” البنية المفاهيمية لحريات التجمع في المغرب بين أفق التشريع وتأويلات الممارسة”
“The conceptual structure of assembly freedom in Morocco
Between the legislation horizon and the interpretations of practice”
د. بدر الخلدي، أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس.
mdbadrmd@gmail.com
ملخص:.
جعل المشرع المغربي بنية الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 مثقلة بحريات وحقوق أساسية تمارس في إطار فردي أو جماعي من طرف المواطنين ضمن شروط ملائمة للمناخ الدولي كما تنص على ذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية وفي نطاق أحكام الدستور ومقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية، إلى جانب ما تتخذه السلطات العمومية من قرارات إدارية تعكس تقديرها بتقييد ممارسة هاته الحريات أو السماح بها خاصة التجمعات العمومية والتجمهر السلمي وممارسة الإضراب، مما يتطلب إخضاع تلك السلطة التقديرية للتعليل ومراعاة الاعتبارات القانونية والواقعية وذلك تحت رقابة القضاء.
يساهم إذن هذا المقال في تحليل بنية الفصل 29 من الدستور المغربي لسنة 2011 من خلال محاولة التمييز بين مفاهيم الحريات المكونة لطبيعة التجمعات المتضمنة في بنيته من جهة، ودور التأطير المفاهيمي المحكم في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية في تفادي التضارب الممكن والتباين المحتمل في تأويلات ممارسة حريات التجمع من طرف الأفراد والجماعات من جهة أخرى.
مفاهيم مفتاحية/ التجمع – الاجتماع – التظاهر- التجمهر .
Abstract:
The Moroccan legislature has made the intention of Article 29 of Moroccan Kingdom Constitution of 2011 burdened with basic freedoms and rights exercises in an individual or collective framework by citizens within appropriate conditions for the international climate as stipulated by international conventions and within the provisions of the constitution and the requirements of legislative and regulatory texts, in addition to the administrative decisions taken by the public authorities that reflect their appreciation of restricting or permitting the exercise of these freedoms, especially public gatherings, peaceful assembly, and the practice of strikes, which requires subjecting that discretionary power to reasoning and taking into account legal and realistic considerations, under the supervision of the judiciary.
Thus, this article contributes to the analysis of the structure of Article 29 of the 2011 Moroccan Constitution by attempting to distinguish between the concepts of freedoms constituting the nature of groupings contained in a structure on the one hand, and the role of tight conceptual framing in international conventions and national legislation in avoiding possible conflicts and differences in interpretations of exercising freedoms assembly by individuals and groups on the other hand.
Key concepts / assembly - meeting - demonstrating - gathering
مقدمة:
يندرج الفصل 29[1] ضمن الهندسة الدستورية في الباب الثاني من دستور المملكة المغربية الموسوم بباب الحريات والحقوق الأساسية والمكون من 22 فصلا، وينص هذا الفصل 29 منه على أن:
” حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات.
حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”.
جاء اختيار تناول هذا الفصل الدستوري بالدرس والتحليل نابعا من حاجة واقعية متجددة وذات راهنية من شأنها لفت الانتباه إلى التأويلات المتضاربة لممارسة بعض الحريات والحقوق الأساسية تبعا لاختلاف المواقع والمواقف والقناعات والضمانات الدستورية الكفيلة بحمايتها، ومقرونا بارتباط حق ممارسة هذه الحريات بتغير الشروط المترجمة في المقتضيات القانونية والتنظيمية المؤطرة لذلك في سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة باختلاف وتعاقب الحكومات. وهو ما يستلزم تبيان الحمولة الدستورية في حدها الأدنى لمحتوى كل حرية من الحريات السياسية والاجتماعية المضمونة من داخل هذا الفصل الدستوري سواء كانت ذات طبيعة فردية أو جماعية، والوقوف بالدرس والتحليل عند حدود التمييز بين مفاهيم الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي بوصفها ممارسات تدخل في صلب حريات التجمع سواء أكانت في إطار فردي أم جماعي وتمارس من طرف أفراد أو جمعيات أو نقابات أو أحزاب سياسية، في أفق الإحاطة بضمانات التنزيل السليم والممارسة الفعلية لها خارج نطاق التعسف في تأويل مقتضياتها القانونية خاصة إذا ما تمت ترجمتها إلى أعمال وتصرفات إدارية قد تجانب المنطق والصواب.
وتتطلب دراسة بنية الفصل 29 في علاقته الأفقية بباقي الفصول داخل نسق الوثيقة الدستورية[2] ربط ممارسة هذه الحريات المنصوص عليها في مقتضياته بشروط احترام القواعد التي وضعتها المواثيق الدولية في شكل معايير دولية وما حدده القانون الداخلي، وتبيان الحاجة إلى تغييرها في اتجاه مسايرة وملاءمة مختلف الاعتبارات القانونية والواقعية المستجدة أو الطارئة على المستوى الوطني والدولي، خاصة وأن هذا الفصل الدستوري جاء جامعا مانعا لجملة من الحريات والحقوق المترابطة فيما بينها والتي كانت متفرقة في دستور 1996 بين متن الفصل 9 والفصل 14 منه، مع تفصيله في طبيعة هذه الحريات وتمييزها عن بعضها البعض بالارتقاء بالتظاهر والتجمهر السلمي إلى مرتبة دستورية.
وبناء عليه، سنتناول بشكل تحليلي دراسة طبيعة البنية المفاهيمية لحريات التجمع المتضمنة في الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 المكونة من حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وذلك اعتمادا على منهج قانوني ووظيفي من أجل التمييز بين مفاهيم حريات التجمع التي جاء بها الفصل 29 والتي تأرجحت بين ما ارتضاه لها أفق التشريع وما هي عليه في واقع الممارسة رغبة منا في إيضاح دور الاعتبارات القانونية والواقعية في ضمان الحماية الدستورية والقانونية لهذه الحريات وبلوغ ما يروم المشرع المغربي تحقيقه من ملاءمة للمواثيق الدولية ومسايرة في نفس الآن لإيقاع الخصوصيات الوطنية، في ظل ما يعترض واقع ممارسة حريات التجمع من حماية أو تضييق أو منع كلي أو جزئي سواء أكان بشكل سلمي أو باستعمال العنف غير المفرط.
لذلك، نقترح معالجة إشكالية الموضوع وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي لحريات التجمع في المواثيق الدولية
أولا: حريات الاجتماع في المواثيق الدولية
ثانيا: حريات التجمهر والتظاهر السلمي في المواثيق الدولية
المبحث الثاني: الإطار المفاهيمي لحريات التجمع في التشريع المغربي
أولا: حريات الاجتماع في التشريع المغربي
ثانيا: حريات التجمهر والتظاهر السلمي في التشريع المغربي
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي لحريات التجمع في المواثيق الدولية
تسمح الهندسة الدستورية المحكمة في المجتمعات الديموقراطية بتنظيم العلاقات بين المؤسسات والأفراد والجماعات وفق قواعد أساسية تتعلق بالحكم وتنظيم السلط داخل الدولة وصلاحيات مؤسساتها وحقوق المواطنين وحرياتهم العامة، على اعتبار أن بنية هاته الدول مؤسسة على قيم ومبادئ الكرامة والديموقراطية والمساواة والحرية والحق في التعبير. وعلى غرار ذلك، نص دستور المملكة المغربية الصادر في 29 يوليوز 2011 في بابه الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية على جملة من الحريات والحقوق المرتبطة بمبادئ كونية تضمن حرية الرأي والتعبير، وذلك في محاولة دستورية لتحقيق الملاءمة بين واقع الحريات والحقوق الأساسية في المغرب تنصيصا وممارسة مع سقف مضامين حقوق الإنسان والمواطن المعلن عنها في اتفاقيات ومواثيق دولية متعددة منذ 1789 وفي انسجام مع روح وفلسفة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 دجنبر 1948 طالما أن دولة القانون هي مفتاح الديموقراطية.
وقد أقر الدستور المغربي مبدأ الشرعية في إطار دولة الحق والقانون عندما نص على تقيد الجميع بالقواعد القانونية، وجعل كل مخالفة لها من طرف السلطات العمومية بمثابة إخلال بالاحترام الواجب للحريات والحقوق الأساسية المضمونة دستوريا كتطبيق لمبدإ مساواة الجميع أمام القانون والالتزام بواجب احترام الحريات الفردية والجماعية والتعددية السياسية والنقابية من طرف الجميع[3]، بما في ذلك التزام الدولة وسلطاتها العمومية باحترام حرية التعبير والإعلام وحرية الاجتماع والتجمع وضمان سلامة المواطنين أثناء ممارستهم لحقوقهم في التجمع والتظاهر والتجمهر بشكل سلمي، بعيدا عن أي استعمال للعنف بغض النظر عن الغايات التي تسعى إلى تحقيقها مشروعية هذه التجمعات من تعبير عن رأي المشاركين فيها ورغبتهم في إيصال صوتهم لصانعي القرار أو ترجمتهم لأهداف سياسية شخصية عبر قنوات رسمية ونظامية كالجمعيات والنقابات والأحزاب أو بشكل عفوي ومباشر في الطرق العمومية خارج نطاق الأدوار المرسومة لمؤسسات التأطير والوساطة تلك.
وبالفعل، تشكل الحريات في جوهرها مجموع الحقوق الفردية والجماعية الأساسية المعترف بها للمواطنين داخل نسق الوثيقة الدستورية بما تعلن عنه من قواعد دستورية نابعة من إرادة المشرع، وتترجم هذه المقتضيات من خلال قواعد مكتوبة وأخرى غير مدونة لكنها تحظى بحماية القضاء عند كل خرق لها أو تضييق على ممارستها[4]. وهو ما طوق الدولة دستوريا بمسؤولية تعزيز وحماية حقوق الإنسان وضمان ممارسة المواطنين لحرياتهم العامة، وذلك بجعلها تمرينات للأفراد والسلطات العمومية على احترام فلسفة وضوابط المشاركة الديموقراطية[5]، خاصة حرية التجمع والاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والنقابات والأحزاب والانتماء إليها كما نص عليها الفصل 29 من الدستور المغربي.
من أجل ذلك، كان لزاما أن نتناول تعريف حريات التجمع بغية ضبط حدود التمييز بينها كحاجة تسعف في توضيح تأويلات هذه الحريات أثناء ممارستها، وذلك من خلال ما جاءت به بعض المواثيق الدولية عبر تفكيك بنية حرية الاجتماع (أولا)، قبل الانتقال إلى معالجة بنية حريات التجمهر والتظاهر السلمي(ثانيا).
أولا: حريات الاجتماع في المواثيق الدولية
صادق المغرب في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية ذات العلاقة بالفصل 29 من دستور المملكة المغربية على جملة من المواثيق الدولية التي تهدف إلى حماية مجموعة كاملة من الحقوق، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948[6] والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966[7] وكذا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966[8].
وتدخل حريات وحقوق الإنسان على الصعيد الدولي في نسق شمولي ومتكامل تتدرج فيه البنية المفاهيمية من التنظير إلى الممارسة، ذلك أن الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء شاملا لحق كل شخص في حرية الرأي والتعبير بما يتضمنه هذا الحق بمعناه الواسع من حريات اعتناق الآراء ونشر الأفكار وإذاعتها بمختلف الوسائل دون تقيد بأية حدود جغرافية.
وقد اعترفت مجموعة من المواثيق الدولية بحق التجمع السلمي[9]واعتبرته من الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين داخل المجتمعات الديموقراطية، وتدخل ضمنه حرية الاجتماع la Réunion التي نص عليها الفصل 29 من الدستور المغربي، مما يقتضي تأويله بشكل سليم لا تتعارض فيه مقتضيات المواثيق الدولية مع مقتضيات التشريع الوطني بإعمال مبدأ ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق والعهود الدولية المصادق عليها من طرف المغرب في نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة والهوية الوطنية[10].
وبالفعل، ما فتئت المواثيق الدولية تؤكد على حرية الاجتماع، حيث جاءت المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتنصيص صريح على أن لكل شخص الحق في حرية الاجتماع[11]، كما اعترفت المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية لسنة 1966 بالحق في التجمع السلمي، وجعلت ممارسته في المجتمعات الديموقراطية مشروطة بما تنص عليه مقتضياتها القانونية التي تشكل ضمانات قانونية موضوعية وشكلية لحماية حرية الاجتماع وفي نفس الوقت قيودا تدبيرية ضرورية لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حريات الآخرين.
ويقصد بالاجتماع فعل الالتقاء المنظم بطبيعته التشاورية السلمية بين أفراد يجمعهم في مكان وزمن محددين موضوع معين من أجل تحقيق غاية محددة، على اعتبار أن المشاركين في اجتماع أو المنخرطين في تجمع سلمي تكون لديهم طواعية رغبة في التعبير عن أفكارهم وآرائهم والدفاع عن مصالحهم المشتركة بشكل سلمي وبدون عنف[12]. وهو ما كرسه إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان[13]عندما نص في إطار حماية حريات الإنسان وحقوقه الأساسية على أن لكل فرد الحق بمفرده أو بالاشتراك مع غيره في الاجتماع أو الالتقاء أو التجمع سلميا على الصعيدين الوطني والدولي. وقد سار الميثاق العربي لحقوق الإنسان على نفس المنوال عندما أكد في مادة 24 على حق كل مواطن في حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية[14].
ولم يخرج الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981 عن ذلك الإطار، عندما نص في المادة 11 منه على حق كل إنسان في أن يجتمع بحرية مع آخرين في إطار الضوابط والقيود التي تضعها القوانين واللوائح في دولته خاصة ما يتعلق بمصلحة الأمن القومي وسلامة وصحة وأخلاق الآخرين أو حقوق الأشخاص وحرياتهم. وفي مقابل ذلك جاءت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لسنة 1950 في مادتها 11 بتدقيق الحق في حرية الاجتماعات السلمية دون إخضاعها لقيود غير تلك المحددة في القانون حسب ما تقتضيه الضرورة في المجتمع الديموقراطي لصالح الأمن القومي وسلامة الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة وحماية الصحة والآداب أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، مع إمكانية فرض قيود قانونية على ممارسة هذه الحقوق من طرف السلطات العمومية من رجال القوات المسلحة أو الشرطة أو الإدارة.
ويعتبر التجمع في شكل اجتماع لقاء متعمدا ومؤقتا إما بشكل ثابت أو متحرك في مكان خاص أو عام بغرض تعبيري مشترك يتجاوز حدود الحيز الخاص لكل فرد مشارك في التجمع من قبيل التجمعات العرضية المقامة أمام المؤسسات التعليمية أو الجامعية أو دور السينما أو داخل قاعات الحفلات[15]. وهو ما ذهبت إليه المبادئ التوجيهية بشأن حرية التجمع السلمي سنة 2012 عندما عرفت التجمع بأنه الوجود المقصود والوقتي لعدة أشخاص في مكان عام لخدمة قضية مشتركة، وعلى الرغم من أن أشكالا معينة من التجمعات قد تتطلب صياغة أحكام قانونية خاصة فإن جميع أنواع التجمعات السلمية سواء التجمعات الثابتة أو المتنقلة فضلا عن تلك التي تقام في المباني العامة أو الخصوصية أو في منشآت مغلقة تستحق الحماية من طرف الدولة[16].
ويمكن أن تتخذ حرية الاجتماع شكل اجتماعات رسمية في إطار تنظيمي مؤطر بقوانين وأنظمة داخلية للمنظمات المشرفة على تنظيمها كاجتماعات الأجهزة والمكاتب الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية للجمعيات والمنظمات غير الحكومية والنقابات والأحزاب السياسية، أو اجتماعات غير رسمية وخارج أي إطار تنظيمي تهدف بشكل سلمي لتحقيق مصالح مشتركة وغايات مشروعة كتجمعات الولائم والجنائز والاحتفالات والاجتماعات التنسيقية والتجمعات الترفيهية المرتبطة مثلا بمنتسبي نفس المهنة أو المنتمين لأندية اجتماعية. كما يمكن أن تتخذ هذه الاجتماعات أيضا طابعا خاصا بصورة مغلقة في الحالات التي تكون الدعوات الإسمية الخاصة شرطا لازما لحضورها بغض النظر عن مكان انعقادها سواء كان قاعة خاصة أو عمومية، أو أن تكون مفتوحة أمام العموم في شكل اجتماعات عامة كتلك اللقاءات الفعلية والمباشرة أو التي تذاع عبر وسائل الإعلام أو في وسائط التواصل الاجتماعي أو التي يتم الإعلان عنها للعموم دون حصر صفات وأعداد المشاركين فيها. وهذا الشكل الثاني من الاجتماعات من شأنه تهديد الأمن العام في تقدير السلطات العمومية لاستحالة توقع عدد الحضور والمشاركين فيه بشكل مسبق وكذا لصعوبة التحكم القبلي والآني في تطورات الأوضاع ومجريات وغايات التجمع البشري أثناء سريان الاجتماع.
من أجل ذلك اعتبرتها المواثيق الدولية اجتماعات وتجمعات مضمونة مادامت لم تخرج عن دائرة الصبغة السلمية، وهو ما خول للتشريعات الوطنية حق وضع قيود على ممارستها كلما زاغت عن مسار الممارسة السلمية وجنحت نحو أعمال عنف غير سلمية وإضرار بالغير لتحقيق غايات غير مشروعة قانونا، أو منعها بشكل قبلي في حالات توفر معطيات قابلة للتعليل القانوني والواقعي ترجح كفة تأويل عدم مشروعية ممارسة الاجتماع أو التجمع كحالات الاجتماعات والتجمعات المضادة من طرف جهة ثانية، مما يدفع السلطات العمومية لاتخاذ قرار المنع حماية للنظام العام وللأشخاص المزمع مشاركتهم في التجمعات مع ضرورة تعليلها لذلك القرار الإداري وتبليغه للجهة المنظمة للاجتماع والتجمع.
ثانيا: حريات التجمهر والتظاهر السلمي في المواثيق الدولية
لم تميز المواثيق الدولية بشكل دقيق بين أنواع التجمعات الممكن ممارستها في إطار الحريات والحقوق الأساسية المخولة للأفراد من منظور المرجعية الكونية، لذلك جاء مفهوم الحق في حرية الاجتماع والتجمع شاملا لمفاهيم أخرى تدخل في بنيته نظريا وتتمايز عنه في الممارسة واقعيا كما جاء بذلك الفصل 29 من الدستور المغربي. ويدخل التجمهرL’Attroupement في نطاق التجمعات الهادفة إلى ممارسة حريات اجتماع الأفراد في الميدان سواء أكان ذلك التجمع سلميا أم لا، ومنظما أو عفويا، وفي الطرق العمومية أو في شكل احتلال للساحات والفضاءات العمومية المشتركة.
وتختلف حرية التجمهر السلمي التلقائي عن حرية التظاهر السلمي بطبيعته الاحتجاجية المؤطرة من طرف جهة معرف بها تنظيميا تعلن مسؤوليتها عن تنظيم المظاهرة بما يتطلبه ذلك من احترام لأنظمة الإخطار والتصريح والتنظيم والتنسيق مع السلطات العمومية كالحصول على ترخيص للمظاهرة أو خضوع لمنع معلل لها. من أجل ذلك، يندرج التجمهر السلمي كما نصت على ذلك المادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ضمن حريات التجمع والاجتماع بصورة سلمية وإن كان تلقائيا وطارئا وغير منظم من طرف جهة معروفة مسبقا، كتجمهر مواطنين بشكل سلمي حول شخص تعرض لحادثة سير أو تجمهر سلمي حول موكب رسمي مار من طريق عمومي أو تجمهر جماهير فريق كروي في طريق عمومي قبل أو بعد خروجهم من الملعب[17]، إلى غير ذلك من الأمثلة التي تبقي السلطات العمومية متأهبة وحذرة من هذا الشكل من أشكال التجمعات الذي من شأنه في أية لحظة أن يتحول إلى خطر على النظام العام وينزلق إلى تهديد للأمن العمومي ولحريات وحقوق الآخرين. لذلك، فإن ممارسة حريات الاجتماع والتجمع والتظاهر بمختلف خصائصها خارج نطاق الشروط والضوابط القانونية الدولية والوطنية من شأنه أن يتسبب في تحول اجتماع أو تجمع إلى تجمهر في بعض الحالات التي يصبح فيها توصيف هذه الحرية من طرف السلطات العمومية أو تكييفها من طرف القاضي في حالات التنازع على أنها تجمهر سلمي أو مسلح مهدِد للنظام العام والأمن العمومي وحريات وحقوق الآخرين.
وهو ما حذا بالمواثيق الدولية في مجال الحريات والحقوق الأساسية إلى عدم الخوض في مفهوم التجمهر وطبيعته وتركت الباب واسعا أمام التشريعات الوطنية لوضع الضوابط القانونية والتنظيمية المؤطرة لكيفيات ممارسته تضييقا أو توسيعا وضبط حدود التمييز بينه وبين باقي أشكال التجمعات. خاصة وأن الطابع السلمي لهذه التجمعات في شكل تجمهر ينفي عنها الصبغة الجرمية مادامت أنها غير مسلحة ولا عنف في ممارستها ولم تمس بالنظام العام والأمن العمومي وبحريات وحقوق الآخرين. وهو ما يجعل منها من زاوية نظر حقوقية فرصة سانحة للدولة وحكومتها لالتقاط الرسائل المعبر عنها في مختلف أشكال التجمهرات السلمية الحادة والتفاعل بإيجابية مع مشروعية المطالب المباشرة المعبر عنها خدمة للقضايا المجتمعية كالحق في التعليم العمومي المجاني والصحة والتشغيل، والتي تهم الرأي العام الوطني والدولي[18] وتضع أجهزة الدولة وسلطاتها العمومية أمام تمرين ديموقراطي من شأنه أن يكسبها في تقارير المنظمات الدولية نقطا إيجابية في احترام مؤشرات الديموقراطية التشاركية وحماية المشاركين في هذه التجمعات والقدرة على احتواء ممارستها دون استعمال السلطات العمومية للعنف والتناسب في التعامل مع تطورات ومجريات التجمعات دون استخدام القوة المفرطة في تفريق المتجمهرين[19].
من جهة أخرى، يدخل التظاهر La manifestation أيضا في نطاق التجمعات السلمية المنصوص عليها في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية لسنة 1966[20]، إذ تتخذ التظاهرات السلمية شكل مظاهرات وتجمعات معترف بها ومنظمة بشكل سلمي لمجموعة أشخاص في الطريق العمومية[21] يعبر فيها المشاركون جماعيا عن أفكارهم ومواقفهم بأشكال احتجاجية إزاء قضية ما[22]. وهو ما يجعل من حرية التجمع والتظاهر السلمي بالنسبة للأفراد من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان وسيلة ميدانية للتعبير عن الانتقادات من أجل إحداث تغيير مأمول أو رفض تغيير معمول به من خلال تمرير رسائل ومواقف للدولة وحكومتها والضغط عليها بشكل سلمي للإنصات لمطالب المتظاهرين المشروعة[23].
ويأخذ التظاهر السلمي شكلين حسب طبيعة حركيته، فإذا كانت التظاهرات السلمية متحركة عبر مسار معين معلوم مسبقا في الطريق العمومي فإنها تُعرف باسم المسيرة كتظاهرات العمال في عيد الشغل من فاتح ماي سنويا، أما إذا كانت التظاهرات السلمية قارة في مكان عمومي كالساحات العمومية أو في طريق عمومي فإنها تتخذ شكل تجمع سلمي منظم كالوقفات الاحتجاجية المنظمة من طرف بعض الجمعيات أو النقابات أو الأحزاب السياسية أمام البرلمان للتعبير عن موقف مثل مساندة المقاومة الفلسطينية أو رفض التطبيع مع سلطات الاحتلال.
وقد أوصت المواثيق الدولية، حفاظا على النظام العام بأبعاده المتعددة، بتنظيم التشريعات الوطنية الملائمة لحرية ممارسة المواطنين لحق التظاهر السلمي في الطريق العمومي من خلال وضع قيود تكون ضرورية طبقا للقانون لحماية النظام العام والأمن العمومي وحريات وحقوق الآخرين، وهو ما تترجمه السلطات العمومية في شكل تصريح قبلي يقدم للسلطات الإدارية المحلية من طرف الجهة المنظمة للتظاهر تفاديا لوقوع ممارسة حرية التظاهر السلمي من قبل المشاركين فيه في عداد الفعل الجرمي المعاقب عليه قانونيا. وهو ما يخول للمشاركين في هذه التظاهرات والتجمعات السلمية حرية التمتع غير المقيد لهذا الحق بشكل طوعي خال من أي إكراه، على أن تكون ممارسته خاضعة للمعايير الدولية في حدود ما تسمح به التشريعات الوطنية[24].
المبحث الثاني: الإطار المفاهيمي لحريات التجمع في التشريع المغربي
وضع المشرع المغربي مجموعة من المقتضيات القانونية التي ساهمت في التنصيص على ضمان الحريات والحقوق الأساسية التي تناولها لاحقا الفصل 29 من دستور المملكة المغربية وفي مقدمتها حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي. وذلك من خلال ترسانة من النصوص التشريعية المحددة لشروط وكيفيات ممارسة هذه الحريات والحقوق ذات الطبيعة السياسية والاجتماعية مما ساهم في تمييزها عن بعضها البعض، ونخص بالذكر الظهير الشريف رقم 1.02.200 الصادر في 12 من جمادى الأولى 1423 الموافق ل23 يوليوز 2002 بتنفيذ القانون رقم 76.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 الموافق ل 15 نوفمبر1958 بشأن التجمعات العمومية، وكذا الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 الذي وضع ضوابط ممارسة الحق في تأسيس الجمعيات والمعدل بالقانون 75.00 المنفذ بالظهير 1.02.200 الصادر بتاريخ 23 يوليوز 2002.
وقد شكل الظهير الشريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية إطارا قانونيا متقادما لكنه جاء شاملا للحريات التي ارتقت لاحقا إلى مصاف الحريات المنصوص عليها دستوريا في الفصل 29، حيث ضمت فصول هذا الظهير مقتضيات مؤطرة لمختلف التجمعات من اجتماعات وتظاهرات وتجمهرات في الطرق العمومية بشقيها المسلحة والسلمية[25].
وقد شهد الإطار القانوني المنظم للتجمعات العمومية في المغرب منذ 1958 عدة تعديلات تبعا للسياقات السياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب وطنيا ولتطور منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية دوليا، وذلك في تقاطع مع مقتضيات قانونية وتنظيمية أخرى تبيح أو تمنع قيام المواطنين بممارسة حرياتهم في الاجتماع أو التجمهر أو التظاهر السلمي وفق شروط وضوابط قانونية في حالات السلم العادية أو قيود طارئة تفرضها الدول في حالات الحرب أو مقتضيات حالات الطوارئ كما هو الحال بالنسبة لتقييد الحريات العامة ومنعها أو حظرها جزئيا بقانون حالة الطوارئ الصحية المرتبطة بمواجهة تفشي وباء كوفيد 19[26]. إلا أن قوة الدفع المؤطرة لاستعمال المواطنين لحقهم في التظاهر السلمي كتعبير عن رأيهم في قضية ما أو دفاعا عن حقوقهم بمطالب مشروعة في شكل حركات احتجاجية سواء كانوا منتمين لفئات اجتماعية كجمعيات الطلبة المعطلين أو لتشكيلات مهنية كالمنظمات النقابية، من شأنها أن تفرض على السلطات العمومية ممارسات سلمية فعلية لهذه الحريات بالطرق العمومية، ولاعتبارات قانونية وواقعية يمكن لهاته السلطات العمومية في حدود السلطة التقديرية المخولة لها أن تتعامل بواقعية ووفق ما تمليه المقتضيات القانونية مع ممارسة تلك الحريات والحقوق الأساسية سواء بالإعلان المسبق عن منعها أو السماح بممارستها في الحد الأدنى الذي لا يمس حقوق باقي المواطنين ولا يمس بالنظام العام والأمن العمومي، أو باستعمال القوة بشكل تدريجي وفق مبادئ الاستثناء والتناسب والضرورة[27] في تفريق المحتجين أو القيام بمتابعات المخالفين في حالات مخالفة القانون وإبداء مقاومة غير سلمية أثناء رفض قرار السلطات فض الاحتجاج مما يخرج التظاهر عن صبغته السلمية ويحوله إلى تجمهر غير سلمي في حالة تبادل استعمال العنف بمختلف أشكاله بين المحتجين والقوات العمومية.
وبالرغم من ذلك، يلاحظ أن المشرع المغربي لم ينح كبعض الدول العربية منحى استخدام التشريع كأداة للحد من ضمانات حقوق وحريات الأفراد ونطاق ممارستها، بل بالعكس من ذلك جاءت التعديلات القانونية في صالح توسيع حريات ممارسة التجمعات العمومية السلمية والارتقاء بها لمصاف الحريات المنصوص عليها دستوريا كما هو الشأن بالنسبة للتجمهر الذي كان الأصل فيه هو منع كل التجمهرات المسلحة وغير المسلحة المخلة بالاطمئنان العام ومعاقبة المشاركين فيها في ظهير التجمعات العمومية لسنة 1958 ليصبح الأمر بعد دستور 2011 مختلفا، إذ استمر منع ومعاقبة التجمهر المسلح فقط دون غيره من التجمهرات السلمية التي تم التنصيص عليها في الفصل 29 من الدستور في إطار الحريات المضمونة كتحول دستوري وديموقراطي متقدم على النصوص القانونية المعدلة لظهير التجمعات العمومية في سنة 1973[28] وسنة 2002[29]. فبالرغم من أن القانون 76.00 الصادر سنة 2002 بشأن التجمعات العمومية قد استمر في حذف الفقرة الثانية من الفصل 19 المتعلقة بالتجمهرات غير المسلحة على غرار تعديلات سنة 1973، إلا أنه في مقابل ذلك لم ينظم شروط وكيفيات ممارسة التجمهر السلمي القانوني ليتسنى للأفراد ممارسة حرية التجمهر بما لا يتنافى والقانون المنظم للتجمعات العمومية باستثناء استمرار العمل بالفصل 21 الذي يعاقب المشاركين في التجمهر السلمي غير المسلح بعقوبات سجنية تتراوح من شهر إلى 3 أشهر في حالة عدم انسحابهم من التجمهر السلمي بعد توجيه الإنذار الثالث لهم، وبعقوبات سجنية تتراوح ما بين شهر و6 أشهر في حالة تشتيت التجمهر السلمي بالقوة بعد استمرار التجمهر وعدم تفرق المشاركين فيه بعد الإنذار الثالث ومقاومتهم للقوات العمومية.
وهو ما يعني أن الأفراد ملزمون بالتقيد بالقانون واحترام مبدأ التلازم بين ممارسة الحريات والحقوق والنهوض بأداء الواجبات كما نص على ذلك الفصل 37 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، مما يعني أن ممارسة حرية التجمهر تظل مضمونة دستوريا مادامت أنها سلمية ولا تمس بالنظام العام إلى حين تدخل السلطات العمومية بتوجيه إنذارات للمتجمهرين لفض التجمهر أو تفريقهم باستعمال القوة إذا استقر تقدير المسؤولين الإداريين الممثلين للسلطات العمومية على أن التجمهر أصبح من شأنه الإخلال بالأمن العمومي أو أخل به فعلا، آنذاك يصبح كل متجمهر رافض لأوامر السلطات العمومية في وضعية غير قانونية ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات الدستورية للحقوق والحريات الأساسية التي خولها له الفصل 29 من الدستور. وهو ما يتقاطع مع مضمون الفصل 306 من القانون الجنائي المغربي الذي نص على عدم الحكم بعقوبة العصيان على المنسحبين من التجمع عند أول إنذار تصدره السلطات العمومية[30]. لذلك يلاحظ أن السلطات العمومية سمحت بممارسة حريات التجمع والاجتماع والتجمهر السلمي كما نص على ذلك الفصل 29 من دستور المملكة المغربية، وفي مقابل ذلك تم اختيار أسلوب المتابعات القضائية الفردية في حق مخالفي القانون من المشاركين في التجمعات والتجمهرات التي زاغت عن مسارها السلمي ودخلت في استعمال العنف في مواجهة القوات العمومية أو في حق بعض المشاركين في التجمعات والتجمهرات أثناء تفريقهم وإبدائهم لرفض صريح لقرار السلطات العمومية فض التجمع أو التجمهر بعد تحول تكييفه إلى تجمع وتجمهر غير قانوني، وذلك بغض النظر عن نتائج هذه التجمعات العمومية ومدى استجابة الدولة وحكومتها لمطالب المشاركين فيها، مما يفقد المطالب السياسية والاجتماعية والمهنية بريقها فتتفكك تلقائيا بعدما تتحول بوصلة قوة الدفع الإعلامي بعد ذلك إلى مؤسسة القضاء في شكل مطالب ومناشدات من أجل إطلاق سراح المتابعين.
أولا: حريات الاجتماع في التشريع المغربي
لم يتغير تعريف المشرع المغربي للاجتماعات العمومية وظل جامدا منذ سنة 1958، إذ نص الفصل الأول من الظهير الشريف بشأن التجمعات العمومية على أن الاجتماعات العمومية حرة وهي كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم وتُدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محدد من قبل[31]. وقد ظلت حرية عقد الاجتماعات خاضعة تنظيميا لنظام التصريح إلى السلطة الإدارية المحلية[32] باستثناء الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والهيئات المؤسسة بصفة قانونية ذات الأهداف الثقافية أو الفنية أو الرياضية أو المؤسسات الإسعافية أو الخيرية. من جهة أخرى، وضع الفصل 4 من قانون التجمعات العمومية رقم 76.00 قيودا مكانية وزمانية على ممارسة حرية الاجتماعات العمومية عندما جعل انعقادها مستحيلا في الطرق العمومية وما بعد الساعة الثانية عشر ليلا وما بعد الساعة المحددة في التصريح، تحت طائلة تحول تكييف هذا الشكل من التجمع إلى تجمهر مخالف للنظام العام.
ويقصد بحرية الاجتماع[33] الحق في إقامة اجتماع عمومي في مكان خاص أو عمومي محدد كقاعة عمومية أو مقر منظمة من المنظمات السياسية أو النقابية أو جمعيات المجتمع المدني أو غيرها لمناقشة جدول أعمال محدد سلفا تبعا لطبيعة الجهة المنظمة لهذا الاجتماع، وذلك حسب المقتضيات القانونية المغربية المؤطرة للحق في ممارسة حرية الاجتماع ووفق الأنظمة الأساسية الداخلية للجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية إذا كانت بصدد ممارسة حرية الاجتماع المكفولة لها دستوريا.
ذلك أن الفصل 29 من الدستور المغربي عندما نص على حرية الاجتماع أقر حق المواطنين أفرادا وجماعات في التجمع في مكان ما غير الطرق العمومية ولفترة زمنية معينة لا تتجاوز منتصف الليل وفق التصريح المقدم للسلطات للسماح لهم بالتعبير عن آرائهم ومناقشة أفكارهم بشكل من الأشكال السلمية سواء بخطب أو ندوات أو محاضرات أو مناقشات في إطار تنظيمي مؤطر بالتشريعات الوطنية وبالأنظمة الداخلية لهاته المنظمات من قبيل اجتماع المكاتب التنفيذية أو الجهوية أو المحلية للهيئات المؤسسة بصفة قانونية كالجمعيات أو النقابات أو الأحزاب السياسية. وهو ما جعل هيئات أخرى بمفهوم المخالفة غير متمتعة بحرية الاجتماع كما يعرفها قانون 76.00 المغير والمتمم لظهير 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية طالما أنها غير معفاة من نظام التصريح المسبق للسلطات الإدارية المحلية كما ينص على ذلك الفصل 3 منه، مثل التنسيقيات المهنية غير المتوفرة على وصل مؤقت أو نهائي أثناء تأسيسها مما يجعلها في عداد المنظمات غير المتوفرة على الصفة بمكتب معترف به من طرف السلطات العمومية مما يجعل اجتماعات أعضائها خارج نطاق هذا القانون، وقد ابتكرت هاته التنسيقيات أشكالا جديدة من الاجتماعات الإقليمية والجهوية والوطنية المقامة على المباشر في فضاءات التواصل الاجتماعي مستفيدة من الثورة الرقمية والتكنولوجية، بالموازاة مع عقدها لجموعها العامة فعليا بمقرات المنظمات النقابية أو بمقرات الجمعيات الحقوقية وفق جدول أعمال محدد دون أن تتمكن السلطات العمومية من منعها طالما أن الجهة التي تتبنى عقد الاجتماع متمتعة بالصفة القانونية لممارسة حريات الاجتماع.
إلى جانب ذلك، يمكن توسيع نطاق ممارسة حرية الاجتماع والتجمع واقعيا في المغرب بالنظر لكونه دولة إسلامية ليشمل مختلف التجمعات المتصلة بممارسة الشعائر الدينية من قبيل تجمع عدد كبير من المصلين في المساجد أو في الساحات العمومية أو الشوارع المجاورة للمسجد يوم الجمعة وفي صلاة التراويح وأيام عيد الفطر وعيد الأضحى مادام أنها ممارسة لشعائر دينية تشرف عليها مندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنسيق مع السلطات العمومية المحلية، وكذا التجمعات العمومية المتعلقة بممارسة بعض العادات والتقاليد مثل المواسم المنظمة في البوادي وأضرحة الأولياء الصالحين أو الجموع العامة المقامة في الزوايا أو الاجتماعات المنظمة من طرف أعضاء طريقة دينية معينة مصرح بها لدى السلطات التابعة لوزارة الداخلية طالما أن ممارستها كانت في أماكن ومقرات خاصة ولم تخرج إلى الطرق والشوارع العمومية وإلا دخلت في عداد المظاهرات طبق العوائد المحلية كمواكب الختان والزواج والتي أعفاها من التصريح الفصل 11 من ظهير التجمعات العمومية منذ سنة 1958. وقد انضافت إلى ذلك مؤخرا بعض الممارسات التي تربط حرية التعبير بالحق في التجمع والاجتماع، ونخص بالذكر تجمع بعض المواطنين بشكل فردي أو جماعي أمام مقر البرلمان في ساحات عمومية ليس بهدف الاحتجاج لتحقيق مطالب مشروعة وإنما لممارسة الرقص والغناء في الساحات والأرصفة العمومية كشكل من أشكال التعبير وإثارة الانتباه لمواهب هؤلاء الأفراد من خلال استغلالهم الظرفي لجزء من الساحات العمومية للتعبير عن الحق في الاختلاف في الفضاء العام. إلا أن هذه التجمعات لم تواجه بالمنع من طرف السلطات العمومية بصرف النظر عن تكييفها القانوني[34] وطبيعة الرسائل السلمية التي تمررها للمارة والمتجمهرين بأغاني أجنبية قد يكون محتواها عنيفا أو ثوريا أو عاطفيا أو ماسا بالحياء العام أو داعيا إلى عصيان أو تمرد.
إلا أن ما يميز هاته الأشكال من التجمع والاجتماع عن باقي التجمعات الاحتجاجية هو تباين الغاية منها، كأن تندرج في عداد المرامي الدينية والعقدية والنفسية التي تخلق الطمأنينة والراحة ولا تهدد النظام العام في شيء فتجعل ممارسة حرية الاجتماع غاية في ذاتها، أم أنها تندرج في عداد الغايات السياسية أو الحقوقية أو المهنية التي تسعى إلى الضغط على الدولة بحكومتها ومؤسساتها وإداراتها ومرافقها العمومية من أجل الاستجابة لتحقيق مطالب وحاجات شعبية أو فئوية أو مهنية مشروعة، خاصة أن ممارستها تتم بطريقة تتجاوز مؤسسات الوساطة والتأطير التقليدية كالنقابات والأحزاب وخارج نطاق القنوات القانونية والمؤسساتية، ممارسة احتلالا ظرفيا مثيرا للانتباه للشوارع والساحات العمومية لمدة زمنية محددة أو ممتدة من أجل إحراج صناع القرار والدفع بالقضية أو المسألة موضوع الاحتجاج إلى الأمام والإسراع بإيجاد حل لها بإدراجها في جدول أعمال الحكومة وتسليط الأضواء داخليا وخارجيا على الدولة وحكومتها والنيل من سمعتها بإحراجها أمام الرأي العام الوطني والدولي. لذلك، كان لزاما على المشرع المغربي أن يترك هامشا للتقدير للسلطة الإدارية تمارسه في السماح لهاته الاجتماعات والتجمعات أو منعها شريطة تعليل قراراتها الإدارية، مقابل حق الأفراد في تقديم طعونهم الإدارية والقضائية دفاعا عن حرياتهم وحقوقهم الأساسية طالما أن تلك القرارات الإدارية تظل تحت رقابة القضاء الإداري.
ثانيا: حريات التجمهر والتظاهر السلمي في التشريع المغربي
يعتبر التجمهر تجمعا بشريا تلقائيا وعفويا وبديهيا يتم بشكل عارض وغير منظم ويقام في طريق عمومي ويسعى وراء تحقيق غاية قد تكون مشروعة[35] أو غير مشروعة[36]، ومن شأنه أن يؤدي إلى وقوع اضطرابات في النظام العام أو إخلال بالأمن العمومي أو المساس بحريات وحقوق أطراف آخرين حسب طريقة ممارسته والمخاطر المحذقة به ودرجة سلمية سريانه وتأويلات الإخلال بالأمن العمومي حسب السلطة التقديرية للسلطات الإدارية المختصة كما خولها ذلك الفصل 17 من القانون 76.00 المغير والمتمم لظهير 1.58.377 في شأن التجمعات العمومية، وذلك عندما أقر بمنع كل تجمهر غير مسلح في الطرق العمومية قد يخل بالأمن العمومي. وقد تدرج مفهوم التجمهر في المغرب مع الزمن لينتقل من منع التجمهرات المسلحة في مرحلة ما بعد استقلال المغرب وبداية بناء الدولة الحديثة المتسمة بسياقات سياسية متوترة مليئة بالمخاطر، إلى السماح بالتجمهر السلمي وضمانه دستوريا في الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011. إلا أن التقاطع بين النص الدستوري والقوانين الأدنى مرتبة منه تدعو إلى تعديل القانون 76.00 المغير والمتمم لظهير 1.58.377 في شأن التجمعات العمومية ليساير أفق التشريع الدستوري الذي ارتقى بالتجمهر السلمي إلى مرتبة حرية مضمونة دستوريا، خاصة وأن واقع الممارسة الميدانية لحرية التجمهر يشهد بالطابع السلمي لمعظم التجمعات وإن كانت محفوفة بمخاطر الانزلاقات الأمنية وتهديد الأمن العمومي فإنها تظل مضمونة إلى حين لحظة توجيه ممثل السلطة العمومية للإنذارات الثلاثة بضرورة تفريق التجمهر دون أن يكون استعمال تقنية الإنذار في حد ذاته غير مؤسس على اعتبارات قانونية وواقعية أو متسما بتجاوز في استعمال المسؤول الإداري لسلطته التقديرية[37].
لذلك يمكن التمييز بين التظاهر السلمي في شكل مظاهرات في الطرق العمومية والتي تعتبر إحدى الحريات الأساسية التي تمارس بشكل منظم وفق شروط محددة مصرح بها، وبين التجمهر الذي يكون تلقائيا بشكل فجائي دون استدعاء الأفراد للمشاركة فيه وبدون تصريح للسلطات العمومية مما يجعله معرضا للمنع في حالة ما إذا كان مسلحا أو مخلا بالأمن العام وإن كان منصوصا عليه لكن بطريقة سلمية في الفصل 29 من دستور المملكة المغربية. لذلك، يعاقب القانون الجنائي المغربي على القيام بالتجمهر غير السلمي وغير المرخص له لتهديده المباشر للنظام العام داخل الدولة، خاصة إذا تم تكييفه طبقا للفصل 300 بمثابة جريمة عصيان[38].
ويعرف التجمهر بأنه تجمع عدواني أو هائج لأشخاص مجهولين لدى السلطات الإدارية المحلية المختصة، ينعقد بصفة عفوية وغير متوقعة بالطريق العمومي بشكل يخل أو من شأنه أن يخل بالأمن العام[39]. ويرى الدكتور ميلودي حمدوشي رحمه الله أن هناك عناصر ضرورية في تكييف التجمهر لتمييزه عن باقي المفاهيم القريبة منه، بحيث لا يتحقق توصيف التجمهر إلا بقيام العدوانية والاندفاع أو الهيجان من جهة أفراد مشاركين فيه بدون أي تصريح مما يجعل غاياته وزمنه ومكانه وصفات المشاركين فيه غير معلومة من طرف السلطات العمومية، إضافة إلى العفوية والفجائية غير المتوقعة للتجمع من جهة السلطات الإدارية المختصة الهادفة لحفظ الأمن والنظام العام[40]، وإلا فالأمر لا يعدو أن يكون مظاهرة أو اجتماعا عموميا أو شكلا آخر من أشكال التجمعات غير التجمهر إذا احترم نظام التصريح وكان خاضعا لتنظيم من قبل جهات لها الصفة القانونية.
من أجل ذلك، يمكن اعتبار حرية التجمهر من الحريات الأساسية المضمونة دستوريا بموجب الفصل 29 من الدستور كلما اتخذت شكل التقاء عفوي وتجمع سلمي فجائي غير منظم لأشخاص في الطريق العمومي بهدف التفاعل الفضولي مع حادثة طارئة أو واقعة استثنائية أو حدث مميز أو لغاية التعبير عن أفكارهم أو آرائهم في موضوع معين من أجل تحقيق غاية مشروعة، دون أن يكون من شأن ذلك الفعل المساس بالأمن العام وبالآخرين بشكل فعلي أو محتمل. في حين لا يدخل التجمهر غير السلمي الذي من شأنه زعزعة النظام العام والمساس بالأمن العمومي وإرهاب الآخرين في عداد الحريات المضمونة دستوريا كما نص عليها الفصل 29 من الدستور المغربي طالما أنه جعل صفة السلمية لصيقة بحرية التجمهر، وهو ما يدخل التجمهر المسلح أو العنيف قانونيا في خانة الجرائم التي يعاقب عليها القانون رقم 76.00 المغير والمتمم لظهير 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية في الفصل 20 منه، إلى جانب باقي العقوبات المنصوص عليها في فصول القانون الجنائي المغربي كما هو الشأن بالنسبة لقيام متجمهرين بمقاومة أو اعتراض أشغال أمرت أو صرحت بها السلطات العمومية[41].
من جهة أخرى، ضمن المشرع الدستوري المغربي للأفراد والجماعات حرية التظاهر السلمي من خلال منطوق الفصل 29 من دستور المملكة المغربية باعتبارها آلية قانونية لممارسة حق التعبير عن المواقف والأفكار والاحتجاج من طرف جهات حصرية لها صفة قانونية بموجب تصريح مودع من طرفها لدى السلطات الإدارية المحلية المختصة، وذلك بأشكال مختلفة تتأرجح بين الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والمظاهرات والتجمعات العمومية في شكل مواكب أو استعراض أو تجمع سلمي أو صاخب[42]. وهو ما أقره الفصل 11 من القانون 76.00 المغير والمتمم لظهير 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية عندما قيد ممارسة التظاهر السلمي في شكل مواكب واستعراضات بوجوب تقديم تصريح[43] سابق للسلطات المحلية من طرف الجهة المنظمة للمظاهرة والتي حددها الفصل 11 حصريا في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والهيئات المهنية والجمعيات المصرح بها بصفة قانونية[44].
ويتخذ التظاهر السلمي شكل خروج للشارع واحتلال مؤقت وظرفي لفضاء عمومي هو الطريق العمومي من طرف جماعة من الأفراد التابعين لحزب سياسي أو نقابة أو جمعية أو هيئة مهنية لهم جميعا صفة قانونية، سواء أكانت حرية التظاهر متحركة عبر الشوارع والطرقات العمومية كالمسيرة والموكب والمظاهرة العمومية أو غير متحركة كالوقفة الاحتجاجية والتجمع العمومي والاستعراض، وذلك قصد التعبير عن إرادة جماعية في إبراز رأي أو الدفاع عن موقف معين في إطار تضبطه المقتضيات والاجراءات القانونية الملزمة للجهة المنظمة للتظاهرة السلمية كوجوب تقديم التصريح القبلي طالما أن السلطة الإدارية المختصة بإمكانها منع التظاهرة تحت مبرر حماية الأمن العام شريطة احترامها لمقتضيات الفصل 13 من القانون 76.00 الذي جعل ممارسة السلطة الإدارية المحلية لسلطتها التقديرية بمنع المظاهرات مقيدة من جهة بإصدار قرار إداري مكتوب يتضمن تعليلا لأسباب المنع المرتبطة بتهديد الأمن العام ومن جهة أخرى بتبليغ القرار المكتوب إلى الموقعين على التصريح بمحل سكناهم. ويسمح نظام التصريح ذلك بتمييز التظاهر السلمي المضمون عن باقي أشكال التجمع والتجمهر السلمي وغير السلمي التي لا تتطلب تصريحا بالنظر لانعدام العلاقة التنظيمية التي تجمع بين الأفراد المشاركين فيها.
وتأخذ بعض التجمعات صيغة مظاهرات في الطرق العمومية ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية بتنظيم من أحزاب وشبيباتها أو من طرف نقابات ومناضليها أو من طرف مجموعات الضغط أو من طرف النخبة المثقفة في أندية فكرية من أجل الضغط على الدولة ودفعها إلى الاستجابة لمطالبها، إلا أن إتيان المشاركين في هذه التجمعات المصرح بها بشعارات ومطالب مشروعة لا يمنح لهذه المطالب الشرعية القانونية طالما أنها اختارت قنوات الاحتجاج في الطرق العمومية بدل إعمال القنوات الرسمية مادامت أن هاته الأحزاب السياسية ممثلة في الأغلبية الحكومية أم جزء من كتلة المعارضة البرلمانية أو أنها قوة ضاغطة ذات تمثيلية مهنية في مجلس المستشارين، إلا أن عدم استجابة الحكومة لمطالب هاته المظاهرات السلمية بوصفها مقياسا مباشرا لأدائها وليس تهديدا لها[45] يترجم غياب المرونة في تعاملها مع الملفات الطارئة والمستجدة والتزامها بالتقليدانية والشكلانية المفرطة في سير أعمالها وفق جدول أعمال نمطي لا ينهل من نبض المجتمع ولا يعكس دائما غليان الشارع والطرق العمومية، مما يجعل معظم مطالب المظاهرات والتجمعات العمومية لا تتحقق بداعي وقعها المالي المرهق لخزينة الدولة فيكون مصيرها الإهمال والنسيان والإعراض.
خاتــــــــمة:
يمكن التأكيد في معرض مساهمتنا التحليلية في دراسة بنية حريات التجمع المتضمنة للاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي كما جاء بها محتوى الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 على أن استكمال الإطار القانوني المنظم لممارسة الحريات والحقوق واحترام المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل من طرف السلطات العمومية وكذا من طرف الممارسين لهذه الحريات والحقوق الأساسية المكفولة بالفصل 29 من الدستور يشكل ضرورة ملحة في مغرب الحريات، حتى لا تبدو الغاية من دستورية بعض الحريات والحقوق الأساسية هي التأثيث الشكلي فقط لفضاء الحريات بواجهة حداثية في ظل غياب الضمانات الكفيلة بحماية ممارستها ميدانيا، خاصة الضمانات التشريعية والقضائية المتعلقة بتبعات ممارسة هذه الحريات، إضافة إلى دور القضاء الإداري في الفصل في المنازعات المتعلقة بمدى احترام المقتضيات القانونية والمسطرية الضرورية لممارستها ليس فقط من طرف الأفراد وإنما أيضا من طرف الدولة وسلطاتها العمومية.
من أجل ذلك، يظهر أن ضمان الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور المغربي خاصة الفصل 29 منه يحتاج إلى حماية فعلية بآليات جديدة تلعب دور الوسيط بين السلطة الإدارية العمومية والأفراد والهيئات الممارسين لحقوقهم وحرياتهم الأساسية بشكل سلمي قبل الوصول لمرحلة إعمال الضمانات القضائية لحل النزاعات المتعلقة بممارسة حق من الحريات والحقوق المدنية والسياسية من قبيل حرية الفكر والرأي والتعبير والتجمع والتظاهر والتجمهر السلمي، والمشاركة بذلك في صناعة السياسات العمومية أو التأثير في سيرورتها عبر آلية الديموقراطية التشاركية. من أجل ذلك، نخلص إلى تقديم جملة من النتائج والتوصيات المرتبطة بدراسة البنية المفاهيمية لحريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي كما نص عليها الفصل 29 من الدستور المغربي، والتي من شأنها فتح الموضوع على إشكاليات جديدة أخرى من قبيل دور القضاء في حماية ممارسة المواطنين لهاته الحريات والحقوق الأساسية، ومن أبرزها:
- اعتبار أن حرية الاجتماع والتظاهر والتجمهر السلمي وإن كانت مضمونة فإن لا شيء يمنع من أن تكون القيود والحدود المشروعة مفروضة على ممارستها من طرف أفراد السلطة العمومية التابعة لإدارات الدولة من شرطة أو درك ملكي أو سلطات محلية. إلا أن هاته الحريات والحقوق لا يمكن أن تكون مقيدة إلا بموجب مقتضيات قانونية أو قضائية تنص بصريح العبارة على تدابير ضرورية لحماية الأمن والطمأنينة العامة وحفظ النظام العام من الجرائم وحماية الصحة العامة والأخلاق وحماية حقوق وحريات المواطنين الأخرين غير المعنيين بحرية التظاهر أو التجمهر السلمي. علما أن حماية حرية التجمع تظل أيضا ضرورية، خاصة وأن المجتمع المدني النشيط وتعددية وسائل الإعلام من شأنها أن تلعب دورا أساسيا في الارتقاء بمجتمع منفتح على التعددية ومشاركة المواطنين في ديموقراطية ومسؤولية الحكومات.
- اعتبار أن حرية الاجتماع توازي حرية التعبير كما يضمنها الدستور والقانون، وأن لكل شخص حرية التعبير التي تتضمن حرية الرأي وحرية استقبال أو إرسال معلومات أو أفكار دون أن تكون محظورة من طرف السلطات العمومية، على أن ممارسة هاته الحريات يظل مؤطرا بتلازم الحقوق والواجبات والمسؤوليات، وهو ما من شأنه أن يجعلها خاضعة لإجراءات أو شروط أو قيود أو عقوبات عندما يتم التنصيص عليها في مقتضيات قانونية لها مضمون أساسي غير قابل لتأويلات كثيرة، إذ لابد أن تحترم هذه القيود والحدود مبادئ الشرعية والضرورة والملاءمة.
- الأخذ في الاعتبار احترام الوظائف الأساسية للدولة عند ممارسة هاته الحريات والحقوق الأساسية زمنيا ومكانيا، خاصة ما يتعلق بفترات الطوارئ الصحية وواجب ضمان الوحدة الترابية والنظام العام والحفاظ على الأمن الوطني الذي يظل من مسؤولية الدولة. وفي مقابل ذلك، يظل من الضروري توجيه انتقادات للدولة من طرف الأفراد والجماعات كلما قامت سلطاتها العمومية بتضييق الخناق على ممارسة حق الاحتجاج والتجمع والتظاهر والتجمهر السلمي ومجابهته باستعمال مفرط للقوة أو حظر أنشطة الجمعيات والنقابات والأحزاب بشكل لا يتناسب وحدة الظروف الطارئة التي تعيشها الدولة.
- اعتبار أن النقاش العمومي بخصوص سلامة ممارسة الحريات والحقوق الأساسية المضمونة دستوريا يظل ضروريا لضمان السير الجيد للمؤسسات ومواجهة كل تعسف محتمل في التأويل من طرف السلطات العمومية الإدارية والمحلية من أجل تحصين مكتسبات المجتمع الديموقراطي وفق بوصلة محكمة قوامها احترام القانون واستحضار الحكمة وإعمال العقل، وقطع الطريق أيضا في المستقبل أمام كل ردة حقوقية من شأنها أن تروم توظيف الآلة التشريعية للتضييق على الحريات والحقوق الأساسية المكفولة دستوريا وهو ما لم يسلكه المشرع المغربي ، وذلك عبر الإدانة المسبقة لكل مصادقة على قوانين مقيدة بشكل كلي لهاته الحريات والحقوق.
- اعتبار أن حرص الدولة وحكومتها على أن يكون استعمال القوة من طرف القوات العمومية شرعيا وملائما وضروريا في حالات قليلة ومؤطرا بضمان حق المتظاهرين في الحياة والسلامة الجسدية للأشخاص، خاصة أن العنف ضد المتظاهرين السلميين لا يشكل حلا في النقاش السياسي حول ممارسة الحريات ولا يحد من تناسل التجمعات بل يزيد الإصرار على التظاهر والتجمهر. وهو ما يدفع إلى إقرار الدولة باعتبار اللجوء الأعمى لاستعمال القوة لتفريق الحشود في التجمعات والتظاهرات والتجمهرات السلمية لا يتناسب ومبدأ الملاءمة، مما يجعل الاستعمال المفرط للقوة لفضها من طرف القوات العمومية مدانا، وسببا لقيام الدولة بفتح تحقيق في حق أفراد القوات العمومية المتورطة في ذلك، استنادا إلى الدور الهام للصحفيين المحايدين أو المصورين المواليين للسلطات الإدارية أو المنتمين للمتظاهرين أو المتجمهرين في إثارة حالات الاستعمال المفرط للقوة، وتيسير تحريك المتابعات القضائية في حق المخالفين.
- اعتبار أن القوات العمومية من رجال الأمن والدرك الملكي والسلطات المحلية الذين يشتغلون في ظروف صعبة معرضون أيضا لأن يكونوا ضحايا ممارسة حق التجمع والتظاهر والاحتجاج والتجمهر من طرف أشخاص في حركات احتجاجية راديكالية أو عنيفة تلحق أضرارا بالأشخاص والممتلكات مما يخرجها من دائرة الاحتجاجات والمظاهرات السلمية المشروعة ويلبسها ثوب الأفعال الجرمية المعاقب عليها.
- تشجيع الدولة على الاستثمار في التكوين المستمر لأفراد القوات العمومية خاصة رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة ورجال السلطة المحلية المكلفين بالقيام بمهام حفظ النظام العام أثناء التجمعات والتظاهرات والتجمهرات السلمية، وذلك لاكتسابهم مهارات فنية وتقنية جديدة تسمح بممارسة مهامهم دون إفراط في استعمال القوة من جهة وضمان سلامتهم أيضا في عدم مواجهة المتظاهرين والمتجمهرين بالعنف المفرط الذي يولد عنفا مضادا من جهة أخرى.
لائحة المراجع المعتمدة:
مراجع باللغة العربية:
الكتب:
- جوزف بادروس، القاموس الموسوعي الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، الطبعة 1، السنة 2006.
- ميلودي حمدوشي، قانون التجمهر دراسة وتحليل، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 53، سنة 2004.
- ميلودي حمدوشي، قانون المظاهرة دراسة وتحليل، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 57، سنة 2004.
- محمد الأعرج، سلسلة مواضيع الساعة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 72، طبعة 1، السنة 2011.
- أمينة المسعودي، القانون الدستوري، الطبعة 2، السنة 2004.
- مصطفى قلوش، القانون الدستوري النظرية العامة، مطبعة دار السلام، الطبعة 1، الرباط، السنة 2004.
القوانين والمواثيق الدولية:
- الظهير الشريف 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 موافق ل 29 يوليوز 2011 بمثابة دستور المملكة المغربية، ج.ر عدد 5964 مكرر صادرة في 30 يوليوز 2011.
- · قانون الالتزامات والعقود، ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913)
- ظهير 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 الموافق ل 24 فبراير 1958 بمثابة نظام أساسي عام للوظيفة العمومية
- الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 2404 مكرر بتاريخ 27 نونبر 1958.
- الظهير الشريف رقم 1.73.284 الصادر في 6 ربيع الأول 1393 (10 أبريل 1973) بشأن التجمعات العمومية، المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 3154 بتاريخ 11 أبريل 1973.
- ظهير شريف رقم 1.02.200 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 76.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 5046 بتاريخ 10 أكتوبر 2002.
- الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 والذي يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات، ج.ر عدد 2404 مكرر بتاريخ 27 نونبر 1958.
- ظهير شريف رقم 1.57.119 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376(16 يوليوز 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 2340 بتاريخ 30/08/1957.
- ظهير شريف رقم 1.00.01 صادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) بتنفيذ القانون رقم 11.98 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.119 الصادر في 18 من ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 4777 بتاريخ 13/03/2000.
- ظهير شريف رقم 1.93.361 صادر في 29 من رمضان1421 موافق 26 دجنبر 2000 بنشر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1979.
- الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963).
- الظهير الشريف رقم 1.11.166 الصادر في 24 ذي القعدة 1432 الموافق ل 22 أكتوبر 2011 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية.
- القانون 76.00 المعدل والمكمل للظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية، ظهير 1.02.200 صارد في 23 يوليوز 2002.
- ظهير شريف بمثابة قانون بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974).
- مرسوم 2.04.969 الصادر في 10 يناير 2005 بتطبيق الظهير الشريف رقم 1.58.376 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات.
- مرسوم 2.04.970 الصادر في 10 يناير 2005 لتطبيق القانون 004.71 الصادر في 12 أكتوبر 1971 المتعلق بالتماس الإحسان العمومي.
- مرسوم 2.57.1465 بتاريخ 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي.
- مرسوم رقم 2.99.1216 صادر في 6 صفر 1421 الموافق 10 ماي 2000 بتحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 12.81 .
- مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 رجب 1441 موافق 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، ج.ر عدد 6867 مكرر، صادرة في 24 مارس 2020.
- مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 رجب 1441 موافق ل 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد 19، ج.ر عدد 6867 مكرر، صادرة في 24 مارس 2020.
- التقرير التركيبي، اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة، أبريل 2014. http://www.hiwarmadani2013.ma/
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
- اتفاقية حماية الإنسان والحريات الصادرة في روما 1950.
- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الصادر في نيروبي سنة 1981.
- إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 10 دجنبر 1998
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 21 دجنبر 1965 كما صادق عليها المغرب.
- اتفاقية دولية مسجلة لدى مكتب العمل الدولي في 20 ماي 1957 مصادق عليها من طرف المملكة المغربية.
- اتفاقية 20 دجنبر 1952 بشأن الحقوق السياسية للمرأة الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 640 د7
- اتفاقية علاقات العمل (في الخدمة العامة) الاتفاقية (رقم 151) الخاصة بحماية حق التنظيم النقابي وإجراءات تحديد شروط الاستخدام في الخدمة العامة اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 27 حزيران/يونيه 1978، في دورته الرابعة والستين، تاريخ بدء النفاذ: 25 فبراير 1981.
- مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بولندا، وارسو، الطبعة الثانية، 2012.
- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، روما في 4 نوفمبر 1950، معدلة في 1 يونيو 2010.
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان، قرار مجلس الجامعة العربية بتاريخ 4/3/2004 (16) 23/5/2004) ع.د: 270 ق.ق
- تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، حلقــة دراســية بشــأن التــدابير الفعالــة وأفضــل الممارســات التــي تكفــل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق الاحتجاجات السلمية، 29 يناير 2014، الدورة 25 لمجلس حقوق الإنسان، الجمعية العامة للأمم المتحدة.
- التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وتقريرا المفوضية والأمين العام تعزيز وحماية جميـع حقـوق الإنسان، المدنيـة والـسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، 13 شتنبر 2011.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 دجنبر1966، تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49، تصديق المغرب عليه في 3 ماي 1979 بموجب الظهير 1.79.186.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 دجنبر 1966 تاريخ بدء النفاذ: 3 يناير 1976، وفقا للمادة 27، تصديق المغرب عليه في 3 ماي 1979.
- دراسة إقليمية لحرية التجمع في المنطقة الأوربية المتوسطية، الشبكة الأوربية المتوسطية لحقوق الإنسان: حرية التجمع الإطار القانوني، 2013
مراجع باللغة الأجنبية:
- Déclaration universelle des droits de l’homme, Le 10 décembre 1948, les 58 États Membres qui constituaient alors l’Assemblée générale ont adopté la Déclaration universelle des droits de l’homme à Paris au Palais de Chaillot (résolution 217 A (III)).
- P8_TA(2019)0127 Le droit à manifester pacifiquement et l’usage proportionné de la force Résolution du Parlement européen du 14 février 2019 sur le droit à manifester pacifiquement et l’usage proportionné de la force (2019/2569(RSP)).
[1] الفصل 29 من الظهير الشريف 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 موافق ل 29 يوليوز 2011 بمثابة دستور المملكة المغربية، ج.ر عدد 5964 مكرر صادرة في 30 يوليوز 2011.
[2] يتعلق الأمر بالأساس بالفصل السادس والفصل السابع والثلاثون من الظهير الشريف 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 موافق ل 29 يوليوز 2011 بمثابة دستور المملكة المغربية، ج.ر عدد 5964 مكرر صادرة في 30 يوليوز 2011.
[3] الفصل 6 من الظهير الشريف 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 موافق ل 29 يوليوز 2011 بمثابة دستور المملكة المغربية، ج.ر عدد 5964 مكرر صادرة في 30 يوليوز 2011.
[4] جوزف بادروس، القاموس الموسوعي الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، الطبعة 1، السنة 2006، ص207.
[5] التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وتقريرا المفوضية والأمين العام تعزيز وحماية جميـع حقـوق الإنسان، المدنيـة والـسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، 13 شتنبر 2011، ص 16.
[6] شكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مرجعية أساسية في إطار الشرعية الدولية لصياغة نصوص المواثيق الإقليمية من قبيل اتفاقية حماية الإنسان والحريات الصادرة في روما 1950 والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الصادر في نيروبي سنة 1981 وكذا الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر في القاهرة سنة 2004.
[7] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 دجنبر1966، تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49، تصديق المغرب عليه في 3 ماي 1979.
[8] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 دجنبر 1966 تاريخ بدء النفاذ: 3 يناير 1976، وفقا للمادة 27، تصديق المغرب عليه في 3 ماي 1979.
[9] المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم
[10] ديباجة دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الظهير الشريف 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 موافق ل 29 يوليوز 2011 بمثابة دستور المملكة المغربية، ج.ر عدد 5964 مكرر صادرة في 30 يوليوز 2011.
[11] Déclaration universelle des droits de l’homme, Le 10 décembre 1948, les 58 États Membres qui constituaient alors l’Assemblée générale ont adopté la Déclaration universelle des droits de l’homme à Paris au Palais de Chaillot (résolution 217 A (III)).
Pour commémorer son adoption, la Journée des droits de l’homme est célébrée chaque année le 10 décembre.
Article 20 :
1. Toute personne a droit à la liberté de réunion et d’association pacifiques.
2. Nul ne peut être obligé de faire partie d’une association.
المادة 20:* لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية.
* لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.
[12] مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بولندا، وارسو، الطبعة الثانية، 2012، ص 15:
يمكن اعتبار التجمع سلميا إذا أعرب منظموه عن نواياهم السلمية على أن تخلو مجريات التجمع من العنف. وينبغي فهم المصطلح “سلمي” بأنه يشمل السلوك الذي يمكن أن يزعج أو يسيء الآخرين، أو السلوك الذي يعيق أو يعرقل بشكل مؤقت نشاطات الأطراف الثالثة.
[13] المادة 5 من إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 10 دجنبر 1998
[14] المادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، قرار مجلس الجامعة العربية بتاريخ 4/3/2004 (16) – 23/5/2004) ع.د: 270 ق.ق:
لكل مواطن الحق في : 1 -حرية الممارسة السياسية. 2 -المشاركة في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية. 3 -ترشيح نفسه أو اختيار من يمثله بطريقة حرة ونزيهة وعلى قدم المساواة بين جميع المواطنين بحيث تضمن التعبير الحر عن إرادة المواطن. 4 -أن تتاح له على قدم المساواة مع الجميع فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده على أساس تكافؤ الفرص. 5 -حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين والانضمام إليها. 6 -حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية. 7 -لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون، والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان، لصيانة الأمن الوطني أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.
[15] دراسة إقليمية لحرية التجمع في المنطقة الأوربية المتوسطية، الشبكة الأوربية المتوسطية لحقوق الإنسان: حرية التجمع الإطار القانوني، 2013، ص 17.
[16] مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بولندا، وارسو، الطبعة الثانية، 2012، ص 15.
[17] الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253: نصت الفصول من 308-1 إلى 308-19 على العقوبات المرتبطة بالعنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها.
[18] التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وتقريرا المفوضية والأمين العام تعزيز وحماية جميـع حقـوق الإنسان، المدنيـة والـسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، 13 شتنبر 2011، ص 16.
[19] مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بولندا، وارسو، الطبعة الثانية، 2012، ص 23
[20] المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.”
[21] ميلودي حمدوشي، قانون المظاهرة دراسة وتحليل، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 57، سنة 2004، ص 26:
الطريق هو كل ممر مفتوح للسير العمومي يتميز بنقطة بداية ونقطة نهاية، تسلكه المظاهرة المتحركة من مكان انطلاقها إلى مكان انتهائها وتفرقها.
[22] ميلودي حمدوشي، قانون المظاهرة دراسة وتحليل، م.س، ص 17.
[23] دراسة إقليمية لحرية التجمع في المنطقة الأوربية المتوسطية، الشبكة الأوربية المتوسطية لحقوق الإنسان: حرية التجمع الإطار القانوني، 2013، ص 16.
[24] مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بولندا، وارسو، الطبعة الثانية، 2012، ص23.
[25] الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 2404 مكرر بتاريخ 27 نونبر 1958.
[26] مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 رجب 1441 موافق 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، ج.ر عدد 6867 مكرر، صادرة في 24 مارس 2020. ومرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 رجب 1441 موافق ل 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد 19، ج.ر عدد 6867 مكرر، صادرة في 24 مارس 2020.
[27] دراسة إقليمية لحرية التجمع في المنطقة الأوربية المتوسطية، الشبكة الأوربية المتوسطية لحقوق الإنسان: حرية التجمع الإطار القانوني، 2013، ص 22 .
[28] الظهير الشريف رقم 1.73.284 الصادر في 6 ربيع الأول 1393 (10 أبريل 1973) بشأن التجمعات العمومية، المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 3154 بتاريخ 11 أبريل 1973.
[29] ظهير شريف رقم 1.02.200 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 76.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 5046 بتاريخ 10 أكتوبر 2002.
[30] الفصل 306 من الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253: لا يحكم بعقوبة العصيان على من ساهموا في التجمع دون أن يقوموا فيه بعمل أو وظيفة، إذا انسحبوا منه عند أول إنذار تصدره السلطة العامة.
[31] الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 2404 مكرر بتاريخ 27 نونبر 1958.
[32] يصح انعقاد الاجتماع قانونيا بعد 24 ساعة من تاريخ تسلم وصل إيداع التصريح من السلطة الإدارية المحلية أو بعد 48 ساعة من تاريخ إرسال التصريح برسالة مضمونة إلى السلطة الإدارية المحلية.
[33] ظهير شريف رقم 1.02.200 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 76.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 5046 بتاريخ 10 أكتوبر 2002.
[34] هذا الشكل من التجمع يختلف عن الاجتماع العمومي الذي يرتبط بمنظمين يقدمون تصريحا للسلطة الإدارية المختصة بصفتهم القانونية وفي أماكن غير الطرق العمومية ووفق بجدول أعمال معد سلفا، كما أنه لا يدخل في عداد التجمهر لأنه لا يحتل الطرق العمومية كما أنه لا يدخل في عداد المظاهرات طالما أنه ليس من تنظيم أحزاب سياسية أو نقابات أو هيئات مهنية أو جمعيات قانونية قدمت تصريحا بذلك.
[35] مثل خروج مجموعة من السكان في منطقة ما للاحتجاج على سوء خدمات أحد المرافق العمومية بطريقة سلمية من تلقاء أنفسهم، وفي غياب تام لأي تأطير أو تحريض من أية جهة.
[36] من قبيل وقوف بعض الأفراد أمام البرلمان واحتجاجهم بعدوانية على النظام السياسي برفع شعارات ورايات مخالفة للقانون دون تأطير من جهة معينة مما قد يعرضهم للاعتقال بتهمة جنحة التجمهر.
[37] الفصل 21 من ظهير شريف رقم 1.02.200 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 76.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر1958) بشأن التجمعات العمومية، ج.ر عدد 5046 بتاريخ 10 أكتوبر 2002.
[38] الفصل 300 من الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253: كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا. والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه.
[39] ميلودي حمدوشي، قانون التجمهر دراسة وتحليل، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 53، سنة 2004، ص 21.
[40] ميلودي حمدوشي، قانون المظاهرة دراسة وتحليل، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 57، سنة 2004، ص 19.
[41] الفصل 308 من الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، جريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253: كل من قاوم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي درهم [41]ولا تتجاوز ربع مبلغ التعويضات.
أما الأشخاص الذين يعترضون على تنفيذ هذه الأشغال بواسطة التجمهر أو التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة المشار إليها في الفقرة السالفة.
[42] ميلودي حمدوشي، قانون المظاهرة دراسة وتحليل، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 57، سنة 2004، ص 17.
[43] تختلف مقتضيات نظام التصريح المتعلق بالمظاهرات بالطريق العمومية عن نظام التصريح بالاجتماعات العمومية: قبل المظاهرة يسلم التصريح للسلطة الإدارية المحلية المختصة أو يوجه في رسالة مضمونة في ظرف 3 أيام كاملة على الأقل قبل تاريخ المظاهرة و15 يوما كاملة على الأكثر مع ضرورة تحديد الغاية من المظاهرة.
[44] استثنى هذا الفصل 11 من القانون 76.00 بشأن التجمعات العمومية خضوع العوائد المحلية للتصريح فأعفى أي خروج إلى الشوارع العمومية يدخل في نطاق العوائد المحلية من وجوب التصريح كاحتفالات الختان بالركوب على الخيل والسير في حشود عائلية في الشارع العام أو موكب سيارات محتفل بالزواج أو سير موكب سيارات حامل لجنازة تتقدمه إسعاف أو سيارة نقل الموتى من المسجد إلى المقبرة بسرعة بطيئة جدا وتوقف المارة احتراما لأرواح موتى المسلمين.
[45] تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، حلقــة دراســية بشــأن التــدابير الفعالــة وأفضــل الممارســات التــي تكفــل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق الاحتجاجات السلمية، 29 يناير 2014، الدورة 25 لمجلس حقوق الإنسان، الجمعية العامة للأمم المتحدة، ص 13.