Site icon مجلة المنارة

الجرائم الماسة بالحياة الخاصة: جريمة انتهاك الحق في الصورة –نموذجا

الجرائم الماسة بالحياة الخاصة: جريمة انتهاك الحق في الصورة –نموذجا-.

                                                                              ياسين الكعيوش

                                                                            باحث بسلك الدكتوراه

                                                                            جامعة سيدي محمد بن عبد الله

                                                                              كلية الحقوق –فاس-

    مقدمة:

     مرت حقوق الإنسان بمجموعة من المراحل وقطعت أشواطا متعددة حتى صنفت ضمن أجيال من الحقوق، وشكلت في مجموعها منظومة كلية لا تقبل التجزئة، ويعتبر الحق في الحياة الخاصة أحد تلك الحقوق التي عملت القوانين على صيانتها من كافة صور المساس والاعتداء؛ عن طريق أداة القانون الجنائي الذي يبيح للأفراد داخل المجتمع بإتيان أفعال معينة، ويلزمهم بالامتناع عن ارتكاب أفعال أخرى مقابل جزاءات لمن خالف ذلك، حفاظا على الأمن والاستقرار الاجتماعي.

      ونظرا للتقدم العلمي السريع واتساع استخدام أجهزة الاتصال الحديثة على نطاق واسع، فقد تعرضت الحياة الخاصة لانتهاكات متعددة، مما دفع معظم التشريعات إلى بسط حماية أكبر للحق في الخصوصية، كأحد الحقوق الفردية المعبرة عن الحرية الشخصية، وإن اختلفت هذه التشريعات في وضع مفهوم محدد للحق في الحياة الخاصة، فإن الفقه عرفها من زاوية الحق في الحياة الأسرية والشخصية والداخلية والروحية للشخص، عندما يعيش وراء بابه المغلق، وقد قيل أن الحق في الحياة الخاصة هو حق الفرد في استبعاد الآخرين من نطاق حياته الخاصة، والحق في احترام ذاتيته الشخصية، ويعني أيضا حق الشخص في أن يحتفظ بأسرار من المتعذر على العامة معرفتها إلا بإرادة صاحب الشأن، والتي تتعلق بصفة أساسية بحقوقه الشخصية([1]).

       لكن يبقى أشهر تعريف للحياة الخاصة، هو التعريف الذي وضعه معهد القانون الأمريكي، حينما عرف الحق في الحياة الخاصة من زاوية المساس بها بقوله ” كل شخص ينتهك بصورة جدية وبدون وجه حق، حق شخص أخر في ألا تصل أموره وأحواله إلى علم الغير، وألا تكون صورته عرضة لأنظار الجمهور، ويعد مسؤولا أمام المعتدى عليه”([2]).

      وصفوة القول إن الحق في الحياة الخاصة في بداية القرن العشرين، لم يلقى أي اهتمام من قبل التشريعات الجنائية حيث رفضت الاعتراف به كحق مستقل بذاته، ومبررها في ذلك آنذاك أن فكرة هذا الحق تعد غامضة وغير واضحة المعالم والحدود، وبالتالي تمت معالجته من منظور علم الأخلاق وعلم الاجتماع، ولم يتسنى للقوانين الجنائية سوى تجريم فعل القذف والسب، لأن الهدف هنا هو التحقير والحط من كرامة الشخص، أما من يذكر أمورا حقيقية تخص حياة شخص معين فلا يسأل جنائيا([3]).

      بيد ان مع مرور الوقت اتجهت غالبية الفقه إلى إقرار الحق في الحياة الخاصة، بوصفه حقا قائما بذاته، بعدما استشعر الجميع أهمية هذا الحق، كما لقي اهتماما دوليا حينما نصت المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه” لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته”. كما نصت المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على” لا يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير قانوني بخصوصيات أحد أو بعائلته أو بيته أو مراسلاته”([4]).

     لذا عملت أغلب الدساتير الحديثة وباختلاف فلسفة نظمها القانونية تضمين الحق في الحياة الخاصة، بجعله حقا دستوريا وجب حمايته من أي اعتداء أو انتهاك، حيث نص الدستور المغربي ضمن الفصل 24 “ لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. لا تنتهك حرمة المنازل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون.

    لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون…“.

     وإذا كان مفهوم الحق في الحياة الخاصة جديد على الفكر القانوني، فإن للمرجعية الإسلامية السبق في إقراره وبيانه وتجسيده بطريقة دقيقة، فالمولى عز وجل ينهانا عن التجسس والاطلاع على أعراض الناس لقوله سبحانه وتعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ([5]). وقد نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات الآخرين، وعملا بذلك ذهب الفقهاء إلى القول بتحريم التجسس واستندوا في ذلك على قوله صل الله عليه وسلم” إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”([6]).

     لكن بعد تطور نمط الاعتداء على الحياة الخاصة للأشخاص باستغلال التقدم التكنولوجي، والذي أدى إلى الابتزاز وانتشار الأخبار الزائفة والمعلومات والأقوال السرية وتداولها على نطاق واسع، حاول المنتظم الدولي جاهدا التفكير في إيجاد مرجعية دولية تؤطر الجرائم المعلوماتية، بعدما استفحلت نوعيتها التي لا تؤمن بالحدود الجغرافيا ولا السياسية بين مختلف دول العالم؛ وهو ما تحقق خلال سنة 2001 بصدور اتفاقية “بودبست” الخاصة بمكافحة الجريمة المعلوماتية والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004 لتكون بداية تحول في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية على الصعيد الدولي([7]).

     وأمام تلك التحديات الراهنة للتكنولوجية وسرعة انتقال وانتشار الصور والمعطيات التي ألحقت ضررا مباشرا بحرمة الحياة الخاصة، فقد كان لزاما على المشرع الجنائي المغربي أن يبسط حمايته القانونية على الحق في الحياة الخاصة بعدما طالته انتهاكات كثيرة، مستجيبا لمبدأ الشرعية الجنائية ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني” الذي كان يمنع ملاحقة بعض الأفعال المستحدثة، وهو ما تجسد فعلا من خلال التعديلات المدخلة على القانون الجنائي عن طريق قانون محاربة العنف ضد النساء رقم  103.13 الذي دخل حيز التنفيذ في 12 شتنبر 2018([8]) المتمم والمعدل لبعض مقتضيات القانون الجنائي؛ والذي جرم من خلاله المشرع ضمن الفصول 1- 447 و2-447 و 3-447، مجموعة من الأفعال اعتبرها اعتداء على حرمة الحياة الخاصة خصوصا المرتكبة بوسائل معلوماتية حديثة. أهمها:

      ومن البديهي أن يتفطن المشرع الجنائي إلى تجريم تلك الأفعال الماسة بالحق في الحياة الخاصة، نتيجة الانتهاكات التي مست الفرد في ذاته وجوهره وسمعته، بعدما أصبحت نعمة التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، نقمة على حياة البعض الذي يفضل كتمان أموره الخاصة.

       وقد سبق للمشرع المغربي أن جرم مسألة التدخل في الحياة الخاصة للأشخاص، وكذلك المس بالحق في الصورة وذلك بموجب قانون الصحافة والنشر رقم 88.13([9]) الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 15 غشت 2016، حيث اعتبر هذا القانون كل تعريض لشخص يمكن التعرف عليه، وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص تتعلق بحياتهم الخاصة، ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة أو الرأي العام جريمة معاقب عليها، والملاحظ على المشرع أنه جرم فعل التدخل في الحياة الخاصة إذا تم النشر في هذه الحالة دون موافقة الشخص المعني بالأمر، أو إذا كان ما تم نشره من معلومات يقصد منه المس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم.

    لكن ما دامت هذه المقتضيات جاء التنصيص عليها ضمن قانون الصحافة والنشر وهو قانون خاص، تبقى مقتضياته قاصرة على فئة الصحافيين والصحافيات والمؤسسات الصحافية حسب المادة الأولى منه؛ ومن ثم طرحت إشكالات واقعية حينما ترتكب هذه الأفعال من طرف أشخاص عاديين على مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية؛ حيث كان التعويض فقط في إطار المسؤولية التقصيرية طبقا للفصل 77 ق ل ع م الذي ينص على كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا أثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر .

    لذا فإن المصالح الاجتماعية كلما بلغت في نظر المشرع قيمة كبيرة، كلما أسدل عليها ستار الحماية الجنائية معتبرا المساس بها جريمة تحرك مسؤولية فاعلها ويستتبع إنزال العقاب الزجري به، ومن بين هذه المصالح الاجتماعية حق الشخص في حياته الخاصة.

    وتأسيسا على ما سبق، يمكن التساؤل عن: ما هو نطاق مبدأ الشرعية الذي حدده المشرع في تجريم فعل تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته ؟

    هذا ما سنحاول إبرازه من خلال الحديث عن العناصر التكوينية لهذه الجريمة، على النحو الأتي:

المطلب الأول: الركن القانوني.

المطلب الثاني: الركن المادي.

  المطلب الثالث: الركن المعنوي.

     لكي يعتبر فعل أو امتناع جريمة بالمفهوم القانوني (بدل الاجتماعي أو الديني) يقتضي توفر مجموعة من الشروط، إذ تشكل هذه الأخيرة العناصر المكونة للجريمة والمحددة لطبيعتها ووصفها، وهي بمثابة أركان تقوم عليها، لذا يستلزم لقيام جريمة معينة ركن قانوني (مبدأ الشرعية) يحدد النموذج الإجرامي محل التجريم (المطلب الأول)، وركن مادي صادر عن الجاني (المطلب الثاني) ثم ركن معنوي والمتمثل في القصد الجنائي (المطلب الثالث).

المطلب الأول: الركن القانون

   إن الشرعية الجنائية تقتضي وجود نص قانوني سابق لفعل الاعتداء، وهذا إقرار لأهم مبادئ القانون الجنائي ألا وهو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات([10])، “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني”([11]). والذي يقتضي أن يكون النص الجنائي المجًرم لبعض الأفعال مبينا بصورة واضحة ودقيقة، الأمر الذي يضمن تحقيق فعالية أكبر أثناء تطبيقه، ويعد أيضا قاعدة أساسية يبنى عليها النظام الجنائي في الدول الحديثة، وأخذت بها كل الدول في دساتيرها([12]).

    ولعل التطورات السريعة في عالم المعلوميات والأجهزة الرقمية مست جانبا من حياة الأشخاص نظرا لسهولة وسرعة انتقال الصور الشخصية وتداولها في العالم الافتراضي. هذا الأمر جعل القانون الجنائي في صيغته الماضية في موضع لا يحسد عليه، إذ بات غير قادر على ملاحقة بعض الأفعال المستحدثة الماسة بصورة الشخص، والتي كانت نتاج الجانب السلبي للنظام المعلوماتي، ومن ثمة تفاعل المشرع الجنائي بإضافة مقتضيات جديدة لسد الفراغ التشريعي، حيث حدد السلوك المراد تجريمه وعقوبته والتي اعتبره انتهاكا لحق الشخص في صورته، في ثلاث حالات:

      الحالة الأولى : حين قيام الفاعل بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته، عمدا وبأية وسيلة، فإن العقوبة هي الحبس من ستة أشهر إلى ثلاثة سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، حسب الفصل 1- 447 ق ج الفقرة الثانية.

      الحالة الثانية: حين قيام الشخص ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته… فإن العقوبة هي من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات حبسا وغرامة من 2000 إلى 20.000 درهم. حسب الفصل 2-447.

      الحالة الثالثة: وهي في حالة العود أو ارتكاب الجريمة من طرف الزوج أو الطليق أو الخاطب أو أحد الفروع أو أحد الأصول أو الكافل أو شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها أو ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد قاصر، ترفع العقوبة إلى الحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 5.000  إلى 50.000 طبقا لما ورد ضمن الفصل 3-447 ق ج. 

     إن الوصف القانوني للأفعال التي حددها المشرع في النصوص القانونية أعلاه، تبقى غير كافية للقول بوجد جريمة تدخل تحت خانة العقاب، وإنما لابد من ترجمة هذه الأفعال واقعيا في العالم الخارجي حسب النموذج الإجرامي المرسوم لها سلفا من المشرع الجنائي، وهو ما يسمى بالركن المادي للجريمة الذي نسعى لإبرازه في النقطة الموالية.

المطلب الثاني: الركن المادي

     يعد الركن المادي ركيزة أساسية لتحقق جريمة ما، لكون المشرع لا يعاقب على مجرد النوايا والأفكار الإجرامية، ولا حتى التصميم على ارتكابها-الأعمال التحضيرية- إذا لم توصف بالمحاولة([13]). وبناءا عليه، فالركن المادي يعد أهم وأبرز أركان الجريمة، -ربما الجريمة نفسها أحيانا- حينما تتميز بضعف ركنها المعنوي، إذ بمجرد الامتناع عن تنفيذ ما أمر به القانون تتحقق الجريمة، وبهذا الركن تقوم الجريمة، وذلك عن طريق السلوك الإجرامي.

     ويأخذ الركن المادي في جريمة انتهاك حق الشخص في صورته، إحدى صور النشاط الإجرامي وهي: “ تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته، وباعتبار هذه الجريمة من الجرائم الشكلية([14]) التي يعاقب عليها القانون بمجرد إتيان الفاعل للنشاط الإجرامي، فإن النتيجة الإجرامية والعلاقة السببية لا أهمية لهما في العناصر التكوينية للجريمة، مما يعني أن المشرع المغربي قد لا يأخذ بعين الاعتبار ما قد ينجم عن الجريمة من أضرار فعلية، بقدر ما ينظر إلى الأخطار المحتملة التي قد تترتب عنها، والتي قد تعرض مصالح أساسية في المجتمع للخطر، وهي إفشاء خصوصية شخص عن طريق صوره التي لا يريد أن يشاركها مع الغير.

    لهذا تقتضي خصوصية جريمة “ تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته،توافر الشروط التالي:

              الشرط الأول: تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص.

            الشرط الثاني: توافر وسيلة في ارتكاب الفعل.

            الشرط الثالث: صورة الشخص أثناء تواجده بمكان خاص.

            الشرط الرابع: ارتكاب الفعل دون موافقة صاحب الصورة.

الشرط الأول: تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص.

   يتبين أن النشاط الإجرامي في الجريمة محل الدراسة، يتجسد في سلوك ايجابي([15]) وله أربع صور وهي: (تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع).

  1. مصطلح التثبيت: الذي أورده المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفصل 1- 447 ق ج  الفقرة الثانية، مفاده قيام الجاني بأخذ والتقاط صورة للمجني عليه وهو بمكان خاص، باستعمال وسائل كيفما كانت بما فيها الوسائل المعلوماتية الحديثة، حيث استعملت التشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي والمصري والجزائري([16])، مصطلح “الالتقاط” بكونه الأخذ والحصول على الشيء مصادفة دون جهد أو نية في ذلك([17]).

فالمشرع كان دقيقا في توظيف مصطلح التثبيت، حيث لا تتحقق جريمة “تثبيت” صورة الشخص من خلال العين المجردة أو باستعمال منظار عادي، كأن ينظر شخص لصورة شخص أثناء تواجده بمكان خاص لا يريد أن يراه فيه أحد، فهذا السلوك لا يقع تحت طائلة التجريم المنصوص عليه في هذا الباب، لأن الوسائل المستعملة (العين أو المنظار) لا يمكنها تثبيت صورة الشخص على دعامة ملموسة كالأجهزة والتقنيات الحديثة.

         الشرط الثاني: توافر وسيلة في ارتكاب الفعل.

     يتعلق الشرط الثاني في الركن المادي بوسيلة ارتكاب فعل (التثبيت أو التسجيل أو البث أو التوزيع) حيث ورد في  الفصل 1- 447 ق ج  مصطلح “”بأية وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية“”. إذ يدخل في حكمها آلات التصوير الفوتوغرافية أو الهواتف أو الحواسيب([20]).

    وبالنظر إلى المصطلحات المستعملة في تحديد شروط توافر الركن المادي بخصوص أداة ارتكاب الفعل، نجد أن المشرع قد توسع في بسط الحماية الجنائية للصورة، حيث لم يشترط استعمال جهازا محددا، وإنما استعمل مصطلح “”أية وسيلة بما فيها المعلوماتية”” الذي يشمل جميع الأجهزة والتقنيات الحديثة التي قد تظهر في المستقبل، مما يعكس مسايرة المشرع للتطور العلمي المذهل في مجال الاتصالات، كالهواتف المحمولة وآلات التسجيل المتنوعة وكذا تقنيات الالتقاط والتسجيل التي تعمل عن بعد، وتشتغل بواسطة البرمجة المعلوماتية…إلخ. كما يضم مصطلح “أية وسلة” الطرق التقليدية كالرسم بالريشة في حالة ما إذا كان الجاني رساما وقام بتثبيت صورة للمجني عليه بمكان خاص. في حين نجد المشرع المصري ضمن الفصل 309 مكرر من القانون العقوبات، ضيف نطاق الحماية باستعماله مصطلح ” الأجهزة أيا كان نوعها” وهذا ما يعني أنه استثنى الرسم على اللوحات التي لا تعد جهازا، كما أن هذا المصطلح لا يحتوي التقنيات الحديثة الأخرى التي ظهرت أو قد تظهر مع التقدم التكنولوجي.

     الشرط الثالث: صورة الشخص أثناء تواجده بمكان خاص.

     يتطلب الشرط الثالث لتحقيق الركن المادي في جريمة (تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته)؛ وقوعه على صورة الشخص التي هي محل  الجريمة أساسا، هذا فضلا عن تواجده في مكان خاص، ولذلك فقد عُرفت صورة الإنسان: بكونها ذلك الامتداد الضوئي لجسمه ولا تعبر عن فكرة وليس لها دلالة سوى إشارتها إلى شخصية صاحبها([21]).

   ومن هنا، يستلزم لذلك أن تكون هناك صورة لشخص، فلا تقوم الجريمة إذا تم تصوير شيء (كسيارة الشخص مثلا)  أو مستند (ورقة أو كتاب) أو مكان (منزل أو حديقة). فقد يترتب تثبيت صورة لشيء كمستند مثلا إحداث ضرر بالمجني عليه، ورغم ذلك فلا تقوم الجريمة قيد الدراسة لأن محل الصورة هو”شيء” وليس “شخصا”.

     كما يشترط ضرورة وجود الشخص في مكان خاص، وأساس هذا الشرط هو حماية حرمة الحياة الخاصة للأفراد، حيث لا تقع الجريمة إذا وجد الشخص بمكان عام، وتطبيقا لذلك فلا تتوافر هذه الجريمة إذا تم تصوير شخص حال وقوفه أمام منزله أو وجوده بمقهى، حيث الملاحظ أن الجاني يثبت صورة المجني عليه غالبا أثناء وجوده في وضع لا يرغب أن يراه أحد. لأن علة تجريم انتهاك حق الشخص في صورته، هو وجوده بمكان خاص لا يجوز دخوله إلا بإذن صاحبه، بخلاف جريمة التقاط “الأقوال أو المعلومات” والتي لم يشترط المشرع أن تكون صادرة في مكان خاص أو عام، وإنما اشترط سريتها فقط. ضمن الفقرة الأولى من الفصل 447.1 ق ج.

     ومن هنا، يمكن القول إن القانون الجنائي لا يبسط الحماية في هذا الباب على من يوجد في مكان عام، إذا ما تم تصويره أو نقلت صوره أو سجلت، لأن المعيار هنا هو وجود المجني عليه في مكان خاص، حتى ولو كان في موضع طبيعي كمن يجلس بكامل ملابسه بمكان خاص لا يصله العامة من الناس، ورغم ذلك تقوم الجريمة.

    وقد اختلف الفقه الفرنسي حول تعريف المكان الخاص، فرأي أول أخذ بالمعيار الشخصي للمكان الخاص، الذي هو كل مكان يتعذر بلوغه بنظرات من الخارج ويكون دخوله متوقفا على إذن مالكه أو المستغل أو المنتفع”. أما الرأي الثاني أخذ بالمعيار الموضوعي حيث قام بتحديد المكان الخاص بناءا على تعداد صور المكان العام ومنها: الشارع، الحديقة، المقاهي، الملاعب، الجامعات… وهذه الأماكن لا تدخل في نطاق تطبيق القانون، وعلى عكس من ذلك، فإن الأماكن الخاصة بطبيعتها تخضع للحماية ومنها المسكن، ومكتب المدير([22]). في حين تعد من الأماكن الخاصة حسب القضاء المقارن والتي تبنتها النيابة العامة مؤخرا ضمن منشورها، كل من غرفة الفندق والمرآب والمسبح الخاص والسيارة ولو وجدت في الطريق العام([23]).

    ومن الأمثلة التي جاء بها الاجتهاد القضائي الفرنسي بخصوص تحديد المكان الخاص عن العام، هو تلك الدعوى القضائية التي أقامتها فتاة أمام القضاء الفرنسي اختصمت فيها إحدى الصحف الفرنسية لنشرها صورتها عارية الصدر أثناء تناولها وجبة الإفطار برفقة أصدقائها أمام الشاطئ، حيث أسست المدعية دعواها على أن نشر صورتها من قبل الجريدة يشكل انتهاك لحرمة حياتها الخاصة، وفقا للمادتين 368 من قانون العقوبات القديم و المادة 1/226 من قانون العقوبات الجديد. وقد أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى بالرفض تأسيسا على أن الشاطئ لا يعد مكانا خاصا في مفهوم المادة 368 من قانون العقوبات، فهو مكان عام يستطيع الجمهور الدخول إليه دون الحصول على إذن، بالإضافة إلى وجود عدد من المصطافين في حالة عري كامل أو جزئي، وأن العري لم يكن يشغل نظرات الآخرين من المصطافين، كما أنه لم يكن يمنع المصطافين من المرور”)[24](.

         الشرط الرابع: ارتكاب الفعل دون موافقة صاحب الصورة.

      إن الشرط الرابع في الركن المادي يقتضي القيام بالسلوك المجرًم دون إذن أو رضاء من صاحب الصورة، وهو ما جاء في الفصل 1- 447 ق ج الفقرة الثانية، لأن موافقة المجني عليه يبيح الفعل ويخرجه من نطاق الخصوصية إلى نطاق العلنية، وبالتالي فلا تقوم الجريمة آنذاك، وهو استثناء على القاعدة الجنائية التي تفيد أن رضاء المجني عليه لا يعد سببا من أسباب الإباحة في القانون الجنائي، وعلة ذلك أن معظم الجرائم تشكل اعتداءا على حقوق الأفراد ذات أهمية اجتماعية، ووضع المشرع الحماية يفرض عقوبات وذلك للحفاظ على البعد الاجتماعي لحقوق الأشخاص، ولا يملك الفرد التنازل عن أي حق ذو أهمية اجتماعية لأن ذلك يشكل مساسا بحق المجتمع، وتطبيقا لذلك فلا يمكن تخويل الشخص سلطة التنازل عن حقه في الحياة الخاصة وحقه في الحفاظ على سلامة جسده([25]).  لكن الضرورة الاجتماعية أيضا تقتضي احترام الإرادة والحرية الفردية ومن ثم فلا عقاب على المساس بالحياة الخاصة للشخص إذا كان هذا الأخير يريد أن يشاركها مع الغير ولا يعتبرها خاصة وسرية.

    وبمفهوم المخالفة فإذا رضي المجني عليه قيام الجاني بتثبيت صورة له أو تسجيله أو توزيعها فلا جريمة آنذاك، لأنه سبب من أسباب إباحة الفعل.

المطلب الثالث: الركن المعنوي

     يعد الركن المعنوي ركنا هاما في تكوين الجريمة، والذي يتمثل في القصد الجنائي، أي اتجاه نية الشخص إلى الإضرار بالغير أو الممتلكات مع علمه بأركان الجريمة.

    وإذا أخذنا بالتعريف القائل بأن القصد الجنائي هو انصرام إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة، مع العلم بالعناصر الواقعية والقانونية اللازمة لقيامها، وبصلاحية النشاط لإحداث النتيجة المحظورة قانونا وتوافر نية تحقق ذلك. فإن توافر القصد الجنائي وتحققه لابد من وجود عنصرين أساسيين، وانعدامهما أو انعدام أحدهما يعتبر إخلال بهذا الركن – القصد الجنائي- وهما: اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة، والعلم بتوافر أركان الجريمة كما يتطلبها القانون الجنائي.

     ولعل جريمة “” تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته “” لا تخرج عن هذا النطاق، باعتبارها جريمة عمدية يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجنائي العام، الذي لا يتطلب لتحقيقه ضرورة توافر نية محددة لدى الفاعل؛ حيث استعمل المشرع مصطلح ” كل من قام عمدا” يعني لا تقوم الجريمة في حالة الخطأ غير العمدي.

      وعليه فإن القصد الجنائي بعنصري العلم والإرادة يجب أن يكونا متوفرين لقيام الركن المعنوي، أي أن يعلم الجاني([26]) بأن الأفعال التي يأتيها وهي (تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته) تشكل جريمة نهى القانون عن إتيانها، وإذا انتفى العلم لا قيام للركن المعنوي ولا تتحقق الجريمة آنذاك.

     كما يقتضي أيضا أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان نشاطه الإجرامي من أفعال (تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع) حيث تعتبر جوهر القصد الجنائي وتمثل العنصر الوحيد الذي يميز الجرائم العمدية عن الجرائم غير العمدية، على خلاف العلم الذي يعد ضروري ولازم، ولكنه غير كاف لتكوين القصد الجنائي لأنه يتطلب في الجرائم العمدية وغير العمدية على حد سواء.

     وتجدر الإشارة أن الدوافع التي تحرك الجاني وراء سلوكه الإجرامي، والتي يتحقق بها القصد الجنائي الخاص، لا أهمية لها في تقرير العقاب من عدمه، ما دام المشرع قد حدد السلوك المجرَم دون الغاية من ورائه، وبالتالي قد يكون للجاني نية في الإضرار بالحياة الخاصة للشخص عن طريق التوزيع والعبث بصوره الخاصة، وقد يكون سلوكه فضول فقط.

    وتجدر الإشارة أن استعمل تقنيات ووسائل تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته للكشف عن أفعال محظورة في القانون الجنائي، هو فعل لا يمكن أن يقع تحت طائلة العقاب، كأن يثبت أو يسجل شخص وقائع جريمة الرشوة، أو وقائع جريمة المخدرات، أو خيانة الزوجية، أو صور شخص مطلوب لدى العدالة…إلخ، فهذه كلها صور شخصية وتمت بمكان خاص ولا يوافق صاحبها على كشفها، ولكن ما دامت أنها تشكل جريمة في حد ذاتها فإن كشفها مباح.

     خاتمة:

      إن إضفاء الحرمة على حياة الفرد الخاصة هي حاجة اجتماعية، إذا كان من شأنها الإسهام في استقرار المجتمع وأمنه، لأن الإنسان رغم واجباته الاجتماعية لا يمكن أن يهب نفسه طوال الوقت للآخرين ناسيا بذلك ذاتيته والاستقلالية بكيانه الخاص، فهو يحتاج بأن يخلو إلى نفسه، وأن تكون له خصوصيات يحس فيها بحريته ويشعر فيها بذاته، وهي ممارسة إنسانية ضرورية لكي يكون أكثر فعالية وايجابية في أداء واجبه الاجتماعي على أحسن وجه، لذا يأتي القانون الجنائي لحماية هذه الرغبة الاجتماعية.

      وحقيقة القول إن العمل القضائي الجنائي مستقبلا سيكشف عن فعالية الحماية الجناية للحق في الصورة من أفعال “ تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته ” في إطار التفسير الضيق طبعا للمفاهيم، والتي ستطرح بلا شك إشكالات جمة يمكن لمحكمة النقض توحيد التوجه القضائي فيها.


[1] محمود نجيب حسني، الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة، مجلة القضاة، العدد السادس، يوليوز 1987 ص 201-202.

[2] أحمد فتحي سرور، الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة، دار النهضة العربية، سنة 1986 ص 34.

[3] سفيان باكراد، حماية الحق في سرية المراسلات في ظل التطور التكنولوجي للمعلومات، مركز الدراسات المستقبلية في كلية الحدباء الجامعة، مجلة بحوث مستقبلية، العدد 53، سنة 2011 ص 44.

[4] اتجه مؤتمر رجال القانون المنعقد في ستوكهولم سنة 1967 إلى أن الحق في الحياة الخاصة للفرد يعني حق العيش بمنأى عن الأفعال التالية:

[5] سورة الحجرات الآية 12.

[6] جامع السنة وشروحاتها.           (doc numérique) http://www.hadithportal.com/hadith-6066&book1

[7] أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 نوفمبر 2013 قرارا حول « الحق في الحياة الخاصة في العصر الرقمي » ينظر إلى هذا الحق من الزاوية الحقوقية كحق أصيل من حقوق الإنسان وليس من الزاوية القانونية. وقد حظي القرار المذكور بالترحيب، باعتباره أول قرار صادر عن الأمم المتحدة يؤكد أن حقوق الإنسان في العالم الرقمي يجب حمايتها وتعزيزها بالقدر ذاته، وبهما تتم حماية حقوق الإنسان في العالم المادي. وقد اعتبر الحق في الحياة الخاصة الرقمية يضم مجموعة من الحقوق التي أصبحت جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهي:

  1. الحق في التخفي الرقمي (Droit à l’anonymat numérique) ويعني أن لكل شخص الحق في التواجد على شبكة الإنترنت دون أن يكون مجبرا على كشف هويته الحقيقية شريطة أن لا يضر ذلك بالنظام العام وحقوق وحريات الغير.
  2. الحق في النسيان الرقمي (Droit à l’oubli numérique ) ويعني أن يلتزم المسؤولون عن معالجة المعطيات الشخصية (مواقع التجارة الإلكترونية، المؤسسات العمومية…) بعدم حفظ تلك المعطيات لمدة تتجاوز الغاية التي جمعت من أجلها.     كما يعني كذلك أن لكل شخص الحق في تعديل أو حتى سحب معلومات تخصه من شبكة الإنترنت (مواقع إلكترونية، مواقع التواصل الاجتماعي…) شريطة أن لا يحدث ذلك ضررا للأشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين يحوزون هذه المعلومات.
  3. الحق في الهوية الرقمية (Droit à l’identité numérique) ويعني أن يكون لكل شخص الحق في التواجد كشخص رقمي Homme numérique)) على شبكة الإنترنت، إلى جانب وجوده كشخص حقيقي(Homme real). وترتبط بهذا الحق ضرورة تجريم انتحال الهوية الرقمية (انتحال البريد الإلكتروني، انتحال صفحة الفايس بوك، انتحال عنوان بروتوكول الإنترنت…).

[8] الظهير الشريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 الموافق لــ 22 فبراير 2018 بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الجريدة الرسمية عدد 6655 – 23 جمادى الآخرة ( 12 مارس 2018) ص 1449.

[9] الظهير الشريف رقم 1.16.122 صادر في 6 ذي القعدة 1437 الموافق لــ 10 غشت 2016، لتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، الجريدة الرسمية عدد 6641 ص 1234.

[10] يعود أصل هذا المبدأ إلى الفقيه بكاريا من خلال كتابه ” الجرائم والعقوبات” 1764 إلى أن تم تكريسه في التشريعات الوضعية الحديثة عقب الثورة الفرنسة 1789 ضمن وثيقة إعلان الحقوق والمواطنة، التي جاءت في مادتها الثانية ” لا يجوز عقاب أي شخص إلا بمقتضى قانون صادرا قبل ارتكاب الجريمة”.

[11] ينص الفصل 3 من ق ج م على أنه ” لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون”.

[12] كرسه المشرع المغربي ضمن الفصل 23 من الدستور ” لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبق الإجراءات التي ينص عليها في القانون”.

[13] المحاولة هي جريمة ناقصة، تنقصها النتيجة الإجرامية، ولها ركنين وهما : البدء في التنفيذ وغياب العدول الاختياري. كما لها ثلاث صور وهما: (الجريمة المستحيلة والجريمة الخائبة والجريمة الموقوفة)، والمحاولة لا تكون إلا في الجرائم المادية.

[14] الجرائم الشكلية هي الجرائم التي يتحقق ارتكابها بصرف النظر عن النتيجة التي تهدف إليها، أي أن ركنها المادي يتكون من مجرد سلوك معين بغض النظر عن حصول النتيجة الإجرامية أو عدم حصولها، وهذا السلوك يمكن أن يكون قياما بعمل أو امتناعا عنه.

[15] يعد السلوك الإجرامي الايجابي كل حركة عضوية ذات صفة إرادية تتمثل في فعل يأتيه الجاني بمخالفة لما نهى عن إتيانه القانون. أنظر: أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات ” القسم العام”، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص 308.

[16] تنص المادة 303 مكرر فقرة 2 من القانون العقوبات الجزائري “… بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكن خاص، بغير إذن صاحبها أو رضاه”.

[17] علي أحمد الزعبي، حق الخصوصية في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان سنة 2006 ص 113.

[18] محمد أمين الرومي، جرائم الكمبيوتر والانترنيت، دار المطبوعات الجامعية، مصر سنة 2004 ص 67.

[19] علي أحمد الزعبي، مرجع سابق، ص 95.

[20] رئاسة النيابة العامة، منشور عدد 48/ 2018، حول حماية الحياة الخاصة في ل القانون رقم 103.13. ص 3.

[21] Isabelle Lalies, la protection pénale de la vie privée, presses, Universitaire d’Aix-Marseille, France, 1999, P45.

[22] Isabelle Lalies, op;cit; p 67.

[23] منشور رئاسة النيابة العامة، مرجع سابق، ص 3.

[24] Cass. 18 Mars 1971.J.C.P. p 447

ورد في هذا الحكم ما يلي:

« Ne peut être tenu comme un lieu privé au sens l’article 368 une plage, ou été photographiée une femme la poitrine découverte des lorsque cette plage est lieu public accessible à tous les estivantes ».

[25] محمود نجيب حسني، مرجع سابق ص 271.

[26] يقصد بالعلم إحاطة الجاني بحقيقة الواقعة الإجرامية، من حيث الواقع ومن حيث القانون الوضعي، لأنه بدون هذا العلم لا يمكن أن تقوم الإرادة الإجرامية جمال الدين عبد الأحد، النظرية العامة للجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة  1996  ص 332.

Exit mobile version