الجماعات الترابية والحاجة إلى التدبير المبني على النتائجفي زمن الجائحة

الجماعات الترابية والحاجة إلى التدبير المبني على النتائج في زمن الجائحة

أحمد منيرة

باحث وإعلامي

توطئة:

التزم المغرب منذ بداية الألفية الثالثة على غرار العديد من الدول، بالتأسيس لحكامة جيدة للتدبير الإداري العمومي لمجموعة من الاعتبارات، أهمها المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإصلاحات الدستورية التي شرع فيها منذ التسعينيات من القرن الماضي، والالتزامات الدولية المنصوص عليها في هذا الإطار، والمتمثلة في:

  • حضوره في اللقاءات الدولية حول التنمية وما يترتب عنها من التزامات؛
  • والتزامه منذ 2002، باعتماد ” التدبير المبني على النتائج “، باعتباره أحدث الأنماط التدبيرية (دورية الوزير الأول المؤرخة في 25 دجنبر 2001)، خاصة وأن هذا النوع من أصبح من أهم المبادئ الخمسة الأساسية المحددة لتكون المساعدة الدولية من أجل التنمية اكثر فعالية.

إن التدبير في أصله المرجعي، عبارة عن عقلنة وترشيد في استخدام الموارد البشرية والمادية المتوفرة والمتاحة، لأجل تحقيق أهداف مرسومة من قبل المنظمة (المقاولة) (1(. وهناك أربعة أركان للتدبير بمفهومه التقليدي وهي: التخطيط، والتنظيم، والمراقبة، والتحفيز. غير أنه بالرغم من الأهمية التي حظيت بها وماتزال أركان التدبير الأصلية والتدبير بمفهومه التقليدي، فإن أنماطا جديدة للتدبير أثبتت حضورها العلمي والعملي، وذلك بالنظر إلى الطموح التدبيري المنتظر منها، ومن رهاناتها المتميزة الوصول إلى التنمية باعتبارها الغاية المثلى للتدبير.

ومن أبرز الأنماط الجديدة للتدبير الحديث:(2)

  • التدبير بالمشاريع: في إطاره، تقوم المنظمة أو الفاعل العمومي بتحديد الأولويات ومحاور التنمية والمشاريع الكبرى. ومجموع هذه العناصر يكون الاستراتيجية التدبيرية للمنظمة، ويعد “المشروع ” العنصر الأساسي في هذا النمط التدبيري.
  • التدبير بالأهداف:  يتم في إطاره تحديد الأهداف حسب أولوياتها من الناحية الزمنية ومن حيث الإمكانات المرصودة. وبناء على ذلك، تتم دراسة الإمكانات المادية والبشرية الواجب رصدها للإنجاز وأحسن الشروط لبلوغ الهدف الرئيسي أي الجودة. ويعد ” الهدف ” العنصر الأساسي في هذا النمط التدبيري.
    • التدبير التشاركي: يقوم على قاعدة المشاركة من طرف جميع المستويات المكونة للمنظمة من أطر وأعوان كل في مجال اشتغاله، انطلاقا من مبدأ أنه إذا كان العمال راضون وتم إشراكهم، فإن ذلك ينعكس على مردوديتهم وبالتالي على جودة الخدمات المقدمة، وبذلك يعد “التشارك” العنصر الأساسي في هذا النمط التشاركي.
    • التدبير الاستراتيجي: يقوم على آلية مرجعية أساسية وهي آلية التخطيط الاستراتيجي، وهذه مقاربة عصرية ترتكز على مسار استراتيجي مرحلي ينطلق من تشخيص لوضع المنظمة لمعرفة مواطن القوة أو الضعف، كنقص الإمكانات والوسائل والتجهيزات والبيئة التحتية، ومقارنة ذلك بما تتيحه من فرص أو تمثله من تهديدات، وبما يسعى إليه مختلف الفرقاء والفاعلون المعنيون بالتدخل. والتدبير الاستراتيجي بهذا المعنى، هو تعبير عن طموح مشترك يتقاسمه الفاعلون بالمنظمة، هذا الطموح يتمثل – في جانبه الإجرائي – في برامج وأولويات موجهة نحو المستقبل. وتعد “الاستراتيجية ” العنصر الأساسي في هذا النمط التدبيري.
    • التدبير المبني على النتائج: وهو ما سنركز عليه في هذه الورقة، انطلاقا من أن سياق جائحة كورونا أكد ويؤكد، أن الجماعات الترابية هي اليوم في حاجة أكثر من أي وقت مضى لاعتماد ” التدبير المبني على النتائج”، للحد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد والمجتمع المغربي حاضرا ومستقبلا. وباعتباره نمطا متقدما عن كل الأنماط التدبيرية السابقة له من جهة، وأنه يحتويها كلها؛ بدليل أنه يتضمن كل عناصرها الأساسية وهي عنصر المشروع ( التدبير بالمشاريع)، وعنصر الهدف (التدبير بالأهداف)، وعنصر التشارك (التدبير التشاركي)، وعنصر الاستراتيجية ( التدبير الاستراتيجي). وهو ما يجعل من هذه العناصر كلها مرتكزاته الجوهرية لتحقيق ” النتيجة/ النتائج ” التي تعد عنصره الأساسي، وبالتالي يتضمن عناصر الحكامة الجيدة.

ولبحث ذلك، سنتناول نمط ” التدبير المبني على النتائج “، على اعتبار أنه نموذجا متقدما اعتمده المغرب رسميا منذ 2002 كما سبقت الإشارة أعلاه، وذلك في ثلاثة مباحث التالية:

المبحث الأول: التدبير المبني على النتائج: المفهوم والمبادئ الأساسية؛

المبحث الثاني: التدبير المبني على النتائج: المفاهيم الأساسية ومؤشرات القياس؛

المبحث الثالث: التدبير المبني على النتائج: الوسائل والآليات المعتمدة.

المبحث الأول: التدبير المبني على النتائج: المفهوم والمبادئ الأساسية

سيتم التركز  في  هذا المبحث، على مجموعة من أهم المفاهيم التي قدمها خبراء في التدبير والتنمية وباحثون أكاديميون في القانون والإدارة والتعليم، بهدف البحث في تقاطعاتها وتكاملاتها واستنتاج مفهوم يمكن من أن ينطبق على المنظمات (المؤسسات – المقاولات…) العامة/ العمومية والخاصة ( الفقرة الأولى)، ثم نبين المبادئ الأساسية ” للتدبير المبني على النتائج” (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم التدبير المبني على النتائج

هناك مجموعة من المفاهيم، يمكن الاستئناس بها لأجل التعريف بالتدبير المبني على النتائج، من أهمها:

  • التدبير المبني على النتائج، نموذج يقوم على نتائج قابلة للقياس (Des résultats mesurables) – بدلا من القيام على الأهداف –، وهو يهدف إلى تحقيق أفضل فعالية وكفاءة من حيث الإنتاجية مع مراعاة جودة الخدمة(3).
    • التدبير المبني على النتائج، استراتيجية أو مقاربة في التدبير تحرس من خلالها أي منظمة (مؤسسة) على تعبئة وسائلها ومواردها ومنتوجاتها، من أجل تحقيق نتائج واضحة (4).
    • التدبير المبني على النتائج، يعد وسيلة لتحسين الكفاءة والمساءلة الإدارية ، من خلال إشراك الفاعلين الأساسيين في تحديد النتائج المتوقعة، وتقييم المخاطر والتحديات (5).
    • التدبير المبني على النتائج، مقاربة للتدبير تهدف إلى بلوغ النتائج وتحسين الشفافية، وتحميل المسؤولية بواسطة تقديم الحساب على المردودية (6).
    • التدبير المبني على النتائج، هو نمط من التدبير يهدف إلى تحقيق نتائج قابلة للقياس والوصف، انطلاقا من تعبئة كافة الموارد المختلفة لتنفيذ الأنشطة تنفيذا فعليا (7).
    • التدبير المبني على النتائج، تدبير يقوم على أساس المساءلة حول النتائج المنجزة، حسب الموارد المتوفرة (8).
    • التدبير المبني على النتائج، نمط من التدبير يولي أهمية خاصة للمؤشرات على اختلافها النوعية والكمية (9)

وعرفته المؤسسة الأمريكية للتنمية، بأنه اتجاه إداري يهدف إلى تحسين فاعلية وكفاءة الأداء خاصة في تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية، عن طريق تحديد النتائج المتوقعة من تنفيذ البرنامج أو المشروع. وبناء على الأهداف المصوغة أثناء عملية التخطيط من خلال الإمكانيات والموارد المتاحة (10).

فالتدبير المبني على النتائج، سواء اعتبرناه نموذجا أو مقاربة أو أسلوبا أو وسيلة  أو نمط تدبير للمشاريع والبرامج التنموية المقرر إنجازها من لدن منظمة أو مؤسسة معينة، فهو يقوم على تحقيق نتائج ملموسة ومحققة وواضحة، قابلة للقياس من خلال مؤشرات وآليات محددة لهذا الغرض. ومن خلال الاستخدام الأفضل والأمثل للموارد البشرية والمالية. وهو ينبني على ربط المسؤولية بالمحاسبة فيما يخص  النتائج المنجزة. ويعني تطبيق” التدبير بالنتائج ” أن البرامج والمشاريع يجب أن يكون تصميمها وتخطيطها وتنفيذها بطريقة قائمة على مشاركة جميع الفاعلين الأساسيين، في جميع مراحل تواجد المشروع أو البرنامج.

الفقرة الثانية: مبادئ التدبير المبني على النتائج

يقوم ” التدبير المبني على النتائج “، على ثلاثة مبادئ أساسية (أولا). وثلاثة مبادئ أخرى موازية لا تقل أهمية عن المبادئ السابقة (ثانيا).

أولا– المبادئ الأساسية: وتتمثل في كل من مبادئ المسؤولية، والشفافية، والشراكة.

  1. المسؤوليةوهيتطابق المساءلة والمحاسبة، أي مساءلة ومحاسبة كل من ارتكب عملا أو فعلا مخالفا لمبادئ حسن التدبير العمومي. وتعني أيضا، التتبع والمراقبة لمن يتولى تدبير الشأن العمومي، ويمكن أن تكون المساءلة سياسية، أو إدارية، أو قضائية (11).كما تعني كذلك،  ضمان بيئة عمل تكون فيها  المسؤولية عن تحقيق النتائج، واضحة التعريف من جهة، ومتقاسمة بين أعضاء فريق العمل (12). 
  2. وعلى مستوى الإدارة العامة، فإن المسؤولية الإدارية أو مسؤولية الإدارةتأخذ بعدين، بعدا قانونيا ضيقا وبعدا أخلاقيا واسعا. فالمسؤولية في مستواها القانوني أو مسؤولية السلطة العامة أو المسؤولية الإدارية، هي مسؤولية تنتج بالأساس عن خطأ في أعمال الإدارة. وتقتضي من ناحية القانون الإداري التزام الإدارة بإصلاح الضرر الذي تتسبب فيه للغير، أي أنها مسؤولة عن الخطأ المرتكب من طرف أشخاص الإدارة. أما إذا اعتبر الخطأ عملا شخصيا، بمعنى يمكن فصله عن مهام أعوان الإدارة، فإن مسؤولية هذه الأخيرة تبقى مستبعدة من حيث المبدأ. أما على المستوى الأخلاقي، فإن مسؤولية الإدارة تأخذ مجموعة من التمظهرات سواء في جوانبها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية (13).
  3. الشفافية: تعني الشفافية ممارسة حق الحصول على المعلومات والأخبار المتعلقة بالمسائل التي تهم مواطنا بعينه، أو بالقضايا الوطنية الهامة. وفي الآن نفسه، توفير إمكانية الاطلاع على أوجه الإنفاق العام. وبصورة عامة، فالشفافية هي أن تكون الأفعال والقرارات واتخاذها مفتوحة للفحص، من طرف جهات أخرى غير الإدارة مثل المؤسسات الداخلية والخارجية والمجتمع المدني. كما أنها إمكانية جد مهمة لتوسيع دائرة المشاركة والرقابة والمساءلة، من أجل تقليل الهدر والتبذير ومحاصرة الفساد (14).

      وعلى مستوى الإدارة العامة، فالشفافية الإدارية أو شفافية الإدارة: يمكن مقابلتها بالعلانية، وهذا يقتضي توفير المعلومات الدقيقة والوضوح في وقتها، مع فسح المجال أمام الجميع للاطلاع عليها، وإمكانية الاستفادة منها كل فيما يهمه، كما تساعد على اتخاذ القرارات الصائبة (15). وهي تعني أيضا، أفضل تقاسم للمعلومة وأفضل تأمين للقرارات (16). وتهدف الشفافية إلى تحويل العمل الإداري إلى سلوكات وممارسات مبنية على الوضوح من جهة، والتحمل الحقيقي لمسؤولية الشأن العام من جهة أخرى، وذلك من خلال إقرار مبدأ التشارك والانفتاح على مشاكل المواطنين. فقد أصبحت المقاربة الجديدة في ميدان التدبير العمومي في معظم دول العالم، تولي أهمية قصوى للقيم والمبادئ المثلى والشفافية.

  • الشراكة: عملية تعزز الشعور بالملكية والانخراط الذاتي، فيما بين الفاعلين وتعزز التزامهم. وهي تهدف إلى تحسين النوعية، وفعالية واستدامة المشاريع. (17). ووفقا للتعريف العام، فإن الشراكة هي أي مسعى تعاوني تضطلع به أطراف متعددة، ويمكن لهذه الأطراف أن تكون حكومات أو مؤسسات غير ربحية أو شركات أو أفراد  أو مجموعة. ويمكن أن تختلف أهداف الشراكة اختلافا واسعا. ومن الجيد عموما وضع مصطلحات محددة في مستهل الأمر، حتى يمكن تسوية الخلافات وفقا لقواعد محددة سلفا. (18).  

فالشراكة، تعني التعاون بين كل المتدخلين في مشروع أو برنامج معين، من أجل الوصول إلى اتفاق مشترك يمكن من: تحقيق نتائج محددة مسبقا وتحديد الوسائل التي ستمكن من تحقيق هذه النتائج. كما تعني الارتباط  بأشخاص أو منظمات خارجية، بغية الاتفاق عن الأهداف والنتائج التي يجب تحقيقها من خلال إنجاز المشروع أو البرنامج موضوع الشراكة . وهي تتجسد من خلال اتفاق مكتوب، يحدد التزامات وتعهدات ومهام كل طرف/ متدخل في المشروع أو البرنامج موضوع الشراكة.

ثانيا– المبادئ الثلاثة الموازية: وتتمثل هذه المبادئ الثلاثة، في كل من مبادئ البساطة، والتعلم بالممارسة، ووضع منهجية قابلة للتكيف (19):

1- البساطة: التدبير بالنتائج هو مجرد أداة للتدبير والتسيير، يمكن أن تساعد الجهات المعنية على تحديد وتحقيق النتائج المتوقعة.

2- التعلم بالممارسة: باستخدام التدبير على أساس النتائج تتحسن وتتطور خبرات الفاعلين، وبذلك يستفيدون من الخبرة المكتسبة من خلال المشاريع المنجزة.

3- وضع منهجية قابلة للتكيف: يمكن استخدام التدبير المبني على النتائج في العديد من السياقات، وفي كثير من جوانب إدارة المشروع وفي حالة المشاريع القائمة.

المبحث الثاني: التدبير المبني على النتائج: المفاهيم الأساسية ومؤشرات القياس

يطرح التدبير المبني على النتائج، جملة من الاشكالات على مستوى الأجرأة والتفعيل، الأمر الذي يستدعي بحث كل من المفاهيم المعتمدة في نمط ” التدبير المبني على النتائج ” (الفقرة الأولى)، ومؤشرات قياس النتائج (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المفاهيم المعتمدة في التدبير المبني على النتائج

إن ما يشكل أساس التدبير بالنتائج، هو أنه ” تغيير وصفي أو قياسي ناجم عن العلاقة بين السبب والنتيجة ” (20). ولذلك، فإن هذا النمط ينبني على مفهومين أساسيين: مفهوم التغيير ومفهوم السببية. وهناك ثلاثة مفاهيم أخرى لا تقل أهمية تميزه عما سبقه من أنماط تدبيرية حديثة مثل ” التدبير بالأهداف (GPO) ” لصاحبه العالم ” بيتر دراكار” (P.DRUCKER)، والذي يعد الهدف عنصره الأساسي.

– مفهوم التغيير: ينطوي مفهوم التغيير على إحداث تحول واضح ومرئي، وعميق، في الجماعة أو المنظمة أو المجتمع. والأمر هنا،  يتعلق بالتحول الجوهري (21).

– مثال: لم يكن بإمكان ساكنة التراب X الوصول والاستفادة من الماء الصالح للشرب، فأصبح بإمكانها ذلك بعد إنجاز مشروع تنموي شارك فيه عدد من الأطراف ( الجماعة، المجتمع المدني، سكان التراب المعني، مكتب دراسات…الخ).

مفهوم السببية: يوضح هذا المفهوم العلاقة بين السبب والنتيجة التي يحدثها. وبكلمات أخرى، الربط بين العمل والنشاط والنتائج التي تلت ذلك (22).

مثال: بناء سوق، حفر بئر، شراء معدات، تمكن من استفادة ساكنة تراب جماعة ما من الاستفادة من الماء الصالح للشرب.

ويجب أن تكون النتيجة (23):

– محددة: والمقصود تحديد وجوه التغيير، والفئة المستهدفة، والمجال الجغرافي….الخ؛

– قابلة للقياس: يمكن أن تقاس باستخدام المؤشرات؛

– يمكن تحقيقها: واقعية ويمكن تحقيقها في فترة زمنية معينة؛

– وثيقة الصلة بالموضوع ومنسجمة مع ما تم تحديده (لتلبية الحاجة التي تم تحديدها).

إن سلسلة النتائج، عبارة عن مجموعة من النتائج المحصل عليها على مر الزمن، والتي ترتبط كل منها بالأخرى من خلال العلاقة بين السبب والنتيجة، وتشير هذه السلسلة إلى التطور الذي يحصل من الوضع الحالي إلى رؤية تحقق التغيير.

وتشمل سلسلة النتائج ما يلي (24):

– النتائج الفورية (المخرجات)، والتي تنبع من الأنشطة (ماذا؟ وكيف العمل في المشروع؟) (الخدمات، منتجات المشروع).

– النتائج على المدى المتوسط (وتسمى أيضا النتائج الوسيطة) أو نهاية المشروع، والآثار المعروفة، والتي هي نتاج مجموعة من النتائج: الآثار المترتبة عن النتائج الفورية.

– وعلى المدى الطويل: النتيجة النهائية، وتدعى الأثر أو الآثار التي يتم الحصول عليها.

وكما سبق الذكر، هناك ثلاثة مفاهيم أخرى لا تقل أهمية عن المفهومين الأساسيين  ( التغيير والسببية) اللذين تعتمدهما مقاربة ” التدبير بالنتائج “، وهي: الهدف، النتيجة، والنشاط. وسنبين من خلال بيان مبسط الفرق بين الهدف والنتيجة (25):

– الهدف: بيان ما تنوي منظمة ما (الجماعة كمثال)، إنجازه في مرحلة من الزمن محددة.

– النتيجة: هي تغيير، تحول يمكن وصفه وقياسه، وينجم هذا التغيير/ التحول (التحولات) عن علاقة السبب والنتيجة (مفهوم السببية أعلاه). وتشكل النتيجة تلك الانعكاسات على مستويات المنتوجات، أو الخدمات، أو التنمية البشرية الفردية أو الجماعية. ولذلك، فالنتيجة هي الترجمة المادية والملموسة والقابلة للقياس للتحول الذي تنشده وترغب في تحقيقه منظمة ما، والذي أعلنت عنه كهدف قبل الشروع في مرحلة الإنجاز.

– النشاط: فهو مجموع الإجراءات، والمهام، والعمليات، والمناهج والخطط، والأدوات، التي تمكن من إنجاز خدمة محددة أو منتوج ما.

ويجب أن يتضمن بيان النتائج هدفا (أو أهدافا)، يجيب على الأسئلة التالية:

– ماذا؟:  تحديد نوع التغيير أو التحول، من خلال بيان الهدف المرغوب في تحويله إلى نتيجة مجسدة ومرئية وقابلة للقياس (أمثلة: خفض نسبة الأمية، الزيادة في نسبة الوصول والاستفادة من الماء الصالح للشرب، تقوية قدرات التدبير لدى المشاركين في المشروع).

– من؟: تحديد البيان للمستفيدين؟ (من هم المستفيدون).

– أين؟: التحديد بدقة للتراب ( البقعة الجغرافية/ المكان/ المنطقة)، الذي سينجز به المشروع/ البرنامج، ويتم تحقيق النتيجة، حتى يتأتى قياسها وتحديد المسؤوليات.

الفقرة الثانية: مؤشرات قياس التدبير المبني على النتائج (26)

لقياس النتائج المحققة، يعتمد ” التدبير المبني على النتائج ” على نوعين رئيسيين من المؤشرات: مؤشرات كمية ومؤشرات نوعية.

التدبير المبني على النتائج والمؤشر الكمي،وبيانه، أنه:

– يعطي قياسا كميا للنتيجة؛

– يتم التعبير عن ما تم إنجازه من خلال عدد( Nombre)، أو نسبة (Ratio )، أو نسبة مئوية (Pourcentage)؛

– أمثلة:

– عدد الأطر الجماعية المستفيدة من التكوين في مجال التدبير بالنتائج؛

– النسبة المئوية للمستفيدين في تراب  جماعة ” ج ”  من الوصول والاستفادة من الماء الصالح للشرب؛

– النسبة المئوية للشوارع والأزقة بالمدينة ” م “، التي تم تزويدها بالكهرباء؛

– عدد الأطر النسوية التي أسندت لها مهام التدبير في الجماعات بالمغرب؛

– النسبة المئوية للأميين بتراب جهة معينة.

ويعد المؤشر الكمي أكثر موضوعية من المؤشر النوعي، للاعتبارات التالية:

– يمكن المؤشر الكمي من تتبع النتائج بشكل أسهل وأدق، حيث إن قياس الفرق بين وضعية انطلاقة المشروع أو البرنامج والنتيجة المستهدفة، يتم بطريقة رياضية (Mathématique).

– يسهل استعمال المؤشرات العددية مقارنات النتائج المحققة من طرف المنظمة (المؤسسة/ الجماعة) المعنية، مع النتائج التي حققتها منظمات أخرى مشابهة.

التدبير المبني على النتائج والمؤشر النوعي، وهذا النوع من المؤشرات:

– يبين التغييرات والتحولات الطارئة على المواقف، والسلوكات، والكفاءات، والتصورات، والجودة، ومستوى الفهم…الخ.

– يستخدم لإعطاء  مقياس للقيم من خلال معايير نوعية؛

مثال: فيما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة لساكنة تراب X، يمكن القياس من سلم 1 (نتيجة سيئة) إلى سلم 5 (نتيجة ممتازة).

– يتم اعتماد المؤشرات النوعية عندما يستحيل القياس من خلال الأعداد والنسب المئوية والنسب، أو حينما تكون النتائج غير ملموسة. 

المبحث الثالث: التدبير المبني على النتائج: الوسائل والآليات المعتمدة

سنهتم في هذا المبحث بالآليات المعتمدة في نمط ” التدبير بالنتائج ” في مرحلتي التخطيط والتنفيذ (الفقرة الأولى)، ثم الآليات المعتمدة في مرحلتي ” المساءلة والمحاسبة ” والتقييم (الفقرة الثانية). وتجدر الإشارة، إلى أننا حاولنا في هذا المبحث التركيز على حالة الجماعات، نظرا لأهمية التطبيق السليم لهذه الآليات على مستوى التنمية المحلية.

الفقرة الأولى: الآليات المعتمدة في مرحلتي التخطيط والتنفيذ

أولا– في مرحلة التخطيط: التخطيط الاستراتيجي والمخطط الاستراتيجي، والبرمجة المتعددة السنوات، والتعاقد.

1- التخطيط الاستراتيجيإذا كان التخطيط الإداري أحد الأنشطة الأساسية التي تقوم بها الإدارات المختلفة، والذي يبدأ بتحديد رسالة المنظمة وينتهي بمتابعة تنفيذ الخطط والبرامج التي تم وضعها مسبقا. وبالتالي، لا يمكن لأية منظمة الاستغناء عن هذا النوع من التخطيط (27)، فإن التخطيط الاستراتيجي كمصطلح قد أخذ اهتماما بالغا في الفترة الأخيرة نتيجة لأهميته. ولنفهم معناه، نتساءل أولا ما هي الاستراتيجية؟

– الاستراتيجية: هي تلك الخصائص والأبعاد الأساسية والمهمة للمنظمة، والتي ترسم أو تضع المسار الرئيسي لشخصية المنظمة ووجودها واستمرار بقائها. وهي تتعلق أو تهتم برسم الرؤية، وتحديد خارطة سير المنظمة المستقبلي، وتحديد أهدافها الرئيسية، والتعرف على الفرص المتاحة وتجنب التهديدات (28).

ومن تم يبرز أن التخطيط ، هو تخطيط بعيد المدى يرسم الخط العام الذي يوجه سلوك أو نشاط المنظمة. وعلى ضوء الموارد المتاحة والممكنة، يحدد الأهداف التي ينبغي تحقيقها، ويحاول المخططون التعرف على الفرص المتاحة، وتوقع المخاطر التي تواجه المنظمة من البيئة الخارجية. فالتخطيط الاستراتيجي، يهتم بعملية القيادة والرؤية والتوقعات المستقبلية (29).

2- المخطط الاستراتيجي (30):  

– هو مخطط طويل الأمد (يمتد من 03 سنوات إلى عشر سنوات)، وهو الآلية التي تجسد على أرض الواقع التخطيط الاستراتيجي لمنظمة ما. 

– يمكن أن يحمل المخطط الاستراتيجي تسميات مختلفة. وفي هذا الصدد، ندرج مثال: ” برنامج عمل الجماعة ” الذي ينص عليه القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 في مادته 78.

– يجب تحيين المخطط الاستراتيجي، للأخذ بعين الاعتبار تطور الوضعية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الصدد، تنص المادة 80 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14، على أنه يمكن تحيين برنامج عمل الجماعة ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ. وعلى ذلك، يجب إدماج المخطط الاستراتيجي في ميزانية المنظمة.

3التعاقد: ويعتمد في تحديده، على العناصر التالية:

– التزاممتبادلبين طرفين أو أكثر؛

– يقتضي التعاقد  وجود اتفاق/ عقد مكتوب، يتضمن حقوق والتزامات وواجبات وتحملات وتكاليف كل طرف من الأطراف المعنية بالتعاقد. كما يحدد العقد بين الأطراف المتعاقدة؛

– يحدد العقد بين الأطراف المتعاقدة مدة التعاقد.

4البرمجة المتعددة السنوات: وهي آلية تنص عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، ومنها القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14، الذي ينص في مادته 79 على أن ” تعمل الجماعة على تنفيذ برنامج عملها وفق البرمجة المتعددة السنوات المنصوص عليها في المادة 183 من هذا القانون التنظيمي”.

ثانيا – في مرحلة التنفيذ: وتضم هذه المرحلة:

1) خطة العمل السنوية المدمجة في الميزانية:  وهذهآلية/ أداة  للتدبير العملي، تحدد بالنسبة لكل نتيجة ولكل نشاط ينبغي إنجازه (31):

– النتيجة النهائية المنتظرة أو التأثير؛

– الوصف الموجز ولكن الواضح للنشاطات والأعمال الضرورية، لتحقيق النتيجة المرجوة على المدى القصير؛

– المسؤول عن إنجاز كل نشاط أو عمل. وفي حالة وجود فريق أو مجموعة مكلفة بإنجاز العمل أو النشاط ، ينبغي تحديد المسؤول عن عمل الفريق أو الوحدة؛

– الشريك الذي يساهم في إنجاز المشروع/ البرنامج؛

– تاريخ نهاية المشروع/ البرنامج.،

– تكلفة كل نشاط.

إن خطة العمل السنوية المدمجة في الميزانية، آلية يتم من خلالها تنفيذ البرامج والمشاريع التي يتضمنها المخطط الاستراتيجي،  برنامج عمل الجماعة مثالا على ذلك. ومن خلال هذه الخطة تحدد المنظمة بشكل واضح، تخطيط النشاطات والأعمال التي تساهم في تحقيق النتائج المعلن عنها في بيان خاص. وتمكن هذه الآلية المسؤول عن التدبير والتسيير، من إعداد استراتيجيته لتتبع مستوى الأداء بالنسبة لكل مشروع/ برنامج. ومن المهم جدا، أن يكون مخطط العمل مرنا وعمليا، حتى يتأتى للمدبر تقويم ما يجب تقويمه خلال السنة. وعلى العكس من ذلك، ينبغي الابتعاد عن كل السلوكات البيروقراطية.

2) لوحة القيادة لتتبع مخططات العمل (32): 

-هي أداة/ آلية،  للتدبير العملي الذي يمكن من تحديد مدى تقدم إنجاز النشاطات / الأعمال المحددة مسبقا من أجل تحقيق نتيجة محددة؛

-تحدد مصدر المعلومة؛

– تشرح الفرق الحاصل بين وضعيتين أو أكثر إذا كان هناك فرقا؛

-تحدد ما ينبغي القيام به من إجراءات تمكن من تحقيق النتيجة اللازم تحقيقها؛

 – تمكن من تحديد تاريخ جديد لنهاية المشروع/ البرنامج عند الاقتضاء.

      يتم إعداد لوحة القيادة، انطلاقا من خطة العمل السنوية المندمجة في الميزانية، ويتمثل الهدف الرئيسي لها، في تنفيذ مخططات العمل.

3) منظومة GID ومنظومة GIR: إذا كان المشرع قد جسد التزامه الدولي بتنفيذ منظومة ” التدبير المبني على النتائج “، من خلال التنصيص في القوانين التنظيمية الثلاثة للجماعات الترابية، على:

– مسؤولية الآمرين بالصرف فيما يخص قبض المداخيل وصرف النفقات، وعهد لهم بالعمليات المالية والمحاسبية المترتبة عن تنفيذ الميزانيات إلى جانب المحاسبين العموميين؛

– وإيداع الميزانيات بعد التأشير عليها بمقرات هذه الجماعات الترابية، لمدة خمسة عشر (15) يوما تطبيقا لمبدأ الشفافية؛

– وتطبيق مبدأ التدبير الزمني، لما له من أهمية في تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية المسطرة من طرف مجالس الجماعات الترابية. وبالتالي، تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة.   

إذا كان الأمر كذلك، فإن الدوريات الوزارية المتعلقة بإعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنوات 2019 و 2020 و 2021، شددت على الالتزام بمنظومتي “التدبير المندمج للنفقات” (GID) و”التدبير المندمج للمداخيل” (GIR)، لتحقيق نقلة نوعية على مستوى تنفيذ الميزانيات وتعديلها في حالة الاقتضاء.

ففيما يخص منظومة التدبير المندمج للنفقات (GID): تنص الدوريات الثلاث على إجبارية إدماج العمليات المتعلقة ببرمجة الميزانية ( من الإعداد إلى التأشير)، وإدراجها ضمن منظومة ” التدبير المندمج للنفقات “. والاستمرار في اعتماد التبويب الجديد للميزانيات، والذي تم وضعه ضمن هذه المنظومة. وقد تم ربط تأشير السلطات المكلفة بالمراقبة الإدارية على الميزانيات بإدماج كل العمليات المالية والمحاسبية ضمنها.

وهنا يمكننا طرح السؤال التالي: هل تتوفر الشروط الموضوعية لإنجاح هذه المنظومة، بدءا من شرط الموارد البشرية؟

وفيما يخص منظومة “التدبير المندمج للمداخيل” (GIR): فعملا بمبدأ “التعلم بالممارسة”، وهو أحد المبادئ الموازية في نمط ” التدبير المبني على النتائج” التي لمسناها في المبحث الأول، تنص الدورية الأخيرة المتعلقة بإعداد وتنفيذ الميزانيات برسم سنة 2021 على تعميم منظومة (GIR) على مختلف الجماعات الترابية في متم سنة 2020 على أقصى تقدير. وهي تلزم الآمرين بالصرف بإدماج المرافق العمومية المحلية وخصوصا أسواق الجملة والمجازر بنظام التدبير المندمج للمداخيل، وذلك عبر توفير المتطلبات التقنية والمادية اللازمة. 

إلى جانب الآليات التي تمت ملامستها فيما تقدم، هناك آليات معتمدة في مرحلتي ” المساءلة والمحاسبة ” والتقييم.

الفقرة الثانية: الآليات المعتمدة في مراحل المساءلة والمحاسبة والتقييم

أولا– في مرحلة “المساءلة والمحاسبة”: لا يمكن الحديث عن التقرير السنوي للتدبير باعتباره آلية من آليات” التدبير المبني على النتائج”، من دون ربطه ب “مساءلة ومحاسبة” الشخص المكلف أو الوحدة الإدارية المكلفة بنشاط أو عمل محدد، والمقصود بالمحاسبة والمساءلة (33):

– أن يشرح ويوضح المكلف بإنجاز مشروع  أو برنامج أو نشاط  الأعمال المنجزة تحت مسؤوليته، ويقدم المعلومة المطلوبة له ويكون شفافا؛

– مراقبة وإنذار المعني بالمحاسبة والمساءلة؛

– قيام المحاسبة والمساءلة الداخلية، بناء على تقارير تخضع للتراتبية الهرمية، وهي تستمر طيلة السنة؛

– تقوم المحاسبة الخارجية بناء على تقرير سنوي للتدبير، الذي هو الوثيقة الأساسية بالنسبة للمنظمة والتي تقدمها للمنتخبين وللمواطنين، وللشركاء في المشروع أو البرنامج. ويتعلق الأمر بالنتائج المنجزة مقارنة بالالتزامات المسطرة في المخطط الاستراتيجي؛

– تهدف المحاسبة والمساءلة إلى مقارنة المنجزات (النتائج) مع الالتزامات، بغية تحسين وتجويد الخدمات والمنتوجات والإنجازات.

إن مفهوم “المساءلة والمحاسبة”، يختلف عن مفهومي المراقبة و التقييم. وتتم المراقبة لمعرفة مدى مطابقة وملاءمة العمل أو النشاط المنجز للقوانين التشريعية والتنظيمية والإدارية المعمول بها ( القوانين، القواعد، المراسيم، السياسات، التوجيهات الإدارية…الخ). أماالتقييم، فهو حكم على مشروع أو برنامج انطلاقا من تحليل النتائج بغية اقتراح عناصر التقويم.

– الآلية المعتمدة (التقرير السنوي للتدبير) (34):

-وهو يدخل ضمن دورة التدبير المبني على النتائج؛

– ويقدم النتائج المحققة مقارنة بالأهداف المحددة مسبقا في التخطيط الاستراتيج؛

– ويجب أن يبين مدى الملاءمة بين مهمة الجهاز، والتخطيط الاستراتيجي، والقدرات التنظيمية، والنتائج المحققة.

ويواكب النتائج المحققة شروحات وتوضيحات، وتحاليل النتائج ومقارنتها، بغية الوضع في السياق ما يلي: ما مكن من تحقيق النتائج المنجزة، أو تجاوزها، أو على العكس من ذلك ماهي الأسباب التي حالت دون تحقيق النتائج المنتظرة. ويقدم واضعو التقرير، توصيات ومقترحات تمكن من تصحيح وتقويم نقائص المشروع أو البرنامج أو النشاط. وحينما تكون النتائج المحققة واضحة وقابلة للقياس ومعروفة من طرف جميع المتدخلين في المشروع، فإن التقرير السنوي للتدبير يعكسها بوضوح، وبالتالي تكون المساءلة والمحاسبة سهلة ومرنة.

ثانيا– الآليات المعتمدة في مرحلة التقييم: حالة الجماعات

التقييم هو منهج صارم يهدف إلى اتخاذ حكم حول برنامج، أونشاط، أو مشروع، بغية تقييم ملاءمته وفعاليته من جهة، وتقديم التوصيات والمقترحات الضرورية التي  تمكن من تقويم نقائصه واختلالاته من جهة ثانية. (35) .ويتم اعتماد مجموعة من آليات التدبير في مرحلة التقييم من أهمها آلية الموازنة السنوية (الميزانية)، وتقارير التدقيق الداخلي الذي أصبحت الهيكلة التنظيمية لكل جماعة تتضمن مصلحة خاصة به تعمل تحت إشراف رئيس الجماعة. ويهدف المشرع من خلال آلية التدقيق الداخلي إلى رفع مستوى التدبير الجماعي، وتقويم الاختلالات والنقائص في الوقت المناسب، وبالتالي تسهيل” المساءلة والمحاسبة”. 

وتمكننا القراءة المتمعنة في وثيقة” برنامج تحسين أداء الجماعات” الصادرة في هذا الشأن، التي أريد منها أن تكون خارطة طريق لتجويد التدبير العمومي، من رصد مجموعة من الآليات الحديثة للتدبير التي يجب اعتمادها  في مرحلة التقييم ، والتي تمكن من تجسيد ثقافة ” التدبير المبني على النتائج”، يمكن الكشف عنها من خلال: (36)

1- القوائم المالية والمحاسبية: يعد نشر القوائم المالية والمحاسبية شرطا أساسيا للشفافية المالية والحكامة الجيدة للجماعات، وتجد هذه الآلية سندها القانوني في المادة 275 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14، التي تنص على أنه ” يتعين على رئيس مجلس الجماعة وكذا الأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام أو الخاص والتي تقوم بتسيير مرفق عمومي تابع للجماعة، أن تعمل على إعداد قوائم محاسبية ومالية، تتعلق بتسييرها ووضعياتها المالية واطلاع العموم عليها. يمكن نشر هذه القوائم بطريقة الكترونية (…)”.

2- التقييم السنوي لتنفيذ برنامج عمل الجماعة: يعد برنامج عمل الجماعة، أداة ضرورية للتخطيط من أجل إنجاز استثمارات الجماعة. والتقييم السنوي هو فرصة للوقوف على مدى إنجاز برنامج العمل، ومناقشة إكراهات تنفيذه عند الاقتضاء. ويخضع للتقييم تقرير تنفيذ برنامج عمل الجماعة، الذي أنجز من طرف رئيس  الجماعة. كما يجب الإدلاء بمحضر اجتماع مجلس الجماعة الذي تم فيه التداول حول تقرير تقييم تنفيذ برنامج عمل الجماعة. وتجد هذه الآلية سندها القانوني، في المواد 78 و79 و80 و81 و82 من القانون التنظيمي للجماعات، وكذا في المراسيم الصادرة التي تشرح مقتضيات القانون التنظيمي في هذا الشأن(37).

3- البرمجة الممتدة على ثلاثة سنوات: تتيح البرمجة الممتدة على ثلاث سنوات التحكم في تطور النفقات، ووضع ميزانية الجماعة على أساس منطق التخطيط وتحسين الموارد. ويجب إدراجها بميزانية الجماعة المؤشر عليها من طرف عامل العمالة أو الإقليم برسم السنة الجارية. وتجد هذه الآلية سندها القانوني في المادة 183 من القانون التنظيمي للجماعات، وكذا في المرسوم والقرار الوزاري الصادرين في هذا الشأن  (38).

4-البرنامج التوقعي للصفقات: يتيح نشر البرنامج التوقعي للصفقات إعلام المقاولات عن توقعات شراء الجماعات، وبالتالي يشكل تعهدا بالشفافية. وينبغي نشره على أبعد تقدير بتاريخ 31 مارس من السنة N (39).

5-هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع: وهي آلية يحرص المشرع على أن تؤدي الدور المنتظر منها  في مرحلة التقييم، حيث تشكل جهازا ديمقراطيا تشاركيا، ينص عليها القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14في المادتين 32 و 120منه. وهي تتيح للمجتمع المدني أن يكون قوة اقتراح ويسمح له بالمشاركة في تطوير الحكامة الجيدة على مستوى الجماعات.ويحرص المشرع من خلال الهيئات المختصة في المراقبة كالمجالس الجهوية للحسابات، على تفعيل هذه الآلية الحديثة لتجويد التدبير العمومي،  حيث تقوم بتقييم محاضر اجتماعات هيئة المساواة وتكافؤ الفرص للتأكد من إدلائها بآرائها فيما يخص قضايا النوع والمساواة. (40).

الهوامش:

1- سعيد جفري، الحكامة وأخواتها، شركة سوماديل، الدارالبيضاء، 2010، ص 17.

2- المرجع السابق ص23.

3- “Cahier de participation” (بالفرنسية)، معد من طرف المديرية العامة للجماعات الترابية (التسمية الحالية)، والوكالة الكندية للتنمية الدولة، ومديرية تكوين الأطر الإدارية والتقنية، مشروع الحكامة المحلية بالمغرب/ مارس 2010/ بتصرف في الحالات التي استدعت تحيين المعطيات/ ص29/30

4- برنامج الأمم المتحدة (PNUD)

5- ” دليل التخطيط الترابي والتدبير بالنتائج”، معد من طرف المديرية العامة للجماعات المحلية (الترابية التسمية الحالية)، ووكالة التنمية الاجتماعية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمعهد العالي للجماعات المحلية (الترابية) والغرف المهنية. (2010)/ ص19

6- عرض حول التدبير بالنتائج تحت إشراف الأستاذ أحمد بنطاطي، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة  طنجة- تطوان – الحسيمة فرع العرائش، مسلك تكوين أطر الإدارة التربوية فوج 2017/2018/ ص17

7- المرجع السابق/ ص17

8- المرجع السابق/ ص18.

9- المرجع السابق/ ص18

10- جمال أمقران،  التدبير المبني على النتائج، مجلة القانون الالكترونية، مقالة صادرة في 16 يناير 2018. زيارة الموقع في 22/8/2020.(www.maroclaw.com)

11- سعيد جفري، كتاب ” ما الحكامة؟ ” / مكتبة الرشاد سطات/ 2014. ص86

12- كتاب المشاركة السابق الذكر. ص44

13- سعيد جفري، كتاب ” ما الحكامة؟ “/ مرجع سابق/ص165

14- سعيد جفري، المرجع السابق/ ص 164/ 165

15- ص 164/ المرجع السابق.

16- ص 44 من كتاب المشاركة/ مرجع سابق.

17- دليل التخطيط الترابي والتدبير بالنتائج/ مرجع سابق/ ص21

18 – www.trading-secrets.guru (تاريخ التصفح نهاية غشت 2020)

19-  دليل التخطيط الترابي والتدبير بالنتائج ص21/ و كتاب المشاركة ص44/ مرجعان سابقان.

20- دليل التخطيط الترابي والتدبير بالنتائج ص19/ مرجع سابق

21- كتاب المشاركة ودليل التخطيط الترابي السابقي الذكر.

22- كتاب المشاركة السابق الذكر/ ص60

23- دليل التخطيط الترابي والتدبير بالنتائج السالف الذكر/ص19

24- ص 20 المرجع السابق

25- ص 60/61 من كتاب المشاركة السابق الذكر

26- ص 75/76 المرجع السابق

27- نبيل ذنون الصائغ/ كتاب ” الإدارة مبادئ وأساسيات” / عالم الكتب الحديث/ الأردن/ 2011. ص73

28- ص 74/ المرجع السابق.

29- سعيد جفري وأحمد منيرة/ كتاب ” الإدارة العمومية وسؤال الإصلاح”/ شركة سوماديل الدارالبيضاء / 2013.ص85

30- ص 97 كتاب المشاركة، السالف الذكر.

31- ص 112/ 113 كتاب المشاركة السالف الذكر.

32- ص 119 المرجع السابق

33- ص 121 المرجع السابق

34- ص 125 المرجع السابق

35- وزارة الداخلية/ المديرية العامة للجماعات المحلية (الترابية) والمفتشية العامة للإدارة الترابية/ برنامج تحسين أداء الجماعات، بطائق المؤشرات/ نسخة أولية ماي 2019.

36- المادتان 2و3 من المرسوم 290.17.2 بتاريخ 14 رمضان 1438 (9 يونيو 2017) بتحديد طبيعة وكيفية إعداد ونشر المعلومات والبيانات الواردة في البيانات المالية والمحاسبية. والمرسوم رقم 287.17.2 صادر في 09 يونيو 2017 بتحديد كيفيات وشروط حصر النتيجة العامة لميزانية الجماعة.

37- المادتان 14 و 15 من المرسوم رقم 301.16.2 المتعلق بمسطرة إنجاز وتتبع وتحيين وتقييم برنامج عمل الجماعة وكذا وسائل الحوار والتشاور المستعملة خلال فترة إنجازه.

38- المرسوم رقم 307.16.2 بتحديد مضمون البرمجة الممتدة على ثلاث سنوات الخاصة بميزانية الجماعة وكيفيات إعدادها (الجريدة الرسمية عدد 6562 بتاريخ 20/4/ 2017). وقرار وزير الداخلية 671.18 مؤرخ في 7 مارس 2018 بتحديد نموذج البرمجة الممتدة على ثلاث سنوات للجماعات.

39- المادة 14 من المرسوم رقم 349.12.2 الصادر في 8 جمادى الأولى 1434 ( 20مارس 2013) المتعلق بالصفقات العمومية. والقرار رقم 1872.13 المتعلق بنشر الوثائق على البوابة المغربية للصفقات العمومية الجريدة الرسمية رقم 6147 بتاريخ 01/08/ 2013.

40- نظام التنقيط: النقط الواجب منحها عند التقييم: نعم/لا. (مؤشرات قياس نوعية، كما رأينا سابقا)/. نعم: إذا عقدت هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع ثلاثة اجتماعات على الأقل بدءا من سنة 2020. لا: إذا عقدتهذه الهيئة أٌقل من 3 اجتماعات بدءا من سنة 2020.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *