوية المتقدمة وسؤال الجباية المحلية: أية تطورات لأية رهانات؟

الجهوية المتقدمة وسؤال الجباية المحلية: أية تطورات لأية رهانات؟

ياسر الصافي

باحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-سلا-

تقديم

لقد شكل نظام الجبايات المحلية المغربية عبر محطات تاريخية، تمتد جذورها إلى عهد ما قبل الحماية؛ فالمغرب قبل هذا العهد لم يعرف نظاما جبائيا بالمفهوم الحديث، بل كانت هناك أنظمة عرفية موروثة عن الثقافة الإسلامية كالمكوس، الإعشار، الجزية. أما مرحلة الحماية فقد انطبعت بالتأسيس الأولي لنظام جديد أشر على جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والعسكرية والتعليمية والقضائية مع الإصلاحات المالية والجبائية الوطنية والمحلية([1]).

أما مرحلة الاستقلال، فلقد كانت في بدايتها امتدادا لمرحلة الحماية، بدليل أن النظام الجبائي الاستعماري، ظل ساريا المفعول إلى غاية صدور الظهير الشريف رقم 1.60.121 في 23 مارس 1962  الذي جمع الضرائب والرسوم والواجبات المرخص بها لميزانية البلدية، ولما جاء به ظهير 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي أدخل تعديلات مهمة عززت دور ومكانة الجماعة الترابية إلى جانب مرسوم 30 شتنبر 1976 المتعلق بمحاسبة الجماعات المحلية، الذي عمل على تنظيم الجانب المحاسب المنظم للجبايات المحلية. فتوالت الإصلاحات بالتعديلات التي لحقت الجباية العقارية بمقتضى القانون المالي لسنة 1978 الذي أحدث الضريبة على الأراضي الغير المبنية ثم جاء ظهير 28 دجنبر 1984 وظهير 30 دجنبر 1987 اللذين جاءا بتعديل الرسم الجماعي على الحفلات وظهير 31 دجنبر 1985 الذي خص المجموعات الحضرية بنسبة 50% من منتوج ضريبة النظافة.

وتنفيذا لقانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي بتاريخ 23 أبريل 1984، الذي كان يرمي إلى النهوض بالجماعات المحلية، كما أنه قرر برصد ميزاينة الدولة لأموال تمكن الجماعات من القيام بمهامها، وخصص لها الضريبة المهنية والحضرية المفروضة على العقارات التي يسكنها ملاكها والضريبة العقارية مع تخصيص 30% من منتوج الضريبة على القيمة المضافة.

ونظرا للتطور الاقتصادي والاجتماعي للبلاد بررت حاجيات إضافية ومتزايدة تتطلب تلبيتها التفكير في البحث عن الوسائل الكفيلة بتنمية الموارد الذاتية للجماعات الترابية، الأمر الذي فرض على المشرع القيام بإصلاح النظام الجبائي المحلي والذي توج بالقانون رقم 89.30. بيد أن هذا القانون، لم يعد مسايرا لمتطلبات المالية المحلية وحاجياتها التنموية، بالإضافة إلى عدم قدرته على مواكبة الإصلاح الإداري الذي عرفته سياسة اللامركزية ولاسيما بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة 2002 الذي أتى بإصلاحات جديدة تندرج في سياق التوجهات الأساسية لسياسة اللامركزية.

وهكذا جاء قانون رقم 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية ليتجاوز الاحتلالات المتعددة ولتمكين الجماعات الترابية من التوفير على منظومة جبائية أكثر نجاعة، لخلق نوع من التوازن بين الملزم والإدارة الجبائية المحلية وتحقيق الاستقلال المالي المحلي الذي يضمن للجماعات الترابية القيام بالوظائف الاقتصادية والاجتماعية المنوطة بها على الوجه المطلوب.

فهل جاء إصلاح 2007 بجديد لحل إشكالية التدبير المالي للجماعة الترابية أم أنه جاء ليكرس مضامين الإصلاحات السابقة. إنها إشكالية تتعدد فيها الرؤى وقد تصدى إليها كل باحث من زاويته وتولى دراستها في جانب معين دون الجوانب الأخرى، وركز اهتمامه حسب ثقافته وأهدافه والمعلومات المتوفرة لديه. وهل استطاع هذا الإصلاح التكيف مع تطورات دستور 2011 على المستوى الترابي؟

المبحث الأول: التطور التاريخي للنظام الجبائي المحلي

المطلب الأول: الجبائية المحلية ما قبل الحماية

كان النظام الجبائي إبان تلك الفترة يخضع في عمقه لموروث اسلامي صرف، يمتاز بسيادة الدولة السلطانية مع غياب مطلق لمقومات السيادة الإدارية ، فكان المخزن اداة تنفيذية بيد الحكم السلطاني تقوم بجمع الضرائب الشرعية، وتحولها الى بيت مال المسلمين. علما ان المركزية المطلقة التي كانت سائدة، قد رافقتها بعض بوادر عدم التمركز التي كانت بعض أعمالها تباشر من قبل بعض الآعوان المخزنيين الغير ممركزين كالباشوات والقواد والأمناء، الذين كان يوكل لهم مهمة تحصيل الضرائب. واتسمت هذه الفترة بنوع من الفرض التلقائي التسلطي والتعسفي في المجال الجبائي لتاريخ المغرب([2]).

فإذا كانت الضرائب ذات المصدر التشريعي الديني تشكل توافقا وتطابقا بين المخزن ورعاياه، فإن الجباية أو الضريبة غير الشرعية دينيا ظلت محل نزاع دائم بينهما الشيء الذي تولد عنه ظهور نوعين من القبائل :

ولقد عرف المغرب في فترة ما قبل الحماية وخاصة بعد الفتوحات الاسلامية تطبيق الزكاة مع الجزية والخراج، كنظام ضريبي أموي فحاول الأدارسة محاربة ذلك، إلا أن الصراعات  القبلية لم تساعدهم على تحقيق مبتغاهم، فجاء المرابطون وشهد المغرب إبان حكمهم رخاء اقتصاديا واسعا حتى سميت فترتهم بالجنة الضريبية ([3]). فنحا الموحدون نفس المنحى وطوروا نظام الضرائب، تبعهم السعديون وقرروا ما كان يبدو لهم صالحا لقيام مخزن دولتهم باعتماد الجبايات التي توفر لهم الدعم المالي. وبصفة مقتضبة، فإن الجباية المغربية خلال هذه الفترة (ماقبل الحماية)، كانت تستنبط أحكامها من التشريع الإسلامي بالاضافة الى بعض الإقرارات (الخراج المكس النايبة)، جعلت المخزن آنذاك في منآى عن إصدار اجتهادات ضريبية جديدة، وبالتالي فقد امتازت تلك الفترة حسب بعض الفقهاء بثلاث  خصائص :

أما عن مدن الأيالة الشريفة خلال تلك المرحلة الزمانية، فقد عرفت تجاوزات خطيرة في ميدان الضرائب تولدت عنها اضطرابات كبيرة ناتجة عن الظلم الجبائي الذي لحق سكانها ودفع بهم الى التمرد عن المخزن والكف عن أداء الضريبة، فتقهقرت الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وفتح الباب على مصراعيه لمطامع الدول الخارجية بدعوى ضمان ديونها وفرضت بذلك الحماية. وبصفة عامة، تميزت تلك الفترة بعدم التوفر على جهاز جبائي منظم بل اعتمدت على الضرائب الدينية والسيادية والتجارية، مما يجعل جانبها الجبائي ذا طابع تقليدي مع تأثيرها بالأوضاع الدولية، التي تولدت عنها تضم جباية خاصة كنظام الحماية القنصلية.

المطلب الثاني : الجباية المحلية خلال مرحلة الحماية والاستقلال

مرحلة حساسة عرفت عدة تغييرات وشابها دخول عناصر جديدة على الحياة الاقتصادية المغربية، تجلت على الخصوص في التخلي التدريجي على الضرائب ذات المنظور الديني، فركب بعد ذلك المغرب قطار العولمة التقليدية، وظهرت بوادر معالم التجارة الخارجية. ولمعرفة دقيقة لهذه المرحلة يتوجب الوقوف على المستجدات والتوصيات، وكذا التعليمات التي أملاها كل من مؤتمر الجزيرة الخضراء (7 أبريل 1906) ومعاهدة الحماية لسنة 1912، على الرغم من المجهودات الجبارة التي بدلها كل من السلطانين سيدي محمد بن عبد الله والحسن الأول من اجل تنظيم وضبط الجباية.

أ – إملاءات مؤتمر الجزيرة الخضراء 7 ابريل 1906:

تعاقب المملكات، (Dynasties) ارتفاع عدد السكان ؛ تزايد الحاجيات انعدام التجهيزات، كثرة القروض، عدم قدرة المخزن على الوفاء بالالتزامات المالية الداخلية والخارجية، كانت جميعها سببا مباشرا في خضوع المملكة المغربية سياسيا واقتصاديا للإملاءات الخارجية، فقضت المعاهدة للقيام على سبيل المثال ببعض الاصلاحات الضريبية كفرض الترتيب على الاجانب والمغاربة على حد سواء، كما أحدثت ضرائب جديدة كالضريبة الحضرية والضريبة المهنية وحقوق التسجيل والتنبر، مع إلحاق تعديلات مهمة بالنظام الجمركي الذي كان معمولا به، وبالتالي فإن معاهدة الجزيرة الخضراء قد أملت وضع نظام مالي وجبائي محلي ووطني.

ب – إملاءات معاهدة الحماية 30 مارس 1912 :

يستشف من معاهدة الحماية ل 30 مارس 1912، ان المستعمر لم يكن يهتم بالشأن المحلي عكس ما كان يطمح اليه من نهب الأموال وفرض ضرائب جديدة، للرفع من مداخيله المالية لمواجهة المقاومة والمتطلبات التي كانت تحتاجها الظرفية. فبادرت فرنسا الى إصلاح نظام الترتيب والضريبة الحضرية والضريبة المهنية، كما قامت بإحداث ضرائب جديدة كالرسوم غير المباشرة على بعض المواد الاستهلاكية كالسكر والزيت والكحول، وأحدثت ايضا رسوم التسجيل والتنبر وعمدت الى اجراء اقتطاعات على المرتبات والأجور.

وبذلك، عمد المستعمر الى طبع النظام الضريبي المغربي بالدمغة الفرنسية، فجاء ظهير 22 يوليوز 1916 ليتضمن فصله الأول وجوب تأسيس الضرائب (المتعلقة بالميزانية البلدية)، فشهدت المنظومة الضريبية الحديثة انذاك سيلا من الرسوم تصب في تدعيم ميزانية البلديات، التي ازدادت نفقاتها بشكل ملموس ففرضت واجبات وأتاوة على الحفلات وموزعي الماء.

وبعد مضي حوالي ثمانية أشهر، توالى البحث على الموارد وخرج الى الوجود ظهيران  جديدان الاول بتاريخ 27/03/1917 والثاني بتاريخ 20 ابريل 1917، توخى من ورائهما المستعمر سد حاجيات المدينة ففرضت الرسوم الجبائية على الكلاب والسيارات ومكوس الابواب وواجبات الاسواق. الا ان مردوديتها ظلت ضئيلة بالمقارنة مع المتطلبات التي تحتاج اليها المدينة، الشيء الذي حدا بالسلطات المستعمرة التخلي مركزيا على جزء من مداخيلها المتعلقة بالضريبة الحضرية والضريبة المهنية سنتي 1942 و1948، وان كانت هذه الاخيرة قد تراجعت السلطات المركزية على فكرة التخلي عنها لفائدة البلديات واستخلصتها لفائدة الميزانية العامة.

فجاء بعد ذلك اصلاح 29 دجنبر 1948 الذي ألغي مكوس الابواب، وأنشأ نظام ضريبة المعاملات ابتداء من فاتح 1949، الشيء الذي أدى بالمدن الى تحصيل اعتمادات مهمة مكنتها من انجاز حاجياتها من التجهيزات المحلية. وبشكل مقتضب، فلقد امتازت هذه الفترة بحدثين كبيرين طبع الجباية بالمغرب بالتجديد من جهة، وظهور بعض الشوائب التي قلصت المداخيل بشكل ملحوظ من جهة اخرى.

وبعد حصول المغرب على الاستقلال بتاريخ 18 نونبر 1956، جاء في احدى كلمات المغفور له محمد الخامس <<لقد انتهى عهد الحجر والحماية وبزغ فجر الحرية والاستقلال …لقد رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر  جهاد التشييد والتعليم …>>. خطاب كان حافزا كبيرا لمغرب ضعيف البنيات قليل الامكانيات منهك الاقتصاد، معتمدا اعتمادا شبه كلي على الأطر الفرنسية المشبعة بروح الاستعمـار والبيروقراطية، والذين كانوا يفضلون العمل بالقوانين والضوابط التي وضعها نظامهم، الذي كان لايجتهد الا في نهب خيرات البلاد وتكريس سياسة التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية.

فبدأ المغرب يتخلص تدريجيا من مرحلة الحجر، لكي يدخل مرحلة الرشد التي دشنها بمغربة الأطر وهيكلة الادارة واحداث ترسانة قانونية، تعطي للبلاد النبراس الذي يضئ طريق البناء والتجهيز، مع السعي الى تحقيق دولة الحق والقانون وارساء نظام المؤسسات الديمقراطية، مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي الذي يتكون من فسيفساء قبلية (العرب، البربر ”زيان، الريف، سوس” الصحراويون …..)، دون اغفال بطبيعة الحال التشريع الرباني (القرآن و السنة) باعتباره الملاذ الاول لتشريع المسلمين .

وبصفة عامة، كانت الادارة المغربية بداية الاستقلال تمتاز بإشكالية التعقيد والتمركز المفرط وضعف الخدمات المقدمة والافراط في السلوكات اللاأخلاقية، كالإرتشاء واستغلال النفوذ ونهب المال العام، فعرف المغرب آنذاك عشوائية في التدبير انعكست سلبا على اقتصاده، الشيء الذي حدا بمدبريه الى نهج أسلوب حديث ومعقلن يخرج البلاد من ضيم الاستعمار واحتكار بعض الاشخاص الذين وكل اليهم امر التسيير. فلاح في الأفق الدساتير والتقسيمات الادارية ومواثيق الجماعات الترابية، الى غير ذلك من القوانين المختلفة التي تنظم جميع القطاعات.

أما عن الجانب الذي يهمنا بالخصوص والمتعلق بالجباية، فلقد اهتم المغرب كما أسلفنا بخلق الوحدات الترابية التي يعهد لها بتدبير الحياة اليومية للمواطنين، فظهرت أول لبنات النظام الجبائي المحلي بمقتضى ظهير 23 مارس 1962، وبعد مرور مدة زمنية تقل قليلا على سنتين أي بتاريخ 23 نونبر 1963 ظهر قانون تعديلي نص على وجود نوعين من الواجبات الضريبية :

ثم جاء بعد ذلك ظهير 22 فبراير 1973، والذي كانت تعديلاته تنص على تغيير بعض التسميات من الادارات البلدية الى الادارات الجماعية .وبعد ترسيخ مبدأ الديمقراطية المحلية شيئا ما بعد ظهور مؤشرات على عافية البلاد من التبعية المطلقة، لجأ المشرع الى إعطاء المجالس المنتخبة سلطات تقريرية بدل السلطات الاستشارية التي كانت تحظى بها من خلال ظهير 1960، فجاء الميثاق الجماعي الجديد ل 30 شتنبر 1976 والذي جعل من رئيس الجماعة ([4]) (LE BOSS)، في النظام المحلي -مع بعض التحفظات-، ومنحه اختصاصات واسعة في جميع المجالات، وصاحب ظهور الميثاق الجماعي القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيآتها بتاريخ 30 شتنبر 1976، الذي أعطى بدوره  لرئيس الجماعة المحلية صفة الآمر بالصرف، والآمر بالصرف هو المسؤول على تنفيذ ميزانية الوحدة الترابية بشقيها الايراداتي والنفقاتي.

تلت هذه المرحلة، فترات مالية عصيبة كاد المغرب ان يصاب حسب ذكر جلالة المغفور له الحسن الثاني بالسكتة القلبية، فجاء برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983 وذلك بتزامن مع ظهير 23 ابريل 1984 (نظام القانون- الإطار)، الذي وضع إطارا للإصلاح الضريبي والذي تضمنت أحد مواده وجوب تنمية الموارد المالية للجماعات المحلية، الشيء الذي حدا بالمشرع الى استصدار القانون رقم 30/89 المتعلق بالضرائب والرسوم لفائدة الجماعات المحلية بتاريخ 21 نونبر1989، الذي نظم بدقة ووضوح كيفية تحديد وعاء واستخلاص كل ضريبة او رسم ووضع حد للغموض والابهام الذي كان يميز ظهير 1962، الذي جاء بدوره بإيجابيات وسلبيات التي تم المشرع استدراك النواقص واستصدار للقانون رقم 06/47 بتاريخ 30 نونبر 2007.

بخلاصة، فإن الجباية في المغرب عرفت تطورا ملموسا عبر المراحل التاريخية التي طبعت مسار البلاد، فمن جباية دينية ممركزة تكاد تنعدم بها الضرائب المحلية (فترة ما قبل الحماية)، الى نشوء نظام ضريبي محلي محتشم تركز على إشباع حاجيات المستعمر ليس إلا (فترة الحماية)، ثم الانتقال الى نظام ضريبي جبائي محلي يمتاز بالتجديد والمعاصرة يتماشى وحاجيات المدن المتزايدة من التجهيز و النماء (عهد الاستقلال).

المبحث الثاني : القانون47.06 والجهوية المتقدمة: المعيقات والمتطلبات

من بين الأشياء التي تشكل قطيعة مع الجهوية المتقدمة نجد القانون 47.06،حيث أن هذا الأخير تم تشريعه سنة 2008 في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية تختلف عن الجهوية المتقدمة التي تم سنها في سنة 2011 من خلال الدستور الجديد للملكة، حيث يمكن القول من خلال ما تم ذكره بأن هذا الإختلاف الزمني يعد مظهرا واضحا من مظاهر عدم ملائمة القانون للجهوية،وبالتالي فإنالتقطيع الترابي الجديد الذي جاء به الجهوية المتقدمة لا يتماشى ولا يتواكب مع إطار وظروف وفكر القانون 47.06.

المطلب الأول: التقطيع الترابي وإشكالاته

يوضح خطاب 6 نونبر 2008 أن “نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجح يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا”، فحسب الخطاب الملكي، يرتبط نجاح هذا الورش بنجاعة التقسيم الجهوي كأساس للإصلاح على المستويين البنيوي والوظيفي، والتقسيم يعد من الإشكالات الدائمة في الإصلاحات من هذا النوع لكونه يتحكم فيما تبقى ومكونات الجهوية، فالخطاب الملكي يطرح بصريح العبارة مشكل الهوية الجهوية والتكامل بين الجهات[5].

وتبين كثير من التجارب العالمية أن نجاح التجربة الجهوية يرتبط بمدى نجاح “التقطيع الجهوي”، أي الأسس التي تم اعتمادها، في إنشاء جهات تمتاز بالدينامية الاقتصادية والتكامل الوظيفي والتدبير الترابي العقلاني،فهذا التنوع في الأهداف يعتبر في حد ذاته، تحديا واضحا للتقسيم الذي طرح في الجهوية المتقدمة، بحيث تقاس صحة التقطيع بمدى سداده من حيث قابليته لإنجاح الجهوية المتقدمة[6].

فمسألة التقطيع الترابي على غاية من الأهمية، فهي الحلبة التي ستجري على مسرحها كل أطوار الاستحقاقات الانتخابية، وهو الفيصل المفضي إلى خلق وحدات ترابية ستحيى فيها كتلة بشرية معينة وتُزاوَل فيها أنشطة متعددة والمفروض العمل على أن تتوافر بها وسائل استقطاب مساعدة على الاستقرار، لذلك لا يجب الاستهانة بهذا الورش الهام، نظرا للرهانات المعلقة عليه عبر العديد من المستويات سواء منها البشرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وقس عليه، فاللحظة الانتخابية محدودة في الزمن، لكن التقسيم الترابي، على العكس، ممتد في الزمن، وعائده لا ينعكس على حزب واحد فقط بل على المجالات الترابية برمتها وعلى مختلف الأصعدة. لا ننسى أيضا أن المشاركة أضحت خيارا دستوريا قائما يتماشى ومبادئ الحكامة المنشودة، لكن شريطة أن يكون هذا النقاش حقيقيا وغير مفتعل، بحيث يجعل مصلحة المجال هي الأولى، وإلا تحول إلى سجال ترهنه خلفيات أخرى، تكبح عجلة الإصلاح وتهدر زمن التشريع بل وخطرا على الديموقراطية بذاتها، فالنقاش الحقيقي رهين بصدق النية كما يقول الفقهاء[7].

و بهذا تكون إشكالية التقطيع الترابي تمثل وجها أو مظهرا من مظاهر عدم استجابة القانون 47.06 للجهوية المتقدمة بحيث أن القانون وضع في أرضية مقسمة تقطيعا ترابيا اعتبره الجهوية المتقدمة تقطيعا متجاوزا وبالتالي يستحيل أن تتحقق الإستجابة.

فكل المهتمين يتفقون على أن قضية الموارد تعد أساس وجوهر الجهوية، وتبين تجربة عدة دول أنه من الصعب إيجاد ضرائب خاصة بالمجالات الترابية، وهذا ما يفسر الإشارة إلى صندوق التضامن في الخطاب الملكي وتقرير الجنة الاستشارية[8].

لدى فمن الضروري تبني قانون يحدد نظام وطرق تدخل هذا الجهاز، كما يمكن للجهات أن تراهن على التعاون فيما بينها أو بين القطاعات الوزارية، عبر صندوق التأهيل الاجتماعي الذي يهدف إلى الإسراع بسد مظاهر العجز الكبرى في الجوانب المرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية، والتي تتقاطع بشكل واسع مع مجالات اختصاص الجهات حسب ما جاء في التقرير، إلا أنه من المستحب توضيح الإطار القانوني لهذا الصندوق، خصوصا فيما يتعلق بالاختصاصات وصلاحيات هذا الصندوق ورئيسه، كما تتوقف تقوية الوسائل المالية أيضا على إيجاد جباية خاصة لتتمكن الجهات من النهوض بمهامها التنموية في مراعاة مستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل[9].

فالتقطيع الترابي الجهوي يشكل مفتاح نجاح ورش الجهوية الرامي إلى تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، كما يجب أنيتم على ضوء التنمية المجالية، معتبرا أن تحقيق هذه التنمية يقتضي وضع آليات تتجلى في محددات وظيفية والتكامل والتوازن والتضامن والتنافس والتعددية والتنوع، واعتماد تقسيم ترابي يراعي الخصوصيات الجهوية مبني على التجانس اللغوي والجغرافي والتاريخي، وكذا منح الجهوية وظائف اقتصادية واجتماعية، وأن يتم خلق مجموعة من المؤسسات تكون داعمة لعمل الجهات.

المطلب الثاني: مكانة الجهة كمظهر من مظاهر عدم استجابة القانون 47.06

إذا كان من شأن التقطيع الترابي الجديد الذي جاءت به الجهوية المتقدمة يختلف عن ذلك المعتمد عند وضع قانون 47.06، يكون مظهرا من مظاهر عدم استجابة القانون للجهوية المتقدمة، فإن مكانة الجهة كجماعة ترابية في الوقت الذي وضع فيهالقانون 47.06 أيضا لم تكن هي المكانة التي منحتها إياها الجهوية المتقدمة، بحيث كانت الجهات دائما ضحية القوانين المنظمة للجبايات نظرا لما تعانيه المجالس الجهوية من ضعف حجم المداخيل، مع العلم أنها هي من تشكل الإطار الخاص للتنمية على المستوى المحلي.هذا ما جعل اللجنة الإستشارية للجهوية المتقدمة تعلي بمكانة الجهة كجماعة ترابية تقوم بالدور الأساس في التنمية وفضاء رئيسي لبلورة السياسات العمومية في بعدها الجهوي، فموازاة مع الاختصاصات المنوط بها، سواء منها الذاتية أو المنقولة المتعلقة أساسا بالتشغيل والنهوض بمحيطها الترابي، والتكوين المهني و دعم المقاولات.

فلكي تتمكن الجهة باعتبارها جماعة ترابية من ممارسة الاختصاصات المنوطة بها في ميدان التنمية الجهوية، لا بد من توفرها على إمكانيات ووسائل مالية للقيام بمهامها، فتأسيس العمل بنظام جهوي محلي يستلزم منح الجهة الأدوات والوسائل المالية اللازمة لتفعيل الاستقلالية الجهوية، فلا يمكن الحديث عن قرار تنموي جهوي مستقل في ظل غياب تمتيع الجهة بالموارد المالية الكافية[10].

لذلك، ينبغي توفير موارد مناسبة لتلبية حاجيات الجهة حتى تقوم بوظائفها على أكمل وجه، فالجهوية المتقدمة تستوجب الزيادة في الموارد المرصودة للمجالس الجهوية من قبل الدولة بشكل ملموس، لكي تتمكن من إنجاز أعمال في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،يتعين الرفع من عائدات الضرائب والرسوم المرصودة من طرف الدولة بالمجالس الجهوية برفعه من الحصة المرصودة لها من الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات من %1 إلى%5، واقتسام متساوي بين الدولة والمجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل و الضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك، ثم تخويل أهلية الإستفادة من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، وستمكن هذه المقترحات من رفع الموارد السنوية الإجمالية للجهات إلى مالا يقل عن 8 ملايين درهم. وبهذا تكون الجهة تتمتع بسلطة جبائية توفر لها موارد مالية ذاتية قارة تساعدها على تحقيق الاستقلال المالي الفعلي واستقلالية في الرسوم والضرائب.

فعلى مستوى الجماعات الحضرية والقرويةوبالإستناد إلى الميثاق الجماعي في إطار القانون رقم 08-17 نلاحظ حجم الصلاحيات التي تتوفر عليها المجالس الحضرية والقروية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية،ما يعني أن جبايات هذه الجماعات ينبغي أن تساير هذه الوظيفة سواء على مستوى المردودية أو على مستوى الرفع من قدرات الجماعات الترابية على خلق الاكتفاء الذاتي والمالي الذي يجعل منها قادرة على تدبير نفسها بنفسها.

انطلاقا من هذا المعطى،فإن القانون الجبائي رقم 06-47 منح للجماعات الترابية 11 رسم،منها 4 رسوم محددة بالقانون في أسعار ثابثة، هذه الرسوم هي :

و تعتبر هذه الرسوم المذكورة الأكثر أهمية، لعدة اعتبارات أهمها أنها ذات مردودية مرتفعة بالمقارنة مع باقي الرسوم. في حين تم تحديد سعر أدنى و أقصى لباقي الرسوم.زد على ذلك أن هذه الرسوم يتم استخلاصها من طرف الدولة باستثناء رسم المياه المعدنية،وما يترتب عن ذلك من اقتطاع مقابل التدبيركما يلي :

إذن ومن خلال النسب المذكورة يتجلى لنا وبشكل واضح أن الجماعات الترابية لا تستفيد وحدها من مردودية هذه الرسوم، وإنما تستفيد معها ميزانية الدولة بسبب التدبير، في حين كان لزاما أنتستفيد منها الجماعات الترابية، طالما أننا نتحدث عن مطلب الاستقلال المالي سواء من خلالعائدات الرسومأو من حيثالتحصيل.

فلا شك في أن التمويل الذاتي يشكل أحد العناصر الأساسية التي تمكن الجهة من القيام بنشاطها، سواء في ميدان تغطية النفقات الاستهلاكية أو في ميدان تمويل الاستثمارات، فالتمويل الذاتي يعد أحد المعايير الرئيسية التي تقاس بها درجة الاستقلال  المالي الجهوي عن كل تدخل للدولة أو باقي الأجهزة في ميدان التدبير الماليوتسيير الجهة لشؤونها المالية بنفسها سواء في ميدان الإنفاق أو الاستثمار[11].

ومن خلال الرسوم ضعيفة المردودية الممنوحة للجهات والتي أشرنا إليها سابقا، فإنها لاتساهم في الرفع من مردودية مداخيل الجهات حتى يتسنى لها تحقيق اكتفائها المالي والذاتي، وهو ما يتجلى بشكل واضح من خلال النظر في أرقام وحصيلة هذه الرسوم الجهوية، والتي تشكل قطيعة مع مبادئ الاستقلال المالي والذاتي اللذان نادى بهما دستور 2011، وأيضا مبادئ الجهوية المتقدمة.

لذلك، يجب العمل على تمكين الجهة من التحكم في مواردها المالية وخاصة الذاتية، نظرا للأهمية البالغة لهذه المسألة، إذا أريد للجهة أن تساهم عبر البرمجة والتخطيط العقلاني، في النهوض بالتنمية الجهوية والوطنية، وأن تكون قادرة على تحقيق المشاريع والعمليات والأشغال المسطرة لتلبية الحاجيات الأساسية للسكان وخاصة الأولويات منها[12].

وكذا العمل على توسيع السلطة الجبائية للجماعات الترابية؛ بتمكينها من سلطة اختيار الأوعية الجبائية التي تناسبها، ومنحها إمكانية الاقتراح والمساهمة في تحديد الإعفاءات والتخفيضات التي تنسجم مع واقعها الترابي وخصوصياته، بالإضافة إلى منحها سلطة واسعة في إحصاء وتحصيل أوعيتها، والقيام بعملية المراقبة والتفتيش، وذلك من أجل تمكينها فعلا من حرية إدارة شؤونها، واتخاذ المبادرة، وتحقيق فعالية التدبير، ووضوح الفعل العمومي، والمسؤولية، والديمقراطية المحلية[13].

وهذا لا يمكم أن يتحقق إلا عن طريق التنصيص على نقل السلطة التنفيذية من ممثلي الدولة إلى رؤساء المجالس الجهوية؛ وهو ما تم تفعيله من خلال نص الفصل 139 من دستور 2011، الذي نص على أنه “يقوم رؤساء مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، بتنفيذ مداولات هذه المجالس ومقرراتها”. كما أن دستور 2011 عمل على التخفيف من سلطة الوصاية الممارسة على المجالس الجهوية، وذلك من خلال الفصل 136 الذي نص على أنه “يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر”، كما أنه أكد من خلال الفصل 143 من الدستور على أنه “لا يجوز لأي جماعة ترابية أن تمارس وصايتها على جماعة أخرى”، وفتح بينها إمكانية التعاون من خلال الفصل 144 حينما نص على أنه “يمكن للجماعات الترابية تأسيس مجموعات فيما بينها، من أجل التعاضد في البرامج والوسائل”.

والعمل على تعزيز اللامركزية الترابية والديمقراطية المحلية، وهو ما أكد عليه الدستور الجديد في الفصل 146 حينما تحدث عن أنه تحدد بقانون تنظيمي شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية، أو في الفصل 153 حينما نص على أن الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية، أو حينما تحدت في الفصل 155 على خضوع المرافق العمومية في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي اقرها الدستور[14].

إذن، ومن خلال جل ما تم ذكره عن المعيقات التي تعترض ملائمة القانون 47.06 للجهوية المتقدمة، يمكننا الزيادة على ذلك بالقول، بأن الجهة من خلال هذا القانون وفي الوقت الذي تم فيه سنه تعتبر غير ملائمة بتاتا، ولا يمكننا الحديث عن جهوية متقدمة في ظل قانون يعج بالعديد من السلبيات التي تضر بطبيعة الحال بالموارد المالية للجماعات الترابية.

خاتمة

ومن خلال قراءة النصوص المؤطرة للجباية المحلية وباستقراء جل محطاتها التاريخية وجذورها الجننية، والتي شكلت نقطة تحول في مجال دعم وتنمية الموارد المالية للجماعات المحلية، من خلال إحداث الرسوم، وربط طرق تحصيلها وهيكلة إدارتها فالهدف من فترة ما قبل الحماية إلى الآن هو اعتماد أو ملاءمة الجباية المحلية مع جباية الدولة.

لذلك، فنحن نتمنى كباحثين وفي أفق عاجل وعلى ضوء ما أسفر عنه تقرير المجلس الأعلى للحسابات على جبايات الجماعات المحلية لسنة 2013، أن يعاد النظر في المنظومة المالية والجبائية، ولاسيما. النظام المالي والمحاسبي، للظهير الشريف، رقم 1.76.584 والذي مر على تطبيقه ما يزيد عن ربع قرن والمرسوم رقم 2.76.576 المتعلق بسن نظام للمحاسبة للجماعات المحلية، أبان عن عدم قدرتها على مواكبة مستجدات اللامركزية ببلادنا وللمستجدات الترابية التي جاء بها دستور 2011.


[1]– ظهير 22 يوليوز المتعلق بالميزانية البلدية 1916.

[2]– سعيد جفري، “سلسلة أريد أن أعرف”، ج.9، ص : 57. 

[3]– عبد الغني خالد : “تاريخ الجباية بالمغرب (ق 19)”، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2002 .

[4]– نقصد بالمصطلح تعدد اختصاصات رؤساء الجماعات وتوسعها: (يجتمع بالمجلس باستدعاء من الرئيس، ينفذ الرئيس مقررات المجلس، يمثل الرئيس الجماعة في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية، يجتمع المجلس تحت رئاسة الرئيس، ضابط الحالة المدنية، ينفذ جميع التدابير الرامية إلى استتباب الأمن وضمان سلامة المرور والصحة والمحافظة على القوة العمومية داخل الجماعة، يطلب من السلطة المحلية استخدام القوة العمومية في نطاق القانون قصد ضمن المصالح الجماعية، الرئيس هو الرئيس التسلسلي على الموظفين، يتولى التعيين في المناصب).   

[5]– El Yaagoubi Mohamed, LA notion de régionalisation avancée dans les discours royaux, Remald, série thème actuel, numéro spécial 71, 2011, p :25.

[6]-علي بولربح، الجهوية والتنظيم الترابي نحو جهوية متقدمة بالمغرب، مطبعة طوبريس، طنجة، 2012، ص:119

[7] – رشيد لبكر، التقطيع الترابي لن ينجح بدون انخراط للمنتخبين والقوى المحلية، مقال منشور بالموقع الإلكتروني التالي لجريدة الوطن الآن:

http://alwatan-press.info

[8]– تقرير اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة، يمكن تحميله من الرابط الإلكتروني التالي:

http://www.regionalisationavancee.ma/

[9]– El Yaagoubi Mohamed, Op Cit, p :27.

[10]– مصطفى معمر، إكراهات النظام المالي للجهة بالمغرب، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد خاص، يونيو 2005، ص 174.

[11]– محمد بوجنون، السياسة الجهوية بالمغرب بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية المحلية، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية (الجهوية الموسعة بالمغرب أي نموذج مغربي على ضوء التجارب المقارنة؟) طوب بريس الرباط، الطبعة الأولى فبراير 2010، ص: 66 .

[12]محمد ولزيكي، الجهة أمام تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية- جهة فاس بولمان نموذجا، رسالة دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الجامعية 2003/2004، ص 2013.

[13]Abdellatif Ouerdighi, Mémoire de fin d’étude pour l’obtention du diplôme du cycle supérieur en gestion administrative, école nationale d’administration, 2003-2005, P: 87.

[14]هشام مليح، في الحاجة إلى إصلاح قانون الجبايات المحلية، مرجع سابق، ص:25.

Exit mobile version