الأمن الانساني بين شرعية التدخل الانساني والتعارض مع سيادة الدولة

 

 

الأمن الانساني بين شرعية التدخل الانساني والتعارض  

مع سيادة الدولة

 

فاطمة الزهراء التلوت

الباحثة بسلك الدكتوراة:

جامعة محمد الخامس الرباط

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

إن الأمن الإنساني في العقد المنقضي أصبح الشغل الشاغل للعديد من البلدان و المؤسسات وأفراد المجتمع المدني ينشدون طرقا ووسائل جديدة لمواجهة المخاطر غير العسكرية والتي تهدد السلم والأمن.

وهناك ما يمكن اعتباره اتفاقا على أن الأمن الجماعي قد شهد تطورا جديدا مع التغير في هيكل النظام الدولي بانتهاء الحرب الباردة، مع بروز مصادر جديدة غير تقليدية لتهديد السلم والأمن الدوليين فلم تعد الحروب التقليدية بين الدول هي المصدر الأساسي لتهديد السلم الدولي بل ظهرت مجموعات جديدة من المشكلات والأزمات الدولية الخطيرة مثل الحروب الأهلية التي ترتكز على أسس عرقية ولغوية ودينية والتي قد تتضمن في أحيان أعمال إبادة جماعية كما يحدث الآن في سوريا وفلسطين.  كما  أن انسحاب القوتين العظيمتين (و.م. أمريكية – الاتحاد السوفيتي) من سباق الصراع على النفوذ في مناطق عديدة أدى إلى زعزعة الاستقرار في بعض هذه المناطق بعد أن ترك ساحتها لصراعات القوى المحلية والإقليمية الأمر الذي أدى إلى ظهور أزمات من نوع جديد كان يصعب تصور وجودها خلال مرحلة الحرب الباردة فضلا عن أن تفكك الاتحاد السوفيتي ومن بعده جمهورية يوغسلافيا الاتحادية قد أدى إلى تفجر مشكلات القوميات والصراعات العرقية واللغوية الطائفية، ليس فقط في دول المعسكر الشرقي، بل في أنحاء عديدة من أوربا والعالم كما برزت المخاطر المرتبطة باحتمالات استخدام أسلحة الدمار الشامل الموجودة في الدول السوفيتية السابقة من قبل بعض الفاعلين من غير الدول لاسيما الجماعات التي يصنفها البعض على أنها إرهابية[1].

إضافة إلى مخاطر انهيار الدول وما لها من تداعيات على غياب الأمن الشخصي للأفراد وكذلك انتهاكات النظم الحاكمة لحقوق مواطنيها، يضاف إلى ذلك القضايا المرتبطة بالفقر والأمراض المعدية، و الخلايا الإرهابية والتي صارت تشكل التهديد الأخطر لبقاء العالم ولأمن أفراده، بعبارة أخرى يمكن القول أن نظام الأمن الجماعي يواجه في الوقت الحاضر مجموعة من التهديدات تتجاوز المعنى التقليدي للعدوان الذي تمارسه الدول ويمكن إجمال هذه التهديدات في:

  • النزاع بين الدول – الفقر و الأمراض المعدية والأخطار البيئية – العنف الداخلي بما في ذلك الحروب الأهلية و الإبادة الجماعية – التطهير العرقي – وفشل أو انهيار الدول – أسلحة الدمار الشامل، ويتضمن ذلك الأسلحة الإشعاعية والبيولوجية – الإرهاب – الجريمة المنظمة العالمية.

هذا وقد تمت مناقشة في هذا الجزء علاقة الأمن الإنساني بالتدخل الدولي الإنساني في ظل تعرض الفرد الإنساني للانتهاكات أثناء النزاعات المسلحة، وبالتالي نثير هذا التساؤل:

هل يجوز لحماية الفرد الإنساني التدخل في الشؤون الداخلية للدول؟، بعبارة أخرى هل ينهي مفهوم الأمن الإنساني التضارب القائم بين مفهوم السيادة كمبدأ أساسي في العلاقات الدولية، وبين التدخل الإنساني كممارسة دولية؟.

وهنا نجد أن موضوع الإشكالية يناقش الإطار القانوني لمبدأ حماية السيادة وعدم مشروعية التدخل.

وانطلاقا من هذه المعطيات تظهر أهمية تناول موضوع “الأمن الإنساني بين شرعية التدخل الإنساني و التعارض مع سيادة الدولة” نظرا للاهتمامات العالمية به ولمصالحه كافة القضايا التي تهدد الأمن الإنساني وخاصة  الأمنية والسياسية وكذا الإطار القانوني بمبدأ حماية السيادة وعدم مشروعية التدخل[2].

وأمام هذا الواقع الدولي نطرح بعض التساؤلات و الإشكاليات والتي سوف نحاول الإجابة عنها من خلال هذه الدراسة:

ما هي التهديدات التي تهدد الأمن الإنساني؟ كيف يمكننا تقييم وقياس الأمن الإنساني؟ إلى أي مدى يمكن اعتبار التدخل العسكري لاعتبارات إنسانية معيارا من معايير القوة في

 

العلاقات الدولية؟ وما هو تأثير مبدأ التدخل الإنساني على سيادة الدولة في ظل تزايد الفواعل الدولية؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة ستنطلق الدراسة من فرضية أساسية وهي أن اهتمام المجتمع الدولي بموضوع الأمن الإنساني حيث أضحى هذا الأخير جدير بالدراسة في عالم تتنازعه التيارات الايديوليوجية المختلفة، و تهيمن عليه سياسة القطب الواحد التي تحاول فرض قوانينها وثقافتها وبالتالي التأثير على مجرى السياسات الدولية الخاضعة للغة السوق والمصلحة على أمن الأفراد و الشعوب.

هذا مع افتراضنا أن التدخلات الإنسانية الحاصلة وإن كان ظاهرها لأسباب إنسانية، فإنها تخفي في طياتها أغراض سياسية ومصالحا قد تتعدى المكان والزمان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أولا: الأمن الإنساني في بيئة أمنية دولية جديدة.

 

عرف حقل الدراسات الأمنية نقاشات حادة بعد نهاية الحرب العالمية الباردة تدور أساسا، حول محاولات توسيع وتعميق الدراسة في هذا المجال إلى قضايا ومسائل خارج نطاق الاهتمامات التقليدية المنصبة على الصراع العسكري بين الدول، لذا أصبحت هذه النقاشات حول طبيعة الأمن، معانيه ومدلولاته من أهم القضايا التي ميزت الإنتاج النظري في حقل السياسة العالمية عموما وحقل الدراسات الأمنية – كحقل فرعي – خصوصا.

ويبدو أن أصل هذه الصراعات والنقاشات يعود بالدرجة الأولى إلى الأطر التحليلية العامة التي كانت توظف لتفسير وإدراك السلوكات والظواهر الأمنية التقليدية خلال فترة الحرب الباردة[3].

وانحصر هذا الحوار عموما بين مقاربتين، تدعو إحداهما إلى ضرورة توسيع مفهوم الأمن وبالتالي صقل الدراسات الأمنية ليشمل مسائل تتعلق بالجوانب الاقتصادية، البيئية والديمغرافية سواء باعتماد المجتمع كموضوع مرجعي (الأمن المجتمعي)، أو بالنزول إلى الفرد الإنسان كموضوع للأمن   في إطار عالمي شامل (الأمن الإنساني)، أما المقاربة الثانية فتختزل مفهوم الأمن في المجال العسكري وتعتبر قضية الأمن من صميم اهتمامات واختصاصات الدولة وحدها.

إذن فالحوار قد دار بصورة مباشرة بين الآراء الداعية إلى الحفاظ على المفهوم التقليدي للأمن الذي يشير عادة إلى الأمن الوطني والآراء النقدية التي تحاول إعادة النظر بشكل جذري في مفاهيم المحلولات و الموضوع المرجعي للأمن. وتطرح الأمن الإنساني كبديل عن الأمن الوطني.

وقد جاء هذا الجدل انعكاسا لمجموعة من التحولات والتي برزت حتى من قبل نهاية الحرب الباردة، وبعض التساؤلات حول مدى ملائمة النظريات الأمنية القائمة و المتمحورة حول تحقيق أمن الدولة، للتعامل مع طبيعة تحولات البيئة الأمنية.

  • البيئة الأمنية الجديدة وتحول مفهوم الأمن:

ارتبط مفهوم الأمن من جانب المنظور التقليدي بقدرة الدولة على استخدام قدرتها في إدارة المخاطر التي تهدد سيادتها وحدتها الترابية واستقرارها السياسي وذلك في مواجهة الوحدات الدولية الأخرى، وبذلك فإن الأمن هو مرادف المصلحة الوطنية وكيفية حمايتها وتعزيزها وذلك بالاعتماد على القوة في شقها العسكري.

وفي هذا السياق عرف أرنولد وولفز الأمن: على أنه يعني في جانبه الموضوعي: “غياب التهديدات ضد القيم المركزية في معنى ذاتي، غياب الخوف من أن تكون القيم محل هجوم”.

أما الأمن من الناحية اللغوية فهو منشق من الفعل “أمن”، “أمنا” أي الطمأنينة والاستقرار ولا يكون الإنسان آمنا حتى يستقر الأمن في قلبه، وبذلك فهو يدل على انتهاء الخطر، انقضاء الخوف والتهديدات وتوافر الشروط اللازمة لهذا الشعور.

وفي القرآن الكريم، ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله بعد بسم الله الرحمان الرحيم “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف”، وعليه فقد اهتم الله تعالى على نعمتي الغذاء والأمن، وبذلك، فالخوف بهذا المعنى يعني التهديد الشامل سواء منه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، الداخلي منه و الخارجي[4].

  • والامن في اللغة الفرنسية “Sécurité” وتعني: وضعية لا تطرح اي خطر ومخاطرة جسدية أو حادث او سرقة أو تدمير “هذه البنية تمثل أمن شامل”.
  • أما كلمة الأمن في اللغة الانجليزية “Security” فتعني: “الحالة التي يشعر فيها الإنسان بالأمان والتحرر من الخطر والمخاطر”.

أما باري بوزان Barry Buzan أحد أبرز خبراء الدراسات الأمنية في العالم فيعرف الأمن على أنه: “العمل على التحرر من التهديدات وفي سياق النظام الدولي فإن الأمن هو قدرة الدول والمجتمعات على الحفاظ على كيانها المستقل وتماسكها الوظيفي ضد قوى التغيير التي تعتبرها معادية، وقد ميز هذا الأخير بين خمسة أبعاد أساسية للأمن:

  • البعد العسكري: تعتبر المعدات والآلات العسكرية ضمن الأدوات الهامة والأساسية في إقامة وتحقيق الأمن على اعتبار أن هذه الأخيرة إذا ما ضعفت قد تؤدي إلى تعريض الأمن الوطني للخطر وبذلك تصبح مطمعا للدول الأخرى.

وتعود أهمية البعد العسكري حسب باري بوزان إلى أن النتائج المتربية على التهديد بالقوة العسكرية أو استعمالها بطريقة مباشرة سوف يترتب على ذلك انعكاسات عالية المخاطر على أمن وسلامة المواطنين.

وعليه فالدولة تعمل على ردع الوحدات الدولية الأخرى عن التفكير في مهاجمتها او مواجهة تلك المحاولات إذا ما وجدت، ومن هنا يأتي مسعى الدولة وقيادتها السياسية والعسكرية من خلال شراء الأسلحة وتوفير القوات الكافية لردع الخصوم وتحقيق النصر في حال نشوب الحرب.

  • البعد السياسي: يعتبر عامل الاستقرار السياسي وتعدد القوى المتداخلة في إطار عملية صنع القرار إضافة إلى اختلاف الإيديولوجيات السياسية من بين أهم العوامل التي تهدد أمن واستقرار الدول.

فالتخلف والتردي السياسي والذي يعني غياب مؤسسات سياسية قادرة على العمل وانقسام الفئة الحاكمة سيؤدي في النهاية إلى نوع من عدم الاستقرار السياسي، مما يعطي للدول والقوى الخارجية فرصة انتهاز الوضع من أجل تحقيق مصالحها في مواجهة هذه الدولة غير المستقرة سياسيا وبذلك ينتج تهديد لأمن الدولة خاصة بعد أن أصبح للعوامل السياسية دور في تحقيق الأهداف الذاتية للدول يفوق الأساليب العسكرية بمراحل إضافة إلى ذلك فإن وجود أحلاف وتكتلات تتعارض مع مصالح الدولة أو فرض عقوبات رادعة عليها أو تهميشها وتجميد عضويتها في المنظمات الدولية، يعتبر نوعا من الأمن يهدد الدولة ومصالحها القومية.

  • البعد الاقتصادي:[5]

بعد البعد الاقتصادي بالتحديد من أهم وأخطر عوامل التهديد للأمن القومي لأي دولة فالتبعية للخارج وتلقي المساعدات والقروض ونقص رؤوس الأموال يؤدي في غالب الأحيان إلى تبعية سياسية، وفي هذا السياق يرى بعض الباحثين أن البعد الاقتصادي يعتبر قمة التهديد للأمن القومي لأي دولة.

ومصدر التهديد الأمني في المجال الاقتصادي يأتي في الأساس من حقيقة أن المنافسة والمخاطرة جزء من النظام الاقتصادي الدولي، الأمر الذي  يجعل الشعور بالتهديد مستمر نتيجة لتقلبات السوق والحروب الاقتصادية بين الدول سواء أكانت خفية او معلنة.

ومن أمثلة تلك الحروب الخفية بين الدول المتقدمة اقتصاديا فمن جهة تضغط  و.م أمريكية والدول الأوربية على الصين من أجل الرفع من قيمة عملتها الوطنية “اليوان” على اعتبار أن قيمة هذا الأخير المنخفضة نسبيا تؤدي إلى زيادة الصادرات الصينية للخارج وعجز في الميزان التجاري للدول المتعاملة اقتصاديا مع الصين وعلى رأسها و.م امريكية و الاتحاد الأوربي.

  • البعد الاجتماعي: وينصرف هذا البعد من الأمن إلى قدرة المجتمع على حفظ وحماية خصائصه الأساسية في مواجهة المتغيرات والتهديدات الفعلية والمحتملة، وبصورة أكثر دقة الحفاظ على اللغة و الثقافة، والدين والعادات والتقاليد والهوية القومية داخل حدود المجتمع بحيث تكون هذه الحدود قابلة للنمو والتطور. وفي هذا السياق يرى وزير الدفاع الامريكي السابق روبرت مانمار في كتابه “جوهر الامن” أن الأمن يعني التنمية وليس المعدات العسكرية بالرغم من أنه قد يشملها، ولا النشاط العسكري التقليدي بالرغم من أنه يشمله، الأمن هو التنمية لا يمكن أن يتحقق الأمن، و الأمن يعني ضمان الحد الأدنى في إجراءات النظام والاستقرار، وبغير التنمية الداخلية يستحيل إقرار النظام وبسط الاستقرار وكلما تقدمت التنمية يتقدم الأمن6.

كما أوضح جون كالتينغ John Kalting  في مقاربته “الأشكال البديلة للدفاع” إن البناء الأمني للدول لم يعد معزولا عن تأثيرات البيئة الاجتماعية التي تؤثر بدورها على الأمن الوطني للدول، ويرجع ذلك إلى أن للأمن الوطني أبعاد اجتماعية تبرز من خلال تعبئة القوى الاجتماعية على اختلاف مكوناتها ومراكزها في مواجهة جماعية

لتهديدات الأمن الوطني ويرجع ذلك بالأساس إلى التطور الكبير في الحياة المعاصرة

وفي الغالب تستخدم صفة “مخاطر” في الحديث عن الأمن المجتمعي بدلا من التهديدات التي تتلاءم بصورة أفضل مع الأمن العسكري.

 

 

 

6- جمال منصر لعام 2011  مرجع سابق . ص 16

 

  • البعد البيئي:  ويرتبط بالمحافظة على المحيط الحيوي الداخلي والدولي كعامل أساسي تتوقف عليه كل الأنشطة الإنسانية، كما أكد باري بلوزان على عدم عمل هذه الأبعاد بالخمسة بمعزل عن بعضها البعض، بل إن كلا منها تحدد نقطة مركزية أو بؤرة في الأشكال الأمنية وكذا الطريقة التي تترتب بها الأولويات لكنها تعمل سويا في شبكة قوية من المترابطات.

وبهذا ارتبط مفهوم الأمن في المنظور التقليدي بالدولة منذ معاهدة وستفاليا 1948 إلى غاية نهاية الحرب  الباردة، حيث كرست الدولة الوطنية كوحدة تحليل ألماسية في العلاقات الدولية على اعتبار أنها الفاعل الأساسي و الوحيد في النظام الدول، فالدولة تقع في مركز العلاقات الدولية كفاعل رئيسي اعتبارا لما كتبه “هانس مورغانتاو” في كتابه “السياسة بين الأمم” فالعلاقات الدولية هي علاقات بين وحدات سياسية منظمة، استنادا لما قاله ريمون آرون في كتابه السلم والحرب بين الأمم”7.

وبهذا فإن النظرية الواقعية تعتمد على فكرة المصلحة و القوة و اللذان يتعددان بدورهما في نطاق ما يسميه هورغانتاو بفكرة التـأشير والتأثير والسيطرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

7- فاطمة الزهراء النلوت-الأمن الإنساني بين المواثيق الدولية و الضرورات السياسية- مجلة دراسات ووقائع دستورية وسياسية-العدد العاشر-سنة 2014 ص 39 – 40 .

  • مفهوم الأمن الإنساني ومقوماته:

 

لقد برز مفهوم الأمن الإنساني كنتاج لمجموعة من التحولات التي شهدتها ما بعد الحرب الباردة، كمفهوم جديد يستدعي إعادة النظر في نطاق دراسات الأمة ويطرح في الوقت ذاته مآل مفهوم الامن التقليدي.

ويعد هذا التحول في مفهوم الأمة نتيجة منطقية لتغير المشهد الدولي بشكل نوعي، وهو أدى إلى إعادة النظر في كافة الافتراضات الأساسية للمعادلة الامنية في العلاقات الدولية، فمن ناحية لم يعد الفعل و التأثير في العلاقات الدولية حكرا على الدولية القومية، فالامن القومي قد شهد تطورا جديدا مع التغير في هيكل النظام الدولي بانتهاء نظام القطبين الذي ساد إبان الحرب الباردة ومن ناحية ثانية بروز مصادر جديدة وغير تقليدية تهدد السلم والأمن الدوليين.

فإلى جانب الدولة القومية أصبح هنا احد فواعل دولية أخرى مؤثرة في المشهد الدولي كالمنظمات الحكومية الإقليمية والدولية، والمنظمات الدولية غير الحكومية والشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى ذلك حدوث تحول في مصادر التهديد للدولة القومية، إذ لم يعد التهديد العسكري الخارجي هو مصدر التهديد الوحيد لأمن الدولة كما يرى ذلك أنصار المدرسة الواقعية.

ونتيجة لذلك وجهت للمدرسة الواقعية عدة انتقادات بسبب تجاهلها للتطورات التي لحقت بمفهوم الامن وبالتالي عدم قدرتها على تحليل ودراسة الصراعات الاجتماعية الممتدة التي تشكل نسبة كبيرة من الصراعات في العديد من الدول بسبب تركيزها الضيق على المفهوم العسكري للأمن8.

وبهذا ظهر مفهوم الأمن الإنساني بعدة خصائص تميزه عن المفاهيم التقليدية للأمن سواء أمن الدولة أو المجتمع، إذ أنه ينطبق على الوحدات الأقل المتمثلة في الأفراد فتوفير الأمن الداخلي للأفراد يعتبر من مظاهر نزع الخوف على الحياة والملكية والحرية الإنسانية والذي يمكن ان ينشأ من أي تهديد خارجي أو داخلي وحق توفير الأفراد على الحياة الكريمة وعلى نمط مناسب للحياة تعتبر سمة أساسية للامن الإنساني.

 

-8 فاطمة الزهراء التلوت-مرجع سابق ص 41 –

 

* الأمن الإنساني شامل عالمي، فهو حق الإنسان في كل مكان وعليه فهو يشمل أمن البشر في كل دولة العالم سواء فقيرة كانت أو غنية.

* مكونات الأمن الإنساني متكاملة يتوقف كل منها على الآخر.

* الأمن الإنساني ممكن من خلال الوقاية المبكرة، حيث أنه من الأفضل مواجهة تهديدات الأمن الإنساني في بدايتها، لأن مواجهة التهديدات بعد تصاعدها أعلى بكثير، مثال ذلك أن إنفاق 2 مليار دولار على الجنود في الصومال تجلب أمنا أقل عما إذا تم إنفاقها في الصومال في وقت سابق أي منذ عشر سنوات لتنمية ودعم شعب الصومال وبناء عليه فالوقاية المبكرة في إطار الأمن الإنساني أفضل بكثير من التدخل اللاحق.

* الأمن الإنساني محوره الإنسان، فهو يرتبط بالكيفية التي يحياها في مجتمع من المجتمعات ومدى حريتهم في ممارسة خياراتهم المتعددة وقدرتهم على الوصول في فرص السوق و الفرص الاجتماعية، وربما إذا كانوا يعيشون في صراع أم سلام.

و الأمن الإنساني يعبر من خلال هذه المقومات عن ارتباطه الوثيق بحاجة الأفراد والجماعات من أجل التواجد والاستمرارية، وعليه فالأمن الإنساني مرتبط بتحقيق الاكتفاء الاقتصادي والاجتماعي و احترام الحقوق الفردية والحريات الأساسية و الحماية من كل ما يهدد الحياة الانسانية9.

كما يتميز الأمن الإنساني بتركيزه على الظروف الداخلية الواجب توفرها لضمان الامن الشخصي والسياسي للأفراد، يهتم بالظروف الواجب تحقيقها لضمان الاستقلالية السياسية

والتي غالبا ما ترتبط بالنمط الديمقراطي الذي تنتهجه الدولة والتي تشمل المشاركة السياسية التنافسية ما بين القوى والفعاليات السياسية المختلفة وحرية التعبير والحرية الشخصية ضمن حدود القانون والتنمية البشرية.

 

 

 

 

9-المقدم الياس أبو جودة-الأمن البشري و سيادة الدول-الطبعة الأولى-سنة 2008-ص 20.

وبذلك فالأمن الإنساني في أبسط صوره يعني أمن الحياة بالنسبة للأفراد، ومما سبق نستقرأ من مقومات الأمن الإنساني تخليه عن كثير من المعتقدات التقليدية للأمن وتوثيق غيرها من خلال:

  • أنه ليس أمن الأرض فقط، بل أمن الإنسان كذلك’
  • أنه ليس الأمن من خلال السلاح فقط، وإنما من خلال التنمية’
  • أنه ليس فقط أمن الأمم، وإنما أمن الأفراد في بيوتهم ووظائفهم’
  • أنه ليس الأمن ضد الصراعات بين الدول، وإنما الدفاع ضد الصراعات بين الناس.

وبهذا فإن الأمن الأساسي يرتكز بالأساس على صون كرامة البشرية وكذلك تلبية احتياجاته المعنوية بجانب احتياجاته المادية، والاقتراب الرئيسي هنا هو أن الامن يمكن أن يتحقق من خلال اتباع سياسات تنموية رشيدة وأن التهديد العسكري ليس الخطر الوحيد، لكن يمكن أن يأخد التهديد شكل الحرمان الاقتصادي وانتقاص المساواة المقبولة في الحياة، وعدم وجود ضمانات كافية لحقوق الإنسان الأساسية، فتحقيق الأمن الإنساني يتطلب تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وصون حقوق الإنسان و حرياتهم والحكم الرشيد والمساواة الاجتماعية وسيادة القانون.

فالمقوم الأساسي للأمن الإنساني يرتكز على أن السياسات العامة ينبغي أن تقوم على مواجهة كافة أشكال الاضطهاد والاستعباد والحرمان والأوضاع الحرجة والقاسية التي قد تمس بالكرامة البشرية، فالأمن الإنساني يقوم أساسا على فكرتين إستراتيجيتين هما فكرة الجماعة وفكرة التمكين:

  • الحماية: عبر وقاية الناس من كل المخاطر بما تتطلبه من توفير جهود منسجمة لتطوير المعايير القائمة، وإيجاد أخرى كفيلة بمعالجة هذه المخاوف بمنهجية.
  • التمكين عبر مساعدة الناس على تطوير قدراتهم على أن يصبحوا مشاركين كاملين في صنع القرار.

وبهذا تعتبر هذه المرتكزات جوهرية في تحقيق الأمن الإنساني إلا أن تطورات هذا الأخير أدت إلى ظهور العديد من المنظمات الأخرى أو الركائز المختلفة لتحقيقه وسوف نتعرض من خلال ثلاث مستويات:

 

أولا: على المستوى المحلي:

  • ضرورة التوصل لإطار ملائم يمكن من خلاله التوفيق بين متطلبات الأمن الإنساني و أمن الدولة، نظرا لارتباط أمن الأفراد بأمن الدولة، فتحقيق أي منهما لا يمكن أن يتم بمعزل عن الآخر.
  • عملية إعادة بناء نظم واقتصاديات الدول يجب ان يتبع من اقتراب إنساني وأن تكون موجهة نحو خدمة وتحقيق أمن الأفراد من خلال خلق المؤسسات الكفيلة بتحقيق متطلبات الأمن الإنساني و الرفاهية الإنسانية10.
  • إتباع سياسات تنموية رشيدة على المستوى المحلي يستلزم خلق نوع من التوازن بين متطلبات أمن الأفراد وأمن الدولة، من خلال توازن بين الإنفاق على الصحة والتعليم من جهة، والإنفاق العسكري من جهة أخرى.

ثانيا: على المستوى الإقليمي:

في ظل صعوبة وتعقد وتشابك قضايا الأمن الإنساني فإن التعاون الإقليمي يعد إطارا ملائما لمواجهة مصادر تهديد الأمن الإنساني وخاصة في قضايا مثل قضايا اللاجئين، ومع هذا نجد أن دور المنظمات الإقليمية مازال محدودا.

فبجانب الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، فالمنظمات الإقليمية مطالبة بتوجيه مزيدا من الاهتمام لقضايا الأمن الإنساني، ففي شرقي آسيا وحدها يوجد 2,2 مليون لاجئ، وهناك بعض المنظمات التي تنبهت لمفهوم الأمن الإنساني ومنها الآسيان (رابطة أمم جنوب شرقي آسيا) ومع هذا يظل دور المنظمات الإقليمية بحاجة إلى مزيد من التفعيل فيما بينها لمواجهة التحديات السابق ذكرها من مشكلات لاجئين وتجارة المخدرات والجرائم المنظمة.

   ثالثا: على المستوى العالمي:

قضايا الأمن الإنساني هي بالأساس قضايا كونية أو عالمية ومواجهتها تتطلب سياسات رشيدة وتعاونا على المستوى العالمي، ومن أبرز المتطلبات على المستوى العالمي لتحقيق الأمن الإنساني:

 

 

 

10- المقدم الياس أبو جودة-مرجع سابق-ص 21.

  • إدخال بعض الإصلاحات على نظام الأمم المتحدة، بحيث يصبح أكثر استجابة لمتطلبات الأمن الإنساني، ويمكن اقتراح انشاء لجنة للأمن الإنساني في إطار المنظمة يكون هدفها دراسة أوضاع الأمن الإنساني في مختلف أنحاء العالم ومن ناحية أخرى ضرورة التوصل إلى أداة إلزامية تلزم الدول بتنفيذ تعهداتها الدولية في إطار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان.
  • يتطلب تحقيق الأمن الإنساني نموذجا جديدا للتنمية البشرية، وتحقيق هذا النوع من التنمية البشرية يتطلب درجة عالية من التعاون العالمي لتحقيق التنمية، أي تعميم إطار جديد للتعاون التنموي ليلائم التزامات الأمن الإنساني.

 

ثانيا: تحديد الخريطة المفاهيمية للتدخل الدولي الإنساني.

من المعلوم أن كل حقل من الحقول المعرفية يتشكل من مجموعة من المفاهيم المترابطة فيما بينها بمجموعة متباينة من أنماط العلاقات، وعلى هذا الأساس فإن تحديد أي مفهوم يتطلب مسبقا رسم خريطة مفهومية له من شأنها التحديد الدقيق للمفهوم في سياق ما يرتبط به من مفاهيم، وهو ما يعتبر ضروريا خاصة في ظل صعوبة وضع تعريف جامع لأي مفهوم بمعزل عن ما يرتبط به من مفاهيم، وبالنظر إلى أنماط العلاقات التي قد تكون بين المفاهيم.

وبهذا فإن هذه الدراسة تسعى إلى تحديد ودراسة مفهوم التدخل الدولي الإنساني في سياق تلك المحددات، وذلك من خلال تحديد السياق التاريخي الذي أفرز المفهوم، إذ بدأ تداول المفهوم في فترة ما بعد الحرب الباردة وذلك في ظل مجموعة  كبيرة من التحولات التي شهدها النظام الدولي، وكان بروز المفهوم أحد تداعياتها.

ويرتبط بذلك أن أحد دلالات وتداعيات هذا الواقع أو السياق التاريخي لمفهوم التدخل الدولي الإنساني تتمثل في موقع الدول التي تبنت المفهوم في بنية النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة، وذلك من حيث تحديد دلالته تبني دول بعينها للمفهوم وكذلك دلالة عدم تبنيه من طرف دول أخرى11.

 

 

11- عماد جاد-التدخل الدولي بين الاعتبارات الانسانية و الأبعاد السياسية-القاهرة-مركز الأهرام-للدراسات السياسية و الاستراتيجية 2000 ص107.

وتأثير هذا الأمر على مدى محورية وسيطرة المفهوم ومدى فاعليته كأداة لتحقيق أهداف القوى الدولية التي تطرح وتدعم المفهوم، كما تحاول الدراسة رسم خريطة مفهوميه لمفهوم التدخل الدولي الإنساني من تحديد العلاقة بين مفهوم التدخل الإنساني ومجموعة من المفاهيم ذات الصلة كالتدخل العسكري الإنساني.

  • التدخل الدولي: نطاق المفهوم:

التدخل ظاهرة سياسية معبرة عن الطبيعة التنافسية والفوضوية للنظام الدولي ؛  كما أنه يعتبر أحد الخيارات المستعملة لتحقيق المصالح الخارجية للدول، لكن بالرغم من قدم الظاهرة فإن مفهومها مازال غامضا، وأدى هذا الغموض بدارسي العلاقات الدولية والقانون الدولي إلى إعطائها تعريفات غير متطابقة وتطوير مفاهيم غير متناسقة مثل التأثير والغزو،  ومما يزيد في غموض هذا المفهوم وصعوبة تعريفه تعدد أشكاله وأدواته وأبعاده.

  • تعريف التدخل الدولي:

تستعمل مصطلحات أخرى بالفرنسية و الإنجليزية للتعبير عن كلمة تدخل Intervention مثل Interférence, Ingérence, Immixtion  . ويلاحظ بهذا الخصوص أنه رغم المحاولات المبذولة للتميز بين هذه المصطلحات إلا أنها في النهاية تؤدي نفس المعنى، وفي مجال الاستخدام العام لمصطلح التدخل نجد التمييز خصوصا في كتابات فقهاء القانون الدولي بين مصطلح Intervention الذي يستخدم للدلالة على التدخل غير المشروع وعند البعض للدلالة على استخدام القوة المسلحة ومصطلحات Interférence, Ingérence التي تدل على التدخل كفعل مادي بغض النظر عن الوسيلة أو المشروعية12.

تعريف كاليري هولستي الذي يرى أن التدخل يعرف بكونه جميع الأنشطة  الخارجية التي تهدف إلى تغيير القادة السياسية، أو البناء الدستوري للدولة المسؤولة عن رسم السياسة الخارجية وبعبارة أخرى يهتم التدخل بالأنشطة الخارجية التي تكون ضد الرغبات القانونية للسلطة.

 

 

12- عماد جاد-مرجع سابق-ص108.

أما J.M. Ypez  فيعتبر التدخل عبارة عن قيام دولة بالتعرض بسلطتها في شؤون دولة أخرى، وإن التدخل يمكن أن يتم في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة ما، ويأخذ صورة مباشرة أو غير مباشرة، ويتم باستعمال القوة المادية، أو بمجرد التهديدات.

واعتبر جوزيف ناي أن التدخل  – بمعناه الواسع – يشير إلى ممارسات الخارجية تؤثر في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ذات سيادة، أما التدخل بمعناه الضيق فيشير إلى التدخل بالقوة العسكرية في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، ويشتمل التعريف الواسع للتدخل على جميع أشكال التدخل، من الإجبار المنخفض إلى درجات الإجبار العالي، وتمثل درجة القوة المستخدمة في هذا التدخل أهمية خاصة، فعلى أساسها تتوقف درجة اختبار الدولة المتاحة ومن تم درجة القوة المستخدمة في هذا التدخل أهمية خاصة، فعلى أساسها تتوقف درجة اختبار الدولة المتاحة ومن تم درجة التقليص الخارجي للحكم.

وهناك يعتبر التدخل أداة للحفاظ على توازن القوة ومن هنا يفرز شكلين متميزين من التدخل هما:

  • التدخل الدفاعي: أي إصرار الدولة على عدم تغيير توازن القوى في اتجاه لا يلائم مصالحها، من أمثلة ذلك تدخل الاتحاد السوفيتي سابقا في كل من بولندا والمجر عام 1956.
  • التدخل الهجومي: وهو العمل على إسقاط حكم معين وتعتبره كأداة لتبديل توازن القوى القائم في اتجاه اكثر تلاؤما مع مصالح الدولة التي تمارس هذا التدخل ومن امثلته تدخل ألمانيا و إيطاليا لقلب نظام الحكم في إسبانيا أثناء الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939).

وهناك من ينظر إلى التدخل كعمل دولي لدولة واحدة أو مجموعة دول أو وكالة دولية تهدف إلى ممارسة السلطة المهيمنة على ما يعتبر سياسات أو أعمال داخلية لدولة أخرى أو مجموعة دول، والحاسم هنا أن الدولة الهدف (كما تسمى) لا توافق على التدخل13.

وبالنظر إلى التعريفات السابقة المعطاة لمفهوم التدخل في نطاق العلاقات الدولية، يمكن التميز بين ثلاثة اتجاهات رئيسية على الأقل في هذا الخصوص:

13-Amertya Sen « Development Rights and Human Security »Human Security Now, the Final Report of the commissions on Human Security. op cit .P 89.

  • الاتجاه الأول: وهو الذي يميل أنصاره إلى التوسع كثيرا في المفهوم يصل إلى حد اعتباره مرادفا لكل أشكال سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية، حيث ولو كان هذا السلوك سلبيا، كحالة عدم التدخل في حالات معينة وعليه، فإنه يندرج ضمن نطاق أشكال السلوك هذه: الأعمال القسرية التي تتخذها دولة ما ضد دولة اخرى، سواء أفضت هذه الأعمال صورة عسكرية أو أي صورة أخرى من صور الأعمال القسرية، والأعمال التي تتخذ صورة التصريحات والحملات الدبلوماسية، المساعدات الاقتصادية والعسكرية.

وهناك أيضا ما يسميه البعض “التدخل المعلوماتي” والذي يتيح للدولة أو الدول الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية فرصة المساهمة بدرجة أكبر في تشكيل وصياغة النظام القيمي للطرف الآخر أو للأطراف الأخرى14.

  • الاتجاه الثاني: إلى جانب هذا الاتجاه الواسع في تحديد المفهوم، يوجد ثمة اتجاه ثان يتحمس أنصاره في المقابل إلى التضييق من نطاق هذا المفهوم، وإلى حد جعله مقصورا فقط على صورة التدخل العسكري أو التهديد باستخدام القوة المسلحة وحدها، ودون سواها من الصور الأخرى التي قال عنها أنصار الاتجاه الأول، وعلى ذلك، فإن التدخل الخارجي والدولي، وفقا لرأي أنصار الاتجاه الثاني سالف الذكر، إنما ينصرف إلى استخدام الإجبار أو القسر بصورة منتظمة، من جانب دولة ما أو منظمة دولية أو من جانب عدة دول ضد دولة أخرى، لحملها على إحداث تغيير معين أو لمنع حدوث تغيير معين في النظام السياسي لهذه الدولة، وسواء كان ذلك يتعلق بسياستها الداخلية أم سياستها الخارجية.

 

 

 

14-أحلام بيضون – الثورات العربية و موقف القانون الدولي-مؤتمر مركز حمورابي للدراسات –بيروت-10تموزسنة2011.

  • الاتجاه الثالث: ينطلق انصاره من مقولة أساسية أن “التدخل” أيا كان شكله، وأيا كانت دوافعه، لا يعدو في التحليل الأخير إلا أن يكون عملا خارجا على قواعد الشرعية.

ولذلك، فقد يكون من الأفضل عدم تضييع الجهد والوقت في البحث عن تعريف محدد له، والتوكيد بدلا من ذلك على وضعه وإدانته بشدة في إطار العلاقات المتبادلة بين أعضاء الجماعة الدولية.

والأكيد أن جانبا من الجدل الدائم حول مفهوم التدخل يستدعي من الاتساع المحتمل للأنشطة التي يمكن أن يغطيها هذا المصطلح فالبعض يعتبر أي ممارسة للضغط على دولة ما تدخلا ويضمنون في هذا الضغط برامج الدعم المشروط التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية التي يشعر المستفيدون منها بأنه لا يوجد لديهم خيار إلا القبول بها وكذلك ما تقوم به منظمات حقوق الإنسان من دعوة إلى ربط المساعدات المالية بتحسين سجل حقوق الإنسان من قبل الدولة التي تتلقى هذه المساعدات15.

وأخيرا لقد تنامت أشكال التدخل وتباينت مجلاته ودوافعه والجهات التي تقدم عليه، ورغم الصمت الدولي أمام هذه التدخلات التي غالبا ما أصبح ينظر إليها كإفراز طبيعي للتطورات الدولية الجارية، أو تتحكم فيها اعتبارات مصلحية أو بفعل ضغوطات تمارسها بعض القوى، فإنها غالبا ما تخلف نقاشات واسعة بصدد شرعيتها أو ضرورتها، وهذا ما ينطبق على ما أصبح يعرف بالتدخل الإنساني الذي نتناوله بالتعريف في النقطة الموالية.

  • مفهوم التدخل الإنساني:

غني عن البيان أن الاهتمام بحقوق الإنسان قد أضحى يمثل إحدى السمات الأساسية المميزة للنظام الدولي المعاصر الذي أرسيت دعائمه منذ نهاية الحرب الثانية، وخلافا لما كان عليه الحال في الماضي وفي ظل قواعد القانون الدولي التقليدي، لم تعد مسألة حقوق الإنسان بمختلف أبعادها من الأمور التي تندرج فقط ضمن نطاق الاختصاص الداخلي أو “المجال المحجوز” للدول فرادى، فقد أضحى المجتمع الدولي وفي حدود معينة – طرفا أصيلا فيما يتعلق بهذه المسألة، وأصبح يقف إزاءها على قدم المساواة مع الدول التي تنتهك فيها هذه الحقوق، خاصة في الأحوال التي يحدث فيها خروج صارخ ومتعمد على مجموعة

15-عادل حمزة عثمان-الأمم المتحدة و الموقف من عمليات التدخل الانساني –دراسة قانونية سياسية-مركز الدراسات الدولية-جامعة بغداد ص 1.2

القواعد والأحكام ذات الصلة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ضد مجموعة كبيرة من الأفراد أو ضد جماعة أو أقلية عرقية معينة.

ومن هنا فقد تطور مفهوم التدخل الإنساني ولم يعد يقتصر على حماية فئات معينة لعلاقتها بالدولة المتدخلة، سواء تمثلت تلك الفئة في أقلية ترتبط بالدولة عن طريق العرق أو اللغة أو الدين أو تمثلت في فئة ترتبط بالدولة المتدخلة عن طريق الجنسية.

وعلى الرغم من أن فكرة “التدخل الإنساني” هذه، قد وجدت تطبيقات عديدة لها في العمل الدولي، وخاصة منذ منتصف القرن التاسع عشر، إلا أننا لا نكاد نجد اتفاقا بين جمهور الباحثين حول بيان المقصود بهذا التدخل الدولي “الإنساني” كما هو الشأن مع مفهوم “التدخل الدولي” على وجه العموم، ومن هنا فإن مفهوم التدخل الإنساني تمت الإشارة إليه في مجموعة من التعريفات:

+ تعريف شارل وسو: إن التدخل الإنساني هو الأعمال التي تقوم بها دولة ضد سلطة أجنبية بغرض وقف المعاملات الإنسانية المطبقة على رعاياها16.

+ ويرى ايويوين بورشارد أن التدخل الإنساني يعني تجاهل دولة ما للحقوق الأساسية لرعاياها، فيمنح الدول الأخرى الحق في أن تتدخل طبقا لمبادئ القانون الدولي باسم الجماعة الدولية، حتى لو اضطرها ذلك إلى فرض سيادتها على الدولة المخطئة مادام الأمر يتعلق بأسباب إنسانية ويهدف و قف الانتهاكات الصارخة والمستديمة.

و الملاحظ أن جل التعريفات الواردة ضمن الاتجاه الأول أنها تركز على الهدف الظاهري أو المعلن للتدخل وهو وقف الانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان الأساسية، من خلال تدابير متخذة ضد الدولة المتدخل فيها أو ضد زعمائها، بغرض توفير الحماية العملية للأشخاص العاديين الذين تتعرض أرواحهم الخطر لأن دولهم غير راغبة أو غير قادرة على حمايتهم.

وترى اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول أن مناقشة التدخل الإنساني يجب ألا تركز على حق التدخل أو واجب التدخل وإنما على “مسؤولية الحماية” والتغير المقترح من طرفها في المصطلح هو حسبها تغير في المنظار أيضا، ذلك أن هذه المسؤولية ليست

16- د-عادل حمزة عثمان-مرجع سابق ص3.

فقط مسؤولية القيام برد فعل لكارثة إنسانية وقعت فعلا أو يخشى وقوعها، وإنما هي أيضا مسؤولية منعها من القوع ومسؤولية إعادة البناء بعد الوقوع.

وهناك الاتجاه الثاني يربط بين مفهوم التدخل الإنساني “ومهام إنقاذ” قد تضطر دولة من الدول إلى القيام بها، سواء لإنقاذ مواطنيها هي أو الإفراج عن رهائن ينتمون بجنسيتهم إلى دولة أو دول أخرى ويمكن أن نسجل هنا التعريفين الآتيين:

ينظر ماريو بيناتي: للتدخل الإنساني على أن قيام دولة بتنفيذ عمليات عسكرية مسلحة لإنقاذ مواطنيها على أرض دولة ثانية، نتيجة قيام خطر مؤكد ومباشر نتسبب فيه سلطات الدولة الثانية أو جهات أخرى.

وذهب ريتشارد باكستر إلى أن التدخل الدولي الإنساني يقوم على استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ما، من أجل حماية رعاياها حال تعرضهم للموت أو الأخطار الفادحة في أراضي الدولة الأجنبية، وبذلك يكون استعمال القوة لمدة زمنية قصيرة لإنقاذ مواطنيها في الخارج.

فهذا الاتجاه كما هو ملاحظ يربط بين مفهوم التدخل الإنساني وحماية رعايا الدولة المتدخلة بوصفه حالة من حالات الدفاع الشرعي عن النفس، ولولا الجنسية والمواطنة التي تجعل القانون الدولي يسمح بالتدخل الإنساني لأصبح استخدام القوة انتهاكا غير مشروع لسيادة الدول الأخرى17.

ومما نقدم من تعريفات لمفهوم التدخل الإنساني يمكن الوصول إلى أن للتدخل الإنساني أشكالا مختلفة تندرج من الوسائل السلمية إلى الوسائل العسكرية من أجل وقف المعاناة الإنسانية سواء كانت نتيجة من كوارث طبيعية أو أزمات إنسانية.

ثالثا: الإطار القانوني لمبدأ حماية السيادة وعدم مشروعية التدخل:

إنه مع تفاقم القضايا العالمية، لا سيما مسائل الفقر والبطالة والهجرة والمجاعة والأمية، و التلوث البيئي وذوبان الهوية القومية والإرهاب والعنف والجريمة المنظمة وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وأخطار الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وعجز الدولة منفردة عن الرد ومواجهة هذه التحديات التي تشكل تهديد الأمن

 

17-خالد حساني-بعض الاشكاليات النظرية لمفهوم التدخل الانساني-مجلة المستقبل العربي-العدد 42 ص1-2.

الإنساني بمفهومه الواسع الذي أصبح الركيزة الأساسية للأمن والسلم الدوليين والمعيار الرئيسي للأمن العالمي.

هذا التحول تعود جذوره إلى نظرية العدالة الكونية (لجون رواز) والتي انتقلت منها المقاربات الكونية المعاصرة والتي ترتكز على حقوق الأفراد المدنية والسياسية والاجتماعية والتي تعتبر أن العلاقات بين البشر أشمل وأوسع عن العلاقات بين الدول وإن الإنسان له أولوية على سيادة الدولة.

ومن أهم ما برز بين حقوق الإنسان والقانون الدولي العام ما يسمى “حق التدخل الإنساني” أي حق الأمم المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، من شأنها التأثير سلبا في المحيط الخارج أو البيئة الدولية.

وإعطاء هذا الحق طابعا وواجبا إلزاميا على صعيد المجتمع الدولي، ووضعه في أولوية مهام منظمة الأمم المتحدة مستقبلا على صعيد البعد القانوني18.

ولكن في الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان، الذي يعبر عنه بطرح مبدأ حق التدخل الإنساني ومحاولة إعطائه غطاء قانونيا في إطار الشرعية الدولية، لتوفير الحاجيات الأساسية للإنسان، طرح إشكالية قانونية وسياسية حول مسألة المفهوم التقليدي لسيادة الدولة، كما أدى إلى بروز التباس في مفهوم الأمن الإنساني على الصعيد الدولي.

هذا وقد حصل خلاف قانوني واسع حول جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول لمنع انتهاك حقوق الإنسان، فأثار ذلك الجدل حول مبدأ السيادة باعتباره مطلقا أو نسبيا لا سيما مع التغيرات الدولية الجديدة، وإذا كانت السيادة هي هيمنة داخل إقليم معين، فإن هناك اختلاف بين السيادة المشروكة بواسطة القانون والسيادة العقلية القائمة لحكم سيطرة الأمر الواقع، وقد تتوفر الدولة في عالمنا المعاصر لعوامل عدة قد تؤدي إلى فشلها في حماية سيادتها الإقليمية منها التطور الكبير في العلاقات الاقتصادية، وثورة الاتصالات وانتشار الأسلحة الفتاكة التي أدت إلى إحلال الأمن الجماعي وقد أضعفت هذه التطورات نظام الدولة الوطنية، وأصبحت تمس سيادة الدولة  على رعاياها.

 

 

 

18- د-خالد حساني-مرجع سابق-ص 3-4.

  • التدخل ومدى تعارضه مع مبدأ السيادة:

لقد اختلف الفقهاء في تحديد مفهوم واضح للسيادة فمثلا أرسطو يرى أنها السلطة العليا في الدولة بينما يرى المفكر الفرنسي جون بودان أنها السلطة العليا المعترف بها والمسيطرة

على المواطنين دون تقييد قانوني عدا القوانين التي تفرضها الطبيعة والشرائع السماوية.

مبدأ السيادة كما هو معروف يرتبط بالهوية القانونية للدولة وهو مفهوم يوفر النظام والاستقرار في العلاقات الدولية لكون الدول ذات السيادة متساوية بغض النظر عن حجمها وعليه أنشئ مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول باعتباره ركن أساس ومهم لميثاق الأمم المتحدة وفقا للفقرة الاولى المادة 2، مع ذلك فإن فكرة السيادة ليست حالية من الغموض والاضطرابات وأن مفهومها اليوم لم يعد كما كان في ظل القانون الدولي التقليدي، فما كان بالأمس انتهاكا للسيادة لم يعد اليوم كذلك وإذا كانت سيادة الدولة في الظروف الطبيعية تثير جدلا واسعا فإن مسألة أخرى في غاية الأهمية أثارت هي الأخرى جدلا أوسع بين الفقهاء القانون الدولي ألا وهي مسألة السيادة الدولية التي تخضع للاحتلال عن طريق ما يسمى بالتدخل الإنساني مع وجود المشكلة الأساسية هي أن السيادة لا تتفق مع المركز القوي والفعال للقانون الدولي، رغم وجود إشكالية أخرى تتعلق بالإطار القانوني الخاص باستخدام المنظمات الدولية للقوة في حالة تحديد الاساس القانوني لتفويضها القيام بهذا من قبل مجلس الأمن فالمادة (53) الفقرة (1) من الميثاق تحظر على المنظمات الدولية القيام بأعمال القمع والتدخل دون إذن من مجلس الأمن الدولي19.

إن سلطة الدولة لا تعتبر مطلقة بل مقيدة وفقا للنظم الدستورية ويجسد ميثاق الأمم المتحدة الدور الدولي لمفهوم السيادة إذ أن قبول أي دور في عضوية الأمم المتحدة يعني قبولها الالتزامات الدولية التي قبلتها الدول الأعضاء بمحض إرادتها ولا يعني ذلك انتقاصا منها.

 

 

 

 

19- أحلام النواري-تراجع السيادة الوطنية في ظل التحولات الدولية –دفاترالسياسة و القانون- العدد الرابع-يناير2011-ص25-26.

ثانيا: التعارض بين الاختصاص الداخلي والاختصاص الدولي.

لقد قبلت الدول بموجب المواثيق الدولية تغيرات جوهرية في فكرة السيادة ورجحت المصلحة الدولية على المصالح الوطنية الفردية، الأمر الذي اقتضى وضع قيود على مبدأ السيادة الوطنية سواء في تحريم اللجوء إلى الحرب أو الاعتراف بالحقوق والحريات الأساسية للأفراد أو بدور المنظمات الدولية في العلاقات الدولية.

ونعتبر فكرة التنظيم الدولي شاهدا حقيقيا على دور السيادة المطلقة وغير المسؤولةّ، لذلك كرس أو فرض الرقابة من جانب التنظيم الدولي مبدأ السيادة المقيدة أو السيادة بمفهومها الجديد باعتبارها نشاطا يعمل لخير الجميع كما دعم هذا المفهوم الجديد للسيادة تحول وظيفة الدولة من دولة الأمن إلى دولة الرفاهية.

لقد أصبحت التضحية بجزء من حقوق السيادة الوطنية شرطا ضروريا من أجل استمرار الدولة واستمرار المجموعة الدولية وإذا كان تواصل العلاقات الدولية يتطلب وضع حد فاصل بين الحقوق الوطنية و الحقوق الدولية منها للتناقض، وأضحت الحقوق الوطنية بالانحسار لمصلحة الحقوق الدولية، التي أصبحت تتسع تدريجيا بسبب الاعتبارات التي أخذت  تضغط على المجموعة الدولية للتدخل في الاختصاص الوطني حفاظا على السلم والأمن الدوليين.

وانطلاقا من مبدأ السيادة الذي يرتبط بفكرة الاختصاص الإقليمي ومبدأ عدم التدخل تأتي المشكلة الأساسية في زيادة التداخل بين ما هو دولي وما هو وطني، وهكذا فما كان سابقا يعد في باب التدخل غير المسموح به في الشؤون الداخلية، يصبح الآن مسموحا به ضمن العمل الدولي، وهذا يعني أن سيادة الدولة لم تعد صيغة مطلقة بل أصبحت تتعرض تدريجيا للتقلص ولا سيما أمام حقوق المجتمع الإنساني20.

إن التدخل لأغراض إنسانية لا يعترف بالمفهوم التقليدي للسيادة ولا يعترف بالقوانين المبنية فوق هذا المفهوم ولا يعترف بالحدود السياسية التي تشكل إطار هذا المفهوم، لأن التدخل الإنساني له صفة السيادة الفوقية التي تكتسب شرعيتها من تطويرين مهمين في النظام الدولي الراهن الأول: نقص شرعية السيادة الوطنية نتيجة للتنازلات المتلاحقة، وهكذا لم تعد السيادة الوطنية بمضمونها القديم قادرة على الصمود في وجه مفهوم السيادة العابرة للحدود والثاني: أن فكرة السيادة ليست خالية من الغموض وهناك بعد شاسع بين المواقف والقانون فما كان بالأمس يشكل انتهاكا للسيادة لم يعد اليوم كذلك ويبقى سلوك القوى الكبرى وردود الفعل الدولية تجاهها المؤشر الرئيسي في تكريس مبادئ ومفاهيم جديدة.

 

 

 

 

20- أحلام نواري-مرجع سابق-ص27.

خاتمة:

وبصفة عامة يمكن القول أنه على الرغم من صعوبة التوصل إلى اتفاق حول مفهوم محدد وواضح للأمن الإنساني فلا يمكن إنكار أن هذا المفهوم يقوم بالأساس على مواجهة التهديدات غير العسكرية، وأنه يهدف لاستبعاد الأمن بمعناه التقليدي لأنه يهدف بالأساس لتوسيع رقعة التهديدات التي تحيط بالفرد ومجتمعه، ويرى كثيرون أن التهديدات المطروحة في إطار مفهوم الأمن الإنساني تترابط وتتعقد العلاقات فيما بينها على نحو مسبوق، وهي قد تكون موجهة للأمن الإنساني أو إلى أمن الدول، وهذا ما بترتب عليه إعادة النظر في ترتيبات منظومة الأمن الجماعي بحيث تعطي أهمية خاصة للإجراءات الوقائية، ففي حين أن التهديدات الكلاسيكية للسلم والأمن الدوليين يمكن مجابهتها بالوسائل القمعية المعتادة، فإن الأخطار والتهديدات الجديدة للسلم  لا يمكن التعامل معها وفق هذه الإمكانيات، فالفقر والتهديدات البيئية والمرض لا يمكن التخلص منها أو تحسين وضعها عبر نشر قوة عسكرية، ولا يمكن منعها من قبل إحدى مؤسسات أو أعضاء المجتمع الدولي ولكن يمكن التعامل معها فقط من خلال التنسيق بين المؤسسات والآليات المختلفة في المجتمع الدولي.

وبهذه الطريقة يمكن تخليص نظرية التدخل الإنساني من الاعتبارات السياسية من خلال منع التدخل الإنساني إلا بناء على قرار صريح ومسبق من مجلس الأمن، فهذا بالإضافة إلى تطوير مفهوم السيادة بما يجعله تعبيرا عن سيادة الدولة وليس سيادة الحكومة، باعتبار أن الشعب يملك السيادة وهو مصدر السلطات وأساس وجود الدولة، وهنا يبرز الطابع الديمقراطي لمفهوم السيادة الوطنية الذي لا يبرر انتهاك حقوق الإنسان، ويقضي على التعارض بين سيادة الدولة ونظرية التدخل الإنساني.

 

 

 

 

 

 

 

 

1- جمال منصر – التدخل العسكري الانساني في ظل الاحادية القطبية – دراسة المفهوم والظاهرة – أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه   بالجزائر سنة 2010-2011 ، ص: 5-6

2- جمال منصر مرجع سابق، ص: 7-8.

3- خديحة عرفة محمد أمين – الأمن الإنساني المفهوم والتطبيق في الواقع العربي والدولي، الطبعة I سنة 2009، ص: 13-14

4- خديجة عرفة محمد أمين – مرجع سابق، ص: -18-19-20

5- جمال منصر – التدخل العسكري الانساني في ظل الاحادية القطبية – دراسة في المفهوم والظاهرة – أطروحة دكتوراه بالجزائر.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *