التدخل العسكري المصري ضد التنظيمات الإرهابية
في ليبيا ومدى مشروعيته
الدكتور/ عمرو أبو الفضل
عضو المجلس التنفيذي لمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية
دار الجمهورية للطبع والنشر
القاهرة
مقدمة:
في أعقاب الجريمة التي ارتكبها فرع تنظيم “الدولة الإسلامية” ضد 21 مواطناً مصرياً كانوا مختطفين في ليبيا اتخذت مصر قراراً سريعاً وحاسماً بتوجيه غارات جوية على معاقل تنظيم “داعش” واستهداف معسكرات الإرهابيين الذين نفذوا الإعدامات ذبحاً بالأراضي الليبية.
وأعلنت مصر عن مشاركتها العسكرية للجيش الليبي في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة المسلحة التي تهدف إلى جعل الأراضي الليبية مركزاً لها والسيطرة على المدن الليبية وتصدير الأعمال الإرهابية لدول الجوار وتهديد الأمن القومي المصري ودول شمال إفريقيا، وجنوب المتوسط وبخاصة فرنسا وإيطاليا.
وبالفعل قامت القوات الجوية المصرية في يوم الإثنين 16 فبراير، بقصف مواقع التنظيم الإرهابي في مدينة درنة الليبية، وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الضربة الجوية جاءت تنفيذاً لقرارات مجلس الدفاع الوطني في إطار الرد على الأعمال الإجرامية للتنظيمات الإرهابية داخل وخارج مصر، وتم الإعداد لها بدقة بالتعاون مع الجيش والحكومة الليبية الشرعية بهدف وقف الاعتداء، وتأمين وحماية أرواح رعاياها المصريين، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي ليبيا ومنع تحول المدن الليبية لقواعد للجماعات الإرهابية، والتصدي لممارساتها والانتهاكات المنظمة التي تتنافى مع حقوق الإنسان، حيث استهدفت الضربات الجوية تدمير عدد من معسكرات التدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم “داعش” الإرهابي بالأراضي الليبية.
أولاً- أهمية الدراسة:
تكمن أهمية البحث في مناقشة حالة استخدام القوة ضد التنظيمات الإرهابية لا سيما تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش) الذي يشكل خطراً وتهديداً لأمن واستقرار ليبيا ومصر ودول المنطقة والعالم، نظراً لارتكابه العديد من العمليات الإجرامية والإرهابية، واستخدام أساليب إرهابية تمثل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وتعتبر جرائم حرب، تستوجب التصدي لممارساته والقضاء على خطورته.
يركز البحث على دراسة الدفاع الشرعي والتدخل الدولي في محاولة لتقديم مقاربة معرفية وقانونية لهذه الحالة ومدى شرعيتها وحدود انسجامها مع القانون الدولي.
ثانياً- أسباب اختيار الدراسة:
حظي الرد المصري على جريمة تنظيم “الدولة الإسلامية” ضد المواطنين المصريين بتوجيه غارات جوية على معاقل ومعسكرات الإرهابيين الذين نفذوا الإعدامات ذبحاً بالأراضي الليبية بقدر كبير من اهتمام الرأي العام والمحللين السياسيين، فضلاً عن اهتمام الأوساط الرسمية والإعلامية المختلفة. غير أن بيان المنظور القانوني للقرار المصري باستخدام القوة ضد التنظيمات الإرهابية في ظل غياب السيادة الليبية وعدم قدرة الحكومة على فرض الأمن والقانون وحماية الأرواح، لم يشغل حيزاً كبيراً لدى الإعلام، وكان–هذا الاستخدام- محل تساؤل وتجاذب في الرؤى والتصورات وادعاءات تجافي المنطق القانوني والسوابق الدولية.
ثالثاً- الهدف من الدراسة:
يهدف هذا البحث إلي دراسة النظام القانوني الدولي للدفاع الشرعي واستخدام القوة في العلاقات الدولية، ومناقشة الشروط والضوابط التي ينهض عليها حق الدولة المعتدى عليها في الدفاع الشرعي وبيان الضوابط التي ينبغي مراعاتها والالتزام بها بدقة كي لا يتحول حق الدفاع إلى أفعال عدوان على سيادة الدول. كما يهدف إلى استقراء موقف الفقه الدولي من مسألة التدخل الدولي لا سيما التدخل الإنساني، والتدخل حماية لحقوق ومصالح رعاية الدولة وأمنهم الشخصي في البلاد الأجنبية، وإبراز التكييف القانوني للعمليات العسكرية التي نفذها الجيش المصري وبيان مدى انسجامها مع القواعد القانونية الدولية.
رابعاً- مشكلة الدراسة:
يسعى البحث إلى الإجابة عن مجموعة من التساؤلات البحثية التي تدور حول الأسس القانونية لاستخدام القوة ضد التنظيمات الإرهابية، ومن بين هذه التساؤلات: ما مدى مشروعية استخدام القوة المسلحة للدفاع عن النفس، ولأغراض إنسانية؟، وما حدود هذا التدخل في إطار القانون الدولي والمواثيق الدولية؟، وإلى أي حد اعتبرت الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم “الدولة الإسلامية” ضد المواطنين المصريين في ليبيا مبرراً لاستخدام القوة المسلحة؟، وهل يعتبر استخداماً للقوة ضد وحدة الأراضي والاستقلال السياسي وفقاً لنص المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة؟، وما مدى مشروعية ذلك من وجهة نظر القانون الدولي؟.
ومن أجل الإجابة عن هذه التساؤلات، فسوف ينقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث، يتناول الأول منها التدخل واستخدام القوة في العلاقات الدولية، بينما يتعرض الثاني لأسباب ودوافع العملية العسكرية المصرية ونطاقها، وينتهي المبحث الثالث بعرض الأسانيد القانونية المصرية لاستخدام القوة ضد التنظيمات الإرهابية في ليبيا.
المبحث الأول
التدخل واستخدام القوة في
العلاقات الدولية
إن استقراء نصوص ميثاق الأمم المتحدة يتبين معه وجود ثمة حالات أجاز فيها ذلك الأخير لأشخاص القانون الدولي العام اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار من التسامح والإجازة (صور من استخدام القوة المشروع)، التي لم يلحقها من ثم الحظر القائم في ظل المادة 2/4 من الميثاق ذاته. فقد نص الميثاق في المادة 51 منه صراحة بحق الدول في الدفاع عن النفس فرادى أو جماعات إذا ما تعرضت لهجوم أو عدوان مسلح. غير أن بعض الفقه الدولي قد توسع فيها وذهب إلى القول بوجود استثناءات أخرى تستند إلى نص المادة 2/4 من الميثاق، وهى الحالات التي تستخدم فيها القوة المسلحة في غير الأغراض التي حددتها تلك المادة، أي أنه إذا لم يكن في ذلك تهديد لسلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو إذا كان ذلك متفقاً ومقاصد الأمم المتحدة، كما في حالات التدخل للاعتبارات الإنسانية، أو من أجل إنقاذ رعايا الدولة في الخارج، أو إذا كان التدخل بناء على طلب وموافقة من الدولة المتدخلة في شئونها، كما ذهب البعض الآخر إلى القول بجواز استخدام القوة لفرض احترام القانون في حالة فشل أجهزة الأمم المتحدة في القيام بوظيفتها، أو الحق في المساعدة الذاتية Self-Help. وذهب فريق ثالث إلى القول بأن هناك ما يسمى بالحق في الحماية المسلحة للحقوق التي تتعرض للإنكار عنوة بصورة غير عادلة([1]).
وعليه، سوف أقصر الدراسة والتحليل هنا في هذا المبحث على التدخل باستخدام القوة المسلحة، والدفاع عن النفس على النحو التالي:
المطلب الأول: التدخل في القانون الدولي وفروعه الأساسية.
المطلب الثاني: استخدام القوة استناداً لحق الدفاع الشرعي.
المطلب الأول
التدخل في القانون الدولي وفروعه الأساسية
يشير التدخل بمعناه الواسع إلى ممارسات خارجية تؤثر على الشئون الداخلية لدولة أخرى ذات سيادة، ويستخدم بعض الفقهاء والباحثين اللفظ بمعنى ضيق للإشارة إلى التدخل بالقوة في الشئون الداخلية لدولة أخرى([2]).
الواقع، أن التدخل سياسياً كان أو اقتصادياً كثيراً ما ينشأ عنه تدخل عسكري يقابله موقف عسكري مضاد يؤدى إلى اندلاع المواجهات العسكرية ونشوب الحرب مما يهدد الأمن والسلام على المستويين الإقليمي والعالمي. ومن ثم، يفرض القانون الدولي العام المعاصر وجوب احترام سلامة إقليم كل دولة ووحدته، فقد نص ميثاق الأمم المتحدة في المادة الثانية (فقرة 4) على أن: “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة”. وأصبح من المبادئ المستقرة مبدأ عدم الاعتراف بالتوسع الإقليمي، وعدم مشروعية المساس بالسلامة الإقليمية، والاستقلال السياسي لأية دولة من أعضاء المجتمع الدولي. وهو الأمر الذي ورد النص عليه بصراحة ووضوح في إعلان حقوق وواجبات الدول الذي صدر عن الجمعية العامة في عام 1970. والذي أكدت فيه على أن جميع الدول سوف تمتنع عن التهديد بالقوة أو اللجوء إليها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة([3])، ويدخل في نطاق القوة المحظورة هنا كل وسائل الضغط الاقتصادي والاجتماعي([4]).
أولاً- مفهوم التدخل:
يقصد بالتدخل، بصفة عامة، تعرض الدولة للشئون الداخلية أو الخارجية لدولة أخري دون أن يكون لهذا التعرض سند قانوني. والغرض من التدخل هو إلزام الدولة المتدخل في أمرها بإتباع ما تمليه عليها، في شأن من شئونها الخاصة، الدولة أو الدول المتدخلة([5]). والأصل في التدخل أنه عمل غير مشروع، إذ يتضمن اعتداء صادراً من الدولة المتدخلة علي إقليم الدولة التي وقع التدخل في شئونها([6]).
لكن، إذا أساءت دولة استعمال حقوقها بشكل فيه إضرار بدولة أخرى، أو إذا مارست سياسة من شأنها الإضرار بدولة أخرى، فهل يكون لهذه الدولة التي وقع الضرر عليها أن تتدخل في شئون الدولة التي سببت لها الإضرار، لتدفع عن نفسها ما يهددها، أو لتحول دون وقوع الضرر عليها استناداً إلي حقها في البقاء، أو استناداً إلي حقها في الدفاع الشرعي عن نفسها؟
الواقع أن هذا التساؤل يبدو لنا منطقياً، فإذا تتبعنا تاريخ العلاقات الدولية منذ القرن التاسع عشر نجد أنه يسجل عدة حالات جعلت التدخل العسكري يرتفع إلي مرتبة مبدأ من مبادئ السياسة الدولية، فبعد هزيمة نابليون سنة 1815، أنشأت الدول المنتصرة “الحلف المقدس” وكان من أهدافه تنظيم التدخل العسكري في أي دولة تقوم فيها ثورة داخلية ترمي إلي تغير النظام الملكي. ولما قامت عصبة الأمم وقامت بعدها الأمم المتحدة، حاولت كل منها أن تخرج حق التدخل أو ممارسته من دائرة اختصاص الدولة لإدخاله في دائرة اختصاص المنظمة الدولية، وعندئذ برز التدخل الجماعي المنظم الذي أصبح وسيلة من وسائل القهر يستطيع التنظيم الدولي أن يستخدمها في معاقبة الدول التي لا تخضع لقراراته، أو التي تخالف مبادئ وأهداف المنظمة الدولية.
هذا؛ وقد تصدى الفقه الدولي لدراسة مبدأ عدم التدخل، وحاول فقهاء القانون الدولي أن ينظموا حق التدخل، وبيان حالات التدخل المشروع وغير المشروع دولياً، وتبين أن القاعدة في ذلك هي عدم التدخل، والاستثناء هو التدخل في حالات معينة طبقاً للقواعد العامة في القانون الدولي. إلا أن الفقه الدولي لم يتفق على تعداد الحالات الاستثنائية للتدخل المشروع دولياً([7])، ومع ذلك، فقد ذهب جانب كبير من الفقه إلى أن هناك حالات للتدخل المشروع تتفق وأحكام القانون الدولي، هي:
– التدخل الجماعي طبقاً لميثاق الأمم المتحدة (المواد 39، 51، 2/7).
– التدخل حماية لحقوق ومصالح رعاية الدولة وأمنهم الشخصي في البلاد الأجنبية.
– الدفاع عن الذات أو الدفاع الشرعي لمقابلة خطر هجوم مسلح حال وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
– التدخل في الحالة ما إذا كانت الدولة المتدخل في شأنها قد ارتكبت جرماً كبيراً انتهاكاً للقانون الدولي، كأن تكون هي قد بدأت بالتدخل غير المشروع في شئون الدولة الأولي (التدخل ضد التدخل).
– التدخل في شئون دولة محمية تخضع لأشراف الدولة التي تتدخل لحمايتها من الاعتداء الخارجي عليها([8]).
بوجه عام، يمكن القول بأن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلي أن مبدأ عدم التدخل من المبادئ الآمرة في القانون الدولي. وعليه، فإن تفسيره ينبغي-حتماً- أن يتم في ضوء مفهومه ومعاييره في القانون الدولي العام([9]).
ثانياً- التدخل الدولي الإنساني:
ثار جدل كبير علي المستويين السياسي والقانوني حول التدخل لأسباب إنسانية ويمكن إرجاع ذلك للولادة العسيرة عبر التاريخ لهذا المفهوم، فنظرية التدخل الإنساني، التي عرفت معالمها أثناء القرن السابع عشر بتبنيها من طرف العديد من الفقهاء، من بينهم هيجو جروسيوسHugo Grotuis ، الذي اعترف بشرعية التدخل الإنساني ولو باستعمال القوة من طرف دولة أو العديد منها، إن كان الغرض منها منع المعاملة السيئة لدولة علي حساب رعاية الدولة المتدخلة، أو المعاملة المهينة واللاإنسانية التي تصطدم مع الضمير العالمي. ولكن الممارسة الدولية أثبتت أنه في العديد من الأحيان، يكون التدخل الإنساني وسيلة للاحتلال و”الاستعمال” علي حساب الدول الضعيفة، ويهدف إلى تثبيت النظام الكولونيالي.
لقد تطور هذا المفهوم حالياً، بحيث أنه في العديد من الحالات أصبحت المنظمات الدولية، أو مجموعة من الدول تطالب بالتدخل الإنساني ولو باستعمال القوة من أجل وضع حد للانتهاكات المتكررة والعنيفة لحقوق الإنسان([10]).
مع ذلك، فإن مفهوم التدخل الإنساني لم يتم تقنينه بعد خاصة أنه يلاقي معارضة قوية من مصدرين مختلفين ومتقاطعين أحياناً أحدهما المدرسة الكلاسيكية في القانون الدولي التي تقدس حرمة الدولة وتحذر من مغبة فتح “صندوق العجائب” فيما لو تم تكريس هذا المبدأ، الأمر الذي يؤدي إلي تعميم الفـوضى الدولية وخلق مشاكل أكثر من إيجاد حلول لمشاكل قائمة أو محتملة، وثانيهما التخوف الرسمي من أن تكريس المبدأ بإعطائه طابعاً عالمياً قد يؤدي أحياناً إلي فرض قيود ذاتية، وتفضل القوي التي تدعم هذا المبدأ العمل به بشكل انتقائي([11]).
الواقع، أن مبدأ عدم التدخل، وتحت ضغط التيار المتدفق لإقرار حقوق الإنسان وحمايتها، بات يضمحل من عدة نواحي: فأولاً، يحق للمنظمات الدولية إجراء المناقشات، واتخاذ التوصيات، والدعوة إلي إجراء توفيق أو التحقيق بمخالفات حقوق الإنسان. وثانياً، أن أي تغيير لنظام الحكم عن غير الطرق الدستورية، بات يشكل مخالفة لحقوق الإنسان، وعدم اعتراف بهذا التغيير(حالة الانقلاب العسكري الذي أطاح برئاسة دولة هايتي في منتصف أكتوبر1991). وأخيراً- ثالثاً، تعد الخطوة الأكثر تقدماً في تضييق نطاق مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى تلك التي اتخذها مؤتمر برلين المنعقد في الفترة من 19–20 يونيو 1991. فهذا المؤتمر الذي ضم وزراء خارجية دول مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا تمخض عن إبرام ترتيبات “غير مسبوقة” في العلاقات الدولية مؤداها أنه يحق للدول الأعضاء في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي أن تتدخل بوضع حد لأية انتهاكات لحقوق الإنسان والقوانين الدولية داخل أي دولة عضو في المؤتمر، وذلك بوضع خطة طوارئ لمواجهة الأزمة داخل هذه الدولة للحيلولة دون تفجيرها([12]).
بيد أن الأمر الذي لا يمكن تجاهله في هذا الخصوص، أنه مع انتهاء الحرب الباردة ظهرت عمليات حفظ سلام لها تفويض يدخل في نطاق الفصل السابع من الميثاق، وقد أطلق علي هذه العمليات “الجيل الثاني من العمليات متعددة الجنسية” وتعتبر هذه العمليات تطويراً شديد الأهمية في مفهوم حفظ السلام والتدخل الدولي، وتعتبر عملية “توفير الراحة” بذرة البداية لهذا النوع من العمليات، حيث اعتبر البعض قرار مجلس الأمن رقم 688 نواة الربط بين حقوق الإنسان والسلم والأمن الدوليين([13]).
بالرغم من هذا الرأي، فهناك من الفقهاء من ينقص من قدر ثورية هذا القرار، فقد ذهب البعض إلى التوكيد على أن القرار اعتمد في الأساس علي البعد الدولي نتيجة أفواج اللاجئين، وبالتالي فهو لا يرسي حق التدخل لحماية الأقليات. إذ تقتصر تدابير التنفيذ للقرار 688، الذي لم يشر مباشرة إلي الفصل السابع أو أي من مواده، علي دور للسكرتير العام ويخاطب كل الدول الأعضاء والمنظمات الإنسانية للمشاركة في أنشطة المساعدة الإنسانية وتقع المسئولية الرئيسية علي عاتق السكرتير العام مع توقع المساندة من الدول الأعضاء. ومؤدي ذلك، إن تدخل دول التحالف لم يعتمد مباشرة علي قرار مجلس الأمن، بل يكاد يعتمد تماماً علي مبدأ التدخل الإنساني وليس علي قرارات الأمم المتحدة.
لكن التساؤل المهم الذي يثار هنا هو: من الذي يحدد ما إذا كانت الدولة لم توفي بالتزاماتها السيادية، وبعبارة أخرى، من الذي يقرر مشروعية التدخل لإجبارها علي الالتزام- باحترام حقوق الإنسان- أو الإذعان؟
يفرق معظم الفقهاء بين تدخل الأمم المتحدة والذي لابد وأن يستقي شرعيته من السلطات والمهام المخولة من الميثاق، والتدخل الدولي والذي يعتمد في الأساس علي العرف الدولي. ولذا، يقرر البعض أن التدخل الإقليمي في ليبيريا (تدخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) والدولي في الصومال ويوغوسلافيا- السابقة- قد طور من مهمته ليس استناداً علي القرار المنشئ لهذه العمليات، ولكن إقراراً لحق التدخل الإنساني العرفي([14]).
على حين يري جانب من الفقه أن هناك شكوكاً حول إدماج مذهب التدخل الإنساني في القوانين العرفية الدولية، وأن هذه الشكوك تنعكس في الحاجة إلي إقامة توازن بين الشروط المختلفة لميثاق الأمم المتحدة. خاصة الشئون الداخلية، وتجنب استعمال القوة في العلاقات الدولية من جهة، والالتزام باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والابتعاد عن تهديد السلام والأمن الدوليين من جهة أخرى([15]).
ويذهب جانب من الفقه إلي حد إخراج عمليات الأمم المتحدة ذات الشق الإنساني من شريحة تطبيقات “التدخل الإنساني” ويحدد هذا الاتجاه أربعة معايير منفصلة لابد من استيفائها لاعتبار الفعل الدولي تدخلاً إنسانياً، وهى:
1- تهديد وشيك الوقوع وشديد الخطورة لحقوق الإنسان الأساسية في الدولة الهدف.
2- هدف التدخل يقتصر علي حماية هذه الحقوق.
3- ألا يكون التدخل مبنياً علي دعوة الحكومة الشرعية للدولة الهدف أو برضاها.
4- ألا يكون التدخل بناء علي تفويض من مجلس الأمن سواء عن طريق تدابير الفصل السابع أو تفويض الوكالات الإقليمية([16]).
هكذا؛ يمكن القول في ضوء ما سبق، إن ما تقود إليه هذه الآراء هو أن كل مصادر القانون بالنسبة “للأفعال الإنسانية” لا تقتصر علي قرارات الأمم المتحدة، بل يمكنها أن تستقي الشرعية من العرف الدولي. وأكثر من ذلك، هو أن هذه الممارسات نفسها تساهم في تثبيت أو خلق هذا العرف.
لقد برزت قضية التدخل العسكري في دولة معينة لأسباب إنسانية بعد أن قام حلف شمال الأطلنطي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية- بعيداً عن مظلة الأمم المتحدة- بعمليته العسكرية في كوسوفو في مارس عام 1999، بسبب ممارسات الحكومة اليوغوسلافية واقترافها لمذابح جماعية وتطهير عرقي للسكان الألبان في إقليم كوسوفو، وثار نتيجة لذلك جدل واسع- سياسي وقانوني- حول إمكانية التوفيق بين مسئولية المجتمع الدولي وواجبه في حماية ودعم حقوق الإنسان في كل مكان بسبب الطبيعة العالمية لتلك الحقوق، وبين الالتزام باحترام سيادة الدولة وعدم التدخل في شئونها الداخلية كإحدى القواعد الأساسية للنظام الدولي. واستجابة للتحديات التي واجهها المجتمع الدولي في حالات مختلفة من التدخل الإنساني، مثل حالتي رواندا أو كوسوفو، طلب السكرتير العام للأمم المتحدة من الدول الأعضاء في المنظمة الوصول إلي أرضية مشتركة بين الرؤى المختلفة ومحاولة التوفيق بين مطالب سيادة الدولة وسيادة الشعب. واستجابة لهذا التحدي قام وزير خارجية كندا لويد أكسوورثيLioyed Axworthy ، بتشكيل لجنة دولية للتدخل وسيادة الدولة International Commission on Intervention and State Sovereignty (Iciss) ، لدراسة كل الآراء المتعارضة في الموضوع ومحاولة الخروج بتصور دولي موحد في موضوع التدخل الإنساني. وقد خرج تقرير اللجنة الدولية للتدخل وسيادة الدولة إلي النور في 18 ديسمبر عام 2001، ليؤكد ثلاثة مبادئ جديدة في فقه التدخل الإنساني: الأول، هو استخدم مفهوم المسئولية الدولية للحماية بدلاً من مفهوم التدخل الإنساني، وذلك لتجنب ما يثيره تعبير التدخل الإنساني من مخاوف السيطرة والهيمنة مقارنة بتعبير مسئولية الحمايةResponsibility to Protect ، المتضمن لمعاني المسئولية والمساندة الدولية. والثاني، وضع مسئولية الحماية علي المستوي الوطني في يد الدولة الوطنية، وعلي المستوي الدولي وضعها في سلطة مجلس الأمن. أما المبدأ الثالث، فيركز علي أن عملية التدخل لأغراض الحماية الإنسانية يجب أن تتم بجدية وكفاءة وفاعلية وبناء علي سلطة مباشرة مسئولة.
كما أكد تقرير اللجنة علي أن مسئولية حماية أرواح ورفاهية المواطنين تقع أولاً وأخيراً علي عاتق الدولة ذات السيادة وإذا اتضح برغم ذلك إن الدولة المعنية غير قادرة أو غير راغبة في حماية مواطنيها، وأنها هي نفسها الجاني والمتسبب فيما يتعرض له المواطنون من العنف، ففي هذه الحالة يجب أن تنتقل المسئولية إلي الأسرة الدولية ممثلة في مجلس الأمن. وانتهي التقرير إلي أن التدخل العسكري لأغراض الحماية الإنسانية يجب أن ينظر إليه علي أنه حالة خاصة واستثنائية لمواجهة ضرر إنساني لا يمكن إصلاحه أو أصبح وشيك الحدوث، كما في حالات سقوط أعداد كبيرة من الضحايا علي نطاق واسع أو عمليات تطهير عرقي بصرف النظر عن الطريقة المستخدمة في تنفيذها، ويجب أن تتم عملية التدخل في إطار مبادئ الحرص المتبادل والنوايا الحسنة، وألا يحدث التدخل العسكري إلا كملاذ أخير([17]).
إجمال القول في هذا السياق، أنه لا يخفى على الفطنة أن تغليب الاعتبارات السياسية- الانتقائية- يكاد يكون صفة أساسية ملازمة للتدخل الدولي الإنساني أيا كانت تطبيقاته. على هذا، فقد تصارعت الاتجاهات الفقهية إزاء إشكالية التدخل الدولي الإنساني كآلية دولية لحماية حقوق الإنسان، وكان من الطبيعي أن يختلف رأى الفقه في تكييفه القانوني لإشكالية مدى مشروعية هذا التدخل ومبرراته في ظل القانون الدولي المعاصر. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الإشكالية تعد- بلا جدال- أحد موضوعات الخلاف الكبرى في وقتنا الراهن. والثابت أنه ثمة اتجاهان رئيسيان، فيما يتعلق بتكييف موقف القانون الدولي العام إزاء مسألة مشروعية التدخل الدولي الإنساني أو التدخل الدولي لأغراض إنسانية، وبالذات من خلال استخدام القوة المسلحة([18]):
1- الاتجاه المؤيد لمشروعية التدخل: ويذهب أنصار هذا الاتجاه إلي القول بمشروعية التدخل الإنساني، إذ لا يرون فيه تدخلاً محظوراً- بإطلاق- في الشئون الداخلية للدولة المعنية، ويقرون أنه أحد الحقوق الدولية التي تتفق والأحكام العامة في الميثاق، والقواعد العامة في القانون الدولي([19]). وقد قيلت في هذا الصدد عدة حجج لتبرير وجهة نظرهم، وتتمثل في الأتي:
1- أن التدخل الدولي الإنساني أو التدخل الدولي لأغراض إنسانية- بالذات من خلال استخدام القوة المسلحة- إنما يندرج ضمن صور التدخل التي يشملها أحد الاستثناءات الثلاثة التي ترد إلي مبدأ عدم جواز استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في نطاق العلاقات الدولية المتبادلة، خاصة إعمالاً لمبدأ الدفاع الشرعي والذي أشارت إليه المادة 51 من الميثاق بقولها: “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في الدفاع عن أنفسهم، فرادى أو جماعات، إذا وقع هجوم مسلح على أحد منهم، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي. والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس- بمقتضى سلطته ومسئولياته المستمدة من أحكام هذا الميثاق- من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه”.
واضح أن هذا الفريق إنما يوسع كثيراً من مفهوم الدفاع الشرعي ليجعله يمتد ليس فقط للتصدي للعدوان المسلح الذي قد تتعرض له الدولة، وإنما ينسحب أيضاً إلي حق هذه الدولة في اتخاذ الإجراءات اللازمة- ومنها التدخل- للدفاع عن حقوق مواطنيها في الخارج أو حتى مواطني الدولة المتدخل في شئونها، والتي قد تكون محلاً للانتهاك بشكل متعمد وعلي نطاق واسع.
مؤدي ما سبق، أن استخدام القوة المسلحة للتصدي لهذا الانتهاك، وما في حكمه، لا ينبغي النظر إليه- وفقاً لرأي هذا الاتجاه- باعتباره يمثل افتئاتاً أو خروجاً علي مبدأ سيادة الدولة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي.
2- إن نص المادة 2/7 من ميثاق الأمم المتحدة لا يمكن الاعتداد به أو القياس عليه لرفض فكرة التدخل الخارجي في شئون دولة ما، إذا ما وجدت اعتبارات إنسانية تحتم ذلك. ومرد ذلك إلي حقيقة أن ميثاق الأمم المتحدة ذاته- وفي المادة المشار إليها ذاتها- قد نظر إلي مسألة الاختصاص الداخلي باعتبارها مسألة مرنة ومتطورة بحسب تطور الظروف والأوضاع الداخلية والدولية علي حد سواء. وحيث أن المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية قد أصبحت من الأمور التي تحظي باهتمام دولي واسع ومتزايد بشكل مطرد، لذلك فقد أصبح من غير الممكن الحديث الآن عن اختصاص مطلق للدولة فيما يتعلق بهذه الأمور.
3- إن مشروعية التدخل الدولي لأغراض إنسانية يمكن تبريره بالاستناد إلي نص المادتين 55، 56 من ميثاق الأمم المتحدة، واللتين تعترفان بوجود مصلحة أكيدة للمجتمع الدولي في تعزيز الاحترام الواجب لحقوق الإنسان، والعمل علي الارتقاء بها في المجالات كافة. والملاحظ أنه استناداً إلي حكم المادتين سالفتي الذكر، توسع البعض في التفسير لصالح إعطاء صلاحيات أكبر للمجتمع الدولي للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء، والي الحد الذي سوغ لهم- وربما عودة إلي فكرة الرسالة المقدسة التي تذرع بها الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر- إجازة التدخل الدولي لإقامة نظم ديمقراطية علي الطريقة الغربية.
4- أن التدخل الدولي الإنساني يستهدف بالدرجة الأولي توفير الحماية الإنسانية الواجبة بالفعل لجماعات من الأفراد يعانون من الاضطهاد أو من ظلم وقع عليهم. وإذا كان ذلك كذلك، فإنه يمكننا إذن أن نجد سنداً قانونياً لهذا التدخل في أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بشأن معاملة المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة أو تحت الاحتلال. فالثابت، أنه طبقاً لنص هذه الاتفاقية، فإنه يتعين علي اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تبادر إلي التدخل لتقديم العون والإغاثة الإنسانية في كافة النزاعات المسلحة، بما في ذلك تلك التي تكون غير ذات طابع دولي.
5- أن القضاء الدولي يذهب إلى تأييد مبدأ التدخل الدولي، ورفض اعتباره من الأمور التي تندرج فقط ضمن نطاق الاختصاص الداخلي للدولة. ومن ابرز الأمثلة الدالة على ذلك، ما أشارت إليه محكمة العدل الدولية، في حكمها الصادر في عام 1986، في قضية النزاع بين نيكارجوا والولايات المتحدة الأمريكية، بوضوح: “…أنه حتى بافتراض عدم وجود التزام باحترام حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لا يعنى الحق في انتهاك هذه الحقوق، وإنما على العكس يعنى حمايتها بإتباع الإجراءات المتعارف عليها في العمل الدولي في مثل هذه الأحوال”([20]).
هذا؛ وقد حدد أنصار هذا الاتجاه عدد من الضوابط والقيود يتعين أن تكون محل اعتبار حتى يكون التدخل الدولي مشروعاً، ومقبولاً، وهي:
أ- يجب أن يكون التدخل لمصلحة الإنسانية، بمعنى أن يكون محكوماً- فقط- بهدف التأكيد علي احترام حقوق الإنسان والعمل على إيقاف المعاملة المخالفة للقوانين الإنسانية، وليس أي هدف آخر. وبناء علي ذلك، فإن التناسب بين الفعل المهدد بالخطر لهذه الحقوق وبين طبيعة الرد المطلوب هو شرط أساسي يجب الالتزام به.
ب- ألا يكون من بين أهداف هذا التدخل، بشكل خاص، السعي إلي إحداث أي تغيير في هيكل السلطة في المجتمع محل التدخل، مما قد يفيد طرفاً داخلياً معيناً علي حساب طرف أو أطراف أخرى.
ت- يجب أن يكون التدخل ضرورياً، بحيث يكون اللجوء إلي استخدام القوة أو حتى التهديد باستخدامها هو الحل أو البديل الأخير، بمعني أن استنفاد الوسائل الأخرى السلمية أو غير القسرية هو شرط ضروري قبل الشروع في التفكير في اللجوء إلي مثل هذه الوسائل القسرية من عسكرية وغير عسكرية.
ث- ألا يكون التدخل الدولي انتقائياً.
ج- وجوب ألا يتم هذا التدخل بعمل فردي تقوم به دولة واحدة، وإنما يجب أن يتم بإرادة دولية جماعية، تستند إلي قرار صحيح – شكلاً وموضوعاً- صادر عن الأمم المتحدة أو عن إحدى المنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة.
ح- ألا يكون من شأن هذا التدخل إحداث أضرار أو مخاطر تتجاوز الهدف المقصود منه([21]).
2- الاتجاه المعارض لمشروعية التدخل: ويميل أنصاره إلى رفض فكرة التدخل الدولي لأغراض إنسانية من أساسها ويرون فيها خروجاً صريحاً وانتهاكاً صارخاً على مبدأي السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية للدولة. وللإنصاف فقد دعم هذا الاتجاه رأيه بالعديد من الأسانيد القانونية، وتتمثل في الأتي([22]):
1- أن الأصل في العلاقات الدولية هو “عدم التدخل” وهو المبدأ الذي نص عليه في عموم المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية، بدءاً من عهد عصبة الأمم (المادة العاشرة)، ومروراً بميثاق الأمم المتحدة (المادة 2/7)، وانتهاء بالمواثيق الإقليمية كميثاق جامعة الدول العربية (المادة الثانية).
2- أن ما يعزز القول بوجوب إعمال القواعد القانونية التي تلزم الدول بعدم التدخل في الشئون الداخلية لبعضها البعض الآخر، تحت أي مبرر كان، ما درجت عليه المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية العالمية منها والإقليمية من التأكيد علي مبدأ التسوية السلمية للمنازعات، سواء باللجوء إلي المفاوضات أو من خلال تدخل طرف ثالث ببذل مساعيه الحميدة أو بالوساطة أو بأنه وسيلة أخرى. خاصة إذا جاز اعتبار ميثاق الأمم المتحدة هو الذي يشكل الآن ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية الإطار المرجعي لتنظيم العلاقات الدولية، فإنه يمكن القول إن هذا الميثاق قد أولي موضوع التسوية السليمة للمنازعات أهمية كبرى، بل واعتبر أن استنفاد الوسائل المختلفة لهذه التسوية شرطاً موضوعياً ﻹمكان اللجوء إلي وسائل أخرى قسرية- عسكرية أو اقتصادية- لحمل الدولة المخالفة علي العودة إلي جادة الطريق، وذلك بطبيعة الحال ما لم تكن المخالفة الحاصلة مما يشكل تهديد للسلم والأمن الدوليين.
اتصالاً بالحث علي اللجوء- أولاً- إلي الوسائل السلمية لتسوية المنازعات التي تثور في نطاق العلاقات الدولية المتبادلة، وبما في ذلك ما قد يتعلق منها بانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بأي صورة كانت، فإنه مما يؤكد علي حرص واضعي ميثاق الأمم المتحدة علي سد كل ثغرة يمكن أن تجد فيها بعض الدول حجة تجيز لها التدخل في شئون غيرها من الدول الأخرى، كون المادة الثانية من هذا الميثاق والتي عرضت للمبادئ الحاكمة للعلاقات بين هذه الدول وبعضها البعض الآخر، قد أشارت صراحة في فقرتها الثالثة إلي ضرورة تحقيق التعاون الدولي، من أجل حل المسائل الدولية ذات الطابع الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والإنساني، وكذلك من أجل تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، والتشجيع علي ذلك دون أي تمييز وفقاً لاعتبارات خاصة بالعرق أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء.
3- أن مبدأ عدم التدخل لم ينص عليه فقط في المواثيق المنشئة لعموم المنظمات الدولية، كتأكيد لما استقر عليه العمل في هذا الخصوص، وإنما جري التأكيد عليه أيضاً من خلال السلوك اللاحق للعديد من هذه المنظمات. ومن ذلك، مثلاً، القرارات (التوصيات) العديدة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنها-علي وجه الخصوص- القرار الذي صدر في صورة “إعلان Declaration” بشأن عدم جواز التدخل في الشئون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتها. في دورتها العشرين عام 1965، وحظي بتأييد 109 دول، دون اعتراض أي دولة مع امتناع دولة واحدة عن التصويت، هي بريطانيا. وقد عبرت الجمعية العامة عن قرارها هذا في عدة مناسبات أخرى، وبصفة خاصة في قرارها الصادر في الدورة الخامسة والعشرين عام 1970، تحت عنوان “إعلان مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون الدولي”([23]).
4- إنه إذا كان صحيحاً أن أحد مصادر الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عموماً، إنما يتمثل في ما تضمنته المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة من قواعد وأحكام، فإنه من الصحيح أيضاً أن هذه المواثيق وتلك الاتفاقيات قد خلت تماماً من أية إشارة – صريحة أو ضمنية- يمكن الارتكان إليها لتبرير تدخل خارجي من أي نوع، وبخاصة التدخل العسكري ضد الدولة التي تنتهك فيها هذه الحقوق([24]).
من جانبي أتفق مع الرأي القائل إن الاختلاف والتناقض بين الاتجاهين السابقين (اتجاه عدم التدخل، واتجاه التدخل) يرجع في حقيقة الأمر إلي التناقض الظاهري بين مواد الميثاق خاصة المادة 2/7، والمادتين 55، 56. حيث كان تعامل الأمم المتحدة مع حقوق الإنسان يتأرجح بين الميل ناحية أحد الجانبين أو الأخر طبقاً للظروف الدولية المحيطة، وبالتالي الأغلبية التصويتية التي تعكس موازين القوي الدولية. وهذا ما يفسر نشاط الأمم المتحدة في قضايا حقوق الإنسان في فترة ما بعد الحرب الباردة أي أنها مالت تجاه المادتين 55، 56 نظراً لتبدل الوضع الدولي مع انهيار المعسكر الشرقي([25]).
إذن، وفى ضوء ما سبق، وبنظرة متعمقة إلى موضوع التدخل الدولي الإنساني وإشكالياته، يمكن القول أن أهم الإشكاليات المتصلة بالتدخل الإنساني حالياً، تكمن في الخوف من أن يتحول حق التدخل الإنساني إلي قوة تدخل، أي تستعمل الإنسانية كغطاء لمباشرة بعض التصرفات المنافية للأحكام العامة في ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد العامة في القانون الدولي والغرض المنشود. خاصة مع تسييس بعض القضايا والمشكلات للتدخل في شئون الدول الضعيفة للهيمنة علي مقدراتها والسيطرة علي مستقبلها، والذي لا يمكن إنكاره أنه باسم حقوق الإنسان تم غزو القوات الأمريكية لبنما عام 1989. ولما كنت أنحاز إلى وجهة النظر القائلة بعدم مشروعية التدخل الدولي الإنساني، لذا فمن المهم أن أشير إلى عدد من النقاط ذات الصلة بهذا الموضوع:
– أن معالجة حقوق الإنسان يجب أن تتم بطريقة تضمن سيادة الدول وعدم إهدار كرامتها والتدخل في شئونها.
– الاعتراف بأن الدافع الإنساني ليس المبرر الأساسي للسماح بالتدخل، وأن هناك دوافع أقوي وهي المصلحة والمنافسة بين الدول القوية.
– في حالة عدم التدخل الإنساني العسكري كوسيلة لتأمين حقوق الإنسان، لابد من دعم وسائل أخري لا تقل أهمية مثل الممارسات الدبلوماسية وسياسة التغيير التدريجي.
– التدخل يعتمد علي موافقة طرف من أطراف الدولة المتنازعة، لذلك فإنه يساعد علي الانقسامية بسبب انحياز من يقومون بالتدخل وتقديم المساعدات لطرف دون الآخر.
– أنه على الرغم أن فكرة التدخل قد يكون لها ما يبررها، إلا أنها لا يجب أن تكون البديل السياسي لسياسات وقرارات أخري قد تكون أكثر حسماً وفاعلية في حل الأزمات.
– أن يكون التدخل الإنساني تحت إشراف الأمم المتحدة.
– أن مصاحبة الحماية العسكرية للمعونات الإنسانية والقائمين عليها جعلت فكرة التدخل مرتبطة بفكرة الاستعمار مما يؤثر سلبياً علي عمل منظمات أخري للإغاثة مثل الصليب الأحمر.
– أن فكرة التدخل الإنساني أصبحت مرادفاً لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وهذا من شأنه أن يؤدي إلي التشكيك في أن دور الأمم المتحدة هو السلام القائم علي القوة العسكرية أو التدخل العسكري. خاصة أن الولايات المتحدة تتصرف وكأن الأمم المتحدة غدت مرفقاً أمريكياً تديره حسب هواها، وتخضعها لتبعية طاغية وتجردها من أي دور فاعل، وتستخدمها لتغطية التصرفات الانفرادية والانتهاكات الهوجاء الأمريكية (حالة يوغوسلافيا، أفغانستان، العراق، هايتي)، وفي الترويج لبدعة “التدخل الإنساني” التي تسمح بانتهاك سيادة الدول، وفرض المعايير التي تناسبها، والكيل بمكيالين متي شاءت وكيفما شاءت([26]).
المطلب الثاني
استخدام القوة استناداً لحق
الدفاع الشرعي
يمكن القول، إن الدفاع الشرعي فكرة استقرت في كافة الأنظمة القانونية في العالم، وهى تتطور تبعاً لتطورها. فقد نشأ هذا الحق وتبلورت أحكامه في إطار النظام القانون الداخلي، ثم استقبله القانون الدولي وطبقه- في البداية- في صورته العرفية باعتباره حقاً مقدساً للدول، ثم كان لظهور المنظمات الدولية أثره في بلورة هذا الحق وتحديد شروطه بشكل دقيق، بوصفه يشكل أحد الاستثناءات الواردة على مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول، ذلك المبدأ الذي أضحى يشكل أحد المبادئ الحاكمة للعلاقات الدولية في القانون الدولي المعاصر([27]).
أولاً- مفهوم الدفاع الشرعي:
الدفاع الشرعي هو رد مسلح على عدوان مسلح تتعرض له دولة ما. وفى مفهومه القانوني- في ظل تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية- هو القيام بتصرف غير مشروع دولياً للرد على تصرف غير مشروع وقع ابتداء، وفى كلتا الحالتين (الفعل ورد الفعل)، يتم استخدام القوة المسلحة، ويستهدف الدفاع الشرعي دفع ورد الخطر الجسيم من قبل المعتدى والعمل على إيقافه لحماية أمن الدولة وحقوقها الأساسية([28]).
ثانياً- عناصر الدفاع الشرعي:
حاول القانون الدولي أن يضع معايير منضبطة لكي يحول دون إساءة استعمال هذا الحق، ولذا فإن الدفاع الشرعي لا يكون مبرراً ما لم “يكن هناك مساس بتلك الحقوق” المهمة التي يعتمد عليها “أمن الدولة” كحقها في البقاء وحقها في المساواة([29]). هذا؛ وقد تبلورت هذه القيود منذ وقت مبكر في القانون الوضعي على الأقل منذ عام 1837 في قضيةThe Caroline Case، حيث تقرر أن يكون حق الدفاع الشرعي ضرورياً وحالاً وغلاباً ولا يترك فرصة للاختيار أو وقتاً للتفكير وأن يقدر هذا الحق بقدر الضرورة وفى حدودها وقد أصبحت هذه القواعد من القانون الدولي العرفي([30]).
يتضح من نص المادة 51 أن حق الدفاع الشرعي، في ممارسته وفى مداه سواء من الدول الأعضاء منفردين أو من خلال تحالفات عسكرية أو تنظيمات إقليمية مقيد بنوعين من الضوابط والشروط هما: الشروط الواجب توافرها في أعمال العدوان المسلح، والشروط الواجب توافرها في أعمال الدفاع. وهو ما أتعرض له بإيجاز فيما يلي:
1- الشروط الواجب توافرها في أعمال العدوان.
ترتبط ممارسة حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي بوقوع عدوان أو هجوم مسلح فعلى على الدولة غير مشروع، كما يجب أن يكون الهجوم المسلح حالاً ومباشراً، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون الهجوم المسلح على درجة كبيرة من الجسامة والخطورة. وهكذا يتبين أن شروط الاعتداء ثلاثة. وهو ما أتعرض له بإيجاز فيما يلي:
أ– وقوع عدوان أو هجوم مسلح غير مشروع: جاء نص المادة 51 من الميثاق مقرراً أنه: “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة…”، من ذلك يتضح أنه لابد لثبوت حق الدفاع الشرعي لدولة ما، أن تكون عرضة لاعتداء مسلح Armed attack /Aggression، فعلى سواء في صورة هجوم جوى، أو بحري، أو برى. وبذلك ينصرف تعبير الاعتداء المسلح إلى كل استعمال للقوة ضد الكمال الإقليمي والاستقلال السياسي لدولة أو على أي وجه آخر لا يتفق وميثاق الأمم المتحدة([31]).
ب– أن يكون العدوان أو الهجوم المسلح حالاً ومباشراً: يجب لكي ينشأ الحق في الدفاع الشرعي أن يكون العدوان قد وقع فعلاً ولكنه لم ينته بعد، أو وقع ومازالت آثاره بادية، وأن تكون القوات المعتدية قد غزت بالفعل الدولة المعتدى عليها، أو جزءاً من إقليمها بطريقة مباشرة([32]). ومن ثم، فلا يجوز الدفاع الشرعي في مواجهة العدوان المحتمل أو المستقبلي حتى ولو كان وشيك الوقوع. وهذا الشرط هو الذي يوضح الفرق بين الدفاع الشرعي في القانون الدولي والدفاع الشرعي في القانون الجنائي الداخلي، إذ يعترف الأخير بالحق في الدفاع الشرعي حتى ولو كان العدوان وشيك الوقوع أو مستقبلاً([33]). أما في القانون الدولي فإن العدوان المسلح الوشيك الوقوع أو المستقبلي غير كاف لنشوء الحق في الدفاع الشرعي طبقاً لحكم المادة 51 من الميثاق، بل يلزم أن يكون الهجوم أو العدوان المسلح قد بدأ بالفعل ولم ينته بعد أو انتهى ومازالت آثاره قائمة.
في هذا الإطار، يرى الفقيه كلسن أن المادة 51 لم تستخدم لفظ عدوان Aggression، بل استخدمت المصطلح الأكثر دقة وتعبيراً منه وهو تعبير الهجوم المسلح Armed attack. وهذا يعنى أن الهجوم الوشيك الوقوع أو أي فعل عدواني آخر ليست له صفة الهجوم المسلح المتضمن استخدام القوة المسلحة لا يبرر اللجوء إلى القوة لممارسة حق الدفاع الشرعي([34]).
ت- أن يكون الهجوم المسلح جسيماً:
لم تشر المادة 51 من الميثاق إلى هذا الشرط صراحة ولكن إعماله يستفاد ضمناً من عبارة “إذا اعتدت قوة مسلحة عليها”، وهو ما يؤيده مفهوم العدوان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، بأنه “استخدام القوة من جانب إحدى الدول ضد سيادة ووحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى …”، بحيث يجب أن تصل أفعال العدوان المسلح درجة من الجسامة والخطورة التي لا بديل عن مواجهتها بالقوة المسلحة، كما في حال تهديد وجود الدولة وحياة شعبها، مثل قيام دول المنبع أو المجرى الأعلى في النهر الدولي بتحويل مجرى النهر أو بمنع وصول المياه إلى دول المجرى الأسفل أو المصب، أو تلويثها([35]). هذا بالإضافة إلى، أن المبدأ العام في القانون الدولي هو حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، لذلك فان الدفاع الشرعي طبقا لنص المادة 51 من الميثاق لا يجوز إلا في مواجهة عدوان مسلح على جانب كبير من الجسامة والخطورة([36]).
هكذا، أخلص إلى أن العدوان ينبغي أن يكون عدواناً مسلحاً غير مشروع، وأن يكون حالاً ومباشراً، وأن يكون جسيماً، حتى تقوم حالة الدفاع الشرعي، وتتمتع الدولة المعتدى عليها بسلطة تقديرية في تحديد مدى توافر الشروط السابقة، والتي تخولها استخدام حق الدفاع الشرعي، غير أن سلطتها في ذلك ليست مطلقة، ذلك أن هذا التقدير يخضع للرقابة اللاحقة من قبل مجلس الأمن، الأمر الذي يكفل عدم تعسف الدولة في استخدام حقها في الدفاع الشرعي والتزامها بقواعد القانون الدولي([37]).
2- الشروط الواجب توافرها في أعمال الدفاع الشرعي.
يقصد بالدفاع، بوجه عام، أن الدولة قد وجدت في موقف الضحية لعدوان وقع عليها خلافاً للقانون الدولي العام. وحدوث هذا الموقف في زمان معين يحرر الدولة ويعفيها من احترام الالتزام العام بوجوب الامتناع عن استخدام القوة في مواجهة المعتدى، ولكن المادة 51 من الميثاق تطلبت توافر مجموعة من الشروط والضوابط في الدفاع تجتمع على هدف واحد وهو العمل على دفع العدوان، ومنعه من أن يحقق هدفه على أساس أن الدفاع حالة من حالات الطوارئ القصوى، ولا ينبغي أن يتجاوز هذا الهدف وإلا تحول إلى عدوان آخر كما في حالة قيام الدولة التي تمارسه باحتلال الدولة المعتدية([38]).
أ– ضرورة أو لزوم أعمال الدفاع الشرعي: يعنى هذا الشرط أن يكون استخدام القوة ضرورياً، بحيث لا يمكن دفع العدوان بأي وسيلة أخرى لا تستخدم فيها القوة. ويستفاد شرط الضرورة من الصياغة إلى وضعها وزير الخارجية الأمريكي الأسبقDaniel Webster ، في رسالته التي وجهها إلى السفير البريطاني في واشنطون في 27 يوليو 1842، في حادثة “الكارولين” عن شرط الضرورة في الدفاع الشرعي والذي قرر أن “العمل البريطاني لا يمكن اعتباره عملاً مشروعاً إلا إذا استطاعت الحكومة البريطانية أن تثبت توافر الضرورة الملحة والشاملة على النحو الذي لم يترك لها حرية في اختيار الوسيلة ولا الفرصة للتفكير والتدبر في الأمر”([39]). وأستنتج مما تقدم، أن اشتراط ضرورة أو لزوم الدفاع يجب أن يكون في إطار الضوابط والشروط التالية:
1- أن يكون الدفاع هو الوسيلة الوحيدة لصد العدوان: معنى ذلك أنه إذا لجأت الدولة إلى استخدام القوة المسلحة بالرغم من توافر وسائل أخرى تحقق بها هذا الهدف، في مثل هذه الحالة، ينتفي شرط الضرورة، ويعد تصرف الدولة هنا مخالفاً للقانون الدولي. وينبني على ما تقدم، أن العدوان الذي ينشئ الحق في الدفاع الشرعي يجب أن يكون حالاً ومباشراً وداهماً، بحيث يصبح معه من المتعذر على الدولة المعتدى عليها الالتجاء إلى وسائل الحماية الأخرى غير استخدام القوة المسلحة([40]).
لكن التساؤل الذي يبرز أمامنا في ضوء ما سبق هو: كيف يمكن تقدير الظروف التي تشكل حالة الضرورة اللازمة للممارسة المشروعة للدفاع الشرعي؟.. لا شك أن تقدير شرط الضرورة أو لزوم أعمال الدفاع يعتمد على عوامل كثيرة منها، حجم الضرر الناجم عن الأعمال العدوانية المرتكبة، ومدى جسامة وخطورة أعمال الهجوم وما يملكه الطرف المعتدى من وسائل تدميرية وما يتوقع ارتكابه من أعمال عدوانية. والواقع أن طبيعة وحجم وآثار العمل العدواني وحلوله- وهو الأمر الذي يبرر استخدام القوة للدفاع الشرعي- لا يمكن فصلها عقلاً ومنطقاً عن تكنولوجيا الحرب وفنونها الحديثة، ونظراً لأن هذه الأخيرة تتغير وتتطور باستمرار، فإن الظروف التي تشكل حالة الضرورة اللازمة للممارسة المشروعة للدفاع الشرعي عن النفس إنما تتغير تبعاً لذلك بصفة مستمرة. وعليه، فإن شرط الضرورة أو لزوم أعمال الدفاع الشرعي ليس شرطاً جامداً، ولكنه شرط مرن يختلف في مجال التطبيق العملي باختلاف الظروف والملابسات المحيطة بكل حالة على حده([41]).
2- أن يكون الدفاع موجهاً ضد الدولة المعتدية، أو ضد مصدر العدوان: ومن ثم فإذا وقع اعتداء على إحدى الدول ومارست الدولة حقها في الدفاع الشرعي فإن لها أن تقوم بأعمال الدفاع وتوجهها لنفس الدولة المعتدية ولا يجوز أن يوجه عمل الدفاع ضد دولة غير المعتدية حتى ولو كانت من حلفائها وإلا عد هذا انتهاكاً لحيادها. ومن ثم يكون لها استخدام حق الدفاع الشرعي في مواجهة هذا العدوان([42])، والمثال على ذلك انتهاك ألمانيا لحياد بلجيكا المكفول بمعاهدة 1839، وحياد لوكسمبورج المكفول بموجب معاهدة 1867، فلا يمكن تبريره على أنه دفاع شرعي بل هو عدوان مسلح يستوجب إعمال الحق في الدفاع الشرعي في مواجهته([43]).
3- أن يكون الدفاع ذا صفة مؤقتة: تمارس الدولة المعتدى عليها حقها في الدفاع الشرعي “وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي”، ويرجع هذا التقييد إلى حرص واضعي الميثاق على جعل استخدام القوة بغرض الدفاع الشرعي أمراً مؤقتاً وإلا يكون بديلاً لإجراءات الأمن الجماعي التي يتخذها مجلس الأمن لإعادة السلم إلى نصابه، وذلك باعتبار أن مجلس الأمن هو الجهاز الذي له الاختصاص الرئيسي في هذا الشأن تطبيقاً للمادة 24 من الميثاق ونصوص الفصل السابع منه. حيث إن اختصاص الدولة هنا هو اختصاص تبعي مؤقت، وخاضع لإشراف مجلس الأمن.
بناء على ذلك، فالدولة التي تمارس حق الدفاع الشرعي، ضد الهجوم المسلح، الذي وقع عليها بالفعل يجب أن تخطر المجلس بما قامت به من تدابير وأن تنسق موقفها معه([44]).
هذا؛ ولا يشترط لوقف إجراءات الدفاع الشرعي مجرد صدور القرار أو التوصية التي تقرر اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، بل يتطلب ذلك القيام بعمل إيجابي من مجلس الأمن أو الجمعية أو أعضاء المنظمة تنفيذاً منهم لقرارات أو توصيات المجلس أو الجمعية، ويختلف العمل الإيجابي حسب موقف كل حالة. إذ أنه في بعض الحالات يكتفي بمجرد التنبيه على الدولة المعتدية بوقف أعمالها العدوانية، وتلتزم تلك الدولة بهذا التنبيه وفى ظروف أخرى يتطلب الموقف استخدام القوة([45]).
ب- ضرورة التناسب بين الوسائل المستخدمة في الدفاع والوسائل المستخدمة في الهجوم أو العدوان: يمكن القول في البداية إن شرط التناسب بين أفعال الدفاع وأفعال الهجوم لم تشر إليه المادة 51 من الميثاق، وإنما هو شرط تمليه القواعد العرفية السائدة في هذا الخصوص، كما أقره الفقه وممارسة الدول، والقضاء الدولي كذلك([46]).
المقصود بهذا الشرط أن تتناسب إجراءات ووسائل الدفاع الشرعي التي تتخذها الدولة مع أفعال ووسائل الاعتداء وحجم الهجوم الموجه ضدها بحيث تهدف فقط إلى إيقاف هذا العدوان ولا تزيد عليه. إذ يجب أن تكون أفعال الدفاع قد جاءت في الحدود أو الإطار اللازم لصد العدوان، وألا تتعدى هذا الهدف لمجرد الانتقام أو الثأر من الدولة المعتدية، فإذا استمرت الدولة المدافعة في استئناف العمليات الحربية داخل إقليم الدولة المعتدية بعد توقف الهجوم المسلح عليها، أو بعد زوال الخطر، اعتبر هذا الإجراء تجاوزاً لحدود الدفاع الشرعي، وفى هذه الحالة تتخذ هذه الإجراءات الإضافية وصف العمل العدواني، وهو ما يطلق عليه عدواناً بتجاوز حدود الدفاع الشرعي لخروجه عن الإطار والهدف الذي شرع من أجله استخدام القوة المسلحة في حالة الدفاع الشرعي.
الواقع، أن مقتضى شرط التناسب هذا، أن الدولة لها الحق في رد العدوان بشرط ألا تتجاوز حدود الدفاع الشرعي، بطريقة تكشف عن سوء نيتها ورغبتها في الانتقام وإلحاق أكبر قد من الأذى وعلى المدى الطويل بالدولة المهاجمة. فعلى سبيل المثال لا يجوز احتلال قوات دولة معينة لأراضى دولة أخرى لمجرد اعتداء حرس حدود هذه الدولة على حرس حدود الدولة الأخرى([47]).
لهذا؛ فإن التناسب في حالة الدفاع الشرعي يهتم بالنتيجة أو الغاية التي ينشدها العمل الدفاعي، وليس مضمون أو قوة العمل ذاته، أو حتى كيفية تحقيقه. فقد يكون استخدام قوة محدودة كافياً- أحياناً- لإيقاف العدوان. ويتضح من ذلك أن تقرير مدى التناسب- هنا- مسألة دقيقة، والذي يساهم في الحد من الصعوبات التي تعترض تقريرها هو الاهتمام بالبحث عن الغاية التي يسعى العمل الدفاعي إلى تحقيقها([48]).
من ثم، فإن المعيار المستخدم هنا هو معيار موضوعي، وهو سلوك “الشخص المعتاد” إذا وضع في نفس الظروف المحيطة بالمدافع، وهو يصدق في المجال الدولي صدقه في المجال الداخلي([49]).
3- ضرورة إبلاغ مجلس الأمن بالتدابير التي اتخذتها الدولة استعمالاً لحق الدفاع الشرعي:
واقع الأمر أن ميثاق الأمم المتحدة قد عهد بصفة خاصة، إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في شأن كفالة السلم والأمن الدوليين. إذ مؤدى المادة 24 فقرة (1) من الميثاق ذاته أن: “يعهد أعضاء تلك الهيئة- هيئة الأمم المتحدة- إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقوا على أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات”.
فباعتبار مجلس الأمن هو الأداة الرئيسية للمجتمع الدولي في حفظ السلم والأمن الدوليين، فقد كان من الطبيعي إذن أن يعد اختصاصه هنا اختصاصاً أصيلاً، جاءت كفالته بمقتضى الميثاق ذاته، على نحو يكون من شأنه ألا يتوقف الاضطلاع به من جانب المجلس على إرادة أي من الدول سواء أكانت أعضاء في الأمم المتحدة أم لم تكن([50]).
لقد نصت المادة 51 على أن: “… التدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس، بمقتضى سلطته ومسئوليته المستمدة من أحكام هذا الميثاق من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”.
يتضح من هذا النص الطابع المؤقت والاستثنائي لحق الدفاع الشرعي وخضوع إجراءات وممارسات الدولة لحقها في الدفاع لرقابة فعالة ودقيقة لاحقة من قبل مجلس الأمن منعاً للتعسف في استعمال حق الدفاع الشرعي. وعدم انحراف الدولة المعتدى عليها، أو حلفائها، عن مقتضيات رخصة الدفاع الشرعي، بمناسبة لجوئها إلى استخدام القوة لأغراض رد العدوان.
بطبيعة الحال، يستمد مجلس الأمن اختصاصه السابق- كذلك- من نص المادة 39 من الميثاق والتي نصت على أن: “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41، 42 لحفظ السلم و الأمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه”([51]).
لعل الهدف من إلزام الدولة المعنية بإبلاغ وإحاطة المجلس بما اتخذته من تدابير استناداً لحقها في ممارسة حق الدفاع الشرعي، يكمن في تمكين هذا المجلس، المعنى أساساً بحفظ السلم والأمن الدولي، من التحقق من توافر شروط اللجوء إلى الدفاع الشرعي، والتزام الدولة التي تمارس حقها في الدفاع عن نفسها بالضوابط التي يجب مراعاتها عند ممارسة هذا الحق([52]). ومن ثم، وضع المجلس أمام مسئولياته، بالعمل على عدم تجريد مبدأ حظر استخدام القوة من مضمونه، وعن طريق مراجعة الوقائع والظروف المرافقة لها وبحثها، يمكن للمجلس أن يحدد مدى التناسب بين أعمال الدفاع وأعمال الاعتداء، وأن يقرر بناء على ذلك وقف ممارسة تدابير الدفاع، واتخاذ التدابير الضرورية، والدائمة، لإعادة السلم والأمن الدولي إلى نصابه. حيث يقرر ما إذا كانت الحالة تكون تهديداً للسلم، أو إخلالاً به، أو تكون عملاً من أعمال العدوان(المادة 39)، وله أن يصدر قرارات باتخاذ تدابير مؤقتة(المادة 40)، وله أيضاً إصدار قرار باتخاذ التدابير الجماعية(المادتين41 – 42) من الميثاق([53]).
بيد أن ذلك الالتزام يختلف عن مضمون الالتزام الوارد بالمادة 54 من الميثاق، والذي يفرض على الدول الأعضاء في الوكالات والتنظيمات الإقليمية الالتزام بالأخطار عن الأعمال التي اتخذت بالفعل أو المزمع اتخاذها. فالمادة 51 لا تنطوي على أي التزام بالإبلاغ عن التدابير المزمع اتخاذها كما هو الشأن في المادة 54، بل تنطوي على الالتزام بإبلاغ المجلس عن التدابير التي تم اتخاذها بالفعل في إطار ممارسة حق الدفاع الشرعي، وينبغي أن يتم هذا الإبلاغ على الفور وبدون تأخير.
لذا يمكن القول، إن عدم الوفاء بهذا الالتزام قد يشكل دليلاً على أن تلك التدابير ليست في حقيقة الأمر دفاعية، ولقد ظهر في بعض الحالات أن التقصير في إبلاغ مجلس الأمن بالأفعال التي اتخذت على أساس من الزعم بممارسة حق الدفاع عن النفس، من شأنه أن يحول دون اعتبارها من قبيل الأعمال الدفاعية. وهذا الذي أكدت عليه محكمة العدل الدولية في حكمها الذي أصدرته في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكارجوا عام 1986، عندما قررت أن: “استناد الولايات المتحدة الأمريكية إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لم يصاحبه القيام بإرسال التقرير المنصوص عليه في تلك المادة بخصوص الإجراءات التي اتخذتها الدولة عند ممارستها لحق الدفاع الشرعي، فضلاً عن عدم وجود عدوان مسلح من جانب نيكارجوا”([54]).
المبحث الثاني
أسباب ودوافع العملية العسكرية
المصرية ونطاقها
رغم أن السياسة المصرية الثابتة على مدار عقود ممتدة هي رفض استخدام القوة في العلاقات الدولية وعدم الدخول في حروب مباشرة خارج حدود الدولة المصرية، وتدعيم حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، إلا أنها في أعقاب ارتكاب تنظيم “الدولة الإسلامية” جريمة نحر واحد وعشرين مصرياً، وتصاعد خطر عملياته الإرهابية وجدت نفسها مضطرة للدفاع عن أمنها وأمن مواطنيها ضد أي تهديد وتنفيذ عمليات عسكرية وفق ما أقرته المواثيق الدولية.
وبناء على ذلك، سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، يتركز الأول على إعطاء نبذة عن دوافع وأسباب العملية العسكرية التي نفذها الجيش المصري ضد التنظيمات الإرهابية. والثاني، يعرض لحدود العمليات ونطاقها داخل الأراضي الليبية.
المطلب الأول
دوافع العملية العسكرية المصرية ضد
تنظيم “الدولة الإسلامية“
تعاني ليبيا من حالة هشاشة وسيولة وعدم استقرار وتفكك سياسي، وأوضاع بالغة التعقيد بسبب الخلافات والصراعات الشرسة بين الفصائل الليبية التي تدور بينها معارك ضروس في أقاليمها الثلاثة حولت مؤسساتها إلى أنقاض وغيبت فكرة الدولة مجتمعياً وأمنياً منذ أربع سنوات، حيث عمت الاضطرابات والفوضى كافة أرجاء البلاد وتعطلت مرافق الحياة من مدارس وجامعات ومستشفيات، وتعاني مدنها من نقص شديد في الوقود وغاز الطهي والكهرباء والسلع الأساسية واختفاء الأمن، وغابت عنها كثير من مظاهر السيادة الطبيعية، إذ يتقاسم السلطة فيها جسمان تشريعيان وحكومتان وقوتان مسلحتان، تسعى كل منهما لفرض إرادتها بالقوة وتشنان حرباً أهلية دموية تتزايد وتيرتها منذ الصيف الماضي. وتحول الخلاف حول مشروع التغيير وبناء الدولة إلى استقطاب قبلي وجهوي وأيديولوجي يهدد اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي، مما حولها إلى دولة مفككة تعمها الفوضى غير قادرة على استعادة الأمن الداخلي، ويتعاظم فيها نفوذ الميليشيات المسلحة([55]).
وتزايدت الأوضاع تعقيداً باستمرار التقاتل الداخلي بين الفصائل المتعارضة خلال الشهور الأخيرة، خاصة بعد إطلاق عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر، كما تندلع في الجنوب وفي جنوب غرب العاصمة طرابلس اشتباكات بين الطوارق والتبو، وقوات فجر ليبيا وجيش القبائل، وفي الوقت الذي تصارعت فيه الحكومتان على الثروة النفطية للدولة، تمكنت الحركات التكفيرية والجماعات المتطرفة العنيفة والتنظيمات الإرهابية على غرار القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلامياً بتنظيم “داعش” من استغلال هذه الفوضى ودخول ليبيا لبسط نفوذها والسيطرة على بعض المناطق وتحويلها إلى ملاذ آمن لها ونقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية، وإنشاء معسكرات للتدريب وإقامة منشآت ومواقع تحصينات ووجدت أرضاً خصبة لعملها الإجرامي، حيث تصول وتجول في البلاد دون حسيب أو رقيب مستغلة الفراغ الحكومي والأمني وغياب القانون، ولم تتمكن الحكومة الليبية وقواتها النظامية من كبح جماح هذه المجموعات المسلحة، أو تمنع تدفق الجهاديين الأجانب الذين يشكلون تحالفات جديدة مع الميلشيات المحلية المتشددة، مما يشكل خطراً أمنياً كبيراً وتهديداً فعلياً على الاستقرار والأمن داخل ليبيا وخارجها.
وبالرغم من تصاعد حدة الصراع السياسي والأمني، وتطورات الأوضاع، وجسامة التحديات التي لم تعد شأناً داخلياً ليبياً، إلا أن مصر تجنبت التدخل المباشر فى الأزمة الليبية لاعتبارات كثيرة، وأعلنت مراراً أنها لن تتدخل في الشأن الليبي الداخلي، واكتفت بتبني موقف سياسي داعم للحكومة الليبية المعترف بها دولياً بقيادة عبد الله الثني، والمتحالفة مع قوات اللواء خليفة حفتر، ونفت بشدة ما رددته مصادر غربية عن قيامها بتنفيذ هجمات جوية داخل ليبيا بالتعاون مع دولة الإمارات، وحذرت من تحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب وخطورة الصمت إزاء المساعي التي تقوم بها أطراف إقليمية لتكريس حالة اللادولة في ليبيا بهدف جعلها مخزن سلاح ونقطة تجمع المقاتلين الأجانب من جنوب المتوسط ومن ثم نقلهم إلى تركيا لدخول سوريا والعراق.
وجاءت حادثة اختطاف وقتل واحد وعشرين مصرياً على يد تنظيم “الدولة الإسلامية” والفيديو الذي أذاعه التنظيم يوم(15 فبراير2015) لتكشف عن تزايد خطر تواجد وتوغل التنظيمات الإرهابية وسيطرتها على مساحات شاسعة من الأراضي الليبية، ولتجسد ما بلغه حال ذلك البلد من انهيار في أمنه وهيبة نظامه، الأمر الذي شكل سياقاً جديداً محفزاً لتبني مصر خيار التدخل العسكري ضد مناطق تواجد تنظيم “الدولة الإسلامية” المتنامي واستهداف وضرب البؤر الإرهابية داخل ليبيا، فقد وجدت الحكومة المصرية نفسها مدفوعة بضرورات حماية أرواح مواطنيها من أخطار جدية ومحدقة، وحالة الغضب التي سادت الشارع المصري في أعقاب ارتكاب جريمة الإعدام الجماعي لواحد وعشرين مصرياً والإعلان عنها ومطالباته بتوجيه ضربة عسكرية عاجلة لمعاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا.
ولعل الدافع الأبرز، في هذا السياق، هو استشعار السلطات المصرية تعرض الأمن القومي المصري للتهديد بفعل الأوضاع المتردية في ليبيا، والتي أفضت إلى بزوغ تنظيم “الدولة الإسلامية” هناك، وتمدد نفوذه وسيطرته على مناطق داخل ليبيا، فالتنظيم تمكن من السيطرة على مدينة درنة. كما استولى على محطات إذاعية وتلفزيونية بمدينة سرت، ليستخدمها في إذاعة خطب لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي، فضلاً عن وجود ممارسات لفرض أنظمة مجتمعية متطرفة وأنماط تدين متشددة وجهادية مستمدة من المرجعية العنيفة للتنظيم.
وهكذا، قدرت الحكومة المصرية أنها أمام حالة دفاع شرعي عن النفس تستوجب تنفيذ عملية عسكرية عاجلة ضد تنظيم “داعش” للضغط عليه وتحطيم قدراته ولمنعه من التمادي في عملياته الإجرامية ضد المواطنين المصريين العزل وتحقيق الردع اللازم للتنظيم، فضلاً عن القوى والمجموعات التي تعمل على الحدود بين الدولتين في عمليات التهريب والتسلل.
وفي أعقاب اجتماع مجلس الدفاع الوطني لبحث تطورات الأزمة، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوجه كلمة للشعب المصري يصف فيها الاعتداءات الوحشية التي ارتكبها التنظيم ضد المواطنين المصريين. وقال إن السلطات المصرية تحتفظ بحق الرد بالأسلوب والتوقيت المناسبين للاقتصاص من القتلة، وقد اعتبر هذا التصريح بمثابة تمهيد للعملية العسكرية التي نفذتها طائرات مصرية على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية داخل ليبيا يوم 16 فبراير 2015.
المطلب الثاني
حدود العملية العسكرية ونطاقها
اقتصر استخدام مصر لقواتها العسكرية المسلحة في مكافحة الإرهاب على عمل عسكري نوعي محدود-مكاناً وزماناً- استهداف مواقع محددة بدقة بالغة، أي تكتيكية بالمفهوم العسكري، تمثلت في قصف مواقع معسكرات تنظيم “الدولة الإسلامية” في مدينة درنة بشكل حصري، ويمكن اعتباره بمثابة إجراءات حمائية ودفاعية واجبة لوقوع انتهاكات جسيمة ضد مواطنين مصريين، فقد أكد البيان الصادر عن القوات المسلحة المصرية صباح يوم 16 فبراير أن الجيش قام بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم “داعش” الإرهابي بالأراضي الليبية، وربط البيان هذه الهجمات بحق الدولة المصرية في الدفاع عن أمن واستقرار المواطنين وحمايتهم، والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد. حيث شارك في العملية العسكرية 6 مقاتلات (f16)نفذت ثماني ضربات جوية استهدفت مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة درنة، وهي المدينة الأولى في إفريقيا التي أعلنت الولاء لتنظيم “الدولة الإسلامية” في أكتوبر 2014([56])، وكان من ضمن المواقع التي تعرضت للقصف، وفقاً لصقر الجروشي قائد سلاح الجو الليبي التابع للحكومة المعترف بها دولياً، مركز تدريب المنصوري، ومركز تدريب الشاعري، وهي مراكز يتم فيها تدريب المنتمين لتنظيم الدولة الإسلامية والقادمين من خارج ليبيا، وقد تباينت التقديرات المتعلقة بحجم الخسائر التي تكبدها تنظيم الدولة الإسلامية، حيث إن هذه التقديرات تذهب إلى مقتل ما يتراوح بين 40 و64 مقاتلاً في التنظيم، منهم ثلاث قيادات تنظيمية، علاوة على تدمير مخازن للأسلحة ومقرات للتنظيم. هذا علاوة على تأكيد مصر أن الغارات التي شنتها قواتها الجوية على معاقل التنظيم تمت بعد دراسة متأنية واستطلاع دقيق لتجنب سقوط أي ضحايا من المدنيين، فقد أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي أن مصر ترعى وتلتزم تماماً بالمواثيق والمعايير الدولية، وأنه تم اختيار أهداف هذا التنظيم الإرهابي بعناية ودقة متناهيتين، وإن مصر تحرص على الحافظ على أرواح المدنيين.
وينبغي القول إن الضربات العسكرية التي نفذتها القوات الجوية المصرية عقب ارتكاب تنظيم “الدولة الإسلامية” جريمة القتل الجماعي لواحد وعشرين مواطناً مصرياً كانت الأولى من نوعها لمصر داخل الحدود الليبية، ورغم امتلاك مصر القدرة والقوة العسكرية والخبرات اللازمة للتعامل مع الميليشيات المسلحة التي استهدفت المصالح التجارية لمصر في ليبيا وارتكبت العديد من عمليات خطف وقتل لسائقي الشاحنات والعمال المصريين، وتقوم بعمليات تهريب أسلحة مكثفة على حدودها الغربية مع ليبيا وتصل غالباً للتنظيمات الجهادية والإرهابية في سيناء، إلا أنها رفضت التورط في صراعات عسكرية والدخول في مواجهات مع الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، ودعت مراراً إلى ضرورة انخراط فرقاء الأزمة الليبية في حوار شامل وجامع والدخول في التسويات ذات الطبيعة السلمية لإنهاء الصراع ونبذ العنف ومنع تفاقم الأزمة التي تسببت في نشوء ظاهرة مناطق الفراغ، وانتشار التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة وحركات المد الجهادي المتطرفة والعنيفة داخل ليبيا، وعجز عن السيطرة على حدودها مع دول الجوار، وتمزقها الفوضى السياسية والأمنية منذ الثورة التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، وكلها عوامل تفرض تهديدات قوية ومباشرة للأمن القومي المصري وفي منطقة جنوب المتوسط ولدول العالم.
المبحث الثالث
الأسانيد المصرية للتدخل العسكري ضد
التنظيمات الإرهابية في ليبيا
استندت مصر إلى عدد من الأسانيد القانونية والسياسية التي تدعم مشروعية استخدامها القوة ضد التنظيمات الإرهابية في ليبيا أهمها، وقف تهديدات التنظيمات الإرهابية والمليشيات المتطرفة التي تدعمها أو القضاء عليها كلية فى شرق ليبيا، موافقة واستنجاد الحكومة الليبية بمصر لحمايتها من الهجوم عليها من طرف المليشيات المتطرفة والجهادية والإرهابية، وجود دواعي استراتيجية لدى مصر والدول العربية والغربية والمتمثلة في عدم إعطاء الفرصة للتنظيمات الإرهابية للاستيلاء على الثروات البترولية واستغلالها في تمويل عملياتها التخريبية وتهديد الأمن القومي لمصر ودول العالم، والتدخل لمنع الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، وحماية المدنيين من خطر تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي وممارساته غير الإنسانية استناداً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وعلى ذلك، سوف نقسسم هذا المبحث إلى مطلبين. يتناول أولها، الموقف الدولي من الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، بينما يتعرض الثاني للأساس القانوني للتدخل المصري.
المطلب الأول
الموقف الدولي من الانتهاكات التي ارتكبها
تنظيم “الدولة الإسلامية”
كان من الطبيعي أن تتحول الجريمة الإرهابية التي ارتكبها فرع تنظيم “الدولة الإسلامية” ضد المواطنين المصريين بسرعة من أزمة إقليمية إلى أزمة دولية، نظراً لبشاعة الجريمة وطبيعتها الخطرة والمهددة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ولذلك، كان من الطبيعي أن يكون رد الفعل الإقليمي والعالمي متجهاً صوب إدانة الممارسات الإرهابية لتنظيم الدولة ورفض العدوان على المدنيين العزل والانحياز الكامل إلى مصر ومساندتها لمواجهة التنظيم الإرهابي ومنعه من ارتكاب مزيد من الجرائم اللاإنسانية.
لقد ندد مجلس الأمن الدولي بشدة بإعدام تنظيم الدولة 21 مصرياً ذبحاً في ليبيا، ووصفه بأنه عمل جبان ومشين، وقال المجلس في إعلان صدر عنه بالإجماع إن الحادث يعكس مجدداً وحشية تنظيم الدولة، وشدد على أن الأعمال الهمجية التي يرتكبها التنظيم لن تخيف الدول الأعضاء وإنما ستزيد تصميمها على التصدي له. كما ندد الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” بالعمل الهمجي لتنظيم الدولة، وأكد أن الحوار يشكل أفضل فرصة لمساعدة ليبيا على تجاوز محنتها الحالية.
وفي الوقت نفسه توالت إدانات الدول العربية والدولية للحادث، حيث أدانت الولايات المتحدة الأمريكية القتل الوحشي للأبرياء، وشددت على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للصراع في ليبيا الذي لا يفيد استمراره سوى الجماعات الإرهابية ومن بينها تنظيم الدولة.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني “دفيد كاميرون” الحادث بالعمل الهمجي الوحشي، ودعا رئيس الوزراء الإيطالي “ماتيو رينزي” إلى رد مدروس في ليبيا بعد الحادثة، كما عبر بابا الفاتيكان عن حزنه العميق إزاء ذبح المصريين بليبيا، ورأى أن ما حدث من قتل سيكون له آثار وخيمة على الاستقرار.
وفي إيران أعربت المتحدثة باسم الخارجية “مرضية أفخم” عن إدانتها الشديدة للجرائم اللاإنسانية لتنظيم الدولة.
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الجريمة الهمجية المروعة التي ارتكبها تنظيم الدولة، وطالب في بيان باتخاذ موقف حازم وإجراءات فعالة لمواجهة هذا التنظيم.
وعبرت وزارة الخارجية القطرية عن إدانتها واستنكارها الشديدين للجريمة النكراء، وأعلنت عن تضامن قطر مع الشعب المصري، مشددة على موقفها الثابت من نبذ العنف بكافة صوره وأشكاله أياً كان مصدره ودوافعه. كما أعرب مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز عن إدانته واستنكاره الشديدين للعمل الإجرامي الذي قام به تنظيم الدولة. وأعلن الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية أنها تضع كل إمكانياتها لدعم مصر لاستئصال الإرهاب والعنف الموجه ضد مواطنيها.
وأدان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الأفعال المشينة التي تنافي تعاليم الإسلام، واستنكر ذبح المصريين على يد تنظيم متطرف يسترخص الدماء وينتهك القيم والقوانين والدين.
وأكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح عن إدانة واستنكار بلاده الشديدين لهذا العمل الإجرامي الشنيع الذي لا يمت بأي صلة لدين من الأديان ويتنافى مع كافة الأعراف والشرائع والقيم الإنسانية.
أما الأردن فقد أعلن عن تضامنه ودعمه لمصر في مواجهة بالإرهاب الأعمى، وقالت الخارجية السودانية من جهتها إن الحادث يتنافى مع قواعد الإسلام. كما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد في بلاده لمدة ثلاثة أيام تضامنا مع مصر، مقدماً تعازيه للشعب المصري.
واستنكر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي العمل الإجرامي وأدانه بشدة وعبر عن تضامنه مع مصر.
وأدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية عملية القتل “الوحشي” لـ21 مصرياً ذبحاً على يد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية بليبيا، واعتبرتها “جريمة حرب”، يجب أن يحاسب المسئولون عنها، وطالبت جميع أطراف الصراع في ليبيا بالالتزام بقوانين الحرب ووقف استهداف المدنيين.
المطلب الثاني
الأساس القانوني للتدخل المصري
لا شك أن الأعمال والهجمات التي ارتكبها تنظيم “الدولة الإسلامية” ووجهت إلى مصر ومواطنيها تعد إرهاباً دولياً بكل المقاييس وإرهاباً منظماً وخطيراً خاصة أنه قد غلب عليها عنصر المفاجأة والتخطيط الدقيق والسري والاستهداف والوحشية. كما اشتملت على انتهاكات صارخة ضد المدنيين ولحقوق الإنسان وتمثلت في أعمال اختطاف، والعنف البدني، والإعدام الجماعي، وأعمال عنف ذات طبيعة طائفية متشددة، وحرمان الآخرين من حقوق الحرية الأساسية، وكلها ترقي إلى جرائم الحرب وتمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين. ويمكن تلخيص الأسانيد والحجج التي شكلت الأساس القانوني للتدخل المصري للدفاع عن مواطنيها وضرب معاقل التنظيمات الإرهابية لمنع ارتكاب أفعال مماثلة مستقبلاً في الآتي:
1- الأستناد إلى أحكام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بالدفاع الشرعي ورد العدوان.
منذ الساعات الأولى للإعلان عن الجريمة التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية ضد إحدى وعشرين مواطناً مصرياً أكدت مصر أن العمل يعد بمثابة حرب أو إعلان حرب واعتداء يستوجب الرد عليه بقوة ليس فقط لتأمين البلاد من اعتداءات شبيهة، بل لاسترداد قيمة الردع التي انتهكت واستهدفت حياة المواطنين المصريين العزل وباتت أكبر تهديد للأمن القومي المصري في الداخل والخارج، وتمسكت بحقها الثابت في الدفاع الشرعي عن نفسها ضد الأعمال الإرهابية استناداً لنص المادة 51 من ميثاق الأم المتحدة، حيث نصت هذه المادة على أنه: “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم …”، فهو حق طبيعي وقانوني ثابت للدولة المعتدى عليها تمارسه بمفردها أو بمشاركة وتعاون دول أخرى.
إذن، فالدفاع عن النفس حق مشروع لجميع الدول يكفله القانون الدولي، ويمكن أن نشير هنا إلى حرص مصر على الالتزام بالقيود الثلاثة التي تشكل الإطار القانوني لممارسة حق الدفاع الشرعي عن النفس، سواء فيما يتعلق بضرورة وقوع الأعمال العدوانية الجسيمة، والتي تمثلت في استهدف أرواح المواطنين المصريين، وشرطي الضرورة والتناسب في أعمال الدفاع بتوجيه غارات جوية لضرب مراكز تجمع الجماعات الإرهابية داخل ليبيا، فلم يكون مقبولاً أن تقف مصر مكتوفة الأيدي وهى ترى عدواناً غادراً وقع على مواطنيها والذي يعد في هذه الحالة من قبيل الهجوم المسلح غير المباشر. وأيضاً، إبلاغ مجلس الأمن بالتدابير المؤقتة المتخذة استعمالاً لحق الدفاع الشرعي، حيث قام المندوب المصري لدى الأمم المتحدة مع بدء العمليات الحربية بإبلاغ رئيس المجلس بالتدابير العسكرية التي اتُخذت.
2- الموافقة الصريحة من الحكومة الليبية الشرعية والمعترف بها دولياً على التدخل المصري.
الثابت، انه فور وقوع الأعمال الإجرامية التي ارتكبها تنظيم الدولة الإرهابي بحق أبناء الشعب المصري، أعلنت الحكومة الليبية الشرعية عن إدانتها للممارسات الإرهابية، وأكدت تفهمها للموقف المصري وضرورة اقتلاع الجماعات الإرهابية من الأراضي الليبية، وطلبت من مصر مساعدتها في حربها ضد الإرهاب والتصدي لتنظيم الدولة، حيث أعلن المسئولون بالحكومة الليبية عن وجود تنسيق مع الجانب المصري لشن غارات جوية ضد معاقل التنظيمات الإرهابية، وأكد عبد الله الثني رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، أن الضربات الجوية المصرية على معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” تمت بتنسيق وتواصل بين القيادة السياسية والعسكرية المصرية والليبية، ورفض المزاعم التي تعتبرها انتهاك لحرمة السيادة الليبية، وشدد على أهمية استمرارها لضرب مواقع التنظيم والقضاء على كيانه([57]). وقال قائد سلاح الجو الليبي، العميد الركن صقر الجروشي، إن قواته شاركت الطائرات الحربية المصرية في توجيه ضربات لمواقع تابعة لتنظيم الدولة الإرهابي، وستتم الطلعات بالتنسيق مع مصر([58]).
الواقع، أن عدم اعتراض أو احتجاج الحكومة الليبية على الضربات الجوية المصرية ينفي عن مصر ادعاءات الاعتداء على السيادة الليبية، بل أن الموقف المصري يمكن تفسيره على انه استجابة لدعوة وطلب الحكومة الليبية من مصر بدعم جهود الجيش الليبي في مواجهة العدوان الإرهابي الذي يهدد كيان الدولة الليبية ووحدتها الإقليمية والمنطقة والعالم وتمشياً مع ميثاق الأمم المتحدة. ويتفق هذا مع ما قرره الرأي الغالب في الفقه الدولي وأكدته الممارسات الدولية من أنه يجوز للدولة أن تقدم مساعدتها إلى دولة أخرى معتدى عليها بناء على طلبها وموافقتها الصريحة في حالة الدفاع الشرعي، ودون وجود اتفاق تضامن سابق بين الدولتين، ويعتبر ذلك عملاً مشروعاً طبقاً للقواعد العامة للقانون الدولي باعتباره دفاعاً شرعياً جماعياً، مادام أنه تم بناء على طلب المساعدة من الدولة المعتدى عليها وبموافقة صريحة منها أو بتوصية من الأمم المتحدة. ولقد أكدت محكمة العدل الدولية على هذا الرأي الأخير في حكمها الذي أصدرته في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراجوا وضدها حيث قررت أن حق الدفاع الشرعي الجماعي تكرسه قاعدة دولية عرفية عامة التطبيق.
3- يتفق الاستخدام المصري للقوة المسلحة ضد تنظيم الدولة الإسلامية مع الاستثناءات المقررة لمبدأ عدم التدخل:
برغم أن الأصل في التدخل أنه غير جائز٬ وهذا ما أكدته مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها حفاظاً على حقوق الدول التي تقضي بالتزام الدول بتلك الحقوق٬ إلا أن هناك استثناءات على الأصل تبيح بعض حالات التدخل-على النحو السابق بيانه- وهي تنطبق والتدخل المصري ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” وأهم هذه الاستثناءات التي تتفق مع الحالة المصرية، التدخل لحماية مواطني الدولة في الخارجProtect the citizens of the state abroad ، فالثابت، أن للدول الحق في حماية رعاياها في الدول الأخرى٬ حيث يجد هذا التدخل سنده في فكرة الحد الأدنى من العدالة في معاملة الأجانب لئلا ترتكب جريمة إنكار العدالة، وحق الحماية الدبلوماسية للدولة في حماية مواطنيها في الخارج.
لقد أقر العرف الدولي التقليدي مشروعية التدخل الإنساني إذا كان القصد منه حماية المصالح الدولية ووقف الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون أو الأجانب في حال عدم قدرة الدولة على حمايتهم، ولكن يشترط التزام الدولة بحسن نية، بشروط قيام حالة الضرورة، من خلال وجود خطر يهدد سلامة مواطنيها وممتلكاتهم في الدولة التي يقيمون فيها، وإدراك الدولة بعدم وجود أي وسيلة تحول إبعاد الخطر عن مواطنيها في الخارج إلا التدخل العسكري، وأخذ الدولة بمبدأ التناسب. وبعبارة أخرى، يشترط حتى يكون تدخل الدولة لحماية مصالح وحقوق رعاياها مشروعاً أن تكون الدولة المتدخل فيها٬ غير قادرة على حماية مواطني الدولة المتدخلة٬ أو أنهم يتعرضون لاعتداءات غير مشروعة٬ ففي هذه الحالة يجوز التدخل لاعتبارات إنسانية، والحصول على إذن من مجلس الأمن الدولي٬ وهي الحالة التي تتفق تماماً مع ما قامت به مصر، إذ تعاني ليبيا مع فوضي سياسية وحالة عدم استقرار أمني سمحت بدخول وانتشار التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وتنظيم”الدولة الإسلامية” وقيام هذه التنظيمات الإرهابية بارتكاب العديد من الجرائم، وعجز الحكومة عن فرض الأمن والقانون ومواجهة هذه التنظيمات التي مارست انتهاكات جسيمة ضد المواطنين المصريين وحقوقهم المعترف بها دولياً، وتجسدت بشاعتها في ارتكاب جريمة إعدام 21 مصرياً، وأعلنت عن استهداف رعايا مصر بليبيا، وهو ما يعني وجود ضغوطات وأخطار داهمة وتهديد جدي يمس حقوقهم ومصالحهم وأرواحهم.
4- استناداً لقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب الدولي.
تشكل قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب الدولي الإطار القانوني الرئيسي فيما يتعلق بالتهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب، لا سيما القرار 1373 الصادر في 28 سبتمبر 2001([59])، فهي تعد تشريعاً دولياً ملزماً للتعاون فيما بين الدول لمجابهة واستئصال جذور الإرهاب في أي بقعة من بقاع العالم. فقد أكدت أن الإرهاب الدولي يعد تهديداً للسلم والأمن الدوليين، والحق الفردي والجماعي في الدفاع عن النفس، المقرر في المادة 51 من الميثاق، وتفرض على كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التعاون لمجابهة الإرهاب. فالعمليات الإرهابية التي تعرضت لها مصر وأدانها مجلس الأمن تتسم بالجسامة والخطورة وترقى إلى حالة تهديد السلم والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي يجعل ما قامت به مصر يتفق تماماً مع سائر قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة منذ عام 2001 بخصوص مكافحة الإرهاب الدولي والتصدي للتنظيمات الإرهابية([60]).
5- العملية العسكرية هدفها التأكيد على تنفيذ القرارات الدولية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” والدفاع عن الشرعية الدولية.
بات في حكم المؤكد أن الإرهاب الدولي والانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان، تشكل مصادر لتهديد السلم والأمن الدوليين. فقد أصدر مجلس الأمن قرارات عديدة تجيز، أو تصرح، أو تقرر التدخل العسكري، أو تفرض عقوبات استناداً إلى الفصل السابع للميثاق حول قضايا تتعلق بالإرهاب الدولي (ليبيا)، أو بانتهاكات ضد حقوق الإنسان أو الأقليات (العراق، البوسنة والهرسك، هاييتي… الخ)، أو للدفاع عن الشرعية (هاييتي)، أو حتى لأغراض إنسانية (حماية قوافل الإغاثة: الصومال، البوسنة والهرسك).
لقد كشفت الجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم الدولة الإرهابي ضد أبناء الشعب المصري حجم ما يعانيه المدنيين من جرائم الإرهابيين في ليبيا ومصر وسوريا والعراق والتي تعد جرائم حرب، وأكد على بشاعتها وضرورة التصدي لخطرها مجلس الأمن في قراراته العديدة (2161، 2199)، وأهمها القرار 2178 الذي اتخذ بالإجماع، ويشير فيه إلى الخطر الكبير الذي يواجهه العراق من تنظيم “الدولة الإسلامية”، واعتباره تنظيم إرهابي يجرم دعمه طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأيضاً، القرار2170 والذي صدر بموجب الفصل السابع ضد داعش وجبهة النصرة، ونص على تطبيق العقوبات الدولية بهدف إضعافهما في العراق وسوريا، وغيرهما من الجماعات المتطرفة والتي لها علاقة بتنظيم القاعدة وداعش، وتشكيل التحالف الدولي الذي تشارك فيه أكثر من 40 دولة للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية([61]).
الشاهد، أن الضربة الجوية المصرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بليبيا لم تكن تدخلاً عسكرياً في ليبيا لتحقيق مصلحة عسكرية وسياسية لمصر. كما لا يمكن اعتبارها عملاً من أعمال “الثأر العسكري” المرخص به بموجب القانون الدولي، وبالرغم من تعرض مصر لضرر مباشر وجسيم نتيجة الانتهاكات الخطيرة وغير الإنسانية التي هددت السلم والأمن الدولي فقد اتسم التحرك المصري بالمسئولية والحرص على محاربة الإرهاب على أساس قواعد القانون الدولي المعترف بها، ولذلك سارعت إلى المطالبة بانعقاد مجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في ليبيا وضرورة اضطلاعه بمسئوليته في حماية الأمن والسلم الدوليين ومواجهة خطر انتشار التنظيمات الإرهابية، وقد استجاب مجلس الأمن وعقد جلسة لبحث الموقف في ليبيا خلال 48 ساعة، وهو ما يؤكد أن ما قامت به مصر يتفق والقانون الدولي.
6- اقتصار العملية العسكرية على ضرب معسكرات تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي يسيطر على مناطق عديدة بليبيا.
إن الهدف من الضربات الجوية التي نفذها الجيش المصري لمعاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في “درنة” الواقعة في الشرق الليبي، فضلاً عن عملية برية استهدفت قتل وأسر عدد من أعضاء التنظيم رداً على الجريمة البربرية المهددة لأمن مصر القومي، هو ما يحدد الطبيعة العادلة والدفاعية لهذه العمليات، فمصر لم تسعى من وراءها إلى تهديد الشعب الليبي أو انتهاك سيادة الدولة الليبية، ولكنها استهدفت درء التهديدات الجسيمة للتنظيمات الإرهابية التي تمارس الإجرام وتقطع الرؤوس وتستهدف الحق في الحياة وتختطف ليبيا نفسها.
لا شك أن العلاقات الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين راسخة وممتدة ووشائجها ضاربة في أعماق التاريخ، ومصر دائماً في ممارساتها حريصة على تعزيزها في كافة المجالات، والتأكيد على عمق العلاقات الأخوية، ووحدة المصير والتقدير والاحترام لشعب ليبيا وإرادته وأمنه واستقراره وحقه في الحياة والتقدم والازدهار. ولذلك، فالجريمة التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية في حق الشعبين واحدة، والتحرك المصري للتصدي لخطر الجماعات والتنظيمات الإرهابية لا علاقة له بأي صورة من صور العدوان على الشعب الليبي وسيادته ووحدة أراضيه التي اغتصبت جماعات الإرهاب مواقع منها وجعلتها أوكاراً لاستهداف حق الحياة للمصريين والليبيين، بهدف تشجيع جماعات الإرهاب وتمكينها في ليبيا ضد إرادة الشعبين، وعلى العكس فإن الردع المحسوب، بالحسابات التي أجرتها القيادة المصرية بعدم التورط في حرب برية، يمثل رسالة تتجاوز معنى القصاص، مفاداها إحباط الإرهابيين وذيولهم في مصر وليبيا وتشجيع القوى الوطنية في ليبيا على مقاومة اختطافها.
ولعل ما يثبت توفر حسن النية لمصر أنها تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته من أجل التعاون لمكافحة الإرهاب في المنطقة، إذ تشارك مصر في التحالف الدولي المشكل لضرب “داعش” في سوريا والعراق ولكن معلوماتياً واستخباراتياً فقط. وسعت من خلال مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في جلسات مجلس الأمن والمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب إلى تشكيل تحالف دولي لضرب الجماعات المتطرفة واتخاذ خطوات قوية وفعالة وحازمة ضد التنظيمات الإرهابية في ليبيا، وسبق أن أوضحت منذ البداية أن “داعش” لا يمثل ظاهرة تقتصر على سوريا والعراق، بل في ليبيا أيضاً، إلى جانب ما تمثله تلك التنظيمات من تهديدات بالغة الخطورة على أوروبا والمجتمع الدولي، وتهديدها للسلم والأمن الدوليين.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد يوم واحد من الهجوم الجوي المصري ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” أصدرت قوى كبرى(الولايات المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا) بياناً مشتركاً يُشير إلى إدانتها مقتلَ مصريين في ليبيا، وتأكيدها ضرورة الحل السياسي، وتشكيل حكومة توافق وطني، وتجنب البيان التعليق على الضربات المصرية وهو ما يفهم منه ضمناً التسليم بشرعية العمليات العسكرية التي نفذتها مصر ضد التنظيمات الإرهابية في ليبيا. وهو ما أكده بيان الخارجية الأمريكية التي أعربت عن تفهمها الضربات المصرية التي وجهت لمواقع في مدينة “درنة” شرق ليبيا، مشيرة إلى احترام الولايات المتحدة حق الدول في الدفاع عن نفسها وأراضيها([62]). وأيضاً، أكد وزير الخرجية الروسي، سيرجي لافروف، أن بلاده تقف جنباً إلى جنب مع السلطات المصرية في حربها ضد تنظيم “داعش” في ليبيا، وأعلن أن روسيا ستدعم مصر في جميع المجالات سواء كانت اقتصادية أو عسكرية. كما أصدرت جامعة الدول العربية بياناً أبدت فيه تفهمها وتأييدها لمبررات الهجمات المصرية على معاقل التنظيمات الإرهابية في شرق ليبيا. وشدد السفير أحمد بن حلي، نائب الامين العام للجامعة العربية، على أن الجامعة العربية تؤيد بكل قوة الضربات الجوية التي قامت بها القوات المصرية وكل ما تقوم به مصر من إجراءات للدفاع عن مواطنيها واستقرارها وأمنها، وهذا مبدأ اساسي في الجامعة العربية بأن تحافظ على أمن ومصالح دولها الأعضاء سواء على المستوى الوطني أو القومي.
وفي هذا الإطار، أصدر مجلس الأمن القرار 2213 وأكد فيه الشرعية القانونية الدولية للتدابير القوية التي اتخذتها مصر ضد تنظيم “داعش” في ليبيا. فقد نجحت الجهود المصرية في الأمم المتحدة بالتنسيق مع ليبيا والأردن- باعتبار هذا البلد العضو العربي في مجلس الأمن- ومع الدول العربية والدول أعضاء مجلس الأمن، في أن يعتمد مجلس الأمن بالإجماع مشروع القرار العربي حول ليبيا الذي يطالب الدول أعضاء الأمم المتحدة بأن تحارب بكافة الوسائل، وبالتنسيق مع الحكومة الليبية، التهديدات الناتجة عن أعمال إرهابية في ليبيا.
وتضمن القرار عدداً من الأبعاد والمقررات المهمة فيما يتصل بجهود مكافحة الإرهاب في ليبيا، فلأول مرة يعتمد مجلس الأمن قراراً مستقلاً بشأن مكافحة خطر الإرهاب في ليبيا باعتباره تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وسلم وأمن دول المنطقة والجوار. كما يعد القرار أول قرار لمجلس الأمن يتناول تنظيم “داعش” بالاسم ككيان إرهابي يتواجد ويعمل في الأراضي الليبية، وبذلك يكون المجتمع الدولي قد أقر من الناحية القانونية بتواجد التنظيم في ليبيا مثلما هو الحال في كل من العراق وسوريا. وتناول المخاطر التي تمثلها التنظيمات الإرهابية في ليبيا من خلال مطالبة خبراء الأمم المتحدة بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن يتضمن معلومات وافية بشأن كافة الجماعات والأنشطة الإرهابية في ليبيا، بما فى ذلك مصادر تسليحها وتمويلها، وهو ما سيسلط الضوء على قيام بعض الأطراف والدول بدعم أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة هناك، ويبدأ في تكوين مرجعية قانونية دولية بشأن خطر الإرهاب في ليبيا. كما طالب القرار لجنة العقوبات المشرفة على تنظيم توريد السلاح إلى ليبيا، بسرعة البت فى طلبات التسليح المقدمة من الحكومة الليبية، لتمكينها من تأمين احتياجاتها من السلاح لمكافحة خطر الإرهاب، وذلك بعد أن كانت اللجنة تماطل في الطلبات المقدمة من الحكومة الشرعية([63].(
وأكدت وزارة الخارجية المصرية أن القرار يصحح بذلك موقفاً غير متسق، سبق وأن حذرت مصر منه، حيث كان المجتمع الدولي يكتفي بمواجهة “داعش” في العراق بينما يغض النظر عن أفعاله في ليبيا، وهي الأفعال التي أدت إلى مقتل العديد من المواطنين المصريين الأبرياء، وزعزعة استقرار بلد عربي شقيق تحرص مصر على سيادته وسلامته وأمنه وتجاوزه محنته الراهنة من خلال تحقيق توافق وطني بين الحكومة الشرعية الليبية وكافة الأطراف التي تنبذ العنف والتطرف([64](.
الخاتمة
بعد دراستنا لموضوع لجوء مصر لاستخدام القوة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا، ومناقشة حق الدفاع الشرعي وإباحة استخدام القوة في العلاقات الدولية، وبيان شروط وضوابط نهوض حق الدولة المعتدى عليها في الدفاع الشرعي، والتدخل حماية لحقوق ومصالح رعاياها وأمنهم الشخصي فإننا توصلنا في بحثنا هذا إلى نتائج عدة، يمكن لنا أن نوجزها فيما يلي:
أولاً- النتائج:
1- الدفاع الشرعي من أسباب الاباحة المسلم بها في الفقه القانوني الدولي والمواثيق والأعراف الدولية كلها، وهو حق للشعوب للدفاع عن نفسها وأراضيها وممتلكاتها ولمقاومة وصد العدوان، فحق الدفاع محفوظ للدولة المعتدى عليها، ولها أن تقابل الاعتداء بالدفاع واستخدام القوة والعمليات المسلحة ضد المعتدي.
2- يعتبر مبدأ عدم التدخل في شئون الدول من الركائز الأساسية للقانون الدولي التي تحكم العلاقات الدولية، وقد أقر القانون الدولي في أحوال استثنائية وشروط وظروف معينة بحق التدخل واستخدام القوة لغايات إنسانية، لا سيما عندما تكون الدولة سلامتها مهددة، ولحماية رعاياها في الخارج، وحالات الانتهاك الجسيم الواسع النطاق لحقوق الإنسان الأساسية، استناداً لحقها في الوجود والسيادة، وهذا التدخل لا يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وإنما هو حق مكفول لجميع الدول بمقتضى الميثاق والقانون الدولي.
3- إن استخدام القوة ضد التنظيمات الإرهابية في ظل غياب السيادة الليبية وعدم قدرة الحكومة على فرض الأمن والقانون وحماية الأرواح، وسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على بعض المناطق وإنشاء معسكرات للتدريب وإقامة منشآت ومواقع تحصينات وتحويلها إلى ملاذ آمن له ونقطة انطلاق لعملياته الإرهابية، لا يعتبر استخداماً للقوة ضد وحدة الأراضي والاستقلال السياسي وفقاً لنص المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة، وإنما يستند إلى حق الدفاع الشرعي الذي یسوغ استخدام القوة قانونياً وسياسياً وأخلاقياً لمنع الانتهاكات الصارخة التي تهدد الاستقرار الدولي.
4- إن الضربات الجوية التي قامت بها مصر بالكيفية التي تمت بها والأهداف المتوخاة منها هي إجراءات ضرورية للدفاع عن مواطنيها واستقرارها وأمنها، حيث حرصت في تدخلها على تغليب الاعتبارات الأخلاقية والقانونية والشرعية، وتوافرت الدوافع والمبررات والأسانيد الشرعية والقانونية التي تجيز التصرف المصري.
5- إلتزام القوات المصرية بالهدف المعلن من العمل العسكري الذي قامت به ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وهو التصدي لأعماله الإجرامية ومنعه من المساس بأرواح المواطنين المصريين وتهديد الأمن
القومي المصري، واقتلاعه من الأراضي الليبية، فضلاً عن التزامها بقيدي الضرورة والتناسب في استعمال القوة بما يؤكد مشروعية ذلك العمل واتفاقه مع أسس القانون الدولي.
6- ثبوت التزام مصر بما تفرضه عليها واجباتها ومسئولياتها الدولية وخاصة دورها في حفظ الأمن والسلم الدوليين وذلك بتنفيذ تعهداتها الدولية بحسن نية، وتنفيذ سياسياتها وممارساتها مع العالم الخارجي بما يتفق والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
7- عدم صحة المزاعم والادعاءات التي أثارتها بعض المليشيات الليبية المتناحرة حول مشروعية هذه الضربات، نظراً لعدم انطباق وصف العدوان على الغارات المصرية. كما لا يجوز اعتبارها انتهاكاً صارخاً للسيادة الليبية وخرقاً للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
ثانياً- التوصيات:
يبقى القول إنه يتعين الانتباه إلى تطورات الأوضاع في ليبيا في سياق تزايد حدة الصراع بين الفصائل الليبية من جهة، وبينها وبين المليشيات والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، والتحسب لتأثيراته الضارة والمهددة للأمن القومي المصري، وهو ما يفرض أن تنهض استراتيجية التحرك المصري على مستويات متعددة. أولهاً، دعم الجهود الدولية لتسوية الأزمة الليبية وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ثانياً، الاستمرار في التحرك الدبلوماسي لتشكيل جبهة دولية لمواجهة خطر تمدد تنظيم الدولة الإرهابي بالأراضي الليبية. ثالثاً، تكوين موقف عربي وإقليمي ودولي لدعم موقف مصر في حربها ضد الإرهاب. رابعاً، تفعيل دور جامعة الدول العربية، والمطالبة بأن يتم مواجهة خطر الإرهاب والحرب على التنظيمات الإرهابية في إطار معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي تخول للدول العربية إعداد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة أو أي اعتداء مسلح يمكن أن يقع على أي دولة وفقاً للخطط التي يقررها مجلس الدفاع العربي المشترك. خامساً، مطالبة لجنة مكافحة الإرهاب ولجنة الجزاءات التابعتين لمجلس الأمن بإدراج جميع الأفراد والكيانات التي تعمل داخل مصر وخارجها والتي ترتبط بتنظيمي “القاعدة وداعش” الإرهابيين بلائحة جزاءات التنظيمات الإرهابية بمجلس الأمن. سادساً، الحرص على أن يكون رد الفعل المصري للدفاع عن مواطنيها وأمنها القومي في إطار المنظومة الدولية لحفظ السلم والأمن الدوليين وتحت مظلة الأمم المتحدة.
المراجع
أولاً- المراجع العربية:
- الكتب:
- د.إبراهيم محمد العناني، ” المنظمات الدولية العالمية “، (القاهرة: المطبعة التجارية الحديثة ، 1997).
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، ” القانون الدولي العام “، جـ الأول، القاعدة القانونية الدولية، (القاهرة: المطبعة التجارية الحديثة، 1997).
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، ” النظام الدولي في مواجهة الأزمات والكوارث “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 2007).
- د.أبو الخير أحمد عطية، ” نظرية الضربات العسكرية الاستباقية (الدفاع الوقائي) في ضوء قواعد القانون الدولي “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2005).
- د.أحمد محمد رفعت، ” الأمم المتحدة: دراسة قانونية تحليلية للجانب العضوي والوظيفي والتطبيقي للمنظمة العالمية “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1999).
- د.أشرف عرفات أبو حجازة، ” الوسيط في قانون التنظيم الدولي”، (القاهرة: شركة ناس للطباعة، 2002 ).
- د.جعفر عبد السلام، ” القانون الدولي لحقوق الإنسان “، (القاهرة: دار الكتاب المصري، 1999).
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، ” أحكام الحرب والحياد في ضوء القانون الدولي والشريعة الإسلامية “، سلسلة فكرة المواجهة، رقم (7)، (القاهرة: رابطة الجامعات الإسلامية، 2003).
- د.جميل محمد حسين، ” دراسات في القانون الدولي العام “، (المنصورة: مكتبة الجلاء الجديدة، 2002).
- جوزيف. س. ناي، ” المنازعات الدولية “، ترجمة: أحمد أمين، مجدي كامل، (القاهرة: الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العلمية، 1997).
- د.حازم محمد عتلم، ” قانون النزاعات المسلحة الدولية: المدخل النطاق الزماني “، (القاهرة: مكتبة الآداب، 1998).
- د.حامد سلطان، د.عائشة راتب، د.صلاح الدين عامر، ” القانون الدولي العام “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1984).
- د.حسام أحمد محمد هنداوى، ” التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 96/1997).
- د.حسين حنفي عمر، ” التدخل في شئون الدول بذريعة حماية حقوق الإنسان “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2005).
- د.سعيد جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام في زمن السلم: دراسة تحليلية مع الإشارة إلى أهم التطبيقات في القانون الدولي للبحار في زمن السلم “، (بدون ناشر، 1994/1995).
- د.صلاح الدين عامر، ” مقدمة لدراسة القانون الدولي العام “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 1995).
- د.صلاح الدين عامر، ” قانون التنظيم الدولي “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 1997).
- د.عائشة راتب، ” دراسات قانونية “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 2002).
- د.عادل عبد الله المسدي، الحرب ضد الإرهاب والدفاع الشرعي في ضوء أحكام القانون الدولي: مع دراسة لمدى مشروعية استخدام القوة المسلحة من جانب الولايات المتحدة رداً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2006).
- د.عبد الله الأشعل، ” مصر والقانون الدولي المعاصر “،(القاهرة: الطوبجى للطباعة، 2003).
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، ” النظرية العامة للجزاءات في القانون الدولي “، (بدون ناشر، 1997).
- د.عماد جاد، ” التدخل الدولي بين الاعتبارات الإنسانية والأبعاد السياسية “، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، 2000).
- د. علي إبراهيم، ” المنظمات الدولية: النظرية العامة والأمم المتحدة”، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2000).
- د.على صادق أبو هيف، ” القانون الدولي العام”، جـ الثاني، (الإسكندرية: منشأة المعارف،1975).
- د.فوزي أو صديق، ” مبدأ التدخل والسيادة لماذا وكيف ؟ “،(القاهرة: دار الكتاب الحديث، 1999).
- د.محمد حافظ غانم، ” المنظمات الدولية: دراسة لنظرية التنظيم الدولي ولأهم المنظمات الدولية “، (القاهرة: نهضة مصر، 1958).
- د.محمد سامي عبد الحميد، د.محمد السعيد الدقاق، د.إبراهيم أحمد خليفة، ” القانون الدولي العام “، (الإسكندرية: دار المطبوعات الجامعية، 2002 ).
- د.محمد المجذوب، ” التنظيم الدولي: النظرية والمنظمات العالمية والإقليمية والمتخصصة “، (بيروت: منشورات الحلبي، 2002).
- د.محمد مصطفى يونس، ” قانون التنظيم الدولي: النظرية العامة “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2002).
- د.محمد طلعت الغنيمي، ” الغنيمي في قانون السلام: القانون الدولي العام أو قانون الأمم زمن السلم “، (الإسكندرية: منشأة المعارف،1982).
- د.مصطفي سلامة حسين، ” تطور القانون الدولي العام “، “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1992).
- د.نبيل أحمد حلمي، ” محاضرات في القانون الدولي العام “، (بدون ناشر، 1997).
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، ” الإرهاب الدولي وفقاً لقواعد القانون الدولي العام “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1988).
- د.نبيل بشر، ” المسئولية الدولية في عالم متغير “، (القاهرة: مطبعة عبير، 1994).
- المقالات والأبحاث:
- د.إبراهيم محمد العناني، ” حرب الشرق الأوسط ونظام الأمن الجماعي الدولي “، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، (القاهرة: جامعة عين شمس، 1974).
- د.أحمد حسن الرشيدي، ” حقوق الإنسان في أربعة عقود: إنجازات كبيرة وإشكاليات مستمرة “، مجلة السياسة الدولية، العدد (161)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 2005).
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، د.أحمد حسن الرشيدي، ” حق التدخل الدولي: هل يعني إعادة النظر في مفهوم سيادة الدولة “، سلسلة مفاهيم، عدد (8)، أغسطس، (القاهرة: المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتجية، 2005).
- د.بطرس غالي، ” حقوق الإنسان بين الديمقراطية والتنمية “، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في افتتاح المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فيينا، 14 يونيو 1993.
- د.عمرو الجويلي، ” الأمم المتحدة وحقوق الإنسان: تطور الآليات “، السياسة الدولية، العدد (117)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 1994).
- مجموعة باحثين، ” استخدام القوة في العلاقات الدولية من منظور القانون الدولي”، سلسلة دراسات دولية (39)، (القاهرة: وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلام، نوفمبر 2001).
- د.شاهين على الشاهين،” التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته “، مجلة الحقوق، العدد4، السنة 28، (الكويت: جامعة الكويت، ديسمبر2004).
- د.ناصيف يوسف حتى، ” أي هيكل للنظام الدولي الجديد “، مجلة عالم الفكر، العددان (الثالث والرابع)، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون واﻵدب، يناير/يونيو 1995).
- د.نبيل العربي، ” الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد “، مجلة السياسة الدولية، العدد (114)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، أكتوبر 1993).
- د.ياسين العيوطي، ” التحرك الدولي إزاء مذهب التدخل الإنساني: حالة جنوب العراق 1991- 1992 “، مجلة السياسة الدولية، العدد (129)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 1997).
ج- الرسائل العلمية:
- د.أحمد عبد الله أبو العلا، ” تطور دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين: مجلس الأمن في علم متغير “، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، (الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة، 2008).
- د.حسام على الشيخة، ” جرائم الحرب في فلسطين والبوسنة والهرسك: دراسة في المسئولية الدولية “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة،2002، (القاهرة: الأهرام، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، 2002).
- د. رجب عبدالمنعم، ” مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة في ضوء القانون الدولي المعاصر”، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1999، (القاهرة: مطبعة العمرانية، 2001).
- د.سامي جاد عبد الرحمن واصل، ” إرهاب الدولة في إطار قواعد القانون الدولي العام “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2003.
- د.عبد الغفار عباس سليم، ” مستقبل العقوبات الدولية بالأمم المتحدة “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، 2007.
- علاء الدين حسين مكي، ” استخدام القوة في القانون الدولي “، رسالة ماجستير منشورة، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 1981، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1988).
- د.محمد محمود خلف، ” حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي”، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1973، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1973).
- د. يحي الشيمي علي، ” مبدأ تحريم الحروب في العلاقات الدولية “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1976.
د- الاتفاقيات والقرارات الدولية:
- ميثاق الأمم المتحدة.
2- قرارات وتقارير دولية:
– تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: http://unsmil.unmissions.org/Portals/unsmil-arabic/Documents/SGReport26February2014AR.pdf
– قرار مجلس الأمن رقم2214 الصادر في 27 مارس 2015http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N
– قرارات مجلس الأمن(2161، 2199، 2213، 2178، 2170) http://www.un.org/ar/sc/documents/resolutions/
– قرارات مجلس الأمن(1373 الصادر في 28 سبتمبر 2001، القرار 1526 الصادر في 30 يناير 2004، والقرار 1566 الصادر في 8 أكتوبر 2004، والقرار 154- الصادر في 28 ابريل 2004) http://www.un.org/ar/sc/ctc/resources/res-sc.html
ه- المواقع الالكترونية:
- التقرير الاستراتيجي العربي 2002- 2003، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، 2003). http://acpss.ahram.org.eg/
ثانياً– المراجعة الأجنبية:
- Books:
– Kelsen, Hans, Collective Security under International Law, Washington DC: United States Government Printing Office, 1957.
Rosalyn, Higgins , the development of international Law through the poliical organs-
of the U.N , London, pp31-33.
– BOWETT, D. W, Self-defence in International Law, Manchester, Manchester University, Press, 1958, pp183-184.
- Articles and Studies:
– McDougal, Myres, S., The Soviet-Cuban Quarantine and Self-Defense, A. J. I.L , Vol. . 57, No. 3 (Jul., 1963), PP. 597-604.
– Kunz, Josef, L., Individual and Collective Self-Defense in Article 51 of the Charter of the United Nations, A.J.I.L, Vol. 41, No. 4, (Oct., 1947), PP. 872-879.
- Internet:
-ARTICLE 51, Repertory, vol. ll, (1945-1954). http:/untreaty.un.org/cod/repertory/art51/english/rep_orig_vol2- art51_e.pdf
– ARTICLE 51, Repertory , Suppl,. 3, vol. ll (1959-1966). http:/untreaty.un.org/cod/repertory/art51/english/rep_supp3_vol2-art51_e.p
– Posen, Barry, Great Power Military Intervention: Causes, Conduct and Consequences of Military Intervention in Internal Conflicts-Cases from the Post Cold War World, Spring 2004. http://web.mit.edu /polisci/research/posen/
– Rogers, A., V., Humanitarian Intervention and International Law, H.J.L.P.P, Thursday, July, 2004. http://www.allbusiness.com/
– Whitman, Jim, After Kosovo: The Risks and Deficiencies of Unsanctioned Humanitarian Intervention. http://jha.ac/articles/
([1])- انظر بصفة عامة: د.حامد سلطان، د.عائشة راتب، د.صلاح الدين عامر، ” القانون الدولي العام “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1984)، ص ص345-348. د.محمد حافظ غانم، ” المنظمات الدولية: دراسة لنظرية التنظيم الدولي ولأهم المنظمات الدولية “، (القاهرة: نهضة مصر، 1958)، ص ص57-58. د.إبراهيم محمد العناني، ” المنظمات الدولية العالمية “، (القاهرة: المطبعة التجارية الحديثة ، 1997)، ص44 وما بعدها. د.حازم محمد عتلم، ” قانون النزاعات المسلحة الدولية: المدخل النطاق الزماني “، (القاهرة: مكتبة الآداب، 1998)، ص84. د.سعيد جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام في زمن السلم: دراسة تحليلية مع الإشارة إلى أهم التطبيقات في القانون الدولي للبحار في زمن السلم “، (بدون ناشر، 1994/1995)، ص ص54-55. د.عبد الله الأشعل، ” مصر والقانون الدولي المعاصر “، (القاهرة: الطوبجى للطباعة، 2003)، ص56. د.محمد مصطفى يونس، ” قانون التنظيم الدولي: النظرية العامة “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2002)، ص ص436-437.
– Kunz, Josef, L., ,Individual and Collective Self-Defense in Article 51 of the Charter of the United Nations, A.J.I.L, Vol. 41, No. 4, (Oct., 1947), PP. 872-879.
– McDougal, Myres, S., The Soviet-Cuban Quarantine and Self-Defense, A. J. I.L , Vol. . 57, No. 3 (Jul., 1963), PP. 597-604.
Kelsen, Hans, Collective Security under International Law, Washington DC: United States Government Printing Office, 1957.
– ARTICLE 51, Repertory, vol. ll, (1945-1954). http:/untreaty.un.org/cod/repertory/art51/english/rep_orig_vol2- art51_e.pdf
– ARTICLE 51, Repertory , Suppl,. 3, vol. ll (1959-1966). http:/untreaty.un.org/cod/repertory/art51/english/rep_supp3_vol2-art51_e.pdf
([2])- انظر: جوزيف. س. ناي، ” المنازعات الدولية “، ترجمة: أحمد أمين، مجدي كامل، (القاهرة: الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العلمية، 1997)، ص196.
([3])- انظر: د.صلاح الدين عامر، ” مقدمة لدراسة القانون الدولي العام “، “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 1995)، ص588.
([4])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” القانون الدولي العام “، جـ الأول، القاعدة القانونية الدولية، (القاهرة: المطبعة التجارية الحديثة، 1997)، ص502.
([5])- انظر: د.على صادق أبو هيف، ” القانون الدولي العام”، جـ الثاني، (الإسكندرية: منشأة المعارف،1975)، ص228. د.محمد طلعت الغنيمي، ” الغنيمي في قانون السلام: القانون الدولي العام أو قانون الأمم زمن السلم “، (الإسكندرية: منشأة المعارف، 1982)، ص292. د.نبيل بشر، ” المسئولية الدولية في عالم متغير “، (القاهرة: مطبعة عبير، 1994)، ص252. علاء الدين حسين مكي، ” استخدام القوة في القانون الدولي “، رسالة ماجستير منشورة، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 1981، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1988)، ص119 وما بعدها.
([6])- انظر: د.نبيل أحمد حلمي، ” محاضرات في القانون الدولي العام “، (بدون ناشر، 1997)، ص210.
([7])- انظر: د.سعيد سالم جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام في زمن السلم: دراسة تحليلية مع الإشارة إلى أهم التطبيقات في القانون الدولي للبحار في زمن السلم “، (بدون ناشر، 1994/1995)، ص107.
يرى العلامة فوشيه أن الحالات التي يباح فيها التدخل العسكري، هي: حالة قيام دولة بزيادة تسلحها زيادة لا تتفق مع مقتضيات الدفاع عن نفسها، وحالة تدبير مؤامرة في إقليم دولة بغية إشعال ثورة في دولة مجاورة، وحالة قيام ثورة في دولة وانتشارها بشكل يخشى منه علي سلامة الدول المجاورة، وحالة تصريح دولة علنا بعزمها علي بسط نفوذها علي جيرانها. مشار إليه في: د.نبيل أحمد حلمي، ” محاضرات في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص212. بينما يذهب الأستاذ شارل روسو إلى أن التدخل المشروع هو الذي تقوم به الدول كي تستعيد حقاً ثابتاً لها لا يخالف القانون الدولي. راجع في هذا: د.حسين حنفي عمر، ” التدخل في شئون الدول بذريعة حماية حقوق الإنسان “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2005)، ص59.
([8])- انظر: د.محمد طلعت الغنيمي،” الغنيمي في قانون السلام: القانون الدولي العام أو قانون الأمم زمن السلم “، مرجع سبق ذكره، ص ص293-297. د.عائشة راتب، ” دراسات قانونية “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2002)، ص ص30-31. د.سعيد سالم جويلي، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص ص107-108.
([9])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” المنظمات الدولية العالمية “، مرجع سبق ذكره، ص ص82-83. حول الأساس القانوني لمبدأ حظر التدخل. انظر: د.حسام أحمد محمد هنداوى، ” التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 96/1997)، ص ص76-87.
([10])- انظر: د.فوزي أو صديق، ” مبدأ التدخل والسيادة لماذا وكيف ؟ “، (القاهرة: دار الكتاب الحديث، 1999)، ص30.
([11])- انظر: د.ناصيف يوسف حتى، ” أي هيكل للنظام الدولي “، مجلة عالم الفكر، العددان (الثالث والرابع)، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون واﻵدب، يناير/يونيو 1995)، ص100.
لمزيد من التفصيل حول التطور التاريخي للتدخل الإنساني. انظر: د.نبيل بشر، ” المسئولية الدولية “، مرجع سبق ذكره، ص ص23-29. د.شاهين على الشاهين،” التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته “، مجلة الحقوق، العدد4، السنة 28، (الكويت: جامعة الكويت، ديسمبر2004)، ص ص263-267.
([12])- انظر: د.مصطفي سلامة حسين، ” تطور القانون الدولي العام “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1992)، ص ص176-177. حول تطور الحماية لحقوق الإنسان ووسائلها. انظر: د.جعفر عبد السلام، ” القانون الدولي لحقوق الإنسان “، (القاهرة: دار الكتاب المصري، 1999)، ص ص251-280.
([13])- انظر: د.نبيل العربي، ” الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد “، مجلة السياسة الدولية، العدد (114)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، أكتوبر 1993)، ص151.
([14])- انظر: عمرو الجويلي، ” الأمم المتحدة وحقوق الإنسان: تطور الآليات “، السياسة الدولية، العدد (117)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 1994)، ص161.
([15])- انظر: د.ياسين العيوطي، ” التحرك الدولي إزاء مذهب التدخل الإنساني: حالة جنوب العراق 1991- 1992 “، مجلة السياسة الدولية، العدد (129)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 1997)، ص62.
([16])- انظر: عمرو الجويلي، ” الأمم المتحدة وحقوق الإنسان: تطور الآليات “، مرجع سبق ذكره، ص161.
([17])- انظر: التقرير الاستراتيجي العربي 2002- 2003، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، 2003). http://acpss.ahram.org.eg/
ولمزيد من التفصيل حول الأساس القانوني للتدخل الدولي الإنساني. انظر: د.شاهين على الشاهين، ” التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته “، مرجع سبق ذكره، ص ص298-304.
([18])- انظر في هذه الاتجاهات: د.أحمد حسن الرشيدي، ” حق التدخل الدولي: هل يعني إعادة النظر في مفهوم سيادة الدولة “، سلسلة مفاهيم، عدد (8)، أغسطس، (القاهرة: المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتجية، 2005)، ص ص27-30.
([19])- يعتبر الفقهاء أوبنهايم، والدوك، وبروانلى، وشارل روسو، وأوكنييل، ود.محمد طلعت الغنيمي من رواد هذا الاتجاه. راجع في هذا: أستاذنا الدكتور/ سعيد سالم جويلي، “استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص ص108-109.
([20])- انظر: د.أحمد عبد الله أبو العلا، ” تطور دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين: مجلس الأمن في علم متغير “، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، (الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة، 2008)، ص ص157-162.
([21])- انظر: د.سعيد سالم جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص110-112. د.شاهين على الشاهين، ” التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته “، مرجع سبق ذكره، ص299 وما بعدها. د.عماد جاد، ” التدخل الدولي بين الاعتبارات الإنسانية والأبعاد السياسية “، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، 2000)، ص25-35.
([22])- انظر د.أحمد حسن الرشيدي، ” حقوق الإنسان في أربعة عقود: إنجازات كبيرة وإشكاليات مستمرة “، مجلة السياسة الدولية، العدد (161)، (القاهرة: مؤسسة الأهرام، يوليو 2005)، ص ص130-133.
([23])- انظر: علاء الدين حسين مكي، ” استخدام القوة في القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص ص141-142.
([24])- انظر: د.أحمد حسن الرشيدي، ” حق التدخل الدولي: هل يعني إعادة النظر في مفهوم سيادة الدولة “، مرجع سبق ذكره، ص ص30-32. د.سعيد سالم جويلى، “استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص ص112- 114. مجموعة باحثين، ” استخدام القوة في العلاقات الدولية من منظور القانون الدولي”، سلسلة دراسات دولية (39)، (القاهرة: وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلام، نوفمبر 2001)، ص ص66-74. د.أحمد عبد الله أبو العلا، ” تطور دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين: مجلس الأمن في علم متغير “، مرجع سبق ذكره، ص ص162-162.
– Rogers, A., V, Humanitarian Intervention and International Law, H.J.L.P.P, Thursday, July, 2004. http://www.allbusiness.com/
([25])- انظر: عمرو الجويلي، ” الأمم المتحدة وحقوق الإنسان “، مرجع سبق ذكره، ص164.
يذهب د.بطرس غالي إلي أن حقوق الإنسان بحكم طبيعتها، تلغي التمييز التقليدي بين النظام الداخلي والنظام الدولي، حيث أنها تنشئ نظاماً قانونياً جديداً. وبالتالي، فإنه لا يجب أن ينظر إليها من زاوية السيادة المطلقة أو من زاوية التدخل السياسي. بل يجب بالعكس إدراك أن حقوق الإنسان تقتضي ضمناً التعاون والتنسيق بين الدول والمنظمات الدولية. وأن فكرة العمل الدولي يجب أن تطرح حين يتبين أن الدول غير جديرة بحماية حقوق الإنسان وتحمل هذه المسئولية، وذلك حين تنتهك هذه الدول ذاتها المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة التي التزمت به، وحين تتحول إلي إهدار حقوق المواطنين بدلاً من حمايتهم. وهو ما لم يعد ممكناً لدولة ما إخفاءه عن الرأي العام العالمي في ظل ثورة المعلومات والاتصالات التي نعيشها اليوم. ولا يمكن أن تصبح السيادة الذريعة التي تتستر وراءها أنظمة شمولية لإهدار حقوق الرجال والنساء والأطفال، حينئذ فإنها تصبح سيادة قد أدانها التاريخ. ومن هذا المطلق وتأسيساً علي قرارات مؤتمر فيينا الخاصة بإقامة وسائل وآليات لضمان حقوق الإنسان تغير التدخل السياسي العسكري بشكل كبير وأصبح مصحوباً بإجراءات قضائية وإدارية مثل إنشاء المحاكم الجنائية في يوغوسلافيا ورواندا وتحمل المسئولية كلها في حكم كوسوفو وتيمور الشرقية بالإضافة إلي تحمل مسئوليات جزئية في مناطق أخري من العالم. انظر: د.بطرس غالي، ” حقوق الإنسان بين الديمقراطية والتنمية “، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في افتتاح المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فيينا، 14 يونيو 1993.
([26])- انظر: د.محمد المجذوب، ” التنظيم الدولي: النظرية والمنظمات العالمية والإقليمية والمتخصصة “، (بيروت: منشورات الحلبي، 2002)، ص345. د.صلاح الدين عامر، ” قانون التنظيم الدولي “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 1997)، ص ص436-437. ولمزيد من التفصيل حول القوى العظمى والتدخل في النزاعات الداخلية. انظر:
– Posen, Barry, Great Power Military Intervention: Causes, Conduct and Consequences of Military Intervention in Internal Conflicts-Cases from the Post Cold War World, Spring 2004. http://web.mit.edu /polisci/research/posen/
– Whitman, Jim, After Kosovo: The Risks and Deficiencies of Unsanctioned Humanitarian Intervention. http://jha.ac/articles/
([27])- انظر في ذلك بتوسع: د.عادل عبد الله المسدي، ” الحرب ضد الإرهاب والدفاع الشرعي في ضوء أحكام القانون الدولي: مع دراسة لمدى مشروعية استخدام القوة المسلحة من جانب الولايات المتحدة رداً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2006)، ص65-77.
([28])- انظر: د.صلاح الدين عامر، ” القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص750. د.سعيد جويلي، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص62.
([29])- انظر: د.نبيل أحمد حلمي، ” محاضرات في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص461. د.محمد طلعت الغنيمي، ” الغنيمي في قانون السلام”، مرجع سبق ذكره، ص439 وما بعدها، ص452 وما بعدها. د.محمد سامي عبد الحميد، د.محمد السعيد الدقاق، د.إبراهيم أحمد خليفة، ” القانون الدولي العام “، (الإسكندرية: دار المطبوعات الجامعية، 2002 )، ص218.
([30])- انظر: د.عبد الله الأشعل، ” مصر والقانون الدولي المعاصر “، مرجع سبق ذكره، ص57. وللتوسع حول الدفاع الشرعي في القانون الدولي العرفي. راجع: د.عادل عبد الله المسدي، ” الحرب ضد الإرهاب والدفاع الشرعي في ضوء أحكام القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص67-72.
([31])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” حرب الشرق الأوسط ونظام الأمن الجماعي الدولي “، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، (القاهرة: جامعة عين شمس، 1974)، ص619.
Rosalyn, Higgins , the development of international Law through the poliical organs
of the U.N , London, pp31-33.
([32])- انظر: د.نبيل أحمد حلمي، ” الإرهاب الدولي وفقاً لقواعد القانون الدولي العام “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1988)، ص90. د.حسام على الشيخة، ” جرائم الحرب في فلسطين والبوسنة والهرسك “، مرجع سبق ذكره، ص33.
([33])- انظر: رجب عبدالمنعم، ” مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة في ضوء القانون الدولي المعاصر”، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1999، (القاهرة: مطبعة العمرانية، 2001)، ص ص301-302.
([34])- راجع في ذلك: د.أبو الخير أحمد عطية، ” نظرية الضربات العسكرية الاستباقية (الدفاع الوقائي) في ضوء قواعد القانون الدولي “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 2005)، ص ص38-39.
([35])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” النظام الدولي في مواجهة الأزمات والكوارث “،(القاهرة: دار النهضة العربية، 2007)، ص70.
([36])- انظر: د.نبيل بشر، ” المسئولية الدولية في عالم متغير “، مرجع سبق ذكره، ص244.
([37])- انظر: د.سامي جاد عبد الرحمن واصل، ” إرهاب الدولة في إطار قواعد القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص213.
([38])- انظر: د.على إبراهيم، ” المنظمات الدولية “، مرجع سبق ذكره، ص95.
([39])- انظر: د.جميل محمد حسين، ” دراسات في القانون الدولي العام “، (المنصورة: مكتبة الجلاء الجديدة، 2002)، 738 وما بعدها.
([40])- انظر: د.حسام على الشيخة، ” جرائم الحرب في فلسطين والبوسنة والهرسك: دراسة في المسئولية الدولية “، مرجع سبق ذكره، ص34.
([41])- انظر: د.أبو الخير أحمد عطية، ” نظرية الضربات العسكرية الاستباقية في ضوء قواعد القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص58-62.
([42])- انظر: د.سعيد سالم جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص ص89-90. د.جعفر عبد السلام،” أحكام الحرب والحياد في ضوء القانون الدولي والشريعة الإسلامية “، سلسلة فكرة المواجهة، رقم (7)، (القاهرة: رابطة الجامعات الإسلامية، 2003)، ص92.
([43])- انظر: رجب عبدالمنعم، ” مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة في ضوء القانون الدولي المعاصر”، ص ص306-307.
([44])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” المنظمات الدولية العالمية “، مرجع سبق ذكره، ص49. د.علي إبراهيم، ” المنظمات الدولية “، مرجع سبق ذكره، ص ص101-102.
– BOWETT, D. W, Self-defence in International Law, Manchester, Manchester University, Press, 1958, pp183-184.
([45])- انظر: د. يحي الشيمي علي، ” مبدأ تحريم الحروب في العلاقات الدولية “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1976، ص424. أشرف عرفات أبو حجازة، ” الوسيط في قانون التنظيم الدولي”، (القاهرة: شركة ناس للطباعة، 2002 )، ص374.
([46])- انظر: د.عادل عبد الله المسدي، ” الحرب ضد الإرهاب والدفاع الشرعي في ضوء أحكام القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص85-86.
([47])- انظر: أحمد محمد رفعت، ” الأمم المتحدة: دراسة قانونية تحليلية للجانب العضوي والوظيفي والتطبيقي للمنظمة العالمية “، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1999)، ص ص109-110. د.جعفر عبد السلام، ” أحكام الحرب والحياد “، مرجع سبق ذكره، ص92.
([48])- انظر: د.سعيد سالم جويلى، ” استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي العام “، مرجع سبق ذكره، ص91-92.
([49])- انظر: د.محمد محمود خلف، ” حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي “، مرجع سبق ذكره، ص448.
([50])- انظر: د.حازم محمد عتلم، ” قانون النزاعات المسلحة الدولية “، مرجع سبق ذكره، ص ص113-114.
([51])- انظر: د.محمد رضا الديب، ” النظرية العامة للأمم المتحدة “، (بدون ناشر، 1994)، ص106. د.عبد الله الأشعل، ” النظرية العامة للجزاءات في القانون الدولي “، (بدون ناشر، 1997)، ص304. د.عبد الغفار عباس سليم، ” مستقبل العقوبات الدولية بالأمم المتحدة “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، 2007، ص ص78-79.
([52])- انظر: د.عادل عبد الله المسدي، ” الحرب ضد الإرهاب والدفاع الشرعي في ضوء أحكام القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص89. د.رجب عبد المنعم، ” مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة “، مرجع سبق ذكره، ص ص309-310. د.سامي جاد عبد الرحمن واصل، ” إرهاب الدولة في إطار قواعد القانون الدولي العام “، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2003، ص ص218-219.
([53])- انظر: د.إبراهيم محمد العناني، ” المنظمات الدولية العالمية “، مرجع سبق ذكره، ص50.
([54])- انظر: د.أبو الخير أحمد عطية، ” نظرية الضربات العسكرية الاستباقية في ضوء قواعد القانون الدولي “، مرجع سبق ذكره، ص72-73.
– ([55]) انظر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: http://unsmil.unmissions.org/Portals/unsmil-arabic/Documents/SGReport26February2014AR.pdf
([56])- انظر نص قرار مجلس الأمن رقم2214 الصادر في 27 مارس 2015http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N
-([57]) خالد محمود، ” عبد الله الثني: الضربات الجوية تمت بعلمنا وبتنسيق كامل مع الإخوة في مصر وبإذن منا “، جريدة الشرق الأوسط، العدد13251، 10/3/2015. http://aawsat.com/home/article/292431/% -uf]
([58]) ” قائد القوات الجوية الليبية: الضربات الجوي المصرية لدرنة كانت ناجحة وتمت بالتنسيق معنا “،
https://www.youm7.com/story/2015/2/16/
([59])- انظر نص القرار على الانترنت:http://www.un.org/arabic/docs/SCouncil/SC_Res/S_RES_1373.
([60])- يرتكز النظام القانوني الدولي لمنع الإرهاب ومكافحة جرائم إرهاب الدولة، العقاب عليه وغيرها من الأعمال الإرهابية التي يتم ارتكابها على الصعيد الدولي على القرارات(القرار 1526 الصادر في 30 يناير 2004، والقرار 1566 الصادر في 8 أكتوبر 2004، والقرار 154- الصادر في 28 ابريل 2004) وهي تعد مرجعاً أساسياً من حيث وضع تدابير واضحة تسترشد بها الدول في سلوكها، وزود المجتمع الدولي بأداة مناسبة لتنسيق جهوده في مكافحة الإرهاب. انظر هذه القرارات على موقع: http://www.un.org/ar/sc/ctc/resources/res-sc.html
([61])- انظر نص القرارات على موقع: http://www.un.org/ar/sc/documents/resolutions/
[62])) http://www.aljazeera.net/news/arabic/D
([63])- انظر نص القرار 2213 الصادر في 27 مارس2015 على موقع: http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N
([64])- انظر بيان الخارجية المصرية على موقع: http://www.mfa.gov.eg/arabic/Pages/default.aspx