الترابية والجماعات الترابية: بين مطلب الفهم النظري وضرورة التنزيل والأجرأة

الترابية والجماعات الترابية: بين مطلب الفهم النظري وضرورة التنزيل والأجرأة

*مراد عرابي:

طالب باحث، مختبر البيئة والتنمية وتدبير المجال، جامعة ابن طفيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، القنيطرة

*عبد الخالق غازي:

أستاذ باحث، مختبر البيئة والتنمية وتدبير المجال، جامعة ابن طفيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، القنيطرة

*عبد الحميد اليونوسي:

دكتور في الجغرافيا، أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الدار البيضاء-سطات

ملخص:

يعتبر إعمال المقاربة الترابية من بين المقاربات البحثية المستجدة للاشتغال على المواضيع والإشكاليات الترابية، رهانا حقيقيا لتدبير التراب وتحقيق التنمية، الأمر الذي يتيح استقراء الدينامية الترابية في أبعادها المختلفة ضمن سيرورتها الزمكانية، لاستشراف المخاطر المحتمل وقوعها وتخطيط تدبيرها، وتَبيُّن تغايرية تصورات وسلوكات الإنسان كمستعمل للتراب، وما ينجم عنه من شبكة علاقات نوعية داخله.

تستمد المقاربة الترابية أهميتها من الوعي بأن التراب حاملا لموارد متنوعة كما وكيفا منها المتاحة والكامنة، ولاعتباره حيزا يحتضن إرثا تاريخيا ذو طبيعة تراكمية على المستويات المادية الميدانية وغير المرئية التي تجسدها روابط بين التراب وساكنته.

يحاول مقالنا هذا مساءلة قدرة المؤسسات الرسمية والمنتخبة والمدنية…على التمثل النظري لمدخل التراب والترابية على مستوي الفهم والأجرأة  من أجل تدبير  فعال وناجع للمخاطر الطبيعية والاجتماعية الحاضرة والمحتملة.

كلمات مفاتيح: ترابية، استشراف المخاطر، اندماج الترابي

مقدمة:

تعتبر التنمية الترابية غاية تسعى إلى الرقي بالمجالات الترابية إلى وضعية أفضل من سابقتها، محورها الإنسان كهدف وشرط ضروري لحصولها. ما يستدعي إعادة النظر في الأسس المعتمدة في التنمية، ومن بين القواعد الأساسية لهذا التوجه الجديد الاعتماد على موارد التراب المختلفة لإنتاج الثروة. (بنمختار،2012) إن مفهوم التنمية الأكثر تداولا منذ عقود لم يعد مقبولا اليوم، حيث أن المفهوم الحالي يفيد أن التنمية في معناها الصحيح، بناء اقتصاد متأقلم وحاجات الإنسان: الخدماتية، البيئية، الحضارية والثقافية… (قاسم،2001)، لكن لن ترقى النتائج إلى الأهداف المنشودة إذا ارتكزت التنمية على مقاربة قطاعية تفتقد التنسيق بين المتدخلين والفاعلين الترابيين، ولم تنطلق من النظرة المتساوية القيمة لكل أرجاء التراب، واقتصرت على الفاعلية الاقتصادية دون الاكتراث إلى الفاعلية الاجتماعية، الثقافية، التوازنات المجالية والبيئية… في الوقت الذي كان الأمر يحتم تبني سياسات ميكروترابية تراعي الخصوصيات الثقافية والإمكانات المادية والبشرية، إذ لا يمكن تبني سياسة تنموية واحدة داخل نفس البلد. (بكشوا،2015) فكيف يمكن إعادة النظر في التناول المقارباتي للتنمية الترابية؟ وأين تتموقع المقاربة الترابية من مسألة التنمية؟ وكيف يدعم استحضار الرؤية الترابية تحييد محددات الهشاشة والمخاطر المتنوعة المحدقة بالتراب؟

1- التراب والترابية والتنمية المحلية: مفاهيم مترابطة اجرائيا

تعتبر الجغرافيا علم وثيق الصلة بالمفاهيم المستجدة للإسهام في مناقشة طموحات المجتمع في تحقيق ما يمكن من التنمية ومجابهة كل أشكال التخلف الترابي وتعزيز قدرته على التكيف ومواجهة كل انواع المخاطر المحتملة لا سيما الفجائية منها.

يعنى مقالنا بالتراب والترابية كمفهومين مركزيين تتوسع دائرة استعمالهما على حساب مفاهيم أخرى تراجع تداولها، يتصفان بطابع الصعوبة فهما واستعمالا، سيحاول مقالنا تحديد مضامين المفهومين وأبعادهما على المعرفة والممارسة المجاليتين من وجهة نظر الجغرافيا، باعتبار الأخيرة تدرس المجتمع بواسطة التراب، ما ينمي معرفتنا عن الأوساط والمجالات على مستوى المناهج، الإشكاليات، الوسائل والطرائق. للإشارة فمقالنا هذا لا يستطيع الإحاطة والمعالجة الشاملة والدقيقة لموضوع التراب والترابية والتنمية الترابية والمفاهيم المرتبطة بها، بل يبقى مساهمة بسيطة تحملنا إلى آفاق هذه المفاهيم ومقاربتها جغرافيا، للانفتاح عليها وتعميق المعرفة والنقاش حولها. بالنظر الى التعاطي الجغرافي وفق منظور الترابية يبقى الأقدر على مواجهة التحديات ورفع المخاطر المختلفة بغية تحقيق الاستقرار  وترسيم مسار التنمية الشمولية والمندمجة.

1-1- مفهوم التراب: La notion territoire 

يعتبر التراب مفهوما مشتركا بين الجغرافيا وباقي العلوم الاجتماعية، مفهوم مجالي يصعب تحديد المجال الذي ينطبق عليه، ظهر خلال الثمانينات من القرن السابق واستعمل في الحقل السياسي القانوني، يعنى به جزء من سطح الأرض، محدد المساحة ومقسم إلى أقسام إدارية خاضع لسيادة سلطة معينة ومفوضة ويقع تحت وصايتها ومراقبتها، تطبعه بتوجيهاتها وتزوده بمجموعة من المؤسسات التي تدبره وتقوم بإعداده والتأثير فيه حسب الإختيارات التي ترى بأنها المناسبة. (Levy & Lussault,2003)

تجمع المعاجم اللغوية والجغرافية باللغة الفرنسية والانجليزية على أن التراب نطاق،امتداد، مساحة أرضية معينة ومحددة، نظام معقد ومركب يتألف من عدة عناصر ومكونات في تفاعل مستمر بينها (الأرض، الموارد الطبيعية، الإنسان، المؤسسات، البنيات التحتية، القوانين والأعرف… (Robert,2012)التراب كل حيز جغرافي محدد ومشغول تقطنه جماعة بشرية وتستعمله، له هويته المتفردة التي تميزه عن الوحدات الترابية الأخرى، يستمد خصوصياته من مكوناته البشرية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الايكولوجية والتاريخية…، (Bailly& Ferras,1997) هو إرث لجماعة سكانية تربط بينها روابط بمجال سريع التطور عبر الزمن وخلال تعاقب أجيال. التراب نتاج تطور عبر سيرورة تاريخية من خلال مراحل معقدة، مجال مسكون ومراقب يشكل هوية مختلف الفاعلين والمتدخلين اللذين ينتجونه وخاضع لمنطقهم، وبالتالي يخفي التراب صراعات وتناقضات اجتماعية مرتبطة بهوية جماعية ما يثير المزيد من المفاهيم المرتبطة بالهوية الترابية.

يتخذ التراب أبعادا غير المرئية (معاشة) وأخرى مدركة (المادية)، واقعا يعاش بصفة مشتركة بين مجموعة من الأفراد تعدها وتستعملها لإشباع حاجاتها. اذ عرف المفهوم تطورا فلم يعد ذلك المجال المحدد القار، بل الإطار والحيز والقالب الذي ينتظم داخله المجتمع، له أهمية خاصة لما يقدمه من إمكانات. إذ لم تعد التنمية من أجل التراب بل التراب في خدمة التنمية أي التنمية بواسطة التراب. (الخزان،2011)

يشمل المفهوم الموارد والإمكانات المتاحة بالتراب في تجلياتها المتاحة منها والكامنة، مادية وبشرية، أي التي يمكن خلقها مستقبلا بفضل الدينامية الترابية التي سيعرفها التراب تحت إشراف سلطة معينة، يخضع لها على سبيل الإدارة والمراقبة والتوجيه، عبر مجموعة من الآليات المؤسساتية والقانونية… بناءا على اختيارات جمعية مدروسة وواعية، فالتراب عبارة عن بناء مجرد مفاهيمي يتأسس على ركيزتين متكاملتين في الجغرافيا: المادي والمثالي، ولا يجب أن يكون مجال صراع بل مجال بناء، ما يستوجب التشيبك والتنسيق بين القوى الفاعلة المتدخلة في بناء وإنتاج التراب في تصور وانجاز جماعيين لمشروع التنمية الترابية وفقا لمخططات تعاقدية تتطلع للمستقبل، متحلية بثقافة الاستماتة في وجه التهديدات والمخاطر المتوقع حدوثها او غير المتوقعة، هكذا أصبح التراب براديغما في حقل التنمية وتدبير المجال ومقاربة قضاياه. (Raffestin,1977)

1-2- مفهوم الترابية: La notion territorialité

أضحت الترابية رهانا نظريا في حقل الجغرافيا، بدأت مع الجغرافي رافستانRaffestin Claude  وطورها جغرافيون آخرون أمثالMercedes Bresso   وJocelyne Hussy… في شكل تصورات عن علائقية مكونات المجتمع والحيز الجغرافي المحتضن. الترابية كمفهوم مفتوحة على تأويلات وأشكال استيعاب غير المحدد، فحسب مضامينها البدائية تفيد علاقات فردية وجماعية في سياق تطور معقد في تراب معين، هي بنية علائقية لليومي غير المرئي، يتم تعريفها أيضا بأنها مجموع العلاقات القائمة بين أفراد مجتمع معين، تتجاوز حدود تفاعلاته عناصره الداخلية، بل يعيش تفاعلا بين مكوناته الداخلية والعالم الخارجي/الغيري، بمساعدة وسائط لتلبية حاجات بغية تحقيق أكبر استقلالية ممكنة اعتمادا على الموارد الترابية. (Guy,D,M.2004)

يقتضي مفهوم الترابية إدراك الحقائق الاجتماعية كبناءات تاريخية يومية للفاعلين أفرادا وجماعات، كنتاج لإستراتيجياتهم في البحث عن الاستقلال والهوية، كنظام علاقات بين جماعة تنسجها مجموعة من الوسائط، ما يقتضي إدراك طبيعة الوسيط لفهم تطورات ونتائج علاقة معينة. بالتالي ترتكز المقاربة الترابية على جعل الإنسان أساس التنمية، وتتطلب إحساس المواطنين بأنهم مسؤولون مواطنون يشاركون في شؤون المجتمع ويصرون على ذلك، (نعيم، شافقي،2008) فكل المنطلقات الفكرية والسياسية تنطلق من الفرد لتعود إليه، هي الاعتراف بحق الأفراد والجماعات في أن يكونوا صانعين لتاريخهم ومبدعين لذواتهم ولحياتهم الفردية والجماعية.    

تفهم الترابية أحيانا على أنها طريقة لتنمية الأدوار بين السلطة والفاعلين المؤسساتيين، يضفي أخذها بعين الاعتبار صفة الفاعلية على العمل السياسي العمومي الرسمي عكس مركزية القرارات في التعامل مع المجال. أصبحت الترابية أمرا مفروضا لدى السياسيين والفاعلين الترابيين في اشتغالهم على المجال والتخطيط له، وكذا مطلب يجب أن يسعى إليه الباحث الجغرافي على الخصوص عند مقاربته للفاعلية البشرية بالمجال.

الترابية مصدر قوة ومنبع للسلطة التقريرية للسكان التي يجب أن تحيى في مجالها بشكل ترابي، إن غياب روح الترابية في تدبير التراب هو تعطيل لمبدأ إشراك الساكنة وسلبها القدرة على الفعل والاختيار واتخاذ القرارات بشأن ترابها وما يتعلق بحياتها الترابية، هذه الأخيرة تتيح عملية التدخل الجماعي بصفة تشاركية، وإشراكها في بناء مجال عمومي في إطار ما يسمى “الديموقراطية الترابية”) جيري،2004) ما يدعم تحقيق نتائج تنموية معتبرة ويجنب التراب كإطار عيش والمجتمع أوضاع غير مرغوب فيها يسودها عدم الاستقرار والصراع والقلاقل.

يحتاج بناء الترابية الحديثة إلى ميكانيزم معقد، يبعث الحديث عنها بدقة على استحضار التفاعلات بين الوعي الهوياتي لجماعة بشرية والمجال الذي يحتضنها، في ظل تجارب وخبرات بنتها وطورتها تتعلق باستغلاله واستعماله، هذه التجارب والخبرات تعكسها العديد من الدرايات والتقنيات المندمجة مع خصوصيات الوسط. نخلص إلى أن الترابية فلسفة تتيح إمكانية إعادة التفكير في المجال كفرضية يمكن مراجعتها وليس كمعطى تابث يتحرك بعفوية وغير قابل للتحليل والقياس، بل يمكن من إعادة التفكير في المجال بمختلف أنساقه المعقدة  المتفاعلة المنسوجة بين المجتمع والمجال المنتج من قبله. (عرابي، 2019).

2- مفهومي التراب والترابية والشبكة المفاهيمية المسترسلة عنها

تتفرع عن مفهومي التراب والترابية رزنامة مفاهيمية ترتبط عموما بإعداد التراب، فمن المجال، المكان، الوسط، التنمية التشاركية، القطاعية… إلى التراب والتنمية الترابية، التشخيص الترابي والمشروع الترابي والذكاء الترابي، التسويق الترابي… تكون أنساقا منسجمة وحلقات مترابطة تتعلق بالتراب، ميزتها التداخل والتقاطع بين دلالاتها وصعوبة إقامة حدود فاصلة بينها. إلا أنها تهدف بكاملها إلى إحقاق التنمية الترابية المحلية.

2-1- الموارد الترابية

هي كل الأشياء المادية الملموسة وغير المادية التي توجد بتراب ما نتيجة لتاريخ طويل وتراكمات سابقة، بل ويشمل حتى الأشياء غير المادية التي تتجلى في الرأسمال البشري والإبداع الجماعي للتنظيم الاجتماعي المحلي المناسب، (Raffestin,1979) تشمل الموارد الترابية من منظور التنمية الترابية الشمولية والمندمجة للتراب الإنسان وكل العناصر المادية واللامادية، الظاهرة منها والكامنة. تعد الموارد الترابية رافعة لتنمية التراب، فهي المتحكمة في رهاناته التنموية وآفاقه المستقبلية. كما لا يمكن الحديث عن التراب والترابية دون التطرق إلى التمفصلات القائمة بينها وبين الموارد الترابية، وقد شكل المفهوم حقلا للعديد من التساؤلات لتحديده وتعريفه، ويسجل حضورا قويا في الأدبيات الجغرافية، إنه رهان المؤسسات المشرفة على إعداد تراب.

الوثيقة رقم 1: خطاطة أصناف الموارد التربية

أنواعالموارد الترابية
المـــوارد التـــرابية
الموارد غير المادية
الموارد المادية
طبيعية
ثقافية
رمزية
أصناف الموارد الترابية
معادن، مصادر طاقة
غابات، تراث طبيعي
مشاهد قارية، ساحلية
مصادر مائية، مناخ
مواقع اركيولوجية 
أثار تاريخية 
فنون شعبية
عادات وتقاليد
حرف وصنائع
مواسم ومناسبات

 

وعلى مستوى آخر يمكن أن نقسم الموارد الترابية إلى قسمين:

  •  موارد ظاهرة ومتداولة: تستغل من قبل الساكنة المحلية، يجري استغلالها في كثير من المناطق بشكل عشوائي وغير متبصر يدمر الأوساط الطبيعية ويخل بتوازنات المنظومة البيئية، الشيء الذي يمثل تحديا حقيقيا بانعكاسها سلبا على المعطى البشري الذي يعيد توجيه الهشاشة في اتجاه المعطى الطبيعي وهكذا تتعمق أزمة التنمية المحلية المستدامة وترتفع تكلفة مواجهة المخاطر الجغرافية، فيصبح أمر وضع استراتيجيات حفظها وصيانتها لضمان مستقبلها أمرا ملحا لا يقبل التأجيل. (Veyret,2005)
  •  موارد كامنة: تختزنها المجالات الترابية ومجموعاتها البشرية، تتطلب تعبئتها والاستفادة المثلى منها توجيه مسارات التنمية نحو الوجهة الصحيحة، بإبراز وإعادة اكتشاف كل مكنونات عناصر تلك المجالات، وإدماجها بسلاسة في أنساق إنتاجها المحلي ارتباطا بخصوصيات التنمية المحلية. نميز بين الموارد الترابية والمؤهلات العامة التي تتشابه فيها مجالات ترابية كثيرة، وبين الموارد الخاصة والذاتية ذات التفرد والتنافسية التي يسجل فيها اختلاف كبير بين مجال وآخر، والتي تشكل الرهان والشرط الأساسي للتنمية حسب المقاربة الترابية.

2-2- التشخيص الترابي

التشخيص الترابي ممارسة واعية، تثمينية، علمية وممنهجة، حلقة من المسلسل التنموي تتوخى إجراء الملاحظة والجرد الشامل لمكونات المجال الترابي المراد تنميته، برصد مؤهلات التراب وما يتيحه من فرص وكذا مثبطاته وما يكتنفه من أخطار يحتمل أن تعيق إعداده وتنظيمه،(الأكحل،1997) أو أن تلحق الهشاشة برصيده المنجز من الإعداد والتهيئة والتنظيم، تحدد عملية التشخيص الترابي انتظارات السكان والرهانات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية…. بالعودة إلى الماضي من أجل تفسير الحاضر واستشراف المستقبل للقيام بعملية التهيئة أو بناء تخطيط جديد، يهدف إلى تمكين الفاعلين المحليين والمهتمين بالتنمية من انجاز مشاريع ترابية ملائمة، فهو كخارطة طريق ولوحة قيادة لمنظومة التنمية الترابية. (موساوي&البحيري،2012) أداة تساعد على أخذ القرار الصحيح بالنسبة لإعداد التراب، لأنه يتأسس على المقاربة التوافقية والحكامة التشاركية للتنمية الترابية.

يتجاوز التشخيص الترابي وضع تقرير تفصيلي عن واقع جماعة ترابية ما، بل يحمل مشروعا يتطلع إلى الآفاق ويقيم أثار عمليات التدخل التهييئية ويتنبأ بتأثيراتها غير المرغوب فيها على الإنسان والمجال، فهو حصيلة موجهة نحو الفعل والممارسة عبر وظائف وهي:

– إصدار الحكم ومواكبة التحول وإدماج الفاعلين الترابيين المحليين في اتخاذ القرارات التنموية.

– دارسة إدماجية متعددة الأبعاد تدمج مختلف الإشكاليات والمواضيع المرتبطة.

– رصد وتقدير أثر الأخطار الطبيعية والبشرية على التراب وتنميته وتحديد الكامن منها والمحتمل.

2-3- التنافسية الترابية

تشكل التنافسية الترابية واحدة من أولويات السياسات التنموية. يمكن تعريفها بأنها وضعية اقتصادية يكون عليها تراب معين، (Wackerman & all,2005) هي القدرة على إنتاج بضائع وخدمات والمحافظة على مداخيل مهمة ومستدامة تضمن مستويات دخل وتشغيل للساكنة. يصبح التراب تنافسيا لما يواجه بنجاح منافسة السوق ومجالات أخرى مجاورة أو بعيدة عنه، ويصون ديمومته البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمسألة تنافسية التراب من المواضيع التي يجب أن تحضى بالعناية على مستوى البحث، والاهتمام الرسمي من لدن السلطات العمومية التي تعنى بالشأن المحلي لتحفيز التراب على إنتاج الثروة والتوازن العام. ونشير إلى دور الفاعلين الاقتصاديين – المقاولة – في بناء التراب وفي ديناميته وتجدده “يتوصل الفاعلون الخواص والعموميون بفضل الحكامة التشاركية إلى جعل مجالاتهم الترابية تنافسية، وذلك بتعبئة موارد تلك المجالات. بهذا يتضح أن المقاولة والمجال الترابي يجب لهما أن يشتغلا في تكامل…أن يعملا على التحسين المستمر من درجة التنسيق والتعاون، مع اجتياز الحدود الترابية وفك العزلة عن الكفاءات”. (Guesnier,B,2010)

يفيد حضور التدبير التنافسي للتراب في التأهب لمواجهة المخاطر ذو طبيعة اقتصادية أو غير اقتصادية مرتبطة بإنتاج الثروة، فحيثما يحل هاجس دعم تنافسية التراب لدى الفاعلين الترابيين الرسميين والاقتصاديين والمدنيين تتطور جهود العناية بفضاء التراب بيئيا فتتقلص فرص التدهور الطبيعي، ونفس الشيء بالنسبة للمكون البشري فثقافة النهوض بتنافسية التراب المحلي تنعش اقتصاد التراب وتوفر بنية تحتية إنتاجية منتجة للشغل وبالتالي تلبية كثير من الحاجات السكانية…(عرابي، 2018) وبالتالي بناء وتشكيل تراب بمقدرات تكيفية عالية قادر على احتواء التحولات المتراكبة المسترسلة في الزمن واحتواء التغيرات الطارئة على كافة المستويات والميادين.

2-4- الحكامة الترابية

مصطلح مشتق لغة من فعل حكم أي سَاسَ وأَدَارَ ودبَّرَ، ويصطلح عليه بالفرنسية “Gouvernance” المشتقة من المفردة اللاتينية “Goubernare” التي تعني بدورها حكمَ وقادَ سفينة، (Le Petit Robert,2012) مفهوم لا يتجزأ من نهج التدبير على أساس النتائج، شاع استعماله بداية في عالم المقاولة والتدبير الاقتصادي، أثبت نجاعة كبيرة في تحقيق نتائج مهمة بالنظر إلى القيم والإجراءات التي تم إدماجها للرفع من التنافسية والجاذبية الترابيتين، ومن تم انتقل إلى مجالات علمية أخرى من بينها المجال السياسي والجغرافي. (مفيد،2015)

يفيد معناها في علاقتها بحكامة التراب الأسلوب التشاركي لتدبير التراب المتسم بتعدد المتدخلين والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين (مقاولة، دولة، جماعة ترابية،مجتمع مدني…)، وتعبئتهم وإشراكهم وتفاعلهم سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص والمجتمع المدني، كل حسب موقعه وبشكل ظاهر وجماعي لإنتاج الثروة، (Rachidi & Lachgar,2015) ما يستوجب التشبع بالقيم التدبيرية التي تشكل مقومات التعاطي الرشيد والحكيم مع التراب بهدف تحقيق العيش الكريم وإشباع حاجات جميع مستوطني ورواد التراب وتحقيق شروط الاستقرار والأمن الاجتماعيين. ويقتضي إعمال الحكامة كثقافة تدبيرية والية تنظيمية وفي علاقتها باتخاذ القرار  توفر  مستوى عال لدى الفاعلين الترابيين من التواصل وتبادل المعلومات والخبرات ووسائل التصور والتنفيذ أي شيوع قيم التواصل الترابي الفعال عبر قنوات تنظيمية وقانونية ومؤسساتية مرنة وإستراتيجية، يقتنص الفرص ويثمنها مقابل استشعار المخاطر والتهديدات لبناء القدرات والجاهزية لتدبير الأزمات الترابية بأقل تكلفة في الوقت والجهد والمال.

2-5- الهشاشة الترابية

مفهوم يستعمل في العديد من التخصصات العلمية أولها على وجه التقريب العلوم الطبية والنفسية، توحد المعاجم اللغوية تعريفها لمفهوم الهشاشة كوضعية تتسم بحالة من الاختلال وغياب التباث والاستقرار، حالة يكون عليها الشيء من الليونة ترفع من قابليتها للكسر والتلف،(Le Petit Robert,2012) إن الشيء الهش يعني الرخو، والهشيش ما كان فيه رخاوة، لذلك فالهشاشة أو الهشوشة هي سرعة العطب والتلف، (المرسي،2000) إن هذه التعاريف اللغوية تبقى بعيدة عن الغرض ولا ترقى إلى تصور المصطلح في علاقته بالأوساط الطبيعية والبشرية.

يفيد المعنى الاصطلاحي لمفهوم الهشاشة الطبيعية حالة عدم استقرار  (Instabilité) نظام بيئي معين، حالة تعبر عن الدينامية العامة لنظام بيئي يتطور في اتجاه معين نحو تأسيس نظام/أنظمة جديدة، ناتجة عن غياب التماسك الداخلي بين جميع الأنساق المكونة للمجال والمتفاعلة بينها. تقابل عموما حالة الهشاشة (Fragilité) حالة التوازن (Stabilité)، وكلتا الحالتين تعبران عن مرحلة من تطور دينامية المجال والنسق العام، ففي حالة التوازن تكون الأنظمة صالحة وقادرة على العطاء والتجدد والعكس.

لا يمكن الحديث عن الهشاشة في غياب الإنسان، هذا الأخير ليس بالكائن الخامل بل الأشد تأثيرا وتأثرا، لذلك فوضعية عدم التوازن خطر ترابي ينجم عن اختلالات طبيعية وأخرى بشرية كل واحدة تفاقم الأخرى، باعتبار أن الهشاشة الطبيعية والبشرية متلازمتان تتبادلان التأثير والتأثر. مثلا كلما ارتفع عدد السكان إلا وازدادت حاجاتهم من موارد مجالهم مما يؤدي إلى الضغط عليها (تربة، غطاء نباتي، مياه…) مما يتسبب في تدهور الوسط الطبيعي الهش أصلا، وأمام عجز المجال على تلبية الحاجات السكانية وإشباعها تتعمق الهشاشة السوسيواقتصادية والمجالية، باعتبار المجال حامل لأنشطة الساكنة وموارده بمثابة الرأسمال المحرك لدينامية الجماعة. تستدعي هشاشة التراب كوضعية مجالية الفهم الصحيح والدقيق لميكانيزمات اشتغال الدينامية العامة للمجال عن طريق التشخيص، ودرجة عالية من المهارات الفنية والتقنية والتخطيطية لإعداد التراب وإحلال التوازن من جديد (Résilience).

3- مكونـــات التــــراب

المقاربة الدينامية تتيح إمكانية تفكيك التراب لمعرفة مكوناته وبناء ملامح علاقة المجتمع المحلي بالموارد المحيطة به، ورصد أشكال التكيف وبلورة استراتيجيات حسب نوع الحاجة أو نوع التدخل ودواعيه ونتائجه المشهدية العامة وداخل كل جزء من أجزاء التراب. يعتبر التراب كيانا معقدا ومركبا من مجموعة من العناصر المتفاعلة والمتداخلة وظيفيا فيما بينها، والمترابطة على شكل أنساق منظمة غير مستقلة تربطها علاقات تأثير وتأثر متبادلة، (Bailly & Ferras,1997) فهو بمثابة جسم حي يبدي ردود أفعال(Rétroactions)  في ظل تواجد الإنسان، كمكون، محرك وفاعل داخل الدينامية العامة، هذه المكونات هي كالأتي:

3-1- المكون المورفولوجي: مجال طبيعي مؤنسن 

الحيز الترابي مجال جغرافي متملك ومعاش، عبارة عن نظام متنوع ومعقد تتهيكل شخصيته ذات أبعاد مادية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، سياسية وبيئية… من خلال ثلاثة مكونات أساسية وهي:

  •  الوسط الطبيعي: كل تراب قطعة من المجال لها خصائص طبيعية محددة (تضاريس جيولوجيا هيدرولوجيا، نبات، حيوان، مشاهد، ارتفاع، مناخ، تربة، موارد…) هذه الخصائص مرتبطة بالموقع الجغرافي للتراب تضفي على الحيز الترابي نوعا من الهوية المتفردة وتؤسس لجاذبيته يحتضن هبات طبيعية وأخطار تنجم عن دينامية أوساطه.
  •  تدخل الإنسان: تحاول الجماعات البشرية حفظ ترابها وضمان الاستقرار وتلبية حاجاتها منه عن طريق استغلال موارده، مما يدفع الإنسان إلى ابتكار تطبيقات وتقنيات ترابية لإعداد وتدبير مواقع وأمكنة يتشكل منها التراب على شكل شبكة لا بد أن تخضع لليقظة حتى لا تتحول إلى عامل هدم أو هشاشة.

3-2- المكون الهوياتي

التراب فضاء عيش جماعة بشرية تتحدد هوية أفرادها داخله بموروثهم التاريخي المكون من قيم مشتركة ومعايير عرفية وقانونية تحكم الحياة الاجتماعية وتحدد العلاقات مع الآخر، إذن فهو تراث ثقافي محلي مميز، (Jouve & Claude casse ,2000) فالمسألة الترابية تثير مسألة الهوية باعتبار الترابية هي ذاكرة الأفراد والجماعات في حيزهم الترابي ورافعة لخلق التماسك واللحمة الاجتماعية الكفيلة بخدمة التراب وإنجاح مشاريع تنميته وقت الشدة.

يملك كل تراب هويته الخاصة كحصيلة لمراحل معينة متتالية على قطعة أرضية من طرف مجموعة بشرية تمنح له اسما محددا كأحد مظاهر وأشكال الخصوصية التي تميزه عن غيره، فيصبح التراب كيانا قابل للتعريف، معين وغير قابل للانقسام أو التجزؤ بل هو نظام حي. يتطلب إرساء آليات مؤسساتية وتنظيمية لحفظ خصوصياته وتثمينها تفاديا لخطر فتورها واضمحلالها.

3-3- المكون التنظيمي

يفرض التحكم في التراب منطق تنظيمي تتجسد في سلوكات وتحركات الفاعلين وتصرفاتهم، والتنظيم الترابي تعكسه تيارات المعلومات والمهارات والمعارف والقرارات ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي، والتي تحدد من خلالها نظام الإنتاج وأساليبه التي تولد بدورها تيارات أخرى ( منتوجات، مال، إنسان، طاقة…) بين مختلف المواقع والأماكن المكونة للتراب بحسب خصوصيات وإمكانات الأخير.

4- غاية المقاربة الترابية تنمية ترابية احتوائية قائمة على تعبئة الموارد وتدبير المخاطر

تسعى التنمية الترابية المندمجة كمقاربة جديدة في إعداد التراب إلى إحقاق تنمية شمولية مندمجة ومواطنة، تروم توفير محيط ملائم، يمكن من تقوية القدرات الجماعية والفردية في إطار مبادرات ابتكارية، تهدف إلى تعبئة الموارد وبعث المقومات الذاتية كشرط للتكيف مع المستجدات وتحقيق التأهيل الذاتي. (البحيري& موساوي،2012)

4-1- تتوخى أبعاد التنمية الترابية تحقيق شرط التكيف والالتقائية

يعالج المحور علاقة التنمية الترابية وتلبية الحاجات الأساسية للساكنة وإرضاء طموحاتهم وتحقيق انتظاراتهم ضمن حدود الإمكانات البيئية، هكذا يرتكز مقالنا في إطار خطاب التراب والترابية على مسلمة أساسية مفادها، أنه بقدر ما يتحلى التعامل البشري مع الموارد بفاعلية بقدر ما يتحقق إشباع الحاجات الأساسية، لذا تعتبر الموارد مفهوما ثقافيا لأنها ليست كيانا طبيعيا مستقلا بذاته، ولا هي ذات صفة بشرية صرفة، بل هي حصيلة تفاعل بين إمكانات تحتويها البيئة الطبيعية وقدرات بشرية تستطيع من خلال إجراءات محددة استخراج تلك الإمكانات من مكامنها واستغلالها (قاسم،2001). تتوخى التنمية الترابية الحقيقية انتاج الثروة من خلال تدبير  فعال وناجع للأبعاد التالية:

  •  البعد الاجتماعي: تكريس العدالة الاجتماعية والتوزيع المتكافئ للثروة وتكريس اليات التمكين الاجتماعي لساكنة التراب، وتقليص التفاوتات الجهوية وتنمية الأرياف وتأهيلها للتقليل من تسارع وثيرة الهجرة ووضع كل ما من شأنه أن يفجر مخاطر اجتماعية ومجتمعية تحت المراقبة والضبط.
  •  البعد الطبيعي: يقتضي الاستعمال الرشيد للثروات الطبيعية المتجددة (تربة، مياه، بيوماص…) حتى لا تتعرض للتدهور أوالإتلاف.
  •  البعد الاقتصادي: يتمثل في التدبير الأمثل للثروات وتقليص التفاوتات في توزيع نتائج النمو على السكان تحقيقا للاستقرار السوسيواقتصادي.
  •  البعد التقني: هو اعتماد تكنولوجيا فعالة ونظيفة تحترم التعامل مع الثروات الطبيعية دون تلويثها، أو العمل على تدهور إنتاجيتها البيولوجية، وعلى المستوى الإداري والموارد البشرية يجب أن لا تخضع لغير معيار الكفاءة والفاعلية. (اد بوحنية & أبو طيب،2015)

إن التفاعل القائم بين الأبعاد الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية يضفي على التنمية التراب التناغم بين الإنسان وبيئته بهدف إقرار عدالة اجتماعية لفائدة الأجيال الحاضرة والمستقبلية.

4-2- التنمية الترابية سؤال ذو راهنية يسعى إلى تحقيق التوازن والانصاف الترابيين.

تتطلع التنمية الترابية الذكية إلى تحقيق تنمية متوازنة ومنصفة (Equitable)  تسهم في تشكيل تراب صحي سليم ومستدام بيئيا، ملائم ومسؤول اجتماعيا ومريح وحيوي اقتصاديا.

– التنمية الذكية: تقتضي إدماج المقاربات الجيواستراتيجية والسياسية والمقاربات السوسيواقتصادية بتراب معين، (الاسماعيلي،2015) هي تنمية اقتصادية، اجتماعية، ثقافية… تقوم على المعرفة والابتكار، برصد أنشطة ذات قيمة مضافة عالية كفيلة بتعزيز تنافسية التراب (Compétitivité)، الشيء الذي يتطلب ذكاءا ترابيا استراتيجيا، ولكي يكون لها الأثر الأكبر فإن الموارد المعتمدة للبحث والتنمية والابتكار ينبغي أن تبلغ الحد المطلوب، وتتم مواكبتها بتدابير ترمي إلى تقوية وتأهيل والرفع من المستويات التربوية والبنى الفكرية، في تعاون وثيق بين كافة الأطراف داخل التراب من مراكز بحث، جامعات، منتخبين محليين، مؤسسات رسمية ومدنية ومقاولات…(كسافيي لوفيل،2012)

– التنمية المستديمة: تهدف التنمية الترابية خلق اقتصاد متكيف أكثر فاعلية في استخدام الموارد، ويتيح تأمين استغلالها العقلاني والحد من أوجه تبذيرها، اقتصاد أكثر خضرة وتنافسية يأخذ بعين الاعتبار  مهددات سلامة الأوساط البيئية دون تجاوز حدود ما تتيحه البيئة وما تستطيع تحمله. (تشيان،2012)

الوثيقة رقم 2: ركائز التنمية الترابية المستديمة المندمجة والشمولية

– التنمية المندمجة: تتطلب التنمية الإدماجية استحضار الخصوصيات وإشراك الموارد الترابية التي غالبا ما تكون خفية، إضافة إلى الرأسمال البشري والثقافي لإحداث الثروة، علما أن الأخيرة إحداث لأنشطة ذات قيمة مضافة عالية تسهم في خلق اقتصاد ذو معدل تشغيل مرتفع يعزز التماسك الاجتماعي والترابي، كما تتجلى التنمية الإدماجية أيضا في التنمية الفعالة للموارد التي تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي بالتطلع إلى تحسين الحياة الاجتماعية وتخليقها. (بنمختار،2012)

5- مشروع التراب: خارطة الطريق نحو رفع أسس الهشاشة وتعبئة الموارد الترابية

5-1- تتنوع خصائص المشروع الترابي التنموي

ينبثق المشروع الترابي عن عمل منظم شكل عمل ممأسس لترسيم مشروع معين ويتطلب ابتكارا اجتماعيا. إن إنتاج التراب لا يمكن تصوره دون قرب تنظيمي ودوام تفاعل بين كافة الفاعلين الترابيين، ومن تم فالمشروع الشمولي والاستراتيجي الكفيل بتحديد كابحات جهود تنمية التراب والتي من شأنها أن تتحول إلى مخاطر يصعب التحكم في تطوراتها وتحمل تكلفتها يتميز بخمس خصائص:

– تثمين موارد التراب خاصة تلك التي تخول له مزايا إزاء الكيانات الترابية المنافسة.

– الارتكاز على تشارك كل الفاعلين في مسلسل التصور والتنفيذ. (فتوحي،1997)

– الاعتماد على مقاربة أفقية للتنمية الترابية، بالتنسيق بين الفاعلين لتحسين عرض التراب

– تعبئة كل مكونات الحقل التنموي وترشيد وسائل التدخل والرفع من مفعول المشاريع والعمليات

– التموقع الفعال للتراب للرفع من جاذبيته بمعنى آخر التسويق الترابي (عرابي،2019)

– توخي أهداف طويلة الأمد وبرامج تنجز على المدى المتوسط، وعمليات تنفذ على المدى القصير.

يحتاج تنفيذ المشروع الترابي تخطيطا إستراتيجيا توقعيا واستباقيا قادرا على التكيف مع المستجدات، متعدد السيناريوهات التدخلية والإجرائية، مواكب بجهاز تنظيمي وآلياتي قانوني وبشري بغية التقويم عبر مراحل التنفيذ والتنزيل فمرحلة التقييم، من خلال مؤشرات قياس موضوعية دقيقة تمكن من إنتاج حصيلة يمكن مقارنتها بالأهداف المسطرة، لتقدير المكتسبات ومعرفة مكامن الضعف من أجل بلورة خطة للمعالجة الناجعة.

5-2- تقوم بلورة المشروع الترابي على ثلاثة دعامات

يصعب ضمان مشروع ترابي فعال ونشيط وخلق دينامية ترابية محلية حقيقية، إلا انطلاقا من تبني عقلية التخطيط الاستراتيجي الذي يحتاج إلى أن يرتكز على جملة من الدعامات أبرزها:

  • مبدأ الاستعراضية أو العرضانية: يتميز التراب كبنية بالتعقد ما يجعل المشروع الترابي ليس بالأمر البسيط، لذا فدعامة العرضانية تقتضي تمكن الفاعلين والمتدخلين من مجموع أوجه مشروع التراب على مستوى مكوناته وأهدافه الاقتصادية والاجتماعية، البيئية، الثقافية…، وكذلك تفاعلاته الداخلية ومع محيطه المجاور. يتيح إعمال مبدأ العرضانية التقائية وتكاملية الرؤى وأدوات التدخل والفعل كل حسب اختصاصاته وتخصصه عبر مختلف محطات سيرورة المشروع الترابي.
    • مبدأ التشاركية: عنصر مركزي في تصور وبلورة وتنفيذ وتقييم مشروع التراب، وفي اتخاذ القرار Co- Decision  والبناء Co-construction. بخصوص تدبير الشأن العام بإشراك جميع قوى التراب (مجتمع مدني، مواطنون ومواطنات، مختلف الفاعلين و المتدخلين الرسميين والخواص…) عبر مجموعة من الاجراءات و الوسائل والآليات لإيجاد حلول مناسبة للمشاكل المطروحة، من خلال تدابير من قبيل: الحوار، الاستشارة، التشاور، المشاركة، الإشراك، جلسات الاستماع…يمكن تفعيل مبدأ التشاركية الفعالة والنشيطة قوامها مواطنون متملكين للفضاء العام.
    • مبدأ الحكامة: إيجاد الوسائل لإشراك المنتخبين والفاعلين والساكنة لتحديد مشروع جماعي للتراب، مادام أن الرهان مشروع التراب يقصد منه إحقاق التنمية. تسمح أيضا بتثمين الموارد الترابية وتقوية القدرة التفاوضية للتراب مع الشركاء الخارجيين في إطار تعاون بيترابي، إذ يمكن نعت تعاون تراب مع تراب آخر كتعاون مجتمع مع مجتمع آخر. (بوعدين،2015)

6- تعترض التنمية الترابية مجموعة من الصعوبات

يرمي هذا المحور إلى تحليل أهم معوقات المحدقة بالأوراش التنموية منها الطبيعي، البشري، التنظيمي، التدبيري…نعرض لها كالتالي:

– ضعف الثقافة السياسية لدى جل المنتخبين وجهلهم بالقيم السياسية الحزبية ولمقتضيات العمل الجماعي، وضعف إلمامهم بتقنيات التدبير الجماعي لغياب دورات تكوينية ترفع من قدراتهم التدبيرية، مما يكرس ضعف مردودية الهيئة المنتخبة، حيث أن الانتخابات تفرز في أغلب الأحيان منتخبين لهم شعبية ولهم أصوات فقط، وهنا لا بد من التركيز على أن التكوين والتكوين المستمر بات أمرا ضروريا لفائدة المستشارين والرؤساء الجماعيين بل كذلك لفائدة السلطات الإدارية المحلية الوصية. (أكناو،2001)

– تعيش الجماعات الترابية بشكل دائم على إيقاع التقطيع المتوالي لمجال نفوذها الترابي المتقارب في الزمن أكثر مما ينبغي، ينتج عنه عدم استقرار يجعل من الصعب بل من المستحيل وضع أي رؤية عامة أو برنامج أنشطة ولو على الأمد المتوسط لفائدة تنمية التراب، (ماكوري،2015) وتعارض التقطيع الترابي مع الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والجغرافية… لاعتبارات إدارية وأمن-سياسية. ( قريشي،2015) يشكل التقطيع الترابي الجيد مفتاح نجاح ورش التنمية الترابية، لأنه يتوخي تشكيل مناطق  متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا (مليح،2004) ويراعي التوازنات السوسيواقتصادية والمجالية ويضمن التدخل الآني والمستعجل فترات الأزمة. (بنيحيى محمد،1997)

– قلة الموارد وهشاشتها وقساوة الظروف الطبيعية والعزلة المفروضة على كثير من الجماعات الترابية بفعل الموقع الجغرافي، وتدهور الموارد الطبيعية جراء الاستغلال المفرط لها وهشاشة استقلالية المالية الجماعية نتيجة ضعف مردودية الضرائب والرسوم الجماعية، وشح مصادر التمويل والدعم المادي، وعجز مواردها الداخلية مما يضطرها إلى اللجوء إلى مصادر تمويل خارجية الشيء الذي يؤثر في قراراتها وجاهزيتها لتدبير الإشكالات الترابية خصوصا المستجدة. (ركلمة،2004)

– ضعف البنيات والتجهيزات التحتية الأساسية الاقتصادية والاجتماعية يكرس انتشار الأمية والفقر وضعف التواصل بين الساكنة المحلية ومؤسسات التراب الرسمية وغياب تفاعلها وجاهزيتها، وبالتالي ضرب فرص الاستقرار السوسيو-أمني، الإضافة إلى ضعف تكوين وتأطير المجتمع المدني وسقوطه في العمل الموسمي الظرفي لتحقيق أغراض لا تتسم بالدوام والاستمرارية، لقيامه على قاعدة حزبية قبلية أو لاعتبارات صداقة وولاءات، وليس على الشعور بالمسؤولية المدنية المواطنة اتجاه التراب.

– غياب ثقافة التتبع والتقييم الذاتي والموضوعي والتدبير بالنتائج، كركيزة لاستشراف المستقبل من خلال مؤشرات قابلة للقياس يعكسها المعيش اليومي للساكنة وديناميات التراب، كما تضمن عملية التقييم الشفافية وبناء الثقة وتحقق المصداقية، وتنمي حس المسؤولية التدبيرية لدى الفاعلين خاصة العموميين منهم، وتكرس الانتماء إلى التراب وتعزيز الهوية الترابية من خلال بناء علاقة حميمية للساكنة اتجاه الحيز الذي يحتضن تحركاتهم ويشكل محيطهم المباشر الذي يتطلعون إشباع حاجاتهم منه. (أكناو،2001)

خلاصة

التراب والترابية وما يرتبط بهما من مفاهيم تدبيرية مترابطة، هي مفاتيح لا بد وأن يتملكها كل الفاعلين في التراب على مستوى المعرفة والأجرأة في إطار تشارك وتكامل الأدوار والتقائية التدخلات والرؤى لتوجيه التراب نحو تملك القدرة على التأقلم والحاجات (الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، التدبيرية، الروحية…)، وتضعه على مستوى مهم من الأهبة، وتعزيز رصيده من التدابير الوقائية على جميع المستويات في وجه المخاطر التي يمكن أن تبرز في المستقبل وتعصف بالمكتسبات التنموية.

يستدعي نجاح الأوراش التنموية الوطنية تدبيرا مبتكرا بواسطة ولأجل إنسان متملك للرغبة والإرادة في المشاركة والانخراط في مشاريع التغيير والتنمية بالعمل، إضافة إلى ضرورة تجاوز مجموعة من الاكراهات المتنوعة والمتشعبة المرتبطة بتغييب قيم التدبير الترابي المستجد وضعف الإلمام به أحيانا من قبل المدبر  الرسمي والمنتخب خصوصا، أيضا غياب تفاعل المجتمع أفرادا وجماعات مع قضايا التراب، وضعف الإحساس بالانتماء الى التراب وبالمسؤوليات المدنية والمواطنة اتجاهه.

تتيح المقاربة الترابية افاقا واعدة في تحقيق التنمية الترابية، حيث أنها تنظر الى العنصر البشري كحجر الزاوية فاعلا ومستفيدا، وسيلتها وغايتها في نفس الوقت، لا تسعى إلى الرفع من الأداء الاقتصادي فحسب، بل تحقيق التوازن الترابي وتوفير الشروط المثالية لعيش الأفراد داخل المجتمع، وفق رؤى وتدخلات مجددة ويقظة تتأسس على تآزر المجال والإنسان والزمن بما يعزز هوية التراب واستقلاليته، وذلك لإعادة تنسيق المجال وإنتاجه وتعبئة موارده وحفظ بيئته من أسباب التدهور والهشاشة….

مصادر ومراجع باللغة العربية

– كسافيي ل ف،2012: الالتقائية الشاملة والتباينات المحلية ضرورة تجديد الذكاء الاستراتيجي، الذكاء الترابي والتنمية الجهوية بواسطة المقاولة تجارب دولية مقارنة، إشراف: الكراوي إدريس، كليرك فيليب، أعمال الملتقى الدولي للداخلة، منشورات جمعية الدراسات والأبحاث من أجل التنمية، ص ص: 19-25.

– بنمختار ر،2012: تنمية الجهات بواسطة المعرفة والتكنولوجيا، تحد جديد من أجل إنتاج الثروة والتشغيل من خلال استغلال الخصوصيات الترابية، الذكاء الترابي والتنمية الجهوية بواسطة المقاولة تجارب دولية مقارنة، إشراف: الكراوي إدريس، كليرك فيليب، أعمال الملتقى الدولي للداخلة، منشورات جمعية الدراسات والأبحاث من أجل التنمية، ص ص: 27-39.

تشيان ف م، 2012: الذكاء الاقتصاد والترابي، مقاربة عارضة بالضرورة، الذكاء الترابي والتنمية الجهوية بواسطة المقاولة تجارب دولية مقارنة، إشراف: الكراوي إدريس، كليرك فيليب، أعمال الملتقى الدولي للداخلة، منشورات جمعية الدراسات والأبحاث من أجل التنمية، ص ص: 51-69.

– أركان ع،2004: نظام اللاتمركز ومتطلبات الحكامة الترابية، الجماعة الترابية، الجهوية المتقدمة ورهان الحكامة الجيدة، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29/30، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص ص: 27-44.

ركلمة أ،2004: مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وأفاق التطوير، الجماعة الترابية، الجهوية المتقدمة ورهان الحكامة الجيدة، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29/30، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص ص: 79-106 .

مليح ي،2004: الجبايات المحلية وسؤال الجهوية المتقدمة، الجماعة الترابية، الجهوية المتقدمة ورهان الحكامة الجيدة، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29/30، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص ص: 107-121.

– بكشوا م،2015: الجهوية المتقدمة وإعداد التراب، الحكامة الترابية، من الجهوية المتقدمة إلى الحكم الذاتي…، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 32/31، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص ص: 59-65.

– الاسماعيلي أ،2015: الجهوية المتقدمة ورهان التنمية المحلية، الحكامة الترابية، من الجهوية المتقدمة إلى الحكم الذاتي، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 32/31، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص ص: 47-58.

– ماكوري ع،2015: اكراهات الحكامة على مستوى التدبير الجماعي، حكامة السياسات العمومية، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد 14، ص: 55-78.

– مفيد أ،2015: الحكامة الجيدة عل ضوء دستور 2011، حكامة السياسات العمومية، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد 14، ص ص: 7-19.

– اد بوحنية ق. & ابو طيب ب ن،2015: الإصلاحات السياسية وإشكالية بناء الحكامة في الجزائر، حكامة السياسات العمومية، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد 14، ص ص: 184-198.

– قاسم ن،2001: التنمية المستديمة للمستقرات الحضرية: عناصرها، مفهومها، مبرراتها، وسائل تحقيقها، أشغال ندوة : العمران في الوطن العربي بين التخطيط و التشريع و الإدارة أيام 10-11-12 أبريل، منشورات المعهد الوطني للتهيئة و التعمير بالرباط، ص ص: 70-79.

– أكناو ب،2001: التخطيط والإدارة المحلية بالمغرب، أشغال ندوة: العمران في الوطن العربي بين التخطيط     و التشريع و الإدارة أيام 10-11-12 أبريل، منشورات المعهد الوطني للتهيئة و التعمير بالرباط، ص ص: 287- 306.

موساوي أ،& البحيري ز،2012: العمل الجمعوي بزاوية بوكرين، في ظل التحولات السوسيومجالية، النسيج الجمعوي والتنمية الترابية بالمناطق الجبلية: المنجزات والتطلعات، تنسيق: البقصي محمد والزرهوني محمد، أشغال المنتدى الأول للتنمية والثقافة لاغزران، 21 ماي2011، منشورات الجماعة القروية لاغزران رقم1، الطبعة الأولى، ص ص: 125-157.

– البحيري ز & موساوي أ،2012: العمل الجمعوي ورهانات التنمية الترابية، النسيج الجمعوي والتنمية الترابية بالمناطق الجبلية: المنجزات والتطلعات، تنسيق: البقصي محمد والزرهوني محمد، أشغال المنتدى الأول للتنمية والثقافة لاغزران، 21 ماي2011، منشورات الجماعة القروية لاغزران رقم1، الطبعة الأولى، ص ص: 6-24.

– نعيم م &شافقي م، 2008: العمل الجمعوي خيار التنمية المحلية بالوسط الواحي نموذج واحة تودغة، نحو إستراتيجية تخطيط التنمية المجالية في العالم العربي بأبعادها المحلية والقومية والعالمية، الجزء الأول، تنسيق: محمد الأسعد، منشورات الجمعية الوطنية للجغرافيين المغاربة، أبحاث الملتقى الرابع للجغرافيين العرب، الرباط، ص ص: 463-477.

الأكحل م،1997: أية منهجية للتدخلات العمومية من أجل التنمية المحلية بالمجالات البورية؟ حالة : هضبة بنسليمان، مجلة مناهج البحث في الوسط الريفي المغربي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس –الرباط-  سلسلة ندوات ومناظرات رقم 113، ص ص: 13-26.

– الخزان ب،2011: تثمين الموارد الترابية والتنمية المحلية بفاس الكبرى، مجلة المجال الجغرافي والمجتمع المغربي، خاص التنمية الترابية بالمغرب: الرهانات، الاستراتيجيات والفاعلون، مجلة نصف سنوية، العدد 13،ص ص: 3 -21.

بنيحيى م،1997: المجال والتقسيم الترابي بالمغرب، المجال: التجليات والاستعمالات، مجلة البحث العلمي للعلوم الاجتماعية والإنسانية، السنة الثلاثون، العدد 43-44، جامعة محمد الخامس -السويسي- المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، ص ص: 93-111.

فتوحي م،1997: صياغة المشاريع والتخطيط لها وتطبيقاتها حول الهجرة، مجلة مناهج البحث في الوسط الريفي المغربي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس -الرباط-  سلسلة ندوات ومناظرات رقم 113، ص ص: 27-39.

المرسي ع،2000: المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية بيروت، الجزء 4.

– عرابي م،2018: التسويق الترابي والتنمية الترابية بالمجالات الواحية والجبلية المغربية: رهانا وبراديغما، مداخلة شفوية المؤتمر الدولي الثاني: الرأسمال البشري والتسويق الترابي أساس التنمية المستدامة بالواحات والمناطق الجبلية: مقاربات افريقية ونماذج عالمية هشة، المنظم من طرف المركز الدولي للدراسات والأبحاث الإستراتيجية في الحكامة المجالية والتنمية المستدامة بالواحات والمناطق الجبلية” أيام 13-14و15 أيريل 2018، ورزازات.

عرابي م،2019:  الذكاء الترابي الاقتصادي بواسطة الجماعة المقاولة ورهان التنمية الترابية المندمجة،

intelligence économique et intelligence territoriale, El hajri Aimad & Clerc Philippe (direction), Editions universitaires européennes, pp: 189-206.

مصادر ومراجع باللغة الفرنسية

RAFFESTIN C,1977: Paysage et  territorialité, cahiers de géographie du Québec, Vol. 21, N°53-54, pp: 123-134.

BAILLY A & FERRAS R,1997: Eléments d épistémologie de la géographie, 2eme éd, Armand. Colin, Paris, 191p.

– GUY D M,2004: Pour une approche compréhensive et complexe des objets géographiques, cahiers géographique, N°5.

– RAFFESTIN C,1979: Pour une géographie du pouvoir, Paris, LITEC , 249p.

– VEYRET Y,2005: Développement durable et géographie, Yvette Veyret (direction), HATIER, Paris. pp:11-38.

– WACKERMAN &  All,2005: Dictionnaire de géographie, p: 81.

– GUESNIER B (2010): Dynamiques entrepreneuriales et renouvellement des systèmes productifs, introduction, revue canadienne de sciences régionales, N° spécial, vol 33, (disponible en ligne :http://www.cjrs-rcsr.org/).

RACHIDI L & LACHGAR A,2015: La bonne gouvernance au Maroc: enjeux et perspectives, In Revue Marocaine des Politiques Publiques, pp: 68-89.

– ROBERT P,2012: petit robert, édition pierre-de-Coubertin, Paris, p: 2539.– LEVY J & LUSSAULT M,2003:dictionnaire de la géographie et de l’espace des sociétés, éd. BELIN, Paris, p:
919.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *