الاطار القانوني وتجسيد مفهوم المدن الذكية بالمغرب

الاطار القانوني وتجسيد مفهوم المدن الذكية بالمغرب
The legal framework and the embodiment of the concept of smart cities in Morocco.
محمد بومديان
طالب باحث
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- سلا.
ملخص:
إن التطور التقني الهائل الذي عرفه نهاية القرن العشرين كان له الأثر الكبير على ظهور مجتمع من نمط جديد يعتمد بشكل متزايد على المعرفة والذكاء التكنولوجي، وإضفاء صفة الذكاء لمدينة ما لا يتحقق إلا بتبني مبادرات واستراتيجيات تعتمد على خلق بيئة رقمية وقانونية منظمة لمختلف المعاملات الإلكترونية تطور مفهوم المدينة نتيجة لهذا التطور التكنولوجي والاجتماعي الحاصل وما يقابله من تقدم في المجالات العلمية.
الكلمات الدالة: المدن الذكية، التنمية، الرقمنة.
Abstract :
The enormous technological development know at the end twentieh century has had a major impact on the emergence of a society of a new type that is increasingly dependant on knowledge and technological intelligence. The creation of a city’s intelligence can only be achieved through the adoption of intiatives and strategies based on the creation of a digital and legal environment for various electronic transactions the evolution of the city concept as a result of this technological and social development and the corresponding progress in the scientific fields.
Keywords : Smart cities, Development, digitization .

تقديم:
تعتمد المدن الذكية بشكل رئيسي على البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات ولعل اكثر ما يميزها تركيزها على الأفراد في المقام الأول ذلك أنها تستطيع الاستجابة للظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتغيرة التي تسخر في خدمة الأفراد بخلاف المدن التقليدية، يمكن ان تكون المدن الذكية مدنا جديدة صممت وأنشأت بطريقة ذكية منذ البداية او مدينة تقليدية يتم تحويلها تدريجيا الى مدينة ذكية واطلقت مدن كثيرة حول العالم مشاريع المدن الذكية من بينها نيويورك واستخدمت في تكوينها وبناءها على سياسات ومقومات هامة وضرورية نجو بناء مجتمع رقمي ذكي.
وبناء على هذا يعمل المغرب جاهدا لمواكبة التطور التكنولوجي والذي يعد أهمها المدن الذكية والتقنيات الحديثة المرتبطة بها مثل امن البيئة التحتية وإدارة وتحليل المعلومات والاتصال بين الأجهزة.
كما أن الحكومة تؤكد على أنها تعمل على خلق بيئة رقمية في جميع الميادين معتبرة على أن إنجاز مدينة ذكية مرهون بمستوى إدماج المواطنين ونسبة التسيير باستخدام الرقمنة.
وكما هو الحال اي تطور فهو بحاجة ماسة إلى وجود منظومة قانونية قوية متطورة ومتكاملة منظمة للحراك التكنولوجي وأن نجاح تحول إلى مدينة رقمية يتطلب تشريعات ونصوص قانونية تساهم في ابتكار نماذج وأساليب جديدة في تنمية وإدارة المدن ومن هنا كان لابد من وضع قاعدة تشريعية متينة تدعم لتحويل المدن القائمة إلى مدن ذكية، من خلال وضع عدد من القوانين الخاصة بالمعاملات التجارية إلكترونيا وقوانين تنظم امن وسرية المعلومات وتحدد العقوبات في حالة ارتكاب تجاوزات والحد منها.
وبناء على ما سبق نتساءل عن ما مدى فعالية الأليات القانونية والاستراتيجيات التي تنبتها المملكة المغربية لتجسيد المدن الذكية؟
للإجابة عن هذه الإشكالية ارتأينا اعتماد التصميم المنهجي التالي:
سنحاول التطرق (أولا) لدراسة مفهوم المدن الذكية، ثم نعرج لدراسة المبادرات والاستراتيجيات المنظمة لطبيعة وعمل المدن الذكية بالمغرب (ثانيا).
أولا: الاطار المفاهيمي للمدن الذكية
ظهرت في الآونة الأخيرة عدة مدن تعتمد على الإلكترونات وشبكات اكتسبت عدة تسميات منها المدينة الرقمية، الإلكترونية والذكية، من مقومات ظهورها اعتماد كل مجتمع واقتصاد على المعرفة والتجديد.
وقد تعددت تعاريف متنوعة لمفهوم المدينة الذكية، يعود هذا النوع الى تعدد الاتجاهات التقنية والحركات الاجتماعية التي ساهمت في نشأة هذه المدن. ولا شك انه اذا النظر بعين منصفة يتضح وجود القلة من الدول في المنطقة العربية بدأت بتنفيذ تجسيد المدينة الرقمية الذكية وان كانت برؤى وتفكير واستراتيجية وخبرة غربية أوروبية إلا أن التفكير فيها في حد ذاته ممتاز للغاية بأن شعور الداخلي لدى المملكة المغربية حكومة وبرلمان سيدفع لتحقيق التنمية المستدامة وتكوين مؤسسات رقمية ذكية تهدف إلى تقديم خدمات مناسبة ومريحة.
إذن يرجع مصطلح المدينة الذكية إلى المؤتمر الأوروبي للمدينة الرقمية لسنة 1994، حيث استخدم لأول مرة ثم دشن الأوروبيون مشروع المدينة الرقمية الأوروبية في عدد من المدن سنة 1996، وكانت الانطلاقة من خلال مشروع مدينة امستردام الهولندية أول مدينة رقمية، تلتها مدينة هلسنكي الفنلدية.
ومن جهة، يعرف الاتحاد الأوروبي المدن الذكية: بأنها تلك المدن التي تجمع المدينة والصناعة معا لتحسين الحياة في المناطق الحضرية من خلال حلول متكاملة اكثر استدامة، ويشمل ذلك ابتكارات تطبيقية وتخطيطا افضل واتباع منهجية اكثر تشاركية وكفاءة .
وتعرف المدينة الذكية كذلك بصفتها مدينة معرفية ورقمية وإيكولوجيا تعتمد على البيئة التحتية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في جميع المجالات كالنقل والأمن بغرض تقديم خدمات حديثة ومتطورة.
وعلى هذا النحو فالمدينة الذكية هي نظام شامل ومتكامل تستعمل التقنيات التكنولوجية كالشبكات العالية السرعة والشيكات السلكية واللاسلكية، ناهيك عن التطبيقات الذكية للهواتف المحمولة والخدمات المتنوعة للأنترنيت تأمر الذي يستجيب التقدم العمراني ويحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة جوانبها الثقافية والبيئية، ويبدو واضحا من خلال توفير الكهرباء وإدارة حركة المرور ومواقف السيارات، استخدام المياه وجمع النفايات، الأمر الذي يؤرق بجودة الحياة، ويخفض من النفقات والوقت، ويزيد من الكفاءة المؤسساتية للمدينة، بما يشجع على الاستثمار والنمو الاقتصادي وكذلك يؤيد استدامة التنمية. وفي هذا الصدد، تركز المدن الذكية على أربعة محاور:
أ- التوسع الحضاري:
يرتبط هذا المحور بالقضاء على انعزال المدينة عن محيطها، فالمدن الذكية متفاعلة مترابطة الأوصال داخل نطاق حضري عريض قادر على مد جسور التواصل والتعاون في المدينة، مما يجعلنا أمام مدينة متضامنة.
ب- الاحتواء الرقمي:
تعمل المدن الذكية على توفير التكنولوجيا الأساسية للمواطن، للعيش فيها، وتزويد مؤسسات المدينة بما تحتاجه من تقنيات وبنية تحتية لإنتاج خدمات حكومية وتجارية، كما تضمن الاتصال الشامل، بين كل اطراف المدينة.
ت- المعرفة والابتكار:
لا يمكن الحديث عن مدينة ذكية من دون التطرق إلى ربط المواطنين بشبكة الاتصال ثم التحفيز على ريادة الأعمال في القطاعات الابتكارية، الأمر الذي من شأنه خلق فرص للعمل وتطوير الحياة العامة بإدارة حديثة تبسط الإجراءات القانونية والتنظيمية وتلجأ إلى المعرفة والبحث والإبداع في ازدهار المدينة.

ث- الرأسمال البشري:
تستدعي المدن الذكية وجود قوى عاملة مكونة، حاملة لكفاءات متخصصة ومزودة بمعارف تكنولوجية، الأمر الذي يترتب عليه إحداث تغيرات كبرى في مناهج التعليم والتدريب بالمدن.
تعتبر المدينة الذكية تصورا للحياة في المدينة المستقبل التي تتسم بمظاهر عديدة، نجد ان منازلها مجهزة للتحكم في الطاقة، ومتوفرة على أجهزة الكترونية تسهل الأعمال وشبكة كهربائية مبرمجة على ترشيد الاستعمال عبر عداد محكم يقوم بتصنيف الاستخدام حسب الشرائح الموجودة، وتنتهج المدن الذكية الطاقة البديلة من الطاقة الشمسية وإعادة تدوير المياه، وكذلك الطاقة الريحية لتوليد الكهرباء، وهي كلها مصادر للطاقة النظيفة تسعى إلى مصاحبة المشاريع الاقتصادية والمحافظة على الطبيعة.
وفي سياق متصل، تحتاج هذه المدن الى منظومة امنية مزودة بقواعد للبيانات وأجهزة للاستشعار ترصد الجرائم والمخالفات في المدينة، بما يؤهلها لاستقبال السياح وجلب الاستثمارات.
وفيما يخص النقل والمواصلات، فالمدن الذكية منظمة جغرافيا عبر نظام التموضع العالمي الذي يصل وسائل النقل بتطبيقات مسيرة للتنقل ومبينة للاماكن والمؤسسات الموجودة في المدينة، علاوة على غزو السيارات الكهربائية للأسواق والحاجة الماسة لتوفير محطات لشحن هذه النوعية من السيارات.
يضاف لكل ما سبق، ان المدن الذكية توفر غدائها من خلال الزراعة الرأسية اذ يتم القيام بالنشاط الزراعي داخل مباني شاهقة، في ظل نقص متزايد للاراضي الزراعية مع الزيادة السكانية.
وينبغي ادارك ان المدن الذكية في طبيعتها وخصائصها غير متشابهة، وانه من السذاجة ان يتخذ قرار بشأن تأسيس مدينة بتقينات تكنولوجية متقمدمة والاستثمار فيها دون مراعاة ذلك الامر مسبقا، وهذا ما أشارت اليه شركة ماكنزي للاستشارات الادارية العالمية في مقال عن”مستقبليات الحراك المجتمعي” المتمثل في الهيئات الحكومية او المحافظين والمستثمرين والشركات المعنية التي تتطلب منها فحص ما لايقل عن ثلاث مجموعات ذات صلة بحجم ثروات البلد، ومدى النمو المحقق اقتصاديا فضلا عن حجم الكثافة السكانية بها، مثال ذلك، ان الاسلوب الحياتي المتقدم للمدن ذات تقينات العالية من شأنه ان يؤثر في مواطني الدولة باختلاف من بيئة الى اخرى.
ثانيا: جهود المغرب الرامية لاحداث المدن الذكية.
وعيا بدور التطور التكنولوجي والمعلوماتي واعتماد الذكاء الرقمي في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز البنى التحتية وتأهيلها، جعل المغرب منها توجها هيكليا، في صلب الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وهذا ما يظهر من خلال انخراط المملكة في التوجه الذي يرمي الى إحداث المدن الذكية، باعتبارها مدن مستدامة ومبتكرة، قادرة على المنافسة وتحقيق تطلعات المواطنين وقطاع الأعمال.
إلا انه ومن اجل المشي قدما في هذا التوجه لابد من وجود بنية تشريعية ملائمة تدعم التحويل الى المدينة الذكية.
أ- البنية التشريعية احدى ركائز المدن الذكية
لأن الإنسان هو محور رؤى المملكة المغربية وسعادته جوهرها، وحيث إن التحول الذكي يعد مرتكزاً أساسياً لجعل حياة الإنسان أسهل وأكثر راحة، واكبت المملكة مراحل المختلفة للتطور التكنولوجي، والذي يعد أهمها الآن الأمن السيبراني وخصوصية وسرية البيانات.
1- على المستوى الاستراتيجيات
خير ما نستهل به هذا الجزء هو التذكير بمقتطف من الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة عيد العرش المجيد يوم 30 يوليوز 2008، حيث جاء فيه “ندعو الحكومة إلى اعتماد إستراتيجية جديدة في المجال الصناعي والخدماتي وتنمية تكنولوجيات العصر، تقوم على الاستغلال الأمثل لما تتيحه العولمة من فرص تدفق الاستثمار، وتهدف إلى تقوية المقاولة المغربية وتشجيع الاستثمار الصناعي الحامل للقيمة المضافة، وفتح المجال أمام الاقتصاد الوطني، لاقتحام أنشطة صناعية جديدة ذات تقنيات مبتكرة، وأسواق واعدة، لتصدير منتجاتها وخدماتها. فعزمنا يوازي طموحنا، لإدماج المغرب بمقاولاته وجامعاته، في الاقتصاد العالمي للمعرفة.” انتهى منطوق صاحب الجلالة.
ومنذ تلك اللحظة، وبناء على التوجيهات الملكية السامية انكبت الحكومة على إعداد إستراتيجية المغرب الرقمي 2013، والتي همّت الفترة الممتدة من 2009 إلى 2013، وتضمنت محاور إستراتيجية تروم تعزيز الخدمات العمومية الموجهة إلى المرتفقين، والرفع من مردودية وإنتاجية المقاولات الصغرى والمتوسطة، والعمل على إرساء صناعة تكنولوجيات الإعلام، كما تضمنت محورين مواكبين للمحاور السابقة تتعلق بتنمية الرأسمال البشري وإرساء الثقة الرقمية .
وليست هذه هي الإستراتيجية الأولى بالنسبة للمغرب في مجال التطور الرقمي والتكنولوجي، بل سبق لبلادنا أن اعتمدت قبل ذلك المخطط الخماسي 1999- 2003، والذي وضع من أجل تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة، حيث تمت مواكبة ذلك باعتماد أول قانون بهذا الخصوص في سنة 1996، وهو القانون رقم 24.96 الذي ساهم في إطلاق المرحلة الأولى من تحرير قطاع الاتصالات من الاحتكار، ما مكّن من إنشاء شركة “اتصالات المغرب” و”بريد المغرب” و”الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات”، كما مكّن بلادنا من وضع الإطار التشريعي الكفيل بحلّ إشكاليات حماية الأسماء في القطاع التجاري، وتدفق البيانات ذات الطابع الشخصي وسلامة المعاملات التجارية الإلكترونية، ما أحدث نقطة تحول في قطاع التعليم من خلال إدماج الأدوات
المعلوماتية والانترنت في المؤسسات التعليمية.
وبعد ذلك، تم وضع إستراتيجية المغرب الإلكتروني لسنة 2005- 2010، والتي هدفت إلى سد الفجوة الرقمية التي كانت تعرفها بلادنا، عن طريق تمكين كافة المواطنين المغاربة من النفاذ لمجتمع المعلومات، وتوفير التكوين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بما يتلاءم مع جميع المستويات من جهة، ومن جهة أخرى تعزيز مكانة المغرب على الصعيد الدولي في مجال الصناعة الإنتاجية ذات قدرة تنافسية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال وصناعة خدمات الاتصال عن بعد، لاسيما تلك الموجهة للتصدير وتمكين الشركات المتخصصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال من الولوج إلى هذا المجال، وتوفير التكوين بشأن امتلاك المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
ثم اخيرا استراتيجية المغرب الرقمي 2020″ فتندرج هي الأخرى في سياق متابعة التقدم الذي تم تحقيقه على مدى سنوات في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وتمكينها من مواصلة تعزيز تموقع المغرب كمركز إقليمي في هذا المجال، وتقديم الخدمات لكل من المواطن والمقاولة، لاسيما الصغرى منها والمتوسطة بجودة أفضل وفي ظروف أحسن وبإمكانيات أقل.
ب- على مستوى التشريعات
ان كل الإستراتيجيات السالفة الذكر غايتها تحقيق تطور تكنولوجي ورقمي كبير ببلادنا، غير أن ذلك يبقى ناقصا دون اعتماد مجموعة من النصوص القانونية من طرف البرلمان، قصد تأطير هذه الاستراتيجيات وتقويتها بمنظومة تشريعية قادرة على منحها نفسا جديدا، وتمكينها من مواكبة العصر وضمان شروط المنافسة بين دول العالم.
وفي هذا الإطار، فقد صادق البرلمان في إطار اختصاصاته الدستورية على القانون رقم
08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي يهدف إلى تنظيم اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ووضع قواعد عملها، وتحديد سلطاتها في التقصي والمراقبة، ووضع الإطار الذي تعالج ضمنه المعطيات الشخصية، وحق الولوج إليها، وكيفية نقل المعطيات أو بعضها خارج الوطن.
كما تم اعتماد القانون رقم 08.31 المتعلق بتحديد التدابير لحماية المستهلك، الذي يضم بعض الأحكام المتعلقة بالتسويق الإلكتروني والإعلان على شبكة الأنترنت.
وقد تم إصدار القانون رقم 05.53 المتعلق بتبادل البيانات القانونية الإلكترونية، والذي سعى من خلاله المشرع إلى تشجيع ولوج المغرب إلى تكنولوجيا الإعلام والاتصال، والاستجابة لتطلعات المتعاملين في إطار المبادلات الإلكترونية، فتم إدراج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في المعاملات القانونية، حيث يتعرض هذا القانون للمساطر وطرق معالجة وتحويل المعطيات والتحقيق من المعلومات والتوقيع الإلكتروني.
كما يشكل إصدار القانون رقم 61.16 المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية، الموافق عليه في الدورة البرلمانية الأخيرة إضافة نوعية لهذا المسار التشريعي، وذلك بمنح هذه الوكالة مجموعة من المهام، من أهمها تعزيز التنسيق بين السلطات العمومية والهيئات المعنية بتنفيذ استراتيجية الاستثمار في مجال التنمية الرقمية والتحفيز عليه، وتوفير الخبرة اللازمة للفاعلين في مجال الاقتصاد الرقمي قصد تعزيز قدرتهم التنافسية.
ب- تحديات إنشاء المدينة الذكية بالمغرب
يعاني المغرب في سبيل تأهيل المدن، من مجموعة من التحديات من أهمها:
1- التهديدات السيبرانية
في عصر تكنولوجيا الإعلام والاتصالات وخاصة منها شبكة الإنترنت وتطور ما بات يسمى بالحكومة الإلكترونية، لا أحد بإمكانه اليوم أن ينكر المكانة التي بدأ يحتلها الأمن السيبراني في جميع البلدان والمغرب واحد منها.
– انواع التهديدات السيبرانية:
توجد بصفة عامة ثلاثة أنواع من التهديدات التي تمس بالأمن السيبراني:
• التجسس السيبراني:
ينفذ الجواسيس السيبرانيون، الذين ترعاهم في الأساس دول تملك موارد هائلة، إلى نظم المعلومات التي تحوي معلومات استخباراتية ذات أهمية استراتيجية.
وتشير بعض الحالات أن مرتكبي هذا النوع من الهجمات قد نجحوا في سرقة أسرار صناعية وأسرار دولة وغيرها من المعلومات ذات القيمة الإستراتيجية.
والغاية من هذا النوع من الهجمات غالبا ما تكون الحصول على امتيازات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.
• الإرهاب السيبراني:
أصبح الإرهابيون يدركون اليوم أن تبعية البلدان للنظم المعلوماتية يشكل مركز ضعف لهذه البلدان يتوجب استغلاله، لهذا السبب بدؤوا اليوم يهاجمون المواقع الإلكترونية الحكومية وحتى نظم المعلومات الاستراتيجية وتطرح هجمات الإرهابيين التي تستهدف البنيات التحتية المعلوماتية العامة تهديدا خطيرا لأمن البلد.
– غايات الهجمات السيبرانية
تستهدف الهجمات السيبرانية أساسا نظم المعلومات الحساسة والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
• نظم المعلومات الحساسة:
من المعلوم أن غالبية الوزارات وغيرها من المؤسسات العمومية في المغرب تتوفر اليوم على نظم معلوماتية تتيح لها تقديم جزء من خدماتها على الخط.
إلا أن نظم المعلوميات هذه غالبا ما تكون هدفا لهجمات مغرضة غالبا ما يتم توجيهها من الخارج من قبل أجهزة المخابرات أو الجماعات الإرهابية.
ومن بين أهم المعلومات الحساسة التي تتعرض لهجمات سيبرانية من الخارج نجد المعطيات ذلت الطابع الشخصي والأسرار الصناعية.
و بطبيعة الحال، فإن الجرائم التي تقع على نظم المعلومات الحساسة تكون لها قطعا تأثيرات سلبية على ثقة المواطنين والمؤسسات في الدولة.
• البنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية:
عرف المشرع البنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية بأنها الأنشطة الضرورية لحياة الناس أو الضرورية لممارسة الدولة لاختصاصاتها أو لعمل اقتصاد البلاد والتي تملك نظم معلومات ذات أهمية إستراتيجية مثل القطاع المالي و قطاع الاتصالات و القطاع السمعي البصري و قطاع الصحة و قطاع العدالة وغيرها.
وقد أوكل المشرع للإدارة العامة لأمن نظم المعلومات تحديد لائحة القطاعات التي تدخل ضمن هذه البنيات.
وبسبب الاعتماد المتزايد لهذه القطاعات على تكنولوجيات الإعلام والاتصالات بصفة عامة ونظم المعلومات بصفة خاصة، فإنها أصبحت بشكل متزايد عرضة للهجمات السيبرانية.
ومن أجل تحقيق الأمن السيبراني، كان من الضروري وضع إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني من أجل حماية نظم المعلومات الإستراتيجية من الهجمات السيبرانية.
– الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني
تهدف الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني إلى وضع الآليات المؤسساتية والقانونية من أجل حماية والدفاع عن نظم المعلومات الحساسة والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
• الاهداف:
تسعى أي إستراتيجية للأمن السيبراني إلى تحقيق أهداف ثلاثة وهي : سرية و سلامة وإتاحة المعلومات التي تحويها النظم والشبكات.
 السرية
يستهدف جزء من الهجمات السيبرانية الحصول على معلومات حساسة أو ذات أهمية حيوية عن طريق الاطلاع أو التصنت أو الاستنساخ غير المشروع عند تخزينها أو معالجتها أو تحويلها.
وبالتالي، فإن استراتيجية الأمن السيبراني في الجزء المتعلق بالسرية منها يستهدف منع كشف معلومات من هذا النوع إلى الغير ( أشخاص / حواسيب / برمجيات … ) غير المصرح لهم بذلك.
 السلامة
يستهدف جزء آخر من الهجمات السيبرانية الاعتداء على معلومات حساسة أو ذات أهمية حيوية عن طريق التغيير أو الحذف.
وبالتالي، فإن استراتيجية الأمن السيبراني في الجزء المتعلق بالسلامة منها يستهدف منع تغيير أو تدمير معلومات من هذا النوع من قبل أشخاص غير مسموح لهم بذلك بشكل متعمد أو بشكل غير مقصود من أجل ضمان دقتها و موثوقيتها و دوامها.
 الإتاحة
يستهدف جزء آخر من الهجمات السيبرانية جعل نظم المعلومات التي تحوي معلومات حساسة أو ذات أهمية حيوية غير قابلة للاستغلال أو الاستعمال.
وبالتالي، فإن استراتيجية الأمن السيبراني في الجزء المتعلق بالإتاحة منها يستهدف ضمان أن تظل نظم المعلومات قابلة للاستعمال وأن تظل المعلومات والخدمات قابلة للوصول إليها.
ومن أجل بلوغ أهداف السرية والسلامة والإتاحة، كان من الضروري وضع الوسائل المؤسساتية والقانونية من أجل حماية نظم المعلومات الاستراتيجية.
• الوسائل:
من أجل إنجاح الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني كان لا بد من إنشاء البنية التحتية المؤسساتية و البنية التحتية القانونية لبلوغ هذا الهدف.
 البنية التحتية المؤسساتية:
أنشأ المغرب في إطار الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني مؤسستين تابعتين للإدارة العامة للدفاع الوطني وهما اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
فيما يتعلق باللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات التي يترأسها الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، فقد أوكل إليها تحديد التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال أمن نظم المعلومات من أجل تأمين المعلومات السيادية وضمان استمرارية عمل نظم المعلومات ذات الأهمية الحيوية.
أما في ما يتعلق بالمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، فهي تتكلف بتطبيق تعليمات اللجنة
الإستراتيجية لأمن نظم المعلومات وخاصة القيام بافتحاص دوري لمستوى أمان نظم المعلومات التابعة للإدارات والمؤسسات العمومية.
 البنية التحتية المؤسساتية:
نعني بالبنية التحتية القانونية مجموع النصوص القانونية التي تستهدف حماية نظم المعلومات الحساسة و البنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
في هذا الإطار، وضع المشرع على عاتق المكلفين بهكذا بنيات مجموعة من الالتزامات وذلك بموجب المرسوم رقم 2-15-712 الصادر بتاريخ 22 مارس 2016 يتعلق بتحديد إجراءات حماية نظم المعلومات الحساسة للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
وقد ألزم المشرع المكلفين بهذه النظم باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى حماية سلامة نظم المعلوميات التي يشرفون عليها.
من جهة أخرى، ألزم المرسوم هؤلاء بالتصريح بأي حادث معلومياتي طارئ وتبليغ مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية التابع للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات بأي حادث من شأنه التأثير على الأمن السيبراني للبلاد.
2- غياب الأليات الحديثة لحل المنازعات الناشئة عن المدن الذكية (التحكيم الإلكتروني)
أمام عجز القضاء عن اللحاق بالطفرة الإلكترونية وتوفير وسائل سريعة لفض منازعات التجارة الإلكترونية، حيث غدت الحاجة ملحة للبحث عن سبل اكثر نجاحا لفض منازعات تتلاءم والألية التي نجمت عنها خلافات بين المتعاقدين على الحفاظ في ذات الوقت على متطلبات التجارة الإلكترونية القائمة على السرعة والثقة بين أطرافها، فكانت نتيجة جهودها التحكيم الإلكتروني، فماهي الطبيعة القانونية لهذه الألية المستحدثة؟
– ماهية التحكيم الالكتروني
لقد عرف لنا المشرع المغربي التحكيم من خلال ق .م .م .م المعدل بقانون 08.05 حيث جاء
في الفصل 306 “يراد بالتحكيم حل النزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم” ويستشف من هذا الفصل أن التحكيم هو مهمة يعهد بها إلى هيئة تحكيمية من أجل الفصل في النزاع .
وأن اتفاق التحكيم قد يأخذ منحى عقد التحكيم الذي يكون لاحقا لنشوء النزاع , أو سابقا لنشوء النزاع من خلال شروالتحكيم الإلكتروني هو امتداد للتحكيم العادي ونجده لا يختلف عن التحكيم العادي سوى في الوسيلة التي يتم بها , فالتحكيم الإلكتروني هو عبارة عن نظام قضائي من نوع خاص يتفق بموجبه الأطراف على إحالة النزاع وبشكل اختياري إلى طرف ثالث محايد التحكيم .او عدة اشخاص لتسوية النزاع باستخدام وسائل الاتصال الحديثة . ويتم هذا الاتفاق وفق أحكام قانونية تم الاتفاق عليها , أو وفق القواعد التي تضعها هيئات التحكيم , فللأطراف كامل الحرية في اختيار هيئة التحكيم مع مراعاة الوترية في العدد .
فمعيار التميز بين التحكيم العادي والإلكتروني هو مدى استعمال وسائل الاتصال الحديثة في إجراءاته فإن السؤال المطروح عما إذا كان من الضروري إجراء التحكيم بأكمله عبر الوسائل الإلكترونية لكي يتم اعتباره إلكترونيا . لقد تعددت الاتجاهات التي اعتبرت أن التحكيم لكي يكون إلكترونيا يكفي فقط أن يتم في مرحلة من مراحله بواسطة وسائل إلكترونية , لكننا نجد هذا الطرح بقي قاصرا حيث أن التحكيم لكي يكون إلكترونيا يجب أن يتم عبر الأنترنيت أو أي وسيلة إلكترونية بحيث يتم عرض النزاع والسير في إجراءاته وإصدار القرار و تبليغه بطرق إلكترونية .
فلا عبرة بان يتم استعمال وسائل إلكترونية أثناء التحكيم ويتم اعتباره إلكترونيا , مادام أن جل عمليات التحكيم لا تتم بصفة كاملة عن طريق وسائل التواصل الحديثة إذ كان هناك مقر للهيئة التحكيمية وتم الاجتماع به أثناء سريان العملية التحكيمية , إذ يجب ان يكون امتد عرض النزاع من بدايته إلى صدور الحكم التحكيمي بواسطة الوسائل الحديثة لكي يعتد به تحكيم إلكتروني .
– مجهودات المملكة المغربية لسن قواعد تنظم التحكيم والوساطة الاتفاقية
مع التطورات الاقتصادية السريعة التي يعرفها المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة التي تستوجب ضرورة تبسيط وتسريع المساطر الإدارية و القضائية في عملية الاستثمار، وخاصة مسطرة التحكيم و الوساطة، بدا التفكير في فصل المقتضيات القانونية المنظمة للتحكيم و الوساطة الاتفاقية عن قانون المسطرة المدنية مع تحيينها و تعديلها لتواكب التطورات الاقتصادية التي يعرفها المغرب، وخاصة المستجدات التي عرفتها التجارة الدولية.
وفعلا قامت وزارة العدل سنة 2017 بإعداد مشروع قانون رقم 95.17 متعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، يروم إلى فصل المقتضيات المنظمة للتحكيم و الوساطة الاتفاقية من قانون المسطرة المدنية، وجاء كل هذا بعدما قامت وزارة العدل بتنظيم العديد من الندوات العلمية التي ناقشت الموضوع .
اذن فماهي اهم المستجدات التي جاء بها مشروع قانون 95.17 ؟
جاء مشروع القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية بفلسفة جديدة أخدت بعين الاعتبار المتغيرات و التطورات التي عرفتها الساحة الدولية و الوطنية في هذا المجال، وبعد تصفح مقتضيات هذا المشروع وجدنا العديد من المستجدات مست غالبيتها مجال التحكيم بنوعيه الداخلي و الدولي.
أول هذه المستجدات هو ما تم التنصيص عليه في المادة 3 من المشروع، التي أتاحت إمكانية إبرام اتفاق التحكيم بواسطة رسالة الكترونية وفقا للقواعد المنظمة للمعاملات الالكترونية، أي ستخضع لقانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، في حين أن القانون الحالي استنادا إلى الفصل 313 لا يتيح هذه الإمكانية .
ونصت المادة 11 من المشروع انه “يجب على الأشخاص الذاتيين الذين يقومون بمهام المحكم إما بصورة منفردة او ضمن شخص اعتباري أن يكونوا مسجلين ضمن قائمة المحكمين تحدد شروط التقييد فيها بنص تنظيمي ” ،هذه المادة جاءت بمستجد مهم يتمثل في عدم إخضاع المحكم لرقابة أي جهة قضائية، مع ترك أمر تحديد لائحة المحكمين لنص تنظيمي بخلاف ما هو منصوص عليه في الفصل 321 من القانون الحالي.
وانسجاما مع مشروع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة الذي نص على إحداث أقسام متخصصة بالقضاء الإداري والقضاء التجاري داخل المحاكم الابتدائية، وبهدف توحيد جهة الاختصاص المانحة للصيغة التنفيذية في رئيس المحكمة بحسب اختصاصه تم التنصيص في المادة 66 من المشروع على منح الاختصاص بإضفاء الصيغة التنفيذية على المحاكم التحكيمية في المادة الإدارية لرئيس المحكمة الإدارية او رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي الداخلي في دائرتها، او لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني، وحسب المادة 77 من المشروع فقد تم منح اختصاص إضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية الدولية الصادرة في المغرب لرئيس المحكمة التجارية او رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية التي صدرت في دائرة نفوذها تلك الأحكام، وإذا كان الحكم التحكيمي الدولي قد صدر خارج المملكة انعقد هذا الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية او لرئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها مكان التنفيذ.
هناك كذلك مستجد مهم متعلق بصلاحيات الهيئة التحكيمية فبحسب المادة 35 من المشروع يمكن لهيئات التحكيم مطالبة الاغيار بتقديم أصل الوثائق الموجودة بحوزتهم والتي يستند إليها احد الأطراف، وفي حالة الامتناع تعرض الهيئة التحكيمية الموضوع على رئيس المحكمة المختصة او رئيس القسم المتخصص بالمحكمة الابتدائية استصدار أمر في إطار مسطرة تواجهية يلزم الطرف المعني بتسليم المستندات والوثائق المطلوبة لهيئة التحكيم تحت طائلة غرامة تهديدية، فهذا الإجراء غير منصوص عليه في القانون الحالي.
ونظرا للإشكالية المطروحة بخصوص التبليغ وخاصة في التحكيم الدولي تم التنصيص في
المادة 60 من المشروع على إمكانية تبليغ الحكم التحكيمي الصادر بالمملكة في مادة التحكيم
الدولي بجميع الوسائل بما فيها التبليغ الإلكتروني الشيء الذي لا وجود له في ظل قانون 08.05 الحالي.
هذا وبالإضافة إلى العديد من المستجدات الأخرى من قبيل تخويل الرئيس الأول لمحكمة ثاني درجة اختصاص منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان النزاع معروضا عليها واتفق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم وتطبيق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام القضائية على الأحكام التحكيمية التي لا تطلب فيها صيغة التنفيذ، كما تم تبني خيار توسيع المعايير الدولية في مجال التحكيم، فكل هذه المقتضبات الجديدة المنصوص عليها في مشروع القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية يهدف من خلالها المشرع تجاوز المشاكل و الإكراهات الواقعية و القانونية التي يطرحها القانون الحالي.
يبقى هذا المشروع له أهميته وايجابياته سواء على الشكل ،حيث عرف تحول كبير بالمقارنة مع القانون الحالي سواء من حيث صياغة النصوص وكذا من حيث توزيع المقتضيات ، هذا وبالإضافة إلى التعديلات الجوهرية التي أدخلت عليه كما رأينا في المحور الثاني .
يبقى الرهان والأمر كبيرا في خروج مشروع قانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية إلى الوجود ليحل العديد من المشاكل و الصعوبات التي يتخبط فيها مجال التحكيم بالمغرب.
وكل هذا سيؤدي حتما إلى توفير المناخ الملائم للاستثمار وترسيخ دعائم الأمن القانوني في ميدان الأعمال، خاصة مع اتساع العلاقات الدولية في مجال الأعمال وكذا عولمة الاقتصاد وسرعة تحرك الأموال.

خاتمة:
وفي الختام نستخلص مما سبق إن إضفاء صفة الذكاء على مدينة ما أو إنشاء مدينة جديدة تتطلب نوعين من الشروط يمكن التمييز فيها بين ما هو تقني وقانوني.
لذلك لابد من وجود سياسة فعالة واطار قانوني ملائم من اجل استخدام أنظمة المعلومات بطريقة فعالة تساعد على تطوير المدن الذكية، ولتحقيق هذه الغاية في المملكة المغربية، لابد من أن تأخذ بزمام المبادرة بتقديم سياسات ومبادرات داعمة وتنسيق الجهود لضمان توفير جميع مقومات النجاح وانه لابد من اهتمام خاص بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات باعتبارها من اهم مقومات نجاح هذا التوجه، ويوصي الخبراء في هذا المجال من إنشاء مكاتب للمدن الذكية لتسهيل التعاون وتذليل المشاكل من اجل التوصل لسياسات تساعد على إنشاء بيئة ملائمة لتحقيق الأهداف المنشودة.

مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية عدد خاص حول الثورة الرقمية وإشكالاتها ـــــــــــــــــــ أبريل 2020

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *