التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة

التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة

محمد افكير

طالب باحث في سلك الدكتوراه جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة

 

مقدمة

نظم المشرع المغربي القسمة في الكتاب الثاني من مدونة الحقوق العينية تحث عنوان أسباب كسب الملكية و القسمة و ذلك في المواد من 313 إلى  332 و لم يعرف هذا الأخير القسمة و خيرا فعل لأن التعاريف من اختصاص الفقه و القضاء, ويقصد بالقسمة بأنها عملية تهدف إلى إنهاء حالة الشيوع  بمقتضاها يحصل كل شريك على جزء من المال المشاع يتفق مع حصته فيه بحيث يستقل كل منهم بحصة من الحصص دون سائر الشركاء[1].

و إذا كان المشرع المغربي قد تدخل من خلال مدونة الحقوق العينية و أقر مجموعة من الحقوق للشركاء فإن هذا الإقرار لا يكفي لزرع الثقة و الاستقرار خصوصا بين المتقاسمين في حالة النزاع لذلك كان لابد من الاعتراف لهم بحق اللجوء إلى القضاء لرفع الظلم و إحقاق الحق و ضمان حقوقهم من الضياع .

والأصل أن تكون القسمة رضائية إلا أنها قد تكون قضائية إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة الاتفاقية، وإذا كان أحدهم غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه أو كان غائبا حسب الفصل [2]1084 من ق.ل.ع، و تخضع دعوى القسمة للمبادئ العامة التي تحكم نظرية الدعوى حيث تتخللها إجراءات قضائية حددها المشرع المغربي بدقة في قانون المسطرة المدنية وعلى المحكمة أن تسهر على حسن تطبيقها وإلا كانت أحكامها عرضة للنقض.

وقد نص المشرع على مجموعة من  النصوص القانونية المؤطرة لها، حيث صدر بتاريخ 24 نونبر 2011 القانون رقم 08-39 بمثابة مدونة للحقوق العينية، جاءت لتنظم أحكام هذه الحقوق بالعقارات المحفظة وغير المحفظة أو تلك التي في طور التحفيظ ، ومن ضمن ما جاءت به المادة 316 التي نصت على ما يلي: لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء و تم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ. و نصت المادة 13 من القانون نفسه على ما يلي: إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها اتجاه الغير إلا من تاريخ تقيدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا.

كما صدر بالتاريخ  نفسه القانون 07-14 المعدل والمتمم لظهير 12 غشت 1913 بشأن نظام التحفيظ العقاري، الذي نظم بمفاهيم وآجال جديدة قواعد التقييد الاحتياطي بصريح الفصلين [3]85  و86 [4].

ومن هنا يمكن التطرق إلى إبراز التقييد الاحتياطي كآلية لحماية المتقاسمين، ودور المحافظ العقاري في تقييد الحكم القاضي بالقسمة، لكن ماذا لو رفض هذا الأخير تقييد هذا الحكم ؟ هل يجوز الطعن في قراره؟ أم هو من القرارات غير القابلة للطعن ؟

للإجابة على هذه الأسئلة سأحاول اعتماد التقسيم التالي :

المبحث الأول : التقييد الاحتياطي كآلية لحماية المتقاسمين

المبحث الثاني :  رفض المحافظ العقاري تقييد الحكم بالقسمة و إمكانية الطعن في قراره .

 

المبحث الأول  : التقييد الاحتياطي كآلية لحماية المتقاسمين

يعرف الفقه التقييد الاحتياطي بأنه ” الإجراء الذي يقوم به صاحب حق تعذر عليه تقيده تقييدا نهائيا لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التقييد عند زوال المانع[5]، وهو كذلك إجراء يضمن تقييد هذا الحق مستقبلا عند زوال المانع[6]،  وعلى هذا الأساس يكون دور التقييد الاحتياطي ينحصر في الحفاظ على حقوق محتملة من الضياع لأسباب شكلية أو في انتظار إعلانها من طرف القضاء والتي غالبا ما يكون المستفيد قدم بشأنها طلبا للمحافظ على الأملاك العقارية[7] .

ويعد التقييد الاحتياطي من بين المؤسسات القانونية الأكثر أهمية و التي أوجدها المشرع المغربي للحفاظ المؤقت على حقوق الغير القابلة للتقييد بشكل عادي[8]، فهو إجراء يقوم به صاحب حق تعذر عليه تقييده لسبب أو لأخر ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التقييد عند زوال المانع فلو أن أحد الشركاء قدم للمحكمة مقالا افتتاحيا يطلب فيه منها إجراء قسمة أموال شائعة لوجود قاصرين بين الشركاء مثلا وفي نفس الوقت قدم للمحافظ العقاري نسخة من مقال الدعوى طالبا منه إجراء تقييد احتياطي للمحافظة على حقه ورتبته[9] ، فإذا ما ثبت للمحكمة في الدعوى فسيكون تاريخ احتساب الحصة هو تاريخ إجراء القيد الاحتياطي وليس تاريخ النطق بالحكم أو تاريخ تسجيله في المحافظة     العقارية . [10]

وحتى يتبين لنا دور التقييد الاحتياطي في حماية حق المتقاسم لابد لنا للوقوف عند أهمية التقييد الاحتياطي في حماية وحفظ حق المتقاسم المطلب الأول وتبيان كيفية تقييد دعوى القسمة تحفظيا المطلب الثاني.

المطلب الأولأهمية التقييد الاحتياطي في حماية و حفظ حق المتقاسم   

إن الهدف من التقييد الاحتياطي المشار إليه في الرسم العقاري هو الاحتفاظ بصفة مؤقتة إما بحق موجود لكن منازع فيه وينتظر إعلانه من طرف القضاء ، وإما حق متوقف على إجراء شكلي ينتظر إتمامه.                                                                                     

ومن بين الإشكاليات العملية في هذا الإطار كما لو قام الشركاء في عقار محفظ  بقسمة هذا العقار دون أن يبادروا إلى تقيد تلك القسمة بالرسم العقاري وقام أحد الشركاء المتقاسمين ببيع الحصة التي آلت إليه عن طريق القسمة لشخص أخر فهل يحق لباقي الشركاء ممارسة حق الشفعة على اعتبار أن القسمة غير مقيدة ؟

بالرجوع إلى مقتضيات الفصلين [11]66 و [12]67 من قانون 07_ 14,يمكنني أن أقول على أنه ليس هناك ما يمنع من ممارسة حق الشفعة من طرف باقي الشركاء مادامت القسمة عديمة الآثار القانوني لكن ما هو الحل في حالة ما إذا كان المدعي في دعوى القسمة هو الذي صدر الحكم بقسمة العقار المحفظ لصالحه و في نفس الوقت هو الذي يطالب بالشفعة في حالة عدم تقييد ذلك الحكم بالرسم العقاري ؟

بالرجوع إلى العمل القضائي[13] نلاحظ أن محكمة الاستئناف بأكادير قررت ما يلي :”إن المحكمة عندما مناقشتها و دراستها لوثائق الملف تؤكد أن ذلك لا يرتكز على أساس باعتبار الحكم المستأنف قضى بإجراء القسمة في الملك المذكور بناء على طلب الطاعن نفسه ومن ثم فاِنه لا يحق له بعد ذلك طلب إبطاله من ممارسة حقه شفعة حصة شريك مستأنف عليها التي باعتها لكل من (ب و ج ) وهو نص عليه خليل بقوله

” وسقطت الشفعة إن قاسم الشيء ”

والذي يتعين معه رد استئناف الطاعن وتأييد الحكم المستأنف.

ومن هنا تظهر أهمية التقييد الاحتياطي في حماية و حفظ حق المتقاسم وحتى يكون الغير الحسن النية على علم بمختلف التقييدات المدرجة بالرسم العقاري ومن ثم لا يمكن أن يخاطر و يقدم على أي معاملة بخصوص العقار موضوع الدعوى المعروضة على المحكمة وذلك ما جعل بعض الباحثين يطالب بضرورة تقرير إلزامية التقييد الاحتياطي إثر رفع الدعوى و تفعيل هذه الإلزامية و ذلك بالتنصيص على عدم قبول مثل هذه الدعاوى إلا بعد إدلاء المدعى بشاهدة التقييد الاحتياطي.                                                     [14]

وأرى أن هذا الموقف حري بالتأييد نظر لما يتسم به من حماية للمتقاسمين الذين لم يستطيعوا تقييد حقوقهم خصوصا ونحن نعلم أن الكثيرين يجهلون وجود مثل هذه المؤسسة  الأمر الذي يفوت عليهم استحقاقهم للحقوق المحكوم لهم بها، ولا شك أن إلزامية الإدلاء بشهادة التقييد أمام رئيس المحكمة بقبول دعوى القسمة سيجعل المعنيين  بذلك يحرصون على إجراء هذا التقييد.

المطلب الثاني: تقييد دعوى القسمة احتياطيا

إن الهدف من التقييد الاحتياطي المشار إليه في الرسم العقاري هو الاحتفاظ بصفة مؤقتة إما بحق موجود لكن منازع فيه وينتظر إعلانه من طرف القضاء ، وإما حق متوقف على إجراء شكلي ينتظر إتمامه

باستقراء مقتضيات المادة 316 من مدونة الحقوق العينية التي نصت على على مايلي : ” لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ”.

ويشترط لقبول دعوى قسمة عقار خاضع لنظام الرسوم العقارية أن تأتي على الشكل التالي:

_ أن يرفع مقال القسمة ضد جميع الشركاء المقيدين بالرسم العقاري

_ أن يتم تقييد مقال الدعوى احتياطيا بالرسم العقاري

من هنا ينطلق الإشكال المتعلق بتقييد دعوى القسمة احتياطيا بالرسم العقاري,فهل التقييد وكفى؟أم لابد للمدعي أن يلجأ إلى رئيس المحكمة الابتدائية لطلب التمديد عملا بأحكام الفقرة الرابعة من المادة 86 من قانون التحفيظ العقاري؟

مما لا شك فيه أن التقييد الاحتياطي هو إمكانية منحها القانون لكل من يدعي حقا على عقار محفظ , ومفهوم الادعاء هنا أجمع الفقه والقضاء معا بشأنه أنه حق نشأ صحيحا أو حق ينتظر تصحيحه الأطراف أو القضاء, وتعذر تقييده تقييدا نهائيا بالرسم العقاري,كعدم تحديد النصب المشاع المبيع, أو عدم تسليم البائع للمشتري نظير الرسم العقاري… إلى غير ذلك من الحالات الكثيرة

 

ولما كان التقييد بصحيح الفصل [15]65 من قانون التحفيظ العقاري هو إنشاء للحق العيني أو نقله أو الاقرار به أو تغييره أو اسقاطه. فمتى تعذر على المرتقب انتقال الحق العيني له عملا بأحكام الفصل المذكور,أن يبادر إلى الاستفادة من الفصل 85 سالف الذكر فإن طالب قسمة لعقار محفظ ألزمه مشرع سلوك مؤسسة التقييد الاحتياطي جبرا تحت طائلة عدم سماع دعواه قضاءا .

والمشرع لما عدل مقتضيات التقييد الاحتياطي بموجب القانون 07_14 وأتى به أكثر تشددا في الشكليات, أراد بذلك التضييق على مدعى الحق العيني وحماية المالك المقيد, باعتبار الاخير أولى بذلك من المدعي حتى يثبت الأخير أو يصحح مدخله للعقار

فمن غير المنطقي أن يخضع المالك المقيد بالرسم العقاري على الشياع رفقة ملاك اخرين طالب القسمة لهذه الشكليات الضيقة جدا في الآجال .

وإذا استثنى المشرع من المقتضيات أعلاه التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص خاصة كالتقييد الاحتياطي الوارد في الالتزامات والعقود وذالك المنصوص عليه في المادة [16]173 من مدونة الحقوق العينية فإنه سكت ولم يحدد شكليات معينة لذلك التقييد المؤقت في الفصل [17]316 من مدونة الحقوق العينية.

إذن فهل يستفيد طالب القسمة من التقييد الاحتياطي مرة واحد؟ أم هل يجبر على سلوك مقتضيات الفصل 86 وتمديد تقييده احتياطيا؟.

هناك فريق من السادة القضاة والمحافظين على الأملاك العقارية والسادة المحامين يرى أن دعوى القسمة وإن كانت كاشفة للحق وغير منشأة له, فإنها مع ذلك تدخل في عموم الادعاء المنصوص عليه في الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري و المادة 13 من مدونة الحقوق العينية وبالتالي فإن تمديد هذا التقييد إجراء جوهري تحت طائلة عدم قبول دعوى القسمة وبالتالي فإن السادة المحافظين ملزمون بالتشطيب تلقائيا على التقييد الاحتياطي إذا لم يبادر المدعي للتمديد فبل انقضاء الشهر أو ثلاثة أشهر حسب الحالة عملا دائما بأحكام الفصل86.

غير أن هناك فريقا ثالثا له يقول إن دعوى القسمة هي دعوى كاشفة للنصيب المشاع وإن المدعي هو بالضرورة مالك مقيد بالرسم العقاري المراد تقسيمه قضاءا .

وبالتالي فان المشرع لما نص على ضرورة التقييد احتياطيا تحت طائلة عدم القبول إنما أراد بذلك ضمان تنفيذ الحكم المرتقب صدوره وعدم تفاجئ المستفيدين منه من تغير أحد الملاك المقيدين واستحالة التنفيذ جراء ذلك وبالتالي يكون التقييد الاحتياطي تقنية قانونية للسادة المحافظين لتطبيق الحكم القاضي بالقسمة على الرسم العقاري على الحالة التي كان فيها قبل التقييد الاحتياطي ولو تغير بعض الملاك أثناء سريان الدعوى.

والمحكمة هنا عند البث في الدعوى تكتفي فقط بالإطلاع على شهادة المحافظ على الاملاك العقارية وقد نصت على التقييد الاحتياطي للدعوى, دون أن تلزم المدعي بأن يدلي ما يفيد تمديد هذا التقييد المؤقت

صحيح أن المشرع لم يفصل في المادة 316 في شكليات هذا التقييد الاحتياطي عكس ما نص عليه في الفصل 173 من المدونة نفسها,وبالتالي ترك الباب مفتوحا لكل فريق للتأويل وترجيح مبرراته القانونية. وان كنا نميل إلى الرأي الثاني إعمالا للمنطق القانوني.

                                                                         

المبحث الثاني : رفض المحافظ العقاري تقييد الحكم بالقسمة و إمكانية الطعن في قراره .                                                                                 

إن المحافظ على  الأملاك العقارية بالنظر إلى اٍلتصاق عمله بالملكية العقارية . وصيانتها والحفاظ عليها بالتقييد و التحديد ورسم خرائط و ضمان الحقوق المكتسب عليها ترك له المشرع المغربي من خلال قانون 07. 14 سلطة واسعة في إطار هذه المسطرة تتمثل في دراسة الطلبات المقدمة إليه و فحص الحجج المدلي بها ليتخذ بعد ذلك وعلى ضوء تلك الوثائق قراره في الموضوع.

و انطلاقا من كون رفض تقييد الحكم القاضي بقسمة عقار محفظ يعتبر من بين القرارات التي يتخذها أحيانا أثناء ممارسته لمهامه فسأحاول من خلال هذا المبحث الوقوف على أسباب الرفض التي عادة ما يعلل بها المحافظ قراره المطلب الأول وكذا كيفية الطعن في ذلك القرار المطلب الثاني.

 

 

المطلب الأول : رفض المحافظ العقاري تقييد الحكم بالقسمة:

إن قانون 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري يلزم المحافظ متى تعلق الأمر بتقييد حق عيني بالتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من صحة الوثائق المدلى بها شكلا و جوهرا، ومن كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني ومن كونها غير متوقفة على وثائق أخرى تجبر تقييد الحقوق التي تضمنتها .

والمحافظ العقاري ونتيجة للمسؤولية التي يتحملها بصدد تلقيه للوثائق والمستندات وعلى رأسها الأحكام القضائية المطلوب تقييدها في الرسم العقاري ، كلما تبين لديه أن الشروط المتطلبة قانونا غير متوفرة أو أن البيانات التي يتضمنها الحكم القضائي ناقصة فله إمكانية رفض تقييد الحكم في الرسم العقاري شريطة أن يعلل المحافظ العقاري قراره مع إبلاغ المعني بالأمر بذلك. وهذا ما نص عليه صراحة الفصل 96 من القانون07_14 والذي ينص على مايلي “يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره و يبلغه إلى المعنى بالأمر…”.

وعلى العموم تتعدد أسباب رفض المحافظ تقييد الحكم القاضي بالقسمة وأذكر على سبيل المثال :

– تعارض الحكم المراد تقييده مع البيانات الواردة بالرسم العقاري و مخالفته لقانون 14.07 أو قوانين الحد من تجزئة الأراضي الواقعة بدوائر الرأي و الاستثمار الفلاحي  كأن يقضي الحكم بقسمة عقار ينتمي  إلى أراضي الضم إلى  أجزاء تقل مساحتها عن 5 هكتارات خلافا لمقتضيات الفصلين 2 و 3 من ظهير 15 يوليوز 1969 المتعلق بالحد من تجزئة الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري.

– عدم إرفاق الحكم المراد تقييده بالشهادات الإدارية المتطلبة.

-عدم نهائية الحكم القاضي بالقسمة

وعلى العموم فأسباب رفض المحافظ العقاري التي تقيد الحكم بالقسمة يصعب حصرها ، إلا أن المحافظ العقاري غالبا ما يعلل قراره برفض التقييد، وقد جعل المشرع هذا الرفض قابلا للطعن حيث نص في الفقرة الثانية من الفصل  96 من قانون 07_14على ما يلي : ” يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض “و هذا ما سأتناوله في المطلب الثاني.

المطلب الثاني : الطعن في قرار المحافظ العقاري

طبقا لأحكام الفصل 96 من قانون 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري فاِنه يتعين على المحافظة على الأملاك العقارية متى رفض تقييد الحكم القاضي بقسمة العقار المحفظ وجب عليه أن يصدر بذلك قرار معللا و هذا القرار يكون قابلا للطعن أمام المحاكم الابتدائية مع الحق في الاستئناف و تكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض.

وعليه فمتى علل المحافظ قراره برفض التقييد لسبب من الأسباب فاِنه يجب عليه تبليغه إلى الطرف المعني دون تأخير و لتاريخ التبليغ أهمية خاصة ، ذلك أنه يشكل انطلاق حساب أجل الشهر لمباشرة مسطرة الطعن إذ بمجرد تبليغ المعني و توصله بمحتوى قرار الرفض يحق له التقدم بمقال كتابي لدى كتابة الضبط بالمحكمة المختصة يتضمن باختصار وقائع النزاع و الأسباب المستند عليها و على إثر ذلك يقوم رئيس المحكمة بتبليغ المحافظ بعريضة الطعن مع إلزامه بتقديم مذكرة جوابية يحاول من خلالها بيان الأسباب المبررة للرفض المتخذ من قبله و إحالة ملف القضية و الوثائق و المستندات المدعمة لقراره إلى كتابة الضبط و ذلك داخل أجل خمسة عشر يوما على الأقل حيث تقوم هذه الأخيرة بتبليغ الطاعن بمضمون العريضة و يمكنه بدوره الرد و التعقيب عليها ثم تعرض بذلك القضية على المحكمة التي تصدر حكما يمكن الطعن فيه بحسب الأحوال بالاستئناف والطعن بالنقض أمام محكمة النقض في حالة صدور قرار استئنافي في الموضوع              [18]

أما متى علل المحافظ العقاري قراره برفض التقييد بسبب لا علاقة له بقانون 14.07 فاِن الاختصاص في هذه الحالة بالطعن في قراره يعود إلى القضاء الإداري[19].

و يمكن القول في نهاية هذه النقطة بأن قرارات المحافظ العقاري التي تقبل الطعن أمام القضاء العادي هي قرارات محددة على سبيل الحصر بمقتضى نصوص التحفيظ العقاري، أما القرارات الأخرى الصادرة عن المحافظ العقاري فيختص بالطعون الموجهة ضدها القضاء الإداري باعتباره صاحب الولاية العامة للنظر في المنازعات الإدارية[20].

 

خاتمة

من خلال ما تقدمت بمناقشته أعلاه فقد تبين بجلاء مدى أهمية التقييد الاحتياطي كآلية لحماية حقوق المتقاسمين و بالتالي فإن إقرار هذه التقنية بمجرد رفع دعوى القسمة سيكون له أثر إيجابي في عدم التلاعب في تقسيم العقارات إلا بحضور جميع المتقاسمين وذلك عن طريق التنصيص على عدم قبول هذه الدعوى إلا بعد إدلاء المدعي بشهادة التقييد الاحتياطي ، هذا بالإضافة إلى ضرورة تدخل المشرع من أجل إعادة النظر في الإجراءات المسطرية لدعوى القسمة العقارية و محاولة اختصار الإجراءات وتسريعها أو تخصيصها بأحكام تميزها عن باقي الدعاوى المشابهة.

و أخيرا فإن ختم هذه الأسطر لا يعني نهاية البحث في هذا المجال بل هو دعوى مفتوحة لكل الباحثين و النقاد على المستوى الأكاديمي من أجل إثراء النقاش و إغنائه

و العمل على تحفيز المشرع المغربي على مسايرة التطورات التي تعرفها بلادنا في كل المجالات .

 

_ ادريس الفاخوري, الحقوق العينية وفق قانون رقم 39,08 دار النشر المعرفة الرباط الطبعة الأولى 2013 الصفحة 142[1]

2_ ينص الفصل 1084 من ق ل ع على ما يلي : إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة أو كان احدهم غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه أو كان غائبا كان لمن يريد منهم الخروج من الشياع أن يلجأ إلى المحكمة التي تجري القسمة طبقا للقانون .[2]

3_ ينص الفصل 85 من قانون 14/07 على ما يلي ” يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا.

يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري إما:

– بناء على سند يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته؛

– بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها؛

– بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.

إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به.

تبقى التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص.

 

[4] -ينص الفصل 86 من قانون 07-14 على ما يلي : تحدد في عشرة أيام مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المطلوب بناء على سند ولا يمكن خلال هذه المدة قبول أي تقييد آخر لحق يقتضي إنشاؤه مافقة الأطراف .

لا يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده النهائي.

تنحصر في شهر مدة مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء .

يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا بعد انصرام الأجل المذكور ما لم يدل طالب التقييد بأمر صادر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية طبقا لأحكام الفصل 85 أعلاه.

يحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة البتدائية في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره  ما لم ينجز التقييد النهائي للحق و تكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع و يستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.

وفي جميع الحالات لا يصدر رئيس المحكمة الابتدائية الأمر بالتقييد الاحتياطي إلا بعد تأكده من جدية الطلب .

لا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس الأسباب .

يمكن اللجوء إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار بصفته قاضيا للمستعجلات للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي كلما كانت الاسباب المستند عليها غير جدية أو غير صحيحة.

_ مأمون الكزبري ,التحفيظ العقاري و الحقوق العينية الأصلية و التبعية في ضوء التشريع المغربي الجزء الأول ص:126.[5]

6_ نور الدين المبروكي “الدور الحمائي للتقييد الاحتياطي مقال منشور بالندوة المشتركة حول التحفيظ العقاري بالمغرب بين كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بالرباط وجمعية محافظين والمراقبين على الملكية العقارية 4_5 ماي 1990 ص :131

7 _ العربي مياد, مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء قانون 07_14 منشورات مجلة الحقوق مطبعة المعارف الجديدة الرباط الإصدار السادس ما ي 2012 ص :23

_ إدريس الفاخوري : نظام التحفيظ العقاري ، مطبعة دار النشر الجسور وجدة 2006 ص 75 . [8]

_ انظر الفصل 85 من قانون 14/07 .[9]

_ محمد الكشبور ، القسمة القضائية في التشريع المغربي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الثانية الصفحة361   .[10]

[11] – ينص الفصل 66 من قانون 07-14 على ما يلي : كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الاملاك العقارية .

لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة.

[12] –  إن الّأفعال الإرادية و الاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض و كذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم.

[13] -قرار صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير عدد 269 مؤرخ في 4/2/2002 تحث رقم 91-81 غير منشور

[14] – جهان زاوش :  دعوى قسمة العقار ودور القضاء في حماية المتقاسم رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار شعبة القانون الخاص وحدة التكوين و البحث في قانون العقود و العقار جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2011-2012.

[15] -ينص الفصل 65 من قانون 07-14 على ما يلي : يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري جميع الوقائع و التصرفات و الاتفاقات الناشئة بين الأحباء مجانية كانت أو بعوض وجميع المحاضر و الأوامر المتعلقة بالحجز العقاري و جميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو البإقرار به أو تغييره أو إسقاطه وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه.

[16] – ينص الفصل 173 من مدونة الحقوق العينية على ما يلي : عند الاستعجال يمكن لرئيس المحكمة في حالة الرهن الإجباري أن يأمر بناء على طلب بإجراء تقييد احتياطي يبقى مفعوله ساريا إلى غاية صدور الحكم النهائي.

يأخذ الحكم الصادر بالرهن رتبته من تاريخ التقييد الاحتياطي.

[17] -ينص الفصل 316 من مدونة الحقوق العينية على ما يلي : لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء و تم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ.

[18] -أخويا هاشمي المحمدي: الطعن في قرارات المحافظ على الملكية العقارية بعد إحداث المحاكم الإدارية مقال منشور بمجلة الإشعاع عدد 27 الصفحة 68.

[19]– عبد العزيز لكنيفري،مرجع سابق ص:77.

[20] – عبد الرزاق عريش، الطعون القضائية على القرارات الصادرة عن المحافظ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة و حدة التكوين و البحث في القانون المدني المعمق شعبة القانون الخاص كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط السنة الجامعية 2010/2011 الصفحة 76.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *