التسويةالوديةلمنازعات الصفقات العموميةعن طريق مؤسسة وسيط المملكة

التسوية الودية لمنازعات الصفقات العموميةعن طريق مؤسسة وسيط المملكة

قبيل نبيل

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا

مقدمة:

تعتبر الصفقات العمومية الوسيلة الأساسية التي تلجأ إليها الإدارات العمومية لإنشاء مختلف المشاريع، والحصول على الخدمات والأدوات اللازمة لتسيير المرافق العمومية وتحسين أدائها، حيث أن هذه الصفقات أصبحت تحتل موقعا هاما في إطار المعاملات الإقتصادية في الوقت الراهن[1]، وقد عرفت نموا مطردا من حيث القيمة حيث انتقلت من 160 مليار درهم في سنة 2011، إلى 195 مليار درهم حسب توقعات السنة الجارية، أي ما يمثل%  17,4 من الناتج الداخلي الإجمالي[2].

وبذلك صارت الصفقات العمومية، التي تشمل نفقات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تمثل ما يناهز %24 من الناتج الداخلي الخام، وغدت بالتالي مكونا من مكونات النشاط الاقتصادي الذي لا يمكن تجاهله، وعلى سبيل المثال فإن قطاعات كاملة من الاقتصاد، مثل قطاع البناء والأشغال العمومية أو قطاع الهندسة، يعتمدان بما يزيد عن% 75 من طلبات الدولة المباشرة أو غير المباشرة[3]، لدرجة أنها أضحت من أهم الأدوات التي تساهم بصفة فعالة في إنعاش الإقتصاد الوطني، وتعزيز الرصيد المعرفي والتقني للفاعلين الإقتصاديين[4].

غير أنه، قد تنشأ أثناء إبرام أو تنفيذ الصفقة منازعات بين نائل الصفقة[5] أو صاحب الصفقة[6] من جهة وصاحب المشروع[7] من جهة أخرى قد تعرقل تنفيذها، ما ينعكس سلبا على المشاريع المراد إنجازها، سواء من خلال تأخر التسليم النهائي أو جودة الأشغال المنجزة.

وإذا كان اللجوء إلى القضاء هو الطريق المعتاد للفصل في مثل هذا النوع من المنازعات، التي أصبحت في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة، وتكتسي أهمية بالغة، سواء بالنظر إلى ضخامة المبالغ التي تكون موضوع المنازعة، أو بالنظر إلى تعقد الأحكام المنظمة لها، وإلى الصعوبات الجمة التي تطرح أمام من يتولى معالجة هذا النوع من الملفات، نظرا للارتباط الوثيق بين ما هو قانوني وما هو تقني صرف، بالإضافة لبطء إجراءات التقاضي، وصعوبة التنفيذ.

  لذلك فقبل اللجوء للقضاء[8] من أجل الفصل في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية، ولتفادي كل ما يمكن أن يعيق إنجاز المشروع موضوع الصفقة في الآجال المحددة، هناك حلول بديلة للتسوية القضائية، وهي متنوعة كاللجوء للتظلم الإداري[9] الموجه لصاحب المشروع أو الوزير المعني، أو اللجوء إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[10] أو التحكيم[11] أو الوساطة الاتفاقية أو الوساطة المؤسساتية من خلال مؤسسة الوسيط كمؤسسة دستورية، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف[12].

وللموضوع أهمية بالغة بالنظر للمكانة التي أصبحت تحتلها الحلول البديلة في تسوية المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في كثير من دول العالم، والدور الذي أصبحت تلعبه في التخفيف عن القضاء الذي يعرف تزايدا مهما في مثل هذا النوع من القضايا، إلا أن هناك إشكاليات لازال يعرفها اللجوء إلى هذا النوع من الحلول في تسوية المنازعات وخصوصا عند اللجوء لمؤسسة دستورية كمؤسسة وسيط المملكة.

لذلك سيتم التطرق للدور الذي تلعبه مؤسسة الوسيط في التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية بصفتها مؤسسة دستورية مهمتها تسوية المنازعات بالطرق الودية، والتعرف على الإشكالية التي يواجهها حل هذا النوع من القضايا من خلال التعرف على الإطار القانوني والتنظيمي للمؤسسة في المبحث الأول ثم مساطر تسوية المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية عن طريق الوسيط ومدى نجاعتها في مبحث ثاني.

المبحث الأول: الإطار القانوني والتنظيمي للمؤسسة

من المسلم به أن الوساطة المؤسساتية في حلتها الجديدة، والتي عرفت منحى متطورا، خاصة منذ النصف الثاني من القرن الماضي، تعد دعامة للحقوق، وآلية لتأمين المساواة في الاستفادة من خدمات إدارية في مستوى التطلعات، تحقيقا لعدالة اجتماعية ضمن فضاء يبرز فيه التعايش والتكامل، ويسمو فيه القانون، ويشع فيه الإيمان بوجوب التحلي بقيم العدل والإنصاف[13]، ورفع ما يتعرض له المواطنون من أضرار جراء الإختلالات التي تعتري سير بعض الإدارات[14]، وهكذا صدر في 17 مارس 2011 الظهير المحدث لمؤسسة الوسيط[15]، والذي انطلق أساسا من هاجس تعزيزها والرفع من قدراتها بتوسيع اختصاصاتها، وتمكينها من الآليات التي تساعدها على أداء رسالتها[16]، ثم بعد ذلك كرس الدستور رسالة المؤسسة، بجعلها ضمن هيئات السهر على الحكامة الجيدة[17].

لذلك سيتم التطرق ضمن مطلبين للإطار القانوني الذي ينظم مؤسسة الوسيط من خلال الدستور و الظهير المحدث للمؤسسة ونظامها الداخلي ( المطلب الأول) ثم التعرف على الهيكل التنظيمي للمؤسسة ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الإطار القانوني للمؤسسة

الفقرة الأولى: الإطار الدستوري

مباشرة بعد الإحداث كرس الدستور رسالة المؤسسة، بالارتقاء بها، وإدراجها ضمن مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها[18]، على أن يكون هناك تعاون وتكامل مع باقي الهيئات الوطنية ذات العلاقة بالموضوع[19] كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان[20]، ومجلس الجالية المغربية بالخارج[21]، والهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز[22]، كما يعتبر الوسيط من بين أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية[23].

وقد نص الدستور على أن مؤسسة الوسيط هي مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة تتولى، في نطاق العلاقة بين الإدارة والمرتفقين، مهمة الدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في  تدبير المرافق العمومية، والسهر على تنمية تواصل فعال بين الأشخاص، ذاتيين أو اعتباريين، مغاربة أو أجانب، فرادى أو جماعات، وبين الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهيآت التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية وباقي المنشآت والهيآت الأخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة[24].

وبذلك أصبحت  المؤسسة مدسترة إلى جانب مؤسسات وهيآت أخرى[25]، فلا تحدث مؤسسات من أجل الإحداث، وإنما لها غايتها في البناء الديمقراطي[26].

الفقرة الثانية: الإطار التشريعي

المؤسسة في حلتها الجديدة مقارنة مع مؤسسة ديوان المظالم[27]، أضيفت لها مهام أخرى تتناسب وموقعها ضمن منظومة المؤسسات المماثلة في الدول المتقدمة، وتتلخص هذه المهام في الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقة بين الإدارة والمرتفقين، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية، والنظر في التصرفات الإدارية الصادرة عن المنشآت والهيآت الخاضعة للمراقبة المالية للدولة إلى جانب الجهات الإداريةالأخرى[28].

وقد نص الظهير المحدث للمؤسسة، على أن الوسيط هو مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة  تتولى في نطاق العلاقة بين الإدارة والمرتفقين، مهمة الدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية، والسهر على تنمية تواصل فعال بين الأشخاص، ذاتيين أو اعتباريين، مغاربة أو أجانب، فرادى أو جماعات، وبين الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية، وباقي المنشآت والهيآت الأخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة[29].

فإذا كانت المؤسسة، في صيغتها الأولى قد تجمعت في رصيدها بعض الايجابيات، فإن ذلك لم يمنع من الاسترسال في تجسيد إرادة التغيير، فبعد عقد من الزمن، وتوطيدا لما حققته بلادنا من تقدم، صدر في 17 مارس 2011 الظهير المحدث لمؤسسة الوسيط، والذي أبى إلا أن يعزز المؤسسة السابقة، ويوسع اختصاصاتها، ويرفع من قدراتها، ويمكنها من وسائل تسعف في بلوغ ما تنشده من أهداف[30].

المطلب الثاني: الهيكل التنظيمي

تخضع البنية التنظيمية التي تؤطر عمل مؤسسة وسيط المملكة، لأحكام الظهير الشريف المحدث للمؤسسة ولاسيما أحكام الفصل الثاني من الباب السادس المتعلق بالتنظيم المالي والإداري للمؤسسة، بالإضافة إلى أحكام النظام الداخلي للمؤسسة[31]، والذي يحدد مختلف القواعد والمبادئ التي تهم التنظيم الإداري والمالي والمحاسبي للمؤسسة.

ويتضح من خلال هيكلة مؤسسة الوسيط أنها تتوفر على جميع المقومات التي تمكنها من لعب دور مهم في مجال الوساطة المؤسساتية، وبالتالي تسوية مختلف المنازعات، وخصوصا تلك المتعلقة بالصفقات العمومية بالطرق الودية دون الحاجة للجوء للقضاء.

الفقرة الأولى: الوسيط وهيئةالمشورة

من خلال مختلف الأحكام التي تنظم عمل المؤسسة، نجد أنه يوجد على رأسها السيد وسيط المملكة الذي تساعده في أداء مهامه هيئة المشورة.

  • الوسيط

يعين الوسيط بظهير شريف لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، و يختار من بين

الشخصيات المشهود لها بالنزاهة و الكفاءة و التجرد و التشبث بسيادة القانون وبمبادئ العدل والإنصاف، ويعهد إليه بممارسة الاختصاصات المسندة لمؤسسة الوسيط[32]، ويعتبر رئيسا للمؤسسة، والممثل القانوني لها والناطق الرسمي باسمها، يمثلها إزاء الدولة، وإزاء كافة الجهات الوطنية والأجنبية، سواء داخل الوطن أو خارجه، ويتصرف باسمها[33].

  • هيئة المشورة

 تحدث لدى الوسيط هيئة للمشورة تكون تابعة له مباشرة، وتتكون من مستشارين وخبراء يختارون من بين الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والخبرة والتجربة في المجالات القانونية أو الإدارية أو المالية أو غيرها من المجالات ذات الصلة باختصاصات مؤسسة الوسيط[34].

 ويعهد إلى أعضائها القيام، جماعيا أو فرديا حسب الأحوال، بإبداء الرأي حول القضايا المعروضة من لدن الوسيط، وتقديم الاستشارات المطلوبة بخصوصها، وإعداد دراسات أو تقارير، وإجراء أبحاث بطلب من الوسيط حول مواضيع معينة أو قضايا ذات طابع خاص[35].

وقد كان يطلق عليها بخلية المشورة بديوان المظالم[36]، وفي مقارنة بين الظهيرين المحدثين سواء لديوان المظالم، وكذلك لمؤسسة الوسيط يتضح عدم وجود أي اختلاف فيما يخص مهام و اختصاصات هذه الهيئة.

الفقرة الثانية: الكتابة العامة والشعب والوحدات

تتوفر المؤسسة على كتابة عامة وأربع شعب من أجل تيسير عمل المؤسسة ومعالجة القضايا المعروضة عليها في أحسن الظروف.

  • الكتابة العامة

يساعد الوسيط في أداء مهامه، وتحت سلطته، كاتب عام للمؤسسة والذي يعين بظهير شريف باقتراح من الوسيط، من بين الشخصيات التي تتوفر على تجربة مهنية مشهود بها في مجالات القانون والتدبير الإداري والمالي[37]. يتولى الكاتب العام للمؤسسة مساعدة الوسيط في الاضطلاع بمهامه، وبهذه الصفة يسهر، تحت سلطة هذا الأخير، على حسن سير إدارة المؤسسة، وتنسيق أنشطة مصالحها، وأنشطة الوسطاء الجهويين، ويعمل على مسك وثائق المؤسسة ومستنداتها، ويسهر على حفظها[38].

ولهذه الغاية يتولى السهر على توفير المساعدة الإدارية لهيئة المشورة وللمندوبين الخاصين واللجان الدائمة للتنسيق والتتبع في أداء مهامهم، والسهر على حسن سير مصالح الإدارة المركزية للمؤسسة، وتنسيق أنشطتها، وتنسيق أنشطة الوسطاء الجهويين، ثم السهر على مسك وضبط استعمال وثائق المؤسسة ومستنداتها[39].

  • الشعب والوحدات
  • شعبة الدراسات والتحليل والتتبع

تضم الشعبة ثلاث وحدات وهي وحدة تحليل وتتبع الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية، ومواكبة أشغال اللجان الدائمة، ووحدة الدراسات والتقارير، وحدة استقبال المشتكين وتلقي الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية، هذه الأخيرة ومكتب الضبط كانا تابعين لشعبة التواصل والتعاون والتكوين بديوان المظالم[40].

يعهد إلى هذه الشعبة استقبال المشتكين، وتلقي الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية، واتخاذ ما ينبغي بشأنها من إجراءات، ودراسة القضايا المعروضة على المؤسسة وتحليل المعطيات المتعلقة بها، وتتبع مآل الشكايات والتظلمات التي تدخل الوسيط لدى الإدارة بشأنها، ومواكبة أشغال اللجان الدائمة للتنسيق والتتبع، وإعداد الدراسات المتصلة بمجال عمل المؤسسة، وإعداد مشروع التقرير السنوي الذي يرفعه الوسيط إلى جلالة الملك، وإعداد مشروع الملخص التركيبي لمضامين التقرير السنوي الذي يقدمه  الوسيط أمام البرلمان، وإعداد مشاريع التقارير التي يقدمها الوسيط إلى رئيس الحكومة، وإنجاز تقارير دورية خاصة بأنشطتها ترفع إلى الوسيط كل ثلاثة أشهر[41].

  • شعبة التواصل والتعاون والتكوين

تضم الشعبة ثلاث وحدات أيضا وهي وحدة تنمية التواصل والترجمة والتكوين والمنشورات، ووحدة العلاقات العامة والتعاون مع المؤسسات الأجنبية المماثلة، ثم وحدة العلاقات مع المؤسسات والهيئات الوطنية ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان والتي كان يطلق عليها وحدة العلاقة مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بديوان المظالم[42].

ويعهد إلى هذه الشعبة تأمين التواصل الداخلي بين مختلف مصالح المؤسسة، وإنجاز برامج تكوينية ودورات لاستكمال الخبرة لفائدة العاملين بالمؤسسة، وتنظيم مختلف أنواع الأنشطة وإعداد الوثائق الهادفة إلى التعريف بمجال عمل المؤسسة ومنجزاتها، واقتراح الآليات العملية لتنمية التواصل بين الإدارة ومرتفقيها، وتنسيق الأعمال والتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية المكلفة بالوقاية من الرشوة، وتوثيق علاقات التواصل والتعاون مع المؤسسات المماثلة لمؤسسة الوسيط، والهيئات ذات الأهداف المشتركة على الصعيدين الوطني والدولي، وتتبع التواصل مع وسائل الإعلام العمومية والخاصة، والعمل على ترجمة الوثائق الصادرة عن المؤسسة إلى اللغات الأجنبية، وإنجاز تقارير دورية خاصة بأنشطتها ترفع إلى الوسيط كل ثلاثة أشهر[43].

  • شعبة الموارد البشرية والشؤون الإدارية والمالية

تضم الشعبة فضلا عن مكتب الضبط وحدة تدبير الموارد البشرية، ووحدة الميزانية والمحاسبة، ووحدة المعدات والتجهيزات والبنايات.

ويعهد إليها تدبير الموارد البشرية العاملة بمختلف مصالح مؤسسة الوسيط، والسهر على ترشيد استعمالها، والقيام بتحضير المشروع الأولي لميزانية المؤسسة والسهر على تنفيذ هذه الميزانية، ومسك المحاسبة المالية للمؤسسة، والحرص على حسن استعمال معداتها وصيانة ممتلكاتها، وإنجاز تقارير دورية خاصة بأنشطتها ترفع إلى الوسيط كل ثلاثة أشهر[44]، وهذه الأخيرة من المستجدات التي لم يكن معمولا بها في ديوان المظالم.

  • شعبة المعالجة المعلوماتية والإحصاءات والتوثيق

تضم الشعبة وحدة المعالجة والبرامج والتطبيقات المعلوماتية، ووحدة قواعد المعطيات والإحصاءات، ثم وحدة تدبير المحفوظات والتوثيق.

ويعهد إليها الإشراف على وضع مختلف قواعد المعطيات والبرامج والتطبيقات المعلوماتية وشبكة الربط بين مختلف مصالح المؤسسة، وفق تصميم مديري معلوماتي، والقيام بتجميع المعطيات والبيانات وسائر المعلومات المتعلقة بمهام المؤسسة وإحصائها وتصنيفها، ووضعها رهن إشارة المصالح المختصة، وإعداد وتنفيذ برنامج لتدبير أرشيف ووثائق المؤسسة، وتقديم الدعم التقني لمصالح المؤسسة في ميدان المعالجة المعلوماتية و الإحصاءات والتوثيق، وإنجاز تقارير دورية خاصة بأنشطتها ترفع إلى الوسيط كل ثلاثة أشهر[45].

المبحث الثاني: مساطر البت في الشكايات المتعلقة بالصفقات العمومية ومدى نجاعتها

تقوم مؤسسة الوسيط باستقبال الشكايات المتعلقة بمنازعات الصفقات العمومية وغيرها من المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها، والسهر على التأكد من موقف الإدارة بشأنها، كما أنها في إطار الصلاحيات المخولة لها، تتدخل من أجل التسوية الودية لمختلف المنازعات، أو تقديم تعليمات حول القضايا المعروضة عليها، وذلك في إطار التنفيذ السليم للقانون، وبشكل يتلاءم مع تطبيق مبادئ العدل والإنصاف، بهدف التوجيه السليم، والعلاج المناسب، وإرساء قواعد الممارسة الجيدة في الإدارة، عن طريق مساطر مبسطة[46].

لذلك سنتطرق في هذا المبحث لمساطر الدراسة والبت في الشكايات المتعلقة بالصفقات العمومية (المطلب الأول)، ومن خلاله سنتعرف على مسطرة تلقي ودراسة الشكايات(الفقرة الأولى) ثم مسطرة البت فيها (الفقرة الثانية).

أما المطلب الثاني فسنتناول من خلاله مدى فعالية المؤسسة في تسوية منازعات الصفقات العمومية وديا، من خلال التعرف على الآليات المساعدة لمؤسسة الوسيط في تسوية منازعات الصفقات العمومية (الفقرةالأولى)، ثم بعد ذلك  سنتطرق لتقييم عمل مؤسسة الوسيط في مجال تسوية منازعات الصفقات العمومية وديا (الفقرة الثانية)

المطلب الأول: مساطر الدراسة والبت في الشكايات المتعلقة بالصفقات العمومية

الفقرة الأولى: تلقي ودراسة الشكايات

لقد فصل الظهير المحدث للمؤسسة ونظامها الداخلي في المساطر التي يجب اتباعها من قبل الوسيط قبل البت في القضايا المعروضة عليه، حيث يجب أن توجه الشكاية إلى الوسيط بصفة مباشرة من طرف المشتكي[47]، سواء بالبريد العادي أو المضمون أو بأي وسيلة أخرى للاتصال، كما يجوز إيداعها مباشرة بمقر المؤسسة[48]، أو بواسطة من ينيبه من أجل ذلك  بمقتضى وكالة خاصة، عدا إذا تعلق الأمر بمحام، في حال تعذر تقديم الشكاية بصفة مباشرة من طرف الشخص المعني[49].

ويشترط لقبول الشكايات المتعلقة بالصفقات العمومية فضلا عن توقيع صاحبها[50]، أن تتوفر على البيانات الكاملة المتعلقة بهويته كالاسم الشخصي والعائلي والعنوان، وعنوان مقره الاجتماعي وممثله القانوني، إضافة إلى غير ذلك من وسائل الاتصال الممكنة، مع بيان الإدارة المرفوعة الشكاية في مواجهة قرارها أو تصرفها،بالإضافة للأسباب المبررة لتقديم الشكاية، كما يجب تقديم تصريح يفيد أن القضية غير معروضة على القضاء، وكذلك توضيح المساعي التي سبق أن قام بها المشتكي لدى الإدارة المعنية ونتائجها عند الاقتضاء[51]، ولا تقبل الشكايات التي تتضمن قذفا أو سبا، في حق أي شخص أو جهة معينة، وكذا الشكايات أو التظلمات المجهولة المصدر[52].

وفي حال ما إذا تعذر على المشتكي تقديم الشكاية كتابة، أمكنه تقديها شفويا، ويحرر مضمونها في هذه الحالة في محضر خاص من طرف المصالح المختصة بالمؤسسة، يوقع عليه المعني بالأمر، مع إدلاءه بالوثائق والحجج اللازمة التي يتوفر عليها[53]، بعد ذلك يسلم أو يوجه إلى صاحب الشكاية وصل عن الاستلام يتضمن تاريخ ورقم تسجيلها[54].

بعد أن يتوصل الوسيط بالشكاية وفقا للشروط المحددة سابقا، تتم الدراسة الأولية للشكايات للتأكد من انعقاد الاختصاص النوعي للنظر فيها، ومن مدى استيفائها للشروط المتطلبة لقبولها[55]، وإذا ما تبين أن الشكاية لا تدخل ضمن الاختصاص النوعي لمؤسسة الوسيط، أو أنها لا تستوفي شروط القبول، يتخذ مقرر بحفظها  كلما تبين أن مبرراتها غير جدية أو منعدمة، ويشعر المشتكي بذلك كتابة[56]، أو تتم دعوته إلى استكمال ملفه[57]، من خلال طلب ما قد يراه لازما من البيانات التكميلية، والوثائق والمستندات الإضافية، للنظر في الشكاية [58].

بعد ذلك يوجه الوسيط، نسخة من الشكاية أو مضمونها إلى الإدارة المعنية، ويستفسرها حول الوقائع الواردة فيها، ويطلب منها موافاته، داخل أجل يحدده بتقرير يتضمن بكل وضوح موقفها بشأن موضوع الشكاية، مشفوعا بكافة البيانات والمستندات اللازمة، وذلك اعتبارا لما يلزمها قانونا من تعاون وثيق معهم، ومن تيسير لمأموريتهم، ويمكن تمديد الأجل ، إذا تقدمت الإدارة بطلب يبرر ذلك[59].

إذا اتضح للوسيط أن الشكاية المعروضة عليه قائمة على أسس قانونية سليمة، وترمي إلى رفع ضرر من جراء تصرف مخالف للقانون، خاصة إذا كان متسما بالتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة، أو منافيا لمبادئ العدل والإنصاف، قام بجميع المساعي والاتصالات اللازمة مع الإدارة المعنية، قصد حثها على الاستجابة لمطلب المشتكي، في إطار الاحترام التام لضوابط سيادة القانون[60]، حيث يمكنه استفسار الجهات المعنية حول الأفعال التي كانت موضوع الشكاية، ومطالبتها بموافاته بالتوضيحات اللازمة بشأنها، وبالوثائق والمعلومات المتصلة بها[61]، كما يمكن له اللجوء إلى جميع الوسائل التي قد يراها ضرورية ومفيدة للتأكد من مدى صحة الوقائع المعروضة، ومشروعية مصلحة المشتكي، وحقيقة الضرر اللاحق به، ومن ذلك إجراء أبحاث، أو القيام بتحريات، بعين المكان إن اقتضى الحال، على أساس المعطيات الموضوعية، وبکيفية حيادية[62].

يمكن للوسيط، قبل البدء في عمليات البحث أو التحري، أن يحث الطرفين على اللجوء إلى جميع الطرق الودية لحل الخلاف، باستعمال جميع المساعي التوفيقية قصد التوصل لحلول منصفة إذا كانت ظروف القضية المعروضة عليه تسمح بذلك[63].

كما يمكن للوسيط القيام بإجراء أبحاث وتحريات، من أجل التأكد من حقيقة الأفعال والوقائع التي بلغت إلى علمه، والوقوف على الضرر الذي تعرض له صاحب الشكاية، وكذا القيام بالتكييف القانوني لطبيعة الضرر المذكور[64].

يتم إشعار الأطراف المعنية، بيوم وساعة إجراء البحث أو التحري، بالإدارة المعنية، أو المحل موضوع النزاع، وذلك بجميع الوسائل الممكنة أسبوعا واحدا على الأقل، قبل التاريخ المحدد، ولهذا الغرض يعين الوسيط  بمقرر خاص، الشخص المكلف بإجراء البحث أو التحري مع تحديد باقي التدابير المتعلقة بإنجاز مهمته[65].

إذا تبين أثناء النظر في الشكاية أن موضوعهما معروض أمام القضاء، أوقف الوسيط، تدخله بموجب مقرر، وأشعر المشتكي بذلك[66].

الفقرة الثانية: البت في الشكايات

إذا تأكد الوسيط، من صحة الوقائع الواردة في الشكاية، ومن تحقق الضرر اللاحق بالمشتكي، يبت فيها بكل تجرد واستقلال، واستنادا إلى سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف، ولهذه الغاية يقوم حسب معطيات وظروف كل حالة:

  • إما بحث الإدارة المعنية على الاستجابة لطلب المشتكي، داخل أجل لا يقل عن ثلاثين يوما، حسب كل حالة، وإخبار الوسيط داخل نفس الأجل، بكل ما اتخذته في الموضوع، وذلك مع إمكانية تجديد الأجل مرة واحدة، إذا تقدمت الإدارة يطلب يبرر ذلك.
  • وإما بدعوة الإدارة إلى مراجعة موقفها، في ضوء القواعد القانونية أو مبادئ العدل والإنصاف، مع تبليغها ملاحظاته ومقترحاته قصد إيجاد حل عادل ومنصف، وإلى قيامها بإخباره بموقفها النهائي، داخل نفس الأجل القابل للتمديد.

يقوم الوسيط بإصدار توصية بشأن الحل الذي يراه منصفا للمشتكي، إذا لم تستجب الإدارة إلى الدعوة، بعد نهاية الأجل المحدد، ويقوم بإشعار المشتكي بالتدابير المتخذة[67].

المطلب الثاني: مدى فعالية المؤسسة في تسوية منازعات الصفقات العمومية وديا

الوساطة المؤسساتية بمفهومها الجديد، هي إحدى الوسائل البديلة التي جاءت لتخفيف العناء عن القضاء والمتقاضين، فهي لا تتقيد بمجرد التطبيق الحرفي للقواعد القانونية، وإنما تراعي أيضا مبادئ العدل والإنصاف، مما منح لقراراتها وتوصياتها القوة المعنوية لفض النزاعات، والتوفيق بين المطالب المشروعة للمرتفقين والحفاظ على هيبة دولة الحق والقانون[68].

إلا أنه لا يجوز لها النظر في الشكايات المتعلقة بالقضايا المعروضة على القضاء، أو البت في التظلمات الرامية إلى مراجعة حكم قضائي نهائي، كما أن اللجوء إلى وسيط المملكة لا يؤثر على الإجراءات والمساطر القضائية، ولا يوقف بالتالي آجال التقادم أو الطعن.

الفقرةالأولى:الآليات المساعدة لمؤسسة الوسيط في تسوية منازعات الصفقات العمومية

                        وسيط المملكة يقوم بدور الوسيط النزيه المحايد، الذي تنحصر مهمته في هذا المجال في تقريب وجهات النظر واقتراح الحلول الودية لإنهاء الخلاف، ذلك أن بعض الأنظمة المثيلة في أوربا على الخصوص، ومنها مؤسسة المدافع عن الحقوق بفرنسا اعتمدت هذا الأسلوب في حل معظم الخلافات القائمة ين الإدارة والمواطنين، كما أن بعض الأنظمة الشبيهة في أمريكا وإفريقيا والعالم العربي والإسلامي ومنه المغرب، تبنت هذا الأسلوب فيما أصبح معروفا بالطرق البديلة لتسوية المنازعات، وذلك للتخفيف عن المحاكم من جهة ولتفادي المساطر القضائية المعقدة، وبطء إجراءاتها من جهة أخرى.

لذا فقد أصبح الخصوم يلجؤون إلى الأنظمة سالفة الذكر لحل نزاعاتهم بالطرق البديلة، نظرا لكون هذه الأنظمة في مجملها تتميز بخاصيات ايجابية: منها المرونة واليسر وبساطة الشكليات والإجراءات والسرعة في الانجاز والاقتصاد في الجهد والوقت و التكاليف، والبحث عن إيجاد حل للنزاع بشكل ودي ومنصف للطرفين مما يضع حلا نهائيا للمخاصمة و العداء، ويدفع الطرفين إلى تنفيذ ما تضمنه الحل أو الاتفاق عن رضى وطيب خاطر[69].

ويتضح من خلال التقرير السنوي للمؤسسة لسنة 2017 أن القضايا المتعلقة بالتماطل في تسديد المستحقات ذات الصلة بالصفقات العمومية تمثل تقريبا 31 شكاية[70].

بينما عرفت القضايا ذات الطبيعة المالية، في تقرير سنة 2016 ارتفاعا كبيرا من حيث عدد الشكايات، مقارنة مع سنة 2015، إذ انتقل من 121 شكاية، إلى 226 ويضم هذا الصنف من القضايا على الخصوص، نزاعات المشتكين مع مؤسسات عمومية بشأن التماطل في سداد المستحقات لأصحابها المتعلقة بخدمات وصفقات عمومية منجزة لفائدتها، وذلك بعلة عدم توفر الاعتمادات[71].

وما يساعد الوسيط على القيام بمهامه في فض المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية على الوجه المطلوب، هو مجموعة من المميزات ولعل أبرزها:

  • استقلالية المؤسسة عن كل السلط، مما يخولها إمكانية النظر بما يكون مناسبا، رائدها السهر على الشرعية، والدفاع عن الحقوق التي يخولها القانون للمرتفق، في تطبيقه العادل والمنصف، فإذا كان الاستقلال مبدءا كونيا يتعين أن يتوفر في كل مؤسسات الوساطة، فان بلورة هذا الاستقلال تختلف، وتتدخل الخصوصية والمراس الديمقراطي لكل بلاد في اختيار تنزيله على أرض الواقع، فهناك من يطمئن للانتخاب، وهناك من يرتاح إلى التعيين من لدن السلطة التشريعية، وهناك من يأخذ التعيين من السلطة الرئاسية أو الحكومية[72].
  • التخصص في معالجة كل ما ينشأ بين المرتفقين أيا كانت جنسيتهم[73] والإدارة من خلاف أو نزاع مرتبط بعمل هذه الأخيرة، حيث بلغ عدد الشكايات التي تقدم بها أجانب 6 شكايات سنة 2017، بينما بلغ عددها 7 شكايات سنة 2016 أي بنقصان بلغ 14,3% [74].
  • التأكيد على إقرار مبدأ المساواة في الاستفادة من المرفق العام، بما يحقق العمومية ويرفع التمييز ويقر التنافسية المشروعة، ويعمم الشعور بأن الأفراد والجماعات سواسية أمام الإدارة.
  • تمكين المؤسسة من سلطات وآليات مؤثرة تجبر على التقيد بالمقترحات المؤسسة وتنفيذ توصياتها، إذ لا معنى لوجود المؤسسة إذا كانت مقرراتها مجرد رأي لا يمكن تنفيذه وتنزيله على أرض الواقع[75].

وفي هذا الإطار بلغ عدد المقررات والتوصيات الصادرة عن المؤسسة برسم سنة 2017 ما مجموعه 2887، بعدما سجلت سنة 2016 ما مجموعه 2457 أي بزيادة نسبتها 17,5%[76]، بينما بلغ عدد الشكايات 2713[77] شكاية برسم سنة 2017، ويتضح من خلال الإحصائيات أن التوصيات و المقررات الواردة بالتقرير لا تخص فقط سنة 2017 و إنما أيضا ما تبقى من القضايا العالقة عن السنوات السابقة.

  • إمكانية اقتراح الوسيط تعديل نص قانوني، إذا تبين له أن تطبيقه الصارم من شأنه خلق أوضاع غير عادلة أو ضارة بالمرتفقين[78]، على خلاف القضاء الذي لا يملك إلا حق الفصل في الخلاف.
  • فرض تنفيذ الأحكام القضائية على الإدارة.
  • الوساطة المؤسساتية، وإن كانت تلتقي مع القضاء الإداري في كونهما ينظران في تجاوز وتعسف القائمين على الإدارة، فهي تسلك من طرق الإثبات ما ييسر الوقوف على الحقيقة ويرجع الأمور إلى نصابها، على خلاف القضاء الذي يبقى حبيس إجراءات مسطرية خاصة وطرق وآجال محددة[79].

الفقرة الثانية: تقييم عمل مؤسسة الوسيط في مجال تسوية منازعات الصفقات العمومية وديا

على الرغم من وجود تجاوب بين مؤسسة الوسيط والإدارة فيما يخص تسوية منازعات الصفقات العمومية وديا، إلا أنه لازالت هناك مجموعة من المعيقات التي تحول دون قيام المؤسسة بالدور المنوط بها على الوجه المطلوب، والتي يجب عليها تجاوزها من أجل تطوير عمل المؤسسة في مجال  الوساطة المؤسساتية بالمغرب، وبالتالي حل القضايا المعروضة عليها بسرعة، وخصوصا تلك المتعلقة بالصفقات العمومية، خصوصا أنها تكون موضوع مبالغ كبيرة جدا، قد يؤدي تماطل الإدارة في سداد المستحقات التي بذمتها لأصحابها إلى إعلان إفلاس العديد من المقولات.

وفي هذا الإطار يلاحظ عدم احترام الإدارة للآجال القانونية في الرد على المؤسسة، حيث يقوم الوسيط بتوجيه توصياته واقتراحاته وملاحظاته إلى الإدارة المعنية، التي يتعين عليها داخل أجل ثلاثين يوما قابلة للتمديد لمدة إضافية، القيام بالإجراءات اللازمة للنظر في القضايا المحالة عليها، وأن تخبره كتابة بالقرارات أو الإجراءات التي اتخذتها بشأن توصياته واقتراحاته[80].

 وما يلاحظ في هذا الشأن هو مرونة الوسيط في التعامل مع هاته الآجال، حيث أن هاجسه الرئيسي، هو حل القضايا المعروضة عليه وديا،  وليس  التشدد  والدخول مع  الإدارة في صراعات حول احترام الآجال القانونية، على الرغم من أن بعض الملفات المتعلقة بمنازعات الصفقات العمومية قد تستغرق مدة طويلة من أجل حلها وديا، بدءا بدراسة الشكاية ثم إجراء جلسات البحث والتحري بمقر المؤسسة، مرورا بإصدار توصية أو مقرر بتسوية المنازعة وديا، إلى تنفيذ التوصية أو المقرر من طرف الإدارة، أو رفعها إلى السيد رئيس الحكومة من أجل تنفيذها في حال عدم استجابة الإدارة لذلك.

ويعزى هذا التماطل في بعض الأحيان إلى جهل بعض الإدارات بالأدوار التي تضطلع بها المؤسسة في مجال التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية، أو تملصها في أحيان أخرى، من تسوية مثل هذا النوع من المنازعات، محتجة في ذلك بعدم توفر الإعتمادات اللازمة قصد حل الملف، أو بتغير المسؤول الذي أبرمت الصفقة في عهده، ما يضرب في العمق مبدأ استمرارية المرفق العام، كل ذلك رغم اعترافها أثناء جلسات البحث والتحري داخل المؤسسة، أو من خلال أجوبتها على مراسلات المؤسسة، بتلك المبالغ المستحقة.

لهذا يجب على المؤسسة تكثيف اللقاءات مع الإدارات التي لا تتجاوب مع المؤسسة أو تتماطل في الجواب، أو تمتنع عن الرد على المراسلات، ولا تلتزم بالآجال القانونية من أجل الرد عليها، أو لا تحضر لجلسات البحث والتحري، من خلال تفعيل آلية البحث والتحري بعين المكان غير المفعلة حاليا، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل آليات الزجر، من خلال توجيه توصية للإدارة المعنية، من أجل المتابعة التأديبية في حق الموظفين المسؤولين مباشرة عن الشكاية، أو بإحالة الملف إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات التي ينص عليها القانون[81]، أو رفع تقرير خاص في الموضوع إلى رئيس الحكومة، بعد إبلاغ الوزير المسؤول أو رئيس الإدارة المعنية، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وجزاءات في حق المعني بالأمر[82]، وأيضا تفعيل آلية رفع تقرير خاص إلى رئيس الحكومة من أجل معالجة تهاون بعض الإدارات في التعاون مع مؤسسة، وفي الاستجابة لتوصياته[83].

من جهة أخرى، لا تخفى أهمية العنصر البشري في نجاح عمل أي مؤسسة أو تدهورها، فالعاملون بمؤسسة وسيط المملكة هم من يستقبل المواطنين، ويدرسون شكاياتهم، ويقومون بعمليات البحث والتحري، وتتبع الملفات من البداية إلى التسوية، أو الحفظ، لذلك يجب إعطاؤهم العناية اللازمة حتى يقوموا بالأدوار المنوطة بهم على الوجه المطلوب.

وما يلاحظ حاليا بالمؤسسة قلة الموظفين في بعض الوحدات، وعدم توزيعهم بشكل متوازن بين الشعب، على الرغم من توفر المؤسسة على شعبة خاصة بتدبير الموارد البشرية، فعلى سبيل المثال نجد وحدة التحليل والتتبع  تضم موظفتين فقط، هما رئيسة الوحدة وموظفة، وعليهما تتبع تنفيذ جميع التوصيات الصادرة عن المؤسسة، والتي يمكن أن يصل عددها في سنة واحدة إلى 2887 حسب تقرير 2017، بالإضافة إلى أن بعض رؤساء الوحدات لا يتوفرون على مكاتب خاصة بهم، حيث يعملون مع مرؤوسيهم داخل نفس المكتب.

وما يعاب على المؤسسة أيضا فيما يخص مواردها البشرية، عدم قيامها بأي تكوين  في مجال الصفقات العمومية بالنسبة للعاملين على حل مثل هذا النوع من الملفات، ذلك أنهم يعتمدون على اجتهاداتهم الشخصية من أجل حل هذا النوع من الملفات، حيث نجد أن نفس الدارس قد يعكف على دراسة مجموعة من الملفات التي لها علاقة بالصفقات العمومية والجبايات والتعويضات عن ملفات المرض وغيرها من الملفات ذات الطبيعة المالية، في غياب للتخصص.

كما أن محدودية الغلاف المالي المخصص للمؤسسة، لا يساعدها على القيام بمهامها على الوجه المطلوب، حيث لا توجد اعتمادات كافية من أجل تفعيل جميع مصالح المؤسسة، وعلى الخصوص تفعيل عمل المندوبين الخاصين، سواء المكلفين بالولوج إلى المعلومات الإدارية، أو بتتبع تبسيط المساطر الإدارية وولوج الخدمات العمومية، أو تتبع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة.

كما يلاحظ أن المؤسسة لا تزال بعيدة عن مسايرة ركب التطور فيما يخص استعمال تقنيات الاتصال والتواصل الحديثة، حيث لا يمكن للمشتكين  تتبع قضاياهم المعروضة على المؤسسة الكترونيا دون زيارة المؤسسة، وخصوصا بالنسبة لمن يقطن بعيدا عن مقرها، مما يحتم على المسؤولين العمل على تطوير المؤسسة في مجال استعمال التكنولجيات الحديثة، ما سيساهم في عصرنة المؤسسة ويوفر عليها الكثير من الجهد في هذا الشأن.

خاتمة:

لملاءمة قانون مؤسسة وسيط المملكة مع دستور 2011، تم الاشتغال على مشروع قانون جديد  يروم ترسيخ وتطوير عملها، باعتبارها مؤسسة دستورية وطنية مستقلة ومتخصصة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وتدعيم منظومة العدالة بإطار خاص لتسوية بعض المنازعات وديا، وخصوصا المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية، وفي هذا الإطار صادق مجلس النواب في جلسة عمومية يوم الثلاثاء 24 أبريل 2018 بالإجماع، على مشروع قانون رقم 14.16 يتعلق بمؤسسة الوسيط، والذي يهدف إلى إعادة تنظيم المؤسسة وفق أحكام الفصلين 162 و171 من الدستور، وإلى تمكين المغرب من مؤسسة للوساطة المؤسساتية حديثة وناجعة وفعالة، تدافع عن المشروعية القانونية والإنصاف والعدل، وتشكل ملجأ للمواطنين من التجاوزات الإدارية والتعسفات في استعمال السلطة العمومية، وآلية مرجعية لتقديم مقترحات للإصلاح والتأهيل الإداري، في انتظار نشره بالجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ.


[1] محمد الشاوي، شفافية إبرام الصفقات العمومية بين مقتضيات النص التنظيمي وواقع الممارسة العملية، مجلة القضاء الإداري، العدد 4،شتاء/ربيع 2014، الصفحة 109.

[2]  فاطمة الزهراء كريم الله، تشكيل لجنة مغربية مستقلة تتولى مهمة الإشراف على الصفقات العمومية، تم التصفح بتاريخ 03/09/2018 على الساعة 11 ليلا على موقع جريدة القدس العربي https://www.alquds.co.uk .

[3] تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الصفقات العمومية رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مطبعة كانابرانت، سنة 2012، الصفحة 13.

[4] عبد اللطيف رونق، طرق ومساطر إعداد وإبرام الصفقات العمومية، مجلة المعيار، عدد 34، يونيو 2005، الصفحة 32.

[5] حسب المادة 4 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادربتاريخ 8 جمادى الأولى 1434 (20 مارس 2013) المتعلق بالصفقات العمومية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6140 الصادرة بتاريخ 23 جمادى الأولى 1434 (4 أبريل 2013)، الصفحة 3023، فإن نائل الصفقة هو المتنافس الذي تم قبول عرضه قبل تبليغ المصادقة على الصفقة.

[6] حسب نفس المادة من نفس المرسوم فإن صاحب الصفقة هو نائل الصفقة الذي تم تبليغ المصادقة على الصفقة إليه.

[7]حسب نفس المادة من نفس المرسوم فإن صاحب المشروع هو السلطة التي تبرم الصفقة مع المقاول أو المورد أو الخدماتي باسم إحدى الهيئات العمومية.

[8] المادة 83 من المرسوم رقم 2.14.394 الصادر في 6 شعبان 1437(13 ماي 2016) بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، الجريدة الرسمية عدد 6470 الصادرة في 26 شعبان 1437 (2 يونيو 2016) صفحة 4111.

[9] المادة 81 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال والمادتين 169 و 170 من مرسوم الصفقات العمومية، مرجع سابق.

[10]مرسوم رقم  2.14.867 صادر في 7 ذي الحجة 1436  (21 سبتمبر 2015) يتعلق باللجنة الوطنية للطلبيات العمومية الجريدة، الرسمية عدد 6399  الصادرة بتاريخ 14 ذو الحجة 1436 (28 سبتمبر 2015).

[11] المادة 82 من الدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، مرجع سابق، الصفحة 4142.

[12] الفصل 162، دستور المملكة المغربية ل30 يوليوز2011، الموافق ل 28 شعبان 1432، الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم 1.11.91 الصادر في 27 شعبان  1432(29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 بتاريخ 30 يوليوز2011، الصفحة 3626.

[13] عبد العزيز بنزاكور، مؤسسة وسيط المملكة وتحقيق العدالة الاجتماعية، مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد التاسع، دجنبر 2016، الصفحة 29.

[14] عبد العزيز بنزاكور، حقوق الإنسان والوساطة المؤسساتية كجزء منها، بين الكونية والخصوصيات، مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد الثاني، غشت 2014، الصفحة 23.

[15] الظهير الشريف رقم 1.11.25 الصادر في 12 من ربيع الآخر 1432 (17 مارس 2011) المتعلق بإحداث مؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية عدد 5926 بتاريخ 12 ربيع الآخر 1432 الموافق ل 17 مارس 2011 الصفحة 802.

[16]عبد العزيز بنزاكور، حقوق الإنسان والوساطة المؤسساتية كجزء منها، بين الكونية والخصوصيات، مرجع سابق الصفحة 23.

[17]نفسه، الصفحة 24.

[18] الباب الثاني عشر من دستور 2011، مرجع سابق، الصفحة 3625.

[19] عبد العزيز بنزاكور، مؤسسة وسيط المملكة وتخليق الإدارة، مجلة مؤسسة وسيط المملكة، العدد الأول، أبريل 2014، الصفحة 15.

[20] الفصل 161 من دستور 2011، مرجع سابق، الصفحة 3625.

[21] نفسه، الفصل 163، الصفحة 3626.

[22] نفسه، الفصل 164، نفس الصفحة.

[23] الفصل 115 من دستور 2011، مرجع سابق الصفحة 3620.

[24] نفسه، الفصل 162، نفس الصفحة.

[25] عبد العزيز بنزاكور، مؤسسة وسيط المملكة وتخليق الإدارة، مرجع سابق، الصفحة  33.

[26] تقرير مؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2017 الجريدة الرسمية عدد 6699 بتاريخ فاتح ذو الحجة ( 13 أغسطس 2018)، الصفحة 5569.

[27]الظهير الشريف رقم 1.01.298 الصادر في 23 من رمضان 1422(9 ديسمبر 2001) بإحداث مؤسسة ديوان المظالم الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4963 بتاريخ 8 شوال 1422 (24 دجنبر 2001).

[28] الحسن سيمو، المستجدات التشريعية والدستورية في مجال الوساطة المؤسساتية بالمغرب، مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد الأول، أبريل 2014 الصفحة 26 و27.

[29] المادة 1 من الظهيرالمحدث للمؤسسة، مرجع سابق، الصفحة 802.

[30] عبد العزيز بنزاكور، مؤسسة وسيط المملكة وتخليق الإدارة، مرجع سابق، الصفحة 15.

[31] النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية عدد 6033 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1433 الموافق ل 26 مارس 2012، الصفحة 2222.

[32] المادة 2 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة802.

[33] المادة 4 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، الصفحة 2222.

[34] نفسه، المادة 8، الصفحة 2223.

[35] نفسه، المادة 7، نفس الصفحة.

[36] المواد 7 و 8 و 9 من الظهير الشريف رقم 1.03.240 الصادر في 9 شوال 1424 (4 ديسمبر 2003) بالمصادقة على النظام الداخلي لمؤسسة ديوان المظالم، الجريدة الرسمية عدد 5171 الصادرة في 27 شوال 1424 (22 ديسمبر 2003)، الصفحة 4292.

[37] المادة 45 من الظهير المحدث لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 809.

[38] نفسه، المادة 46، نفس الصفحة.

[39] المادة 34 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2225.

[40] المادة  20من النظام الداخلي لديوان المظالم، مرجع سابق، الصفحة .4294

[41] المادة 36 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2226.

[42] المادة 20 من النظام الداخلي لديوان المظالم، مرجع سابق، الصفحة. 4294

[43] المادة 38 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2226.

[44] نفسه، المادة 40، نفس الصفحة.

[45] المادة 42 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2227.

[46] امحمد برادة غزيول، تقنيات الوساطة لتسوية النزاعات دون اللجوء إلى القضاء، الطبعة الأولى 2015، الصفحة 41.

[47] المادة 9 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط.، مرجع سابق، الصفحة 803.

[48] المادة 65 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2229.

[49] نفسه، المادة 60، نفس الصفحة.

[50] المادة 9 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط.، مرجع سابق، الصفحة 803.

[51] المادة 58، من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2228.

[52] نفسه، المادة 59، الصفحة 2229.

[53] نفسه، المادة 62، نفس الصفحة.

[54] نفسه، المادة 64، نفس الصفحة.

[55] نفسه، المادة 65، نفس الصفحة.

[56] نفسه، المادة 68، نفس الصفحة.

[57] نفسه، المادة 66، نفس الصفحة.

[58] نفسه، المادة 69، نفس الصفحة.

[59]  نفسه، المادة71، نفس الصفحة.

[60] المادة 12 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 804.

[61] نفسه، المادة 13، نفس الصفحة.

[62] المادة 72، من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق. الصفحة 2229.

[63] المادة 73، من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2230.

[64] المادة 13 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 804.

[65]المادة 72، من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، الصفحة 2230.

[66] نفسه، المادة 74، نفس الصفحة.

[67] نفسه، المادة 75، نفس الصفحة.

[68] أشغال اللقاء التواصلي المنظم من طرف مؤسسة وسيط المملكة بالجهة الشرقية، وجدة في 22 ماي 2014، الصفحة 2.

[69] الحسن سيمو، التسوية العاجلة والمنصفة كبديل لحل الخلاف، مجلة ديوان المظالم، العدد الثاني، يونيو 2005، الصفحة 38.

[70] تقرير مؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2017، مرجع سابق، الصفحة 5555.

[71] تقرير مؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2016 الجريدة الرسمية عدد 6608 بتاريخ 7 محرم 1439 ( 28 سبتمبر 2017)، الصفحة 5383.

[72] عبد العزيز بنزاكور، حقوق الإنسان والوساطة المؤسساتية كجزء منها، بين الكونية والخصوصية، مرجع سابق، الصفحة 26.

[73] المادة 1 و5 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 802 و 803.

[74] تقرير مؤسسة الوسيط لسنة 2017، مرجع سابق، الصفحة 5561.

[75] عبد العزيز بنزاكور، حقوق الإنسان والوساطة المؤسساتية كجزء منها، بين الكونية والخصوصية، مرجع سابق، الصفحة 27.

[76] تقرير مؤسسة الوسيط لسنة 2017، مرجع سابق، الصفحة 5569.

[77] نفسه، الصفحة 5548.

[78] عبد العزيز بنزاكور، حقوق الإنسان والوساطة المؤسساتية كجزء منها، بين الكونية والخصوصية، مرجع سابق، الصفحة 27.

[79] عبد العزيز بن زاكور، مؤسسة وسيط المملكة وتخليق الإدارة، مرجع سابق الصفحة 17.

[80] المادة 14 من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 804.

[81] المادة 79 من النظام الداخلي لمؤسسة الوسيط، مرجع سابق، الصفحة 2230.

[82] نفسه، المادة 80، الصفحة 2231.

[83] نفسه، المادة 81، نفس الصفحة.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *