الإقليم ورهان التنمية الترابية بالمغرب: الأدوات والمعيقات

الإقليم ورهان التنمية الترابية بالمغرب: الأدوات والمعيقات[1]

د. أحمد حاسون

أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية

جامعة مولاي إسماعيل- مكناس

تعتبر التنمية نشاطا إنسانيا يشمل سيرورات تحويلية متعددة الأبعاد يندغم فيها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وهي تسعى، بذلك، إلى تطوير الإنسان ماديا وثقافيا وروحيا من خلال إعادة الاعتبار لدوره ومكانته في توجيه تلك السيرورات، وذلك بما يمكنه من استغلال الموارد والإمكانات المتاحة له ماديا وبشريا بشكل فعال وعادل وراشد.[2] وعلى هذا، تشمل التنمية، كعملية مركبة، كل القطاعات، وتسعى إلى تغيير كل البنيات والمؤسسات وأنساق القيم. كما تتداخل في بلورتها عوامل مختلفة منها البشرية والفكرية والمالية والتقنية… وتحتاج التنمية على المستوى المحلي إلى مساهمة العديد من الفاعلين: الدولة والجماعات الترابية والمجتمع المدني والخواص…

وإذا كانت التنمية تعرف بوصفها مختلف السيرورات التي تشمل مستويات وعوالم كثيرة، وترتبط بفواعل ومداخل متعددة، فإننا سنقتصر في هذه المساهمة على المدخل المؤسساتي من خلال الاشتغال على دور الإقليم كجماعة ترابية في التنمية. ويرتبط هذا الاختيار، في أحد جوانبه، بأهمية المجال الترابي الذي يعد فضاء لتنفيذ السياسات العمومية، وكذا مجالا لابتكار حلول وسياسات، ووضع برامج ومشاريع تنموية، من شأنها تحقيق العدالة المجالية. كما يتأسس، في جانب آخر منه، على محاولة مساءلة ممكنات وحدود مساهمة الإقليم في التنمية الترابية في ظل التحولات التي يعرفها المغرب.

وعلى هذا المستوى، يشكل الإقليم أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة،[3] إذ يعد تنظيما ترابيا وسيطا بين كل من الجهة والجماعة. ويعتبر بذلك جماعة ترابية خاضعة للقانون العام، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي.[4] وعلى الرغم من ذلك، تتجلى الخاصية الأساسية المميزة للإقليم في كونه ظل حاضنة لازدواجية بعدي اللاتمركز الإداري واللامركزية الإدارية، بل ظل قريبا لمدة طويلة من بعد اللاتمركز منه من منطق اللامركزية.[5]

وبصفة عامة، يندرج الاهتمام بالإقليم ودوره في التنمية في ارتباط بالتحول النوعي الذي يعرفه التنظيم اللامركزي بالمغرب، إذ تم تدعيم وظائف الجماعات الترابية في دستور 2011، وتقوية مكانتها داخل الدولة، وتحديد المبادئ الناظمة لها. كما ساهم إصدار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في تعميق الممارسة اللامركزية من خلال تطوير الأدوار التنموية للجماعات الترابية، وتوضيح شروط وإجراءات ممارستها للفعل الترابي، وكذا تنويع أدوات تدخلها التنموي.

وإذا كان الإقليم قد عرف تطورا بطيئا، وذلك منذ ظهير 13 أكتوبر 1956 المتعلق بالتقسيم الإداري للمملكة،[6] فإن المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي للعمالات والأقاليم[7] ستدشن لتحول ملحوظ في المرتكزات العامة للتنظيم الإقليمي من خلال تعزيز وتحسين شروط ممارسته لاختصاصاته، وتطوير أدوات اشتغاله. من هنا، فعلى الرغم من موقع الصدارة الذي منح للجهة في ارتباط بدورها الجوهري في مجال التنمية المندمجة والمستدامة، وبالرغم من إسناد مهمة تقديم خدمات القرب للجماعات، فإن المشرع لم يستبعد الإقليم، بل قام بتدعيم بعده اللامركزي، ووضح بعض أدواره التنموية، وحدد طرائق تدبيره وتسييره.

وتتحدد الفكرة الرئيسة التي ينبني عليها موضوع هذه المساهمة في دراسة مدى إمكانية مساهمة الإقليم في تحقيق التنمية الترابية في ظل المستجدات القانونية من جهة، وفي ارتباط بمشكلات واختلالات التدبير الترابي على المستوى الإقليمي من جهة ثانية. وارتباطا بذلك، سنتناول في هذه المساهمة الأدوار التنموية للإقليم، كجماعة ترابية، وذلك من خلال التوقف بداية عند الأدوات القانونية للتنمية الإقليمية، ثم في مستوى ثان تناول المعيقات التي تحد من الوظائف التنموية للإقليم.

المطلب الأول: الأدوات القانونية للتنمية الإقليمية

يرتكز تدبير الإقليم لشؤونه على مبدأ التدبير الحر الذي يخول له، في حدود اختصاصاته وصلاحياته، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاته ومقرراته. ولهذه الغاية، ينتخب الإقليم مجلسا يتكلف بتدبير شؤونه تدبيرا ديمقراطيا.[8] واستنادا لذلك، سنحاول، في هذا المستوى، التوقف عند الأدوات القانونية للتنمية الإقليمية من خلال محاولة توصيف اختصاصات الإقليم، وصلاحيات المجلس الإقليمي ورئيسه من جهة، وكذا تحليل آليات التعاضد والتعاون والشراكة على المستوى الإقليمي من جهة ثانية.

الفقرة الأولى: الوظائف التنموية للإقليم

أسند المشرع التنظيمي للإقليم جملة من الاختصاصات التي من شأن ممارستها، داخل دائرته الترابية، أن تمكنه مبدئيا من القيام بمهام النهوض بالتنمية الاجتماعية خاصة بالعالم القروي. كما أنيطت به مهام تعزيز النجاعة والتعاضد والتعاون بين الجماعات المتواجدة بترابه. وفي هذا المضمار، يعمل الإقليم على:

  • توفير التجهيزات والخدمات الأساسية خاصة في الوسط القروي؛
  •  تفعيل مبدأ التعاضد بين الجماعات، وذلك بالقيام بالأعمال، وتوفير الخدمات، وإنجاز المشاريع أو الأنشطة التي تتعلق أساسا بالتنمية الاجتماعية بالوسط القروي؛
  • محاربة الإقصاء والهشاشة في مختلف القطاعات الاجتماعية.[9]

وفي هذا المستوى، سنتوقف عند اختصاصات الإقليم، كما سنتناول صلاحيات المجلس الإقليمي ورئيسه.

أولا: اختصاصات الإقليم

يمارس الإقليم، بناء على مبدأ التفريع، اختصاصات ذاتية، واختصاصات مشتركة بينه وبين الدولة، واختصاصات منقولة إليه من هذه الأخيرة. وفي هذا السياق، فقد وضح المشرع التنظيمي حقل اختصاصات الإقليم، وحدد بعض الآليات الجديدة لممارستها.

             1- الاختصاصات الذاتية

تشتمل الاختصاصات الذاتية على الاختصاصات الموكولة للإقليم في مجال معين بما يمكنه من القيام، في حدود موارده، بالأعمال الخاصة بهذا المجال، ولاسيما التخطيط والبرمجة والإنجاز والتدبير والصيانة داخل دائرته الترابية. ومن هذا المنطلق، يمارس الإقليم اختصاصات ذاتية داخل نفوذه الترابي في الميادين التالية:

  • النقل المدرسي في المجال القروي؛
  • إنجاز وصيانة المسالك القروية؛
  • وضع وتنفيذ برامج للحد من الفقر والهشاشة؛
  • تشخيص الحاجيات في مجالات الصحة والسكن والتعليم والوقاية وحفظ الصحة؛
  • تشخيص الحاجيات في مجال الثقافة والرياضة.[10]

واستنادا لذلك، يمكن تصنيف الاختصاصات الذاتية للإقليم إلى ثلاثة ميادين؛ يتعلق الأول بالبنيات التحتية بالعالم القروي في مجالي التعليم والطرق، ويخص الثاني مجال التنمية البشرية من خلال إعداد برامج تساعد على الحد من الفقر والهشاشة في المجال الحضري والقروي. أما الثالث، فيرتبط بالوظيفة التشخيصية في المجالات الثقافية والتعليمية والصحية والسكنية…[11]

 ويتضح من خلال استعراض الاختصاصات الذاتية للإقليم اهتمام المشرع، على الخصوص، بالعالم القروي[12] من خلال إفراده بمجالات حصرية، وهي النقل المدرسي وإنجاز وصيانة المسالك القروية به، فضلا عن مجال مشترك مع الوسط الحضري يتمثل في إعداد برامج للحد من الفقر والهشاشة، وعمليات تشخيص الحاجيات في المجالات الثقافية والتعليمية والصحية والسكنية. وعلى هذا، يتضح أن موضوع التنمية الاجتماعية يشكل المجال الرئيسي للاختصاصات الذاتية للإقليم، وهي اختصاصات تروم أساسا العمل على تحقيق شروط التنمية الاجتماعية، خاصة بالعالم القروي.

وعلى غرار باقي الجماعات الترابية، مكن المشرع التنظيمي الإقليم من أداة إجرائية لممارسة اختصاصاته الذاتية؛ ونقصد بذلك برنامج تنمية الإقليم. ويعتبر هذا الأخير الوثيقة المرجعية لبرمجة المشاريع والأنشطة ذات الأولوية المقرر أو المزمع إنجازها بتراب الإقليم بهدف النهوض بالتنمية الاجتماعية خاصة في الوسط القروي، وكذا في المجالات الحضرية.[13]

وبهذا الصدد، فقد أنيطت بالمجلس الإقليمي، تحت إشراف رئيسه[14]، مهمة إعداد برنامج التنمية الإقليمية خلال السنة الأولى من الانتداب، والسهر على تتبعه وتحيينه وتقييمه. ويحدد برنامج تنمية الإقليم لمدة ست سنوات الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الإقليم، اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها، لتحقيق تنمية مستدامة، ووفق منهج تشاركي، وبتنسيق مع عامل العمالة أو الإقليم بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية.

ولهذه الغاية، وضحت المادة 3 من المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو الإقليم محتوى هذا البرنامج الذي يحدد البرامج والمشاريع التنموية المقرر برمجتها، أو إنجازها، أو المساهمة فيها، بتراب الإقليم، مع مراعاة ما يلي:

  • تحديد برنامج التنمية للأولويات التنموية للإقليم؛[15]
  • مواكبة برنامج تنمية الإقليم لسياسات واستراتيجيات الدولة فيما يخص توفير التجهيزات والخدمات الأساسية، والتنمية الاجتماعية في الوسط القروي، ومحاربة الإقصاء والهشاشة في مختلف القطاعات الاجتماعية؛
  • السعي إلى تحقيق الانسجام والالتقائية مع توجهات برنامج التنمية الجهوية عند وجوده؛[16]
  • اعتماد البعد البيئي لتحقيق التنمية المستدامة؛
  • الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المادية المتوفرة للإقليم أو التي يمكن تعبئتها[17]، وكذا الالتزامات المتفق عليها بين الإقليم والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية بالإقليم.

وبغية إعداد برنامج تنمية الإقليم، تمد الإدارة، والجماعات الترابية الأخرى، والمؤسسات والمقاولات العمومية، مجلس الإقليم بالوثائق المتوفرة المتعلقة بالمشاريع المراد إنجازها بتراب الإقليم داخل أجل شهرين من تاريخ تقديم الطلب. كما يعمل الإقليم على بلورة برنامجه التنموي وفقا للبرمجة متعددة السنوات، وذلك بإعداد الميزانية على أساس برمجة تمتد على ثلاث سنوات لمجموع موارد وتكاليف الإقليم طبقا لهذا البرنامج، وتحيين هذه البرمجة كل سنة لملاءمتها مع تطور الموارد والتكاليف.

2- الاختصاصات المشتركة والمنقولة

تعد الاختصاصات المشتركة مجالا مشتركا بين الدولة والإقليم. وفي هذا الإطار، فقد حدد المشرع ستة مجالات أساسية للاختصاصات المشتركة، وتهم ميادين التأهيل والتنمية الاجتماعية على المستوى الإقليمي، ويمكن تقديمها على النحو التالي:[18]

– تأهيل العالم القروي في ميادين الصحة والتكوين والبنيات التحتية والتجهيزات؛

– تنمية المناطق الجبلية والواحات؛

– الإسهام في تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب والكهرباء؛

– برامج فك العزلة عن الوسط القروي؛

– المساهمة في إنجاز وصيانة الطرق الإقليمية؛

– التأهيل الاجتماعي في الميادين التربوية والصحية والاجتماعية والرياضية.

وقد أحال القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم على آلية التعاقد كأداة لممارسة الاختصاصات المشتركة بين الإقليم والدولة. وتحدد هذه الآلية حقوق وواجبات كل طرف، مما قد يسهم في الدفع بطابع النجاعة في التدبير، وتحقيق الأهداف المرسومة، وذلك إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الإقليم.

وفي هذا الإطار، تنص المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم على أن الاختصاصات المشتركة بين الإقليم والدولة تمارس بشكل تعاقدي إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الإقليم. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للإقليم بمبادرة منه، واعتمادا على موارده الذاتية، أن يتولى تمويل إنجاز مرفق أو تجهيز أو تقديم خدمة عمومية لا تدخل ضمن اختصاصاته الذاتية بشكل تعاقدي مع الدولة، إذا تبين أن هذا التمويل يساهم في بلوغ أهدافه.

أما بالنسبة للاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الإقليم، فتهم كلا من مجالي التنمية الاجتماعية، وإحداث وصيانة المنشآت المائية الصغيرة والمتوسطة خاصة بالوسط القروي. ويراعى مبدأ التدرج والتمايز بين الأقاليم عند نقل الاختصاصات من الدولة إلى الإقليم. وعلاوة على ذلك، يمكن تحويل الاختصاصات المنقولة إلى اختصاصات ذاتية للإقليم بموجب تعديل القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم. وجدير بالإشارة، طبقا للفقرة الثانية من الفصل 141 من الدستور، أن نقل كل اختصاص من الدولة إلى الإقليم يستلزم تحويل الموارد اللازمة لممارسة الاختصاص المنقول.

ثانيا: صلاحيات المجلس الإقليمي ورئيسه

يعتبر توفر الإقليم على جهاز تداولي يتولى إدارة شؤونه، ويسهر على تحديد متطلبات تنميته، وكذا رئيس يمتلك السلطة التنفيذية، قاعدة أساسية في البناء اللامركزي على المستوى الإقليمي.وفي هذا الجانب، سنقف عند الصلاحيات الموكولة لكل من المجلس الإقليمي ورئيسه، وهي صلاحيات تطال مجالات متعددة، وتكشف عن مضامين تنموية وإن كانت ليست في نفس مستوى المضامين التنموية لباقي الوحدات الترابية.

1- صلاحيات المجلس الإقليمي

يبت المجلس الإقليمي بمداولاته في القضايا التي تدخل في اختصاصات الإقليم، ويمارس لهذه الغاية الصلاحيات التالية:

أ- التنمية والمرافق العمومية

استنادا للمادة 92 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم، يتداول المجلس الإقليمي في القضايا التالية: برنامج تنمية الإقليم؛ تنظيم إدارة الإقليم، وتحديد اختصاصاتها؛ إحداث المرافق العمومية التابعة للإقليم، وطرق تدبيرها، طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ إحداث شركات التنمية، أو المساهمة في رأسمالها، أو تغيير غرضها، أو الزيادة في رأسمالها، أو تخفيضه، أو تفويته.

ب- المالية والجبايات وأملاك الإقليم

يبت مجلس الإقليم، وفقا للمادة 93 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم، في القضايا التالية: الميزانية؛ فتح الحسابات الخصوصية والميزانيات الملحقة[19]؛ فتح اعتمادات جديدة والرفع من مبالغ الاعتمادات وتحويل الاعتمادات داخل نفس الفصل؛ تحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة الإقليم في حدود النسب المحددة، عند الاقتضاء، بموجب القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ إحداث أجرة عن الخدمات المقدمة وتحديد سعرها؛ الاقتراضات والضمانات الواجب منحها؛ تدبير أملاك الإقليم، والمحافظة عليها وصيانتها؛ اقتناء العقارات اللازمة لاضطلاع الإقليم بالمهام الموكولة له، أو مبادلتها، أو تغيير تخصيصها، طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ الهبات والوصايا.

ج- التعاون والشراكة

يفصل المجلس الإقليمي، طبقا للمادة 94 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم، في القضايا التالية: المساهمة في إحداث مجموعات الأقاليم، ومجموعات الجماعات الترابية، أو الانضمام إليها، أو الانسحاب منها؛ اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاع العام أو الخاص؛ مشاريع اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي مع جماعات ترابية وطنية أو أجنبية؛ الانخراط أو المشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية؛ العقود المتعلقة بممارسة الاختصاصات المشتركة والمنقولة؛ كل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية بعد موافقة عامل العمالة أو الإقليم، وذلك في إطار احترام الالتزامات الدولية للمملكة.

2- صلاحيات رئيس المجلس الإقليمي

يمارس رئيس المجلس الإقليمي السلطة التنفيذية. وبهذه الصفة، يقوم بتنفيذ مداولات المجلس ومقرراته، ويتخذ جميع التدابير اللازمة لذلك، ولهذا الغرض:

– ينفذ برنامج تنمية الإقليم؛

– ينفذ الميزانية؛

– يتخذ القرارات المتعلقة بتنظيم إدارة الإقليم، وتحديد اختصاصاتها، مع مراعاة مقتضيات المادة 109 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم؛

– يتخذ القرارات المتعلق بإحداث أجرة عن الخدمات المقدمة، وذلك بتحديد سعرها؛

– يتخذ القرارات لأجل تحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛

– يقوم، في حدود ما يقرره مجلس الإقليم، بإبرام وتنفيذ العقود المتعلقة بالقروض؛

– يقوم بإبرام أو مراجعة الأكرية وعقود إيجار الأشياء؛

– يدبر أملاك الإقليم ويحافظ عليها. ولهذه الغاية، يسهر على مسك وتحيين سجل محتويات أملاكها وتسوية وضعيتها القانونية، ويقوم بجميع الأعمال التحفظية المتعلقة بحقوق الإقليم؛

– يباشر أعمال الكراء والبيع والاقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم ملك الإقليم الخاص؛

– يتخذ الإجراءات اللازمة للتدبير العمومي للإقليم، ويمنح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛

– يتخذ الإجراءات اللازمة لتدبير المرافق العمومية التابعة للإقليم؛

– يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة طبقا لمقتضيات المادة 85 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم؛

– يعمل على حيازة الهبات والوصايا.

وفضلا عن ذلك، يعتبر رئيس المجلس الإقليمي الآمر بقبض مداخيل المجلس وصرف نفقاته. كما يرأس المجلس، ويمثله بصفة رسمية في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية والقضائية، ويسهر على مصالحه. كما يتولى الرئيس ممارسة الصلاحيات التالية: إعداد جدول الدورات، إعداد برنامج تنمية الإقليم، إعداد الميزانية، رفع الدعاوى القضائية، إبرام صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات.

وعلاوة على ذلك، يسير رئيس المجلس المصالح الإدارية للإقليم،[20] ويعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بها، ويسهر على تدبير شؤونهم، ويتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة الإقليم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.[21] كما يقوم بحفظ جميع الوثائق التي تتعلق بأعمال المجلس، وجميع المقررات والقرارات المتخذة، وكذا الوثائق التي تثبت التبليغ والنشر.[22]

 وبالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، يمارس رئيس المجلس الإقليمي السلطة التنظيمية بموجب قرارات. فوفقا للفقرة الثانية من الفصل 140 من الدستور،[23] يمارس رئيس المجلس الإقليمي، بعد مداولات المجلس، السلطة التنظيمية بموجب قرارات تنشر بالجريدة الرسمية للجماعات الترابية. وهو ما يفيد أن رئيس المجلس الإقليمي لا ينعم بسلطة تقريرية خارج مهمة تنفيذ مقررات هذا المجلس. وبالتالي فهو لا يملك سلطة تنظيمية مستقلة عن ما يقرره ويتداول في شأنه المجلس.[24] وجدير بالذكر أن السلطة التنظيمية المحلية مقيدة بإرادة المشرع من جهة، وبضرورة ممارستها من طرف الجماعات الترابية في نطاق اختصاصها النوعي والترابي من جهة ثانية.[25]

الفقرة الثانية: آليات التدبير التشاركي للتنمية الإقليمية

يرتكز تدبير الأقاليم لشؤونها على مبدأي التضامن والتعاون فيما بينها، وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى، من أجل بلوغ أهدافها والمتمثلة على الخصوص في إنجاز مشاريع مشتركة يمكن أن تكون مدخلا للتنمية. وفي هذا المضمار، تضمن القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم جملة من الآليات الجديدة للتدبير التشاركي للتنمية والتي من شأنها تعزيز التعاون بين الجماعات، كما تعد وسائلا للتدخل في مجال التنمية الترابية.

أولا: الأدوات الجديدة لتعزيز التعاون والتعاضد

من منطلق استحضار أهمية تعزيز التعاون والتعاضد بين الفاعلين الترابيين في مجال تدبير الشأن العام الترابي، والذي يعد من بين أهم المؤشرات التي تقوم عليها الحكامة المحلية، أكد المشرع التنظيمي على مبادئ التعاون والتضامن والتعاضد، وذلك لسد العجز الحاصل في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات، وكذا التقليص من التفاوتات بين الجماعات الموجودة بتراب الإقليم.

وبهذا الصدد، يعهد للإقليم، طبقا لمقتضيات المادة 6 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم، بما يلي:

  • صلاحية ممارسة بعض الاختصاصات بالوكالة عن كل أو بعض الجماعات الموجودة بترابه إذا تبينت نجاعة ذلك، إما بمبادرة من الجماعات المعنية، أو بطلب من الدولة التي تقدم تحفيزات لهذه الغاية. ويشترط، في جميع الحالات، موافقة مجالس الجماعات المعنية. وتتم ممارسة الوكالة في إطار تعاقدي.
  • القيام، في نطاق احترام الاختصاصات الموكولة إلى الجماعات الترابية الأخرى، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، بكل عمل لتشجيع التعاون والتشاور والتكامل بين الإقليم والجماعات الموجودة بترابه في كل ما يرتبط بالإشراف المنتدب على المشاريع.

من هنا، يتبين سعي المشرع إلى تشجيع التعاون والتشاور والتكامل بين الإقليم والجماعات الموجودة بترابه، حيث يمكن أن يتكلف المجلس الإقليمي بممارسة بعض الاختصاصات بالوكالة عن كل أو بعض الجماعات الموجودة بترابه. كما يمكن أن تعهد جماعة أو أكثر، بموجب اتفاقية، إلى الإقليم الذي تقع داخل نفوذه الترابي، بإنجاز مشروع باسمها ولحسابها من خلال آلية الإشراف المنتدب.

ومن هذا المنطلق، نص المرسوم رقم 2.16.404 على أن الإشراف المنتدب على المشروع[26] يتم بموجب اتفاقية، كما عمل على تحديد أهم محتوياتها من أجل ضمان حقوق وواجبات كل طرف، وكذا تنفيذ المشروع في أحسن الظروف. وتكون هذه الاتفاقية موضوع مداولات متطابقة لمجلس الجماعة والإقليم المعني، ولا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة أو الإقليم.

وتندرج هذه المقتضيات الجديدة في إطار توجه يروم إدخال المزيد من المرونة في توزيع وتنفيذ الاختصاصات بين الجماعات الترابية بالترخيص للمستويات الترابية الأدنى (الجماعات) بإمكانية إسناد ممارسة بعض اختصاصاتها لجماعة ترابية أعلى (الأقاليم). فعلى سبيل المثال، في حالة عجز الجماعات عن القيام باختصاصاتها، وبالتالي عدم القدرة على ممارسة وظائفها التنموية بسبب عدم توفرها على الإمكانات المالية والموارد البشرية الكافية، أو وجود تضارب في الاختصاصات، يمكن أن يتولى الإقليم القيام بأدوارها من خلال الإشراف المنتدب على إنجاز مشاريع تنموية تستفيد منها الجماعات الداخلة في مجاله الترابي.

ويظهر أن هذه المقتضيات الجديدة تساير ما ذهب إليه التشريع الفرنسي من حيث أن بعض المستويات الترابية يمكن أن تتوفر، بموجب نظام توزيع الاختصاصات، على مهمة أساسية في مجال السياسيات الترابية. ويتعلق الأمر في التجربة الفرنسية بمحاولة تقديم جواب مناسب للاختلالات الناتجة عن ممارسة الاختصاصات المشتركة.[27] وفي السياق المغربي، يتضح أن المشرع مكن الإقليم من آليات خاصة وإجراءات جديدة من شأنها تعزيز التعاون والتضامن والتعاضد مع الجماعات في مجال تنفيذ الاختصاصات والمشاريع التي تقع ضمن مجاله الترابي.

ومن هنا، يمكن للإقليم القيام بدور إشرافي لضمان الاتساق والانسجام بين التدخلات التنموية للجماعات من أجل مواجهة الفوارق والتفاوتات الناتجة عن الاختلاف في الإمكانيات والموارد بين الوحدات الترابية، وضمان حد أدنى من المرافق والخدمات للمواطنين بغض النظر عن النطاق الترابي الذي يتواجدون فيه. لكن المقتضيات المتعلقة بالوكالة والإشراف المنتدب لا تعني بأي حال من الأحوال ممارسة الإقليم الوصاية على الجماعات، إذ لا يجوز لأي جماعة ترابية، طبقا للفصل 143 من الدستور، أن تمارس وصايتها على جماعة أخرى.

ثانيا: آليات التعاون والشراكة

بالنظر لأهمية آليات التعاون والشراكة في تحقيق الأهداف المتمثلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتبادل الخبرات، وتكريس التدبير التشاركي للتنمية، وضمان تماسك أكبر للعمل الترابي، وعقلنة الموارد المالية، جاء القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم بمجموعة من الآليات القانونية التي من شأنها تعزيز التعاون والشراكة. هكذا، يتوفر الإقليم، كباقي الوحدات الترابية، على حرية  تأسيس أو الانخراط في تكتلات، أو مجموعات، أو الارتباط مع هيئات أو مؤسسات بأي شكل من الأشكال، وذلك، من أجل التعاضد في الوسائل والبرامج.

ومن هذا المنطلق، يمكن لإقليم أو أكثر أن يؤسسوا مع جماعة أو أكثر، أو جهة أو أكثر، مجموعة تحمل اسم “مجموعة الجماعات الترابية”، والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، بهدف إنجاز عمل مشترك، أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة.[28] وتحدث هذه المجموعات بناء على اتفاقية تصادق عليها مجالس الجماعات الترابية المعنية، وتحدد موضوع المجموعة، وتسميتها ومقرها، وطبيعة المساهمة أو مبلغها، ومدتها الزمنية.[29]

وعلاوة على ذلك، يمكن للعمالات والأقاليم أن تؤسس فيما بينها، بموجب اتفاقيات تصادق عليها مجالس العمالات والأقاليم المعنية، مجموعات تسمى “مجموعات العمالات أو الأقاليم” والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وذلك من أجل إنجاز عمل مشترك، أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة. ولهذه الغاية، تحدد هذه الاتفاقيات غرض المجموعة، وتسميتها ومقرها، وطبيعة المساهمة أو مبلغها، ومدتها الزمنية.[30]

وفي نفس الإطار، تعتبر شركات التنمية آلية فعالة في مجال دعم الشراكة بين القطاع العام والخاص. ويمكن النظر لهذه الشركات كنمط حديث لتدبير المرافق العمومية التابعة للإقليم. وارتباطا بذلك، تهدف شركات التنمية إلى تطوير التعاون بين الجماعات الترابية، فضلا عن تعميق الشراكة مع باقي الفاعلين في التنمية الترابية.

وتعتبر الشركات العمومية المحلية شركات تجارية تخضع لنظام يقوم على قواعد ديناميكية توفر لها الليونة في التدبير، والفعالية في الإنجاز لفائدة الجماعات الترابية عبر تلبية حاجيات المرتفقين، وتحسين طرق التدبير، وضمان النتائج، وتحفيز الأجراء والمساهمين فيها. وتكون لجماعة، أو عدة جماعات ترابية، الأغلبية في رأسمالها في إطار اختصاصات تحدد مجال تدخلها.[31]

وبهذا الصدد، يمكن للإقليم ومجموعاته، ومجموعات الجماعات الترابية، إحداث شركات مساهمة تسمى “شركات التنمية” أو المساهمة في رأسمالها باشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص. وتحدث هذه الشركات لممارسة الأنشطة ذات الطبيعة الاقتصادية التي تدخل في اختصاصات الإقليم، أو تدبير مرفق عمومي تابع له. وعلى هذا، ينحصر مجال تدخل شركات التنمية في حدود الأنشطة ذات الطبيعة الصناعية والتجارية، التي تدخل في اختصاصات الإقليم ومجموعاته، ومجموعات الجماعات الترابية، باستثناء تدبير الملك الخاص للإقليم.[32] واستنادا لذلك، تعد شركات التنمية أداة للتعاون والشراكة بين مختلف المتدخلين في تدبير التنمية الترابية من جماعات ترابية وأشخاص عمومية وقطاع خاص على أن تكون أغلبية رأسمالها في ملك أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام.[33]

ثالثا: اتفاقيات التعاون والشراكة

تعد اتفاقيات التعاون والشراكة وجها من أوجه التعاون قصد إنجاز مشروع، أو نشاط ذي فائدة مشتركة، ويدخل إبرام هذا النوع من الاتفاقيات ضمن الصلاحيات المخولة لمجلس الإقليم. إذ يمكن لهذا الأخير، في إطار الاختصاصات المخولة له، أن يبرم فيما بينه وبين إقليم آخر، أو مجموعات ترابية أخرى، أو مع الإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية، أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية، أو الهيئات العمومية الأخرى، أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة، اتفاقيات للتعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع، أو نشاط ذي فائدة مشتركة، لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص.[34]

وتحدد اتفاقيات التعاون والشراكة، على وجه الخصوص، الموارد التي يقرر كل طرف تعبئتها من أجل إنجاز المشروع أو النشاط المشترك.[35] كما تعتمد ميزانية، أو حساب خصوصي، لإحدى الجماعات الترابية المعنية سندا ماليا ومحاسبيا لمشروع أو نشاط التعاون. ولذلك، تعتبر هذه الاتفاقيات وسيلة هامة لتقليص تدخلات الجماعات الترابية، وتخفيف عبئ التكاليف المالية لإنجاز المشاريع الكبرى…

وفي إطار انفتاح الجماعات الترابية على الخبرات والتجارب الدولية، يمكن للإقليم إبرام اتفاقيات مع فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي، وكذا الحصول على تمويلات في نفس الإطار بعد موافقة السلطات العامة، لكن لا يمكن إبرام أي اتفاقية بين إقليم أو مجموعاته مع دولة أجنبية. 

المطلب الثاني: معيقات التنمية الإقليمية

تواجه الإقليم عدة قيود وصعوبات تحد من تدخله في مجال النهوض بالتنمية الاجتماعية. وفي هذا الجانب، تشكل القيود السياسية والقانونية إحدى الأسباب الأساسية لضعف التدخل التنموي على المستوى الإقليمي. كما تعزى محدودية الأداء التنموي للإقليم إلى ضعف موارده البشرية والمالية. وفي هذا الإطار، سنتناول بداية مختلف القيود السياسية والقانونية التي تحد من التدخل التنموي للإقليم، لنعمد، بعد ذلك، إلى التوقف عند الصعوبات المرتبطة بمحدودية موارده البشرية والمالية.

الفقرة الأولى: القيود السياسية والقانونية

سنحاول، في هذا المستوى، تحليل تأثير القيود السياسية والقانونية على الوظيفة التنموية للإقليم، وذلك بالتوقف أولا عند أسباب تهميش الوظيفة التنموية لفائدة أولوية الوظيفة الإدارية للإقليم، ثم التطرق ثانيا لتجليات الحضور القوي لممثل السلطة المركزية على المستوى الإقليمي.

أولا: أولوية الوظيفة الإدارية للإقليم

يكتسي الإقليم أهمية قصوى في بنية التنظيم الإداري للدولة، إذ يعتبر، حسب أحد الدارسين، أداة لإعادة تنظيم المجال الترابي، وحلقة وصل بين الساكنة المحلية والسلطة المركزية. وعلى هذا، يتحدد دور الإقليم في الوساطة بين المركز والمجال المحلي، حيث يقوم بوظيفة الضبط الاجتماعي والهيكلة الإدارية للمجتمع.[36] ومن هنا، يشكل الإقليم حلقة وصل بين الإدارة المركزية والمجتمعات المحلية، إذ يحتضن معظم المصالح الخارجية للإدارات المركزية.

وعلى الرغم من أن الإقليم لم يعد الإطار الوحيد لتوزيع المصالح اللاممركزة للدولة، بل أضحت الجهة الفضاء الترابي لبلورة السياسة الوطنية للاتمركز الإداري، بالنظر لموقع الصدارة الذي تحتله في التنظيم الإداري للمملكة،[37] فيظهر أن الإقليم سيحافظ على دوره التقليدي والمحوري، كإطار للاتمركز الإداري، داخل البنيات الترابية الضامنة للترابط بين المركز والمحيط. وفي هذا السياق، يؤكد أحد الدارسين أن المقتضيات الإدارية ستظل تختار الأقاليم كمركز رئيسي يستقبل مختلف المصالح اللاممركزة.[38]

ومن زاوية أخرى، يدبر شؤون الإقليم مجلس ينتخب أعضاؤه بالاقتراع غير المباشر، وهذا على خلاف باقي الجماعات الترابية التي تنتخب مجالسها بالاقتراع المباشر. هكذا، فاعتماد أسلوب الاقتراع غير المباشر، واستبعاد عنصر التمثيل المباشر للمنتخبين على مستوى الإقليم، يقلل من نجاعة التنظيم اللامركزي على هذا المستوى.[39] وفي هذا الجانب، يتكون المجلس الإقليمي من فئتين من الأعضاء:

– أعضاء منتخبون من طرف هيئة ناخبة تتألف من أعضاء مجالس الجماعات التابعة للإقليم عن طريق الاقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي على قاعدة أكبر بقية. ويتم انتخاب هؤلاء الأعضاء بطريقة الاقتراع غير المباشر من طرف المستشارين الجماعيين؛[40]

– أعضاء يمثلون الغرف المهنية ينتخبون من بين أعضاء غرف الفلاحة والتجارة والخدمات والصناعة التقليدية والصيد البحري، وذلك عن طريق الاقتراع بالأغلبية النسبية.

يتضح أن تركيبة المجالس الإقليمية توحي مبدئيا بإشراك جميع الفعاليات السياسية والاقتصادية والمهنية المرتبطة بالشأن العام الإقليمي في بلورة القرار التنموي. غير أن صورية أغلبية المجالس الإقليمية، وغياب الوعي بالدور التنموي المنوط بها أمام أولوية الوظيفة السياسية والإدارية، بالإضافة إلى وجود شريك قوي يمثل الإدارة، ويسهر على مصالح السلطة المركزية، قد جعل التنظيم الإقليمي يخفق في تحقيق كل الأهداف التي جاء من أجلها. فبناء على أهمية الإقليم في النسق السياسي والإداري المغربي، باتت الوظيفة التنموية مهمشة حسب أحد الدارسين، وتقلص دور الإقليم من جماعة ترابية إلى مجرد دائرة تقوم بدور الوساطة بين السلطة المركزية والمجتمع المحلي.[41] وعلى هذا النحو، يتبين أن الوظيفة التي حددت للإقليم منذ الاستقلال ترتبط على الخصوص بالمجال الضبطي، وهو ما يفسر استمرارية تعطيل وظيفته التنموية، وبالمقابل تكريس أدواره التقليدية المتمثلة في الوساطة والضبط والتحكم.

ب- الحضور القوي لممثل الدولة على المستوى الإقليمي

انسجاما مع مبدأ التدبير الحر الذي يعني حرية الإقليم واستقلاليته في تدبير شؤونه، حسمت الوثيقة الدستورية في مسألة السلطة التنفيذية على المستوى الإقليمي، إذ يعد رئيس المجلس الإقليمي السلطة التنفيذية للإقليم، حيث يقوم بتنفيذ مداولات المجلس ومقرراته.[42] وقد عمل القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم على توسيع هامش تحرك المجالس الإقليمية ورؤسائها، فضلا عن حذف مفهوم الوصاية وتعويضه بالمراقبة الإدارية، وتعزيز نظام الرقابة البعدية للقضاء الإداري والمالي.

وعلى الرغم من أهمية إقرار مبدأ التدبير الحر في تسيير شؤون الإقليم، فإن ذلك لا يعني الاستقلال المطلق للجماعات الترابية، ذلك أن الفصل 145 من الدستور يؤكد على أن الولاة والعمال يمارسون المراقبة الإدارية.[43] وهذا يعني مبدئيا الانتقال من وصاية الملاءمة، والتي كانت تمنح سلطة الوصاية مجالا كبيرا في مراقبة الجماعات الترابية[44]، إلى المراقبة الإدارية والتي من خلالها تتم مراقبة شرعية القرارات والمقررات.

وقد أولى المشرع التنظيمي اهتماما خاصا للمراقبة الإدارية، لكونها تشكل تحصينا لعمل المجالس الإقليمية من أي انزلاق أو انحراف في مجال التدبير الإداري والمالي. فالمراقبة الإدارية لعامل العمالة والإقليم تطال أعمال المجلس ونظامه الداخلي، وكذا قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية. كما يحق لعامل العمالة أو الإقليم التعرض على الأعمال والمقررات التي لا تدخل قانونا في صلاحيات المجلس الإقليمي.

وفي هذا المضمار، لا تكون مقررات المجلس الإقليمي قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة أو الإقليم، داخل أجل عشرين (20) يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس. وتتحدد هذه المقررات فيما يلي: المقرر المتعلق ببرنامج تنمية الإقليم؛ المقرر المتعلق بالميزانية؛ المقرر القاضي بتنظيم إدارة الإقليم وتحديد اختصاصاته؛ المقررات ذات الوقع المالي على النفقات والمداخيل، ولاسيما الاقتراضات والضمانات وتحديد سعر الرسوم والأتاوى، ومختلف الحقوق، وتفويت أملاك الإقليم وتخصيصه؛ المقرر المتعلق باتفاقيات التعاون اللامركزي والتوأمة التي يبرمها الإقليم مع الجماعات المحلية الأجنبية.

غير أن المقررات المتعلقة بالتدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية التابعة للإقليم، وبإحداث شركات التنمية، يؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. ويعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من المقررات المذكورة بعد انصرام أجل عشرين (20) يوما بمثابة تأشيرة.

واستنادا لذلك، يتضح أن الدستور بوأ العمال مكانة متميزة باعتبارهم يمثلون الإدارة المركزية على المستوى الإقليمي. فرغم تغيير مفهوم الوصاية بمفهوم الرقابة، وتعويض الوصاية بالرقابة القضائية، فإن العمال احتفظوا بصلاحيات واسعة للتطاول على أشخاص وأعمال الجماعات الترابية (المبادرة لعرض الأمر على القضاء، الحلول، المصادقة).[45] أضف إلى ذلك، أن المراقبة الإدارية تنصب على الميادين الأكثر حساسية في المواد الاقتصادية والاجتماعية، وتهم التقنيات الإدارية والمالية الأكثر حيوية بالنسبة للتنمية الاقتصادية المحلية.[46] وتأسيسا على ذلك، يتضح أن المشرع التنظيمي كرس الحضور القوي لممثل السلطة المركزية على المستوى الإقليمي من خلال شساعة مجال أدواره التنسيقية، وبالأخص بالنظر لوظيفته الرقابية التي لا تقتصر على المطابقة القانونية، بل تتعداها إلى مراقبة الملاءمة.

وجدير بالذكر أن الوصاية على التدبير الإداري والمالي على المستوى الترابي تتعارض مع مضمون التدبير الحر والمستقل للجماعات الترابية… وهو ما يفسر، حسب أحد الباحثين، ازدواجية المشرع في التعامل مع هذه الجماعات، وإقراره بضرورة الوصاية على النخب المحلية والتي، من منظوره، لم تتمكن بعد من تجميع الشروط والمقومات الضرورية لتمتيعها بالاستقلال والحرية اللازمة لحسن تدبير الشأن العام المحلي.[47]

حاصل القول أن الحضور القوي لممثل السلطة المركزية من خلال ممارسته للوصاية على المستوى الإقليمي يحد من المبادرة الحرة والمستقلة للمنتخبين، وبالتالي يبرز الهوة بين الإعلان الدستوري عن مبدأ التدبير الحر من جهة، والمؤشرات العملية الدالة على مدى تحققه على أرض الواقع من جهة ثانية. فمن المعلوم “أن وصاية الملاءمة تحد مبدئيا من حرية عمل المنتخبين المحليين، لأنها تعني في الواقع أن المقررات والقرارات والمشاريع التي تباشرها المجالس المحلية لا يمكن تنفيذها إلا بعد التأشير عليها من طرف السلطة المركزية أو من يمثلها”[48].

الفقرة الثانية: الإكراهات البشرية والمالية

يشكل ضعف الموارد البشرية ومحدودية الإمكانات المالية أحد أبرز معيقات التنمية الإقليمية. ومن هذا المنطلق، سنحاول تناول ضعف الموارد البشرية للإقليم، فضلا عن إبراز محدودية إمكانياته المالية.

أولا: ضعف الموارد البشرية

تتشكل الموارد البشرية على المستوى الإقليمي من المنتخب الإقليمي والموظف. ويعتبر المنتخب الإقليمي اللبنة الأساسية في البناء التنموي المحلي، والعنصر الأساسي في تدبير الشأن العام الإقليمي. كما يقوم الموظف بدور جوهري في سير العمل الإداري. لكن الممارسة العملية أثبتت أن هناك بعض المعيقات تحول بين المستشارين الإقليميين وبين ما هو متوخى منهم تنمويا، ويأتي في مقدمة هذه المعيقات محدودية القدرات التدبيرية لهؤلاء المنتخبين، وبالتالي عدم توفرهم على الخبرة الكافية لممارسة مهامهم، إذ أنهم لا يتوفرون على المعلومات الكافية لمزاولة صلاحياتهم، إذ كثيرا ما يجهلون اختصاصاتهم، والنصوص القانونية المنظمة للعمل الترابي.

وباستحضار نتائج انتخابات 2015، يبلغ عدد منتخبي العمالات والأقاليم ما مجموعه 1363 منتخبا.[49] وتبرز القراءة السوسيولوجية لنتائج ذات الانتخابات ما يلي:[50]

فيما يخص هرم أعمار المنتخبين الجدد، فيظهر أن عدد المنتخبين الذين تصل أعمارهم إلى 55 فما فوق وصل إلى 477 منتخبا من مجموع منتخبي العمالات والأقاليم، أما بالنسبة للفئة العمرية بين 45 و55 سنة فقد بلغ عدد منتخبيها 469 منتخبا، وبخصوص الفئة العمرية بين 35 و45 فعدد منتخبيها هو 336 منتخبا، أما الفئة العمرية بين 25 و35، فبلغ 79 منتخبا، أما فئة أقل من 25 سنة فعدد منتخبيها هو منتخبين. واضح أن تشكيلات المجالس لم تعرف تشبيبا كبيرا على خلاف ما تتغياه المداخل القانونية والمؤسساتية الرامية لإدماج الشباب في الحياة السياسية من جهة، وكذا إنتاج نخب جديدة تتولى تدبير الشأن العام الإقليمي من جهة ثانية.

ومن حيث المستوى التعليمي للمنتخبين على مستوى العمالات والأقاليم، فإن 637 منتخبا يتوفرون على مستوى تعليمي عالي، و462 منتخبا يتوفرون على شواهد ثانوية، وبالنسبة للحاصلين على المستوى الابتدائي فيصل عددهم إلى 211 منتخبا. وعلى الرغم من تنامي حضور الفئات المتعلمة والمثقفة على مستوى المجالس الإقليمية، فيلاحظ استمرار حضور  الفئات الأمية، إذ وصل عدد المنتخبين الذين لا يتوفرون على مستوى تعليمي بالعمالات والأقاليم إلى 53 منتخبا، مما يعني أن الفئات غير المتعلمة تظل حاضرة في مجال تدبير الشأن العام على مستوى الأقاليم.

وعلى المستوى السوسيومهني لمنتخبي العمالات والأقاليم، فيأتي أصحاب المهن الحرة على رأس قائمة المنتخبين الفائزين ب 245 منتخبا، متبوعين بفئة الفلاحين ب 221، ثم الموظفين ب 210، ثم التجار ب 208. أما رجال التعليم فقد حصلوا على 118 منتخبا، والأجراء ب 60 منتخبا، ثم الصناع ب 4 منتخبين. هذا إلى جانب أصحاب “مهن أخرى” ب277 منتخبا، وفئة بدون مهنة ب 20 منتخبا. واستنادا لهذه المعطيات، يتأكد الحضور القوي للفئات المهنية والتجارية بالمجالس الإقليمية.

وبالانتقال إلى الأطر الإدارية، فتشغل العمالات والأقاليم 25668 موظفا؛ أي بنسبة 17,4 % من مجموع الأطر الإدارية للجماعات الترابية البالغ عددهم 147637 موظفا سنة 2014. وكما هو الشأن بالنسبة لموظفي الدولة، تتميز الوظيفة العمومية الترابية بتوزيع متباين للموظفين على مختلف الوحدات الترابية، وبارتفاع في كتلة الأجور. [51] كما لا يرتكز توزيع موظفي الجماعات الترابية على أساس اقتصادي أو ديموغرافي واضح. وفي هذا الصدد، تشير تقارير المجالس الجهوية للحسابات إلى وجود فائض في أعداد الموظفين على مستوى عدد من الجماعات الترابية، حيث التوظيفات التي تتم لا تكون دائما استجابة لحاجيات واقعية.[52]

وفي نفس الإطار، تتميز الوظيفة العمومية الترابية بغياب التلاؤم والتناسب بين أعداد وكفاءات الموظفين من جهة والمهام المنوطة بالجماعات الترابية من جهة أخرى، حيث تطرح إشكالية مدى قدرة الجماعات الترابية، بمختلف مستوياتها، على الاضطلاع بمهامها في ظل هيمنة فئة أعوان التنفيذ على بنية مواردها البشرية.[53]

وتؤكد بعض الوثائق الصادرة عن المجالس الإقليمية أن الوظيفة العمومية على المستوى الإقليمي تعاني العديد من المشاكل، ومنها: نقص التأطير والتكوين، المشاكل ذات الطبيعة التنظيمية، عدم الاستقرار في وظائف المسؤولية والتسيير المشترك غير المهيكل والمختل للمصالح.[54] وعلى المستوى الكيفي، تبرز إشكالية تكوين وتأهيل المورد البشري، حيث يعد التكوين اليوم ضرورة ملحة بالنسبة لمنتخبي المجالس الإقليمية وموظفيها.[55]

ثانيا: محدودية التمويل الذاتي للتنمية الإقليمية

يحيل مبدأ التدبير الحر، الذي أضحى أهم المبادئ الدستورية الناظمة للتدبير الترابي، على مبدأ آخر ملازم له، وناتج عنه بالضرورة، وهو مبدأ الاستقلال المالي للجماعات الترابية. وعلى هذا، يتضح أن دستور 2011 قد وضع المبادئ التي من شأنها، نظريا، أن تشكل أرضية للاستقلال المالي للمستويات الترابية. ومعلوم أنه لا يمكن الحديث عن استقلال مالي حقيقي للإقليم دون تمكينه من الموارد المالية الذاتية اللازمة لممارسة اختصاصاته، وأداء وظائفه التنموية، فضلا عن حرية تدبيرها، حتى لا يبقى مرتبطا بالإعانات المالية للدولة.

ومن هذا المنطلق، يتوفر الإقليم من أجل ممارسة اختصاصاته، وتمويل تنميته، على موارد مالية ذاتية،[56] وموارد مالية محولة من الدولة، وحصيلة الاقتراضات. من هنا، تتحدد تركيبة الموارد المالية للإقليم فيما يلي: المداخيل المتأتية من محاصيل الرسوم المفروضة لفائدة الأقاليم، مداخيل حصص ضرائب الدولة المخصصة لفائدة هذه الوحدات الترابية، وكذا الموارد المحولة من طرف الدولة،[57] فضلا عن إمكانية الاقتراض. كما يمكن الاستعانة بآليات مساعدة من قبيل التضامن والتعاون والتعاضد، واتفاقيات الشراكة، لتحسين القدرات التمويلية للإقليم، ومن ثمة تمويل التنمية على المستوى الإقليمي.

وعلى مستوى الممارسة، بلغت المداخيل المحصلة من طرف العمالات والأقاليم، خلال سنة 2016، ما مجموعه 5,9 مليار درهم. ومقارنة بسنة 2015، سجلت المداخيل تراجعا خلال سنة 2016 بمعدل 23,5-% بالنسبة للعمالات والأقاليم، وذلك على خلاف باقي الوحدات الترابية التي عرفت ارتفاعا في معدل تطور مداخيلها: 2,3+% بالنسبة للجماعات، و136,8+ % بالنسبة للجهات.[58] وقد انعكس هذا التراجع سلبا على نفقات العمالات والأقاليم، حيث تراجعت بنسبة 1,9- % سنة 2016.[59]

وبخصوص الموارد المالية الذاتية، خص المشرع الإقليم بثلاثة رسوم وهي: الرسم على رخص السياقة، والرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني، والرسم على بيع الحاصلات الغابوية[60]، لكن المردودية المتواضعة لهذه الرسوم، لا تسمح بالحديث عن جباية إقليمية من شأنها تمكين الإقليم من التدخل في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستجابة لحجم الإكراهات التي تفرضها التنمية الترابية على المستوى الإقليمي. وعلى هذا النحو، تتميز الجباية الإقليمية بالضعف والمحدودية، فهي عاجزة عن مواكبة النفقات العمومية على المستوى الإقليمي، إذ في أغلب الحالات لا تغطي المداخيل الجبائية إلا نسبة ضئيلة من حاجيات التمويل. واستنادا لذلك، يتبين أن هزالة الموارد المالية الجبائية يحد من الأدوار التنموية للإقليم، ويقود إلى توقف تمويله على الموارد المرصودة من طرف الدولة.

وعلاوة على ذلك، يتضح، من خلال الممارسة العملية، أنه لا يمكن المراهنة كثيرا على مداخيل الممتلكات كمصدر لتمويل التنمية الإقليمية في ظل اختلالات تدبير أملاك الأقاليم، وعدم الاهتمام بها، وعدم تحديد قيمتها، وسيادة المحددات التقليدية في تدبيرها، والتقصير والتأخير في تحصيل مداخيلها، وكذا هزالة هذه المداخيل. واستنادا لذلك، فالقدرة التمويلية لمداخيل الممتلكات تظل محدودة جدا، وهي بذلك لا يمكن أن تشكل أداة للتمويل الذاتي للتنمية الإقليمية.[61]

بالموازاة مع مواردها الذاتية، تستفيد الأقاليم من تمويلات مالية تمنحها لها الدولة في شكل مخصصات من منتوج الضريبة على القيمة المضافة. وتعتبر هذه التحويلات مصدرا أساسيا للتمويل بالنسبة للجماعات الترابية. وبهذا الصدد، تستفيد الأقاليم، في إطار ميزانية الاستثمار، من دعم خاص يقتطع من منتوج الضريبة على القيمة المضافة.

               الجدول رقم (1): التحويلات من الدولة إلى العمالات والأقاليم خلال الفترة من 2012-2016 (المبالغ بمليون درهم)

التحويلات20122013201420152016
العمالات والأقاليم4.9234.9694.9995.9555.033

               المصدر: تقرير المجلس الأعلى للحسابات، نظرة حول مالية الجماعات الترابية، ص.67.

وبناء عليه، يتبين أنه خلال الفترة 2012-2016، استفادت العمالات والأقاليم في المتوسط من 27,8 % من مجموع متوسط تحويلات الدولة للجماعات الترابية.[62] وبالنظر للمبالغ المتراكمة خلال الفترة 2012-2016، ظلت العمالات والأقاليم الأكثر تبعية للدولة على المستوى المالي، حيث شكلت تحويلات الدولة إليها ما يناهز 84 % من مداخيلها العادية.[63]

وقد بلغ مؤشر التبعية المالية سنة 2016 نسبة تناهز 84,9% للعمالات والأقاليم، مقابل نسبة تناهز 51 % للجماعات، و33,5 % للجهات.[64] ولعل ارتفاع مؤشر التبعية المالية أكبر دليل على ضعف مستوى الاستقلال الجبائي للإقليم، فما يقارب 85% من مداخيله تأتي من حصته من الضريبة على القيمة المضافة. كما يوضح هذا المؤشر الهوة بين الإقرار القانوني للاستقلال المالي من جهة، ومؤشرات تحققه على المستوى العملي من جهة ثانية.

وتجدر الإشارة أن الإقليم أضحى يتوفر على إمكانية تمويل مشاريعه التنموية بواسطة الاقتراض،[65] إذ أضحت عمليات الاقتراض مصدرا من مصادر تمويل الميزانية الإقليمية. فطبقا لأحكام المادة 93 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، يتداول مجلس الإقليم في الاقتراضات والضمانات الواجب منحها. وتخصص القروض، بصفة حصرية، لتمويل نفقات التجهيز، مع إمكانية أن تخصص لتمويل مساهمة الإقليم في مشاريع تكون موضوع عقود تعاون أو شراكة.[66]

على سبيل الختم

تتسم حصيلة اللامركزية الإقليمية بالمحدودية على مستوى مؤشرات التنمية بصفة عامة، والتنمية القروية بصفة خاصة. هكذا، فعلى الرغم من محاولة المشرع إيجاد تموقع جديد للإقليم داخل الهندسة الترابية من خلال تكليفه بمهام النهوض بالتنمية الاجتماعية، خصوصا بالعالم القروي، فإن الصلاحيات التي أسندت إليه لا تتناسب وحجم الرهانات السوسيواقتصادية التي يمثلها هذا العالم، والصعوبات المقلقة التي يواجهها. وبصفة عامة، فتزايد اختلالات ومشاكل التدبير الإداري والمالي على مستوى الإقليم، وتواضع حصيلته التنموية، يسم وجود هذا الأخير، وأدواره، بالصورية.

وتعزى هزالة حصيلة التدخل التنموي للإقليم إلى اختزال وظيفته في المجال الإداري، والحضور القوي والمهيمن لممثل الدولة على المستوى الإقليمي، وبالمقابل توفره على نخب تقليدية، تعوزها المشروعية والكفاءة، مما يجعلها عاجزة عن ابتكار برامج ومشاريع تنموية. ومن هذا المنطلق، أضحى ضروريا تطوير وتقوية القدرات التدبيرية للمنتخبين على المستوى الإقليمي من خلال تدعيم الثقافة القانونية لهم عن طريق التكوين المستمر مما يمكنهم من القيام بممارسة صلاحياتهم.

وفضلا عن ذلك، نسجل صعوبة تمويل التنمية في ظل محدودية التمويل الذاتي والمستقل للإقليم. فضعف الموارد الذاتية لا يتيح له إمكانية تمويل البرامج والمشاريع التنموية. من هنا، فدور الإقليم يبقى رهينا بإيجاد حل لإشكالية التمويل، وبالتالي تمكين الإقليم من الموارد المالية الذاتية التي تعد المحرك الرئيسي في عملية التنمية.

وعلى العموم، فإمكانية مساهمة الإقليم في تحقيق التنمية الاجتماعية خاصة في الوسط القروي يحتاج إلى إعادة النظر في فلسفة وجوده، وتجديد مشروعيته، وتحديد اختصاصاته بشكل دقيق وواضح، وتمتيعه باستقلال حقيقي، خصوصا على المستوى المالي، وبحرية المبادرة والتدخل في قطاعات ومجالات محددة بدقة، وبالتالي تحصين استقلالية اتخاذ مقرراته تكريسا لمبدأ التدبير الحر. وعلى هذا النحو، يتبين أن إدخال إصلاحات جوهرية على التنظيم الإقليمي هي الكفيلة بتطوير وظيفته التنموية، وتستند تلك الإصلاحات أساسا على ضرورة إعادة النظر في طبيعة علاقة الدولة بالجماعات الترابية بصفة عامة، وعلاقتها بالإقليم بصفة خاصة.


[1]  هذه المساهمة هي في الأصل مداخلة قدمت ضمن أشغال اليومين الدراسيين المنظمين من طرف مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية، والمنعقدين بمدينة ميدلت يومي27-28 يونيو 2018 في موضوع “الجماعات الترابية والتنمية القروية: جهة درعة تافيلالت نموذجا”.

[2] Voir à ce propos: Norbert Elias, Qu’est-ce que la sociologie?, Pocket- Editions de l’Aube, 1993, p.178.

[3]  يتشكل التنظيم اللامركزي ببلادنا، حسب الفصل 135 من الدستور المغربي، من الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.

[4]  تعود أصول التنظيم الإقليمي إلى السنوات الأولى لحصول المغرب على الاستقلال؛ إذ تم التنصيص عليه في أول دستور مغربي سنة 1962، ليحافظ على حضوره، كجماعة ترابية، في كل الصيغ الدستورية المعدلة إلى حدود دستور 2011.

[5]  سعيد جفري، قانون الجماعات الترابية، مطبعة الأمنية، الرباط، 2017، صص. 75- 76.

[6] ظهير شريف رقم 1.56.133 بشأن التنظيم الإقليمي، ج.ر عدد 2296 بتاريخ 26 أكتوبر 1956، ص.1916. وقد نظم الإقليم بعد ذلك بالظهير الشريف ل12 شتنبر 1963 بشأن تنظيم العمالات والأقاليم، ثم القانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم كما تم تعديله.

[7] ظهير شريف رقم 1.15.84 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، ج.ر عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 ( 23 يوليوز 2015)، ص. 6585.

[8]  تتكون أجهزة المجلس من مكتب ولجان دائمة وكاتب للمجلس ونائبه. ويتألف مكتب المجلس من رئيس ونواب للرئيس.

[9]  يقوم الإقليم، طبقا للمادة 78 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، بمهامه مع مراعاة سياسات واستراتيجيات الدولة.

[10]  المادة 79 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[11]  ثلاث ملاحظات يمكن إثارتها انطلاقا من القراءة الفاحصة للاختصاصات الذاتية للإقليم: الأولى تتحدد في عدم توفق المشرع في ترتيب الاختصاصات الذاتية ترتيبا منطقيا، والثانية ترتبط بغموض إدراج وظيفة تشخيص الحاجيات في الاختصاص الذاتي للإقليم لأنه إجراء ضروري وعادي لإعداد برنامج التنمية الإقليمية، والثالثة تتجلى في استمرار تداخل اختصاصات الإقليم مع الاختصاصات المسندة لباقي الوحدات الترابية.

[12]  يبدو أن إعطاء المشرع الأولوية لمهام النهوض بالتنمية الاجتماعية بالعالم القروي، على الخصوص، يرتبط بالسعي لتجاوز اختلالات الممارسة الإقليمية أساسا التي أدت إلى تعميق الهوة وازدياد التباين بين المجال الحضري والعالم القروي حيث بات هذا الأخير مهمشا يفتقد لأدنى شروط التنمية. فحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أضحت وضعية العالم القروي جد مقلقة، بل تثير الكثير من المخاوف، ولاسيما في مجال الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية والهجرة القروية والانتقال الديمغرافي… للمزيد من التفاصيل، يراجع: تقرير تنمية العالم القروي: التحديات والآفاق، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المملكة المغربية، 2017.

[13] المادة 2 من المرسوم رقم 2.16.300 الصادر في 23 رمضان 1437 (29 يونيو 2016) بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو الإقليم وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، ج.ر عدد 6482 بتاريخ 9 شوال 1437 (14 يوليو 2016)، ص.5344.

[14]  يتخذ رئيس المجلس الإقليمي، خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجلس، قرار إعداد مشروع برنامج تنمية الإقليم بعد اجتماع إخباري وتشاوري يدعو له أعضاء المكتب، ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم، وكاتب المجلس. كما يحضر عامل العمالة أو الإقليم، أو من يمثله، هذا الاجتماع.

[15]  لإبراز أولويات ومضامين بعض برامج التنمية الإقليمية، نقدم مثالين: الأول يخص إقليم سطات، والثاني يتعلق بإقليم تزنيت. وفي هذا الإطار، تضمن برنامج تنمية إقليم سطات 5 مشاريع وهي: مشاريع النقل المدرسي؛ ومشاريع  تأهيل وإعادة تأهيل المراكز؛ ومشاريع تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب؛ ومشاريع تأهيل وصيانة الطرق والمسالك والمعابر؛ ومشاريع التزامات المجلس الإقليمي. ينظر: برنامج تنمية إقليم سطات 2016-2021، المجلس الإقليمي سطات، ص.212.

http://conseilprovincialsettat.com/ uploads/files/2016-2021.doc.

كما تضمن برنامج تنمية إقليم تزنيت 4 محاور وهي: توسيع دائرة التمكين والولوج العادل للخدمات الاجتماعية (60%)؛ تقوية البنيات التحتية وتعزيز جاذبية المجال (23%)؛ إنعاش الاقتصاد وتنمية الموارد (8%)؛ تعزيز الحكامة وتقوية القدرات التدبيرية للمجلس الإقليمي ( 9%).  ملخص تقرير تقييم السنة الأولى من تنفيذ برنامج تنمية إقليم تزنيت – سنة 2017 -، مجلس إقليم تزنيت، يونيو 2018، ص.3.

www.cp-tiznit.ma/wp-content/uploads/2018/06.pdf.

[16]  في ظل هذا المقتضى الذي يكشف بشكل ضمني عن تعثر المجالس الجهوية في إعداد برامجها التنموية في الآجال المحددة، يطرح سؤال كبير عن حقيقة انسجام والتقائية البرامج والسياسات التي تنفذ في المجال الترابي ذاته. وفي نفس الإطار، نسجل كذلك عدم قيام العديد من المجالس الإقليمية بإعداد برامج التنمية في الآجال القانونية.

[17]  ولهذا الغرض يجب أن يتضمن برنامج تنمية الإقليم تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الإقليم، وتحديدا لأولوياته، وتقييما لموارده ونفقاته التقديرية الخاصة بالسنوات الثلاث الأولى، وأن يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع. ويمكن تحيينه ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ.

[18]  المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[19]  مع مراعاة أحكام المواد 161 و163 و164 من القانون التنظيمي للعمالات والأقاليم.

[20]  من بين مستجدات إدارة الإقليم أنها أضحت تتوفر على المديرية العامة للمصالح ومديرية لشؤون الرئاسة والمجلس.

[21]  المادة 97 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[22]  المادة 98 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[23]  تنص الفقرة الثانية من الفصل 140 من الدستور المغربي على ما يلي: ” تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى، في مجالات اختصاصاتها، وداخل دائرتها الترابية، على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها”.

[24]  ينظر: المكي السراجي، “السلطة التنظيمية للجماعات الترابية”، المجلة المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية، عدد مزدوج 2-3، 2017، ص.48.

[25]  أحمد أجعون، “مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية”، ضمن أشغال الأيام المغاربية بعنوان “القانون الدستوري للجماعات الترابية، دراسات مقارنة”، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2015، صص.41-42.

[26]  المقصود بالمشروع الأشغال والتوريدات والخدمات التي تعتزم جماعة أو أكثر إنجازها طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل. ويكون صاحب المشروع هو الجماعة أو الجماعات التي تقع داخل النفوذ الترابي لإقليم. ويكون صاحب المشروع المنتدب هو الإقليم الذي يعهد إليه ببعض مهام صاحب المشروع.

– المادة 2 من المرسوم رقم 2.16.404 صادر في 4 غشت 2016 بتحديد شروط ومساطر تشجيع التعاون والتشاور والتكامل بين العمالة والإقليم والجماعات الموجودة بترابها في كل ما يرتبط بالإشراف المنتدب على المشروع، ج.ر عدد 6508 بتاريخ 11 أكتوبر 2016، ص.7202.

[27] Jacqueline Montain-Domenach et Christine Brémond, Droit des collectivités territoriales, PUG, 3e éd., Grenoble, Septembre 2007, p.178.

[28]  المادة 132 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[29]  يعلن عن تكوين مجموعة الجماعات الترابية، أو انضمام إقليم أو جماعات ترابية إليها، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات الترابية المعنية.

[30]  يمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أن تتخذ، على وجه الخصوص، جملة من الإجراءات لتحفيز العمالات والأقاليم على تأسيس مجموعات العمالات أو الأقاليم: – تقديم المساعدة القانونية من أجل تأسيس هذه المجموعات؛ – تقديم الدعم التقني لهذه المجموعات من أجل تمكينها من إنجاز مشاريع مشتركة أو تدبير مرافق ذات فائدة عامة؛ – تنظيم دورات تكوينية لفائدة أطر ومستخدمي هذه المجموعات.

مرسوم رقم 2.17.309 صادر في 3 يوليو 2017 بتحديد كيفيات تحفيز الدولة للعمالات أو الأقاليم على تأسيس مجموعات عمالات أو أقاليم، ج.ر عدد 6587 بتاريخ 17 يوليو 2017، ص.4065.

[31]  دليل التعاون والشراكة للجماعات المحلية، وزارة الداخلية، المديرية العامة للجماعات المحلية، مطبعة وزارة الداخلية، يناير 2011، ص.65.

[32]  لا يجوز، تحت طائلة البطلان، إحداث أو حل شركة التنمية، أو المساهمة في رأسمالها، أو تغيير غرضها، أو الزيادة في رأسمالها، أو تخفيضه أو تفويته، إلا بناء على مقرر المجلس المعني الذي تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. كما لا يجوز لشركة التنمية أن تساهم في رأسمال شركات أخرى.

[33]  لا يمكن أن تقل مساهمة الإقليم أو مجموعاته، أو مجموعات الجماعات الترابية، عن نسبة 34 % في رأسمال شركة التنمية.

[34]  المادة 141 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[35]  المادة 142 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.

[36]  عبد الواحد مبعوث، التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط- أكدال، السنة الجامعية 1999- 2000، ص.276.

[37]  المرسوم رقم 2.17.618 صادر في 18 من ربيع الآخر 1440 (26 دجنبر 2018) بمثابة ميثاق للاتمركز الإداري، ج.ر عدد 6738 بتاريخ 19 ربيع الآخر 1440 (27 دجنبر 2018)، ص.9787.

[38]  محمد الزاهي، “الوظيفة التنسيقية للولاة والعمال”، المجلة المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية، عدد مزدوج 2-3، 2017، ص.137.

[39]  عبد الواحد مبعوث، م.س، ص.272.

[40]  الظهير الشريف رقم 1.11.173 الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2011  بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ج.ر عدد 5997 مكرر بتاريخ 22 نوفمبر 2011، ص.5537.

[41]  عبد الواحد مبعوث، م.س، ص.267.

[42]   الفصل 138 من دستور 2011. ويشكل هذا المقتضى الدستوري تحولا نوعيا، إذ لم يعد العامل سلطة تنفيذية خلافا لما كان منصوصا عليه في الدساتير السابقة (الفصل 96 من دستور 1992، والفصل 101 من دستور عام 1996).

[43]  وفي هذا الإطار، حدد الفصل 145 من الدستور أدوار ممثلي الدولة على المستوى الترابي:

– يمثل ولاة الجهات، وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية؛

– يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون الرقابة الإدارية؛

– يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية؛

– يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.

[44]   وتجدر الإشارة، حسب الأستاذ ميشال روسي، أن السلطة المركزية، ظلت على الدوام، ، أكثر حضورا في اشتغال مؤسسات العمالات والأقاليم والمؤسسات الجهوية أكثر من المؤسسات الجماعية.

Michel Rousset, « décentralisation et pouvoir central: constantes et évolution », REMALD, Série « Thèmes actuels », n°44, 2003, p.21.

[45]  أحمد أجعون، م.س، ص.49.

[46]  محمد اليعقوبي، “الجماعات الترابية بين الرقابة القضائية والتنمية المحلية”، المجلة المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية، عدد مزدوج 2-3، 2017، ص. 12.

[47]  المهدي الفحصي، “قراءة في بعض مظاهر اختلالات التدبير الإداري ومعيقات التنمية الترابية والحكامة الجيدة”، المجلة المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية، عدد مزدوج 2-3، 2017، ص.86.

[48] محمد اليعقوبي، م.س، صص.11-12.

[49]  تجدر الإشارة أن المغرب يضم حاليا 62 إقليما و13 عمالة.

[50] سنعتمد على المعطيات الرقمية الواردة في تقرير: “اللامركزية في أرقام 2014-2015″، المديرية العامة للجماعات المحلية، وزارة الداخلية، المملكة المغربية، مطبعة وزارة الداخلية، 2015، صص.10-11.

[51]  حسب التقرير الموضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية، بلغت النفقات المتعلقة بموظفي الجماعات الترابية سنة 2016 ما قدره 11,2 مليار درهم، وتشكل هذه النفقات نسبة 49,9 % من نفقات التسيير. كما تستحوذ على نسبة 59,7 % من حصة الجماعات الترابية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة. وهو ما يقلص من الهامش المتوفر لتغطية نفقات الاستثمار. كما أن مستوى نفقات الأجور هو أيضا انعكاس لأعداد الموظفين التي تفوق في الغالب الحاجيات الحقيقية للجماعات الترابية.

[52]  تقرير موضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية –خلاصة-، أكتوبر 2017، صص.4-5.

[53]  تقرير موضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية، م.س، ص.5.

[54]  يؤكد المجلس الإقليمي لتزنيت، على سبيل المثال، على أن الإقليم ما زال يعاني من ضعف التأطير وقلة الموارد البشرية، والمكاتب الإدارية اللازمة لممارسة اختصاصاته وصلاحياته بشكل فعال. ملخص تقرير تقييم السنة الأولى من تنفيذ برنامج تنمية إقليم تزنيت- سنة 2017 -، ص.3.

[55]  هنا تظهر أهمية التكوين المستمر الذي أصبح حقا من حقوق أعضاء مجلس الإقليم، والذي تشرف عليه الجهة في المجالات المرتبطة بالاختصاصات المخولة للأقاليم.

[56]  تشتمل موارد الإقليم على: حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة للإقليم بمقتضى قوانين المالية؛ حصيلة الضرائب والرسوم المأذون للإقليم في تحصيلها طبقا للتشريع الجاري به العمل؛ حصيلة الأتاوى المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل؛ حصيلة الأجور عن الخدمات المقدمة؛ حصيلة الغرامات طبقا للتشريع الجاري به العمل؛ حصيلة الاستغلالات والأتاوى وحصص الأرباح، وكذلك الموارد وحصيلة المساهمات المالية المتأتية من المؤسسات والمقاولات التابعة للإقليم أو المساهمة فيها؛ الإمدادات الممنوحة من قبل الدولة أو الأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام؛ حصيلة الاقتراضات المرخص بها؛ دخول الأملاك والمساهمات؛ حصيلة بيع المنقولات والعقارات؛ أموال المساعدات والهبات والوصايا؛ مداخيل مختلفة والموارد الأخرى المقررة في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

[57]  طبقا للمادة 169 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، يمكن للإقليم أن يستفيد من تسبيقات تقدمها الدولة في شكل تسهيلات مالية في انتظار استخلاص المداخيل الواجب تحصيلها برسم الموارد الضريبية وبرسم حصته من ضرائب الدولة. كما أن كل اختصاص تنقله الدولة إلى الإقليم يكون مقترنا بتحويل الموارد المالية المطابقة لممارسة هذا الاختصاص.

[58] التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، خلاصة أنشطة المجالس الجهوية للحسابات، نظرة عامة لمالية الجماعات الترابية، المجلس الأعلى للحسابات، المملكة المغربية، 2018، ص.59.

[59]  بلغ مجموع النفقات العادية للعمالات والأقاليم مبلغ 2,6 مليار درهم.

[60]  المادة 3 من الظهير الشريف رقم 1.07.195 الصادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نونبر 2007) بتنفيذ القانون رقم 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية، ج.ر عدد 5583 بتاريخ 22 ذو القعدة 1428 (3 دجنبر 2007)، ص.3735.

[61]  للتمثيل لهذا الضعف نشير لمداخيل ممتلكات إقليم سطات: كراء بنايات للسكن بمبلغ 78.000,00 درهم، منتوج كراء عقارات أخرى ومختلف الأكرية بمبلغ 100,00 درهم. برنامج تنمية إقليم سطات 2016-2021، م.س، ص.175.

[62]  بالمقابل استفادت الجماعات في المتوسط من 66,6 % من مجموع متوسط هذه التحويلات، وجاءت في المرتبة الأخيرة الجهة بنسبة 5,6 %.

[63]  على سبيل المثال، تمثل تحويلات إيرادات الضريبة على القيمة المضافة، من إجمالي مداخيل المجلس الإقليمي لسطات سنة 2016 التي بلغت تقريبا  60.559.200,00 مليون درهم ، حوالي  93 % بمبلغ ( 56.263.000,00 درهم ). برنامج تنمية إقليم سطات 2016-2021، م.س، ص.175.

[64]  تقرير المجلس الأعلى للحسابات، نظرة حول مالية الجماعات الترابية، م.س، ص.68.

[65]  يقصد بعملية الاقتراض وضع أموال أو الالتزام بوضعها من طرف مؤسسة ائتمان رهن تصرف الإقليم التي تكون ملزمة بإرجاعها وفق شروط تعاقدية.

[66]  المادة الثانية من مرسوم رقم 2.17.296 صادر في  14 رمضان 1438 (9 يونيو 2017) بتحديد القواعد التي تخضع لها عمليات عمليات الاقتراضات التي تقوم بها العمالة أو الإقليم، ج.ر عدد 6578 بتاريخ 15 يونيو 2017، ص.3614.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *