Site icon مجلة المنارة

التسريح التأديبي للعمال في القانون الجزائري

التسريح التأديبي للعمال في القانون الجزائري

د/ مهدي بخدة   أستاذ محاضر- أ-  معهد الحقوق والعلوم السياسية  المركز الجامعي -غليزان الجزائر

ملخص:

وضع المشرع الجزائري في موضوع تسريح العمال لأسباب تأديبية قواعد مختلفة تأثرت كثيرا بسياق وظروف تشريعها، فحاول في السنوات الاولى من التحولات الاقتصادية مجاراة النظام الليبرالي الذي يعتمد على مبدأ سلطان الارادة في تنظيم علاقات العمل لاسيما معاقبة العمال بتسريحهم، فأوعز إلى النظام الداخلي مسألة تحديد الاخطاء الجسيمة، لكنه سرعان ما تراجع تحت ظروف ضاغطة عن طريق تعديل المادة 73 من القانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل بواسطة القانون 91/29 والأمر 96/21 مما أوقع نصوصه في اختلالات انسحبت على الاجتهادات القضائية المتضاربة، الأمر الذي أنتج تعقيدات تشريعية وتنظيمية ساهم فيها التناقض بين التوجه الاقتصادي المعلن والأساليب المتبعة التي لا تسمح بهذا التوجه لاسيما وأن قواعد التسريح التأديبي تعد من المهام التنظيمية.

غير أنه يمكننا استخلاص الدور الواقعي للتنظيم الذي يظهر بوضوح في السماح للهيئة المستخدمة بتحديد الاخطاء الجسيمة مع ضمانات تشريعية لحماية العمال والتي تلقت تطبيقات مكثفة من طرف القضاء وإقراره بتلك الصلاحيات الممنوحة للمستخدم والتي يجب أن تقع تحت رقابة القاضي في حالة غياب الضمانات التأديبية.

Résumé : le licenciement disciplinaire des salariés en droit algérien

 Le législateur algérien à propos du licenciement de travailleurs pour des raisons disciplinaires a énoncé diverses règles qui ont été fortement influencées par les circonstances de leur législation, et il a essayé de suivre, dans les premières années de la transformation économique le système libéral, fondé sur le principe de la volonté de réglementer les relations de travail, notamment licenciement des travailleurs, il a donné au règlement intérieur le sujet de la détermination des fautes graves, mais s’est rapidement retirée dans des circonstances stressantes en modifiant l’article 73 de la loi 90/11 relative aux  relations de travail par la loi 91/29 et l’ordonnance 96/21, ce qui entraînait des déséquilibres dans ses dispositions et retirait la jurisprudence contradictoire, qu’il a créé des complexités législatives et réglementaires ont contribué à la contradiction entre le système économique déclarée et les méthodes ne permettant pas cette tendance, d’autant plus que les règles de licenciement disciplinaire sont une tâche organisationnelle.

Cependant, nous conclusions le rôle réaliste de règlement intérieur qui permet clairement à l’organisme employeur de limiter les fautes graves avec des garanties législatives pour la protection des travailleurs et ayant fait l’objet de nombreuses applications du pouvoir judiciaire et approuvées par les pouvoirs conférés à l’employeur et qui doivent être sous le contrôle du juge en l’absence de garanties disciplinaires.

مقدمة:

 نظم المشرع الجزائري مسألة التسريح التأديبي رغم ما لها من أهمية تتسم بالخطورة على حياة العمال بشيء من التململ لاسيما في ظل المرحلة الانتقالية التي واكبت توجه الجزائر نحو اقتصاد السوق وتحرير التجارة في بداية التسعينات من القرن الماضي وما أفرزته تلك المرحلة من محاولة جذب الاستثمار الأجنبي والأخذ ببعض النصوص الأجنبية بما يفرضه هذا النمط من التوجه الاقتصادي من ترك الحرية لإرادة الأطراف ضمن ما يتم الاتفاق عليه في العقود الفردية أو الاتفاقيات الجماعية(عقود العمل الجماعية) أو في النظام الداخلي في ضبط مسائل الشغل العديدة سواء في طبيعة النشاط أو مسألة الأجور أو ظروف ونظام العمل أو الجوانب التأديبية التي يمنح القانون من خلالها السلطة التأديبية لرب العمل في توقيع العقاب على العامل الذي ثبت في حقه ارتكاب الخطأ وكل ذلك طبقا لمبدأ سلطان الارادة.

إن الاصلاح التشريعي الذي ساد تلك الفترة عن طريق قانون علاقات العمل الصادر بالقانون 90/11 المؤرخ في 21/04/1990 كان يصب في هذا الاتجاه ألا وهو تغليب النظام التعاقدي على النظام اللائحي بترك مجال أوسع لإرادة طرفي العلاقة أو للنقابات مع المستخدم أو مع نقابة المستخدمين عن طريق الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية في تنظيم مسائل الشغل بما في ذلك جعل مسألة تحديد الأخطاء المهنية وعقوبتها بجميع أنواعها من صلاحيات المستخدم في إطار ما يضعه من أحكام ضمن النظام الداخلي.

 غير أن اصطدام ذلك بعدة عوامل منها ضعف الثقافة التنظيمية للمستخدمين  والبنية الاقتصادية الضعيفة للدولة آنذاك التي ساهمت في غلق كثير من المؤسسات الانتاجية وتسريح كثير من عمالها، الأمر الذي ساهم في رفع نسبة البطالة فضلا عن عدم شعور العمال بعدالة من خلال ارتكاب بعض العمال لنفس الأخطاء لكن ينتج عن البعض منها التسريح التأديبي والبعض الآخر لا يتم تسريحه بسبب اختلاف المؤسسات وبالتالي اختلاف أنظمتها الداخلية،  بالإضافة إلى الضغط الذي مارسته التنظيمات النقابية خاصة في موضوع استئثار المستخدم بوضع الأخطاء الجسيمة المؤدية إلى تسريح العمال.

  وخلال 18 شهرا تم تعديل المادة 73 عن طريق القانون 91/29 أين حدد المشرع الأخطاء الجسيمة التي يستحق عليها العامل عقوبة التسريح ثم أضاف لها المشرع بعض المواد التي لها علاقة بالتسريح التأديبي والتسريح خرقا للإجراءات القانونية والتسريح التعسفي وكشف هذا التطور التردد الحاصل في التغيير من أجل مواكبة التطورات الاقتصادية.

فإذا كان التغيير الحاصل قد أثبت لا محالة تردد المشرع الجزائري في ضبط مسألة التأديب وفق ما تستدعيه التوجهات الاقتصادية وما يتطلبه الاخذ بالنظام الليبرالي الذي يرتكز على مبدأ سلطان الارادة داخل المؤسسات الاقتصادية كونه الانسب لتحريك عجلة الاقتصاد، فهل يمكن أن نعتبر بأن القواعد التشريعية في مجال النظام التأديبي قد وضعت أحكاما كافية ومتوازنة بما يحقق التوجه الاقتصادي المطلوب ويسمح بالانسجام داخل المؤسسة الاقتصادية من جهة، ويضمن حقوق العمال عند مساءلتهم تأديبيا من جهة أخرى ؟

سنجيب على الاشكالية المطروحة من خلال التطرق للخطأ الجسيم الموجب للتسريح التأديبي بالنظر إلى المادة 73 المعدلة بالقانون 91/29 والامر 96/21 في المبحث الأول، ثم نعرج على موضوع القواعد الموضوعية والاجرائية للتسريح التأديبي ضمن المبحث الثاني:

المبحث الأول: الخطأ الجسيم الموجب للتسريح التأديبي

متى أثبت المستخدم ارتكاب العامل لخطأ جسيم على وجه العمد يعتبر ذلك سببا موجبا لقيام المستخدم بتوقيع عقوبة التسريح على العامل، غير أن السؤال الذي يطرح بإلحاح يدور عمَّاهية الخطأ الجسيم ومصدره أين يمكننا القول بأن مشرعنا يكون قد أخذ بأسلوب تشريع الخطأ بحيث استأثر بتحديد الأفعال التي تعتبر خطأ جسيما فيما يظهر من خلال قراءة الأهداف المتوقعة من التغيير الذي حصل في المادة 73 بواسطة القانون 91/29 حيث مكن المستخدم من تسريح العامل تطبيقا لتلك الاخطاء الواردة في التشريع تحت رقابة القضاء في كل الأحوال، إذ يمكن للقاضي مناقشة الخطأ الوارد في قرار التسريح دون أن يقوم بتغييره[1].

  ومن جهة ثانية تظل عبارة على الخصوص لا تؤدي معنى حصر الأخطاء الجسيمة في نص المادة 73 المعدلة مما يسمح للقضاء وللفقه بتمكين النظام الداخلي هو أيضا بالنص على الأخطاء الجسيمة:

المطلب الأول: تعريف الخطأ الجسيم    

أجمع الفقه على أن الخطأ الجسيم يشكل أعلى أقسام الخطأ بالنظر إلى الجسامة والضرر الكامنتين فيه، غير أنه بهذا الاعتبار يختلف في الاستدلال على تلك الاقسام وعلى عددها، الأمر الذي صعب من إعطاء تعريف للخطأ الجسيم، كما أن بعض التشريعات تحدد صوره والبعض الآخر يترك للأطراف مسألة تحديدها.

الفرع الأول: الاعتبارات المختلفة لتكييف جسامة الخطأ

 قبل التعرض لبعض التعريفات التي حاولت إعطاء تعريف للخطأ الجسيم يتعين علينا أن نشير إلى أن تشريع العمل الجزائري الحالي يسمي الخطأ الجسيم في النص الفرنسي faute grave التي تترجم بالخطأ الخطير أما الخطأ الجسيم فيترجم إلى  Faute lourde كما كان في ظل الأمر75/31 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص؛[2] ولا شك أن مثل هذه التناقضات في التسمية تمثل إحدى الصعوبات التي تواجه الفقه في تحديد مدلول يعبر بصورة مقبولة عن الخطأ الجسيم.

 ففي التشريع الحالي لا يوجد سوى نوعين من الخطأ : خطأ جسيم عبر عنه بالنص الفرنسي faute grave وخطأ غير جسيم وتم إهمال الخطأ الخطير في النصوص العربية بينما احتفظت النصوص الفرنسية من تشريع العمل الجزائري  بالخطأ الخطير faute grave واستبعدت الخطأ الجسيم غير أنه لا يوجد فرق بينهما من حيث الآثار لأن نتيجة كل منهما هو إنهاء علاقة العمل عن طريق تسريح العامل دون مهلة الإخطار ودون تعويض.

يعتبر إعطاء تعريف للخطأ الجسيم أمرا صعبا بالنظر إلى عدة عوامل تعود بالدرجة الأولى إلى تحديد طبيعة ومواصفات هذا القسم من الخطأ التي ينجر عنها الاختلاف في وضع تعريف ملائم للخطأ الجسيم يمكن قياس الافعال المرتكبة عليه.

 إن صعوبة تحديد طبيعة ومواصفات الخطأ الجسيم بدورها ترتبط بعدة اعتبارات حيث نجد بعض التشريع والفقه يختلف في إعطاء لفظ مشترك للتعبير عن تلك الاخطاء التي تحمل الجسامة، كما هو الحال لدى المشرع الجزائري عبر مختلف مراحله فيطلق عليه تارة الخطأ الخطير و تارة أخرى الخطأ الجدي في غير ذلك يسمى بالخطأ الحقيقي والخطأ الغير عادي والخطأ من الدرجة الثالثة أو الرابعة.

كما أن هناك اعتبارات أخرى تُصَعب من تحديد طبيعة الخطأ الجسيم تعود إلى اختلاف قطاع النشاط من ناحية والمستويات المهنية من ناحية ثانية حيث يمكن اعتبار تصرف ما لعامل في منصب عمل أدنى في التصنيف المهني خطأ بسيطا كحالة إفشاء سر مهني من عامل يدوي أو حاجب بعيد عن أسرار العمل أو ترك عامل لمكان عمله في منصب لا يترتب على شغوره أية مخاطر أو عدم تنفيد الأوامر من عامل يعمل في الحراسة لا ينتظر منه أن يقدم بذلك مردودا للمؤسسة وهي التي يمكن أن تعتبر أخطاء جسيمة بالنسبة لعمال في مناصب عالية يضع فيهم المستخدم ثقة كبيرة وينتظر منهم عناية شديدة أو في الاعمال التي تستدعي بطبيعتها حضور مستمر في مكان العمل أو  طاعة وولاء العامل الإطار، فتنوع الأعمال والوظائف والنشاطات يجعل من الصعوبة تحديد تعريف للخطأ الجسيم  يحمل طبيعة ومواصفات دقيقة بالمعنى الصحيح.

كما يعود بعض هذه التصرفات إلى الأحكام القضائية التي يختلف تكييفها للأفعال من نفس الجنس والنوع فتارة تكيف على أنها أخطاء جسيمة وتارة أخرى تكيف على أنها أخطاء بسيطة[3].

الفرع الثاني: مقاربات في تعريف الخطأ الجسيم

لم تمنع الاعتبارات السابقة والتي صعبت على الفقه والقضاء مهمة إيجاد تعريف للخطأ الجسيم من الاجتهاد في البحث عن القاسم المشترك لمواصفات يمكن أن تكون دليلا على وجود خطأ جسيم.

يعرف بعض الفقه الخطأ الجسيم بأنه ما يرتكبه العامل عن قصد إما بفعل شيء أي بتصرف ايجابي صادر عنه أو بالامتناع عن فعل شيء أي بتصرف سلبي ينتج عنه ضرر.[4]

ويرى آخرون بأن الخطأ الجسيم هو ذلك التصرف الذي يقوم به العامل فيلحق أضرارا بمصالح صاحب العمل أو بممتلكاته أو يخالف به إحدى التزاماته المهنية أو يلحق به خسائر وأضرار إما لصاحب العمل أو للعمال الآخرين مما يجعل استمرار العامل في العمل أمرا غير مقبول إما لخطورته وإما بسبب المحافظة على النظام والاستقرار في مكان العمل.[5]

ومن جهتها عرفت محكمة النقض الفرنسية الخطأ الجسيم بأنه التصرف الذي يتصف بقصد الإضرار بالمستخدم أو المؤسسة.

أما المشرع الفرنسي فقد اشترط في ظل القانون13/7/1973 لأجل إنهاء علاقة العمل لمدة غير محددة أن يكون هذا الانهاء مدعما بالسبب الحقيقي والجدي وإلا كان تعسفيا، لكنه لم يعرف السببين وترك الأمر للفقه إذ عرف الفقيه برنارد فورنيه السبب الحقيقي والجدي بأنه :ًالسبب الذي يعد في نفس الوقت موجودا وصحيحا وموضوعياً.

تعد هذه الصفات الثلاث لصيقة بالسبب الحقيقي، فوجود السبب الداعي للتسريح يجعل أي تسريح خال من أي سبب تعسفيا كما إذا ادعى المستخدم عدم كفاءة العامل بدون أن يدقق في معنى عدم الكفاءة، أي أنه لم يستطع إثبات عدم الكفاءة أو قدم مفهوما ناقصا لم تقنع القاضي اعتبر تسريح العامل تعسفيا لغياب السبب الحقيقي.

بينما تعني صحة السبب الحقيقي  خلو المستخدم عند إثباته للخطأ الجسيم من أي قصد الاضرار أو الانتقام وغير ذلك مما لم يتعمده العامل، وهو ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي الفرنسي في موضوع تسريح عاملة من الفندق لأخذها ما بقي من طعام الزبائن لأن قضاة الموضوع اعتبروها سرقة بسيطة لا ترقى لدرجة فصل تلك العاملة وبالتي لا يعد سببا استند عليه صاحب العمل من أجل تسريحها بينما السبب الحقيقي هو معاقبة العاملة على شهادتها ضد رب العمل في قضية طلاقه لزوجته مما يجعل التسريح لا يرتكز على سبب حقيقي صحيح.

أما موضوعية السبب الحقيقي الذي يرتكز عليه المستخدم في تبرير التسريح فيستوجب أن يصدر هذا الأخير قرار التسريح بعيدا عن الذاتية أو التمييز أو المحاباة  بين العمال بل يجب أن يكون تصرف العامل قد أضر بالمؤسسة فعلا وحال دون استمرار العلاقة التعاقدية بما لا يخفى على الرجل العادي.

   في حين عرف وزير العمل الفرنسي السابق أثناء المناقشات البرلمانية المتعلقة بقانون العمل[6] السبب الحقيقي بأنه يشتمل على عنصر موضوعي والذي يستبعد الآراء التحكمية والذاتية، أما السبب الجدي ففي رأيه هو الذي يكتسي نوعا من درجة الخطورة تؤدي إلى الإخلال بعلاقة العمل ومن ثم إلى استحالة استمرارها نظرا للضرر الذي لحق بالمؤسسة الشيء الذي يؤدي إلى ضرورة التسريح.

المطلب الثاني: اختصاص التشريع والتنظيم بتحديد الخطأ الجسيم

تختلف التشريعات المقارنة في طريقة تصنيف الأخطاء بصفة عامة والعقوبات المقررة لها إلى طريقتين هما الطريقة التشريعية والطريقة التنظيمية، يتم من خلالهما تحديد طبيعة ونوعية الأخطاء المهنية بما فيها تلك التي توصف بأنها أخطاء جسيمة.                                     

فالطريقة الأولى تُمكن النص التشريعي  من الاستئثار بتحديد الأخطاء الجسيمة ويتكفل بالنص على نوعية وطبيعة الأخطاء الجسيمة وكذلك الاجراءات المتبعة لتوقيع عقوبة التسريح والضمانات المقررة للعامل خلالها بهدف توحيد الأخطاء الجسيمة بما تتسم به من خطورة على حياة العمال من جهة وضمان أكبر قدر من الحماية لهم من جهة أخرى ولغرض إقامة توازن تجعل طرفا ثالثا قادر على حماية مصلحة العمال والمستخدمين معا عن طريق التكفل بتحديد مصير العمال وضمان مصلحة المؤسسة في حالة ارتكاب العمال لأخطاء مهنية وهو ما فعله المشرع الجزائري بعد تعديل المادة 73 من القانون 90/11[7].

أما الطريقة التنظيمية فهي تقع خارج النصوص التشريعية وتمنح للمستخدم حق وضع جميع الأخطاء بما فيها الجسيمة المؤدية إلى التسريح من خلال النص عليها في النظام الداخلي للمؤسسة ، حيث يتم ذلك من قبل رب العمل الذي يقع على عاتقه وحده إعداد نظام داخلي بدون أي شرط عدا التزامه بالأخذ برأي العمال[8] ، ويعتبر هذا النظام رغم ما يحمله من مواصفات تجعل شرعية الخطأ معطاة لمن يملك السلطة التنظيمية، إلا أنها كثيرا ما لا تكون في صالح العمال.

من خلال النصوص التشريعية يتبين لنا أن المشرع الجزائري في مختلف مراحله زاوج بين الطريقتين من خلال النصوص السابقة والنصوص السارية المفعول، فيأخذ تارة بالطريقة التشريعية وتارة بالطريقة التنظيمية وإن باتت هذه الاخيرة هي الأولى من الناحية العملية.

 الفرع الأول: الفرع الأول: صور الخطأ الجسيم في تشريع العمل الجزائري

حاليا يأخذ المشرع الجزائري بالطريقة التشريعية التي تحدد صور للخطأ الجسيم من خلال ما نصت عليه المادة 73 من القانون 90/11 المعدلة: «يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، وعلاوة على الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع الجنائي والتي ترتكب أثناء العمل تعتبر على الخصوص أخطاء جسيمة يحتمل أن ينجر عنها التسريح بدون مهلة وبدون علاوات الأفعال التالية:

     -إذا رفض العامل بدون عذر مقبول تنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية أو التي قد تلحق أضرارا بالمؤسسة والصادرة من السلطة السلمية التي يعينها المستخدم أثناء الممارسة العادية للسلطة. –إذا أفشى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا وطرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة إلا إذا أذنت السلطة السلمية بها أو أجازها القانون.  –إذا شارك في توقف جماعي وتشاوري عن العمل خرقا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل في هذا المجال.  –إذا قام بأعمال عنف.  –إذا تسبب عمدا في أضرار مادية تصيب البنايات والمنشآت والآلات والأدوات والمواد الأولية والأشياء الأخرى التي لها علاقة بالعمل. –إذا رفض تنفيذ أمر التسخير الذي تم تبليغه وفقا لأحكام التشريع المعمول به.  –إذا تناول الكحول أو المخدرات داخل أماكن العمل».

من هذا النص نستخلص أن الأخطاء الجسيمة في التشريع الجزائري 08 أخطاء  يمكن تصنيفها طيقا لثلاثة أقسام[9]، يضم القسم الاول الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع الجزائي بينما يضم القسم الثاني الأخطاء الجسيمة المتعلقة بمستلزمات التنفيذ وفي الأخير يضم القسم الثالث الأخطاء الجسيمة المتعلقة بمستلزمات التبعية القانونية:

أولا: الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع الجزائي

تشكل كل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي ارتكبت أثناء العمل أو بمناسبته خطأ جسيما عدا المخالفات بسبب فقدها للقصد الجنائي الذي يفقد الفعل جسامته لأنه يجب على رب العمل أن يثبت العمد في جهة العامل وهو ما لا يوجد في المخالفات.

طبقا للقاعدة الإجرائية التي تقضي بأن: الجنائي يوقف المدني و تطبيقا لقواعد الاختصاص التي تحمل طابعا دستوريا بموجبه تمنح للهيئات القضائية اختصاصا مانعا في إصدار الأحكام الجزائية بحيث لا يمكن لأي هيئة بما فيها الهيئة المستخدمة إصدار حكم جزائي ولو كان الهدف هو ممارسة سلطتها التأديبية في حق عامل عند ارتكابه لخطأ مزدوج، لأن الأصل يبنى على تجريم الفعل، ذلك ما ذهب إليه القضاء الجزائري في هذا الاتجاه حيث أقر بأن يتم إثبات الخطأ الجزائي بحكم جزائي نهائي في حالة اقتران الخطأ المهني بالخطأ الجزائي[10].

 وبالتالي فإن المستخدم في هذه الحالة لا يمكنه توقيع عقوبة التسريح التأديبي إلا بعد صدور حكم جزائي  نهائي، وكل عقوبة تصدر قبل الحكم المذكور تعتبر باطلة وعديمة الأثر ويعتبر التسريح في هذه الحالة قد وقع تعسفيا بسبب غياب الخطأ الجسيم وبالتالي مخالفة نص المادة 73.

 كما أنه لا يجوز توقيع العقوبة التأديبية بسبب خطأ جزائي تمت تبرئة العامل منه كما لا يمكن وصف خطأ واحد بوصفين كأن يكيف على أنه خطأ جسيم وفي نفس الوقت خطأ غير جسيم.

في كل الأحوال لا يمكن  إدراج الجريمة المرتكبة خارج مكان العمل ضمن الاخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها إذا لم تسبب ضررا للمؤسسة وهذا هو الافرق بين الجزاء التأديبي والعقوبة الجنائية حيث لا يشترط قيام جناية في حق شخص توافر ضرر بينما لا يمكن ان يكون خطأ جسيم إلا بإحداثه ضررا بالمستخدم.

 غير أنهما يشتركان في الهدف المطلوب المتمثل في تحقيق الردع[11] سواء بالنسبة للعقوبة الجنائية أو للعقوبة التأديبية داخل المجتمع و في العمل لأن العقوبة عموما يقصد بها ردع من ينتهك المصلحة العامة للمجتمع.

ثانيا: الأخطاء الجسيمة المتعلقة بمستلزمات التنفيذ

 1/ إفشاء السر المهني: هو العمل الذي يمتنع عنه العامل وجوبا وذلك بعدم الكشف عن أية وثيقة أو معلومة سواء تعلقت بأساليب الصنع أو الإنتاج أو البيع أو التنظيم وكل ما يخص الهيئة المستخدمة لأشخاص آخرين يمكنهم استعمالها للإضرار بمصالح صاحب العمل.

ويعرف بعض الفقه السر المهني بأنه:« المعلومات التي تتعلق بالمنشأة والتي أوجب القانون كتمانها أو جرى العرف بذلك بحيث يترتب على إذاعتها الإضرار بالمنشأة أو زعزعة الثقة فيها وبشرط أن لا يكون هذا الكتمان  ساترا لجريمة جنائية أو حائلا دون الكشف عن جريمة تمت أو في مرحلة شروع».[12]

 عند إبرام عقد العمل يلتزم العامل بعدم إفشاء السر المهني فضلا عن عدم المنافسة، وتعتبر التزامات أساسية نصت عليها المادة 07 ف08 من القانون 90/11: يخضع العمال في إطار علاقات العمل للواجبات الأساسية التالية: أن لا يفشوا المعلومات المهنية المتعلقة بالتقنيات والتكنولوجيا وأساليب الصنع وطرق التنظيم وبصفة عامة أن لا يكشفوا مضمون الوثائق الداخلية الخاصة بالهيئة المستخدمة إلا إذا فرضها القانون أو طلبتها السلطة السلمية».

  وبالتالي كل إفشاء للمعلومات المهنية سواء تعلقت بالتكنولوجيا المستعملة داخل المؤسسة أو بأساليب التصنيع وطرقه أو كيفيات تنظيم العمال والمستخدمين وتوزيعهم وتنظيم عملهم وتنظيم المنتوج وتسويقه وتوزيعه أو سرب وثائق داخلية تخص الهيئة المستخدمة يشكل خطأ جسيما من العامل يستحق عليه عقوبة التسريح من طرف رب العمل الذي عليه إثبات الخطأ؛ وقد أنكر القضاء الجزائري صفة التعسف على التسريح العامل الذي أفشى السر المهني واعتبر ذلك الخطأ يحمل من الجسامة ما ينهض بهذا التسريح لكي يكون مشروعا ويكفي أن ينص عليه النظام الداخلي للمؤسسة[13].

غير أن التشريعات المقارنة ومن بينها تشريع العمل الجزائري يستثني تسريب تلك المعلومات أو إفشاء تلك الأسرار حالة ما يطلبها القضاء لأجل التحقيق أو تسمح بها الهيئة المستخدمة إذا رأت رفع السرية عن موضوع ما، ففي خذه الحالة الاخيرة تتحمل المستخدم أي ضرر يلحق نتيجة انتشار المعلومة واستخدامها.

   مع ذلك يبقى تقدير مدى سرية العناصر المذكورة من اختصاص قاضي الموضوع كما يمكن أن ينص العقد على بقاء العامل على تلك السرية حتى بعد انصرافه من الخدمة.

كما يعد قيام العامل بمنافسة غير مشروعة تستوجب كشف الاسرار المهنية التي اطلع عليها بحكم عمله وتسخيرها في مشروع مستقل تخل عن الواجبات الاساسية التي يستحق عليها العامل عقوبة التسريح التأديبي وذلك طبقا لما أقره الاجتهاد القضائي الجزائري في أحد قراراته[14].

 2/الاضراب غير المشروع: أي إضراب داخل المؤسسة يجب أن يخضع لشروط إقراره وفق ما ينص عليه القانون 90/02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب وأيده القضاء في ذلك[15].

يضع القانون 90/02 السابق شروطا لإقرار أي إضراب تتمثل في انعدام التسوية الودية وانعقاد الجمعية العامة للتصويت ونسب الحضور والتصويت عليه والاشعار بالإضراب ومواعيده وغيرها حيث ذهب القضاء الجزائري إلى القول بأنه لا يكفي توجيه الرسائل إلى المستخدم ومفتشية العمل لاستيفاء اجراءات الاضراب.،

وفي هذا الصدد يعتبر أي خروج عن هذه الاجراءات يفقد الاضراب مشروعيته ويقوم القاضي المختص في المواد الاجتماعية حينئذ بإصدار حكم قضائي يقضي بعدم شرعية الاضراب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعتبر الهيئة المستخدمة أي توقف جماعي عن العمل غير مشروع قبل نطق القاضي الاجتماعي بعدم شرعية الاضراب لتعاقب عليه العامل بعقوبة التسريح التأديبي لهذا السبب، حيث لا يعاقب العامل على أساس ارتكابه لخطا التوقف عن الجماعي إلا إذا ثبت عدم شرعيته من طرف القاضي المختص، وأي تسريح بهذه النحو يعد تعسفيا[16].

فإذا ثبتت عدم شرعية التوقف الجماعي عن العمل فإن ذلك يجعل مشاركة العامل في هذا التوقف الجماعي خطأ جسيما يستحق عليه عقوبة التسريح وفق ما أيدته المحكمة العليا في أحد قراراتها.[17]

من جهة أخرى، يمكن أن تطول فترة التوقف ويمكن أن تقصر فليست العبرة حينئذ بمدة التوقف الجماعي بقدر ما تكون العبرة في وجود هذا التوقف الجماعي الذي يقع خرقا للقوانين من عدمه، وإلى ذلك ذهب القضاء الجزائري في اعتبار كل توقف جماعي عن العمل ولو كان لوقت قصير ارتكز على اجراءات غير قانونية يعد خطأ جسيما[18].

3/ ارتكاب أعمال عنف: يقصد بالعنف الاعتداء الجسدي على شخص آخر الذي يمكن أن يشكل خطأ جزائيا كما يمكن أن يشكل فقط خطأ تأديبيا، أما العنف اللفظي فلا يعدو كونه خطأ جزائيا وليس تأديبيا صرفا.

 بخلاف العنف البدني في المواد الجزائية الذي يشترط فيه أن يحدث عجزا معينا يثبته طبيب محلف عن طريق شهادة طبية ليؤحذ به كخطأ جزائي، بل يكفي أن يثبت الاعتداء على الغير[19] داخل أماكن العمل من طرف المستخدم بكل وسائل الاثبات ليؤخذ به كخطأ جسيم دون انتظار الحكم الجزائي لإثباتها.[20]

ويعتبر عنفا بدنيا كل مشاجرة أو الضرب أثناء العمل حيث يدخلان ضمن العنف المقرر كخطأ جسيم يستحق عليه العامل عقوبة التسريح التأديبي وفق ما أقره الاجتهاد القضائي الجزائري دون أن ينتظر المستخدم حكما نهائيا إذا تم رفع دعوى قضائية أمام القاضي الجنائي بسبب العنف المستعمل[21].

ويذهب القضاء المغربي إلى أكثر من ذلك فيربط بين الخطأ الجسيم والشجار الحاصل داخل العمل ولا يفرق في بصرف النظر عما إذا كان العامل الاجير معتدي أو معتدى عليه[22].

4/عدم المحافظة على وسائل العمل: إذا تسبب عمدا في أضرار مادية تصيب البنايات والمنشآت والآلات والأدوات والمواد الأولية والأشياء الأخرى التي لها علاقة بالعمل.

    تعتبر المحافظة على وسائل وممتلكات المؤسسة التزامات تقع على عاتق العمل بالشكل الذي لا يضر بالمستخدم بقدر ما يقع على المستخدم توفيرها لكي يؤدي العامل عمله باستعمالها بالطريقة التي لا تعرض صحة وقدرات العامل لأي ضرر[23] فإذا ما أخل بذلك يشكل تصرفه خطأ جسيما ينهض تسريحه عملا مشروعا كما يشكل ذلك التصرف خطأ جزائيا وإذا كان الأمر كذلك تعين انتظار صدور حكم جزائي نهائي بشأنها حتى يستوفي المستخدم اجراءات التسريح.

   أما إذا اعتبر الاخلال من هذا الوجه خطأ تأديبيا صرفا دون إقرانه بالخطأ الجزائي فإن على رب العمل إثبات عنصر العمد وهذا ما يكون صعبا في الغالب بسبب تداخل العمل والعامل ووسائل العمل، إذ لا يمكن تكييف عملية إحداث أضرار مادية مهما كان حجمها بدون قصد كخطأ جسيم وعلى ذلك سار القضاء[24]حيث قضى بأن الفعل المنسوب للعامل وهو التهاون في أداء مهامه كحارس نتج عن هذا التهاون أن تعرضت المؤسسة للسرقة في فترة حراسته لا يدخل ضمن الخطأ الجسيم.

5/ تناول الكحول أو المخدرات أثناء العمل: يعتبر تناول المسكرات الممنوعة والتي هي الكحول والمخدرات خطأ جسيما لأنه يمس بالآداب العامة ويشكل خطرا على أمن المؤسسة والأشخاص المتواجدين بها سواء كانوا عمال أو زبائن أو مرتادي المؤسسة، ولذلك يعد أيضا دخول المؤسسة في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات مما يمكن وصفه بنفس الوصف.

واضح من صياغة هذا الخطأ أن العلة المقصودة من المنع هي السُكْر وليس مجرد التناول الذي يكون سببا فيه حيث يستوي في ذلك العامل الذي يتناول المسكر الممنوع داخل العمل الذي غالبا ما يكون مفعول السكر لديه، وغيره الذي يتناوله خارج العمل[25] فالعلة هي السكر تدور مع جسامة الخطأ  وجودا وعدما. 

وفي هذ المجال يعتبر الاجتهاد القضائي المغربي أن التدخين في مقر العمل خطأ جسيما حينما يكون مخالفا لتعليمات المُشغِّل الذي يتوفر على سلطة الادارة والتدبير ويرتب مشروعية فصل العامل عن عمله[26].

ثالثا: الأخطاء الجسيمة المتعلقة بالتبعية القانونية                                                    

 تتطلب التبعية القانونية من العامل أن يعمل تحت إمرة المستخدم ينفذ أوامره وتعليماته وعموما يلتزم بواجب الطاعة، ومن هنا فإن رفض تلك الأوامر فردية كانت أم تنظيمية وبدون عذر مقبول يعد خطأ جسيما في نظر المشرع الجزائري سواء كانت في خضم تنفيذ العمل أو في أوقات الاضراب أين مَكنَ المشرع المستخدم بتسخير بعض العمال وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الجماعية للقيام بعملهم داخل المؤسسة وهذا الرفض يكمن في:

1/رفض العامل تنفيذ التعليمات:  يتشكل العنصر المادي للخطأ الجسيم في هذه الحالة من الرفض الحاصل من العامل بدون عذر مقبول للخضوع لأوامر رب العمل سواء كان صريحا أو ضمنيا، الأمر الذي يشكل خروجا منه عن التزام أساسي يحمله تبعات التسريح التأديبي.

يشترط المشرع أن يكون الأمر الصادر من رب العمل أو من يعينه مشروعا بحيث يكون موجه تلك الاوامر مؤهلا كما يكون التنفيذ المطلوب من العامل مما تم الاتفاق عليه حيث لا يسمح تشريع العمل الجزائري بتعديل طبيعة العمل بصفة انفرادية من المستخدم أو لا يدخل ضمن الصلاحيات العادية للعامل

ويبقى تقدير هذا الرفض خاضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي يقدر الظروف التي يوجه فيها الأمر للعامل ونوعية العمل المطلوب منه ومدى تأثيره على مصلحة المؤسسة وضرورة أن يكون الأمر صادرا من شخص مؤهل أي من قبل من له السلطة السلمية على العامل و أن يكون بدون عذر مقبول لأن جدية العذر المقدم مسألة موضوعية تختلف باختلاف الظروف والوقائع تترك لتقدير القاضي فإذا رأى القاضي أن الرفض غير مؤسس كان الخطأ جسيما.

في هذا المسألة لا يعد من قبيل عدم تنفيذ العامل للتعليمات الصادرة من السلطة السلمية ما ليس من الواجبات المهنية خطأ جسيما، حيث لا يعتبر عدم توقيع العامل على عقد محدد المدة رفضا منه لتعليمات رب العمل أو من يمثله لأنها لا تدخل ضمن واجباته المهنية، وبالتالي ليس خطأ جسيما يستحق عليه العامل عقوبة التسريح التأديبي طبقا لاجتهاد المحكمة العليا في الجزائر[27].

2/ رفض تنفيذ أمر التسخير: يمكن لرب العمل في حالة الاضراب المشروع أن يقوم بتسخير بعض العمال وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الجماعية لأداء العمل حفظا لمصالح المؤسسة ولزبائنها ويقوم حينها بتبليغ أمر التسخيرة وفقا لأحكام التشريع المعمول به.

نتيجة لذلك يشكل رفض العامل خطأ جسيما منه ولا يمكنه الاحتجاج بالإضراب للتملص من مسؤولياته المهنية لأن التسخير في هذه الحالة هو أمر إداري يمارسه المستخدم في إطار سلطاته الادارية بطابع استثنائي عن واقعة الاضراب.

ويزداد الأمر تعقيدا على العامل لأن الرفض في هذه الحالة يشكل أيضا خطأ جزائيا طبقا لنصوص القانون 90/02 يعاقب عليه القانون الجزائي[28].

وككل خطأ جزائي مقترن بخطأ تأديبي يجب انتظار صدور الحكم النهائي في الدعوى قبل تسليط العقوبة التأديبية أما إذا تمت المتابعة التأديبية دون المتابعة الجزائية فعلى العامل إثبات عدم شرعية الأمر.

الفرع الثاني: تحديد النظام الداخلي للخطأ الجسيم

 في ظل الاصلاحات الاقتصادية والتشريعية التي سايرت فترة التسعينات بعد التغيير في النظام الاقتصادي أخذ المشرع الجزائري بالطريقة التنظيمية في سنة 1990  محاولا الدخول في الاصلاحات التشريعية التي تسمح لأطراف علاقة العمل بوضع ضوابط العمل والشغل وفق إرادتهم وتجعل من الاتفاقيات الجماعية دستورا لعلاقات العمل اتباعا للدول الليبرالية التي تعتمد على المذهب الفردي من جهة ومن جهة أخرى توفر للمستخدم الذي له حق ملكية على المؤسسة حق ممارسة السلطة التنظيمية في تنظيم مسائل تتعلق بالانضباط داخل مكان العمل لحماية مصالح المؤسسة من أخطاء غير عادية تنحرف بالعامل نحو سلوك غير سلوك الرجل العادي أو تجعله لا يلتزم ببذل العناية المطلوبة منه وعموما يكون تصرفه مضرا بمصلحة العمل.

وقد جاءت صياغة المادة 73 قبل التعديل: يتم العزل في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي.

ووفق المادة 77 من القانون 90/11 فإن النظام الداخلي هو الذي يحدد طبيعة الأخطاء المهنية ودرجات العقوبة المطابقة وإجراءات التنفيذ.

وبعد التعديل عن طريق القانون 91/29 تم تعديل المادة 73 من القانون 90/11 لغرض الأخذ بالطريقة التشريعية التي اعتمد عليها المشرع الجزائري في سائر النصوص القانونية السابقة.[29]

    رأى المشرع الجزائري أن الطريقة التشريعية هي التي تصلح لتنظيم مسألة التسريح التأديبي بما تحمله من حماية للعامل تبعده على أن يكون رهينة بيد المستخدم  ولا تمكن هذا الأخير من احتكار وضع الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها العامل بالتسريح عوضا عن الطريقة التنظيمية التي استمر العمل بها مدة 18 شهرا فجاءت المادة 73 معدلة كما يلي: يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، وعلاوة على الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع الجنائي والتي ترتكب أثناء العمل تعتبر على الخصوص أخطاء جسيمة يحتمل أن ينجر عنها التسريح بدون مهلة وبدون علاوات الأفعال التالية:

     -إذ رفض العامل بدون عذر مقبول تنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية أو التي قد تلحق أضرارا بالمؤسسة والصادرة من السلطة السلمية التي يعينها المستخدم أثناء الممارسة العادية للسلطة- إذا أفشى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا وطرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة إلا إذا أذنت السلطة السلمية بها أو أجازها القانون- إذا شارك في توقف جماعي وتشاوري عن العمل خرقا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل في هذا المجال- إذا قام بأعمال عنف- إذا تسبب عمدا في أضرار مادية تصيب البنايات والمنشآت والآلات والأدوات والمواد الأولية والأشياء الأخرى التي لها علاقة بالعمل- إذا رفض تنفيذ أمر التسخير الذي تم تبليغه وفقا لأحكام التشريع المعمول به- إذا تناول الكحول أو المخدرات داخل أماكن العمل».

من خلال النص السابق فإن المشرع الجزائري نص على الأخطاء الجسيمة والتي هي أخطاء تأديبية يستحق على إثرها العامل العقوبة التأديبية المتمثلة في التسريح دون تعويض أو إشعار مسبق.

      وقد عرف الفقه الخطأ التأديبي عموما بأنه مخالفة العامل لالتزام مهني شرعي[30] بمعنى أن تكون هناك علاقة تعاقدية تلزم العامل بأداء العمل التابع المكلف به وفقا للاتفاق أو وفقا للإرادة المنفردة للمستخدم ، ويمكن أن يؤدي هذا الخطأ بما يحمله من جسامة وحسب الحالات التي جاءت بها المادة 73 المعدلة إلى عقوبة تعتبر قاسية يسلطها رب العمل على العامل تصل إلى تسريحه من العمل و تنهي العلاقة القائمة بينهما.

         وفي كل الأحوال فإن عبء إثبات الخطأ الجسيم يقع على المستخدم وحده وفق القواعد العامة للإثبات  وهذا ما أقرته المحكمة العليا إذ ألزمت رب العمل بتقديم أدلة إثبات تدين العامل عند تحميله ارتكاب أي خطأ بالإضافة إلى صفة العمد في الخطأ الجسيم المؤدي للتسريح،[31] ويمكن أن يستخلص هذا الخطأ من عناصر الملف المقدم للعدالة؛ معنى ذلك أنه لم يعد للمستخدم سلطة تقديرية في تكييف الأخطاء الجسيمة كما كان من قبل عند بداية الاصلاح بعد منح التشريع صلاحية تحديد قائمة الأخطاء الجسيمة عن طريق النص التشريعي.

وقد أثارت المادة 73 من القانون 90/11 المعدلة بالقانون 91/29 تساؤلات حول ما إذا كانت الأخطاء الجسيمة المذكورة فيها وردت جامعة مانعة أم لا:

يذهب الرأي الأول إلى أن تعداد الأخطاء الجسيمة في المادة 73 المعدلة ورد على سبيل التمثيل لأن عبارة “تعتبر على الخصوص”  تدل على أن الأخطاء مذكورة على سبيل المثال لا الحصر بدليل أن تعديل المادة 73 لم يرافقه تعديل المادة 77 من نفس القانون التي تجعل طبيعة الخطأ المهني بما فيه الخطأ الجسيم ودرجات العقوبة المطابقة لكل خطأ مهني وإجراءات التنفيذ محددة في النظام الداخلي الذي يضعه المستخدم بصفة انفرادية وليس للعمال في هذا الموضوع سوى إبداء الرأي بالموافقة أو بغيرها عن طريق لجنة المشاركة أو الممثلين النقابيين دون أن يؤثر ذلك في كلتا الحالتين على شرعية النظام الداخلي.

يمكن القول في هذا المجال أن المشرع الجزائري اكتفى بذكر تلك الافعال معرضا كل عامل يقوم بها للتسريح التأديبي دون أن تكون بيد المشرع القدرة على تعداد سائر الأخطاء الجسيمة التي تستجد وتستحدث من حين لآخر وتختلف من نشاط إلى آخر وتتفاوت من منصب عمل لآخر بسبب أفعال الناس التي لا تنتهي على عكس النصوص القانونية المحددة طبقا للقاعدة الفقهية التي تقول: لا يمكن أن يحيط المتناهي باللامتناهي.

أما النظام الداخلي فهو يملك من الإحاطة بالأخطاء الجسيمة بسبب تحديد النشاط ومرونة أحكامه أكثر من التشريع  بمعنى أن هناك أخطاء جسيمة أخرى يمكن أن ينص عليها النظام الداخلي للمؤسسة والذي قد تختلف من نشاط إلى نشاط ومن مؤسسة إلى مؤسسة بل في نفس المؤسسة يمكن أن يسرح عامل تأديبيا ولا يسرح عامل آخر ارتكب نفس الخطأ بسبب اختلاف مناصب عملهم والتفاوت في الأضرار الناتجة عن أخطاءهما.

في حين ذهب أنصار الرأي الثاني إلى الجزم بأن المشرع الجزائري بعد التعديل كان هدفه افتكاك صلاحية تحديد الأخطاء الجسيمة من المستخدم والاستئثار بها ولا يمكنه أن يأخذ البعض ويترك البعض الآخر فما الهدف من التعديل بعد تلك المدة (18شهر) كما لا يمكن للتعديل أن يكرس تصورا معروفا زيادة على أنه قبل التعديل ظل المستخدم يتمتع بصلاحيات واسعة في التحكم بمصير العمال مما دفع للمشرع بالتدخل لوقف تدخلات المستخدمين في وضع أخطاء بسيطة ضمن الأخطاء الجسيمة المؤدية لتسريح العمال سواء بنية الإضرار أو نتج ذلك عن عدم القدرة على وضع نظام داخلي يساهم في المحافظة على انضباط العمال والمحافظة على استقرار العلاقة التعاقدية وحماية مصلحة العمل.

 ومن هذا المنطلق ورد تعديل المادة 73 وجعلها تتكفل بذكر الأخطاء الجسيمة على سبيل الحصر وأي خطأ غير منصوص عليه في المادة 73 المعدلة بالقانون 91/29 ينجر عنه تسريح العامل يعتبر هذا التسريح تعسفيا وإلى ذلك أشارت المحكمة العليا في أحد قراراتها[32].

وبرر أنصار هذا الرأي قولهم بتغليب روح النص على ظاهره لأن المشرع الجزائري راهن بالتعديل الذي حصل على المادة 73 بموجب الأمر 91/29 أي بعد حوالي 18 شهرا من إقرار هذه المادة على حصر الأخطاء الجسيمة وعدم تركها لرغبات أرباب العمل ضمن ما يضعونه في النظام الداخلي وإلا فلا فائدة من التعديل إذا كانت قائمة الأخطاء الجسيمة مذكورة على سبيل المثال، يضاف إلى ذلك أن احترام مبدأي شرعية الخطأ والجزاء واحترام توازي أشكال النصوص القانونية يفرض ألا يكون تحديد الأخطاء الجسيمة المؤدية للتسريح إلا عن طريق القانون فضلا عن التساؤل حول المؤسسات التي لا يفرض عليها القانون وضع نظام داخلي طالما أنها تضم أقل من عشرين عاملا[33] فهل يكون العامل معفى من عقوبة التسريح ولو تكررت أخطاءه الجسيمة؟ 

وفي هذا الصدد يذهب القضاء الجزائري[34] إلى اعتبار التسريح تعسفيا في حالة عدم توفر المؤسسة على عشرين عاملا فأكثر وبالتالي لا وجوب عليها في وضع نظام داخلي يحدد الاخطاء المهنية بما فيها الاخطاء الجسيمة. 

بالنظر إلى الطرق المعتمدة في تحديد الأخطاء الجسيمة التي سبق ذكرها كان من نتيجة ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني أن المشرع الجزائري قد أخذ بالطريقة التشريعية التي تجعله ينفرد دون المستخدم في وضع قائمة الأخطاء الجسيمة بينما يقول الآخرون بأنه اعتمد على الطريقتين معا فتكفل بذكر بعض الأخطاء الجسيمة وترك البعض الآخر لما يضعه المستخدم في النظام الداخلي.

  تبعا لاختلاف الفقه تضاربت القرارات الصادرة عن الاجتهاد القضائي الجزائري حيث سجلت المحكمة العليا تضارب في إصدار الأحكام بين العمل بالأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في المادة 73 والاقتصار عليها[35] وبين اعتبار أخطاء أخرى غير منصوص عليها في المادة 73 كأخطاء جسيمة[36] ينجر عنها تسريح العمل دون إشعار مسبق ودون تعويض.

 حتى داخل التشريع ذاته توجد أخطاء جسيمة نص عليها المشرع الجزائري خارج المادة 73 المعدلة فعلى سبيل المثال: نصت المادة  36 من القانون 90/02 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب[37] :« تشكل عرقلة حرية العمل كما يشكل رفض الامتثال لتنفيذ أمر قضائي بإخلاء المحلات المهنية خطأ مهنيا جسيما دون المساس بالعقوبات الجزائية».

   كما تقضي المادة 42 منه: « يعد عدم الامتثال لأمر التسخير خطأ جسيما دون المساس بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الجزائي»، ومن جهتها تقرر المادة 40 من القانون 90/02: « يعد رفض العامل المعني القيام بالقدر الأدنى من الخدمة المفروض عليه خطأ مهنيا جسيما».

     غير أننا لا نعتقد بأن المشرع من خلال عبارة تعتبر على الخصوص أراد بها تمثيل الأخطاء الجسيمة أو حصرها، بل الغالب أنه ذكر الأخطاء الأكثر انتشارا في أوساط العمال والتي تتناقض مع الواجبات الدنيا أو تشكل ذروة التهرب من تنفيذ الالتزامات الأساسية سواء تلك المتعلقة بتنفيذ العمل أو تلك التي يفرضها مبدأ حسن النية في سائر العقود طبقا للقواعد العامة للقانون المدني[38] الذي يوجب على المتعاقد عدم الاضرار بالمؤسسة أو تلك التي تستدعيها ضوابط التبعية القانونية فضلا عن الخطأ الجزائي المرتكب أثناء العمل.

   ومن هنا فإن المفهوم المطاطي للخطأ الجسيم الذي لا يسمح بالوقوف الدقيق على مكوناته يجعل المشرع الجزائري من خلال المادة 73 المعدلة والتي نتج عن تطبيقها تضارب في الأحكام والقرارات القضائية يعتمد على تعداد قائمة الأخطاء الجسيمة على سبيل التخصيص بكل ما تدل عليه كلمة “تعتبر على الخصوص”  notamment considérées التي تعني أن الأخطاء المذكورة هي خاصة الأخطاء التي يمكن أن تحدث في كل مؤسسة وفي كل نشاط و لا يمكن للعامل العادي أن يرتكبها وغالبا ما تؤدي إلى عدم استمرار العلاقة القائمة بين العامل والمستخدم وليست هي كل الأخطاء .

   يجب الذكر أن معيار السلوك المعتاد الذي بمجرد انحراف العامل الشديد عنه يعتبر خطأ جسيما يتطلب أن ينصب حول الظروف والطبيعة الخاصة للعمل، وبالتالي يختلف من حالة إلى حالة فعند تحديدنا للسلوك المعتاد في تنفيذ علاقات العمل يجب الأخذ في الحسبان أننا لا نحيل ذلك إلى ما نتوقعه من شخص أجنبي عن العمل المطلــــــــــوب، بل إن الرجــــــــل المعتــــــــــاد في مثل هذه الحــالة يكون شخصا مهنيا مــــــــــــــن نـــــــــــــــفس تخصصــــــــــــــــــــــــــــه[39](bon professionnel de sa spécialité) ويوجد في مثل تلك الظروف من منصب العمل والامكانيات المتوفرة.                      

 في رأي القضاء الفرنسي[40] ليس العامل المعتاد هو الذي لا يرتكب الأخطاء أو هو من يكون دائما ناجحا وموفقا في عمله أو يحقق الربح في سائر النشاطات التي يجريها ولا تنتج عن عمله أية خسائر.                                            

  إن هذه التبريرات هي التي جعلت المشرع الجزائري يعتمد على النظرية الفقهية التي تجعل من كل تصرف يمتنع معه استمرار علاقة العمل خطأ جسيما[41] بما يستوجب عليه أن يحدد الأخطاء المتداولة ويترك الأخطاء الأخرى بجسامتها التي يمكن أن يحاط بها مستقبلا لإرادة أطراف العلاقة؛ غير أن اختلاف الاحكام والقرارات القضائية في هذا الموضوع هو الذي يدفعنا إلى القول بواقعية المادة 73 قبل التعديل التي منحت للمستخدم تحديد الاخطاء الجسيمة في النظام الداخلي فهو الأقرب والأكثر إدراكا لما يجري في مؤسسة العمل ونشاطاتها وسلوكات عمالها لا سيما وأنه يملك السلطة التقديرية في تسريح العامل عند ارتكابه خطا جسيما.                                        يدفع هذا الرأي بترك تنظيم مسائل الشغل بما فيها النظام التأديبي لأطراف العلاقة حيث يمكن للمستخدم تحديد الأخطاء ضمن النظام الداخلي مع التزامه بضمانات خاصة في الخطأ الجسيم تمنع تعسف المستخدم في تهديد العمال بالتسريح التأديبي عند كل خطأ أو نزاع كما هو الشأن في المواد 73-1 و73-2 شريطة أن يجري ذلك تحت رقابة القاضي في وصف الخطأ والعقوبة المناسبة له ويكون للقضاء دور كبير في تقدير الخطأ وتكييفه إذا لم تحترم تلك الضمانات القانونية.

المبحث الثاني:  القواعد الموضوعية والاجرائية للتسريح التأديبي

وضع المشرع الجزائري في تعديلاته الاخيرة قواعد موضوعية ترتبط بالخطأ الجسيم ذاته والتي يجب ان تتبع لتوقيع عقوبة التسريح على العامل، كما أسس قواعد اجرائية لحماية العمال وهي إجراءات تأديبية ينبغي على المستخدم أن يسلكها وهو يسرح العامل الذي ارتكب خطأ جسيما يستحق عليه التسريح التأديبي دون اشعار مسبق ودون تعويض.

أما إذا كان التسريح غير تأديبي فيتعين على المستخدم إقامته على الوجه والأشكال المنصوص عليها في التشريع والاتفاق.

فالقواعد الموضوعية تنحصر في تقيُّد المستخدم بتسريح العامل تأديبيا فقط حال ارتكابه لخطأ جسيم منصوص عليه في التشريع (المادة 73 من القانون 91/29) أو منصوص عليه ضمن أحكام النظام الداخلي للهيئة المستخدمة  حيث تتشابه القواعد الموضوعية للتسريح التأديبي في قانون العمل مع الركن الشرعي للجريمة في قانون العقوبات، وبالتالي أي تسريح خارج الأخطاء الجسيمة المشروعة يعد تسريحا تعسفيا وقد فصلنا في ذلك فلا داعي لإعادته.

أما القواعد الاجرائية فمنهاما يتعلق بالتأديب، ومنها ما هو خارج العملية التأديبية ذاتها لذلك سنعالج الاجراءات التأديبية بالتفصيل على أن نترك الاجراءات القانونية والاتفاقية ضمن آثار مخالفتها في آخر المطلب الثاني دفعا للبس بينها وبين الاجراءات التأديبية.

المطلب الأول: القواعد الاجرائية لتوقيع عقوبة التسريح التأديبي

لأجل توفير ضمانات للعمال نص المشرع الجزائري على جملة من الشروط الشكلية والموضوعية التي يجب على المستخدم اتباعها عند توقيع عقوبة التسريح التأديبي على العامل:

الفرع الأول: الشروط الشكلية

تنص المادة 73-2 على ما يلي: يعلن عن التسريح المنصوص عليه في المادة 73 أعلاه ضمن احترام الاجراءات المحددة في النظام الداخلي.

ويجب أن تنص هذه الاجراءات على التبليغ الكتابي لقرار التسريح واستماع المستخدم للعامل المعني الذي يمكنه في هذه الحالة أن يختار عاملا تابعا للهيئة المستخدمة ليصحبه.

  سياق هذا النص يشير إلى أن المستخدم لا يمكنه أن يتخذ قرار التسريح التأديبي في مواجهة العامل كنتيجة لخطأ جسيم إلا بعد استيفاء إجراءات شكلية يجب عليه أن ينص عليها في النظام الداخلي وتتمثل على الخصوص في:

1/ السماع من العامل: يجب على رب العمل أن يستدعي العامل المعرض للتسريح من أجل الاستماع إليه وإلا اعتبر التسريح تعسفيا، ولا شك أن سماع العامل يكون الغرض منه منح فرصة للعامل للتعبير عن وجهة نظره والدفاع عن نفسه وكذا إعادة تقدير ظروف الواقعة وخطورة الفعل بعد سماع وجهة نظر العامل، فهذا الإجراء يمثل دفاع العامل المعرض لعقوبة التسريح عن نفسه ولا يمكن الاستغناء عنه بأية وسيلة أخرى، وإلى ذلك أشار الاجتهاد القضائي الجزائري في أحد قرارات المحكمة العليا[42] الذي ورد فيه أن الاستفسار الكتابي الموجه للعامل للرد عليه لا يعوض الاجراء التأديبي المتمثل في سماع العامل من طرف المستخدم حول الخطأ المهني المنسوب إليه.

 من البديهي أن يستمع رب العمل من العامل قبل أن يقرر، وأن يكون العامل فاعل الخطأ الجسيم على دراية بما ارتكبه وبإمكانه وصف الفعل والوقائع وإبداء توضيحات عن كيفيات صدور هذا الخطأ أكثر من غيره مما يسمح بتحديد وصف سليم للخطأ الجسيم وبالتالي يعد سماع العامل إجراء يحمل أهمية بالغة في تمكين المستخدم من توقيع عقوبة التسريح دون تعسف.

غير أن مشرعنا طالما أنه أجبر المستخدم أن يضع في النظام الداخلي شرط الاستماع إلى العامل وجواز اصطحابه لزميل له فقد أغفل الحديث عن الغرض من الاستماع ولم يشترط أن يأتي تبليغ قرار التسريح بعد السماع أو قبله في نفس الجلسة أو في غيرها، مما قد يفيد بأن ظاهر النص يجعل الاستماع من أجل الاستماع فقط إلا إذا كان ضمان حقوق العامل يشكل قرينة قانونية يستدل بها على أن السماع يكون قبل اتخاذ قرار التسريح وبهدف تكييف الخطأ المرتكب.

2/ حق العامل في الاصطحاب : أشار مشرعنا إلى جواز أن يقوم العامل المعرض لعقوبة التسريح التأديبي أن يختار أحد زملاءه من نفس الهيئة المستخدمة ليصحبه معه عند سماع المستخدم منه ولدى تبليغ قرار التسريح ليكون شاهدا على واقعة الاستماع أو قد يراه العامل دليلا و شاهدا على واقعة ارتكاب الخطأ الجسيم، ولا يعد أبدا ممثلا عن العامل لأن صياغة النص واضحة وتؤكد بما لا غموض فيه أنه يمكن للعامل أن يصحب معه عاملا من نفس الهيئة المستخدمة.

يبقى أن نشير إلى أن اصطحاب العامل لعامل آخر يعد أمرا جوازيا بالنسبة للعامل يمكنه الاستغناء عن الصحبة أثناء توجهه إلى المستخدم بخلاف سماع رب العمل من العامل وتدوين قرار التسريح وتبليغه للعامل فهي شروط إجبارية لا يمكن الاتفاق على خلافها، وفي كل الاحوال يجب على رب العمل وضع كل هذه الشروط بما فيها شرط الاصطحاب في النظام الداخلي الذي يعده.

 هذا يعني كلية أنه لا يجب على رب العمل توقيع عقوبة التسريح التأديبي على العمل عند ارتكابه لخطأ جسيم مالم ينص النظام الداخلي للمؤسسة على الضمانات السابقة، بمعنى أنه لا يمكن توقيع تلك العقوبة دون وجود نظام داخلي وإلا اعتبر التسريح تعسفيا؛ والاشكال المطروح يكمن في المؤسسات التي يقل عدد عمالها عن عشرين عاملا مما لا يجبرها على وضع نظامها الداخلي، فهل يمكن تطبيق عقوبة التسريج المنصوص عليها في القانون في هذه الحالة؟

3/ التبليغ الكتابي لقرار التسريح: أوجب نص المادة 73-2 من قانون العمل الجزائري على رب العمل أن يقوم بتبليغ العامل بقرار التسريح سواء بنفسه أو من يمثله كما يجب أن يكون القرار مكتوبا.

يعد قرار التسريح وسيلة لإنهاء علاقة العمل ويشترط فيه الكتابة عكس انعقاد العقد الذي يمكن ان يكون بعقد مكتوب أو غير مكتوب طبقا للمادة 08 من القانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل.

فعلاقة العمل في هذه الحالة يمكن أن تنتهي بخلاف ما نشأت لأننا أمام انتهاء علاقة العمل بطريقة غير عادية كانت نتيجة لقيام العامل بخطأ يستحيل معه استمرار تلك العلاقة، وبالتالي تشكل الكتابة شرطا جوهريا بسبب خطورة العقوبة يؤدي غيابها إلى اعتبار التسريح تعسفي.

بالإضافة إلى هذه الشروط سمح المشرع الجزائري للنظام الداخلي وفقا لنص المادة  73-2 التطرق لإجراءات أخرى ملزمة أو غير ملزمة، إذ يمكن للنظام الداخلي أن ينص مثلا على مواعيد الاستماع ومكانه ومضمونه وإجراءات السماع  وتدوين إجراء السماع واستلام قرار التسريح في سجل أو في محضر لا سيما وأن المشرع اشترط في قرار التسريح أن يكون مكتوبا، واعتبار الساعات التي يقضيها العامل مع العامل الصاحب في مكتب رب العمل مدة عمل فعلي بالنسبة لهما.

في هذا الصدد فإن غياب أيا من الشروط الشكلية المذكورة آنفا باعتبارها اجراءات تأديبية ينجر عنها تعسف من قبل المستخدم في مواجهة العامل ولو ارتكب هذا الاخير خطأ جسيما مما يجعل التسريح تعسفيا.

أما المندوب النقابي فزيادة على هذه الشروط الشكلية والموضوعية أوجب القانون على رب العمل أن يقوم بإعلام المنظمة النقابية قبل توقيع عقوبة التسريح التأديبي عند ارتكابه لخطأ جسيم غير متصل بنشاطه النقابي، ويعد أي تسريح دون إعلام المنظمة النقابية باطلا وعديم الاثر[43].

كما أقرت القانون 90/14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي بأن تلك الاجراءات تظل سارية المفعول إلى حتى بعد انتهاء المهمة النقابية في حدود سنة كاملة.

وقد أيد القضاء الجزائري ذلك في الكثير من اجتهاداته القضائية حيث اعتبر كل تسريح يستهدف مندوبا نقابيا من دون الإخطار المسبق لمنظمته النقابية يعد باطلا وعديم الأثر وأن كل إجراء تأديبي متخذ في حق مندوب نقابي بدون مراعاة الاجراءات القانونية يعد باطلا وعديم الأثر، ويعاد إدماجه في منصب عمله بطلب من مفتش العمل [44].

يعد وضع المشرع الجزائري لتلك الشروط من باب حرصه على توفير ضمانات تأديبية للعامل في مواجهة تعسف المستخدم لكن ذلك كله يقع في إطار ما يسمح به الظروف فإذا استحال تبليغ العامل او سماع منه أو امتثاله للتأديب لظروف خارجة عن إرادة المستخدم فلا مجال حينئذ لتفعيل تلك الضمانات بسبب استحالتها وهو ما أيده فيه القضاء المغربي حيث اعتبر في أحد قراراته أن المشغلة لما استدعت العاملة الاجيرة بعنوانها وتوصلت بواسطة اختها وان عدم حضورها يرجع إلى اعتقالها وهو مالا يمكن تحميل تبعاته للمشغلة التي قامت بما يلزمها به القانون وانجزت محضر الاستماع ضمنته غياب العاملة الاجيرة واصدرت مقرر العقوبة الفصل وبلغته للعاملة بعنوانها بواسطة زوجها لتعذر تبليغها شخصيا واشعرت مفتش الشغل فإن ذلك يعني ان مسطرة الفصل التأديبي تم احترامها[45].  

  الفرع الثاني : الشروط الموضوعية

أناط المشرع الجزائري مسألة تحديد الاجراءات الموضوعية المتبعة لدى تسريح العامل تأديبيا إلى النظام الداخلي وذكر على وجه الإلزام مراعاة ظروف العامل عند ارتكابه للخطأ وسيرته الذاتية وكذا مراعاة جسامة الخطأ والاضرار الناتجة عنه:

1/مراعاة ظروف العامل عند الخطأ وسيرته: يحق لصاحب العمل تسريح العامل بعقوبة تأديبية إذا ما أثبت قيامه بخطأ جسيم ومثلما منحه حق بمثل هذه الخطورة ألزمته نص المادة 73-1 بمراعاة ظروف العامل أثناء خطأه وسيرته بالمؤسسة ومن ثم تكييف ذلك الخطأ ذلك أنه لا يجب على المستخدم الاكتفاء بنظرة مادية على خطأ العامل رغم جسامته وإنما يقع عليه إعطاء وصف للخطأ يتماشى مع الظروف المحيطة بالعامل ومدى اعتياده على ذلك من خلال النظر في سلوكاته داخل العمل سواء مع الهيئة المستخدمة أو مع العمال.

  وفي ذلك تنص المادة 73-1 : « يجب أن يراعي المستخدم على الخصوص عند تحديد ووصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل الظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر الذي ألحقه وكذلك السيرة التي كان يسلكها حتى تاريخ ارتكابه الخطأ نحو عمله ونحو ممتلكات هيئته المستخدمة».

ظاهر النص يوحي بأن المشرع أضفى حماية للعامل حسن السيرة والسلوك الذي تدفعه الأحداث إلى القيام بمثل هذه الأخطاء وبالتالي منح ضمانات لحمايته من توقيع عقوبة التسريح، وأي مخالفة لذلك يعتبر التسريح تعسفيا وليس تأديبيا طبقا لنص المادة  73-3 : «كل تسريح فردي يقع خرقا لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا وعلى المستخدم أن يثبت العكس[46]».

  من هذا الوجه يتعين على رب العمل أن يبحث عن الدوافع والمبررات التي يمكن أن تكون قد دفعت العامل إلى ارتكاب مثل هذا الخطأ من خلال الرجوع إلى ملف العامل والأخذ بعين الاعتبار سيرته طوال حياته المهنية إلى غاية تاريخ ارتكاب الخطأ الجسيم  وتفحص وقائع ارتكاب الخطأ ومكانه وزمانه والأوضاع الحرجة التي مر بها العامل السابقة  لتاريخ ارتكاب الفعل وكل ذلك يساعد على تكييف الخطأ رغم ما يحمله من جسامة ولو كان الضرر فاحشا وبالتالي التوصل إلى تحديد العقوبة المناسبة.

بمعنى آخر يصح القول أن المشرع الجزائري في هذه الحالة يطلب من المستخدم عند تسجيله لارتكاب خطأ جسيم من العامل أن يتفهم أوضاعه عند تكييف هذا الخطأ.

   ويطرح التساؤل هل يعد الخطأ جسيما بالنظر إلى فحش الفعل بمعنى أننا نكتفي بنظرة ظاهرية على ما تم ارتكابه أم أن جسامة الخطأ من عدمها ترتبط بظروف الارتكاب وسلوك العامل؟

 يمكن القول أن تكييف الفعل المرتكب باعتباره خطأ جسيما يتم من خلال الفعل المادي الذي قام به العامل ولا ينتظر من الأخذ بسلوكه وظروفه عند ارتكابه للخطأ سوى تخفيف العقوبة كما هو معمول به التشريع الجنائي عند توافر الظروف المخففة للعقوبة الجزائية لأن مراعاة ظروف العامل وسيرته في مكان العمل لا يؤثر على وصف الخطأ الذي يبقى جسيما وإنما يؤثر على تقدير العقوبة فيخفف منها[47].

ظاهر نص المادة 73-1 الذي يمنع المستخدم من توقيع عقوبة التسريح في حق من ارتكب خطأ جسيما يوحي بذلك لأن النص يذكر الخطأ الجسيم دون غيره من الأخطاء كما أن ذلك من شأنه أن يوفر فرصة للعامل الذي يكون مُكْرَهاً بسبب ظروف مختلفة شخصية أو عائلية أو اقتصادية دفعته لارتكاب مثل هذا الخطأ بالنظر إلى سيرته الحسنة التي توثق ذلك رغم صفة العمد المتوفرة في الفعل، مع الاشارة إلى أن عبء إثبات الخطأ الجسيم وصفة العمد يقع على المستخدم.

2/مدى خطورة وضرر الخطأ المرتكب:  يجب على المستخدم بالإضافة إلى مراعاة أحوال العامل النظر إلى الفعل ذاته بحيث لا يمكنه تحديد الخطأ الجسيم والحكم بجسامة الفعل دون النظر إلى اتساعه من حيث الاضرار التي لحقت بالعمال أو بالممتلكات ودرجة الخطورة التي يمكن أن تنجر عنه وكذا الضرر الذي يلحق بالمؤسسة نتيجة هذا الفعل.

وأي إخلال بهذه الشروط الموضوعية يجعل التسريح تعسفيا يرتب جميع آثاره وفقا للفقرة 2 من المادة 73-4 من الامر 96/21.

المطلب الثاني: الآثار الناتجة عن مخالفة القواعد الموضوعية والإجرائية للتسريح التأديبي

تنص المادة 73-3 من القانون 91/29 على أن: « كل تسريح فردي يقع خرقا لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا وعلى المستخدم أن يثبت العكس».

من جهتها تنص المادة 73-4 من الأمر 96/21 على ما يلي: «إذا وقع تسريح العامل مخالفة للإجراءات القانونية أو الاتفاقية الملزمة تلغي المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا قرار التسريح بسبب عدم احترام الاجراءات، وتلزم المستخدم بالقيام  بالإجراء المعمول به، وتمنح العامل تعويضا ماليا على نفقة المستخدم لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه كما لو استمر في عمله.

وإذا حدث تسريح العامل خرقا لأحكام المادة 73 أعلاه يعتبر تعسفيا.

تفصل المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا إما بإعادة إدماج العامل في المؤسسة مع الاحتفاظ بامتيازاته المكتسبة أو في حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا ماليا لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه العامل عن مدة 6 أشهر من العمل دون الاخلال بالتعويضات المحتملة».

 يتبين من هذين النصين أن التسريح التأديبي إذا وقع مخالفة للقواعد الموضوعية أي دون ارتكاب العامل لخطأ جسيم نصت عليه المادة 73 أو نص عليه النظام الداخلي للمؤسسة اعتبره القانون تعسفيا، وإذا وقع مخالفة للإجراءات التأديبية المنصوص عليها ضمن المادة 73-1 وما يتضمنه النظام الداخلي من إجراءات معلنة (طبقا للمادة73-2) يعتبر كذلك تعسفيا، وإذا وقع مخالفة للإجراءات الغير التأديبية أي مخالفة للقواعد القانونية و/او الاتفاقية الملزمة المتبعة اعتبر التسريح خرقا لتلك للإجراءات ويتعين تصحيحها.

لذلك سنتعرض في الفرع الأول للتسريح التعسفي كونه يشكل أحد الصور الواضحة في عدم تطبيق النصوص التشريعية وقواعد النظام الداخلي أين يظهر عدم التناسب بين العقوبة والخطأ المهني، مما يفقد السلطة التأديبية لمبدأ جوهري ألا وهو عدم التناسب على ان نعالج في الفرع الثاني التسريح المخالف للإجراءات التأديبية باعتباره ينتج نفس الآثار مع الاول بينما نترك للفرع الثالث التسريح الذي يخرق الاجراءات المتبعة سواء كانت تشريعية او اتفاقية أين يكون التسريح قد وقع بشكل ينتهك القواعد القانونية المتبعة وهو ما يسمى التسريح خرقا للإجراءات القانونية او الاتفاقية.

 الفرع الأول: التسريح المخالف للقواعد الموضوعية

تنص الفقرة الثانية من المادة 73-4 من الأمر 96/21 على ما يلي: « وإذا حدث تسريح العامل خرقا لأحكام المادة 73 أعلاه يعتبر تعسفيا. تفصل المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا إما بإعادة إدماج العامل في المؤسسة مع الاحتفاظ بامتيازاته المكتسبة، أو في حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا ماليا لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه العامل عن مدة 6 أشهر من العمل دون الاخلال بالتعويضات المحتملة، يكون الحكم الصادر في هذا المجال قابلا للطعن بالنقض».

يعتبر التسريح تعسفيا إذا اتخذ خرقا للقانون الموضوعي وهو ما يعبر عنه في القانون الفرنسي بانعدام السبب الفعلي والجدي وهو ايضا ما خلصت إليه المادة 73-4 التي قررت أن التسريح الذي يقع خرقا لنص المادة 73 يعتبر تعسفيا.

بالرجوع إلى نص المادة 73 فإن العامل يستحق التسريح التأديبي متى ارتكب خطأ منصوص عليه في هذه المادة  التي تُعَدِّد صور الخطأ الجسيم المؤدي إلى التسريح التأديبي بما يعني أن مفهوم المخالفة يقودنا إلى اعتبار أن تسريح العامل خارج هذه الحالات و خارج الأخطاء التي يعاقب عليها النظام الداخلي بعقوبة التسريح هو تسريح تعسفي[48].

تفصيل ذلك يرجع إلى أن العامل قد تم تسريحه بسبب ارتكابه لخطأ لا يستحق عليه عقوبة التسريح سواء ضمن نص المادة 73 أو ضمن نصوص النظام الداخلي أو أنه لم يرتكب خطأ أصلا، ففي هاتين الحالتين يمكن وصف التسريح الحاصل بأنه تعسفي.

من جهة أخرى تقضي المادة 73-3 بأن: كل تسريح فردي يتم خرقا لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا وعلى المستخدم أن يثبت العكس.

ويقع عبئ إثبات عدم التعسف على المستخدم سواء في إثبات الخطأ الجسيم المؤدي إلى التسريح أو إثبات شرعية الاجراءات التأديبية المتبعة لدى قيام المستخدم بتسليط عقوبة التسريح على العامل.

تنبغي الاشارة إلى أنه يمكن للعامل الأجير اللجوء إلى القضاء الاجتماعي للطعن في قرار التسريح التعسفي ولكن يبقى ذلك مرهونا بإجراءات الصلح الواردة في القانون 90/04 المتعلقة بالنزاع الفردي والذي يمنح من خلاله مفتش العمل محضر عدم الصلح الذي يشكل اجراء جوهريا في التسوية القضائية للنزاع وقد ذهب القضاء الجزائري في أحد اجتهاداته إلى هذا المنحى[49].

وفي حالة التسريح التعسفي تقضي المحكمة الناظرة في المسائل الاجتماعية بحكم ابتدائي ونهائي يتضمن حالتين[50]:

الحالة الأولى: إرجاع العامل في حالة تراضي الطرفين  

يحكم القاضي بإعادة إدماج العامل المفصول تأديبيا حيث يتم الحكم بإرجاعه إلى عمله مع احتفاظه بالامتيازات المكتسبة.

وفي هذه الحالة نلاحظ أن حكم القضاء لا ينفذ إلا عند قبول كل منهما إعادة إدماج العامل داخل مؤسسة العمل من خلال تطابق رضا العامل ورضا المستخدم المستنبطان من خلال وقائع القضية أو أثناء الفصل في النزاع.

ففي هذه الحالة يعد التراضي شرطا جوهريا لحكم القاضي بإدماج العامل وأي رفض من أي طرف لا يسمح بذلك.

فضلا عن حصول العامل المدمج في المؤسسة على جميع حقوقه المكتسبة والذي يعتبر حكم تبعي للحكم الأصل المتمثل في إدماج العامل يتبعه وجودا وعدما فحيث ما تم الحكم بإعادة إدماج العامل المفصول يحكم له بامتيازاته المكتسبة بعد إرجاعه إلى منصب عمله.

عرف الاجتهاد القضائي الفرنسي الامتيازات المكتسبة بأنها مجموعة من الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها إما في القانون أو في التنظيم أو في عقد العمل او في الاتفاقية الجماعية ومنها على سبيل المثال الامتيازات المرتبطة بالحالات المرضية، الامومة، مختلف العطل، التعويضات، الاستفادة من سكن وظيفي، …بشرط أن تتم الاستفادة منها بصفة فعلية وليس على سبيل الاحتمال[51].

غني عن البيان أن العامل يمكنه أن يستفيد من حقه في العطلة المرضية أو العطلة السنوية أو أي تعويض آخر مدة انفصاله عن عمله بفعل عقوبة التسريح المسلطة عليه ما دام أن تلك الحقوق تظل مكتسبة بفعل الادماج الذي حصل للعامل أي وكأن التسريح لم يكن.

 يعد هذا الحكم دليلا على اعتبار علاقة العمل كأنها لم تنقطع ولا تجد تبريرها في إلغاء قرار التسريح التعسفي فحسب بل الرغبة أيضا في إصلاح الخروقات التي شابت تلك العلاقة والتي يتحمل تبعاتها المستخدم كونه كان سببا في الاخلال بتلك العلاقة بواسطة قرار الفصل التي اتخذه بشكل مخالف للقواعد الموضوعية.

وأكثر من ذلك ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى اعتبار الاجر(يمنحه القانون طبيعة التعويض) ضمن الامتيازات المكتسبة بخلاف القاعدة العامة التي تجعل استحقاق الاجر لا يكون إلافي مقابل العمل المؤدى وفي هذه الحالة يأخذ المقابل المقصود طبيعة التعويض المالي حتى يستوي في هذا الوصف مع مضمون المواد53 و 80 و81 و 82 من القانون 90/11 اللواتي تمنحن للأجر أوصافا في حدود ضيقة ليس من بينها ما سيتقاضاه العامل بعد فصله عن عمله ولو تعسفيا.

يؤكد القضاء الجزائري[52] هذا المنحى في وصفه للامتيازات المكتسبة بأن الأجور ليست منها وإنما تؤدى مقابل عمل مؤدى، الأمر الذي يجعلنا نحكم على ما أقره المشرع الجزائري من خلال نص المادة 73-4 يكيف على أنه تعويض ويقدر على أساس ما كان سيتقاضاه العامل لو استمر في عمله.

ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى القول بأن الامتياز المكتسب هو الذي يعادل حقا قائما سواء كان مستمرا أو دوريا نظير الحقوق التي لها صلة بوقوع حادث عرضي غير متجدد.

وسار الاجتهاد القضائي الجزائري[53] على هذا المنوال حيث قررت المحكمة العليا أن العامل المسرح تعسفيا يستحق الحصول على تعويض لا يقل عن الاجر الذي كان سيتقاضاه لو استمر في عمله وذلك من تاريخ التسريح إلى تاريخ الحكم القضائي القاضي بإرجاعه إلى منصب عمله بصفته حقا مكتسبا عن الفترة التي لم يعمل فيها ويحق للعامل المسرح تعسفيا المطالبة بحقوقه المكتسبة[54] ولكن لا يحق له بعد إعادة إدماجه المطالبة بالتعويض أو حتى إثارة مسألة التسريح التعسفي أو المطالبة بالرجوع إلى العمل بعقد غير محدد المدة وهو في علاقة عمل محددة المدة مع المستخدم[55].

وفي هذه الحالة يلتزم القاضي بإرجاع العامل إلى منصب عمله وتحديد الحقوق المكتسبة التي يستفيد منها العامل بما فيها التعويض وتحديدها نقدا عندما تكون قابلة للتقييم في حدود السلطة التقديرية التي يتمتع بها في هذا المجال دون مراقبة المحكمة العليا عليه؛ ولكنه في كل الحالات لا يستطيع أن يحكم بها من تلقاء نفسه حتى ولو كان منصوصا عليها في القانون لأنه ملزم بالحكم في حدود ما يطلب منه فقط وذلك في الفترة الممتدة من تاريخ التسريح التعسفي إلى تاريخ النطق بالحكم وليس تاريخ تنفيذ الحكم أي تاريخ إرجاع العامل إلى منصب عمله وهو ما أكده الاجتهاد القضائي الجزائري[56].

الحالة الثانية: حصول العامل على تعويضات في حالة عدم التراضي

في الحالة الثانية حيث لا يحصل التراضي من قبل الطرفين على إعادة إدماج العامل داخل المؤسسة وبالتالي لا مجال لرجوعه إلى منصب عمله سواء نتج ذلك من الرفض المشترك أو من رفض أحدهما، وبصفة خاصة يكون الرفض من جانب المستخدم الذي اتخذ قرار التسريح التعسفي للعامل.

ويشترط أن يكون إبداء الرفض واضحا ويتبين أثناء سير الدعوى وقبل إغلاق باب المرافعة، بما يعني أن على الهيئة المستخدمة التي ترفض إعادة إدماج العامل أن تأخذ إشهادا يثبت ذلك .

في هذا الصدد يمكن أن تحمل المذكرة الجوابية للمستخدم أو محاميه هذا الرفض، كما يمكنه أن يدلي به أمام المحكمة أثناء سير الدعوى ويجب ان يكون صريحا ولا يمكن في اي حال من الاحوال استنتاجه من طلبات أخرى[57]؛ ولا يمكنه بطبيعة الحال إثارة هذا الرفض عند تنفيذ الحكم القضائي لا سيما أن قاضي الموضوع حينما يستخلص تراضي الطرفين على ارجاع العامل يولي أسبقية لذلك استدلالا بالقاعدة المقررة في المنظومة العقدية التي تقضي بأن المحافظة على علاقة العمل أولى من إنهاءها.

 عمليا جاء التعديل بواسطة الامر 96/21 الذي عدل المادة 73-4 لتمنح إمكانية جديدة للمستخدم الذي يريد الاستغناء عن العامل واللجوء إلى ذلك عند الضرورة حتى ولو كان ذلك في إطار معاقبته بالتسريح المتخذ بشكل تعسفي وبدون أن يستطيع تبرير قراره بشرط أن يتحمل تعويضات مالية لفائدة العامل المسرح.

يمكن أن نبرر هذا التصرف من جانب النص القانوني على أنه تمكين إضافي لصاحب المؤسسة الذي يعود إليه الأمر في ترتيب مؤسسته والبحث عن الصالح العام لمصلحة العمل الذي يديره وينظمه، الأمر الذي يجعل تفعيل مبدأ سلطان الارادة المنفردة ظاهرا في إطار النظام الليبرالي الذي يريد المشرع الجزائري انتهاجه، فهو يحفظ مصلحة العمل في جهة المستخدم ويحفظ للعامل حقوقه في جهة أخرى.

يعد اختيار هذه الطريقة رغم ما تظهره من فقد العامل لمنصب عمله أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لإرادة الهيئة المستخدمة وعاملا مكافئا بالنسبة للعامل الذي يفقد عمله على هذا النحو.

وفي هذه الحالة يقوم القاضي عند استخلاصه لرفض الطرفين أو لأحدهما بالحكم بتعويض مالي لا يقل عن أجور 6 اشهر دون الاخلال بالتعويضات المحتملة.

كما رأينا في صعوبة تحديد مدلول الامتيازات المكتسبة في الحالة الأولى فالقاضي يلقى أيضا صعوبة في تحديد مقدار هذا التعويض لأن النص يحدد له الحد الأدنى ولكن لا يحدد له الحد الأقصى مما يجعل ذلك يدخل تحت السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في حدود الطلب المقدم له من العامل على أن يأخذ في عين الاعتبار معايير واقعية مثل الاقدمية والسن وظروف العمل والبطالة الموجودة والقدرة الشرائية والراتب الشهري والكفاءات والمؤهلات العلمية والمهنية والمنصب وغير ذلك بناء على طلبه وفق ما يؤكده القضاء الجزائري[58] لأن مسألة التعويض عند القضاء والفقه تحصل لجبر الضرر الذي يختلف من عامل لآخر لا سيما في إطار التعويضات المحتملة حيث يجب على العامل إثبات الضرر الذي لحق به جراء التسريح التعسفي الذي أقره المستخدم في حقه[59].

يجب التنبيه في هذا المجال إلى أن الاجتهاد القضائي الجزائري [60]حينما يطبق نص المادة 73-4 في فقرتها الثانية أي حالة عدم إدماج العامل بعد تسريحه تعسفيا يؤسس التعويض المستحق للعامل المسرح والذي لا يجب أن يقل عن أجور 6 اشهر وكذا التعويضات المحتملة التي يقدرها القاضي وفق عناصر واقعية على القواعد العامة للتعويض المعروفة في القانون المدني وليس على قواعد تشريع العمل.

 ومن جهة أخرى فإن من حق الهيئة المستخدمة ان ترفض إعادة إدماج العامل بما يمنحها إياه نص المادة 73-4 في الفقرة الثانية ولا يمكن إرغامها بضرورة إرجاع العامل وفرض الأمر عليها طالما أنها أشهدت على رفضها لمسألة إرجاع العامل المفصول، ولا يمكن للقاضي في هذه الحالة سوى تقدير التعويضات في الحدود الدنيا المقررة قانونا أي الحكم للعامل المسرح تعسفيا بتعويض مالي لا يقل عن أجر6 أشهر دون الاخلال بالتعويضات المحتملة وعلى ذلك سار القضاء الجزائري في أحد اجتهاداته[61].  

من جهة أخرى تضيف المادة 73-5  في لإعطاء مهلة العطلة للعامل المسرح تعسفيا في حالة عدم التراضي على إرجاعه وتحدد المدة الدنيا لهذه المهلة بواسطة الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية  حيث جاء النص على ذلك كما يلي: يخول التسريح للعامل الذي لم يرتكب خطأ جسيما الحق في مهلة العطلة التي تحدد مدتها الدنيا في الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية.

تعتبر مهلة العطلة حقا من الحقوق التي أناطها المشرع للعامل المفصول بشكل تعسفي بحيث يتعين على الهيئة المستخدمة أن تمنحه إياها كمرحلة أخيرة تسمح له بالتواجد بمكان عمله، وفي هذه الحالة يمكنه الاستفادة من ساعتين مأجورتين كل يوم منفصلتين أو مجموعتين حتى يتسنى له البحث عن منصب عمل آخر، كما يمكن لرب العمل أن يقوم بإعطاء بدل عن مهلة العطلة للعامل المسرح يتمثل في مبلغ مالي يساوي للأجرة الكلية التي يمكن أن يتقاضاها طوال تلك المدة نفسها طبقا للمادة 73-6 من القانون 91/29.                                           

الفرع الثاني: التسريح المخالف للإجراءات التأديبية

وفق ما سبق فإن خرق تلك الاجراءات سواء المنصوص عليها بواسطة المادة 73-1 والمادة 73-2 من القانون 91/29 المعدل والمتمم للقانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل وهي : السماع من العامل وحقه في اصطحاب اي شخص يختاره وضرورة ان يكون قرار التسريح مكتوبا(ينص عليها النظام الداخلي وجوبا) وبضرورة تكييف الخطأ المرتكب وفق خطورته ودرجة جسامة الضرر الذي يمكن أن ينتج عنه والأخذ بعين الاعتبار سيرة العامل وسلوكه خلال حياته المهنية والظروف المحيطة بارتكابه لذلك الخطأ.

كما يمكن  للنظام الداخلي  أن يلجأ إلى إقرار إجراءات أخرى مثل: تحديد لمواعيد الاستماع ومكانه ومضمونه وإجراءات السماع  وتدوين إجراء السماع واستلام قرار التسريح في سجل أو في محضر وغير ذلك، فإذا ما نص عليها النظام الداخلي على وجه الالزام تعد ملزمة ويؤدي عدم العمل بها إلى خرق الاجراءات التأديبية شانها في ذلك شأن ما سبق من الشروط وبالتالي يعتبر أي تسريح وقع خرقا للإجراءات التأديبية تلك تعسفيا.

تفصيلا لهذا القول أي تصرف من الهيئة المستخدمة بتسريح أي عامل ارتكب خطأ جسيما دون اتباع الشروط الشكلية المنصوص عليها في النظام الداخلي والشروط الموضوعية المنصوص عليها من خلال المادة 73-1 من القانون 91/29 فإن تنلك الاجراءات التأديبية من النظام العام ولا تقبل التصحيح وعليه يصبح التسريح تعسفيا تنتج عنه أحكامه بما ذكرناه في مخالفة القواعد الموضوعية في الفرع السابق المعنون ب: التسريح المخالف للقواعد الموضوعية وما يتولد عنه من حالتين فلا داعي لتكراره.

الفرع الثالث: التسريح المخالف للإجراءات القانونية و/أو الاتفاقية الملزمة

 تنص الفقرة الأولى من المادة 73-4 من الأمر 96/21 على ما يلي: «إذا وقع تسريح العامل مخالفا للإجراءات القانونية و/أو الاتفاقية الملزمة تلغي المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا قرار التسريح بسبب عدم احترام الاجراءات وتلزم المستخدم بالقيام بالإجراء المعمول به وتمنح العامل تعويضا ماليا على نفقة المستخدم لا يقل عن الاجر الذي يتقاضاه كما لو استمر في عمله».

يستدل من مضمون أن المشرع الجزائري منح فرصة إضافية لرب العمل لاستدراك الاخطاء المتبعة لدى توقيعه لعقوبة التسريح وذلك بتكليف القاضي متى طرح أمامه نزاع للحكم بإلغاء قرار التسريح وإلزام المستخدم بإعادة إصدار عقوبة التسريح بشكل يتناسب والقواعد التشريعية والاتفاقية المنصوص عليها خاصة في التسريح لأسباب اقتصادية او الإحالة على التقاعد وغيرها من التسريحات الغير التأديبية.

فالمهم لدى المشرع الجزائري هو تصحيح الاخطاء الواردة في توقيع العقوبة عن طريق إعادة  معاقبة العامل مع منحه تعويضا يساوي الاجر الذي كان سيتقاضاه لو لم يتم فصله على هذا الوجه المعيب.

يرى بعض الفقه [62] أن هذا النص استلهم احكامه من النص الفرنسي الذي تضمنته المادة L122-14-4   من قانون العمل الفرنسي والتي تلزم المستخدم باتباع الاجراءات المقرة فيما يخص الخطأ الفعلي والجدي المؤدي إلى التسريح أي أن الإلغاء الذي يعتمد عليه القاضي الفرنسي يقوم أولا بفحص القانون الموضوعي قبل فحص القانون الاجرائي فعليه أن يتأكد من أن تسريح العامل ينهض مشروعا لأن خطأه كان جسيما بسبب اتصافه بالحقيقة والجدية وفي هذه الحالة يقوم بإلزام المستخدم بتصحيح الاجراءات المتبعة لدى معاقبته للعامل وأن لا جدوى إذن من إبطال الاجراءات التأديبية في حالة ما كان التسريح تعسفي لا يستند إلى سبب فعلي وجدي.

أما المشرع الجزائري فلم يأخذ بعين الاعتبار تلك المآخذ واعتمد على ضرورة إبطال الاجراءات المتبعة دونما النظر إلى استحقاق العامل لعقوبة التسريح أم لا، بما يؤكد أنه راعى تصحيح الاخطاء من جانب المستخدم لدى توقيعه لعقوبة التسريح ونظر إلى القانون الاجرائي ولم يهتم بموضوع التسريح.

الأكيد أن القضاء الجزائري[63] يرى أن المقصود بمخالفة الاجراءات القانونية أو الاتفاقية الملزمة المنصوص عليها في المادة 73-4 المعدلة والمتممة بالأمر 96/21 هي الإجراءات غير التأديبية لأنه يمكن تصحيحها مثل: تسريح العمال دون إجراءات تقليص عدد العمال أو إجراءات الاحالة على التقاعد، ويجب على القاضي في هذه الحالة ذكر تلك الاجراءات المخالفة للقانون أو الاتفاق لأن الاجراءات الغير تأديبية ليست من النظام العام وتستحق التصحيح.

أما الاجراءات التأديبية فيرى الاجتهاد القضائي الجزائري أنها من النظام العام ولا يمكن تدارك الاخطاء او المخالفات التي قد تشوب سريانها وعليه يقصد بالتسريح خرقا للإجراءات القانونية و/أو الاتفاقية الملزمة التسريح غير التأديبي ويقصد بالإجراءات التي يقع تصحيحها الاجراءات الغير تأديبية[64].

الخاتمـــــة:

في آخر بحثنا تسمح لنا قواعد البحث العلمي من خلال ورد في النصوص المتعلقة بتسريح العمال وتطبيقات القضاء لها وآراء الفقه حولها باستنتاجات تتعلق بتشريع قواعد التسريح التأديبي والظروف المحيطة بذلك وما نتج عنها من اختلالات فرضت على المشرع الجزائري إحداث تغييرات جوهرية في مسألة تأديب العمال.

ففي بداية التسعينات أين كان توجه الجزائر لاقتصاد السوق وتحرير سوق العمل وفق النظام الليبرالي الذي يقوم على اقتصار تدخل الدولة في جانبها التشريعي على المسائل العامة لا سيما تلك المتعلقة بالنظام الاجتماعي مما سمح بانسحاب تنظيم المسائل التأديبية للنظام الداخلي الذي يضعه المستخدم باعتبار هذا الاجراء يتفق ومبادئ النظام الليبرالي المختار.

ولئن كان مشرعنا صائبا في اختيار الاجراءات والأساليب المتبعة للتوجه الاقتصادي الجديد فإنه لم يضع ذلك القواعد التشريعية المتعلقة بتأديب العمال في سياقها حين سحب مهام تحديد الخطأ الجسيم الموجب للتسريح التأديبي من السلطة التشريعية وأعطاه للسلطة التنظيمية في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية غير ملائمة بمعنى أن الاجراء المتخذ من قبل المشرع كان صائبا ولكن الظروف المحيطة به لم تسمح له بالتطبيق، الأمر الذي حدا بمشرعنا إلى العدول عن رأيه في مدة قصيرة وفق المقاييس المعهودة والاكتفاء بتحديد التشريع للأخطاء الجسيمة على وجه الخصوص تاركا للنظام الداخلي تنظيم بعض الاخطاء التي يراها المستخدم جسيمة مؤدية إلى التسريح من جهة ومسببا في تضارب بين الاجتهادات القضائية من جهة أخرى مع النص على إجراءات تأديبية شكلية وموضوعية تشكل ضمانات للعمال في حالة تسريحهم.

ومن خلال هذا التعديل الذي جاء به القانون 91/29 حين حدد صور الاخطاء الجسيمة على وجه الخصوص وأعطى ضمانات للعمال، كل ذلك كان نتيجة لتعاظم دور التنظيم في مسألة تحديد الاخطاء الجسيمة المرتبط أساسا بتجدد الاخطاء واختلاف طبيعتها والأضرار الناتجة عنها بسبب تعلقها بتصرفات العمال التي لا تنتهي وتتغير دوما وباستمرار وبالتالي يظل النظام الداخلي هو الجهة الحاضنة لها ؛ كان لزاما على التشريع أن يتجه إلى تعديلات جوهرية لإقامة التوازن بين الصلاحيات الممنوحة للمستخدم في إطار ما يضعه في النظام الداخلي للهيئة المستخدمة من أخطاء جسيمة تستحق التسريح التأديبي ولإقرار حماية كافية للعمال من تعسف المستخدم لدى استعماله لسلطة التنظيم فأسس نظاما حمائيا يقوم على إعادة العامل إلى منصب عمله أو تعويضه حالة التسريح التعسفي( إذا لم يرتكب خطأ جسيما أو إذا تم تسريحه مخالفة للإجراءات التأديبية) أما تسريحه مخالفة لإجراءات قانونية و/أو اتفاقية ملزمة تتعلق بتسريحات أخرى غير تأديبية فيجب تصحيح تلك الاجراءات.


[1] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 354461 المؤرخ في 06/12/2006 مجلة المحكمة العليا عدد 02 لسنة 2006 ص 293.

[2]  المواد 33 و36 من الأمر 75/31 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص الملغى.  ج.ر عدد39 سنة 1975 ص527.

[3] Camerlynck execution du contrat du travail   Rep droit du travail  T1 1976. p489.

[4]  المستشار عبد السلام ذيب، قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية، دار القصبة للنشر، الجزائر2003 ص436.

[5] د/احمية سليمان-التنظيم القانوني لعلاقات العمل في التشريع الجزائري- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر2002 ص285.

[6] J-O débats assemblée nationale,23mai1973. par H.SINAY.p1445.

[7] انظر: المادة 73 من القانون 90/11 المؤرخ في11/04/1990 المتعلق بعلاقات العمل ج.ر عدد 17 لسنة 1990 ص562، المعدل والمتمم ب : القانون 91/29 المؤرخ في 21/12/1991 ج.ر عدد 68 لسنة 91 ص 2654، والمرسوم التشريعي 94/03 المؤرخ في 11/04/1994 ج.ر عدد 20 لسنة 94 ص05، والأمر 96/21 المؤرخ في 9/7/1996 ج.ر عدد 43 لسنة96 ص06، والأمر 97/02 المؤرخ في 11/01/1997 والأمر 97/03 المؤرخ في 11/01/1997 ج.ر عدد 03 لسنة 97 ص05.

[8] المادة 75 من القانون 90/11 السابق الذكر.

[9] انظر المادة 39 من مدونة الشغل المغربية التي تعدد الاخطاء الجسيمة للأجير كما يلي: تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل، الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير:-ارتكاب جنحة ماسة بالشرف، أو الأمانة، أو الآداب العامة، صدر بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية – إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة – ارتكاب الأفعال التالية داخل المؤسسة أو أثناء الشغل :السرقة؛ خيانة الأمانة؛ السكر العلني ؛ تعاطي مادة مخدرة  ؛ الاعتداء بالضرب ؛ السب الفادح رفض إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر- التغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال الإثني عشر شهرا – إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح- ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل- عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتبت عنها خسارة جسيمة-التحريض على الفساداستعمال أي نوع من أنواع العنف والاعتداء البدني الموجه ضد أجير أو المشغل أومن ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة.  ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 11 سبتمبر بتنفيذ القانون رقــــــم 65.99 المتعلـــــــق بمدونــة الشغـــــــل المغربية.

[10] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 615373 المؤرخ في 07/10/2010 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد01 لسنة 2011 ص 183.

[11] علي عوض حسن،  الوجيز في شرح قانون العمل الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1996ص273.

[12] علي عوض حسن، المرجع السابق ص462.

[13] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0870026 المؤرخ في 03/07/2014 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2014 ص 443.

[14] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0829234 المؤرخ في 05/06/2014 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2014 ص 427.

[15] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا بتاريخ07/05/1996 ملف رقم132207المجلة القضائية عدد02 لسنة1997 ص191.

[16] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0728901 المؤرخ في 10/01/2013 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق عدد 02 لسنة 2013 ص 237.

[17] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 610645 المؤرخ في 07/10/2010 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2010.

[18] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 515182 المؤرخ في 05/11/2009 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2009 ص 421.

[19] د/أحمد شوقي عبد الرحمان -الخطأ الجسيم للعامل وأثره على حقوقه الواردة في قانون العمل- المطبعة العربية الحديثة القاهرة 1979 ص65.

[20] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 157154 المؤرخ في 10/02/1998 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 1998.                                                                                                                       قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 337769 المؤرخ في 07/06/2006 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2006 ص297.

[21] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0824177 المؤرخ في 04/07/2013 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2013 ص 263.

[22] القرار عدد 357 الصادر بتاريخ 13/02/2012 في الملف الاجتماعي عدد 1030/5/1/2010 قضاء محكمة النقض عدد 76 قرارا الغرفة الاجتماعية ص249.

[23] د/احمية سليمان المرجع السابق ص 26.

[24] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 157838 المؤرخ في 10/02/1998.

[25] د/أحمد شوقي عبد الرحمان المرجع السابق ص 63.

[26] القرار عدد 196 الصادر بتاريخ 13/02/2014 في الملف الاجتماعي عدد 607/5/1/2013، قضاء محكمة النقض المغربية عدد 80، قرارات الرفة الاجتماعية.

[27] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0822822 المؤرخ في 07/03/2013 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2013 ص 245.

[28] انظر المادة 42 من القانون 90/02 المؤرخ في 06فبراير 1990 يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الاضراب  المعدل والمتم بالقانون 91/27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 . ج.ر عدد 6 لسنة 1990 و عدد 68 لسنة 1991.

[29] -المادة 36 من الأمر 75/31 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص الملغى.  ج.ر عدد39 سنة 1975 ص527.    

 -المادة 71 و75 من القانون 82/06 المؤرخ في 27/02/1982 المتعلق بعلاقات العمل الفردية الملغى بالقانون 90/11 ج.ر عدد 09/1982 ص34.

[30] عبد السلام ذيب المرجع السابق ص 420.

[31] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا بتاريخ 07/03/1987 رقم 45462 المجلة القضائية عدد1 لسنة 1991 ص98.

[32] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 115985 المؤرخ في 02 فيفري1998المجلة القضائية عدد02 لسنة2000 ص41.

[33] المستشار عبد السلام ذيب المرجع السابق ص 433.

[34] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 635652 المؤرخ في 02/02/2012 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق عدد 02 لسنة 2012 ص 420. 

[35] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا السابق الذكر.

[36] – قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 283600 المؤرخ في 15/12/2004 حيث جاء في القرار : إن عبارة ً تعتبر على الخصوص أخطاء جسيمة ً التي جاءت بها المادة 73 لا تعني حصر كل الأخطاء بل تؤكد وجود أخطاء جسيمة أخرى يمكن أن ينص عليها النظام الداخلي للمؤسسة.                                                -قرار الغرفة الاجتماعية للمحكة العليا  ملف رقم 620354 المؤرخ في 07/10/2010 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 سنة 2011 حيث اعتبر أنه يتعين الرجوع إلى النظام الداخلي لمعرفة ما إذا كان يعد إهمال العامل لمنصب عمله بسبب الغياب المتكرر خطأ جسيما مبررا للتسريح بدون تعويض وبدون إشعار.                                                                                     – قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 157761 المؤرخ في 0/02/1998 المجلة القضائية، عدد2 سنة 2000 حيث اعتبر القرار أن تعدد الوظائف يعد خطأ جسيما رغم عدم النص عليه في المادة 73 المعدلة وعللت المحكمة أن الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في هذه المادة ليست على سبيل الحصر.

[37] القانون90/02 المؤرخ في 06 /02/1990 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية وتسويتها وممارسة حق الإضراب ج.ر عدد 06 سنة 1990 ص 231 ،المعدل والمتمم بالقانون 91/27 المؤرخ في 21/12/ 1991 ج.ر عدد 68 سنة1991 ص 2652.

[38]المادة 107 ف1 من القانون المدني الجزائري تنص على أنه: «يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية».                                                           المادة 1134 الفقرة 4 من القانون المدني الفرنسي: «يجب أن تنفذ الاتفاقات بحسن نية».

« Elles(les conventions) doivent être exécutées  de bonne foi».            

المادة 148 ف1:« يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية». القانون 131 لسنة 1948 المؤرخ في 16 جويلية 1948 يتعلق بإصدار القانون المدني المصري المعدل منشور بالوقائع المصرية  العدد 108 مكرر أ.

[39] محمود جمال الدين الوجيز في قانون العمل مطبعة الاتحاد القاهرة 1964 ص477.

[40]  اعتبر القضاء الفرنسي أن العامل المعتاد هو الذي لا يستطيع أن يتفادى بعض الأخطاء كما أن ليس هو الذي يوفق دائما فينجح في صنع القطع وقد قررت محكمة النقض ذلك:

«L’ouvrier moyen ne peut pas éviter certaines erreur, l’ouvrier moyen n’est pas celui qui réussit toutes les pièces qu’il fabrique».

Cass. Soc  27 Nov 1958  D.1959  J.C.P 1959  -11 -11143 Note Brethe De La Gressaye S 1959  P35.

[41] Camerlynck execution du contrat du travail   Rep droit du travail T1 1976. p03.

[42] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 640479 المؤرخ في 02/06/2011 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2012.

[43] المادة 54 و 56 من القانون 90/14 المؤرخ في 02/07/1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ج.ر عدد 23 سنة 1990 ص 764 المعدل والمتمم بالقانون91/30 المؤرخ في 21/12/1991 ج.ر عدد 68 سنة 1991 ص 2656 والأمر 96/12 المؤرخ في 10/06/1996 ج.ر عدد36 ص04.

[44] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 310840 المؤرخ في 05/10/2005. مجلة المحكمة العليا عدد02 لسنة 2005 ص263.                                                                                                                                قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 581883 المؤرخ في 04/03/2010 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2010 ص377.

[45] القرار عدد 2435 الصادر بتاريخ 8/11/2016 في الملف الاجتماعي عدد 1562 /5/1/2015 قضاء محكمة النقض عدد 82، قرارات الغرفة الاجتماعية ص561.

[46] المادة 73-3 من القانون 90/11 المعدلة بالقانون91/29 المؤرخ في 21/12/1991 ج.ر عدد 68سنة 91 والتي نصت على التسريح الفردي الذي يقع مخالفا لأحكام قانون علاقات العمل والمقصود بذلك التقيد بالإجراءات التأديبية المتمثلة في ضرورة مراعاة ظروف العامل وسيرته والاعلان عن التسريح التأديبي وفق لما نص عليه النظام الداخلي على الخصوص من التبليغ الكتابي لقرار التسريح واستماع المستخدم للعامل وجواز اصطحاب هذا الاخير لأحد زملاءه في العمل. أما التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية الذي يتخذ شكل تسريحات فردية متزامنة فلا يخضع لهذه الاجراءات.

[47] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 159428 المؤرخ في 09/06/1998 المجلة القضائية، عدد02 لسنة 2000.

[48] نعني بالخروج عن المادة 73 الخروج عن مضمونها الذي يحدد الاخطاء الجسيمة والتي سبق وأن ذكرت الاجتهادات القضائية أنها ليست على سبيل الحصر حيث لا مانع من اعتماد النظام الداخلي لأخطاء جسيمة تستحق عقوبة التسريح، الأمر الذي يستدل منه أن التسريح التعسفي يقع خرقا للقانون سواء ما ورد في المادة 73 أو ما ورد في النظام الداخلي وهذا هو الأصوب.

[49] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 487515 المؤرخ في 04/03/2009 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2009 ص 407.

[50] انظر: المادة 41 من مدونة الشغل المغربية التي تمنح للعامل الاجير المفصول تعسفيا الخيار بين طلب إرجاعه إلى عمله وبين طلب حصوله على تعويض عن الضرر.                                                                                                                                    والقرار عدد 2338 الصادر بتاريخ 19/11/2015 في الملف الاجتماعي عدد 900/3/11/2013 ،قضاء محكمة النقض المغربية عدد 80، قرارات الغرفة الاجتماعية ص374.

[51] عبد السلام ذيب، الحلول القضائية للمشاكل المترتبة عن تطبيق نص المادة 73/4 من القانون 90/11، المجلة القضائية للمحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 2 سنة 2001 ص27.

[52] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 712501 المؤرخ في 07/06/2012 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2012.

[53]قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 101570 المؤرخ في 26/10/1993 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 1993.                                                                                                                                                                                            قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 161659 المؤرخ في 09/06/1998 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 1998.                                                                                                                                                                                    قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 152952 المؤرخ في 10/02/1998 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 1998.                                                                                                                                                                                                     قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 156550 المؤرخ في 10/02/1998 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 1998.                                                                                                                                                                                    قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 157790 المؤرخ في 10/02/1998 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 1998.                                                                                                               قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 157529 المؤرخ في 10/02/1998  مجلة المحكمة العليا قسم الوثائق عدد 01 لسنة 1998.                                                     

[54] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا 327199 المؤرخ في 01/02/2006 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2006 ص 257.

[55] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 450715 المؤرخ في 09/04/2008 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2008 ص 443.

[56] قرار الغرفة الاجتماعية للمحمة العليا ملف رقم 185239 المؤرخ في 18/01/2000 مجلة المحكمة العليا قسم الوثائق عدد 01 لسنة 2000.

[57] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 220630 المؤرخ في 13/06/2001 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2001.

[58] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0727214 المؤرخ في07/02/2013  مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2013 ص 251.

[59] عبد السلام ذيب، قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية، المرجع السابق، ص 525.                                                                                      قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0779082 المؤرخ في 05/12/2013 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد01 لسنة 2014 ص 279.

[60] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 0914493 المؤرخ في 06/11/2014 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد02 لسنة 2014 ص 454.

[61] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا رقم 211235 المؤرخ في 15/11/2000 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 02 لسنة 2000.                                                                                                                       قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم  490426 المؤرخ في 06/05/2009 مجلة المحكمة العليا، قسم الوثائق، عدد 01 لسنة 2009 ص 417.

[62] عبد السلام ذيب، قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2003 ص509.

[63] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 201983 المؤرخ في 11/07/2000                                                                                    قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 187272 المؤرخ في 18/01/2001                                                                                       قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم  189021 المؤرخ في 18/03/2000

[64] قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا ملف رقم 213831 المؤرخ في 21/03/2001، الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا.

Exit mobile version